الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

كتاب العتق
باب العتق
...
كتاب العتق :
فائدة: العتق عبارة عن تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
قاله المصنف والشارح.
قوله: "وهو من أفضل القرب".
هكذا قال أكثر الأصحاب.
وقال في التبصرة والحاوي الصغير هو أحب القرب إلى الله تعالى.
فوائد :
منها أفضل عتق الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا نقله الجماعة عن الأمام أحمد رحمه الله.
قال في الفروع وظاهره ولو كافرة وفاقا للإمام مالك رحمه الله وخالفه أصحابه.
قال في الفروع ولعله مراد الإمام أحمد رحمه الله لكن يثاب على عتقه.
قال في الفنون لا يختلف الناس فيه.
ومنها عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى على الصحيح من المذهب.
نص عليه في رواية ابن منصور.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمي والمغنى والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والفروع والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
وعنه عتق الأنثى للأنثى أفضل نص عليه في رواية عبد الله.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير وإدراك الغاية.
ومنها عتق الأنثى كعتق الذكر في الفكاك من النار ذكره ابن أبى موسى المذهب وقدمه في الفروع والفائق.
وعنه عتق امرأتين كعتق رجل في الفكاك قدمه في القواعد الفقهية.
ومنها التعدد في العتق أفضل من عتق الواحد قاله القاضي وابن عقيل وغيرهما وجزم به في الفروع في باب الأضاحي.

(7/292)


ومال صاحب القواعد الفقهية فيها إلى أن عتق رقبة نفيسة بمال أفضل من عتق رقاب متعددة بذلك المال.
وقال عن القول الأول فيه نظر.
قوله: "فأما من لا قوة له ولا كسب فلا يستحب عتقه ولا كتابته بل يكره".
وهذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وعنه يستحب.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل الاستحباب على القول بوجوب نفقته عليه.
وعنه تكره كتابته دون عتقه اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه تكره كتابة الأنثى ويأتي ذلك في أول باب الكتابة.
فوائد:
الأولى لو خيف على الرقيق الزنى والفساد كره عتقه بلا نزاع أعلمه.
وإن ظن ذلك صح وحرم قاله المصنف والشارح وغيرهما.
واقتصر عليه في الفروع وقال ويتوجه فيه كمن باع أو اشترى بقصد الحرام.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو أعتق جارية ونيته بعتقها أن تكون مستقيمة لم يحرم عليه بيعها إذا كانت زانية.
الثانية: لو أعتق عبده أو أمته واستثنى نفعه مدة معلومة صح نص عليه لحديث سفينة.
وكذا لو استثنى خدمته مدة حياته قاله في القاعدة الثانية والثلاثين.
قال وعلى هذا يتخرج أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها لأنه استثنى الانتفاع بالبضع ويملكه بعقد النكاح وجعل العتق عوضا عنه فانعقدا في آن واحد.
ويأتي بعض ذلك في هذا الباب عند قوله: وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة إن شاء الله.

(7/293)


الثالثة: قال في الرعايتين والفائق يصح العتق ممن تصح وصيته.
قال في الفائق وإن لم يبلغ نص عليه قاله في الرعاية الكبرى.
وعنه بل وهبة انتهى.
وقال في المذهب يصح عتق من يصح بيعه.
قال الناظم ولا يصح إلا ممن يصح تصرفه في ماله في المؤكد.
وقدم هذا في المستوعب.
وقال ابن عقيل يصح عتق المرتد.
وقطع المصنف وغيره أنه لا عتق لمميز.
وقال طائفة من الأصحاب لا يصح عتق الصغير بغير خلاف منهم المصنف.
وأثبت غير واحد الخلاف فقال في الإرشاد والمبهج والترغيب في عتق ابن عشر وابنة تسع روايتان.
وقال في الموجز وفي صحة عتق المميز روايتان.
وقال في الانتصار والهداية والمذهب والخلاصة والمصنف في باب الحجر وغيرهم في صحة عتق السفيه روايتان.
وقدم في التبصرة صحة عتق المميز والسفيه والمفلس.
وقال في عيون المسائل قال الإمام أحمد رحمه الله يصح عتقه انتهى.
ونقل أبو طالب وأبو الحارث وابن مشيش صحة عتقه.
وإذا قلنا بصحة عتقه فضبطه طائفة بعقله العتق وقاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابنة صالح وأبى الحارث وابن مشيش.
وضبطه طائفة بعشر في الغلام وتسع في الجارية كما ذكرناه عن صاحب المبهج والترغيب.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبى طالب في الغلام الذي لم يحتلم يطلق امرأته إذا عقل الطلاق جاز طلاقه ما بين عشر سنين إلى ثنتى عشرة سنة وكذلك إذا أعتق جاز عتقه انتهى.
وممن اختار من الأصحاب صحة عتقه أبو بكر عبد العزيز ذكره في آخر كتاب المدبر من الخلاف.
فقال وتدبير الغلام إذا كان له عشر سنين صحيح وكذلك عتقه وطلاقه انتهى.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب البيع وباب الحجر.
تنبيه: ظاهر قوله: فأما القول فصريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا.

(7/294)


أن العتق يحصل بذلك ولو تجرد عن النية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تعتبر النية مع القول الصريح.
قال في الفائق قلت نية قصد الفعل معتبرة تحرزا من النائم ونحوه ولا تعتبر نية العبادة ولا القربة فيقع عتق الهازل انتهى.
وقال ابن عقيل في الفنون الإمامية يقولون لا ينفذ إلا إذا قصد به القربة.
قال وهذا يدل على اعتبار النية لوقوعه فإنهم جعلوه عبادة قال وهذا لا بأس به انتهى.
ويحتمل عدم العتق بالصريح إذا نوى به غيره قاله المصنف وغيره.
فائدة: لو قصد غير العتق بقوله: عبدي هذا حر يريد عفته وكرم أخلاقه أو يقول له ما أنت إلا حر يريد به عدم طاعته ونحو ذلك لم يعتق على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم هذا ظاهر المذهب.
قال في الترغيب وغيره هو كالطلاق فيما يتعلق باللفظ والتعليق ودعوى صرف اللفظ عن صريحه.
قال أبو بكر لا يختلف حكمهما في اللفظ والنية.
وجزم في التبصرة أنه لا يقبل في الحكم.
وعلى الأول لو أراد العبد إحلافه كان له ذلك نص عليه.
تنبيه: قوله: صريحه لفظ العتق والحرية كيف صرفا.
ليس على إطلاقه فإن الألفاظ المتصرفة منه خمسة ماض ومضارع وأمر واسم فاعل واسم مفعول والمشتق منه وهو المصدر.
فهذه ستة ألفاظ والحال أن الحكم لا يتعلق بالمضارع ولا بالأمر لأن الأول وعد والثاني لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر.
فيكون لفظ المصنف عاما أريد به الخصوص.
وقد ذكر مثل هذه العبارة في باب التدبير وصريح الطلاق.
وكذا ذكر غيره من الأصحاب ومرادهم ما قلناه.
قوله: وفي قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك ولا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وفككت رقبتك وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة روايتان.

(7/295)


وكذا لا خدمة لي عليك وملكتك نفسك وأطلقهما في مسبوك الذهب والكافي والهادي والمحرر والبلغة والفروع.
وأطلقهما في الشرح في قوله: فككت رقبتك وأنت سائبة وأنت مولاي وملكتك رقبتك إحداهما: صريح.
صححه في التصحيح وتصحيح المحرر وجزم به في الوجيز.
قال ابن رزين وفيه بعد.
والرواية الثانية: كناية.
صححه في الهداية والمذهب والمستوعب والنظم والحاوي الصغير.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمي وتذكرة ابن عبدوس.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية.
وصححه ابن رزين في شرحه وقدمه.
واختار المصنف أن قوله: لا سبيل لي عليك ولا سلطان لي عليك كناية.
وقال القاضي في قوله: لا ملك لي عليك ولا رق لي عليك وأنت لله صريح نص عليه وقدمه في الفائق.
وقال ومن الكناية قوله: لا سلطان لي عليك ولا سبيل لي عليك وفككت رقبتك وملكتك نفسك وأنت مولاي أو سائبة في أصح الروايتين.
وقطع في الإيضاح أن قوله: لا ملك لي عليك وأنت لله كناية.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي لا سبيل لي عليك ولا سلطان وأنت سائبة.
وقال ابن البنا في خصاله قوله: لا ملك لي عليك ولا رق لي وأنت لله صريح.
وقال اختلفت الرواية في ثلاثة ألفاظ وهي التي ذكرها في الإيضاح.
وظاهر كلامه في الواضح أن قوله: وهبتك لله صريح.
وسوى القاضي وغيره بينها وبين قوله: أنت لله.
وقال في الموجز هي وقوله: رفعت يدي عنك إلى الله كناية.
قوله: وفي قوله: لأمته أنت طالق أو أنت حرام روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والكافي والبلغة والمحرر والفروع والفائق والحاوي الصغير.

(7/296)


إحداهما: كناية وهو المذهب جزم به في الوجيز ونظمه والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وصححه في التصحيح والنظم وقدمه في الخلاصة والرعايتين وإدراك الغاية وقدمه ابن رزين في قوله: أنت حرام.
والرواية الثانية: أنه لغو وقدمه ابن رزين في قوله: أنت طالق.
وصحح المصنف والشارح أنه كناية في قوله: أنت حرام.
وأطلق الروايتين في قوله: أنت طالق وقال في الانتصار حكم قوله: اعتدى حكم هذه المسألة وأنه يحتمل مثله في لفظ الظهار.
قوله: وإذا قال لعبده وهو أكبر منه أنت ابني لم يعتق ذكره القاضي وهو المذهب.
قال في الفروع لم يعتق في الأصح وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والمغنى والشرح ونصراه.
ويحتمل أن يعتق وهو تخريج وجه لأبى الخطاب.
وقال أبو الخطاب وتبعه في الحاوي الصغير لا نص فيها إلا أن القاضي قال لا يعتق.
وقال أبو الخطاب يحتمل أن يعتق.
تنبيه: قوله: وإذا قال لعبده وهو أكبر منه.
قال ذلك المصنف على سبيل ضرب المثال وإلا فحيث قال ذلك لمن لا يمكن كونه منه فإنه داخل في المسألة.
وإذا أمكن كونه منه فلا يخلو إما أن يكون للعبد نسب معروف أو لا.
فإن لم يكن له نسب معروف عتق عليه.
وإن كان له نسب معروف فالصحيح من المذهب أنه يعتق عليه أيضا لاحتمال أن يكون وطىء بشبهة.
وقدمه في الفروع وقاله القاضي في خلافه وابنه أبو الحسين والأمدي وقيل لا يعتق لكذبه شرعا.
وهو احتمال في انتصار أبى الخطاب.
وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.

(7/297)


تنبيه: قال ابن رجب وتبعه في القواعد الأصولية هذا جميعه مع إطلاق اللفظ إما إن نوى بهذا اللفظ الحرية فينبغي عتقه بهذه النية مع هذا اللفظ.
قال ابن رجب ثم رأيت أبا حكيم وجه القول بالعتق وقال لجواز كونه كناية في العتق.
فائدة: لو قال لأصغر منه أنت أبى فالحكم كما لو قال لأكبر منه أنت ابني قاله في الفروع والفائق وقاسه في الرعايتين على الأول من عنده.
فائدة: أخرى لو قال أعتقتك أو أنت حر من ألف سنة لم يعتق.
وقال في الانتصار ولو قال لأمته أنت ابني أو لعبده أنت بنتي لم يعتق.
فائدة: لو قال لزوجته وهي أكبر منه هذه ابنتي لم تطلق بذلك بلا نزاع.
قوله: وإن أعتق حاملا عتق جنينها إلا أن يستثنيه وإن أعتق ما في بطنها دونها عتق وحده.
في الحال هذا المذهب نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
والقول بعتق جنينها معها إلا أن يستثنيه من مفردات المذهب.
وقيل لا يعتق الحمل فيهما حتى تضعه حيا فيكون كمن علق عتقه بشرط فيجوز بيعه قبل وضعه تبعا لأمه وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نص عليها في رواية ابن منصور.
وقاله في القاعدة الرابعة والثمانين.
وقال بعد ذلك وقياس ما ذكره القاضي وابن عقيل أنه لا يعتق بالكلية فيما إذا أعتق حاملا إذ هو كالمعدوم قبل الوضع قال وهو بعيد جدا.
وتوقف الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن الحكم هل يكون الولد رقيقا إذا استثناه من العتق.
وخرج ابن أبى موسى والقاضي أنه لا يصح استثناؤه على قياس استثنائه في البيع.
فائدة: لو أعتق أمه حملها لغيره وهو موسر كالموصى به عتق الحمل أيضا وضمن قيمته ذكره القاضي وجزم به في المنور.
واختاره القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب قاله في القواعد.
وقدمه في النظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل لا يعتق جزم به في الترغيب.
واختاره في المحرر وصاحب التلخيص وقدمه في المستوعب.

(7/298)


قوله: فأما الملك فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه.
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
وعنه لا يعتق إلا عمودي النسب.
قال في الكافي بناء على أنه لا نفقة لغيرهم.
وقال في الانتصار ولنا فيه خلاف.
واختار الآجرى لا نفقة لغيرهم.
ورجح ابن عقيل لا عتق بالملك.
وعنه إن ملكه بإرث لم يعتق.
وفي إجباره على عتقه روايتان ذكره ابن أبى موسى.
وعنه لا يعتق الحمل حتى يولد في ملكه حيا.
فلو زوج ابنه بأمة فحملت منه في حياته ثم ولدت بعد موت جده فهل هو موروث عنه أو حر فيه روايتان.
ذكره في المحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
فائدة: لو ملك رحما غير محرم عليه أو ملك محرما برضاع أو مصاهرة لم يعتق نص عليه في رواية الجماعة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه أنه كره بيع أخيه من الرضاع وقال يبيع أخاه.
قوله: وإن ملك ولده من الزنا يعني وإن نزل لم يعتق.
في ظاهر كلامه وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم والمغنى والشرح وشرح ابن منجا.
قال في مسبوك الذهب وغيره هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي عليه الأصحاب.
ويحتمل أن يعتق واختاره بعض الأصحاب وهذا الاحتمال لأبى الخطاب.
فائدة: لو ملك أباه من الزنا فحكمه حكم ما لو ملك ابنه من الزنا.
ذكره في التبصرة والرعاية واقتصر عليه في الفروع.

(7/299)


قلت إن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده ولد زنا منه فهذا محتمل.
وإن أرادوا أباه ولد زنا وولده الذي ملكه هو ولده من الزنا فمسلم وهو مرادهم والله أعلم.
وإن أرادوا أن أباه ولد زنا وولده الذي ملكه ليس من زنا فهذا غير مسلم بل يعتق عليه هنا وهو داخل في كلامهم.
قوله: وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله.
أعلم أنه إذا ملك جزءا ممن يعتق عليه وكان ملكه له بغير الميراث فلا يخلو إما أن يكون موسرا أو معسرا.
فإن كان موسرا فلا يخلو إما أن يكون موسرا بجميعه أو موسرا ببعضه فإن كان موسرا بجميعه عتق عليه في الحال على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا يعتق عليه قبل أداء القيمة.
اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق ومال إليه الزركشي.
فعليه لو أعتق الشريك قبل أدائها فهل يصح عتقه فيه وجهان وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية فهل يصح عتقه يحتمل وجهين.
أحدهما: يصح اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق رحمهما الله.
والثاني لا يصح.
تنبيه: قوله: وعليه قيمة نصف شريكه.
بلا نزاع ويأتي في كلام المصنف قريبا متى يقوم.
فائدة: قال الإمام أحمد رحمه الله له نصفه لا قيمة النصف.
قال في الفروع لا قيمة للنصف ورده ابن نصر الله في حواشيه وتأول كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هل يقوم كاملا ولا عتق فيه أو قد عتق بعضه فيه قولان للعلماء أصحهما الأول.
وهو الذي قاله أبو العباس فيما أظن لظاهر الحديث ولأن حق الشريك إنما هو في نصف القيمة لا قيمة النصف بدليل ما لو أراد البيع فإن الشريك يجبر على البيع معه انتهى كلام الفروع.

(7/300)


وكذا الحكم لو أعتق شريكا في عبد وهو موسر على ما يأتي.
وإن كان موسرا ببعضه عتق عليه على الصحيح من المذهب بقدر ما هو موسر به نص عليه في رواية أبن منصور.
قال في الفائق عتق بقدره في أصح الوجهين.
وقدمه في الرعايتين والزركشي والفروع وغيرهم.
وجزم به في المستوعب والمغنى والشرح وغيرهم.
وقيل لا يعتق إلا ما ملكه والحالة هذه.
تنبيه: شمل قوله: عتق كله.
لو كان شقص شريكه مكاتبا أو مدبرا أو مرهونا وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
وقال القاضي يمتنع العتق في المكاتب والمدبر إلا أن يبطلا فيسرى حينئذ وحيث سرى ضمن حق الشريك بنصف قيمته مكاتبا على الصحيح قدمه في الفروع.
وعنه يضمنه بما بقي من الكتابة جزم به في الروضة وأطلقهما في المحرر.
وأما المرهون فيسرى العتق عليه وتؤخذ قيمته فتجعل مكانه رهنا قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
فائدة: حد الموسر هنا أن يكون حين الإعتاق قادرا على قيمة الشقص وأن يكون فاضلا عن قوته وقوت عياله يومه وليلته كالفطرة على ما تقدم هناك نص عليه.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقاله القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول.
قال أبو بكر في التنبيه: اليسار هنا أن يكون له فضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته وما يفتقر إليه من حوائجه الأصلية من الكسوة والمسكن وسائر مالا بد منه نقله عنه في المغنى والشرح.
قال الزركشي ولم أره فيه وإنما فيه أن يكون مالكا مبلغ حصة شريكه.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام غيره وأورده ابن حمدان مذهبا.
وقال في المغنى مقتضى نصه لا يباع له أصل مال.
قال في الفائق ولا يباع له دار ولا رباع نص عليه.
وقال في الرعاية وقيل بل إن كان ما يغرمه المولى فاضلا عن قوت يومه وليلته قلت وعن قوت من تلزمه نفقته فيهما مالا بد لهما منه انتهى.

(7/301)


والاعتبار باليسار والإعسار حالة العتق فلو أيسر المعسر بعده لم يسر إليه ولو أعسر الموسر لم يسقط ما وجب عليه نص على ذلك.
قوله: وإن كان معسرا يعني بجميعه.
لم يعتق عليه إلا ما ملك.
وهذا المذهب وعليه معظم الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال المصنف والشارح وغيرهما هذا ظاهر المذهب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في بقيته نصره في الانتصار واختاره أبو محمد الجوزى والشيخ تقي الدين رحمهم الله.
فعلى هذه الرواية قيمة حصة الشريك في ذمة العبد وحكمه حكم الأحرار.
فلو مات وبيده مال كان لسيده ما بقى من السعاية والباقي إرث ولا يرجع العبد على أحد بشيء وهذا الصحيح قدمه في الرعاية.
قال الزركشي وهو ظاهر كلام الأكثرين وهو كما قال.
فإنهم قالوا يعتق العبد كله ويحتمل أن لا يعتق حتى يؤدي حق السعاية.
واختاره أبو الخطاب في الانتصار وقدمه ابن رزين في شرحه.
فيكون حكمه حكم عبد بعضه رقيق فلو مات كان للشريك من ماله مثل ماله عند من لم يقل بالسعاية.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والزركشي.
قوله: وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك موسرا كان أو معسرا.
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الجامع والكافي والوجيز وغيرهم وصححه في المحرر وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه أنه يعتق عليه نصيب الشريك إن كان موسرا.
نص عليها في رواية المروذي.
قوله: وإن مثل بعبده فجدع أنفه أو أذنه ونحوه.
وكذا لو خرق عضوا منه.

