الروض المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر

كتاب الأيمان
مدخل
...
25- كتاب الأيمان
جمع يمين وهي الحلف والقسم "واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث 1" فيها "هي اليمين" التي يحلف فيها "ب" اسم "الله" الذي لا يسمى به غيره كالله والقديم الأزلي والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء وخالق الخلق ورب العالمين والرحمن والذي يسمى به غيره ولم ينو الغير كالرحيم والخالق والرازق والمولى " أو" بـ " صفة من صفاته" تعالى كوجه الله وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته وعهده وأمانته وإرادته " أو بالقرآن أو بالمصحف" أو بسورة أو آية منه ولعمر الله يمين وما لا يعد من أسمائه تعالى كالشيء والموجود وما لا ينصرف إطلاقه إليه ويحتمله كالحي والواحد والكريم إن نوى به الله فهو يمين وإلا فلا.
"والحلف بغير الله" سبحانه وصفاته "محرم" لقوله صلى الله عليه وسلم: "فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" متفق عليه ويكره الحلف بالأمانة "ولا تجب به" أي بالحلف "بغير الله كفارة" إذا حنث.
"ويشترط لوجوب الكفارة" إذا حلف بالله تعالى "ثلاثة شروط" :
"الأول: أن تكون اليمين منعقدة وهي" اليمين "التي قصد عقدها على" أمر "مستقبل ممكن فإن حلف على أمر ماض كاذبا عالما فهي" اليميز الغموس لأنها تغمسه في الإثم
ـــــــ
1 هي اليمين المعقدة التي يوجب بها على نفسه فعل أمر من الأمور أو ترك أمر من الأمور فلا يفعله أما اليمن التي يريد بها إثبات شيء أو نفيه فهي قسم وهي التي تسمى إن كان كاذبا بها واقتطع ظلما حقا لامرئ مسلم أو أثبت باطلا تسمى يمينا غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار أما اللغو فهو ما يتبادر إلى اللسان من حلف دون قصد عقد اليمين.

(1/453)


ثم في النار "ولغو اليمين" هو " الذي يجري على لسانه بغير قصد كقوله" فى أثناء كلامه: " لا والله وبلى والله" لحديث عائشة مرفوعا: "اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله" رواه أبو داود وروي موقوفا
"وكذا يمين عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فلا كفارة في الجميع" لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 1 وهذا منه ولا تنعقد أيضا من نائم وصغير ومجنون ونحوهم.
الشرط " الثاني - أن يحلف مختارا فإن حلف مكرها لم تنعقد يمينه" لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" 2.
الشرط " الثالث - الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على فعله" كما لو حلف لا يكلم زيدا فكلمه مختارا "أو بترك ما حلف على فعله" كما لو حلف ليكلمن زيدا اليوم فلم يكلمه "مختارا ذاكرا" ليمينه "فإذا حنث مكرها أو ناسيا فلا كفارة" لأنه لا إثم عليه.
"ومن قال في يمين مكفرة" أي تدخلها الكفارة كيمين بالله تعالى ونذر وظهار: "إن شاء الله لم يحنث" في يمينه فعل أو ترك إن قصد المشيئة واتصلت بيمينه لفظا أو حكما لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال: "إن شاء الله لم يحنث" رواه أحمد وغيره.
"ويسن الحنث في اليمين إذا كان" الحنث "خيرا" كمن حلف على فعل مكروه أو ترك مندوب وإن حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه كره حنثه وعلى فعل واجب أو ترك محرم حرم حنثه وعلى فعل محرم أو ترك واجب وجب حنثه ويخير في مباح وحفظها فيه أولى ولا يلزم إبرار قسم كإجابة سؤال بالله تعالى بل ويسن "ومن حرم حلالا سوى زوجته" لأن تحريمها ظهار كما تقدم سواء كان الذي حرمه "من أمة أو طعام أو لباس أو غيره" كقوله: ما أحل الله علي حرام ولا زوجة له أو قال: طعامي علي كالميتة "لم تحرم" عليه لأن الله سماه يمينا بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} 3 إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} 4 واليمين على الشيء لا تحرمه "وتلزمه كفارة يمين" إن فعله لقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي التكفير وسبب نزولها أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لن أعود إلى شرب العسل" متفق عليه ومن قال: هو يهودي أو كافر أو يعبد غير الله أو برئ من الله تعالى أو من
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "220" وسورة المائدة من الآية "89".
2 لأن الخائف قد يفعل أي شيء للخلاص من الخطر المحيط به أو مما يخاف منه.
3 سورة التحريم من الآية "1".
4 سورة التحريم من الآية "2".

