الشرح
الكبير على متن المقنع (باب الاستنجاء) الاستنجاء استفعال من
نجوت الشجرة أي قطعتها فكأنه قطع الأذى عنه، وقال ابن قتيبة هو مأخوذ من
النجوة وهي ما ارتفع من الأرض لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها، فأما
الاستجمار فهو استفعال من الجمار وهي الحجارة الصغار لأنه يستعملها في
استجماره (مسألة) قال رحمه الله (يستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول بسم
الله) لما روى علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن
يقول بسم الله " رواه ابن ماجه ويقول " اللهم إني أعوذ بك من الخبث
والخبائث، ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم " لما روى أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "
متفق عليه، وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يعجز
أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث
المخبث الشيطان الرجيم " رواه ابن ماجه، قال أبو عبيدة الخبث بسكون الباء
الشر، والخبث بضم الخاء والباء جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة استعاذ من
ذكران الشياطين وانائهم
(1/80)
(مسألة) قال رحمه الله (ولا يدخله بشئ فيه
ذكر الله تعالى) لما روى أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
دخل الخلاء وضع خاتمه.
رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب، وقيل إنما كان النبي صلى
الله عليه وسلم يضعه لأن فيه محمد رسول الله فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر
الله واحترز عليه من السقوط وأدار فص الخاتم إلى كفه فلا بأس، قال أحمد
الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ويدخل الخلاء وبه قال إسحاق
ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين، قال أحمد في الرجل يدخل الخلاء
ومعه الدراهم أرجو أن لا يكون به بأس (مسألة) قال (ويقدم رجله اليسرى في
الدخول واليمنى في الخروج) لأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواه (ولا يرفع
ثوبه حتى يدنو من الأرض لما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ولان ذلك أسترله
(1/81)
(مسألة) (ويعتمد على رجله اليسرى) لما روى
سراقة بن مالك قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوكأ على
اليسرى وأن ننصب اليمنى.
رواه الطبراني في المعجم (مسألة) قال رحمه الله (ولا يتكلم) لما روى عبد
الله بن عمر قال: مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل فسلم عليه وهو يبول فلم
يرد عليه.
رواه مسلم ولا يذكر الله تعالى على حاجته بلسانه.
روي كراهة ذلك عن ابن عباس وعطاء، وقال ابن
سيرين والنخعي لا بأس به.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام الذي يجب رده فذكر الله
أولى فإن عطس حمد الله بقلبه ولم يتكلم، وقال ابن عقيل فيه رواية أخرى أن
يحمد الله بلسانه والأول أولى لما ذكرناه، وروى أبو سعيد الخدري قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين
عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك " رواه أبو داود وابن ماجه
(1/82)
(مسألة) قال (ولا يلبث فوق حاجته) لأنه
يقال أن ذلك يدمي الكبد ويأخذ منه الباسور (مسألة) قال (فإذا خرج قال
غفرانك، الحمدالله الذي أذهب عني الأذى وعافاني) لما روت عائشة قالت كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال " غفرانك " رواه
الترمذي وقال حديث حسن وعن أنس بن مالك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
خرج من الخلاء قال: " الحمدلله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " رواه ابن
ماجه (فصل) ويستحب أن يغطي رأسه لما روت عائشة قالت كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه.
رواه البيهقي من رواية محمد بن يونس الكديمي وكان يتهم بوضع الحديث، ولا
بأس أن يبول في الإناء قالت أمية بنت رقية كان للنبي صلى الله عليه وسلم
قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير رواه أبو داود والنسائي
(1/83)
(مسألة) قال (وإن كان في الفضاء) أبعد لما
روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا
يراه أحد رواه أبو داود (مسألة) قال (واستتر وارتاد مكانا رخوا) لما روى
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أتى الغائط فليستتر فان لم
يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم
من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج " رواه أبو داود.