(7/302)


قال في الرعاية الكبرى أو أحرقه بالنار عتق عليه نص عليه للأثر وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال القاضي القياس أنه لا يعتق.
وقال جماعة من الأصحاب لا يعتق المكاتب.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه سواء قصد التمثيل به أو لم يقصده وهو أحد الوجهين.
قال في الفائق ولم يشترط غير ابن عقيل القصد وقدمه في الرعايتين.
وقيل يشترط القصد في ذلك اختاره ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وأطلقهما في الفروع.
فوائد :
إحداها: حيث قلنا يعتق بالتمثيل يكون الولاء لسيده نص عليه وقدمه في الرعايتين والفائق.
وقيل لبيت المال ذكره في الرعاية.
وقال ابن عقيل يصرف في الرقاب قال وهو قياس المذهب.
قال في الفائق قلت واختاره ابن الزاغونى وأطلقهما في الفروع.
وقال أيضا في الفائق ويتوجه في العمل به كقول ابن عقيل وإن لم يشترط فكالمنصوص.
الثانية: هل يعتق بمجرد المثلة أو يعتقه عليه السلطان.
قال في الفائق يحتمل روايتين من كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال في رواية يعتق وقال في رواية يعتقه السلطان وهما روايتان عن الإمام مالك رحمه الله.
والمعروف في المذهب أنه يعتق عليه بمجرد ذلك قاله في القواعد.
وظاهر رواية الميموني يعتقه السلطان عليه.
وقال في الفائق أيضا ولو مثل بعبد مشترك سرى العتق إلى باقيه وضمن للشريك ذكره ابن عقيل.

(7/303)


الثالثة: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو استكره المالك عبده على الفاحشة عتق عليه وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو مبنى على القول بالعتق بالمثلة.
ولو استكره أمة امرأته على الفاحشة عتقت وغرم مثلها لسيدتها قاله الإمام أحمد رحمه الله في رواية إسحاق.
الرابعة: مفهوم كلام المصنف أنه لو مثل بعبد غيره لا يعتق عليه وهو الصحيح من المذهب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله يتوجه أن يعتق واختاره.
الخامسة مفهومه أيضا أنه لو لعن عبده لا يعتق عليه بذلك وهو صحيح وهو المذهب.
وذكر ابن حامد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال من لعن عبده فعليه أن يعتقه أو لعن شيئا من ماله أن عليه أن يتصدق به.
قال ويجئ في لعن زوجته أنه يلزمه أن يطلقها.
قال ابن رجب في شرح حديث لبيك ويشهد لهذا في الزوجة وقوع الفرقة بين المتلاعنين لما كان أحدهما: كاذبا في نفس الأمر قد حقت عليه اللعنة أو الغضب.
السادسة لو وطىء جاريته المباحة التي لا يوطأ مثلها فأفضاها عتقت وإلا فلا قاله في الرعاية الكبرى.
قوله: وإن أعتق السيد عبده فماله للسيد.
وهو المذهب وعليه الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وغيرهم وعنه للعبد.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو أعتق مكاتبه وبيده مال على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه له.
وإن فضل فضل بعد أداء الكتابة فهو للمكاتب.
تنبيه: قوله: وإن أعتق جزءا من عبده معينا أو مشاعا عتق كله.
مراده إذا أعتق غير شعره وظفره وسنه ونحوه.
قوله: وإن أعتق شركا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله.
بلا نزاع من حيث الجملة لكن لو كان موسرا ببعضه فإنه يعتق منه بقدر ما هو موسر به على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية ابن منصور وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل لا يعتق عليه إلا حصته فقط وتقدم ذلك قريبا فليعاود.
وتقدم أيضا هل يوقف العتق على أداء القيمة أم لا.

(7/304)


قوله: وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم ونص عليه.
قال الزركشي هذا المعروف المشهور.
وفي الإرشاد وجه أن عليه قيمته يوم تقويمه وحكاه الشيرازي أيضا.
قال الزركشي وهو قياس القول الذي لنا في الغصب.
وكذا الحكم لو عتق عليه كله.
فائدة: لو عدمت البينة بقيمته فالقول قول المعتق جزم به في المغنى والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم من الأصحاب.
وقال في الفائق ويقبل فيها قول الشريك مع عدم البينة فلعله سبقه قلم.
قوله: وإن كان معسرا لم يعتق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه يعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه.
وتقدم ذلك كله وأحكامه وفروعه والخلاف فيه وما يتعلق بذلك من الفروع قريبا عند قوله: وإن ملك سهما ممن يعتق عليه فإن الحكم هنا وهناك واحد عند الأصحاب فلا حاجة إلى إعادته.
تنبيه: يأتي قريبا إذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم هل يسرى أم لا.
قوله: وإذا كان العبد لثلاثة لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب النصف وصاحب السدس معا وهما موسران عتق عليهما وضمنا حق شريكهما فيه نصفين وصار ولاؤه بينهما أثلاثا.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز والخرقى وغيرهما.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والمحرر والنظم والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
قال الزركشي هو المذهب المجزوم به بلا ريب.
ويحتمل أن يضمناه على قدر ملكيهما فيه وهو لأبى الخطاب في الهداية.
وجزم به في المذهب إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
فائدتان :
إحداهما: يتصور عتقهما معا في صور.
منها أن يتفق لفظهما بالعتق في آن واحد.

(7/305)


ومنها أن يعلقاه على صفة واحدة.
ومنها أن يوكلا شخصا يعتق عنهما أو يوكل أحدهما: الآخر.
قوله: وإذا أعتق الكافر نصيبه من مسلم وهو موسر سرى إلى باقيه في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والمصنف والشارح والناظم.
قال في الفائق سرى إلى سائره في أصح الوجهين.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية الصغرى وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني لا يسرى ذكره أبو الخطاب فمن بعده.
قال ابن رزين وليس بشيء وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
وتقدم في كتاب البيع هل يصح شراء الكافر مسلما يعتق عليه بالرحم أم لا.
وتقدم في باب الولاء إذا قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عنى وعلى ثمنه هل يصح أم لا.
الثانية: لو قال أعتقت نصيب شريكي كان لغوا ولو قال أعتقت النصف انصرف إلى ملكه ثم سرى لأن الظاهر أنه أراد نصيبه.
ونقل ابن منصور في دار بينهما فقال أحدهما: بعتك نصف هذه الدار لا يجوز إنما له الربع من النصف حتى يقول نصيبي.
ولو وكل أحدهما: الآخر فأعتق نصفه ولا بناء ففي صرفه إلى نصيب موكله أم نصيبه أم إليهما احتمالات في المغنى واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب عتق نصيبه لا غير.
قوله: وإذا ادعى كل واحد من الشريكين أن شريكه أعتق نصيبه منه وهما موسران فقد صار العبد حرا لاعتراف كل واحد منهما بحريته وصار مدعيا على شريكه قيمة حقه منه ولا ولاء عليه لواحد منهما وإن كانا معسرين لم يعتق على واحد منهما.
بلا نزاع أعلمه لكن للعبد أن يحلف مع كل واحد منهما ويعتق جميعه أو مع أحدهما: ويعتق نصفه إذا قلنا إن العتق يثبت بشاهد ويمين وكان عدلا على ما يأتي ذكره الأصحاب.
وذكر ابن أبى موسى لا يصدق أحدهما: على الآخر.

(7/306)


وذكره أبو بكر في زاد المسافر وعلله بأنهما خصمان ولا شهادة لخصم على خصمه.
قوله: وإن اشترى أحدهما: نصيب صاحبه عتق حينئذ ولم يسر إلى نصيبه.
يعني إذا كانا معسرين وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال أبو الخطاب يعتق جميعه.
قال الناظم وليس ببعيد وأطلقهما في الفائق.
فعلى قول أبى الخطاب لا ولاء له فيما اشتراه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية.
وقيل له ولاؤه كله إن أكذب نفسه.
قوله: وإذا قال أحد الشريكين إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر فأعتق الأول وهو موسر عتق كله.
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال المصنف والشارح وغيرهما.
وقيل يعتق عليهما وهو احتمال للمصنف.
قوله: وإذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع نصيبك فأعتق نصيبه عتق عليهما موسرا كان أو معسرا هذا المذهب.
قال في الفروع والأصح عتقه عليهما.
قال في المستوعب قاله أصحابنا قال الشارح وهذا أولى.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقيل يعتق كله على المعتق الأول.
فوائد :
إحداها: وكذا الحكم والخلاف والمذهب فيما إذا قال إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل إعتاقك قاله في الفروع.
وقيل يعتق جميعه على صاحب الشرط بالشرط ويضمن حق شريكه اختاره في المستوعب ومع إعسارهما يعتق عليهما.
الثانية: لو قال لأمته إن صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبله فصلت كذلك عتقت.

(7/307)


على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والرعاية الكبرى ذكره آخر الباب وقال صلاة صحيحة.
وقيل لا تعتق جزم به أبو المعالي لبطلان الصفة بتقدم المشروط.
الثالثة: لو قال إن أقررت بك لزيد فأنت حر قبله فأقر له به صح إقراره فقط.
الرابعة: لو قال إن أفررت بك له فأنت حر ساعة إقراري لم يصح الإقرار ولا العتق.
قوله: ويصح تعليق العتق بالصفات كدخول الدار ومجيء الأمطار ولا يملك إبطالها بالقول.
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وأكثرهم قطع به.
وذكر في الانتصار والواضح أنه يجوز له فسخه.
ويأتي ذلك وغيره في أول باب تعليق الطلاق بالشروط.
قوله: وله بيعه وهبته ووقفه وغير ذلك.
ولا يحرم عليه وطء أمته بعد تعليق عتقها على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه لا يطؤها.
فائدة: لا يعتق قبل كمال الصفة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وخرج القاضي رواية من الأيمان بالعتق.
وقال في الفائق وهو ضعيف.
قال الناظم لا يعبأ بما في المجرد ورده المصنف والشارح من خمسة أوجه.
قوله: فإن عاد إليه عادت الصفة إلا أن تكون قد وجدت منه في حال زوال ملكه فهل تعود بعوده على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والرعايتين والحاوي الصغير والشرح وشرح ابن منجا.
إحداهما: تعود بعوده وهو المذهب فيهما نص عليه واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح.
قال في القاعدة الأربعين أشهر الروايتين أنها تعود بعود الملك إذا وجدت الصفة بعد زوال الملك.
وجزم به في الوجيز والعمدة وغيرهما وقدمه في المحرر والنظم وتجريد العناية

(7/308)


وفرق القاضي بين الطلاق والعتاق فإن ملك الرقيق لا ينبنى فيه أحد الملكين على الآخر بخلاف النكاح فإنه ينبني فيه أحد الملكين على الآخر في عدد الطلاق على الصحيح.
قال في القواعد وهذا التفريق لا أثر له إذ لو كان معتبرا لم يشترط لعدم الحنث وجود الصفة في غير الملك انتهى.
والرواية الثانية: لا تعود الصفة جزم به أبو محمد الجوزي في الطريق الأقرب قال في الفائق وهو أرجح وقدمه في الخلاصة.
وعنه لا تعود الصفة سواء وجدت حال زوال ملكه أو لا حكاها الشيخ تقي الدين رحمه الله وذكرها مرة قولا.
قوله: وتبطل الصفة بموته فإن قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر أو أنت حر بعد موتى بشهر فهل يصح ويعتق على روايتين.
ذكر المصنف مسألتين الأولى إذا قال إن دخلت الدار بعد موتى فأنت حر وأطلق فيها روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والفروع والفائق وشرح ابن منجا والحاوي الصغير وغيرهم.
إحداهما: لا يصح ولا يعتق بوجود الشرط وهو الصحيح صححه المصنف والشارح وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والنظم.
والرواية الثانية: يصح ويعتق صححه في التصحيح والبلغة وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين.
فعلى هذه الرواية لا يملك الوارث بيعه قبل نقله كالموصى به قبل قبوله قاله جماعة منهم صاحب الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والمسألة الثانية: إذا قال أنت حر بعد موتى بشهر فأطلق المصنف فيه الروايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغنى والشرح والنظم في باب التدبير والفروع والفائق وشرح ابن منجا وغيرهم.
إحداهما: يصح صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين صح في الأصح وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا يصح ولا يعتق اختاره أبو بكر وصححه في النظم في كتاب العتق وقدمه في الخلاصة في باب التدبير.
وجزم به في الحاوي الصغير واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وغالب الأصحاب يذكر هذه المسألة في باب المدبر.

(7/309)


تنبيهان :
أحدهما: قال في فوائد القواعد بنى طائفة من الأصحاب هاتين الروايتين على أن التدبير هل هو تعليق عتق بصفة أو وصية على ما يأتي في باب التدبير.
فإن قلنا التدبير وصية صح تقييدها بصفة أخرى توجد بعد الموت وإن قلنا عتق بصفة لم يصح ذلك.
وهؤلاء قالوا لو هو صرح بالتعليق فقال إن دخلت الدار بعد موتى بشهر فأنت حر لم يعتق رواية واحدة وهي طريقة ابن عقيل في إشاراته.
قال ابن رجب والصحيح أن هذا الخلاف ليس مبنيا على هذا الأصل وعلله وقال ومن الأصحاب من جعل هذا العقد تدبيرا ومنهم من ينفى ذلك.
ولهم في حكاية الخلاف فيه أربعة طرق ذكرت في غير هذا الموضع.
الثاني على القول بالصحة فكسبه بعد الموت وقبل وجود الشرط للورثة على الصحيح من المذهب قاله القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
ووجه في القواعد أن كسبه له من تصريح صاحب المستوعب أن العبد باق على ملك الميت لا ينتقل إلى الورثة كالموصى بعتقه.
فائدة: وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال اخدم زيدا سنة بعد موتى ثم أنت حر.
فعلى الصحة لو أبرأه زيد من الخدمة عتق من حينه على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يعتق إلا بعد سنة فإن كانت الخدمة لبيعه وهما كافران فأسلم العبد ففي لزوم القيمة عليه لبقية الخدمة روايتان ذكرهما ابن أبى موسى.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
إحداهما: لا تلزمه ويعتق مجانا جزم به في المنور.
قلت وهو الصواب.
والرواية الثانية: تلزمه.
ولو قال لجاريته إذا خدمت ابنى حتى يستغنى فأنت حرة لم تعتق حتى تخدمه إلى أن يكبر ويستغنى عن الرضاع على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال ابن أبى موسى لا تعتق حتى يستغنى عن الرضاع وعن أن يلقم الطعام وعن التنجي من الغائط.
نقل مهنا لا تعتق حتى يستغنى قلت حتى يحتلم قال لا دون الاحتلام.

(7/310)


قوله: وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر فهل يصح على روايتين.
وأطلقهما في المستوعب والحاوي الصغير والهداية والمذهب.
إحداهما: يصح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله المختار لعامة الأصحاب حتى إن بعضهم لا يثبت ما يخالفه.
قال في القواعد هذا المشهور من المذهب.
قال القاضي وغيره اختاره أصحابنا ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في الرعايتين والفائق صح في أصح الروايتين.
قال أبو بكر في الشافي لا يختلف قول أبى عبد الله فيه إلا ما روى محمد ابن الحسن ابن هارون في العتق أنه لا يعتق وما أراه إلا غلطا.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الخلاصة والمحرر والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب وصححه في التصحيح والمغنى والشرح والنظم وغيرهم.
وتقدم إذا علق عتق عبده على بيعه في أواخر باب الشروط في البيع.
فائدة: لو باع أمة بعبد على أن له الخيار ثلاثا ثم قال في مدة الخيار هما حران قال في الحاوي الصغير لا أعرف فيها نصا عن الإمام أحمد رحمه الله وقياس المذهب عندي أنه يعتق العبد خاصة لأن عتقه للأمة يترتب على فسخ البيع وعتقه للعبد لا يترتب على واسطة فيكون العتق إلى العبد أسبق فيجب أن يعتق ولا تعتق الأمة انتهى.
قلت ينبغي أن ينبنى ذلك على انتقال الملك في مدة الخيار وعدمه.
فإن قلنا ينتقل عتق العبد وإن قلنا لا ينتقل عتقت الأمة.
قوله: وإن قاله العبد لم يصح في أصح الوجهين.
يعني إذا قال العبد إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر ثم عتق وملك على القول بصحته من الحر.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وصححه في الشرح وشرح ابن منجا والخلاصة والنظم.

(7/311)


والوجه الثاني يصح وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال في الهداية فإذا قال العبد ذلك ثم عتق وملك مماليكا فعلى الرواية التي تقول تنعقد الصفة للحر هل تنعقد له هذه الصفة على وجهين.
فائدة: لو قال أول عبد أملكه فهو حر وقلنا بصحة تعليق العتق على الملك فلم يملك إلا واحدا فقط فقد عتق عليه على الصحيح من المذهب. قطع به في المغنى والشرح ذكراه في تعليل ما إذا ملك اثنين معا.
وقيل لا يعتق وأطلقهما في الفروع ويأتي قريبا إذا ملك اثنين معا.
قوله: وإن قال آخر مملوك أشتريه فهو حر وقلنا بصحة الصفة فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من حين الشراء وكسبه له.
وقد علمت أن الصحيح من المذهب صحة الصفة عند قوله: وإن قال إن ملكت فلانا فهو حر أو كل مملوك أملكه فهو حر.
فائدتان :
إحداهما: لو قال آخر مملوك أشتريه فهو حر فملك أمة ثم ملك أخرى لم يجز له وطء الثانية: لاحتمال أن لا يشترى غيرها فتكون حرة من حين اشتراها.
ذكره الأصحاب.
الثانية: لو كان آخر من اشترى مملوكين معا أو علق العتق على أول مملوك فملكهما معا أو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ولدين خرجا معا.
فقيل يعتقان قدمه في المغنى والشرح وقالا هذا قياس قول الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل لا يعتقان.
وقيل يعتق واحد بالقرعة وهو الصحيح من المذهب صححه في النظم وغيره وقدمه في المغنى والشرح ذكراه فيما إذا علق العتق على أول مملوك يملكه فملك اثنين معا.
وقدمه ابن رزين أيضا في شرحه وقال نص عليه.
قلت ونقله مهنا في أول غلام يطلع أو امرأة تطلع فهو حر أو طالق.
وذكر المصنف لفظ الرواية أول من يطلع من عبيدي.
وأطلقهن في الفروع وفي مختصر ابن رزين في الطلاق.
ولو علقه بأول من يقوم فقمن معا طلقن وفي منفردة به وجه.
قال في الفروع كذا قال.

(7/312)


قوله: وإن قال لأمته آخر ولد تلدينه فهو حر فولدت حيا ثم ميتا لم يعتق الأول.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا وقدمه في الشرح.
وقيل يعتق وهو قياس قول القاضي والشريف أبى جعفر وقدمه في الفائق وأطلقهما في المحرر والرعايتين والنظم والفروع.
فائدة: وكذا الحكم والخلاف لو قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر أو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ميتا ثم حيا بل جعلوا هذه أصلا لتلك.
وصحح في المغنى والشرح عدم العتق وجزم به في المذهب وغيره وهو المذهب.
وقال القاضي والشريف أبو جعفر يعتق الحي منهما وقدمه في الفائق وشرح ابن رزين واقتصر عليه في المستوعب.
قوله: وإن ولدت توأمين فأشكل الآخر منهما أقرع بينهما.
هذا المذهب جزم به في الوجيز والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعاية والحاوي وقدمه في الفروع وعنه يعتقان.
واختبار في الترغيب أن معناهما أن أمد منع السيد منهما هل هو القرعة أو الانكشاف وكذا الحكم إن عينه ثم نسيه قاله في الرعاية وغيره.
فائدة: لو قال أول غلام لي يطلع فهو حر فطلع عبيده كلهم أو قال لزوجاته أيتكن طلع أولا فهي طالق فطلعن كلهن فنص لإمام أحمد رحمه الله أنه يميز واحدا من العبيد وامرأة من الزوجات بالقرعة في رواية مهنا. واختلف الأصحاب في هذا النص.
فمنهم من حمله على أن طلوعهم كان مرتبا وأشكل السابق.
ومنهم من أقر النص على ظاهره وأنهم طلعوا دفعة واحدة وقال صفة الأولية شاملة لكل واحد منهم بانفراده والمعتق إنما أراد عتق واحد منهم فيميز بالقرعة وهي طريقة القاضي في خلافه.
ومنهم من قال يعتق ويطلق الجميع لأن الأولية صفة لكل واحد منهم ولفظه صالح للعموم لأنه مفرد مضاف.
أو يقال الأولية صفة للمجموع لا للأفراد وهو الذي ذكره المصنف في المغنى في الطلاق.
ومنهم من قال لا يعتق ولا يطلق أحد منهم لأن الأول لا يكون إلا فردا لا تعدد فيه والفردية مشتبهة هنا وهو الذي ذكره القاضي وابن عقيل في الطلاق والسامري وصاحب الكافي.

