الفروع و
معه تصحيح الفروع المجلد الأول
مقدمة
...
مقدمة صاحب الفروع مع التصحيح
بسم الله الرحمن الرحيم
1رب يسر وأعن1
قال الشيخ الإمام العالم العلامة، 2شيخ
الإسلام2، 3مفتي المسلمين، آخر المجتهدين3،
أبو عبد الله، محمد بن مفلح المقدسي، الحنبلي،
رضي الله عنه:
ـــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
4وبه نستعين وصلى الله على سيدنا حمد وخاتم
النبيين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا4.
قال الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة علاء
الدين أبو الحسن علي بن سليمان المقدسي5
الحنبلي:
ـــــــ
1 1 ليست في الأصل، وبعدها في "س": "على
تمامه".
2 2 ليست في الأصل.
3 3 ليست في الأصل و"س".
4 4 ليست في "ح".
5 هذه المقدمة من كلام أبي بكر ابن الجرعي من
فقهاء الحنابلة المتأخرين من مصنفاته غاية
المطلب وحيلة الطراز في مسائل الألغاز "ت 883
هـ" السحب الوابلة "1/304".
(1/3)
الحمد لله
المتفضل على خلقه بكثرة الأفضال والنعم، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنفرد
بالبقاء والقدم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
صاحب اللواء والعطاء الخضم صلى الله عليه وعلى
آله أولي الفضائل والحكم، وسلم تسليما كثيرا1.
ـــــــ
الحمد لله على ما من وأنعم وجاد وتفضل وتكرم
والصلاة والسلام على أفضل الخلق على الله
وأكرم وعلى آله وأصحابه وأولي العزمات العلية
والهمم.
وأما بعد: فإن كتاب الفروع – تأليف الشيخ
الإمام العالم العلامة أبي عبد الله محمد بن
مفلح أجزل الله له الثواب وضاعف له الأجر يوم
الحساب – من أعظم ما صنف في فقه الإمام
الرباني أبي عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن
حنبل الشيباني – قدس الله روحه ونور ضريحه –
نفعا وأكثرها جمعا وأتمها تجريرا وأحسنها
تحبيرا وأكملها تحقيقا وأقربها إلى الصواب
طريقا وأعدلها تصحيحا وأقومها ترجيحا وأغزرها
علما وأوسطها حجما قد اجتهد في تحريره وتصحيحه
وشمر عن ساعد2 جده في تهذيبه وتنقيحه فحرر
نقوله وهذب أصوله وصحح فيه المذهب ووقع فيه
على حصنا وعدة ومرجع الأصحاب في هذه الأيام
إليه وتعويلهم في التصحيح والتحرير3 وعليه
لأنه اطلع على كتب كثيرة ومسائل غزيرة مع
تحرير وتحقيق وإمعان نظر وتدقيق فجزاه الله
أحسن الجزاء وأثابه جزيل النعماء.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ الخطية "ساق" والمثبت من "ط".
3 ليست في "خ".
(1/4)
أما بعد: فهذا
كتاب في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه
اجتهدت في اختصاره وتحريره، ليكون نافعا
ـــــــ
وقد التزم فيه أن يقدم – غالبا – المذهب وإن
اختلف الترجيح أطلق الخلاف والذي يظهر أن غير
الغالب مما لم يطلق الخلاف فيه قد بين المذهب
فيه أيضا فيقول بعد ما يقدم غيره: والمذهب أو:
والمشهور أو: الأشهر أو: والأصح أو: والصحيح
كذا وهو في كتابه كثير.
وقد تتبعنا كتابه فوجدنا ما قاله صحيحا وما
التزمه صريحا إلا أنه رحمه الله تعالى عثر له
على بعض مسائل قدم فيه حكما نوقش على كونه
المذهب وكذلك عثر له على تعض مسائل أطلق فيها
الخلاف – لا سيما في النصف الثاني – والمذهب
فيها مشهور كما ستراه إن شاء الله تعالى وما
ذاك إلا أنه رحمه الله تعالى لم يبيضه كله ولم
يقرأ عليه فحصل بسبب ذلك تعض خلل في بعض
مسائله.
وقد حرر فيه شيخنا البعلي1 والقاضي محب الدين
بن نصر الله البغدادي2 – تغمدهما الله برحمته
– جملة من مسائله في حواشيهما عليه وحررت بعض
مسائله في هذا التصحيح كما ستراه3 إن شاء الله
تعالى.
ولقد أجاد الشيخ العلامة أو الفرج عبد الرحمن
بن رجب4 رحمه الله تعالى في قواعده حيث قال:
والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير
صوابه ولو لم يكن
ـــــــ
1 يعني ابن قندس صاحب الحاشية المنشورة بضميمة
هذا الكتاب.
2 هو أحمد بن نصر الله البغدادي قاضي القضاة
بمصر له حواشي حسنه على المحرر والفروع "ت 844
هـ" المقصد الأرشد "1/202".
3 ليست في "ص" و"ط".
4 هو أبو الفرج زين الدين عبد الرخمن بن أحمد
بن رجب البغدادي الدمشقي من مصنقاته فتح
الباري في شرح البخاري ذيل طبقات الحنابلة
القواعد "ت 795هـ" المقصد الأرشد "2/81".
(1/5)
وكافيا للطالب،
وجردته عن دليله وتعليله: غالبا، ليسهل حفظه
وفهمه على الراغب، وأقدم غالبا الراجح في
المذهب، فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف،
"وعلى الأصح" أي أصح الروايتين، و "في الأصح"
أي أصح الوجهين، وإذا قلت: وعنه كذا، أو
وقيل1: كذا فالمقدم خلافه.
وإذا قلت: ويتوجه، أو2 يقوى، أو عن قول، أو
رواية: وهو، أو3 هي أظهر، أو أشهر، أو متجه،
أو غريب، أو بعد حكم مسألة: فدل، أو هذا يدل،
أو ظاهره، أو يؤيده، أو المراد كذا، فهو من
عندي. وإذا قلت: المنصوص، أو الأصح، أو
الأشهر، أو المذهب كذا، فثم قول.
وأشير إلى ذكر الوفاق والخلاف، فعلامة ما أجمع
عليه "ع" وما وافقنا عليه الأئمة الثلاثة
"رحمهم الله تعالى" أو كان الأصح في مذهبهم
"و" وخلافهم "خ"
ـــــــ
من ترجمته إلا ما حكي عن العلامة ابن القيم4
أنه قال: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام
أحمد من الشيخ محمد بن مفلح5 لكان فيه كفاية
وناهيك بهذا الكلام من هذا الإمام في حقه وأنا
أقول: إذا أردت أن تفهم قدر هذا الكتاب وقدر
مصنفه فانظر إلى مسألة من المسائل التي فيه
وما فيها من النقول والتحرير وانظر فيها في
غيره من
ـــــــ
1 في الأصل: "قيل".
2 ليست في "ط".
3 في "س": "و".
4 هو أبو عبد الله شمس الدين بن أبي بكر بن
أيوب بن سعد الزرعي ثم الدمشقي الفقيه الأصولي
والمفسر النحوي لازم الشيح تقي الدين ابن
تيمية وأخذ عنه تفنن في علوم كثيرة من مصنفاته
زاد المعاد في هذي حير العباد وإعلام الموقعين
عن رب العالمين والطرق الحكمية وغيرها "ت
751هـ" الذيل على الطبقات "2/447".
5 المقصد الأرشد "2/447".
(1/6)
وعلامة خلاف
أبي حنيفة "هـ" ومالك "م" فإن كان لأحدهما
روايتان فبعد علامته "ر" وللشافعي "ش" ولقوليه
"ق" وعلامة وفاق أحدهم ذلك، وقبله "و".
ـــــــ
الكتب تجد ما يحصل لك به الفرق الجلي والواضح.
وقد أحببت أن 1أتتبع ما أطلق فيه1 الخلاف من
المسائل وأمشي عليه وأنقل ما تيسر من كلام
الأصحاب في كل مسألة منها وأحرر الصحيح2 من
المذهب من ذلك إن شاء الله تعالى وهي تزيد على
ألفين ومئتين وعشرين مسألة على ما بيانه في كل
باب وجمعها آخر الكتاب.
وربما نبهت على بعض مسائل فيها بعض خلل إما في
العبارة أو الحكم أو التقديم أو الإطلاق ولكن
على سبيل التبعية وهي تزيد على ست مئة وثلاثين
تنبيها.
فإن هذا الكتاب جدير بالاعتناء به والاهتمام
لأنه قد حوى غلب مسائل المذهب وأصوله ونصوص
الإمام أحمد فإذا انضم هذا التصحيح إلى ما
حرره وقدمه وصححه حصل بذلك تحرير المذهب
وتصحيحه إن شاء الله تعالى.
وهو مسلك وعر وطريق صعب عسر لم يتقدمنا أحد
إليه ولا سلكه لنتبعه ونعتمد عليه ولكن أعاننا
على ذلك توفيق الله تعالى لنا على إكمال
كتابنا المسمى بـ "الإنصاف في معرفة الراجح من
الخلاف" وتصحيحه فإن غالب المسائل التي في
المذهب مما أطلق الأصحاب فيها الخلاف أو بعضهم
تتبعتها فيه وصححت ما يسر الله تعالى علينا
تصحيحه فجاء بحمد الله تعالى وافيا بالمراد في
معناه فبذلك هان علينا ما قصدنا فعله في هذا
الكتاب وما أردناه ولكن فيه بعض مسائل لم تذكر
في كتابنا وفي كتابنا مسائل مصححة لم تذكر
فيه.
فإذا وجدت نقلا في مسألة من هذه المسائل التي
أطلق فيها الخلاف ذكرت من اختار كل قول ومن
قدم وصحح وضعف وأطلق وأبين الراجح من ذلك
بقولي:
ـــــــ
1 1 في "ط" "أصحح" وبعدها بياض بقدر كلمة.
2 ليست في "ط".
(1/7)
.......................................
ـــــــ
وهو الصحيح وربما اخترت مع قولي ذلك غيره فإن
لم أجد في المسألة نقلا – وما ذاك إلا لعدم
الكتب التي اطلع عليها المصنف ولم نطلع عليها-
فإني أذكر المسألة بلفظ المصنف وأدعها على
حالها لعل من رآها ووجد فيها نقلا أضافه إليها
وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وربما
ظهر لي ترجيح أحد القولين أو الأقوال فأنبه
على ذلك بقولي: قلت الصحيح أو: الصواب كذا
وربما كان في المسألة المطلقة بعض أقوال أو
طرق لم يذكرها المصنف فأذكرها.
وقد أذكر مسألة من كلام المصنف مصححة أو
مجزوما بها, توطئة لما بعدها لتعلقها بها
لتفهم المسألة الآتية بعدها التي أطلق فيها
الخلاف وهو كثير.
واعلم أن للمصنف في كتابه في إطلاق الخلاف
مصطلحات كثيرة أحببت أن أتتبع غالبها وأجمعها
هنا ليعرف مصطلحه فإنه تارة يقول مثلا: الحكم
كذا في إحدى الروايتين أو الروايات أو الوجهين
أو الأوجه أو الاحتمالين أو الاحتمالات
والخلاف بهذه الصيغة مطلق وقد قيل في مثلها في
كتاب المقنع1 إنه تقدم ونقل عن الشيخ2 أنه قال
ذلك وهو مصطلح جماعة من الأصحاب.
أو يقول: وهل يفعل؟ ثالثها: الفرق كما ذكره في
باب الهبة "7/418" وهذه العبارة في غاية
الاختصار أو يقول: في كذا روايات: الثالثة.
كذا كما ذكره في باب الاستطابة "125" وغيره.
وتارة يقول: هل يكون كذا أم لا؟ فيه وجهان كذا
قيل كما ذكره في باب ما يفسد الصوم "5/24".
وتارة يطلقه بقوله: ولأصحابنا في كذا وجهان
كما ذكره في باب محظورات
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "1/6".
2 إذا أطلق الشيح في الفروع وتصحيحه وغيرهما
فهو: أبو محمد موفق الدين عبد الله بن محمد بن
أحمد ابن قدامة المقدسي الأصل ثم الدمشقي
الصالحي شيخ المذهب الحنبلي من مصنفاته المغني
والكافي والمقنع والعمدة وغيرها "ت 62هـ" ذيل
الطبقات "2/133" السير "22/165 – 173".
(1/8)
.......................................
ـــــــ
الإحرام "5/515" أو يقول: وللأصحال وجهان: هل
الحكم كذا أو كذا؟ كما ذكره في باب زكاة
السائمة "4/5" أو يقول: فال الأصحاب: وكذا
الوجهان في كذا كما ذكره1 في باب النية
"2/140" أو يقول: وفيه وجهان للأصحاب كما ذكره
في باب الأطعمة "10/349" فتحتمل عبارته في هذه
المسائل أن يكون الخلاف مطلقا عنده وهو الأظهر
لأنه في الغالب لا يحيل ذلك إلا على ما فيه
الخلاف مطلق ويحتمل أن يكون ذكر ذلك على سبيل
الحكاية وعلى كلا الاحتمالين لا يد من تصحيح
المسألة.