ويرتاد مكانا رخوا لما روى أبو داود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم
ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثا في أصل جدار فبال ثم قال " إذا أراد أحدكم
أن يبول فليرتد لبوله " رواه الإمام أحمد وأبو داود من رواية أبي التياح عن
رجل كان
يصحب ابن عباس لم يسمه عن أبي موسى ولئلا يترشش عليه البول ويستحب أن يبول
قاعدا لئلا يترشش عليه ولأنه أستر وأحسن، قال ابن مسعود من الجفاء أن تبول
وأنت قائم قالت عائشة من
(1/84)
حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا.
قال الترمذي هذا أصح شئ في الباب وقد رويت الرخصة فيه عن عمر وعلي وابن عمر
وزيد بن ثابت لما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم
فبال قائما رواه البخاري ومسلم والأول أولى لما روى عمر بن الخطاب قال رآنى
النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما فقال " يا عمر لا تبل قائما "
فما بلت قائما بعد.
رواه ابن ماجه (1) وعن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول
قائما رواه ابن ماجه، وأما حديث حذيفة فلعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل
ذلك ليبين الجواز أو كان في موضع لا يتمكن من الجلوس فيه وقيل فعل ذلك لعلة
كانت بمأبضه ليستشفي به والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان (مسألة) قال
(ولا يبول في شق ولا سرب ولا طريق ولاظل نافع ولا تحت شجرة مثمرة) البول في
هذه المواضع كلها مكروه منهي عنه ومثلها موارد الماء لما روى عبد الله بن
سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر رواه أبو داود
قالوا لقتادة ما يكره من البول في الجحر؟ قال كان يقال أنها مساكن الجن
رواه الإمام أحمد، وقد حكي عن سعد بن عبادة أنه بال في جحر ثم استلقى ميتا
فسمعت الجن تقول نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * ورميناه بسهمين فلم
نخط فؤاده ولأنه لا يأمن أن يكون فيه حيوان يلسعه، وروى معاذ أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال " اتقوا الملاعن
__________
1) لكنه ضعيف كما قاله الترمذي
(1/85)
الثلاثة البراز في الموارد وقارعة الطريق
والظل " رواه أبو داود وابن ماجة، والبول تحت الشجرة المثمرة ينجس الثمرة
فيؤذي من يأكلها (فصل) ويكره البول في الماء الراكد لأن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن البول في الماء الراكد متفق عليه، فأما الجاري فلا يجوز
التغوط فيه لأنه يؤذي من مر به، فأما البول فيه وهو كثير فلا بأس به لأن
تخصيص النهي بالماء الراكد دليل على أن الجاري بخلافه، ولا يبول في المغتسل
لما روى الإمام أحمد وأبو داود عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يمتشط أحدنا كل يوم أو يبول في
مغتسله، وقد روي أن عامة الوسواس منه، رواه
(1/86)
أبو داود وابن ماجة وقال سمعت علي بن محمد
يقول إنما هذا في الحفيرة فأما اليوم فمغتسلاتهم الجص والصاروج والقير فإذا
بال وأرسل عليه الماء فلا بأس به، وقال الإمام أحمد إن صب عليه الماء وجرى
في البالوعة فلا بأس وقد قيل إن البصاق على البول يورث الوسواس وإن البول
على النار يورث السقم، ويكره أن يتوضأ على موضع بوله أو يستنجي عليه لئلا
يتنجس به وتوقي ذلك كله أولى (مسألة) قال (ولا يستقبل الشمس ولا القمر) لما
فيهما من نور الله وقد روي أن معهما ملائكة فإن استتر عنهما بشئ فلا بأس
ولا يستقبل الريح لئلا يتنجس باالبول (مسألة) (ولا يجوز أن يستقبل القبلة
في الفضاء) وهذا قول أكثر أهل العلم لما روى أبو أيوب قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها
ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا " قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا
مراحيض قد بنيت نحو
(1/87)
الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله.