(7/313)


قال في القواعد ويتخرج وجه آخر وهو أنه إن طلع بعدهم غيرهم من عبيده وزوجاته طلقن وعتقن وإلا فلا بناء على أن الأول هو السابق لغيره فلا يكون أولا حتى يأتي بعده غيره فتتحقق له بذلك صفة الأولية وهو وجه لنا ذكره ابن عقيل وغيره ذكره في آخر القواعد.
قوله: ولا يتبع ولد المعتقة بالصفة أمه في العتق في أصح الوجهين إلا أن تكون حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها.
إذا كانت حاملا حال عتقها أو حال تعليق عتقها فإنه يتبعها بلا خلاف أعلمه.
وإن وجد حمل بعد التعليق ووضعته قبل وجود الصفة وهي مسألة المصنف هنا فصحح عدم التبعية وهو المذهب صححه في النظم وشرح ابن منجا وقدمه في الشرح والفروع.
والوجه الثاني يتبعها جزم به في الوجيز وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والقواعد الفقهية.
فائدة: لا يتبع الولد أمه إذا كان منفصلا حال التعليق بلا خلاف أعلمه.
قوله: وإذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف أو علي ألف عتق ولا شيء عليه.
إذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف عتق ولا شيء عليه على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح هكذا ذكره المتأخرون من أصحابنا.
قال في الفروع يعتق ولا شيء عليه على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الأدمي وغيرهم وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه الناظم.
وعنه لا يعتق إن لم يقبل وأطلقهما في المحرر.
وإذا قال لعبده أنت حر على ألف فقدم المصنف هنا أنه يعتق مجانا بلا قبول وهو إحدى الروايتين ونصره القاضي وأصحابه.
وجزم به في الوجيز والمنور ونظم المفردات وهو منها.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وعنه إن لم يقبل العبد لم يعتق وهذا المذهب.
قال المصنف هنا وهو الصحيح وصححه في الشرح وشرح ابن منجا.

(7/314)


وجزم به الأدمى في منتخبه وقدمه في الفروع وأطلقهما في المحرر. وذكر في الواضح رواية أن قوله: أنت حر على ألف شرط لازم بلا قبول كبقية الشروط.
فائدتان :
إحداهما: وكذا الحكم لو قال له أنت حر على أن تعطيني ألفا أو قال لأمته أعتقتك على أن تزوجيني نفسك لكن إن أبت لزمها قيمة نفسها على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل تعتق مجانا بقبولها واختار ابن عقيل أنها لا تعتق إلا بالأداء.
الثانية: لو قال له أنت حر بمائة أو بعتك نفسك بمائة فقبل عتق ولزمته المائة وإلا فلا جزم به في الرعايتين والفروع وغيرهم.
وإن لم يقبل لم يعتق عند الأصحاب وقطعوا به.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله وجها أنه يعتق بغير شيء كما لو قال لها أنت طالق بألف على ما يأتي في كلام المصنف في أواخر الخلع لأن الطلاق والعتاق فيهما حق لله تعالى وليس العوض ركنا فيهما إذا لم يعلقهما عليه.
وعلى المذهب واختيار الأصحاب الفرق بينهما أن خروج البضع في النكاح غير متقوم على الصحيح من المذهب على ما يأتي في باب الرضاع بخلاف العبد فإنه مال محض قاله في القاعدة الرابعة والخمسين بعد المائة.
قوله: وإن قال أنت حر على أن تخدمني سنة فكذلك.
يعني كقوله: أنت حر على ألف.
فعلى إحدى الروايتين يعتق مجانا وعلى الرواية الأخرى لا يعتق حتى يقبل.
وقد علمت الصحيح من المذهب في الروايتين وهذا إحدى الطرق في المسألة.
وقدم هذه الطريقة في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقيل يعتق هنا بلا قبول وتلزمه الخدمة.
وقدمه في المحرر والرعايتين والفائق واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال في المحرر هذا ظاهر كلامه.
وجزم به في القواعد وقال نص عليه وجزم به صاحب الوجيز.
وهي الطريقة الثانية وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.

(7/315)


وقال في المستوعب والحاوي الصغير إن لم يقبل فعلى روايتين.
إحداهما: يعتق ولا يلزمه شيء.
والثانية: لا يعتق.
وقدما في أنت حر على ألف أنه يعتق مجانا فخالفا الطريقتين.
وقيل إن لم يقبل لم يعتق رواية واحدة وهي الطريقة الثالثة:.
وعلى كلامه في المستوعب والحاوي تكون طريقة رابعة.
وتقدم ذلك في أوائل الباب.
فوائد :
الأولى مثل ذلك في الحكم لو استثنى نفعه مدة معلومة.
الثانية: لو مات السيد في أثناء السنة رجع الورثة على العبد بقيمة ما بقى من الخدمة قاله المصنف والسامري وابن حمدان وغيرهم.
الثالثة: يجوز للسيد بيع هذه الخدمة نص عليه.
نقل حرب لا بأس ببيعها من العبد أم ممن شاء.
وعنه لا يجوز نص عليه وهو الصواب.
ذكر هاتين الروايتين ابن أبى موسى وأطلقهما في المستوعب والفروع والحاوي الصغير والقواعد الفقهية.
الرابعة: قال في الفروع لم يذكر الأصحاب ما لو استثنى السيد خدمته مدة حياته وذكروا صحة ذلك في الوقف قال وهذا مثله.
يؤيده أن بعضهم احتج بما رواه الإمام أحمد وأبو داود أن أم سلمة رضي الله عنها أعتقت سفينة وشرطت عليه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
قال وهذا بخلاف شرط البائع خدمة المبيع مدة حياته لأنه عقد معاوضة يختلف الثمن لأجله انتهى.
قلت صرح بذلك أعني بجواز ذلك في القواعد في القاعدة الثانية والثلاثين وتقدم ذلك في أول الباب.
الخامسة لو باعه نفسه بمال في يده صح على الصحيح من المذهب.
قال في الرعايتين والفائق صح على أصح الروايتين.
قال في المغنى والشرح في الولاء وإن اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال

(7/316)


عتق والولاء لسيده لأنه يبيع ماله بماله فهو مثل المكاتب سواء والسيد هو المعتق لهما فكان الولاء له عليهما انتهيا.
وعنه لا يصح وأطلقهما في الفروع.
قال في الترغيب مأخذهما هل هو عقد معاوضة أو تعليق محض ويأتي في الكتابة هل تصح الكتابة حالة.
السادسة لو قال إن أعطيتني ألفا فأنت حر فهو تعليق محض لا يبطل ما دام ملكه ولا يعتق بالإبراء منها بل بدفعها نص عليه وما فضل عنها فهو لسيده ولا يكفيه أن يعطيه من ملكه إذا لا ملك له على أصح الروايتين فهو كقوله: لامرأته إن أعطيتيني مائة فأنت طالق فأتت بمائة مغصوبة ففي وقوعه احتمالان قاله في الترغيب.
قال في الفروع والعتق مثله وأن هذا الخلاف يجري في الفاسدة إذا صرح بالتعليق.
ونقل حنبل في الأولى إن قاله الصغير لم يجز لأنه لم يقدر عليه.
السابعة لو قال جعلت عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويضه إليه فأعتق نفسه في المجلس عتق ويتوجه كطلاق قاله في الفروع.
ولو قال اشترني من سيدي بهذا المال وأعتقني ففعل عتق ولزم مشتريه المسمى وكذا إن اشتراه بعينه إن لم تتعين النقود وإلا بطلا.
وعنه أجيز عنه.
وذكر الأزجى إن صرح الوكيل بالإضافة إلى العبد وقع عنه وعتق وإن لم يصرح احتمل ذلك واحتمل أن يقع عن الوكالة لأنه لو وقع لعتق والسيد لم يرض بالعتق.
قوله: وإن قال كل مملوك لي حر عتق عليه مدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده.
وكذا عبيد عبده التاجر بلا نزاع في ذلك.
وعتق عليه شقص يملكه مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا يعتق الشقص بدون نية ذكره ابن أبى موسى ونقله مهنا كما لو كان له شقص فقط وقال ذلك ذكره ابن عقيل.
فائدة: لو قال عبدي حر أو امتي حرة أو زوجتي طالق ولم ينو معينا عتق الكل وتطلق كل نسائه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق والقواعد الأصولية وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.

(7/317)


وهذا مبنى على أن المفرد المضاف يعم والصحيح من المذهب أنه يعم.
وقيل يعتق واحد بالقرعة.
وقيل يعتق واحد وتطلق واحدة وتخرج بالقرعة اختاره المصنف في المغنى قال في الفائق وهو المختار.
ويأتي التنبيه: على ذلك أيضا في أول باب صريح الطلاق وكنايته.
تنبيه: قال في الفروع عن هذه المسألة والمراد إن كان عبد مفردا لذكر وانثى فإن كان لذكر فقط لم يشمل أنثى إلا إن اجتمعا تغليبا.
قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن قال لخدم له رجال ونساء أنتم أحرار وكانت معهم أم ولده ولم يعلم بها إنها تعتق.
قال أبو محمد الجوزى بعد المسألة وكذا إن قال كل عبد أملكه في المستقبل.
فائدة
قوله: وإن قال أحد عبدي حر أقرع بينهما.
وكذا لو قال أحد عبيدي حر أو بعضهم حر ولم ينوه يقرع بينهم وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه يعتق بتعيينه من الرواية التي في الطلاق.
وكذا لو أدى أحد مكاتبيه وجهل أقرع هو أو وارثه في الجميع.
ولو قال لأمتيه إحداكما حرة حرم وطؤها معا بدون قرعة على الصحيح من المذهب.
وفيه وجه تتميز المعتقة بتعيينه فإن وطىء واحدة لم تعتق الأخرى كما لو عينها ثم أنسيها.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أن تعتق.
قال فلو قال لإمائه الأربع إن وطئت واحدة منكن فواحدة منكن حرة ثم وطىء ثلاثا أقرع بين الأولة والرابعة: فإن وطئها عتقت الأولة وإن كان وطئها ثانيا قبل وطء الرابعة: عتقت الرابعة: فقط ويحد إن علم قبله بعتقها.
ويأتي في باب الشك في الطلاق إذا قال إن كان هذا الطائر غرابا فعبدى حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدى حر.
وكثير من الأصحاب يذكر هذه المسألة هنا.

(7/318)


قوله: وإن أعتق عبدا ثم أنسيه أخرج بالقرعة.
إما المعتق أو وارثه وهذا بلا نزاع وهو من مفردات المذهب.
وخرج في القواعد وجها أنه لا يقرع هنا من الطلاق.
قال وأشار إليه بعض الأصحاب ذكره في آخر القواعد.
فإن علم بعدها أن المعتق غيره عتق وهل يبطل عتق الأول على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والفائق.
أحدهما: يبطل عتقه وهو الصحيح من المذهب كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه على الصحيح من المذهب.
وصححه في التصحيح والمذهب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
الوجه الثاني لا يبطل كما لو كانت القرعة بحكم حاكم فإنها لو كانت بحكم حاكم لم يبطل عتقه قولا واحدا.
وهذا الوجه مقتضى قول ابن حامد.
قوله: وإن أعتق جزءا من عبده في مرضه أو دبره وثلثه يحتمل جميعه عتق جميعه.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع والفائق وقال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وعنه لا يعتق إلا ما أعتق أو دبر لا غير.
وعنه يعتق جميعه في المنجز دون التدبير.
وأطلق في الشرح الروايتين في تكميل العتق بالتدبير إذا كان يخرج من الثلث وقدم عتق الجميع فيما إذا نجز البعض.
فائدة: لو مات العبد قبل سيده عتق منه بقدر ثلثه على الصحيح من المذهب.
وقيل يعتق كله لأن رد الورثة هنا لا فائدة: لهم فيه.
قوله: وإن أعتق شركا له في عبد أو دبره وثلثه يحتمل باقيه أعطى الشريك.
يعني قيمة حصته وكان جميعه حرا في إحدى الروايتين.

(7/319)


وأطلقهما في الشرح وشرح ابن منجا والخرقى والزركشي.
إحداهما: يعتق جميعه وهو المذهب صححه في التصحيح.
واختاره أبو الخطاب في خلافه وقدمه في المحرر والفروع.
والأخرى لا يعتق إلا ما ملك منه.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز واختاره الشيرازي والشريف.
وقال القاضي ما أعتقه في مرض موته سرى وما دبره أو وصى بعتقه لم يسر.
فالرواية في سراية العتق في حال الحياة أصح والرواية في وقوفه في التدبير أصح وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أعنى التفرقة.
قوله: وإن أعتق في مرضه ستة أعبد قيمتهم سواء وثلثه يحتملهم ثم ظهر عليه دين يستغرقهم بيعوا في دينه.
هذا المذهب جزم به في الوجيز والرعاية الكبرى في باب تبرعات المريض وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وقدمه في شرح ابن منجا ويحتمل أن يعتق ثلثهم.
وهو رواية ذكرها أبو الخطاب.
فإن التزم وارثه بقضاء الدين ففي نفوذ عتقهم وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى والزركشي والمغنى والشرح وقالا وقيل أصل الوجهين إذا تصرف الورثة في التركة ببيع أو غيره وعلى الميت دين فقضى الدين هل ينفذ فيه وجهان.
قلت الصواب نفوذ عتقهم.
فائدتان :
إحداهما: لو ظهر عليه دين يستغرق بعضهم احتمل بطلان عتق الكل واحتمل أن يبطل بقدر الدين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية الكبرى.
الثانية: قوله: وإن أعتقهم فأعتقنا ثلثهم ثم ظهر له مال يخرجون من ثلثه عتق من أرق منهم.
بلا نزاع وكان كسبهم لهم من منذ عتقوا.
وقدم ابن رزين أنه لا ينفذ عتقهم وحكاهما في الكافي احتمالين.

(7/320)


قوله: وإن أعتق واحدا من ثلاثة أعبد فمات أحدهم في حياته أقرع بينه وبين الحيين فإن وقعت على الميت رق الآخران وإن وقعت على أحد الحيين عتق إذا خرج من الثلث.
هذا الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يقرع بين الحيين دون الميت.
قوله: وإن أعتق الثلاثة في مرضه فمات أحدهم في حياة السيد فكذلك في قول أبى بكر.
وحكاه عن الإمام أحمد رحمه الله يعني يقرع بينه وبين الحيين وهو المذهب قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
قال المصنف هنا والأولى أن يقرع بين الحيين ويسقط حكم الميت.
وجزم به في الوجيز كعتقه أحد عبديه غير معين فمات أحدهما: فإنه يتعين العتق في الثاني ذكره القاضي وغيره.
وقيل يقرع بين الحيين في هذه المسألة دون التي قبلها ذكره في الرعاية الكبرى.
ذكر هذه المسائل في الفروع في آخر باب تبرعات المريض.
وذكرها في الرعايتين والفائق والحاوي في أول باب تبرعات المريض.
فائدة: وكذا الحكم إن أوصى بعتقهم فمات أحدهم بعده.
وقيل إن أعتقهم أو دبرهم أو أوصى بعتقهم أو دبر بعضهم وأوصى بعتق الباقين فمات أحدهم أقرعنا بينهم فإن خرجت القرعة الميت حسبناه من التركة وقومناه حين العتق وإن خرجت لحي.
فإن كان الموت في حياة السيد أو بعدها قبل قبض الورثة لم يحسب من التركة غير الحيين فيكمل ثلثهما ممن قرع أو يقوم به يوم العتق.
وقيل يحسب الميت من التركة ويقرع من قرع إن خرج حيا من الثلث وإلا عتقق منه بقدره.
وإن كان الموت بعد قبض الورثة حسب من التركة.
وبدون الموت يعتق ثلثهم بالقرعة إن لم يجز الورثة ما زاد عليه ذكر ذلك في الرعاية الكبرى.

(7/321)


باب التدبير :
قوله: وهو تعليق العتق بالموت.
هكذا قال الأصحاب زاد في المذهب أو بشرط يوجد بعد الموت.
قوله: ويعتبر من الثلث.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونقل حنبل يعتق من كل المال.
قال في الكافي ولا عمل عليه.
قال أبو بكر هذا قول قديم رجع عنه.
قال في الفوائد: وهو متخرج على أنه عتق لازم كالاستيلاد.
وعنه: يعتق من كل المال إذا دبره في الصحة دون المرض.
فائدة: يصح تعليقه بالموت مطلقا نحو إن مت فأنت حر ومقيدا نحو إن مت من مرضى هذا أو عامى أو بهذا البلد فأنت حر.
وإن قالا لعبدهما إن متنا فأنت حر فهو تعليق للحرية بموتهما جميعا ذكره القاضي وجماعة واقتصر عليه في الفروع ولا يعتق بموت أحدهما: شيء منه ولا يبيع وارثه حقه.
قدمه في الفروع وقاله الإمام أحمد رحمه الله.
واختار المصنف وغيره إذا مات أحدهما: فنصيبه حر.
قلت وهذا المذهب.
قال في الفروع فإذا أراد أنه حر بعد آخرهما موتا فإن جاز تعليق الحرية على صفة بعد الموت عتق بعد موت لآخر منهما عليهما وإلا عتق نصيب الآخر منهما بالتدبير.
وفي سرايته إن احتمله ثلثه الروايتان.
قوله: ويصح من كل من تصح وصيته.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الخرقى: يصح تدبير الغلام إذا جاوز العشر والجارية إذا جاوزت التسع.
تنبيه: قوله: وصريحه لفظ العتق والحرية المعلقين بالموت ولفظ التدبير وما تصرف منها.
مراده غير لفظ الأمر والمضارع.
كما تقدم التنبيه: عليه في أول كتاب العتق فليراجع.

(7/322)


فائدة: كنايات العتق المنجز تكون للتدبير إذا أضاف إليه ذكر الموت قاله الأصحاب.
فائدة: قوله: ويصح مطلقا ومقيدا بأن يقول إن مت في مرضى هذا أو عامي هذا فأنت حر أو مدبر.
وكذا لو قال له إذا قدم زيد أو جاء رأس الشهر فأنت مدبر بلا نزاع ويصح مؤقتا نحو أنت مدبر اليوم نص عليه.
قوله: وإن قال متى شئت فأنت مدبر فمتى شاء في حياة السيد صار مدبرا بلا نزاع.
أعني إذا قلنا يصح تعليق العتق على صفة على ما تقدم في كتاب العتق.
قوله: وإن قال إن شئت فأنت مدبر فقياس المذهب أنه كذلك.
يعني كمتى شئت وأنه لا يتقيد بالمجلس وهو المذهب صححه في المحرر والنظم والفائق وجزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والفروع.
وقال أبو الخطاب: إن شاء في المجلس صار مدبرا وإلا فلا وقاله القاضي أيضا وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والهادي وإدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وتجريد العناية.
فائدة: لو قال إذا شئت فأنت مدبر فهو كقوله: متى شئت فأنت مدبر على الصحيح من المذهب فلا يتقيد بالمجلس.
وجزم به في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
وقال القاضي: يختص بالمجلس وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
فائدة أخرى: لو قال: متى شئت بعد موتى فأنت حر أو أي وقت شئت بعد موتي فأنت حر فهو تعليق للعتق على صفة بعد الموت والصحيح من المذهب أنه لا يصح وقد تقدم ذلك في كتاب العتق.
وقال القاضي يصح.
فعلى قوله: يكون ذلك على التراخي بعد موته وما كسب فهو لورثة سيده.
قوله: وإن قال قد رجعت في تدبيري أو أبطلته لم يبطل لأنه تعليق للعتق بصفة.

