الفروع و معه تصحيح الفروع

كتاب الطهارة
أقسام الماء الثلاثة
فصل: القسم الأول: طهور
...
كتاب الطهارة
أقسام الماء ثلاثة:
طهور: يرفع وحده الحدث، نص عليه، وهو الباقي على خلقته مطلقا، ولا يكره متغير بنجس مجاور "ش" أو مسخن بطاهر لذلك، بل لشدة حره "و" في الكل. ويأتي في نجاسة الريح ما يتعلق بذلك1.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 ص 346.

(1/55)


وعن "هـ" رواية في نبيذ مختلف فيه في سفر لعدم، فتعتبر النية عنده، وعنه رواية ثانية يتيمم معه. ونص أحمد لا يسوغ الاجتهاد في حل المسكر، فكيف الطهارة به؟ قاله شيخنا، وسلم القاضي أنه يسوغ.
قال ثعلب1: طهور بفتح الطاء الطاهر في ذاته، المطهر لغيره. قال أصحابنا: فهو من الأسماء المتعدية بمعنى المطهر، وفاقا للمالكية، والشافعية. وقال في الفنون: الطهارة النزاهة، فطاهر: نزه، وطهور: غاية في النزاهة، لا للتعدي، والدليل عليه قوله عليه السلام: "خلق الماء طهورا، لا ينجسه شيء" 2 ففسر كونه طهورا بالنزاهة3، لا ينجس بغيره لا بأنه
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 هو أبو العباس، أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني، إمام الكوفة في النحو واللغة. من مصنفاته: "الفصيح"، "قواعد الشعر"، "معاني القرآن" وغيرها. "ت291هـ". "طبقات الحنابلة" 1/83، "الأعلام" 1/267.
2 أخرجه أبو داود "66"، والترمذي "66"، والنسائي في "المجتبى" 1/174، من حديث أبي سعيد الخدري.
3 ليست في "ط".

(1/56)


يطهر غيره. فمن تعاطى في طهور غير ما ذكره الشارع فقد أبعد. فحصل على كلامه الفرق بينها بغير التعدي.
وقال الحنفية: إنه من الأسماء اللازمة بمعنى الطاهر؛ لأن المنقول عن الخليل وسيبويه وغيرهما من الأئمة أنه مصدر، كالطهارة1، وإنما الشرع جعل الماء مطهرا، ورد المطرزي2 قول ثعلب، وقال: ليس فعول من التفعيل في شيء، وقياسه على الأفعال المتعدية كالقطوع غير سديد.
وقال اليزيدي3: الطهور بالضم المصدر، وحكي فيهما الضم والفتح. وقال الجوهري4: الطهور اسم لما تطهرت به. وكذا قال شيخنا: التحقيق أنه ليس معدولا عن طاهر حتى يشاركه في اللزوم والتعدي بحسب اصطلاح النحاة، كضارب وضروب، ولكنه من أسماء الآلات التي يفعل بها كوجور5، وفطور، وسحور، ونحوه، ويقولون ذلك بالضم للمصدر نفس الفعل، فأما طاهر فصفة محضة لازمة، لا تدل على ما يتطهر به.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 جائت هذه العبارة في "ب" بعد قوله: "وقال في الفنون" في الصفحة السابقة.
2 هو: أبو الفتح، برهان الدين، ناصر بن عبد السيد الخوارزمي، المطرزي، من فقهاء الحنفية. كان رأساً في الاعتزال. من مصنفاته: "الإيضاح"، "المغرب في ترتيب المعرب"، "المصباح". "ت610هـ". "الجواهر المضية" 2/190.
3 هو: أبو محمد، يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي، اليزيدي، من أهل البصرة، عالم باللغة والأدب. من مصنفاته: "النوادر"، "المقصور والممدود"، "مناقب بني العباس". "ت202هـ". "طبقات النحويين" ص 60.
4 هو: أبو نصر، إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب كتاب "الصحاح". "ت393هـ". "معجم الأدباء" 2/269.
5 الوجور، بفتح الواو وزان رسول: الدواء يصب في الحلق. "المصباح": "وجر".

(1/57)


وفائدة المسألة أن المائعات لا تزيل النجاسة، قاله القاضي وأصحابه. قال شيخنا: وفائدة ثانية، ولا تدفعها عن نفسها، والماء يدفع بكونه مطهرا كما دل عليه قوله عليه السلام: "خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء" 1 وغيره ليس بطهور، فلا يدفع. وأجاب القاضي وغيره المالكية عن قولهم في طهارة2 المستعمل: الطهور ما تكرر منه التطهير أن المراد جنس الماء أو3 كل جزء منه إذا ضم إلى غيره وبلغ قلتين، أو أن معناه يفعل التطهير، ولو أريد ما ذكروه لم يصح وصفه بذلك إلا بعد الفعل.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 تقدم ص 56.
2 في "ط": "طهورية".
3 في "ط": "و".

(1/58)


ولا يكره مشمس قصدا "ش" ومتغير بمكثه "و" وقيل: يكرهان، وقيل، أو غير قصد من ماء آنية في جسده، ولو في طعام يأكله، فإن برد مشمس فاحتمالان "م 1" وفي النصيحة للآجري1: يكره المشمس، يقال: يورث البرص2.
وإن غيره غير ممازج، كدهن وقطع كافور، فطهور، في الأصح "م" وكذا ملح مائي "و".
ـــــــ
مسألة - 1 قوله: "ولا يكره مشمس قصدا" وقيل: يكره، "وقيل: أو غير قصد من ماء آنية...، ولو في طعام يأكله، فإن برد... فاحتمالان" انتهى.
أحدهما: لا تزول الكراهة بذلك، وهو الصحيح جزم به في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: تزول، قلت: يحتمل أن يرجع في ذلك إلى أرباب الخبرة، فإن
ـــــــ
1 هو: أبو بكر، محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري، البغدادي، فقيه، محدث، أخباري. من مصنفاته: "آداب االعلماء"، "الشريعة"، "النصيحة"، وغيزها. "ت360هـ". "طبقات الشافعية" 3/149.
2 أخرجه الدارقطني في "سننه" 1/38، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء في الشمس، فقال: "لا تفعلي يا حميرا، فإنه يورث البرص".

(1/59)


وهل يكره المسخن بنجس أم لا "و م" فيه روايتان وكذا مسخن بمغصوب، وكذا رفع حدث بماء زمزم، وقيل يحرم كإزالة نجاسة في أحد الوجهين "م 2 - 5" وحرمه ابن الزاغوني حيث تنجس، بناء على أن علة النهي تعظيمه، وقد زال بنجاسته،
ـــــــ
قالوا حكمه إذا برد: حكمه حال التشميس كان كذلك، وإلا فلا.
مسألة -2-5: قوله: "وهل يكره المسخن بنجس أم لا؟ فيه روايتان، وكذا مسخن بمغصوب، وكذا رفع حدث بماء زمزم، وقيل: يحرم، كإزالة نجاسة1 به في أحد الوجهين" انتهى. ذكر مسائل وأطلق فيها الخلاف:
المسألة الأولى-2: الماء المسخن بنجس هل يكره أم لا أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والمقنع2، والهادي، والتلخيص، والبلغة، والمحور، والنظم، والحاوي الصغير، والزركشي، وغيرهم:
إحداهما: يكره، وهو الصحيح، جزم به في المجرد للقاضي، وصاحب الوجيز، والمنور، ومنتخب الآدمي3 وغيرهم، وقدمه في رءوس المسائل لأبي الخطاب، والرعاية الصغرى، صححه في التصحيح، والرعاية الكبرى. وقال المجد في شرحه: وهو الأظهر، قال في الخلاصة: ويكره المسخن بالنجاسات على الأصح، قال في مجمع البحرين: وإن سخن بنجاسة كره في أظهر الروايتين، قال الزركشي: اختاره الأكثر، قال ناظم المفردات: هذا الأشهر.
ـــــــ
1 بعدها في "ص" و"ط": "به".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/47.
3 هو: تقي الدين، أحمد بن محمد الأدمي، البغدادي. صاحب "المنور في راجح المحرر"، و"المنتخب". ولم تؤرخ وفاته. "المنهج الأحمد" 5/72، "الدر المنضد" 2/500.

(1/60)


.................................
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يكره، قال في الفائق: ولو سخن بنجاسة لا تصل إليه لم يكره في أصح الروايتين، قال في تجريد العناية: وفي كراهة مسخن بنجاسة رواية، فدل أن المقدم عنده لا يكره، وقدمه في إدراك الغاية، واختاره ابن حامد، قاله أبو الخطاب في "رءوس المسائل".
تنبيه: ذكر المصنف في محل الخلاف طريقتين، وقد ذكرت في الإنصاف1 في محل الخلاف أربع عشرة طريقة، وذكرت من اختار كل طريقة.
المسألة الثانية- 3: حكى في كراهة المسخن بالمغصوب روايتين، وأطلقهما، وهما وجهان مطلقان في الحاويين:
أحدهما: يكره، وهو الصحيح صححه الناظم، قال في الرعاية الكبرى كره على الأصح، واختاره ابن عبدوس في مذكرته، وجزم به في الوجيز، والآمدي في منتخبه، وقدمه في الرعاية الصغرى.
والرواية الثانية: لا يكره. قلت ويحتمل التحريم، ولم أره.
المسألة الثالثة- 4: رفع الحدث بماء زمزم: هل يكره، أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الفصول، والمذهب، والمستوعب وغيرهم:
إحداهما لا يكره، وهو الصحيح من المذهب، نص عليه وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في التلخيص، ومختصر ابن تميم2، والرعايتين، وشرح ابن عبيدان، وتجريد العناية، وغيرهم، وقدمه في المغني3 والشرح4، وقالا: هذا أولى، وكذا قال ابن عبيدان: قال في مجمع البحرين هذا أقوى الروايتين،
ـــــــ
1 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/49.
2 أبو عبد الله، محمد بن تميم الحراني. صنف مختصراً في الفقه، وصل فيه إلى أثناء الزكاة. توفي قريباً من سنة خمس وسبعين وست مئة. "المقصد الأرشد" 2/386.
3 1/29.
4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/51.

(1/61)


................................
ـــــــ
وصححه في نظمه وابن رزين1 في شرحه، وإليه ميل المجد في المنتقى.
والرواية الثانية يكره، جزم به ناظم "المفردات"، وقد قال:
بنيتها على الصحيح الأشهر.
وقدمه المجد في "شرحه". وقال نص عليه، وابن رزين. وقوله: وقيل يكره الغسل، لا الوضوء، هو رواية في التلخيص.
المسألة الرابعة- 5: لو أزال به نجاسة: هل يحرم أو يكره؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: يكره فقط، وهو الصحيح من المذهب، جزم به في المذهب، والمغني2 والمجد في شرحه، والشرح3 والرعايتين، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن رزين، وابن عبيدان، والمنور، وتجريد العناية، ونظم المفردات، وغيرهم، وقدمه في التلخيص، وغيره، وصححه في النظم، وغيره.
والوجه الثاني: يحرم، ولم أر من اختاره. "وإطلاق" الخلاف من المصنف هنا فيه نظر، بل في كلامه إيماء إلى أن المقدم التحريم، فيحتمل أن يريد بقوله: فإن اختلف الترجيح من جهة الدليل، وهو خلاف الظاهر، أو يكون اطلع على كلام الأصحاب في هذه المسألة مما لم نطلع عليه، والمصنف له من الاطلاع ما ليس لغيره، وهذا أولى.
تنبيه: قال في التلخيص وغيره: وماء زمزم كغيره، وعنه يكره الغسل منها، فظاهره أن إزالة النجاسة كالطهارة به، فيحتمل أن يكون فيه قول بعدم الكراهة في إزالة النجاسة به، بل هو ظاهر كلامه، ويحتمله القول المسكوت عنه في النظم قال ابن أبي المجد4 في مصنفه: ويكره بماء زمزم في الأصح، فظاهر ضد الأصح
ـــــــ
1 هو: عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الغساني، الحوراني، الدمشقي. له كتاب "التهذيب" اختصر فيه "المغني". "ت656هـ". "المقصدر الأرشد" 2/88.
2 1/30.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/51.
4 هو: أبو المحاسن، جمال الدين، يوسف بن ماجد بن أبي المجد المرداوي، الحنبلي. له تبييض على "الفروع" ناقش فيه مصنفه، وله "شرح المحرر". "ت 783". "الجوهر المنضد" 179، و"معجم المؤلفين" 4/178.

(1/62)


وقد قيل إن سبب النهي اختيار الواقف وشرطه، فعلى هذا اختلف الأصحاب: لو سبل ماء للشرب، هل يجوز الوضوء1 منه مع الكراهة، أم يحرم على وجهين "م 6".
وقيل يكره الغسل "خ" لا الوضوء "و" واختاره شيخنا. وفي
ـــــــ
دخول إزالة النجاسة فيه "قلت" وهو ظاهر كلام من لم يذكر المسألة، ولم أر من صرح به.
المسألة- 6 قوله: وقد قيل إن سبب النهي اختيار الواقف وشرطه، فعلى هذا اختلف الأصحاب: لو سبل ماء للشرب: هل يجوز الوضوء مع الكراهة أم يحرم؟ على وجهين، انتهى.
قلت: ظاهر كلام الأصحاب في الوقف التحريم، لأن أكثرهم قطع بأنه يتعين مصرف الوقف إلى الجهة المعينة، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد، وقدمه المصنف في كتاب الوقف2، وهذه المسألة تشبه تلك، بل لو قيل إنها فرد من أفرادها في بعض صورها لكان قويا، وقدمه المصنف في هذه المسألة بخصوصيتها هناك، فقال: ويتعين مصرف الوقف إلى الجهة المعينة لها، وقيل: إن سبل ماء للشرب جاز الوضوء منه، فظاهر ما قدم عدم الجواز. وقال بعد ذلك: وتقدم وجه بتحريم الوضوء من ماء زمزم، فعلى القول بنجاسة المنفصل واضح "وقيل" لمخالفة شرط الواقف، وأنه لو سبل ماء للشرب ففي كراهة الوضوء منه وتحريمه وجهان في فتاوى ابن الزاغوني وغيرها انتهى، فحكى ذلك وأن المقدم تعيين مصرفه. فإن قيل: ليس هذا بوقف، وإنما هو إباحة الماء للشرب، قلت يشمل كلام المصنف صورا:
منها: أن يوقف شيئا لظهور الماء، فإذا ظهر جعله للشرب، فهذا مثل نماء الوقف، فيتعين مصرفه.
ومنها: أن يكون الماء يحتاج إلى مؤنة فيوقف عليه
ـــــــ
1 بعدها في "ب" و"ط": "منه".
2 7/360.

