العدة شرح العمدة

باب الهبة وهي تمليك المال في الحياة بغير عوض (11) وتصح بالإيجاب والقبول والعطية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
وإنما كان جميعهم بالسوية لأن الجميع أولاده فلفظه يقتضي ذلك، ولا يدخل فيه ولد البنات لأنهم ليسوا من ولده، قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأجانب
(وإن فضل بعضهم فله ذلك) لأنه ثبت بشرطه (فإذا لم يبق منهم أحد رجع إلى المساكين) لأنه جعل المساكين بعد ولده بقوله ثم على المساكين.

مسألة 9: (وإن كان الوقف على من يمكن حصرهم لزمه استيعابهم به والتسوية بينهم) لأن اللفظ يقتضي ذلك، وقد أمكن الوفاء به فوجب العمل بمقتضاه كقوله سبحانه: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] فإنه يجب تعميم الإخوة من الأم والتسوية بينهم، ولأن اللفظ يقتضي التسوية أشبه ما لو أقر لهم (إلا أن يفضل بعضهم) فله ذلك لأنه ثبت بلفظه.

مسألة 10: (وإن لم يمكن حصرهم) كالمساكين وبني هاشم (جاز تفضيل بعضهم على بعض وتخصيص واحد منهم به) لأنه لا يمكن تعميمهم، فلا تجب إجماعًا لأنه لا يدخل تحت الوسع، ويجوز التفضيل؛ لأن من جاز حرمانه جاز تفضيل غيره عليه، ويجوز الاقتصار على واحد منهم كما قلنا في الزكاة، ويحتمل أن لا يجزئه أقل من ثلثه بناء على القول في الزكاة.

[باب الهبة] 1
وهي تمليك المال في الحياة بغير عوض

مسألة 11: (وتصح بالإيجاب والقبول والعطية المقترنة بما يدل عليها) فالإيجاب أن يقول: وهبتك أو ملكتك أو أعطيتك، أو لفظ يؤدي هذا المعنى، والقبول أن يقول: قبلت أو رضيت أو نحو هذا، إذا لم يوجد قبض، فأما مع القبض فلا يفتقر إلى ذلك لأن

(1/314)


المقترنة بما يدل عليها
(12) وتلزم بالقبض
(13) ولا يجوز الرجوع فيها
(14) إلا الأب لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الأخذ قام مقام القبول في الدلالة على الرضا به وقبوله، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهدي ويهدى إليه ويهب ويوهب له، وكذلك الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولم ينقل عنهم إيجاب ولا قبول، ولو استعملوه لنقل إلينا نقلًا شائعًا، ولم ينقل إلا المعاطاة والتفرق عن تراض فكان ذلك كافيًا.

مسألة 12: (وتلزم بالقبض) وهو إجماع الصحابة؛ لأن ذلك روي عن أبي بكر وعمر ولم يعرف لهم مخالف، وروي عن عائشة أن أبا بكر نحلها جذاذ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما مرض قال: يا بنية إني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا وددت أنك كنت حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله عز وجل، ولأنها هبة غير مقبوضة فلا تلزمه كما لو مات قبل أن يقبض، وعنه يلزمه في غير المكيل والموزون بمجرد الهبة، لما روي عن علي وابن مسعود رضي عنهما، أنهما قالا: الهبة إذا كانت معلومة فهي جائزة قبضت أو لم تقبض، ولأن الهبة أحد نوعي التمليك فكان منها ما يلزم قبل القبض كالبيع.

مسألة 13: (ولا يجوز الرجوع فيها) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العائد في هبته كالعائد في قيئه» (رواه مسلم) وفي لفظ «كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء» متفق عليه.

مسألة 14: (إلا الأب، لما «روى ابن عمر وابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده» إذا لم يتعلق به حق لأحد، قال الترمذي: حديث حسن. وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يرجع واهب في هبته، إلا الوالد من ولده» (رواه أبو داود) .