(7/323)


هذا المذهب بلا ريب قال الزركشي هذا المذهب عند الأصحاب.
واختاره القاضي وقال في كتاب الروايتين هذه الرواية أجود الروايتين.
وصححها ابن عقيل في التذكرة وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة: لم يبطل على الأصح وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وعن: يبطل كالوصية قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والفائق.
وعنه لا يبطل إلا لقضاء دينه.
وفي التبصرة رواية لا يبطل في الأمة فقط.
فعلى الرواية الثانية: لا يصح رجوعه في حمل لم يوجد وإن رجع في حامل ففي حملها وجهان وأطلقهما في الفروع والرعايتين والقواعد الفقهية والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يكون رجوعا فيه.
تنبيهان
أحدهما: قال في الترغيب وغيره محل الروايتين إذا لم يأت بصريح التعليق أو بصريح الوصية واقتصر عليه في الفروع.
الثاني قوله: لأنه تعليق للعتق على صفة.
تقدم في كتاب العتق أنه يصح تعليق العتق على صفة في كلام المصنف.
فائدة: اعلم أن التدبير هل هو تعليق للعتق على صفة أو هو وصية فيه روايتان الصحيح منهما وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه تعليق للعتق على صفة.
تنبيه: ينبني على هذا الخلاف مسائل جمة.
منها: لو قتل المدبر سيده هل يعتق أم لا على ما يأتي آخر الباب في كلام المصنف.
ومنها: بيعه وهبته هل يجوز أم لا على ما يأتي قريبا في كلام المصنف أيضا.
ومنها: هل اعتباره من الثلث أم من كل المال على ما تقدم في أول الباب.
ومنها: إبطال التدبير والرجوع عنه بالقول وهي مسألة المصنف المتقدمة.
قال ابن رجب: بناهما الخرقى والأصحاب على هذا الأصل.
فإن قيل هو وصية جاز الرجوع عنه وإن قلنا هو عتق بصفة فلا.
قال: وللقاضي وأبى الخطاب في تعليقيهما طريقة أخرى أن الروايتين هنا مبنيتان على قولنا إنه وصية تنجز بالموت من غير قبول بخلاف بقية الوصايا.

(7/324)


وهو منتقض بالوصية لجهات البر.
قال: ولأبى الخطاب في الهداية طريقة ثالثة وهي بناء هاتين الروايتين على جواز الرجوع بالبيع أما إن قلنا يمتنع الرجوع بالفعل فبالقول أولى.
ومنها: لو باع المدبر ثم اشتراه فهل يكون بيعه رجوعا فلا يعود تدبيره أم لا يكون رجوعا فيعود؟ فيه روايتان أيضا بناهما القاضي والأكثرون على هذا الأصل.
فإن قلنا التدبير وصية بطلت بخروجه عن ملكه ولم تعد بعوده.
وإن قلنا: هو تعليق بصفة عاد بعود الملك بناء على أصلنا في عود الصفة بعود الملك في العتق والطلاق.
وطريقة الخرقى وطائفة من الأصحاب أن التدبير يعود بعود الملك هنا رواية واحدة بخلاف ما إذا أبطل تدبيره بالقول وهو يتنزل على أحد أمرين.
إما أن الوصية لا تبطل بزوال الملك مطلقا بل تعود بعوده.
وإما أن هذا حكم الوصية بالعتق خاصة.
ويأتي أصل المسألة في كلام المصنف قريبا.
ومنها: لو قال عبدي فلان حر بعد موتي بسنة فهل يصح ويعتق بعد موته بسنة أم يبطل؟ على روايتين.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في كتاب العتق فليراجع.
ومنها: لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير أم لا؟ على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
ومنها: لو وصى بعبده ثم دبره ففيه وجهان أشهرهما أنه رجوع عن الوصية والثاني: ليس برجوع.
فعلى هذا: فائدة الوصية به أنه لو أبطل تدبيره بالقول لا يستحقه الموصى له ذكره في المغنى.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ينبني على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية فإن قلنا هو عتق بصفة قدم على الموصى به وإن قلنا هو وصية فقد ازدحمت وصيتان في هذا العبد فينبني على أن الوصايا المزدحمة إذا كان بعضها عتقا هل تقدم أم يتحاص العتق وغيره؟ على روايتين.
فإن قلنا بالمحاصة: فهو كما لو دبر نصفه ووصى بنصفه ويصح ذلك على المنصوص انتهى.

(7/325)


قال في الفوائد وقد يقال: الموصى له إن قيل لا يملك حتى يقبل فقد سبق زمن العتق زمن ملكه فينفذ.
وإن قيل: يملك من حين الموت فقد تقارن زمن ملكه وزمن العتق فينبغي تقديم العتق كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في مسألة من علق عتق عبده ببيعه.
ومنها: الوصية بالمدبر فالمذهب أنها لا تصح ذكرها القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما لأن التدبير الطارئ إذا لم يبطل الوصية على المشهور فكيف يصح طريان الوصية على التدبير ومزاحمتها له؟
وبنى المصنف هذه المسألة أيضا على الأصول السابقة.
ومنها: ولد المدبرة هل يتبعها في التدبير أم لا على ما يأتي في كلام المصنف قريبا.
قوله: وله بيع المدبر وهبته.
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف والشارح وغيرهم.
قال في الفائق: هذا المذهب.
قال في الفوائد: والمذهب الجواز.
قال الزركشي: هذا المذهب عند الأصحاب وصححه في النظم وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم لأن التدبير إما وصية أو تعليق بصفة وكلاهما لا يمنع نقل الملك قبل الصفة.
وعنه: لا يجوز بيعه مطلقا بناء على أنه عتق بصفة فيكون لازما كالاستيلاد.
وعنه: لا يباع إلا في الدين وهو ظاهر كلام الخرقى في العبد فقال وله بيعه في الدين ولا تباع المدبرة في إحدى الروايتين وفي الأخرى الأمة كالعبد انتهى.
وعنه: لا تباع إلا في الدين أو الحاجة ذكرها القاضي في الجامع وكتاب الروايتين والمصنف في الكافي وصاحب الفروع وغيرهم.
قال في الفروع: اختاره الخرقى وقد تقدم لفظه.
وعنه: لا تباع الأمة خاصة.
قال في الروضة وله بيع العبد في الدين وفي بيعه الأمة فيه روايتان.
ومنها: لو جحد السيد التدبير فنص الإمام أحمد رحمه الله أنه ليس برجوع قدمه ابن رجب.
وقال الأصحاب: إن قلنا هو عتق بصفة لم يكن رجوعا وإن قلنا هو وصية فوجهان بناء على ما إذا جحد الموصى الوصية هل هو رجوع أم لا؟

(7/326)


قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع وإن أنكره لم يكن رجوعا إن قلنا تعليق وإلا فوجهان انتهى.
قلت: الصحيح من المذهب أنه إذا جحد الوصية لا يكون رجوعا على ما تقدم.
وقال في الرعاية الكبرى قلت: إن جوزنا الرجوع وحلف صح وإلا فلا.
ويأتي آخر الباب بما يحكم عليه إذا أنكر التدبير؟.
فائدة: حكم وقف المدبر حكم بيعه قاله في الرعايتين والزركشي وغيرهم وكذا حكم هبته.
قوله: وإن عاد إليه عاد التدبير.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وصححه في الفائق وغيره.
وعنه: يبطل التدبير وهما مبنيان على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية على ما تقدم.
وتقدم ذلك أيضا في الفوائد: بأتم من ذلك فليراجع.
والصحيح عند المصنف وغيره رجوعه إلى التدبير مطلقا.
قوله: وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها.
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز وغيرهم وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
قال في الفوائد: المشهور أنه يتبعها في التدبير كما لو ولدته بعده سواء كان موجودا حال التعليق أو العتق أو حادثا بينهما.
وعنه: في الحمل بعد التدبير أنه كحمل معتقة بصفة على ما تقدم في أواخر الباب الذي قبله.
وعنه: لا تتبعها الأنثى إلا بشرط السيد نص عليه في رواية حنبل بخلاف الذكر قاله في الفائق.
واختار في الانتصار أنه لا يتبع قاله في الفروع.
قال في الفوائد: وحكى القاضي في كتاب الروايتين في تبعية الولد روايتين وبناهما على أن التدبير هل هو عتق لازم كالاستيلاد أم لا؟
ومن هنا قال أبو الخطاب في انتصاره تبعية الولد مبنى على لزوم التدبير.

(7/327)


وخرج أبو الخطاب وجها أنه لا يتبعها الحادث بينهما وإنما يتبعها إذا كان موجودا معها في أحدهما: من حكم ولد المعلق عتقها بصفة بناء على أن التدبير تعليق بصفة.
وينبغي على هذا: أن يخرج طريقة أخرى أنه لا يتبعها الولد الحادث بينهما بغير خلاف.
وأما ما كان موجودا في أحد الحالين: فهل يتبعها على وجهين بناء على أن التدبير وصية وحكم ولد الموصى بها كذلك عند الأصحاب انتهى كلامه في الفوائد.
وقال في القاعدة الثانية والثمانين على القول بأنه يتبعها قال الأكثرون ويكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع بخلاف ولد المكاتبة.
وقد نص في رواية ابن منصور: على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
وعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا هذا قول القاضي وابن عقيل.
وقال أبو بكر في التنبيه: هل هو تابع محض لها إن عتقت عتق وإن رقت رق؟ وهو ظاهر كلام ابن أبى موسى انتهى.
وقال في الانتصار: هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا؟ لأنه لا مال لهما اختلف كلامه ويظهر الحكم في ولدهما.
قوله: ولا يتبعها ولدها قبل التدبير هذا المذهب.
قال الزركشي: هذا المذهب بلا ريب وكذا قال غيره وعليه الأصحاب.
وعنه: يتبعها حكاها أبو الخطاب وابن عقيل في الفصول من رواية حنبل وتأولها المصنف وقال هذه الرواية بعيدة.
فائدتان :
إحداهما: لو ولدت الموصى بوقفها أو عتقها قبل موت الموصى لم يتبعها ذكره القاضي في الموصى بعتقها وقياسه الأخرى.
ويحتمل أن يتبع في الوصية بالوقف بناء على أن فيه ثبوت التحرير دون التمليك قاله في القواعد.
الثانية: ولد المدبر من أمة المدبر نفسه كالمدبر نص عليه قدمه في الفروع.
قال المصنف والشارح: فإن تسرى المدبر بإذن سيده فولد له فروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنهم يتبعونه في التدبير واقتصر عليه وذكر جماعة: أنه لا يتبعه قاله في الفروع.
قال في الرعايتين: ولا يكون ولد المدبر من أمته مثله في الأصح بل يتبع أمه.

(7/328)


وقال في الفروع أيضا: وولده من غير أمته كالأم فجزم بأنه كالأم.
وقال في الفائق: وولد المدبر تابع أمه لا أباه في أصح الوجهين.
قال في الحاوي الصغير: ولا يكون ولد المدبر مثله في أصح الوجهين.
قال الزركشي والخرقى رحمهما الله: إنما حكم على ولد المدبرة.
أما ولد المدبر: فلا يتبع أباه مطلقا على المذهب.
وعنه: يتبعه وظاهر كلامه في المغنى الجزم بها في ولده من أمته المأذون له في التسري بها ويكون مدبرا انتهى.
تنبيه: ظاهر قوله: وله إصابة مدبرته.
أنه سواء شرطه أو لا وهو صحيح نص عليه ولا أعلم فيه خلافا.
ويجوز له وطء ابنتها إن لم يكن وطىء أمها على الصحيح من المذهب.
قال في الفائق في أصح الروايتين وقدمه في المغنى والشرح وعنه لا يجوز.
قوله: وإذا كاتب المدبر أو دبر المكاتب جاز.
بلا نزاع لكن لو كاتب المدبر فهل يكون رجوعا عن التدبير؟ إن قلنا التدبير عتق بصفة: لم يكن رجوعا.
وإن قلنا هو وصية: انبنى على أن كتابة الموصى به هل تكون رجوعا؟ فيه وجهان أشهرهما أنه رجوع.
والمشهور في المذهب: أن كتابة المدبر ليست رجوعا عن تدبيره.
ونقل ابن الحكم عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على أنه رجوع بناء على أن التدبير وصية فتبطل بالكتابة.
قوله: فلو أدى عتق وإن مات سيده قبل الأداء عتق إن حمل الثلث ما بقي من كتابته.
وإلا عتق منه قدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وهو على الكتابة فيما بقي.
مقتضى قوله: إن حمل الثلث ما بقي من الكتابة أن المعتبر في خروجه من الثلث هو ما بقي عليه من الكتابة.
وهو مقتضى كلام الخرقى وكلامه في الكافي والشرح.
ومقتضى كلامه في المغنى والمحرر والفروع وغيرهم اعتبار قيمته مدبرا وجزموا به وصححه في الرعايتين.

(7/329)


فائدة: لو عتق بالكتابة كان ما في يده له.
ولو عتق بالتدبير مع العجز عن أداء مال الكتابة كان ما في يده للورثة وإن مات السيد قبل العجز عن جميع الكتابة عتق بالتدبير وما في يده له عند المصنف والشارح وابن حمدان وغيرهم.
وقيل للورثة وحكاه المصنف عن الأصحاب وهو المذهب.
ويأتي نظير ذلك إذا أولد المكاتبة في باب الكتابة.
فائدة: لو أولد أمته ثم كاتبها أو كاتبها ثم أولدها جاز لكن تعتق بموته مطلقا.
ولو دبر أم ولده لم يصح إذ لا فائدة: فيه وهذا المذهب.
واختار ابن حمدان الصحة إن جاز بيعها وقلنا التدبير عتق بصفة.
قوله: وإذا دبر شركا له في عبد لم يسر إلى نصيب شريكه وإن أعتق شريكه سرى إلى المدبر وعنه وغرم قيمته لسيده.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يسرى في الأول دون الثاني.
فعلى هذا يصير مدبرا كله ويضمن حصة شريكه بقيمتها.
قوله: وإذا أسلم مدبر الكافر لم يقر في يده وترك في يد عدل ينفق عليه من كسبه وما فضل فلسيده وإن أعوز فعليه تمامه إلا أن يرجع في التدبير ونقول بصحة رجوعه.
اعلم أنه إذا أسلم مدبر الكافر فجزم المصنف هنا أنه لا يلزم بإزالة ملكه إذا استدام تدبيره لكن لا يقر في يده ويترك في يد عدل وهو أحد الوجهين وهو احتمال في المغنى والشرح.
وجزم به في الوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير.
وقدمه ابن منجا في شرحه والرعايتين.
والوجه الثاني أنه يلزم بإزالة ملكه عنه فإن أبى بيع عليه وهو المذهب قدمه في المغنى والشرح والفائق وصححه في النظم.
وتقدم في آخر كتاب البيع إذا أسلم عبد الكافر القن وأحكامه.
فائدة: لو أسلم مكاتب الكافر لزمه إزالة يده عنه فإن أبى بيع عليه بلا خلاف.

(7/330)


وإن أسلمت أم ولده لم تقر في يده وجعلت عند عدل ينفق عليها من كسبها.
وإن أعوز لزم السيد تمامه على الصحيح من المذهب وإن أسلم حلت له وعنه لا تلزمه نفقتها.
وعنه يستسعى في قيمتها ثم تعتق.
ونقل مهنا تعتق بإسلامها.
وتأتي هذه المسألة بعينها في كلام المصنف في أواخر باب أحكام أمهات الأولاد وكذا لو أسلمت مدبرته مستوفاة محررة.
قوله: ومن أنكر التدبير لم يحكم عليه إلا بشاهدين وهل يحكم عليه بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين العبد على روايتين.
وأطلقهما الزركشي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
إحداهما: يحكم عليه بذلك وهو الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح والناظم.
وجزم به الخرقى والوجيز وناظم المفردات وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب وكذا الحكم في الكتابة.
والرواية الثانية: لا يحكم عليه إلا بشاهدين ذكرين.
ويأتي ذلك في أحكام الشهود به.
وتقدم في الفوائد: هل يكون إنكاره رجوعا أم لا فإن قلنا إنه رجوع لم تسمع دعواه ولا بينته.
قوله: وإذا قتل المدبر سيده بطل تدبيره.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم المصنف والشارح وصاحب المستوعب وغيرهم واختاره القاضي وغيره.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفروع في باب الموصى له.
وقيل لا يبطل تدبيره فيعتق.
وهذا ما قدمه في الرعاية الكبرى في آخر أمهات الأولاد.
وقال في فوائد: القواعد فيه طريقان.
أحدهما: بناؤه على الروايتين إن قلنا هو عتق بصفة عتق وإن قلنا وصية لم يعتق وهي طريقة ابن عقيل وغيره.

(7/331)


الطريقة الثانية: أنه لا يعتق على الروايتين وهي طريقة القاضي لأنه لم يعلقه على موته بقتله إياه.
وقال في الفروع في باب الموصى له ولو قتل الوصى الموصى ولو خطأ بطلت ولا تبطل وصيته بعد جرحه.
وقال جماعة فيهما روايتان ومثلها التدبير فإن جعل عتقا بصفة فوجهان انتهى.

(7/332)


باب الكتابة :
قوله: وهي بيع العبد نفسه بمال في ذمته.
زاد غيره بعوض مباح معلوم مؤجل.
وليست الكتابة مخالفة للأصل لأن محلها الذمة.
قوله: وهي مستحبة.
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الكافي والمغنى والشارح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وعنه واجبة إذا ابتغاها من سيده أجبره عليها بقيمته اختاره أبو بكر في تفسيره.
قال في القواعد الأصولية وهو متجه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وعلى قياسه وجوب العتق في قوله: أعتق عبدك عنك وعلي ثمنه وقدم في الروضة أنها مباحة.
فائدة: لا تصح كتابة المرهون على الصحيح من المذهب قطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى قلت تجوز كعتقه وهو الصواب وتجوز كتابة المستأجر.
قوله: لمن يعلم فيه خيرا وهو الكسب والأمانة.
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف والمجد وصاحب الوجيز والشرح والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وإدراك الغاية وغيرهم المكتسب الصدوق.
وقال في الرعاية والحاوي الصغير والفائق وتستحب مع كسب العبد وأمانته وصدقه.

(7/332)


وقال في الواضح والوجيز والتبصرة وهي مستحبة مع كسب العبد فقط.
وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته في كتاب العتق فأسقطوا الأمانة.
قوله: وهل تكره كتابة من لا كسب له على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمحرر.
إحداهما: تكره كتابته وهو المذهب.
قال القاضي ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله الكراهة واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في الخلاصة والتصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والرواية الثانية: لا تكره فتستحب لكن قال في الكافي لو دعا من لا كسب له سيده إلى الكتابة لم يجبر رواية واحدة.
قال المصنف وينبغي أن ينظر في المكاتب فإن كان ممن يتضرر بالكتابة ويضيع لعجزه عن الإنفاق على نفسه ولا يجد من ينفق عليه كرهت كتابته وإن كان يجد من يكفيه مؤنته لم تكره كتابته.
وعنه تكره كتابة الأنثى.
فائدة: تقدم في باب الحجر صحة كتابة الولى رقيق المولى عليه والكتابة في الصحة والمرض من رأس المال على الصحيح من المذهب.
وقال أبو الخطاب ومن تبعه في المرض من الثلث.
ولو كاتبه في الصحة وأسقط دينه أو أعتقه في مرضه اعتبر خروج الأقل من رقبته أو دينه من الثلث.
ولو وصى بعتقه أو أبرأه من الدين اعتبر أقلهما من ثلثه ولو حمل الثلث بعضه عتق وباقيه على الكتابة ولو أقر في المرض بقبض النجوم سلفا جاز.
قوله: وإن كاتب المميز عبده بإذن وليه صح.
صحة كتابة المميز لعبده بإذن وليه مبنية على صحة بيعه بإذن وليه على ما تقدم في أول كتاب البيع والصحيح صحة بيعه فكذا كتابته.
وقوله: ويحتمل أن لا يصح.
هذا الاحتمال لأبى الخطاب وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وقدمه في الرعاية الصغرى وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى في هذا الباب. وقيل تصح كتابته بغير إذن وليه وفي الموجز والتبصرة تصح من ابن عشر.