(1/454)


الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك ليفعلن كذا أو إن لم يفعله أو إن كان فعله فقد فعل محرما وعليه كفارة يمين بحنثه.
فصل في كفارة اليمين
"يخير من لزمته كفارة يمين بين إطعام عشرة مساكين" لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره "أو كسوتهم" أي: العشرة مساكين للرجل ثوب يجزئه في صلاته وللمرأة درع وخمار كذلك "أو عتق رقبة فمن لم يجد" شيئا مما تقدم ذكره "فصيام ثلاثة أيام" لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} 1 "متتابعة" وجوبا لقراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعة وتجب كفارة ونذر فورا بحنث ويجوز إخراجها قبله "ومن لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد" ولو على أفعال كقوله: والله لا أكلت والله لا شربت والله لا أعطيت والله لا أخذت "فعليه كفارة واحدة" لأنها كفارات من جنس واحد فتداخلت كالحدود من جنس " وإن اختلف موجبها" أي موجب الأيمان وهو الكفارة كظهار ويمين بالله تعالى "لزماه" أي الكفارتان "ولم يتداخلا" لعدم اتحاد الجنس ويكفر قن بصوم وليس لسيده منعه منه ويكفر كافر بغير صوم.
ـــــــ
1 سورة المائدة من الآية "89".

(1/455)


1- باب جامع الأيمان المحلوف بها
"يرجع في الأيمان إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ" لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإنما لكل امرئ ما نوى" فمن نوى بالسقف أو البناء السماء أو بالفراش أو البساط الأرض قدمت على عموم لفظه ويجوز التعريض في مخاطبة لغير ظالم "فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها" لدلالة ذلك على النية فمن حلف ليقضين زيدا حقه غدا فقضاه قبله لم يحنث إذا اقتضى السبب أنه لا يتجاوز غدا وكذا ليأكلن شيئا أو ليفعلنه غدا وإن حلف لا يبيعه إلا بمائة لم يحنث إلا إن باعه بأقل منها وإن حلف لا يشرب له الماء من عطش ونيته أو السبب: قطع منته حنث يأكل خبزه واستعارة دابته وكل ما فيه منة " فإن عدم ذلك" أي النية وسبب اليمين الذي هيجها "رجع إلى التعيين" لأنه أبلغ من دلالة الاسم على المسمى لأنه ينفي الإبهام

(1/455)


بالكلية "فإذا حلف لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء أو عمامة ولبسه" 1 حنث " أو لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا" 1 وكلمه حنث أو حلف لا كلمت " زوجة فلان هذه أو صديقه فلانا" هذا "أو مملوكه سعيدا" هذا "فزالت الزوجية والملك والصداقة ثم كلمهم" 1 حنث "أو" حلف "لا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا" وأكله1 حنث أو حلف لا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا أو خلا وأكله1 حنث "أو" حلف لا أكلت "هذا اللبن فصار جبنا أو كشكا ونحوه ثم أكله حنث في الكل"1 لأن عين المحلوف عليه باقية كحلفه لا لبست هذا الغزل فصار ثوبا وكذا حلفه لا يدخل دار فلان هذه فدخلها وقد باعها أو وهي فضاء أو مسجد أو حمام ونحوه إلا أن ينوى الحالف أو يكون سبب اليمين يقتضي مادام المحلوف عليه على تلك الصفة فتقدم النية وسبب اليمين على التعيين كما تقدم.
فصل
"فإن عدم ذلك" أي النية والسبب والتعيين "رجع" في اليمين "إلى ما يتناوله الاسم وهو" أي الاسم "ثلاثة: شرعي وحقيقي وعرفي" وقد لا يختلف المسمى كالأرض والسماء والإنسان والحيوان ونحوها.
"فالشرعي" من الأسماء "ماله موضوع في الشرع وموضوع في اللغة" كالصلاة والصوم والزكاة والحج والبيع والإجارة فالاسم "المطلق" في اليمين سواء كانت على فعل أو ترك "ينصرف إلى الموضوع الشرعي الصحيح" لأن ذلك هو المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق إلا الحج والعمرة فيتناول الصحيح والفاسد لوجوب المضي فيه كالصحيح "فإذا حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد عقدا فاسدا" من بيع أو نكاح "لم يحنث" لأن البيع أو النكاح لا يتناول الفاسد "وإن قيد" الحالف "يمينه بما يمنع الصحة" أي بما لا تمكن الصحة معه "كأن حلف لا يبيع الخمر أو الحر حنث بصورة العقد" لتعذر حمل يمينه على عقد صحيح وكذا إن قال: إن طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق طلقت بصورة طلاق الأجنبية2.
"و" الاسم "الحقيقي" هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته كاللحم "فإذا حلف لا يكل لحما فأكل شحما أو مخا أو كبدا أو نحوه" ككلية وكرش وطحال وقلب ولحم رأس
ـــــــ
1 لأن الأصل ثابت إنما هو استمرار لما سبق تطور إليه وتغير مع الزمن إنما لم يستبدل.
2 لأن الطلاق والعتاق هزله جد.