وتارة يقول: وفي نحو كذا وجهان كما ذكره في
باب الإقرار بالمجمل في موضعين "11/448
و11/452" كقوله: وفي نحو كلاب وجهان فدخلت
الكلاب في الخلاف الذي أطلقه بطريق أولى وهذه
العبارة في كلامه كثير وفي غير الخلاف المطلق
أيضا.
وتارة يقول مثلا: هل يكون كذا أو لا؟ فيه
روايتان أو وجهان ثم يقول: وعنه: كذا أو:
وقيل: كذا والذي يظهر أن القول الثالث أضعف من
القولين المطلقين عنده أولا لا أنه من جملة
الخلاف المطلق بخلاف قوله: فيه روايات أو:
أوجه والله أعلم.
وتارة يطلق الخلاف بقوله: فعنه: كذا وعنه: كذا
وتقع منه هذه الصيغة ثم يقول بعدها والمذهب
أو: والمشهور أو: و2الأشهر أو: والأصح: كذا
ونحوه وهو كثير في كلامه فيكون هنا قد بين
المذهب ولكن ذكره للخلاف بهذه
ـــــــ
1 ليست في "ص" و"ط".
2 ليست في "ط".
(1/9)
.......................................
ـــــــ
الصيغة يقتضي قوته من الجانبين وإن كان المذهب
أو المشهور أحدهما.
وقد تكون الروايات ثلاثا والثالثة المذهب وهي
الفرق كما ذكره في باب الموصي له "7/456"
فربما تعرضنا للتصحيح من الروايتين اللتين هما
غير المذهب لتعادلهما عنده.
وتارة يذكر الخلاف بهذه الصيغة فيقول: فعنه
كذا اختاره الأصحاب وعنه: كذا أو: هل يكون
الحكم كذا كما اختاره الأصحاب أو لا؟ فيه
روايتان ونحوه ذلك على ما يأتي التنبيه عليه
في السؤالات الآتية على قوله: "فإن اختلف
الترجيح أطلقت الخلاف" آخر هذه المقدمة وهذا
أيضا يدل على قوة القول الثاني ومساواته لما
قاله الأصحاب عند المصنف.
وربما عدد مسائل وأطلق فيها الخلاف ويكون
الراجح1 في بعضها غير المصحح2 في البعض الآخر
كما سبراه إن شاء الله تعالى.
وتارة يطلقه بقوله: فنصه: كذا وعنه: أو: كذا
فيكون مقابل المنصوص: إما رواية غير منصوص هو
المذهب كما يأتي بيانه.
وتارة يقول: وفي كذا: وجهان ونصه: كذا كما
ذكره في باب الهبة "7/424" وشروط من تقبل
شهادته "11/364" وغيرهما وهو كثير.
وتارة يطلقه بقوله: فقيل: كذا وقيل: كذا أو:
قيل وقيل وهو كثير في كلامه.
وتارة يطلقه بقوله: الحكم: كذا في رواية وفي
رواية: الحكم: كذا أو: وعنه: الحكم: كذا كما
ذكره في باب زكاة الزرع والثمر وغيره "4/83".
وتارة يقول: وفي رواية يفعل كذا ونقل الأكثر
كذا كما ذكره في أول باب حد الزنا
ـــــــ
1 في "ح" "المرجح".
2 في "ح" المرجح" وفي "ص" الصحيح" والمثبت من
"ط".
(1/10)
.......................................
ـــــــ
"10/49" وفي هذه العبارة نوع خقاء على المصطلح
المعروف والظاهر أن الخلاف مطلق وأن الواو
الأولى استئنافية ووقع مثل ذلك في باب القرض
"6/351" بصيغة: وقيل وقيل وتكلمنا عليها هناك
ووقع له في أول باب السواك أيضا ص "145"
بصيغة: وعنه وعنه.
وتارة يطلقه بقوله: فقال فلان: كذا وقال فلان:
كذا وهو كثير وتارة بقوله مثلا ويجوز عند فلان
ولا يجوز عند فلان أو: فعند فلان كذا وعند
فلان كذا أو: الحكم كذا في اختيار فلان وقال
فلان: كذا كما ذكره في باب زكاة الزرع والثمر
وغيره "4/72 – 73" أو يقول: هل الحكم كذا كما
اختاره فلان أو لا؟ كما اختاره فلان فيه وجهان
كما ذكره في الباب المذكور.
وتارة يذكر حكما1 ثم يقول: كذا في الكتاب
الفلاني ثم يقول: وقيل: كذا وهو أظهر كما ذكره
في باب ميراث الحمل "8/41" وتارة يطلقه بقوله:
فقال في الكتاب الفلاني كذا وقيل كذا كما ذكره
في باب2 الشهادة على الشهادة "11/390". وتارة
يطلقه بفوله: في الكتاب الفلاني كذا وقال في
الكتاب الفلاني: كذا وهو كثير في كلامه.
وقد يذكر مسألة متفقا على حكمه أصلها ولكن
اختلف في بعض شروطها فيطلق الخلاف في ذلك
فيقول بعد ذكرها: قيل كذا وقيل: كذا أو: في
كلام بعضهم كذا وفي كلام بعضهم كذا أو: قال
جماعة: كذا ولم يذكره آخرون أو: قال
ـــــــ
1 في "ط" "حكاية".
2 في "ص" و"ط" "كتاب".
(1/11)
......................................
ـــــــ
جماعة كذا وقال آخرون كذا أو: قال فلان: كذا
وقال فلان: كذا ونحوه كما ذكره في كتاب
الطهارة "ص 54 – 55" والآنية "ص 613" والجمعة
"3/161" والاستثناء في الطلاق "9/80" والقسمة
"11/241" وشروط من تقبل شهادته "11/335"
وغيرهما وهو كثير في كلامه.
وتارة يقول: لا يفعل كذا لكذا أو لكذا فيردد
النظر في العلة كما ذكره في باب أحكام الذمة
"10/349" وتارة يقدم حكما ثم يذكر رواية ثم
يقول: بناه فلان على كذا وبناه فلان على كذا
كما ذكره في باب أواخر باب/ السلم "6/342"
فأطلق الخلاف في البناء.
وتارة يقول: وفي كذا منع وتسليم كما ذكره في
باب الوكالة "7/47" والظهار "9/194" وقسمة
الغنيمة "10/ 294" وغيرها فينبغي تحريره
وتصحيحه فإنه في حكم الخلاف المطلق.
وتارة يطلق الخلاف ثم يقول: مأخذهما كذا كما
ذكره في باب اللقيط "7/327" فيحرر المأخذ أو
يقول: أصلهما كذا كما ذكره في باب القسامة
"10/21" فيحرر الأصل.
وتارة يقول: فإن فعل كذا توجه كذا في قياس
قولهم ويتوجه احتمال ككذا كما ذكره في باب صفة
الحج والعمرة "6/38" فينبغي أن يحرر قياس
قولهم.
وتارة يطلقه بقوله: هل الحكم كذا أم لا؟ فيه
خلاف كما ذكره في باب الموصي به "7/455" أو
فيه خلاف في الكتاب الفلاني كما ذكره في باب
نكاح الكفار "8/304" وغيره أو يقول: في الكتاب
الفلاني الصحة وعدمها كما ذكره في باب العيوب
في النكاح "8/291" وتارة يطلقه بقوله: واختلف
كلام الأصحاب في كذا أو: واختلفت الرواية في
كذا كما ذكره في باب سبر العورة "2/61" وغيره.
وتارة يذكر صورة مسألة ثم يقول: فقد يقال
فيها: كذا وقد يقال فيها: كذا كما
(1/12)
......................................
ـــــــ
ذكره في باب "7/15" فالخلاف فيها مطلق
والظاهر: أن ذلك من عنده وتارة يقول في حكم
مسألة: ظاهر كلامهم مختلف في كذا وكذا كما
ذكره في باب حد الزنى "10/59" وكتاب القضاء
"11/958" أو يقول: يفعل كذا في ظاهر الكتاب
الفلاني 1وفي الكتاب الفلاني1 وغيره: يفعل كذا
كما ذكره في باب الدعاوي "11/262".
أو يقول: وكلامهم في كذا يحتمل وجهين كما ذكره
في باب ما يستحب وما يكره في الصلاة "2/259"
في موضعين "2/288" وغيره وليس للأصحاب في هذا
ترجيح.
وتارة يطلقه على بعض الأقوال الضعيفة فيكون
الخلاف مفرعا عليه فنصحح ذلك إن تيسر وتارة
يطلقه بقوله: هل الحكم كذا أو2لا؟ يحتمل وجهين
وهذا يحتمل أن يكون من عنده ويحتمل أن يكون
تابع غيره وهو أولى وهو في كلام الأصحاب كثير.
وتارة يقول: فلو فعل كذا فقد توقف أحمد فيحتمل
وجهين كما ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته
"9/43" وغيره وقد يصرح بعد ذلك بأصحاب الوجهين
كما ذكره في باب شروط3 من تقبل شهادته
"11/356" وغيره وسيأتي في الكلام على الخلاف
المطلق الذي في الخطبة فيما إذا توقف الإمام
أحمد في مسألة أنها تلحق بما يشابهها هل هو
بالأخف أو ألأثقل أو التخيير؟ ويأتي تصحيح ذلك
وتوقفه الأول أعم من هذه.
وتارة يذكر مسألة فيها خلاف ويعطف عليها أخرى
فيها الخلاف مطلق فيحتمل أن يكون الخلاف
المطلق عائدا إلى المسألتين ويحتمل أن يكون
عائدا إلى الأخيرة كما ذكره في باب محظورات
الإحرام "5/414 – 415".ويأتي ذلك هناك.
ـــــــ
1 1 ليست في "ص".
2 في النسخ الخطية: "أم" والمثبت من "ط".
3 ليست في "ح".
(1/13)
......................................
ـــــــ
وتارة يذكر مسائل1 فيها الخلاف مطلق1 ويدخل
بينها مسألة فيها خلاف ضعيف فيذكر قولا فيها
ويعطف بعده مسألة يحتمل أن تكون معطوفة على
المسائل الأول2 التي فيها الخلاف المطلق
ويحتمل أن تكون معطوفة على القول الضعيف
المتحلل بين ذلك كما ذكره في باب الرهن
"6/360" وغيره فنذكر المسألة ونصحح المذهب
فيها.
وربما كان محل الخلاف في بعض المسائل التي
أطلق فيها الخلاف مشكلا محتملا لأشياء فننبه
على ذلك كما ذكره في باب صلاة العيدين "3/208"
وزكاة الزرع والثمر "4/101 – 102" وكتاب البيع
"6/137" والرهن "6/371" والكتابة "8/156"
وغيرها وربما أطلق الخلاف من عنده كما ذكره في
باب الاستطابة "ص 127" والصلاة على الجنازة
"3/352" والظهار "9/189" وغيرها وهو كثير قال
في الاستطابة: وفي إرخاء ذيله يتوجه وجهان.
وقد يطلق الخلاف ويختار أحدهما فيقول: وهو
أظهر كما ذكره في باب محظورات الإحرام "5/487"
وصفة الحج والعمرة "6/43" وغيرهما.
وتارة يطلق الخلاف في مسألة ثم يقول بعدها:
وهما في كذا كما ذكره في باب كتاب البيع
"6/125" وباب الوكالة "7/77" والإقرار بالمجمل
"11/450" وغيرها أو يقول: كما في كذا كما ذكره
في باب نكاح الكفار "8/289" أو يقول: وعلى
قياس قياسه كذا كما ذكره في باب الشفعة
"7/278" أو يقول: والوجهان أو: الأوجه في كذا
كما ذكره في باب النية "2/140" وقتال أهل
البغي "10/175" ونفقة القريب "9/313" وغيرها
أو: وفي كذا الوجهان كما ذكره في باب الإقرار
بالمجمل "11/464" أو: الروايتان أو: الروايات
في كذا كما ذكره في باب الإحرام
ـــــــ
1 1 ليست في "ح".
2 في "ص" و"ط" "الأولى.
(1/14)
......................................
ـــــــ
"5/354" وغيره أو يقول: كالمسألة الفلانية كما
ذكره في باب عشرة النساء "8/388 – 389"
والظهار "9/180" والدعاوي "11/255" وغيرها. أو
يقول: وكذا لو فعل كذا كما ذكره في باب النذر
"11/71" وذكر المشهور به "11/375" أو يقول:
ومثلها كذا أو الشيء الفلاني ككذا مما أطلق
فيه الخلاف كما ذكره في باب الوكالة "7/35".
أو يقول: ومثله كذا كما ذكره في باب الصيد
"10/413" والنذر "11/83" أو يقول: والمسالة
الفلانية حكم كذا وكذا كما وقع له في باب
الاستطابة "ص 128" والوضوء "ص 169" وغيرهما أو
يقول: وكذالك كذا أو يقول: فيها الخلاف الذي
في المسألة الفلانية كما ذكره في باب نية
الصوم "4/459" أو يقول: في كذا وكذا ما تقدم
كما ذكره في باب الوكالة "7/68" ويكون قد أطلق
الخلاف في المسألة المقيس عليها ويحتمل أن
يكون ذكره لذلك كذلك1 مجرد إخبار 2لا أنه2
أطلق الخلاف ويقوى ذلك في بعض المسائل على ما
يأتي والله أعلم.
