الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

كتاب النفقات
باب النفقات
...
كتاب النفقات
قوله: "يجب على الرجل نفقة امرأته ما لا غنى لها عنه وكسوتها بالمعروف ومسكنها بما يصلح لمثلها وليس ذلك مقدرا لكنه معتبر بحال الزوجين".
وقوله: "فإن تنازعا فيها رجع الأمر إلى الحاكم فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه الذي جرت عادة مثلها بأكله وما تحتاج إليه من الدهن".
فظاهره أنه يفرض لها لحما بما جرت عادة الموسرين بذلك الموضع وهو الصواب وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته.
قال في الفروع وهو ظاهر كلامهم.
وذكره في الرعاية قولا وقال هو أظهر.
قال في تجريد العناية وهو الأظهر وجزم به في البلغة.
وقيل في كل جمعة مرتين.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية.
وقال في الفروع ويتوجه العادة لكن يخالف في إدمانه قال ولعل هذا مرادهم.
تنبيه: وأدمه الذي جرت عادة أمثالها بأكله.
قال في البلغة والفروع وغيرهما ولو تبرمت بأدم نقلها إلى أدم غيره.
قوله: "وما يكتسى مثلها به من جيد الكتان والقطن والخز".
وهو الذي ينسج من الصوف أو الوبر مع الحرير.
"والإبريسم" على ما تقدم "في باب ستر العورة".
"وأقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة في الشتاء وللنوم الفراش واللحاف والمخدة".

(9/259)


بلا نزاع زاد في التبصرة والإزار نقله عنه في الفروع.
قلت وهو عجيب منه لكنه خصه بصاحب التبصرة فقد قطع بذلك في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والبلغة والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
ومرادهم بالإزار الإزار للنوم.
ولهذا قال في الرعاية وغيره بعد ذلك ولا يجب لها إزار للخروج.
قوله: "وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد وأدمه ودهنه" بلا نزاع.
قال جماعة من الأصحاب لا يقطعها اللحم فوق أربعين يوما.
قيل للإمام أحمد رحمه الله كم يأكل الرجل اللحم قال في أربعين يوما.
وقيل كل شهر مرة.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والوجيز وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
وقيل يرجع في ذلك إلى العادة.
قال في الفروع وهو ظاهر كلام الأكثر.
قلت وهو الصواب.
قال في البلغة ويفرض للفقيرة تحت الفقير أدون خبز البلد ومن الأدم ما يناسبه وكذلك اللحم انتهى.
وأطلقهن في تجريد العناية.
وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر.
قال إبراهيم الحربي يعني إذا أكثر منه.
قوله: "وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا ما بين ذلك كل على حسب عادته".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.

(9/260)


وكون نفقة الزوجات معتبرة بحال الزوجين من مفردات المذهب.
وظاهر كلام الخرقي أن الواجب عليه أقل الكفاية وأن الاعتبار بحال الزوج.
وصرح به أبو بكر في التنبيه.
وأومأ إليه في رواية أحمد بن سعيد.
وأومأ في رواية صالح أن الاعتبار بحالها.
وقال في المغني والشرح والترغيب لا يلزمه خف ولا ملحفة.
وقال في الترغيب والبلغة عن القاضي لموسرة مع فقير أقل كفاية والبقية في ذمته وهو قول في الرعاية وغيرها.
فوائد
الأولى: لا بد من ماعون الدار ويكتفى بخزف وخشب والعدل ما يليق بهما قال الناظم:
ومن خير ماعون لحاجة مثلها ... لشرب وتطهير وأكل فعدد
الثانية من نصفه حر إن كان معسرا فهو معها كالمعسرين وإن كان موسرا فكالمتوسطين ذكره في الرعاية.
وقال قلت والموسر من يقدر على النفقة بماله أو كسبه والمعسر من لا يقدر عليها لا بماله ولا بكسبه.
وقيل بل من لا شيء له ولا يقدر عليه.
والمتوسط من يقدر على بعض النفقة بماله أو كسبه.
وقال قلت ومسكين الزكاة معسر ومن فوقه إن كلف أكثر من نفقة مسكين حتى صار مسكينا فهو متوسط وإلا فهو معسر انتهى.
الثالثة النفقة مقدرة بالكفاية وتختلف باختلاف من تجب عليه النفقة في مقدارها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المحرر والوجيز والحاوي والرعاية الصغرى والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والفروع وغيرهم.
وقال القاضي: الواجب مقدر بمقدار لا يختلف في الكثرة والقلة فيجب لكل يوم رطلان من الخبز يعني بالعراقي في حق الموسر والمعسر والمتوسط اعتبارا بالكفارات وإنما تختلفان في صفة جودته انتهى.
ورده المصنف وغيره.

(9/261)


ويجب الدهن بحسب البلد.
قوله: "وعليه ما يعود بنظافة المرأة من الدهن والسدر وثمن الماء".
وكذا المشط وأجرة القيمة ونحوه وهذا المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والبلغة والمحرر والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع هنا.
قال في المغني والشرح في باب عشرة النساء وإن احتاجت إلى شراء الماء فقيمته عليه.
قال في الرعاية والحاوي في باب الغسل وثمن ماء الغسل من الحيض والنفاس والجنابة على الزوج.
وقيل على المرأة.
وفي الواضح وجه لا يلزمه ذلك.
قال في عيون المسائل لأن ما كان من تنظيف على مكتر كرش وكنس وتنقية الآبار وما كان من حفظ البنية كبناء حائط وتغيير الجذع على مكر فالزوج كمكر والزوجة كمكتر وإنما يختلفان فيما يحفظ البنية دائما من الطعام فإنه يلزم الزوج انتهى.
وقال في الفروع في آخر باب الغسل وهل ثمن الماء على الزوج أو عليها أو ماء الجنابة فقط عليه أو عكسه فيه أوجه وماء الوضوء كالجنابة قاله أبو المعالي.
قال في الفروع ويتوجه شراء ذلك لرقيقه ولا يتيمم في الأصح.
قوله: "فأما الطيب والحناء والخضاب ونحوه فلا يلزمه".
أما الحناء والخضاب ونحوهما فلا يلزمه بلا خلاف أعلمه.
وأما الطيب فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم أنه لا يلزمه أيضا.
وفي الواضح وجه يلزمه.
تنبيه: قوله: "إلا أن يريد منها التزين".
يعني فيلزمه.
ومفهومه أنه لو أراد قطع رائحة كريهة منها لم يلزمه وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأكثر وهو المذهب قدمه في الفروع.

(9/262)


وقال في المغني والترغيب يلزمه.
فائدة يلزمها ترك حناء وزينة نهاها عنه الزوج ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
قوله: "وإن احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها أو لمرضها لزمه ذلك".
إذا احتاجت إلى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها لزمه ذلك بلا خلاف أعلمه.
قلت وينبغي أن يحمل ذلك على ما إذا كان قادرا على ذلك إذ لا يزال الضرر بالضرر.
وإن كان لمرضها لزمه ذلك أيضا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقال في الترغيب لا يلزمه.
وقال في الرعايتين وقيل لا يلزمه إخدام مريضة ولا أمة.
وقيل غير حميله انتهى.
فائدة لا يلزمه أجرة من يوضئ مريضه بخلاف رقيقه ذكره أبو المعالي واقتصر عليه في الفروع.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه يجوز أن يكون الخادم كتابية وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر كلام أكثرهم. وصححه في المغني والشرح.
قال في الفروع: ويجوز كتابية في الأصح إن جاز نظرها.
وقيل يشترط في الخادم الإسلام.
وأطلقهما في الكافي والرعاية الكبرى.
فعلى المذهب: هل يلزمها قبولها على وجهين كالوجهين فيما إذا قال أنا أخدمك وأطلقهما في الفروع.
والصواب اللزوم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قوله: "وتلزمه نفقته بقدر نفقة الفقيرين".
وكذا كسوته.
قال الأصحاب مع خف وملحفة للخروج.

(9/263)


قوله: "إلا في النظافة".
لا يلزم الزوج للخادم ما يعود بنظافتها على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع والأشهر سوى النظافة.
وقيل يلزمه أيضا.
فائدة إن كان الخادم له أو لها فنفقته عليه.
قال في الرعاية وكذا نفقة المؤجر والمعار في وجه.
قال في الفروع كذا قال وهو ظاهر كلامهم ولم أجده صريحا وليس بمراد في المؤجر فإن نفقته على مالكه.
وأما في المعار فيحتمل وسبقت المسألة في آخر الإجارة.
وقوله: "في وجه" يدل أن الأشهر خلافه ولهذا جزم به في المعار في بابه انتهى.
قوله: "ولا يلزمه أكثر من نفقة خادم واحد".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
واختار في الرعاية لا يكفي خادم مع الحاجة إلى أكثر منه انتهى.
وقيل يلزمه أكثر من خادم بقدر حالها.
فائدة: إن كان الخادم ملكها كان تعيينه إليهما وإن كان ملكه أو استأجره أو استعاره فتعيينه إليه قاله الأصحاب.
قوله: "وإن قال: "أنا أخدمك" فهل يلزمها قبول ذلك على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمحرر والفروع والحاوي الصغير.
أحدهما لا يلزمها قبول ذلك وهو المذهب.
جزم به في المنور وصححه في النظم.
وقدمه في الخلاصة والمغني والشرح.
والوجه الثاني يلزمها صححه في التصحيح.

(9/264)


واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين وتجريد العناية.
واختار في الرعاية له ذلك فيما يتولاه مثله لمن يكفيها خادم واحد.
قوله: "وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء" بلا نزاع.
وقوله: "وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى".
وكذا الكسوة هذا المذهب بلا نزاع في الجملة وتستحق النفقة كل يوم تأخذها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في المذهب هذا ظاهر المذهب.
وفيه وجه آخر أنها إذا وضعت استحقت ذلك لجميع مدة الحمل.
وهو احتمال في الهداية فقال ويحتمل أن لا يجب عليه تسليم النفقة حتى تضع الحمل لأن مذهبه أن الحمل لا يعلم ولهذا لا يصح اللعان عليه عنده انتهى.
قال في الفروع يلزمه لبائن حامل نفقة وكسوة وسكنى نص عليه.
وعند أبي الخطاب بوضعه.
قال في القواعد: وهو ضعيف مصادم لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:6].
وقال في الموجز والتبصرة رواية لا تلزمه.
قال في الفروع وهي سهو.
قال في القواعد الفقهية وحكى الحلواني وابنه رواية لا نفقة لها كالمتوفى عنها.
وخصها ابنه بالمبتوتة بالثلاث وبناها على أن النفقة للمرأة والمبتوتة لا تستحق النفقة وإنما تستحق النفقة إذا قلنا هي للحمل.
قال ابن رجب وهذا متوجه في القياس إلا أنه ضعيف مخالف للنص والإجماع فيما إذا ظن ووجوب النفقة للمبتوتة الحامل يرجح القول بأن النفقة للحامل انتهى.
وقال في الروضة تلزمه النفقة وفي السكنى روايتان.

(9/265)


قوله: "وإلا فلا شيء لها".
يعني وإن لم تكن حاملا فلا شيء لها وهذا المذهب.
جزم به في العمدة والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال الزركشي هذا المشهور المعروف.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه لها السكنى خاصة اختارها أبو محمد الجوزي.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة.
وقال في الانتصار لا تسقط بتراضيهما كالعدة.
وعنه لها أيضا النفقة والكسوة ذكرها في الرعاية.
وعنه يجب لها النفقة والسكنى حكاها ابن الزاغوني وغيره.
والظاهر أنها الرواية التي في الرعاية.
وقيل هي كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة.
فائدة لو نفى الحمل ولاعن فإن صح نفيه فلا نفقة عليه فإن استلحقه لزمه نفقة ما مضى وإن قلنا لا ينتفي بنفيه أو لم ينفه وقلنا يلحقه نسبه فلها السكنى والنفقة.
قوله: "فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى". هذا المذهب.
قال في الفروع والقواعد الأصولية رجعت عليه على الأصح.
قال في الرعاية الكبرى قضى على الأصح.
وجزم به في المغني والمحرر والشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وعنه لا تلزمه نفقة ما مضى.
قوله: "وإن أنفق عليها يظنها حاملا ثم بانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.