متفق عليه ولم يقل البخاري ببول ولا غائط (1) وعن أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال " اذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا
يستدبرها " رواه مسلم، وقال عروة وداود وربيعة يجوز استقبالها واستدبارها
لما روى جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقبل القبلة ببول
فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها قال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وهذا
دليل على النسخ.
ولنا أحاديث النهي وهي صحيحة وحديث جابر يحتمل أنه رآه في البنيان أو
مستترا بشئ فلا يثبت النسخ بالاحتمال ويتعين حمله على ما ذكرنا ليكون
موافقاً لما ذكر من الأحاديث (مسألة) (وفي استدبارها فيه واستقبالها في
البنيان روايتان) وجملة ذلك أن استدبار الكعبة بالبول والغائط فيه ثلاث
روايات (إحداها) يجوز في الفضاء والبنيان جميعا لما روى ابن عمر
__________
1) اي في الحديث المسند ولكن ذكره في ترجمة الباب معزوا إلى النبي صلى الله
عليه وسلم
(1/88)
قال رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبرا للكعبة.
متفق عليه (والثانية) لا يجوز ذلك فيهما لحديث أبي أيوب ولما روى أبو هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل
القبلة ولا يستدبرها " رواه مسلم (والثالثة) يجوز ذلك في البنيان ولا يجوز
في الفضاء وهو الصحيح روي جواز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان عن
ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر لحديث
جابر، ولما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له إن قوماً
يكرهون استقبال القبلة بفروجهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقد
فعلوها؟ استقبلوا بمقعدتي القبلة " رواه أصحاب السنن، قال أبو عبد الله
أحسن ما روي في الرخصة حديث عائشة فإن كان مرسلا فإن مخرجه حسن إنما سماه
أبو عبد الله مرسلا لأن عراك بن مالك رواه عن عائشة، قال أحمد ولم يسمع
عنها، وروى مروان الأصفر قال رأيت ابن عمر أناخ ناقته (راحلته) مستقبل
القبلة ثم جلس يبول إليها فقلت أبا عبد الرحمن: أليس نهي عن هذا؟ قال بلى
إنما نهى عن هذا في الفضاء أما إذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس.
رواه أبو داود وهذا تفسير لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم العام وفيه
جمع بين الأحاديث بحمل أحاديث النهي على الفضاء وأحاديث الرخصة على البنيان
فيتعين المصير إليه، وأما
(1/89)
استقبالها في البنيان ففيه روايتان
(إحداهما) يجوز لما ذكرنا وبه قال مالك والشافعي (والثانية) لا يجوز وهو
قول الثوري وأبي حنيفة لعموم أحاديث النهي والأول أولى (مسألة) قال (فإذا
فرغ مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه ثم ينتره ثلاثا) فيجعل يده على
أصل الذكر من تحت الأنثيين ثم يسلته إلى رأسه فينتر ذكره ثلاثا برفق لما
روى يزداد اليماني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا بال أحدكم
فلينتر ذكره ثلاث مرات " رواه أحمد (مسألة) (ولا يمس ذكره بيمينه ولا
يستجمر بها) لما روى أبو قتادة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال " لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح
من الخلاء بيمينه " متفق عليه فإن كان يستجمر من غائط أخذ الحجر بيساره
فمسح به.
وإن كان من البول أمسك ذكره بشماله ومسحه على الحجر فإن كان الحجر، صغيرا
وضعه بين عقبيه أو بين أصابعه ومسح عليه إن أمكنه وإلا أمسك الحجر بيمينه
ومسح بيساره الذكر عليه، وقيل يمسك الذكر بيمينه ويمسحه بيساره والأول أولى
لما ذكرنا من الحديث ولأنه إذا أمسك الحجر بيمينه ومسح بيساره لم يكن ماسحا
(1/90)
بيمينه ولا ممسكا للذكر بها، فإن كان أقطع
اليسرى أو بها مرض استجمر بيمينه للحاجة.