(1/315)


(15) والمشروع في عطية الأولاد أن يسوي بينهم على قدر ميراثهم لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»
(16) وإذ قال لرجل: أعمرتك داري أو هي لك عمري، فهي له ولورثته من بعده
(17) وإن قال: سكناها لك عمرك، فله أخذها متى شاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 15: (والمشروع في عطية الأولاد القسمة بينهم على قدر ميراثهم) لأن التسوية بينهم واجبة، والتسوية الواجبة المأمور بها هي القسمة بينهم على قدر ميراثهم، لأنه تعجيل لما يصل إليهم بعد الموت فأشبه الميراث، فإن خص بعضهم فعليه بالتسوية بالرجوع وإعطاء الآخر حتى يستووا، لما «روى النعمان بن بشير قال: "تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى يشهد عليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجاء أبي إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليشهد على صدقتي، فقال: أكل ولدك أعطيت مثله؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة» (رواه البخاري) وفي لفظ: «لا تشهدني على جور» وفي لفظ: "فاردده" وفي لفظ: "فارجعه" وفي لفظ: «فأشهد على هذا غيري» وفي لفظ: "سو بينهم"، وهو يدل على التحريم لأنه سماه جورًا وأمر برده، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن تخصيص بعضهم يورث بينهم العداوة وقطيعة الرحم فيمنع منه كتزويج المرأة على عمتها وخالتها.

مسألة 16: (وإذا قال لرجل: أعمرتك داري أو هي لك عمرك أو حياتك فإنه يصح وتكون للمعمر ولورثته من بعده) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًا وميتًا» متفق عليه، وفي لفظ: «قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالعمرى لمن وهبت له» متفق عليه، ولأن الأملاك المستقرة كلها مقدرة بحياة المالك وتنتقل إلى الورثة فلم يكن تقديره بحياته منافيًا لحكم الأملاك، وعنه ترجع بعد موته إلى المعمر، لما روى جابر قال: «إنما العمرى التي أجازها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها» متفق عليه.

مسألة 17: (وإن قال: سكناها لك عمري فله أخذها متى شاء) لأن الموهوب هاهنا

(1/316)


باب عطية المريض (18) تبرعات المريض مرض الموت المخوف ومن هو في خوف كالمريض كالواقف - بين الصفين عند التقاء القتال ومن قُدِّم ليُقتل، وراكب البحر حال هيجانه ومن وقع الطاعون ببلده إذا اتصل بهم الموت - حكمها حكم وصيته في ستة أحكام: أحدها: أنها لا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث ولا لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة، لما روي «أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجزأهم أثلاثا فأعتق اثنين وأرق أربعة» ، الثاني: أن الحرية تجمع في بعض العبيد بالقرعة إذا لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
المنفعة، وإنما تملك بمضي الزمان شيئًا فشيئًا فله أخذها لأنها لا تقع لازمة، فهي بمنزلة العارية.

[باب عطية المريض]
مسألة 18: (تبرعات المريض مرض الموت المخوف ومن هو في الخوف كالمريض - مثل الواقف بين الصفين عند التحام الحرب ومن قدم ليقتل وراكب البحر عند هيجانه ومن وقع الطاعون ببلده إذا اتصل بهم الموت - حكمها حكم وصيته في ستة أحكام) . والمرض المخوف كالبرسام وذات الجنب والرعاف الدائم والقيام المتدارك والفالج في ابتدائه والسل في انتهائه وما قال عدلان من أهل الطب إنه مخوف، وكذلك من هو في الخوف، فعطاؤهم كالوصية في ستة أحكام: (أحدها: أنها لا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث ولا لوارث شيء إلا بإجازة الورثة لما روى) عمران بن حصين (أن رجلًا أعتق ستة أعبد له عند موته لم يكن له مال غيرهم) فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فدعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء) فأقرع بينهم (فأعتق اثنين وأرق أربعة) وقال قولًا شديدًا، رواه مسلم، ولأنه في هذه الحال لا يأمن الموت فجعل كحال الموت. (الثاني: أن الحرية تجمع في بعض العبيد بالقرعة إذا لم يف الثلث بالجميع للخبر، الثالث: أنه إذا أعتق عبدًا غير معين أو معينًا فأشكل أخرج بالقرعة) للخبر "وأنه لا طريق إلى تعيين المعتق إلا بالقرعة فيصار إليها للخبر" (الرابع: أنه يعتبر خروجها من الثلث حال الموت، فلو أعتق عبدًا لا مال له سواه أو

