الإنصاف
في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل كتاب الجهاد
مدخل
...
كتاب الجهاد
قوله : ولا يجب إلا على ذكر حر مكلف مستطيع
وهو الصحيح الواجد لزاده وما يحمله إذا كان
بعيدا
فلا يجب على أنثى بلا نزاع ولا خنثى صرح به
المصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين
وغيرهم ولا عبد ولو أذن له سيده ولا صبي ولا
مجنون ولا يجب على كافر صرح به الأصحاب وصرح
به المصنف في هذا الكتاب في أواخر قسمة
الغنائم
قوله : مستطيع وهو الصحيح
هذا شرط في الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه
جماهير الأصحاب وعنه يلزم العاجز ببدنة في
ماله اختاره الآجري والشيخ تقي الدين وجزم به
القاضي في أحكام القرآن في سورة براءة
فعلى المذهب لا يلزم ضعيفا ولا مريضا مرضا
شديدا أما المرض اليسير الذي لا يمنع الجهاد
كوجع الضرس والصداع الخفيف فلا يمنع الوجوب
ولا يلزم الأعمى ويلزم الأعور بلا نزاع وكذا
الأعشى وهو الذي يبصر بالنهار ولا يلزم أشل
ولا أقطع اليد أو الرجل ولا من أكثر أصابعه
ذاهبة أو إبهامه أو ما يذهب بذهابه نفع اليد
أو الرجل
ولا يلزم الأعرج وقال المصنف والشارح والعرج
اليسير الذي يتمكن معه من الركوب والمشي وإنما
يتعذر عليه شدة العدو لا يمنع
قال في البلغة يلزم أعرج يسيرا وقال في المذهب
بعد تقديمه عدم اللزوم وقد قيل في الأعرج إن
كان يقدر على المشي وجب عليه
قوله : وهو الواجد لزاده
كذا قال الجمهور وقدمه في الفروع وقال في
المحرر ومن تابعه وهو الصحيح الواجد بملك أو
بذل من الإمام منهم صاحب الرعايتين والحاويين
تنبيه مراده بقوله : بعيدا مسافة القصر
(4/84)
فائدة فرض
الكفاية واجب على الجميع نص عليه في الجهاد
وإذا قام به من يكفي سقط الوجوب عن الباقين
لكن يكون سنة في حقهم صرح به في الروضة وهو
معنى كلام غيره وأن ما عدا القسمين هنا سنة
قاله في الفروع
قلت إذا فعل فرض الكفاية مرتين ففي كون الثاني
فرضا وجهان وأطلقهما في القواعد الأصولية
والزركشي
قال وكلام ابن عقيل يقتضي أن فرضيته محل وفاق
وكلام أحمد محتمل انتهى
وقدم ابن مفلح في أصوله أنه ليس بفرض
وينبني على الخلاف جواز فعل الجنازة ثانيا بعد
الفجر والعصر
وإن فعله الجميع كان كله فرضا ذكره ابن عقيل
محل وفاق
قال الشيخ تقي الدين لعله إذا فعلوه جميعا
فإنه لا خلاف فيه انتهى
قال في الفروع ويتوجه احتمال يجب الجهاد
باللسان فيهجوهم الشاعر
وذكر الشيخ تقي الدين الأمر بالجهاد منه ما
يكون بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي
والتدبير والبدن فيجب بغاية ما يمكنه
قوله : وأقل ما يفعل مرة في كل عام
مراده مع القدرة على فعله
قوله : إلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره
وكذا قال في الوجيز وغيره قال في الفروع في كل
عام مرة مع القدرة قال في المحرر للإمام
تأخيره لضعف المسلمين زاد في الرعاية أو قلة
علف في الطريق أو انتظار مدد أو غير ذلك
قال المصنف والشارح فإن دعت حاجة إلى تأخيره
مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة أو
يكون منتظرا لمدد يستعين به أو يكون في الطريق
إليهم مانع أو ليس فيها علف أو ماء أو يعلم من
عدوه حسن الرأي في الإسلام ويطمع في إسلامهم
إن أخر قتالهم ونحو ذلك جاز تركه
قال في الفروع ويفعل كل عام مرة إلا لمانع
بطريق ولا يعتبر أمنها فإن وضعه على الخوف
وعنه يجوز تأخيره لحاجة وعنه ومصلحة كرجاء
إسلام وهذا الذي قطع به المصنف والشارح
والصحيح من المذهب خلاف ما قطعا به قدمه في
المحرر والفروع والرعايتين والحاويين
(4/85)
قوله : ومن حضر
الصف من أهل فرض الجهاد أو حضر العدو بلده
تعين عليه
بلا نزاع وكذا لو استنفره من له استنفاره بلا
نزاع
تنبيه ظاهر قوله: من أهل فرض الجهاد تعين عليه
أنه لا يتعين على العبد إذا حضر الصف أو حضر
العدو بلده وهو احد الوجهين وهو ظاهر ما في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر
وغيرهم وصححه في الرعايتين والحاويين في باب
قسمة الغنيمة عند استئجارهم
والوجه الثاني يتعين عليه والحالة هذه وهو
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع قال الناظم
وإن قياس المذهب إيجابه على النساء في حضور
الصف دفعا وأعبد
وقال في البلغة هنا ويجب على العبد في أصح
الوجهين
وقال أيضا هو فرض عين في موضعين أحداهما إذا
التقى الزحفان وهو حاضر والثاني إذا نزل
الكفار بلد المسلمين تعين على أهله النفير
إليهم إلا لأحد رجلين من تدعو الحاجة إلى
تخلفه لحفظ الأهل أو المكان أو المال والآخر
من يمنعه الأمير من الخروج هذا في أهل الناحية
ومن بقربهم أما البعيد على مسافة القصر فلا
يجب عليه إلا إذا لم يكن دونهم كفاية من
المسلمين انتهى
وكذا قال في الرعاية وقال أو كان بعيدا أو عجز
عن قصد العدو
قلت أو قرب منه وقدر على قصده لكنه معذور بمرض
أو نحوه أو بمنع أمير أو غيره بحق كحبسه بدين
انتهى
تنبيه مفهوم قوله : أو حضر العدو بلده أنه لا
يلزم البعيد وهو الصحيح إلا أن تدعو حاجة إلى
حضوره كعدم كفاية الحاضرين للعدو فيتعين أيضا
على البعيد وتقدم كلامه في البلغة
تنبيه آخر قوله : أو حضر العدو بلده هو بالضاد
المعجمة وظاهر بحث ابن منجا في شرحه أنه
بالمهملة وكلامه محتمل لكن كلام الأصحاب صريح
في ذلك ويلزم الحصر الحضور ولا عكسه
فوائد
لو نودي بالصلاة والنفير معا صلى ونفر بعدها
إن كان العدو بعيدا وإن كان قريبا نفر وصلى
راكبا وذلك أفضل
ولا ينفر في خطبة الجمعة ولا بعد الإقامة لها
نص على الثلاثة
(4/86)
ونقل أبو داود
في المسألة الأخيرة ينفر إن كان عليه وقت قلت
لا يدري نفير حق أم لا قال إذا نادوا بالنفير
فهو حق قلت إن أكثر النفير لا يكون حقا قال
ينفر بكونه يعرف مجيء عدوهم كيف هو
قوله : وأفضل ما يتطوع به الجهاد
هذا المذهب أطلقه الإمام أحمد والأصحاب
وقيل الصلاة أفضل من الجهاد وهو ظاهر كلام
المصنف في باب صلاة التطوع وقدمه في الرعاية
الكبرى هناك والحواشي
وقال الشيخ تقي الدين استيعاب عشر ذي الحجة
بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من الجهاد الذي لم
تذهب فيه نفسه وماله وهي في غيره بعدله
قال في الفروع ولعله مراد غيره
وعنه العلم تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد
وغيره
وتقدم ذلك في أول صلاة التطوع بأتم من هذا
فوائد
إحداها الجهاد أفضل من الرباط على الصحيح من
المذهب وقاله القاضي في المجرد وقدمه في
الفروع وغيره
قال الشيخ تقي الدين هو المنصوص عن الإمام
أحمد في رواية ابنه عبد الله وابن الحكم في
تفضيل تجهيز الغازي على المرابط من غير غزو
وقال أبو بكر في التنبيه الرباط أفضل من
الجهاد لأن الرباط أصل والجهاد فرعه لأنه معقل
للعدو ورد لهم عن المسلمين وأطلقهما في
الرعايتين والحاويين
وقال الشيخ تقي الدين العمل بالقوس والرمح
أفضل من النفر وفي غيرها نظيرها وتقدم ذلك
أيضا هناك في أول صلاة التطوع
الثانية الرباط أفضل من المجاورة بمكة وذكره
الشيخ تقي الدين إجماعا والصلاة بمكة أفضل من
الصلاة بالثغر نص عليه
الثالثة قتال أهل الكتاب أفضل من غيرهم قاله
المصنف والشارح وغيرهما
تنبيه قوله: وغزو البحر أفضل من غزو البر ومع
كل بر وفاجر
بلا نزاع وذلك بشرط أن يحفظ المسلمين ولا يكون
أحد منهم مخذلا ولا مرجفا ونحوهما ويقدم القوي
منهما نص على ذلك
(4/87)
قوله : وتمام
الرباط أربعون ليلة وهو لزوم الثغر للجهاد
وهكذا قاله الإمام أحمد فيهما ويستحب ولو ساعة
نص عليه وقال الآجري وأبو الخطاب وابن الجوزي
وغيرهم وأقله ساعة انتهى
وأفضل الرباط أشده خوفا قاله الأصحاب
قوله : ولا يستحب نقل أهله إليه
يعني يكره وهذا المذهب نص عليه جزم به في
المغني والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع ونقل
حنبل ينتقل بأهله إلى مدينة تكون معقلا
للمسلمين كأنطاكية والرملة ودمشق.
تنبيه محل هذا إذا كان الثغر مخوفا قاله
المصنف والشارح فإن كان الثغر آمنا لم يكره
نقل أهله إليه وهو ظاهر ما جزم به المصنف
والشارح وقدمه في الرعاية الكبرى
وقيل لا يستحب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر
كلام كثير من الأصحاب
فأما أهل الثغور فلا بد لهم من السكنى بأهليهم
ولولا ذلك لخربت الثغور وتعطلت
فائدة يستحب تشييع الغازي لا تلقيه نص عليه
وقاله الأصحاب لأنه تهنئة بالسلامة من الشهادة
قال في الفروع يتوجه مثله في حج وأنه يقصده
للسلام
ونقل عنه في حج لا إن كان قصده أو كان ذا علم
أو هاشميا ويخاف شره وشيع أحمد أمه للحج
وقال في الفنون وتحسن التهنئة بالقدوم للمسافر
وفي نهاية أبي المعالي وتستحب زيارة القادم
وقال في الرعاية يودع القاضي الغازي والحاج ما
لم يشغله عن الحكم
وذكر الآجري استحباب تشييع الحاج ووداعه
ومسألته أن يدعو له
قوله : وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه
في دار الحرب
بلا نزاع في الجملة ودار الحرب ما يغلب فيها
حكم الكفر زاد بعض الأصحاب منهم صاحب
الرعايتين والحاويين أو بلد بغاة أو بدعة كرفض
واعتزال
قلت وهو الصواب وذلك مقيد بما إذا أطاقه فإذا
أطاقه وجبت الهجرة ولو كانت امرأة في العدة
ولو بلا راحلة ولا محرم
وذكر ابن الجوزي في قوله: تعالى: {فَمَا
لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}
[النساء: من الآية88] عن القاضي أن الهجرة
كانت فرضا إلى أن فتحت مكة
قال في الفروع كذا قال وقال في عيون المسائل
في الحج بمحرم إن أمنت على نفسها
(4/88)
من الفتنة في
دينها لم تهاجر إلا بمحرم
وقال المجد في شرحه إن أمكنها إظهار دينها
وأمنتهم على نفسها لم تبح إلا بمحرم كالحج وإن
لم تأمنهم جاز الخروج حتى وحدها بخلاف الحج
قوله : وتستحب لمن قدر عليها
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمغني والشرح والمحرر والوجيز وغيرهم وقدمه
في الفروع وغيره وقال ابن الجوزي تجب عليه
وأطلق
قال في الفروع وقال في المستوعب لا تسن لامرأة
بلا رفقة
فائدة لا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي
قوله : ولا يجاهد من عليه دين لا وفاء له إلا
بإذن غريمه
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا
به
وقيل يستأذنه في دين حال فقط
وقيل إن كان المديون جنديا موثوقا لم يلزمه
استئذانه وغيره يلزمه
قلت يأتي حكم هذه المسألة في كتاب الحجر بأتم
من هذا محررا
فعلى المذهب لو أقام له ضامنا أو رهنا محرزا
أو وكيلا يقضيه جاز
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله : لا وفاء له أنه إن كان له
وفاء يجاهد بغير إذنه وهو صحيح وصرح به الشارح
وغيره وكلامه في الفروع كلفظ المصنف
وقيل لا يجاهد إلا بإذنه أيضا وقدمه في
الرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلامه في
الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر وغيرهم
لاطلاقهم عدم المجاهدة بغير إذنه
قلت لعل مراد من أطلق ما قاله المصنف وغيره
وتكون المسألة قولا واحدا ولكن صاحب الرعاية
ومن تابعه حكى وجهين فقالوا ويستأذن المديون
وقيل المعسر
الثاني عموم قوله : ومن أحد أبويه مسلم إلا
بإذن أبيه
يقتضي استئذان الأبوين الرقيقين المسلمين أو
أحدهما كالحرين وهو أحد الوجهين وهو ظاهر كلام
الخرقي وصاحب الهداية والخلاصة وغيرهم وقدمه
الزركشي
والوجه الثاني لا يجب استئذانه وهو احتمال في
المغني والشرح وهو المذهب وجزم به في المحرر
والمنور والنظم وأطلقهما في الرعاية الصغرى
والحاويين والكافي والبلغة والفروع
(4/89)
وقال في
الرعاية الكبرى ومن أحد أبويه مسلم وقيل أو
رقيق لم يتطوع بلا إذنه ومع رقهما فيه وجهان
انتهى
فائدة لا إذن لجد ولا لجدة ذكره الأصحاب
وقال في الفروع ولا يحضرني الآن عن أحمد فيه
شيء ويتوجه تخريج واحتمال في الجد أبى الأب
يعني أنه كالأب في الاستئذان
تنبيهان
أحدهما مفهوم قوله : إلا أن يتعين عليه الجهاد
فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة
أنه إذا لم يتعين أنه لا يجاهد إلا بإذنهما
وهو صحيح وهو المذهب
وقال في الروضة حكم فرض الكفاية في عدم
الاستئذان حكم المتعين عليه
الثاني أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: فإنه
لا طاعة لهما في ترك فريضة أنه يتعلم من العلم
ما يقوم به دينه من غير إذن لأنه فريضة عليه
قال الإمام أحمد يجب عليه في نفسه صلاته
وصيامه ونحو ذلك وهذا خاصة بطلبه بلا إذن ونقل
ابن هانئ فيمن لا يأذن له أبواه يطلب منه بقدر
ما يحتاج إليه العلم لا يعدله شيء
وقال في الرعاية من لزمه التعلم وقيل أو كان
فرض كفاية وقيل أو نفلا ولا يحصل ذلك ببلده
فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه انتهى
وتقدم في أواخر صفة الصلاة هل يجيب أبويه وهو
في الصلاة وكذلك لو دعاه النبي صلى الله عليه
وسلم
فائدة قوله : ولا يحل للمسلمين الفرار من صفهم
إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة
وهذا المذهب [مطلقا] وعليه جماهير الأصحاب
وقطعوا به وقال في المنتخب لا يلزم ثبات واحد
لاثنين على الانفراد
وقال في عيون المسائل والنصيحة والنهاية
والطريق الأقرب والهداية والمذهب والخلاصة
والرعايتين والحاويين وغيرهم يلزمه الثبات وهو
ظاهر كلام من أطلق ونقله الأثرم وأبو طالب
وقال الشيخ تقي الدين لا يخلو إما أن يكون
قتال دفع أو طلب
فالأول بأن يكون العدو كثيرا لا يطيقهم
المسلمون ويخافون أنهم إن انصرفوا عنهم عطفوا
على من تخلف من المسلمين فها هنا صرح الأصحاب
بوجوب بذل مهجهم في الدفع حتى
(4/90)
يسلموا ومثله
لو هجم عدو على بلاد المسلمين والمقاتلة أقل
من النصف لكن إن انصرفوا استولوا على الحريم
والثاني لا يخلو إما أن يكون بعد المصافة أو
قبلها فقبلها وبعدها حين الشروع في القتال لا
يجوز الإدبار مطلقا إلا لتحرف أو تحيز انتهى
يعني ولو ظنوا التلف
[إذا علمت ذلك] فقال الأصحاب التحرف أن ينحاز
إلى موضع يكون القتال فيه أمكن مثل أن ينحاز
من مقابلة الشمس أو الريح ومن نزول إلى علو
ومن معطشة إلى ماء أو يفر بين أيديهم لينقض
صفوفهم أو تنفرد خيلهم من رجالتهم أو ليجد
فيهم فرجة أو يستند إلى جبل ونحو ذلك مما جرت
به عادة أهل الحرب وقالوا في التحيز إلى فئة
سواء كانت قريبة أو بعيدة
قوله : فإن زاد الكفار فلهم الفرار
قال الجمهور والفرار أولى والحالة هذه مع ظن
التلف بتركه وأطلق ابن عقيل في النسخ استحباب
الثبات للزائد على الضعف
فائدة قال المصنف والشارح وغيرهم لو خشي الأسر
فالأولى أن يقاتل حتى يقتل ولا يستأسر وإن
استأسر جاز لقصة خبيب وأصحابه ويأتي كلام
الآجري قريبا
قوله : إلا أن يغلب على ظنهم الظفر فليس لهم
الفرار ولو زادوا على أضعافهم
وظاهره وجوب الثبات عليهم والحالة هذه وهو أحد
الوجهين وهو ظاهر كلام الوجيز وهو احتمال في
المغني والشرح وهو ظاهر كلام الشيرازي فإنه
قال إذا كان العدو أكثر من مثلي المسلمين ولم
يطيقوا قتالهم لم يعص من انهزم
والوجه الثاني لا يجب الثبات بل يستحب وهو
المذهب جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الشرح
والفروع والرعايتين والحاويين وقال الزركشي هو
المعروف عن الأصحاب قال ابن منجا وهو قول من
علمنا من الأصحاب
فائدة لو ظنوا الهلاك في الفرار وفي الثبات
فالأولى لهم القتال من غير إيجاب على الصحيح
من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في
الفروع والرعايتين والحاويين والمحرر والهداية
قال الزركشي هذا المشهور المختار من الروايتين
وعنه يلزم القتال والحالة هذه وهو ظاهر الخرقي
قاله في الهداية قال الزركشي وهو اختيار
الخرقي
قلت وهو أولى
(4/91)
قال الإمام
أحمد ما يعجبني أن يستأسر يقاتل أحب إلي الأسر
شديد ولا بد من الموت وقد قال عمار من استأسر
برئت منه الذمة فلهذا قال الآجري يأثم بذلك
فإنه قول أحمد
وذكر الشيخ تقي الدين أنه يسن انغماسه في
العدو لمنفعة المسلمين وإلا نهى عنه وهو من
التهلكة
قوله : وإن ألقي في مركبهم نار فعلوا ما يرون
السلامة فيه
بلا نزاع فإن شكوا فعلوا ما شاؤوا من المقام
أو إلقاء نفوسهم في الماء
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين
وغيرهم وعنه يلزمهم المقام نصره القاضي
وأصحابه
قلت وهو الصواب
وقال ابن عقيل يحرم ذلك وحكاه رواية عن أحمد
وصححها
قوله : ويجوز تبييت الكفار بلا نزاع
ولو قتل فيه صبي أو امرأة أو غيرهما ممن يحرم
قتلهم إذا لم يقصدهم
قوله : ولا يجوز إحراق نحل ولا تغريقه بلا
نزاع.
وهل يجوز أخذ شهده كله بحيث لا يترك للنحل شيء
فيه روايتان وأطلقهما في المغني والشرح
والبلغة والفروع
إحداهما يجوز قدمه في الرعايتين والحاويين
والثانية لا يجوز
قوله : ولا عقر دابة ولا شاة إلا لأكل يحتاج
إليه
يعني لا يجوز فعله إلا لذلك وهو المذهب قدمه
في الفروع والرعايتين والحاويين والزركشي وجزم
به في المحرر وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي
وعنه يجوز الأكل مع الحاجة وعدمها في غير دواب
قتالهم كالبقر والغنم وجزم به بعضهم واختاره
المصنف والشارح وذكرا ذلك إجماعا في دجاج وطير
واختارا أيضا جواز قتل دواب قتالهم إن عجز
المسلمون عن سوقها ولا يدعها لهم وذكره في
المستوعب وجزم به في الوجيز
قال في الفروع وعكسه أشهر
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا وقدمه الزركشي
(4/92)
وقال في البلغة
يجوز قتل ما قاتلوا عليه في تلك الحال وجزم به
المصنف
والشارح وقالا لأنه يتوصل به إلى قتلهم
وهزيمتهم وقالا ليس في هذا خلاف وهو كما قالا
فائدتان
إحداهما لو حزنا دوابهم إلينا لم يجز قتلها
إلا للأكل ولو تعذر حمل متاع فترك ولم يشتر
فللأمير أخذه لنفسه وإحراقه نص عليهما وإلا
حرم إذ ما جاز اغتنامه حرم إتلافه وإلا جاز
إتلاف غير الحيوان
قال في البلغة ولو غنمناه ثم عجزنا عن نقله
إلى دارنا فقال الأمير من أخذ شيئا فهو له فمن
أخذ منه شيئا فهو له وكذا إن لم يقل ذلك في
أكثر الروايات وعنه غنيمة
الثانية يجوز إتلاف كتبهم المبدلة جزم به في
الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية
الكبرى وقال في البلغة يجب إتلافها واقتصر
عليه في الفروع قال في الرعاية الكبرى وقيل
يجب إتلاف كفر أو تبديل
قوله : وفي جواز إحراق شجرهم وزرعهم وقطعه
روايتان
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي
اعلم أن الزرع والشجر ينقسم ثلاثة أقسام
أحدها ما تدعو الحاجة إلى إتلافه لغرض ما فهذا
يجوز قطعه وحرقه قال المصنف والشارح بغير خلاف
نعلمه
الثاني ما يتضرر المسلمون بقطعه فهذا يحرم
قطعه وحرقه
الثالث ما عداهما ففيه روايتان
إحداهما يجوز وهو المذهب جزم به في الوجيز
والخرقي وصححه في التصحيح وقدمه في المحرر
والفروع والرعايتين والحاويين واختاره أبو
الخطاب وغيره
والأخرى لا يجوز إلا أن لا يقدر عليهم إلا به
أو يكونوا يفعلونه بنا قال في الفروع نقله
واختاره الأكثر
قال الزركشي وهو أظهر وقدمه ناظم المفردات
وقال هذا هو المفتى به في الأشهر وهو من
المفردات وقال في الوسيلة لا يحرق شيئا ولا
بهيمة إلا أن يفعلوه بنا قال الإمام أحمد
لأنهم يكافئون على فعلهم
قوله : وكذلك رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم
وكذا هدم عامرهم يعني أن رميهم بالنار وفتح
الماء ليغرقهم كحرق شجرهم وزرعهم وقطعه خلافا
ومذهبا وهو إحدى الطريقتين جزم به الخرقي
والرعايتين والحاويين
(4/93)
[والهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمحرر
والنظم وغيرهم].