فأما الاستعانة بها في الماء فلا يكره لأن الحاجة داعية إليه (فإن استجمر
بيمينه لغير حاجة أجزأه) في قول أكثر أهل العلم وحكي عن بعض أهل الظاهر أنه
لا يجزئه لأنه منهي عنه أشبه مالو استنجى بالروث والرمة والأول أولى لأن
الروث آلة الاستجمار المباشرة للمحل وشرطه فلم يجز استعمال الآلة المنهي
عنها فيه واليد ليست المباشرة للمحل ولا شرطاً فيه إنما يتناول بها الحجر
الملاقي للمحل فصار النهي عنها نهي تأديب لا يمنع الاجزاء (مسألة) (ثم
يتحول عن موضعه لئلا يتنجس بالخارج منه ثم يستجمر ثم يستنجي بالماء) الجمع
بين الحجر والماء أفضل لأن الحجر يزيل ما غلظ من النجاسة فلا تباشرها يده.
والماء يزيل ما بقي قال أحمد: إن جمعهما فهو أحب إلي لما روي عن عائشة أنها
قالت للنساء: مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء من أثر الغائط والبول
فإني أستحبهما وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله قال الترمذي هذا
حديث صحيح (مسألة) قال (ويجزئه أحدهما) في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن سعد
بن أبي وقاص وابن الزبير أنهما أنكرا الاستنجاء بالماء قال سعيد بن المسيب:
وهل يفعل ذلك إلا النساء؟ وقال عطاء غسل الدبر
(1/91)
محدث، والأول أولى لما روى أنس قال كان
النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء
وعنزة فيستنجي بالماء متفق عليه ولما ذكرنا من حديث عائشة وروى ابو هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نزلت هذه
الآية في أهل قباء (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال كانوا يستنجون بالماء
فنزلت فيه هذه الآية " رواه أبو داود وروي عن ابن عمر أنه كان لا يفعله ثم
فعله وقال لنافع إنا جربناه فوجدناه صالحا ولأنه يطهر النجاسة في غير محل
الاستنجاء فجاز في محل الاستنجاء قياساً عليه، فأما الاقتصار على الاستجمار
فهو جائز بغير خلاف بين أهل العلم لما يذكر من الأخبار وهو إجماع الصحابة
رضي الله عنهم، ومتى أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لما روينا من
الأحاديث ولأنه يزيل العين والأثر ويطهر المحل وأبلغ في التنظيف (مسألة)
قال (ألا إن يعدوا الخارج موضع الحاجة فلا يجزئ إلا الماء) مثل أن ينتشر
إلى الصفحتين أو يمتد إلى الحشفة كثيرا وبهذا قال الشافعي وإسحاق وابن
المنذر لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر
النجاسة فيه فما لا يتكرر لا يجزئ فيه إلا الماء كساقية ولذلك قال علي رضي
الله عنه - إنكم كنتم تبعرون بعرا وأنتم اليوم تثلطون ثلطا فأتبعوا الماء
الأحجار فأما قوله عليه السلام " يكفي أحدكم ثلاثة أحجار " يحمل على ما إذا
لم يتجاوز موضع العادة لما ذكرنا (فصل) والمرأة البكر كالرجل لأن عذرتها
تمنع انتشار البول، فأما الثيب فإن خرج البول بحدة ولم ينتشر فكذلك وإن
تعدى إلى مخرج الحيض فقال أصحابنا يجب غسله لأن مخرج الحيض غير مخرج البول،
قال شيخنا ويحتمل أن لا يجب لأن هذا إعادة في حقها فكفى فيه الاستجمار
كالمعتاد في غيرها ولأن الغسل لو لزمها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم
لأزواجه لكونه مما يحتاج إلى معرفته، وإن شك في انتشار الخارج لم يجب الغسل
لأن الأصل عدمه والأولى الغسل احتياطا
(1/92)
(فصل) والأقلف إن كانت بسرته لا تخرج من
قلفته فهو كالمختتن وإن كان يمكنه كشفها كشفها فإذا بال واستجمر أعادها،
وإن تنجست بالبول لزمه غسلها كما لو انتشر إلى معظم الحشفة (فصل) وإن انسد
المخرج المعتاد وانفتح آخر لم يجز فيه الاستجمار، وحكي عن بعض أصحابنا أنه
يجزئه لأنه صار معتادا - ولنا أن هذا نادر بالنسبة إلى سائر الناس فلم يثبت
فيه أحكام الفرج ولأن لمسه لا ينقض الوضوء ولا يتعلق بالإيلاج فيه شئ من
أحكام الوطئ أشبه سائر البدن (فصل) والأولى أن يبدأ الرجل بالاستنجاء في
القبل لئلا تتلوث يده إذا شرع في الدبر لأن قبله
بارز فأما المرأة فهي مخيرة في البداية بأيهما شاءت لعدم ذلك فيها وإذا
استنجى بالماء ثم فرغ استحب له دلك يده بالأرض لما روت ميمونة أن النبي صلى
الله عليه وسلم فعل ذلك رواه البخاري
(1/93)
ويستحب أن يمكث قليلا قبل الاستنجاء حتى
ينقطع أثر البول فإن استنجى عقيب انقطاعه جاز لأن الظاهر انقطاعه، وقد قيل
إن الماء يقطع البول ولذلك سمي الاستنجاء انتقاص الماء ويستحب أن ينضح على
فرجه وسراويله بعد الاستنجاء ليزيل عنه الوسواس قال حنبل سألت أحمد قلت
أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم
خذ كفا من ماء فرشه في فرجك لا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله، وقد روى
أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " جاءني جبريل فقال يا محمد إذا
توضأت فانتضح " حديث غريب (فصل) وإذا استنجى بالماء لم يحتج إلى التراب
لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه استعمل التراب مع الماء في
الاستنجاء ولا أمر به (مسألة) قال (ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقي كالحجر
ونحوه الخشب والخرق) أما الاستجمار بالاحجار فلا خلاف فيه فيما علمنا وذلك
لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط
فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه " رواه أبو داود، فأما الاستجمار
بما سواها كالخشب والخرق وما في معناها مما ينقي فهو جائز في الصحيح من
المذهب وقول أكثر أهل العلم وعنه لا يجزئ إلا الأحجار اختارها أبو بكر وهو
مذهب داود لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأحجار وأمره يقتضي الوجوب
ولأنه موضع رخصة ورد الشرع فيها بآلة مخصوصة فوجب الاقتصار عليها كالتراب
في التيمم وقياسا على رمي الجمار، ولنا ما روى طاوس عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال " إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله فلا يستقبلها ولا
يستدبرها وليستطب بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاث حثيات من تراب "
رواه الدارقطني قال وقد روي عن ابن عباس مرفوعا والصحيح أنه مرسل وفي حديث
سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة
أحجار وأن نستنجي برجيع أو عظم رواه مسلم.