(1/63)


منسك ابن الزاغوني: يستحب الوضوء وقيل: إن ظن وصول النجاسة كره وإن ظن عدمه فلا، وإن تردد فروايتان، وإن وصل دخانها فهل هو كوصول نجس أو طاهر؟ مبني على الاستحالة.
وعنه يكره ماء الحمام لعدم تحري من يدخله. ونقل الأثرم: أحب أن يجدد ماء غيره. وظاهر كلامهم لا يكره ماء جرى على الكعبة، وصرح به بعضهم، وإن غيره ما شق صونه عنه لم يكره في الأصح، فإن وضع قصدا أو خالطه ما لم يشق وقيل حتى التراب وغير كثيرا وقيل أو قليلا صفة، وقيل أو أكثر فطاهر. اختاره الأكثر "و م. ش" لأنه ليس بماء مطلق،
ـــــــ
ومنها: أن يكون الماء لا يحتاج إلى مؤنة، ويجعله للشرب، فهذا شبيه بالوقف، بل قد قال في الفائق: ويجوز وقف الماء، نص عليه. وقال المصنف في باب الوقف1 وفي الجامع: يصح وقف الماء، وقد استوفينا النقول في ذلك في الإنصاف2.
ـــــــ
1 7/333.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 16/378-379.

(1/64)


لأنه لو حلف لا يشرب ماء فشربه لم يحنث. ولو وكله في شراء ماء فاشتراه لم يلزم الموكل، وأجاب شيخنا وغيره: بأن تناول الاسم لمسماه لا فرق بين تغير أصلي وطارئ يمكن الاحتراز منه، أو لا، وإنما الفرق من جهة القياس، لحاجة الاستعمال، ولهذا لو حلف لا يشرب ماء، أو وكله في شراء ماء، أو غير ذلك لم يفرق بين هذا وهذا. وقال أيضا: لا يتناول ماء البحر، فكذا ما كان مثله في الصفة.
وعنه: طهور، نقله الأكثر، قاله في الكافي1 "و. هـ" وهو كما قال، فإن الأول ظاهر ما نقله أبو بكر الصاغاني2، والثاني نقله جماعة كما لو زال تغيره، واختاره الآجري وغيره وشيخنا. وعنه: مع عدم غيره. وخص الخرقي العفو بقليل الرائحة، وفي قوله عليه السلام عن ماء الحوض "أشد بياضا من اللبن" 3 دليل على خلاف ما يقوله قوم: إن الماء لا لون له، وذكره ابن هبيرة4.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 1/9.
2 هو: أبو بكر، محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني ثم البغدادي، الحافظ المجود الحجة، كان ذا معرفة واسعة، ورحلة شاسعة. كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، "ت270هـ". "السير" 12/592.
3 أخرجه البخاري "6579"، من حديث عبد الله بن عمرو.
4 هو: أبو المظفر، عون الدين، يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني، البغدادي، الوزير. من مصنفاته: "الإفصاح عن معاني الصحاح"، "المقتصد"، وغيرهما. "ت560هـ". "الدر المنضد" 1/268.

(1/65)


ولا تزول طهورية ماء يكفي طهره بمائع طاهر لم يغيره في الأصح "و" فإن لم يكف فروايتان "م 7".
ـــــــ
مسألة -7: قوله "ولا تزول طهورية ماء يكفي طهره بمائع طاهر لم يغيره في الأصح، فإن لم يكف فروايتان" انتهى. وأطلقهما في الرعايتين ومختصر ابن تميم.
إحداهما: لا تزول طهوريته، وتصح الطهارة به، وهو الصحيح قدمه في الكافي1 وشرح ابن رزين قال في المغني2 والشرح3: هذا أولى، وصححه في الحاوي الكبير، وشرح ابن عبيدان، ومجمع البحرين، والظاهر أنهم تابعوا المجد، واختاره القاضي في المجرد.
والرواية الثانية: لا تصح الطهارة به اختاره القاضي في الجامع، وقال: هو قياس المذهب، وحمل ابن عقيل كلام القاضي على أن المائع لم يستهلك.
تنبيه: تابع المصنف في عباراته ابن حمدان في رعايتيه، ففرضا الخلاف في المسألة في زوال طهورية الماء وعدمه، وفرضه أكثر الأصحاب في منع الطهارة منه وعدمه، منهم الشيخ الموفق، والشارح، وابن رزين، وابن تميم، وابن عبد القوي4، وابن عبيدان وغيرهم، ونصره شيخنا في حواشيه، ورد الأول بأدلة جيدة ووجوه كثيرة، وملخصه أن كلام الأكثر يدل على أن الطاهر هل يصير طهورا تبعا أم هو باق على ما كان عليه؟ وأما الطهور فلم يقل أحد بزوال طهوريته، والمصنف حكى الخلاف في زوال طهوريته فخالف الأكثر، والله أعلم.
ـــــــ
1 1/7.
2 1/27.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/110.
4 أبو عبد الله، شمس الدين، محمد بن عبد القوي بن بدارن المقدسي. له: "منظومة الآدب"، و"الفرائد" و"نظم المفردات". "ت699هـ". "المقصد الأرشد" 2/460، "الأعلام" 6/214.

(1/66)


....................................................
ـــــــ
.....................................................
ـــــــ

(1/67)


....................................................
ـــــــ
.....................................................
ـــــــ

(1/68)


....................................................
ـــــــ
.....................................................
ـــــــ

(1/69)


ويأتي في الأطعمة1 حكم آبار الحجر.
ـــــــ
................................
ـــــــ
1 10/377 -378.

(1/70)


فصل: القسم الثاني: طاهر
...
فصل: الثاني: طاهر،
كماء ورد ونحوه،..............................
ـــــــ
................................

(1/70)


وطهور طبخ فيه، أو غلب مخالطه.
وإن استعمل قليل في رفع حدث فطاهر "و. م. ر. ق" نقله واختاره الأكثر. وعنه طهور "و. هـ. ر" و "م. ر. ق" واختاره ابن عقيل، وأبو البقاء1 وشيخنا. وعنه نجس "و. هـ. ر" ونص عليه في ثوب المتطهر. وقطع عليها جماعة بالعفو في بدنه وثوبه. ويستحب غسل ذلك في رواية. وفي رواية لا "م 8" صححه الأزجي وشيخنا.
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "وإن استعمل قليل في رفع حدث فطاهر، وعنه طهور، وعنه نجس، وقطع عليها جماعة بالعفو في ثوبه وبدنه، ويستحب غسل ذلك في رواية، وفي رواية لا" انتهى.
قلت: الصحيح عدم الاستحباب صححه الأزجي، والشيخ تقي الدين، وابن عبيدان في شرحه وغيرهم، والرواية الثانية يستحب.
تنبيه: قوله: "وقطع عليها جماعة بالعفو" قلت: منهم المجد، وابن حمدان، وابن عبيدان.
ـــــــ
1 هو: عبد الله بن الحسين العكبري ثم البغدادي الأزجي. من مصنفاته: "تفسير القرآن" ، و"المرام في نهاية الأحكام" و"مذاهب الفقهاء"، وغيرها. "ت616هـ". "الدر المنضد" 2/49.

(1/71)


ولو اشترى ماء ليشربه فبان قد توضئ به فعيب، لاستقذاره عرفا، وذكره في "النوادر"1.
وإن غمس في ماء قليل يده، وقيل: أو بعضها قائم من نوم الليل، وعنه والنهار، وقيل غسلها ثلاثا، وقيل بعد النية، وقيل نية الوضوء: لقوله عليه السلام "فأراد الطهور" رواه أحمد وغيره2 فطاهر. وإن3 لم يجد غيره استعمله، ويتيمم معه.
ويجوز استعماله في شرب وغيره، وقيل يكره، وقيل يحرم، صححه
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 النوادر: لابن الصيرفي، واسم الكتاب: "نوادر المذهب"، ذكره ابن رجب في "الذيل"2/297، وقال: فيها فوائد غريبة، وهو: أبو زكريا، جمال الدين، يحيى بن أبي منصور الحراني، الحنبلي. من مصنفاته: "نوادر المذهب"، "انتهاز الفرص"، "دعائم الإسلام". "ت678هـ". "الذيل على الطبقات" 2/295، "معجم المؤلفين" 4/118.
2 المسند "9139"، من حديث أبي هريرة، ولم نقف على هذا اللفظ عند غير أحمد.
3 في "ط": "وإن".

(1/72)


الأزجي للأمر بإراقته من رواية الربيع بن صبيح وفيه ضعف عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا، رواه أبو حفص العكبري1، لكنه صح عن الحسن، وعنه طهور "و" وعنه نجس. وإن حصل في يده بغير غمس فعنه كغمسه، وعنه طهور "م 9" وفي تأثير غمس كافر ومجنون وطفل وجهان "م 10".
ـــــــ
مسألة- 9: قوله: "وإن حصل في يده بغير غمس فعنه كغمسه، وعنه طهور" انتهى، وأطلقهما ابن تميم في مختصره، وصاحب مجمع البحرين، والحاوي الكبير، وابن عبيدان:
إحداهما: هو كغمس يده، وهو الصحيح، اختاره القاضي، وجزم به في الفصول والإفادات، والرعاية الصغرى، وقدمه في الكبرى، والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: لا يؤثر ذلك بل هو طهور. قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قال في الرعاية الكبرى الأولى أنه طهور.
مسألة -10: قوله: "وفي تأثير غمس كافر ومجنون وطفل وجهان" انتهى.
وأطلقهما في "الفصول"، و"المغني"2 و"الشرح"3، و"شرح ابن عبيدان"،
ـــــــ
1 هو عمر بن محمد بن رجاء العكبري، حدث عن كثير، منهم: عبد الله بن الإمام أحمد، وكان عابداً صالحاً. "ت339هـ". "طبقات الحنابلة" 2/ 56.
2 1/143.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/74.

(1/73)


وإن استعمل في طهر مستحب ففي بقاء طهوريته روايتان "م 11" ولا أثر لغمسها1 في مائع طاهر في الأصح.
وإن نوى جنب بانغماسه أو بعضه في قليل راكد رفع حدثه لم يرتفع "ش. هـ. ر" وصار مستعملا، نص عليه، وقيل: بأول جزء لاقى، كمحل نجس لاقاه
ـــــــ
والحاوي الكبير:
إحداهما: لا تأثير لغمسهم، وهو الصحيح، وإليه ميل الشيخ في المغني2، والشارح، واختاره المجد في شرحه، وصححه ابن تميم، قال في مجمع البحرين: لا يؤثر غمسهم في أصح الوجهين، وقدمه في الرعايتين، والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يؤثر، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، وصححه الناظم، وقدمه ابن رزين في شرحه.
مسألة- 11: قوله: "وإن استعمل في طهر مستحب ففي بقاء طهوريته روايتان" يعني إذا قلنا بزوال طهوريته إذا رفع به حدث، وأطلقهما في "الهداية"، و"تذكرة ابن عقيل" و"فصوله"، و"المبهج"، و"خصال ابن البنا"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة، والمقنع"3، و"المذهب الأحمد"، و"التلخيص"،
ـــــــ
1 في الأصل: "لغمسهما".
2 1/143.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/67.

(1/74)


"و" قال القاضي وغيره: وذلك الجزء لا يعلم، لاختلاف أجزاء العضو، كما هو
ـــــــ
و"البلغة"، و"الشرح"1، و"شرح ابن منجى"2، و"الفائق"، والزركشي وغيرهم:
إحداهما: هو باق على طهوريته، وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وصححه في "التصحيح"، و"النظم" و"الحاوي الكبير"، و"شرح ابن عبيدان" واختاره المجد، وابن عبدوس في "تذكرته" قال الشارح: أظهرهما طهوريته، قال في "مجمع البحرين": طهور في أصح الروايتين، وهو ظاهر ما جزم به في "الإرشاد"3، و"العمدة4"، و"الوجيز"، و"المنور"، و"منتخب الآدمي" وغيرهم وجزم به في الإفادات، وقدمه في "الكافي"5، و"المحرر"، و"الرعايتين"، و"الحاوي الصغير"، وابن رزين في "شرحه" وغيرهم.
والرواية الثانية: يسلبه الطهورية، وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم به القاضي في
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/67.
2 هو: أبو البركات، زين الدين، منجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى التنوخي. له: "شرح المقنع". "ت695هـ". "المقصد الأرشد" 3/41.
3 ص 20.
4 العدة شرح العمدة 1/11.
5 1/10.