والطريقة الثانية الجواز مطلقا وجزم في المغني
والشرح بالجواز إذا عجزوا عن أخذه بغير ذلك
وإلا لم يجز وأطلقهما في الفروع
قوله : وإذا ظفر بهم لم يقتل صبي ولا امرأة
ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى لا رأي
لهم إلا أن يقاتلوا
قال الأصحاب أو يحرضوا وهذا المذهب مطلقا
وعليه أكثر الأصحاب وقيد بعض الأصحاب عدم قتل
الراهب بشرط عدم مخالطة الناس فإن خالف قتل
وإلا فلا والمذهب لا يقتل مطلقا
وقال المصنف في المغني والشارح في المرأة إذا
انكشفت وشتمت المسلمين رميت وظاهر نصوصه وكلام
الأصحاب لا ترمي وقال في الفروع ويتوجه على
قول المصنف غير المرأة مثلها إذا فعلت ذلك
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يقتل غير من سماهم
وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه
في الفروع وغيره وقال المصنف في المغني وتبعه
الشارح لا يقتل العبد ولا الفلاح وقال في
الإرشاد لا يقتل الحر إلا بالشروط المتقدمة
ونقل المروزي لا يقتل معتوه مثله لا يقاتل
فائدة الخنثى كالمرأة صرح به المصنف في الكافي
ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحا قاتل
لأنه بمنزلة الإجهاز على الجريح إلا أن يكون
مأيوسا من برئه فيكون بمنزلة الزمن قاله
المصنف وغيره
قوله : وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم إلا
أن يخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار
هذا بلا نزاع وظاهر كلامه أنه إذا لم يخف على
المسلمين ولكن لا يقدر عليهم إلا بالرمي عدم
الجواز وهذا المذهب نص عليه وقدمه في الفروع
وجزم به في الوجيز وقال القاضي يجوز رميهم حال
قيام الحرب لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد
وجزم به في الرعاية الكبرى
قال في الصغرى والحاويين فإن خيف على الجيش أو
فوت الفتح رمينا بقصد الكفار
فائدة حيث قلنا لا يحرم الرمي فإنه يجوز لكن
لو قتل مسلما لزمته الكفارة على ما يأتي في
بابه ولا دية عليه على الصحيح من المذهب
وعنه عليه الدية ويأتي ذلك في كلام المصنف في
كتاب الجنايات في فصل والخطأ على ضربين
(4/94)
وقال في
الوسيلة يجب الرمي ويكفر ولا دية قال الإمام
أحمد لو قالوا ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم
فليرحلوا عنهم
قوله : ومن أسر أسيرا لم يجز قتله حتى يأتي به
الإمام إلا أن يمتنع من السير معه ولا يمكنه
إكراهه بضرب أو غيره
هذا المذهب بهذين الشرطين قال في الفروع جزم
به على الأصح وقدمه في الشرح والمحرر وعنه
يجوز قتله مطلقا
وتوقف الإمام أحمد في قتل المريض وفيه وجهان
وأطلقهما في الفروع والمذهب ومسبوك الذهب
والصحيح من المذهب جواز قتله قاله المصنف
والشارح وصححه في الخلاصة وقدمه في المحرر
والرعايتين والحاويين
وقيل لا يجوز قتله ونقل أبو طالب لا يخليه ولا
يقتله
فائدة يحرم قتل أسير غير ما تقدم على الصحيح
من المذهب
واختار الآجري جواز قتله للمصلحة كقتل بلال
رضي الله عنه أمية بن خلف لعنه الله أسير عبد
الرحمن [بن] عوف رضي الله عنه وقد أعانه عليه
الأنصار
فعلى المذهب لو خالف وفعل فإن كان المقتول
رجلا فلا شيء عليه وإن كان صبيا أو امرأة
عاقبه الأمير وغرمه ثمنه غنيمة
وقال في المحرر ومن قتل أسيرا قبل تخيير
الإمام فيه لم يضمنه إلا أن يكون مملوكا
قوله : ويخير الأمير في الأسرى بين القتل
والاسترقاق والمن والفداء بمسلم أو مال
يجوز الفداء بمال على الصحيح من المذهب جزم به
في الخرقي والمغني والمحرر والفروع والقاضي في
كتبه والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو ظاهر ما
جزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والزركشي
وعنه لا يجوز بمال ذكرها المصنف ولم أرها
لغيره وهو وجه في الهداية وغيرها صححه في
الخلاصة
وأطلق الوجهين في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والبلغة
(4/95)
وقال الخرقي
فيمن لا يقبل منه الحرية لا يقبل منه إلا
الإسلام أو السيف أو الفداء وكذا قال في
الإيضاح وابن عقيل في تذكرته والشريف أبو جعفر
فظاهر كلام هؤلاء أنه لا يجوز المن
وقال في الفروع عن الخرقي أنه قال لا يقبل في
غير من لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف
الظاهر أنه لم يراجع الخرقي أو حصل سقط فإن
الفداء مذكور في الخرقي
وذكر في الانتصار رواية يجبر المجوسي على
الإسلام
قوله : إلا غير الكتابي ففي استرقاقه روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمغني والشرح والبلغة والمحرر والرعايتين
والحاويين والفروع
إحداهما يجوز استرقاقهم نص عليه في رواية محمد
بن الحكم وجزم به في الوجيز قال الزركشي وهو
الصواب وإليه ميل المصنف وقدمه في الخلاصة
والرواية الثانية لا يجوز استرقاقهم اختاره
الخرقي والشريف أبو جعفر وابن عقيل في التذكرة
والشيرازي في الإيضاح
قال في البلغة هذا أصح وجزم به ناظم المفردات
وهو منها
وقال الشارح ويحتمل أن يكون جواز استرقاقهم
مبني على أخذ الجزية منهم فإن قلنا بجواز
أخذها جاز استرقاقهم وإلا فلا
تنبيه مراده بأهل الكتاب من تقبل منهم الجزية
فيدخل فيهم المجوس ذكره الأصحاب ومراده بغير
أهل الكتاب من لا تقبل منه الجزية
قال الزركشي أبو الخطاب وأبو محمد ومن تبعهما
يحكون الخلاف في غير أهل الكتاب والمجوس وأبو
البركات جعل مناط الخلاف فيمن لا يقر بالجزية
فعلى قوله : نصارى بني تغلب يجري فيهم الخلاف
لعدم أخذ الجزية منهم
قال ويقرب من نحو هذا قول القاضي في الروايتين
فإنه حكى الخلاف في مشركي العرب من أهل الكتاب
تنبيه محل الخيرة للأمير إذا كان الأسير حرا
مقاتلا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
واختار أبو بكر أنه لا يسترق من عليه ولاء
لمسلم بخلاف ولده الحربي لبقاء نسبه
قال الشارح وعلى قول أبي بكر لا يسترق ولده
أيضا إذا كان عليه ولاء كذلك وأطلقهما في
المحرر
وقيل لا يسترق من عليه ولاء لذمي أيضا
(4/96)
وجزم به وبالذي
قبله في البلغة
قال في الرعايتين والحاويين وفي رق من عليه
ولاء مسلم أو ذمي وجهان
فائدة لا يبطل الاسترقاق حق مسلم قاله ابن
عقيل وهو ظاهر ما قدمه في الفروع
قال في الانتصار لا عمل لسبي إلا في مال فلا
يسقط حق قود له أو عليه وفي سقوط الدين من
ذمته لضعفها برقه كذمة مريض احتمالان
وقال في البلغة يتبع به بعد عتقه إلا أن يغنم
بعد إرقاقه فيقضي منه دينه فيكون رقه كموته
وعليه يخرج حلوله برقه وإن أسر وأخذ ماله معا
فالكل للغانمين والدين باق في ذمته انتهى
وقيل إن زنى مسلم بحربية وأحبلها ثم سبيت لم
تسترق لحملها منه
قوله : ولا يجوز أن يختار إلا الأصلح للمسلمين
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به
قال في الروضة يستحب أن يختار الأصلح
قلت إن أراد أنه يثاب عليه فمسلم وإن أراد أنه
يجوز له أن يختار غير الأصلح ولو كان فيه ضرر
فهذا لا يقوله: أحد
فائدة لو تردد رأى الإمام ونظره في ذلك فالقتل
أولى قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم
تنبيه هذه الخيرة التي ذكرها المصنف وغيره في
الأحرار والمقاتلة
أما العبيد والإماء فالإمام يخير بين قتلهم إن
رأى أو تركهم غنيمة كالبهائم
وأما النساء والصبيان فيصيرون أرقاء بنفس
السبي
وأما من يحرم قتله غير النساء والصبيان كالشيخ
الفاني والراهب والزمن والأعمى فقال المصنف في
المغني والكافي والشارح لا يجوز سبيهم
وحكى ابن منجا عن المصنف أنه قال في المغني
يجوز استرقاق الشيخ والزمن ولعله في المغني
القديم
وحكى أيضا عن الأصحاب أنهم قالوا كل من لا
يقتل كالأعمى ونحوه يرق بنفس السبي
وأما المجد فجعل من فيه نفع من هؤلاء حكمه حكم
النساء والصبيان قال الزركشي وهو أعدل الأقوال
قلت وهو المذهب قطع به في الرعايتين والحاويين
(4/97)
قال في الفروع
والأسير القن غنيمة وله قتله ومن فيه نفع ولا
يقتل كامرأة وصبي ومجنون وأعمى رقيق بالسبي
وفي الواضح من لا يقتل غير المرأة والصبي يخير
فيه بغير قتل
وقال في البلغة المرأة والصبي رقيق بالسبي
وغيرهما يحرم قتله ورقه قال وله في المعركة
قتل أبيه وابنه
قوله : وإن أسلموا رقوا في الحال
يعني إذا أسلم الأسير صار رقيقا في الحال وزال
التخيير فيه وصار حكمه
حكم النساء وهو إحدى الروايتين ونص عليه وجزم
به في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة وتجريد العناية وقدمه في المحرر
والشرح والرعايتين والحاويين والزركشي وقال
عليه الأصحاب
وعنه يحرم قتله ويخير الإمام فيه بين الخصال
الثلاث الباقية صححه المصنف والشارح وصاحب
البلغة وقاله في الكافي وقدمه في الفروع وهذا
المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة
فعلى هذا يجوز الفداء ليتخلص من الرق ولا يجوز
رده إلى الكفار أطلقه بعضهم
وقال المصنف والشارح لا يجوز رده إلى الكفار
إلا أن يكون له من يمنعه من عشيرة ونحوها
فائدة لو أسلم قبل أسره لم يسترق وحكمه حكم
المسلمين لكن لو ادعى الأسير إسلاما سابقا
يمنع رقه وأقام بذلك شاهدا وحلف لم يجز
استرقاقه جزم به ناظم المفردات وهو منها
وعنه لا يقبل إلا بشاهدين وأطلقهما في الفروع
والرعاية وغيرهما ذكره في باب أقسام المشهود
به ويأتي ذلك أيضا هناك
قوله : ومن سبى من أطفالهم منفردا أو مع أحد
أبويه فهو مسلم
إذا سبى الطفل منفردا فهو مسلم قال المصنف
والشارح وغيرهما بالإجماع هذا المذهب وعليه
الأصحاب وعنه أنه كافر
فائدة المميز المسبي كالطفل في كونه مسلما على
الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
ونقل ابن منصور يكون مسلما ما لم يبلغ عشرا
وقيل لا يحكم بإسلامه حتى يسلم بنفسه كالبالغ
(4/98)
وإن سبي مع أحد
أبويه فهو مسلم كما قاله المصنف على الصحيح من
المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به الخرقي
وابن عقيل في تذكرته وصاحب الوجيز والمنور
وتجريد العناية والمنتخب وقدمه في المغني
والكافي والشرح والفروع والرعايتين وغيرهم
قال القاضي هذا أشهر الروايتين وهو من مفردات
المذهب
وعنه يتبع أباه قال المصنف والشارح واختاره
أبو الخطاب
وعنه يتبع المسبي معه منهما قال في الفروع
اختاره الآجري انتهى وقدمه في الهداية وصححه
في الخلاصة
وقال في الحاويين والزركشي وإن سبي مع أحد
أبويه ففي إسلامه روايتان قاله في الرعايتين
وغيره وعنه أنه كافر
قوله : وإن سبي مع أبويه فهو على دينهما
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنه مسلم وهي
من المفردات
فائدة لو سبى ذمي حربيا تبع سابيه حيث يتبع
المسلم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
والرعايتين وجزم به في الحاوي الكبير
وقيل إن سباه منفردا فهو مسلم
قلت يحتمله كلام المصنف هنا بل هو ظاهره
ونقل عبد الله والفضل يتبع مالكا مسلما كسبي
اختاره الشيخ تقي الدين
ويأتي في آخر باب المرتد إذا مات أبو الطفل
الكافر أو أمه الكافرة أو أسلما أو أحدهما
قوله : ولا ينفسخ النكاح باسترقاق الزوجين
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والفروع
وغيرهم
ويحتمل أن ينفسخ ذكره المصنف والشارح وهو
رواية عن أحمد
واختار المصنف والشارح الانفساخ إن تعدد
السابي مثل أن يسبي المرأة واحد والزوج آخر
وقالا لم يفرق أصحابنا
قوله : وإن سبيت المرأة وحدها انفسخ نكاحها
وحلت لسابيها
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقال
اختاره الأكثر
وعنه لا ينفسخ نصره أبو الخطاب وقدمه في
التبصرة كزوجة ذمي
(4/99)
وقال في البلغة
ولو سبيت دونه فهل تنجز الفرقة أو تقف على
فوات إسلامهما في العدة على وجهين
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الرجل لو سبي وحده
لا ينفسخ نكاح زوجته وهو صحيح وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في المغني والشرح
ونصراه والرعايتين والحاويين وهو من المفردات
وقال أبو الخطاب ينفسخ قاله الشارح واختاره
القاضي قاله أبو الخطاب
ولعل أبا الخطاب اختاره في غير الهداية فأما
في الهداية فإنه قال فإن سبي أحدهما أو استرق
فقال شيخنا ينفسخ النكاح وعندي أنه لا ينفسخ
وأطلقهما في المذهب
قوله : وهل يجوز بيع من استرق منهم للمشركين
على روايتين
إحداهما لا يجوز بيعهما لمشرك مطلقا وهو
الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمذهب
وجزم به الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل
وصاحب الخلاصة والوجيز
قال في تجريد العناية لا يجوز في الأظهر وقدمه
في الهداية والمحرر
والشرح وقال هو أولى والرعايتين والحاويين
والنظم والفروع وهو من المفردات
والرواية الثانية يجوز مطلقا إذا كان كافرا
وعنه يجوز بيع البالغ دون غيره
وعنه يجوز بيع البالغ من الذكور دون الإناث
ويأتي في باب الهدية جواز بيع أولاد المحاربين
من آبائهم
فائدة حكم المفاداة بمال حكم بيعه خلافا
ومذهبا
وأما مفاداته بمسلم فالصحيح من المذهب جوازها
وعليه الأصحاب وعنه المنع بصغير
ونقل الأثرم ويعقوب لا يرد صغير ولا نساء إلى
الكفار
وقال في البلغة في مفاداتهما بمسلم روايتان
قوله : ولا يفرق في البيع بين ذوي رحم محرم
إلا بعد البلوغ على إحدى الروايتين
إن كان قبل البلوغ لم يجز قولا واحدا وإن كان
بعد البلوغ ففيه روايتان وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب في كتاب البيع والمستوعب
والخلاصة والكافي
(4/100)
والمغني
والتلخيص والبلغة والشرح والرعاية الصغرى
والحاويين وشرح ابن رزين والزركشي
إحداهما لا يجوز ولا يصح وهو المذهب
قال في المذهب ومسبوك الذهب في موضع ولا يفرق
بين كل ذي رحم محرم وأطلق وجزم به في المنور
وناظم المفردات وهو منها واختاره ابن عبدوس في
تذكرته وقدمه في المحرر والفروع والفائق
وغيرهم قال في الفصول هو المشهور عنه وهو ظاهر
كلام الخرقي
والرواية الثانية يجوز ويصح البيع وصححه في
التصحيح وجزم به في العمدة والوجيز
قال الأزجي في المنتخب ويحرم تفريق بين ذي
الرحم قبل البلوغ قال الناظم وهو أولى وقدمه
في الرعاية الكبرى
تنبيه قوله : بين ذوي رحم محرم
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال في المغني وتبعه
في الشرح قاله أصحابنا غير الخرقي وجزم به في
الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
فيدخل في ذلك العمة مع ابن أخيها والخالة مع
ابن أختها
وظاهر كلام الخرقي اختصاص الأبوين والجدين
بذلك ونصره في المغني والشرح
وقيل يجوز ذلك في غير الأبوين
تنبيه ظاهر كلام المصنف تحريم التفريق ولو
رضوا به وهو صحيح ونص عليه الإمام أحمد
فائدتان
إحداهما حكم التفريق في الغنيمة وغيرها كأخذه
بجناية والهبة والصدقة ونحوها حكم البيع على
ما تقدم
الثانية لا يحرم التفريق بالعتق ولا بافتداء
الأسرى على الصحيح من المذهب وعليه أكثر
الأصحاب وجزم به في المحرر والمنور وتذكرة ابن
عبدوس وقدمه في الفروع
قال الخطابي لا أعلمهم يختلفون في العتق لأنه
لا يمنع من الحضانة
وقيل يحرم في افتداء الأسرى ويجوز في العتق
قدمه في الرعاية الكبرى وعنه حكمها حكم البيع
ونحوه وهو ظاهر كلام ابن الجوزي وغيره
الثالثة لو باعهم على أن بينهم نسبا يمنع
التفريق ثم بان أن لا نسب بينهم كان للبائع
الفسخ
(4/101)
فائدة : قوله :
"وإذا حصر الإمام حصنا لزمته مصابرته إذا رأى
المصلحة فيها فإن أسلموا أو من أسلم منهم أحرز
دمه وماله وأولاده الصغار".
يحرز بذلك أولاده الصغار سواء كانوا في السبي
أو في دار الحرب وكذا ماله أين كان ويحرز أيضا
المنفعة كالإجارة.
ويحرز أيضا الحمل لا الذي في بطن امرأته ولا
يحرز امرأته ولا ينفسخ نكاحه برقها على الصحيح
من المذهب جزم به في المغني والشرح وغيرهما
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في البلغة: ولو سبيت الحربية وزوجها مسلم
لم يمنع رقها فينقطع نكاح المسلم ويحتمل أن لا
ينقطع في الدوام بخلاف الابتداء ويتوقف على
إسلامها في العدة انتهى.
قوله : وإن سألوا الموادعة بمال أو غيره: جاز،
إن كانت المصلحة فيه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز
وغيرهم وهو ظاهر الرعايتين والحاويين.
قلت: بل يلزمه ذلك ونقله المروذي وجزم به في
الفروع والمغني والشرح وغيرهم.
تنبيه : قوله : "بمال وغيره" اما المال: فلا
نزاع فيه. وأما إذا سألوا الموادعة بغير مال
فجزم المصنف بالجواز وهو الصحيح من المذهب
قدمه في المذهب ومسبوك الذهب والرعايتين
والحاويين وشرح ابن منجا.
وقيل: لا يجوز إلا أن يعجز عنهم ويستضر
بالمقام وأطلقهما في الهداية والخلاصة.
قوله : "وإن نزلوا على حكم حاكم جاز إذا كان
مسلما حرا بالغا عاقلا من أهل الاجتهاد".
يعني في الجهاد ولو كان أعمى. وجزم به في
المغني والمحرر والشرح والفروع والنظم وغيرهم.
ومن شرطه: أن يكون عدلا ولم يذكره المصنف هنا
ولا في الرعاية الصغرى والحاويين والهداية
والمذهب وغيرهم.
وقال في البلغة: يعتبر فيه شروط القاضي إلا
البصر.
قوله : "ولا يحكم إلا بما فيه الأحظ للمسلمين
من القتل والسبي والفداء" وهذا بلا نزاع.
(4/102)
قوله : "فإن
حكم بالمن لزم قبوله في أحد الوجهين".
وهذا المذهب صححه في التصحيح والرعايتين وجزم
به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر واختاره
القاضي.
والوجه الثاني : لا يلزم قبوله وقواه الناظم
واختاره أبو الخطاب في الهداية وقيل يلزم في
المقاتلة ولا يلزم في النساء والذرية.
فائدة : يجوز للإمام أخذ الفداء ممن حكم برقه
أو قتله ويجوز له المن مطلقا على الصحيح من
المذهب قدمه في الفروع وجزم به في الرعاية
وغيرها.
وقال في الكافي والبلغة: يجوز المن على محكوم
برقه برضا الغانمين.
قوله : "وإن حكم بقتل أو سبي فأسلموا عصموا
دماءهم
بلا نزاع وفي استرقاقهم وجهان عند الأكثر وفي
الكافي والرعايتين
والحاويين وغيرهم روايتان وأطلقهما في المذهب
ومسبوك الذهب والبلغة والمحرر والحاوي الكبير
والفروع وشرح ابن منجا
أحدهما لا يسترقون وهو المذهب اختاره القاضي
وصححه في التصحيح والخلاصة وقدمه في المغني
والشرح والرعايتين والحاوي الصغير
والوجه الثاني يسترقون جزم به في الوجيز
والمنتخب وصححه الناظم وهو احتمال في الهداية
ومال إليه.
فوائد
الأولى : لو سألوه أن ينزلهم على حكم الله:
لزمه أن ينزلهم ويخير فيهم كالأسرى فيخير بين
القتل والرق والمن والفداء وهذا الصحيح من
المذهب جزم به في الرعاية الكبرى وقدمه في
الفروع.
وقال في الواضح: يكره وقال في المبهج: لا
ينزلهم. لأنه كإنزالهم بحكمنا ولم يرضوا به.
الثانية : لو كان في الحصن من لا جزية عليه
فبذلها لعقد الذمة عقدت مجانا وحرم رقه.
الثالثة : لو جاءنا عبد مسلم وأسر سيده أو
غيره فهو حر ولهذا لا نرده في هدنة قاله في
الترغيب وغيره والكل له وإن أقام بدار حرب:
فرقيق. ولو جاء مولاه مسلما بعده لم يرد إليه
ولو جاء قبله مسلما ثم جاء العبد مسلما: فهو
لسيده وإن خرج عبد إلينا بأمان أو نزل من حصن
فهو حر نص على ذلك قال: وليس للعبد في حق
غنيمة فلو هرب إلى العدو ثم جاء بأمان فهو
لسيده والمال لنا.
(4/103)
باب ما يلزم الإمام والجيش
قوله : "يلزم الإمام فعل كذا الخ".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم وقيل: يستحب.
فائدة: قوله : "فمن لا يصلح للحرب يمنعه من
الدخول ويمنع المخذل والمرجف".
فالمخذل: هو الذي يقعد غيره عن الغزو.
والمرجف: هو الذي يحدث بقوة الكفار وكثرتهم
وضعف غيرهم.
ويمنع أيضا من يكاتب بأخبار المسلمين. ومن
يرمي بينهم بالفتن. ومن هو معروف بنفاق
وزندقة.
ويمنع أيضا الصبي. على الصحيح من المذهب ذكره
جماعة وقدمه في الفروع.
وقال في المغني والكافي والبلغة والشرح
والرعاية الكبرى وغيرهم: يمنع الطفل زاد
المصنف والشارح: ويجوز أن يأذن لمن اشتد من
الصبيان.
تنبيهان
أحدهما : ظاهر قوله : "ويمنع المخذل" أنه لا
يصحبهم ولو لضرورة وهو صحيح وهو ظاهر كلام
الأصحاب وقيل: يصحبهم لضرورة.
الثاني : ظاهر قوله : "ويمنع النساء إلا طاعنة
في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى".
منع غير ذلك من النساء وهو صحيح وهو ظاهر كلام
الأصحاب.
وقال بعض الأصحاب: لا تمنع امرأة الأمير
لحاجته. كفعل النبي صلى الله عليه وسلم. منهم
المصنف والشارح.
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن المنع من ذلك على
سبيل التحريم وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
وقدمه في الفروع
وجزم في المغني والشرح أنه يكره دخول الشابة
من النساء أرض العدو وجوزوا للأمير خاصة أن
يدخل بالمرأة الواحدة إذا احتاج إليها
قوله : ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة
هذا قول جماعة من الأصحاب أعني قوله: إلا عند
الحاجة منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب وقدمه في البلغة.
(4/104)
والصحيح من
المذهب: أنه يحرم الاستعانة بهم إلا عند
الضرورة جزم به في الخلاصة وقدمه في الفروع
والمحرر والرعايتين والحاويين.
وعنه يجوز مع حسن رأي فينا. وجزم به في
البلغة.
زاد جماعة وجزم به صاحب المحرر إن قوي جيشه
عليهم وعلى العدو لو كانوا معه.
وفي الواضح روايتان: الجواز وعدمه بلا ضرورة
وبناهما على الإسهام له قاله في الفروع كذا
قال.
وقال في البلغة: يحرم إلا لحاجة كحسن الظن قال
وقيل: إلا لضرورة.
وأطلق أبو الحسين وغيره: أن الرواية لا تختلف
أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون
وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في
العمالة والكتابة.
وسأله أبو طالب عن مثل الخراج؟ فقال: لا
يستعان بهم في شيء.
وأخذ القاضي منه: أنه لا يجوز كونه عاملا في
الزكاة.
قال في الفروع: فدل على أن المسألة على
روايتين. قال والأولى: المنع واختاره شيخنا.
يعني: الشيخ تقي الدين وغيره أيضا. لأنه يلزم
منه مفاسد أو يفضي إليها. فهو أولى من مسألة
الجهاد.
وقال الشيخ تقي الدين: من تولى منهم ديوانا
للمسلمين: انتقض عهده لأنه ينافي الصغار. وقال
في الرعاية: يكره إلا لضرورة.
وتحرم الاستعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور
المسلمين. لأن فيه أعظم الضرر ولأنهم دعاة
بخلاف اليهود والنصارى. نص على ذلك.
تنبيه : قوله : "ولا يستعين بمشرك" يعني: يحرم
إلا بشرطه. وهذا المذهب وقال في الفروع:
ويتوجه يكره.
فائدة : قوله : "ويعقد لهم الألوية والرايات".
المستحب في الألوية: أن تكون بيضاء. لأن
الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها.
نقله حنبل. واقتصر عليه في الفروع.
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمحرر
والرعايتين والحاويين: يعقد لهم الألوية
والرايات بأي لون شاء.
قوله : "ويجعل لكل طائفة شعارا يتداعون به عند
الحرب ويتخير لهم المنازل ويتتبع مكامنها
فيحفظها ويبعث العيون على العدو حتى لا يخفى
عليه أمرهم ويمنع جيشه من المعاصي والفساد
ويعد ذا الصبر بالأجر والنفل ويشاور ذا الرأي.
(4/105)
ويصف جيشه
ويجعل في كل جنبة كفوا ولا يميل مع قريبه وذوي
مذهبه على غيره" بلا نزاع.
"ويجوز أن يبذل جعلا لمن يدله على طريق أو
قلعة أو ماء ويجب أن يكون معلوما إلا أن يكون
من مال الكفار فيجوز مجهولا فإن جعل له جارية
منهم فماتت قبل الفتح فلا شيء له بلا نزاع.
قوله : "وإن أسلمت قبل الفتح فله قيمتها وإن
أسلمت بعده سلمت إليه".
وكذا إن أسلمت قبله وهي أمة، إلا أن يكون
كافرا فله قيمتها بلا نزاع. لكن لو أسلم بعد
ذلك ففي جواز ردها إليه احتمالان. وأطلقهما في
الرعاية الكبرى والفروع والقواعد الفقهية.
قلت: ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الهداية
والمذهب والمستوعب وغيرهم أنها لا ترد إليه
لاقتصارهم على إعطاء قيمتها.
قوله : "وإن فتحت صلحا ولم يشترطوا الجارية
فله قيمتها" بلا نزاع.
"فإن أبى إلا الجارية وامتنعوا من بذلها فسخ
الصلح".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع: فسخ الصلح في الأشهر.
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب. وقدمه في
المحرر والنظم والرعايتين والحاويين واختاره
القاضي وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة
وغيرهم.
ويحتمل أن لا يكون له إلا قيمتها وهو وجه لبعض
الأصحاب وصححه في المحرر وإليه ميل الشارح
وقواه.
قلت: هو الصواب.
وظاهر نقل ابن هانئ أنها لمن سبق حقه. ولرب
الحصن القيمة.
فائدة : لو بذلت له الجارية مجانا أو بالقيمة:
لزمه أخذها وإعطاؤها له والمراد: إذا كانت غير
حرة الأصل وإلا فقيمتها.
قوله : "وله أن ينفل في البدأة الربع بعد
الخمس وفي الرجعة الثلث بعده. وذلك إذا دخل
الجيش: بعث سرية تغير وإذا رجع بعث أخرى فما
أتت به أخرج خمسه وأعطى السرية ما جعل لها
وقسم الباقي في الجيش والسرية معا".
الصحيح من المذهب: أن السرية لا تستحق النفل
المذكور إلا بشرط نص عليه. وعليه أكثر
(4/106)
الأصحاب وجزم
به في المغني والشرح والكافي وقدمه في الفروع.
وعنه تستحقه من غير شرط. وقدمه في الرعايتين
والحاويين وأطلقهما في المحرر والزركشي.
وجواز إعطاء النفل: من مفردات المذهب.
فائدة : يجوز أن يجعل لمن عمل ما فيه عناء
جعلا كمن نقب أو صعد هذا المكان أو جاء بكذا
فله من الغنيمة أو من الذي جاء به كذا ما لم
يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس نص عليه.
ويجوز أن يعطيه ذلك من غير شرط على الصحيح من
المذهب. وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه لا يعطى إلا بشرط. وأطلقهما في المحرر.
ويحرم تجاوزه الثلث في هذا وفي النفل مطلقا
على الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في
المغني والشرح وغيرهما ونصراه وقدمه في الفروع
وغيره.
وعنه يحرم بلا شرط فقط صححه في الرعاية الكبرى
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وأطلقهما
الزركشي.
قوله : "فإن دعا كافر إلى البراز استحب لمن
يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن
الأمير".
هذا المذهب أعني تحريم المبارزة بغير إذنه وهو
ظاهر كلامه في المغني والشرح بل هو كالصريح
ونص عليه وقدمه في الفروع وجزم به في الهداية
والمذهب والنظم قال ناظم المفردات:
بغير إذن تحرم المبارزة ... فالسلب المشهور
ليست جائزة
وعنه يكره بغير إذنه حكاها الخطابي وهو ظاهر
كلام المصنف في المغني فإنه قال: ينبغي أن
يستأذن الأمير في المبارزة إذا أمكن.
وقال في الفصول في اللباس: وهل تستحب المبارزة
ابتداء لما فيها من كسر قلوب المشركين أم تكره
لئلا تنكسر قلوب المؤمنين؟ فيه احتمالان.
وقال الشارح: المبارزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
إحداها :: مستحبة. وهي مسألة المصنف.
والثانية : مباحة وهي: أن يبتدئ الشجاع
فيطلبها. فتباح ولا تستحب.
قلت: في البلغة: إنها تستحب أيضا.
الثالثة : مكروهة. وهي أن يبرز الضعيف الذي لا
يثق من نفسه فتكره له.
(4/107)
قوله : "فإن
شرط الكافر أن لا يقاتله غير الخارج إليه فله
شرطه".
وكذلك لو كانت العادة كذلك فإن انهزم المسلم
أو أثخن بالجراح جاز الدفع عنه
قال في الفروع فإن انهزم المسلم أو الكافر وفي
البلغة أو أثخن فلكل مسلم الدفع عنه والرمي.
وقال في الرعاية: وإن انهزم المسلم أو أثخن
بالجراح أو عجز وقيل: أو ظهر الكافر عليه فلكل
مسلم الدفع عنه والرمي والقتال.
وقيل: إن عاد أحدهما مثخنا أو مختارا: جاز رمي
الكافر. انتهى.
قوله : "وإن قتله المسلم فله سلبه وكل من قتل
قتيلا فله سلبه غير محبوس".
هذا المذهب بشرطه. وسواء شرطه له الإمام أم لا
نص عليه وعليه الأصحاب وسواء كان القاتل من
أهل الإسهام أو الإرضاخ حتى الكافر صرح به في
النظم وغيره وقطع به المصنف وغيره وعليه
جماهير الأصحاب.
قال الزركشي: يستحقه سواء شرطه له الإمام أو
لا على المنصوص المشهور والمذهب عند عامة
الأصحاب.
وعنه لا يستحقه إلا أن يشرطه. وجزم به ابن
رزين في نهايته وناظمها واختاره أبو الخطاب في
الانتصار وصاحب الطريق الأقرب.
وعنه يعتبر أيضا إذن الإمام. وهو ظاهر كلام
ناظم المفردات كما تقدم لفظه قال ابن أبي
موسى: أظهرهما أنه لا يستحق.
وقيل: لا يستحقه من كان من أهل الرضخ.
فائدة : لو بارز العبد بغير إذن سيده فقتل
قتيلا لم يستحق سلبه لأنه عاص قاله المصنف
وغيره.
قال: وكذلك كل عاص دخل بغير إذن.
وعنه فيه يؤخذ منه الخمس وباقيه له قال: ويخرج
في العبد مثله.
قوله : "إذا قتله حال الحرب منهمكا على القتال
غير مثخن وغرر بنفسه في قتله".