أو يقول: فيها الروايتان أو: الوجهان أو:
فالروايتان أو: فالوجهان أو: فالخلاف أو: فيه
الخلاف كما ذكره في باب الصداق "8/316" وغيره
وهو كثير جدا في كلامه والذي يظهر أن حكم
الثانية حكم الأولى من هذه المسائل الأخيرة في
التقديم والإطلاق فلهذا لم أذكر المحالة3 على
المصححة وربما ذكرتها وذكرت النقل فيها. وأما
المحالة على المطلقه فلا بد من ذكرها إن شاء
الله تعالى وربما كان قوله: فالروايتان أو:
فالوجهان أو: فالخلاف عائدا إلى مسألة في غير
ذلك الباب كما وقع له في باب الشروط في النكاح
"8/273" والصداق "8/346" وغيرهما ويعرف ذلك من
قواعد المذهب في المسألة.
ـــــــ
1 ليسن في "ح".
2 2 في "ص" "لأنه".
3 في "ص" "المخلفة".
(1/15)
......................................
ـــــــ
وتارة يقدم حكم مسألة ثم يحكي قولا ثم يقول
عقبه: ككذا في أحد الوجهين كما وقع له في باب
الحجر "7/16" والوديعة "7/214" وغيرهما فيكون
قد أطلق الخلاف في الثانية وتارة يقدم حكما في
مسألة ثم يقول: وقيل: فيها وجهان كمسألة كذا
وكذا كما ذكره في باب الموصي إليه "7/497"
فيكون أيضا الخلاف مطلقا في الثانية.
وتارة يقول: الحكم كذا في رواية أو في وجه
ويقتصر عليه وفي ذلك إشعار بأن المسكوت عنه هو
المشهور وقد قال في الرعاية في النفقات: وإن
كان الخادم لها: فنفقته على الزوج وكذا نفقة
المؤجر والمعار في وجه انتهى. قال المصنف
هناك: وقوله: في وجه يدل على الأشهر خلافه
انتهى فلهذا لم أذكر المسألة في الغالب وربما
ذكرتها.
وتارة يقول: فإن فعل كذا فقيل: كذا ويقتصر
عليه كما ذكره في باب صلاة الكسوف "3/183"
وباب الصلاةعلى الميت "3/331" وباب الهدي
والأضاحي "6/93" وباب أحكام أمهات الأولاد
"8/167" وما في آخر باب الإمامة "3/32" وآخر
الرجعة وباب أحكام الذمة "10/355" محتمل لهذا
على ما يأتي بيانه في أبوابه.
أو يقول: فقال فلان: كذا ويقتصر عليه كما ذكره
في آخر باب حكم الركاز "4/183" وقد أجبت عن
هذا هناك أو يقول: ففي الكتاب الفلاني كذا
ويقتصر عليه كما ذكره في باب الطلاق في الماضي
والمستقبل "9/88" ويأتي الجواب عن هذا في
الأجوبة عن الإشكالات الآتية في آخر هذه
المقدمة.
وتارة يذكر حكم مسألة ثم يقول في مسألة بعدها:
قيل: كذلك وقيل: لا يعني: هل حكمها حكم التي
قبلها أم لا؟ أطلق فيه الخلاف وهو كثير في
كلامه وتارة يطلق الخلاف في مسألة ثم يقول
بعدها: وكذا قيل في كذا وقيل: لا كما ذكرهفي
باب الوضوء "ص 169" وقي آخر باب حد الزنى
"10/70".
(1/16)
......................................
ـــــــ
وتارة يحكي الخلاف مطلقا عن شخص أو كتاب
ويقتصر عليه والذي يظهر أن هذا ليس من الخلاف
المطلق الذي اصطلح عليه المصنف إلا ترجيح
للأصحاب في ذلك وإتيان المصنف بهذه الصيغة يدل
على أن الخلاف قوي من الجانبين ويحتمل أن يكون
نقله على صفته وعلى كل حال لا يد من ذكر
الصحيح من القولين إن تيسر إذ الخلاف فيه مطلق
وأما إذا قدم المصنف حكما ثم ذكر بعده قولين
مطلقين إما على شخص أو كتاب فإنا لا نعرج على
ذلك إذ هو قدم المذهب وقد نتعرض لذلك لإزالة
وهم والله أعلم.
وتارة يحكي الخلاف مطلقا عن جماعة أو عن
الأصحاب ولكن على سبيل الاستشهاد على حكم كما
ذكره في كتاب الصيام "4/407" وكتاب الإقرار في
ثلاثة1 مواضع "11/389 و401 و402" وغيرها
وينبغي تتبع تلك المسائل وتحريرها.
وللمصنف في كتابه مصطلحات في إطلاق الخلاف عير
ما تقدم تأتي صفتها في هذا التصحيح إن شاء
الله فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها وفيما
ذكرناه كفاية.
واعلم أن المصنف أيضا تارة يطلق الخلاف في
موضع ويقدم حكما في موضع آخر في تلك المسألة
بعينها كما وقع له2 في كتاب المناسك ومحظورات
الإحرام في3 أحكام العبد فيما إذا أفسد حجه
بالوطء فقال في كتاب المناسك: ويصح القضاء في
رقه وليس لسيده منعه منه إن كان شروعه فيما
أفسده بإذنه وإن لم يكن بإذنه ففي منعه من
القضاء وجهان "5/211" وقال في محظورات
الإحرام: وإن كان ما أفسده مأذونا فيه قضى متى
قدر. نقله أبو طالب4 ولم يملك منعه منه وإلا
ملك منعه, وقيل: لا لوجوه "5/455" انتهى فأطلق
الخلاف هناك وقدم هنا.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية "ثلاث" والمثبت من "ط".
2 ليست في "ح".
3 في "ط" "من".
4 أحمد بن محمد المشكاني صحب أحمد قديما إلى
أن مات روى عنه مسائل كثيرة "ت 244 هـ" طبقات
الحنابلة "1/39".
(1/17)
......................................
ـــــــ
ووقع له قريب من ذلك في هذه المسائل بعينها في
المكانين في صحة القضاء في رقه فإنه صحح في
كتاب المناسك الصحة "5/211" وأطلق الخلاف في
محظورات الإحرام "5/455" بقيل مع قوله: والصحة
أشهر على ما يأتي هناك.
ووقع له أيضا في الاعتكاف والوقف في البيع
والشراء في المسجد فقال في أواخر الاعتكاف:
ولا يجوز البيع والشراء في المسجد للمعتكف
وغيره نص عليه يرواية حنبل وجزم في الفصول
والمستوعب بأنه يكره "5/194" وقال في أواخر
كتاب الوقف وفي صحة بيع فيه وتحريمه وعمل صنعة
روايتان "7/398" فقدم هناك التحريم وأطلق
الخلاف هنا.
ووقع له أيضا في باب الآنية وباب سبر العورة
في لبس جلد مختلف فيه فقال في باب الآنية وفي
لبس جلد ثعلب وافتراش جلد سبع روايتان "ص 116"
وقال في آخر1 باب سبر العورة: ويكره لبسه
وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته وقيل: لا.
وعنه: يحرم "2/81" فقدم الكراهة وأطلق الخلاف
في الآنية في لبس جلد الثعلب وافتراش جلد
السبع وهي فرد من أفراد المسألة التي في ستر
العورة ومن حملة صورها فيما يظهر.
ووقع له أيضا في باب التيمم وصلاة الخوف وكتاب
الصيام في فوت المطلوب فقال في التيمم: وفي
فوت مطلوبه روايتان "ص 277" وكذا في الصيام
"4/438" لكن على سبيل الاستشهاد وقال في صلاة
الخوف: ولطالب عدو ويخاف فوته الصلاة كذلك
يعني: كالصلاة في شدة الخوف وعنه: لا وكذا
التيمم له "3/131" فأطلق الخلاف هناك فيهما
وقدم هنا الجواز2.
ـــــــ
1 ليسن في "ح" والمثبت من "ط".
2 في "ح" "المنع".
(1/18)
......................................
ـــــــ
ووقع له أيضا في قريب من ذلك في باب الحيض وما
يفسد الصوم في الكفارة فقال في باب الحيض: وفي
سقوطها بالعجز روايتان "ص 360" وقال في باب ما
يفسد الصوم: ولا يسقط غير كفارة الوطء في
الصوم بالعجز مثل كفارة الظهار واليمين
وكفارات الحج. نص عليه وعنه: يسقط وذكر غير
واحد: تسقط كفارة وطء الحائض بالعجز ونحوه ذلك
على الأصح "5/58 – 59" انتهى فأطلق الخلاف
هناك وقدم هنا السقوط فيما يظهر.
ووقع له أيضا في باب التيمم وكتاب الصيام في
جواز التيمم في الخوف على نفسه فقال في
التيمم: وهو بدل حضرا وسفرا لعادم الماء بحبس
أو غيره وعنه: وفي غاز بفوبه الماء يخاف – إن
ذهب – على نفسه: لا يتيمم ويؤخر "273 – 277"
انتهى. وقال في كتاب الصيام: وذكر جماعة فيمن
هو في الغزو وتحضر الصلاة والماء إلى جنبه
يخاف إن ذهب إليه على نفسه أو فوت مطلوبه
فعنه: يتيمم ويصلي اختاره أبو بكر وعنه: لا
يتيمم ويؤخر الصلاة وعنه: إن لم يخف "4/438"
انتهى. فقدم هناك جواز التيمم وأطلق هنا. وقد
يقال: إنما ذكر ذلك في كتاب الصيام عن جماعة
في معرض الاستشهاد لمسألة ما إذا أحاط العدو
ببلده والصوم يضعفهم لا أنه ابتداء مسألة
فلذلك قال: وسبق في التيمم "4/438" لكن إتيانه
بصيغة إطلاق الخلاف يقتضي القوة من الجانبين
والله أعلم.
ووقع له أيضا في باب الظهار في مسألة عتق
المغصوب في موضعين فقال في موضع منهما: فإن
أعتق مغصوبا لم يجزئه وفيه وجه "9/191" وقال
بعد ذلك بقريب من عشرة أسطر: وفي مغصوب وجهان
في الترغيب "9/194" انتهى. فقدم أولا عدم
الإجزاء وأطلق ثانيا الخلاف في الإجزاء وهو
عجيب منه من وجهين:
أحدهما: كونه يقدم حكما ثم يطلق الخلاف مع قرب
المحل.
(1/19)
......................................
ـــــــ
الثاني كونه في المحل الثاني لم ينسب الخلاف
إلا إلى صاحب الترغيب مع إطلاق النقل قبل ذلك
بيسير.
ووقع له أيضا في باب الغصب وكتاب الديات في
حفر بئر في السابلة فقال في باب الغصب: وإن
حفر بئرا في سابلة لنفع المسلمين ولا ضرر لم
يضمن وعنه: بإذن حاكم وعنه: بلى "7/257"
انتهى. وقال في كتاب الديات: وفي الترغيب إن
رش الماء ليسكن الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر
سابلة وفيه روايتان "9/417" فقدم هناك عدم
الضمان وأطلق الخلاف هنا والذي يظهر أن إطلاق
الخلاف من تتمة كلام صاحب الترغيب أو أنه مجرد
حكاية خلاف فلا اعتراض عليه.
ووقع له أيضا في باب الهبة وباب أحكام أمهات
الأولاد في ثبوت الدين في ذمة الوالد لولده
فقال في الهبة: وهل يثبت لولد في ذمة أبيه دين
أو قيمة متلف أو غيره؟ فيه وجهان ونصه: لا
"7/424" انتهى. وقال في باب أحكام أمهات
الأولاد: وإن وطء حر أو والد أمة لأهل غنيمة
هو منهم فعليه المهر فإن أحبلها فأم ولده
وولده حر ويلزمه قيمتها وكذا الأب يولد جارية
ولده وذكر جماعة هنا: لا يثبت له في ذمته شيء
وهو ظاهر نصه1 "8/168" فحصل الاختلاف من وجهين
ولكن النص اختلف فيه الأصحاب فالشيخ الوفق ومن
تابعه تأوله وكثير من الأصحاب لم يتأوله فتابع
الشيخ تارة وغيره أخرى أو يقال: ورد نص وظاهر
وهو بعيد ويأتي بيان ذلك في موضعه.
2ووقع له أيضا في باب ذكر أصناف الزكاة وكتاب
البيع في قبض مميز من2
ـــــــ
1 بعدها في "ح" "انتهى" فأطلق هناك وقدم هنا
الثبوت في شيء مخصوص وقال في الهبة: ونصه: لا
يثبت وقال هنا: وهو ظاهر نصه.
2 2 لييست في"ح".
(1/20)
......................................
ـــــــ
1هبة ونحوه فقال في آخر أصناف الزكاة: ويقبل
ويقبض لصغير من زكاة وهبة وكفارة وليه ثم قال:
ومميز كغيره وجزم في المغني بصحة قبوله بلا
إذن وكذا قبضه "4/373 – 374" وقال في كتاب
البيع: وفي قبول صغير ومميز وسفيه وعبد هبة
ووصية بلا إذن أوجه "6/126" فأطلق هنا وقدم
هناك1.