(1/75)


معلوم في الرأس، وقيل بأول جزء انفصل، كالمتردد على المحل "م 12" وقيل ليس مستعملا، وقيل يرتفع، وقيل: إن كان المنفصل عن العضو لو غسل بمائع ثم صب فيه أثر: أثر هنا، وكذا نيته بعد غمسه.
ـــــــ
المجرد وصاحب التسهيل واختاره ابن عبدوس صاحب القاضي وقدمه ابن رزين في مختصره وصاحب الحاوي الكبير وإدراك الغاية، وابن تميم.
مسألة -12: قوله: "وإن نوى جنب بانغماسه أو بعضه في قليل راكد رفع حدثه لم يرتفع وصار - مستعملا، نص عليه قيل بأول جزء لاقى كمحل نجس لاقاه وقيل بأول جزء انفصل كالمتردد على المحل انتهى.
القول الثاني: هو الصحيح، وهو كونه يصير مستعملا بأول جزء انفصل، جزم به في المغني1، والكافي2 والشرح3 قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر، وأشهر قال في الصغرى: وهو أظهر، قال الزركشي وهو أشهر وقدمه ابن عبيدان في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وقال: هذا أشهر الوجهين، ونصراه، والظاهر أنهما تابعا المجد.
والقول الأول: وهو كونه يصير مستعملا بأول جزء لاقى قدمه في الرعايتين، والحاويين، والتلخيص، وقال: على المنصوص، وحكى الأول احتمالا. قلت: فيتقوى بالنص، وأطلقهما ابن تميم في مختصره.
تنبيه: قوله وكذا نيته بعد غمسه انتهى ظاهره أن في محل كونه يصير مستعملا الخلاف المطلق الذي في المسألة قبلها، وهو ظاهر الرعاية الصغرى، فإنه قال: وإن انغمس في قليل راكد بنية رفع حدثه، أو نواه بعد انغماسه فمستعمل عند لقيه
ـــــــ
1 1/35.
2 1/11.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/77.

(1/76)


وقيل يرتفع، ولا أثر له بلا نية لطهارة بدنه "و" وعنه يكره، وإن كان كثيرا كره أن يغتسل فيه "و ش" قال أحمد: لا يعجبني وعنه لا ينبغي، وهل يرتفع باتصاله أو انفصاله؟ فيه وجهان "م 13".
وإن اغترف بيده من القليل بعد نية غسله صار مستعملا، نقله واختاره الأكثر، وعنه: لا، اختاره جماعة لصرف النية بقصد استعماله خارجه،
ـــــــ
ونيته. وظاهر كلامه في الكبرى أن هذه المسألة مثل التي قبلها في كون الماء يكون مستعملا، لا في وقت ما يصير مستعملا، وهو الصواب، قال في الحاوي الكبير: ولو لم ينو الطهارة حتى انغمس فيه فقال أصحابنا يرتفع الحدث عن أول جزء يرتفع منه، فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل، انتهى، فقطع أنه يصير مستعملا بأول جزء انفصل، وعزاه إلى الأصحاب، والظاهر أنه تابع المجد ويحمل كلام المصنف على هذا، فقوله وكذا نيته بعد غمسه: يعني يكون مستعملا، وعلى كلا التقديرين الصواب ما نقله في الحاوي عن الأصحاب.
مسألة - 13: قوله: "وإن كان كثيرا كره أن يغتسل فيه، قال أحمد: لا يعجبني، وعنه لا ينبغي، وهل يرتفع باتصاله أو انفصاله، فيه وجهان" انتهى، وأطلقهما ابن تميم في مختصره:
أحدهما: يرتفع بعد انفصاله، وهو الصحيح، قال في الرعاية الكبرى: وهو أقيس، وقدمه في الحاوي الصغير والفائق قال: في المغني1 والشرح2 وشرح ابن عبيدان وغيرهم. فإن كان قلتين فصاعدا ارتفع الحدث، والماء باق على إطلاقه.
ـــــــ
1 1/35.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/77.

(1/77)


وهو أظهر. وهل رجل أو فم ونحوه كيد، أم يؤثر؟ فيه وجهان "م 14". وقيل: اغتراف متوضئ بيده بعد غسل وجهه لم ينو غسلها فيه كجنب، والمذهب طهور لمشقة تكرره، ويصير الماء بانتقاله إلى عضو آخر مستعملا "و. ر. ش"1 وعنه لا "و. هـ" وعنه لا في الجنب،
ـــــــ
والثاني: يرتفع قبل انفصاله، قدمه2 في الرعايتين.
مسألة- 14: قوله: "وإن اغترف بيده من القليل بعد نية غسله صار مستعملا... وعنه لا... وهو أظهر، وهل رجل وفم ونحوه كيد، أم يؤثر فيه وجهان" انتهى.
ـــــــ
1 في "ط": "ورش".
2 ليست في "ط".

(1/78)


وعنه يكفيهما مسح اللمعة بلا غسل للخبر1، ذكره ابن عقيل وغيره. وإن خلط طهور بمستعمل: فإن كان لو خالفه في الصفة غيره أثر، وعند صاحب المحرر الحكم للأكثر قدرا، وعند ابن عقيل: إن غيره لو كان خلا أثر، ونصه فيمن انتضح من وضوئه في إنائه لا بأس.
وإن بلغ بعد خلطه قلتين، أو كانا مستعملين فطاهر، وقيل: طهور.
ـــــــ
أحدهما: يؤثر منعا، وهو الصحيح، قال ابن تميم: ولو وضع رجله في الماء لا لغسلها، وقد نوى أثر، على الأصح. قال في الرعاية الكبرى: وإن نواه ثم وضع رجله فيه لا لغسلها بنية تخصها فظاهر في الأصح، وإن غمس فيه فمه احتمل وجهين انتهى.
والوجه الثاني: أن حكم ذلك حكم اليد.
ـــــــ
1 أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 1/237، من حديث إسحاق بن سويد عن العلاء بن زياد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل فرأى لمعة في منكبه لم يصبها الماء، فأخذ خصلة من شعر رأسه، فعصرها على منكبه، ثم مسح يدع على ذلك المكان.

(1/79)


وإن خلت به وقيل: وبكثير امرأة، وقيل: أو مميزة في غسل أعضائها، وقيل: أو بعضها عن حدث، وقيل: أو خبث وطهر مستحب فطهور على الأصح ولا يرفع حدث رجل، وقيل: "ولا صبي، وعنه يرفع "و" بلا كراهة كاستعمالهما معا، وكإزالته به نجاسة، وكامرأة أخرى، وكتطهيرها بماء خلا به في الأصح فيهن، ونقله الجماعة في الأخيرة، وذكره القاضي، وغيره "ع" ورواية ثالثة، ويكره، ومعناه اختيار الآجري، كرواية في خلوة لشرب، والخنثى كرجل، وعند ابن عقيل كامرأة، وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال، وعلى الأصح: وبالمشاهدة فقيل: مشاهدة مسلم مكلف، وقيل: كخلوة النكاح "م 15".
ـــــــ
مسألة – 15: قوله وعلى الأصح وبالمشاهدة، فقيل: مشاهدة مسلم مكلف وقيل: كخلوة النكاح انتهى، وأطلقهما في المغني1، والحاوي الكبير، وابن تميم، وابن عبيدان، والزركشي، والفائق وغيرهم:
أحدهما: هي كخلوة النكاح وهو الصحيح، فتزول الخلوة بمشاهدة مميز، وكافر، وامرأة، اختاره الشريف أبو جعفر والشيرازي، وجزم به في المستوعب، وقدمه في الكافي2، ونظمه، والشرح3، والنظم وغيرهم.
والوجه الثاني: لا تزول إلا بمشاهدة مسلم مكلف، اختاره القاضي في المجرد، وقدمه في الفصول، والرعاية الصغرى، والحاوي الصغير، وقيل: لا تزول إلا
ـــــــ
1 1/282.
2 1/136.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/83.

(1/80)


................................
ـــــــ
بمشاهدة رجل مسلم حر، قدمه في الرعاية الكبرى، فقال: ولم يرها ذكر مسلم مكلف، وقيل أو عبد، وقيل أو مميز، وقيل أو مجنون، وهو خطأ، وقيل إن شاهد طهارتها أنثى أو كافر فوجهان انتهى.

(1/81)


فصل: القسم الثالث: نجس
...
فصل: الثالث: نجس،
وهو ما تغير بنجاسة "و" وكذا قليل لاقى نجاسة. وفي عيون المسائل يدركها طرف "و ش". وقيل: إن مضى زمن تسري فيه، وعنه لا ينجس "و م" وعنه إن كان جاريا "و هـ" اختارها جماعة، وحكى عنه أبو الوقت الدينوري1 طهارة ما لم يدركه الطرف، ذكره ابن الصيرفي. وعنه تعتبر كل جرية بنفسها، وهي أشهر، فيفضي إلى تنجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة، لقلة ما يحاذي القليلة.
والجرية: ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة. وقال الشيخ: وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها، وإن امتدت النجاسة فقيل: واحدة، وقيل: كل جرية نجاسة منفردة "م 16".
ـــــــ
مسألة- 16: قوله "والجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها، وتحتها، ويمنة، ويسرة وقال الشيخ: وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها، وإن امتدت النجاسة فقيل واحدة، وقيل: كل جرية نجاسة منفردة" انتهى وأطلقهما في الرعاية الكبرى، ومختصر ابن تميم وتبعه ابن عبيدان:
أحدهما: كل جرية نجاسة منفردة، وهو الصحيح اختاره الشيخ الموفق2 والشارح3 وجزما به، وكذلك ابن رزين في شرحه
ـــــــ
1 هو: إبراهيم بن عبد الله بن مهران الدينوري. نقل عن الإمام أحمد أشياء. "طبقات الحنابلة" 1/95.
2 في المغني 1/48.
3 في المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/125.

(1/82)


ولا يؤثر تغيره في محل التطهير، وفيه قول، اختاره شيخنا، قال: والتفريق بينهما بوصف غير مؤثر لغة وشرعا.
وإن لم يتغير الكثير لم ينجس، إلا ببول أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت نص عليه، وعنه: أولا من آدمي، فيه روايتان "م 17" وقيل بل عذرة مائعة.
ـــــــ
والوجه الثاني: الكل نجاسة واحدة، فعلى هذا ينجس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة، إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته، والمحاذي للكلب يبلغ قلالا، وهذا الوجه ظاهر كلام القاضي وأصحابه وغيرهم، حيث اختارا اعتبار كل جرية بنفسها.
مسألة- 17: قوله: "وإن لم يتغير الكثير لم ينجس، إلا ببول، أو عذرة رطبة أو

(1/83)


................................
ـــــــ
يابسة ذابت... من آدمي ففيه روايتان" وأطلقهما في الإرشاد1، والمغني2، والمذهب الأحمد، والتلخيص، والبلغة، والشرح3، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن رزين، والفائق وغيرهم:
إحداهما: لا ينجس، وهو الصحيح من المذهب عند المتأخرين، وهو ظاهر الإيضاح والعمدة والخلاصة والوجيز وإدراك الغاية، وتذكرة ابن عبدوس، والمنور، ومنتخب الآدمي، والتسهيل وغيرهم، لعدم ذكرهم لهما، وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين. وقال الشيخ تقي الدين وتبعه المصنف، اختاره أكثر المتأخرين، قال ناظم المفردات: هذا قول الجمهور، قال في4 المستوعب والتفريع عليه قال في المذهب: لم ينجس في أصح الروايتين، قال ابن منجى في شرحه: عدم النجاسة أصح، انتهى، واختاره أبو الخطاب، وابن عقيل، والشيخ الموفق، والمجد، والناظم في شرحه ونظمه وغيرهم قلت: وهو المذهب على ما اصطلحناه.
والرواية الثانية: ينجس إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته فلا ينجس، وهذا المذهب عند أكثر المتقدمين، قال في الكافي5: أكثر الروايات أن البول والغائط ينجس الماء الكثير، قال في المغني6 وتبعه ناظم المفردات: الأشهر أنه ينجس،
ـــــــ
1 ص 21.
2 1/38.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/101.
4 ليست في "ط".
5 1/18.
6 1/46.

(1/84)


ولم يستثن في التلخيص إلا بول آدمي، وكذا قال أحمد في رواية صالح. ونقل مهنا1 في بئر وقع فيه ثوب تنجس ببول آدمي: ينزح، ويتوجه من تقييد العذرة بالمائعة لا ينزح، اختار أكثر المتأخرين لا ينجس "و. ش" قال القاضي وغيره ونقل الجماعة واختاره شيوخ أصحابنا: ينجس، إلا أن تعظم مشقة نزحه كمصانع2 بطريق3 مكة.
ـــــــ
وكذا قال ابن عبيدان، وقال: اختارها الشريفان والقاضي، وقال اختارها الخرقي، وشيوخ أصحابنا، قال في تجريد العناية. هذا أظهر عنه، قال الزركشي: هي أشهر الروايتين عن أحمد نقلا، واختارها الأكثرون، قال الشيخ تقي الدين: اختارها أكثر المتقدمين، قال الزركشي: وأكثر المتوسطين كالقاضي، والشريف، وابن البنا4، وابن عبدوس، وغيرهم، وقدمه في الفصول.
ـــــــ
1 أبو عبد الله مهنا بن يحيى الشامي. من كبار أصحاب الإمام أحمد، روى عنه مسائل كثيرة. "طبقات الحنابلة" 1/345.
2 هي: أحباس تتخذ للماء، واحدها مصنعة ومصنع. "معجم البلدان" 5/136.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 هو: أبو علي، الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي، الحنبلي. من مصنفاته: "شرح الخرقي"، "طبقات الفقهاء"، "تجريد المذاهب"، "ت471هـ"، و"المقصد الأرشد" 1/309. "الأعلام" 2/180.