(1/456)


ولسان "لم يحنث" لأن إطلاق اسم اللحم لا يتناول شيئا من ذلك إلا بنية اجتناب الدسم "ومن حلف لا يأكل أدما حنث بكل البيض والتمر والملح والزيتون ونحوه" كالجبن واللبن "وكل ما يصبغ به" عادة كالزيت والعسل والسمن واللحم لأن هذا معنى التأدم. "و" إن حلف "لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا" أو عمامة أو قلنسوة "أو نعلا حنث" لأنه ملبوس حقيقة وعرفا " وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان" لأنه نكرة في سياق النفي فيعم حتى ولو قال له: تنح أو اسكت أو لا كلمت زيدا فكاتبه أو راسله حنث ما لم ينو مشافهته "و" إن حلف " لا يفعل شيئا فوكل من فعله حنث" لأن الفعل يضاف إلى من فعل عنه قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ} 1 وإنما الحالق غيرهم إلا أن ينوى مباشرته نفسه فتقدم نيته لأن لفظه يحتمله.
"و" الاسم " العرفي ما اشتهر مجازه فغلب" على الحقيقة "كالراوية" في العرف للمزادة وفي الحقيقة للجمل الذي يستقى عليه "والغائط" في العرف للخارج المستقذر وفي الحقيقة لفناء الدار وما اطمأن من الأرض "ونحوهما" كالظعينة والدابة والعذرة "فتتعلق اليمين بالعرف" دون الحقيقة لأن الحقيقة في نحو ما ذكر صارت كالمهجورة ولا يعرفها أكثر الناس "فإذا حلف على وطء زوجته أو" حلف على "وطء دار تعلقت يمينه بجماعها" أي جماع من حلف على وطئها لأن هذا هو المعنى الذي ينصرف إليه اللفظ في العرف و تعلقت يمينه "بدخول الدار" التي حلف لا يطأها لما ذكر "وإن حلف لايأكل شيئا فكله مستهلكا في غيره كمن حلف لايأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه" لم يحنث "أو" حلف لا يأكل بيضا فأكل ناطفا لم يحنث لأن ما أكله لا يسمى سمنا ولا بيضا "وإن ظهر طعم شيء من المحلوف عليه" فيما أكله "حنث" لأكله المحلوف عليه.
فصل
"وإن حلف لا يفعل شيئا ككلام زيد ودخول داره ونحوه ففعله مكرها لم يحنث" لأن فعل المكره غير منسوب إليه " وإن حلف على نفسه أو غيره ممن" يمتنع بيمينه و "يقصد منعه كالزوجة والولد أن لا يفعل شيئا ففعله ناسيا أو جاهلا حنث في الطلاق والعتاق" بفتح العين
ـــــــ
1 سورة الفتح من الآية "7".

(1/457)


"فقط" أي دون اليمين بالله تعالى والنذر والظهار لأن الطلاق والعتاق حق آدمي فلم يعذر فيه النسيان والجهل كإتلاف المال والجناية بخلاف اليمين بالله تعالى ونحوه فإنه حق لله تعالى وقد رفع هذه الأمة الخطأ والنسيان
"و" إن حلف "على من لا يمتنع بيمينه من سلطان وغيره" كأجنبي لا يفعل شيئا "ففعله حنث" الحالف "مطلقا" أي سواء فعله المحلوف عليه عامدا أو ناسيا عالما أو جاهلا " وإن فعل هو" أي الحالف لا يفعل شيئا أو من لا يمتنع بيمينه من سلطان وأجنبي أو غيره أي غير ما ذكر "ممن قصد منعه" كزوجة وولد "بعض ما حلف على كله" كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه لم يحنث لعدم وجود المحلوف عليه "ما لم تكن نية" أو قرينة كما لو حلف لا يشرب ماء هذا النهر وشرب منه فإنه يحنث.

