العدة شرح العمدة

باب الغصب (16) من غصب شيئا فعليه رده وأجرة مثله إن كان له أجرة مدة مقامه في يده
(17) وإن نقص فعليه أرش نقصه
(18) وإن جنى المغصوب فأرش جنايته عليهسواء جنى على سيده أو أجنبي
(19) وإن جنى عليه أجنبي فلسيده تضمين من شاء منهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب الغصب]
وهي الاستيلاء على مال غيره بغير حق
مسألة 16: (ومن غصب شيئًا فعليه رده) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى تؤدي» (رواه أبو داود) (وعليه أجرة مثله مدة مقامه في يده) لأنه فوت عليه منفعته، والمنافع لها قيمة فيضمنها كالأعيان.

مسألة 17: (وإن نقص فعليه أرش نقصه) لأنه يلزمه ضمان جميع المغصوب لو تلف فيلزمه ضمان بعضه بقيمته قياسًا للبعض على الكل.

مسألة 18: (وإن جنى المغصوب فأرش جنايته عليه) يعني على الغاصب (سواء جنى على سيده أو أجنبي) لأنه نقص في حق العبد لكونه يتعلق برقبته فكان مضمونًا على الغاصب كسائر نقصه.

مسألة 19: (وإن جنى عليه أجنبي فلسيده تضمين من شاء منهما) الجاني لأنه أتلف، والغاصب لأن نقص العبد حصل وهو في يده فلزمه ضمانه كما لو كان هو المتلف؛ لأن الجناية إن كانت غير مقدرة كشجة دون أرش الموضحة لزم فيها ما نقص من قيمته، وإن كانت على شيء مقدر كقطع يده أو قلع عينه فكذلك في إحدى الروايتين؛ لأنه ضمان مال أشبه ضمان البهيمة، وفي الأخرى يجب نصف قيمته، ويخرج أن يجب أكثر

(1/301)


(20) وإن زاد المغصوب رده بزيادته، سواء كانت متصلة أو منفصلة، وإن زاد أو نقص رده بزيادته وضمن نقصه، سواء زاد بفعله أو بغير فعله، فلو نجر الخشبة بابا أو عمل الحديد إبرا ردهما بزيادتهما وضمن نقصهما إن نقصا
(21) ولو غصب قطنا فغزله أو غزلًا فنسجه أو ثوبًا فقصره أو فصله وخاطه، أو حبا فصار زرعًا أو نوًى فصار شجرًا أو بيضًا فصار فراخًا فكذلك
(22) وإن غصب عبدًا فزاد في بدنه أو بتعليمه ثم ذهبت الزيادة رده وقيمة الزيادة
(23) وإن تلف المغصوب أو تعذر رده فعليه مثله إن كان مكيلًا أو موزونًا، وقيمته إن لم يكن كذلك ثم إن قدر على رده رده ويأخذ القيمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الأمرين منهما لأن سبب ضمان كل واحد منهما قد وجد فوجب أكثرهما، فإن ضمن الغاصب أكثر الأمرين رجع على الجاني بنصف قيمته لا غير لأن ضمانه ضمان الجناية، وإن ضمن الجاني ضمنه نصف القيمة لأن جنايته لا توجب أكثر من ذلك ويطالب الغاصب بتمام النقص كما لو أتلفه.

مسألة 20: (وإن زاد المغصوب أو نقص رده بزيادته سواد كانت الزيادة متصلة) كالسمن وتعلم صنعة (أو منفصلة) كالولد والكسب لأن ذلك نماء ملكه ويضمن النقص لما سبق (وسواء كانت الزيادة بفعل الغاصب أو بغير فعله كمن نجر الخشبة بابا أو عمل الحديد إبرًا) لأن ذلك غير ماله فيلزمه (رده بزيادته) كما لو زاد بسمن أو تعلم صنعة (ويضمن النقص) لما سبق.

مسألة 21: (ولو غصب قطنًا فنسجه أو ثوبًا فقصره أو فصله وخاطه أو حبًا فصار زرعًا أو نوى فصار شجرًا أو بيضًا فصار فراخًا فكذلك) لذلك.

مسألة 22: (وإن غصب عبدًا فزاد في بدنه أو بتعليمه ثم ذهبت الزيادة رده وقيمة الزيادة) لأنها زادت على ملك المغصوب منه فلزمه ضمانها كما لو كانت موجودة حال الغصب.

