الروض
المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر
كتاب اللعان
كتاب اللعان
...
17- كتاب اللعان
مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن
نفسه في الخامسة إن كان كاذبا وهو شهادات
مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة بلعن وغضب.
"ويشترط في صحته أن يكون بين زوجين" مكلفين
لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ} 1 فمن قذف أجنبية حد ولا لعان
"ومن عرف العربية لم يصح لعانه بغيرها"
لمخالفته للنص "وإن جهلها" أي العربية
"فبلغته" أي لاعن بلغته ولم يلزمه تعلمها
"فإذا قذف امرأته بالزنا" في قبل أو دبر ولو
في طهر وطىء فيه فله إسقاط الحد إن كانت محصنة
و التعزير إن كانت غير محصنة باللعان لقوله
تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا
أَنْفُسُهُمْ...} 1 الآيات "فيقول" الزوج
"قبلها" أي قبل الزوجة "أربع مرات: أشهد بالله
لقد زنت زوجتي هذه ويشير إليها" إن كانت حاضرة
"ومع غيبتها يسميها وينسبها بما تتميز به و
يزيد في الخامسة: وأن لعنة الله عليه إن كان
من الكاذبين ثم تقول هي أربع مرات: أشهد بالله
لقد كذب فيما رماني به من الزنا ثم تقول في
الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من
الصادقين" وسن تلاعنهما قياما بحضرة جماعة
أربعة فأكثر بوقت ومكان معظمين وأن يأمر حاكم
من يضع يده على فم زوج وزوجة عند الخامسة
ويقول: اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا
أهون من عذاب الآخرة "فإن بدأت" الزوجة
"باللعان قبله" أي قبل الزوج لم يصح "أو نقص
أحدهما شيئا من الألفاظ" أي الجمل "الخمسة" لم
يصح "أو لم يحضرهما حكم أو نائبه" عند التلاعن
لم يصح "أو أبدل" أحدهما " لفظة أشهد بأقسم أو
أحلف" لم يصح "أو" أبدل الزوج "لفظة اللعنة
ـــــــ
1 سورة النور من الآية "6".
(1/387)
بالإبعاد" أو
الغضب ونحوه لم يصح "أو" أبدلت "لفظة الغضب
بالسخط لم يصح" اللعان لمخالفته النص وكذا إن
علق بشرط أو عدمت موالاة الكلمات.
فصل
"وإن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ولا
لعان" لأنه يمين فلا يصح من غير مكلف.
"ومن شرطه قذفها" أي الزوجة " بالزنا لفظا"
قبله "كـ" قوله: " زنيت أو يا زانية أو رأيتك
تزنين في قبل أو دبر" لأن كلا منهما قذف يجب
به الحد ولا فرق بين الأعمى والبصير لعموم
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ...} 1 الآية فإن قال لزوجته:
"وطئت بشبهة أو" وطئت "مكرهة أو نائمة أو قال:
لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني فشهدت امرأة
ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه" لقوله صلى
الله عليه وسلم : "الولد للفراش" "ولا لعان"
بينهما لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد. "ومن
شرطه أن تكذبه الزوجة وإذا تم" اللعان "سقط
عنه" أي عن الزوج "الحد" إن كانت محصنة و
التعزير إن كانت غير محصنة.
وتثبت الفرقة بينهما أي بين الزوجين بتمام
اللعان بتحريم مؤبد ولو لم يفرق الحاكم بينهما
أو أكذب نفسه بعد وينتفي الولد إن ذكر في
اللعان صريحا أو تضمنا بشرط أن لا يتقدمه
إقرار به أو بما يدل عليه كما لو هنيء به فسكت
أو أمن على الدعاء أو أخر نفيه مع إمكانه ومتى
أكذب نفسه بم حد ذلك لحقه نسبه وحد لمحصنة
وعزر لغيرها والتوأمان المنفيان أخوان لأم.
فصل فيما يلحق من النسب
"من ولدت زوجته منه" أي ولدا "أمكن أنه منه
لحقه" نسبه لقوله صلى الله عليه وسلم : "الولد
للفراش" وإمكان كونه منه "بأن تلده بعد نصف
سنة منذ أمكن وطؤه" إياها ولو مع غيبة فوق
أربع سنين "أو" تلده لـ "دون أربع سنين2 منذ
أبانها" زوجها "وهو" أي الزوج "ممن
ـــــــ
1 سورة النور من الآية "6".
2 على أن يكون واضحا ظاهرا وأهم علاماته
انتفاخ البطن لنمو الجنين فهذه لم يطل حملها
إنما يتأخر وضعها لانعدام الطلق وهذا بسبب ضعف
مرضي عند المرأة وفي أيامنا هذه تعطى المرأة
طلقا صناعيا أي دواء يسبب الطلق متى كملت أيام
حملها كي تضع المولود ولا تزيد مدة الحمل عن
تسعة أشهر لأن في ذلك خطرا على حياة الولد
والأم.
(1/388)
يولد لمثله
كابن عشر" لقوله صلى الله عليه وسلم :
"واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في
المضاجع" ولأن تمام عشر سنين يمكن فيه البلوغ
فيلحق به الولد "ولا يحكم ببلوغه إن شك فيه"
لأن الأصل عدمه وإنما ألحقنا الولد به حفظا
للنسب واحتياطا وإن لم يمكن كونه منه كأن أتت
به لدون نصف سنة منذ تزوجها وعاش أو لفوق أربع
سنين منذ أبانها لم يلحقه نسبه وإن ولدت رجعية
بعد أربع سنين منذ طلقها وقبل انقضاء أربع
سنين من انقضاء عدتها لحقه نسبه.
"ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دون" أو ثبت
عليه ذلك "فولدت لنصف سنة أو أزيد لحقه" نسب
ولدها لأنها صارت فراشا له "إلا أن يدعي
الاستبراء" بعد الوطء بحيضة فلا يلحقه لأنه
بالاستبراء تيقن براءة رحمها "ويحلف عليه" أي
على الاستبراء لأنه حق للولد لولاه لثبت نسبه
وإن قال السيد: "وطئتها دون الفرج أو فيه" أي
في الفرج "ولم أنزل أو عزلت لحقه" نسبه لما
تقدم "وإن أعتقها" السيد "أو باعها بعد
اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون نصف سنة" وعاش
"لحقه" نسبه لأن أقل الحمل ستة أشهر فإذا أتت
به لدونها وعاش علم أن حملها كان قبل عتقها
وبيعها حين كانت فراشا له "والبيع باطل" لأنها
صارت أم ولد له وإن كان استبراؤها لظهور أنه
دم فساد لأن الحامل لا تحيض وكذا إن لم
يستبرئها وولدته لأكثر من نصف سنة ولأقل من
أربع سنين وادعى مشتر أنه من بائع وإن استبرئت
ثم ولدت لفوق نصف سنة لم يلحق بائعا ولا أثر
لشبهة مع فراش وتبعية نسب لأب ما لم ينفه
بلعان وتبعية دين لخيرهما1.
ـــــــ
1 والإسلام خير الأديان وهو يعلو ولا يعلى.
(1/389)
|