الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الجنايات
باب الجنايات
...
كتاب الجنايات
فائدة: الجنايات جمع جناية والجناية لها معنيان معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح.
فمعناها في اللغة كل فعل وقع على وجه التعدي سواء كان في النفس أو في المال.
ومعناها في عرف الفقهاء التعدي على الأبدان.
فسموا ما كان على الأبدان جناية وسموا ما كان على الأموال غصبا وإتلافا ونهبا وسرقة وخيانة.
قوله: "القتل على أربعة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطا".
اعلم أن المصنف رحمه الله قسم القتل إلى أربعة أقسام.
وكذا فعل أبو الخطاب في الهداية وصاحب المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم فزادوا ما أجري مجرى الخطأ كالنائم ينقلب على إنسان فيقتله أو يقتل بالسبب مثل أن يحفر بئرا أو ينصب سكينا أو حجرا فيؤول إلى إتلاف إنسان وعمد الصبي والمجنون وما أشبه ذلك كما مثله المصنف في آخر الفصل من هذا الكتاب.
وقال المصنف والشارح وهذه الصور عند الأكثرين من قسم الخطأ أعطوه حكمه انتهيا.
قلت: كثير من الأصحاب قسموا القتل ثلاثة أقسام منهم الخرقي وصاحب العمدة والكافي والمحرر والفروع وغيرهم.
قال الزركشي: بعض المتأخرين كأبي الخطاب ومن تبعه زادوا قسما رابعا.
قال: ولا نزاع أنه باعتبار الحكم الشرعي لا يزيد على ثلاثة أوجه عمد وهو ما فيه القصاص أو الدية وشبه العمد وهو ما فيه دية مغلظة من غير قود وخطأ وهو ما فيه دية مخففة انتهى.
ويأتي تفاصيل ذلك في أول كتاب الديات.
قلت الذي نظر إلى الأحكام المترتبة على القتل جعل الأقسام ثلاثة.

(9/320)


والذي نظر إلى الصور فهي أربعة بلا شك وأما الأحكام فمتفق عليها.
تنبيه: ظاهر قوله: "أحدها أن يجرحه بما له مور". أي دخول وتردد "في البدن من حديد أو غيره مثل أن يجرحه بسكين أو يغرزه بمسلة".
ولو لم يداو المجروح القادر على الدواء جرحه حتى مات وهو صحيح وهو المذهب.
قال في الفروع والأصح ولو لم يداو مجروح قادر جرحه.
وقيل ليس بعمد.
نقل جعفر الشهادة على القتل أن يروه وجأه وأنه مات من ذلك.
وقال في القواعد الأصولية لو جرحه فترك مداواة الجرح أو فصده فترك شد فصاده لم يسقط الضمان ذكره في المغني محل وفاق.
وذكر بعض المتأخرين لا ضمان في ترك شد الفصاد ذكره محل وفاق.
وذكر في ترك مداواة لجرح من قادر على التداوي وجهين وصحح الضمان انتهى.
وأراد ببعض المتأخرين صاحب الفروع.
فائدة: وكذا الحكم لو طال به المرض ولا علة به غيره.
قال ابن عقيل في الواضح أو جرحه وتعقبه سراية بمرض ودام جرحه حتى مات فلا يعلق بفعل الله شيء.
قوله: "إلا أن يغرزه بإبرة أو شوكة ونحوهما في غير مقتل فيموت في الحال ففي كونه عمدا وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والشرح والرعايتين والزركشي والفروع.
أحدهما: يكون عمدا وهو المذهب.
وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه لم يفرق بين الصغير والكبير وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
قال في الهداية هو قول غير ابن حامد وصححه الناظم.
والوجه الثاني: لا يكون عمدا بل شبه عمد.
وهو ظاهر ما جزم به في المنور.
واختاره ابن حامد وقدمه في تجريد العناية وشرح ابن رزين.

(9/321)


قوله: "وإن بقي من ذلك ضمنا حتى مات" فهو عمد محض.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
قال المصنف هذا قول أصحابنا.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه لا يكون عمدا.
قوله: "أو كان الغرز بها في مقتل كالفؤاد والخصيتين فهو عمد محض" بلا نزاع.
قوله: "وإن قطع سلعة من أجنبي بغير إذنه فمات فعليه القود" بلا نزاع.
وقوله: "فإن قطعها حاكم من صغير أو وليه فلا قود وكذا لو قطعها ولي المجنون منه فلا قود".
مقيد فيهما بما إذا كان ذلك لمصلحة.
والصحيح من المذهب: أنه لا قود عليهما إذا فعلا ذلك لمصلحة وقطع به أكثر الأصحاب.
وقال في الفروع وقيل: الأولى لمصلحة.
قوله: "الثاني أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط أن يكون الذي ضرب به بما هو فوق عمود الفسطاط نص عليه وعليه الأصحاب.
ونقل ابن مشيش: يجب القود إذا ضربه بما هو فوق عمود الفسطاط.
قوله: "أو" يضربه "بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت والكوذين والسندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق".
فهذا كله عمد بلا نزاع.
قوله: "أو يعيد الضرب بصغير".
الصحيح من المذهب. أنه إذا أعاد الضرب بصغير ومات يكون عمدا وعليه أكثر الأصحاب.

(9/322)


وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل لا يكون عمدا ذكره في الواضح.
قال في الانتصار وهو ظاهر كلامه.
نقل حرب: شبه العمد أن يضربه بخشبة دون عمود الفسطاط ونحو ذلك حتى يقتله.
قوله: "أو يضربه به في مقتل".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقيل لا يكون عمدا إذا ضربه به مرة واحدة ذكره في الواضح.
فائدتان
إحداهما قوله: "أو" يضربه به "في حال ضعف قوة من مرض أو صغر أو كبر أو في حر" مفرط "أو برد" مفرط "ونحوه".
وهذا بلا نزاع.
قال ابن عقيل وغيره ومثله أو لكمه.
واقتصر عليه في الفروع.
لكن لو ادعى جهل المرض في ذلك كله لم يقبل على الصحيح من المذهب.
وقيل يقبل فيكون شبه عمد.
وقيل يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
الثانية قوله: "الثالث إلقاؤه في زبية أسد".
وكذا لو ألقاه في زبية نمر فيكون عمدا بلا نزاع.
وكذا لو ألقاه مكتوفا بفضاء بحضرة سبع فقتله أو ألقاه بمضيق بحضرة حية فقتلته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وقال القاضي لا يكون عمدا فيهما.
وقيل هو أن يكتفه كالممسك للقتل.
وهذا الذي جزم به المصنف في أواخر الباب على ما يأتي.

(9/323)


قوله: "أو أنهشه كلبا أو سبعا أو حية أو ألسعه عقربا من القواتل ونحو ذلك فقتله" فهو عمد محض.
اعلم أنه إذا أنهشه كلبا أو ألسعه شيئا من ذلك فلا يخلو إما أن يكون ذلك يقتل غالبا أو لا.
فإن كان يقتل غالبا: فهو عمد محض.
وإن كان لا يقتل غالبا كثعبان الحجاز أو سبع صغير وقتل به فظاهر كلام المصنف هنا أنه يكون قتلا عمدا وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر ما جزم في النظم وغيره.
والوجه الثاني: لا يكون عمدا قدمه في الرعايتين والحاوي.
وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيره.
وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين والفروع.
قوله: "الرابع: إلقاؤه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منهما فمات به".
إذا ألقاه في ماء فلا يخلو أما أن يمكنه التخلص منه أولا.
فإن كان لا يمكنه التخلص منه وهو مراد المصنف هنا فهو عمد.
وإن أمكنه التخلص كالماء اليسير ولم يتخلص حتى مات فالصحيح من المذهب أن موته هدر فلا يضمن الدية ولا غيرها.
قال في الفروع: لا يضمن الدية في الأصح.
وجزم به في المغني والشرح.
وقيل يضمن الدية.
وإذا ألقاه في نار: فإن لم يمكنه التخلص منها فهو عمد محض بلا نزاع.
وإن أمكنه التخلص ولم يتخلص حتى مات فقيل دمه هدر لا شيء عليه وهو ظاهر كلامه في المحرر.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وشرح ابن رزين.
وقيل يضمن الدية بإلقائه.
قال في الكافي وإن كان لا يقتل غالبا أو التخلص منه ممكن فلا قود فيه لأنه عمد خطأ وظاهره أن فيه الدية.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والقواعد الأصولية.

(9/324)


قوله: "الخامس خنقه بحبل أو غيره أو سد فمه وأنفه أو عصر خصيتيه حتى مات" فعمد.
ظاهره: أنه يشترط سد الفم والأنف جميعا وهو صحيح.
وظاهره: أنه لا فرق في السد والعصر بين طول المدة أو قصرها.
وقال المصنف والشارح إن فعل ذلك في مدة يموت في مثلها غالبا فمات فهو عمد فيه القصاص.
قالا ولا بد من ذلك لأن المدة إذا كانت يسيرة لا يغلب على الظن أن الموت حصل به.
قال الشارح وغيره وإذا مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو شبه عمد إلا أن يكون يسيرا إلى الغاية بحيث لا يتوهم الموت منه فلا يوجب ضمانا.
تنبيه: قوله: "السادس حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا".
مراده: إذا تعذر على الجائع والعطشان الطلب لذلك.
فأما إذا لم يتعذر الطلب أو ترك الأكل والشرب قادرا على الطلب أو غيره فلا دية له كتركه شد موضع فصاده قاله في الفروع.
وتقدم النقل في ذلك أول الباب في كلام صاحب القواعد الأصولية.
قوله: "السابع إسقاؤه سما لا يعلم به أو خلط سما بطعام فأطعمه أو خلطه بطعامه فأكله ولا يعلم به فمات" فهو عمد محض.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به الأكثرون.
وأطلق ابن رزين فيما إذا ألقمه سما أو خلطه به: قولين.
تنبيه: مفهوم قوله: "فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه".
أن غير البالغ لو أكله كان ضامنا له إذا مات به وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله إن كان مميزا ففي ضمانه نظر.
قوله: "فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل في أحد الوجهين".

(9/325)


وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وصححه في التصحيح وغيره.
ويقبل في الآخر ويكون شبه عمد.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والهادي والمغني والشرح وغيرهم.
وقيل: يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا.
قوله: "الثامن أن يقتله بسحر يقتل غالبا".
إذا قتله بسحر يقتل غالبا فإن كان يعلم أنه يقتل فهو عمد محض وإن قال لم أعلمه قاتلا لم يقبل قوله على الصحيح من المذهب.
وقيل: يقبل ويكون شبه عمد.
وقيل: يقبل إذا كان مثله يجهله وإلا فلا كما تقدم في السم سواء.
فائدتان
إحداهما: إذا وجب قتله بالسحر وقتل كان قتله به حدا وتجب دية المقتول في تركته على الصحيح.
وقال المجد في شرحه وعندي في هذا نظر.
ويأتي بعض ذلك في آخر باب المرتد.
الثانية: قال ابن نصر الله في حواشي الفروع لم يذكر أصحابنا المعيان القاتل بعينه وينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبا فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص وإن وقع ذلك منه بغير قصد الجناية فيتوجه أنه خطأ يجب عليه ما يجب في قتل الخطأ.
وكذا ما أتلفه المعيان بعينه.
ويتوجه فيه القول بضمانه إلا أن يقع بغير قصده فيتوجه عدم الضمان انتهى.
قلت وهذا الذي قاله حسن لكن ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى والترغيب عدم الضمان.
وكذلك قال القاضي على ما يأتي في آخر "باب التعزير".

(9/326)


قوله: "التاسع أن يشهدا على رجل بقتل عمد أو ردة أو زنا فيقتل بذلك ثم يرجعا ويقولا عمدنا قتله".
هكذا قال أكثر الأصحاب بهذه العبارة.
وقال في الكافي وقالا علمنا أنه يقتل.
وقال في المغني ولم يجز جهلهما به.
وقال في الترغيب والرعاية الكبرى وكذبتهما قرينة فالأصحاب متفقون على أن هذا عمد محض.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ذكر الأصحاب من صور القتل العمد الموجب للقود من شهدت عليه بينة بالردة فقتل بذلك ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله.
قال وفي هذا نظر لأن المرتد إنما يقتل إذا لم يتب فيمكن المشهود عليه التوبة كما يمكنه التخلص من النار إذا ألقي فيها انتهى.
قلت يتصور عدم قبول توبة المرتد في مسائل على رواية قوية كمن سب الله أو رسوله وكالزنديق ومن تكررت ردته والساحر وغير ذلك على ما يأتي في بابه فلو شهد عليه بذلك فإنه يقتل بكل حال ولا تقبل توبته على إحدى الروايتين.
فكلام الأصحاب محله حيث امتنعت التوبة.
ويكفي هذا في إطلاقهم في مسألة ولو واحدة.
لكن ظهر لي على كلام كثير من الأصحاب إشكال في قولهم لو شهدا على رجل بزنا فقتل بذلك فإن الشاهدين لا يقتل الزاني بشهادتهما فهذا فيه نظر ظاهر لهذا.
قال في الفروع ومن شهدت عليه بينة بما يوجب قتله فتخلص من الإشكال.
قوله: "أو يقول الحاكم علمت كذبهما وعمدت قتله".
فهذا عمد محض ويجب القصاص على الحاكم وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والنظم والرعاية والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ونصر ابن عقيل في مناظراته أن الحاكم والحالة هذه لا قصاص عليه.
وقيل في قتل الحاكم وجهان.