وكذا لو أثخن الكافر بالجراح بلا نزاع.
ومن شرطه: أن يقتله أو يثخنه في حال امتناعه
وهو مقبل فإن قتله وهو مشتغل بأكل ونحوه أو
وهو منهزم: لم يستحق السلب. نص عليه.
وقال في الترغيب والبلغة: فإن كان منهزما إلا
لانحراف أو لتحيز لم يستحق السلب.
(4/108)
وقال المصنف:
إذا انهزم والحرب قائمة فأدركه وقتله فسلبه له
لقصة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
وقوله : "حال الحرب" هكذا قال الأصحاب.
قال الشيخ تقي الدين: في هذا نظر فإن في حديث
ابن الأكوع كان المقتول منفردا ولا قتال هناك
بل كان المقتول قد هرب منهم.
تنبيه : شمل كلام المصنف: لو قتل صبيا أو
امرأة إذا قاتلا وهو صحيح وهو المذهب جزم به
المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع
وغيره.
وقيل: لا يستحق سلبها. وأطلقهما في المحرر
والزركشي والرعاية.
فائدة : يشترط في مستحق السلب: إما أن يكون من
أهل المغنم حرا كان أو عبدا رجلا كان أو صبيا
أو امرأة فلو كان ليس له حق كالمخذل والمرجف
قال في الكافي: والكافر إذا حضر بغير إذن لم
يستحق السلب. وتقدم كلام الناظم في الكافر.
قوله : "وإن قطع أربعته وقتله آخر: فسلبه
للقاطع" بلا نزاع.
قوله : "وإن قتله اثنان: فسلبه غنيمة".
هذا المذهب. نص عليه في رواية حرب وعليه أكثر
الأصحاب وجزم في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر
والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قال الزركشي وغيره: هذا المنصوص.
وقال الآجري والقاضي: سلبه لهما.
وقال المصنف وتبعه الشارح إن كانت ضربة أحدهما
أبلغ كان السلب له وإلا كان غنيمة.
فائدة : لو قتله أكثر من اثنين: فسلبه غنيمة
بطريق أولى.
وقيل: سلبه لقاتله.
قوله : "وإن أسره فقتله الإمام فسلبه غنيمة".
وكذا إن رقه الإمام أو فداه. وهذا الصحيح من
المذهب. نص عليه وقال القاضي: هو لمن أسره.
(4/109)
قوله : "وإن
قطع يده ورجله وقتله آخر فسلبه غنيمة".
هذا المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وجزم
به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر
والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قال الزركشي: المنصوص أنه غنيمة.
وقيل: هو للقاتل وقيل هو للقاطع وأطلقهن
الزركشي.
فائدة : حكم من قطع يديه أو رجليه حكم من قطع
يده ورجله خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: أنه لو قطع يده
ورجله وقتله آخر أن سلبه للقاتل. وهو صحيح وهو
المذهب وهو ظاهر كلام الوجيز وغيره وجزم به في
المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: هو غنيمة قدمه في المغني وحكى الأول
احتمالا.
وجزم بأنه غنيمة في الكافي وأطلقهما في الشرح
وغيره.
قوله : "والسلب: ما كان عليه من ثياب وحلى
وسلاح والدابة بآلتها".
يعني التي قاتل عليها هذا المذهب. وعليه
جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في المغني والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
قال المصنف والشارح: هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي: هذا أعدل الأقوال واختاره الخرقي
والخلال.
وعنه أن الدابة وآلتها ليست من السلب.
وقيل: هي غنيمة اختاره أبو بكر قال في الكافي:
واختاره الخلال.
قال الزركشي: لا يغرنك قول أبي محمد في
الكافي: أنه اختيار الخلال. فإنه وهم.
وقال في التبصرة: حلية الدابة ليست من السلب
بل هي غنيمة.
وعنه: أنه قال في السيف: لا أدري.
تنبيه : مراده بدابته الدابة التي قاتل عليها
على الصحيح من المذهب
وعنه أو كان آخذا بعنانها وهو ظاهر كلام
الخرقي
قوله : ونفقته وخيمته ورحله
هذا الصحيح من المذهب والروايتين قاله في
الفروع والمحرر وغيرهما وجزم به في المغني
والشرح والوجيز وغيرهم وهو من مفردات المذهب.
(4/110)
وعنه أنه من
السلب قال في الرعاية الكبرى قلت: وكذا حقيبته
المشدودة على فرسه
وقيل فيما معه من دراهم ودنانير روايتان
قوله : ولا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير إلا أن
يفجأهم عدو يخافون كلبه
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال المصنف في المغني يجوز إذا حصل للمسلمين
فرصة يخاف فوتها وجزم به في الرعاية الكبرى
والنظم
وقال في الروضة اختلفت الرواية عن أحمد فعنه
لا يجوز وعنه يجوز بكل حال ظاهر أو خفية جماعة
وآحادا جيشا أو سرية
وقال القاضي في الخلاف الغزو لا يجوز أن يقيمه
كل أحد على الانفراد ولا دخول دار الحرب بلا
إذن الإمام ولهم فعل ذلك إذا كانوا عصبة لهم
منعة
قوله : فإن دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب
بغير إذنه فغنموا فغنيمتهم فيء
هذا المذهب وسواء كانوا قليلين أو كثيرين حتى
ولو كان واحدا أو عبدا جزم به في الوجيز وغيره
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والمحرر
والخلاصة
وعنه هي لهم بعد الخمس اختارها القاضي وأصحابه
والمصنف والشارح والناظم
وعنه هي لهم من غير تخميس وأطلقهن في الهداية
والمذهب
فعلى الثانية فيما أخذوه بسرقة منع وتسليم
قاله في الفروع
وقال في البلغة فيما أخذوه بسرقة واختلاس
الروايات الثلاث المتقدمة ومعناه في الروضة
تنبيه مفهوم كلام المصنف أن القوم الذين دخلوا
لو كان لهم منعة لم يكن ما غنموا فيئا وهو
رواية عن أحمد يعني أنه غنيمة فيخمس
قال المصنف والشارح وهي أصح وهو ظاهر ما قدمه
في الفروع
وعنه أنه فيء جزم به في الوجيز وقدمه في
المحرر وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى
وقال الشارح ويخرج فيه وجه كالرواية الثالثة
وقال في الفروع وقيل الرواية الثالثة هنا أيضا
واختار في الرعاية الصغرى هذا الوجه يعني أنه
لهم من غير تخميس وقدمه في الحاويين
(4/111)
قوله : ومن أخذ
من دار الحرب طعاما أو علفا فله أكله وعلف
دابته بغير إذن
ولو كانت للتجارة
وعنه لا يعلف من الدواب إلا المعد للركوب ذكره
في القواعد وأطلقهما ولو كان غير محتاج إليه
على أشهر الطريقتين والصحيح من المذهب
والطريقة الثانية لا يجوز إلا عند الضرورة وهي
طريقة ابن أبي موسى
وكذا له أن يطعم سبيا اشتراه وهذا المذهب
وعليه الأصحاب
لكن بشرط أن لا يحرز فإن أحرز بدار حرب فليس
له ذلك على الصحيح من المذهب إلا عند الضرورة
وقيل له ذلك واختاره القاضي في المجرد
وعنه يرد قيمته كله ذكرها ابن أبي موسى
فائدة : لا يجوز أن يطعم الفهد وكلب الصيد
والجارح من ذلك وفيه وجه آخر يجوز ذكره في
القاعدة الحادية والسبعين وأطلقهما
قوله : وليس له بيعه فإن باعه رد ثمنه في
المغنم
هذا المذهب وعليه الأصحاب
قال القاضي والمصنف في الكافي لا يخلو إما أن
يبيعه من غاز أو غيره فإن باعه لغيره فالبيع
باطل فإن تعذر رده رد قيمته أو ثمنه إن كان
أكثر من قيمته وإن باعه لغاز لم يخل إما أن
يبذله بطعام أو علف مما له الإنتفاع به أو
بغيره فإن باعه بمثله فليس هذا بيعا في
الحقيقة إنما سلم إليه مباحا وأخذ مباحا مثله
فعلى هذا لو باع صاعا بصاعين أو افترقا قبل
القبض جاز وإن باعه نسيئة أو أقرضه إياه فأخذه
فهو أحق به ولا يلزمه إبقاؤه
وإن باعه بغير الطعام والعلف فالبيع غير صحيح
ويصير المشتري أحق به ولا ثمن عليه وإن أخذه
منه وجب رده إليه انتهى
قوله : وإن فضل معه شيء فأدخله البلد رده في
الغنيمة إلا أن يكون يسيرا فله أكله في إحدى
الروايتين
نص عليه في رواية ابن إبراهيم وصححه في
التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى
والعمدة
والرواية الثانية يلزمه رده في المغنم نص
عليهما في رواية أبي طالب وهي المذهب
(4/112)
اختاره أبو بكر
الخلال وأبو بكر عبد العزيز والقاضي وأطلقهما
الخرقي والشارح والرعايتين والحاويين والإرشاد
والزركشي وأبو الخطاب في خلافيهما وجزم به
المنور وقدمه في الفروع والمحرر والنظم
فائدة : لو باعه رد ثمنه وإن أكله لم يرد قيمة
أكله على الصحيح وعنه يردها
تنبيهات
الأول الذي يظهر أن اليسير هنا يرجع قدره إلى
العرف
وقال في التبصرة والموجز هو كطعام أو علف
يومين نقله أبو طالب
قال في الرعاية اليسير كعلفة وعلفتين وطبخة
وطبختين
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه لا يأخذ غير
الطعام والعلف وهو صحيح
قال الإمام أحمد لا يغسل ثوبه بالصابون فإن
غسل رد قيمته في المغنم نقله أبو طالب واقتصر
عليه في الفروع
الثالث السكر والمعاجين ونحوهما كالطعام وفي
إلحاق العقاقير بالطعام وجهان وأطلقهما في
الرعايتين والحاويين والفروع
قلت: الأولى إلحاقه بالطعام إن احتاج إليه
وإلا فلا
وقال في موضع من الرعاية وله شرب الدواء من
المغنم وأكله
الرابع محل جواز الأخذ والأكل إذا لم يحزها
الإمام أما إذا حازها الإمام ووكل من يحفظها
فإنه لا يجوز لأحد أخذ شيء منه إلا لضرورة على
الصحيح من المذهب والمنصوص عنه واختاره المصنف
وغيره وقدمه الزركشي وغيره وجوز القاضي في
المجرد الأكل منه في دار الحرب مطلقا
فائدتان
إحداهما : يدخل في الغنيمة جوارح الصيد
كالفهود والبزاة نقل صالح لا بأس بثمن البازي
انتهى
ولا يدخل ثمن كلب وخنزير ويخص الإمام بالكلب
من شاء فلو رغب فيها بعض الغانمين دون بعض
دفعت إليه وإن رغب فيها الكل أو ناس كثير قسمت
عددا من غير تقويم إن أمكن قسمتها وإن تعذر أو
تنازعوا في الجيد منها أقرع بينهم ويكسر
الصليب ويقتل الخنزير قاله أحمد ونقل أبو داود
يصب الخمر ولا يكسر الإناء
الثانية يجوز له إذا كان محتاجا دهن بدنه
ودابته ويجوز شرب شراب ونقل أبو داود دهنه
بدهن للتزين لا يعجبني
(4/113)
قوله : ومن أخذ
سلاحا يعني من الغنيمة فله أن يقاتل به حتى
ينقضي الحرب ثم يرده
يجوز له أخذ السلاح الذي أخذ من الكفار للقتال
سواء كان محتاجا إليه أو لا على الصحيح من
المذهب جزم به في الوجيز وغيره وهو ظاهر كلامه
في الخلاصة وقدمه في الفروع والمحرر
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة
والرعايتين والحاويين وغيرهم له ذلك مع الحاجة
قلت: وهو الصواب
قوله : وليس له ركوب الفرس
يعني ليقاتل عليها في إحدى الروايتين وأطلقها
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمغني والشرح والرعايتين والحاويين والفروع
والزركشي
إحداهما : يجوز جزم به في المنور وقدمه في
المحرر
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز
والمنتخب والمغني وشرح ابن رزين وصححه في
التصحيح والنظم
ونقل إبراهيم بن الحارث لا يركبه إلا لضرورة
أو خوف على نفسه
ونقل المروذي لا بأس أن يركب الدابة من الفيء
ولا يعجفها
فائدة : حكم لبس الثوب حكم ركوب الفرس خلافا
ومذهبا عند الأصحاب
وعنه يركب ولا يلبس ذكرها في الرعاية
(4/114)
باب قسمة الغنيمة
قوله : وإن أخذ منهم مال مسلم فأدركه صاحبه
قبل قسمه فهو أحق به وإن أدركه مقسوما فهو أحق
بقيمته
اعلم أنه إذا أخذ مال مسلم من الكفار بعد
أخذهم له فلا يخلو إما أن نقول هم يملكون
أموال المسلمين أو لا ولو حازوها إلى دارهم
فإن قلنا يملكونها وأخذناها منهم فلا يخلو إما
أن يعرف صاحبه أولا فإن لم يعرف صاحبه قسم
وجاز التصرف فيه.
وإن عرف صاحبه فلا يخلو إما أن يدركه بعد قسمه
أو قبل قسمه فإن أدركه قبل قسمه فهو أحق به
ويرد إليه إن شاء وإلا فهو غنيمة وهو قول
المصنف فهو أحق به
(4/114)
وإن أدركه
مقسوما فهو أحق به بثمنه كما قال المصنف وهو
المذهب
قال في المحرر وهو المشهور عنه وجزم به في
الوجيز والمذهب ومسبوك الذهب والمنور وقدمه في
الفروع والإرشاد واختاره أبو الخطاب وهو من
مفردات المذهب
وعنه لا حق له فيه كما لو وجده بيد المستولى
عليه وقد أسلم أو أتانا بأمان وقدمه في المحرر
والرعايتين والحاويين والنظم وأطلقهما في
المغني والشرح والقواعد الفقهية
فعلى المذهب لو باعه المغتنم قبل أخذ سيده صح
ويملك السيد انتزاعه من الثاني وكذلك لو رهنه
صح ويملك انتزاعه من المرتهن ذكره أبو الخطاب
في الانتصار ولم يفرق بين أن يطالب بأخذه أو
لا
قال في القاعدة الثالثة والخمسين والأظهر أن
المطالبة تمنع التصرف كالشفعة
قوله : وإن أخذه أحد الرعية بثمن فهو أحق به
بثمنه
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور
قال في المحرر هذا المشهور عن أحمد وقدمه في
المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاويين
والإرشاد
وقال القاضي حكمه حكم ما لو وجده صاحبه بعد
القسمة على ما تقدم
قوله : وإن أخذه بغير عوض فهو أحق به بغير شيء
وهو المذهب قال في المحرر وهذا ظاهر المذهب
قال في الفروع أخذه منه بغير قيمة على الأصح
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين
والحاويين والمغني والشرح ونصراه وصححه في
النظم
وعنه ليس له أخذه إلا بقيمته وعنه لا حق له
فيه
فوائد
الأولى لو باعه مشتريه أو متهبه أو وهباه أو
كان عبدا فأعتقاه لزم تصرفهما وهل له أخذه من
آخر مشتر أو متهب مبني على ما سبق من الخلاف
في الأصل
الثانية إذا قلنا يملكون أم الولد على ما يأتي
قريبا لزم السيد قبل القسمة أخذها ويتمكن منه
بعد القسمة بالعوض رواية واحدة قاله في المحرر
ونص عليه وجزم به في الفروع وغيره
الثالثة حكم أموال أهل الذمة قال في الرعاية
وأموال المستأمن إذا استولى عليها الكفار ثم
قدر عليها حكم أموال المسلمين فيما تقدم
الرابعة لو بقي مال المسلم معهم حولا أو
أحوالا فلا زكاة فيه ولو كان عبدا وأعتقه
(4/115)
سيده لم يعتق
ولو كانت أمة مزوجة فقياس المذهب انفساخ
نكاحها وقيل لا ينفسخ كالحرة
وروى ابن هانئ عن أحمد تعود إلى زوجها إن شاءت
وهذا يدل على انفساخ النكاح بالسبي
تنبيه هذه الأحكام كلها على القول بأن الكفار
يملكون أموالنا بالقهر
وأما على القول بأنهم لا يملكونها فلا يقسم
بحال وتوقف إذا جهل ربها ولربه أخذه بغير شيء
حيث وجده ولو بعد القسمة أو الشراء منهم أو
إسلام آخذه وهو معه هذا الصحيح من المذهب
وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في المحرر
والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع
وقال في التبصرة هو أحق بما لم يملكوه بعد
القسمة بثمن لئلا ينتقض حكم القاسمين
وعلى هذه الرواية في وجوب الزكاة رواية المال
المغصوب ويصح عتقه ولم ينفسخ نكاح المزوجة
قوله : ويملك الكفار أموال المسلمين بالقهر
ذكره القاضي
وهو المذهب قال في القواعد الفقهية المذهب عند
القاضي يملكونها من غير خلاف وجزم به في
الوجيز وتذكرة ابن عقيل وقدمه في الفروع
والمحرر
فعليها يملكون العبد المسلم صرح به في القواعد
الفقهية ويأتي ذلك في أواخر كتاب البيع
وقال أبو الخطاب ظاهر كلام أحمد أنهم لا
يملكونها يعني ولو حازوها إلى دارهم وهي رواية
عن أحمد اختارها الآجري وأبو الخطاب في تعليقه
وابن شهاب وأبو محمد الجوزي وجزم به ابن عبدوس
في تذكرته قال في النظم لا يملكونه في الأظهر
وذكر ابن عقيل في فنونه ومفرداته روايتين وصحح
فيها عدم الملك وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والرعايتين والحاويين وصححه في نهاية
ابن رزين ونظمها
قال في المحرر ونص أبو الخطاب في تعليقه أن
الكفار لا يملكون مال مسلم بالقهر وأنه يأخذه
بغير شيء وحتى لو كان مقسوما ومن العدو إذا
أسلم وذلك مخالف لنصوص أحمد انتهى
وأطلقهما في البلغة وشرح ابن منجا
وذكر الشيخ تقي الدين أن أحمد لم ينص على
الملك ولا على عدمه وإنما نص على أحكام أخذ
منها ذلك
(4/116)
قال والصواب
أنهم لا يملكونها إلا ملكا مقيدا لا يساوي
أملاك المسلمين من كل وجه انتهى
وعنه لا يملكونها حتى يحوزوها إلى دارهم
اختاره القاضي في كتاب الروايتين وأطلقهن
الشارح
قال في القواعد الأصولية وإذا قلنا يملكون فهل
يشترط أن يحوزوه بدارهم فيه روايتان والترجيح
مختلف
وقال في القاعدة السابعة عشر والمنصوص أنهم لا
يملكونها بمجرد استيلائهم بل بالحيازة إلى
دارهم وفيه رواية مخرجة بأنهم يملكونها بمجرد
الاستيلاء
وبنى ابن الصيرفي ملكهم أموال المسلمين على
أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أم لا فإن
قلنا هم مخاطبون لم يملكوها وإلا ملكوها
ورد بأن المذهب عند القاضي أنهم يملكون من غير
خلاف والمذهب أنهم مخاطبون
وأيضا إنما محل الخلاف في ملك الكفار وعدمه
أموالنا في أهل الحرب أما أهل الذمة فلا
يملكونها بلا خلاف والخلاف في تكليف الكفار
عام في أهل الذمة وأهل الحرب
تنبيهات
أحدها حيث قلنا يملكونها فلا يملكون الجيش ولا
الوقف ويملكون أم الولد في إحدى الروايتين
قدمه في المغني والشرح والفروع
والرواية الثانية هي كالوقف فلا يملكونها
صححها ابن عقيل وصاحب النظم
قلت: وهو الصواب وهو احتمال في المغني والشرح
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين
والقواعد
الثاني مفهوم قوله : ويملك الكفار أموال
المسلمين بالقهر أنهم لا يملكونها بغير ذلك
فلا يملكون ما شرد إليهم من الدواب أو أبق من
العبيد أو ألقته الريح إليهم من السفن وهو
إحدى الروايتين صححه في النظم قال في القواعد
الأصولية المذهب لا يملكونه
والرواية الثانية حكمه حكم ما أخذوه بالقهر
وهو المذهب قدمه في المغني والشرح والمحرر
والفروع والرعايتين والحاويين
الثالث مفهوم قوله : ويملك الكفار أموال
المسلمين أنهم لا يملكون الأحرار وهو صحيح فلا
يملكون حرا مسلما ولا ذميا بالاستيلاء عليه
ويلزم فداؤه لحفظه من الأذى
ونصه في الذمي إذا استعين به ومن اشتراه منهم
بنية الرجوع فله ذلك على الصحيح من المذهب
وقيل لا يرجع
وقال في المحرر فله عليه ثمنه دينا ما لم ينو
به التبرع فإن اختلفا في قدر ثمنه فوجهان
(4/117)
أطلقهما في
الفروع
قلت: الظاهر أن القول قول المشتري والصحيح من
المذهب أن القول قول الأسير لأنه غارم قطع به
في المغني والشرح ونصراه
واختار الآجري لا يرجع إلا أن يكون عادة
الأسرى وأهل الثغر فيشتريهم ليخلصهم ويأخذ ما
وزن لا زيادة فإنه يرجع
قوله : وما أخذ من دار الحرب من ركاز أو مباح
له قيمة فهو غنيمة
إذا كان مع الجيش وأخذ من دار الحرب ركازا
وحده أو بجماعة منهم لا يقدر عليه إلا بهم فهو
غنيمة وهو مراد المصنف
وأما إذا قدر عليه بنفسه كالمتلصص ونحوه فإنه
يكون له فهو كما لو وجده في دار الإسلام فيه
الخمس وهذا المذهب وخرج أنه غنيمة وتقدم ذلك
مستوفى في آخر باب زكاة الخارج من الأرض
واما ما أخذه من دار الحرب من المباح وله قيمة
كالصيود والصمغ والدارصيني والحجارة والخشب
ونحوها فالصحيح من المذهب أنه غنيمة مطلقا كما
قال المصنف
ونقل عبد الله إن صاد سمكا وكان يسيرا فلا بأس
به مما يبيعه بدانق أو قيراط وما زاد على ذلك
يرده في المغنم
وقال ابن رزين في مختصره وهدية مباح وكسب
طائفة غنيمة في الثلاثة وأن المأخوذ لا قيمة
له كالأقلام فهو لآخذه وإن صار له قيمة يقدر
ذلك بنقله ومعالجته نص عليه
وقاله المصنف والمجد وغيرهما
ويأتي في آخر الباب حكم من أخذ من الفدية أو
ما أهدي لأمير الجيش أو لبعض الغانمين
قوله : وتملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار
الحرب
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه
قال في القواعد الفقهية هذا المنصوص وعليه
أكثر الأصحاب وجزم به
في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر والشرح
والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وصححه في
النظم وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين
والحاويين وغيرهم
وقال في الانتصار وعيون المسائل وغيرهما لا
تملك إلا باستيلاء تام لا في فور الهزيمة
لالتباس الأمر هل هو حيلة أو ضعف وقاله في
البلغة وأنه ظاهر كلام أحمد
وقال القاضي لا تملك إلا بقصد التملك لا يملك
الأرض وتردد في الملك قبل القسمة هل هو باق
للكفار أو أن ملكهم انقطع عنها وقاله في
الفروع
(4/118)
وظاهر كلامه
تملك كشراء وغيره واختاره في الانتصار بالقصد
وقيل لا يستقر ملكها قبل الحيازة بدارنا
قوله : ويجوز قسمها فيها وكذا تبايعها
وهذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به في المغني والمحرر والشرح والوجيز
وغيرهم وقدمه في الفروع
وقيل لا يجوز ذلك فيهما وفي البلغة رواية لا
يصح قسمتها فيها
فائدة : لو أراد الأمير أن يشتري لنفسه منها
فوكل من لا يعلم أنه وكيله صح البيع وإلا حرم
نص عليه
ويأتي في آخر الباب إذا تبايعوا بعد قسمتها ثم
غلب عليها العدو هل تكون من مال المشتري أو
البائع
قوله : وهي لمن شهد الوقعة من أهل القتال قاتل
أو لم يقاتل وهذا بلا نزاع في الجملة
تنبيه ظاهر كلامه متى شهد الوقعة استحق سهمه
وهو صحيح وهو المذهب مطلقا
وقال الآجري لو حازوها ولم تقسم ثم انهزم قوم
فلا شيء لهم لأنها لم تصر إليهم حتى صاروا
عصاة
فائدة : يستحق أيضا من الغنيمة من بعثه الأمير
لمصلحة الجيش مثل الرسول والدليل والجاسوس
وأشباههم فيسهم لهم وإن لم يحضروا ويسهم أيضا
لمن خلفهم الأمير في بلاد العدو غزوا أو لم
يمر بهم فرجعوا نص عليه
قوله : من تجار العسكر وأجرائهم
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب
قال الإمام أحمد يسهم للمكاوي والبيطار
والحداد والخياط والإسكاف والصناع وهو من
المفردات
وذكر ابن عقيل في أسير وتاجر روايتين والإسهام
للتاجر من المفردات
وعنه لا يسهم لأجير الخدمة
وقال القاضي وغيره يسهم له إذا قصد الجهاد
وكذا قال في التاجر
(4/119)
وقال في الموجز
هل يسهم لتاجر العسكر وسوقه ومستأجر مع جند
كركابي وسائس أم يرضخ لهم فيه روايتان
وقال في الوسيلة ظاهر كلامه لا تصح النيابة
تبرعا أو بأجرة وقطع به ابن الجوزي
وأما المريض العاجز عن القتال فلا حق له هذا
المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
أكثرهم
وقال الآجري من شهد الوقعة ثم مرض أسهم له وإن
لم يقاتل وأنه قول أحمد
تنبيه قوله : والمخذل والمرجف
يعني لا حق لهما ولا لفرسهما فيها
قال الأصحاب ولو تركا ذلك وقاتلا ولا يرضخ لهم
لأنهم عصاة ولا يرضخ للعبد إذا غزا بغير إذن
سيده لأنه عاص
ولا شيء لمن يعين علينا عدونا ولا لمن نهاه
الإمام عن الحضور ولا لطفل ولا مجنون وكذا حكم
من هرب من كافرين ذكره في الروضة والرعايتين
والحاويين
ويسهم لمن منع من الجهاد لدينه فخالف أو منعه
الأب من جهاد التطوع فخالف صرح به في المغني
والشرح وغيرهما لأن الجهاد تعين عليه بحضور
الصف بخلاف العبد
قوله : والفرس الضعيف العجيف فلا حق له
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقيل يسهم له وهو رواية في الرعاية
وقال قلت: ومثله الهرم والضعيف والعاجز
وقال في التبصرة يسهم لفرس عجيف ويحتمل لا ولو
شهدها عليه
قوله : وإذا لحق مدد أو هرب أسير فأدركوا
الحرب قبل تقضيها أسهم لهم
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به
الأكثر
وقيل لا شيء لهما ذكره في الرعايتين والحاويين
تنبيه مفهوم قوله : وإن جاؤوا بعد إحراز
الغنيمة فلا شيء لهم
أنهم لو جاؤوا قبل إحراز الغنيمة وبعد تقضي
الحرب أنه يسهم لهم وهو أحد الوجهين وهو ظاهر
كلام الخرقي وقدمه الزركشي
وقيل لا يسهم لهم والحالة هذه وهو المذهب قدمه
في الفروع والرعاية في موضع وصححه في النظم
(4/120)
قال في الوجيز
يسهم للأسير والمددي إن أدركاها واختاره
القاضي
وقال في القاعدة الخامسة والثمانين إذا قلنا
تملك الغنيمة بمجرد الاستيلاء عليها فهل يشترط
الإحراز فيه وجهان
أحدهما لا يشترط وتملك بمجرد تقضي الحرب وهو
قول القاضي في المجرد ومن تابعه
والثاني يشترط وهو قول الخرقي وابن أبي موسى
كسائر المباحات ورجحه صاحب المغني
فعلى هذا لا يستحق منها إلا من شهد الإحراز
وعلى الأول اعتبر القاضي والأكثرون شهود إحراز
الوقعة وقالوا لا يستحق من لم يشهده
وفصل القاضي في الأحكام السلطانية بين الجيش
وأهل المدد فيستحق الجيش بحضور جزء من الوقعة
إذا كان تخلفهم لعذر ويعتبر في استحقاق المدد
بخلاف الحرب انتهى وأطلقهما في المغني والشرح
والكافي
فائدة : لو لحقهم مدد بعد إحراز الغنيمة لم
يستحقوا منها شيئا فلو لحقهم عدو فقاتل المدد
مع الجيش حتى سلموا بالغنيمة لم يستحقوا أيضا
منها شيئا لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابها لأن
الغنيمة في أيديهم وجدوها نقله الميموني
قوله : ثم يخمس الباقي فيقسم خمسه على خمسة
أسهم سهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه
وسلم يصرف مصرف الفيء
الصحيح في المذهب أن هذا السهم يصرف مصرف
الفيء وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع
وغيرهم وصححه في البلغة والنظم وغيرهما
قال الزركشي هذا المشهور
وعنه يصرف في المقاتلة وعنه يصرف في الكراع
والسلاح
وعنه يصرف في المقاتلة والكراع والسلاح
قال في الانتصار وهو لمن يلي بالخلافة بعده
ولم يذكر سهم الله وذكر مثله في عيون المسائل
وقال أبو بكر إذا أجرى ذلك على من قام مقام
أبي بكر وعمر من الأئمة جاز
وذكر الشيخ تقي الدين في الرد على الرافضي عن
بعض أصحابنا أن الله أضاف هذه الأموال إضافة
ملك كسائر أموال الناس ثم اختار قول بعض
العلماء إنها ليست ملكا لأحد بل أمرها إلى
الله والرسول ينفقها فيما أمره الله به
(4/121)
قوله : وسهم
لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب حيث
كانوا
هذا المذهب مطلقا سواء كانوا مجاهدين أو لا
وعليه الأصحاب وجزموا به
وقيل لا يعطون إلا من جهة الجهاد
قوله : {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ}
هذا المذهب جزم به الخرقي وصاحب الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والعمدة والوجيز وغيرهم
وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه في
البلغة والنظم وغيرهما
وعنه الذكر والأنثى فيه سواء قدمه ابن رزين في
شرحه وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر
والفروع
قوله : غنيهم وفقيرهم فيه سواء
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب
قال الزركشي هذا المشهور المعروف وهو ظاهر
كلام الخرقي وجزم به في
الهداية والمذهب والوجيز وغيرهم وقدمه في
الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم
وغيرهم
وقيل يختص به فقراؤهم واختاره أبو إسحاق بن
شاقلا
فوائد
إحداها : يجب تعميمهم وتفرقته بينهم حيثما
كانوا حسب الإمكان على الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب
فعلى هذا يبعث الإمام إلى عماله في الأقاليم
وينظر ما حصل من ذلك فإذا استوت الأخماس فرق
كل خمس فيمن قاربه وإن اختلفت أمر بحمل الفاضل
ليدفع إلى مستحقه
وقال المصنف الصحيح إن شاء الله أنه لا يجب
التعميم لأنه يتعذر أو يشق فلم يجب كالمساكين
والإمام ليس له حكم إلا في قليل من بلاد
الإسلام
فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده
قال الزركشي قلت: ولا أظن الأصحاب يخالفونه في
هذا انتهى
وقال في الانتصار يكفي واحد إن لم يمكنه
وقال في الرعاية وقيل بل سهم ذوي القربى من
الغنيمة والفيء في كل إقليم
وقيل ما حصل من مغزاه
(4/122)
وقيل يجوز
تفريق الخمس في جهة مغزاه وغيرها وإن كان
بينهما مسافة القصر ويأتي قريبا بأعم من هذا
الثانية لا شيء لمواليهم ولا لأولاد بناتهم
ولا لغيرهم من قريش
وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع حرمان
الموالي هنا فيه نظر لأن موالي القوم منهم
ولكنهم منعوا الزكاة لكونهم منهم فوجب أن
يعطوا من الخمس انتهى
الثالثة إذا لم يأخذوا سهمهم صرف في الكراع
والسلاح
قوله : وسهم لليتامى والفقراء
هذا المشهور في المذهب قاله في الفروع وجزم في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والكافي والبلغة
والمحرر والرعايتين والحاويين والوجيز وغيرهم
وقدمه في النظم
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب
وقيل يستحق منهم اليتيم الغني
قال الناظم وما هو ببعيد وإليه ميل المصنف
فوائد
إحداهما : اليتيم من لا أب له إذا لم يبلغ
الحلم.