(7/333)


قوله: وإن كاتب السيد عبده المميز صح.
بلا نزاع وظاهر كلامه أنه لا يصح أن يكاتب غير المميز ولا المجنون ولو فعل لم يصح ولا يعتقان بالأداء بل يتعلق العتق به إن كان التعليق صريحا وإلا فوجهان في العتق وأطلقهما في الفروع.
أحدهما: يعتق بتعليق العتق به لأن الكتابة تتضمن معنى الصفة اختاره القاضي.
والثاني لا يعتق وهو المذهب اختاره أبو بكر وقدمه في الرعايتين والفائق وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب والحاوي الصغير ونصره المصنف والشارح.
قال في القواعد الأصولية والمذهب لا يعتق بالأداء خلافا لما قال القاضي.
قوله: ولا يصح إلا بالقول وينعقد بقوله: كاتبتك على كذا وإن لم يقل فإذا أديت إلى فأنت حر.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
ويحتمل أن يشترط قوله: ذلك أو نيته.
وهو لأبي الخطاب في الهداية.
وفي الترغيب وجه هو رواية في الموجز والتبصرة يشترط قوله: ذلك وقيل أو نيته.
فائدة: ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يشترط قبوله للكتابة.
وقال في الموجز والتبصرة والترغيب والرعاية الكبرى يشترط ذلك واقتصر عليه في الفروع.
قوله: ولا يصح إلا على عوض معلوم.
ولو خدمة أو منفعة وغيرها.
قال الأصحاب مباح يصح السلم فيه منجم بنجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم.
الصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على نجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل تصح على نجم واحد.

(7/334)


اختاره ابن أبى موسى.
قال في الفائق وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل تصح أن تكون على خدمة مفردة على مدة واحدة.
والصحيح من المذهب أنها لا تصح إلا على عوض معلوم فلا تصح على عبد مطلق اختاره أبو بكر وغيره وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه والخلاصة والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تصح على عبد مطلق وله الوسط وقاله أصحاب القاضي.
قال في الرعايتين وإن كاتبه على عبد مطلق صح في الأصح وله الوسط.
وقال في الحاوي الصغير وإن كاتبه على عبد مطلق صح ووجب الوسط.
وقياس قول أبى بكر بطلانه.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الكتابة لا تصح حالة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وظاهر كلام المصنف في المغنى والشارح أن فيها قولا بالصحة فإنهما قالا ولا تجوز إلا مؤجلة منجمة هذا ظاهر المذهب.
فدل أن فيها خلافا وهو خلاف ظاهر المذهب واختاره في الفائق فقال والمختار صحة الكتابة حالة.
وقال في الترغيب في كتابة من نصفه حر حالة وجهان.
فعلى المذهب في جواز توقيت النجمين بساعتين وعدمه فيعتبر ماله وقع في القدرة على الكسب فيه خلاف في الانتصار.
قلت الصواب الثاني.
وإن كان ظاهر كلام الأصحاب الأول.
وتقدم في أواخر العتق هل يصح شراء العبد نفسه من سيده بمال في يده أم لا؟
وعلى المذهب أيضا تكون الكتابة باطلة من أصلها على الصحيح ذكره القاضي والشريف وأبو الخطاب وغيرهم.
وصرح ابن عقيل بأن الإخلال بشرط النجوم يبطل العقد.
وذكر صاحب التلخيص أن الكتابة تصير فاسدة ولا تبطل من أصلها.
ويأتي الإشكال فيما إذا كاتبه على عوض مجهول أنها تكون فاسدة لا باطلة آخر الباب.
قوله: وتصح على مال وخدمة سواء تقدمت الخدمة أو تأخرت.

(7/335)


يعني تصح الكتابة على مال مع خدمة ويشترط كون المال مؤجلا بخلاف الخدمة لكن لو جعل الدين بعد فراغ الخدمة بيوم أو أكثر صح وإن جعل محله في الخدمة أو عند انقضائها صح أيضا على الصحيح من المذهب قدمه في المغنى والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم ونصروه.
وقال القاضي لا تصح لأنه يكون نجما واحدا وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
فائدة: تصح الكتابة على منفعة مفردة منجمة كخدمة وعمل في الذمة كخياطة ونحوها قاله الأصحاب.
وللمصنف احتمال بصحتها على منفعة مفردة مدة واحدة.
قوله: وإن أدى ما كوتب عليه أو أبرئ منه عتق.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والفائق وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا ويجبر على أدائه.
فائدة: لو أبرأه بعض الورثة من حق منها وكان مؤسرا عتق عليه كله على الصحيح من المذهب وقيل لا يعتق.
قوله: فلو مات قبل الأداء كان ما في يده لسيده في الصحيح عنه.
وهذا مفرع على الصحيح من المذهب وهو أنه إذا ملك ما يؤدي عن كتابته ولم يؤده لم يعتق فإذا مات قبل الأداء انفسخت الكتابة وكان ما في يده لسيده.
وعلى الرواية الثانية وهي أنه إذا ملك ما يؤدي يصير حرا قبل الأداء فإذا مات قبل الأداء كان لسيده بقية كتابته والباقي لورثة الميت فلا تنفسخ الكتابة اختاره هنا أبو بكر وأبو الخطاب.
لكن هل يستحقه السيد حالا أو هو على نجومه فيه روايتان وأطلقهما في الفروع.
قلت هي شبيهة بمن مات وعليه دين على ما تقدم في باب الحجر.
وتقدم في ذكر أهل الزكاة إذا عجز ورق ونحوه وكان بيده مال أخذه من الزكاة هل يكون لسيده أو لمن أخذه منه؟
قوله: وإذا عجلت الكتابة قبل محلها لزم السيد الأخذ.
فشمل القبض مع الضرر وعدمه وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله والخرقى وأبو بكر

(7/336)


وأبو الخطاب والشيرازي والسامري وغيرهم.
قال في المذهب يلزمه مع الضرر في ظاهر المذهب.
قال الشارح وهو الصحيح وقدمه في الهداية والحاوي الصغير.
ويحتمل أن لا يلزمه ذلك إذا كان في قبضة ضرر وهو المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال القاضي والمذهب عندي أن فيه تفصيلا على حسب ما ذكر في السلم وصححه الناظم واختاره المصنف في المغنى.
قال في الرعايتين وإن عجل ما عليه قبل محله لزم سيده في الأصح أخذه بلا ضرر وعتق في الحال وجزم به في الوجيز والمحرر وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
قال في الفائق ولو عجل ما عليه لزم قبضه وعتق حالا نص عليه وقيد بعدم الضرر.
وقدمه في الفروع ذكره في باب السلم.
ونقل حنبل وأبو بكر لا يلزمه ولو مع عدم الضرر ذكرها جماعة من الأصحاب لأنه قد يعجز فيرق ولأن بقاء المكاتب في هذه المدة حق له ولم يرض بزواله.
فهذه ثلاث روايات رواية باللزوم مطلقا وعدمه مطلقا والثالثة: الفرق بين الضرر وعدمه.
واختار القاضي في كتاب الروايتين طريقة أخرى وهي إن كان في القبض ضرر لم يلزمه وإلا فروايتان وتبعه في الكافي.
فائدتان :
إحداهما: حيث قلنا باللزوم لو امتنع السيد من قبضه جعله الإمام في بيت المال وحكم بعتق العبد جزم به الزركشي.
قال في الفروع هذا المشهور.
قال المصنف والشارح وإن أبى السيد بريء العبد ذكرناه في المكفول به.
نقل حرب إن أبى مولاه الأخذ ما أعلم ما زاده إلا خيرا.
وتقدم نظير ذلك في باب السلم.
الثانية: في عتق المكاتب بالاعتياض وجهان وأطلقهما في الفروع والبلغة والرعاية الكبرى.
والصواب العتق اختاره المصنف والشارح وغيرهما وعدم العتق قاله القاضي.

(7/337)


قوله: وإذا أدى وعتق فوجد السيد بالعوض عيبا فله أرشه أو قيمته ولا يرتفع العتق.
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والمنور والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصححه في النظم وهو من مفردات المذهب.
وقيل هو كالبيع.
وقيل يرتفع العتق إن رده ولم يعطه البدل وهو توجيه للقاضي.
قال المصنف وغيره فإن بان معيبا نظرت فإن رضى بذلك وأمسكه استقر العتق وإن اختار إمساكه وأخذ الأرش أو رده فله ذلك.
وقال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يبطل به العتق وليس له الرد وله الأرش.
فائدة: لو أخذ السيد حقه ظاهرا ثم قال هو حر ثم بان مستحقا لم يعتق قاله الأصحاب.
وإن ادعى السيد تحريم العوض قبل ببينة.
وإن لم تكن بينة قبل قول العبد مع يمينه ثم يجب على السيد أخذه ويعتق به ثم يلزم السيد رده إلى مالكه إن أضافه إلى مالك.
وإن نكل العبد حلف سيده.
وله قبضة من دين غير دين الكتابة وتعجيزه وفي تعجيزه قبل أخذ ذلك من جهة الدين وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
والاعتبار بقصد السيد في قبضه عن أحد الدينين وفائدته يمينه عند النزاع.
قلت قد تقدم في باب الرهن أنه لو قضى بعض دينه أو أبرئ منه وببعضه رهن أو كفيل كان عما نواه الدافع أو المبرئ من القسمين والقول قوله: في النية بلا نزاع فيخرج هنا مثله.
قوله: ويملك السفر.
حكم سفر المكاتب حكم سفر الغريم على ما تقدم في أول باب الحجر.
قال في الفروع وله السفر كغريم.
قال المصنف في المغنى والشارح وقد أطلق أصحابنا القول في ذلك ولم يفرقوا بين

(7/338)


السفر الطويل وغيره.
وقياس المذهب أن له منعه من السفر الذي تحل نجوم الكتابة قبله.
قال الزركشي قلت وهو مراد الأصحاب وإنما لم يقيدوا ذلك اكتفاء بما تقدم لهم من الحر المدين بطريق الأولى.
تنبيه: يستثنى من كلام المصنف السفر للجهاد فإنه لا يجوز له السفر لذلك إلا بإذنه على ما مر في كتاب الجهاد ذكره الزركشي.
قوله: فإن شرط عليه أن لا يسافر ولا يأخذ الصدقة فهل يصح الشرط على وجهين.
وهما وجهان أيضا في المغنى والشرح وشرح ابن منجا.
وهما روايتان عند أبى الخطاب والشيرازي والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وصاحب الفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير.
أحدهما: يصح الشرط وهو المذهب.
قال في الفروع والرعايتين ويصح شرط تركهما على الأصح وصححه في التصحيح والفائق وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
وهو من مفردات المذهب فيهما.
والوجه الثاني لا يصح الشرط صححه في النظم.
واختار المصنف والشارح صحة شرط أن لا يسافر.
وقدم ابن رزين بطلان شرط عدم سفره وصحة شرط عدم السؤال.
وقال أبو الخطاب يصح إذا شرط أن لا يسافر ولا يصح شرط أن لا يأخذ الصدقة.
وقال القاضي لا يصح إذا شرط أن لا يسافر.
وقال في الجامع والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي يصح شرط أن لا يسافر.
وقال أبو بكر إذا رآه يسأل مرة في مرة عجزه كما لو حل نجم في نجم عجزه.
فاعتبر المخالفة في مرتين كحلول نجمين وصحح الشرط.
فعلى القول بصحة الشرط إذا خالف كان لسيده تعجيزه على الصحيح من المذهب.

(7/339)


وقيل يملك تعجيزه بسفره إذا لم يمكن رده وأطلقهما في الشرح.
وإن أمكن رده لم يملك تعجيزه جزم به في الفروع وغيره.
قوله: وليس له أن يتزوج ولا يتسرى ولا يتبرع ولا يقرض ولا يحابي ولا يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه ولا يعتق ولا يكاتب إلا بإذن سيده.
لا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هو المذهب عند عامة الأصحاب وقطع به عامتهم.
قلت قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وقيل له أن يتزوج بغير إذنه بخلاف المكاتبة ذكره في الرعاية ونقله إبراهيم الحربي.
فائدة: ليس للمكاتب أن يزوج رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح ونصراه وصححه في الكافي.
وقيل له ذلك إذا رأى المصلحة اختاره أبو الخطاب.
وقيل له أن يزوج الأمة دون العبد حكاه القاضي في خصاله.
وأطلقهن في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وليس للمكاتب أن يتسرى إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه المنع وعنه عكسه ذكرهما في الفروع ولم أرهما في غيره.
وليس له أن يتبرع ولا يقرض ولا يحابي إلا بإذن سيده بلا خلاف أعلمه.
وليس له أن يقتص من عبده الجاني على بعض رقيقه إلا بإذن سيده على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز ومنتخب الأدمى واختاره أبو بكر وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الشرح وشرح ابن منجا.
وقيل يجوز له ذلك اختاره القاضي وهو ظاهر ما قدمه في الكافي.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق.
وأما العتق فلا يخلو إما أن يعتقه مجانا أو على عوض في ذمته.
فإن أعتقه مجانا لم يجز إلا بإذن سيده بلا نزاع فلو خالف وفعل فالعتق باطل اختاره

(7/340)


المصنف والشارح وقدمه في الفائق.
وقال أبو بكر والقاضي عتقه موقوف على انتهاء الكتابة فإن عتق عتقوا وإن رق رقوا كما لو ملك ذا رحم منه وخرج وقفه على رضا السيد قاله في الفائق وإن اعتقه بمال في ذمته فظاهر كلام المصنف أنه ليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والخلاصة وغيرهم وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني يجوز.
قلت وهو الصواب إذا رآه مصلحة له.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وأما المكاتبة فليس له ذلك إلا بإذن سيده وهو أحد الوجهين وهو المذهب وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الكافي والمغنى والشرح والفائق.
والوجه الثاني يجوز اختاره القاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل.
وأطلقهما في المحرر والفروع والرعايتين والنظم.
وقال أبو بكر هو موقوف كقوله: في العتق المنجز.
فائدة: قال المصنف في المغنى والكافي هنا ليس له أن يحج إن احتاج إلى الأنفاق من ماله فيه.
وذكر المصنف أيضا في المقنع في باب الاعتكاف له أن يحج بغير إذن سيده لانه كالحر المدين وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى هناك.
ونقل الميموني له أن يحج من المال الذي جمعه ما لم يأت نجمه قدمه في المحرر.
قال المصنف والقاضي وابن عقيل هذه الرواية محمولة على أنه يحج بإذن سيده وأما بغير إذنه فلا يجوز انتهى.
قال في المحرر والرعاية الكبرى والنظم والمنور وتجريد العناية وغيرهم في باب الاعتكاف ويحج بغير إذنه ما لم يحل عليه نجم في غيبته نص عليه انتهى فقطعوا بذلك.
وقال في الحاوي الصغير وفي جواز حجه بمال بإذن سيده روايتان.
قال في الرعايتين والفائق في هذا الباب في جواز حجه بماله بإذن سيده روايتان.
وعنه له الحج بلا إذنه.
وعنه ما لم يحل نجم.
قال في الفروع وله الحج بماله ما لم يحل نجم.

(7/341)


وقيل مطلقا وأطلقه في الترغيب وغيره وقالوا نص عليه.
وتقدم بعض ذلك في أول كتاب الاعتكاف.
قوله: وولاء من يعتقه ويكاتبه لسيده.
هذا المذهب مطلقا جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمنور وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
قال في الرعايتين والفروع والفائق إن كاتبه بإذن سيده.
وقيل الولاء للمكاتب إن عتق زاد في الفائق مع أمن ضرر في ماله.
وقال المصنف والشارح إن أدى الأول ثم أدى الثاني فولاء كل واحد لمكاتبه وإن أدى الأول وعجز الثاني صار رقيقا للأول وإن عجز الأول وأدى الثاني فولاؤه للسيد الأول وإن أدى الثاني قبل عتق الأول عتق.
قال أبو بكر وولاؤه للسيد ورجحه القاضي في الخلاف قاله في القاعدة السادسة عشر.
وقال القاضي في المجرد هو موقوف إن أدى عتق وولاؤه له وإلا فهو للسيد.
قوله: ولا يكفر بالمال.
هذا إحدى الروايات مطلقا جزم به في الخلاصة والوجيز والنظم.
وقدمه في الشرح وهو ظاهر كلام الخرقى.
وعنه له ذلك بإذن سيده وهو المذهب جزم به في الكافي والمغنى والمحرر وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والرعايتين.
وعنه يكفر بالمال مطلقا.
وقال القاضي المكاتب كالقن في التكفير فإن أذن له سيده في التكفير بالمال انبنى على ملك العبد بالتمليك فإن قلنا لا يملك لم يصح تكفيره بغير الصيام مطلقا وإن قلنا يملك صح بالإطعام إذا أذن فيه سيده وإن أذن بالتكفير بالعتق فهل يصح على روايتين.
قال المصنف والصحيح أن هذا التفصيل لا يتوجه في المكاتب لأنه يملك المال بغير خلاف وإنما ملكه ناقص لتعلق حق السيد به فإذا أذن له صح كالتبرع.
تنبيه: حيث جوزنا له التكفير بالمال فإنه لا يلزمه قاله الزركشي وغيره.
قوله: وهل له أن يرهن أو يضارب بماله يحتمل وجهين.

(7/342)


وكذا قال في الهداية وأطلقهما في المذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح ابن منجا.
أحدهما: ليس له ذلك وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي وقدمه في الشرح في موضع آخر.
والوجه الثاني له ذلك اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
فائدتان :
إحداهما: في جواز بيعه نساء ولو برهن وهبة بعوض وحد رقيقه وجهان وأطلقهما في الفروع.
وأطلقهما في الرعايتين والمحرر والحاوي الصغير والفائق في الأولى والأخيرة.
وأطلقهما في النظم في البيع نساء.
وقدم في المغنى والشرح أنه ليس له أن يبيع نساء وقدمه في الكافي في الجميع.
وجزم في الوجيز ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول ولا يحد.
وجزم في الرعايتين والحاوي الصغير ليس له أن يهب ولو بثواب مجهول.
وجزم في المغنى والشرح أنه لا تصح الهبة بالثواب.
وقيل يجوز بيعه نساء من غير رهن ولا ضمين.
ففي البيع نساء ثلاثة أوجه الجواز وهو تخريج للقاضي من المضارب وعدمه والجواز برهن أو ضمين.
الثانية: ليس له أن يقتص لنفسه ممن جنى على طرفه بغير إذن سيده على أحد الوجهين.
قال في الرعاية ولا يقتص لنفسه من عضو وقيل أو جروح بدون إذن سيده في الأصح وكذا قال في الفائق.
قال القاضي في خلافه وهو قياس قول أبى بكر.
قال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة وفيه نظر.
وقيل له ذلك اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل.
قلت وهذا المذهب والقول الأول ضعيف جدا.
وقد ذكر الأصحاب قاطبة أن العبد لو وجب له قصاص أن له طلبه والعفو عنه كما ذكره المصنف في آخر باب العفو عن القصاص فها هنا بطريق أولى وأحرى اللهم إلا أن يقال له الطلب وليس له الفعل.
قلت وأطلقهما في الفروع.