ووقع له أيضا في باب الكتابة وكتاب الحدود في
إجزاء إقامة الحد من المكاتب على رقيقه فقال
في باب الكتابة عن المكاتب: وفي بيعه نساء
وقوده من بعض رقيقه الجاني على بعض وحده وجهان
"8/146" وقال في الحدود: ولسيد مكلف عالم به
إقامة حد والأصح: حر "10/29" انتهى, فأطلق في
الإجزاء هناك وصحح هنا عدم الإجزاء منه.
ووقع له في باب النية والإمامة في بطلان صلاة
الإمام الأمي إذا صلى خلفه قارئ فقال في
الإمامة: وإن بطلت صلاة قارئ خلف أمي ففي إمام
وجهان "3/31", وقال في النية: وإن اعتقد كل
منهما أنه إمام الآخر أو مأمومه لم يصح. نص
عليه وكذا إن نوى إمامة من لا يصح أن يؤمه
كامرأة تؤم رجلا لا تصح صلاة الإمام في الأشهر
وكذا أمي قارئا "2/148" انتهى. فقوله: وكذا
أمي قارئا هة مسألة التي قي الإمامة فيما يظهر
وقد أطلق الخلاف فيها هناك وجعل هنا الأشهر
البطلان والله أعلم.
ووقع له أيضا ما يشابه ذلك في كتاب الديات
وكتاب الحدود في ضمان السفينة إذا ألقي فيها
شيء فغرقها فقال في كتاب الحدود: وإن زاد سوطا
فديته كضربه بسوط لا يحتمله وإلقاء حجر في
سفينة مثله لا يغرقها اتفاقا ذكره ابن عقيل
وفي واضحه إن وضع في سفينة كرا2 فلم تغرق ثم
وضع قفزا فغرقت فغرقها بهما في أقوى
ـــــــ
1 1 ليست في "ح".
2 الكر: كيل معروف وهو اثنا عشر وسقا = 1560
كغم تقريبا.
(1/21)
......................................
ـــــــ
الوجهين والثاني: بالفقز قال: ويحسن أن يقال:
أغرق السفينة هذا القفز وجزم أيضا أن القفيز
المغرق لها "10/36 – 37" انتهى.
وقال في كتاب الديات: وهل يضمن من ألقى عدلا
مملوءا بسفينة ما فيها أو نصفه أو بحصته؟
يحتمل أوجها "9/423" انتهى فأطلق الخلاف هنا
والحكم في التي قبلها غير مطلق الخلاف فيه أنه
تابع في كلامه نظر من وجهين:
أحدهما: هذا والثاني أنه تابع ابن حمدان1 في
رعايته فنقل كلامه بحروفه والأوجه التي ذكرها
ابن حمدان إنما هي من عنده لم يسبق إليها بل
هي خرجها فأوهم كلام المصنف أن الأوجه للأصحاب
مع أن المصنف قد نقل كلام ابن عقيل وغيره في
الحدود إلا أن تكون المسألتان متغايرتين2 وهو
بعيد وقد التزم المصنف أنه لا يطلق3 إلا إذا
اختلف الترجيح فأين اختلاف4 الأصحاب في هذا؟
والله أعلم.
5ووقع له أيضا ماشابه ذلك في باب القسامة
والدعاوى فيما إذا ادعى عليه ما يوجب قصاصا
فقال في باب القسامة: ومتى فقد اللوث6 حلف
المدعى عليه يمينا وعنه: خمسين وعنه: لا يمين
في عمد وهي أشهر "10/18" وقال5
ـــــــ
1 هو أبو عبد الله نحم الدين أحمد بن شبيب
النميري الحراني الفقيه الأصولي القاضي من
مصنفابه الرعاية الكبرى والرعاية الصغرى
والوافي "ت 695 هـ" الدر المنضد "1/436".
2 في النسخ الخطية "متغايرتان" والمثبت من
"ط".
3 بعدها في "ح" "الخلاف".
4 بعدها في "ح" "ترجيح".
5 5 ليست في "ح".
6 اللوث هو: العداوة الظاهرة بين المقتول
والمدعى عليه أو هو: ما يغلب على الظن صذق
المدعي المغني "12/193 – 194".
(1/22)
......................................
ـــــــ
1في باب الدعاوى ويستحلف في كل حق آدمي في
رواية واستثنى الخرقي2 القود والنكاح واستثنى
أبو بكر النكاح والطلاق واستثنى أبو الخطاب3
ذلك وأشياء عددها وقال القاضي: في طلاق وقود
وقذف روايتان والبقية لا يستحلف فيها. وقدم في
المحرر كأبي الخطاب وزاد: الإيلاء وفي الجامع
الصغير ما لا يجوز بدله – وهو ما ثبت بشاهدين
– لا يستحلف فيه وعنه: يستحلف فيما يقضى فيه
بالنكول فقط "11/273" انتهى فقدم في القسامة
أن يحلق في دعوى القود أو لا يحلق وهو أشهر
وأطلق في باب الدعاوى1.
ووقع له أيضا في باب زكاة السائمة في وجوب
الزكاة فيما غذي باللبن فقال في أول الباب تجب
في الإبل والبقر والغنم للدر والنسل وأطلق
بعضهم فيما إذا كان نتاج النصاب رضيعا غير
سائم4 وجهين ويعضهم احتمالين وسيأتي "4/5"
انتهى.
وقال في أثناء الباب فإن تغذت باللبن فقيل تجب
لوجوبها تبعا للأمات كما تتبعها في الحول وقيل
لا لعدم السوم المعتبر "4/32" انتهى. فقدم أول
وأطلق ثانيا.
ووقع له أيضا قريب5 من ذلك في باب الحجر
والخلع في تعلق دين الرقيق غير المأذوم له
فقال في الحجر: ويتعلق دين غير المأذوم له
برقبته نقله الجماعة وعنه: بذمته "7/20" وقال
في الخلع: وخلع الأمة كاستدانتها يصج بإذن سيد
ـــــــ
1 1 ليست في "ح".
2 هو أبو القاسم عمر بن عبد الله البغدادي
الخرقي الحنبلي صاحب المختصر المشهور في مذهب
أحمد كانت له مصنفات كثيرة لكنها أحرقت بعد
خروجه من بغداد "ت 334 هـ" سير أعلام النبلاء
"15/363" المقصد الأرشد "3/20".
3 هو محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد
الكلوذاني البغدادي من مصنفابه الهداية
الانتصار التمهيد وغيرها "ت 510 هـ" المقصد
الأرشد "3/20".
4 في "ط" "سليم".
5 في النسخ الخطية: "قريبا" والمثبت من "ط".
(1/23)
......................................
ـــــــ
وقيل دونه فعنه: برقبتها. واختار الخرقي تتبع
به بعد عتقها "8/419" فقدم هناك بأنه يتعلق
برقبته وأطلق الخلاف هنا والمسألة هنا من جملة
الدين فيما يظهر.
ووقع له أيضا قريب1 من ذلك في باب الرهن
والضمان فيما إذا قضى دينه أو أبرئ منه وببعضه
رهن أو كفيل فقال في ابرهن: يكون عما نواه فإن
أطلق فإلى أيهما شاء وقيل: بالحصص "6/381"
انتهى.
وقال في الضمان: ومن عليهما مئة فيضمن كل
منهما الآخر فقضاه أحدهما نصفها أو أبرأه منه
ولا نية فقيل: إن شاء صرفه إلى الأصل أو
الضمان وقيل: بينهما نصفان "6/409" انتهى.
فقدم في الأولى أن له صرفه مع الإطلاق إلى
أيهما شاء وأطلق هنا الخلاف وهي فرد من أفراد
المسألة التي في الرهن فيما يظهر.
ووقع له أيضا قريب1 من ذلك في باب الخيار
لاخلاف المتبايعين وكتاب الإقرار فيما إذا
قال: لم أكن بالغا حال التصرف فقال في
الإقرار: وإن قال: لم أكن بالغا فوجهان
"11/402" وقال في الخيار: وإن اختلفا في شرط
صحيح أو فاسد فعنه: التحالف وعنه: قول منكره
كمفسده للعقد. نص عليه في دعوى عبد عدم الإذن
ودعوى الصغير وفيه وجه "6/270 – 271" انتهى.
فأطلق الخلاف في الإقرار وقدم في الخيار عدم
القبول قوله وقال: نص عليه ولا فرق بين
الإقرار وغيره في دعوى الصبي ذلك صرح به
الإئمة منهم: الشيخ تقي الدين2 وابن رجب
وغيرهما.
ـــــــ
1 في لنسخ الخطية "قريبا" والمثبت من "ط".
2 هو: أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن
تيمية الحراني شيخ الإسلام من مصنفاته السياسة
الشرعية شرح العمدة الفتاوى وغيرها "ت 728 هـ"
ذيل طبقات الحنابلة "2/387" الأعلام "1/144".
(1/24)
......................................
ـــــــ
وما في الوكالة فيما إذا حصلت زيادة في مدة
الخيار محتمل لهذا على ما يأتي بيانه هناك.
وكذا ما في كتاب الطهارة وباب الوقف: فيما إذا
سبل ماء للشرب على ما يأتي في كتاب الطهارة "ص
62".
وكذا ما في كتاب النكاح في الخصائص "ص 8/198"
وباب القذف في تحريم نكاح من فارقها عليه أفضل
الصلاة والسلام قبل الدخول على أمته على ما
يأتي في القذف "10/90".
فهذه ثمان1 عشرة مسألة أو أقل قد من الله
الفتاح بالاطلاع عليها ويأتي الاعتذار عن ذلك
في التنبيه الثاني قريبا "ص 38" وقد أجبت عن
بعض ذلك في موضعه بما يقتضي التغاير والله
أعلم.
وتارة يطلق المصنف الخلاف في مسألة في موضع ثم
يطلق فيها بعينها في موضع آخر فتارة ينبه على
ذلك بقوله: قد سبق كما ذكره في باب المسح على
الخفين "ص 208" والصلاة "2/23" والحج "5/208"
والتيمم "ص 292" والصيام "4/428" وغيرها على
ما يأتي التنبيه عليه وتارة لا ينبه عليه كما
وقع له في باب صلاة الجماعة في مراعاة أول
الوقت أو كيرة الجمع "2/415" وكما وقع له في
حكم الركاز "4/176" وآخر باب زكاة الفطر
"4/240" وأواخر باب أصناف الزكاة "4/378" في
مسألة جواز دفع الزكاة إلى من أخذت منه فوقع
له التكرار في هذه المسألة في ثلاثة2 أماكن
كما يأتي ذلك مبينا في مواضعه "4/172 و4/235 و
176 و240 و378" وكما وقع لع في آخر باب السلم
"6/343" وباب التصرف في المبيع وبلفه "6/273"
في مسألة ما إذا قبضه جزافا هل له أن يتصرف في
قدر حقه أو لا؟ على ما يأتي.
ـــــــ
1 في "ح" "سبع".
2 في النسخ الخطية: "ثلاث" والمثبت من "ط".
(1/25)
......................................
ـــــــ
وكما وقع له في أوائل كتاب الزكاة "3/422"
وباب ميراث الحمل "8/40" في مسألة وجوب الزكاة
في مال الحمل على ما يأتي ذلك في البابين.
وكما وقع له في باب الوكالة وباب أوكان النكاح
في مسألة الوكيل في قبول النكاح إذا كان فاسقا
على ما يأتي "7/31 و 8/225".
وكما وقع له في كتاب البيع "6/177" والصداق
"8/324" فيما إذا أسرا الثمن, ثم عقداه على
أكثر منه.
وكما وقع له في باب ذكر أصناف الزكاة "4/334"
وباب الولاء في عقل السيد عمن أعتقه في واجب
"8/78" إذا قلنا: لا ولاء له عليه.
وكما وقع له في باب الوضوء "ص 180" وباب
محظورات الإحرام "5/413" في الصدغ1 والتحذيف2
هل هما من الرأس أو من3 الوجه وكما وقع له في
باب بيع الأصول والثمار "6/200 – 2001" وباب
المساقاة في بيع الثمر الذي لم يبد صلاحه
لمالك الأصل من غير شرط القطع "7/122".
ووقع له قريب4 من ذلك في باب جامع الأيمان
"11/23 و11/61 – 62" فيما نقلا هل يصح صرفها
في عام واحد أم لا؟ وذكر شيئا من ذلك في باب
حكم قضاء الصوم "5/73 – 74" ولم يطلع المصنف
على النقل كاملا في المسألة على ما يأتي ذلك
مبينا في باب الموصي به "7/470".
ـــــــ
1 هو الشعر المتدلي ما بين العين والأذن
القاموس "صدغ".
2 هو الشعر الداخل في الوجه ما بين انتهاء
العذار والنزعة المغني "1/163".
3 ليست في "ط".
4 في النسخ الخطية "قريبا" والمثبت من "ط".
(1/26)
......................................
ـــــــ
وكما وقع له في كتاب البيع "6/137" وباب
الإجارة في إجارة المصحف "7/143" وما في
الوكالة "7/37" فيما إذا تعدى الوكيل باللبس
أو بالاستعمال محتمل لذلك على ما يأتي هناك.
وكذا ما في الضمان في المسألة الثانية
والأخيرة "6/393 – 394 و 6/410" في ضامن
الضامن محتمل لذلك.