(9/266)


إحداهما يرجع عليها وهو المذهب.
قال في الفروع رجع عليها على الأصح.
قال في القواعد الأصولية المذهب الرجوع.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
والرواية الثانية لا يرجع عليها.
وقال في الوسيلة إن بقي الحمل ففي رجوعه روايتان.
فائدة لو ادعت أنها حامل أنفق عليها ثلاثة أشهر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع.
وعنه ينفق ذلك إن شهد به النساء وإلا فلا.
وقيل لا ينفق عليها قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير فقالا إن ادعت حملا ولا أمارة لم تعط شيئا.
وقيل بلى ثلاثة أشهر.
وعنه لا تجب حتى تشهد النساء.
وجزم ابن عبدوس أنها لا تعطى بلا أمارة وتعطى معها.
فعلى الأولين: إن مضت المدة ولم يتبين حمل رجع عليها على الصحيح من المذهب.
جزم به ابن عبدوس في تذكرته والمنور وقدمه في الفروع.
وعنه لا يرجع كنكاح تبين فساده لتفريطه كنفقته على أجنبية.
قال في الفروع كذا قالوا قال ويتوجه فيه الخلاف.
وأطلق الروايتين في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى وفي رجوعه بما أنفق وقيل بعد عدتها روايتان.
ثم قال قلت إن قلنا يجب تعجيل النفقة رجع وإلا فلا.
وقال المصنف والشارح وإن كتمت براءتها منه فينبغي أن يرجع قولا واحدا.
قلت وهذا عين الصواب الذي لا شك فيه ولعله مرادهم.

(9/267)


قوله: "وهل تجب النفقة لحملها أو لها من أجله على روايتين".
وهما وجهان في الكافي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والمغني والهادي والمحرر والشرح والفروع.
إحداهما هي للحمل وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصحهما أنها للحمل.
قال الزركشي هي أشهرهما.
واختارها الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية هي لها من أجله صححه في التصحيح واختاره ابن عقيل وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
وأوجبهما الشيخ تقي الدين رحمه الله له ولها من أجله وجعلها كمرضعة له بأجرة.
تنبيه: لهذا الخلاف.
فوائد كثيرة
منها لو كان أحد الزوجين رقيقا.
فعلى المذهب لا تجب لأنه إن كان هو الرقيق فلا تجب عليه نفقة أقاربه وإن كانت هي الرقيقة فالولد مملوك لسيد الأمة فنفقته على مالكه.
وعلى الثانية تجب على العبد في كسبه أو تتعلق برقبته حكاه بن المنذر إجماعا.
وقال في الهداية على سيده وتابعه في المذهب.
ومنها لو نشزت المرأة.
فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
ومنها لو كانت حاملا من وطء شبهة أو نكاح فاسد.
فعلى المذهب تجب.
وعلى الثانية لا تجب.
قال في القواعد: إلا أن يسكنها في منزل يليق بها تحصينا لمائة فيلزمها ذلك ذكره في المحرر وتقدم ذلك.

(9/268)


ويجب لها النفقة حينئذ ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى.
وقال في الترغيب والبلغة إذا حملت الموطوءة بشبهة فالنفقة على الواطئ إذا قلنا تجب لحمل المبتوتة.
وهل لها على الزوج نفقة ينظر فإن كانت مكرهة أو نائمة فنعم وإن طاوعته تظنه زوجها فلا نفقة.
فائدة: الفسخ لعيب كنكاح فاسد قدمه في الفروع وقاله القاضي وابن عقيل وقاله الزركشي.
وعند القاضي هو كصحيح واختاره المصنف.
قال في الفروع وهو أظهر.
قال في الرعاية الكبرى وإن دخل بها وانفسخ نكاحها برضاع أو عيب فلها السكنى والنفقة وإن كانت حاملا حتى تضع وإلا فلا انتهى.
ومنها: ما قاله في القواعد الأصولية وملخصه.
إذا وطئت الرجعية بشبهة أو نكاح فاسد ثم بان بها حمل يمكن أن يكون من الزوج والواطئ.
فعلى المذهب يلزمها النفقة حتى تضع ولا ترجع المرأة على الزوج.
وعلى الثانية لا نفقة لها على واحد منهما مدة الحمل حتى ينكشف الأب منهما وترجع المرأة على الزوج بعد الوضع بنفقة أقصر المدتين من مدة الحمل.
أو قدر ما بقي من العدة بعد الوطء الفاسد.
ثم إذا زال الإشكال أو ألحقته القافة بأحدهما بعينه فاعمل بمقتضى ذلك.
فإن كان معها وفق حقها من النفقة وإلا رجعت على الزوج بالفضل.
ولو كان الطلاق بائنا: فالحكم كما تقدم في جميع ما ذكرنا إلا في مسألة واحدة وهي أنها لا ترجع بعد الوضع بشيء على الزوج سواء قلنا النفقة للحمل أو لها من أجله ذكر ذلك كله في المجرد.
ومتى ثبت نسبه من أحدهما فقال القاضي في موضع من المجرد يرجع عليه الآخر بما أنفق لأنه لم ينفق متبرعا.
قال في القواعد وهو الصحيح.
وجعله في موضع آخر من المجرد كقضاء الدين على ما مضى في باب الضمان.
ومنها: لو كانت حاملا من سيدها فأعتقها.
فعلى المذهب يجب.

(9/269)


وعلى الثانية: لا يجب إلا حيث تجب نفقة الرقيق.
ونقل الكحال في أم الولد تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
ومنها: لو غاب الزوج فهل تثبت النفقة في ذمته فيه طريقان.
أحدهما: البناء.
فعلى المذهب لا تثبت في ذمته وتسقط بمضي الزمان لأن نفقة الأقارب لا تثبت في الذمة.
وعلى الثانية تثبت في ذمته ولا تسقط بمضي الزمان.
قال في القواعد على المشهور من المذهب.
والطريق الثاني: لا تسقط بمضي الزمان على كلا الروايتين وهي طريقة المصنف في المغني.
ومنها لو مات الزوج وله حمل.
فعلى المذهب تلزم النفقة الورثة.
وعلى الثانية لا تلزمهم بحال.
ومنها: لو كان الزوج معسرا.
فعلى المذهب لا تجب لأن نفقة الأقارب مشروطة باليسار دون نفقة الزوجية.
وعلى الثانية تجب.
ومنها: لو اختلعت الزوجة بنفقتها فهل يصح جعل النفقة عوضا للخلع.
قال الشيرازي إن قلنا النفقة لها يصح.
وإن قلنا للحمل لم يصح لأنها لا تملكها.
وقال القاضي والأكثرون يصح على الروايتين.
ومنها: لو كان الحمل موسرا بأن يوصى له بشيء فيقبله الأب.
فإن قلنا النفقة له وهو المذهب سقطت نفقته عن أبيه.
وإن قلنا لأمة وهي الرواية الثانية لم تسقط ذكره القاضي في خلافه.
ومنها: لو دفع إليها النفقة فتلفت بغير تفريطه.
فعلى المذهب يجب بدلها لأن ذلك حكم نفقة الأقارب.
وعلى الثانية لا يلزمه بدلها.
ومنها: فطرة المطلقة.

(9/270)


فعلى المذهب فطرة الحمل على أبيه غير واجبة على الصحيح.
وعلى الثانية يجب لها الفطرة.
ومنها: هل تجب السكنى للمطلقة الحامل.
فعلى المذهب لا سكنى ذكره الحلواني في التبصرة.
وعلى الثانية لها السكنى أيضا.
ومنها: لو تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة وهو ممن يباح له نكاح الإماء ففسخ بعد الدخول وهي حامل منه ففيه طريقان.
أحدهما وجوب النفقة عليه على كلا الروايتين.
وفي المحرر في كتاب النفقات ما يدل عليه.
قال ابن رجب وهو الصحيح.
والطريق الثاني: إن قلنا النفقة للحمل وجبت على الزوج.
وإن قلنا للحامل لم تجب ذكره في المحرر في كتاب النكاح.
ومنها: البائن في الحياة بفسخ أو طلاق إذا كانت حاملا.
وقد تقدمت المسألة في كلام المصنف في قوله وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا شيء لها وأحكامها.
ومنها المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا.
وتأتي في كلام المصنف وهي.
قوله: "وأما المتوفى عنها زوجها فإن كانت حائلا فلا نفقة لها ولا سكنى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به صاحب الشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والرعايتين والفروع وقال وعنه لها السكنى اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم.
قال في المستوعب حكى شيخنا رواية أن لها السكنى بكل حال.
وقال المصنف أيضا والشارح إن مات وهي في مسكنه قدمت به.
قوله: "وإن كانت حاملا فهل لها ذلك على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والشرح والقواعد الفقهية.

(9/271)


إحداهما: لا نفقة لها ولا كسوة ولا سكنى وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
قال القاضي هذه الرواية أصح.
والرواية الثانية: لها ذلك.
وبناهما ابن الزاغوني على أن النفقة هل هي للحمل أو لها من أجله.
فإن قلنا للحمل وجبت من التركة كما لو كان الأب حيا.
وإن قلنا لها لم تجب.
قال في القواعد وهذا لا يصح لأن نفقة الأقارب لا تجب بعد الموت.
قال والأظهر أن الأمر بالعكس وهو أنا إن قلنا النفقة للحمل لم تجب للمتوفى عنها لهذا المعنى.
وإن قلنا لها وجبت لأنها محبوسة على الميت لحقه فتجب نفقتها في ماله انتهى.
وعنه لها السكنى خاصة اختاره أبو محمد الجوزي فهي كغريم فهي عنده كالحائل.
قال في الرعاية وعنه لها السكنى بكل حال وتقدم بها على الورثة والغرماء إن كان قد أفلسه الحاكم قبل موته.
وقال المصنف في المغني أيضا إن مات وهي في مسكنه قدمت به فهي عنده والحالة هذه كالحائل كما تقدم قريبا.
فائدتان:
إحداهما: لو بيعت الدار التي هي ساكنتها وهي حامل لم يصح البيع عند المصنف لجهل المدة الباقية إلى الوضع وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى.
وقال المجد قياس المذهب الصحة وهو الصواب.
وتقدمت المسألة قريبا في باب الإجارة.
الثانية: نقل الكحال في أم الولد الحامل تنفق من مال حملها.
ونقل جعفر تنفق من جميع المال.
وتقدم ذلك أيضا قريبا في الفوائد.
قال في الرعايتين ومن أحبل أمته ومات فهل نفقتها من الكل أو من حق ولدها على روايتين.
وقال في القاعدة الرابعة والثمانين في نفقة أم الولد الحامل ثلاث روايات.
إحداها: لا نفقة لها نقلها حنبل وابن بختان.

(9/272)


والثانية: ينفق عليها من نصيب ما في بطنها نقلها الكحال.
والثالثة: إن لم تكن ولدت من سيدها قبل ذلك فنفقتها من جميع المال إذا كانت حاملا وإن كانت ولدت قبل ذلك فهي في عداد الأحرار ينفق عليها من نصيب ولدها نقلها جعفر بن محمد.
قال وهي مشكلة جدا وبين معناها.
واستشكل المجد الرواية الثانية فقال الحمل إنما يرث بشرط خروجه حيا ويوقف نصيبه فكيف يتصرف فيه قبل تحقق الشرط.
ويجاب بأن هذا النص يشهد لثبوت ملكه بالإرث من حين موت مورثه وإنما خروجه حيا يتبين به وجود ذلك.
فإذا حكمنا له بالملك ظاهرا جاز التصرف فيه بالنفقة الواجبة عليه وعلى من تلزمه نفقته لا سيما والنفقة على أمة يعود نفعها إليه كما يتصرف في مال المفقود.
قوله: "وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم إلا أن يتفقا على تأخيرها أو تعجيلها مدة قليلة أو كثيرة فيجوز".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله لا يلزمه تمليك بل ينفق ويكسو بحسب العادة فإن الإنفاق بالمعروف ليس هو التمليك.
وقال في الانتصار لا يسقط فرضه عمن زوجته صغيرة أو مجنونة إلا بتسليم ولي أو بإذنه.
قوله: "وإن طلب أحدهما دفع القيمة لم يلزم الآخر ذلك". بلا نزاع.
قال في الفروع وظاهر ما سبق أو صريحه أن الحاكم لا يملك فرض غير الواجب كدراهم مثلا إلا باتفاقهما فلا يجبر من امتنع.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا أصل لفرض الدراهم في كتاب ولا سنة ولا نص عليه أحد من الأئمة لأنها معاوضة بغير الرضى عن غير مستقر.
قال في الفروع وهذا متوجه مع عدم الشقاق وعدم الحاجة فأما مع الشقاق والحاجة كالغائب مثلا فيتوجه الفرض للحاجة إليه على ما لا يخفى ولا يقع الفرض بدون ذلك بغير الرضى انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى قلت ويجوز التعوض عن النفقة والكسوة بنقد وغيره عما يجب.
تنبيه: قوله: "وعليه كسوتها في كل عام".
يعني عليه كسوتها مرة بلا نزاع.