(1/85)


وإن تغير بعض الكثير ففي نجاسة ما لم يتغير مع كثرته وجهان "م 18" وظاهر كلامهم؛ أن نجاسة الماء النجس عينية. وذكر شيخنا في شرح العمدة لا، لأنه يطهر غيره، فنفسه أولى، وأنه كالثوب النجس وذكر بعض أصحابنا في كتب الخلاف: أن نجاسته مجاورة سريعة الإزالة، لا عينية، فلهذا يجوز بيعه، وحرم الحلواني1 وغيره
ـــــــ
مسألة – 18: قوله: "وإن تغير بعض الكثير ففي نجاسة ما لم يتغير مع كثرته وجهان" انتهى.
وأطلقهما ابن تميم:
أحدهما: يكون طهورا، وهو الصحيح، وجزم به في المستوعب، والكافي2، وقدمه في الرعايتين، ومجمع البحرين، والحاوي الصغير، أو المغني3 والشرح4، ونصراه، وصححه في الحاوي الكبير، وابن عبيدان، وابن نصر الله في حواشيه.
والوجه الثاني: يكون نجسا اختاره ابن عقيل، وقدمه ابن رزين في شرحه، وقيل: الباقي طهور وإن قل، ذكره في الرعاية، واختاره القاضي، وذكره في المستوعب.
ـــــــ
1 هو: أبو الفتح، محمد بن علي بن محمد المراق الحلواني، صاحب "كفاية المبتدي". "ت505هـ". "المقصد الأرشد" 2/472.
2 1/19.
3 1/50.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/108.

(1/86)


تنبيهات:
أحدها: قوله: "وظاهر كلامهم أن نجاسة الماء النجس عينية، وذكر شيخنا

(1/86)


استعماله إلا لضرورة. وذكر جماعة أن سقيه للبهائم كالطعام النجس. وفي نهاية الأزجي: لا يجوز قربانه بحال، بل يراق، وقاله في التعليق في المتغير، وأنه في حكم عين نجسة، بخلاف قليل نجس لم يتغير، فيجوز بل الطين به، وسقي الدواب، ويأتي كلام الأزجي في الاستحالة1.
والكثير قلتان2، والقليل دونهما "هـ" وهما خمسمائة رطل عراقية، والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم، فهو سبع الدمشقي ونصف سبعه، فالقلتان بالدمشقي مائة رطل، وسبعة أرطال وسبع "و ش" وعنه أربعمائة عراقية، والتقدير تقريب على الأصح "و ش".
ويطهر الكثير النجس بزوال تغيره بنفسه على الأصح، أو إضافة قلتين بحسب الإمكان للمشقة، واعتبر الأزجي والمستوعب الاتصال في صب الماء، أو بنزح يبقى بعده قلتان. وهو طهور، وقيل: طاهر لزوال النجاسة به.
ـــــــ
في شرح العمدة لا، لأنه يطهر غيره فنفسه أولى، وأنه كثوب نجس، انتهى. ما قاله الشيخ تقي الدين هو الصواب، وفي قول المصنف إنها عينية نظر، لأن الأصحاب قالوا النجاسة العينية لا يمكن تطهيرها، وهذا يمكن تطهيره، فظاهر كلامهم أنها حكمية، وهو الصواب، وهو ظاهر ما نقله المصنف عن بعض الأصحاب في كتب الخلاف.
الثاني: ظاهر كلام المصنف أنه أطلق الخلاف في جواز استعمال الماء النجس، وقد قال في الرعاية الكبرى: لا يجوز استعماله بحال: إلا لضرورة، وكذا قال ابن تميم، وزاد جواز سقيه للبهائم، قياسا على قوله في الطعام النجس وهو الصواب.
ـــــــ
1 ص 323.
2 القلة: الجرة، أو القربة الكبيرة، وتساوي في المقاييس الحديثه حوالي سبعين سنتمتراً مكعباً.

(1/87)


ولا يطهر القليل النجس1 إلا بقلتين، فإن أضيف إلى ذلك قليل طهور، أو مائع وبلغ القليل قلتين أو تراب ونحوه غير مسك ونحوه لم يطهر، لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه، فغيره أولى، وقيل بلى لخبر القلتين2، ولزوال التغير، وقيل: بالماء، لأن غيره يستر النجاسة، وقيل به في النجس الكثير فقط.
جزم به في المستوعب وغيره، وأطلق في الإيضاح روايتين في
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 أخرج أبو داود "63"، والترمذي "67"، من حديث عبد الله من عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان الماء قلتين، لم يحمل الخبث".

(1/88)


التراب، وللشافعي قولان. وإن أضيف إلى القليل قليل ولم يبلغا قلتين، أو تراب ونحوه، لم يطهر، لبقاء علة التنجيس، وهي الملاقاة.
ويطهر ما لا يشق، نزحه بما يشق، وقيل: أو هما يشقان، وقيل: وبقلتين، ويعتبر زوال التغير في الكل.
وإن اجتمع من نجس وطهور وطاهر قلتان بلا تغير فكله نجس، وقيل: طاهر، وقيل: طهور، وإن أضيف قلة نجسة إلى مثلها ولا تغير لم يطهر في المنصوص "ش" ككمالها ببول أو نجاسة أخرى، "و" وفي غسل جوانب بئر نزحت1 أرضها روايتان "م 19".
ـــــــ
الثالث: قوله في تطهير ما لا يشق نزحه، وقيل وبقلتين، قال شيخنا في حواشيه: الذي يظهر أن هذا القول سهو، إذ لا وجه له، والمسألة في بول الآدمي، ولا يدفع المجموع النجاسة عن نفسه، فمن أين يحصل التطهير؟ انتهى.
مسألة – 19: وفي غسل جوانب بئر نزحت وأرضها روايتان، انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(1/89)


وله استعمال كثير لم يتغير، ولو مع قيام النجاسة فيه وبينه وبينها قليل، وما انتضح من قليل لسقوطها فيه نجس.
وإن شك في كثرة الماء، أو نجاسة عظم، أو روثة أو جفاف نجاسة على ذباب وغيره، أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم وجد1 بفيه رطوبة فوجهان "م 20 - 24" ونقل حرب2 وغيره فيمن وطئ روثة فرخص فيه: إذا لم يعرف ما هي.
ـــــــ
وأطلقهما في الفصول والمستوعب ومختصر ابن تميم وشرح ابن عبيدان والفائق وغيرهم:
إحداهما: لا يجب غسل ذلك وهو الصحيح، قال المجد في شرحه: هذا الصحيح، دفعا للحرج والمشقة، وصححه في مجمع البحرين.
والرواية الثانية: يجب غسله، ويأتي كلام ابن رزين وقال في الرعايتين والحاويين: يجب غسل البئر الضيقة وجوانبها وحيطانها، وعنه والواسعة أيضا، انتهى، قال القاضي في الجامع الكبير: الروايتان في الواسعة، والضيقة يجب غسلها رواية واحدة، قال ابن رزين في شرحه: وإن تنجست جوانب بئر وجب غسلها، كرأس البئر، وعنه لا يجب، لما فيه من المشقة. انتهى.
مسألة 20 – 24: قوله: فإن شك في كثرة الماء أو نجاسة عظم، أو روثة، أو
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، وهي من "ط".
2 هو: أبو محمد، حرب بن إسماعيل الكرماني، الفقيه، تلميذ الإمام أحمد. له مسائل معروفة هي من أنفس كتب الحنابلة كما وصفها الذهبي. قيد تاريخ وفاته عبد الباقي بن قانع في سنة ثمانين ومئتين. "طبقات الحنابلة" 1/ 145، "سير أعلام النبلاء" 13/244.

(1/90)


................................
ـــــــ
جفاف نجاسة على ذباب وغيره، أو ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم بفيه رطوبة فوجهان، انتهى، ذكر المصنف في هذه الجملة مسائل:
المسألة الأولى -20: إذا شك في كثرة الماء، يعني: إذا وقعت فيه نجاسة وشك هل هو قلتان أو دونهما، ففي نجاسته وجهان، وأطلقهما في المغني1، والشرح2، والرعايتين، والحاويين، وابن تميم، وغيرهم:
أحدهما: هو نجس، وهو الصحيح، اختاره المجد في شرحه، فقال: هذا الصحيح، لأنه قد تعارض الأصلان، فيتعين الأحوط نقله ابن عبيدان، قال في القواعد الفقهية: هذا المرجح عند صاحب المغني1 والمحرر، انتهى، قال في مجمع البحرين هو نجس في أصح الوجهين، وهو ظاهر ما جزم به الشارح في موضع آخر.
والوجه الثاني: هو طاهر، قال في القواعد. وهو أظهر.
المسألة الثانية- 21: لو شك في نجاسة عظم وقع في ماء، فهل يحكم بنجاسة الماء أم لا؟ أطلق فيه الخلاف:
أحدهما: لا يحكم بنجاسته، بل هو طاهر. قلت: وهو الصواب، لأن الأصل طهارة الماء، فلا تزول بالشك في تنجيسه، وأيضا قد يقال: إنه كالروثة المشكوك في طهارتها ونجاستها الآتية، وهو ظاهر كلام المصنف، ومال إليه صاحب تصحيح المحرر، قال ابن تميم: لم يحكم بنجاسة الماء في أحد الوجهين.
والوجه الثاني: هو نجس، وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
المسألة الثالثة- 22: لو شك في روثة وقعت في ماء: هل هي طاهرة أو نجسة؟ فأطلق فيها الخلاف:
ـــــــ
1 1/44.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/ 123.

(1/91)


................................
ـــــــ
أحدهما: هو طاهر، وهو الصحيح، اختاره الشيخ تقي الدين، قال في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة: هذا المرجح عند الأكثر، وجزم به في المغني1 والشرح2، وصححه المجد في شرحه، وصاحب مجمع البحرين، وابن عبيدان، وقد نقل حرب وغيره فيمن وطئ روثة فرخص فيه إذا لم يعرف ما هي.
والوجه الثاني: هو نجس، قال الشيخ تقي الدين: الوجهان مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثني، وهو الصواب، أو النجاسة إلا ما استثني انتهى.
المسألة الرابعة – 23: لو شك في جفاف نجاسة على ذباب وغيره وعدمه، فأطلق فيه الخلاف، وأطلقه في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة، ومختصر ابن تميم، والرعاية الكبرى:
أحدهما: الحكم بعدم الجفاف "قلت" وهو الصواب، لأنه الأصل، والفرض مع الشك.
والوجه الثاني: الحكم بأنها جفت.
المسألة الخامسة -24: إذا شك في ولوغ كلب أدخل رأسه في إناء ثم وجد بفيه رطوبة. فأطلق الخلاف في طهارة الماء وعدمها، وأطلقهما في القاعدة الثامنة والخمسين بعد المائة، ونقلهما عن الأزجي:
أحدهما: هو طاهر، لأن الأصل عدم الولوغ.
والوجه الثاني: هو نجس. قلت: وهو الصواب، لأن القرائن المحتفة بذلك تقتضي ما قلنا، وتوجب ضعف الأصل، وهو ظاهر كلام جماعة.
ـــــــ
1 1/64.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/344.

(1/92)


وإن احتمل تغيره1 بما فيه من نجس أو غيره عمل به، وإن احتملهما فوجهان "م 25".
وإن شك في طهارة شيء، أو نجاسته بنى على أصله "و" وإن أخبره
ـــــــ
مسألة – 25: قوله: "وإن احتمل تغيره من نجس أو غيره عمل به، وإن احتملهما فوجهان" وهما احتمالان مطلقان في فصول ابن عقيل، وشرح ابن عبيدان وأطلقهما ابن تميم، فقال: ومتى وجد ماء متغيرا وشك فيما تغير به فهو طاهر، وإن كان فيه ما يصلح أن يغيره من نجاسة أو غيرها أضيف التغير إليه، وإن لم يصلح لم يضف، وإن احتملهما فوجهان، انتهى، وقال في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة: إذا وقع في ماء يسير ما لا نفس له سائلة، وشك: هل هو متولد من النجاسة أم لا؟ كان هناك بئر، وحش: فإن كان إلى البئر أقرب، أو هو بينهما بالسوية فهو طاهر وإن كان إلى الحش أقرب فوجهان:
أحدهما: نجس، والآخر طاهر، ما لم يعاين خروجه من الحش، ونقله صاحب المهم2 عن شيخه ابن تميم، انتهى.
قلت: الصواب أنه طاهر لأنه الأصل، وهو ظاهر كلام جماعة، ثم وجدت شيخنا في حواشي الفروع نقل أن الشيخ تقي الدين قطع في الفتاوى المصرية بعدم نجاسته.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: والمثبت من "ط".
2 هو: عبد الله كتيلة بن أبي بكر الحربي الشيخ الفقيه الحنبلي، له "اللمهم شرح الخرقي". "ت681هـ". "ذيل طبقات الحنابلة" 2/301.

(1/93)


عدل بنجاسته، قيل: إن عين السبب1، وقيل: مطلقا، وفي المستور، والمميز، ولزوم السؤال عن السبب وجهان "م 26،28".
ـــــــ
مسألة -26 - 28 قوله: "وإن أخبره عدل بنجاسته قيل: إن عين السبب، وقيل مطلقا وفي المستور والمميز ولزوم السؤال عن السبب وجهان" انتهى. ذكر المصنف في هذه الجملة مسائل:
المسألة الأولى- 26: لو أخبره مستور الحال بنجاسة ماء، فهل يقبل كالعدل أم لا؟ أطلق فيه الخلاف، وأطلقه ابن تميم:
أحدهما: يقبل، وهو الصحيح، جزم به في المغني2 والشرح3، وشرح ابن رزين، وابن عبيدان والحاوي الكبير، ومجمع البحرين، وغيرهم، قال في الرعاية الكبرى: ويكفي خبر مستور الحال في الأصح.
والوجه الثاني لا يقبل قلت: وهو ضعيف.
المسألة الثانية- 27: لو أخبره مميز فهل يقبل خبره أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقهما في الرعاية الكبرى:
أحدهما: لا يقبل، وهو الصحيح، وجزم به في الكافي4، والمغني 2 والشرح5، وشرح ابن رزين، ومختصر ابن تميم، وغيرهم، وقدمه في الفصول، وشرح ابن عبيدان قال في مجمع البحرين والحاوي الكبير: يقبل6 قول المميز إذا قلنا: تقبل شهادته. انتهى. والمذهب: لا تقبل شهادته.
الوجه الثاني: يقبل6 وهو تخريج في الفصول، قال ابن عبيدان وغيره: ويتخرج وجه بالقبول بناء على قبول شهادته في الجراح، انتهى. قلت: القول بالقبول مطلقا قوي، لأنه خبر لا شهادة، وقد قبل الشيخ الموفق وغيره قول مستور الحال في التي قبلها، مع أنه لا تقبل شهادته، على الصحيح من المذهب.
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "سببها".
2 1/68.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/129.
4 1/23.
5 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/128.
6 ليست في "ط".