(9/327)


فوائد
الأولى: يقتل المزكي كالشاهد قاله أبو الخطاب وغيره.
وعند القاضي لا يقتل وإن قتل الشاهد.
الثانية: لا تقبل البينة مع مباشرة الولي القتل وإقراره أنه فعل ذلك عمدا عدوانا على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المغني والشرح وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الترغيب وجه البينة والولي هنا كممسك مع مباشر فالبينة هنا كالممسك والولي هنا كالمباشر هناك على ما يأتي في كلام المصنف قريبا في هذا الباب والخلاف فيه.
وقال في التبصرة إن علم الولي والحاكم أنه لم يقتل أقيد الكل.
الثالثة: يختص المباشر العالم بالقود ثم الولي ثم البينة والحاكم على الصحيح من المذهب.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل يختص القود بالحاكم إذا اشترك هو والبينة لأن سببه أخص من سببهم فإن حكمه واسطة بين شهادتهم وقتله فأشبه المباشر مع المتسبب.
الرابعة: لو لزمت الدية البينة والحاكم فقيل تلزمهم ثلاثا على الحاكم الثلث وعلى كل شاهد ثلث.
جزم به في المغني والشرح.
وقيل نصفين وأطلقهما في الفروع.
الخامسة: لو قال بعضهم عمدنا قتله وقال بعضهم أخطأنا فلا قود على المتعمد على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع فلا قود على المتعمد على الأصح.
وصححه المصنف في هذا الكتاب في آخر هذا الباب.
وعنه عليه القود.
فعلى المذهب على المتعمد بحصته من الدية المغلظة وعلى المخطئ بحصته من المخففة.
وتأتي هذه المسألة ونظائرها في آخر هذا الباب بأتم من هذا.

(9/328)


السادسة: لو قال كل واحد منهما تعمدت وأخطأ شريكي فوجهان في القود وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الذي لا شك فيه وجوب القود عليهما لاعترافهما بالعمدية.
وقدم في الرعاية الصغرى والحاوي عدم القود.
وصححه في الكبرى وقال الدية عليهما حالة.
ولو قال واحد: عمدنا وقال الآخر أخطأنا لزم المقر بالعمد القود ولزم الآخر نصف الدية.
السابعة: لو رجع الوالي والبينة ضمنه الوالي وحده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال القاضي وأصحابه يضمنه الوالي والبينة معا كمشترك.
وأطلقهما في الرعايتين.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن الوالي يلزمه القود إن تعمد وإلا الدية وأن الآمر لا يرث.
الثامنة: لو حفر في بيته بئرا أو ستره ليقع فيه أحد فوقع فمات فإن كان دخل بإذنه قتل به على الصحيح من المذهب.
وقيل لا يقتل به كما لو دخل بلا إذنه أو كانت مكشوفة بحيث يراها الداخل.
ويأتي في أول كتاب الديات إذا حفر في فنائه بئرا فتلف به إنسان.
التاسعة: لو جعل في حلق زيد خراطة وشدها في شيء عال وترك تحته حجرا فأزاله آخر عمدا فمات قتل مزيله دون رابطه.
فإن جهل الخراطة فلا قود على قاتله وفي ماله الدية على الصحيح.
قدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الصغير.
وقيل: الدية على عاقلته قدمه في الرعاية الصغرى.
وقيل: بل على الأول نصفها.
وقيل: بل على عاقلته.
قوله: "وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا فيقتل".
قال في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم ولم يجرحه بذلك وهذا المذهب سواء قصد قتله أو لم يقصده.
وهو ظاهر المحرر وغيره من الأصحاب.

(9/329)


وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال جماعة من الأصحاب لا يكون شبه عمد إلا إذا لم يقصد قتله بذلك.
قال في الرعاية وشبه العمد قتله قصدا بما لا يقتل غالبا.
وقيل قصد جناية لا قتله غالبا.
تنبيه: مفهوم قوله: "أو يصيح بصبي أو معتوه وهما على سطح فيسقطا".
أنه لو صاح برجل مكلف أو امرأة مكلفة وهما على سطح فسقطا أنه لا شيء عليه فيهما وهو صحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو المذهب قدمه في الفروع.
وقيل المكلف كالصبي والمعتوه.
وألحق في الواضح المرأة بالصبي والمعتوه.
فائدة قوله: "أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط".
وهذا بلا نزاع وكذا لو فعل ذلك فذهب عقله.
تنبيه: يلزم في شبه العمد الدية.
لكن هل تكون على العاقلة أو على القاتل فيه خلاف على ما يأتي في أول كتاب الديات وباب العاقلة.
ويأتي في وجوب الكفارة عليه بذلك الخلاف الآتي في باب كفارة القتل.
قوله: "والخطأ على ضربين أحدهما أن يرمي الصيد أو يفعل ما له فعله فيقتل إنسانا فعليه الكفارة والدية على العاقلة". بلا نزاع.
تنبيه: مفهوم قوله أو بفعل ماله فعله أنه إذا فعل ما ليس له فعله كأن يقصد رمي آدمي معصوم أو بهيمة محترمة فيصيب غيره أن ذلك لا يكون خطأ بل عمد وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله.
قاله القاضي في روايتيه وهو ظاهر كلام الخرقي.
وخرجه المصنف على قول أبي بكر فيمن رمى نصرانيا فلم يقع به السهم حتى أسلم أنه عمد يجب به القصاص.
وقدم في المغني أنه خطأ.
وهو مقتضى كلامه في المحرر وغيره حيث قال في الخطأ أن يرمي صيدا أو هدفا أو شخصا فيصيب إنسانا لم يقصده.

(9/330)


قوله: "الثاني أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيا ويكون مسلما أو يرمي إلى صف الكفار فيصيب مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة".
على ما يأتي في بابها وفي وجوب الدية على العاقلة روايتان.
إحداهما: لا تجب الدية وهو المذهب.
صححه في التصحيح والنظم.
وجزم به في الخرقي والمنور.
وقدمه في المغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
قال الشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي: هذا المشهور عن إمامنا ومختار عامة أصحابنا الخرقي والقاضي والشيرازي وابن البنا وأبي محمد وغيرهم.
والرواية الثانية: تجب عليهم جزم به في الوجيز.
تنبيه: قال الشيخ تقي الدين رحمه الله محل هذا في المسلم الذي هو بين الكفار معذور كالأسير والمسلم الذي لا يمكنه الهجرة والخروج من صفهم.
فأما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يضمن بحال انتهى.
وتقدم معنى ذلك في أثناء كتاب الجهاد في قول المصنف "وإن تترسوا بمسلمين".
وعنه تجب الدية في الصورة الأخيرة.
وفي عيون المسائل عكس هذه الرواية لأنه فعل الواجب هنا.
قال وإنما وجبت الكفارة كما لو حلف لا يصلي فيصلي ويكفر كذا هنا.
تنبيه: قوله: "وعمد الصبي والمجنون".
يعني: أن عمدهما من الذي أجري مجرى الخطأ وهو كذلك لكن لو قال كنت حال الفعل صغيرا أو مجنونا صدق بيمينه.
ويأتي في آخر باب العاقلة: "هل تتحمل عمد الصبي أو تكون في ماله".
قوله: "وتقتل الجماعة بالواحد".
هذا المذهب كما قاله المصنف هنا بلا ريب.
وقاله في الفروع وغيره وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الهداية عليه عامة شيوخنا.

(9/331)


وعنه لا يقتلون به نقله حنبل.
وحسنها ابن عقيل في الفصول.
ويأتي كلامه في الفنون فيما إذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما.
ونقل ابن منصور والفضل أنه إن قتله ثلاثة فله قتل أحدهم والعفو عن آخر وأخذ الدية كاملة من أحدهم.
فعلى المذهب من شرط قتل الجماعة بالواحد أن يكون فعل كل واحد منهم صالحا للقتل به قاله الأصحاب.
وعلى المذهب لو عفى الولي عنهم سقط القود ولم يلزمهم إلا دية واحدة على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمهم ديات.
نقل ابن هانئ يلزمهم ديات.
واختارها أبو بكر وصححها الشيرازي.
وأطلقهما في المحرر والنظم.
وتقدم رواية ابن منصور والفضل.
وأما على الرواية الثانية فلا يلزم إلا دية واحدة قولا واحدا قاله الأصحاب.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو فعلوا ما يوجب قصاصا فيما دون النفس كالقطع ونحوه قاله الأصحاب.
ويأتي هذا في كلام المصنف في آخر "باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس".
قوله: "وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة فهما سواء في القصاص والدية".
هذا بلا نزاع بشرطه المتقدم.
قوله: "وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق". يعني ومات "فهما قاتلان".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح والمحرر والنظم والحاوي الصغير والوجيز وغيرهم.

(9/332)


وقدمه في الرعايتين والفروع.
وقيل القاتل هو الثاني فيقتل به ويقاد من الأول بأن تقطع يده من الكوع كقطعه.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان قطع الثاني قبل برء القطع الأول.
أما إن كان بعد برئه فالقاتل هو الثاني قولا واحدا قاله الأصحاب وهو واضح.
فوائد
إحداها: لو ادعى الأول أن جرحه اندمل فصدقه الولي سقط عنه القتل.
ولزمه القصاص في اليد أو نصف الدية.
وإن كذبه شريكه واختار الولي القصاص فلا فائدة له في تكذيبه لأن قتله واجب.
وإن عفا عنه إلى الدية فالقول قوله مع يمينه ولا يلزمه أكثر من نصف الدية.
وإن كذب الولي الأول حلف وكان له قتله.
وإن ادعى الثاني اندمال جرحه فالحكم فيه كالحكم في الأول إذا ادعى ذلك.
الثانية: لو اندمل القطعان أقيد الأول بأن يقطع من الكوع.
قال في الفروع وكذا من الثاني المقطوع يده من كوع وإلا فحكومة أو ثلث دية فيه الروايتان.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن اندملا فعلى الأول القود من الكوع وعلى الثاني حكومة.
وعنه ثلث دية اليد ولا قود عليه مع كمال يده.
الثالثة: لو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد منها لقتله نحو أن يضربه كل واحد سوطا في حالة أو متواليا فلا قود.
وفيه عن تواطؤ وجهان في الترغيب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب القود.
قوله: "وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني".
هذا المذهب جزم به في المغني والمحرر والشرح والنظم وشرح ابن منجا والوجيز.
قال في الفروع قتل الأول وعزر الثاني.
وهو معنى كلامه في التبصرة كما لو جنى على ميت فلهذا لا يضمنه.

(9/333)


قال في الفروع ودل هذا على أن التصرف فيه كميت كما لو كان عبدا فلا يصح بيعه.
قال كذا جعلوا الضابط يعيش مثله أو لا يعيش.
وكذا علل الخرقي المسألتين مع أنه قال في الذي لا يعيش خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه.
قال وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك مع أنه بقطعها لا يعيش.
فاعتبر الخرقي كونه لا يعيش في موضع خاص فتعميم الأصحاب لا سيما وقد احتج غير واحد منهم بكلام الخرقي فيه نظر.
قال وهذا معنى اختيار الشيخ وغيره في كلام الخرقي فإنه احتج به في مسألة الزكاة فدل على تساويهما عنده وعند الخرقي ولهذا احتج بوصية عمر رضي الله عنه ووجوب العبادة عليه في مسألة الذكاة كما احتج هنا ولا فرق.
وقد قال ابن أبي موسى وغيره في الذكاة كالقول هنا في أنه يعيش أو لا يعيش.
ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله أيضا.
قال فهؤلاء أيضا سووا بينهما وكلام الأكثر على التفرقة وفيه نظر انتهى.
فائدة: قال المصنف في المغني والشارح إن فعل ما يموت به يقينا وبقيت معه حياة مستقرة كما لو خرق حشوته ولم يبنها ثم ضرب آخر عنقه كان القاتل هو الثاني لأنه في حكم الحياة لصحة وصية عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع: ويتوجه تخريج رواية من مسألة الذكاة أنهما قاتلان.
قلت وهو الصواب.
قال في الفروع ولهذا اعتبروا إحداهما بالأخرى.
قال ولو كان فعل الثاني كلا فعل لم يؤثر غرق حيوان في ماء بقتل مثله بعد ذبحه على إحدى الروايتين ولما صح القول بأن نفسه زهقت بهما كالمقارن ولا ينفع كون الأصل الحظر ثم الأصل هنا بقاء عصمة الإنسان على ما كان.
فإن قيل زال الأصل بالسبب.
قيل وفي مسألة الذكاة.
وقد ظهر أن الفعل الطارئ له تأثير في التحريم في المسألة المذكورة وتأثير في المحل في مسألة المنخنقة وأخواتها على ما فيها من الخلاف.
ولم أجد في كلامهم دليلا هنا إلا مجرد دعوى أنها كميت ولا فرقا مؤثرا بينه وبين الذكاة والله أعلم انتهى.
قوله: "وإن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين".

(9/334)


وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الخلاصة والمغني والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الآخر لا قود عليه بل يكون شبه عمد وأطلقهما في الهداية.
وقيل عليه القود إن التقمه الحوت بعد حصوله فيه قبل غرقه.
فائدة: لو ألقاه في ماء يسير فإن علم به الحوت والتقمه فعليه القود وإن لم يعلم به فعليه الدية.
قوله: "وإن أكره إنسانا على القتل فقتل فالقصاص عليهما".
هذا المذهب جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة السابعة والعشرين بعد المائة المذهب اشتراك المكره والمكره في القود والضمان.
وكذا قال القاضي وابن عقيل.
وقدمه في الفروع وقال قال في الموجز هذا إن قلنا بقتل الجماعة بالواحد.
وقال الطوفي في شرح مختصره في الأصول مذهب الإمام أحمد رحمه الله يجب القصاص على المكره بفتح الراء دون المكره بكسرها ولعله مراد صاحب الفروع بقوله وخصه بعضهم بمكره.
قال في القواعد: وذكر القاضي في المجرد وابن عقيل في باب الرهن أن أبا بكر ذكر أن القود على المكره المباشر ولم يذكر على المكره قودا.
قالا والمذهب وجوبه عليهما.
وذكر ابن الصيرفي: أن أبا بكر السمرقندي من أصحابنا خرج وجها أنه لا قود على واحد منهما من رواية قتل الجماعة بالواحد وأولى.
قال في الفروع ويتوجه عكسه ويعني أن القود يختص المكره بكسر الراء.
وقال في الانتصار: لو أكره على القتل بأخذ المال فالقود ولو أكره بقتل النفس فلا.
فائدة قوله: "وإن أمر من لا يميز أو مجنونا أو عبده الذي لا يعلم أن القتل محرم بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر".
وكذا الحكم لو أمر كبيرا يجهل تحريمه.
وهذا المذهب في ذلك كله وعليه الأصحاب.

