الروض
المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر
كتاب الظهار
كتاب الظهار
...
16- كتاب الظهار
مشتق من الظهر وخص به من بين سائر الأعضاء
لأنه موضع الركوب ولذلك سمي المركوب ظهرا
والمرأة مركوبة إذا غشيت.
"وهو" محرم لقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ
لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ
وَزُوراً} 1 " فمن شبه زوجته أو" شبه بعضها أي
بعض زوجته "ببعض" من تحرم عليه "أو بكل من
تحرم عليه أبدا بنسب" كأمه وأخته "أو رضاع"
كأخته منه أو بمصاهرة كحماته أو بمن تحرم عليه
إلى أمد كأخت زوجته وعمتها "من ظهر" بيان
للبعض كأن يقول: أنت علي كظهر أمي أو أختي أو
أنت علي كـ "بطن" عمتي "أو عضو آخر لا ينفصل"
كيدها أو رجلها "بقوله" متعلق بشبه لها أي
لزوجته: أنت أو ظهرك أو يدك "علي أو معي أو
مني كظهر أمي أو كيد أختي أو وجه حماتي ونحوه
أو أنت علي حرام" فهو مظاهر ولو نوى طلاقا أو
يمينا أو قال: أنت علي كالميتة والدم والخنزير
"فهو مظاهر" جواب فمن وكذا لو قال: أنت علي
كظهر فلانة الأجنبية أو كظهر أبي أو أخي أو
زيد وإن قال: أنت علي أو عندي كأمي أو مثل أمي
وأطلق فظهار وإن نوى في الكرامة ونحوها دين
وقبل حكما وإن قال: أنت أمي أو كأمي فليس
بظهار إلا مع نية أو قرينة وإن قال: شعرك أو
سمعك ونحوه كظهر أمي فليس بظهار "وإن قالت
لزوجها" أي قالت له نظير ما يصير به مظاهرا
منها "فليس بظهار" لقوله تعالى: {الَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} 1
فخصهم بذلك "وعليها" أي على الزوجة إذا قالت
ذلك لزوجها "كفارته" أي كفارة الظهار قياسا
على الزوج وعليها التمكين قبل التكفير ويكره
نداء أحد
ـــــــ
1 سورة المجادلة من الآية "2".
(1/383)
الزوجين الآخر
بما يختص بذي رحم محرم كأبي وأمي1 "ويصح"
الظهار "من كل زوجة" لا من أمة وأم ولد وعليه
كفارة يمين2 ولا يصح ممن لا يصح طلاقه3.
فصل
"ويصح الظهار معجلا" أي منجزا كأنت علي كظهر
أمي "و" يصح الظهار أيضا "معلقا بشرط" كإن قصت
فأنت علي كظهر أمي "فإذا وجد" الشرط "صار
مظاهرا" لوجود المعلق عليه و يصح الظهار
"مطلقا" أي غير مؤقت كما تقدم و يصح "مؤقتا"
كأنت علي كظهر أمي شهر رمضان فإن وطئ فيه كفر
لظهاره "وإن فرغ الوقت زال الظهار" بمضيه
"ويحرم" على مظاهر ومظاهر منها "قبل أن يكفر"
لظهاره "وطء ودواعيه" كالقبلة والاستمتاع بما
دون الفرج "ممن ظاهر منها" لقوله صلى الله
عليه وسلم : "فلا تقربها حتى تفعل أمرك الله
به" صححه الترمذي
"ولا تثبت الكفارة في الذمة" أي في ذمة
المظاهر "إلا بالوطء" اختيارا "وهو" أي الوطء
"العود" فمتى وطيء لزمته الكفارة ولو مجنونا
ولا تجب قبل وطء عمدا لأنها شرط لحله فيؤمر
بها من أراده ليستحله بها ويلزم اخراجها قبله
أي بل الوطء " عند العزم عليه" لقوله تعالى في
العتق والصيام: {مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَتَمَاسَّا} 4 وإن مات أحدهما قبل الوطء سقطت
"وتلزمه كفارة واحدة بتكريره" أي الظهار ولو
بمجالس "قبل التكفير من" زوجة " واحدة"
كاليمين بالله تعالى و تلزمه كفارة واحدة
"لظهار من نسائه بكلمة واحدة" بأن قال
لزوجاته: أنتن علي كظهر أمي لأنه ظهار واحد
"وإن ظاهر منهن" أي من زوجاته " بكلمات" بأن
قال لكل منهن: أنت علي كظهر أمي "ف" عليه
"كفارات" بعددهن لأنها أيمان متكررة على أعيان
متعددة فكان لكل واحدة كفارة كما لو كفر ثم
ظاهر.
ـــــــ
1 وكذا ما جرت عليه عادة بعض الرجال من مناداة
أحدهم لامرأته بيا أختي أو يا أخية إلا إن
أراد أنها أخته بالإيمان والإسلام. ولا يصح
مناداتها أيضا بيا بنتي.
2 لأن حال الأمة وأم الولد ليست كحال الزوجة
الحرة فهذه يقدر على الامتناع عن وطئها دون أن
يعتبر امتناعه إيلاء أو ظهارا وإنما هو يمين
وعليه كفارة يمين.
أما إن كان الزوج عبدا والمرأة أمة فهما
متساويان تساوي الحرة بالحر في الحال فالأرجح
أنه ظهار.
3 كمن يصيبه الجنون المؤقت إن قاله في حال
عقله أوجب.