قوله : وسهم للمساكين
يدخل معهم الفقراء بلا نزاع
الثانية يشترط في المستحقين من ذوي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل أن يكونوا
مسلمين وأن يعطوا كالزكاة بلا نزاع ويعم
بسهامهم جميع البلاد حسب الإمكان على الصحيح
من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع
والشرح وغيرهما
وتقدم كلام المصنف في بني هاشم وبني المطلب
وقال في الانتصار يكفي واحد واحد من الأصناف
الثلاثة ومن ذوي القربى إن لم يمكنه
واختار الشيخ تقي الدين إعطاء الإمام من شاء
منهم للمصلحة كالزكاة
واختار أيضا أن الخمس والفيء واحد يصرف في
المصالح
وذكر في رده على الرافضي أنه قول في مذهب أحمد
وأن عن أحمد ما يوافق ذلك فإنه جعل مصرف خمس
الركاز مصرف الفيء وهو تبع لخمس الغنائم وذكره
أيضا رواية
(4/123)
واختار ابن
القيم في الهدي القول الأول وهو أن الإمام
مخير فيهم ولا يبعد أنهم كالزكاة
الثالثة لو اجتمع في واحد أسباب كالمسكين
اليتيم استحق بكل واحد منهما لأنها أسباب
لأحكام فإن أعطاه ليتمه فزال فقره لم يعط
لفقره شيئا
قال في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة هذا
المشهور في المذهب
ولها نظائر تأتي في الوقف والمواريث وغيرهما
تنبيهان
أحدهما قوله : ثم يعطى النفل
وهو الزيادة على السهم لمصلحة مثل نفل بعثة
سرية تغير في البدأة والرجعة على ما تقدم وكذا
من جعل له الإمام جعلا
الثاني ظاهر قوله : ثم يعطى النفل ويرضخ لمن
لا سهم له
أن النفل والرضخ يكون إخراجهما بعد إخراج خمس
الغنيمة فيكونان من أربعة أخماسها وهو صحيح
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل الرضخ من أصل الغنيمة وحكاه النووي في
شرح مسلم عن أحمد ولم نره في كتب الأصحاب كذلك
وقيل من سهم المصالح
وقيل النفل والرضخ من أصل الغنيمة ذكره في
الرعايتين والحاويين
قوله : ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد
والنساء والصبيان
يرضخ للعبيد والنساء بلا نزاع والمدبر
والمكاتب كالقن بلا نزاع والخنثى كالمرأة على
الصحيح من المذهب
وقيل يعطى نصف سهم رجل ونصف الرضخ فإن انكشف
حاله فبان رجلا تمم له وهو احتمال للمصنف
وأطلقهما في النظم
ويرضخ للصبي إذا كان مميزا إلى البلوغ على
الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
وقيل لا يرضخ له إذا كان مراهقا وهو ظاهر ما
جزم به في البلغة
وقيل يرضخ أيضا لمن دون التمييز ذكره في
الرعاية
فائدتان
إحداهما : يرضخ للمعتق بعضه ويسهم له بحسابه
على الصحيح من المذهب واختاره أبو بكر وغيره
(4/124)
وقيل يرضخ له
فقط قدمه في الرعاية
قال المصنف وهو ظاهر كلام أحمد وأطلقهما في
النظم
الثانية قال الأصحاب يجوز التفضيل بين من يرضخ
لهم على ما يراه الإمام على قدر غناءهم ونفعهم
قوله : وفي الكافر روايتان
يعني هل يرضخ له أو يسهم وأطلقهما في الهداية
والخلاصة والمغني والشرح والكافي والإرشاد
إحداهما : يرضخ له قال في الفروع اختاره جماعة
وجزم به في الوجيز وقدمه في المذهب ومسبوك
الذهب والمحرر والرعايتين والحاويين وصححه في
النظم
والأخرى يسهم له وهي المذهب وعليها أكثر
الأصحاب
قال الزركشي هي أشهر الروايتين واختارها
الخلال والخرقي وأبو بكر والقاضي والشريف أبو
جعفر وابن عقيل والشيرازي وغيرهم ونصرها
المصنف والشارح
قال ابن منجا في شرحه هذه أصح الروايات وجزم
به ناظم المفردات وهي منها وقدمها في الفروع
قال في البلغة يسهم له في أصح الروايتين
تنبيهات
أحدها قال الزركشي وقول الخرقي غزا معنا لم
يشترط أن يكون بإذن الإمام وشرط ذلك الشيخان
وأبو الخطاب انتهى
واختاره في المذهب ومسبوك الذهب والرعاية
الكبرى وظاهر كلامه في الرعاية الصغرى
والحاويين كالخرقي
الثاني يستثنى من قوله : ولا يبلغ بالرضخ
للراجل سهم راجل وللفارس سهم فارس العبد إذا
غزا على فرس سيده فإنه يؤخذ للفارس سهمان كما
قاله المصنف بعد ذلك وقاله الخرقي وصاحب
المحرر والفروع وغيرهم لكن يشترط أن لا يكون
مع سيده فرسان
قلت: ويتوجه أن يلحق به الكافر إذا غزا على
فرس ولم أره
الثالث مفهوم قوله : فإن تغير حالهم قبل تقضي
الحرب أسهم لهم أنه إذا تغير حالهم بعد تقضي
الحرب لا يسهم لهم فيشمل صورتين
إحداهما : أن تتغير أحوالهم بعد تقضي الحرب
وقبل إحراز الغنيمة فهذه الصورة فيها وجهان
(4/125)
أحدهما وهو
مفهوم كلام المصنف هنا أنه لا يسهم لهم وهو
المذهب وهو ظاهر كلامه في الوجيز واختاره
القاضي وقدمه في الفروع والرعاية في موضع
والثاني يسهم لهم وهو ظاهر كلام المصنف في
قوله: وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء
لهم كما تقدم
وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الشرح وتقدم
نظير هذا قريبا عند قوله: وإذا لحق مددي أو
هرب أسير لكن كلامه هنا في تغير حال من يرضخ
له بخلاف الأول
الصورة الثانية أن تتغير أحوالهم بعد إحراز
الغنيمة فلا يسهم لهم قولا واحدا
تنبيه قول المصنف ولو غزا العبد على فرس لسيده
فسهم الفرس مقيد بأن لا يكون مع سيده فرسان
فإن كان معه فرسان غير فرس العبد لم يسهم لفرس
العبد كما تقدم والإسهام لفرس العبد من
المفردات
قوله : ثم يقسم باقي الغنيمة للراجل سهم
وللفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه
وهذا بلا نزاع في الجملة وتقدم أنه يسهم لمن
بعثه الإمام لمصلحة الجيش أو خلفه في أرض
العدو وإن لم يشهد القتال
قوله : إلا أن يكون فرسه هجينا أو برذونا
فيكون له سهم
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال في الفروع اختاره الأكثر
قلت: منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي والشريف
أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي
وابن عقيل وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم
والفروع
قال في الإرشاد هذا أظهر وجزم به في العمدة
والمنور ومنتخب الأدمى والإيضاح
قال الخلال تواترت الروايات عن أحمد في إسهام
البرذون أنه سهم واحد
وعنه له سهمان كالعربي اختارها الخلال وقال
روى عنه ثلاثة متيقظون أنه يسهم للبرذون سهم
العربي وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه أطلق أن
للفارس ثلاثة أسهم وقدمه في الرعاية الصغرى
والحاويين وأطلقهما في المنور والشرح
وعنه له سهمان إن عمل كالعربي ذكرها أبو بكر
واختارها الآجري وقدمه في الرعاية الكبرى
وعنه لا يسهم له أصلا ذكرها القاضي وأطلقهن في
البلغة والزركشي
فائدة : الهجين من أمه غير عربية وأبوه عربي
وعكسه المقرف والبرذون من أبواه غير عربيين
والعربي من أبواه عربيان ويسمى العتيق
(4/126)
قوله : ولا
يسهم لأكثر من فرسين
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به
الأكثر
وقيل يسهم لثلاثة جزم به في التبصرة والإسهام
لفرسين أو ثلاثة من مفردات المذهب
قوله : ولا يسهم لغير الخيل
هذا المذهب وجزم به في العمدة والوجيز والمنور
ومنتخب الأزجي وغيرهم قال ابن منجا في شرحه
هذا المذهب
قال في تجريد العناية لا يسهم لبعير على
الأظهر واختاره أبو الخطاب في الهداية والمصنف
في المغني والشارح وغيرهم وقدمه في البلغة
والمحرر والنظم والفروع
وقال الخرقي ومن غزا على بعير لا يقدر على
غيره قسم له ولبعيره سهمان
وهو رواية عن أحمد نقلها الميموني واختاره ابن
البنا في خصاله وقدمه ناظم المفردات وهو منها
وعنه يسهم له مطلقا نص عليه في رواية مهنا
واختاره أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب
في خلافيهما وجزم به في الإرشاد وابن عقيل في
التذكرة
قال أبو الخطاب في الهداية فإن كان على بعير
فقال أصحابنا له سهمان سهم له وسهم لبعيره
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في
الرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وهن أوجه
مطلقات في المذهب ومسبوك الذهب
فعلى القول بأنه يسهم له يكون له سهم بلا نزاع
ولبعيره سهم على الصحيح من المذهب
قال الزركشي هو قول العامة
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم أنه كفرس
وقال القاضي في الأحكام السلطانية إن حكم
البعير في الإسهام حكم الهجين وهو مقتضى كلام
المصنف في المغني
فائدة : من شرط الإسهام للبعير أن يشهد عليه
الوقعة وأن يكون مما يمكن القتال عليه فلو كان
ثقيلا لا يصلح إلا للحمل لم يستحق شيئا قاله
المصنف والشارح
تنبيه شمل قوله : ولا يسهم لغير الخيل
الفيل وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير
الأصحاب
وقال القاضي في الأحكام السلطانية حكم الفيل
حكم البعير
وقال الزركشي وهو حسن وهو من مفردات المذهب
(4/127)
قال في الخلاصة
وفي البعير والفيل روايتان
وقال في الفروع وقيل كبعير وقيل سهم هجين
انتهى
قلت: لو قيل سهم للفيل كالعربي لكان متجها
فائدة : لا يسهم للبغال ولا للحمير بلا نزاع
وذكر القاضي في ضمن مسألة البعير أن أحمد قال
في رواية الميموني ليس للبغل إلا النفل
قال الشيخ تقي الدين هذا صريح بأن البغل يجوز
الرضخ له وهو قياس الأصول والمذهب فإن الذي
ينتفع به ولا يسهم له كالمرأة والصبي والعبد
يرضخ لهم كذلك الحيوان الذي ينتفع به ولا يسهم
له كالبغال والحمير يرضخ لها
قال العلامة ابن رجب إنما قال أحمد البغل
للثقل يعني أنه لا يعد للركوب في القتال بل
لحمل الأثقال فتصحف الثقل بالنفل ثم زيد فيه
لفظة ليس وإلا
قوله : ومن دخل دار الحرب راجلا ثم ملك فرسا
أو استعاره أو استأجره وشهد به الوقعة فله سهم
فارس
يسهم للفرس المستعارة أو المستأجرة بلا نزاع
فسهم الفرس المستأجرة للمستأجر بلا نزاع وسهم
الفرس المستعارة للمستعير على الصحيح من
المذهب قدمه في المغني والشرح والفروع
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وجزم به
ناظم المفردات وهو منها ذكره في الفروع في باب
العارية وعنه سهمه للمعير
فائدة : لو غزا على فرس حبيس استحق سهمه جزم
به في المغني والشرح والرعايتين والحاويين
والفروع وذكره في باب العارية
تنبيه ظاهر قوله : وإن دخل فارسا فنفق فرسه أي
مات أو شرد حتى تقضى الحرب فله سهم راجل
أنه لو صار فارسا بعد تقضي الحرب وقبل إحراز
الغنيمة أن له سهم راجل وهو صحيح لأنه أناط
الحكم بتقضي الحرب وهو المذهب اختاره القاضي
ونصره المصنف والشارح وقدمه في الفروع
وقيل له سهم فارس والحالة هذه
قال الخرقي الاعتبار بحال إحراز الغنيمة فإن
أحرزت الغنيمة وهو راجل فله سهم راجل وإذا
أحرزت وهو فارس فله سهم فارس
قال الشارح فيحتمل أنه أراد بحيازة الغنيمة
الاستيلاء عليها فيكون كالأول ويحتمل أن يكون
أراد جمع الغنيمة وضمها وإحرازها
(4/128)
قال الزركشي
هذا المعتمد أصلا وهو أن الغنيمة تملك
بالإحراز على ظاهر كلام الخرقي لأن به يحصل
تمام الاستيلاء
فعلى هذا إذا جاء مدد بعد ذلك أو انفلت أسير
فلا شيء له وإن وجد قبل ذلك شاركهم
وعن القاضي أن الغنيمة تملك بانقضاء الحرب وإن
لم تحرز الغنيمة انتهى
وتقدم ذلك قريبا فيما إذا لحق مدد وفيما إذا
تغير حالهم قبل تقضي الحرب
ومفهوم كلام المصنف مختلف وظاهر كلام الشارح
الفرق بين ذينك الموضعين وبين هذا الموضع
قوله : وإن غصب فرسا فقاتل عليه فسهم الفرس
لمالكه
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الأصحاب
وهو من المفردات وجزم به في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والشرح
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في
الرعاية الكبرى قال ويحتمل أن سهمه لغاصبه
وعليه أجرته لربه
ويأتي إذا غصب فرسا وكسب عليه في الشركة
الفاسدة وفي الغصب وفي كلام المصنف
وتأتي هذه المسألة أيضا في كلام المصنف في باب
الغصب
تنبيه أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أنه يسهم
للفرس المغصوبة وهو صحيح وهو المذهب وعليه
الأصحاب
وقيل لا رضخ لها ولا سهم قال في الرعاية
الكبرى وهو بعيد
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه يسهم لها ولو كان
غاصبها من أصحاب الرضخ وهو صحيح قدمه في
الرعايتين والحاويين
وقيل بل يرضخ لها وأطلقهما في المغني والشرح
وقيل لا يسهم لها ولا يرضخ كما تقدم
وقال في الفروع في باب العارية وسهم فرس مغصوب
كصيد جارح مغصوب
وقال في باب الغصب إذا صاد بالجارح هل يرد
صيده أو أجرته أو هما ثلاثة أوجه وأطلقهن
فائدة : ليس للأجير لحفظ الغنيمة ركوب دابة من
الغنيمة إلا بشرط
قوله : وإذا قال الإمام من أخذ شيئا فهو له أو
فضل بعض الغانمين على بعض لم يجز في إحدى
الروايتين
(4/129)
وإذا قال
الإمام من أخذ شيئا فهو له ففي جوازه روايتان
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع
إحداهما : لا يجوز مطلقا وهو المذهب وصححه في
التصحيح وابن منجا في شرحه وجزم به في الوجيز
والثانية يجوز مطلقا وقيل يجوز لمصلحة وإلا
فلا صححه في الرعايتين والحاويين وحكياه رواية
قلت: وهو الصواب ونقل أبو طالب وغيره إن بقي
ما لا يباع ولا يشترى فهو لمن أخذه
فائدة : لو ترك صاحب القسم شيئا من الغنيمة
عجزا عن حمله فقال الإمام من أخذ شيئا فهو له
فهو لمن أخذه نص عليه أحمد
وسئل عن قوم غنموا غنائم كثيرة فتبقى جزء من
المتاع مما لا يباع ولا يشترى فيدعه الوالي
بمنزلة الفخار وما أشبهه أيأخذه الإنسان لنفسه
قال نعم إذا ترك ولم يشتر
ونقل أبو طالب في المتاع لا يقدرون على حمله
إذا حمله يقسم
قال الخلال لا أشك أن احمد قال هذا أو لا ثم
تبين له بعد ذلك أن للإمام أن يبيحه
الثانية لو أخذ ما لا قيمة له في أرضهم كالمسن
والأقلام والأدوية كان له وهو أحق به وإن صار
له قيمة بمعالجته أو نقله نص أحمد على نحوه
وقاله في المغني والشرح وغيرهما
وتقدم بعض ذلك في آخر الباب الذي قبله في جواز
الأكل
وأما إذا فضل بعض الغانمين على بعض فأطلق
المصنف في جوازه روايتين وأطلقهما ابن منجا في
شرحه ومحلهما إذا كان لمعنى في المعطى
كالشجاعة ونحوها
فإن كان لا لمعنى له فيه لم يجز قولا واحدا
وإن كان لمعنى فيه ولم يشرطه وهي مسألة المصنف
فالصحيح من المذهب جواز ذلك جزم به في المغني
والكافي والشرح وقدمه في الفروع والرعايتين
والحاويين
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز
وصححه في التصحيح وتقدم التنبيه على ذلك في
الباب الذي قبله عند ذكر النفل
قوله : ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من
العبيد والكفار فليس له إلا الأجرة
اعلم أنه إذا استؤجر من لا يلزمه الجهاد فظاهر
كلام المصنف هنا صحة الإجارة وهو إحدى
الروايتين وقدمه في الشرح
قال في الرعايتين والحاويين وإن استؤجر من لا
يلزمه بحضوره كعبد وامرأة صح في
(4/130)
الأظهر وإن
استأجر الإمام كافرا صح على الأصح
وجزم في القواعد الأصولية بصحة إجارة الكافر
للجهاد وقال وبناه بعضهم على أنهم هل هم
مخاطبون بفروع الإسلام أم لا
وقال في الترغيب يصح استئجار الإمام لأهل
الذمة عند الحاجة
وقال في البلغة ولا يصح استئجار غير الإمام
لهم انتهى
وعنه لا تصح الإجارة قدمه في الفروع واختاره
القاضي في التعليق وهو ظاهر كلام الخرقي
وحمل القاضي كلام الإمام أحمد والخرقي على
الاستئجار لخدمة الجيش
فعلى الأولى ليس لهم إلا الأجرة كما جزم به
المصنف هنا وجزم به الخرقي وصاحب الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والبلغة وغيرهم
قال في الفروع فلا يسهم لهم على الأصح
قال الشارح نص عليه في رواية جماعة وقدمه في
الرعايتين والحاويين وغيرهم
وعنه يسهم لهم اختاره الخلال وأبو بكر عبد
العزيز ذكره الزركشي وأطلقهما
وعنه يسهم للكافر وقيل يرضخ لهم
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن من يلزمه الجهاد من
الرجال الأحرار لا تصح إجارتهم وهو صحيح وهو
المذهب اختاره القاضي في التعليق وغيره وجزم
به في المذهب وغيره وقدمه في الفروع
والرعايتين والحاويين والمغني والشرح
وعنه تصح وهو ظاهر ما ذكره الخرقي وإليه ميل
المصنف في المغني وحمله القاضي على ما تقدم
تنبيه محل الخلاف في ذلك إذا لم يتعين عليه
فإن تعين عليه ثم استؤجر لم يصح قولا واحدا
صرح به في الرعاية وغيرها وحمل المصنف كلام
الخرقي عليه
فعلى المذهب يرد الأجرة ويسهم لهم
وعلى الثانية لا يسهم لهم على الصحيح
وعنه يسهم لهم اختاره الخلال وصاحبه ذكره
الزركشي
قال في الرعاية وعنه يسهم له إذا حضر القتال
مع الأجرة
قوله : ومن مات بعد انقضاء الحرب فسهمه لوارثه
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونص عليه
قال في القاعدة الثامنة عشر لو مات أحدهم قبل
القسمة والاختيار المنصوص أن حقه
(4/131)
ينتقل إلى
ورثته وظاهر كلام القاضي أنه موافق على ذلك
وقال في البلغة ولم أجد لأصحابنا في هذا الفرع
خلافا والذي يقوى عندي أنا متى قلنا لم
يملكوها وإنما لهم حق التملك أن لا يورث فإن
التوريث يذكر على الوجه الثاني وفروعه
بالإبطال فإن من اختار جعلهم كالشفيع
وقال في الترغيب إن قلنا لا يملك بدون
الاختيار فمن مات قبله فلا شيء له ولا يورث
عنه كحق الشفعة
ويحتمل على هذا أن يقال يكتفي بالمطالبة في
ميراث الحق كالشفعة
تنبيه ظاهر كلام المصنف أن الميت يستحق سهمه
بمجرد انقضاء الحرب سواء أحرزت الغنيمة أم لا
ويقتضيه كلام القاضي قاله في الشرح وقدمه في
الفروع وقال بعد ذلك ووارث كمورثه نص عليه
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يستحق قبل حيازة
الغنيمة لأنه مات قبل ثبوت ملك المسلمين عليها
واقتصر عليه الزركشي وقدمه في الشرح وجزم به
في المغني ونصره
قوله : وإذا قسمت الغنيمة في أرض الحرب
فتبايعوها ثم غلب عليها العدو فهي من مال
المشتري في إحدى الروايتين اختارها الخلال
وصاحبه
وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد وصححه
في التصحيح والنظم
وقال في الخلاصة فهي من مال المشتري على الأصح
واختاره القاضي وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن
عبدوس وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد
الرواية الأخرى من مال البائع اختارها الخرقي
وجزم به في الإرشاد وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والشرح والمحرر والزركشي
والقواعد
تنبيه قيد المصنف في المغني الخلاف بما إذا لم
يحصل تفريط من المشتري اما إذا حصل منه تفريط
مثل ما إذا خرج بما اشتراه من المعسكر ونحوه
فإنه من ضمانه وتبعه في الشرح والظاهر أنه
مراد من أطلق
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنهم لو تبايعوا شيئا
من غير الغنيمة أنه من ضمان المشتري قولا
واحدا وهو صحيح
قال الزركشي وهو الذي ذكره الخرقي والشيخان
وأبو الخطاب ونصوص أحمد إنما وردت في ذلك
قال وظاهر كلام القاضي في كتابه الروايتين أن
المسألتين حكمهما واحد وإنما الخلاف جار فيهما
فإنه ترجم المسألة فيما إذا تبايع نفسان في
دار الحرب وتقابضا
(4/132)
وعلل رواية
الضمان على البائع بانه إذا كانت حال خوف
فالقبض غير حاصل بدليل ما لو ابتاع شيئا في
دار الإسلام وسلمه في موضع فيه قطاع طريق لم
يكن ذلك قبضا صحيحا ويتلف من مال البائع فكذلك
هنا
وهذه الترجمة والتعليل يشمل الغنيمة وغيرها
انتهى
قال في القاعدة الحادية والخمسين خص أكثر
الأصحاب الخلاف بمال الغنيمة وحكى ابن عقيل في
تبايع المسلمين أموالهم بينهم بدار الحرب إذا
غلب عليها العدو قبل قبضه وجهين كمال الغنيمة
وأما ما بيع في دار الإسلام في زمن نهب ونحوه
فمضمون على المشتري قولا واحدا ذكره كثير من
الأصحاب كشراء ما يغلب على الظن هلاكه
قوله : ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها
حق أو لولده أدب ولم يبلغ به الحد وعليه مهرها
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في
المغني والشرح والزركشي وغيرهم
وقال القاضي يسقط عنه من المهر بقدر حصته
كالجارية المشتركة ورده المصنف والشارح
قوله : إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها
وتصير أم ولد له
إذا أولد جارية من المغنم له فيها حق أو لولده
لم يلزمه إلا قيمتها فقط على الصحيح من المذهب
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر
والفروع والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
وهو ظاهر كلام الخرقي والمصنف هنا
وعنه يضمن قيمتها ومهرها أيضا
قال الزركشي ولعل مبناهما على أن المهر هل يجب
بمجرد الإيلاج فيجب المهر أو لا يجب إلا بتمام
الوطء وهو النزع فلا يجب لأنه إنما تم وهي في
ملكه انتهى
وعنه يضمن قيمتها أو مهرها وولدها
وقال في الرعاية وقيل ولزمه منه ما زاد على
حقه منها وإن رجعت له لم يرد إليه مهرها انتهى
قال القاضي إذا صار نصفها أم ولد يكون الولد
كله حرا وعليه قيمة نصفه
وحكى أبو بكر رواية أنه لا يلزمه قيمة الولد
ذكره في الشرح وغيره
قوله : وتصير أم ولد
هذا المذهب المنصوص عن أحمد وعليه أكثر أصحابه
(4/133)
وقال القاضي في
خلافه لا تصير مستولدة له وإنما يتعين حقه
فيها لأن حملها بحر يمنع بيعها وفي تأخير
قسمها حتى تضع ضرر على أهل الغنيمة فوجب
تسليمها إليه من حقه
قال في القواعد الفقهية وهو بعيد جدا
وقال القاضي أيضا إن كان معسرا حسب قدر حصته
من الغنيمة فصارت أم ولد وباقيها رقيق
للغانمين نقله الزركشي
ولأبي الخطاب في انتصاره طريقة أخرى وهي أن لا
ينفذ استيلاؤها لشبهة الملك فيها وأن ينفذ
إعتاقها كما ينفذ استيلاء الابن في أمة أبيه
دون إعتاقها وهو ظاهر ما ذكره صاحب المحرر
وحكى في تعليقه على الهداية احتمالا آخر
بالفرق بين أن تكون الغنيمة جنسا واحدا أو
أجناسا كما ذكره في العتق انتهى
قوله : ومن أعتق منهم عبدا عتق عليه قدر حقه
وقوم عليه باقيه إن كان موسرا وكذلك إن كان
فيهم من يعتق عليه
وهذا المذهب فيهما وعليه أكثر الأصحاب ونص
عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني
والمحرر والشرح والفروع وغيرهم واختاره القاضي
في المجرد
وقال القاضي في خلافه لا يعتق حتى يسبق تملكه
لفظا
ووافق أبو الخطاب في انتصاره القاضي لكنه أثبت
الملك بمجرد قصد التملك
وقال في الإرشاد لو أعتق جارية قبل القسمة لم
تعتق فإن حصلت له بعد ذلك بالقسمة عتقت إن
كانت قدر حقه وإلا قوم عليه الباقي إن كان
موسرا وإلا عتق قدر حقه انتهى
وقال المجد في المحرر وعندي إن كانت الغنيمة
جنسا واحدا فكالمنصوص وإن كانت أجناسا فكقول
القاضي
وقال في البلغة إذا وقع في الغنيمة من يعتق
على بعض الغانمين فهل يعتق عليه فيه ثلاث
روايات
الثالثة يكون موقوفا إن تعين سهمه في الرقيق
عتق عليه وإلا فلا
قوله : والغال من الغنيمة يحرق رحله سواء كان
ذكرا أو أنثى مسلما أو ذميا إلا السلاح
والمصحف والحيوان
وكذا نفقته يعني يجب حرق ذلك وهذا المذهب
وعليه جماهير الأصحاب وهو من مفردات المذهب
ولم يستثن الخرقي والآجري من التحريق إلا
المصحف والدابة وقال هو قول أحمد
(4/134)
واختار الشيخ
تقي الدين وبعض الأصحاب المتأخرين أن تحريق
رجل الغال من باب التعزير لا الحد فيجتهد
الإمام بحسب المصلحة
قال في الفروع وهذا أظهر
قلت: وهو الصواب
تنبيهان
أحدهما مراده بالحيوان الحيوان بآلته من سرج
ولجام وحبل ورحل وغير ذلك نص عليه وقاله
الأصحاب قال في الرعاية وعلفها
الثاني ظاهر كلام المصنف أنه يحرق كتب العلم
وثيابه التي عليه وهو أحد الوجهين اختاره
الآجري والصحيح من المذهب أنهما لا يحرقان
قال في الفروع والأصح لا يحرق كتب علم وثيابه
التي عليه وقدمه في الرعايتين والحاويين
وجزم في المغني والشرح أن ثيابه التي عليه لا
تحرق وقال في كتب العلم والحديث ينبغي أن لا
تحرق انتهيا
وقيل تحرق ثيابه إلا ما يستر عورته فقط وجزم