(9/335)


إلا أن أبا الخطاب قال في الانتصار لو أمر صبيا بالقتل فقتل هو وآخر وجب القصاص على آمره وشريكه في رواية وإن سلم فلعجزه غالبا.
تنبيه: مفهوم قوله وإن أمر من لا يميز بالقتل فقتل فالقصاص على الآمر أنه لو أمر من يميز بالقتل فقتل أن القصاص على القاتل.
ومفهوم قوله: "وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل".
أنه لا قصاص على غير الكبير العاقل فشمل من يميز.
فقال ابن منجا في شرحه لا قصاص عليه ولا على الآمر.
أما الأول فلأنه غير مكلف.
وأما الثاني فلأن تمييزه يمنع أن يكون كالآلة فلا قود على واحد منهما.
وقال في الفروع ومن أمر صبيا بالقتل فقتل لزم الآمر.
فظاهره إدخال المميز في ذلك.
ويؤيده أنه بعد ذلك حكى ما قاله ابن منجا في شرحه.
قوله: "وإن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به فقتل فالقصاص على القاتل".
وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
وأما الآمر فالصحيح من المذهب أنه يعزر لا غير نص عليه.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وعنه يحبس كممسكه.
وفي المبهج رواية يقتل أيضا.
وعنه يقتل بأمره عبده ولو كان كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل.
نقل أبو طالب: من أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله قتل المولى وحبس العبد حتى يموت لأنه سوط المولى وسيفه.
كذا قال علي بن أبي طالب وأبو هريرة رضي الله عنهما.
وأنه لو جنى بإذنه لزم مولاه وإن كانت الجناية أكثر من ثمنه.
وحملها أبو بكر على جهالة العبد.
ونقل ابن منصور إن أمر عبدا بقتل سيده فقتل أثم وأن في ضمان قيمته روايتين ويحتمل إن خاف السلطان قتلا.

(9/336)


فوائد
لو قال لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل فدمه وجرحه هدر على الصحيح من المذهب نص عليه.
وعنه عليه الدية.
وقيل عليه ديتهما ذكره في الرعاية.
وعنه عليه الدية للنفس دون الجرح.
ويحتمل القود فيهما وهو لصاحب الرعاية.
ولو قاله عبد ضمن الفاعل لسيده بمال فقط نص عليه.
ولو قال اقتلني وإلا قتلتك قال في الفروع فخلاف كإذنه.
وقال في الانتصار لا إثم ولا كفارة.
وقال في الرعايتين والحاوي وإن قال اقتلني وإلا قتلتك فإكراه ولا قود إذن.
وعنه ولا دية.
ويحتمل أن يقتل أو يغرم الدية إن قلنا هي للورثة.
وإن قال له القادر عليه اقتل نفسك وإلا قتلتك أو اقطع يدك وإلا قطعتها فليس إكراها وفعله حرام.
واختار في الرعاية الكبرى أنه إكراه.
وإن قال اقتل زيدا أو عمرا فليس إكراها فإن قتل أحدهما قتل به على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية قلت ويحتمل الإكراه.
وإن أكره سعد زيدا على أن يكره عمرا على قتل بكر فقتله قتل الثلاثة جزم به في الرعاية الكبرى.
قوله: "وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين".
وهو المذهب جزم به الخرقي والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين.
واختيار القاضي والشريف وأبي الخطاب في خلافاتهم والشيرازي.
وهو من المفردات.

(9/337)


والأخرى يقتل أيضا الممسك اختاره أبو محمد الجوزي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال بن الصيرفي في عقوبة أصحاب الجرائم في الممسك القتل ذهب بعض أصحابنا المتأخرين إلى أنه تغل يد الممسك إلى عنقه حتى يموت.
وهذا لا بأس به.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا.
فعلى المذهب لو قتل الولي الممسك فقال القاضي يجب عليه القصاص مع أنه فعل مختلف.
قال المجاهد وهذا إن أراد به فيمن فعل ذلك معتقدا لجوازه ووجوب القصاص له فليس بصحيح قطعا.
وإن أراد: معتقدا للتحريم فيجب أن يكون على وجهين.
أصحهما: سقوط القصاص بشبهة الخلاف كما في الحدود.
تنبيه: شرط في المغني في الممسك أن يعلم أنه يقتله وتابعه الشارح.
قلت وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
قال القاضي إذا أمسكه للعب أو الضرب وقتله القاتل فلا قود على الماسك وذكره محل وفاق.
وقال في منتخب الشيرازي لا مازحا متلاعبا انتهى.
وظاهر كلام جماعة الإطلاق.
فائدة: مثل هذه المسألة في الحكم لو أمسكه ليقطع طرفه ذكره في الانتصار.
وكذا إن فتح فمه وسقاه آخر سما.
وكذا لو اتبع رجلا ليقتله فهرب فأدركه آخر فقطع رجله ثم أدركه الثاني فقتله فإن كان الأول حبسه بالقطع فعليه القصاص في القطع وحكمه في القصاص في النفس حكم الممسك على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وفيه وجه ليس عليه إلا القطع بكل حال.
قوله: "وإن كتف إنسانا وطرحه في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتلته فحكمه حكم الممسك".

(9/338)


ذكره القاضي وهذا إحدى الروايات.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومنتخب الآدمي.
وعنه يلزمه القود وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وعنه يلزمه الدية كغير الأرض المسبعة اختاره المصنف.
وتقدم التنبيه على ذلك عند قوله "الثالث إلقاؤه في زبية أسد".
قوله: "وإذا اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما كالأب والأجنبي في قتل الولد والحر والعبد في قتل العبد والخاطئ والعامد ففي وجوب القصاص على الشريك روايتان أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد وسقوطه عن شريك الخاطئ".
وهو المذهب قاله في الفروع وغيره.
قال في المغني والشرح هذا ظاهر المذهب.
قال في الكافي هذا الأظهر.
وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي.
قال الزركشي: المشهور من الروايتين والمقطوع به عند عامة الأصحاب قتل شريك الأب.
وقال في الخاطئ: لا قصاص على المشهور والمختار لجمهور الأصحاب وجزم به في المنور.
وعنه يقتص من الشريك مطلقا اختاره أبو محمد الجوزي.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
وعنه لا يقتص من الشريك مطلقا.
قال في الفنون أنا أختار رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن شركة الأجانب تمنع القود.
لأنه لا اطلاع لنا بظن فضلا عن علم بجراحة أيهما مات به أو بهما.
تنبيه: قوله: "أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد" تقديره أظهرهما وجوبه على شريك الأب ووجوبه على العبد ف"العبد معطوف على لفظة شريك" ولا يجوز عطفه على لفظة "الأب" لفساد المعنى وهو واضح.

(9/339)


فائدة: دية الشريك المخطئ في ماله دون عاقلته على الصحيح.
قال في الفروع قاله القاضي.
وعنه على عاقلته.
قوله: "وفي شريك السبع وشريك نفسه وجهان".
ذكرهما ابن حامد.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والكافي والشرح والنظم والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما: يجب القود اختاره أبو بكر.
وصححه في المذهب والتصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قود وهو المذهب قاله في الفروع وجزم به في المنور.
قال المصنف والشارح وروى عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال إذا جرحه رجل ثم جرح الرجل نفسه فمات فعلى شريكه القصاص.
ثم قالا فأما إن جرح الرجل نفسه خطأ مثل إن أراد ضرب غيره فأصاب نفسه فلا قصاص على شريكه في أصح الوجهين.
وفي وجه آخر عليه القصاص بناء على الروايتين في شريك الخاطئ انتهى.
فائدة: حيث سقط القصاص عن الشريك وجب نصف الدية على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقيل تجب دية كاملة على شريك السبع.
وقيل تجب دية كاملة في شريك المقتص.
قلت: يتخرج وجوب الدية كاملة على شريك النفس من مسألة المنجنيق إذا قتل أحد الرماة به أن ديته على أصحابه كاملة على الصحيح من المذهب على ما يأتي في كتاب الديات.
فعلى هذا يكون هذا هو الصواب إلا أن يكون بينهما فرق مؤثر.
قوله: "ولو جرحه إنسان عمدا فداوى جرحه بسم".
ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان.
وأطلقهما في الرعاية وشرح ابن منجا والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والهادي.
أحدهما يجب القصاص على الجارح.

(9/340)


صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.
قال المصنف وتبعه الشارح لو جرحه إنسان فتداوى بسم وكان سم ساعة يقتل في الحال فقد قتل نفسه وقطع سراية الجرح وجرى مجرى من ذبح نفسه بعد أن جرح.
وينظر في الجرح فإن كان موجبا للقصاص فلوليه استيفاؤه وإلا فلوليه الأرش.
وإن كان السم لا يقتل غالبا وقد يقتل ففعل الرجل في نفسه عمد خطأ.
والحكم في شريكه كالحكم في شريك الخاطئ.
فإذا لم يجب القصاص فعلى الجارح نصف الدية.
وإن كان السم يقتل غالبا بعد مدة احتمل أن يكون عمد الخطأ أيضا.
واحتمل أن يكون في حكم العمد.
فيكون في شريكه الوجهان المذكوران في المسألة التي قبلها انتهيا.
قلت قال في الهداية وغيرها أو داواه بسم يقتل غالبا.
قوله: "أو خاطه في اللحم أو فعل ذلك وليه أو الإمام فمات ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمغني والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والشرح والنظم وشرح ابن منجا وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: يجب القصاص صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: لا قصاص عليه وهو المذهب.
قاله في الفروع وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي.

(9/341)


باب شروط القصاص
قوله: "وهي أربعة أحدها أن يكون الجاني مكلفا فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما" بلا نزاع.
قوله: "وفي السكران وشبهه روايتان أصحهما وجوبه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وهو المذهب.

(9/341)


صححه في النظم وغيره.
وقطع به القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
والثانية: لا يجب عليه وقدمه في الرعايتين هنا.
واختاره الناظم في كتاب الطلاق.
وذكر أبو الخطاب أن وجوب القصاص عليه مبني على طلاقه.
وقد تقدم ذلك محررا في أول كتاب الطلاق فليعاود.
قوله: "الثاني أن يكون المقتول معصوما فلا يجب القصاص بقتل حربي ولا مرتد ولا زان محصن وإن كان القاتل ذميا".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الرعاية وتبعه في الفروع ويحتمل قتل ذمي وأشار بعض أصحابنا إليه.
قاله في الترغيب لأن الحد لنا والإمام نائب نقله في الفروع.
فعلى المذهب لا دية عليه أيضا.
جزم به في المحرر والوجيز والفروع وغيرهم.
وعلى المذهب يعزر فاعل ذلك للافتيات على ولي الأمر كمن قتل حربيا.
وفي عيون المسائل له تعزيره.
فائدة: قال في الفروع فكل من قتل مرتدا أو زانيا محصنا ولو قبل توبته عند حاكم والمراد قبل التوبة قاله صاحب الرعاية فهدر.
وإن كان بعد التوبة إن قبلت ظاهرا فكإسلام طارئ.
فدل أن طرف زان محصن كمرتد لا سيما وقولهم "عضو من نفس وجب قتلها فهدر".
قال في الروضة: إن أسرع ولي قتيل أو أجنبي فقتل قاطع طريق قبل وصوله الإمام: فلا قود لأنه انهدر دمه.
قال في الفروع وظاهره ولا دية وليس كذلك.
وسيأتي في "باب قطاع الطريق".
قوله: "أو قطع مسلم أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات فلا شيء عليه".

(9/342)


هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به منهم صاحب الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع لأن الاعتبار في التضمين بحال ابتداء الجناية ولأنه لم يجن على معصوم.
وجعله في الترغيب كمن أسلم قبل أن يقع به السهم على الآتي بعده قريبا.
قوله: "أو رمى حربيا فأسلم قبل أن يقع به السهم فلا شيء عليه".
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم قال في القواعد هذا أشهر.
وقيل: تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية قاله في القواعد.
قوله: "وإن رمى مرتدا فأسلم قبل وقوع السهم به فلا قصاص".
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والمحرر والشرح والوجيز والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع.
وقيل يقتل به.
قوله: "وفي الدية وجهان".
وأطلقهما في المغني والشرح.
أحدهما: لا تجب الدية أيضا وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
قال في القواعد وهو أشهر.
وحكاه القاضي في روايتيه عن أبي بكر.
والوجه الثاني: تجب الدية اختاره القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية.
وقيل: تجب الدية هنا وإن لم تجب الدية للحربي لتفريطه إذ قتله ليس إليه.

(9/343)


قال في القواعد وأصل هذا الوجه طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب في موضع من الهداية أنه لا يضمن الحربي بغير خلاف وفي المرتد وجهان.
قوله: "وإن قطع يد مسلم فارتد أي المقطوع يده ومات فلا شيء على القاطع في أحد الوجهين وفي الآخر يجب القصاص في الطرف أو نصف الدية".
إذا قطع يد مسلم ثم ارتد المقطوع ومات لم يجب القود في النفس بلا نزاع ولا يجب القود في الطرف أيضا على الصحيح من المذهب.
قال المصنف والشارح الصحيح لا قصاص.
قال في الفروع فلا قود في الأصح.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
والوجه الثاني: عليه القود في الطرف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال في الفروع أصل الوجهين هل يفعل به كفعله أم في النفس فقط.
ويأتي بيان ذلك في آخر الباب الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فعلى الوجه الثاني وهو وجوب القود في الطرف هل يستوفيه الإمام أو قريبه المسلم فيه وجهان.
قال في الفروع أصلهما هل ماله فيء أو لورثته.
وقد تقدم المذهب من ذلك في باب ميراث أهل الملل وأن الصحيح من المذهب أن ماله فيء فيستوفيه هنا الإمام على الصحيح من المذهب.
وعلى المذهب وهو عدم وجوب القود في الطرف يجب عليه الأقل من دية النفس أو الطرف فيستوفيه الإمام على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وقيل لا يجب عليه إلا دية الطرف فقط.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع.
وقيل لا يجب عليه شيء سواء كان عمدا أو خطأ.
ويحتمل دخول هذا القول في كلام المصنف.