وتخصيص هذين بالنهي يدل على أنه أراد الحجارة
وما قام مقامها وإلا لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معنى، ولأنه متى ورد النص
بشئ لمعنى معقول
(1/94)
وجب تعديته إلى ما وجد فيه المعنى، والمعنى
ههنا إزالة عين النجاسة وهذا يحصل بغير الأحجار كحصوله بها فأما التيمم
فإنه غير معقول (فصل) ويشترط فيما يستجمر به أن يكون طاهرا كما ذكر، فإن
كان نجسا لم يجزئه الاستجمار به وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يجزئه
لأنه يجففه كالطاهر، ولنا أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
بحجرين وروثة ليستجمر بها فأخذ الحجر وألقى الروثة وقال " هذا ركس " يعني
نجسا، رواه الترمذي وهذا تعليل من النبي صلى الله عليه وسلم يجب المصير
إليه، ولأنه إزالة نجاسة فلا تحصل بالنجس كالغسل، فإن استجمر بنجس احتمل أن
لا يجزئه الاستجمار بعده لأنها نجاسة من خارج فلم يجز فيها غير الماء كما
لو تنجس المحل بها ابتداء، ويحتمل أن يجزئه لأن هذه النجاسة تابعة لنجاسة
المحل فزالت بزوالها، ويشترط أن يكون مما ينقي لأن الإنقاء شرط في
الاستنجاء فإن كان زلجا كالزجاج والفحم الرخو وشبههما أو نديا لا ينقي لم
يجز في الاستجمار لأنه لا يحصل به المقصود (مسألة) قال (إلا الروث والعظام
والطعام وما له حرمة وما يتصل بحيوان) وجملة ذلك أنه لا يجوز الاستجمار
بالروث ولا العظام ولا يجزئ في قول أكثر أهل العلم وبهذا قال الثوري
والشافعي واسحاق، وقال أبو حنيفة يجوز الاستجمار بهما لأنهما يجففان
النجاسة وينقيان المحل فهما كالحجر، وأباح مالك الاستنجاء بالطاهر منهما،
ولنا ما روى مسلم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا
تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن " وروى الدارقطني أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال " إنهما لا
يطهران " وقال إسناد صحيح، وروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
لرويفع بن ثابت " أخبر الناس أنه من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من محمد "
وهذا عام في الطاهر منهما وغيره، والنهي يقتضي الفساد وعدم الإجزاء، وكذلك
الطعام يحرم الاستنجاء
(1/95)
به بطريق التنبيه لأن النبي صلى الله عليه
وسلم علل النهي عن الروث والرمة بكونه زاد الجن فزادنا أولى لكونه أعظم
حرمة، فإن قيل فقد نهى عن الاستجمار باليمين كنهيه عن الاستجمار بهذين ولم
يمنع ذلك الإجزاء فعنه جوابان (أحدهما) أنه قد بين في الحديث أنهما لا
يطهران (الثاني) الفرق بينهما وهو أن النهي ههنا لمعنى في شرط الفعل فمنع
صحته كالنهي عن الوضوء بالماء النجس وثم لمعنى في آلة الشرط فلم يمنع
كالوضوء من إناء محرم وكذلك ماله حرمة مثل كتب الفقه والحديث لما فيه من
هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها فهو في الحرمة أعظم من الروث والرمة وكذلك
ما يتصل بحيوان كعقبه ويده وذنب البهيمة وصوفها المتصل بها لأن له حرمة فهو
كالطعام (مسألة) (ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات إما بحجر ذي شعب أو بثلاثة)
أما الاستجمار بثلاثة أحجار فيجزئ إذا حصل بها الإنقاء بغير خلاف علمناه
لما ذكرناه من النص والإجماع فأما الحجر الذي له ثلاث شعب فيجوز الاستجمار
به في ظاهر المذهب وهو اختيار الخرقي ومذهب الشافعي واسحاق وأبي ثور، وعن
أحمد رواية أخرى لا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار وهو قول أبي بكر وابن المنذر
لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يستنج أحدكم بدون ثلاثة أحجار " رواه مسلم
ولا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار ولأنه إذا استجمر بالحجر تنجس فلم يجز
الاستجمار به ثانيا كالصغير.