به في المنور والنظم
قال في البلغة إلا المصحف والحيوان وثياب
سترته
فوائد
الأولى ما لم تأكله النار يكون لربه وكذا ما
استثنى من التحريق على الصحيح من المذهب
وقيل يباع المصحف ويتصدق به وهما احتمالان في
المغني والشرح
الثانية ظاهر كلام المصنف أنه يستحق سهمه من
الغنيمة وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع
والمغني والشرح ونصراه وصححه في النظم
وعنه يحرم سهمه اختاره الآجري وجزم به ناظم
المفردات وهو منها وقدمه في الرعايتين
والحاويين وأطلقهما في المحرر والقواعد
الفقهية
الثالثة يؤخذ ما غله من المغنم فإن تاب قبل
القسمة رد للمغنم وإن تاب بعد القسمة رد خمسه
للإمام وتصدق بالباقي نص عليه
وقال الآجري يأتي به الإمام فيصرفه في مصالح
المسلمين
قلت: وهو الصواب
الرابعة يشترط لإحراق رحله أن يكون الغال حيا
نص عليه حرا مكلفا ولو كان ذميا أو
(4/135)
امرأة صرح به
المصنف والشارح وغيرهما وهو ظاهر الفروع
قال في الفروع والمراد ملزما ذكره الآدمي
البغدادي وصاحب الوجيز
وقال في الرعاية مسلما
ويشترط أيضا أن لا يكون باعه ولا وهبه على
الصحيح من المذهب قدمه في الفروع
وقيل يحرق بعد البيع والهبة أيضا وهما
احتمالان مطلقان في المغني والشرح وبنياهما
على صحة البيع وعدمه فإن صح البيع لم يحرق
وإلا حرق وأطلقهما في القواعد الفقهية
الخامسة يعزر الغال أيضا مع إحراق رحله بالضرب
ونحوه لكن لا ينفي نص عليه
تنبيهان
أحدهما ظاهر كلام المصنف وغيره أن السارق من
الغنيمة لا يحرق رحله وهو صحيح وهو المذهب وهو
ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقدمه في الفروع
والرعايتين والحاويين
وقيل حكمه حكم الغال جزم به في التبصرة وأنه
سواء كان له سهم أو لا
الثاني ظاهر كلام المصنف أيضا أن من ستر على
الغال أو أخذ منه ما أهدي له منها أو باعه
أمامه أو حاباه لا يكون غالا وهو صحيح وهو
المذهب وعليه الأصحاب إلا الآجري فإنه قال هو
غال أيضا
الثالث لو غل عبد أو صبي لم يحرق رحلهما بلا
نزاع
قوله : وما أخذ من الفدية أو أهداه الكفار
لأمير الجيش أو بعض قواده فهو غنيمة بلا خلاف
نعلمه
فأما ما أهداه الكفار لأمير الجيش أو بعض
قواده فلا يخلو إما أن يهدى في أرض الحرب أو
لا فإن أهدى في دار الحرب فهو غنيمة على
الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف وجزم به
في الوجيز والهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة وغيرهم وقدمه في الفروع والمستوعب
والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
وعنه هو لمن أهدي له
وعنه هو فيء اختاره القاضي في الأحكام
السلطانية وجزم به ابن عقيل في تذكرته
وإن أهدى من دار الحرب إلى دار الإسلام فقيل
هو لمن أهدى له جزم به في المغني والشرح
ونصراه وقيل هو فيء
فائدتان
إحداهما : إذا أهدى لبعض الغانمين في دار
الحرب فقيل هو غنيمة وهو الصحيح من المذهب
اختاره القاضي وقدمه في الفروع وجزم به في
المستوعب
(4/136)
وعنه يكون لمن
أهدى له قدمه في المغني والشرح وأطلقهما في
الرعاية الكبرى
وقيل إن كان بينهما مهاداة فله وإلا فغنيمة
وهو احتمال في المغني والشرح
وإن كان أهدي إليه في دار الإسلام فهو له
الثانية لو أسقط بعض الغانمين حقه ولو كان
مفلسا فهو للباقين وفي الشفعة وجهان وأطلقهما
في الفروع
قلت: الأولى أنه يسقط ملك المتملك وفي ملكه
بتملكه قبل القسمة وجهان وأطلقهما في الفروع
قال القاضي لا يملكون قبل القسمة وإنما يملكون
إن تملكوا
وقال أيضا لأن الغنيمة إذا قسمت بينهم لم يملك
حقه منها إلا بالاختيار وهو أن يقول اخترت
تملكها فإذا اختاره ملكه حقه
قال الشيخ تقي الدين وهذا ليس بصحيح
قلت: وهو الصواب
وإن أسقط كل من الغانمين حقه فهو فيء
(4/137)
باب حكم الأرضين المغنومة
قوله : أحدها ما فتح عنوة وهي ما أجلي عنها
أهلها بالسيف فيخير الإمام بين قسمتها
كمنقول ولا خراج عليها بل هي أرض عشر
ووقفها للمسلمين بلفظ يحصل به الوقف
هذا المذهب بلا ريب قاله في الفروع وغيره
وعليه أكثر الأصحاب
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب
زاد في المغني والشرح أو يتركها للمسلمين
بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر بيده من مسلم أو ذمي
بلا أجرة وتخيير الإمام في الأرض التي فتحت
عنوة بين قسمتها وبين دفعها من مفردات المذهب
وعنه تقسم بين الغانمين كالمنقول
وعنه أنها تصير وقفا بنفس الاستيلاء عليها ولا
يعتبر لها التلفظ بالوقف بل تركه لها من غير
قسمة وقف لها كما لو قسمها بين الغانمين لا
يحتاج معه إلى لفظ وتصير أرض عشر وأطلقهن في
الرعايتين والحاويين
(4/137)
تنبيه قوله :
في الرواية الأولى والثانية كالمنقول قاله
المجد في المحرر وصاحب الفروع وجماعة
قال الشيخ تقي الدين إذا قسم الإمام الأرض بين
الغانمين فمقتضى كلام المجد وغيره أنه يخمسها
حيث قالوا كالمنقول قال وعموم كلام أحمد
والقاضي وقصة خيبر تدل على أنها لا تخمس لأنها
فيء وليست بغنيمة لأن الغنيمة لا توقف والأرض
إن شاء الإمام وقفها وإن شاء قسمها كما يقسم
الفيء وليس في الفيء خمس ورجح ذلك
وقال الشيخ تقي الدين لو جعلها الإمام فيئا
صار ذلك حكما باقيا فيها دائما وأنها لا تعود
إلى الغانمين ويأتي ذلك في كتاب البيع
فائدتان
إحداهما : حيث قلنا للإمام الخيرة فأنه يلزمه
فعل الأصلح كالتخيير في الأسارى قاله الأصحاب
وقال القاضي في المجرد أو يملكها لأهلها أو
غيرهم بخراج
قال في الفروع فدل كلامهم أنه لو ملكها بغير
خراج لم يجز
الثانية قال المصنف في المغني ومن تبعه ما
فعله الإمام من وقف وقسمة ليس لأحد نقضه
وقال أيضا في المغني في البيع إن حكم بصحته
حاكم صح بحكمه كالمختلفات وكذا بيع الإمام
للمصلحة لأن فعله كالحكم
قوله : الثاني ما جلا عنها أهلها خوفا فتصير
وقفا بنفس الظهور عليها
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في المغني والمحرر والشرح والفروع
وغيرهم
وعنه حكمها حكم العنوة قياسا عليها فلا تصير
وقفا حتى يقفها الإمام
وقيل حكمها حكم الفيء المنقول
قوله : الثالث ما صولحوا عليه وهو ضربان
أحدهما أن يصالحهم على أن الأرض لنا ويقرها
معهم بالخراج فهذه تصير وقفا أيضا
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تصير وقفا
بوقف الإمام كالتي قبلها وتكون قبل وقفها كفيء
منقول
فائدة : هذه الدار والتي قبلها دار إسلام فيجب
على ساكنها من أهل الذمة الجزية ونحوها
(4/138)
ولا يجوز إقرار
أهلها على وجه الملك لهم ذكره القاضي في
الجامع الصغير وقدمه في الرعايتين والحاويين
وذكر القاضي في المجرد للإمام أن يقر الأرض
ملكا لأهلها وعليهم الجزية وعليها الخراج لا
يسقط بإسلامهم
قال في الحاوي الكبير وهذا أصح عندي
قوله : الثاني أن يصالحهم على أنها لهم ولنا
الخراج عنها فهذه ملك لهم
هذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر
الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر
والوجيز والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في
الفروع
وقيل يمنعون من إحداث كنيسة وبيعة
وقال في الترغيب إن أسلم بعضهم أو باعوا الملك
من مسلم منعوا إظهاره
قوله : خراجها كالجزية إن أسلموا سقط عنهم
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به في
المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
والمحرر وغيرهما وصححه في الرعايتين والحاويين
وغيرهما
وعنه لا تسقط بإسلام ولا غيره نقلها حنبل
لتعلقها بالأرض كالخراج الذي ضربه عمر وجزم به
في الترغيب
تنبيه مفهوم قوله : وإن انتقلت: إلى مسلم فلا
خراج عليه
أنها لو انتقلت: إلى ذمي من غير أهل الصلح أن
عليه الخراج وهو المذهب وقدمه في الفروع
وقيل لا خراج عليها وأطلقهما في المحرر
والرعايتين والحاويين
قوله : والمرجع في الجزية والخراج إلى اجتهاد
الإمام من الزيادة والنقصان
هذا المذهب وعليه اكثر الأصحاب
قال الخلال نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه
الله
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب واختيار
الخلال وعامة شيوخنا
قال في الهداية اختاره الخلال وعامة أصحابنا
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع
والمحرر والرعايتين والحاويين وشرح ابن منجا
وعنه تجوز الزيادة دون النقص قال الزركشي وعنه
تجوز الزيادة دون النقص اختاره أبو بكر
(4/139)
وقال ابن أبي
موسى لا يجوز النقص عن الدينار بحال وتجوز
الزيادة قال وهذا قول غير الرواية انتهى
وعنه تجوز الزيادة والنقص في الخراج خاصة ولا
تجوز في الجزية اختاره الخرقي والقاضي في
روايته وقال نقله الجماعة قال في المحرر
والحاويين وهو أصح
وذكر في الواضح رواية يجوز النقص في الجزية
فقط
وعنه يرجع إلى اجتهاد الإمام في الجزية
والخراج إلا أن جزية أهل اليمن دينار اختاره
أبو بكر
وعنه يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا
يزاد عليه ولا ينقص منه
وأطلق الروايتين الأولى وهذه في البلغة
ويأتي حد الغني والمتوسط والفقير في باب عقد
الذمة في كلام المصنف
قوله : وقدر القفيز ثمانية أرطال يعني بالمكي
فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي
هذا الصحيح قدمه في الشرح وقال نص عليه
واختاره القاضي
وقال أبو بكر قيل إن قدره ثلاثون رطلا
وقدم في المحرر أن قدره ثمانية أرطال بالعراقي
وقدمه في الرعايتين والحاويين وقالوا نص عليه
قال ابن منجا في شرحه المنقول عن أحمد رحمه
الله تعالى أنه ثمانية أرطال ففسره القاضي
بالمكي
فائدتان
الأولى هذا القفيز قفيز الحجاج وهو صاع عمر
رضي الله عنه نص عليه والقفيز الهاشمي مكوكان
وهو ثلاثون رطلا عراقية
الثانية مما قدره عمر على جريب الزرع درهمان
وقفيز من طعامه وعلى جريب النخل ثمانية دراهم
وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعلى جريب الرطبة
ستة دراهم قاله جماعة منهم صاحب المحرر
والحاويين وقال هو الأشهر عن عمر
وقال في الرعاية الكبرى وخراج عمر على جريبي
الشعير درهمان والحنطة أربعة والرطبة ستة
والنخل ثمانية والكروم عشرة والزيتون اثنا عشر
وعن عمر رضي الله عنه أنه وضع على كل جريب
عامر أو غامر درهما وقفيزا
وقيل من نبته فمن البر والشعير مثلهما وعلى
جريب الرطبة خمسة دراهم وقيل على
(4/140)
جريب شجر الخبط
ستة دراهم انتهى
قوله : والقصبة ستة أذرع وهو ذراع وسط وقبضته
وإبهامه قائمة
هكذا قال الأصحاب وقال في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين وغيرهم وقيل
بل ذراع هاشمية وهي أطول من ذراع البر بإصبعين
وثلثي إصبع
وقال الأصحاب منهم صاحب المحرر عن الأول هي
الذراع العمرية
قال شارح المحرر وهو الذراع الهاشمي
فظاهره أن الذراع الأولى هي الثانية فلا تنافي
بينهما وظاهر من حكى الخلاف التنافي وهو
الصواب ولعل في النسخة غلطا أو يكون لبني هاشم
ذراعان ذراع عمر وذراع زادوها
قوله : وما لا يناله الماء مما لا يمكن زرعه
فلا خراج عليه
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال في الواضح فيما لا نفع به مطلقا روايتان
فائدتان
إحداهما : الخراج على الأرض التي لها ماء تسقى
به فقط على الصحيح من المذهب قدمه في المحرر
والفروع والحاويين
وعنه وعلى الأرض التي يمكن زرعها بماء السماء
قال ابن عقيل والدواليب وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والرعايتين
الثانية لو أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل أو زرع
ما لا ماء له فروايتان وأطلقهما في الفروع
وقدم في الرعاية أنه لا خراج على ما يمكن
إحياؤه وقدمه في المغني والشرح والكافي
وقوله : وقيل أو زرع ما لا ماء له ذكر هذا
القول ابن عقيل أن حنبليا قاله وأن حنبليا
اعترض عليه بأن هذا غلط لأن الروايتين في أرض
لا ماء لها
ولا زرعت فإذا زرعت وجد حقيقة التصرف بعد
كالأرض المستأجرة ذكره ابن الصيرفي في الإجارة
قوله : فإن أمكن زرعه عاما بعد عام وجب نصف
خراجه في كل عام
هكذا قال جماعة من الأصحاب
وقال في الترغيب والمحرر والرعايتين والحاويين
وغيرهم وما يراح عاما ويزرع عاما عادة
وقال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة وغيرهم فإن كان ما يناله الماء
(4/141)
لا يمكن زرعه
حتى يراح عاما ويزرع عاما
وقال في الترغيب أيضا يؤخذ خراج ما لم يزرع عن
أقل ما يزرع وقاله في الرعاية
وقال أيضا البياض الذي بين النخل ليس فيه إلا
خراج الأرض وكذا قال في التبصرة والرعاية
وقال الشيخ تقي الدين ولو يبست الكروم بجراد
أو غيره سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع
قال وإذا لم يمكن النفع ببيع أو إجارة أو
عمارة أو غيرها لم يجز المطالبة بالخراج انتهى
فائدة : لو كان بأرض الخراج شجر وقت الموقف
فثمره المستقبل لمن يقر بيده وفيه عشر الزكاة
كالمتجدد فيها وهذا الصحيح من المذهب قدمه في
المحرر والفروع والحاويين
وقيل هو للمسلمين بلا عشر جزم به في الترغيب
قوله : والخراج على المالك دون المستأجر
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وعنه على المستأجر وهو من المفردات
وتقدم ذلك في أواخر باب زكاة الخارج من الأرض
قوله : ويجوز له أن يرشو العامل ويهدى له
ليدفع عنه الظلم في خراجه
نص عليه فالرشوة ما يعطى بعد طلبه والهدية
الدفع إليه ابتداء قاله في الترغيب وأما الآخذ
فإنه حرام عليه بلا نزاع لكن هل ينتقل الملك
قال بعض الأصحاب يتوجه وجهان
قلت: الذي يظهر أنه لا ينتقل
ويأتي في باب أدب القاضي بأتم من هذا
فائدتان
إحداهما : لا يحتسب بما ظلم في خراجه من العشر
على الصحيح من المذهب قاله الإمام أحمد لأنه
غصب
وعنه بلى اختاره أبو بكر
الثانية لا خراج على المساكن على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب وإنما كان أحمد يخرج عن
داره لأن بغداد كانت مزارع وقت فتحها
ويأتي في كتاب البيع هل على مزارع مكة خراج
وهل فتحت عنوة أو صلحا
قوله : وإن رأى الإمام المصلحة في إسقاط
الخراج عن إنسان جاز
(4/142)
هذا المذهب جزم
به في المغني والشرح وغيرهما وقدمه في المحرر
والفروع وغيرها
وقال الإمام أحمد رحمه الله لا يدع خراجا ولو
تركه أمير المؤمنين كان له هذا فأما من دونه
فلا.
(4/143)
باب الفيء
قوله : وهو ما أخذ من مال مشرك بغير قتال
كالجزية والخراج
الصحيح من المذهب أن مصرف الخراج كالفيء وعليه
أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وجزم ابن شهاب
وغيره بالمنع لافتقاره إلى اجتهاد لعدم تعيين
مصرفه
تنبيه والعشر ما تركوه فزعا وخمس خمس الغنيمة
ومال من مات لا وارث له
قد تقدم حكم قسم خمس الغنيمة وأنه يقسم خمسة
أقسام وذكرنا الخلاف في خمسه الذي لله ولرسوله
صلى الله عليه وسلم هل يصرف مصرف الفيء أم لا
في الباب الذي قبله
قوله : فيصرف في المصالح
يصرف الفيء في مصالح المسلمين على الصحيح من
المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في المغني والشرح والمحرر
والنظم والفروع والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقيل يختص به المقاتلة اختاره القاضي
واختار أبو حكيم والشيخ تقي الدين أنه لا حصة
للرافضة فيه وذكره ابن القيم في الهدى عن مالك
وأحمد رحمهما الله تعالى
وذهب بعض الأصحاب أنه لجماعة المسلمين
فائدة : لا يفرد عبد بالإعطاء على الصحيح من
المذهب بل يزاد سيده وقيل يفرد بالإعطاء
قوله : ولا يخمس
هذا المذهب نص عليه في رواية أبي طالب وعليه
أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمغني والشرح والفروع وغيرهم
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب
وهي المشهورة
(4/143)
وقال الخرقي
يخمس واختاره أبو محمد يوسف الجوزي
قال القاضي ولم أجد عن أحمد بما قال الخرقي
نصا
قلت: وأثبته رواية في الشرح والرعايتين
والحاويين والفروع وغيرهم
فعلى هذا يصرف مصرف خمس الغنيمة على ما تقدم
واختار الآجري أن النبي صلى الله عليه وسلم
قسمه خمسة وعشرين سهما فله أربعة أخماس ثم خمس
الخمس أحد وعشرون سهما كلها في المصالح وبقية
خمس الخمس لأهل الخمس
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل كان ما لم يوجف
عليه ملكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة
هذا اختيار أبي بكر من أصحابنا
قوله : وإن فضل منه فضل قسم بين المسلمين
غنيهم وفقيرهم
مراده إلا العبيد وهذا المذهب نص عليه واختاره
جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والشرح
والوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وعنه يقدم المحتاج قال الشيخ تقي الدين وهي
أصح عن الإمام أحمد رحمه الله
وتقدم اختيار القاضي وأبي حكيم والشيخ تقي
الدين قريبا
وقيل يدخر ما بقي بعد الكفاية
قوله : ويبدأ بالمهاجرين ويقدم الأقرب فالأقرب
من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال في الرعاية وقيل يقدم بني هاشم على بني
المطلب ثم بني عبد شمس ثم بني نوفل ثم بني عبد
العزى ثم بني عبد الدار
قوله : وهل يفاضل بينهم على روايتين
قال في الفروع والمحرر وفي جواز التفضيل بينهم
بالسابقة روايتان فحصل الخلاف وأطلقهما في
المغني والكافي والشرح والمحرر وشرح ابن منجا
والزركشي
إحداهما : لا يجوز المفاضلة بينهم بل يجب
التسوية بينهم صححه في التصحيح وجزم به في
الوجيز
والرواية الثانية يجوز المفاضلة بينهم لمعنى
فيهم وهو الصحيح من المذهب اختاره الشيخ تقي
الدين وابن عبدوس في تذكرته وصححه في النظم
وإدراك الغاية ونظم نهاية ابن رزين وجزم به في
المنور وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين
قال أبو بكر اختار أبو عبد الله أن لا تفاضل
مع جوازه
(4/144)
قال في الفروع
وهو ظاهر كلامه لفعله عليه أفضل الصلاة
والسلام
وعنه له التفضيل بالسابقة إسلاما أو هجرة
ذكرها في الرعايتين
وقال المصنف والصحيح إن شاء الله أن ذلك مفوض
إلى اجتهاد الإمام فيفعل ما يراه
قلت: وهو الصواب فقد فضل عمر وعثمان ولم يفضل
أبو بكر وعلي رضوان الله عليهم أجمعين
فائدتان
إحداهما : إذا استوى اثنان من أهل الفيء في
درجة فقال في المجرد يقدم أسنهما ثم أقدمهما
هجرة
وقال القاضي في الأحكام السلطانية يقدم
بالسابقة في الإسلام ثم بالدين ثم بالسبق ثم
بالشجاعة ثم ولي الأمر مخير إن شاء أقرع
بينهما وإن شاء رتبهما على رأيه واجتهاده نقله
في القاعدة الأخيرة
الثانية العطاء الواجب لا يكون إلا لبالغ يطيق
مثله القتال ويكون عاقلا حرا بصيرا صحيحا ليس
به مرض يمنعه من القتال فإن مرض مرضا غير مرجو
الزوال كالزمانة ونحوها خرج من المقاتلة وسقط
سهمه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني
والشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وقيل له فيه
حق
قوله : ومن مات بعد حلول وقت العطاء دفع إلى
ورثته حقه ومن مات من أجناد المسلمين دفع إلى
امرأته وأولاده الصغار كفايتهم بلا نزاع
قوله : فإذا بلغ ذكورهم واختاروا أن يكونوا في
المقاتلة فرض لهم وإن لم يختاروا تركوا
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم
به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره
وقال القاضي في الأحكام السلطانية يفرض لهم
إذا اختاروا أن يكونوا في المقاتلة إذا كان
بالناس حاجة إليهم وإلا فلا
فائدة : بيت المال ملك للمسلمين يضمنه متلفه
ويحرم الأخذ منه إلا بإذن الإمام قدمه في
الفروع وذكره في عيون المسائل وذكره في
الانتصار في باب اللقطة وذكره غيره أيضا
وذكر في الانتصار أيضا في إحياء الموات لا
يجوز له الصدقة به ويسلمه إلى الإمام
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم في السرقة منه
وقاله الشيخ تقي الدين
وقال أيضا لو أتلفه ضمنه
(4/145)
وقال أيضا لا
يتصور في المشترك عن عدم موصوف غير معين أن
يكون مملوكا نحو بيت المال والمباحات والوقف
على مطلق سواء تعين المستحق بالإعطاء أو
بالاستعمال أو بالفرض والتنزيل أو غيره
وذكر القاضي وابنه في بيت المال أن المالك له
غير معين
وقال المصنف في المغني وتبعه الشارح في إحياء
الموات بلا إذن مال بيت المال مملوك للمسلمين
وللإمام تعيين مصارفه وترتيبها فافتقر إلى
إذنه
ويأتي في آخر باب أصول المسائل هل بيت المال
وارث أم لا وفائدة: الخلاف
(4/146)
باب الأمان
قوله : ويصح أمان المسلم المكلف ذكرا كان أو
أنثى حرا أو عبدا مطلقا أو أسيرا
هذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير
الأصحاب وقطع به أكثرهم
وقال في عيون المسائل وغيرها يصح منهم بشرط أن
تعرف المصلحة فيه
قال في الفروع وذكر غير واحد الإجماع في
المرأة بدون هذا الشرط
وقال في المستوعب يصح أمان المرأة عن القتل
دون الرق
وقال ويشترط في أمان الإمام عدم الضرر علينا
وأن لا تزيد مدته على عشر سنين
وقوله : وأن لا تزيد مدته على عشر سنين جزم به
في الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس
تنبيه مفهوم كلامه أنه لا يصح أمان الكافر ولو
كان ذميا وهو كذلك ولا أمان المجنون أو الطفل
والمغمى عليه وهو كذلك
ولا يصح أمان السكران على الصحيح من المذهب
وخرج الصحة
ولا يصح أمان المكره بلا نزاع
قوله : وفي أمان الصبي المميز روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والبلغة
والمحرر والشرح والرعايتين والحاويين والقواعد
الأصولية
إحداهما : يصح وهو المذهب وجزم به في الوجيز
والهادي وتذكرة ابن عقيل والقاضي في الجامع
الصغير والشيرازي والشريف وأبو الخطاب في
خلافيهما وتذكرة ابن
(4/146)
عبدوس وتجريد
العناية والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم وصححه
في التصحيح والنظم وقدمه في الفروع
وقال أبو بكر يصح أمانه رواية واحدة
وحمل رواية المنع على غير المميز وهو مقتضى
كلام شيخه والزركشي
والرواية الثانية لا يصح أمانه ويحتمله كلام
الخرقي
فائدة : يصح أمان الإمام للأسير والكافر على
الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به
في المغني والشرح والمحرر والنظم والحاويين
وهو ظاهر ما جزم به في الرعايتين
وظاهر ما قدمه في الفروع أنه لا يصح فإنه قال
بعد أن ذكر صحة الأمان وقيل يصح للأسير من
الإمام وقيل والأمير انتهى وهو مشكل
ويصح من غير الإمام للأسير الكافر نص عليه في
رواية أبي طالب وقدمه في المحرر والرعايتين
والنظم والحاويين
واختار القاضي عدم الصحة من غير الإمام كما لو
كان فيه ضرر
وقال في المغني والشرح فأما آحاد الرعية فليس
له أمان وذكر أبو الخطاب أنه يصح انتهيا
قوله : وأمان أحد الرعية للواحد والعشرة بلا
نزاع وللقافلة وكذا للحصن
مراده بالقافلة إذا كانت صغيرة وكذا إذا كان
الحصن صغيرا يعني عرفا وهذا أحد الوجهين وهو
ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر
والوجيز وغيرهم لإطلاقهم القافلة وقدمه في
الرعايتين والحاويين
وقيل يشترط في القافلة والحصن أن يكون مائة
فأقل اختاره ابن البنا وأطلقهما في الفروع
وأطلق في الروضة الحصن وقيل يستحب استحسانا أن
لا يجار على الأمير إلا بإذنه
قوله : ومن قال لكافر قف أو ألق سلاحك فقد
أمنه
وكذا قوله : قم وهذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال المصنف يحتمل أن لا يكون أمانا إلا أن
يريد به ذلك فهو على هذا كناية لكن إن اعتقده
الكافر أمانا رد إلى مأمنه وجوبا ولم يجز قتله
وكذا حكم نظائره
قال الإمام أحمد إذا أشير إليه بشيء غير
الأمان فظنه أمانا فهو أمان وكل شيء يرى العلج
أنه أمان فهو امان وقال إذا اشتراه ليقتله فلا
يقتله لأنه إذا اشتراه فقد أمنه.