(9/273)


ومحلها أول كل عام من حين الوجوب على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وذكر الحلواني وابنه أول كل صيف وشتاء.
واختاره في الرعاية فقال قلت في أول الشتاء كسوته وفي أول الصيف كسوته.
وقال في الواضح وعليه كسوتها كل نصف سنة.
قوله: "وإذ قبضتها فسرقت أو تلفت لم يلزمه عوضها".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب لأنها تمليك.
قال في الفروع فإن سرقت أو بليت فلا بدل في الأصح.
وجزم به في الوجيز والنظم والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل يلزمه عوضها.
قال في الرعاية الكبرى وقيل هي إمتاع فيلزمه بدلها ككسوة القريب.
وقال في الكافي فإن بليت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها لزمه بدلها لأن ذلك من تمام كسوتها وإن تلفت قبله لم يلزمه بدلها.
قوله: "وإذا انقضت السنة وهي صحيحة فعليه كسوة السنة الأخرى".
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن لا يلزمه وهو لأبي الخطاب في الهداية.
قلت وهو قوي جدا.
قال في الرعاية إن قلنا هي تمليك لزمه وإن قلنا إمتاع فلا كالمسكن وأوعية الطعام والماعون والمشط ونحو ذلك وأطلقهما في الشرح.
وقال في الكافي وإن مضى زمان تبلى فيه ولم تبل ففيه وجهان.
أحدهما: لا يلزمه بدلها لأنها غير محتاجة إلى الكسوة.
والثاني: يجب لأن الاعتبار بالمدة بدليل أنها لو تلفت قبل انقضاء المدة لم يلزمه بدلها.

(9/274)


فائدتان:
إحداهما: تملك المرأة الكسوة بقبضها على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تملكها.
والمسألتان المتقدمتان مبنيتان على هذا الخلاف.
الثانية حكم الغطاء والوطاء ونحوهما حكم الكسوة فيما تقدم خلافا ومذهبا.
واختار ابن نصر الله في حواشيه أن ذلك يكون إمتاعا لا تمليكا.
قوله: "وإن ماتت أو طلقها قبل مضي السنة فهل يرجع عليها بقسطه على وجهين".
وكذا الحكم لو تسلفت النفقة فماتت أو طلقها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح.
أحدهما: يرجع وهو المذهب.
قال في الفروع رجع على الأصح.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل: لا يرجع.
وقيل: يرجع بالنفقة دون الكسوة.
وقيل: عكسه.
وقيل ذلك كزكاة معجلة.
وجزم به ولد الشيرازي في المنتخب.
وجزم في عيون المسائل أنه لا يرجع بما وجب كيوم وكسوة سنة بل يرجع بما لم يجب إذا دفعه.
فائدة: لا يرجع ببقية اليوم الذي فارقها فيه ما لم تكن ناشزا على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر والحاوي لا يرجع قولا واحدا.
قال في الفروع ولا يرجع في الأصح.
قال في الوجيز والرعاية وغيرهما وكذا يوم السلف لا يرجع به.

(9/275)


وتقدم كلامه في عيون المسائل لا يرجع به.
وقيل يرجع به.
وأما إذا كانت ناشزا فالصحيح من المذهب أنه يرجع عليها بذلك.
وقيل لا يرجع أيضا.
تنبيه: في قول المصنف إذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها.
إشعار بأنها تملكها وهو صحيح.
صرح به في الترغيب والوجيز والرعايتين وقطعوا به كالكسوة.
قوله: "وإن غاب مدة ولم ينفق فعليه نفقة ما مضى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وصححه المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها.
اختاره في الإرشاد وهو ضعيف.
وقال في الرعاية لا نفقة لها إلا أن يكون الحاكم قد فرضها لها أو فرضها الزوج برضاها.
وقال في الانتصار الإمام أحمد رحمه الله أسقطها بالموت.
وعلل في الفصول الرواية الثانية بأنه حق ثبت بقضاء القاضي.
قال في الفروع وهو ظاهر الكافي فإنه فرع عليها لا يثبت في ذمته ولا يصح ضمانها لأنه ليس مآلها إلى الوجوب.
فوائد:
الأولى: لو استدانت وأنفقت رجعت على زوجها مطلقا نقله أحمد بن هاشم.
وذكره في الإرشاد وقدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الروايتان فيمن أدى عن غيره واجبا انتهى.
الثانية: لو أنفقت في غيبته من ماله فبان ميتا رجع عليها الوارث على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع ويرجع بنفقتها من مال غائب بعد موته بظهوره على الأصح.
وقدمه في الرعايتين وجزم به في الوجيز.
وعنه لا يرجع عليها.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.

(9/276)


الثالثة: لو أكلت مع زوجها عادة أو كساها بلا إذن ولم يتبرع سقطت عنه مطلقا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال في الرعاية وهو ظاهر كلامه في المغني إن نوى اعتد بها وإلا فلا.
قوله: "وإذا بذلت المرأة تسليم نفسها وهي ممن يوطأ مثلها أو يتعذر وطؤها لمرض أو حيض أو رتق ونحوه لزم زوجها نفقتها سواء كان الزوج كبيرا أو صغيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه كالعنين والمجبوب والمريض".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه: لا يلزمه إذا كان صغيرا.
وعنه: يلزمه بالعقد مع عدم منع لمن يلزمه تسلمها لو بذله.
وقيل: ولصغيرة وهو ظاهر كلام الخرقي قاله في الفروع.
فعليها: لو تساكنا بعد العقد مدة لزمه.
وقال: في الترغيب وغيره دفع النفقة لا يلزم إلا بالتمكين سواء قدر على الوطء أو عجز عنه.
فائدة: مثل القاضي والمجد وغيرهما من الأصحاب بابنة تسع سنين وهو مقتضى نص الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله وصالح.
وأناط الخرقي وأبو الخطاب وابن عقيل والشيرازي والمصنف وغيرهم الحكم بمن يوطأ مثلها وهو أقعد فإن تمثيلهم بالسن فيه نظر بل الاعتبار بالقدرة على ذلك أولى أو متعين وهذا مختلف فقد تكون ابنة تسع تقدر على الوطء وبنت عشر لا تقدر عليه باعتبار كبرها وصغرها من نحولها وسمنها وقوتها وضعفها.
لكن الذي يظهر أن مرادهم بذلك في الغالب.
وقال الزركشي: وقد يحمل إطلاق من أطلق من الأصحاب على ذلك انتهى.
قلت وفيه نظر.
قوله: "وإن كانت صغيرة لا يمكن وطؤها لم تجب نفقتها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب،

(9/277)


والخلاصة والمغني والشرح والزركشي وغيرهم.
وقاله في الفروع.
وتقدم قول بلزوم النفقة للصغيرة بالعقد حكاه في الفروع فبعد الدخول بطريق أولى.
فائدة: لو زوج طفل بطفلة فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب لعدم الموجب.
وقيل لها النفقة.
قوله: "فإن بذلته والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله الحاكم أو يمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله".
وهذا بلا نزاع ويأتي عند النشوز ما يشابه هذا.
قوله: "وإن منعت تسليم نفسها أو منعها أهلها فلا نفقة لها".
إذا منعت نفسها فلا نفقة لها بلا نزاع.
وظاهر قوله أو منعها أهلها ولو كانت باذلة للتسليم ولكن أهلها يمنعونها وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره.
وذكره في الروضة وقال ذكره الخرقي قال وفيه نظر.
قلت وهو الصواب.
وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة لها النفقة.
قوله: "إلا أن تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال فلها ذلك وتجب نفقتها".
هذا المذهب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وقال وظاهر كلام جماعة لا نفقة لها ذكره في كتاب الصداق.
قوله: "وإن كان بعده فعلى وجهين".
وأطلقهما المصنف في هذا الكتاب أيضا في آخر كتاب الصداق.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وغيرهم.
أحدهما: لا تملك المنع فلا نفقة لها إذا امتنعت وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع واختاره الأكثر.

(9/278)


قلت منهم بن بطة وابن شاقلا.
وصححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
والوجه الثاني لها ذلك فيجب لها النفقة اختاره ابن حامد.
وتقدم نظير ذلك في آخر كتاب الصداق.
تنبيه: قوله: "بخلاف الآجل".
يعني أنها لا تملك منع نفسها إذا كان الصداق مؤجلا فلو فعلت لم يكن لها عليه نفقة.
وظاهره سواء حل الأجل أو لا.
واعلم أن المؤجل لا يخلو إما أن يحل قبل الدخول أو لا.
فإن لم يحل قبل الدخول فليس لها الامتناع فلو امتنعت لم يكن لها نفقة بلا نزاع.
وإن حل قبل الدخول: لم تملك ذلك على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف.
وقيل لها الامتناع ويجب لها النفقة ويحتمله كلام المصنف وأطلقهما الزركشي.
قوله: "وإن سلمت الأمة نفسها ليلا ونهارا فهي كالحرة".
يعني سواء رضي بذلك الزوج أو لم يرض وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قلت: يتوجه أنه إذا حصل للزوج بذلك ضرر لفقره لا يلزمه.
قوله: "وإن كانت تأوي إليه ليلا وعند السيد نهارا فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده".
فيلزم الزوج نفقة الليل من العشاء وتوابعه كالوطء والغطاء ورهن المصباح ونحوه وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وقيل تجب عليهما نصفين وكذلك الكسوة قطعا للتنازع اختاره المصنف وأطلقهما الزركشي.
قال الشارح بعد أن ذكر الأول فعلى هذا على كل واحد منهما نصف النفقة ففسر الأول بالقول الثاني.
ووجوب نفقة الليل على الزوج والنهار على السيد من مفردات المذهب.
فائدة: لو سلمها سيدها نهارا فقط لم يكن له ذلك.

(9/279)


قوله: "وإذا نشزت المرأة". فلا نفقة لها.
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ولو بنكاح في عدة.
وقال في الترغيب من مكنته من الوطء دون بقية الاستمتاع فسقوط النفقة يحتمل وجهين.
فائدتان
إحداهما: تشطر النفقة لناشز ليلا فقط أو نهارا فقط لا بقدر الأزمنة.
وتشطر النفقة لناشز بعض يوم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في الرعاية والفروع.
وقيل تسقط كل نفقته.
الثانية: لو نشزت المرأة ثم غاب الزوج فأطاعت في غيبته فعلم بذلك ومضى زمن يقدم في مثله عادت لها النفقة.
قال في الرعاية وقيل تجب بعد مراسلة الحاكم له انتهى.
وكذا الحكم لو سافر قبل الزفاف.
وكذا لو أسلمت مرتدة أو متخلفة عن الإسلام في غيبته عند ابن عقيل.
والصحيح من المذهب أنها تعود بمجرد إسلامهما.
قوله: "أو سافرت بغير إذنه" فلا نفقة لها.
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل لا تسقط ذكره في الرعاية.
وقال ابن عقيل في الفنون سفر التغريب يحتمل أن تسقط فيه النفقة.
قلت ويتصور ذلك فيما إذا كانت بالغة عاقلة ولم يدخل بها وهي باذلة للتسليم والمنع من الدخول منه.
قوله: "أو تطوعت بصوم أو حج فلا نفقة لها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.

(9/280)


وقيل لا تسقط النفقة بصوم التطوع اختاره في الرعاية.
وقال إن جاز له إبطاله فتركه.
وفي الواضح: في حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط.
فائدتان
إحداهما: لو صامت لكفارة أو نذر أو لقضاء رمضان ووقته متسع بلا إذنه فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب.
وقيل لها النفقة في صوم قضاء رمضان.
ونقل أبو زرعة الدمشقي تصوم النذر بلا إذن.
وقال في الواضح في صلاة وصوم واعتكاف منذور وجهان.
الثانية: لو حبست بحق أو ظلما فلا نفقة لها على الصحيح من المذهب جزم به أكثر الأصحاب.
وقيل لها النفقة وهو احتمال في الرعاية الكبرى.
وهل له البيتوتة معها فيه وجهان.
وأطلقهما في الفروع والرعاية.
قلت الصواب أن له البيتوتة معها.
قوله: "وإن بعثها في حاجة يعني له أو أحرمت بحجة الإسلام فلها النفقة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب بشرط أن تحرم في الوقت من الميقات.
وقال في التبصرة في حج فرض احتمال كنفقة زائدة على الحضر.
فائدة: لو سافرت لنزهة أو تجارة أو زيارة أهلها فلا نفقة لها وفيه احتمال وهو وجه في المذهب وغيره.
قوله: "وإن أحرمت بمنذور معين في وقته فعلى وجهين".
وكذلك الصوم المنذور والمعين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة وشرح ابن منجا والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: لها النفقة ذكره القاضي مطلقا وصححه في التصحيح.
والوجه الثاني: لا نفقة لها مطلقا وهو الوجه الثاني في كلام المصنف ذكره ابن منجا.