ولنا أنه استجمر ثلاثا منقية بما وجد فيه شروط الاستجمار فأجزأه كما لو
فصله ثلاثة أحجار واستجمر بها فإنه لا فرق بينهما إلا فصلة ولا أثر لذلك في
التطهير والحديث يقتضي ثلاث مسحات بحجر كما يقال ضربته ثلاثة اسواط أي ثلاث
ضربات بسوط وذلك لأن معناه معقول ومراده معلوم والحاصل من ثلاثة أحجار حاصل
من ثلاث شعب، ومن مسحه ذكره في صخرة عظيمة بثلاثة مواضع منها فلا معنى
للجمود على اللفظ مع وجود ما يساويه، وقولهم إن الحجر يتنجس قلنا إنما يمسح
بالموضع الطاهر أشبه مالو تنجس جانبه بغير الاستجمار ولأنه لو استجمر به
ثلاثة حصل لكل واحد منهم مسحة وقام مقام ثلاثة أحجار فكذلك إذا استجمر به
الواحد (فصل) ولو استجمر ثلاثة بثلاثة أحجار لكل حجر ثلاث شعب استجمر كل
واحد بشعبة
(1/96)
من حجر أو استجمر بحجر ثم غسله وكسر ما
تنجس منه ثم استجمر به ثانيا ثم فعل ذلك
واستجمر به ثلاثا أجزأه لحصول المعنى والإنقاء، ويحتمل على قول أبي بكر ان
لا يجزئه جمودا على اللفظ وهو بعيد والله أعلم (فصل) ويشترط للاستجمار
الإنقاء وكمال العدد ومعى الإنقاء في الاستجمار إزالة عين النجاسة وبللها
بحيث يخرج نقيا ليس عليه أثر إلا شيئا يسيرا، ومعنى الإنقاء في الاستنجاء
ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها، فإن وجد الإنقاء ولم يكمل العدد لم يجزي وهذا
مذهب الشافعي، وقال مالك يجزي وبه قال داود لحصول المقصود وهو الإنقاء
ولقوله صلى الله عليه وسلم " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا
حرج " ولنا قول سلمان لقد نهانا يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن نستنجي
بأقل من ثلاثة أحجار.
فأما قوله " فلا حرج " في حديثهم يعني في ترك الوتر لا في ترك العدد لأن
المأمور به في الخبر الوتر فيعود نفي الحرج اليه (مسألة) (فإن لم ينق بها
زاد حتى ينقي) لان المقصود إزالة آثار النجاسة فإذا لم ينق لم يحصل مقصود
الاستجمار (مسألة) قال (ويقطع على وتر) لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال " من استجمر فليوتر " متفق عليه، وهو مستحب غير واجب
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن
لا فلا حرج " رواه الإمام أحمد وأبو داود " فليستجمر ثلاثا أو خمسا أو
سبعاً أو تسعا " فإن أنقى بشفع أجزأ لما ذكرنا (فصل) وكيفما حصل الإنقاء في
الاستجمار أجزأ، وذكر القاضي أن المستحب أن يمر الحجر الأول من مقدم صفحته
اليمنى إلى مؤخرها ثم يديره على اليسرى حتى يصل به إلى الموضع الذي بدأ منه
ثم يمر الثاني من مقدم صفحته اليسرى كذلك ثم يمر الثالث على المسربة
والصفحتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أو لا يجد أحدكم حجرين للصفحتين
وحجرا للمسربة، " رواه الدارقطني وقال إسناد حسن،
(1/97)
وذكر الشريف أبو جعفر وابن عقيل أنه ينبغي
أن يعم المحل بكل واحد من الأحجار لأنه إذا لم يعم كان تلفيقا فيكون مسحة
واحدة وقالا معنى الحديث البداية بهذه المواضع، قال شيخنا ويحتمل أن
يجزئه لكل جهة مسحة لظاهر الخبر والله أعلم (فصل) ويجزي الاستجمار في
النادر كأجزائه في المعتاد، ولأصحاب الشافعي وجه أنه لا يجزئ في النادر قال
ابن عبد البر يحتمل أن يكون قول مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
بغسل الذكر من المذي وظاهر الأمر الوجوب ولأن النادر لا يتكرر فلا يشق
اعتبار الماء فيه فوجب كغير هذا المحل - ولنا أن الخبر عام في الكل ولأن
الاستجمار في النادر إنما وجب لما صحبه من بلة المعتاد، ثم إن لم يشق فهو
في محل المشقة فيعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها كما جاز الاستجمار على نهر
جار.