(1/317)


يف الثلث بالجميع للخبر، الثالث: أنه إذا أعتق عبدا غير معين أو معينا فأشكل أخرج بالقرعة، الرابع: أنه يعتبر خروجها من الثلث حال الموت، فلو أعتق عبدا لا مال له سواه أو تبرع به ثم ملك عند الموت ضعف قيمته تبينا أنه عتق كله حين إعتاقه، وكان ما كسبه بعد ذلك له
(19) وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء ولا يصح تبرعه به
(20) ولو وصى له بشيء فلم يأخذه الموصى له زمانا قوم عليه وقت الموت لا وقت الأخذ، الخامس: أن كونه وارثا يعتبر حالة الموت فيهما، فلو أعطاه أخاه أو أوصى له ولا له ولد فولد له ابن صحت العطية والوصية، ولو كان له ابن فمات بطلت، السادس: أنه لا يعتبر رد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
تبرع به ثم ملك عند الموت ضعف قيمته تبينا أنه أعتق كله حين إعتاقه، وكان ما كسبه بعد ذلك له) لخروجه من الثلث عند الموت.

مسألة 19: (وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء) لأن الدين يقدم على الوصية، لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بالدين قبل الوصية» (ولا يصح تبرعه به) لأنه تبرع به عند الموت فينزل بمنزلة الوصية، والدين يقدم عليها لحديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

مسألة 20: (ولو وصى له بشيء فلم يأخذه الموصى له زمانًا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ) لأن الاعتبار بقيمة الموصى به وخروجه من الثلث وعدم خروجه منه بحالة موت الموصي؛ لأنها حال لزوم الوصية فتعتبر قيمة المال فيها، لا نعلم في ذلك خلافًا، فينظر فإن كان الموصى به وقت الموت ثلث التركة في القيمة أو دونه نفذت الوصية واستحقه الموصى له، ولو زادت قيمته بعد ذلك حتى يصير معادلًا لسائر المال، ولو هلك جميع المال سواه كان للموصى له، وإن كان حين الموت زائدًا عن الثلث فللموصى له قدر الثلث، فإن كان نصف المال فللموصى له ثلثاه، وإن كان ثلثيه فللموصى له نصفه، فإن نقص الموصى به بعد ذلك أو زاد، أو نقص سائر التركة أو زاد، فليس للموصى له إلا ما خرج عن الثلث حال الموت لذلك، (الخامس: أن كونه وارثًا يعتبر حالة الموت فيهما، فلو أعطاه أخاه أو أوصى له، ولا له ولد، فولد له ابن صحت العطية والوصية) لأنه عند الموت صار غير وارث (ولو كان له ابن) وقت العطية (فمات) الابن (بطلت) لأنه صار عند الموت وارثًا لأن اعتبار الوصية بالموت لا خلاف في ذلك نعلمه. (السادس: أنه

(1/318)


الورثة وإجازتهم إلا بعد الموت فيهما
(21) وتفارق العطية الوصية في أحكام أربعة: أحدها: أن العطية تنفذ من حينها، فلو أعتق عبدا أو أعطاه إنسانا صار المعتق حرا وملكه المعطي وكسبه له، ولو وصى به أو دبره لم يعتق ولم يملكه الموصى له إلا بعد الموت، وما كسب أو حدث فيه من نماء منفصل فهو للورثة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لا يعتبر رد الورثة وإجازتهم إلا بعد الموت فيهما) وما قبل ذلك لا عبرة به لأنه لا حق للوارث قبل الموت فلم يصح إسقاطه كما لو أسقط الشفعة قبل البيع، وكما لو أسقطت المرأة نفقتها قبل التزويج.