(7/343)


قوله: وليس له شراء ذوي رحمه إلا بإذن سيده.
هذا أحد الوجهين قدمه في الهداية وجزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
وقال القاضي له ذلك نص عليه وهو المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير وله شراء ذي رحمه بلا إذن سيده في أصح الوجهين وإليه ميل الشارح.
وقطع به الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل والمصنف في المغنى وهو من المفردات.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع والفائق والنظم.
قوله: وله أن يقبلهم إذا وهبوا له أو أوصى له بهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله.
وقطع به في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم وشرح على ذلك ابن منجا.
وقيل له أن يقبلهم في الهبة والوصية ولو أضر ذلك بماله.
وأطلق الجواز من غير التقييد بالضرر في الهداية والكافي والمغنى والمحرر والفروع والفائق وهو إحدى نسختي الخرقى.
قال الشارح وله أن يقبلهم لأنه إذا ملك شراءه فلان يجوز له بغير عوض أولى وعند من لا يرى جواز شراءهم بغير إذن السيد لا يجيز قبولهم إذا لم يكن فيه ضرر بماله.
فائدة: هل له أن يفدي ذوي رحمه إذا جنوا فيه وجهان.
وفي المنتخب والمذهب له ذلك كالشراء قاله في الفروع.
وقال في الترغيب يفديه بقيمته.
قوله: ومتى ملكهم لم يكن له بيعهم وله كسبهم وحكمهم حكمه فإن عتق عتقوا وإن رق صاروا رقيقا للسيد.
مراده بذلك ذوو رحمه.
واعلم أن المكاتب إذا عتق فلا يخلو إما أن يكون عتقه بأداء مال الكتابة أو بعتق سيده له

(7/344)


فإن كان بأداء مال الكتابة عتقوا معه بلا نزاع.
وإن كان عتقه لكون سيده أعتقه فظاهر كلام المصنف أنهم يعتقون معه أيضا وهذا اختيار المصنف وإليه ميل الشارح وصححه الناظم.
والصحيح من المذهب أنهم لا يعتقون إذا أعتق السيد المكاتب بل يبقون أرقاء للسيد.
قدمه في الفروع والنظم وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
فائدة: يجوز للمكاتب شراء من يعتق على سيده ذكره في الانتصار والترغيب فإن عجز عتقوا.
وإن عتق كانوا أرقاء له واقتصر عليه في الفروع.
قلت فيعايى بها.
تنبيه: ظاهر قوله: وكذلك الحكم في ولده من أمته.
يعني أنه يعتق بعتقه أنه لا يتبعه ولده إذا كان من أمة سيده وهو المذهب مطلقا قدمه في الفروع.
وقال جماعة من الأصحاب يتبعه إذا شرط ذلك منهم الناظم.
قوله: وولد المكاتبة الذي ولدته في الكتابة يتبعها.
نص عليه فإن عتقت بأداء أو إبراء عتق معها وإن عتقت بغيرهما لم يعتق ولدها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كموتها في الكتابة.
قال المصنف والشارح وهو مقتضى قول أصحابنا وقدمه في الفروع.
وقيل يبقى مكاتبا قال الشارح وهو مقتضى قول شيخنا.
قال في الفروع والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يعتق.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن ولد المكاتبة الذي ولدته قبل الكتابة لا يتبعها وهو صحيح قطع به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه أنها لو كانت حاملا به حال الكتابة تبعها وهو صحيح قطع به الزركشي وغيره.
فائدتان :
إحداهما: لو أعتق السيد الولد دونها صح عتقه نص عليه.
وقدمه في الفروع والمغنى والشرح ونصراه وقيل لا يعتق.
قال القاضي قد كان يجب أن لا ينفذ عتقه لأن فيه ضررا بأمه لتفويت كسبه عليها فإنها كانت تستعين به في كتابتها ولعل الإمام أحمد رحمه الله نفذ عتقه تغليبا للعتق.

(7/345)


ورده المصنف من ثلاثة أوجه وتقدم في كتاب العتق صحة عتق الجنين.
الثانية: ولد بنت المكاتبة كالمكاتبة وولد ابنها وولد المعتق بعضها كالأمة.
قوله: وإن استولد أمته فهل تصير أم ولد يمتنع عليه بيعها على وجهين.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والفروع.
أحدهما: تصير أم ولد وهو المذهب نص عليه.
قال المصنف هذا المذهب وصححه في التصحيح والنظم والفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وغيرهم.
والوجه الثاني لا تصير أم ولد وقاله القاضي في موضع من كلامه وهو احتمال في الهداية.
قوله: ولا يبيعه درهما بدرهمين.
يعني أنه يجري الربا بينهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال ابن أبى موسى لا ربا بينهما لأنه عبد في الأظهر من قوله: لا ربا بين العبد وسيده واختاره أبو بكر قاله الزركشي وغيره وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
فعلى المذهب لو زاد الأجل والدين جاز ذلك على احتمال ذكره المصنف وغيره والمذهب عدم الجواز وعليه الأصحاب.
وتقدم ذلك في آخر باب الربا.
تنبيه: يستثنى من ذلك مال الكتابة فإنه لا يجري الربا في ذلك قاله الأصحاب لتجويزهم تعجيل الكتابة بشرط أن يضع عنه بعضها وتقدم قطع المصنف بذلك.
قوله: وإن حبسه مدة فعليه أرفق الأمرين به من أنظاره مثل تلك المدة أو أجره مثله.
هذا أحد الوجوه جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز ونهاية ابن رزين واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقيل تلزمه أجرة المدة جزم به الأدمى في منتخبه.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وقيل يلزمه إنظاره مثل المدة ولا تحتسب عليه مدة حبسه صححه المصنف والشارح وقدمه ابن رزين في شرحه.

(7/346)


وأطلقهن في الكافي والفروع والفائق وتجريد العناية.
قوله: وليس له وطء مكاتبة إلا أن يشترط.
إذا أراد وطأها فلا يخلو إما أن يشترطه أو لا فإن لم يشترطه لم يجز وطؤها على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقال المصنف وتبعه الشارح وقيل له وطؤها وإن لم يشترط في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عن السعي عما هي فيه.
قال الزركشي وهذا القول يحتمل أنه في المذهب ويحتمل أنه لبعض العلماء.
وإن شرط وطأها في العقد جاز على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المجزوم به عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم وغيره.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين هذا المذهب المنصوص كالراهن يطأ بشرط ذكره في عيون المسائل والمنتخب وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز ذكرها أبو الخطاب وابن عقيل في المفردات وقال هذا اختياري.
قوله: وإن وطئها ولم يشترط أو وطىء أمتها فلها عليه المهر.
هذا الصحيح من المذهب وجزم به الخرقى وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره وقيل لا يلزمه إن طاوعته وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم وأطلقهما في المحرر والفائق والزركشي.
فائدة: إذا تكرر وطؤه فإن كان قد أدى مهر الوطء الأول لزمه للثاني مهر أيضا وإن لم يكن أدى عنه لم يلزمه إلا مهر واحد ذكره المصنف والشارح وغيرهما.
وسيأتي ذلك مستوفى في آخر كتاب الصداق.
تنبيه: مراده بقوله: ويؤدب ولا يبلغ به الحد.
إذا كان عالما بالتحريم.
فأما إن كان غير عالم بالتحريم فإنه لا يعزر.

(7/347)


قوله: ومتى ولدت منه صارت أم ولد له وولده حر.
سواء وطئها بشرط أو بغيره.
فإن أدت عتقت وإن ماتت قبل أدائها عتقت وسقط ما بقي من كتابتها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى الشيرازي رواية يلزمها بقية مال الكتابة تدفعها إلى الورثة إذا اختارت بقاءها على الكتابة ذكره عنه الزركشي.
فائدة: ليس له وطء بنت مكاتبته ولا يباح ذلك بالشرط فإن فعل عزر.
ولا تجب عليه قيمة ولده من جارية مكاتبة أو مكاتبته على الصحيح من المذهب ويحتمل أن تجب.
قوله: وما في يدها لها إلا إن يكون قد عجزها.
إذا مات السيد قبل أدائها عتقت بكونها أم ولد وما في يدها إن كان مات سيدها بعد عجزها فهو لورثة سيدها وإن كان مات قبل عجزها فقدم المصنف هنا أنه يكون لها وهو أحد الوجهين.
واختاره ابن عقيل في الفصول والمصنف والشارح والقاضي في المجرد والتعليق ذكره فيه في الظهار وقدمه في النظم.
وقال أصحابنا هو لورثة سيدها أيضا وهو المذهب جزم به الخرقى وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وأطلقهما في المحرر ولم يفرق بين عجزها وعدمه.
وأطلقهما في المستوعب وحكاهما روايتين.
وتقدم نظير ذلك إذا دبر المكاتب أو كاتب المدبر في باب التدبير.
قوله: وكذلك الحكم فيما إذا أعتق المكاتب سيده.
فيكون ما في يده له في قول القاضي وابن عقيل والمصنف والشارح.
وعلى قياس قول الأصحاب يكون لسيده.
قال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون للمكاتب أيضا على قول الأصحاب الخرقى وغيره لأن السيد أعتقه برضاه فيكون قد رضى بإعطائه ماله بخلاف الأولى.
وتقدم إذا مات أو عجز أو أعتق وفي يده مال من الزكاة هل يكون لسيده أو يرد إلى ربه في باب ذكر أهل الزكاة.

(7/348)


فائدتان :
إحداهما: وكذا الحكم لو أعتق المكاتبة.
الثانية: عتق المكاتب قيل هو إبراء مما بقي عليه.
وقيل بل هو فسخ كعتقه في الكفارة وأطلقهما في الفروع.
قوله: وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها فلها المهر على كل واحد منهما وإن ولدت من أحدهما: صارت أم ولد له.
ومكاتبة كل نصف لسيده هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والنظم وغيرهما.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال القاضي لا يسرى استيلاد أحدهما: إلى نصيب شريكه إلا أن يعجز فينظر حينئذ فإن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه وإلا فلا.
وقوله: ويغرم لشريكه نصف قيمتها.
هذا المذهب بلا نزاع لكن هل يغرم نصف قيمتها مكاتبة أو نصف قيمتها قنا فيه وجهان.
والصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني يغرم نصف قيمتها قنا جزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم.
وهل يلزمه المهر كاملا أو نصفه فيه وجهان الصحيح من المذهب الأول قدمه في المحرر والفروع.
والوجه الثاني يلزمه نصف المهر فقط جزم به في الوجيز وصححه في النظم.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والرعايتين والفائق.
قوله: وهل يغرم نصف قيمة ولدها على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع.
إحداهما: نصف قيمته قال القاضي هذه الرواية أصح على المذهب.
وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا يغرمه قدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن رزين وهذا المذهب.
وقيل إن وضعته قيل التقويم غرم نصف قيمته وإلا فلا شيء عليه اختاره أبو بكر.
ويأتي ما يشابه ذلك في آخر باب أحكام أمهات الأولاد.

(7/349)


قوله: ويجوز بيع المكاتب هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي هذا المذهب المشهور المنصوص عليه نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره الأصحاب وقدموه وهو من مفردات المذهب.
وعنه لا يجوز بيعه مطلقا.
وعنه لا يجوز بيعه بأكثر من كتابته حكاها ابن أبى موسى.
فعلى المذهب يقوم المشتري مقام البائع.
فائدة: حكم هبته والوصية به حكم بيعه على الصحيح من المذهب.
وعنه لا تجوز هبته.
وتقدم في كلام المصنف الوصية بالمكاتب وبمال الكتابة أو بنجم منها أو برقبته في باب الموصى به فليراجع.
فائدة: أخرى لا يجوز بيع ما في ذمة المكاتب من نجوم الكتابة.
قوله: وإن اشترى كل واحد من المكاتبين الآخر صح شراء الأول وبطل شراء الثاني سواء كانا لواحد أو اثنين.
وهذا بلا نزاع على القول بجواز بيع المكاتب.
وقوله: وإن جهل الأول منهما فسد البيعان.
وهذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقال القاضي يفسخان كما لو زوج الوليان وأشكل السابق منهما أو يقرع وجزم به في المحرر.
قوله: وإن أسر العدو المكاتب فاشتراه رجل فأحب سيده أخذه بما اشتراه وإلا فهو عبد مشتريه مبقى على ما بقي من كتابته يعتق بالأداء وولاؤه له.
قال الناظم :
ولو قيل: يعط الربع بينهما معا ... ويلزمه كل الفدا لم أبعد
هذا الحكم مبنى على ثلاث قواعد.
الأولى أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر.

(7/350)


الثانية: أن من وجد ماله من مسلم أو معاهد بيد من اشتراه منهم فهو أحق به بثمنه وهذا المذهب فيهما على ما تقدم محررا في باب قسمة الغنيمة.
الثالثة: أن المكاتب يصح نقل الملك فيه وهو المذهب وعليه الأصحاب كما تقدم قريبا.
إذا علمت ذلك فلا تبطل الكتابة بالأسر لكن هل يحتسب عليه بالمدة التي كان فيها مع الكفار على وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع والفائق والزركشي جزم في الكافي بالاحتساب.
قلت الأولى عدم الاحتساب ثم رأيت ابن رزين في شرحه قدمه.
فإن قيل لا تحتسب وهو الصواب لغت مدة الأسر وبنى على ما مضى.
وإن قيل تحتسب عليه فحل ما يجوز تعجيزه بترك أدائه فلسيده تعجيزه وهل له ذلك بنفسه أو بحكم حاكم فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفائق والفروع والزركشي.
قلت الأولى أن له ذلك بنفسه.
قال في الفروع وله الفسخ بلا حكم.
وعلى كل الوجهين متى خلص فأقام بينة بوجود مال له وقت الفسخ يفي بما عليه فهل يبطل الفسخ أم لا بد مع ذلك من ثبوت أنه كان يمكنه أداؤه فيه قولان وأطلقهما الزركشي.
قدم المصنف والشارح وصاحب الفائق البطلان.
قوله: وإن جنى على سيده أو أجنبي فعليه فداء نفسه.
أي بقيمته مقدما على الكتابة هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الشارح هذا المعمول به في المذهب.
قال المصنف اتفق أصحابنا على ذلك وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والنظم وغيرهم.
وقال أبو بكر يتحاصان.
فعلى هذا يقسم الحاكم المال بينهما على قدر حقهما.
وعلى المذهب لو أدى مبادرا وليس محجورا عليه عتق واستقر الفداء.

(7/351)


وإن كان بعد الحجر لم يصح ووجب رجوعه إلى ولى الجناية.
قوله: وإن كانت على أجنبي ففداه سيده وإلا فسخت الكتابة وبيع في الجناية قنا.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونقله ابن منصور وغيره.
وجزم به في المحرر والوجيز والنظم والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونقل الأثرم جنايته في رقبته يفديه إن شاء قال أبو بكر وبه أقول.
فائدة: لو قتله السيد لزمه الفداء وكذا إن أعتقه ويسقط في الأصح إن كانت الجناية على سيده قاله في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قوله: والواجب في الفداء أقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يلزمه فداؤه بأرش الجناية كله كاملة وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه يلزمه فداؤه بالأرش كاملا إن كانت الجناية على أجنبي.
قوله: وإن لزمته ديون تعلقت بذمته يتبع بها بعد العتق.
ولا يملك غريمه تعجيزه هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم بخلاف المأذون له.
وعنه تتعلق برقبته اختاره ابن أبى موسى ذكره عنه في المستوعب.
وعنه تتعلق بذمته ورقبته معا قال في المحرر وهو أصح عندي.
فائدتان :
إحداهما: قال المصنف وتبعه الشارح إذا كان عليه ديون مع دين الكتابة ومعه مال يفي بذلك فله أن يبدأ بما شاء وإن لم يف بها ما معه وكلها حالة ولم يحجر الحاكم عليه فخص بعضهم بالقضاء صح.
وإن كان بعضها مؤجلا فعجله بإذن سيده جاز وإلا فلا.

(7/352)


وإن كان التعجيل للسيد فقبوله بمنزلة إذنه.
وإن حجر عليه بسؤال الغرماء فقال القاضي عندي أنه يبدأ بقضاء ثمن المبيع وعوض القرض ويسوي بينهما ويقدمهما على أرش الجناية ومال الكتابة.
وقال الشارح وقد اتفق الأصحاب على تقديم أرش الجناية على مال الكتابة.
وبنى ذلك في الفروع وغيره من الأصحاب على الروايتين في أصل المسألة.
فقال بانيا على الرواية الأولى تقدم ديون محجور عليه لعدم تعلقها برقبته. فلهذا إن لم يكن بيده مال فليس لغريمه تعجيزه بخلاف الأرش ودين الكتابة.
وعنه يتعلق برقبته فتتساوى الأقدام ويملك تعجيزه ويشترك رب الدين والأرش بعد موته لفوت الرقبة.
وقيل يقدم دين المعاملة.
ثم قال ولغير المحجور تقديم أي دين شاء.
وذكر ابن عقيل وجماعة أنه بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السيد كحالة الحياة أم يتحاصان فيه روايتان.
وهل يضرب سيده بدين معاملة مع غريمه فيه وجهان.
الثانية: لا يجبر المكاتب على الكسب لوفاء دينه على الصحيح من المذهب.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة هذا المذهب المشهور لأنه دين ضعيف وخرج ابن عقيل وجها بالوجوب كسائر الديون.
قوله: والكتابة عقد لازم من الطرفين لا يدخلها خيار.
هذا المذهب جزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب الفروع وغيره في باب الخيار.
وذكر القاضي أن العبد المكاتب له الخيار على التأبيد بخلاف سيده.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وفيه نظر.
قال ابن عقيل لا خيار للسيد وأما العبد فله الخيار أبدا مع القدرة على الوفاء والعجز فإذا امتنع كان الخيار للسيد هذا ظاهر كلام الخرقى.
وقال أبو بكر إن كان قادرا على الوفاء فلا خيار له وإن عجز عنه فله الخيار ذكر ذلك في النكت في باب الخيار وقال ما قاله القاضي وابن عقيل قاله الشيرازي وابن البنا ذكره الزركشي على ما يأتي قريبا.
تنبيه: ظاهر قوله: ويعتق بالأداء إلى سيده أو إلى من يقوم مقامه من الورثة.

(7/353)


أن الباقي من الكتابة بعد موت سيده يطالب به ويؤخذ منه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل ابن هانئ إن أدى بعض كتابته ثم مات السيد يحسب من ثلثه ما بقي من كتابة العبد ويعتق.
وتقدم في أول باب الولاء إذا أدى المكاتب بعض الكتابة للورثة هل يكون الولاء للسيد أو للورثة.
قوله: فإن حل نجم فلم يؤده فلسيده الفسخ.
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه لا يعجز حتى يحل نجمان.
وهو ظاهر كلام الخرقى قال القاضي وهو ظاهر كلام أصحابنا.
قال في الهداية وهو اختيار أبى بكر والخرقى ونصره في المغنى.
وعنه لا يعجز حتى يقول قد عجزت.
ذكرها ابن أبى موسى وروى عنه أنه إن أدى أكثر مال الكتابة لم يرد إلى الرق واتبع بما بقي.
وقال في عيون المسائل ليس له الفسخ قبل حلول نجم ولا بعده مع قدرة العبد على الأداء كالبيع.
وقال في الترغيب إن غاب العبد بلا إذن سيده لم يفسخ ويرفع الأمر إلى حاكم البلد الذي هو فيه ليأمره بالأداء أو يثبت عجزه فحينئذ يملك الفسخ.
وقاله في الرعاية أيضا وقال وقيل إن لم يتفقا فسخها الحاكم.
فعلى المذهب يلزمه إنظاره ثلاثة أيام قاله الأصحاب كبيع عرض ومثله مال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه ودين حال على ملئ ومودع.
قال في الفروع وأطلق جماعة لا يلزم السيد استيفاؤه قال فيتوجه مثله في غيره.
فائدة: حيث جوزنا له الفسخ فإنه لا يحتاج إلى حكم حاكم.
قوله: وليس للعبد فسخها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.