(9/281)


واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور والوجيز.
وقيل إن كان نذرها بإذنه أو قبل النكاح لم تسقط النفقة وإلا سقطت.
وجعله الشارح الوجه الثاني من كلام المصنف.
قوله: "وإن سافرت لحاجتها بإذنه فلا نفقة لها".
ذكره الخرقي في بعض النسخ وعليها شرح المصنف.
واختاره القاضي والمصنف وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وهو المذهب.
"ويحتمل أن لها النفقة" وهو لأبي الخطاب في الهداية واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والنظم والفروع.
وتقدم نظير ذلك في باب عشرة النساء.
قوله: "وإن اختلفا في نشوزها أو تسليم النفقة إليها فالقول قولها مع يمينها".
هذا المذهب جزم به في المحرر والوجيز والشرح وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الآمدي: إن اختلفا في النشوز فإن وجبت بالتمكين صدق وعليها إثباته وإن وجبت بالعقد صدقت وعليه إثبات المنع وإن اختلفا بعد إثبات التمكين لم يقبل قوله.
وقال في التبصرة يقبل قوله قبل الدخول وقولها بعده.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله في النفقة أن القول قول من يشهد له العرف.
قوله: "وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع يمينه". بلا خلاف أعلمه.
قوله: "وإن أعسر الزوج بنفقتها أو ببعضها أو بالكسوة". وكذا ببعضها "خيرت بين فسخ النكاح والمقام وتكون النفقة دينا في ذمته".
يعني نفقة الفقير ومحله إذا لم تمنع نفسها.
الصحيح من المذهب أن لها الفسخ بذلك مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال المصنف والشارح هذا المذهب.

(9/282)


وقدمه في الفروع والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وفسخها للإعسار بنفقتها من مفردات المذهب.
وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار بحال.
قال الزركشي: نقل ابن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ به ما لم يوجد منه غرور.
وذكر ابن البنا وجها أنه يؤجل ثلاثا.
وقيل إن أعسر بكسوة يسار فلا فسخ.
فعلى القول بعدم الفسخ يرفع يده عنها لتكتسب ما تقتات به.
فائدة: إذا ثبت إعساره فللحاكم الفسخ بطلبها قدمه في الفروع وقاله أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما وقالا في النفقة ولا تجد من يدينها عليه.
وذكره المصنف وغيره في الغائب ولم يذكروه في الحاضر الموسر المانع.
ورفع النكاح هنا فسخ بطلبها أو فسخت قدمه في الفروع.
وقال في الترغيب هو قول جمهور أصحابنا فيعتبر الرفع إلى الحاكم.
فإذا ثبت إعساره فسخ بطلبها أو فسخت بأمره ولا ينفذ بدونه على الصحيح من المذهب.
وقيل ظاهرا.
وفي الترغيب: ينفذ مع تعذره.
وقال في الرعاية وإن تعذر إذنه مطلقا.
وقيل هذه الفرقة طلاق.
فعلى هذا يأمره الحاكم بطلبها بطلاق أو نفقة فإن أبى طلق عليه الحاكم.
جزم به في التبصرة والرعاية والوجيز وغيرهم.
فإن راجع فقيل لا يصح مع عسرته.
قلت فيعايى بها.
وقيل يصح وهو المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
فإن راجع طلق عليه ثانية فإن راجع طلق عليه ثالثة.
وأطلقهما في الفروع.
وقيل إن طلب المهلة ثلاثة أيام أجيب فلو لم يقدر فقيل ثلاثة أيام.

(9/283)


وقيل: إلى آخر اليوم المتخلفة نفقته.
وقال في المغني يفرق بينهما.
وأطلقهما في الفروع.
قوله: "فإن اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك".
وهو المذهب قال في الفروع لها ذلك في الأصح.
وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وعنه ليس لها ذلك كما لو رضيت بعسرته في الصداق.
قال في المحرر فعلى هذا هل خيارها الأول على التراخي أو على الفور على روايتي خيار العيب على ما تقدم في بابه.
فوائد
الأولى: لو اختارت المقام جاز لها أن لا تمكنه من نفسها وليس له أن يحبسها.
الثانية: لو رضيت بعسرته أو تزوجته عالمة بها فلها الفسخ بعد ذلك على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع لها ذلك على الأصح فيهما.
وقدمه في المحرر والنظم والمغني والشرح ونصراه.
وقيل ليس لها ذلك.
قال في الرعايتين ليس لها ذلك في الأصح فيهما.
وجزم به في الحاوي الصغير.
فعلى هذا القول خيارها على الفور وقدمه في الرعايتين.
وقيل: على التراخي وهو المذهب.
وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وأطلقهما في الحاوي.
وظاهر المحرر أنه كخيار العيب.
وقال في الرعاية الكبرى: بل بعد ثلاثة أيام وهو أولى فإن حصل في الرابع نفقة فلا فسخ بما مضى وإن حصلت في الثالث فهل يفسخ في الخامس أو السادس يحتمل وجهين.

(9/284)


قال: وإن مضى يومان ووجد نفقة الثالث ثم أعسر في الرابع فهل يستأنف المدة يحتمل وجهين انتهى.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أنها لو تزوجته عالمة بعسرته أو كان موسرا ثم افتقر أنه لا فسخ لها.
قال: ولم يزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم يرفعهم أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا بينهم.
قال: في الفروع كذا قال.
الثالثة: لو قدر على التكسب أجبر عليه على الصحيح من المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وقال في الترغيب أجبر على الأصح.
وقال فيه أيضا الصانع الذي لا يرجو عملا أقل من ثلاثة أيام فإذا عمل دفع نفقة ثلاثة أيام لا فسخ ما لم يدم.
قال في الكافي إن كانت نفقته عن عمل فمرض فاقترض فلا فسخ وإن عجز عن الاقتراض وكان لعارض يزول لثلاثة أيام فما دون فلا فسخ انتهى.
وقال في المغني والشرح وإن تعذر عليه الكسب في بعض زمانه أو تعذر البيع لم يثبت الفسخ لأنه يمكن الاقتراض إلى زوال العارض وحصول الاكتساب.
وكذلك إن عجز عن الاقتراض أياما يسيرة لأن ذلك يزول عن قريب ولا يكاد يسلم منه كثير من الناس.
وقالا أيضا إن مرض مرضا يرجى زواله في أيام يسيرة لم يفسخ لما ذكرنا وإن كان ذلك يطول فلها الفسخ.
وكذلك إن كان لا يجد النفقة إلا يوما دون يوم انتهيا.
وتقدم كلامه في الرعاية.
قوله: "وإن أعسر بالنفقة الماضية أو نفقة الموسر أو المتوسط أو الأدم أو نفقة الخادم فلا فسخ لها".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.

(9/285)


وقال ابن عقيل في التذكرة إن كانت ممن جرت عادتها بأكل الطيب ولبس الناعم لزمه ذلك فإن كان معسرا ملكت الفسخ إذا عجز عن القيام به.
قال في الرعاية الكبرى وإن اعتادت الطيب والناعم فعجز عنهما فلها الفسخ.
قلت فالأدم أولى انتهى.
وقيل لها الفسخ إذا أعسر بالأدم.
وفي الانتصار احتمال لها الفسخ في ذلك كله مع ضررها.
قوله: "وتكون النفقة دينا في ذمته".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي تسقط أي الزيادة عن نفقة المعسر أو المتوسط لأن كلام المصنف في ذلك وصرح به الأصحاب لا أنها تسقط مطلقا.
وقال في المحرر والنظم والفروع وقال القاضي تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قال في الرعايتين وقيل تسقط زيادة اليسار والتوسط.
قلت: غير الأدم.
قوله: "وإن أعسر بالسكنى أو المهر فهل لها الفسخ على وجهين".
إذا أعسر بالسكنى فأطلق المصنف في جواز الفسخ لها وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
أحدهما: لها الفسخ وهو الصحيح صححه في التصحيح واختاره ابن عقيل.
وجزم به في الوجيز والمنور.
والثاني: لا فسخ لها ذكره القاضي.
وجزم به في منتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وهو ظاهر ما قدمه في المحرر.
وأطلق في جواز الفسخ إذا أعسر بالمهر وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: لها الفسخ مطلقا اختاره أبو بكر وغيره.

(9/286)


وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر.
والوجه الثاني: ليس لها ذلك اختاره ابن حامد وغيره.
قال المصنف وهو أصح ونصره.
وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الخلاصة.
قلت وهو الصواب.
وقيل إن أعسر قبل الدخول فلها الفسخ وإن كان بعده فلا.
قال الشارح وتبعه في التصحيح هذا المشهور في المذهب.
قال الناظم هذا أشهر.
ونقل ابن منصور إن تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لا يفرق بينهما إلا أن يكون قال عندي عرض ومال وغيره.
وتقدم ذلك محررا بأتم من هذا في آخر باب الصداق فليعاود.
قوله: "وإن أعسر زوج الأمة فرضيت أو زوج الصغيرة أو المجنونة لم يكن لوليهن الفسخ". وهو المذهب.
قال في الفروع لا فسخ في المنصوص لولي أمة راضية وصغيرة ومجنونة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال في الرعايتين والحاوي فلا فسخ لهم في الأصح.
وقدمه في الكافي والمحرر.
"ويحتمل أن له ذلك".
وقال في الكافي وحكى عن القاضي أن لسيد الأمة الفسخ لأن الضرر عليه.
قوله: "وإن منع النفقة أو بعضها مع اليسار وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف بغير إذنه".
للحديث الذي ذكره المصنف وهو في الصحيحين وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الروضة القياس منعها تركناه للخبر.
وذكر في الترغيب وجها أنها لا تأخذ لولدها.
ويأتي حكم الحديث في آخر باب طريق الحكم وصفته.

(9/287)


قوله: "فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ".
هذا المذهب جزم به الخرقي والوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم.
قال في الرعايتين لها الفسخ في الأقيس.
قال في الحاوي الصغير فلها الفسخ في أصح الوجهين.
قال في تجريد العناية فإن أصر فارقته عند الأكثر.
وقدمه في المستوعب والمحرر والشرح والفروع وغيرهم.
واختاره أبو الخطاب والمصنف والشارح.
قال الناظم:
فإن منع الإنفاق ذو اليسر أو يغب ... أو البعض أن يظفر بمال المقلد
فإن تعذر يلجئه حاكم فإن ... أبى يعطها عنه ولو قيمة أعبد
"وقال القاضي: ليس لها ذلك".
قال في الترغيب: اختاره الأكثر وقدمه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب.
قوله: "وإن غاب ولم يترك لها نفقة ولم تقدر له على مال ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ".
هذا المذهب جزم به في الوجيز والنظم ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقال القاضي ليس لها ذلك إذا لم يثبت إعساره.
قال في الترغيب اختاره الأكثر.
وتقدم أن لها أن تستدين وتنفق.
قوله: "ولا يجوز الفسخ في ذلك إلا بحكم حاكم".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وحكى المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم في كتاب الصداق لها أن تفسخ بغير حكم حاكم فيما إذا أعسر بالمهر.
وتقدم ذلك في آخر كتاب الصداق فليعاود.

(9/288)


باب نفقة الأقارب والمماليك
قوله: "يجب على الإنسان نفقة والديه وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه أيضا وكذلك يلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا".
اعلم أن الصحيح من المذهب وجوب نفقة أبويه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا بالمعروف أو بعضها إن كان المنفق عليه قادرا على البعض.
وكذلك يلزمه لهم الكسوة والسكنى مع فقرهم إذا فضل عن نفسه وامرأته.
وكذا رقيقه يومه وليلته.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويأتي حكم اختلاف الدين في كلام المصنف قريبا.
وعنه لا تلزمه نفقتهم إلا بشرط أن يرثهم بفرض أو تعصيب كبقية الأقارب وهو ظاهر ما قدمه في الرعايتين وظاهر ما جزم به الشرح فإنه قال يشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط.
الثالث: أن يكون المنفق وارثا فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة لم تجب عليه النفقة.
والظاهر: أنه أراد أن يكون وارثا في الجملة بدليل قوله فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة.
وعنه تختص العصبة مطلقا بالوجوب نقلها جماعة.
فيعتبر أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال فلا تلزم بعيدا موسرا يحجبه قريب معسر.
وعنه بل إن ورثه وحده لزمته مع يساره ومع فقره تلزم بعيدا معسرا.
فلا تلزم جدا موسرا مع أب فقير على الأولى وتلزم على الثانية على ما يأتي.
ويأتي أيضا ذكر الرواية الثالثة وما يتفرع عليها في المسألة الآتية بعد هذه.
ويأتي تفاريع هذه الروايات وما ينبني عليها.
تنبيهان
أحدهما: شمل قوله وأولاده وإن سفلوا الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب ويأتي الخلاف في ذلك.

(9/289)


الثاني: قوله فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقه يعني يومه وليلته كما تقدم صرح به الأصحاب.
من كسبه أو أجرة ملكه ونحوهما لا من أصل البضاعة وثمن الملك وآلة عمله.
قوله: "وتلزمه نفقة من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم سواء ورثه الآخر أو لا كعمته وعتيقه".
هذا المذهب قطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وصححه في البلغة وغيره.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال ابن منجا هذا المذهب وصرحوا بالعتيق.
وعنه أنها تختص العصبة من عمودي النسب وغيرهم نقلها جماعة كما تقدم.
فلا تجب على العمة والخالة ونحوها.
فعليها: هل يشترط أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال على روايتين.
وأطلقهما في المحرر والحاوي والزركشي.
إحداهما: يشترط وهو الصحيح فلا نفقة على بعيد موسر يحجبه قريب معسر.
قدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي وأبو الخطاب والمصنف وغيرهم.
والأخرى: يشترط ذلك في الجملة.
لكن إن كان يرثه في الحال ألزم بها مع اليسار دون الأبعد.
وإن كان فقيرا جعل كالمعدوم ولزمت الأبعد الموسر.
فعلى هذا من له بن فقير وأخ موسر أو أب فقير وجد موسر لزمت الموسر منهما النفقة ولا تلزمهما على التي قبلها.
وعلى اشتراط الإرث في غير عمودي النسب خاصة تلزم الجد دون الأخ.
قال المصنف وهو الظاهر.
وقال في البلغة والترغيب لو كان بعضهم يسقط بعضا لكن الوارث معسر وغير الوارث موسر فهل تجب النفقة على البعيد الموسر فيه ثلاثة أوجه.
الثالث: إن كان من عمودي النسب وجب وإلا فلا انتهى.
وعنه يعتبر توارثهما اختاره أبو محمد الجوزي.