(9/344)


قوله: "وإن عاد إلى الإسلام ثم مات وجب القصاص في النفس في ظاهر كلامه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب وهو المذهب.
قال في المحرر وغيره نص عليه.
واختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والخلاصة وغيرهم.
وقال ابن أبي موسى يتوجه سقوط القود بالردة.
وقال القاضي إن كان زمن الردة مما تسرى فيه الجناية فلا قصاص فيه.
اختاره صاحب التبصرة.
فعلى هذا القول لا يجب إلا نصف الدية فقط على الصحيح من المذهب.
جزم به في المحرر والنظم.
وقدمه في الرعايتين والفروع والحاوي الصغير.
وقيل تجب كلها.
فائدة: لو رمى ذمي سهما إلى صيد فأصاب آدميا وقد أسلم الرامي فقال الآمدي يجب ضمانه في ماله.
وبذلك جزم صاحب المحرر والكافي وغيرهما.
ومثله لو رمى بن معتقه فلم يصب حتى انجر ولاؤه إلى موالي أبيه.
ولو رمى مسلم سهما ثم ارتد ثم أصاب سهمه فقتل فهل تجب الدية في ماله اعتبارا بحال الإصابة أم على عاقلته اعتبارا بحال الرمي على وجهين ذكرهما في المستوعب.
قال في القواعد ويخرج منها في المسألتين الأولتين وجهان أيضا.
أحدهما: الضمان على أهل الذمة وموالي الأم.
والثاني: على المسلمين وموالي الأب.
قوله: "الثالث أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني وهو أن يساويه في الدين والحرية أو الرق فيقتل كل واحد من المسلم الحر أو العبد والذمي الحر أو العبد بمثله".

(9/345)


الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب قاطبة أن العبد يقتل بالعبد سواء كان مكاتبا أو لا وسواء كان يساوي قيمته أو لا.
وعنه لا يقتل به إلا أن تستوي قيمتهما ولا عمل عليه.
ويأتي في أول باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس مزيد بيان على ذلك.
تنبيه: عموم كلامه يشمل ما لو كان العبد القاتل والعبد المقتول لواحد وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وجزم به في الرعاية صريحا.
وقدمه في القواعد الأصولية.
ويؤيده ما قاله المصنف وغيره في المكاتبة.
وقيل لا يقتل به والحالة هذه.
وهما وجهان مطلقان في المذهب ومسبوك الذهب نقلهما في الفروع عنه.
قال في الرعاية فإن قتل عبد زيد عبده الآخر فله قتله دون العفو على مال.
قلت فيعايى بها.
وعموم كلامه أيضا يشمل ما لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لذمي وهو صحيح وهو أحد الوجهين.
وهو ظاهر كلام الأصحاب وهو الصواب.
وقيل لا يقتل به.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
فائدة: لا يقتل مكاتب بعبده.
فإن كان ذا رحم محرم منه كأخيه ونحوه فوجهان.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما: لا يقتل به وهو المذهب.
جزم به في المنور وقدمه في النظم.
والثاني: يقتل به.
تنبيه: ظاهر قوله أن يساويه في الدين والحرية أو الرق أنه لو قتل من بعضه حر مثله أو أكثر منه حرية أنه يقتل به وهو صحيح وهو المذهب والصحيح من الوجهين.
صححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقطع به الزركشي وغيره.

(9/346)


وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره.
وقيل لا يقتل به.
قوله: "ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر في الصحيح عنه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والمحرر والفروع وغيرهم.
وعنه يعطي الذكر نصف الدية إذا قتل الأنثى.
قال في المحرر وهو بعيد جدا.
وخرج في الواضح من هذه الرواية فيما إذا قتل عبد عبدا وفي تفاضل مال في قود طرفه.
قوله: "ولا يقتل مسلم بكافر ولو ارتد ولا حر بعبد".
هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع ويتوجه يقتل حر بعبد ومسلم بكافر وأن الخبر في الحربي كما يقطع بسرقة ماله.
قال وفي كلام بعضهم حكم المال غير حكم النفس بدليل القطع بسرقة مال زان وقاتل في محاربة ولا يقتل قاتلهما.
والفرق أن مالهما باق على العصمة كمال غيرهما وعصمة دمهما زالت.
قوله: "ولا يقتل حر بعبد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ليس في العبد نصوص صريحة صحيحة تمنع قتل الحر به وقوى أنه يقتل به وقال هذا الراجح وأقوى على قول الإمام أحمد رحمه الله.
قوله: "ولا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد إلا أن يقتله وهو مثله أو يجرحه ثم يسلم القاتل أو الجارح أو يعتق ويموت المجروح فإنه يقتل به".
يعني: إذا قتل عبد عبدا أو ذمي أو مرتد ذميا أو جرحه ثم أسلم القاتل أو الجارح أو عتق ويموت المجروح فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع قتل به في المنصوص.

(9/347)


قال المصنف والشارح ذكره أصحابنا.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وقيل لا يقتل به وهو احتمال في المغني وغيره.
وهو ظاهر نقل بكر كإسلام حربي قاتل.
فائدة: لو قتل من هو مثله ثم جن وجب القود على الصحيح من المذهب.
وقيل لا قود.
قوله: "ولو جرح مسلم ذميا أو حر عبدا ثم أسلم المجروح وعتق ومات فلا قود وعليه دية حر مسلم في قول ابن حامد".
وهو المذهب اختاره المصنف والشارح.
وذكر ابن أبي موسى أنه نص عليه في وجوب دية المسلم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي قول أبي بكر عليه في الذمي دية ذمي وفي العبد قيمته لسيده.
واختاره القاضي وأصحابه.
وحكى القاضي عن ابن حامد أنه يجب أقل الأمرين من قيمة العبد أو الدية.
وحكى أبو الخطاب عن القاضي أن ابن حامد أوجب دية حر للمولى منهما أقل الأمرين من نصف الدية أو نصف القيمة والباقي لورثته.
وذكر القاضي في المجرد احتمالا بوجوب أكثر الأمرين من القيمة أو الدية.
فعلى المذهب يأخذ سيده قيمته نقله حنبل وقت جنايته وكذا ديته إلا أن تجاوز الدية أرش الجناية فالزيادة لورثة العبد.
وتقدم كلام ابن حامد.
وكون قيمته يوم الجناية للسيد من مفردات المذهب.
وعلى الثاني: جميع القيمة للسيد.
ذكره أبو بكر والقاضي والأصحاب.
ذكره في القاعدة الثامنة والعشرين بعد المائة.

(9/348)


فائدتان
إحداهما: لو وجب بهذه الجناية قود فطلب القود للورثة على هذه وعلى الأخرى للسيد قاله في الفروع.
الثانية: لو جرح عبد نفسه ثم أعتقه قبل موته ثم مات فلا قود عليه وفي ضمانه الخلاف المتقدم.
قوله: "وإن رمى مسلم ذميا عبدا فلم يقع به السهم حتى عتق وأسلم فلا قود عليه وعليه دية حر مسلم إذا مات من الرمية ذكره الخرقي".
وهو المذهب اختاره ابن حامد أيضا والقاضي.
واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال أبو بكر عليه القصاص.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله.
واختاره ابن حامد أيضا حكاه عنه ابن عقيل في التذكرة.
فعلى المذهب تكون الدية للورثة لا للسيد.
قوله: "ولو قتل من يعرفه ذميا عبدا فبان أنه قد عتق وأسلم فعليه القصاص".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل لا قصاص عليه ذكره في القاعدة الأصولية.
فائدة: مثل ذلك في الحكم لو قتل من يظنه قاتل أبيه فلم يكن.
قوله: "وإن كان يعرفه مرتدا فكذلك قاله أبو بكر".
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والفروع.
قال أبو بكر ويحتمل أن لا يلزمه إلا الدية.
وهو وجه لبعض الأصحاب قاله ابن منجا.
وقال في المحرر: ولو قتل من يعرفه مرتدا فبان أنه قد أسلم ففي القود على قول أبي بكر وجهان.

(9/349)


يعني في مسألة أبي بكر والخرقي التي قبل هذه المسألة.
وقال في الروضة فيما إذا رمى مسلم ذميا هل يلزمه دية مسلم أو كافر فيه روايتان اعتبارا بحال الإصابة أو الرمية.
ثم بنى مسألة العبد على الروايتين في ضمانه بدية أو قيمة.
ثم بنى عليهما من رمى مرتدا أو حربيا فأسلم قبل وقوعه هل يلزمه دية مسلم أو هدر انتهى.
قوله: "الرابع أن لا يكون أبا للمقتول فلا يقتل الوالد" يعني وإن علا "بولده وإن سفل والأب والأم في ذلك سواء".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه تقتل الأم حكاها أبو بكر والمصنف.
وردها القاضي وقال لا تقتل الأم رواية واحدة.
وعنه تقتل الأم والأب.
وعنه يقتل أبو الأم بولد بنته وعكسه.
وحكاهما الزركشي وجهين.
وقال في الروضة لا تقتل أم والأصح وجدة.
وقال في الانتصار لا يجوز للابن قتل أبيه بردة وكفر بدار الحرب ولا رجمه بزنا ولو قضى عليه برجم.
وعنه لا قود بقتل مطلقا في دار الحرب فتجب دية إلا لغير مهاجر.
تنبيهان
أحدهما: عموم كلامه أنه لا تأثير لاختلاف الدين والحرية كاتفاقهما وهو صحيح وقاله الأصحاب.
فلو قتل الكافر ولده المسلم أو قتل المسلم أباه الكافر أو قتل العبد ولده الحر أو قتل الحر والده العبد لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده وانتفاء المكافأة فيما إذا قتل والده.
الثاني: مراده بقوله فلا يقتل الوالد بولده غير ولده من الزنى فإنه يقتل به على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.

(9/350)


وقيل لا يقتل به وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب.
فائدة: يقتل الوالد بقتله ولده من الرضاع قاله في الفروع.
قوله: "ويقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين".
وهو المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي هذا المشهور والمختار للأصحاب.
قال في الفروع يقتل على الأصح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه المصنف وغيره.
والرواية الثانية لا يقتل بواحد منهما.
وتقدم قريبا قوله "يقتل بن بنته به".
قوله: "ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه أو ورث القاتل شيئا من دمه: سقط القصاص".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا يسقط بإرث الولد اختاره بعض الأصحاب.
قوله: "ولو قتل أحد الابنين أباه والآخر أمه وهي زوجة الأب سقط القصاص عن الأول لذلك".
والقصاص على القاتل الثاني لأن القتيل الثاني ورث جزءا من دم الأول فلما قتل ورثه فصار له جزءا من دم نفسه فسقط القصاص عن الأول وهو قاتل الأب لإرثه ثمن أمه وعليه سبعة أثمان ديته لأخيه.
"وله أن يقتص من أخيه ويرثه".
على الصحيح من المذهب.
قال في المحرر ويرثه على الأصح.
قال في الفروع والرعاية وغيرهما وله قتله.

(9/351)


تنبيه: مفهوم قوله وهي زوجة الأب أنها لو كانت بائنا أن عليهما القتل وهو صحيح جزم به في الرعاية والفروع وغيرهما وكذا لو قتلاهما معا.
قوله: "وإن قتل من لا يعرف وادعى كفره أو رقه أو ضرب ملفوفا فقده وادعى أنه كان ميتا وأنكر وليه".
وجب القصاص والقول قول المنكر هذا المذهب.
قال في الفروع فالقود أو الدية في الأصح إن أنكر الولي.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل لا قصاص والقول قول الجاني وحكى عن أبي بكر.
وأطلق ابن عقيل في موته وجهين.
وسأل ابن عقيل القاضي فقال لا يعتبر بالدم وعدمه فقال لا لم يعتبره الفقهاء.
قال في الفروع ويتوجه يعتبر.
قلت وهو قوي عند أهل الخبرة بذلك.
قوله: "أو قتل رجلا في داره وادعى أنه دخل يكابره على أهله أو ماله فقتله دفعا عن نفسه وأنكر وليه".
وجب القصاص والقول قول المنكر وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
قال في الفروع ويتوجه عدمه في معروف بالفساد.
قلت وهو الصواب ويعمل بالقرائن والأحوال.
فائدة: لو ادعى القاتل أن المقتول زنى وهو محصن بشاهدين نقله ابن منصور واختاره أبو بكر وغيره ونقل أبو طالب وغيره بأربعة اختاره الخلال وغيره قتل وإلا ففيه باطنا وجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب قبول قوله في الباطن.
ولا تقبل دعواه ذلك من غير بينة في الظاهر على الصحيح من المذهب.
وقيل تقبل ظاهرا.
وقاله في رواية ابن منصور بعد كلامه الأول.
وقد روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام:

(9/352)


"منزل الرجل حريمه فمن دخل عليك حريمك فاقتله".
قال في الفروع فدل أنه لا يعزر.
ولهذا ذكر في المغني وغيره إن اعترف الولي بذلك فلا قود ولا دية واحتج بقول عمر رضي الله عنه.
قال في الفروع وكلامهم وكلام الإمام أحمد رحمه الله السابق يدل على أنه لا فرق بين كونه محصنا أو لا.
وكذا ما يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما.
وصرح به بعض المتأخرين كشيخنا وغيره لأنه ليس بحد وإنما هو عقوبة على فعله وإلا لاعتبرت شروط الحد.
والأول ذكره في المستوعب وغيره.
وسأله أبو الحارث وجده يفجر بها له قتله قال قد روى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما.
قوله: "أو تجارح اثنان وادعى كل واحد منهما أنه جرحه دفعا عن نفسه: وجب القصاص والقول قول المنكر".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي المذهب لابن الجوزي والكافي تجب الدية فقط.
ونقل أبو الصقر وحنبل في قوم اجتمعوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منها أرش الجراح.
قال الإمام أحمد رحمه الله قضى به علي رضي الله عنه.
وهل على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان قاله ابن حامد.
نقله في المنتخب واقتصر عليه في الفروع.
قلت الصواب أنهم يشاركونهم في الدية.
فائدة: نقل حنبل فيمن أريد قتله قودا فقال رجل آخر أنا القاتل لا هذا أنه لا قود.
والدية على المقر لقول علي رضي الله عنه أحيا نفسا ذكره الشيرازي في المنتخب.
وحمله أيضا على أن الولي صدقه بعد قوله لا قاتل سوى الأول ولزمته الدية لصحة بذلها منه.
وذكر في المنتخب في القسامة لو شهدا عليه بقتل فأقر به غيره فذكر رواية حنبل. انتهى.