(7/354)


وعنه له ذلك.
قال في الفروع وحكى عن الإمام أحمد رحمه الله للعبد فسخها.
قال الزركشي ووقع في المقنع والكافي رواية بأن للعبد فسخها.
قال والظاهر أنه وهم والذي ينبغي حمل ذلك عليه أن له الفسخ إذا امتنع من الأداء وهذا كما قال ابن عقيل والشيرازي وابن البنا إنها لازمة من جهة السيد جائزة من جهة العبد.
وفسروا ذلك بأن له الامتناع من الأداء فيملك السيد الفسخ انتهى.
فائدة: لو اتفقا على فسخها جاز جزم به في الكافي وغيره.
قال في الفروع ويتوجه لا يجوز كحق الله.
قوله: ولو زوج ابنته من مكاتبه ثم مات انفسخ النكاح.
يعني إذا كانت وارثة من أبيها وكان النكاح صحيحا وهذا المذهب جزم به في الشرح وغيره.
قال ابن منجا هذا المذهب وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم ويحتمل أن لا يفسخ حتى يعجز.
فائدة: الحكم في سائر الورثة من النساء إذا كانت زوجة له كالحكم في البنت وكذا لو تزوج رجل مكاتبة فورثها أو بعضها انفسخ نكاحه.
ويأتي إذا ملك الحر زوجته أو بعضها في باب المحرمات في النكاح.
قوله: ويجب على سيده أن يؤتيه ربع مال الكتابة إن شاء وضعه عنه وإن شاء قبضه ثم دفعه إليه.
الصحيح من المذهب وجوب إيتاء العبد ربع مال الكتابة وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
وذكر في الروضة رواية وقدمها أنه لا يجب وأن الأمر في الآية للاستحباب.
وظاهر مختصر ابن رزين أن فيه خلافا فإنه قال وعنه يعتق بملك ثلاثة أرباعها إن لزم إيتاء الربع.
قال في الفائق قلت وفي وجو به نظر للاختلاف في مدلول الآية وفي التقدير انتهى.
قلت ظاهر الآية وجوب الإيتاء لكن ذلك غير مقدر فأي شيء أعطاه فقد سقط الوجوب عنه وامتثل وقد فسرها ابن عباس رضي الله عنهما بذلك.

(7/355)


هذا ما لم يصح الحديث فإن صح الحديث فلا كلام.
فائدة: إن أعطاه السيد من جنس مال الكتابة لزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يلزمه إلا إذا كان منها لظاهر الآية.
وإن أعطاه من غير جنسها مثل أن يكاتبه على دراهم فيعطيه دنانير أو عروضا لم يلزمه قبوله على الصحيح من المذهب.
وقيل يلزمه وهو احتمال في المغنى والشرح.
قلت والنفس تميل إلى ذلك.
قوله: وإن أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع عتق ولم تنفسخ الكتابة في قول القاضي وأصحابه.
واختاره أبو بكر قال في الكافي قال أصحابنا إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق.
قال في الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم إذا أدى ثلاثة أرباع المال وعجز عن الربع لم يجز للسيد الفسخ.
وظاهر كلام الخرقى أنه لا يعتق حتى يؤدي جميعها.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله وهو المذهب.
قال في المستوعب هي المشهورة وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي واختاره المصنف وغيره.
قال في المحرر وظاهر قول أبى الخطاب عدم العتق ومنع السيد من الفسخ.
وقد تقدم لفظه في الهداية وغيره.
وقال في الفروع فإن أدى ثلاثة أرباع المال وعنه أو أكثر منه وعجز عن الباقي لم يعتق ولسيده فسخها في أنص الروايتين فيهما.
وقال في الترغيب وفي عتقه بالتقاص روايتان ولم يذكر العجز.
قال ولو أبرأه من بعض النجوم أو أداه إليه لم يعتق به على الأصح وأنه لو كان على سيده مثل النجوم عتق على الأصح انتهى.
وقال في الفائق ولو أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في أحد الوجهين اختاره الشيخ.

(7/356)


وقال أبو بكر والقاضي يعتق وللسيد الفسخ نص عليه وقيل لا انتهى.
وقال في الرعايتين فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه وقيل لا.
وقال في الحاوي الصغير فإن أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في الأصح ولسيده الفسخ نص عليه.
وقال أبو بكر لم يجز للسيد الفسخ.
وصحح في النظم أنه لا يعتق ويملك الفسخ نص عليه.
وقال أبو الخطاب لا يملك.
قوله: وإن كاتب عبيدا له كتابة واحدة بعوض واحد صح ويقسط العوض بينهم على قدر قيمتهم يوم العقد ويكون كل واحد منهم مكاتبا بقدر حصته يعتق بأدائها ويعجز بالعجز عنها وحده.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية اختاره القاضي وأصحابه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه وقالا هذا أصح قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.
قال أبو بكر العوض بينهم على عددهم ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع الكتابة واختاره ابن أبى موسى.
قال في القاعدة الثالثة: عشر بعد المائة ونقل مهنا ما يشهد لذلك وذكر الاختلاف في مأخذ هذا القول.
فائدة: لو شرط عليهم في العقد ضمان كل واحد منهم عن الباقين فسد الشرط وصح العقد قدمه في المغنى والشرح والرعاية.
وعنه صحة الشرط أيضا ذكرها أبو الخطاب.
وخرجه ابن حامد وجها بناء على الروايتين في ضمان الحر لمال الكتابة على ما تقدم في باب الضمان.
ويذكرون المسألة هنا كثيرا.
قوله: وإن اختلفوا بعد الأداء في قدر ما أدى كل واحد منهم فالقول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه.

(7/357)


جزم به في الفروع والنظم.
قال الشارح هذا إذا أدوا وعتقوا فقال من كثرت قيمته أدينا على قدر قيمتنا وقال الآخر أدينا على السواء فبقيت لنا على الأكثر قيمة بقية.
فمن جعل العوض بينهم على عددهم قال القول قول من يدعى التسوية ومن جعل على كل واحد قدر حصته فعنده وجهان.
أحدهما: القول قول من يدعى التسوية.
والثاني القول قول من يدعى أداء قدر الواجب عليه.
وجزم بهذا القول في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي الصغير والنظم.
وأطلق الوجهين في الرعايتين والفائق وقالا وقيل يصدق من ادعى أداء ما عليه إذا أنكر ما زاد.
قوله: ويجوز له أن يكاتب بعض عبده فإذا أدى عتق كله.
قاله أبو بكر وجزم به في المغنى والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والوجيز والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
فإن كان كاتب نصفه أدى إلى سيده مثلى كتابته لأن نصف كسبه يستحقه سيده بما فيه من الرق إلا أن يرضى سيده بتأدية الجميع عن الكتابة فيصح.
قوله: ويجوز كتابة حصته من العبد المشترك بغير إذن شريكه.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من مفردات المذهب.
واختار في الرعاية أنه لا بد من إذن الشريك إذا كان معسرا.
فائدة: قوله: فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الآخر عتق كله.
هذا صحيح لكن يكون لسيده من كسبه بقدر ما كوتب منه على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم وعنه يوما ويوما.
قوله: وإن أعتق الشريك قبل أدائه عتق عليه كله إن كان موسرا وعليه قيمة نصيب المكاتب.
وهذا المذهب نص عليه في رواية بكر ابن محمد واختاره الخرقى وحكاه القاضي في كتاب الروايتين عن أبى بكر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والنظم.

(7/358)


وقال القاضي لا يسرى إلى نصف المكاتب إلا أن يعجز فيقوم عليه حينئذ ويسرى العتق.
قال المصنف والشارح واختاره أبو بكر.
فعلى هذا إن أدى كتابته عتق الباقي بالكتابة وكان ولاؤه بينهما.
وعلى المذهب يضمن للشريك نصف قيمته مكاتبا على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وصححه في النظم وجزم به في المغنى.
وعنه يضمنه بالباقي من كتابته.
قال في المستوعب قال ابن أبي موسى فعلى هذه يكون الولاء بينهما لكل واحد منهما بقدر ما عتق عليه وجزم به الزركشي.
فكأن ابن أبى موسى قال يعتق على من أدى إليه المكاتب بمقدار ما أدى إليه ويعتق الباقي على من أعتق ويكون الولاء بينهما بقدر ما عتق على كل واحد منهما.
قوله: وإن كاتبا عبدهما جاز سواء كان على التساوي أو التفاضل ولا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على التساوي فإذا كمل أداءه إلى أحدهما: قبل الآخر عتق كله عليه وإن أدى إلى أحدهما: دون صاحبه لم يعتق إلا أن يكون بإذن الآخر فيعتق ويحتمل أن لا يعتق.
قال الشارح إذا كان العبد لاثنين فكاتباه معا سواء تساويا في العوض أو اختلفا فيه وسواء اتفق نصيباهما فيه أو اختلفا وسواء كان في عقد واحد أو عقدين صح.
ثم قال ولا يجوز أن يختلفا في التنجيم ولا في أن يكون لأحدهما: من النجوم قبل النجم الأخير أكثر من الآخر في أحد الوجهين لأنه لا يجوز أن يؤدي إليهما إلا على السواء ولا يجوز تقديم أحدهما: بالأداء على الآخر واختلافهما في ميقات النجوم وقدر المؤدي يفضي إلى ذلك.
والثاني يجوز لأنه يمكن أن يعجل لمن تأخر نجمه قبل محله ويعطى من قل نجمه أكثر من الواجب له ويمكن أن يأذن له أحدهما: في الدفع إلى الآخر قبله أو أكثر منه.
ثم قال وليس للمكاتب أن يؤدي إلى أحدهما: أكثر من الآخر ذكره القاضي.
قال المصنف لا أعلم فيه خلافا.
فإن قبض أحدهما: دون الآخر شيئا لم يصح القبض وللآخر أن يأخذ منه حصته إذا لم يأذن له فإن أذن ففيه وجهان ذكرهما أبو بكر.

(7/359)


أحدهما: يصح وهو أصح إن شاء الله تعالى.
والثاني لا يصح اختاره أبو بكر انتهى كلام الشارح.
وقال في المحرر وإن كاتب اثنان عبدهما على التساوي أو التفاضل جاز ولم يؤد إليهما إلا على قدر ملكيهما فإن خص أحدهما: بالأداء لم يعتق نصيبه إلا أن يكون بإذن الآخر فإنه على وجهين انتهى.
فقول المصنف فإذا كمل أداءه إلى أحدهما: قبل الآخر عتق كله عليه يعني إذا كاتباه منفردين وكان موسرا.
وقوله: وإن أدى إلى أحدهما: دون صاحبه إلى آخره محمول على ما إذا كاتباه كتابة واحدة بأن يوكلا من يكاتبه أو يوكل أحدهما: الآخر فيكاتبه صفقة واحدة.
فكلام المصنف فيه إيهام.
وتحرير المسألة ما قاله في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم أنهما إذا كاتباه منفردين فأدى إلى أحدهما: ما كاتبه عليه أو أبرأه من حصته عتق نصيبه خاصة إن كان معسرا وإن كان موسرا عتق عليه جميعه ويكون ولاؤه له ويضمن حصة شريكه.
وإن كاتباه كتابة واحدة فأدى إلى أحدهما: مقدار حقه بغير إذن شريكه لم يعتق منه شيء فإن أدى بإذن شريكه فهل يعتق نصيب المؤدي إليه على وجهين.
ويحمل كلام المصنف الأخير هنا على ذلك.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
فقدم المصنف هنا أنه يعتق نصيب المؤدي إليه وهو المذهب وقدمه في الخلاصة والفروع والفائق وغيرهم وصححه المصنف والشارح والناظم.
قال ابن منجا هذا المذهب.
ويحتمل أن لا يعتق ولو أذن له الآخر وهو الوجه الثاني واختاره أبو بكر.
فعلى المذهب إذا أدى ما عليه من مال الكتابة بإذن الآخر عتق نصيبه.
ويسرى إلى باقيه إن كان موسرا وعليه قيمة حصة شريكه وهذا قول الخرقى وغيره ويضمنه في الحال بنصف قيمته مكاتبا مبقى على ما بقى من كتابته وولاؤه كله له.
وقال أبو بكر والقاضي لا يسرى العتق في الحال وإنما يسرى عند عجزه.
فعلى قوله: ما يكون باقيا على الكتابة فإن أدى إلى الآخر عتق عليهما وولاؤه لهما وما يبقى في يده من كسبه فهو له وإن عجز وفسخت كتابته قوم على الذي أدى إليه وكان ولاؤه كله له.

(7/360)


فائدتان :
إحداهما: قال القاضي ويطرد قول أبى بكر في دين بين اثنين أذن أحدهما: للآخر في قبض نصيبه لا يقبض إلا بقسط حقه منه.
وقال أبو الخطاب لا يرجع الشريك في الأصح كمسألتنا.
الثانية: لو كاتب ثلاثة عبدا فادعى الأداء إليهم فأنكره أحدهم شاركهما فيما أقرا بقبضه قاله الأصحاب الخرقى فمن بعده ونص الإمام أحمد رحمه الله تقبل شهادتهما عليه وقطع به الخرقى وغيره وهو المذهب.
وقال في المغنى والشرح والمحرر وغيرهم قياس المذهب لا تقبل شهادتهما عليه واختاره ابن أبى موسى وصاحب الروضة.
قلت وهو الصواب.
قوله: وإن اختلفا في الكتابة فالقول قول من ينكرها بلا نزاع.
وقوله: وإن اختلفا في قدر عوضها فالقول قول السيد.
في إحدى الروايتين وهو المذهب.
قال القاضي هذا المذهب نص عليه في رواية الكوسج.
وجزم به الخرقى وصاحب العمدة والوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والمستوعب والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره وهو من مفردات المذهب.
وعنه القول قول المكاتب اختارها جماعة منهم الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وصححها ابن عقيل في التذكرة.
وعنه يتحالفان اختارها أبو بكر وقال اتفق الشافعي وأحمد رحمهما الله على أنهما يتحالفان ويترادان وأطلقهن في الفائق والزركشي.
فعلى رواية التحالف إن تحالفا قبل العتق فسخ العقد إلا أن يرضى أحدهما: بما قال صاحبه وإن تحالفا بعد العتق رجع السيد بقيمته ورجع العبد بما أداه.
قوله: وإن اختلفا في وفاء مالهما فالقول قول السيد بلا نزاع.
قوله: فإن أقام العبد شاهدا وحلف معه أو شاهدا وامرأتين ثبت الأداء وعتق.

(7/361)


هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب بناء على أن المال وما يقصد به المال يقبل فيه شاهد ويمين على ما يأتي والخلاف بينهما هنا في أداء المال.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يقبل في النجم الأخير إلا رجلان لترتب العتق على شهادتهما وبناء على أن العتق لا يقبل فيه إلا رجلان ذكره في الترغيب وغيره.
قوله: والكتابة الفاسدة مثل أن يكاتبه على خمر أو خنزير يغلب فيها حكم الصفة.
وكذا لو كان العوض مجهولا أو شرط فيها ما ينافيها وقلنا تفسد بفساد الشرط في وجه على ما تقدم يغلب حكم الصفة في كل ذلك في أنه إذا أدى عتق ولكل واحد منهما الفسخ فهي جائزة من الطرفين.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه قاله في القواعد الأصولية.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق وصححه في النظم وغيره وجزم به في المحرر والوجيز والهداية والمذهب والخلاصة والرعاية والحاوي وغيرهم.
وعنه بطلان الكتابة مع تحريم العوض اختاره أبو بكر وابن عقيل.
قال في القاعدة السابعة والأربعين وهو الأظهر.
قال في القواعد الأصولية المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أن العقد يبطل من أصله وأول القاضي وأبو الخطاب النص.
وقال القاضي في الخلاف الكبير المغلب في الكتابة على عوض مجهول المعاوضة بدليل أنه يعتق بالأداء إلى الوارث.
فائدتان :
إحداهما: قال في القواعد الأصولية قول الأكثرين إن الكتابة إذا لم تكن منجمة باطلة من أصلها مع قولهم: في الكتابة على عوض مجهول يغلب فيها حكم الصفة مشكل جدا وكان الأولى إذا كان العوض معلوما أن يغلب فيها حكم الصفة أيضا.
الثانية: قال المصنف وتبعه الشارح وغيره إذا كانت الكتابة الفاسدة بعوض محرم فإنها تساوي الصحيحة في أربعة أحكام.

(7/362)


أحدها: أنه يعتق بأداء ما كوتب عليه مطلقا.
الثاني إذا أعتقه بالأداء لم يلزمه قيمة نفسه ولم يرجع على سيده.
الثالث يملك المكاتب التصرف في كسبه وله أخذ الصدقات والزكوات.
الرابع: إذا كاتب جماعة كتابة فاسدة فأدى أحدهم حصته عتق على قول من قال إنه يعتق في الكتابة الصحيحة بأداء حصته ومن لا فلا هنا وتفارق الصحيحة في ثلاثة أحكام.
أحدها: إذا أبرأه لم يصح ولم يعتق على الصحيح من المذهب واختار في الانتصار إن أتى بالتعليق لم يعتق بالإبراء وإلا عتق.
الثاني: لكل واحد منهما فسخها.
الثالث لا يلزم السيد أن يؤدي إليه شيئا من الكتابة على الصحيح من المذهب جزم به في المغنى والشرح والوجيز.
والوجه الثاني يلزمه وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قوله: وتنفسخ بموت السيد وجنونه والحجر للسفه.
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والخلاصة.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وقاله القاضي وأصحابه في الانفساخ بالموت.
وقال أبو بكر لا تنفسخ بالموت ولا بالجنون ولا بالحجر ويعتق بالأداء إلى الوارث.
قال المصنف والأولى أنها لا تبطل بالحجر والجنون وأطلقهما في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قوله: وإن فضل عن الأداء فضل فهو لسيده.
يعنى في الكتابة الفاسدة وهو المذهب اختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وأبو الخطاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والوجيز وقدمه في الشرح. وقال القاضي ما في يد المكاتب وما يكسبه وما يفضل في يده بعد الأداء فهو له وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق.
وأطلق في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفائق الوجهين فيما يكسبه.
وكلامه في الرعايتين والحاوي كالمتناقض فإنهما جزما بأن لسيده أخذ ما معه قبل الأداء وما فضل بعده وقالا قبل ذلك وفي تبعية الكسب وجهان.

(7/363)


قوله: وهل يتبع المكاتبة ولدها فيها؟ على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح ابن منجا.
أحدهما: لا يتبعها قال المصنف في المغنى والشارح هذا أقيس وأصح وكذا قال ابن رزين في شرحه.
الثاني يتبعها قدمه في الكافي.
وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
قال في القاعدة الحادية والعشرين إن قلنا هو جزء منها تبعها وإن قلنا هو كسب ففيه وجهان بناء على سلامة الأكساب في الكتابة الفاسدة.
فائدة: هل تصير أم ولد إذا أولدها فيها أم لا على وجهين.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم.
وفي الصحة هنا وجه ذكره القاضي وإن منعناها في غيره.

(7/364)


باب أحكام أمهات الأولاد :
تنبيه: عموم قوله: وإذا علقت الأمة من سيدها.
يشمل سواء كانت فراشا أو مزوجة وهو صحيح وهو المذهب جزم به في المغنى والشرح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع.
ونقل حرب وابن أبى حرب فيمن أولد أمته المزوجة أنه لا يلحقه الولد.
فائدة: في إثم واطئ أمته المزوجة جهلا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب عدم الإثم وتأثيمه ضعيف.
قوله: فوضعت منه ما تبين فيه بعض خلق الإنسان صارت بذلك أم ولد.
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمبهج والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفائق والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع.
وعنه لا بد أن يكون له أربعة أشهر واحتج بحديث ابن مسعود رضي الله عنه في عشرين ومائة يوم ينفخ فيه الروح وتنقضي به العدة وتعتق الأمة إذا دخل في الخلق الرابع.