(9/290)


فلا تجب النفقة لعمته ولا لعتيقه وقدمه في الخلاصة.
وأطلق هذه الرواية والرواية الأولى في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
فائدة: وجوب الإنفاق على الأقارب غير عمودي النسب مقيد بالإرث لا بالرحم نص عليه.
وجزم به ناظم المفردات وهو منها.
تنبيه: شمل قوله وعتيقه لو كان العتيق فقيرا وله معتق أو من يرثه بالولاء وهو صحيح.
وهو من مفردات المذهب.
وممن صرح بعتيقه مع عمته صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف والشارح والرعايتين وغيرهم.
قوله: "فأما ذووا الأرحام فلا نفقة له عليهم رواية واحدة ذكره القاضي".
وهو المذهب نقله جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هو المنصوص والمجزوم به عند الأكثرين.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
ونقل جماعة تجب لكل وارث.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام بل أولى.
وقال أبو الخطاب وابن أبي موسى يخرج في وجوبها عليهم روايتان.
قال في المحرر وخرج أبو الخطاب وجوبها على توريثهم.
قال الزركشي وهو قوي.
وقال في البلغة وأما ذوو الأرحام فهل يلزم بعضهم نفقة بعض عند عدم ذوي الفروض والعصبات على روايتين.
وقيل تلزم رواية واحدة انتهى.
ولعله وقيل لا تلزم بزيادة لا.
تنبيه: قد يقال عموم كلام المصنف هنا أن أولاد البنات ونحوهم لا نفقة عليهم لأنهم من ذوي الأرحام.

(9/291)


وعموم كلامه في أول الباب أن عليهم النفقة وهو قوله وكذلك تلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا أو العمل على هذا الثاني وأن النفقة واجبة عليهم.
وهو ظاهر ما جزم به في المحرر والنظم والوجيز والزركشي والحاوي وغيرهم فإنهم قالوا ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب نص عليه.
فعموم كلام المصنف هنا مخصوص بغير من هو من عمودي النسب من ذوي الأرحام وأدخلهم في الفروع في الخلاف.
ثم قال بعد ذلك وأوجبها جماعة لعمودي نسبه فقط يعني من ذوي الأرحام.
فظاهر ما قدمه أنه لا نفقة لهم وقدمه في الرعايتين.
قوله: "وإن كان للفقير وارث فنفقته عليهم على قدر إرثهم منه فإذا كان أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد".
وكذا ابن وبنت.
فإن كانت أم وبنت فالصحيح من المذهب أنها عليهم أرباعا وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتخرج وجوب ثلثي النفقة عليهم بإرثهما فرضا.
قوله: "وعلى هذا حساب النفقات إلا أن يكون له أب فتكون النفقة عليه وحده".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب.
وقال في الواضح هذا ما دامت أمه أحق به.
وقال القاضي وأبو الخطاب القياس في أب وابن يلزم الأب السدس فقط لكن تركه أصحابنا لظاهر الآية.
وقال ابن عقيل في التذكرة الولد مثل الأب في ذلك.
وعنه الجد والجدة كالأب في ذلك ذكرهما ابن الزاغوني في الإقناع.
فائدة: لو كان أحد الورثة موسرا لزمه بقدر إرثه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقال هذا المذهب.
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قال في القواعد الفقهية أصح الروايتين أنه لا يلزمه أكثر من مقدار إرثه منه وصححه في النظم.
وقدمه في الرعايتين وهو ظاهر كلام الخرقي.

(9/292)


وهو من مفردات المذهب.
وعنه يلزمه كل النفقة.
وأطلقهما في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والزركشي.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع محل الخلاف في الجد والجدة خاصة وأما سائر الأقارب فلا تلزم الغني منهم النفقة إلا بالحصة بغير خلاف.
وقال ابن الزاغوني في الإقناع في الجد والجدة روايتان هل يكونان كالأب في وجوب النفقة كاملة على كل واحد منهما لو انفرد أو كسائر الأقارب.
قوله: "ومن له بن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما".
هذا المذهب جزم به القاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع كما تقدم في التفريع على الرواية الثانية.
قال الشارح هذا الظاهر.
وعنه تجب النفقة على الأخ وهو تخريج وجه للمصنف.
واختاره في المستوعب وتقدم ذلك.
قوله: "ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها".
يعني على الجدة وهذا إحدى الروايتين وذكره القاضي.
وذكره أيضا في أب معسر وجد موسر.
وجزم به في الوجيز والمنور.
قال في الشرح: هذا الظاهر.
وصرح به ابن عقيل في كفاية المفتي.
واختاره في المستوعب وقدمه في المحرر.
وعنه لا نفقة عليهما وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وعلى رواية اشتراط الإرث في عمودي النسب: يلزم النفقة الجد دون الأخ.
وتقدم بناء هذه المسائل على روايات تقدمت فليعاود.

(9/293)


قوله: "ومن كان صحيحا مكلفا لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته على روايتين".
قال القاضي كلام الإمام أحمد رحمه الله يحتمل روايتين.
وهما وجهان في المذهب.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والبلغة والشرح والقواعد الفقهية.
إحداهما: تجب له لعجزه عن الكسب وهو المذهب.
قال الناظم: وهو أولى.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
وجزم به ناظم المفردات في الأولاد وهو منها كما تقدم.
والرواية الثانية: لا تجب.
تنبيهان
أحدهما: ظاهر قوله سوى الوالدين أنهما إذا كانا صحيحين مكلفين لا حرفة لهما تجب نفقتهما من غير خلاف فيه وهو أحد الطرق.
وقطع به جماعة من الأصحاب منهم ابن منجا في شرحه والقاضي نقله عنه في القواعد.
قال الزركشي لا خلاف فيهما فيما علمت وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وفرق القاضي في زكاة الفطر من المجرد بين الأب وغيره وأوجب النفقة للأب بكل حال وشرط في الابن وغيره الزمانة انتهى.
وهي الطريقة الثانية.
والطريقة الثالثة: فيهما روايتان كغيرهما وتقدم المذهب منهما.
الثاني: مفهوم كلامه أن غير المكلف كالصغير والمجنون وغير الصحيح يلزمه نفقتهما من غير خلاف وهو صحيح.
فائدتان
إحداهما: هل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه على الروايتين في المسألة الأولى قاله في الترغيب.

(9/294)


وقال في الفروع وجزم جماعة يلزمه ذكروه في إجارة المفلس واستطاعة الحج.
قال في القواعد: وأما وجوب النفقة على أقاربه من الكسب فصرح القاضي في خلافه والمجرد وابن عقيل في مفرداته وابن الزاغوني والأكثرون بالوجوب.
قال القاضي في خلافه وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله لا فرق في ذلك بين الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب.
وخرج صاحب الترغيب المسألة على روايتين انتهى.
الثانية: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه.
صرح به القاضي في خلافه.
ذكره صاحب الكافي وغيره واقتصر عليه في القواعد.
قوله: "فإن لم يفضل عنده إلا نفقة واحد بدأ بالأقرب فالأقرب".
الصحيح من المذهب أنه يقدم الأقرب فالأقرب ثم العصبة ثم التساوي.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وقيل يقدم وارث مع التساوي.
قال في المحرر وغيره: وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإن تعارضت المرتبتان أو فقدتا فهما سواء.
فائدة: لو فضل عنده نفقة لا تكفي واحدا لزمه دفعها.
قوله: "فإن كان له أبوان جعله بينهما".
هذا أحد الوجوه اختاره الشارح.
وقدمه في الهداية والخلاصة ومال إليه الناظم.
وقيل تقدم الأم وهو احتمال في الهداية.
وقيل يقدم الأب وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع.
وأطلقهن في المذهب والمستوعب.
قوله: "فإن كان معهما بن ففيه ثلاثة أوجه.
أحدها يقسمه بينهم.
والوجه الثاني يقدمه عليهما".
نقل أبو طالب الابن أحق بالنفقة وهي أحق بالبر.

(9/295)


قال في الوجيز فإن استوى اثنان بالقرب قدم العصبة.
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل يقدم الأبوان على الابن.
وأطلقهن في المغني والشرح والفروع.
وأطلق الخلاف بين الأب والابن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة وكذا الحكم والخلاف فيما إذا اجتمع جد وابن ابن.
وقدم الشارح أنهما سواء.
قوله: "فإن كان أب وجد أو ابن وابن ابن فالأب والابن أحق".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل الأب والجد سواء وكذا الابن وابن الابن وهو احتمال للقاضي وهو قول أصحاب الشافعي لتساويهم في الولاية والتعصيب.
قال أبو الخطاب هذا سهو من القاضي لأن أحدهما غير وارث.
فوائد
الأولى: يقدم أبو الأب على أبي الأم.
ولو اجتمع أبو أبي الأب مع أبي الأم فالصحيح من المذهب أنهما يستويان.
قال القاضي القياس تساويهما لتعارض قرب الدرجة وميزة العصوبة وقدمه في الفروع.
وقيل يقدم أبو الأم لقربه واختاره في المحرر.
وفي الفصول احتمال تقديم أبي أبي الأب وجزم به المصنف.
الثانية: لو اجتمع ابن وجد أو أب وابن ابن قدم الابن على الجد وقدم الأب على ابن الابن على الصحيح من المذهب اختاره الشارح وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل التساوي.
الثالثة: لو اجتمع جد وأخ قدم الجد على الصحيح من المذهب.
اختاره المصنف والشارح وصححاه ويحتمل التسوية.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
الرابعة: قال في المستوعب يقدم الأحوج ممن تقدم في هذه المسائل على غيره.

(9/296)


واعتبر في الترغيب بإرث وأن مع الاجتماع يوزع لهم بقدر إرثهم.
ونقل المصنف ومن تابعه عن القاضي فيما إذا اجتمع الأبوان والابن إن كان الابن صغيرا أو مجنونا قدم وإن كان الابن كبيرا والأب زمنا فهو أحق ويحتمل تقديم الابن.
قوله: "ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وهذا تخصيص كلام المصنف أول الباب.
وقيل في عمودي النسب روايتان.
قال في المحرر وغيره وعنه تجب في عمودي النسب خاصة.
قال القاضي في عمودي النسب روايتان.
وقيل تجب لهم مع اختلاف الدين ذكره الآمدي رواية.
وفي الموجز رواية تجب للوالد دون غيره.
وقال في الوجيز ولا تجب نفقة مع اختلاف الدين إلا أن يلحقه به قافة. وكذا قال في الرعاية وزاد ويرثه بالولاء.
قوله: "وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه".
هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقدمه في الفروع وقال أطلقه الأكثر وجزم به في الفصول.
وقال المصنف والشارح فإن كان الحاكم قد فرضها فينبغي أن تلزمه لأنها تأكدت بفرض الحاكم فلزمته كنفقة الزوجة.
قال في الرعايتين ومن ترك النفقة على قريبه مدة سقطت إلا إذا كان فرضها حاكم.
وقيل ومع فرضها إلا أن يأذن الحاكم في الاستدانة عليه أو القرض.
زاد في الكبرى أو الإنفاق من مالها لترجع به عليه لغيبته أو امتناعه.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: من أنفق عليه بإذن حاكم رجع عليه وبلا إذن فيه خلاف.
وقال في المحرر: وأما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فرضت إلا أن تستدين عليه بإذن الحاكم.
قال في الفروع: وظاهر ما اختاره شيخنا وتستدين عليه فلا يرجع إن استغنى بكسب أو نفقة متبرع.