(9/353)


ولو أقر الثاني بعد إقرار الأول قتل الأول لعدم التهمة ومصادفته الدعوى.
وقال في المغني في القسامة لا يلزم المقر الثاني شيء.
فإن صدقه الولي بطلت دعواه الأولى ثم هل له طلبه فيه وجهان.
ثم ذكر المنصوص وهو رواية حنبل وأنه أصح لقوله عمن أحيا نفسا.
وذكر الخلال وصاحبه رواية حنبل ثم رواية مهنا ادعى على رجل أنه قتل أخاه فقدمه إلى السلطان فقال إنما قتله فلان فقال فلان صدق أنا الذي قتلته فإن هذا المقر بالقتل يؤخذ به.
قلت أليس قد ادعى على الأول قال إنما هذا بالظن فأعدت عليه فقال يؤخذ الذي أقر أنه قتله.

(9/354)


باب استيفاء القصاص
قوله: "ويشترط له ثلاثة شروط أحدها أن يكون مستحقه مكلفا فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون". بلا نزاع في الجملة.
قوله: "إلا أن يكون لهما أب فهل له استيفاؤه لهما على روايتين".
وحكاهما أبو الخطاب في بعض المواضع وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والبلغة.
إحداهما: ليس له استيفاؤه لهما وهو المذهب نصره المصنف والشارح.
قال ابن منجا في شرحه وهي أصح.
وصححهما في التصحيح والخلاصة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والرواية الثانية: له استيفاؤه.
فعلى هذه الرواية يجوز له العفو على الدية نص عليه.
وكذا الوصي والحاكم على الرواية الآتية.
تنبيه: ظاهر كلامه أن الوصي والحاكم ليس لواحد منهما استيفاؤه لهما وهو المذهب وقطع به كثير من الأصحاب.
وعنه يجوز لهما استيفاؤه أيضا كالأب.

(9/354)


قوله: "وإن كانا محتاجين إلى النفقة فهل لوليهما العفو على الدية يحتمل وجهين".
وكذا قال في الهداية والمذهب وهما روايتان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
إحداهما له العفو وهو الصواب جزم به الآدمي في منتخبه.
قال القاضي وهو الصحيح.
وصححه الشارح والناظم وصاحب تجريد العناية.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
والثاني: ليس له ذلك وقدمه في إدراك الغاية.
والمنصوص جواز عفو ولي المجنون دون الصبي وهو المذهب.
صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور وأطلقهن في المحرر.
وعنه للأب العفو خاصة.
قوله: "وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما قهرا احتمل أن يسقط حقهما".
وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
واحتمل أن تجب لهما دية أبيهما في مال الجاني وتجب دية الجاني على عاقلتهما.
وجزم به في الترغيب وعيون المسائل.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح الكبير.
قوله: "الثاني اتفاق جميع الأولياء على استيفائه وليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض" بلا نزاع.
"فإن فعل فلا قصاص عليه وعليه لشركائه حقهم من الدية وتسقط عن الجاني في أحد الوجهين".
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.

(9/355)


وفي الآخر لهم ذلك من تركة الجاني ويرجع ورثة الجاني على قاتله.
يعني بما فوق حقه وهذا المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
وأطلقهما في المغني والبلغة والشرح والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب.
وفي الواضح احتمال يسقط حقهم على رواية وجوب القود عينا.
ويأتي آخر الباب "إذا قتل جماعة فاستوفى بعضهم من غير إذن أولياء الباقين".
فائدة: "قوله وإن عفا بعضهم سقط القصاص وإن كان العافي زوجا أو زوجة".
ويسقط القصاص أيضا بشهادة بعضهم ولو مع فسقه لكونه أقر بأن نصيبه سقط من القود ذكره في المنتخب.
قلت فيعايى بها.
قوله: "وللباقين حقهم من الدية على الجاني".
وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في التبصرة إن عفا أحدهم فللبقية الدية وهل يلزمهم حقهم من الدية فيه روايتان. انتهى.
قوله: "فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص فعليهم القود وإلا فلا قود عليهم وعليهم ديته" بلا نزاع.
قوله: "وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا".
وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وحكى في الرعايتين ومن تابعه رواية بأن للحاضر مع عدم العفو القصاص كالرواية التي في الصغير والمجنون الآتية ولم نرها لغيره.
قوله: "وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا فليس للبالغ العاقل الاستيفاء حتى يصيرا مكلفين في المشهور".
وهو المذهب نص عليه.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.

(9/356)


وصححه في البلغة وغيره.
وجزم به في الخرقي وصاحب الكافي والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وعنه له ذلك.
فائدة: لو مات الصبي والمجنون قبل البلوغ والعقل قام وارثهما مقامهما في القصاص. على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وعند ابن أبي موسى يسقط القود وتتعين الدية.
قوله: "وكل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين وذوي الأرحام".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يختص العصبة ذكرها ابن البنا.
وخرجها الشيخ تقي الدين رحمه الله واختارها.
فائدة: هل يستحق الوارث القصاص ابتداء أم ينتقل عن موروثه فيه روايتان.
وأطلقهما في الفروع والقواعد الفقهية في القاعدة السادسة عشر بعد المائة.
إحداهما: يستحقونه ابتداء لأنه يجب بالموت.
قلت وهو الصواب.
والثانية: ينتقل عن موروثه لأن سببه وجد في حياته وهو الصواب قياسا على الدية.
وتقدم حكم الدية في "باب الموصى به".
قوله: "ومن لا وارث له وليه الإمام إن شاء اقتص".
هذا المذهب المشهور المقطوع به عند جماهير الأصحاب.
وقال في الانتصار وعيون المسائل في القود منع وتسليم لأن بنا حاجة إلى عصمة.
الدماء فلو لم يقتل لقتل كل من لا وارث له قالا ولا رواية فيه.
وفي الواضح وغيره كوالد لولده.
قوله: "وإن شاء عفا" عنه.
ظاهره شمل مسألتين.
إحداهما العفو إلى الدية كاملة والصحيح من المذهب جواز ذلك.

(9/357)


قال في الفروع: والأشهر له أخذ الدية.
قال في القواعد: قاله الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقيل ليس له العفو إلى الدية.
المسألة الثانية العفو مجانا وظاهر كلامه هنا جوازه وهو وجه لبعض الأصحاب.
والصحيح من المذهب أنه ليس له ذلك ويحتمله كلام المصنف.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين بعد المائة قاله الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره.
قوله: "الثالث أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل فلو وجب القصاص على حامل أو حملت بعد وجوبه لم تقتل حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ". بلا خلاف أعلمه.
"ثم إن وجد من يرضعه وإلا تركت حتى تفطمه".
وهذا المذهب مطلقا.
جزم به في الوجيز والمحرر والنظم والرعاية والحاوي والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وقدمه في الفروع.
وقال في المغني وتبعه الشارح له القود إن غذي بلبن شاة.
فائدة: مدة الرضاع حولان كاملان.
وذكر في الترغيب أنها تلزم بأجرة رضاعه.
قوله: "ولا يقتص منها في الطرف حال حملها" بلا نزاع.
والصحيح من المذهب أنه يقتص منها بعد الوضع وهو ظاهر كلام المصنف هنا وظاهر كلامه في المحرر والنظم والرعاية والحاوي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المغني لا يقتص منها في الطرف حتى تسقي اللبأ.
وزاد في المستوعب وغيره وتفرغ من نفاسها.
وقال في البلغة هي فيه كمريض وأنه إن تأثر لبنها بالجلد ولم يوجد مرضع أخر القصاص.

(9/358)


قوله: "وحكم الحد في ذلك حكم القصاص".
هذا المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير.
واستحب القاضي تأخير الرجم حتى تفطمه.
وقيل يجب التأخير حتى تفطمه.
نقل الجماعة تترك حتى تفطمه.
قال في البلغة والترغيب بعد ذكر القصاص في النفس من الحامل وهذا بخلاف المحدودة فإنها لا ترجم حتى تفطم مع وجود المرضعة وعدمها لأن حقوق الله أسهل ولذلك تحبس في القصاص ولا تحبس في الحد ولا يتبع الهارب فيه.
قوله: "وإن ادعت الحمل احتمل أن يقبل منها فتحبس حتى يتبين أمرها".
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والفروع والنظم والرعايتين والحاوي.
"واحتمل أن لا يقبل منها إلا ببينة".
ويقبل قول امرأة.
وعبارته في الهداية والمذهب كعبارة المصنف.
وأطلقهما في الشرح والخلاصة.
فعلى المذهب قال في الترغيب لا قود على منكوحة مخالطة لزوجها وفي حالة الظهار احتمالان.
قوله: "وإن اقتص من حامل وجب ضمان جنينها على قاتلها".
هذا الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
وقال المصنف وتبعه في الشرح إن كان الإمام والولي عالمين بالحمل وتحريم الاستيفاء أو جاهلين بالأمرين أو بأحدهما أو كان الولي عالما بذلك دون الحاكم فالضمان عليه وحده لأنه مباشر والحاكم سبب.
وإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده لأن المباشر معذور.
وقال القاضي إن كان أحدهما عالما وحده فالضمان عليه وحده.
وإن كانا عالمين فالضمان على الحاكم.

(9/359)


وإن كانا جاهلين ففيه وجهان.
أحدهما: الضمان على الإمام.
والثاني : على الولي.
وقال أبو الخطاب يجب على السلطان الذي مكنه من ذلك ولم يفرق.
وجزم به في المذهب والخلاصة وقدمه في الرعايتين.
وقال في الفروع ويتوجه مثله إن حدث قبل الوضع.
وقال في المذهب في ضمانها وجهان.
فعلى القول بأن السلطان يضمن هل تجب الغرة في مال الإمام أو في بيت المال فيه روايتان.
وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير.
إحداهما: تجب في بيت المال.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والنظم.
وهذا المذهب على ما يأتي في باب العاقلة.
والرواية الثانية: يضمنها في ماله قدمه في الرعايتين.
وإن ألقته حيا ثم مات وقلنا يضمنه السلطان فهل تجب ديته على عاقلة الإمام أو في بيت المال على روايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
إحداهما: تجب على عاقلة الإمام قدمه في الخلاصة والرعايتين.
والرواية الثانية: تجب في بيت المال لأنه من خطأ الإمام على ما يأتي.
قلت وهذا المذهب لأن الصحيح من المذهب أن خطأ الإمام والحاكم في بيت المال. على ما يأتي في كلام المصنف في أوائل "باب العاقلة".
قوله: "ولا يستوفى القصاص إلا بحضرة السلطان" أو نائبه.
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمحرر والحاوي والرعاية الصغرى والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضور السلطان إذا كان القصاص في النفس.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ويستحب أن يحضره شاهدين.

(9/360)


فائدتان
إحداهما: لو خالف واستوفى من غير حضوره وقع موقعه وللسلطان تعزيره.
وقال في المغني والشرح ويعزره الإمام لافتياته فظاهره الوجوب.
وقال في عيون المسائل لا يعزره لأنه حق له كالمال.
ونقل صالح وابن هانئ مثله.
الثانية: قال في النهاية يستحب للسلطان أن يحضر القصاص عدلين فطنين حتى لا يقع حيف ولا جحود وقاله في الرعاية وغيره.
قوله: "وإن احتاج إلى أجرة فمن مال الجاني".
هذا الصحيح من المذهب كالحد وعليه جماهير الأصحاب.
جزم به في المحرر والحاوي والمنور والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والبلغة والشرح والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقيل من مستحقي الجناية.
وقال بعض الاصحاب يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص.
وقال أبو بكر يستأجر من مال الفيء فإن لم يكن فمن مال الجاني.
قوله: "والولي مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن وبين التوكيل".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم والحاوي والفروع وغيرهم.
وقيل ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال.
وهو تخريج للقاضي.
وقيل يتعين التوكيل في الطرف ذكره في الرعاية.
وقيل يوكل فيهما كما لو كان يجهله.
قوله: "وإن تشاح أولياء المقتول في الاستيفاء قدم أحدهم بالقرعة".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في البلغة والمحرر والحاوي الصغير والنظم والفروع وغيرهم.

(9/361)


قال في القواعد الفقهية هذا المشهور.
وقيل يعين الإمام أحدهم واختاره ابن أبي موسى.
فعلى المذهب من وقعت له القرعة يوكله الباقون.
فائدتان
إحداهما: لو اقتص الجاني من نفسه ففي جوازه برضى الولي وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما يجوز وهو الصحيح.
جزم به في المنور والوجيز.
وقدمه في المحرر والحاوي الصغير.
والثاني لا يجوز صححه في النظم.
وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح.
وصحح في الترغيب لا يقع ذلك قودا.
وقال في البلغة يقع ذلك قودا.
وقال في الرعاية يحتمل وجهين.
قال ولو أقام حد زنا أو قذف على نفسه بإذن لم يسقط بخلاف قطع سرقة.
ويأتي إذا وجب عليه حد هل يسقط بإقامته على نفسه بإذن الإمام أم لا في كتاب الحدود.
الثانية: يجوز له أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه نص عليه لأنه يسير وتقدم ذلك في باب السواك.
وليس له القطع في السرقة لفوات الردع.
وقال القاضي على أنه لا يمتنع القطع بنفسه وإن منعناه فلأنه ربما اضطربت يده فجنى على نفسه ولم يعتبر القاضي على جوازه إذنا.
قال في الفروع ويتوجه اعتباره قال وهو مراد القاضي.
وهل يقع الموقع يتوجه على الوجهين في القود.
قال ويتوجه احتمال تخريج في حد زنا وقذف وشرب كحد سرقة وبينهما فرق لحصول المقصود في القطع في السرقة وهو قطع العضو الواجب قطعه وعدم حصول الردع والزجر بجلده نفسه وقد يقال بحصول الردع والزجر بحصول الألم والتأذي بذلك انتهى.
قوله: "ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف في إحدى الروايتين".