(7/364)


وقدم في الإيضاح ستة أشهر.
ونقل الميموني إن لم تضع وتبين حملها في بطنها عتقت وأنه يمنع من نقل الملك لما في بطنها حتى يعلم.
قوله: فإذا مات عتقت وإن لم يملك غيرها هذا بلا نزاع.
ومحل هذا إذا لم يجز بيعها على المذهب.
أما إن جاز بيعها فقطع المصنف وغيره بأنها لا تعتق بموته.
قال الزركشي وظاهر إطلاق غيره يقتضي العتق ولهذا قدمه ابن حمدان فقال وقيل إن جاز بيعها لم تعتق عليه بموته.
ويأتي بعض ذلك عند ذكر الخلاف في جواز بيعها.
قوله: وإن وضعت جسما لا تخطيط فيه مثل المضغة فعلى روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والمحرر والشرح والفائق والحاوي الصغير.
إحداهما: لا تصير بذلك أم ولد وهو المذهب وهو ظاهر كلام الخرقى وصححه في النظم وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
والرواية الثانية: تصير به أم ولد صححه في التصحيح وقدمه في الرعاية الصغرى والخلاصة وقال لا تنقضي به العدة وجزم به في الوجيز.
قال في المذهب فإن وضعت جسما لا تخطيط فيه فقال الثقات من القوابل هو مبدأ خلق الإنسان ففيه ثلاث روايات.
إحداهن لا تصير أم ولد والثانية: تصير والثالثة: تصير أم ولد إلا في العدة فإنها لا تنقضي بذلك.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن وضعت قطعة لحم لم يبن فيها خلق آدمى فثلاث روايات.
الثالثة: تعتق ولا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل ما تجب فيه عدة تصير به أم ولد وإن كان علقة.
وقيل تصير أم ولد بما لا تنقضي به العدة انتهى.
وقيل لا تصير أم ولد بما لا تنقضي به عدتها ذكره أيضا.
قال المصنف والشارح إذا وضعت مضغة لم يظهر فيها شيء من خلق.
الآدمى فشهدت ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية تعلقت بها الأحكام.

(7/365)


وجزم به الزركشي وإن لم يشهدن بذلك لكن علم أنه مبدأ خلق آدمى بشهادتهن أو غيرها ففيه روايتان.
فهذه الصورة محل الروايتين وكذا قيد ابن منجا كلام المصنف بذلك.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنها لا تصير أم ولد بوضع علقة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تصير أم ولد بوضعها أيضا ونص عليه في رواية مهنا ويوسف ابن موسى.
وقدم الأول في الرعاية الكبرى وتقدم كلامه في العلقة.
قوله: وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها حاملا عتق الجنين ولم تصر أم ولد.
هذا المذهب قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال في الفائق هذا المذهب ورواه إسحاق ابن منصور عن الإمام أحمد رحمه الله وكلام الخرقى يقتضي ذلك.
وجزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة والشيرازي في المبهج وصاحب الوجيز وغيرهم.
واختاره المصنف وغيره وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والفروع والفائق.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه تصير أم ولد ولو كان قد ملكها بعد وضعها منه نقلها ابن أبى موسى.
قال المصنف ولم أجد هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله إنما نقل مهنا عنه الوقف.
وعنه تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها فيه واختارها أبو الخطاب.
وقال القاضي إن ملكها حاملا ولم يطأها حتى وضعت لم تصر أم ولد وإن وطئها حال حملها فإن كان بعد أن كمل الولد وصار له خمسة أشهر لم تصر بذلك أم ولد أيضا.
وإن وطئها قبل ذلك صارت أم ولد وجزم به في الفصول.
وقال ابن حامد تصير أم ولد إذا ملكها حاملا بشرط أن يطأها في ابتداء الحمل أو بوسطه.
وقيل إنه روى عن الإمام أحمد رحمه الله وهو قريب من قول القاضي.
فعلى الرواية الأولى والثانية: لو أقر بولد من أمته أنه ولده ثم مات ولم يبين هل استولده في ملكه أو قبله وأمكنا ففي كونها أم ولد وجهان.

(7/366)


وأطلقهما في المحرر والفروع والفائق والنظم هنا.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا في آخر كتاب الإقرار وهما احتمالان في الهداية والمذهب.
أحدهما: تكون أم ولد وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه أيضا في الرعاية في آخر الباب وإدراك الغاية.
والثاني لا تكون أم ولد صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز في آخر كتاب الإقرار.
فعلى هذا يكون له عليه الولاء وفيه نظر قاله في المغنى.
وتأتي المسألة في كلام المصنف في آخر كتاب الإقرار.
فائدة: حسنة لو قال لجاريته يدك أم ولدى أو قال لولدها يدك ابني صح ذكره في الانتصار في طلاق جزء واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: ظاهر قوله: أو غيره.
أن الخلاف شامل لما لو وطئها بزنا ثم ملكها.
وقد صرح به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقال الشريف وأبو الخطاب والمصنف والشارح إذا أصابها بذلك فإنها لا تصير أم ولد بذلك قولا واحدا.
فائدة: نص الإمام أحمد رحمه الله فيمن اشترى جارية حاملا من غيره فوطئها أن الولد لا يلحق بالواطئ ولكن يعتق عليه لأن الماء يزيد في الولد.
وجزم به في المغنى والشرح والفائق والروضة وغيرهم ونقله الأثرم ومحمد ابن حبيب ونقل صالح وغيره يلزمه عتقه فيعايى بها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحب ذلك وفي وجوبه خلاف في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
وقال أيضا يعتق ويحكم بإسلامه وأنه يسرى كالعتق ولا يثبت نسبه.
تنبيه: تقدم في آخر باب قسمة الغنائم إذا وطىء جارية من المغنم ممن له فيها حق أو لولده فأولدها ما حكمه؟
وتقدم في باب الوقف إذا وطىء الجارية الموقوفة عليه فأحبلها وحكمها.
وتقدم في باب الهبة إذا أحبل جارية ولده في فصل وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء.

(7/367)


قوله: وأحكام أم الولد أحكام الأمة في الإجارة والاستخدام والوطء وسائر أمورها إلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع والهبة والوقف أو ما تراد له كالرهن.
الصحيح من المذهب أنه لا يجوز ولا يصح بيع أم الولد وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وقطع به كثير منهم وحكى جماعة الإجماع على ذلك.
وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة ولا عمل عليه.
قلت قال في الفنون يجوز بيعها لأنه قول علي ابن أبى طالب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم وإجماع التابعين لا يرفعه واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الفائق وهو الأظهر.
قال فتعتق بوفاة سيدها من نصيب ولدها إن كان لها ولد أو بعضها مع عدم سعته ولو لم يكن لها ولدا فكسائر رقيقه وكذا قال في المغنى والشرح وشرح ابن رزين والفائق.
قال في الفروع بعد ذكر الرواية فقيل لا تعتق بموته.
ونفى هذه الرواية في الحاوي الصغير ولم يثبتها وتأولها.
وحكى بعضهم هذا القول إجماع الصحابة.
وتقدم في أواخر التدبير أنه لا يصح تدبيرها على الصحيح من المذهب وتقدم في أوائل كتاب الوقف هل يصح وقف أم الولد أم لا؟
وتقدم أيضا في أواخر باب الهبة هل يصح هبة أم الولد أم لا؟ فليراجعا.
فائدة: هل لهذا الخلاف شبهة فيه نزاع والأقوى فيه شبهة.
قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه ينبنى عليه لو وطىء معتقدا تحريمه هل يلحقه نسبه أو يرجم المحصن أما التعزير فواجب انتهى وتابعه في الفروع.
قوله: ثم إن ولدت من غير سيدها فلولدها حكمها في العتق بموت سيدها سواء عتقت أو ماتت قبله.
يعني إذا ولدت من زوج أو غيره بعد أن صارت أم ولد من سيدها وسواء عتقت أمه قبل موت السيد أو ماتت في حياة السيد فإن حكم الولد: حكمها إن مات سيدها عتق معها ويجوز فيه من التصرفات ما يجوز فيها ويمتنع فيه ما يمتنع فيها.
وكذا ولد المدبرة لا يبطل الحكم فيه بموت أمه جزم به في المغنى والشرح وغيرهما.
وقال في الانتصار هل يبطل عتق المدبر وأم الولد بموتهما قبل السيد أم لا؟ لأنه لا مال لهما.

(7/368)


اختلف كلامه فيه ويظهر الحكم في ولدهما.
وقال في القاعدة الثانية والثلاثين على القول بأن ولد المدبرة يتبعها قال الأكثرون يكون مدبرا بنفسه لا بطريق التبع وقد نص على أن الأم لو عتقت في حياة السيد لم يعتق الولد حتى تموت.
فعلى هذا لو رجع في تدبير الأم وقلنا له ذلك بقي الولد مدبرا وهذا قول القاضي وابن عقيل.
وقال أبو بكر هو تابع محض إن عتقت عتق وإن رقت رق وهو ظاهر كلام ابن أبى موسى انتهى.
وتقدم ذلك في باب المدبر عند قوله: وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها.
أما ولد المكاتبة إذا ماتت فإنه يعود رقيقا.
تنبيه: ظاهر قوله: ثم إن ولدت.
أن الولد لو كان موجودا قبل إيلادها من سيدها لا يعتق بموت السيد وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع لا يعتق على الأصح وقدمه في المغنى والشرح وغيرهما.
وعنه يعتق خرجها المصنف والشارح من ولد المدبرة الذي كان قبل التدبير على ما تقدم في بابه.
قوله: وإن مات سيدها وهي حامل منه فهل تستحق النفقة لمدة حملها؟ على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم.
إحداهما: تستحق النفقة صححه في التصحيح.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير لها النفقة على أصح الروايتين وجزم به في الوجيز.
والرواية الثانية: لا تستحقها هذا يشبه ما إذا مات عن امرأة حامل هل تستحق النفقة لمدة حملها على روايتين.
ومبنى الخلاف على الخلاف في نفقة الحامل هل هي للحمل أو للحامل؟
فإن قلنا هي للحمل فلا نفقة لها ولا للأمة الحامل لأن الحمل له نصيب في الميراث.
وإن قلنا للحامل فالنفقة على الزوج أو السيد انتهى.
قلت ويأتي في كلام المصنف في كتاب النفقات هل تجب النفقة لحملها أو لها من

(7/369)


أجله على روايتين والصحيح من المذهب أنها تجب للحمل.
قوله: وإذا جنت أم الولد فداها سيدها بقيمتها أو دونها.
يعني إذا كان ذلك قدر أرش جنايتها وهذا المذهب.
قال الزركشي وابن منجا هذا المذهب وجزم به الخرقى وصاحب الوجيز وقدمه في الهداية والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه عليه فداؤها بأرش الجناية كله حكاها أبو بكر وقدمه في النظم والفائق وأطلقهما في المحرر.
فعلى المذهب يفديها بقيمتها يوم الفداء قاله الأصحاب وتجب قيمتها معيبة بعيب الاستيلاد.
قوله: وإن عادت فجنت فداها أيضا.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب أبى بكر والقاضي وأصحابه والمصنف وغيرهم حتى قال أبو بكر ولو جنت ألف مرة وقطع به الخرقى وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفروع والفائق والمغنى والشرح ونصراه.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه يتعلق الفداء الثاني وما بعده بذمتها حكاها أبو الخطاب وقدمه في المستوعب والترغيب وأطلقهما في المذهب.
وقال في الفائق قلت المختار عدم إلزامه جنايتها.
فعلى الرواية الثانية: قال في الرعاية قلت يرجع الثاني على الأول بما يخصه مما أخذه.
تنبيه: أطلق المصنف هذه الرواية وكذا أطلقها أبو الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والمجد في المحرر وغيرهم.
وقيدها القاضي في كتاب الروايتين والمصنف والمغني والشارح حاكين ذلك عن أبى الخطاب وابن حمدان في رعايتيه بما إذا فداها أولا بقيمتها.
قال الزركشي ومقتضى ذلك أنه لو فداها أولا بأقل من قيمتها لزمه فداؤها ثانيا بما بقي من القيمة بلا خلاف.
فائدة: قال المصنف والشارح وإن جنت جنايات وكانت كلها قبل فداء شيء منها: تعلق

(7/370)


أرش الجميع برقبتها ولم يكن على السيد في الجنايات كلها إلا قيمتها أو أرش جميعها وعليه الأقل منهما.
ويشترك المجنى عليهم في الواجب لهم فإن لم يف بها تحاصوا فيها بقدر أروش جناياتهم.
تنبيه: قوله: وإن قتلت سيدها عمدا فعليها القصاص.
مقيد بما إذا لم يكن لها منه ولد فإن كان لها منه ولد لم يجب القصاص على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقد صرحوا به في باب شروط القصاص بقولهم: ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه سقط القصاص فلو قتل امرأته وله منها ولد سقط عنه القصاص.
ونقل مهنا يقتلها أولاده من غيرها.
قال المصنف والشارح وهي مخالفة لأصول مذهبه والصحيح لا قصاص عليها.
قال في الرعاية ولوليه مع فقد ابنهما القود وقيل مطلقا.
قوله: فإن عفوا على مال أو كانت الجناية خطأ فعليها قيمة نفسها.
هذا إحدى الروايتين وهو قول الخرقى والمصنف في كتبه والقاضي وجماعة من أصحابه.
والصحيح من المذهب أنه يلزمها الأقل من قيمتها أو ديته نص عليه.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز والقواعد الفقهية وغيرهم وقدمه في الفروع.
قال ناظم المفردات :
إن قتلت في الحكم أم الولد ... سيدها في خطأ للرشد
أو كان عمدا فعفوا للمال ... قيمتها تلزم في المقال
أو دية فأنقص الأمرين ... يلزمها إذ ذاك في الحالين
قال الزركشي ولعل إطلاق الأولين محمول على الغالب إذ الغالب أن قيمة الأمة لا تزيد على دية الحر انتهى.
قال الأصحاب سواء قلنا الدية تحدث على ملك الورثة أو لا.
وفي الروضة دية الخطأ على عاقلتها لأن عند آخر جزء مات من السيد عتقت ووجب الضمان.
فائدة: وكذا إن قتلته المدبرة وقلنا تعتق على ما تقدم في آخر باب المدبر.

(7/371)


قوله: وتعتق في الموضعين.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال الزركشي فيما عللوه به نظر لأن الاستيلاد كما أنه سبب للعتق بعد الموت كذلك النسب سبب للإرث فكما جاز تخلف الإرث مع قيام السبب بالنص فكذلك ينبغي أن يتخلف العتق مع قيام سببه لأنه مثله.
وقد قيل في وجه الفرق إن الحق وهو الحرية لغيرها فلا تسقط بفعلها بخلاف الإرث فإنه محض حقها وأورد عليه المدبرة يبطل تدبيرها إذا قتلت سيدها وإن كان الحق لغيرها وأجيب بضعف السبب في المدبرة.
قوله: ولا حد على قاذفها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه.
وعنه عليه الحد وعنه عليه الحد إن كان لها ابن لأنه أراده.
قال الزركشي وينبغي إجراء الروايتين فيما إذا كان لها زوج حر وكذلك ينبغي إجراؤهما في الأمة القن.
ونظير ذلك لو قذف أمه أو ذمية لها ابن أو زوج مسلمان فهل يحد على روايتين ذكرهما المجد وغيره.
وينبغي أن يقيد الابن والزوج بأن يكونا حرين انتهى.
قوله: وإذا أسلمت أم ولد الكافر أو مدبرته منع من غشيانها وحيل بينه وبينها بلا نزاع.
ومقتضى ذلك أن ملكه باق عليهما وأنهما لم يعتقا.
أما في أم الولد فهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي وهو المذهب المختار لأبي بكر والقاضي وأبى الخطاب والشريف والشيرازي وغيرهم.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وقدمه في المذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.

(7/372)


وعنه تعتق في الحال بمجرد إسلامها نقلها مهنا قاله المصنف في الكافي.
قال الزركشي ولا أعلم له سلفا في ذلك.
وعنه أنها تستسعى في حياته وتعتق نقلها مهنا قاله القاضي ولم يثبتها أبو بكر فقال أظن أن أبا عبد الله أطلق ذلك لمهنا على سبيل المناظرة للوقت.
وأما المدبرة فحكمها حكم المدبر إذا أسلم وقد ذكره المصنف في باب التدبير وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فليراجع.
وظاهر كلام المصنف أن رواية الاستسعاء عائدة إلى أم الولد والمدبرة.
والمنقول أنها في أم الولد وحملها ابن منجا على ظاهرها وجعلها على القول بعدم جواز بيع المدبرة.
قوله: وأجبر على نفقتها إن لم يكن لها كسب.
هذا المذهب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقال المصنف والصحيح أن نفقتها على سيدها والكسب له يصنع به ما شاء وعليه نفقتها على التمام سواء كان لها كسب أو لم يكن وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله والخرقى قاله الزركشي.
قلت وهو الصواب.
وعنه لا تلزمه نفقتها بحال وتستسعى في قيمتها ثم تعتق كما تقدم.
وذكر القاضي أن نفقتها في كبسها والفاضل منه لسيدها.
فإن عجز كبسها عن نفقتها فهل يلزم السيد تمام نفقتها على روايتين وتبع القاضي جماعة من الأصحاب.
قوله: وإذا وطىء أحد الشريكين الجارية فأولدها صارت أم ولد له وولده حر وعليه قيمة نصيب شريكه.
لا يلزمه إلا قيمة نصيب الشريك فقط على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمنور وهو ظاهر كلام الخرقى.
وقدمه في المغنى والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه يلزمه مع ذلك نصف مهرها.
وعنه يلزمه مع نصف المهر نصف قيمة الولد.

(7/373)


وقال القاضي إن وضعته بعد التقويم فلا شيء فيه لأنها وضعته في ملكه وإن وضعته قبل ذلك فالروايتان واختار اللزوم قاله الزركشي.
قوله: وإن كان معسرا كان في ذمته.
هذا المذهب نص عليه واختاره الخرقى وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والمغنى والشرح وغيرهم.
وعند القاضي في الجامع الصغير وأبى الخطاب في الهداية إن كان معسرا لم يسر استيلاده فلا يقوم عليه نصيب شريكه بل يصير نصفها أم ولد ونصفها قن باق على ملك الشريك.
فعلى هذا القول هل ولده حر أو نصفه؟ فيه وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح والفروع.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه حر كله.
ثم وجدت الزركشي قال ذلك قال ابن رزين في شرحه وهو أصح
قوله: فإن وطئها الثاني بعد ذلك فأولدها فعليه مهرها فإن كان عالما فولده رقيق وإن جهل إيلاد شريكه أو أنها صارت أم ولد له فولده حر وعليه فداؤه يوم الولادة ذكره الخرقي.
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وهذا مبني على الصحيح من المذهب في المسألة التي قبلها.
وعلى قول القاضي وأبى الخطاب تكون أم ولد لهما من مات منهما عتق حقه ويتكمل عتقها بموت الآخر.
وتقدم في باب الكتابة ما يشابه ذلك في قول المصنف وإن كاتب اثنان جاريتهما ثم وطئاها وما يشابهها أيضا ما إذا كاتب حصته وأعتق الشريك قبل أدائه فليراجع.
قوله: وإن أعتق أحدهما: نصيبه بعد ذلك.
يعني بعد حكمنا بأنها صارت أم ولد لهما على قول القاضي وأبى الخطاب.
وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه على وجهين.
أحدهما: يقوم عليه وهو المذهب.
قال في الفروع مضمونا عليه على الأصح.

(7/374)


قال المصنف والشارح وهو أولى وأصح إن شاء الله تعالى.
قال ابن منجا في شرحه وهو أصح وأقوى.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني لا يقوم عليه بل يعتق مجانا.
وقيل لا يعتق إلا ما أعتقه ولا يسرى إلى نصيب شريكه والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع المجلد
السابع من كتاب الإنصاف في مطابع دار إحياء
التراث العربي بيروت الزاهرة أدامها الله
لطبع المزيد من الكتب النافعة والحمد لله
رب العالمين

(7/375)