مسألة 21: (وتفارق العطية الوصية في أحكام أربعة: أحدها: أن العطية تنفذ من حينها. فلو أعتق عبدًا أو أعطاه إنسانًا صار المعتق حرًا وملكه المعطي وكسبه له) يعني إن خرج من الثلث عند الموت فكسبه له إن كان معتقًا وللموهوب له إن كان موهوبًا، وإن خرج بعضه فلهما من كسبه بقدر ذلك، فلو أعتق عبدًا لا مال له سواه فكسب مثل قيمته قبل موت سيده عتق نصفه "ونصف كسبه" وله "نصفه و" نصف كسبه ويحصل للورثة نصفه ونصف كسبه، وذلك مثل ما أعتق منه، ولا يمكن أن يرق منه ثلثاه لأنه لو رق ثلثاه تبعه ثلثا الكسب فيصير من مال الميت ينتقل إلى الورثة، فيجب أن يحتسب على الورثة ويعتق من العبد بقدره ولا يحتسب على العبد بما حصل له من الكسب لأنه ملكه بجزئه الحر لا من جهة السيد، ولم يدخل ذلك في ملك السيد بحال فيستخرج بالجبر فيقال: عتق من العبد شيء وله من كسبه مثله شيء آخر بقي العبد والكسب للورثة إلا شيئين، ويجب أن يكون ذلك مثل ما جاز فيه العتق فيكون إذًا شيئين؛ لأن العتق إنما جاز في شيء فقد حصل للورثة شيئان، وللعبد شيئان: شيء من عتقه وشيء من كسبه، فصار لهم مثل ما له فله النصف من نفسه وكسبه ولهم النصف، ولو كسب مثلي قيمته قلت: عتق منه شيء وتبعه من كسبه شيئان وللورثة شيئان فصار العبد وكسبه يقابل خمسة أشياء، له منها ثلاثة فيعتق منه ثلاثة أخماسه، وله ثلاثة أخماس من كسبه ولهم الخمسان منهما. ولو كان العبد موهوبًا فللموهوب له منه بقدر ما عتق منه وبقدره من كسبه.
وأما الموصى به أو بعتقه فلا يملكه الموصى له به ولا يعتق إلا بعد الموت، لأن ذلك إنما يلزم بالموت لما سبق، وما كسب من شيء أو حدث فيه من نماء فإنه يكون

(1/319)


الثاني: أن العطية يعتبر قبولها وردها حين وجودها كعطية الصحيح، والوصية لا يعتبر قبولها ولا ردها إلا بعد موت الموصي، الثالث: أنها تقع لازمة لا يملك المعطي الرجوع فيها، والوصية له الرجوع فيها متى شاء، الرابع: أن يبدأ بالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها، والوصية يسوى بين الأول منها والآخر، ويدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته سواء كان فيها عتق أو لم يكن
(22) وكذلك الحكم في العطايا إذا وقعت دفعة واحدة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
للورثة، لأنه إلى حين الموت باق على ملك السيد فيرثه ورثته بعد موته (الثاني: أن العطية يعتبر قبولها وردها حين وجودها كعطية الصحيح، والوصية لا يعتبر قبولها وردها إلا بعد موت الموصي) لأن العطية هبة منجزة فاعتبر لها القبول عند وجودها كعطية الصحيح، بخلاف الوصية فإنه لا حكم لقبولها ولا ردها إلا بعد الموت لأنها عطية بعد الموت. (الثالث: أنها تقع لازمة لا يملك المعطي الرجوع فيها) وإن كثرت، لأنها هبة منجزة اتصل بها القبض أشبهت هبة الصحيح (بخلاف الوصية فإن له الرجوع فيها متى شاء) لأنها عطية معلقة على شرط أشبهت الهبة المعلقة على شرط. (الرابع: أن يبدأ بالأول فالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها) لأن السابق استحق الثلث فلم يسقط بما بعده (والوصية يسوى بين الأول منها والآخر، ويدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته سواء كان فيها عتق أو لم يكن) لأنها توجد عقب موته دفعة واحدة فتساوت كلها، وعنه يقدم العتق لأنه مبني على السراية والتغليب فكان آكد من غيره.

مسألة 22: (وكذا الحكم في العطايا إذا وقعت دفعة واحدة) لما ذكرنا.

(1/320)