(9/362)


وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
وقدمه في الفروع وقال نص عليه واختاره الأصحاب.
قال الزركشي هو المشهور واختيار الأكثرين.
قال في الانتصار وغيره في قود وحق الله لا يجوز في النفس إلا بسيف لأنه أزجر لا بسكين ولا في طرف إلا بها لئلا يحيف وأن الرجم بحجر لا يجوز بسيف انتهى.
وفي الرواية الأخرى يفعل به كما فعل إلا ما استثنى أو يقتل بالسيف.
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله فقال هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل.
قال الزركشي وهي أوضح دليلا.
فعليها ولو قطع يديه ثم قتله فعل به ذلك وإن قتله بحجر أو أغرقه أو غير ذلك فعل به مثل فعله.
قوله: "وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله".
في هذه المسألة طريقان.
أحدهما: أن فيها الروايتين المتقدمتين.
قال المصنف والشارح وهو قول غير أبي بكر والقاضي وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
والطريق الثاني: أنه هنا يقتل ولا يزاد عليه رواية واحدة وهو قول أبي بكر والقاضي.
قال المصنف في المغني وتبعه الشارح وهو الصحيح من المذهب.
واعلم أن محل ذلك فيما لو انفرد لم يكن فيه قصاص كما لو أجافه أو أمه أو قطع يده من نصف ذراعه أو رجله من نصف ساقه أو يدا ناقصة أو شلاء أو زائدة ونحوه فسرى.
ومثل المصنف بما لا يجب فيه قصاص كالقطع من مفصل والموضحة.
ومثل لما يجب فيه القصاص كالقطع من المفصل.
واعلم أنه لو قطع يديه أو رجليه أو جرحه جرحا يوجب القصاص لو انفرد فسرى إلى النفس ففيه طريقان أيضا.
والصحيح منهما أنه على الروايتين.
اختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
فيصح تمثيل المصنف بقطع اليد من المفصل.
والطريق الثاني: أنه لا يقتص من الطرف رواية واحدة وهي طريقة أبي الخطابي وجماعة. ففي كل من المسألتين طريقان ولكن الترجيح مختلف.

(9/363)


وحيث قلنا يفعل به مثل ما فعل وفعل فإن مات وإلا ضربت عنقه.
وفي الانتصار احتمال أو الدية بغير رضاه.
وقال في الفروع وأطلق جماعة رواية يفعل به كفعله غير المحرم واختاره أبو محمد الجوزي.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا وإلا فلا.
وعنه يفعل به كفعله إن كان موجبا أو موجبا لقود طرفه لو انفرد وإلا فلا.
فعلى المذهب في أصل المسألة لو فعل به مثل فعله فقد أساء ولم يضمن وأنه لو قطع.
طرفه ثم قتله قبل البرء ففي دخول قود طرفه في قود نفسه كدخوله في الدية روايتان.
وأطلقهما في الفروع والمحرر والحاوي.
إحداهما: يدخل قود الطرف في قود النفس ويكفي قتله.
صححه في النظم وقدمه في الرعايتين.
وهو ظاهر ما قطع به الخرقي.
والرواية الثانية: لا يدخل قود الطرف في قود النفس فله قطع طرفه ثم قتله.
قال في الترغيب فائدة الروايتين لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف لأن قطع السراية كاندماله.
وعلى المذهب أيضا لو قطع طرفا ثم عفا إلى الدية كان له تمامها.
وإن قطع ما يوجب الدية ثم عفا لم يكن له شيء.
وإن قطع أكثر مما يوجب به دية ثم عفا فهل يلزمه ما زاد على الدية أم لا فيه احتمالان.
وأطلقهما في المغني والشرح والفروع والزركشي.
قلت الصواب أنه لا يلزمه الزائد.
وعلى الرواية الثانية الاقتصار على ضرب عنقه أفضل.
وإن قطع ما قطع الجاني أو بعضه ثم عفا مجانا فله ذلك.
وإن عفا إلى الدية لم يجز بل له ما بقي من الدية فإن لم يبق شيء سقط.
قوله: "ولا تجوز الزيادة على ما أتى رواية واحدة ولا قطع شيء من أطرافه. فإن فعل فلا قصاص فيه" عليه بلا خلاف أعلمه.
"وتجب فيه ديته سواء عفا عنه أو قتله".
وهذا المذهب جزم به في المحرر والرعاية والحاوي والوجيز ونظم المفردات وغيرهم.

(9/364)


وقدمه في الفروع وغيره.
وهو من مفردات المذهب.
وقيل تجب فيه ديته إن لم يسر القطع.
وجزموا به في كتب الخلاف وقالوا أومأ إليه في رواية ابن منصور أو يقتله.
فائدة: لو قطع يده فقطع المجني عليه رجل الجاني فقيل هو كقطع يده.
وقيل يلزمه دية رجله.
قلت وهو الصواب.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي والفروع.
قوله: "وإن قتل واحد جماعة فرضوا بقتله قتل لهم ولا شيء لهم سواه وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول".
ولمن بقي الدية.
هذا أحد الوجوه والمذهب منهما.
وقدمه في الرعايتين.
وجزم به في الكافي والشرح وشرح ابن منجا والخرقي.
وقال في المغني يقدم الأول وإن قتلهم دفعة واحدة أقرع بينهم انتهى.
وقيل يقرع بينهم.
قال في الرعاية وهو أقيس.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في المحرر والنظم والحاوي الصغير.
وأطلقهما الزركشي.
وقيل يقاد للكل اكتفاء مع المعية.
وأطلقهن في الفروع.
وقال في الانتصار إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه وأنه قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال: ويتوجه أن يجبر له باقي حقه بالدية.
ويتخرج يقتل بهم فقط على رواية وجوب القود بقتل العمد.

(9/365)


فوائد
الأولى: لو قتلهم دفعة واحدة وتشاحوا في المستوفى أقرع بينهم بلا نزاع.
فلو بادر غير من وقعت له القرعة فقتله استوفى حقه وسقط حق الباقين إلى الدية.
وإن قتلهم متفرقا وأشكل الأول وادعى ولي كل واحد منهم أنه الأول ولا بينة لهم فأقر القاتل لأحدهم قدم بإقراره وهذا على القول الأول وإن لم يقر أقرعنا بينهم بلا خلاف.
الثانية: لو عفا الأول عن القود فهل يقرع بين الباقين أو يقدم ولي المقتول الأول أو يقاد للكل مبني على ما تقدم من الخلاف.
الثالثة: قوله: "وإن قتل وقطع طرفا قطع طرفه ثم قتل لولي المقتول" بلا نزاع.
لكن لا قود حتى يندمل.
ولو قطع يد رجل وإصبع آخر قدم رب اليد إن كان أولا وللآخر دية إصبعه.
وإن كان آخرا قدم رب الإصبع ثم يقتص رب اليد وفي أخذه دية الإصبع الخلاف.
وقدم في الرعاية وغيرها أن له دية الإصبع.
قلت وهو الصواب.
فائدة قوله: "وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل".
فيما تقدم خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
وقال القاضي في الخلاف في تيمم من لم يجد إلا ماء لبعض بدنه ولو قطع يمنى رجليه فقطعت يمينه لهما أخذ منه نصف دية اليد لكل منهما فيجمع بين البدل وبعض المبدل.
فائدة: لو بادر بعضهم فاقتص بجنايته في النفس أو في الطرف فلمن بقي الدية على الجاني على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب.
وفي كتاب الآدمي البغدادي ويرجع ورثته على المقتص.
وقدم الحلواني في التبصرة وابن رزين يرجع على قاتله.
وقال في الرعاية بعد أن قدم الأول وقيل بل على قاتل الجاني.
وقيل إن سقط القود لاختلاف العلماء في جواز استيفاء أحدهم فعلى الجاني وإن سقط للشركة فعلى المستوفي.
وتقدم إذا استوفى بعض الأولياء القصاص من غير إذن شركائه في كلام المصنف في الباب. حيث قال "وليس لبعضهم استيفاؤه".
تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع الجزء التاسع من كتاب
الإنصاف في مطابع دار إحياء التراث العربي - بيروت الزاهرة.
أدامها الله لطبع المزيد من الكتب النافعة.
والحمد لله رب العالمين.

(9/366)


المجلد العاشر
كتاب الجنايات
باب العفو عن القصاص
...
بسم الله الرحمن الرحيم
باب العفو عن القصاص
قوله : "والواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب".
هذا المذهب المشهور المعمول به في المذهب وعليه الأصحاب.
وهو من مفردات المذهب.
وعنه أن الواجب القصاص عينا.
فعلى المذهب الخيرة فيه إلى الولي فإن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا إلى غير شيء والعفو أفضل بلا نزاع في الجملة.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل والعفو إحسان والإحسان هنا أفضل لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر فإذا حصل به ضرر كان ظلما من العافي إما لنفسه وإما لغيره فلا يشرع.
قلت وهذا عين الصواب.
ويأتي بعض ذلك في آخر المحاربين.
وقال في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله مطالبة المقتول بالقصاص توجب تحتمه فلا يمكن الورثة بعد ذلك من العفو.
وعلى المذهب إن اختار القصاص فله العفو على الدية على الصحيح من المذهب لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدني ويكون بدلا عن القصاص وليست هذه الدية هي التي وجبت بالقتل وعلى هذا أكثر الأصحاب.
قال في الفروع فله ذلك في الأصح.
وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم.
وهو قول القاضي وابن عقيل وغيرهما.

(10/5)


وقيل ليس له ذلك لأنه أسقطها باختياره القصاص فلم يعد إليها.
وهو احتمال في المغني والمحرر والشرح وغيرهم.
وهو وجه في الترغيب.
وعلى المذهب أيضا إن اختار الدية سقط القصاص ولم يملك طلبه كما قال المصنف.
وعلى المذهب أيضا لو اختار القصاص كان له الصلح على أكثر من الدية على الصحيح من المذهب لما تقدم وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل ليس له ذلك.
واختاره في الانتصار وبعض المتأخرين من الأصحاب.
وتقدم ذلك في كلام المصنف في باب الصلح حيث قال ويصح الصلح عن القصاص بديات وبكل ما يثبت مهرا واستوفينا الكلام هناك فليعاود.
قوله : "وله العفو إلى الدية وإن سخط الجاني".
يعني إذا قلنا الواجب القصاص عينا.
وهذا هو الصحيح على هذه الرواية.
وقدمه في الرعايتين والحاوي والنظم والفروع.
واختاره بن حامد وغيره.
قال في المحرر وعنه موجبه القود عينا مع التخيير بينهما.
وعنه أن موجبه القود عينا وأنه ليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني فيكون قوده بحاله انتهى.
فعلى هذه الرواية إذا لم يرض الجاني فقوده باق ويجوز له الصلح بأكثر من الدية.
وقال الشيرازي لا شيء له ولو رضي وشذذه الزركشي.
قوله : "فإن عفا مطلقا وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية". هذا المذهب.
قال في الفروع وإن عفا مطلقا أو على غير مال أو عن القود مطلقا ولو عن يده فله الدية على الأصح على الرواية الأولى خاصة.
وقال في الرعايتين وإن عفا مطلقا وقلنا يجب بالعمد قود أو دية وجبت على الأصح وإن قلنا القود فقط سقطا.
وجزم به في المحرر والمغني والشرح والنظم والحاوي الصغير الوجيز وغيرهم.
وعنه ليس له شيء.

(10/6)


وقال في القاعدة السابعة والثلاثين بعد المائة لو عفا عن القصاص ولم يذكر مالا فإن قلنا موجبه القصاص عينا فلا شيء له وإن قلنا أحد شيئين ثبت المال.
وخرج ابن عقيل أنه إذا عفا عن القود سقط ولا شيء له بكل حال على كل قول.
قال صاحب القواعد وهذا ضعيف انتهى.
وقال في المحرر وغيره ومن قال لمن عليه قود في نفس أو طرف قد عفوت عنك أو عن جنايتك فقد بريء من قود ذلك وديته نص عليه.
وقيل لا يبرأ من الدية إلا أن يقر العافي أنه أرادها بلفظه.
وقيل يبرأ منها إلا أن يقول إنما أردت القود دون الدية فيقبل منه مع يمينه انتهى.
وقال في الترغيب: إن قلنا الواجب القود وحده سقط ولا دية وإن قلنا أحد شيئين انصرف العفو إلى القصاص في أصح الروايتين والأخرى يسقطان جميعا ذكره في القواعد.
فائدة : لو عفا عن القود إلى غير مال مصرحا بذلك فإن قلنا الواجب القصاص عينا فلا مال له في نفس الأمر وقوله هذا لغو وإن قلنا الواجب أحد شيئين سقط القصاص والمال جميعا.
فإن كان ممن لا تبرع له كالمحجور عليه لفلس والمكاتب والمريض فيما زاد على الثلث والورثة مع استغراق الديون للتركة فوجهان:
أحدهما: لا يسقط المال وهو المشهور قاله في القواعد.
والثاني : يسقط وفي المحرر أنه المنصوص.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أن العفو لا يصح في قتل الغيلة لتعذر الاحتراز كالقتل مكابرة.
وذكر القاضي وجها في قاتل الأئمة يقتل حدا لأن فساده عام أعظم من المحارب.
قوله : "وإن مات القاتل وجبت الدية في تركته".
وكذا لو قتل وهذا هو الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المغني والشرح وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والفروع وغيرهم وصححه في النظم.
وجزم به في المحرر والحاوي في الموت وقدماه في القتل.
وقيل تسقط بموته.
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنها تسقط بموته وقتله وخرجه وجها وسواء كان معسرا أو موسرا وسواء قلنا الواجب القصاص عينا أو الواجب أحد شيئين.