(9/297)


فائدة: قال في الفروع وظاهر كلام أصحابنا تأخذ بلا إذنه إذا امتنع كالزوجة إذا امتنع الزوج من النفقة عليها.
نقل صالح وعبد الله والجماعة يأخذ من مال والده بلا إذنه بالمعروف إذا احتاج ولا يتصدق.
قوله: "ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
إحداهما تلزمه وهو المذهب جزم به في المنور.
وقدمه في المغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: لا تلزمه وتأولها المصنف والشارح.
وعنه تلزمه في عمودي النسب لا غير.
وعنه تلزمه لامرأة أبيه لا غير وهذه مسألة الإعفاف.
فائدة: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وابنائهم وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم وهذا الصحيح من المذهب.
وهو من مفردات المذهب وما يتفرع عليها.
وعنه لا يجب عليه ذلك مطلقا.
وقيل لا يلزمه إعفاف غير عمودي النسب.
فحيث قلنا يجب عليه ذلك لزمه أن يزوجه بحرة تعفه أو بسرية.
وتقدم تعيين قريب إذا اتفقا على مقدار المهر هذا هو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وجزم في البلغة والترغيب أن التعيين للزوج لكن ليس له تعيين رقيقه ولا للابن تعيين عجوز قبيحة المنظر أو معيبة.
والصحيح من المذهب أنه لا يملك استرجاع أمة أعفه بها مع غناه.
جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل له ذلك.
قلت يحتمل أن يعايى بها.
ويصدق بأنه تأثق بلا يمين على الصحيح من المذهب.
ووجه أنه لا يصدق إلا بيمينه.

(9/298)


ويشترط أن يكون عاجزا عن مهر زوجة أو ثمن أمة.
ويكفي إعفافه بواحدة.
ويعف ثانيا إن ماتت على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع.
وقيل لا كمطلق لعذر في أصح الوجهين قاله في الفروع.
وجزم به في المغني والشرح.
ويلزمه إعفاف أمه كأبيه.
قال القاضي ولو سلم فالأب آكد ولأنه لا يتصور لأن الإعفاف لها بالتزويج ونفقتها على الزوج.
قال في الفروع: ويتوجه تلزمه نفقة إن تعذر تزويج بدونها وهو ظاهر القول الأول.
وهو ظاهر الوجيز فإنه قال ويلزمه إعفاف كل إنسان تلزمه نفقته.
قوله: "وليس للأب منع المرأة من رضاع ولدها إذا طلبت ذلك".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي في الخلاف الكبير وأصحابه قاله ابن رجب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل له ذلك إذا كانت في حباله بأجرة وبغيرها.
اختاره القاضي في المجرد نقله ابن رجب في مسألة مؤنة الرضاع له كخدمته نص عليه.
وتقدم ذلك أيضا في عشرة النساء عند قوله وله أن يمنعها من إرضاع ولدها وتقدم هناك ما يتعلق بهذا.
قوله: "وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فهي أحق".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وصحة عقد الإجارة على رضاع ولدها من أبيه من مفردات المذهب.
وتقدم صحة ذلك صريحا في كلام المصنف في باب الإجارة حيث قال ويجوز استئجار ولده لخدمته وامرأته لرضاع ولده وحضانته.

(9/299)


وقال في المنتخب للشيرازي إن استأجر من هي تحته لرضاع ولده لم يجز لأنه استحق نفعها كاستئجارها للخدمة شهرا ثم استأجرها في ذلك الشهر للبناء.
وقال القاضي لا يصح استئجارها كما تقدم.
وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله لا أجرة لها مطلقا فيحلفها أنها أنفقت عليه ما أخذت منه.
وقال في الاختيارات وإرضاع الطفل واجب على الأم بشرط أن تكون مع الزوج ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها وهو اختيار القاضي في المجرد وتكون النفقة عليها واجبة بشيئين حتى لو سقط الوجوب بأحدهما ثبت بالآخر كما لو نشزت وأرضعت ولدها فلها النفقة للإرضاع لا للزوجية.
فوائد
الأولى: لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولو بيسير لم تكن أحق به على الصحيح من المذهب.
وقال في الواضح لها أخذ فوق أجرة المثل مما يتسامح به.
الثانية: لو طلبت أكثر من أجرة مثلها ولم يوجد من يرضعه إلا بمثل تلك الأجرة فقال المصنف وغيره الأم أحق لتساويهما في الأجرة وميزت الأم.
الثالثة: لو كانت مع زوج آخر وطلبت رضاعه بأجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه كانت أحق برضاعه إذا رضي الزوج الثاني بذلك.
الرابعة: للسيد إجبار أم ولده على رضاعه مجانا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال ابن رجب وعلى قول القاضي له منع زوجته من إرضاع ولدها فأمته أولى وصرح بذلك في المجرد أيضا.
الخامسة: لو عتقت أم الولد على السيد فحكم رضاع ولدها منه حكم المطلقة البائن ذكره ابن الزاغوني في الإقناع.
واقتصر عليه ابن رجب.
ولو باعها أو وهبها أو زوجها سقطت حضانتها على ظاهر ما ذكره ابن عقيل في فنونه.
وعلى هذا يسقط حقها من الرضاع أيضا قاله ابن رجب.

(9/300)


قوله: "وإذا تزوجت المرأة فلزوجها منعها من رضاع ولدها إلا أن يضطر إليها".
هذا المذهب مطلقا نص عليه.
وجزم به في المستوعب والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظم والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ونقل مهنا له منعها إلا أن يضطر إليها أو تكون قد شرطته عليه.
وتقدم هذا أيضا في كلام المصنف في باب عشرة النساء.
فوائد
إحداها: لا يفطم قبل الحولين إلا برضى أبويه ما لم ينضر.
وقال في الرعاية هنا يحرم رضاعه بعدهما ولو رضيا به.
وقال في الترغيب له فطام رقيقه قبلهما ما لم ينضر.
قال في الرعاية وبعدهما ما لم تنضر الأم.
الثانية: قال في الرعاية الكبرى في باب النجاسة اللبن طاهر مباح من رجل وامرأة.
وقال في الفروع وظاهر كلام بعضهم يباح من امرأة.
وقال في الانتصار وغيره القياس تحريمه ترك للضرورة ثم أبيح بعد زوالها وله نظائر.
وظاهر كلامه في عيون المسائل إباحته مطلقا.
الثالثة: تلزمه خدمة قريبة عند الحاجة كزوجة.
قوله: "وعلى السيد الإنفاق على رقيقه قدر كفايتهم وكسوتهم" بلا نزاع.
ولو كان آبقا أو كانت ناشزا ذكره جماعة من الأصحاب واقتصر عليه في الفروع.
واختلف كلام أبي يعلى في المكاتب.
فائدة: يلزمه نفقة ولد أمته دون زوجها.
ويلزم الحرة نفقة ولدها من عبد نص على ذلك.
ويلزم المكاتبة نفقة ولدها وكسبه لها.
وينفق على من بعضه حر بقدر رقه وبقيته على نفسه.
قوله: "وتزويجهم إذا طلبوا ذلك إلا الأمة إذا كان يستمتع بها". بلا نزاع فيهما.
لكن لو قالت "إنه ما يطأ" صدقت للأصل قاله في الفروع.

(9/301)


قال في الترغيب صدقت على الأصح.
ووجوب تزويج العبد إذا طلبه لأجل الإعفاف من مفردات المذهب.
وكذا وجوب بيعه إذا لم يعفه من المفردات.
فائدة: قال القاضي لو كان السيد غائبا غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج أو كان سيدها صبيا أو مجنونا احتمل أن يزوجها الحاكم.
قال ابن رجب وهذا المعنى لا فرق فيه بين أمهات الأولاد وغيرهن للاشتراك في وجوب الإعفاف.
وكذا ذكر القاضي في خلافه أن سيد الأمة إذا غاب غيبة منقطعة وطلبت أمته التزويج زوجها الحاكم.
وقال هذا قياس المذهب ولم يذكر فيه خلافا.
ونقله عنه المجد في شرحه ولم يعترض عليه بشيء.
وكذا ذكر أبو الخطاب في الانتصار أن السيد إذا غاب زوج أمته من يلي ماله.
وقال أومأ إليه في رواية بكر بن محمد انتهى ذكره ابن رجب.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لو شرط وطء المكاتبة وطلبت التزويج لا يلزم السيد إذا كان يطأ وهو صحيح وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قال في الفروع وهو أظهر لما فيه من إسقاط حق السيد وإلغاء الشرط.
وقال ابن البنا يلزمه تزويجها بطلبها ولو كان يطؤها وأبيح بالشرط ذكره في المستوعب واقتصر عليه.
قال في الفروع وكأن وجهه لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع التكسب.
قلت الذي يظهر أن وجهه أعم من ذلك فإن المترتب لها على الزوج أكثر من ذلك.
فعلى هذا الوجه يعايى بها.
فائدة: لو غاب عن أم ولده واحتاجت إلى النفقة زوجت على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع زوجت في الأصح.
وقيل لا تزوج.
ولو احتاجت إلى الوطء لم تزوج قدمه في الفروع.
وقال ويتوجه الجواز عند من جعله كنفقة.

(9/302)


قلت وهذا عين الصواب والضرر اللاحق بذلك أعظم من الضرر اللاحق بسبب النفقة.
واختاره ابن رجب في كتاب له سماه القول الصواب في تزويج أمهات أولاد الغياب ذكر فيه أحكام زواجها وزواج الإماء وامرأة المفقود وأطال في ذلك وأجاد واستدل لصحة نكاحها بكلام الأصحاب ونصوص الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الانتصار: إذا عجز السيد عن النفقة على أم الولد وعجزت هي أيضا لزمه عتقها لينفق عليها من بيت المال والله أعلم.
قوله: "ويداويهم إذا مرضوا".
يحتمل أن يكون مراده الوجوب وهو المذهب.
قال في الفروع ويداويه وجوبا قاله جماعة.
قال ابن شهاب في كفن زوجة العبد لا مال له فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ولهذا النفقة المختصة بالمرض من الدواء وأجرة الطبيب تلزمه بخلاف الزوجة انتهى.
ويحتمل أن يكون مراده بذلك الاستحباب.
قال في الفروع وظاهر كلام جماعة يستحب وهو أظهر انتهى.
قلت المذهب أن ترك الدواء أفضل على ما تقدم في أول كتاب الجنائز.
ووجوب المداواة قول ضعيف.
قوله: "ولا يجبر العبد على المخارجة" بلا نزاع.
وإن اتفقا عليها جاز بلا خلاف لكن يشترط أن يكون بقدر كسبه فأقل بعد نفقته وإلا لم يجز.
وقال في الترغيب: إن قدر خراجا بقدر كسبه لم يعارض.
قلت ولعله أراد ما قاله الأولون.
فائدة: قال في الترغيب وغيره يؤخذ من المغني أنه يجوز للعبد المخارج هدية طعام وإعارة متاع وعمل دعوة.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه كعبد مأذون له في التصرف.
قال وظاهر كلام جماعة لا يملك ذلك.
وإنما فائدة المخارجة ترك العمل بعد الضريبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى له التصرف فيما زاد على خراجه ولو منع منه كان كسبه كله خراجا ولم يكن لتقديره فائدة بل ما زاد تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد.
قال في الفروع: كذا قال.

(9/303)


قوله: "ومتى امتنع السيد من الواجب عليه وطلب العبد البيع لزمه بيعه". نص عليه كفرقة الزوجة.
وقاله في عيون المسائل وغيره في أم الولد.
قال في الفروع هو ظاهر كلامهم يعني في أم الولد.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ولو لم تلائم أخلاق العبد أخلاق سيده لزمه إخراجه عن ملكه.
وكذا أطلق في الروضة يلزمه بيعه بطلبه.
قوله: "وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع كذا قالوا.
قال والأولى ما رواه الإمام أحمد وأبو داود رحمهما الله وذكر أحاديث تدل على أن ضرب الرقيق أشد من ضرب المرأة.
ونقل حرب لا يضربه إلا في ذنب بعد عفوه مرة أو مرتين ولا يضربه ضربا شديدا.
ونقل حنبل لا يضربه إلا في ذنب عظيم ويقيده بقيد إذا خاف عليه ويضربه ضربا غير مبرح.
ونقل غيره لا يقيده ويباع أحب إلي.
ونقل أبو داود رحمه الله يؤدب على فرائضه.
فائدة: لا يشتم أبويه الكافرين لا يعود لسانه الخنا والردى.
وإن بعثه لحاجة فوجد مسجدا يصلي فيه قضى حاجته ثم صلى وإن صلى فلا بأس نقله صالح.
ونقل ابن هانئ إن علم أنه لا يجد مسجدا يصلي فيه صلى وإلا قضاها.
تنبيه: أفادنا المصنف جواز تأديب الولد والزوجة وهو صحيح وقاله الأصحاب.
قال في الفروع وظاهر كلامهم يؤدب الولد ولو كان كبيرا مزوجا منفردا في بيت كفعل أبي بكر الصديق بعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما.
قال ابن عقيل في الفنون الولد يضربه الوالد ويعزره وإن مثله عبد وزوجة.
قوله: "وللعبد أن يتسرى بإذن سيده".
هذا إحدى الطريقتين وهي الصحيحة من المذهب نص عليها في رواية الجماعة وهي طريقة الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى وأبي إسحاق بن شاقلا ذكره عنه في الواضح.