وكذا ما في الرهن "6/379" والوكالة في بيع
العدل أو المرتهن والوكيل البدل محتمل لذلك
على ما يأتي بيانه في أبوابه فهذه اثنتا عشرة
مسألة أو أكثر حصل فيها التكرار من غير تنبيه
منه عليها والظاهر: أنه ما ذكر حال التكرار
فإن من شأن الاختصار.
بل ربما يقع من المصنف أنه يقدم حكما في مسألة
في مكان ثم يقدم غيره في موضع آخر في تلك
المسألة بعينها وهذا عجيب منه كما ذكره في باب
الوكالة, وأركان النكاح في توكيل الولي فقالفي
باب الوكالة "7/44" وله التوكيل إن جعله له
وعنه: مطلقا ثم قال: وكذا حاكم ووصي ومضارب
وولي في نكاح في غير مجبر وقيل: يجوز فظاهر ما
قدمه: أن الولي غير المجبر لا يوكل إلا بإذن
وقال في أركان النكاح "8/223 – 224" ووكيله
كهو وقيل: لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم.
انتهى. فقدم هنا أن له الوكالة إذا كان غير
مجبر من غير إذن وهذا الصحيح من المذهب على ما
يأتي بيانه.
وكما وقع له في الاعتكاف والكتابة في حج
المكاتب فقال في الاعتكاف "5/136" وله أن يحج
بلا إذن نص عليه واختار الشيخ: يجوز إن لم
يحتج أن ينفق عليه مما جمعه ما لم يحل نجم1
ويجوز بإذنه أطلقه جماعة وقالوا: نص عليه ولعل
المراد ما لم يحل نجم1 وصرح به بعضهم وعنه:
المنع مطلقا انتهى. وقال في الكتابة "8/144"
ويكفربإذن سيده وعنه: المنع وعنه: عكسه وكذا
حجه بماله ما لم يحل نجم وعنه: مطلقا وأطلقه
في الترغيب وغيره وقالوا: نص
ـــــــ
1 النجم" وقت جلول الأداء وكانت العرب توقت به
لأنهم ما كانوا يعرفون الحساب المصباح "مجم".
(1/27)
......................................
ـــــــ
عليه انتهى فقدم في الاعتكاف الجواز من غير
إذن 1وظاهر ما قدمه في الكتابة: عدم الجواز من
غير إذن1 وقيده في الكتابة بعدم حلول نجم 1إذا
كان بإذن1 وظاهر ما قدمه في الاعتكاف: عدم
التقييد إذا كان بغير إذنه وإن كان بإذن فقدم
عدم التقييد قال: ولعل المراد: ما لم يحل نجم.
ووقع له ذلك في باب نفقة القريب "9/313 – 314"
في نفقة ذوي الأرحام من عمودي نسبه فناقض
كلامه في مكانين قريب بعضهما من بعض على ما
يأتي هناك فليراجع.
وقد وقع للمصنف أنه جزم بحكم في مسألة في مكان
ثم حكى فيها خلافا في مكان آخر واطلقه كما وقع
له في باب الوكالة وأركان النكاح أيضا في
اشتراط تسمية الوكيل للموكل في عقد النكاح
فقال في باب الوكالة: ويعتبر لصحة عقد نكاح
فقط تسمية موكل ذكره في الانتصار والمنتخب
والمغني انتهى "7/51" واقتصر عليه. وقال في
أركان النكاح: ويقول لوكيل الزوج: زوجتك بنتي
أو موليتي فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا
فلانة ولا يقول: منك فيقول: قبلت تزويجها أو
نكاحها لفلان فلو لم يقل: لفلان فوجهان في
الترغيب انتهى "8/223 – 224".
ووقع له قريب من ذلك في باب نية الصوم وباب
الظهار في تعيين نية الكفارة فقال في باب نية
الصوم: ويجب تعيين النية في كل صوم واجب وهو
أن يعتقد أن يصوم من رمضان أو نذره أو كفارته.
نص عليه وعنه: لا يجب تعيين النية لرمضان
"4/453". "9/196 – 197" والظاهر: أن هذه
المسألة من جملة المسألة التي في الصوم.
ووقع له أيضا ما يشابه ذلك في الإجارة وكتاب
الحدود فيما إذا زاد سوطا في الحد فقال في
الإجارة فيما إذا جاوز المكان أو زاد على ما
اتفقا على حمله: ويلزمه
ـــــــ
1 ليست في "ح".
(1/28)
......................................
ـــــــ
قيمة الدابة إذا تلفت وقيل: نصفها كسوط في حد
"7/171" وقال في الحدود: وإن زاد سوطا فديته
وقيل: نصفها "10/36" فقدم وجوب الدية كاملة
وظاهر ما قطع به في الإجارة أن عليه نصفها.
ووقع له قريب من ذلك في الإجارة والعارية في
إعارة العبد المسلم للذمي فقال في الإجارة:
وتجوز إجارة مسلم لذمي في الذمة وفي مدة
روايتانلا لخدمة على الأصح وكذا إعارته
"7/150" وقال في العارية: وتجوز إعارة كل ذي
نفع جائز منتفع به مع بقاء عيبه إلا البضع وما
حرم استعماله لمحرم وفي التبصير: وعبدا مسلما
لكافر ويتوجه كإجارة انتهى "7/197" فقطع أولا
أن إعارته كإجارته وصحح أنه لا يجوز للخدمة
وظاهر ما قدمه في العارية: الجواز وما منع إلا
صاحب التبصير ثم وجه من عنده أنه كإجارته مع
قطعه أولا أنه كإجارة فحصل الخلل من وجهين
فيما يظهر.
ووقع له قريب من ذلك في باب التصرف في المبيع
وكتاب الصداق فيما إذا تصرف في المبيع قبل
قبضه فقال في باب التصرف في المبيع: ولا يتصرف
في مكيل وموزون ومعدود ومذروع ولا بإجارة وجوز
شيخنا التصرف فيه بغير بيع "6/278 – 279" وقال
في كتاب الصداق ما معناه: ولو تزوجها على
مبيع1 لم يقبضه صح في الأصح "8/313" فقدم أولا
عدم صحة التصرف وصحح هنا صحة التصرف فيه بجعله
مهرا وليس المراد في المهر غير المكيل
والموزون والمعدود والمذروع لأنه قرنه بما هو
أكثر غررا من ذلك وصحح جعله مهرا.
2ووقع له قريب من ذلك في باب التيمم في موضعين
فقال في الأول: وإن دل عليه أو علمه فريبا
لزمه قصده في الوقت "ص 280" وقال بعد ذلك: وإن
وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت – إلى أن قال
– أو دله ثقة فقيل: يتيمم2
ـــــــ
1 في "ط" "مبلغ".
2 2 ليست في "ح".
(1/29)
......................................
ـــــــ
1ويصلي وقيل: يحصله ولو خرج الوقت "ص 290 –
291" فقطع أولا وأطلق ثانيا فيما إذا دل عليه
ولكن الأول من المفهوم والظاهر: أنهما مسألة
واحدة وتأتي.
وربما وقع منه أن يقطع في مسألة بحكم ثم يقتصر
على ضده فيها بعينها في مكان آخر كما وقع في
باب تبرع المريض في أول الفصل الأول منه فيما
إذا وهب المريض لعير وارث فصار وارثا أو عكسه
فقال: ومن وهب أو وصى لوارث فصار غير وارث عند
الموت صحت وعكسه بعكسه اعبارا بالموت "7/447"
وقال في كتاب الإقرار: وإن أقر لوارث فصار عند
الموت أجنبيا أو عكسه اعتبر بحال الإقرار لا
الموت على الأصح فيصح في الثانية دون الأولى
"11/411" ثم قال: وكذا الحكم إن أعطاه وهو غير
وارث ثم صار وارثا ذكره في الترغيب وغيره.
انتهى. فقطع في الهبة أنه لا يصح اعتبارا بحال
الموت وألحق العطية بالاقرار في كتاب الإقرار
"11/411" وحكاه عن صاحب الترغيب واقتصر عليه
والعطية هبة فصحح عطية هنا وأبطلها هناك1.
واعلم أنه قد يكون الوجه المسكوت عنه من
الوجهين المطلقين مقيد فأذكره وكذا الرواية.
ومرادي بالشارح شيخ الإسلام: الشيخ شمس الدين
ابن أبي عمر2 وبالشرح شرحه وبالتصحيح تصحيحه
الخلاف المطلق الذي في المقنع للشيخ شمس الدين
النابلسي3 وبتصحيح المحرر تصحيح شيخنا القاضي
عز الدين الكناني4.
ـــــــ
1 1 ليست في "ح".
2 هو أبو الفرج شمس الدين عبد الرحمن بن محمد
بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الأصل أول
من ولي قضاء الحنابلة بدمشق من مصنفاته: الشرح
الكبير "ت 682 هـ" الدر المنضد "1/424"
الأعلام "3/329".
3 هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمود
النابلسي قاضي قضاة الحنابلة بدمشق له تصحبح
المقنع "ت 805هـ" الجوهر المنضد ص "152".
4 هو أبو البركات عز الدين أحمد بن إبراهيم بن
نصر الله الكناني العسقلاني الإصل المصري
الحنبلي فقيه مؤرخ انتهت إليه رئاسة الحنابلة
بمصر من مصنفاته: طبقات الحنابلة صفوة الخلاصة
"ت 876هـ" الضوء اللامع "1/205".
(1/30)
......................................
ـــــــ
تنبيهان
الأول: اعلم أن مرجع معرفة الصحيح والترجيح في
المذهب إلى أصحابه وقد حرر ذلك الأئمة
المتأخرون فالاعتماد في معرفة الصحيح من
المذهب على ما قالوه ومن أعظمهم الشيخ الموفق
لا سيما في الكافي والمجد1 المسدد والشارح
والشيخ تقي الدين والشيخ زين ابن رجب وصاحب
الرعايتين خصوصا في الكبرى والخلاصة والنطم1
والحاويين والوجيز والمنور ومنتخب الأدمي
وتذكرة ابن عبدوس والزركشي2 وأضرابهم فإنهم
هذبوا كلام المتقدمين ومهدوا قواعد المذهب
بيقين.
فإن اختلفوا فالمرجع إلى ما قاله الشيخان:
أعني: الموفق والمجد3 ثم ما وافق أحدهما الآخر
في أحد اختياريه فإن اختلفا من غير مشارك لهما
فالموفق ثم المجد وإلا ينظر فيمن شاركهما من
الأصحاب لا سيما إن كان الشيخ تقي الدين أو
ابن رجب وقد قال العلامة ابن رجب في طبقاته4
في ترجمة ابن المني5: وأهل زماننا ومن قبلهم
إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب
إلى الشيخين الموفق والمجد. انتهى. فإن لم يكن
لهما ولا لأحدهما في ذلك تصحيح ووجد لغيرهما
6ممن ذكرته6 - ممن تقدم ذكره أو غيرهم – تصحيح
أو تقديم أو اختيار ذكرته.
ـــــــ
1 في "ط" "النحم".
2 هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الله
بن محمد الزركشي المصري الحنبلي له شرح الخرقي
"ت 772هـ" المنهج الأحمد "5/137".
3 هو أبو البركات مجد الدين عبد السلام بن عبد
الله بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي من
مصنفاته: تفسير القرآن العظيم المحرر المنتقى
في أحاديث الأحكام "ت 652هـ" الأعلام "4/6"
المقصد الأرشد "2/162".
4 ذيل طبقات الحنابلة "1/360".
5 هو أبو الفتح نصر بن فتيان بن مطر النهرواني
ثم البغدادي الفقيه الزاهد المعروف بابن المني
له: تعليقه في الخلاف "ت 583هـ" ذيل طبقات
الحنابلة "1/351" الدلا المنضد "1/292".
6 6 ليست في "ح".
(1/31)
......................................
ـــــــ
وهذا الذي قلته من حيث الجملة وفي الغالب وإلا
فهذا لا يطرد البتة بل قد يكون المذهب ما قاله
أحدهم في مسألة ويكون الصحيح من المذهب ما
قاله الآخر أو غيره في أخرى وإن كان أدنى منه
منزلة باعتبار النصوص وأدلة والعلل والمآخذ
والاطلاع عليها والموافق من الأصحاب وربما كان
الصحيح مخالفا لما قاله الشيخان وكل أحد يؤخذ
من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه
وسلم هذا ما ظهر لي من كلامهم ويؤيده كلام
المصنف في إطلاق الخلاف ويظهر ذلك بالتأمل لمن
تتبع كلامهم وعرفه.
وقد قيل: إن المذهب فيما إذا اختلف الترجيح ما
قاله الشيخ الموفق ثم المجد ثم صاحب الوجيز ثم
صاحب الرعايتين ورأيت في تصحيح المحرر: لا
يعدل بصاحب الوجيز أحد في الغالب وقال بعضهم:
إذا اختلفا في المقنع والمحرر فالمذهب ما قاله
في الكافي وكل هذه الأقوال ضعيفة على الإطلاق
لا يلبفت إليها.