(4/147)
قال الشيخ تقي
الدين فهذا يقتضي انعقاده بما يعتقده العلج
وإن لم يقصده المسلم ولا صدر منه ما يدل عليه
قوله : ومن جاء بمشرك فادعى أي المشرك أنه
أمنه فأنكر يعني المسلم فالقول قوله: يعني
المسلم
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب جزم به في
الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم وقدمه في
الفروع والمحرر والنظم وغيرهم
قال في نهاية ابن رزين قدم قول المسلم في
الأظهر
وعنه قول الأسير اختاره أبو بكر وقدمه في
الخلاصة والرعايتين والحاويين
وعنه قول من يدل الحال على صدقه وأطلقهن في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني والشرح
فائدة : يقبل قول عدل إني أمنته على الصحيح من
المذهب
قال في الفروع يقبل في الأصح كإخبارهما أنهما
أمناه كالمرضعة على طفلها
قال القاضي هو قياس قول أحمد واختاره أبو
الخطاب وغيره وجزم به في المحرر وغيره وقدمه
في النظم وغيره وقيل لا يقبل
قوله : ومن أعطى أمانا ليفتح حصنا ففتحه
واشتبه علينا فيهم حرم قتلهم بلا نزاع
ونص عليه في رواية أبي داود وأبي طالب وإسحاق
بن إبراهيم
وحرم استرقاقهم على الصحيح من المذهب نص عليه
في رواية ابن هانئ وعليه أكثر الأصحاب وجزم به
في الوجيز وغيره
قال في القواعد الفقهية هذا الصحيح وقدمه في
الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين
والمذهب والخلاصة وغيرهم
وقال أبو بكر يخرج واحد بالقرعة ويسترق
الباقون
قال في القاعدة التاسعة بعد المائة هذا قول
أبي بكر والخرقي وابن عقيل في روايتيه انتهى
واختاره في التبصرة وأطلقهما في المغني والشرح
فائدة : وكذا الحكم لو أسلم واحد من أهل حصن
واشتبه علينا خلافا ومذهبا
قوله : ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن
ويقيمون مدة الهدنة بغير جزية
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
(4/148)
قال في الهداية
قاله أصحابنا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في الفروع والمحرر والخلاصة والرعايتين
والحاويين والنظم وغيرهم
وقال في الترغيب بشرط أن لا تزيد مدته على عشر
سنين وفي جواز إقامتهم في دارنا هذه المدة بلا
جزية وجهان انتهى
وقال أبو الخطاب في الهداية وعندي لا يجوز سنة
فصاعدا إلا بجزية اختاره الشيخ تقي الدين
وأطلقهما في المذهب
وقيل يجوز عقده للمستأمن مطلقا ذكره في
الرعاية
قوله : ومن دخل دار الإسلام بغير أمان وادعى
أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يبيعه قبل منه
وهذا مقيد بأن تصدقه عادة وهذا المذهب نص عليه
وجزم به في الوجيز والمغني والشرح وغيرهم
وقدمه في الفروع وغيره
ونقل أبو طالب إن لم يعرف بتجارة ولم يشبههم
أو كان معه آلة حرب لم يقبل منه ويحبس حتى
يتبين أمره
قلت: وهو الصواب ويعمل في ذلك بالقرائن
وعلى المذهب إن لم تصدقه عادة أو لم يكن معه
تجارة وادعى أنه جاء مستأمنا فهو كالأسير يخير
الإمام فيه على ما تقدم
فائدة : لو دخل أحد من المسلمين دار الحرب
بأمان بتجارة أو رسالة لم يخنهم في شيء ويحرم
عليه ذلك
قوله : وإن كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح
في مركب إلينا فهو لمن أخذه
هذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في النظم
وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين
والخلاصة
وعنه يكون فيئا للمسلمين وأطلقهما في الهداية
والمذهب والمغني والشرح
ونقل ابن هانئ إن دخل قرية فأخذوه فهو لأهلها
فائدة : وكذا الحكم لو شردت إلينا دابة منهم
أو فرس أو ند بعير أو أبق رقيق ونحوه
فائدة : لا يدخل أحد منهم إلينا إلا بإذن على
الصحيح من المذهب
وعنه يجوز للرسول وللتاجر خاصة اختاره أبو بكر
(4/149)
وقال في
الترغيب دخوله لسفارة أو لسماع قرآن أمان بلا
عقد لا لتجارة على الأصح فيهما بلا عادة
نقل حرب في غزاة في البحر وجدوا تجارا يقصدون
بعض البلاد لم يتعرض لهم
قوله : وإذا أودع المستأمن ماله مسلما أو
أقرضه إياه ثم عاد إلى دار الحرب بقي الأمان
في ماله ويبعث به إليه إن طلبه
وكذا إن أودعه لذمي أو أقرضه إياه وهذا الصحيح
من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في
الوجيز والمغني والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع
والهداية والخلاصة وغيرهم وصححه في المحرر
والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقيل ينقض في ماله ويصير فيئا وهو ظاهر كلام
الخرقي وقدمه في المحرر
وقول الزركشي إن هذا اختيار صاحب المحرر غير
مسلم
فعلى هذا يعطاه إن طلبه وإن مات بعث به إلى
ورثته فإن لم يكن له وارث فهو فيء
ويأتي حكم مال من نقض العهد من أهل الذمة في
باب أحكامهم
فائدة : لو استرق من كان مستأمنا أو ذميا ولحق
بدار الحرب وماله عند مسلم وقف ماله على
الصحيح من المذهب
قال في الفروع هذا أشهر وقدمه في النظم
والرعايتين والحاويين وحكاه في الشرح عن
القاضي واقتصر عليه
وقيل يصير ماله فيئا بمجرد استرقاقه اختاره
صاحب المحرر والفروع وأطلقهما الزركشي
فعلى المذهب إن عتق رد إليه وإن مات رقيقا فهو
فيء على الصحيح من المذهب
وقيل بل هو لوارثه وأطلقهما في المحرر
قوله : وإذا أسر الكفار مسلما فأطلقوه بشرط أن
يقيم عندهم مدة
وكذا لو شرطوا أن يقيم عندهم مطلقا
لزمه الوفاء لهم
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر
الأصحاب وجزم به في المغني والشرح والمحرر
والنظم والوجيز والحاويين وغيرهم وقدمه في
الفروع والرعايتين وغيرهم
وقيل لا يلزمه الوفاء به وله أن يهرب
وقال في الرعاية وقيل إن التزم الشرط لزمه
وإلا فلا
(4/150)
وقال الشيخ تقي
الدين ما ينبغي أن يدخل معهم في التزام
الإقامة أبدا لأن الهجرة واجبة عليه ففيه
التزام بترك الواجب اللهم إلا أن لا يمنعوه من
دينه ففيه التزام ترك المستحب وفيه نظر
قوله : وإن لم يشترطوا شيئا أو شرطوا كونه
رقيقا فله أن يقتل ويسرق ويهرب
إذا أطلقوا ولم يشرطوا عليه شيئا فتارة
يؤمنونه وتارة لا يؤمنونه فإن لم يؤمنوه وهو
مراد المصنف فله أن يقتل ويسرق ويهرب نص عليه
وإن أمنوه فله الهرب لا غير وليس له القتل ولا
السرقة فلو سرق رد ما أخذ منهم نص على ذلك كله
وإن شرطوا كونه رقيقا فكذلك قاله الشارح وجزم
به في المحرر والنظم والحاويين والرعاية
الصغرى
وقال الشارح ويحتمل أن يلزمه الإقامة إذا قلنا
يلزمه الرجوع إليهم على ما نذكره في المسألة
التي بعدها إن شاء الله تعالى
قوله : وإن أطلقوه بشرط أن يبعث إليهم مالا
فإن عجز عنه عاد إليهم لزمه الوفاء لهم إلا أن
يكون امرأة فلا ترجع إليهم
إذا كانت امرأة لم ترجع إليهم بلا نزاع لخوف
قتلها
وألحق في نظم نهاية ابن رزين الصبي بالمرأة
قال في الفروع فيتوجه منه أن يبدأ بفداء جاهل
للخوف عليه ويتوجه أن يبدأ بفداء العالم لشرفه
وحاجتنا إليه وكثرة الضرر بفتنته انتهى
وإن كان رجلا وشرطوا عليه مالا ورضي بذلك
فالصحيح من المذهب أنه يلزمه الوفاء لهم نص
عليه وجزم به في الوجيز وصححه في النظم وغيره
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والفروع والرعايتين
والحاويين وغيرهم
وقال الخرقي لا يرجع الرجل أيضا
وهو رواية عن أحمد وأطلقهما في الكافي والمحرر
والشرح والزركشي
(4/151)
باب الهدنة
معنى الهدنة أن يعقد الإمام أو نائبه عقدا على
ترك القتال مدة ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة
قوله : ولا يصح عقد الهدنة والذمة إلا من
الإمام أو نائبه
هذا المذهب وعليه الأصحاب إلا أنه قال في
الترغيب لآحاد الولاة عقد الهدنة مع أهل قرية
وقيل يجوز عقد الذمة من كل مسلم وهو احتمال في
الهداية
(4/151)
فائدتان
إحداهما : لا يصح عقد الهدنة إلا حيث جاز
تأخير الجهاد على ما تقدم في أول كتاب الجهاد
على الصحيح من المذهب
وقال القاضي يجوز عقد ذلك ونحوه مع القوة أيضا
والاستظهار انتهى
وقال في الإرشاد وعيون المسائل والمبهج
والمحرر ويجوز عقد الهدنة مع قوة المسلمين
واستظهارهم مدة أربعة أشهر ولا يجوز فوقها
وقيل يجوز والحالة هذه دون عام وصححه في النظم
الثانية يجوز بمال منا للضرورة على الصحيح من
المذهب وعليه الأكثر وقال في الفنون يجوز
لضعفنا مع المصلحة
وقال أبو يعلى الصغير لحاجة وقاله أبو يعلى
الكبير في الخلاف في المؤلفة
قال في الرعاية الكبرى ولا يجوز بمال منا
وقيل بلا ضرورة أو لترك تعذيب أسير مسلم أو
قتله أو أسير غيره أو خوفا على من عندهم من
ذلك انتهى
قلت: هذا القول متعين والذي قدمه ضعيف أو ساقط
قوله : فمتى رأى المصلحة في عقد الهدنة جاز له
عقدها مدة معلومة وإن طالت
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز
والمنور
قال في المنتخب يجوز مدة معلومة وقدمه في
الهداية والكافي والهادي والمحرر والفروع
والرعايتين والحاويين وصححه في الخلاصة وغيرها
وعنه لا يجوز أكثر من عشر سنين
قال القاضي هذا ظاهر كلام أحمد رحمه الله
واختاره أبو بكر وجزم به في الفصول وأطلقهما
في المذهب ومسبوك الذهب
فائدة : يكون العقد لازما على الصحيح من
المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين ويكون أيضا جائزا
قوله : فإن زاد على عشر بطل في الزيادة يعني
على الرواية الثانية وفي العشر وجهان
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والرعاية
وغيرهم
(4/152)
أحدهما يصح وهو
الصحيح قال في الهداية والفصول والمغني والشرح
والفروع والحاوي وغيرهم وإن زاد فكتفريق
الصفقة
ويأتي في تفريق الصفقة أن الصحيح من المذهب
الصحة
والثاني لا يصح
فائدة : وكذا الحكم لو هادنهم أكثر من قدر
الحاجة
قوله : وإن هادنهم مطلقا لم يصح
هذا المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين تصح وتكون جائزة ويعمل
بالمصلحة لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود
المطلقة وإتمام المؤقتة
فائدة : لو قال هادنتكم ما شئنا وشاء فلان لم
يصح على الصحيح من المذهب
وقيل يصح اختاره القاضي
ولو قال نقركم على ما أقركم الله لم يصح على
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين يصح أيضا وأن معناه في
قوله: ما شئنا
قوله : وإن شرط شرطا فاسدا كنقضها متى شاء أو
رد النساء إليهم أو صداقهن أو سلاحهم أو
إدخالهم الحرم بطل الشرط
إذا شرط في المهادنة نقضها متى شاء أو رد
النساء إليهم أو سلاحهم أو إدخالهم الحرم بطل
الشرط قولا واحدا وكذا لو شرط رد صبي إليهم
قال في الرعاية الكبرى وقيل مميز وجزم في
المغني والشرح أنه يجوز رد الطفل دون المميز
وقيل وجزم غيرهم بذلك
وأما إذا شرط رد مهورهن فالصحيح من المذهب
بطلان الشرط كما جزم به المصنف هنا
قال في الفروع فشرط فاسد على الأصح قال الناظم
في الأظهر وعنه لا يبطل
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وإن
شرط نقضها متى شاء أو كذا أو كذا أو رد مهرها
في رواية بطل الشرط
وذكر في المبهج رواية برد مهر من شرط ردها
مسلمة وهو أنه لا يلزم ذلك كما لو لم يشترط
ذكره في آخر الجهاد في فصل أرض العنوة والصلح
وأما العقد حيث قلنا يبطل الشرط ففي بطلانه
وجهان وأطلقهما في الهداية والمذهب
(4/153)
ومسبوك الذهب
والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والفروع
والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
قال في الهداية والحاوي والمصنف والشارح وابن
منجا وغيرهم بناء على الشروط الفاسدة في البيع
قال المصنف والشارح إلا فيما إذا شرط نقضها
متى شاء فينبغي أن لا يصح العقد قولا واحدا
وظاهر الوجيز صحة العقد
فائدة : لو دخل ناس من الكفار في عقد باطل دار
الإسلام معتقدين الأمان كانوا آمنين ويردون
إلى دار الحرب ولا يقرون في دار الإسلام قاله
الأصحاب
قوله : وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلما جاز
قال الأصحاب جاز ذلك لحاجة
ولا يمنعهم أخذه ولا يجبره وله أن يأمره سرا
بقتالهم والفرار منهم
وقال في الترغيب وغيره يعرض له أن لا يرجع
إليهم
فوائد
الأولى لو هرب منهم عبد ليسلم فأسلم لم يرد
إليهم وهو حر جزم به في الحاويين والرعاية
الصغرى وغيرهم وقدمه في الكبرى وقال وقيل إن
علم أنه يستذل وجاء سيده في طلبه فله قيمته من
الفيء
قال قلت: وكذلك الأمة
وتقدم ما يشبه ذلك في آخر كتاب الجهاد
الثانية يضمن ما أتلفوه لمسلم ولا يحدون لحق
الله تعالى وإن قتل مسلما لزمه القود وإن قذفه
حد وإن سرق ماله قطع على الصحيح
قال في الرعاية الكبرى قطع في الأقيس وقيل لا
يقطع صححه في النظم وأطلقهما في المغني والشرح
والحاويين والرعاية الصغرى
الثالثة قوله : وعلى الإمام حماية من هادنه من
المسلمين
وهذا بلا نزاع ويلزمه أيضا حمايتهم من أهل
الذمة
قوله : وإن سباهم كفار آخرون لم يجز لنا
شراؤهم
هذا الصحيح من المذهب جزم به في المحرر وغيره
وصححه في الفروع وغيره وقدمه في المغني والشرح
وغيرهما
(4/154)
وقيل يجوز وهو
احتمال في المغني والشرح
وذكر الشيخ تقي الدين رواية منصوصة يجوز
شراؤهم من سابيهم
فائدتان
إحداهما : الصحيح من المذهب جواز شراء أولاد
الكفار المهادنين منهم وأهليهم كحربي باع أهله
وأولاده جزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في
الفروع وصححه في النظم
وعنه يحرم شراؤهم كذمي باعهم وأطلقهما في
المحرر والرعايتين والحاويين في الأهل
والأولاد
وذكر جماعة من الأصحاب إن قهر حربي ولده أو
ورحمه على نفسه وباعه من مسلم وكافر فقيل يصح
البيع
نقل الشالنجي لا بأس فإن دخل بأمان لم يشتر
وقيل لا يصح وإنما يملكه بتوصله بعوض وإن لم
يكن صحيحا كدخوله بغير أمان فرارا منهم نص
عليه
قال في الفروع والمسألة مبنية على العتق على
الحربي بالرحم هل يحصل أم لا لأنه حكم الإسلام
انتهى
قال في الرعاية الكبرى يصح شراء ولد الحربي
منه
قلت: إن عتق عليه بالملك فلا وكذا إن قهر أباه
وأمه وملكهما وباعهما وإن قهر زوجته وملكها
وباعها صح لبقاء ملكه عليها انتهى
ومنعه ابن عبدوس في تذكرته في الزوجة
الثانية لو سبى بعضهم أولاد بعض وباعوهم صح
البيع قاله في الفروع
قوله : وإن خاف نقض العهد منهم نبذ إليهم
عهدهم
بلا نزاع ويجب إعلامهم قبل الإغارة عليهم على
الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به
كثير منهم بخلاف الذمي إذا خيف منه الخيانة لم
ينقض عهده
وقال في الترغيب إن صدر من المهادنين خيانة
فإن علموا أنها خيانة اغتالهم وإلا فوجهان
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم في الهدى في
غزوة الفتح إن أهل العهد إذا حاربوا في ذمة
الإمام وعهده صاروا بذلك أهل حرب نابذين لعهده
فله أن يبيتهم وإنما يعلمهم إذا خاف منهم
الخيانة وأنه ينتقض عهد الجميع إذا لم ينكروا
عليهم
(4/155)
فوائد
إحداها : ينتقض عهد النساء والذرية بنقض عهد
رجالهم تبعا لهم
الثانية لو نقض الهدنة بعض أهلها فأنكر عليهم
الباقون بقول أو فعل ظاهر أو أعلموا الإمام
بذلك كان الناقض من خالف منهم دون غيرهم وإن
سكتوا عما فعله الناقض ولم ينكروه ولم يكاتبوا
الإمام انتقض عهد الكل ويأتي نظير ذلك في نقض
العهد
الثالثة يجوز قتل رهائنهم إذا قتلوا رهائننا
جزم به ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في
الرعايتين والحاويين
وعنه لا يجوز وأطلقهما في المحرر والفروع
والنظم
الرابعة متى مات الإمام أو عزل لزم من بعده
الوفاء بعقده على الصحيح من المذهب لأنه عقده
باجتهاده فلا ينتقض باجتهاد غيره
وجوز ابن عقيل وغيره نقض ما عقده الخلفاء
الأربعة نحو صلح بني تغلب لاختلاف المصالح
باختلاف الأزمنة
(4/156)
باب عقد الذمة
تنبيه تقدم أول باب الهدنة أن عقد الذمة لا
يصح إلا من الإمام أو نائبه على الصحيح من
المذهب وتقدم هناك قولان آخران
فائدة : يجب عقدها إذا اجتمعت الشروط ما لم
يخف غائلة منهم
قوله : لا يجوز عقدها إلا لأهل الكتاب وهم
اليهود والنصارى ومن وافقهم في التدين
بالتوراة والإنجيل كالسامرة والفرنج ومن له
شبهة كتاب وهم المجوس
لا يجوز عقد الذمة إلا لهؤلاء الذين ذكرهم
المصنف على الصحيح من المذهب وعليه جماهير
الأصحاب
وعنه يجوز عقدها لجميع الكفار إلا عبدة
الأوثان من العرب نقلها الحسن بن ثواب
وذكر القاضي وجها أن من دان بصحف شيث وإبراهيم
والزبور تحل نساؤهم ويقرون بجزية
قال في الفروع في باب المحرمات في النكاح
ويتوجه أخذ الجزية منهم ولو لم تحل نساؤهم.