(9/304)


ورجحها المصنف في المغني والشارح.
قال في القواعد الفقهية وهي أصح فإن نصوص الإمام أحمد رحمه الله لا تختلف في إباحة التسري له وصححه الناظم.
وقدمه الزركشي ونصره.
وقيل ينبني على الروايتين في ملك العبد بالتمليك وهي طريقة القاضي والأصحاب بعده قاله في القواعد.
قال القاضي يجب أن يكون في مذهب الإمام أحمد رحمه الله في تسري العبد وجهان مبنيان على الروايتين في ثبوت الملك بتمليك سيده.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
وهي المذهب على ما أسلفناه في الخطبة.
وتقدم ذلك في أوائل كتاب الزكاة.
فعلى الأولى لا يجوز تسريه بدون إذن سيده كما قاله المصنف.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية جماعة كنكاحه وقدمه في القواعد.
ونقل أبو طالب وابن هانئ يتسرى العبد في ماله كان بن عمر رضي الله عنهما يتسرى عبيده في ماله فلا يعيب عليهم.
قال القاضي ظاهر هذا أنه يجوز تسريه من غير إذن سيده لأنه مالك له.
قال في القواعد ويمكن أن يحمل نص اشتراطه على التسري من مال سيده إذا كان مأذونا له.
ونصه تقدم على اشتراط تسريه في مال نفسه الذي يملكه.
وقد أومأ إلى هذا في رواية جماعة قال وهو الأظهر.
وأطال الكلام في ذلك في فوائد القواعد فليعاود.
وتقدم في المحرمات في النكاح بعد قوله ولا يحل للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين هل يجوز له التسري بأكثر من اثنتين أم لا.
فوائد
إحداها: لو أذن له سيده في التسري مرة فتسرى لم يملك سيده الرجوع نص عليه في رواية الجماعة وهو المذهب.
وقاله المصنف والشارح والناظم والزركشي وغيرهم.

(9/305)


وقال القاضي يحتمل أنه أراد بالتسري هنا التزويج وسماه تسريا مجازا ويكون للسيد الرجوع فيما ملك عبده ورده المصنف وغيره.
الثانية: لو تزوج بإذن سيده وجبت نفقته ونفقة الزوجة على السيد.
وهو من مفردات المذهب.
وقد تقدم ذلك في كتاب الصداق.
الثالثة قوله: "وعليه إطعام بهائمه وسقيها" بلا نزاع.
لكن قال الشيخ عبد القادر في الغنية يكره إطعام الحيوان فوق طاقته وإكراهه على الأكل على ما اتخذه الناس عادة لأجل التسمين.
الرابعة قوله: "ولا يحملها ما لا تطيق".
قال أبو المعالي في سفر النزهة قال أهل العلم لا يحل أن يتعب دابة ولا أن يتعب نفسه بلا غرض صحيح.
الخامسة: يجوز الانتفاع بالبهائم في غير ما خلقت له كالبقر للحمل أو الركوب والإبل والحمير للحرث.
ذكره المصنف وغيره في الإجارة لأن مقتضى الملك جواز الانتفاع به فيما يمكن وهذا ممكن كالذي خلق له وجرت به عادة بعض الناس ولهذا يجوز أكل الخيل واستعمال اللؤلؤ وغيره في الأدوية وإن لم يكن المقصود منها ذلك.
واقتصر عليه في الفروع وغيره.
وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام عن البقرة لما ركبت إنها قالت لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث أي معظم النفع ولا يلزم منه نفي غيره.
قوله: "فإن عجز عن الإنفاق عليها أجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبحها إن كان مما يباح أكله".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي عدم الإجبار احتمالان لابن عقيل.
فائدة: لو أبى ربها الواجب عليه فعلى الحاكم الأصلح أو اقترض عليه.
قال في القاعدة الثالثة والعشرين لو امتنع من الإنفاق على بهائمه أجبر على الإنفاق أو البيع أطلقه كثير من الأصحاب.
وقال ابن الزاغوني إن أبى باع الحاكم عليه.

(9/306)


باب الحضانة
فائدتان
إحداهما: حضانة الطفل حفظه عما يضره وتربيته بغسل رأسه وبدنه وثيابه ودهنه وتكحيله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحو ذلك.
وقيل هي حفظ من لا يستقل بنفسه وتربيته حتى يستقل بنفسه.
الثانية: اعلم أن عقد الباب في الحضانة أنه لا حضانة إلا لرجل عصبة أو امرأة وارثة أو مدلية بوارث كالخالة وبنات الأخوات أو مدلية بعصبة كبنات الإخوة والأعمام والعمة وهذا الصحيح من المذهب.
فأما ذوو الأرحام غير من تقدم ذكره والحاكم فيأتي حكمهم والخلاف فيهم.
وقولنا إلا لرجل عصبة قاله الأصحاب.
لكن هل يدخل في ذلك المولى المعتق لأنه عصبة في الميراث أو لا يدخل لأنه غير نسيب.
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم أجد من تعرض لذلك وقوة كلامهم تقتضي عدم دخوله.
وظاهر عبارتهم دخوله لأنه عصبة وارث ولو كان امرأة لأنها وارثة انتهى.
قوله: "وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه" بلا نزاع.
ولو كان بأجرة المثل كالرضاع قاله في الواضح.
واقتصر عليه في الفروع وهو واضح.
قوله: "ثم أمهاتها".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه تقدم أم الأب على أم الأم وهو ظاهر كلام الخرقي.
قاله الزركشي وغيره.
قال في المغني هو قياس قول الخرقي.
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاوي.
وعنه يقدم الأب والجد على غير الأم.
قال المصنف والشارح بعد ذكر رواية تقديم أم الأب على أم الأم فعلى هذه يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به.

(9/307)


فعلى المذهب لو امتنعت الأم لم تجبر وأمها أحق على الصحيح من المذهب.
وقيل الأب أحق.
ويأتي ذلك في كلام المصنف.
قوله: "ثم الأب ثم أمهاته" وكذا "ثم الجد ثم أمهاته" وهلم جرا.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الزركشي المشهور من الروايتين والمختار لعامة الأصحاب تقديم أم الأب على الخالة انتهى.
وعنه الأخت من الأم والخالة أحق من الأب.
فعليها تكون الأخت من الأبوين أحق ويكون هؤلاء أحق من الأخت للأب ومن جميع العصبات.
وقيل هؤلاء أحق من جميع العصبات إن لم يدلين به فإن أدلين به كان أحق منهن.
قال في المحرر وتبعه في الرعاية والفروع ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وأمهاته وجهته.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منها فإن تساويا فوجهان.
ويأتي ذلك عند ذكر العصبات.
قوله: "ثم الأخت للأبوين ثم للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة في الصحيح عنه".
الصحيح من المذهب أن الأخوات والخالات والعمات بعد الأب والجد وأمهاتهما كما تقدم.
وتقدم رواية بتقديم الأخت من الأم والخالة على الأب وما يتفرع على ذلك.
إذا علمت ذلك فعلى المذهب تقدم الأخت من الأبوين على غيرها ممن ذكر بلا نزاع.
ثم إن المصنف هنا قدم الأخت للأب على الأخت للأم وقدم الخالة على العمة وقال إنه الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله.
وهذا إحدى الروايات.
قال الشارح هذه المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره القاضي وأصحابه.

(9/308)


وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والنظم والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم.
قال بعض الأصحاب فتناقضوا حيث قدموا الأخت للأب على الأخت للأم ثم قدموا الخالة على العمة.
وعنه: تقدم الأخت من الأم على الأخت من الأب والخالة على العمة وخالة الأم على خالة الأب وخالات الأب على عماته ومن يدلي من العمات والخالات بأب على من يدلي بأم وهو المذهب.
واختاره القاضي في كتاب الروايتين وابن عقيل في التذكرة فقال قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب وقدمه في الفروع.
وعنه: تقدم الأخت من الأب على الأخت من الأم والعمة على الخالة وخالة الأب على خالة الأم وعمة الأب على خالاته ومن يدلي من العمات والخالات بأم على من يدلي بأب منهما.
عكس الرواية التي قبلها واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وغيره.
قال الزركشي: وهو مقتضى قول القاضي في تعليقه وجامعه الصغير والشيرازي وابن البنا لتقديمهم الأخت للأب على الأخت للأم وهو مذهب الخرقي لأن الولاية للأب فكذا قرابته لقوته بها.
وإنما قدمت الأم لأنه لا يقوم مقامها هنا أحد في مصلحة الطفل.
وإنما قدم الشارع خالة ابنة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه على عمتها صفية رضي الله عنها لأن صفية لم تطلب وجعفر رضي الله عنه طلب نائبا عن خالتها فقضى الشارع بها لها في غيبتها انتهى.
وجزم في العمدة والمنور بتقديم الأخت للأب على الأخت من الأم وبتقديم العمة على الخالة.
"قال الخرقي وخالة الأب أحق من خالة الأم".
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير ولم يذكروا القول الأول.
فائدة: تستحق الحضانة بعد الأخوات والعمات والخالات عمات أبيه وخالات أبويه على التفصيل ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه على التفصيل المتقدم وهذا المذهب.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقيل تقدم بنات إخوته وأخواته على العمات والخالات ومن بعدهن.
تنبيه: تحرير الصحيح من المذهب في ترتيب من يستحق الحضانة فيمن تقدم أن أحقهم بالحضانة الأم ثم أمهاتها الأقرب فالأقرب منهن ثم الجد وإن علا ثم أمهاته الأقرب.

(9/309)


فالأقرب ثم الأخت للأبوين ثم للأم ثم للأب ثم خالاته ثم عماته ثم خالات أبويه ثم عمات أبيه ثم بنات إخوته وأخواته ثم بنات أعمامه وعماته على ما تقدم من التفصيل ثم بنات أعمام أبيه وبنات عمات أبيه وهلم جرا.
قوله: "ثم تكون للعصبة".
يعني الأقرب فالأقرب غير الأب والجد وإن علا على ما تقدم.
إذا علمت ذلك فلا يستحق العصبة الحضانة إلا بعد من تقدم ذكره وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل من تقدم ذكره أحق بالحضانة بشرط أن لا يدلين به فإن أدلين بالعصبة كان أحق منهن وهو احتمال في المحرر وغيره.
وقيل تقدم العصبة على الأنثى إن كان أقرب منهما فإن تساويا فوجهان.
وتقدم ذكر الخلاف وبناؤه.
فائدة: متى استحقت العصبة الحضانة فهي للأقرب فالأقرب من محارمها فإن كانت أنثى وكانت من غير محارمها كما مثل المصنف بقوله إلا أن الجارية ليس لابن عمها حضانتها لأنه ليس من محارمها فالصحيح من المذهب أنه ليس له حضانتها مطلقا.
جزم به في المحرر والمنور.
وقدمه في الرعايتين والفروع.
وجزم في المغني والشرح والنظم وغيرهم أنه لا حضانة لها إذا بلغت سبعا وقدمه في تجريد العناية.
وجزم في البلغة والترغيب أنه لا حضانة له إذا كانت تشتهى فإن لم تكن تشتهى فله الحضانة.
واختاره في الرعاية وجزم به في الوجيز.
قلت فلعله مراد المصنف ومن تابعه إلا أن صاحب الفروع وغيره حكاهما قولين.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة مطلقا ويسلمها إلى ثقة يختارها هو أو إلى محرمه لأنه أولى من أجنبي وحاكم.
وكذا قال فيمن تزوجت وليس للولد غيرها.
قال في الفروع وهذا متوجه وليس بمخالف للخبر لعدم عمومه.
قوله: "وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها".
وكذلك إن لم تكن أهلا للحضانة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

(9/310)


صححه المصنف والشارح والناظم وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والبلغة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن تنتقل إلى الأب وهو لأبي الخطاب في الهداية ووجه في المغني والشرح.
فائدة: مثل ذلك خلافا ومذهبا كل ذي حضانة إذا امتنع من الحضانة أو كان غير أهل لها قاله في الرعاية وغيره.
تنبيه: قال ابن نصر الله في حواشي الفروع كلامهم يدل على سقوط حق الأم من الحضانة بإسقاطها وأن ذلك ليس محل خلاف.
وإنما محل النظر لو أرادت العود فيها هل لها ذلك يحتمل قولين.
أظهرهما لها ذلك لأن الحق لها ولم يتصل تبرعها به بالقبض فلها العود كما لو أسقطت حقها من القسم انتهى.
قوله: "فإن عدم هؤلاء فهل للرجال من ذوي الأرحام".
وكذا للنساء منهم غير من تقدم حضانة على وجهين.
وهما احتمالان للقاضي وبعده لأبي الخطاب في الهداية والمصنف في الكافي والهادي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والبلغة والشرح والفروع وغيرهم.
أحدهما: لهم الحضانة بعد عدم من تقدم وهو الصحيح.
قال في المغني وهو أولى.
وجزم به ابن رزين في نهايته وصاحب تجريد العناية.
وقدمه ابن رزين في شرحه وقال هو أقيس.
وقدمه في النظم في موضع وصححه في آخر.
وقدمه في الرعايتين في أثناء الباب.
والوجه الثاني: لا حق لهم في الحضانة وينتقل إلى الحاكم.
جزم به في الوجيز وهو ظاهر ما جزم به في العمدة والمنور ومنتخب الآدمي فإنهم ذكروا مستحقي الحضانة ولم يذكروهم.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
وصححه في التصحيح.