(1/94)


وإن أصابه ماء ميزاب ولا أمارة كره سؤاله عنه، نقله صالح، لقول عمر لصاحب الحوض: لا تخبرنا1، فلا يلزم الجواب، وقيل: بلى، كما لو سئل عن القبلة، وقيل: الأولى السؤال والجواب، وقيل بلزومها، وأوجب الأزجي إجابته إن علم نجاسته، وإلا فلا.
وينجس كل مائع، كزيت وسمن بنجاسة، نقله الجماعة "و م ش" وذكره ابن حزم2 "ع" في سمن، كذا قال، وعنه حكمه كالماء "و هـ" وعنه إن كان الماء أصلا له. وقال شيخنا: ولبن كزيت.
وإن اشتبه طهور بنجس لم يتحر "ش" كميتة بمذكاة، وهل يشترط لتيممه إراقتهما، أو خلطهما أم لا؟ فيه روايتان "م 29" وإن علم النجس وقد تيمم
ـــــــ
المسألة الثالثة- 28: هل يلزم السؤال عن السبب أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم وابن حمدان:
أحدهما: لا يلزمه، وهو الصحيح، قدمه في الفائق، واختاره الشيخ تقي الدين.
والوجه الثاني: يلزمه، وضعفه الشيخ تقي الدين.
مسألة- 29: قوله: "وهل يشترط لتيممه إراقتهما أو خلطهما؟ فيه روايتان" انتهى.
وأطلقهما في الفصول، والمستوعب، والكافي3، والمقنع4، والتلخيص، والبلغة والمذهب الأحمد، والمحرر، وشرح ابن منجى، وابن عبيدان، والزركشي، والفائق وغيرهم:
إحداهما: لا يشترط، بل يصح تيممه مع بقائهما، وهو الصحيح، قال في
ـــــــ
1 أخرجه مالك في "الموطأ" 1/14.
2 هو: أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، عالم الأندلس في عصره. من مصنفاته: "الفصل في الملل والأهواء والنحل"، "المحلى"، "جمهرة الأنساب". "ت456هـ". "فوات الوفيات" 1/340.
3 1/24.
4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/135.

(1/95)


وصلى فلا إعادة في الأصح، وعنه له التحري إذا زاد عدد الطهور "و هـ" وقيل: عرفا.
وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله؟ فيه احتمالات، الثالث يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة "م 30".
ـــــــ
المذهب: هذا أقوى الروايتين، قال الناظم: هذا أولى، وصححه في التصحيح، وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته، وصاحب التسهيل، وجزم به في العمدة والإفادات والوجيز والنور، ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه ابن تميم، وصاحب إدراك الغاية، واختاره أبو بكر، وابن عقيل والشيخ والشارح وغيرهم.
والرواية الثانية: يشترط الإعدام بخلط أو إراقة، اختاره الخرقي، قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: هذا هو الصحيح، وقدمه في الهداية والخلاصة وشرح ابن رزين والرعايتين والحاويين وغيرهم. وقال في الرعاية الكبرى: ويحتمل أن يبعد عنهما بحيث لا يمكنه الطلب. وقال في الصغرى أراقهما، وعنه أو خلطهما. وقال في الكبرى: خلطهما، أو أراقهما، وعنه تعيين1 الإراقة. انتهى، وقطع الزركشي وغيره أن حكم الخلط حكم الإراقة، وهو كذلك.
تنبيه: في كلام المصنف حذف، وتقديره وهل يشترط لتيممه إراقتهما أو خلطهما أم لا؟ وهو واضح، وكذلك من عبارته كذلك.
مسألة -30: قوله وهل يلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله؟ فيه احتمالات، والثالث يلزم إن شرطت إزالتها لصلاة، انتهى:
أحدها يلزم إعلامه. قلت: وهو الصواب، وقدمه في الرعاية الكبرى في هذا الباب. وفي باب إزالة النجاسة، وفرضه في إرادة التطهر به.
ـــــــ
1 في "ط": "تعيين".

(1/96)


وهل يلزم التحري لأكل أو شرب؟ فيه روايتان "م 31" ثم في غسل؟ فيه وجهان "م 32".
ولا يتحرى أحد مع وجود غير مشتبه "ش" ومحرم كنجس فيما تقدم، وقيل: يتحرى مطلقا. وإن توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد، نقله
ـــــــ
والاحتمال الثاني لا يلزمه قلت: وهو ضعيف.
والثالث يلزمه إن قيل إن إزالتها شرط في صحة الصلاة، وهو احتمال لصاحب الرعاية الكبرى، وفيه ضعف.
مسألة -31: قوله "هل يلزم التحري لأكل أو شرب؟ فيه روايتان"، انتهى، وأطلقهما في الفائق:
إحداهما يلزم التحري، وهو الصحيح، جزم به في المغني1، والشرح2، وشرح ابن رزين، وغيرهم، وصححه في مجمع البحرين، وشرح ابن عبيدان.
والرواية الثانية لا يلزم.
مسألة- 32: قوله: "ثم في غسل، فيه وجهان". وأطلقهما في المغني3، والشرح4، ومختصر ابن تميم وغيرهم:
أحدهما: لا يجب، وهو الصحيح، صححه المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وابن عبيدان وغيرهم، وجزم به في الفائق وغيره، وقدمه في الحاوي الكبير، وشرح ابن رزين.
ـــــــ
1 1/85.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/138.
3 1/84.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/36.

(1/97)


الجماعة "و" خلافا للرعاية، وإن لم نقل: إزالة النجاسة شرط، كذا قال، ونصه: حتى يتيقن براءته. وقال القاضي وأصحابه بعد ظنه نجاسته، وذكر في الفصول والأزجي: إن شك، هل كان وضوءه قبل نجاسة الماء، أو بعده، لم يعد، لأن الأصل الطهارة، وهذا معنى كلام غيرهما، لعدم العلم
ـــــــ
والوجه الثاني: يجب، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.

(1/98)


أنه صلى بنجاسة، لكن يقال: شكه في القدر الزائد كشكه مطلقا، فيؤخذ من هذا لا يلزمه أن يعيد إلا ما تيقنه بماء نجس، وهو متجه، وفاقا لأبي يوسف ومحمد وبعض الشافعية، لشكه1 في شرط العبادة بعد فراغها، فهو كشكه في النية بعد الفراغ، وعلى هذا لا يغسل ثيابه، وآنيته.
ونص أحمد يلزمه "و" ويأتي2: أن من صلى ووجد عليه نجاسة لا يعلم: هل كانت في الصلاة؟ أنها تصح في الأشهر، لأنه الأصل، قال في منتهى الغاية: ولهذا لو رأى نجاسة في ماء يسير، أو أصابته جنابة
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 في "س" و"ط": "كشكه".
2 في الفصل الأول من باب اجتناب النجاسة 2/97.

(1/99)


ولم يعلم زمن ابتدائهما لكانا في وقت الشك كالمعدومين يقينا، لأنه الأصل، كذا قال، ولعل مراده أنه شك: هل صلى مع المانع أصلا، أم لا؟ وقد يفرق بتأكد رفع الحدث، بخلاف النجاسة، والله أعلم.
وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ منهما وضوءا واحدا1، وقيل: من كل واحد، ولا يتحرى في مطلق ومستعمل "ش" ويصلي صلاة واحدة1، وإن توضأ منهما مع طهور بيقين وضوءا واحدا صح، وإلا فلا.
وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة صلى بعدد النجس، وزاد صلاة، ونوى بكل صلاة الفرض، احتياطا كمن نسي صلاة من يوم، وقد فرق أحمد بين الثياب والأواني بأن الماء يلصق بالبدن، قال الأصحاب: ولأنه
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/100)


ليس عليها أمارة، ولا لها بدل يرجع إليه، ويتوجه احتمال سواء، وقيل: يتحرى مع كثرة الثياب النجسة للمشقة "و. هـ. ش م ر" لا مطلقا خلافا للفنون. وقاله أيضا في مناظراته، وقيل: يصلي في واحد بلا تحر، وفي الإعادة وجهان، ويتوجه أن هذا فيما إذا بان طاهرا كنظيره1 في ماء مشتبه في وجه، ولا تصح في الثياب المشتبهة مع طاهر يقينا "ش" وكذا الأمكنة. ويصلي في فضاء واسع حيث شاء بلا تحر.
وإن اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر، وقيل: بلى في عشر، وفي قبيلة كبيرة له النكاح، وفي لزوم التحري وجهان "م 33"
.....................................
ـــــــ
مسألة- 33: "وإن اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر، وقيل بلى في عشر، وفي قبيلة كبيرة له النكاح، وفي لزوم التحري وجهان" انتهى، وأطلقهما في الرعايتين، ومختصر ابن تميم، والحاوي الصغير، والقواعد الأصولية، وغيرهم:
أحدهما: لا يلزم التحري، وهو الصحيح، جزم به في المغني2، والشرح3، وشرح ابن رزين وغيرهم. قال في القاعدة السادسة بعد المائة: لو اشتبهت أخته بنساء أهل مصر جاز له الإقدام على النكاح، ولا يحتاج إلى تحر على أصح الوجهين، وقدمه ابن عبيدان، وهو احتمال للقاضي. قال في الفائق: لو اشتبهت أخته بنساء أهل بلد لم يمنع من نكاحهن، ويمنع في عشر، وفي مائة وجهان وقال في الرعايتين: وقيل يتحرى في مائة، وهو بعيد، انتهى. وقال في القاعدة التاسعة بعد المائة: لو اشتبهت أخته بعدد محصور من الأجنبيات منع من التزوج بكل واحدة منهن حتى يعلم أخته من
ـــــــ
1 في الأصل: "كتطهيره".
2 1/82.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/130.

(1/101)


ويتوجه مثله في1 الميتة بالمذكاة "م 34" قال أحمد: أما شاتان: فلا2 يجوز التحري، فأما إذا كثرت فهذا غير هذا، ونقل الأثرم أنه قيل له فثلاثة؟ قال: لا أدري.
ـــــــ
غيرها. وقال ابن تميم: فإن كن الأجنبيات عشرة لم يكن له أن يتحرى في أصح الوجهين، انتهى.
والوجه الثاني: يلزمه التحري3، قدمه في المستوعب، والله أعلم.
مسألة-34: قوله: "ويتوجه مثله في4 الميتة بالمذكاة" انتهى. قد علمت الصحيح في المسألة التي قبلها، وقد قال في القاعدة السادسة بعد المائة: لو اشتبهت أخته بنساء أهل مصر جاز له الإقدام على النكاح، ولا يحتاج إلى التحري على أصح الوجهين، وكذلك5 لو اشتبهت ميتة بلحم أهل مصر أو قرية انتهى، فنقل أنها مثلها، والله أعلم.
فهذه أربع وثلاثون مسألة في هذا الباب قد يسر الله بتصحيحها.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في النسخ الخطية: "لا" والمثبت من "ط".
3 ليست في "ص" و"ط".
4 ليست في "ح" و"ط".
5 في "ص" و"ط": "كذا".

(1/102)


باب الآنية
الأحكام المتعلقة بالآنية
...
باب الآنية
يباح استعمال كل إناء طاهر مباح حتى الثمين "و" ويحرم في المنصوص استعمال آنية ذهب وفضة على الذكر والأنثى "و" حتى الميل ونحوه ويأتي كلام شيخنا في اللباس1 وكذا اتخاذها على الأصح "هـ" وحكى ابن عقيل في الفصول أن أبا الحسن التميمي قال: إذا اتخذ مسعطا2، أو قنديلا، أو نعلين، أو مجمرة، أو مدخنة، ذهبا أو فضة كره ولم يحرم.
ويحرم سرير وكرسي، ويكره عمل خفين من فضة، ولا يحرم كالنعلين. قال: ومنع من الشربة3 والملعقة، كذا حكاه وهو غريب. وتصح الطهارة منها، وفيها "و" لأن الإناء ليس بشرط، ولا ركن في العبادة، بل أجنبي فلم يؤثر فيها، وعنه: لا اختاره جماعة منهم أبو بكر القاضي4، وابنه أبو الحسين كماء مغصوب على الأصح "خ".
ولو جعلها مصبا صحت في الأصح، وكذا إناء مغصوب، وقيل: يكره ذهب وفضة، وثمين، كبلور، وياقوت، جزم به أبو الوقت الدينوري، ذكره ابن الصيرفي.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 يأتي في 2/85.
2 المسعط، بضم الميم: الوعاء يجعل فيه السعوط، وهو دواء يصب في الأنف. "المصباح": "سعط".
3 في النسخ الخطية و"ط": "الشربة"، والشرابة، جمعها شراريب: ضمة من خيوط توضع على طرف الحزام أو الثوب أو على الطربوش للزركشة. "معجم الألفاظ العامية" ص 92.
4 في "ط": "أبو بكر القاضي".