وقد قال في آداب المفتي: إذا وجد من ليس أهلا
للتخريج بالدليل اختلافا بين أئمة المذهب في
الأصحمن القولين أو الوجهين فينبغي أن يرجع في
الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة
بآرائهم فيعمل بقول الأكثر والأعلم والأورع
فإن اختص أحدهما بصفة منها والآخر بصفة أخرى
قدم الذي هو أحرى منهما بالصواب فالأعلم
الأورع العالم وكذا إذا وجد قولين أو وجهين لم
يبلغه عن أحد من أئمة مذهبه بيان الأصح منهما
اعتبر أوصاف ناقليهما ويرجع إلى ما وافق منهما
أئمة أكثر المذاهب المتبوعة أو أكثر العلماء
انتهى. ونقله الشيخ تقي الدين في المسودة
وأقره عليه. قلت: وفي تعض ما قاله نظر.
وقد سئل الشيخ تقي الدين عن معرفة المذهب في
مسائل الخلاف فيها مطلق في الكافي والمحرر
والمقنع والرعاية والخلاصة والهداية وغيرها.
قال: طالب العلم يمكنه معرفة ذلك من كتب أخرى
مثل كتاب التعليق للقاضي
(1/32)
......................................
ـــــــ
والانتصار لأبي الخطاب وعمد الأدلة لابن عقيل
وتعليق القاضي يعقوب1 وابن الزغوني2 وعير ذلك
من الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف
ويذكر فيها الراجح وقد اختصرت هذه الكتب في
كتب مختصرة مثل رؤوس المسائل للقاضي أبي يعلى
وللشريف أبي جعفر3 ولأبي الخطاب وللقاضي أبي
الحسين4. وقد نقل عن أبي البركات جدنا أنه كان
يقول لمن يسأله عن ظاهر المذهب: أنه ما رجحه
أبوالخطاب في رؤوس مسائله. قال: ومما يعرف منه
ذلك المغني لأبي محمد وشرح الهداية لجدنا. ومن
كان خبيرا بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح من
مذهبه في عامة المسائل انتهى كلام الشيخ تقي
الدين وهو موافق لما قلناه والله أعلم. وقد
ذكرت المصنفات التي نقلت منها في كتاب
الإنصاف5 وفيها بحمد الله كفاية.
التنبيه الثاني: ظاهر قوله: فإن اختلف الترجيح
أطلفت الخلاف أن اختلاف الترجيح يكون بين
الأصحاب وهو المتبادر إلى الفهم ويشكل على ذلك
أشياء:
أحدهما: أنه يقول في كتابه في غير ما موضع:
فعنه: يكون كذا اختياره الأصحاب وعنه: لا. كما
ذكره في باب المسح على الخفين "ص 216" وباب
الحجر "7/18" أو يقول: وهل يكون الحكم كذا؟
اختاره الأصحاب أو: كذا؟ فيه روايتان
ـــــــ
1 هو يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سطور
العكبري البرزبيني القاضي من مصنفاته:
التعليقة في الفقه "ت 486هـ" الدر المنضد
"1/215" الأعلام "8/194".
2 هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن نصر بن
السري مؤرخ فقيه من أعيان الحنابلة من
مصنفاته: الإقناع الواضح المفردات وغيرها "ت
527هـ" المقصد الأرشد "2/232" الأعلام
"4/310".
3 هو عبد الخالق بن عيسى ينتهي نسبه إلى
العباس رضي الله عنه من مصنفاته: رؤوس المسائل
أدب الفقه "ت 470هـ" المقصد الأرشد "2/144"
الأعلام "3/292".
4 هو محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن
الفراء القاضي الشهير بابن شيخ المذهب القاضي
أبي يعلى من مصنفاته: المجموع في الفروع رؤوس
المسائل المفردات في الفقه "ت 526هـ" الدر
المنضد "1/241" المقصد الأرشد "2/499".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "1/16 –
23".
(1/33)
......................................
ـــــــ
كما ذكره في باب ما يفسد الصوم "5/42 – 43" أو
يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختارها فلان
أو: كذا في رواية اختارها الأصحاب كما ذكره في
باب ما يفسد الصوم أيضا "5/50" وعندي أنه
يتعين عمل الأصحاب في مثل ذلك على غالبهم أو
على من وقف على كلامه منهم بدليل قوله في بعض
المواضع: لكن الحكم كذا في رواية اختارها فلان
أو: كذا في رواية اختارها الأصحاب والله أعلم
مع أن في كلام المصنف في هذه المسألة نظرا من
ثلاثة أوجه يأتي بيانها في محلها وكذا الذي في
باب الحجر "7/18".
أو يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختارها
الأصحاب وكذا في رواية كما ذكره في باب
محظورات الإحرام "5/414" وما أشبه ذلك فأين
الاختلاف بين الأصحاب في الترجيح وهو قد قطع
بأن الأصحاب قد اختاروا إحدى الروايتين؟ فيمكن
الجواب بأن يقال: هذه الصيغ ليست من الخلاف
المطلق وهو ضعيف 1وإنما يطلفه نظرا إلى اختلاف
الترجيح من غالب الأصحاب ثم يذكر ما هو مشهور
بين باختيار بعض المحققين أو بقوة دليله في
نظر المؤلف ونحو ذلك1 والصواب أن يقال: بقرينة
قوله: اختاره الأصحاب انتفى إطلاق الخلاف الذي
اصطلح عليه ويكون المذهب ما قاله الأصحاب
وإنما أتى بهذه الصيغة لتدل على قوة الرواية
الأخرى عندهم حتى تقاوم ما اختاره الأصحاب كما
تقدم التنبيه عليه, ويكون كقوله: فعنه: كذا
والمذهب أو: الأشهر: كذا والله أعلم.
الثاني: أنه يطلق الخلاف ثم يقول: والأشهر كذا
أو: المشهور كذا ونحوه فدل أن ذلك أكثر ترجيحا
وأشهر بين الأصحاب والجواب كما تقدم ويراد هنا
بأن بعض الأصحاب قد اختار غير الأشهر فاختلف
الترجيح ولكن بعضه أشهر.
ـــــــ
1 1 ليست في "ح" و"ط".
(1/34)
......................................
ـــــــ
الثالث: أنه يقول: في بعض المسائل – بعد إطلاق
الخلاف – والترجيح مختلف كما ذكره في باب زكاة
الفطر "4/211" وباب الإحرام "5/364" وليس فيه
غيرهما وهل هذا إلا تحصيل الحاصل؟ ويمكن
الجواب بأنه قال ذلك تأكيدا وفيه نظر لقلة
ذكره لهذه الصيغة أو يقال: ذكر ذلك لنكتة خفيت
على بعض الأصحاب فصرح بذلك, ليعلم, أو ليحصل
الاعتناء والتنبيه على تحريرها أو يقال: لم
يستحضر المصنف حال ذكر ذلك ما اصطلح عليه في
الخطية وهو الظاهر أو حرر الخطية بعد فراغه من
الكتاب ويحتمل أن يكون الترجيح في الموضعين
باعتبار سببين1 فيحمل كل واحد على محمل وهو
بعيد والله أعلم.
الرابع: أنه يطلق الخلاف في مسائل لم يعلم
للأصحاب فيها كلام كما ذكره في باب إزالة
النجاسة "ص 396" في ماهية الزناد والعنبر من
أي شيء هما؟ 2وكما وقع له في باب صلاة التطوع
"2/396: في حذف ياء الثماني: هل هو خطأ أو
شاذ3؟2 وكما ذكره في باب صوم التطوع "5/84 –
85" في تسمية يوم التروية ويوم عرفة وكما ذكره
في قول4 2عائشة رضي الله عنها: كان يصوم شعبان
كله هل المراد غالبه أو كله وقت2. وكما ذكره
في سورة القدر هل هي مكية أو مدنية؟ في الباب
المذكور وكما ذكره في باب الاعتكاف "5/191" في
{خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الانبياء:
37] وكما ذكره في باب المواقيت "5/302" في
الأفقي نسبة هل هو بضم الهمزة والفاء أو
بفتحهما؟ وكما ذكره في كتاب البيع في ضبط
المجر "6/147" هل هو بفتح الجيم أو
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "شيئين" والمثبت من "ط".
2 2 ليست في "ح" وقوله: "وقت" كذا في النسخ
ولعله سقط: "في" ليكون المعنى بقدير الساقط
يصومه كله في وقت دون وقت والله أعلم.
3 في "ص" "نسيان".
4 ليست في "ح".
(1/35)
......................................
ـــــــ
كسرها؟ ويمكن الجواب عن ذلك بأن يقال: لا نسلم
أن الأصحاب ليس لهم في هذا كلام لا سيما في
يوم عرفة والتروية فإن الخلاف فيهما مشهور بين
العلماء ولا يلزم من عدم اطلاعنا على ذلك عدم
اطلاعه وهو ثقة فيما ينقل أويقال: سلمنا أن
الأصحاب ليس لهم كلام في ذلك ولكن لما رأى هذه
الأقوال ولم يترجح عنده أحدهما أطلق الخلاف
فشابه ما اختلف ترجيح الأصحاب فيه والله أعلم
ولكن فيه نوع اشتباه.
الخامس: أنه يقول في بعض المسائل فقيل: كذا
أو: فقال فلان: كذا أو: ففي الكتاب الفلاني
كذا ويقتصر عليه كما تقدم التنبيه عليه.
ومسألة كراهة إمامة قوم أكثرهم له كارهون
"3/16" مثل ذلك على بعض النسخ فما ثم هنا خلاف
البتة حتى يختلف الترجيح فيه فيجاب: بأن هذا
لم يدخل فيما اشترطه المصنف ولكن إتيانه بهذه
الصيغة لا يخلو من نكتة ثم وجدته في جمع
الجوامع في أصول الفقه للسبكي1 ذكر مثل هذه
العبارة في مسألة الكلام في الأزل: هل يسمى
خطابا؟ فقال بعض شراحه2: ذكر المصنف قولين من
غير ترجيح فحكم بأن في المسألة قولين2 من غير
ترجيح ولكن لا يتأتى لنا القطع بذلك في كلام
المصنف وغيره بل يتتبع كلامهم: هل يوجد فيها
منقول بذلك أم لا؟ وقد أجبت عن بعض ذلك في
موضعه على ما يأتي والله أعلم.
السادس: أنه في بعض المسائل يحكي الخلاف
ويطلقه عن شخص أو كتاب ويقتصر عليه وليس في
المسألة نقل غير ما ذكره عن ذلك المصنف أو
الكتاب فأين اختلاف الترجيح في ذلك بين
الأصحاب؟ ويجاب بأنه نقل ذلك على سبيل الحكاية
كما وجده لا أن الخلاف فيه مطلق أو أنه لم
يظهر له ترجيح أحد القولين على الآخر فأطلق
الخلاف أو أنه بقرينة اختصاصه بهذا المصنف أو
الكتاب يدل
ـــــــ
1 هو: أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن
عبد الكافي السبكي قاضي القضاة, من مصنفاته:
طبقات الشافعية الكبرى جمع الجوامع منع
الموانع "ت 771 هـ" الدرر الكامنة "2/425".
2 ليست في "ص".
(1/36)
......................................
ـــــــ
على أن مراده غير ما اصطلح1 عليه من إطلاق
الخلاف وهو الصواب والله أعلم.
السابع: أنه يخرج أو يوجه من2 عنده روايتين أو
وجهين أو احتمالين ويطلقهما وهذا أيضا مما ليس
للأصحاب فيه كلام ولا اختلف ترجيحهم فيه.
ويمكن أن يجاب بأن يقال: إنما خرج المصنف
الروايتين أو الوجهين أو الاحتمالين لجامع بين
المسألة التي خرجها وبين المسألة المخرج منها,
والمسألة المخرج منها فيها خلاف مطلق أو مرجح
فأطلق الخلاف إحالة على ذلك وهو قوي أو قال
ذلك من غير نظر إلى مصطلحه والصواب: أن الجواب
هنا كالأخير في التي قبلها والله أعلم.
الثامن: أنه يطلق الخلاف في مسائل كثيرة
متابعة لمن قبله حتى في نفس العبارة كما وقع
له في الخطبة "ص 50" وباب الصلح "6/429"
والإجارة "7/156" وكتاب الديات "9/423" وغيرها
فإنه تابع ابن حمدان في رعايته الكبرى في
إطلاق الخلاف بحروفه والخلاف الذي أطلقه ابن
حمدان إنما هو من عند نفسه وبخريجه لم يسبق
إليه وهذا مشكل جدا كونه لم ينسبه إلى قائله
فأوهم أن الخلاف مطلق, وأن الأصحاب اختلفوا في
الترجيح. وكذا يقع 3منه مثل ذلك3 متابعة للشيخ
في المغني فيتابعه حتى في الدليل والتعليل
والإطلاق وغيرها ولم يبين ذلك بل يتابعه في
إطلاق الاحتمالين اللذين له ولغيره وهذا كثير
في النصف الثاني مكا ستراه إن شاء الله تعالى
وعذره أنه لم يبيضه ولم يعاود النظر فيه أو
يكون المصنف اطلع على غير ذلك والله أعلم
ويأتي التنبيه على ذلك في أماكنه إن شاء الله
تعالى.
ـــــــ
1 في "ص" "اطلع".