(9/311)


وقدمه في الرعايتين والنظم في أول الباب ولعله تناقض منهم.
فعلى الأول يكون أبو الأم وأمهاته أحق من الخال بلا نزاع وفي تقديمهم على الأخ من الأم وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والهادي والمغني والشرح والنظم والفروع.
أحدهما: يقدمون عليه قدمه في الرعايتين.
والوجه الثاني: يقدم عليهم صححه في التصحيح.
قوله: "ولا حضانة لرقيق".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وأكثرهم قطع به.
وقال في الفنون لم يتعرضوا لأم الولد فلها حضانة ولدها من سيدها وعليه نفقتها لعدم المانع وهو الاشتغال بزوج أو سيد.
قلت فيعايى بها.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى لا دليل على اشتراط الحرية. وقد قال مالك رحمه الله في حر له ولد من أمة هي أحق به إلا أن تباع فتنتقل فالأب أحق.
قال في الهدى وهذا هو الصحيح لأحاديث منع التفريق.
قال ويقدم لحق حضانتها وقت حاجة الولد على السيد كما في البيع سواء انتهى.
فعلى المذهب لا حضانة لمن بعضه قن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال المصنف في المغني والشارح وغيرهما قياس قول الإمام أحمد رحمه الله يدخل في المهايأة.
فائدة: حضانة الرقيق لسيده فإن كان بعض الرقيق المحضون حرا تهايأ فيه سيده وقريبه ذكره أبو بكر وتبعه من بعده.
قوله: "ولا فاسق".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن له الحضانة.
وقال: لا يعرف أن الشارع فرق لذلك وأقر الناس ولم يبينه بيانا واضحا عاما ولاحتياط الفاسق وشفقته على ولده.
قوله: "ولا لامرأة مزوجة لأجنبي من الطفل".
هذا الصحيح من المذهب مطلقا ولو رضي الزوج وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.

(9/312)


وقدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف وغيره هذا الصحيح.
وقال ابن أبي موسى وغيره العمل عليه.
وأطلقه الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه لها حضانة الجارية.
وخص الناظم وغيره هذه الرواية بابنة دون سبع وهو المروي عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقال في الرعاية الكبرى وعنه لها حضانة الجارية إلى سبع سنين.
وعنه حتى تبلغ بحيض أو غيره.
واختار ابن القيم رحمه الله في الهدى أن الحضانة لا تسقط إذا رضي الزوج بناء على أن سقوطها لمراعاة حق الزوج.
تنبيه: مفهوم قوله مزوجة لأجنبي أنها لو كانت مزوجة لغير أجنبي أن لها الحضانة وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا حضانة لها إلا إذا كانت مزوجة بجده.
وقال في الفروع ويتوجه احتمال إذا كان الزوج ذا رحم لا يسقط وما هو ببعيد.
فائدة: حيث أسقطنا حضانتها بالنكاح فالصحيح من المذهب أنه لا يعتبر الدخول بل يسقط حقها بمجرد العقد.
قال المصنف وهو ظاهر كلام الخرقي.
قال الزركشي وهو مقتضى كلام الخرقي وعامة الأصحاب وهو كما قال.
قال في الفروع ولا يعتبر الدخول في الأصح.
قال المصنف والشارح هذا أولى وقدمه في النظم.
وقيل يعتبر الدخول وهو احتمال للمصنف.
تنبيه: قوله: "فإن زالت الموانع رجعوا إلى حقوقهم" بلا نزاع.
وقد يقال: شمل كلامه ما لو طلقت من الأجنبي طلاقا رجعيا ولم تنقض العدة فيرجع إليها حقها من الحضانة بمجرد الطلاق وهو الصحيح من المذهب اختاره المصنف والشارح.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.

(9/313)


وهو ظاهر كلام الخرقي.
وهو الذي نصه القاضي في تعليقه وقطع به جمهور أصحابه كالشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن البنا وابن عقيل في التذكرة وغيرهم.
وعنه لا يرجع إليها حقها حتى تنقضي عدتها.
وهي تخريج في المغني والشرح ووجه في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقال في الرعاية الكبرى وجهان وقيل روايتان.
وصححها في الترغيب ومال إليه الناظم.
قال القاضي: هو قياس المذهب.
قلت وهو قوي.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد وتجريد العناية وغيرهم.
فائدتان
إحداهما: نظير هذه المسألة لو وقف على أولاده وشرط في وقفه أن من تزوج من البنات لا حق له فتزوجت ثم طلقت قاله القاضي واقتصر عليه في الفروع.
وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع وهل مثله إذا وقف على زوجته ما دامت عازبة فإن تزوجت فلا حق لها.
يحتمل وجهين لاحتمال أن يريد برها حيث ليس لها من تلزمه نفقتها كأولاده.
ويحتمل أن يريد صلتها ما دامت حافظة لحرمة فراشه عن غيره بخلاف الحضانة والوقف على الأولاد انتهى.
قلت يرجع في ذلك إلى حال الزوج عند الوقف فإن دلت قرينة على أحدهما عمل به وإلا فلا شيء لها.
الثانية: هل يسقط حقها بإسقاطها للحضانة فيه احتمالان ذكرهما في الانتصار في مسألة الخيار هل يورث أم لا.
قال في الفروع: ويتوجه أنه كإسقاط الأب الرجوع في الهبة.
وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى هل الحضانة حق للحاضن أو حق عليه فيه قولان في مذهب الإمامين أحمد ومالك رضي الله عنهما.
وينبني عليهما هل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها على قولين.
وأنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له وإلا وجبت عليه.

(9/314)


خدمته مجانا وللفقير الأجرة على القولين.
قال وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها وإن قلنا الحق عليها فلها العود إلى طلبها.
قال في الفروع كذا قال.
ثم قال في الهدى هذا كله كلام أصحاب الإمام مالك رحمه الله.
قال في الفروع كذا قال وتقدم كلام ابن نصر الله قريبا.
قوله: "ومتى أراد أحد الأبوين النقلة إلى بلد بعيد آمن ليسكنه فالأب أحق بالحضانة".
هذا المذهب سواء كان المسافر الأب أو الأم وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه الأم أحق.
وقيد هذه الرواية في المستوعب والترغيب بما إذا كانت هي المقيمة.
قال ابن منجا في شرحه ولا بد من هذا القيد وأكثر الأصحاب لم يقيدها.
وقيل المقيم منهما أحق.
وقال في الهدى إن أراد المنتقل مضارة الآخر وانتزاع الولد لم يجب إليه وإلا عمل ما فيه المصلحة للطفل.
قال في الفروع وهذا متوجه ولعله مراد الأصحاب فلا مخالفة لا سيما في صورة المضارة انتهى.
قلت أما صورة المضارة فلا شك فيها وأنه لا يوافق على ذلك.
تنبيه: قوله: "إلى بلد بعيد".
المراد بالبعيد هنا: مسافة القصر على الصحيح من المذهب وقاله القاضي.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم.
وقدمه في النظم والرعايتين والفروع.
والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله أنه ما لا يمكنه العود منه في يومه واختاره المصنف.
وحكاهما في المحرر والحاوي روايتين وأطلقاهما.

(9/315)


قوله: "فإن اختل شرط من ذلك فالمقيم منهما أحق".
فعلى هذا: لو أراد أحد الأبوين سفرا قريبا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى بالحضانة وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وشرح ابن منجا وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل: الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والوجيز والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الصغرى وأطلقهما في الفروع.
وإن أراد سفرا بعيدا لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى أيضا على المذهب لاختلال الشرط وهو السكن.
جزم به في المستوعب والمغني والكافي والشرح وابن منجا وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أولى.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع.
ولو أراد سفرا قريبا للسكنى فجزم المصنف هنا أن المقيم أحق وهو أحد الوجهين.
جزم به ابن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل الأم أحق وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قوله: "وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان مع من اختار منهما".
هذا المذهب بلا ريب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والقواعد الأصولية وغيرهم هذا المذهب.
قال في القواعد الفقهية هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هذا المشهور في المذهب.

(9/316)


وجزم به الخرقي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والهادي والعمدة والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم.
وعنه أبوه أحق.
قدمه في المحرر والرعايتين والحاوي لكن قالا المذهب الأول.
وعنه أمه أحق.
قال الزركشي وهي أضعفهما وأطلقهن في الفروع.
تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه لا يخير لدون سبع سنين وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل أبو داود رحمه الله يخير بن ست أو سبع.
قلت الأولى في ذلك أن وقت الخيرة إذا حصل له التمييز والظاهر أنه مرادهم ولكن ضبطوه بالسن.
وأكثر الأصحاب يقول إن حد سن التمييز سبع سنين كما تقدم ذلك في كتاب الصلاة.
قوله: "وإن عاد فاختار الآخر نقل إليه ثم إن اختار الأول رد إليه".
هذا المذهب ولو فعل ذلك أبدا وعليه الأصحاب.
وقال في الترغيب والبلغة إن أسرف تبين قلة تمييزه فيقرع أو هو للأم قاله في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل إن أسرف فيه فبان نقصه أخذته أمه.
وقيل من قرع بينهما.
قوله: "وإن لم يختر" أحدهما "أقرع بينهما".
هذا المذهب وعليه الأصحاب كما لو اختارهما معا.
قاله المصنف والشارح وصاحب الرعاية وغيرهم.
وفي الترغيب احتمال أنه لأمه كبلوغه غير رشيد.
قوله: "فإن استوى اثنان في الحضانة كالأختين والأخوين ونحوهما قدم أحدهما بالقرعة".
مراده إذا كان الطفل دون السبع.
فأما إن بلغ سبعا فإنه يخير بين الأختين والأخوين ونحوهما سواء كان غلاما أو جارية.

(9/317)


جزم به في المحرر والنظم والوجيز والفروع وغيرهم من الأصحاب.
قوله: "وإذا بلغت الجارية سبعا كانت عند أبيها".
هذا المذهب مطلقا قاله في الفروع وغيره ولو تبرعت بحضانتها.
قال الزركشي هذا المعروف في المذهب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والعمدة والمحرر والوجيز وإدراك الغاية والمنور ومنتخب الآدمي ونظم المفردات وغيرهم.
وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والنظم والرعاية والحاوي الصغير وغيرهم.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه الأم أحق حتى تحيض ذكرها ابن أبي موسى.
قال ابن القيم رحمه الله في الهدى هي أشهر عن الإمام أحمد رحمه الله وأصح دليلا.
وقيل تخير ذكره في الهدى رواية وقال نص عليها.
وعنه تكون عند أبيها بعد تسع وعند أمها قبل ذلك.
فائدتان
إحداهما: إذا بلغت الجارية عاقلة وجب عليها أن تكون عند أبيها حتى يتسلمها زوجها.
وهذا الصحيح من المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وعنه عند الأم.
وقيل عند الأم إن كانت أيما أو كان زوجها محرما للجارية وهو اختياره في الرعاية الكبرى.
وقيل تكون حيث شاءت إذا حكم برشدها كالغلام وقاله في الواضح وخرجه على عدم إجبارها.
قال في الفروع والمراد بشرط كونها مأمونة.
قال في الرعاية الكبرى قلت إن كانت ثيبا أيما مأمونة وإلا فلا.
فعلى المذهب للأب منعها من الانفراد.
فإن لم يكن أب فأولياؤها يقومون مقامه.
وأما إذا بلغ الغلام عاقلا رشيدا كان عند من شاء منهما.
الثانية: سائر العصبات الأقرب فالأقرب منهم كالأب في التخيير والأحقية والإقامة والنقلة.

(9/318)


بالطفل أو الطفلة إن كان محرما لها قاله الأصحاب.
زاد في الرعاية فقال وقيل ذوو الحضانة من عصبة وذي رحم في التخيير مع الأب كالأب وكذا سائر النساء المستحقات للحضانة كالأم فيما لها.
قوله: "ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها".
هذا صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
لكن قال في الترغيب لا تجيء بيت مطلقها إلا مع أنوثية الولد.
فوائد
الأولى: قال في الواضح تمنع الأم من الخلوة بها إذا خيف منها أن تفسد قلبها واقتصر عليه في الفروع.
وقال ويتوجه في الغلام مثلها.
قلت وهو الصواب فيهما.
وكذا تمنع ولو كانت البنت مزوجة إذا خيف من ذلك مع أن كلام صاحب الواضح يحتمل ذلك.
الثانية: الأم أحق بتمريضها في بيتها ولها زيارة أمها إذا مرضت.
الثالثة: غير أبوي المحضون كأبويهما فيما تقدم ولو مع أحد الأبوين قاله في الفروع.
الرابعة: لا يقر الطفل بيد من لا يصونه ويصلحه والله أعلم.

(9/319)