واختار الشيخ تقي الدين في الرد على الرافضي
أخذ الجزية من الكل وأنه لم يبق أحد من مشركي
العرب بعد نزول الجزية بل كانوا قد أسلموا
وقال في الاعتصام بالكتاب والسنة من أخذها من
الجميع أو سوى بين المجوس وأهل الكتاب فقد
خالف ظاهر الكتاب والسنة
(4/156)
قوله : فأما
الصابئ فينظر فيه فإن انتسب إلي أحد الكتابين
فهو من أهله وإلا فلا
هذا اختيار المصنف والشارح وجماعة من الأصحاب
وجزم به ابن البنا في عقوده وابن منجا في شرحه
قال في الرعاية الكبرى والصابئ إن وافق اليهود
والنصارى في دينهم وكتابهم فهو منهم وإلا فهو
كعابد وثن
وقيل بل يقتل مطلقا إن قال الفلك حي ناطق
والكواكب السبعة آلهة
والصحيح من المذهب أن حكمهم حكم من تدين
بالتوراة والإنجيل مثل السامرة والفرنج
قال الإمام أحمد هم جنس من النصارى
وجزم به في الهداية وتذكرة ابن عقيل والمذهب
ومسبوك الذهب والمحرر والنظم والرعاية الصغرى
والحاويين وإدراك الغاية وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم أنهم يوافقون النصارى فحكمهم حكمهم لكن
يخالفونهم في الفروع
قال في الحاوي وغيره وجزم به في الخلاصة
وغيرها تؤخذ الجزية منهم وقدمه في الفروع
وقال الإمام أحمد أيضا في موضع آخر بلغني أنهم
يسبتون فإذا أسبتوا فهم من اليهود
ونقل حنبل من ذهب مذهب عمر فإنه قال هم يسبتون
جعلهم بمنزلة اليهود
وقال في الترغيب في ذبيحة الصابئة روايتان
مأخذهما هل هم من النصارى أم لا
فائدة : صفة عقد الذمة أن يقول أقررتكم
بالجزية والاستسلام أو ما يؤدي ذلك فيقول
أقررتكم على ذلك أو نحوهما هذا الصحيح من
المذهب وقيل يعتبر فيه ذكر قدر الجزية وفي
الاستسلام وجهان ذكرهما في الترغيب
قوله : ومن تهود أو تنصر بعد بعث نبينا صلى
الله عليه وسلم أو ولد بين أبوين لا تقبل
الجزية من أحدهما فعلى وجهين
وهما روايتان إذا تهود أو تنصر بعد بعث نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم فالصحيح من المذهب أن
الجزية تقبل منه وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره
القاضي وصححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح
قال في الوجيز وإن انتقل إلى دين أهل الكتاب
غير مسلم أقر وقدمه في الفروع
وعنه لا يقبل منه الجزية ولا تقبل منه إلا
الإسلام أو السيف صححه في النظم وقدمه
(4/157)
في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة وأطلقهما في
المحرر والرعايتين والحاوي الصغير
وقال في الرعاية الكبرى قلت: من صار كتابيا
بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو جهل وقته
لا تقبل جزيته
تنبيه مفهوم كلام المصنف أنه لو تهود أو تنصر
قبل بعث نبينا صلى الله عليه وسلم تقبل منه
الجزية وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغني
والمحرر والشرح وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره
واختار القاضي وغيره في التبصرة أن الجزية لا
تقبل منه مطلقا
وذكر في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والترغيب أنه لو تنصر أو
تهود قبل البعثة وبعد التبديل لا تقبل منه
الجزية وإلا قبلت
وأطلقه هو والأول في البلغة والرعايتين
والحاوي الصغير
فائدة : حكم من تمجس بعد البعثة أو قبلها بعد
التبديل أو قبله حكم من تنصر أو تهود على ما
تقدم ويأتي الكلام على ذلك بأتم من هذا في آخر
باب أحكام الذمة بعد قوله: وإن تهود نصراني أو
تنصر يهودي لم يقر
قوله : وأما إذا ولد بين أبوين لا تقبل الجزية
من أحدهما
يعني واختار دين من تقبل منه الجزية فأطلق
المصنف في قبول الجزية منه وجهين وأطلقهما في
الرعايتين والحاويين والخلاصة
أحدهما تقبل منه الجزية وتعقد له الذمة وهو
المذهب صححه في المغني والمذهب ومسبوك الذهب
والبلغة والتصحيح والشرح والنظم وغيرهم وقدمه
في الكافي والمحرر والفروع وغيرهم
والوجه الثاني لا تقبل منه الجزية ولا يقبل
منه غير الإسلام ذكره أبو الخطاب فمن بعده
قوله : ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم
وقيل تقبل منهم الجزية للآية وكحربي منهم لم
يدخل في الصلح إذا بذلها على الصحيح وظاهر
المذهب خلافه قاله الزركشي
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنها لا تؤخذ منهم ولو
بذلوها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب
وقطعوا به
(4/158)
وفي المغني ومن
تابعه احتمال تقبل إذا بذلوها
فائدة : ليس للإمام نقض عهدهم وتجديد الجزية
عليهم على الصحيح من المذهب لأن عقد الذمة
مؤبد وقد عقده عمر رضي الله عنه معهم هكذا
وعليه أكثر الأصحاب
واختار ابن عقيل جواز ذلك لاختلاف المصلحة
باختلاف الأزمنة وقد فعله عمر بن عبد العزيز
رضي الله عنه وجعل ذلك جماعة كالخراج والجزية
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
وجزم القاضي في الخلاف بالفرق وكلام المصنف في
هذا الكتاب وغيره يقتضيه
قوله : ويؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم
ومجانينهم
وكذا زمناهم ومكافيفهم وشيوخهم ونحوهم وهذا
المذهب في ذلك كله واختاره جماهير الأصحاب وهو
من المفردات وفيه وجه لا يؤخذ من هؤلاء قال
المصنف هذا أقيس فالمأخوذ منه جزية باسم
الصدقة فمصرفه مصرف الجزية
وقال في الفروع الأظهر إن قيل إنها كالزكاة في
المصرف أخذت ممن لا جزية عليهم كالنساء ونحوهم
وإلا فلا انتهى
فعلى المذهب لا يؤخذ من فقير ولا ممن له مال
غير زكوي
قوله : ومصرفه مصرف الجزية
هذا المذهب اختاره القاضي والمصنف والشارح
والناظم وغيرهم وجزم به في المنور وقدمه في
الفروع
وقال الخرقي مصرف الزكاة وهو رواية ثانية عن
أحمد جزم به في الفصول وابن عبدوس في تذكرته
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية
وأطلقهما في المحرر والزركشي
قوله : ولا تؤخذ من كتابي غيرهم
كمن تنصر من العرب من تنوخ وبهراء أو تهود من
كنانة وحمير أو تمجس من تميم ونحوهم
وهذا أحد الوجهين اختاره المصنف والشارح وذكر
أن أحمد نص عليه وجزم به في الوجيز وهو ظاهر
كلام الخرقي
وقال القاضي تؤخذ من نصارى العرب ويهودهم
كبني تغلب وهو المذهب نص عليه وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمحرر والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وإدراك
الغاية وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين
وصححه في النظم
(4/159)
قال الزركشي
والمنصوص أن من كان من العرب من أهل الجزية
وأباها إلا باسم الصدقة مضعفة وله شوكة يخشى
الضرر منها تجوز مصالحتهم على ما صولح عليه
بنو تغلب وهو الصواب وعليه يحمل إطلاق أحمد
أولا وإطلاق القاضي ومن تبعه ولهذا قطع به أبو
البركات وعليه استقر قول أبي محمد في المغني
إلا أنه شرط مع ذلك أن يكون المأخوذ بقدر ما
يجب عليهم من الجزية أو أزيد وليس هذا في كلام
أحمد ولا مشترط في بني تغلب انتهى
فائدة : يجوز للإمام مصالحة مثلهم ممن يخشى
ضرره بشوكة من العرب إذا أبى دفعها إلا باسم
الصدقة مضعفة نص عليه وعليه الأصحاب وجزم به
في المغني والشرح والفروع وغيرهم
قوله : ولا جزية على صبي ولا امرأة ولا مجنون
ولا زمن ولا أعمى
وكذا لا جزية على شيخ فان بلا نزاع فيهم
ويأتي كلام الشيخ تقي الدين
وكذا لا جزية على راهب على الصحيح من المذهب
وعليه الأصحاب
وقيل عليه الجزية وهو احتمال للمصنف ولا يبقى
بيده مال إلا بلغته فقط ويؤخذ ما بيده قاله
الشيخ تقي الدين
قال ويؤخذ منهم ما لنا كالرزق الذي للديور
والمزارع إجمالا قال ويجب ذلك
وقال أيضا ومن له تجارة أو زراعة وهو مخالط
لهم أو معاونهم على دينهم كمن يدعو إليه من
راهب وغيره فإنها تلزمه إجماعا وحكمه حكمهم
بلا نزاع
تنبيه قال المصنف والشارح الجزية الوظيفة
المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في
كل عام
قال الزركشي وظاهر هذا التفريع أن الجزية أجرة
الدار مشتقة من جزاه بمعنى قضاه
قال في الأحكام السلطانية مشتق من الجزاء إما
جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغارا أو جزاء على
أماننا لهم لأخذها منهم رفقا
قال الشيخ تقي الدين وهذا أصح
قال الزركشي وهو يرجع إلى أنها عقوبة أو أجرة
قوله : ولا عبد
هذا الصحيح من المذهب مطلقا نص عليه وحكاه ابن
المنذر إجماعا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه
في المغني والشرح والفروع وغيرهم واختاره أبو
بكر والقاضي
(4/160)
والمصنف
والشارح وغيرهم
وعنه عليه الجزية إذا كان لكافر ويحتمله كلام
الخرقي وأطلقهما في المحرر والرعايتين
والحاويين والزركشي
فائدة : لا تجب على عبد المسلم الذمي قال
المصنف والشارح بغير خلاف علمناه وقطع به
غيرهما
قال في الفروع ولا تلزم عبدا وعنه لمسلم جزم
به في الروضة وأنها تسقط بإسلام أحدهما
وفي التبصرة عن الخرقي تلزم عبدا مسلما عن
عبده
فعلى المذهب تلزم المعتق بعضه بقدر ما فيه من
الحرية قاله الأصحاب
فائدتان
إحداهما : في وجوب الجزية على عبد ذمي أعتقه
مسلم أو كافر روايتان منصوصتان وأطلقهما في
الفروع فيما إذا كان المعتق مسلما
إحداهما : تجب عليه الجزية وهو الصحيح من
المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
قال الزركشي هذا الصحيح المشهور من الروايتين
قال المصنف والشارح وإذا عتق لزمته الجزية لما
يستقبل سواء كان معتقه مسلما أو كافرا هذا
الصحيح عن أحمد انتهيا
وقال في الوجيز وغيره وتؤخذ ممن صار أهلا لها
في آخر الحول وهو ظاهر ما قدمه في المحرر وجزم
به الخرقي
والرواية الثانية لا جزية عليه قال الخلال هذا
قول قديم رجع عنه ووهنها وعنه رواية ثالثة لا
جزية عليه إذا كان المعتق له مسلما
الثانية قال الإمام أحمد المكاتب عبد فيعطى
حكمه
قوله : ولا فقير يعجز عنها
هذا المذهب وعليه الأصحاب نص عليه وفيه احتمال
تجب عليه ويطالب بها إذا أيسر لأنه من أهل
القتال
فعلى المذهب لو كان معتملا وجبت عليه على
الصحيح من المذهب
قال في الفروع تجب على الأصح
قال في القواعد أشهر الروايتين الوجوب وجزم به
في الهداية والمذهب ومسبوك
(4/161)
الذهب والحاوي
الكبير والبلغة والخلاصة والكافي والوجيز
وغيرهم
قال الزركشي وهي أبعد دليلا وهو ظاهر ما قطع
به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير
وعنه لا تجب وهي ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في
المحرر والزركشي
وقال في الرعاية الكبرى ولا تجب على فقير عاجز
لا حرفة له أو له حرفة لا تكفيه نص عليه
وقال في مكان آخر وتلزم الفقير المحترف الحرفة
التي تقوم بكفايته كل سنة
فائدة : تجب الجزية على الخنثى المشكل جزم به
في الحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس والمغني
والشرح وقدمه في الرعايتين
وقيل لا تجب عليه
قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر وجزم به في
الحاوي الكبير والكافي وهذا المذهب وأطلقهما
في الفروع
فعلى القول الثاني لو بان رجلا أخذت منه
للمستقبل فقط على الصحيح من المذهب وقطع به من
ذكره منهم القاضي
وقال في الفروع ويتوجه وللماضي
قوله : ومن بلغ أو أفاق أو استغنى وكذا لو عتق
وقلنا عليه الجزية فهو من أهلها بالعقد الأول
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب
قال الزركشي هذا المشهور وقدمه في المغني
والشرح ونصراه والفروع وجزم به في الحاوي
وغيره
وقال القاضي في موضع من كلامه هو مخير بين
العقد وبين أن يرد إلى مأمنه فيجاب إلى ما
يختار
قوله : ويؤخذ منه في آخر الحول بقدر ما أدرك
يعني إذا بلغ أو أفاق أو استغنى في أثناء
الحول وكذا لو عتق في أثنائه على الصحيح من
المذهب مطلقا وعنه لا جزية على عتيق مسلم وعنه
وعتيق ذمي جزم به في الروضة
قوله : ومن كان يجن ثم يفيق لفقت إفاقته فإذا
بلغت حولا أخذت منه
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمحرر
والرعايتين والحاويين وقدمه في
(4/162)
النظم إذا لم
يتعسر ضبطه
وقيل يعتبر الغالب فيما لا ينضبط أمره
وقال المصنف والشارح إذا كان يجن ويفيق لا
يخلو عن ثلاثة أحوال
أحدها أن يكون غير مضبوط مثل من يفيق ساعة من
أيام أو من يوم فيعتبر حاله بالأغلب
الثاني أن يكون مضبوطا مثل من يجن يوما ويفيق
يومين أو أقل أو أكثر إلا أنه مضبوط ففيه
وجهان
أحدهما يعتبر الأغلب من حاله
والوجه الثاني تلفق إفاقته فعلى هذا الوجه في
أخذ الجزية وجهان
أحدهما تلفق أيامه فإذا بلغت حولا أخذت منه
والثاني يؤخذ منه في آخر كل حول بقدر ما أفاق
منه
وإن كان يجن ثلث الحول ويفيق ثلثيه أو بالعكس
ففيه الوجهان
فإذا استوت إفاقته وجنونه مثل من يجن يوما
ويفيق يوما أو يجن نصف الحول ويفيق نصفه عادة
لفقت إفاقته لأنه تعذر الأغلب
الحال الثالث أن يجن نصف حول ثم يفيق إفاقة
مستمرة أو يفيق نصفه ثم يجن جنونا مستمرا فلا
جزية عليه في الثاني وعليه في الأول الجزية
بقدر ما أفاق كما تقدم انتهيا
قوله : وتقسم الجزية بينهم فيجعل على الغني
ثمانية وأربعون درهما وعلى المتوسط أربعة
وعشرون درهما وعلى الفقير اثنا عشر درهما
وقد تقدم أن مرجع الجزية والخراج إلى اجتهاد
الإمام على الصحيح من المذهب فله أن يزيد
وينقص على قدر ما يراه فلا تفريع عليه
وتفريع المصنف هنا على القول بأن الجزية مقدرة
بمقدار لا يزاد عليه ولا ينقص منه وهذا
التقدير على هذه الرواية لا نزاع فيه وهو
تقدير عمر رضي الله عنه وجزم به في المحرر
وغيره
فائدة : يجوز أن يأخذ عن كل اثني عشر درهما
دينارا أو قيمتها نص عليه لتعلق حق الآدمي
فيها
قوله : والغني منهم من عده الناس غنيا في ظاهر
المذهب
وهو المذهب كما قال وعليه جماهير الأصحاب وجزم
به في المغني والمحرر وغيرهما وقدمه في المحرر
وغيره وصححه في الخلاصة وغيرها
(4/163)
وقيل الغني من
ملك نصابا وحكى رواية
وقيل من ملك عشرة آلاف درهم ذكره الزركشي
وقيل الغني من ملك عشرة آلاف دينارا وهي مائة
ألف درهم ومن ملك دونها إلى عشرة آلاف درهم
فمتوسط ومن ملك عشرة آلاف فما دونها ففقير
قدمه في الخلاصة
وأما المتوسط فهو المتوسط عرفا جزم به في
الرعايتين والحاويين وغيرهم وتقدم القول الذي
قدمه في الخلاصة
قوله : ومتى بذلوا الواجب عليهم لزم قبوله
وحرم قتالهم
ويلزم الإمام أيضا دفع من قصدهم بأذى ولا مطمع
بالذب عمن بدار الحرب
قال في الترغيب والمنفردون ببلد غير متصل
ببلدنا يجب ذب أهل الحرب عنهم على الأشبه
انتهى
ولو شرطنا أن لا نذب عنهم لم يصح الشرط
ويأتي ذلك في أثناء الباب الآتي بعده عند
قوله: وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم
قوله : ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه الجزية
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به في
المغني والشرح والمحرر وغيرهم بل أكثرهم قطع
به وقدمه في الفروع
قال في الإيضاح لا تسقط بالإسلام
قلت: وهذا ضعيف
ومنع في الانتصار وجوبها أصلا وأنها مراعاة
قوله : وإن مات بعد الحول أخذت من تركته
هذا المذهب وعليه معظم الأصحاب منهم الخرقي
وأبو بكر وابن حامد والقاضي في المجرد
والأحكام السلطانية وغيرهم وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في المحرر وغيره وصححه في الفروع
وغيره
قال المصنف والشارح هذا ظاهر كلام الإمام أحمد
رحمه الله
وقال القاضي في الخلاف يسقط ونصره
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لو مات في أثناء
الحول أنها تسقط وهو صحيح وهو المذهب قدمه في
الفروع وقيل تجب بقسطه
(4/164)
فوائد
الأولى وكذا الحكم خلافا ومذهبا إذا طرأ مانع
بعد الحول كالجنون وغيره
الثانية قوله : تؤخذ الجزية في آخر الحول
ويمتهنون عند أخذها ويطال قيامهم وتجر أيديهم
قال أبو الخطاب ويصفعون عند أخذها نقله
الزركشي ولا يقبل منهم إرسالها مع غيرهم لزوال
الصغار عنهم كما لا يجوز تفريقها بنفسه
قال ابن منجا في شرحه على قول المصنف ويمتهنون
عند أخذها فإن قيل المذكور مستحق أو مستحب
قيل فيه خلاف ويتفرع عليه عدم جواز التوكيل إن
قيل هو مستحق لأن العقوبة لا تدخلها النيابة
وكذا عدم صحة ضمان الجزية لأن البراءة تحصل
بأداء الضامن فتفوت الإهانة وإن قيل هو مستحب
انعكست هذه الأحكام انتهى
وقال في الرعاية الكبرى وهل للمسلم أن يتوكل
لذمي في أداء جزيته أو أن يضمنها أو أن يحيل
الذي عليه بها يحتمل وجهين أظهرهما المنع كما
سبق انتهى
قلت: فعلى المنع يعايى بها في الضمان والحوالة
والوكالة
وأما صاحب الفروع وغيره فأطلقوا الامتهان
الثالثة لا يصح شرط تعجيله ولا يقتضيه الإطلاق
على الصحيح من المذهب
قال الأصحاب لا نأمن نقض الأمان فيسقط حقه من
العوض وقدمه في الفروع وعند أبي الخطاب يصح
ويقتضيه الإطلاق
قوله : ويجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم
من المسلمين بلا نزاع
قوله : ويبين أيام الضيافة وقدر الطعام
والإدام والعلف وعدد من يضاف
إذا شرط عليهم الضيافة فيشترط تبيين ذلك لهم
كما ذكره المصنف ويبين لهم المنزل وما هو على
الغنى والفقر على الصحيح من المذهب في ذلك كله
اختاره القاضي وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى
وقيل يجوز إطلاق ذلك كله وقدمه في الكافي
واختاره
وقيل تقسم الضيافة على قدر جزيتهم ذكره في
الرعاية والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاويين
وغيرهم وعبارتهم كعبارة المصنف وقدمه في
الرعاية الكبرى
وقيل يجوز إطلاق ذلك كله وقدمه في الكافي
واختاره
(4/165)
قال في المغني
والشرح فإن شرط الضيافة مطلقا صح في الظاهر
قال أبو بكر إن أطلق قدر الضيافة فالواجب يوم
وليلة وأطلقهما في الفروع
وقيل يقسم الضيافة على قدر جزيتهم ذكره في
الرعاية وجزم به في المذهب والكافي والحاوي
الكبير
قوله : ولا يجب ذلك من غير شرط
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي
والمحرر والنظم والفروع والحاوي الكبير وغيرهم
وقال القاضي يجب وصححه المصنف والشارح
وقال في الرعايتين ويلزم يوم وليلة بلا شرط
وقيل وأطلقهما في الحاوي الصغير قال في
الرعايتين ولا يزيد على ثلاثة أيام
فائدة : لو جعل الضيافة مكان الجزية صح على
الصحيح من المذهب اختاره القاضي واقتصر عليه
في المغني وقدمه في الشرح ونصره لكن يشترط أن
يكون قدرها أقل من الجزية إذا قلنا الجزية
مقدرة الأقل
وقيل لا يصح العقد على ذلك جزم به في الرعاية
الكبرى والفصول وأطلقهما في الفروع
قوله : وإذا تولى إمام فعرف قدر جزيتهم وما
شرط عليهم أقرهم عليه
وكذا لو قامت بينة بذلك وكذلك لو كان ذلك
ظاهرا على الصحيح من المذهب واعتبر في
المستوعب ثبوته
قوله : وإن لم يعرف رجع إلى قولهم
يعني وله تحليفهم
هذا المذهب قدمه في المذهب ومسبوك الذهب
والخلاصة والمغني والشرح والرعايتين والحاويين
وغيرهم وجزم به في الكافي وغيره
وعند أبي الخطاب أنه يستأنف العقد معهم
قال في الهداية وعندي أنه يستأنف عقد الذمة
معهم على ما يؤدى إليه اجتهاده وأطلقهما في
المحرر والفروع
فعلى المذهب إن تبين كذبهم رجع عليهم
(4/166)
باب أحكام أهل الذمة
فائدة : لا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين بذل
الجزية والتزام أحكام الملة من جريان أحكام
المسلمين عليهم
فلذلك قال المصنف يلزم الإمام أن يأخذهم
بأحكام المسلمين في ضمان النفس والمال والعرض
وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه
وهذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب
وقطع به كثير منهم
وعنه إن شاء لم يقم عليهم حد زنى بعضهم على
بعض اختاره ابن حامد ومثله القطع بسرقة بعضهم
من بعض
قوله : ويلزمهم التميز عن المسلمين في شعورهم
بحذف مقادم رؤوسهم
قال في الفروع لا كعادة الأشراف
قال في الرعاية وقيل هو حلق شعر التحذيف من
العذار والنزعتين
فائدة : قوله : وكناهم فلا يكتنوا بكنى
المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله
وكذا أبو الحسن وأبو بكر وأبو محمد ونحوها
وكذا الألقاب كعز الدين ونحوه يمنعون من ذلك
كله قاله الشيخ تقي الدين
وقد كنى الإمام أحمد طبيبا نصرانيا فقال يا
أبا إسحاق
ونقل أبو طالب لا بأس به فإن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لأسقف نجران يا أبا الحارث أسلم
تسلم وقال عمر رضي الله عنه يا أبا حسان
قال في الفروع ويتوجه احتمال وتخريج بالجواز
للمصلحة ويحمل ما روى عليه
قوله: ولا تجوز بداءتهم بالسلام
هذا المذهب وعليه الأصحاب وفيه احتمال تجوز
للحاجة
قال في الآداب رأيته بخط الزريراني وقد قال
الإمام أحمد لا يعجبني
فعلى المذهب لو سلم عليه ثم علم أنه ذمي استحب
أن يقول رد على سلامي
فائدتان
إحداهما : مثل بداءتهم بالسلام قوله: لهم كيف
أصبحت وكيف أمسيت وكيف أنت وكيف حالك نص عليه
وجوزه الشيخ تقي الدين
(4/167)
وقال في الفروع
ويتوجه يجوز بالنية كما قاله الخرقي يقول
أكرمك الله قال نعم يعني بالإسلام
الثانية يجوز قوله: هداك الله زاد أبو المعالي
وأطال بقاءك ونحوه
قوله : وإن سلم أحدهم قيل له وعليكم
يعني أنه بالواو في وعليكم أولى وهو المذهب
وعليه عامة الأصحاب
قال في الرعاية الكبرى والآداب الكبرى واختار
أصحابنا بالواو
قلت: جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والبلغة
والشرح والنظم والوجيز وشرح ابن منجا
والرعايتين والحاويين ونهاية ابن رزين ومنتخب
الأدمى وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم
قال ابن القيم في بدائع الفوائد وأحكام الذمة
له والصواب إثبات الواو وبه جاءت أكثر
الروايات وذكرها الثقات الإثبات انتهى
وقيل الأولى أن يقول عليكم بلا واو وجزم به في
الإرشاد والمحرر وتذكرة ابن عبدوس وأطلقهما في
الفروع
فائدتان
إحداهما : إذا سلموا على مسلم لزمه الرد عليهم
قاله الأصحاب
وقال الشيخ تقي الدين يرد تحيته وقال يجوز أن
يقول له أهلا وسهلا وجزم في موضع آخر بمثل ما
قاله الأصحاب
الثانية كره الإمام أحمد مصافحتهم قيل له فإن
عطس أحدهم يقول له يهديكم الله قال إيش يقال
له كأنه لم يره
وقال القاضي ظاهره أنه لم يستحبه كما لا يستحب
بداءته بالسلام
وقال الشيخ تقي الدين فيه الروايتان قال والذي
ذكره القاضي يكره وهو ظاهر كلام الإمام أحمد
رحمه الله وابن عقيل وإنما بقي الاستحباب
وإن شمته كافر أجابه
قوله : وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح
والمحرر والنظم وشرح ابن منجا
إحداهما : يحرم وهو المذهب صححه في التصحيح
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع
(4/168)
والرواية
الثانية لا يحرم فيكره وقدمه في الرعاية
والحاويين في باب الجنائز ولم يذكر رواية
التحريم
وذكر في الرعايتين والحاويين رواية بعدم
الكراهة فيباح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته
وعنه يجوز لمصلحة راجحة كرجاء إسلامه اختاره
الشيخ تقي الدين ومعناه اختيار الآجري وأن قول
العلماء يعاد ويعرض عليه الإسلام
قلت: هذا هو الصواب وقد عاد النبي صلى الله
عليه وسلم صبيا يهوديا كان يخدمه وعرض عليه
الإسلام فأسلم
نقل أبو داود أنه إن كان يريد أن يدعوه إلى
الإسلام فنعم
وحيث قلنا يعزيه فقد تقدم ما يقول في تعزيتهم
في آخر كتاب الجنائز ويدعو بالبقاء وكثرة
المال والولد
زاد جماعة من الأصحاب منهم صاحب الرعايتين
والحاويين والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم
قاصدا كثرة الجزية
وقد كره الإمام أحمد الدعاء بالبقاء ونحوه لكل
أحد لآنه شيء فرغ منه
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله
ويستعمله ابن عقيل وغيره وذكره الأصحاب هنا
تنبيه ظاهر قوله : ويمنعون من تعلية البنيان
على المسلمين
أنه سواء كان المسلم ملاصقا أو لا وسواء رضي
الجار بذلك أو لا وهو صحيح
قال أبو الخطاب وابن عقيل لأنه حق لله زاد ابن
الزاغوني يدوم بدوام الأوقات ولو اعتبر رضاه
سقط حق من يحدث بعده
قال في الفروع فدل أن قسمة الوقف قسمة منافع
لا تلزم لسقوط حق من يحدث بعده
قال الشيخ تقي الدين وكذا لو كان البناء لمسلم
وذمي لآن ما لا يتم اجتناب المحرم إلا
باجتنابه فمحرم
فائدة : لو خالفوا وفعلوا وجب هدمه
قوله : وفي مساواتهم وجهان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة
والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاويين
والفروع والمذهب الأحمد
أحدهما لا يمنعون قال ابن عبدوس في تذكرته ولا
يعلون على جار مسلم وصححه
(4/169)
في التصحيح
وجزم به في الوجيز
والوجه الثاني يمنعون جزم به في المنور ونهاية
ابن رزين ونظمها
قوله : وإن ملكوا دارا عالية من مسلم لم يجب
نقضها
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير
منهم
وقيل يجب نقضها وهو احتمال في المغني وغيره
ولو انهدمت هذه الدار أو هدمت لم تعد عالية
على الصحيح من المذهب وقيل بلى
فائدة : وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو بنى مسلم
دارا عند دورهم دون بنيانهم
قوله : ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله إجماعا
واستثنى الأصحاب ما اشترطوه فيما فتح صلحا على
أنها لنا
فائدة : في لزوم هدم الموجود منها في العنوة
وقت فتحها وجهان وهما في الترغيب إن لم يقر به
أخذ بجزية وإلا لم يلزم
قال الشيخ تقي الدين وبقاؤه ليس تمليكا فيأخذه
لمصلحة
وأطلق الخلاف في المغني والشرح والفروع
أحدهما لا يلزم وهو المذهب صححه في النظم
وقدمه في الكافي وإليه مال في المغني والشرح
والوجه الثاني يلزم واختار الشيخ تقي الدين
رحمه الله تعالى جواز هدمها مع عدم الضرر
علينا
وقيل يمنع من هدمها
قال في الرعاية الكبرى وهو أشهر قال في الفروع
كذا قال
قوله : ولا يمنعون من رم شعثها
هذا المذهب جزم به في الهداية وإدراك الغاية
وتجريد العناية والكافي وقال رواية واحدة
وقال في الرعايتين هذا أصح وقدمه في الفروع
والمحرر والنظم وغيرهم
وعنه المنع من ذلك اختاره الأكثر
قال ابن هبيرة كمنع الزيادة
(4/170)
قال في المحرر
ونصرها القاضي في خلافه وأطلقهما في المذهب
ومسبوك الذهب والحاويين
قوله : وفي بناء ما استهدم منها ولو كلها
روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والبلغة والرعايتين والحاويين والقواعد
الفقهية
إحداهما : المنع من ذلك وهو المذهب صححه في
التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر
والفروع والكافي والنظم وإليه ميله في المغني
والشرح ونصره القاضي في خلافه
قال ابن هبيرة اختاره الأكثر
قال ناظم المفردات ويمنع من بنائها إذا انهدمت
وهو من المفردات
والرواية الثانية يجوز ذلك قال في الخلاصة
ويبنون ما استهدم على الأصح وقال في القواعد
الفقهية عن الخلاف بناء على أن الإعادة هل هي
استدامة أو إنشاء
وقيل إن جاز بناؤها جاز بناء بيعة مستهدمة
ببلد فتحناه
قال في القواعد ولو فتح بلد عنوة وفيه كنيسة
منهدمة فهل يجوز بناؤها فيه طريقان
أحدهما المنع منه مطلقا
والثاني بناؤه على الخلاف
فائدتان
إحداهما : حكم المهدوم ظلما حكم المهدوم بنفسه
على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر
وقيل يعاد المهدوم ظلما قال في الفروع وهو
أولى
الثانية قوله : ويمنعون من إظهار المنكر وضرب
الناقوس والجهر بكتابهم
يعني يجب المنع من ذلك كله
ويمنعون أيضا من إظهار عيد وصليب ورفع صوت على
ميت
قال الشيخ تقي الدين ويمنعون من إظهار الأكل
والشرب في رمضان
واختاره ابن الصيرفي ونقله عن القاضي
قال في القواعد الأصولية وقد يكون هذا مبنيا
على تكليفهم قال والأظهر يمنعون مطلقا وإن
قلنا بعدم تكليفهم انتهى
قلت: هذا مما يقطع به لأن المنع من إظهار ذلك
فقط
(4/171)
وتقدم نظير ذلك
فيمن أبيح له الفطر من المسلمين في أول كتاب
الصيام بعد قوله: وإن رأى هلال شوال وحده لم
يفطر
قال في الفروع وإن أظهروا بيع مأكول في رمضان
منعوا ذكره القاضي
ولا يجوز أن يتعلموا الرمي وظاهره لا في غير
سوقنا إن اعتقدوا حله
ويمنعون أيضا من إظهار الخمر والخنزير فإن
أظهروهما أتلفناهما وإلا فلا نص عليه
ويمنعون أيضا من شراء المصحف
وقال في المغني والشرح والرعاية وغيرهم وكتاب
حديث وفيه زاد في الرعاية وامتهان ذلك ولا
يصحان أومأ إليهما أحمد رحمه الله
وقيل في الفقه والحديث وجهان
واقتصر في عيون المسائل على المصحف وسنن النبي
صلى الله عليه وسلم
ويكره أن يشتروا ثوبا مطرزا بذكر الله أو
كلامه
قال في الرعاية قلت: ويحتمل التحريم والبطلان
ويكره للإمام تعليمهم القرآن لا الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم
والمنصوص التحريم على ما يأتي قريبا والأول
المذهب قدمه في الفروع وهو اختيار القاضي
قال في الرعاية وتعليمهم بعض العلوم الشرعية
يحتمل وجهين والكراهة أظهر انتهى
قوله : ويمنعون من دخول الحرم
هذا المذهب نص عليه مطلقا وعليه الأصحاب ولو
غير مكلف
وقيل لهم دخوله وأومأ إليه في رواية الأثرم
ووجه في الفروع احتمالا بالمنع من المسجد
الحرام لا الحرم لظاهر الآية
وقيل يمنعون من دخول الحرم إلا لضرورة
وقال ابن الجوزي يمنعون من دخوله إلا لحاجة
قال ابن تميم في أواخر اجتناب النجاسة ليس
للكافر دخول الحرمين لغير ضرورة وقطع به ابن
حامد
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنهم لا يمنعون من
دخول حرم المدينة وهو صحيح فيجوز وهو المذهب
قال في الفروع هذا الأشهر
(4/172)
قال في الرعاية
قلت: بإذن مسلم
وقيل يمنعون أيضا اختاره القاضي في بعض كتبه
وحكي عن ابن حامد وقدمه في الرعاية الكبرى
فائدة : قوله : ويمنعون من الإقامة بالحجاز
كالمدينة واليمامة وخيبر
اعلم أن الحجاز هو الحاجز بين تهامة ونجد كمكة
والمدينة واليمامة وخيبر والينبع وفدك وما
والاها من قراها
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ومنه تبوك
ونحوها وما دون المنحنى وهو عقبة الصوان
قوله : فإن دخلوا للتجارة لم يقيموا في موضع
واحد اكثر من أربعة أيام
هذا أحد الوجهين اختاره القاضي
والوجه الثاني لا يقيمون أكثر من ثلاثة أيام
وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز
والكافي والهادي والمنور ومنتخب الأدمى ونهاية
ابن رزين ونظمها وقدمه في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني
والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاويين
وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم
فعليهما إن كان له دين حال أجبر غريمه على
وفائه فإن تعذر وفاؤه لمطل أو تغيب فينبغي أن
تجوز له الإقامة ليستوفي حقه
قلت: لو أمكن الاستيفاء بوكيل منع من الإقامة
وإن كان دينه مؤجلا لم يمكن من الإقامة ويوكل
من يستوفيه
قلت: فينبغي أن يمكن من الإقامة إذا تعذر
الوكيل
فائدة : قوله : وعنه إن مرض لم يخرج حتى يبرأ
يعني يجوز إقامته حتى يبرأ وهذا بلا نزاع
ويأتي كلامه في الرعاية وتجوز الإقامة أيضا
لمن يمرضه
قوله : وإن مات دفن به
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والكافي والهادي والمغني والشرح والمحرر
والوجيز وغيرهم
وفيه وجه لا يدفن به
وقال في الرعاية قلت: إن شق نقل المريض والميت
جاز إبقاء المريض ودفن الميت وإلا فلا.