(10/7)


وعنه ينتقل الحق إذا قتل إلى القاتل الثاني فيخير أولياء القتيل الأول بين قتله أو العفو عنه.
وقال في الرعاية وقيل إن قلنا الواجب أحد شيئين وجبت الدية في تركته وإن قلنا الواجب القصاص عينا احتمل وجهين.
وذكر في القواعد النص عن الإمام أحمد رحمه الله وقال وعلل بأن الواجب بقتل العمد أحد شيئين وقد فات أحدهما فتعين الآخر.
قال وهذا يدل على أنه لا يجب شيء إذا قلنا الواجب القود عينا.
وقال القاضي يجب مطلقا.
قوله : "وإذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه ثم سرت إلى الكف أو النفس وكان العفو على مال فله تمام الدية".
يعني تمام دية ما سرت إليه وهذا المذهب.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا والوجيز والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومنتخب الآدمي.
وقال في الرعاية وإن قطع إصبعا عمدا فعفا عنها فسرت إلى الكف فقال لم أعف عن السراية ولا عن الدية صدق إن حلف وله دية كفه.
وقيل دون إصبع وقيل تهدر كفه بعفوه.
وإن سرت إلى نفسه وجبت الدية فقط.
وقيل إن كان العفو إلى مال وإلا فلا.
وقيل يجب نصفها.
وقيل الكل هدر.
قوله "وإن عفا على غير مال فلا شيء له في ظاهر كلامه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والمستوعب.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الخلاصة.
ويحتمل أن له تمام الدية وهو المذهب.
وقدمه في المغني والشرح ونصراه.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وقيل يجب نصف الدية.

(10/8)


قال القاضي القياس أن يرجع الولي بنصف الدية لأن المجني عليه إنما عفا عن نصفها.
قوله : "وإن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمد".
فإن قلنا الواجب أحد شيئين فهو كما لو عفا على مال.
وإن قيل الواجب القصاص عينا فهو كما لو عفا إلى غير مال.
وقطع به ابن منجا في شرحه والهداية والمذهب والمستوعب.
وقال في الفروع فله الدية على الأصح على الأولى خاصة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل له نصف الدية.
وقيل تسقط الدية كلها كما ذكرهما في الرعاية.
قوله : "وإن قتل الجاني العافي عن القطع فلوليه القصاص أو الدية كاملة".
وهو المذهب اختاره أبو الخطاب في الهداية.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي.
وقدمه في الفروع والمحرر والنظم.
وقال القاضي ليس له إلا القصاص أو تمام الدية.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
فائدة: إذا قال لمن عليه قود عفوت عنك أو عن جنايتك بريء من الدية كالقود على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل يبرأ من الدية إذا قصدها بقوله.
وقيل إن ادعى قصد القود فقط قبل وإلا بريء.
وقال في الترغيب إن قلنا موجبه أحد شيئين بقيت الدية في أصح الروايتين.
قوله : "وإذا وكل رجلا في القصاص ثم عفا ولم يعلم الوكيل حتى اقتص فلا شيء عليه".
يعني على الوكيل وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
واختاره أبو بكر وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويتخرج أن يضمن الوكيل وهو وجه.

(10/9)


قال في الشرح وغيره: وقال غير أبي بكر يخرج في صحة العفو وجهان بناء على الروايتين في الوكيل هل ينعزل بعزل الموكل قبل علمه أم لا.
قلت الصحيح من المذهب أنه ينعزل.
والصواب أنه لا ينعزل كما تقدم.
فعلى القول بأن الوكيل يضمن فيرجع به على الموكل في أحد الوجهين لأنه غره.
وهو الصحيح قدمه في الفروع.
والوجه الآخر: لا يرجع به, اختاره أبو بكر.
وقدمه في الهداية والمذهب والخلاصة.
وأطلقهما في المحرر وشرح ابن منجا .
فعلى هذا الوجه وهو أنه لا يرجع به يكون في ماله حالا على الصحيح من المذهب اختاره أبو بكر والقاضي.
وقدمه المصنف وصاحب الفروع والنظم.
وقال أبو الخطاب يكون على عاقلته اختاره في الهداية.
فعليهما إن كان عفا إلى الدية فهي للعافي على الجاني.
قوله : "وهل يضمن العافي يحتمل وجهين".
يعني إذا قلنا إن الوكيل لا شيء عليه ذكرها أبو بكر.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر.
أحدهما: لا يضمن وهو المذهب.
والوجه الثاني: يضمن.
جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع.
قوله : "وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح".
سواء كان بلفظ العفو أو الوصية وهو المذهب.
جزم به في الشرح وشرح ابن منجا .
وقدمه في الفروع والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والمحرر.
وعنه في القود إن كان الجرح لا قود فيه إذا بريء صح وإلا فلا.
فائدة : لو قال عفوت عن الجناية وما يحدث منها صح ولم يضمن السراية.
فإن كان عمدا لم يضمن شيئا وإن كان خطأ اعتبر خروجهما من الثلث قاله في

(10/10)


المغني والشرح.
وظاهر ما قدمه في الفروع السقوط مطلقا.
وهو ظاهر كلامه في النظم والمحرر.
وإن قال عفوت عن هذا الجرح أو هذه الضربة فعنه يضمن السراية بقسطها من الدية.
وعنه لا يضمن قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الفروع والمحرر.
وإن قال عفوت عن هذه الجناية وأطلق لم يضمن السراية.
وإن قصد بالجناية الجرح ففيه على المذهب في أصل المسألة وجهان وأطلقهما في الفروع.
قدم في النظم عدم الضمان.
وقدمه في المحرر على الرواية الأولى في التي قبلها.
وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "وإن أبرأه من الدية أو وصى له بها فهي وصية لقاتل هل تصح على روايتين".
وأطلقهما في الهداية.
إحداهما : تصح وهي المذهب وتعتبر من الثلث.
وكذا قال في الهداية والخلاصة.
قال الشارح هكذا ذكره في كتاب المقنع ولم يفرق بين العمد والخطأ.
والذي ذكره في المغني إن كان خطأ اعتبرت من الثلث وإلا فلا.
وقيل تصح من كل ماله ذكره في الرعايتين.
والرواية الثانية: لا تصح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي.
وتقدم ما يشابه ذلك في باب الموصى له عند قوله إذا جرحه ثم أوصى له فمات من الجرح.
ويحتمل أن لا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتل ولا غيره إذا قلنا يحدث على ملك الورثة.
وقد تقدم أيضا في [باب الموصى به] فيما إذا قتل وأخذت الدية, هل يدخل في الوصية أم لا فليراجع.

(10/11)


وذكر في الترغيب وجها يصح بلفظ الإبراء لا الوصية.
وقال في الترغيب أيضا: تخرج في السراية في النفس روايات الصحة وعدمها.
والثالثة: يجب النصف, بناء على أن صحة العفو ليس بوصية ويبقى ما قابل السراية لا يصح الإبراء عنها.
قال: وذهب بن أبي موسى إلى صحته في العمد وفي الخطأ من ثلثه.
قلت: وذكر أيضا هذا المصنف في المغني والشارح.
قوله : "وإن أبرأ القاتل من الدية الواجبة على عاقلته أو العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته لم يصح".
في الأولى قولا واحد.
ولا يصح في الثانية على الصحيح من المذهب.
قال في الفروع: ولم يصح في الأصح.
وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم.
وقيل يصح إبراء العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته.
قوله : "وإن أبرأ العاقلة أو السيد صح".
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ويتخرج أن لا يصح الإبراء منه بحال على الرواية التي تقول تجب الدية للورثة لا للمقتول قاله في الهداية قال وفيه بعد.
قوله : "وإن وجب لعبد قصاص أو تعزير قذف فله طلبه والعفو عنه وليس ذلك للسيد إلا أن يموت العبد".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال ابن عقيل في حد القذف ليس للسيد المطالبة به والعفو عنه لأن السيد إنما يملك ما كان مالا أو طلب بدل هو مال كالقصاص فأما ما لم يكن مالا ولا له بدل هو مال فلا يملك المطالبة به كالقسم وخيار العيب والعنة.
وقال بن عبد القوي إذا قلنا الواجب أحد شيئين يحتمل أن للسيد المطالبة بالدية ما لم يعف العبد.
والقول بأن للسيد المطالبة بالدية فيه إسقاط حق العبد مما جعله الشارع مخيرا فيه فيكون منفيا.

(10/12)


قال في القواعد الأصولية قلت ويتخرج لنا في عتق العبد مطلقا في جناية العمد وجهان من مسألة المفلس وهنا أولى بعدم السقوط إذ ذات العبد ملك للسيد بخلاف المفلس انتهى.

(10/13)


باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس
قوله : "كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها ومن لا فلا".
يعني ومن لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دونها وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا قود بين العبيد مطلقا نقلها الأثرم ومهنا.
وعنه لا قود بينهم فيما دون النفس.
وعنه لا قود بينهم في النفس والطرف حتى تستوي القيمة ذكره في الانتصار.
قال حرب في الطرف: كأنه مال إذا استوت القيمة.
وتقدم بعض ذلك في باب شروط القصاص.
قوله : "ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس وهو العمد المحض".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
واختار أبو بكر وبن أبي موسى والشيرازي يجب القصاص أيضا في شبه العمد وذكره القاضي رواية.
قوله : "وهل يجري القصاص في الألية والشفر على وجهين".
أطلق في إجراء القصاص في الألية وجهين.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير والفروع.
إحداهما: يجري القصاص فيهما وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الكافي والوجيز.
والوجه الثاني: لا يجري القصاص فيهما.
قلت: وهو الصواب.

(10/13)


وصححه في النظم. وقدمه في الرعايتين. وأطلق المصنف في إجراء القصاص في الشفر وجهين.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني والكافي والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والحاوي الصغير والفروع.
أحدهما : يجري القصاص فيه وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز واختاره أبو الخطاب.
والوجه الثاني: لا يجري القصاص فيه.
قلت وهو الصواب.
وقال في الخلاصة: فلا قصاص فيه في الأظهر واختاره القاضي.
وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين.
تنبيه: ظاهر قوله : "ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط أحدها الأمن من الحيف".
أنه لا يجب القصاص في اللطمة ونحوها لإنه لا يؤمن في ذلك الحيف وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل حنبل والشالنجي القود في اللطمة ونحوها.
ونقل حنبل قال الإمام أحمد رحمه الله الشعبي والحكم وحماد رحمهم الله قالوا ما أصاب بسوط أو عصا وكان دون النفس ففيه القصاص.
قال الإمام أحمد رحمه الله: وكذلك أرى.
ونقل أبو طالب لا قصاص بين المرأة وزوجها في أدب يؤدبها به.
فإن اعتدى أو جرح أو كسر يقتص لها منه.
ونقل ابن منصور إذا قتله بعصا أو خنقه أو شدخ رأسه بحجر يقتل بمثل الذي قتل به لأن الجروح قصاص.
ونقل أيضا كل شيء من الجراح والكسر يقدر على الاقتصاص يقتص منه للأخبار.
واختار ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله وقال ثبت ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم.
تنبيهان
أحدهما: تقدم في أثناء الغصب قبيل قوله فإن كان مصوغا أو تبرا هل يقتص في المال مثل شق ثوبه ونحوه؟

(10/14)


الثاني: قوله: "ويشترط للقصاص في الطرف الأمن من الحيف".
قال الزركشي واعلم أن ظاهر كلام بن حمدان تبعا لأبي محمد أن المشترط لوجوب القصاص أمن الحيف وهو أخص من إمكان الاستيفاء بلا حيف والخرقي إنما اشترط إمكان الاستيفاء بلا حيف وتبعه أبو محمد في المغني والمجد وجعل المجد أمن الحيف شرطا لجواز الاستيفاء وهو التحقيق.
وعليه لو أقدم واستوفى ولم يتعد وقع الموقع ولا شيء عليه.
وكذا صرح المجد.
وعلى مقتضى قول بن حمدان وما في المقنع تكون جناية مبتدأة يترتب عليها مقتضاها انتهى.
قلت الذي يظهر أنه لا يلزم ما قاله عن بن حمدان والمصنف إذا أقدم واستوفى.
أكثر ما فيه أنا إذا خفنا الحيف منعناه من الاستيفاء فلو أقدم وفعل ولم يحصل حيف فليس في كلامهما ما يقتضي الضمان بذلك.
قوله : "فإن قطع القصبة أو قطع من نصف الساعد أو الساق".
وكذا لو قطع من العضد أو الورك فلا قصاص في أحد الوجهين.
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب.
قال في الهداية هو المنصوص واختيار أبي بكر والأصحاب.
وصححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي وغيرهم قال أصحابنا لا قصاص.
وفي الوجه الآخر: يقتص من حد المارن ومن الكوع والمرفق والركبة والكعب وهو احتمال في الهداية.
واختاره أبو بكر فيما قطعه من نصف الكف أو زاد قطع الأصابع ذكره المصنف والشارح.
فعلى المذهب لو قطع يده من الكوع ثم تأكلت إلى نصف الذراع فلا قود له أيضا اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي وغيره.
وقدمه في الرعايتين وصححه الناظم.
وقال المجد يقتص هنا من الكوع أو الكعب.

(10/15)


قوله : "وهل يجب له أرش الباقي على وجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والشرح وشرح ابن منجا .
أحدهما: لا يجب له أرش صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
قال الزركشي هذا أشهر الوجهين.
والوجه الثاني: له الأرش اختاره بن حامد.
قدم في المغني في قصبة الأنف حكومة مع القصاص.
وقال فيمن قطع من نصف الذراع ليس له القطع من ذلك الموضع وله نصف الدية وحكومة في المقطوع من الذراع وهل له أن يقطع من الكوع فيه وجهان.
ومن جوز له القطع من الكوع فعنده في وجوب الحكومة لما قطع من الذراع وجهان.
تنبيه: الخلاف هنا يعود على كلا الوجهين يعني سواء قلنا يقتص أو لا يقتص.
قال في الفروع وعليهما في أرش الباقي ولو خطأ وجهان.
وصاحب الوجيز إنما حكى ذلك على القول بأنه لا قصاص مع أن ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والخلاصة والمصنف هنا أن الخلاف على الوجه الثاني وهو القول بالقصاص.
وعلى كل حال الخلاف جار في المسألتين.
فائدتان :
إحداهما: قوله: "ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة" بلا نزاع.
لكن إن خيف هل له أن يقتص من مرفقه فيه وجهان.
وأطلقهما في المغني والمحرر والشرح والفروع والحاوي.
أحدهما : له ذلك وهو الصحيح.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي وصححه في النظم.
والوجه الثاني: ليس له ذلك.
الثانية : لو خالف واقتص مع خشية الحيف أو من مأمومة أو جائفة أو نصف ذراع ونحوه أجزأه بلا نزاع.