(1/103)


ويحرم المضبب بذهب "و ش" وقيل: كثير1، وقيل: لحاجة، ويحرم بفضة "و ش" واحتج بعضهم بأنه يحرم أبواب ذهب، وفضة، ورفوف، وإن كان تابعا بما يقضي أنه محل وفاق، فإن كثرت الضبة لحاجة، أو قلت لغيرها فوجهان "م 1 - 2" فإن قلت لحاجة أبيح "و" وقيل: يكره
ـــــــ
تنبيه: قوله في ضبة الذهب، وقيل لحاجة، قال ابن نصر الله: كذا في النسخ، ولعله لا لحاجة. وقال شيخنا: فهم من قوله وقيل كثير أن القليل لا يحرم على هذا القول مع الحاجة، وعدمها، فذكر قولا لا يحرم لحاجة، فكأنه قال: ويحرم القليل، وقيل لا يحرم، وقيل لا يحرم لحاجة، فهو عائد إلى القليل المفهوم من الكثير2، انتهى، وهو الصواب وهذا القول اختاره في الرعاية.
مسألة 1 – 2: قوله "فإن كثرت الضبة لحاجة أو قلت لغيرها فوجهان"، انتهى، شمل كلامه مسألتين:
المسألة الأولى-1: إذا كثرت الضبة لحاجة فهل تحرم أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم:
ـــــــ
1 في "ط": "كبير".
2 في "ص" و"ط": "انتهى"، وبعدها في "ح": "لا إلى الكثير".

(1/104)


................................
ـــــــ
أحدهما تحرم، وهو الصحيح، وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي: هذا المذهب. انتهى، وهو ظاهر ما قطع به في "المحرر"، و"الوجيز"، و"المنور" و"منتخب الآدمي"، وغيرهم، لاقتصارهم على إباحة اليسيرة، وجزم به في "الهداية"، و"فروع القاضي أبي الحسين"، و"خصال ابن البنا"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة"، و"المغني"1، و"الكافي"2، و"المقنع"3، و"الهادي"، و"شرح ابن منجى"، و"ابن رزين"، و"النظم"، وغيرهم، وقدمه في "الرعايتين" و"الحاويين"، و"مجمع البحرين"، و"الفائق" و"شرح العمدة" للشيخ تقي الدين، و"شرح ابن عبيدان" وغيرهم وصححه في "تجريد العناية"، وغيره.
والوجه الثاني: لا يحرم، اختاره ابن عقيل وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق أولى.
المسألة الثانية -2: إذا كانت الضبة يسيرة لغير حاجة: فهل يباح أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في "المغني"1، و"الكافي"، و"المحرر4"، و"الشرح" 5، و"مختصر ابن تميم"، و"شرح الزركشي" وغيرهم:
أحدهما لا تباح، وهو الصحيح، نص عليه، وقطع به في "الهداية"، و"فروع القاضي أبي الحسين"، و"خصال ابن البنا"، و"الخلاصة"، وغيرهم، وقدمه في "الحاوي الكبير"، و"شرح العمدة" للشيخ تقي الدين6 و"شرح ابن رزين"، وابن عبيدان، و"مجمع البحرين"، وغيرهم، وهو ظاهر كلامه في "المذهب" و"التلخيص"،
ـــــــ
1 1/104.
2 1/37.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 145.
4 1/36.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/150.
6 ليست في "ص" و"ط".

(1/105)


وتباح مباشرتها لحاجة، وبدونها قيل: تحرم، وهو ظاهر كلامه، وقيل تكره، وقيل تباح "م 3".
ـــــــ
والبلغة، وإدراك الغاية، والوجيز والمنور، ومنتخب الآدمي، وغيرهم، قال الناظم: وهو الأقوى، قال في تجريد العناية، لا تباح اليسيرة لزينة في الأظهر، قال في التلخيص والبلغة: وإذا كان التضبيب بالفضة وكان يسيرا على قدر حاجة الكسر فمباح، انتهى.
والوجه الثاني: لا يحرم، اختاره جماعة، قاله1 الزركشي. قلت: منهم القاضي، وابن عقيل، والشيخ تقي الدين، قال في الفائق: وتباح اليسيرة كغيرها2 في المنصوص، وقدمه في المستوعب، والرعايتين، والحاوي الصغير وشرح ابن منجى، ويحتمله كلام الشيخ في المقنع3.
تنبيه: على القول بعدم التحريم تباح على الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر، منهم القاضي، وابن عقيل وجزم به الشيرازي، وصاحب المستوعب، والشيخ في الكافي4، والرعاية الصغرى، والحاويين وغيرهم، وقدمه في الرعاية الكبرى قلت: ويؤخذ ذلك من كلام المصنف فيما إذا كانت يسيرة لحاجة، فإنه قدم الإباحة وإذا انتفى التحريم هنا كان حكمها حكم ما إذا كان لحاجة، وقيل: يكره، اختاره القاضي في تعليقه وأطلقهما ابن تميم.
مسألة- 3: قوله: "وتباح مباشرتها لحاجة، وبدونها قيل: تحرم، وهو ظاهر كلامه، وقيل: تكره، وقيل: تباح" انتهى، وأطلقهن ابن تميم، وابن عبيدان:
ـــــــ
1 في "ص" و"ط": "قال".
2 في "ص" و"ط": "لغيرها".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/150.
4 1/63-73.

(1/106)


والكثير ما كثر عرفا، وقيل: ما استوعب أحد جوانبه، وقيل: ما لاح على بعد.
والحاجة أن يتعلق به غرض غير الزينة في ظاهر كلام بعضهم قال شيخنا: مرادهم أن يحتاج إلى تلك الصورة، لا إلى كونها من ذهب وفضة، فإن هذه ضرورة، وهي تبيح المفرد1 وقيل: عجزه من إناء آخر،
ـــــــ
أحدهما2: تحرم، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، قال في المقنع3: فلا بأس بها إذا لم يباشرها بالاستعمال.
وقال في "الخلاصة"4، و"الرعاية الصغرى"، و"الحاويين": ولا تباشر بالاستعمال. قال في مجمع البحرين: حرام في أصح الوجهين واختاره ابن عقيل، والمصنف، انتهى. ولعله أراد في المقنع، قال الزركشي اختاره ابن عبدوس صاحب القاضي.
والوجه الثاني يكره، وهو الصحيح جزم به في الهداية، وخصال ابن البنا، والمذهب والمستوعب والمغني5، والكافي6، والتلخيص، والشرح7، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وحمل ابن منجى كلامه في المقنع7 على ذلك، وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثالث: يباح.
ـــــــ
1 "ب" و"س": "المنفرد".
2 في "ص" و"ط": "أحدهما".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/150.
4 ليست في "ص" و"ط".
5 1/150.
6 1/36-37.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/153.

(1/107)


واضطراره إليه، وقيل: عجزه عن ضبة غيرها "م 4".
والمموه، والمطلي، والمطعم، والمكفت1 ونحوه بأحدهما كالمصمت "هـ" وقيل: لا، قال أحمد: لا تعجبني الحلقة، وعنه هي من الآنية، وعنه أكرهها، وعند القاضي وغيره كضبة.
وثياب الكفار وأوانيهم مباحة إن جهل حالها "و هـ" وعنه: الكراهة "و م ش" وعنه المنع2، وعنه فيما ولي عوراتهم، وعنه المنع في الكل ممن تحرم ذبيحته؟ وكذا حكم ما صبغوه3، وآنية من لابس النجاسة كثيرا4 وثيابه، وقيل لأحمد عن صبغ اليهود بالبول فقال: المسلم والكافر في هذا سواء، ولا تسأل عن هذا، ولا تبحث عنه، فإن علمت فلا تصل فيه حتى تغسله. واحتج غير واحد بقول عمر رضي الله عنه في ذلك "نهانا الله عن التعمق والتكلف"5، وبقول ابن عمر في ذلك: "نهينا عن التكلف والتعمق" وسأله أبو الحارث6: اللحم يشترى من القصاب؟ قال: يغسل. وقال شيخنا: بدعة.
ـــــــ
7 مسألة- 4: قوله والحاجة أن يتعلق به غرض غير الزينة في ظاهر كلام بعضهم وقيل: عجزه عن إناء آخر، واضطراره إليه، وقيل عجزه عن ضبة غيرها، انتهى. القول الأول هو الصحيح، قطع به في المغني8، والكافي9،
ـــــــ
1 الكفت: أن يبرد الإناء حتى يصير فيه شبه المجاري في غاية الدقة، ويوضع فيها شريط دقيق من ذهب أو فضة، ويدق عليها حتى يلصق. "دقائق أولي النهى" 1/ 53.
2 بعدها في "س" و"ب" و"ط": و"عنه".
3 في الأصل "صنعوه".
4 بعدها في "ط": "وثيابه".
5 أورده ابن حجر في "الفتح" 13/271، من حديث ثابت بلفظ: نهينا عن التعمق والتكلف.
6 هو: أحمد بن محمد، الصائغ، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان أبو عبد الله يأنس به، وكان يقدمه ويكرمه، وجود الرواية عن أبي عبد الله ولم تذكر مصادر الترجمة تاريخ وفاته. "طبقات الحنابلة" 1/74.
7 ليست في "ح".
8 1/150.
9 1/36-37.

(1/108)


وبدن الكافر طاهر، وعند جماعة كثيابه، وقيل وكذا طعامه1 وماؤه.
ولا يطهر جلد نجس بموته بدبغه، نقله الجماعة ويجوز استعماله في يابس على الأصح، قيل بعد دبغه "و م" وقيل: وقبله "م 5" "و ش" فإن جاز أبيح الدبغ، وإلا احتمل التحريم، واحتمل الإباحة، كغسل نجاسة بمائع، وماء مستعمل وإن لم يطهر، كذا قال القاضي، وكلام غيره خلافه وهو
ـــــــ
والشرح2، وشرح ابن رزين، والزركشي وغيرهم، وقدمه ابن عبيدان وغيره، واختاره الشيخ تقي الدين وغيره، والقول الثالث احتمال لصاحب النهاية، والقول الثاني ظاهر كلام جماعة.
مسألة -5: قوله: "ويجوز استعماله"، يعني الجلد النجس إذا قلنا لا يطهر بالدبغ "في يابس على الأصح، قيل بعد دبغه وقيل وقبله"، انتهى.
أحدهما: لا يباح إلا بعد الدبغ لا غير، جزم به في الفصول، والمجد في شرحه، والشرح، ومختصر ابن تميم، والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم، وقدمه الزركشي، وعليه شرح ابن منجى، وابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان والمقنع3، قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة: لا يباح استعماله في
ـــــــ
1 بعدها في "س": "شرابه".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/153.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/164-165.

(1/109)


أظهر "م 6" ويأتي آخر باب إزالة النجاسة1. ونقل جماعة أخيرا طهارته "و هـ ش م ر" وعنه مأكول اللحم، اختارهما جماعة، والمذهب الأول عند الأصحاب، لعدم رفع المتواتر بالآحاد، وخالف شيخنا وغيره،
ـــــــ
اليابسات، مع القول بنجاسته في إحدى الروايتين، وهو أظهر للنهي عن ذلك.
والوجه الثاني: يباح بعده وقبله، وهو ظاهر كلامه في المغني2، والنظم، ومجمع البحرين، لكن تدليله3 يدل على الأول، واختاره أبو الخطاب وغيره، قال في الفائق: ويباح الانتفاع بها في اليابسات، اختاره الشيخ تقي الدين، انتهى فخالف هنا ما قاله في شرح العمدة وقدمه في الرعاية الكبرى، وقال: على الأظهر.
مسألة- 6: قوله فإن جاز يعني الاستعمال أبيح الدبغ، وإلا احتمل التحريم، واحتمل الإباحة، كغسل نجاسة بمائع وماء مستعمل، وإن لم يطهر، كذا قال القاضي وكلام غيره خلافه، وهو أظهر، انتهى. قال ابن تميم: ويباح فعل الدباغ وإن لم نقل أنه4 مطهر، إذا قلنا: يباح الانتفاع به في اليابس، وإلا ففيه وجهان. وقال في الرعاية الكبرى: فإن جاز استعماله في يابس جاز دبغه، وإن حرم فوجهان، انتهى، قلت: الصواب أنه أقرب إلى التحريم إذ لا فائدة في ذلك، وهو عبث، والظاهر أنه مراد المصنف بقوله وكلام غيره خلافه، وهو أظهر.
تنبيه: قوله بعد أن قدم أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ: ونقل جماعة أخيرا
ـــــــ
1 ص 346.
2 1/92-93.
3 في ح: "تعليله".
4 ليست في "ص".

(1/110)


ويؤيده نقل الجماعة لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، ونقل خطاب بن بشير1: كنت أذهب إليه ثم رأيت السنة كلها، وهو المذهب عند الأصحاب. وقال القاضي: وعندي أن أحمد رجع عن القول الأول، لأنه صرح به في رواية خطاب بن بشر1.
ـــــــ
طهارته وعنه مأكول اللحم، اختارهما جماعة، انتهى، قد يقال: لم يقدم المصنف حكما في هاتين الروايتين، وهو ما إذا قلنا يطهر بالدبغ: هل يشمل كل ما كان طاهرا في حال2 الحياة، أو لا يطهر إلا ما كان مأكول اللحم؟ فالمصنف حكى روايتين، وأكثر الأصحاب حكى وجهين، وأطلقهما في الفائق، وشرح ابن عبيدان، والزركشي، وغيرهم3:
أحدهما4: يطهر كل ما كان طاهرا في حال الحياة، وهو الصحيح، اختاره الشيخ الموفق، وصاحب التلخيص، والشارح، وابن حمدان في رعايتيه، والشيخ تقي الدين، وغيرهم، وقدمه في الحاويين، وهو ظاهر كلام جماعة كثيرة، لاقتصارهم على الرواية الأولى، وقد يقال: إنه ظاهر ما قدمه المصنف من الروايتين الأخيرتين5 لابتدائه بها.
والرواية الثانية: لا يطهر إلا ما كان مأكولا في حال2 الحياة، قال المصنف: اختاره جماعة "قلت" منهم المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وابن رزين في شرحه، والشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية، وجزم به في الفصول.
ـــــــ
1 في "ط": "بشير" وبشر هو: أبو عمر، خطاب بن بشر بن مطر، البغدادي، حدث عن عبد الصمد بن النعمان ومن بعده. "ت264هـ". "طبقات الحنابلة" 1/ 152.
2 في "ص" و"ط": "حالة".
3 في "ص": "وغيره".
4 في "ص" و"ط": "أحدهما".
5 في "ح": "الآخرتين".