2 ليست في "ص".
3 3 في "ص" "من".
(1/37)
......................................
ـــــــ
التاسع: أنه يطلق الخلاف في موضع ويقدم حكما
في موضع آخر في مسألة واحدة1 فيشتبه الصحيح من
المذهب في ذلك فيمكن أن يقال في المسألة
الأولى حيث أطلق الخلاف فلاختلاف الأصحاب في
الترجيح وحيث قدم فلظهور المذهب عنده فعلى هذا
الاعتماد على ما قاله أخيرا من إطلاق أو تقديم
لكن لا يكفي هذا في هذا المقام بل يطلب المذهب
من خارج أو يقال: قال ذلك ذهولا أو فعله
متابعة لبعض الأصحاب ولم يعاود النقل ولا
استحضر ذلك والله أعلم.
وأما تقديمه حكما في موضع وتقديم غيره في موضع
آخر فهذا - والله أعلم – سهو منه أو يقال: ظهر
له المذهب في ذلك المكان الآخر أو يقال: تابع
بعض الأصحاب المحققين في مكان وتابع غيره في
مكان آخر ولم يستحضر ما قاله أولا فحصل الخلل
والله أعلم وعلى كل حال لا بد من التنبيه على
الصحيح من المذهب في ذلك إن شاء الله تعالى.
العاشر: ما المراد باختلاف الترجيح؟ إن أراد
تعادل الأصحاب وتقاومهما من الجانبين في ذلك
فهو يطلق الخلاف وأكثر الأصحاب على أحد
القولين ويصرح بذلك في بعض المسائل في حكايته
القول كما ذكره في باب محظورات الإحرام
"5/414" وغيره وهو كثير في كلامه بل هو يقدم2
في مسائل كثيرة حكما والأكثر على خلافه ويصرح
به كما ذكره في كتاب البيع فيما إذا تقدم
القبول على الإيجاب وغيره "6/122".
وإن أراد الأقل يقاوم الأكثر في التحقيق فهو
في بعض المسائل يقدم حكما والحالة هذه من
الجانبين وهو كثير لمن تتبع كلامه ويأتي في
بعض المسائل ما
ـــــــ
1 بعدها في "ح" "كما تقدم التنبيه عليه أو
يقدم حكما في موضع ويقدم الآخر في موضع آخر في
مسألة واحدة.
2 بعدها في "ص" "بعد".
(1/38)
......................................
ـــــــ
يشهد لذلك.
وإن أراد مجرد اختلاف الترجيح مع أنه ظاهر
عبارته فيرد عليه مسائل كثيرة يقدم فيها حكما
مع أن جماعة كثيرة أو أكثر الأصحاب – كما بقدم
– اختاروا القول المؤخر وربما صرح بذلك المصنف
فيقول: وعنه: كذا أو: كذا اختاره جماعة أو
الأكثر أو فلان وفلان ونحو ذلك.
والقول بأن مراده التعاودل من الجانبين في
التحقيق أقرب فلا يضرنا كثرة الأصحاب في أحد
الجانبين لأن الأقل يعادل الأكثر لأجل التحقيق
أو لظهور الدليل أو المدرك أو المأخذ أو العلة
أو غير ذلك من أسباب الترجيح لكن لا يسلم له
أيضا هذا لمن تتبع كلامه في المسائل التي قدم
فيها حكما أو أطلق فيها الخلاف على ما يأتي1
التنبيه على بعضه إن شاء الله تعالى2.
والذي يظهر أن الغالب في إطلاق الخلاف ما
قلناه من التعادل في التحقيق وتارة يقوى عنده
الدليل في مسألة يقاوم من قال بالقول الآخر
وإن كان ما اختاره إلا القليل من الأصحاب لكن
قوي قولهم بالدليل أو بالقياس أو بنوع من
أنواع الترجيح ولذلك تجده يطلق الخلاف مع أن
أحد القولين عليه الأصحاب أو هو المشهور أو
الصحيح في المذهب ولكن لقوة الدليل قاوم دليل
الأصحاب والله أعلم. ويرد بعض ذلك على قوله:
وأقدم غالبا المذهب والله أعلم.
فهذه نبذة يسيرة قد فتح الله بها على عبد ضعيف
معترف بالعجز والتقصير ليس أهلا لذلك والله
أسأل الإعانة والتوفيق على ما أردت من التصحيح
والتحقيق وإليه رجعت وأنبت وعليه توكلت
واعتمدت وهو حسبي ونعم الوكيل فنقول وبالله
التوفيق:
ـــــــ
1 بعدها في "ص" "مع".
2 ص "145".
(1/39)
وإذا أحلت حكم
مسألة على مسألة أخرى1 فالمراد عندنا، وإذا
نقل عن الإمام في مسألة قولان؛ فإن أمكن الجمع
وفي الأصح ولو بحمل عام على خاص، ومطلق على
مقيد فهما مذهبه، وإن تعذر وعلم التاريخ فقيل:
الثاني مذهبه، و2قيل: الأول "م 1" وقيل ولو
رجع عنه. وإن
ـــــــ
مسألة - 1: قول المصنف رحمه الله في الخطبة:
"وإذا نقل عن الإمام في مسألة
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ط".
(1/40)
جهل؛ فمذهبه
أقربهما من الأدلة، أو قواعده.
ـــــــ
قولان فإن أمكن الجمع وفي الأصح ولو بحمل عام
على خاص ومطلق على مقيد فهما مذهبه، فإن تعذر
وعلم التاريخ فقيل الثاني مذهبه وقيل1: الأول.
انتهى.
اعلم: أنه إذا تعذر الجمع في كلام الإمام أحمد
رضي الله عنه في مسألة واحدة فلا يخلو: إما أن
يعلم التاريخ، أو لا، فإن علم التاريخ وهي
مسألة المصنف فأطلق في كون الأول مذهبه أيضا
كالثاني الخلاف:
أحدهما: لا يكون مذهبه، بل الثاني لا غير، وهو
الصحيح، قدمه في الرعايتين، وآداب المفتي،
ونصره في الحاوي الكبير. قال المصنف في أصوله:
فإن علم أسبقهما فالثاني مذهبه وهو ناسخ،
اختاره في التمهيد، والروضة، والعدة، وذكر
كلام الخلال2 وصاحبه3، لقوله: هذا قول قديم
رجع عنه، وجزم به الآمدي4 وغيره، وقدمه
الطوفي5 في مختصره، ونصره، وقدمه ابن اللحام6
في أصوله وغيره.
والقول الثاني: يكون الأول أيضا مذهبه
كالثاني، وكما إذا جهل رجوعه عنه،
ـــــــ
1 بعدها في النسخ الخطية: "و".
2 هو: أبو بكر، أحمد بن محمد بن هارون،
المعروف بالخلال. من مصنفاته: "الجامع لعلوم
أحمد". و"العلل"، "السنة"، "طبقات أصحاب
أحمد"، وغيرها. "ت311هـ". و"المقصد الأرشد"
1/166.
3 يعني: غلام الخلال، أبو بكر، عبد العزيز بن
جعفر بن أحمد، الإمام المحدث. من مصنفاته:
"الشافي"، "المقنع"، "التنبيه". "ت363هـ".
"طبقات الحنابلة" 2/119.
4 أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الرحمن
البغدادي، الآمدي، الحنبلي. له: "عمدة الحاضر
وكفاية المسافر" في الفقه. "ت467هـ". "ذيل
طبقات الحنابلة" 1/8.
5 أبو الربيع، نجم الدين، سليمان بن عبد القوي
بن عبد الكريم الطوفي، الصرصري، الحنبلي، من
مصنفاته: "معراج الوصول"، "بغية السائل في
أمهات المسائل"، "الإكسير في قواعد التفسير".
"ت716هـ". "المقصد الأرشد" 1/426، "الأعلام"
3/127.
6 أبو الحسن، علاء الدين، علي بن محمد بن عباس
بن شيبان البعلي، الحنبلي. له: "القواعد
الأصولية". "ت803هـ". "المقصد الأرشد" 2/237.
(1/41)
ويخص عام كلامه
بخاصة في مسألة واحدة في الأصح؛ والمقيس على
كلامه مذهبه في الأشهر. فإن أفتى في مسألتين
متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين قال بعضهم:
وبعد الزمن؛ ففي جواز النقل والتخريج ولا مانع
وجهان "م 2".
ـــــــ
اختاره ابن حامد1 ، وغيره، كمن صلى صلاتين
باجتهادين إلى جهتين في وقتين ولم يتبين أنه
أخطأ، ورده الطوفي في مختصره وشرحه، قال
بعضهم: وفيه نظر. وقال الشيخ مجد الدين في
المسودة2: قلت؛ وقد تدبرت كلامهم فرأيته يقتضي
أن يقال بكونهما مذهبا له وإن صرح بالرجوع،
انتهى وأما إذا جهل التاريخ فقد ذكره المصنف،
وقد حكما3.
مسألة 2- قوله: "فإن أفتى في مسألتين
متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين قال بعضهم:
وبعد الزمن، ففي جواز النقل والتخريج ولا مانع
وجهان انتهى ". وأطلقهما في آداب المفتي:
أحدهما: لا يجوز، وهو الصحيح، كقول الشارع
ذكره أبو الخطاب في التمهيد وغيره، واقتصر
عليه المجد، وجزم به الشيخ الموفق في الروضة،
وقدمه المصنف في أصوله، والطوفي في مختصره،
وشرحه، وصاحب الحاوي الكبير وغيرهم.
و الوجه الثاني: يجوز ذلك، ذكره ابن حامد عن
بعض الأصحاب، وجزم به في المطلع، وقدمه في
الرعايتين، واختاره الطوفي في مختصره، وقال:
إذا كان بعد الجد والبحث.
قلت: وكثير من الأصحاب على ذلك، وقد عمل به
الشيخ الموفق، والمجد
ـــــــ
1 هو: الحسن بن حامد بن علي بن مروان
البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه. من مصنفاته
"الجامع في المذهب"، "شرح الخرقي"، "تهذيب
الأجوبة". "ت403هـ". "المقصد الأرشد" 1/319.
2 ص 527.
3 في "ص": "وقدم حكماً"، وفي "ط": "وقد حكما".
(1/42)
......................................
ـــــــ
وغيرهما، وهو الصواب. فعلى الأول يكون القول
المخرج وجها لمن خرجه، وعلى الثاني يكون رواية
مخرجة، ذكره ابن حمدان، وغيره. وقال ابن حمدان
أيضا: قلت: إن علم التاريخ ولم يجعل أول قوليه
في مسألة واحدة مذهبا له جاز1 نقل حكم الثانية
إلى الأولى في الأقيس، ولا عكس، إلا أن يجعل
أول قوليه في مسألة واحدة مذهبا له مع معرفة
التاريخ، وإن جهل التاريخ جاز نقل حكم أقربهما
من كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو أثر، أو قواعد
الإمام ونحوه إلى الأخرى في الأقيس، ولا عكس،
إلا أن يجعل أول قوليه في مسألة واحدة مذهبا
له مع معرفة التاريخ، وأولى، لجواز كونها
الأخيرة دون الراجحة. انتهى.
تنبيهات
الأول: قول المصنف "قال بعضهم وبعد الزمن" من
البعض صاحب الرعايتين وآداب المفتي فإنه قطع
بذلك.
التنبيه الثاني: قوله "ولا مانع" يعني إذا
أفضى النقل والتخريج إلى خرق الإجماع أو رفع
ما اتفق عليه الجم الغفير من العلماء، أو
عارضه نص كتاب، أو سنة امتنع النقل والتخريج،
قاله في آداب المفتي.
التنبيه الثالث: الخلاف في هذه المسألة مبني
على القول بأن ما قيس على كلام الإمام أحمد
مذهب له، وهو ظاهر كلام المصنف هنا، وقد صرح
به في الرعاية وغيره. "واعلم" أن الصحيح من
المذهب أن ما قيس على كلامه مذهب له، قال
المصنف هنا: "والمقيس على كلامه مذهبه في
الأشهر" انتهى، وهو مذهب الأثرم2، والخرقي،
وغيرهما من المتقدمين، وقاله ابن حامد وغيره
في الرعايتين، وآداب المفتي،
ـــــــ
1 ليست في "ص".
2 هو أبو بكر، أحمد بن محمد بن هانئ الطائي،
البغدادي، الحافظ الشهير بالأثرم. له:
"السنن"، "علل الحديث"، وغيرهما. توفي بعد
الستين ومئتين. "المقصد الأرشد" 1/161،
و"الأعلام" 1/205.
(1/43)
وقوله: لا
ينبغي، أو لا يصلح. أو استقبحه، أو هو قبيح،
أو لا أراه للتحريم. وقد ذكروا أنه يستحب فراق
غير العفيفة، واحتجوا بقول أحمد: لا ينبغي أن
يمسكها. وسأله أبو طالب: يصلى إلى القبر،
والحمام، والحش، قال لا ينبغي أن يكون، لا
يصلى إليه قلت فإن كان؟ قال: يجزئه. ونقل أبو
طالب فيمن قرأ في الأربع كلها بالحمد وسورة:
لا ينبغي أن يفعل. وقال في رواية الحسين بن
حسان في الإمام يقصر في الأول، ويطول في
الأخيرة: لا ينبغي هذا1. قال القاضي: كره ذلك
لمخالفة السنة، فدل على خلاف.