(10/16)


قوله : "وإذا أوضح إنسانا فذهب ضوء عينيه أو سمعه أو شمه فإنه يوضحه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما يذهبه من غير أن يجري على حدقته أو أذنه أو أنفه".
هذا المذهب أعني استعمال ما يذهب ذلك وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب المنور.
قال في الفروع هذا الأشهر.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي.
وقيل يلزمه ديته من غير استعمال ما يذهبه.
وهل يلزمه في ماله أو على عاقلته على وجهين.
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاوي.
قلت الصواب وجوبها عليه.
ولو أذهب ذلك عمدا بشجة لا قود فيها أو لطمة فهل يقتص منه بالدواء أو تتعين ديته من الابتداء على الوجهين المتقدمين.
فائدة : وكذا الحكم فيما إذا لطمه فأذهب ضوء عينيه أو غيرها.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط".
يعني القود وأخذت الدية.
الثاني: مفهوم قوله : "ولا تؤخذ أصلية بزائدة ولا زائدة بأصلية".
أن الزائدة تؤخذ بالزائدة وهو صحيح وهو المذهب بشرط أن يستويا محلا وخلقة ولو تفاوتا قدرا.
جزم به في المحرر والرعاية والحاوي وقدمه في الفروع.
وقيل لا يؤخذ بها أيضا.
فإن اختلفا لم تؤخذ بها قولا واحدا.
فائدة : تؤخذ كاملة الأصابع بزائدة إصبعا على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تؤخذ بها.
فإن ذهبت الإصبع الزائدة فله الأخذ.

(10/17)


قوله : "وإن تراضيا عليه لم يجز".
يعني إذا تراضيا على أن يأخذ الأصلية بالزائدة أو عكسه وهذا بلا نزاع فإن فعلا أو قطعها تعديا أو قال أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها أجزأت على كل حال وسقط القصاص.
هذا المذهب اختاره أبو بكر وغيره.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع.
وقال بن حامد إن أخرجها عمدا لم يجز ويستوفي من يمينه بعد اندمال اليسار.
قوله : "وإن أخرجها دهشة أو ظنا أنها تجزئ فعلى القاطع ديتها".
هذا ظاهر كلام بن حامد واختياره.
وجزم به الآدمي في منتخبه.
قال الشارح وغيره فعلى القاطع ديتها إن علم أنها يسار وأنها لا تجزئ ويعزر وجزم به.
واختار بن حامد أيضا أنه إن أخرجها عمدا وقطعها أنها تذهب هدرا انتهى.
وقول بن حامد ويستوفي من يمينه بعد اندمال اليسار يعني إذا لم يتراضيا فأما إن تراضيا ففي سقوطه إلى الدية وجهان.
وقال في الترغيب في أصل المسألة إذا ادعى كل منهما أنه دهش اقتص من يسار القاطع لأنه مأمور بالتثبت.
وقال إن قطعها عالما عمدا فالقود.
وقيل الدية ويقتص من يمناه بعد الاندمال.
قوله : "الثالث استواؤهما في الصحة والكمال فلا يؤخذ لسان ناطق بأخرس".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والمحرر والشرح وغيرهم.
قال المصنف والشارح لا نعلم فيه خلافا إلا عن داود بن علي وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب في لسان الناطق بأخرس وجهان.
قوله : "ولا ذكر فحل بذكر خصي ولا عنين".

(10/18)


وهو المذهب فيهما اختاره الشريف أبو جعفر وغيره.
قال الزركشي واختارها أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي وغيرهم.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
وجزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
ويحتمل أن يؤخذ بهما وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها أبو بكر وهو مقتضى كلام الخرقي.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والرعايتين.
وعنه يؤخذ ذكر الفحل بذكر العنين خاصة اختاره بن حامد.
وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير.
قال القاضي وتبعه في الخلاصة ولا يؤخذ ذكر الفحل بالخصي وفي ذكر العنين وجهان.
قال القاضي في الجامع وتبعه في الهداية وأصل الوجهين هل في ذكر الخصي والعنين دية كاملة أو حكومة على روايتين.
قوله : "إلا مارن الأشم الصحيح يؤخذ بمارن الأخشم والمجذوم والمستحشف وأذن السميع بأذن الأصم الشلاء في أحد الوجهين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلق في المغني والكافي والهادي والشرح في أخذ الصحيح بالمستحشف الوجهين.
أحدهما: يؤخذ وهو المذهب صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز.
وجزم في المغني والكافي والشرح وهو مقتضى كلام الخرقي.
واختار القاضي: أخذ الأذن الصحيحة والأنف الأشم بالأنف الأخشم وبالأذن الأصم.
واختار القاضي, والمصنف عدم أخذ الأذن الصحيحة والأنف الصحيحة بالأنف والأذن

(10/19)


المخزومتين.
واختار القاضي أخذ الأذن الصحيحة بالأذن الشلاء.
والوجه الثاني : لا يؤخذ به في الجميع.
قال الآدمي في منتخبه لا يؤخذ عضو صحيح بأشل.
قال في المحرر وقال القاضي يؤخذ في الجميع إلا في المخزوم خاصة.
تنبيه: ذكر المصنف أخذ أذن السميع بأذن الأصم الشلاء على أحد الوجهين ولم أر الأصحاب ذكروا إلا الصمم منفردا والشلل كذلك من غير جمع فلعله سقط من هنا واو.
ويكون تقديره بإذن الأصم والشلاء موافقة لكلام الأصحاب مع أنه لا يمتنع وجود الخلاف في صورة المصنف والله أعلم.
قوله : "ويؤخذ المعيب من ذلك كله بالصحيح وبمثله إذا أمن من قطع الشلاء التلف" بلا نزاع.
قوله : "ولا يجب مع القصاص أرش في أحد الوجهين".
وهو المذهب اختاره أبو بكر وغيره وصححه في التصحيح.
قال المصنف والشارح هذا أصح.
قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وفي الوجه الآخر له دية الأصابع الناقصة.
واختاره بن حامد والقاضي.
قوله : "ولا شيء له من أجل الشلل".
هذا المذهب قال الزركشي هذا المذهب.
وجزم به الخرقي وغيره.
وقدمه في المغني والشرح وصححاه.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال ابن منجا في شرحه وهو قول القاضي وشيخه.
وقيل الشلل موت.

(10/20)


قال في الفنون سمعته من جماعة من البله المدعين للفقه قال وهو بعيد وإلا لأنتن واستحال كالحيوان.
وقال في الواضح إن ثبت فلا قود في ميت.
واختار أبو الخطاب أن له أرشه مطلقا قياسا على قوله في عين الأعور.
قال في المحرر والحاوي وهو أشبه بكلام الإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في المنور.
قوله : "وإن اختلفا في شلل العضو وصحته فأيهما يقبل قوله فيه وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب.
أحدهما: القول قول ولي الجناية وهو المذهب نص عليه واختاره أبو بكر وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: القول قول الجاني اختاره بن حامد.
واختار في الترغيب عكس قول بن حامد في أعضاء باطنة لتعذر البينة.
وقيل القول قول ولي الجناية إن اتفقا على صحة العضو.
قوله : "وإن قطع بعض لسانه ومارنه أو شفته أو حشفته أو أذنه أخذ مثله يقدر بالأجزاء كالنصف والثلث والربع".
هذا المذهب وقطع به الأصحاب في غير قطع بعض اللسان.
والصحيح من المذهب أنه كذلك.
جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
وقدمه في المحرر والشرح والفروع والحاوي والرعايتين.
وقيل لا قود ببعض اللسان.
جزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمنور.
قال في المحرر والحاوي الصغير وهو الأصح.
قوله : "ولا يقتص من السن حتى يؤيس من عودها بقول أهل الخبرة".
هذا المذهب المجزوم به عند الأصحاب.

(10/21)


إلا أن المصنف اختار في سن الكبير ونحوها القود في الحال.
قلت وهو الصواب ولعله مراد الأصحاب فإن سن الكبير إذا قلعت ييأس من عودها غالبا.
قوله : "فإن مات قبل اليأس من عودها فعليه ديتها ولا قصاص فيها".
يجب ديتها إذا مات قبل اليأس من عودها على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في المغني والشرح والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم.
وصححه في النظم وغيره.
وقيل لا شيء عليه بل تذهب هدرا كنبت شيء فيه قاله في المنتخب.
فائدة : الظفر كالسن في ذلك.
وله في غيرهما الدية وفي القود وجهان وأطلقهما في الفروع.
أحدهما : له القود حيث شرع وهو المذهب.
قدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره.
والوجه الثاني: ليس له القود.
قوله : "وإن اقتص من سن فعادت غرم سن الجاني ثم إن عادت سن الجاني رد ما أخذ".
هذا المذهب المقطوع به عند جماهير الأصحاب.
ونقل ابن الجوزي في المذهب فيمن قلع سن كبير ثم نبتت أنه لا يرد ما أخذ.
قال ذكره أبو بكر.
ويأتي ذلك أيضا في باب ذكر ديات الأعضاء ومنافعها في أول الفصل الثاني.
فائدة : حيث قلنا يرد ما أخذ فإنه لا زكاة فيه كمال ضال ذكره أبو المعالي.
قوله : "النوع الثاني الجروح فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد والساعد والفخذ والساق والقدم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به.
وقيل له في رواية أبي داود الموضحة يقتص منها قال الموضحة كيف يحيط بها.

(10/22)


قوله : "ولا يجب في غير ذلك من الشجاج والجروح كما دون الموضحة وأعظم منها إلا أن تكون أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة فله أن يقتص موضحة" بلا نزاع.
قوله : "ولا شيء له على قول أبي بكر".
وجزم به الآدمي في منتخبه وقدمه في الحاوي.
وقال بن حامد له ما بين دية الموضحة ودية تلك الشجة فيأخذ في الهاشمة خمسا من الإبل وفي المنقلة عشرا وفي المأمومة ثمانية وعشرين وثلثا.
وجزم به في الوجيز والمنور.
وقدمه في الخلاصة والرعايتين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمغني والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والفروع.
قوله : "ويعتبر قدر الجرح بالمساحة فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة كان له أن يوضحه في جميع رأسه" بلا نزاع أعلمه.
وفي "الأرش للزائد وجهان".
قال في الوجيز وفي بعض إصبع روايتان.
وأطلق الوجهين في الفروع والمحرر والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يلزمه أرش الزائد صححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
قال القاضي هذا ظاهر كلام أبي بكر.
قال في الهداية والمذهب وغيرهما لا يلزمه أرش الزائد على قول أبي بكر.
والوجه الثاني: له الأرش للزائد اختاره بن حامد وبعض الأصحاب قاله الشارح.
وصححه في الرعايتين.
وجزم به في المنور.
فائدة : لو كانت الصفة بالعكس بأن أوضح كل رأسه وكان رأس الجاني أكبر منه فله قدر شجته من أي الجانبين شاء فقط على الصحيح من المذهب.
وجزم به في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي وغيرهم.
وقدمه في الفروع.

(10/23)


وقيل ومن الجانبين أيضا.
وأما إذا كانت الشجة بقدر بعض الرأس منهما لم يعدل عن جانبها إلى غيره بلا نزاع.
قوله : "وإن اشترك جماعة في قطع طرف أو جرح موجب للقصاص وتساوت أفعالهم مثل أن يضعوا الحديدة على يده ويتحاملوا عليها جميعا حتى تبين فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين" وهو المذهب.
قال المصنف والشارح هذا أشهر الروايتين وهو الذي ذكره الخرقي.
قال الزركشي هذا المذهب.
وصححه في التصحيح.
وجزم به في الوجيز والمنور وغيرهما.
وقدمه في الفروع وغيره.
وعنه لا قصاص عليهم.
والحكم هنا كالحكم في قتل الجماعة بالواحد على ما تقدم في كتاب الجنايات وشرطه كما قال المصنف.
أما لو تفرقت أفعالهم أو قطع كل إنسان من جانب فلا قصاص رواية واحدة كما قال.
فائدة : قال ابن منجا في شرحه لو حلف كل واحد منهم أنه لا يقطع يد أحد حنث بهذا الفعل.
وكذا قال أبو البقاء إن كلا منهم قاطع.
وكذا قال أبو الخطاب في انتصاره.
وقال أبو البقاء إن كلا منهم قاطع لجميع اليد.
قوله : "وسراية الجناية مضمونة بالقصاص والدية فلو قطع إصبعا فتأكلت أخرى إلى جانبها وسقطت من مفصل أو تأكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القصاص في ذلك" بلا نزاع أعلمه.
وهو من مفردات المذهب.
"وإن شل ففيه ديته دون القصاص".
على الصحيح من المذهب.
جزم به في المغني والشرح والوجيز وقدمه في الفروع.
وقال ابن أبي موسى لا قود بنقصه بعد برئه.

(10/24)


قوله : "وسراية القود غير مضمونة فلو قطع اليد قصاصا فسرى إلى النفس فلا شيء على القاطع" بلا نزاع.
لكن لو اقتص قهرا مع حر أو برد أو بآلة كالة أو مسمومة ونحوه لزمه بقية الدية على الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز.
وقدمه في الفروع وصححه في الرعايتين.
وعند القاضي يلزمه نصف الدية.
وقال ابن عقيل من له قود في نفس وطرف فقطع طرفه فسرى أوصال من عليه الدية فدفعه دفعا جائرا فقتله هل يكون مستوفيا لحقه كما يجزئ إطعام مضطر عن كفارة قد وجب عليه بدله له وكذا من دخل مسجدا وصلى قضاء ونوى كفاه عن تحية المسجد فيه احتمالان.
قوله : "ولا يقتص من الطرف إلا بعد برئه".
الصحيح من المذهب أنه يحرم عليه أن يقتص من الطرف قبل برئه وهو ظاهر كلام المصنف هنا بل وظاهر كلام الأصحاب.
قال في الفروع ويحرم القود قبل برئه على الأصح.
وعنه لا يحرم.
وهو تخريج في المغني والشرح من قولنا إنه إذا سرى إلى السن يفعل به كما فعل.
فائدة: قوله: فإن اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية جرحه فلو سرى إلى نفسه كان هدرا.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأنه قد دخله العفو بالقصاص.
وهو من المفردات.

(10/25)