مسألة 23: (وإن تلف المغصوب أو تعذر رده فعليه مثله إن كان مكيلًا أو موزونًا، وقيمته إن لم يكن كذلك) أما إذا تلف المغصوب فعليه مثله، قال ابن عبد البر: كل مطعوم من مأكول أو مشروب فمجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله لا قيمته، وإن لم يكن كذلك فعليه قيمته، لما روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعتق شركًا له في عبد قوِّم

(1/302)


)
(24) وإن خلط المغصوب بما لا يتميز به من جنسه فعليه مثله منه
(25) وإن خلطه بغير جنسه فعليه مثله من حيث شاء
(26) وإن غصب أرضا فغرسها أخذ بقلع غرسه وردها وأرش نقصها وأجرتها
(27) وإن زرعها وأخذ الغاصب الزرع ردها وأجرتها
(28) وإن أدرك مالكها الزرع قبل حصاده خير بين ذلك وبين أخذ الزرع بقيمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
عليه قيمة العدل» متفق عليه، فأمر بالتقويم في حصة الشريك لأنها متلفة بالعتق، ولم يأمر بالمثل. وأما إذا تعذر رده مع وجوده فعليه مثله أو قيمته لذلك، (ثم إن قدر على رده) بعد ذلك (رده) لأنه غير مال فيلزمه رده كما لو لم يتعذر رده (ويأخذ القيمة) لأن المالك أخذها على سبيل العوض عن ملكه، فإذا رجع إليه ملكه ردها كما لو لم يكن أخذ شيئًا.

مسألة 24: (وإن خلط المغصوب بما لا يتميز به من جنسه فعليه مثله منه) في أحد الوجهين، وهو قول ابن حامد؛ لأنه قدر على دفع ماله إليه فلم ينتقل إلى البدل في الجميع كما لو غصب شيئًا فتلف بعضه، وهو ظاهر كلام أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وفي الوجه الآخر يلزمه مثله من حيث شاء، وهو قول القاضي، لأنه تعذر رد عينه، أشبه ما لو أتلفه كله.

مسألة 25: (وإن خلطه بغير جنسه فعليه مثله حيث شاء) لذلك.

مسألة 26: (وإن غصب أرضًا فغرسها أخذ بقلع غرسه) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس لعرق ظالم حق» (رواه أبو داود) (ويلزمه ردها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى تؤدي» . (ويلزمه أرش نقصها) لأنها لو تلفت جميعًا لزمه قيمتها فإذا نقصت لزمه البعض كما يلزمه ضمان الجملة، (ويلزمه الأجرة) لأنه شغل ملك الغير بغير إذنه أشبه غصب الدابة.

مسألة 27: (وإن زرعها وأخذ الغاصب الزرع ردها وأجرتها) لذلك.

مسألة 28: (وإن أدرك الزرع قبل حصاده خير بين ذلك) يعني بين تركه بالأجرة لما

(1/303)


(29) وإن غصب جارية فوطئها وأولدها لزمه الحد وردها ورد ولدها ومهر مثلها
(30) وأرش نقصها
(31) وأجرة مثلها
(32) وإن باعها فوطئها المشتري وهو لا يعلم فعليه مهرها وقيمة ولدها إن أولدها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
سبق (وبين أخذ الزرع بقيمته) لما روى رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وعليه نفقته» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

مسألة 29: (وإن غصب جارية فوطئها وأولدها لزمه الحد) لأنه زان لكونها ليست زوجته ولا ملك يمين (ويلزمه ردها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على كل يد ما أخذت حتى تؤدي» (ورد ولدها) لأنه نماء ملكه (ويلزمه مهر مثلها) سواء كانت مكرهة أو مطاوعة، لأن هذا حق للسيد فلا يسقط بمطاوعتها كما لو أذنت في قطع يدها.

مسألة 30: (ويجب أرش نقصها) إن نقصت بالولادة، كما يلزمه أرش نقص الأرض إذا زرعها.

مسألة 31: (ويجب عليه أجرة مثلها) لكونه شغل ملك الغير بغير إذنه، وإن كانت بكرًا لزمه أرش بكارتها مع المهر لأنه بدل آخر منها، وإنما اجتمعا لأن كل واحد منهما يضمن منفردًا، بدليل أنه لو وطئها ثيبًا وجب مهرها، ولو افتضها بإصبعه وجب أرش بكارتها، وعنه لا يلزمه مهر الثيب لأنه لم ينقصها ولم يؤلمها، أشبه ما لو قبلها.

مسألة 32: (وإن باعها فوطئها المشتري وهو لا يعلم فعليه مهرها) لأنه وطئ جارية غيره بغير نكاح، وإن ولدت فهو حر لأن اعتقاده أنه يطأ مملوكته منع انخلاق الولد رقيقًا أو يلحقه نسبه، (وعليه فداؤه) لأنه فوت رقه على سيده باعتقاده حل الوطء ويفديه ببدله يوم الوضع، قال الخرقي: يفديه بمثله يعني في السن والجنس والصفات، وقد نص عليه أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال أبو الخطاب: يفديه بقيمته لأن الحيوان ليس بمثله، ووجه قول الخرقي أنهم أحرار، والحر لا يضمن بقيمته.

(1/304)


(33) وأجرة مثلها، ويرجع بذلك كله على الغاصب