(1/111)


وفي اعتبار غسله وجعل تشميسه دباغا وجهان ويتوجهان في تتريبه، أو ريح "م 7 - 9"، ولا يحصل بنجس. وفي الرعاية بلى1 ويغسل بعده "و هـ ش" وينتفع بما طهر "و" وقيل: ويأكل المأكول "و ق" ويجوز بيعه، وعنه لا "و م" كما لو لم يطهر "و" أو باع قبل الدبغ "و" نقله الجماعة،
ـــــــ
مسألة -7 – 9: قوله: "وفي اعتبار غسله وجعل تشميسه دباغا وجهان، ويتوجهان في تتريبه، أو ريح" انتهى، شمل كلامه مسائل:
المسألة الأولى- 7: هل يعتبر غسل المدبوغ بعد الدبغ أم لا؟ أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الفصول، والمذهب والكافي2، والتلخيص، والشرح3، ومختصر ابن تميم، والحاوي الكبير، والفائق وغيرهم:
أحدهما: يشترط غسله، وهو الصحيح، اختاره الشيخ الموفق، والمجد، قال في مجمع البحرين: يشترط غسله في أظهر الوجهين، قال ابن عبيدان: اشتراط الغسل أظهر، وصححه في الرعايتين، وحواشي المصنف، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: لا يشترط قلت: وهو أولى، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقال في الفصول: قال بعض مشايخنا وذلك يخرج على اختلاف الوجهين في الأثر بعد الاستجمار بالأحجار، هل هو4 طاهر أم لا؟ على وجهين، انتهى، قلت: الصحيح من المذهب أنه غير طاهر، وقدمه المصنف في باب إزالة النجاسة5 وغيره.
ـــــــ
1 في "س": "لا"، وفي هامشها: "بلى" نسخة.
2 1/42.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/174-175.
4 ليست في "ط".
5 ص 312.

(1/112)


وأطلق فيه أبو الخطاب أنه يجوز بيعه مع نجاسته، كثوب نجس، فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها، ولا فرق ولا إجماع كما قيل قال ابن القاسم المالكي1: لا بأس ببيع الزبل، قال اللخمي2: هذا من قوله يدل على بيع العذرة. و3قال ابن الماجشون: لا بأس ببيع العذرة، لأنه من منافع الناس، وتأتي المسألة أول البيع4، فعلى المنع يتوجه أنهما في
ـــــــ
المسألة الثانية – 8: هل يحصل الدباغ بتشميسه أم لا؟ أطلق فيه الخلاف، وأطلقه ابن تميم وصاحب الفائق:
أحدهما: لا يحصل الدباغ بذلك، وهو الصحيح، قدمه في التلخيص، والرعايتين، والحاوي الكبير، وحواشي المحرر، وغيرهم5. قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، لاشتراطهم الدبغ، وأن يكون يابسا6، ولم يذكروا هذا منها.
والوجه الثاني: يحصل الدبغ بذلك والله أعلم.
المسألة 7 الثالثة - 9: قوله: "ويتوجهان في تتريبه أو ريح" قلت: قد صرح ابن تميم وابن حمدان بإجراء الخلاف في التتريب، وكذا صاحب التلخيص، وقدم أنه لا يطهر، وهو الصواب فيهما، والظاهر أن المصنف لم يطلع على ذلك والله أعلم.
ـــــــ
1 هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي من أجل فقهاء المالكية عالم الديار المصرية ومفتيها "ت 191 هـ" السير "9/120".
2 أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي تلميذ الإمام مالك له تعليق كبير على المدونة سماه التبصير من مصنفاته: فضائل الشام "ت 478 هـ" ترتيب المدارك "4/797" الأعلام "4/328".
3 ليست في "ط".
4 "6/128".
5 ليست في "ح".
6 في "ح" "ناشئا".
7 في "ص" و"ط" الثانية".

(1/113)


الإثم سواء لقوله1 عليه السلام في الربا: "الآخذ والمعطي فيه سواء" 2 وقد يحتمل أن المشتري أسهل، للحاجة، كرواية في أرض الشام ونحوها، قال أشهب المالكي3 في شراء الزبل: المشتري أعذر فيه من البائع. وقال ابن عبد الحكم: هما سيان في الإثم لم يعذر الله واحدا منهما.
ويحرم استعمال جلد آدمي "ع" قال في التعليق وغيره: ولا يطهر بدبغه، وأطلق بعضهم وجهين، وجعل المصران وترا دباغ، وكذا الكرش، ذكره أبو المعالي، ويتوجه لا.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 في "ط": "لقوله".
2 أخرجه مسلم "1584" "82"، من حديث أبي سعيد الخدري.
3 هو: أبو عمرو، أشهب بن عبد العزيز بن داود، المصري الفقيه. قال أبو عمر بن عبد البر: كان فقيهاً حسن الرأي والنظر. "السير" 9/500.

(1/114)


وفي الخرز بشعر خنزير روايات الجواز "و هـ م" والكراهة، والتحريم "م 10" "و ش" ويجب غسل ما خرز به1 رطبا لتنجيسه، وعنه لا، لإفساد المغسول.
ـــــــ
مسألة -10: قوله: "وفي الخرز بشعر خنزير روايات، الجواز، والكراهة، والتحريم"، انتهى. وأطلقهن ابن عبيدان في شرحه:
إحداها: يحرم، وصححه في مجمع البحرين وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: يجوز من غير كراهة وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب ومختصر ابن تميم.
والرواية الثالثة: يكره جزم به في المنور وصححه في الحاويين وقدمه في الرعايتين. قلت: وهو أقرب إلى الصواب، وأطلق الجواز والكراهة في المغني2 والشرح3 وآداب المستوعب.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 1/109.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/184.

(1/115)


وفي لبس جلد ثعلب وافتراش جلد سبع روايتان "م 11 - 12".
ـــــــ
مسألة -11 – 12: قوله: "وفي لبس جلد ثعلب وافتراش جلد سبع روايتان"، انتهى، شمل كلامه مسألتين:
المسألة الأولى -11: أطلق في لبس جلد الثعلب روايتين. واعلم: أن فيه روايات:
إحداهن: الإباحة مطلقا، اختارها أبو بكر، وقدمها في الرعاية. وقال الشيخ تقي الدين: وأما الثعلب ففيه نزاع، والأظهر جواز الصلاة فيه.
والرواية الثانية: الإباحة في غير الصلاة نص عليها، وقدمها في الفائق.
والرواية الثالثة: الكراهة في الصلاة دون غيرها.
والرواية الرابعة: التحريم مطلقا، اختارها الخلال نقله عنه في التلخيص وأطلق الخلاف في التلخيص وابن تميم، والآداب الكبرى وقال في الرعاية: وقيل يباح لبسه، قولا واحدا، وفي كراهة الصلاة فيه وجهان انتهى.
وقال الشيخ الموفق والشارح وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم: الخلاف هنا مبني على الخلاف في حلها، انتهى والصحيح من المذهب عدم الحل فيكون المذهب عند هؤلاء تحريم لبسه على القول بأن الدبغ لا يطهر.
المسألة الثانية – 12: أطلق في افتراش جلد سبع روايتين. وأطلقهما في الفائق والرعاية الكبرى وحكاهما وجهين:
إحداهما: عدم الجواز، وهو الصحيح، اختاره القاضي والشيخ الموفق، والشارح1، وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم.
والرواية الثانية: الجواز اختاره أبو الخطاب، وبالغ حتى قال1 بجواز الانتفاع بجلود الكلاب في اليابس وشد البنوق2 ونحوه، ولم يشترط دباغا.
ـــــــ
1 ليست في "ص" و"ط".
2 البنيقة، كسفينة: لبنة القميص. "اللسان": "بنق".

(1/116)


ويجوز الانتفاع بالنجاسات في رواية1 "و هـ م ر" لكن2 كرهه أحمد، وجماعة، وعنه: وشحم لميتة "و ش" أومأ إليه في رواية ابن منصور3، ومال إليه شيخنا، وعنه المنع "م 13" "و م ر" ويعتبر أن لا ينجس، وقيل مائعا4. وصرح ابن الجوزي بالروايتين في ثوب نجس، وحمله صاحب النظم على ظاهره لكون ابن الجوزي قرنه بنجس العين. واحتج بعضهم
ـــــــ
تنبيه: قد قدم المصنف وغيره من الأصحاب كابن حمدان صاحب الحاوي الكبير كراهة لبس وافتراش جلد مختلف في نجاسته، فقال المصنف في باب ستر العورة وأحكام اللباس5: ويكره لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته، وقيل لا، وعنه يحرم. وفي الرعاية وغيرها إن طهر بدبغه لبسه بعده وإلا لم يجز، انتهى. "فمسألة" المصنف في هذا الباب فرد من أفراد المسألة التي في ستر العورة فيما يظهر، والله أعلم. "قلت" ويحتمل أن يكون مراد المصنف هنا بالروايتين على القول بالنجاسة وبالخلاف في ستر العورة بالنظر إلى كونه مختلفا فيه، لا إلى كونه نجسا، فعلى هذا ينتفي التكرار والاعتراض، ولكن يحتاج إلى تصريح بالخلاف في المسألتين من خارج، ويشكل عليه حكاية الخلاف في الصلاة6، والله أعلم.
مسألة- 13: قوله: "ويجوز الانتفاع بالنجاسات في رواية، لكن كرهه أحمد وجماعة... وعنه المنع" انتهى:
إحداهما: الجواز قدمه ابن تميم، فقال: ويجوز إيقاد السرجين النجس، انتهى، قال ابن حمدان في باب إزالة النجاسة، ويجوز ذلك في الأقيس، وإليه ميل ابن عبيدان
ـــــــ
1 في "ب": "وهـ".
2 ليست في "ب".
3 هو: أبو يعقوب، إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، المروزي، من تلاميذ الإمام أحمد الذين دونوا عنه المسائل في الفقه. "ت251هـ". "طبقات الحنابلة" 1/113، "المقصد الأرشد" 1/252.
4 تقديره: إن كان مائعاً.
5 2/81.
6 ليست في "ح".

(1/117)


بتجويز جمهور العلماء الانتفاع بالنجاسة لعمارة الأرض للزرع مع الملابسة لذلك عادة. قال ابن هبيرة في حديث حذيفة: "إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة1 قوم فبال قائما" 2، قال فيه إن الإنسان إذا قضى حاجته أو بال في سباطة غيره يجوز، ألا تراه يقول: أتى سباطة قوم، وما يذكر أنه استأذنهم. كذا قال، وفيه ما يدل على أن التراب الملقى إذا خالطه زبل أو نجاسة لم يحرم استعماله3 تحت الشجر والنخل والمزارع وسأله الفضل4 عن غسل الصائغ الفضة بالخمر، هل يجوز؟ قال: هذا غش، لأنها تبيض به.
ولا يطهر جلد غير مأكول ولو آدميا، قلنا: ينجس بموته "و. ر" قاله القاضي، وغيره بذبحه "هـ" كلحمه "و" فلا يجوز ذبح الحيوان لذلك "هـ" قال شيخنا ولو في النزع.
ولبن الميتة وإنفحتها5 وجلدتها نجس، وجزم به جماعة في الجلدة، وذكره فيها6 في الخلاف اتفاقا، وعنه طاهر مباح "و هـ"
ـــــــ
وابن عبد القوي في مجمع البحرين، واختاره الشيخ تقي الدين. قلت: و7هو الصواب، وتقدم كلام أبي الخطاب في الانتصار.
والرواية الثانية: المنع من ذلك، قال القاضي: لا يجوز إيقاد النجس أشبه دهن الميتة انتهى. "قلت" وهو ظاهر كلام جماعة.
ـــــــ
1 السباطة: الكناسة تطرح بأفنية البيوت. "القاموس": "سبط".
2 أخرجه البخاري "224"، ومسلم "273" "73"، من حديث أبي وائل.
3 في "س" و"ب": "استعمالها".
4 هو: أبو العباس القطان، الفضل بن زياد، البغدادي. ذكره أبو بكر الخلال، فقال: كان من المتقدمين عند أبي عبد الله، فوقع له منه مسائل كثيرة جياد. "طبقات الحنابلة" 1/251، "المنهج الأحمد" 2/148.
5 الإنفحة، بكسر الهمزة وفتح الفاء: كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل، فإذا أكل فهو كرش. "المطلع" ص 10.
6 ليست في "س" و"ط".
7 ليست في "ص" و"ط".