4 سورة المجادلة من الآية "3".
(1/384)
فصل
"وكفارته" أي كفارة الظهار على الترتيب "عتق
رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم
يستطع أطعم ستين مسكينا" لقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ
ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ...} 1 الآية والمعتبر في الكفارات
وقت وجوب فلو أعسر موسر قبل تكفير لم يجزئه
صوم ولو أيسر معسر لم يلزمه عتق ويجزئه "ولا
تلزم الرقبة" في الكفارة "إلا لمن ملكها أو
أمكنه ذلك" أي ملكها "بثمن مثلها" أو مع زيادة
لا تجحف بماله ولو نسيئة وله مال غائب أو مؤجل
إلا بهبة ويشترط للزوم شراء الرقبة أن يكون
ثمنها فاضلا عن كفايته دائما و عن "كفاية من
يمونه" من زوجة ورقيق وقريب "و" فاضلا "عما
يحتاجه" هو ومن يمونه "من مسكن وخادم" صالحين
لمثله إذا كان مثله يخدم ومركوب وعرض بذلة
يحتاج إلى استعماله "وثياب تجمل و" فاضلا عن
"مال يقوم كسبه بمؤنته" ومؤنة عياله "وكتب علم
"يحتاج إليها ووفاء دين لأن ما استغرقته حاجة
الإنسان فهو كالمعدوم.
طولا يجزئه في الكفارات كلها" ككفارة الظهار
والقتل والوطء في نهار رمضان واليمين بالله
سبحانه "إلا رقبة مؤمنة" لقوله تعالى: {وَمَنْ
قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ} 2 وألحق بذلك سائر الكفارات
"سليمة من عيب بضر بالعمل ضررا بينا" لأن
المقصود تمليك الرقيق منافعه وتمكينه من
التصرف لنفسه ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل
ضررا بينا "كالعمى والشلل ليد أو رجل أو
قطعها" أي اليد أو الرجل "أو أقطع الأصبع
الوسطى أو السبابة أو الإبهام أو الأنملة من
الإبهام" أو أنملتين من وسطى أو سبابة " أو
أقطع الخنصر والبنصر" معا "من يد واحدة" لأن
نفع اليد يزول بذلك وكذا أخرس لا تفهم إشارته.
"ولا يجزئ مريض ميؤوس منه ونحوه" كزمن3 ومقعد
لأنهما لا يمكنهما العمل في أكثر الصنائع وكذا
مغصوب "ولا" يجزئ أ"م ولد" لأن عتقها مستحق
بسبب آخر "ويجزئ المدبر" والمكاتب إذا لم يؤد
شيئا "وولد الزنا والأحمق والمرهون والجاني"
والصغير والأعرج يسيرا "والأمة الحامل ولو
استثنى حملها" لأن ما في هؤلاء من النقص لا
يضر بالعمل.
ـــــــ
1 سورة المجادلة من الآية "3.
2 سورة النساء من الآية "92".
3 الزمن: المصاب بمرض مزمن يمنعه من العمل.
(1/385)
فصل
"يجب التتابع في الصوم" لقوله تعالى: {فَمَنْ
لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ
مُتَتَابِعَيْنِ} 1 وينقطع بصوم غير رمضان
ويقع عما نواه "فإن تخلله رمضان" لم ينقطع
التتابع "أو" تخلله "فطر يجب كعيد وأيام تشريق
وحيض" ونفاس" وجنون ومرض مخوف ونحوه" كإغماء
جميع اليوم لم ينقطع التتابع "أو أفطر ناسيا
أو مكرها أو لعذر يبيح الفطر" كسفر "لم ينقطع"
التتابع لأنه فطر لسبب لا يتعلق باختيارهما
ويشترط في المسكين المطعم من الكفارة أن يكون
مسلما حرا ولو أنثى.
"ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرة فقط" من بر
وشعير وتمر وزبيب وأقط ولا يجزئ غيرها ولو قوت
بلده " ولا يجزئ" في إطعام كل مسكين "من البر
أقل من مد ولا من غيره" كالتمر والشعير " أقل
من مدين لكل واحد ممن يجوز دفع الزكاة" إليهم
لحاجتهم كالفقير والمسكين وابن السبيل والغارم
لمصلحته ولو صغيرا لم يأكل الطعام والمد: رطل
وثلثه العراقي وتقدم في الغسل.
"وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه" لعدم
تمليكهم ذلك الطعام بخلاف ما لو نذر إطعامهم
ولا يجزئ الخبز ولا القيمة وسن إخراج أدم من
مجزئ "وتجب النية في التكفير من صوم وغيره"
فلا يجزئ عتق ولا صيام ولا إطعام بلا نية
لحديث: "إنما الأعمال بالنيات" ويعتبر تبييت
نية الصوم وتعيينها جهة الكفارة "وإن أصاب
المظاهر منها" في أثناء الصوم ليلا أو نهارا
ولو ناسيا أو مع عذر يبيح الفطر "انقطع
التتابع" لقوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ
مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَتَمَاسَّا} 2 "وإن أصاب غيرها" أي غير
المظاهر منها "ليلا" أو ناسيا أو مع عذر يبيح
الفطر "لم ينقطع" التتابع بذلك لأنه غير محرم
عليه ولا هو محل للتتابع ولا يضر وطء مظاهر
منها في أثناء إطعام مع تحريمه.
ـــــــ
1 سورة المجادلة من الآية "4".
2 سورة المجادلة من الآية "4".
(1/386)
|