وأما المذي فمعتاد كثير وربما كان في بعض الناس أكثر من البول ولهذا أوجب
مالك منه الوضوء وهو لا يوجبه من النادر فيجزئ فيه الاستجمار قياساً على
سائر المعتاد والأمر محمول على الاستحباب جمعاً بينه وبين ما ذكرناه والله
أعلم (مسألة) قال (ويجب الاستنجاء من كل خارج إلا الريح) سواء كان معتادا
كالبول والغائط أو نادرا كالحصى والدود والشعر رطبا أو يابسا، فلو وطئ
امرأته دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج منه وجب عليهما الاستنجاء هذا
ظاهر كلام الخرقي وصرح به القاضي وغيره، ولو أدخل الميل في ذكره ثم أخرجه
لزمه الاستنجاء لأنه خارج من السبيل فأشبه الغائط المستحجر، والقياس أن لا
يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل وهو قول الشافعي، وهذا الحكم في
الطاهر وهو المني إذا حكمنا بطهارته لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة
ولا نجاسة ههنا، ولأنه لم يرد به نص ولا هو في معنى المنصوص والقول بوجوب
الاستنجاء في الجملة قول أكثر أهل العلم، وحكي عن
(1/98)
ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج لا أعلم
به بأسا وهذا يحتمل أن يكون فيمن لم يلزمه الاستنجاء كمن توضأ من نوم أو
خروج ريح، ويحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء وهذا مذهب أبي حنيفة لقول النبي
صلى الله عليه وسلم " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج "
رواه أبو داود ولأنها نجاسة يجزئ المسح فيها فلم يجب إزالتها كيسير الدم -
ووجه الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط
فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه " رواه أبو داود، وقال صلى الله
عليه وسلم " لا يستنج أحدكم بدون ثلاثة أحجار " رواه مسلم أمر والأمر يقتضي
الوجوب وقال فإنها تجزئ عنه والإجزاء إنما يستعمل في الواجب، ونهى عن
الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار والنهي يقتضي التحريم وإذا حرم ترك بعض
النجاسة فالجميع أولى فأما قوله " لا حرج " يعني في ترك الوتر وقد ذكرناه
وأما الإجتزاء بالمسح فيه فلمشقة الغسل لتكرر النجاسة في محل الاستنجاء.
فأما الريح فلا يجب لها استنجاء لا نعلم فيه خلافا، قال أبو عبد الله ليس
في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله وقد روي عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال " من استنجى من ريح فليس منا " رواه الطبراني في المعجم
الصغير، وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا
وجوهكم) إذا اقمتم من النوم ولم يأمر بغيره فدل على أنه لا يجب، ولأن
الوجوب من الشرع ولم يرد فيه نص ولا هو في معنى المنصوص ولأنها ليست نجسة
ولا يصحبها نجاسة فلا يجب غسل المحل منها كسائر المحال الطاهرة (مسألة)
(فإن توضأ قبله فهل يصح وضوؤه على روايتين) يعني إن توضأ قبل الاستنجاء
(إحداهما) لا يصح لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها
كالتيمم (والثانية) يصح وهي أصح وهي مذهب الشافعي لأنها إزالة نجاسة فلم
تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج فعلى هذه الرواية إن قدم التيمم
خرج على الروايتين (إحداهما) يصح قياساً على الوضوء (الثانية) لا يصح لأنه
لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة ولا تباح مع قيام المانع كما لو تيمم
قبل الوقت، وقيل في التيمم لا يصح وجها واحداً لما ذكرنا، وإن كانت النجاسة
على غير الفرج فهو كما لو كانت على الفرج ذكرها ابن عقيل لما ذكرنا من
العلة.
قال شيخنا: والأشبه التفريق بينهما كما افترقا في طهارة الماء، ولأن نجاسة
الفرج سبب وجوب التيمم فجاز أن يكون بقاؤها مانعا منه بخلاف سائر النجاسات
(1/99)
|