(1/458)


2- باب النذر
لغة: الإيجاب يقال: نذر دم فلان أي أوجب قتله وشرعا: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى شيئا غير محال بكل قول يدل عليه.
"ولا يصح" النذر " إلا من بالغ عاقل" مختار لحديث: "رفع القلم عن ثلاث" "ولو" كان "كافرا" نذر عبادة لحديث عمر: إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك" .
"والصحيح منه" أي من النذر " خمسة أقسام" :
أحدها - النذر "المطلق مثل أن يقول: لله علي نذر ولم يسم شيئا فيلزمه كفارة يمين" لما روى عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" رواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
"الثاني - نذر اللجاج والغضب وهو تعليق نذره بشرط يقصد المنع منه" أي من الشرط المعلق عليه "أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب" كقوله: إن كلمتك أو إن لم أضربك أو إن لم يكن هذا الخبر صدقا أو كذبا فعلي الحج أو العتق ونحوه "فيخير بين فعله ويين كفارة يمين" لحديث عمران بن حصين قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين" رواه سعيد في سننه.
"الثالث - نذر المباح كلبس ثوبه وركوب دابته" فإن نذر ذلك "فحكمه ك" القسم "الثاني" يخير بين فعله وكفارة يمين " وإن نذر مكروها من طلاق أو غيره استحب" له "أن

(1/458)


يكفر" كفارة يمين "ولا يفعله" لأن ترك المكروه أولى من فعله وإن فعله فلا كفارة.
"الرابع - نذر المعصية ك" نذر "شرب الخمر و" نذر "صوم يوم الحيض و" يوم " النحر" وأيام التشريق "فلا يجوز الوفاء به" لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" ويكفر إن لم يفعله روي نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وعمران ابن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهم ويقضي من نذر صوما من ذلك غير يوم حيض.
"الخامس - نذر التبرر مطلقا" أي غير معلق "أو معلقا كفعل الصلاة والصيام والحج ونحوه" كالعمرة والصدقة وعيادة المريض فمثال المطلق: لله علي أن أصوم أو أصلي ومثال المعلق " كقوله: إن شفى الله مريضي أو سلم مالي الغائب فلله علي كذا" من صلاة أو صوم ونحوه "فوجد الشرط لزمه الوفاء به" أي بنذره لحديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" رواه البخاري "إلا إذا نذر الصدقة بماله كله" من يسن له فيجزئه قدر ثلثه ولا كفارة لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة - لما نذر - أن ينخلع من ماله صدقة لله تعالى: "يجزئ عنك الثلث" رواه أحمد. أو نذر الصدقة "بمسمى منه" أي من ماله كألف يزيد ما سماه " على ثلث الكل فإنه يجزئه" أن يتصدق بـ " قدر الثلث" ولا كفارة عليه جزم به في الوجيز وغيره والمذهب أنه يلزمه الصدقة بما سماه ولو زاد على الثلث كما في الإنصاف وقطع به في المنتهى وغيره. "وفيما عداها" أي عدا المسألة المذكورة بأن نذر الثلث فما دون "يلزمه" الصدقة بـ "المسمى" لعموم ما سبق من حديث: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" .
"ومن نذر صوم شهر" معين كرجب أو مطلق "لزمه التتابع" لأن إطلاق الشهر يقضي التتابع سواء صام شهرا بالهلال أو ثلاثين يوما بالعدد "وإن نذر أياما معدودة" كعشرة أيام أو ثلاثين يوما "لم يلزمه" التتابع لأن الأيام لا دلالة لها على التتابع "إلا بشرط" بأن يقول: متتابعة "أو نية" التتابع ومن نذر صوم الدهر لزمه فإن أفطر كفر فقط بغير صوم ولا يدخل فيه رمضان ولا يوم نهي ويقضي فطره برمضان ويصام لظهار ونحوه منه ويكفر مع صوم ظهار ونحوه ومن نذر صوم يوم الخميس ونحوه فوافق عيدا أو أيام تشريق أفطر وقضى وكفر وإن نذر صلاة وأطلق فأقله ركعتان قائما لقادر وإن نذر صوما وأطلق أو صوم بعض يوم لزمه يوم بنيته من الليل ولمن نذر صلاة جالسا أن يصليها قائما وإن نذر رقبة فأقل مجزئ في كفارة.

(1/459)