ـــــــ
والحاوي، وغيرهم، وقيل: ليس بمذهب له، قال ابن
حامد: عامة مشايخنا مثل الخلال، وأبي بكر عبد
العزيز، وأبي علي، وإبراهيم، وسائر من
شاهدناهم لا يجوزون نسبته إليه، وأنكروا على
الخرقي ما رسمه في كتابه2 من حيث إنه قاس على
قوله انتهى، ونصره الحلواني، وذكره في
المسودة.
وأطلقهما في المسودة والمصنف في أصوله، وقيل:
إن جاز تخصيص العلة فهو مذهبه، وإلا فلا. وقال
في الرعاية الكبرى وآداب المفتي: وقلت: إن نص
الإمام على علته، أو أومأ إليها، كان مذهبا،
وإلا فلا، إلا أن تشهد أقواله وأفعاله أو
أحواله للعلة المستنبطة بالصحة، والتعيين
انتهى. قال الموفق في الروضة، والطوفي في
مختصرها، وغيرهما: إن بين العلة فمذهبه في كل
مسألة وجدت فيها تلك العلة، كمذهبه فيما نص
عليه، وإن لم يبين العلة فلا وإن أشبهتها، إذ
هو إثبات مذهب بالقياس، ولجواز ظهور الفرق له
لو عرضت عليه.
ـــــــ
1 زاد الموفق في "المغني" 2/278: يقال له
ويؤمر.
2 يعني: مختصره في الفقه.
(1/44)
وفي "أكره" أو
لا "يعجبني" أو "لا أحبه" أو "لا أستحسنه" أو
"يفعل السائل كذا احتياطا" وجهان "م 3".
و "أحب كذا" أو "يعجبني" أو "أعجب إلي" للندب،
وقيل للوجوب، وقيل: وكذا "هذا أحسن أو حسن".
وقوله: أخشى، أو أخاف أن يكون، أو ألا1:
كيجوز، أو لا
ـــــــ
مسألة - 3: قوله وفي "أكره، ولا يعجبني، أو لا
أحبه، أو لا أستحسنه، أو يفعل السائل كذا
احتياطا: وجهان" انتهى، وأطلقهما في آداب
المفتي، في أكره أو لا يعجبني:
أحدهما: هو للندب والتنزيه إن لم يحرمه قبل،
ذلك كقوله: أكره النفخ في الطعام، وإدمان
اللحم، والخبز الكبار، قدمه في الرعاية
الكبرى، والشيخ تقي الدين، والحاوي الكبير في
الأربعة الأول، وقدمه في الرعاية الصغرى: في
أكره، أو لا يعجبني.
والوجه الثاني ذلك للتحريم، كقول أحمد: أكره
المتعة، والصلاة في المقابر، واختاره الخلال،
وصاحبه، وابن حامد في قوله: أكره كذا، أو لا
يعجبني، وقدم في الرعايتين والحاوي الكبير
فيما إذا قال للسائل: يفعل كذا احتياطا، أنه
للوجوب. وقال في الرعايتين والحاوي الكبير
وآداب المفتي: الأولى النظر إلى القرائن في
الكل، فإن دلت على وجوب أو ندب، أو تحريم، أو
كراهة، أو إباحة حمل قوله عليه، سواء تقدمت،
أو تأخرت، أو توسطت، انتهى. "قلت" وهو الصواب
وكلام أحمد يدل على ذلك.
ـــــــ
1 في الأصل: "لا".
(1/45)
يجوز، وقيل:
وقف.
وإن أجاب عن شيء ثم قال عن غيره: هذا أهون، أو
أشد، أو أشنع فقيل: هما سواء؛ وقيل بالفرق
وأجبن عنه "م 4".
و:أجبنا عنه1 مذهبه كقوة كلام لم يعارضه أقوى.
وقيل يكره، وقول أحد صحبه في تفسير مذهبه،
وإخباره عن رأيه، ومفهوم كلامه،
ـــــــ
مسألة -4: قوله: "وإن أجاب عن شيء ثم قال عن
غيره: هذا أهون، أو أشد، أو أشنع، فقيل: هما
سواء، وقيل بالفرق" انتهى، وأطلقهما في
الرعاية الكبرى:
أحدهما: هما عنده سواء، اختاره أبو بكر عبد
العزيز، والقاضي.
والقول الثاني: بالفرق. قلت: وهو الظاهر،
واختاره ابن حامد في تهذيب الأجوبة. وقال في
الرعاية: قلت إن اتحد المعنى وكثر التشابه
فالتسوية أولى، وإلا فلا، وقيل: قوله هذا أشنع
عند الناس يقتضي المنع، وقيل: لا انتهى. وقال
في آداب المفتي: والأولى النظر إلى القرائن في
الكل، وما عرف من عادة أحمد
ـــــــ
1 قوله: وأجبن عنه فسره ابن حامد بقوله: وجملة
المذهب أنه إذا قال: أجبن عنه فإنه إذن بأنه
مذهب ضعيف لا يقوى القوة التي يقطع لها ولا
يضعف الضعف الذي يوجب الرد: تهذيب الأجوبة ص
"147".
(1/46)
وفعله: مذهبه
في الأصح كإجابته في شيء بدليل، والأشهر: أو
قول صحابي.
وفي إجابته بقول: ففيه1 وجهان "م 5" وما انفرد
به واحد وقوى دليله، أو صحح الإمام خبرا، أو
حسنه، أو دونه ولم يرده: ففي كونه مذهبه وجهان
"م 6، 7" فلهذا أذكر روايته للخبر وإن كان في
الصحيحين"م6،7".
ـــــــ
في ذلك ونحوه، وحسن الظن به، وحمله على أصح
المحامل وأرجحها وأنجحها وأربحها انتهى.
مسألة - 5: قوله: وفي إجابته بقول ففيه1 وجهان
انتهى، وأطلقهما في الرعايتين وآداب المفتي.
أحدهما: لا يكون مذهبه، اختاره في آداب
المفتي.
والوجه الثاني يكون مذهبه اختاره ابن حامد،
قلت: وهو أقرب إلى الصواب، ويعضده منع الإمام
من اتباع آراء الرجال.
مسألة 6-7: قوله: وما انفرد به واحد وقوي
دليله، أو صحح الإمام خبرا أو حسنه، أو دونه،
ولم يرده ففي كونه مذهبه وجهان، فلهذا أذكر
روايته للخبر، وإن كان في الصحيحين انتهى.
ـــــــ
1 في "ط": "ففيه".
(1/47)
وإن ذكر قولين
وفرع على أحدهما فقيل: هو مذهبه، كتحسينه
إياه، أو
ـــــــ
ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى -6: ما انفرد به واحد من
الرواة عنه وقوي دليله: فهل يكون مذهبه، أم
لا؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: يكون مذهبه، وهو الصحيح، وقدمه في
الرعايتين، وآداب المفتي والشيخ تقي الدين في
المسودة، واختاره ابن حامد، وقال: يجب تقديمها
على سائر الروايات، لأن الزيادة من الثقة
مقبولة في الحديث عند الإمام أحمد، فكيف
والراوي عنه ثقة خبير بما رواه قلت: وهو
الصواب.
والوجه الثاني: لا يكون مذهبه، بل ما رواه
الجماعة بخلافه أولى، اختاره الخلال، وصاحبه،
لأن نسبة الخطأ إلى الواحد أولى من نسبته إلى
جماعة، والأصل اتحاد المجلس. قلت: وهذا ضعيف،
ولا يلزم من تقديم ذلك خطأ الجماعة، وانفراده
بذلك يدل على تعدد المجلس، وكونهما في مجلسين
أولى، للجمع، وعدم الخطأ، ويحتمل أن يتحد
المجلس، ويحصل ذهول، أو غفلة، والله أعلم.
المسألة الثانية - 7: إذا صحح الإمام أحمد
خبرا أو حسنه أو دونه ولم يرده فهل يكون ذلك
مذهبه أو لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في آداب
المفتي:
أحدهما: يكون مذهبه، اختاره ولداه: عبد الله،
وصالح، والمروذي1، والأثرم،
ـــــــ
1 هو: أبو بكر، أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد
الله المروذي، كان هو المقدم من أصحاب أحمد،
نقل عنه مسائل كثيرة. "ت275هـ". "المقصد
الأرشد" 1/157، "الأعلام" 1/205.
(1/48)
تعليله، وقيل:
لا "م 8" وإلا فمذهبه أقربهما من الدليل،
وقيل: لا، ولو قال بعد جوابه: ولو قال قائل،
أو ذهب ذاهب يريد خلافه؛ فليس مذهبا. وفيه
احتمال كقوله: يحتمل قولين. وقد أجاب أحمد
فيما إذا سافر بعد دخول الوقت: هل يقصر؟ وفي
غير موضع بمثل هذا، وأثبت1 القاضي، وغيره
روايتين.
وفي كون سكوته رجوعا وجهان "م 9".
ـــــــ
قاله في آداب المفتي، وغيره، جزم به في الحاوي
الكبير، وقدمه في الرعايتين، وتهذيب الأجوبة
ونصره.
والوجه الثاني: لا يكون مذهبه، كما لو أفتى
بخلافه قبل، أو بعد.
قلت: وهو قوي، لا سيما فيما إذا دونه من غير
تصحيح، ولا تحسين، ولا رد، والله أعلم.
مسألة - 8: قوله: "وإن ذكر قولين وفرع على
أحدهما فقيل: هو مذهبه، كتحسينه إياه، أو
تعليله، وقيل لا" انتهى.
أحدهما: لا يكون مذهبه: إلا أن يرجحه أو يفتي
به "قلت" وهو الصواب، واختاره ابن حمدان في
آداب2 المفتي.
والوجه الثاني يكون مذهبه، قدمه في آداب
المفتي، والرعاية الكبرى، وتبعه الشيخ تقي
الدين في المسودة "قلت" وهو ضعيف، والمذهب لا
يكون بالاحتمال.
مسألة - 9: قوله: "وفي كون سكوته رجوعا وجهان"
انتهى، وأطلقهما في
ـــــــ
1 في "ط": "وأثبته".
2 من هنا بداية سقط في النسخة "ص" إلى غاية
الصفحة 140.
(1/49)
وما علله بعلة
توجد في مسائل فمذهبه فيها كالمعللة، وقيل:
لا. ويلحق ما توقف فيه بما يشبهه، هل هو
بالأخف، أو الأثقل، أو التخيير؟ يحتمل أوجها
"م 10".
والله أسأل النفع به، وإصلاح القول والعمل،
إنه قريب مجيب،
ـــــــ
آداب المفتي، يعني: إذا أفتى بحكم، فاعترض
عليه فسكت ونحوه فهل يكون سكوته رجوعا أم لا؟
أحدهما: لا يكون رجوعا، قدمه في تهذيب
الأجوبة1، ونصره، والرعايتين، وتابعه الشيخ
تقي الدين في المسودة، قال في آداب المفتي:
اختاره بعض الأصحاب "قلت" وهو أولى، أو يرجع
إلى حال الساكت.
والوجه الثاني يكون رجوعا، اختاره ابن حامد.
مسألة 10" قوله: "ويلحق ما توقف فيه بما يشبهه
هل هو بالأخف، أو الأثقل، أو التخيير؟ يحتمل
أوجها" انتهى، تابع المصنف في ذلك ابن حمدان
في رعايته الكبرى، وآداب المفتي، فقال فيهما:
وإذا توقف أحمد في مسألة تشبه مسألتين، أو
أكثر أحكامها مختلفة، فهل تلحق بالأخف، أو
الأثقل، أو يخير المقلد بينهما؟ قلت أوجها
انتهى، قال الشيخ تقي الدين في المسودة: قال
ابن حمدان من عنده: يحتمل ذلك أوجها ثلاثة،
ولم يتعقبه، بل أقره على ذلك.
واعلم: أن الإمام أحمد إذا توقف في مسألة: فإن
أشبهت مسألة حكمها أرجح من
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "نصره".
(1/50)
وبالإجابة
جدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل1.
ـــــــ
غيره فهنا يجوز إلحاقها بما يشبهها، وإن أشبهت
مسألتين أو أكثر مختلفة بالخفة والثقل فهذه
محل الخلاف، فقال في الرعاية الكبرى، وتبعه في
الحاوي الكبير: والأولى العمل بكل منهما لمن
هو أصلح له، والأظهر عنه هنا التخيير، ومع
تعادل الأمارات فلا وقف، ولا تخيير، ولا تساقط
انتهى. وقال في آداب المفتي بعد أن حكى الخلاف
وأطلقه: أظهرها عنه التخيير.
وقال أبو الخطاب: لا تتعادل الأمارات، قلت:
فلا تخير، ولا وقف، ولا تساقط، والأولى العمل
بكل منهما لمن هو أصلح له انتهى. "قلت" الأولى
إلحاقها بالأخف. إذا علمت ذلك ففي إطلاق
المصنف الخلاف نظر بالنسبة إلى مصطلحه على ما
تقدم، والله أعلم.
فهذه عشر مسائل قد من الله الكريم بتصحيحها.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(1/51)
|