(4/173)
قوله : وهل لهم
دخول المساجد
يعني مساجد الحل بإذن مسلم على روايتين
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
إحداهما : ليس لهم دخولها مطلقا وهو المذهب
جزم به في المنور ونظم نهاية ابن رزين وقدمه
في الفروع والمحرر وإدراك الغاية
قال في الرعاية المنع مطلقا أظهر
والرواية الثانية يجوز بإذن مسلم كاستئجاره
لبنائه ذكره المصنف في المغني والمذهب
قال في الشرح جاز في الصحيح من المذهب
قال في الكافي وتبعه ابن منجا هذا الصحيح من
المذهب وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى وصححه
في التصحيح
وعنه يجوز بإذن مسلم إذا كان لمصلحة
وقدم في الحاوي الكبير الجواز لحاجة بإذن مسلم
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز لهم
دخولها بلا إذن مسلم وهو صحيح وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والمنور
ومنتخب الأدمى وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر
وغيرهما
قال المصنف والشارح هذا أصح
قال في الرعاية هذا أظهر وحكى المصنف وغيره
رواية بالجواز
وعنه يجوز بلا إذن إذا كان لمصلحة ذكرها بعضهم
وقال في المستوعب هل يجوز لأهل الذمة دخول
مساجد الحل على روايتين
فظاهر الإطلاق وكلام القاضي يقتضي جوازه مطلقا
لسماع القرآن والذكر ليرق قلبه ويرجى إسلامه
وقال أبو المعالي إن شرط المنع في عقد ذمتهم
منعوا وإلا فلا
وروى أحمد عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام
لا يدخل مساجدنا بعد عامنا هذا غير أهل الكتاب
وخدمهم
قال في الفروع فيكون لنا رواية بالتفرقة بين
الكتابي وغيره
تنبيه قال في الآداب الكبرى بعد ذكره الخلاف
ظهر من هذا أنه هل يجوز لكافر دخول مساجد الحل
فيه روايتان ثم هل الخلاف في كل كافر أو في
أهل الذمة فقط فيه طريقتان وهذا محل الخلاف مع
إذن مسلم لمصلحة أو لا يعتبر أو يعتبر إذن
المسلم فقط فيه ثلاث طرق انتهى
(4/174)
وقال في الفروع
بعد ذكر الروايتين ثم منهم من أطلقها يعني
الرواية الثانية ومنهم من قيدها بالمصلحة
ومنهم من جوز ذلك بإذن مسلم ومنهم اعتبرهما
معا انتهى
فعلى القول بالجواز هل يجوز دخولها وهو جنب
فيه وجهان وأطلقهما في الفروع والآداب الكبرى
والرعاية الكبرى في باب الغسل والقواعد
الأصولية والرعاية الصغرى في مواضع الصلاة
والحاوي الصغير وتقدم هذا هناك
تنبيه حيث قلنا بالجواز فإنه مقيد بأن لا يقصد
ابتذالها بأكل ونوم ذكره في الأحكام السلطانية
فائدتان
إحداهما : يجوز استئجار الذمي لعمارة المساجد
على الصحيح من المذهب وجزم به المصنف وغيره
وكلام القاضي في أحكام القرآن يدل على أنه لا
يجوز
الثانية يمنعون من قراءة القرآن على الصحيح من
المذهب نص عليه وقال القاضي في التخريج لا
يمنعون
قال في القواعد الأصولية هذا يحسن أن يكون
مبنيا على أنهم هل هم مخاطبون بفروع الإسلام
ويأتي هل يصح إصداق الذمية إقراء القرآن في
الصداق
قوله : وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ثم عاد
فعليه نصف العشر وإن اتجر حربي إلينا أخذ منه
العشر
هذا المذهب فيهما مطلقا وعليه أكثر الأصحاب
وجزم به في المحرر والمنور والوجيز وغيرهم
وقدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم
وذكر في الترغيب وغيره رواية يلزم الذمي العشر
وجزم به في الواضح
وذكر ابن هبيرة عنه يجب العشر على الحربي ما
لم يشترط أكثر
وفي الواضح يؤخذ من الحربي الخمس
وقيل لا يؤخذ من تاجر الميرة المحتاج إليها
شيء إذا كان حربيا اختاره القاضي
وذكر المصنف والشارح أن للإمام ترك العشر عن
الحربي إذا رآه مصلحة
وقال ابن عقيل الصحيح أنه لا يجوز أخذ شيء من
ذلك إلا بشرط وتراض بينهم وبين الإمام
وقال القاضي في شرحه الصغير الذمي غير التغلبي
يؤخذ منه الجزية وفي غيرها روايتان .
(4/175)
إحداهما : لا
شيء عليهم غيرها اختاره شيخنا
والثانية عليهم نصف العشر في أموالهم
وعلى ذلك هل يختص ذلك بالأموال التي يتجرون
بها إلى غير بلدنا على روايتين
إحداهما : يختص بها
والثانية يجب في ذلك وفيما لا يتجرون به من
أموالهم وثمارهم ومواشيهم
قال وأهل الحرب إذا دخلوا إلينا تجارا بأمان
أخذ منهم العشر دفعة واحدة سواء عشروا هم
أموال المسلمين إذا دخلت إليهم أم لا ؟
وعنه إن فعلوا ذلك بالمسلمين فعل بهم وإلا فلا
انتهى.
وأخذ العشر منهم من المفردات قال ناظمها:
والكافر التاجر إن مر على ... عاشرنا نأخذ
عشرا انجلى
حتى ولو لم ذا عليهم شرطا ... أو لم يبيعوا
عندنا ما سقطا
أو لم يكونوا يفعلون ذاك بنا ... هذا هو
الصحيح من مذهبنا
انتهى
تنبيه شمل كلام المصنف الذمي التغلبي وهو صحيح
وهو المذهب
قال المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الخرقي وهو
أقيس وقدمه في الفروع والنظم والكافي وذلك ضعف
ما على المسلمين
وعنه يلزم التغلبي العشر نص عليه وجزم به في
الترغيب بخلاف ذمي غيره
وقيل لا شيء عليه قدمه في المحرر والرعايتين
والحاويين
قال الناظم وهو بعيد
فوائد
إحداها : الصحيح من المذهب أن المرأة التاجرة
كالرجل في جميع ما تقدم وعليه جماهير الأصحاب
وقدمه في المغني والشرح والفروع والمحرر
وغيرهم
قال الزركشي هذا المذهب
وقال القاضي ليس على المرأة عشر ولا نصف عشر
إلا إذا دخلت الحجاز تاجرة فيجب عليها ذلك
لمنعها منه
قال المصنف لا نعرف هذا التفصيل عن أحمد ولا
يقتضيه مذهبه
الثانية الصغير كالكبير على الصحيح من المذهب
وقيل لا يلزمه شيء
الثالثة يمنع دين الذمي نصف العشر كما يمنع
الزكاة إن ثبت ذلك ببينة
(4/176)
الرابعة لو كان
معه جارية فادعى أنها زوجته أو ابنته فهل يصدق
أم لا فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والمغني
والشرح والزركشي
إحداهما : يصدق قدمه في الرعاية الكبرى وشرح
ابن رزين
قلت: وهو الصواب لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته
والثانية لا يصدق وقال في الروضة لا عشر في
زوجته وسريته
قوله : ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير
هذا الصحيح من المذهب سواء كان التاجر ذميا أو
حربيا نص عليه وجزم به في الوجيز وقدمه في
الفروع والمحرر وصححه في النظم واختاره القاضي
وغيره
وقيل لا يؤخذ من أقل من عشرين دينارا وهو
رواية عن أحمد وأطلقهما في الكافي
وقيل تجب في تجارتيهما
قلت: اختاره ابن حامد وقدمه في الخلاصة
والرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلام الخرقي
وأطلق الأول والثالث في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب
وذكر في التبصرة عن القاضي أنه قال إن بلغت
تجارته دينارا فأكثر وجب فيه
إذا علمت ذلك فالصحيح أن الحربي مساو للذمي في
هذه الأقوال
قال في الفروع بعد أن ذكر هذه الأقوال في
الذمي وإن اتجر حربي إلينا وبلغت تجارته كذمي
انتهى
ونقل صالح اعتبار العشرين للذمي والعشرة
للحربي
وقال القاضي أبو الحسين يعشر للذمي بعشرة
وللحربي خمسة انتهى
وقيل يجب في نصف ما يجب في مقداره من الذمي
قوله : ويؤخذ في كل عام مرة
هذا الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جمهور
الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في
الفروع والمحرر والهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح
ونصراه
قال في الكافي هذا الصحيح وصححه في النظم أيضا
وقال ابن حامد يؤخذ من الحربي كلما دخل إلينا
واختاره الآمدي وقدمه في الرعايتين والحاوي
الصغير ونهاية ابن رزين ونظمها
وظاهر الحاوي الكبير الإطلاق
(4/177)
فائدة : لا
يعشر ثمن الخمر والخنزير على الصحيح من المذهب
نص عليه قدمه في الفروع والحاويين والمحرر
والرعاية الصغرى
وعنه يعشران جزم به في الروضة والغنية وزادوا
أنه يؤخذ عشر ثمنه وأطلقهما في الكافي
والرعاية الكبرى
وخرج المجد يعشر ثمن الخمر دون الخنزير
قوله : وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم
واستنقاذ من أسر منهم
يلزم الإمام حمايتهم من مسلم وذمي وحربي جزم
به المصنف والشارح وصاحب الرعايتين والحاويين
والوجيز والمحرر وغيرهم
وأما استنقاذ من أسر منهم فجزم المصنف هنا
بلزومه وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز
والرعايتين والحاويين وغيرهم وقدمه في الشرح
وقال هو ظاهر كلام الخرقي وقدمه في النظم
وقال القاضي إنما يجب فداؤهم إذا استعان بهم
الإمام في القتال فسبوا
قال المصنف والشارح والزركشي وهو المنصوص عن
أحمد
قوله : وإن تحاكم بعضهم مع بعض أو استعدى
بعضهم على بعض خير بين الحكم بينهم وبين تركهم
هذا إحدى الروايات أعني الخيرة في الحكم وعدمه
وبين الاستعداء وعدمه قال في المحرر والفروع
وهو الأشهر عنه
قال الزركشي وهو المشهور وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في المغني والشرح والرعايتين
والحاويين
وعنه يلزمه الأعداء والحكم بينهم قدمه في
المحرر وأطلقهما في الكافي
وعنه يلزمه إن اختلفت الملة وإلا خير وأطلقهن
في الفروع
وعنه إن تظالموا في حق آدمي لزمهم الحكم وإلا
فهو مخير قال في المحرر وهو أصح عندي
وقال في الروضة في إرث المجوس يخير إذا
تحاكموا إلينا واحتج بأنه التخيير
قال في الفروع فظاهر ما تقدم أنهم على الخلاف
لأنهم أهل ذمة ويلزمهم حكمنا لا شريعتنا
(4/178)
تنبيه متى قلنا
له الخيرة جاز له أن يعدى ويحكم بطلب أحدهما
على الصحيح من المذهب
وعنه لا يجوز إلا باتفاقهما كما لو كانوا
مستأمنين اتفاقا
فائدتان
إحداهما : لا يحضر يهوديا يوم السبت ذكره ابن
عقيل أي لبقاء تحريمه وفيه وجهان أو لا يحضره
مطلقا لضرره بإفساد سبته
قال ابن عقيل ويحتمل أن السبت مستثنى من عمل
في إجارة ذكر ذلك في الفروع واقتصر عليه قاله
في المحرر وشرحه والنظم
وقال في الرعايتين والحاويين وفي بقاء تحريم
يوم السبت عليهم وجهان
ويأتي هذا أيضا في باب الوكالة
الثانية لو تحاكم إلينا مستأمنان خير في الحكم
وعدمه بلا خلاف أعلمه
قوله : وإن تبايعوا بيوعا فاسدة وتقابضوا لم
ينقض فعلهم وإن لم يتقابضوا فسخه سواء كان قد
حكم بينهم حاكمهم أو لا
الصحيح من المذهب أنهم إذا لم يتقابضوا بيوعهم
وكانت فاسدة يفسخها
ولو كان قد ألزمهم حاكمهم بذلك وجزم به في
المغني والشرح والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع
وغيره
وقيل إذا ترافعوا إلينا بعد أن ألزمهم حاكمهم
بالقبض نفذ حكمه وهذا لالتزامهم بحكمه لا
للزومه لهم
قال في الفروع والأشهر هنا أنه لا يلزمهم حكمه
لأنه لغو لعدم وجود الشرط وهو الإسلام
وأطلقهما في الرعايتين
وقال في الرعاية الكبرى وقيل هما روايتان
وقال في الحاويين وإن ألزمهم حاكمهم القبض
احتمل نقضه وإمضاؤه انتهى
وعنه في الخمر المقبوضة دون ثمنها يدفعه
المشتري إلى البائع أو وارثه بخلاف خنزير
لحرمة عينه فلو أسلم الوارث فله الثمن قاله في
المبهج والمستوعب والترغيب والرعايتين
والحاويين لثبوته قبل إسلامه ونقله أبو داود
قوله : وإن تهود نصراني أو تنصر يهودي لم يقر
ولم يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان
عليه
(4/179)
هذه إحدى
الروايات قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب
وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية والخلاصة
وإدراك الغاية
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام وهو رواية
عن الإمام أحمد رحمه الله فلا يقر على غير
الإسلام
وعنه يقر مطلقا وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره
الخلال وصاحبه أبو بكر وقدمه في الرعايتين
والحاويين والنظم وأطلقهن في الشرح
وعنه يقر على أفضل مما كان عليه كيهودي تنصر
في وجه ذكره في الوسيلة
قال الشيخ تقي الدين اتفقوا على التسوية بين
اليهودية والنصرانية لتقابلهما وتعارضهما
وأطلقهن في الفروع والمحرر وتجريد العناية
تنبيهان
أحدهما حيث قلنا لا يقر فيما تقدم وأبي هدد
وضرب وحبس على الصحيح من المذهب
قال ابن منجا هذا المذهب واختاره وجزم به في
المحرر والفروع وقدمه في الرعايتين والحاويين
ويحتمل أن يقبل وهو رواية في الشرح وأطلقهما
الثاني حيث قلنا يقتل فهل يستتاب فيه وجهان
وأطلقهما في المغني والشرح
قلت: الأولى الاستتابة لا سيما إذا قلنا لا
يقبل منه إلا الإسلام
قوله : "وإن انتقل إلى غير دين أهل الكتاب"
يعني اليهود والنصارى "أو انتقل المجوسي إلى
غير دين أهل الكتاب لم يقر" إذا انتقل الكتابي
إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه هذا
المذهب
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا
قلت: ونص عليه وجزم به ابن منجا في شرحه وصاحب
الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين
وعنه يقر على دين يقر أهله عليه كما إذا تمجس
وهو قول في الرعاية وغيرها
فعلى المذهب لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف
نص عليه أحمد واختاره الخلال وصاحبه وجزم به
ابن منجا في شرحه والمصنف هنا وقدمه في
الرعايتين والحاويين
وعنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي
كان عليه
وعنه يقبل منه أحد ثلاثة أشياء الإسلام أو
الدين الذي كان عليه أو دين أهل الكتاب
وأطلقهن في المغني والمحرر والشرح والفروع.
(4/180)
وأما إذا انتقل
المجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه
ولم يقبل منه إلا الإسلام فإن أبى قتل وهو
المذهب وإحدى الروايات جزم به ابن منجا في
شرحه والرعايتين والحاويين واختاره الخلال
وصاحبه
وعنه يقبل منه الإسلام أو دين أهل الكتاب
وعنه أو دينه الأول وأطلقهن في الفروع
قوله : وإن انتقل غير الكتابي إلى دين أهل
الكتاب أقر
إذا انتقل غير الكتابي إلى دين أهل الكتاب فلا
يخلو إما أن يكون مجوسيا أو غير مجوسي فإن كان
غير مجوسي فالصحيح من المذهب أنه يقر
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في
الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين
قال في الفروع وإن انتقل غير كتابي ومجوسي إلى
دينهما قبل البعث فله حكمها وكذا بعدها
وعنه إن لم يسلم قتل وعنه وإن تمجس انتهى
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام
فإن لم يسلم قتل وهو رواية عن أحمد ذكرها
الأصحاب
وإن كان مجوسيا فانتقل إلى دين أهل الكتاب
فالصحيح من المذهب أنه يقر نص عليه
قال ابن منجا هذا المذهب وجزم به في الوجيز
وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين
ويحتمل أن لا يقبل منه إلا الإسلام وهو رواية
عن أحمد رحمه الله
وعنه رواية ثالثة لا يقبل منه إلا الإسلام أو
دينه الذي كان عليه وهو قول في الرعايتين
والحاويين وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر
والفروع
قوله : فإن تمجس الوثني فهل يقر على روايتين
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن منجا
إحداهما : يقر عليه وهو المذهب صححه في
التصحيح
قال الشارح وهو أولى وقدمه في الرعايتين
والحاويين والفروع وتقدم لفظه
والثانية لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو
السيف
تنبيه ذكر الأصحاب أنه لو تهود أو تنصر أو
تمجس كافر قبل البعثة وقبل التبديل أقر بلا
نزاع وأخذت منه الجزية بلا نزاع
(4/181)
وإن كان قبل
البعثة وبعد التبديل فهل هو كما قبل التبديل
أو كما بعد البعثة فيه خلاف سبق في باب الجزية
وإن كان بعد البعثة أو قبلها وبعد التبديل على
القول بأنه كما بعد البعثة فهذا محل هذه
الأحكام المذكورة هنا والخلاف إنما هو في هذا
الأخير فليعلم ذلك صرح به الأصحاب منهم صاحب
المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم
وقد تقدم في أول باب عقد الذمة التنبيه على
بعض ذلك في كلام المصنف رحمه الله وغيره
فائدة : قوله : وإذا امتنع الذمي من بذل
الجزية أو التزام أحكام الملة انتقض عهده
بلا نزاع لكن قال المصنف وتبعه الشارح ينتقض
عهده بشرط أن يحكم به حاكم
قال الزركشي ولم أر هذا الشرط لغيره انتهى
وكذا لو أبى من الصغار انتقض عهده قاله الشيخ
تقي الدين
وكذا لو لحق بدار الحرب مقيما بها على الصحيح
من المذهب
قال في الفروع هذا الأشهر وجزم به في الحاويين
والرعايتين والمغني والشرح وغيرهم
وقيل لا ينتقض عهده بذلك
وكذا لو قاتل المسلمين انتقض عهده بلا خلاف
قوله : وإن تعدى على مسلم بقتل أو قذف أو زنا
أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس أو ذكر
الله تعالى أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه
وسلم بسوء فعلى روايتين
وكذلك لو فتن مسلما عن دينه أو أصاب مسلمة
باسم نكاح ونحوهما وأطلقهما في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والهادي
والمغني والبلغة والشرح وغيرهم ولم يذكر القذف
في الكافي والهادي والبلغة بل عدا ذلك ثمانية
ولم يذكراه
إحداهما : ينتقض عهده بذلك في غير القذف وهو
المذهب سواء شرط عليهم أو لا اختاره القاضي
والشريف أبو حفص وصححه في النظم
قال الزركشي ينتقض على المنصوص والمختار
للأصحاب
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمى
وغيرهم
(4/182)
وقدمه في مسبوك
الذهب والمحرر والفروع والرعايتين والحاويين
وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقيد أبو
الخطاب القتل بالعمد وهو حسن وهو ظاهر كلام
المصنف هنا وظاهر كلام جماعة الإطلاق
والصواب الأول والظاهر أنه مراد من أطلق
والرواية الثانية لا ينتقض عهده بذلك ما لم
يشترط عليهم لكن يقام
عليه الحد فيما يوجبه ويقتص منه فيما يوجب
القصاص ويعزر فيما سوى ذلك بما ينكف به أمثاله
عن فعله
وذكر في الوسيلة إن لم ننقضه في غير ذكر الله
أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء
وشرط عليه فوجهان
وقال في الرعاية قلت: ويحتمل النقض بمخالفة
الشرط
وأما القذف فالمذهب أنه لا ينقض عهده به نص
عليه في رواية وقدمه في المحرر والفروع وصححه
في النظم
وعنه ينقض ذكرها المصنف هنا وجماعة من الأصحاب
قال ابن منجا هذا المذهب وهو أولى وجزم به في
الوجيز وتجريد العناية وقدمه في الرعايتين
والحاويين
وذكر هذه الرواية في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين
والحاويين وغيرهم قال الزركشي وحكى أبو محمد
رواية في المقنع بالنقض ولعله أراد مخرجه
تنبيه حكى الروايتين في القذف وغيره المصنف
رحمه الله وجماعة كثيرة من الأصحاب
وقال في المحرر وإن قذف مسلما لم ينقض نص عليه
وقيل بلى وإن فتنه عن دينه وعدد ما تقدم انتقض
نص عليه
وقيل فيه روايتان بناء على نصه في القذف
والأصح التفرقة انتهى
وقال في تجريد العناية إذا زنى بمسلمة وعدد ما
تقدم انتقض عهده نصا وخرج لا من قذف مسلم نصا
وقدم هذه الطريقة في الفروع
فائدة : حكم ما إذا سحره فآذاه في تصرفه حكم
القذف نص عليهما
قوله : وإن أظهر منكرا أو رفع صوته بكتابه
ونحوه لم ينتقض عهده
هذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب
(4/183)
قال الشارح قال
غير الخرقي من أصحابنا لا ينتقض عهده
قال الزركشي هذا اختيار الأكثر وصححه في النظم
وغيره وقدمه في المحرر وغيره واختاره القاضي
وغيره
وظاهر كلام الخرقي أنه ينتقض إن كان مشروطا
عليهم وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة والفروع
فائدة : وكذا حكم كل ما شرط عليهم فخالفوه
تنبيه محل الخلاف بين الخرقي والجماعة إذا
اشترط عليهم
قال الزركشي لا خلاف فيما أعلم أنه إذا لم
يشترط عليهم لا ينتقض به عهدهم وإن اشترط
عليهم فقولان اختيار الخرقي واختيار الأكثر
وقال في الفروع وإن أتى بما منع منه في الفصل
الأول فهل يلزم تركه بعقد الذمة فيه وجهان وإن
لزم أو شرط تركه ففي نقضه وجهان
وذكر ابن عقيل روايتين وذكر في مناظراته في
رجم يهوديين زنيا يحتمل نقض العهد وينتقض
بإظهار ما أخذ عليهم ستره مما هو دين لهم فكيف
بإظهار ما ليس بدين انتهى
وذكر جماعة الخلاف مع الشرط فقط
قال ابن شهاب وغيره يلزم أهل الذمة ما ذكر في
شروط عمر وذكره ابن رزين
لكن قال ابن شهاب من أقام من الروم في مدائن
الشام لزمتهم هذه الشروط شرطت عليهم أو لا قال
وما عدا الشام فقال الخرقي إن شرط عليهم في
عقد الذمة انتقض العهد بمخالفته وإلا فلا لأنه
قال ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا
عليه حل ماله ودمه
وقال الشيخ تقي الدين في نصراني لعن مسلما تجب
عقوبته بما يردعه وأمثاله عن ذلك وفي مذهب
أحمد وغيره قول يقتل لكن المعروف في المذاهب
الأربعة القول الأول انتهى كلام صاحب الفروع
قوله : ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده بنقض عهده
هذا المذهب وسواء لحقوا بدار الحرب أو لا نقله
عبد الله وجزم به في المغني والمحرر
والرعايتين والحاويين والنظم والوجيز وغيرهم
وقدمه في الفروع وقال جزم به جماعة
وقال في العمدة ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده
إلا أن يذهب بهم إلى دار الحرب
قلت: وهو الصواب
(4/184)
وذكر القاضي في
الأحكام السلطانية أنه ينتقض في أولاده كولد
حادث بعد نقضه بدار الحرب نقله عبد الله
ولم يقيد في الفصول والمحرر الولد الحادث بدار
الحرب
تنبيه ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا ينتقض
عهدهم ولو علموا بنقض عهد أبيهم أو زوجهن ولم
ينكروه وهو أحد الوجهين
وقيل ينتقض إذا علموا ولم ينكروا وقدمه في
الرعاية الكبرى وجزم به في الصغرى كالهدنة
قلت: والظاهر أن محلهما في المميز وأطلقهما في
الفروع
فائدة : لو جاءنا بأمان فحصل له ذرية عندنا ثم
نقض العهد فهو كذمي ذكره في المنتخب واقتصر
عليه في الفروع
وتقدم نقض عهده في ذريته في المهادنة
وكذا من لم ينكر عليهم أو لم يغير لهم أو لم
يخبر به الإمام ونحوه في باب الهدنة
قوله : وإذا انتقض عهده خير الإمام فيه
كالأسير الحربي
فيخير فيه كما تقدم في أثناء كتاب الجهاد
هذا المذهب قال في الفروع وهو الأشهر واختاره
القاضي وقدمه في الشرح وجزم به ابن منجا في
شرحه
وقيل يتعين قتله وهو ظاهر كلام الخرقي قال في
المحرر والنظم هذا المنصوص
قلت: هو المذهب وقدمه في النظم والرعايتين
والحاويين وأطلقهما في الفروع والمحرر
وقيل من نقض العهد بغير القتال ألحق بمأمنه
وقيل يتعين قتل من سب النبي صلى الله عليه
وسلم
قلت: وهذا هو الصواب وجزم به في الإرشاد وابن
البنا في الخصال وصاحب المستوعب والمحرر
والنظم وغيرهم واختاره القاضي في الخلاف
وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا هو الصحيح من
المذهب
قال الزركشي يتعين قتله على المذهب وإن أسلم
قال الشارح وقال بعض أصحابنا فيمن سب النبي
صلى الله عليه وسلم يقتل بكل حال وذكر أن أحمد
نص عليه
(4/185)
فائدتان
إحداهما : محل هذا الخلاف فيمن انتقض عهده ولم
يلحق بدار الحرب فأما إن لحق بدار الحرب فإنه
يكون كالأسير الحربي قولا واحدا جزم به في
الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي
الكبير وغيرهم وفي ماله الخلاف الآتي قاله
الزركشي وغيره
وتقدم إذا رق بعد لحوقه بدار الحرب وله مال في
بلد الإسلام ما حكمه في باب الأمان
الثانية لو أسلم من انتقض عهده حرم قتله ذكره
جماعة منهم صاحب الرعاية وقدمه في الفروع وقال
والمراد غير الساب لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فإنه يقتل ولو أسلم على ما تقدم
وقال في المستوعب عمن حرم قتله وكذا يحرم رقه
وكذا قال في الرعاية وإن رق ثم أسلم بقي رقه
وذكر الشيخ تقي الدين أن أحمد قال فيمن زنى
بمسلمة يقتل قيل له فإن أسلم قال يقتل وإن
أسلم هذا قد وجب عليه
وقال الشيخ تقي الدين أيضا فيمن قهر قوما من
المسلمين ونقلهم إلى دار الحرب ظاهر المذهب
أنه يقتل ولو بعد إسلامه وأنه أشبه بالكتاب
والسنة كالمحارب
قوله : وماله فيء في ظاهر كلام الخرقي
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد فينقض عهده في ماله
كما ينتقض عهده في نفسه وهو المذهب صححه في
المحرر وقدمه في الفروع ذكراه في أثناء باب
الأمان وقدمه في النظم في باب نقض العهد وقدمه
في المحرر والرعايتين والحاوي الكبير والخلاصة
ونهاية ابن رزين ونظمها
وقال أبو بكر يكون لورثته فلا ينتقض عهده في
ماله فإن لم يكن له ورثة فهو فيء وهو رواية عن
أحمد
قال في الرعاية وعنه إرث فإذا تاب قبل قتله
دفع إليه وإن مات فلوارثه وأطلقهما في المغني
والشرح والحاوي الصغير والمذهب وشرح ابن منجا
وقال وقيل الخلاف المذكور مبني على انتقاض
العهد في المال بنقضه في صاحبه فإن قيل ينتقض
كان فيئا وإن قيل لا ينتقض انتقل إلى الورثة
انتهى
قلت: هذه طريقة صاحب الرعايتين والحاويين
وجماعة
(4/186)
|