(1/118)


وصوفها وشعرها وريشها طاهر مباح، نقل الميموني1: صوف الميتة: ما أعلم أحدا كرهه، وعنه نجس "و ش" اختاره الآجري، قال: لأنه ميتة، وكذا من حيوان حي لا يؤكل، وعنه من طاهر طاهر2 وافق الشافعية عليه،
ـــــــ
تنبيه: قوله "وصوفها وشعرها وريشها طاهر مباح، وعنه نجس، وكذا من حيوان حي لا يؤكل، وعنه من طاهر طاهر" انتهى، في كلامه نظر من أوجه3:
أحدها: أن كلامه شمل الطاهر والنجس ويستثنى من ذلك شعر الكلب والخنزير قطعا.
الثاني: أن ظاهر ما قدمه أن هذه الأجزاء المنفصلة من الحيوان النجس4 طاهرة، وأنه المذهب، وليس الأمر كذلك، بل الصحيح من المذهب أنها من الحيوان الطاهر طاهرة ومن النجس نجسة على ما بينته في الإنصاف5، وهو الرواية الأخيرة.
والثالث: أن ظاهر قوله بعد ذلك "كجزه إجماعا" أن الإجماع عائد إلى شعر الحيوان الطاهر الذي لا يؤكل، وليس الأمر كذلك، وإنما الإجماع عائد إلى شعر الحيوان المأكول
ـــــــ
1 هو: عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران، الفقيه، كان عالم الرقة ومفتيها في زمانه، صحب الإمام أحمد. له عنه مسائل جياد. "ت274هـ". "المقصد الأرشد" 2/142.
2 ليست في "ب" و"س" و"ط".
3 في "ص" و"ط": "وجوه".
4 في "ص" و"ط": "الذي لا يأكل".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/184.

(1/119)


كجزه من مأكول1 "ع" وكشعر آدمي "ق" وإن لم ينتفع به على الأصح
ـــــــ
الرابع: قوله بعد ذلك "وكشعر آدمي" فيه عموم ويستثنى من محل الخلاف شعر النبي صلى الله عليه وسلم "قلت" وكذا شعر سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم أره والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ب" و"ط".

(1/120)


فيهما لحرمته، وقيل: ينجس شعر هر وما دونها بموته لزوال علة الطوف1 به.
وإن لم ينجس شعر غير آدمي جاز استعماله، وإلا ففي استعماله في يابس ولبسه في غير صلاة روايتان "م 14" واستثنى جماعة شعر كلب وخنزير وجلدهما.
ـــــــ
مسألة – 14: قوله: "وإن لم ينجس شعر غير الآدمي جاز استعماله وإلا ففي استعماله في يابس ولبسه في غير الصلاة روايتان"، انتهى، وأطلقهما في الآداب الكبرى، قال في الرعاية الكبرى: وهل يباح ثوب من شعر ما لا يؤكل مع نجاسته غير جلد كلب وخنزير؟ على روايتين وقيل: هما بناء على طهارته ونجاسته، وفي جواز استعماله في يابس أو2 لبسه في غير الصلاة روايتان، وعنه هو مباح من حيوان طاهر نجس بموته، لا من حيوان نجس حيا، انتهى. وقال ابن تميم: اختلف قوله في الثوب من شعر حيوان لا يؤكل لحمه فعنه هو طاهر مباح، وعنه هو نجس، وفي استعماله في اليابس، ولبسه في غير الصلاة روايتان، وعنه ما كان من حيوان طاهر فمباح، وما كان من نجس فلا، انتهى، فأطلقا الخلاف أيضا كالمصنف، وظاهر كلامه في الفصول وغيره المنع قلت: الصواب جواز استعماله في يابس ولبسه في غير الصلاة قياسا على استعمال جلد الميتة بعد الدبغ في اليابسات إذا قلنا لا يطهر على ما تقدم، وكذا قبل الدبغ على قول، وقد نص الإمام أحمد على جواز اتخاذ واستعمال المنخل من شعر نجس3 وقطع به ابن تميم وصاحب الفائق وابن حمدان ولكن اختار الكراهة وغيرهم.
ـــــــ
1 يريد قوله صلى الله عليه وسلم في الهرة: "إنها ليست بنجس؛ إنها من الطوافين عليكم والطوافات". أخرجه أبو داود "75"، والترمذي "92"، والنسائي في "المجتبى" 1/55، من حديث أبي قتادة.
2 في "ص" و"ط": "و".
3 ليست في "ص" و"ط".

(1/121)


وفي طهارة رطوبة أصله بغسله1، وذكر 2 شيخنا: وهو3 وجهان "م 15" ونقل عبد الله: لا بأس به إذا غسل. وكذا رواه الدارقطني4 عن أم سلمة مرفوعا وهو ضعيف، ونقل أبو طالب ينتفع بصوفها5 إذا غسل، قيل: فريش الطير؟ قال: هذا أبعد. وحرم في المستوعب نتف ذلك من حي لإيلامه، وكرهه في النهاية.
ـــــــ
مسألة- 15: قوله: "وفي طهارة رطوبة أصله بغسله... وجهان"، انتهى، وهما احتمالان مطلقان في الفصول، وأطلق الوجهين في المستوعب، والمغني6 والشرح7 ومجمع البحرين وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم:
وأحدهما يطهر، نقل عبد الله لا بأس به إذا غسل، ونقل أبو طالب ينتفع بصوفهما إذا غسل، قيل: فريش الطير؟ قال: هذا أبعد، فظاهره أنه يطهر وجزم به في الرعاية الصغرى، وقدمه في الكبرى وشرح ابن رزين وصححه في النظم.
والوجه الثاني لا يطهر قلت: وهو الصواب.
تنبيه: قوله وحرم في المستوعب نتف صوف وشعر وريش من حي لإيلامه وكرهه في النهاية، انتهى، ظاهره إطلاق الخلاف، والصواب ما قاله في المستوعب إن حصل إيلام، و8 قطع به في الرعاية الكبرى.
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ط".
2 في "ط": "ذكره".
3 بعدها في "ط": "بغسله".
4 في سننه 1/46 بلفظ: "لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل".
5 في "ط": "بصوفهما".
6 1/107.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/181-182.
8 ليست في "ص" و"ط".

(1/122)


وعظمها وقرنها وظفرها وعصبها نجس، وعنه طاهر "و هـ" قال بعضهم: فعلى هذا يجوز بيعه، اختاره ابن وهب المالكي1، فقيل: لأنه لا حياة فيه "و هـ" وقيل: وهو أصح، لانتفاء سبب التجنيس، وهي الرطوبة، وعلى نجاسة ذلك لا يباع كما سبق "و م" وجوز مطرف2 وابن الماجشون المالكيان بيع أنياب الفيل، وأجازه ابن وهب وأصبغ3 إذا دبغت بأن تغلى وتسلق.
وإن صلب قشر بيضة دجاجة ميتة فباطنها طاهر "م" وإلا فوجهان "م 16" ولا يحرم بسلقه في نجاسة نص عليه.
ـــــــ
مسألة -16: قوله "وإن صلب قشر بيضة دجاجة ميتة فباطنها طاهر وإلا فوجهان" انتهى، وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني4 والشرح5 والنظم والرعايتين ومختصر ابن تميم والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: هي نجسة، وهو الصحيح، عليه أكثر الأصحاب وقطع به القاضي أبو الحسين في فروعه وغيره، قال في الفصول: قاله6 أصحابنا وقدمه في الكافي7 والحاوي الكبير ومجمع البحرين وشرح ابن عبيدان وابن رزين والفائق وغيرهم.
ـــــــ
1 هو: أبو محمد، عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري، الحافظ. من مصنفاته: "الجامع"، "المناسك"، "المغازي"، وغيرها. "ت197هـ". "السير" 9/ 223.
2 هو: أبو مصعب، مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار، اليساري الهلالي. قال القاضي أبو الوليد الباجي: مطرف الفقيه، صاحب مالك. "ت220هـ". "شجرة النور" ص /57.
3 هو: أبو عبد الله، أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع، المصري المالكي، مفتي الديار المصرية وعالمها، حدث عنه البخاري، والترمذي، ويحيى بن معين، وغيرهم. "ت25هـ". "السير" 10/656.
4 1/101.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/177.
6 في "ص" و"ط": "قال".
7 1/44.

(1/123)


................................
ـــــــ
والوجه الثاني: هي طاهرة اختاره ابن عقيل. قلت: وهو قوي وإليه ميله في المغني1.
فهذه ست عشرة مسألة قد فتح الله علينا بتصحيحها.
ـــــــ
1 1/101.

(1/124)


باب الاستطابة
الأقوال في استقبال القبلة و استدبارها حال التخلي
...
باب الاستطابة
قال في الخلاف وغيره: قال أهل اللغة يقال: استطاب، وأطاب إذا استنجى.
استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي: فيه روايات، الثالثة جوازهما في بناء، اختاره الأكثر، "و م ش" الرابعة جواز الاستدبار فيهما، الخامسة جوازه في بناء "م 1" ويكفي انحرافه عن الجهة، نقله أبو داود1، ومعناه في
ـــــــ
مسألة- 1: قوله: استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي فيه روايات: الثالثة جوازهما في بناء، اختاره الأكثر، الرابعة جواز الاستدبار فيهما، الخامسة جوازه في بناء انتهى.
إحداهن: جواز الاستقبال والاستدبار في البنيان دون الفضاء وهو الصحيح من المذهب، قال المصنف هنا اختاره الأكثر قال الشيخ تقي الدين: هذا المنصور عند الأصحاب، انتهى، وجزم به في الإيضاح وتذكرة ابن عقيل والعمدة والطريق الأقرب والمنور والتسهيل وغيرهم وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم ومجمع البحرين والحاويين والفائق قال في مجمع البحرين: هذا تفصيل المذهب، واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره، وصححه الشيخ في المغني2 والشارح3 وابن عبيدان وغيرهم.
الرواية الثانية: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان جزم في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الرعايتين، واختاره أبو بكر عبد العزيز، والشيخ تقي الدين وصاحب الهدي والفائق وابن رزين وغيرهم.
والرواية الثالثة: يجوز الاستقبال والاستدبار فيهما. قلت: وهي بعيدة جدا وإدخال
ـــــــ
1 هو: سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب "السنن". "ت275هـ". "مختصر طبقات الحنابلة" ص 118.
2 1/220.
3 في المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 203.

(1/125)


الخلاف وفي جامعه الكبير، احتج لوجوب توجه المصلي إلى العين
ـــــــ
المصنف هذه الرواية في الخلاف المطلق فيه نظر ظاهر، وإن كان ورد في ذلك حديث1 لكنه ضعيف، أو يحمل على أنه كان في البنيان أو مستترا بشيء فلا يقاوم الأحاديث الصحيحة2.
والرواية الرابعة: يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان3، ولا يجوز الاستقبال فيهما.
والرواية الخامسة: يجوز الاستدبار في البنيان فقط، وحكاها ابن البنا في كامله وجها وهو ظاهر ما قطع به الشيخ في المقنع4 وقال في المبهج، ويجوز استقبال القبلة إذا كان ريح في غير جهتها، انتهى.
قلت: متى حصل ضرر بعدم استقبالها ساغ استقبالها، ولعله مراد من أطلق وقال الشريف أبو جعفر في رءوس المسائل: يكره استقبال القبلة في الصحارى ولا يمنع في البنيان. وقال في الهداية والمذهب الأحمد: لا يجوز لمن أراد قضاء الحاجة استقبال القبلة ولا استدبارها في الفضاء، وإن كان في البنيان جاز في إحدى الروايتين، والأخرى لا يجوز في الموضعين. وقال في المذهب: يحرم استقبال القبلة إذا كان في الفضاء رواية واحدة، وفي الاستدبار روايتان، 3 فإن كان في البنيان ففي جواز الاستقبال والاستدبار روايتان. وقال في التلخيص: لا يستقبل القبلة، وفي الاستدبار روايتان، ويجوز ذلك في البنيان في أصح الروايتين. وقال في المقنع4: ولا يجوز أن يستقبل القبلة في الفضاء وفي استدبارها فيه واستقبالها في البنيان روايتان، انتهى، فتلخص في المسألة طرق.
ـــــــ
1 هو: ما أخرجه ابن ماجة "324"، عن عائشة قالت: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة، فقال: "أراهم قد فعلوا، استقبلوا بمقعدي القبلة".
2 أخرج البخاري "144"، ومسلم "264" "59" عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا".
3 ليست في "ح".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/203-204.

(1/126)


بأن التوجه ثبت للكعبة للتعظيم، فيستوي فيه المواجهة، والغيبة، كالمنع من الاستقبال بالبول. قال: ومن ذهب إلى توجه المصلي إلى الجهة يقول: الاستقبال والاستدبار بالبول يحصل إلى الجهة في حال الغيبة، وظاهر كلام صاحب المحرر وحفيده1: لا يكفي.
ويكفي الاستتار في الأشهر بدابة، وجدار، وجبل ونحوه، وفي إرخاء ذيله ويتوجه وجهان "م 2" وظاهر كلامهم لا يعتبر قربه منها كما لو كان في بيت، ويتوجه وجه:2 كسترة صلاة، ويؤيده أنه يعتبر نحو آخرة الرجل، لتستر أسافله.
ويكره استقبالها في فضاء باستنجاء واستقبال الشمس، والقمر،
ـــــــ
مسألة- 2: قوله: "ويكفي الاستتار في الأشهر بدابة وجدار وجبل ونحوه وفي إرخاء ذيله يتوجه وجهان" انتهى. قلت: الصواب الاكتفاء بذلك حيث أمن التنجيس وهو موجود في تعليلهم.
ـــــــ
1 يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
2 ليست في "ط".

(1/127)


كالريح، وقيل: لا كبيت المقدس في ظاهر نقل إبراهيم بن الحارث1، وهو ظاهر ما في الخلاف، وحمل النهي حين كان قبلة، ولا يسمى بعد النسخ قبلة، وذكر ابن عقيل في النسخ بقاء حرمته، وظاهر نقل حنبل2 فيه يكره "و ش" وعند أبي الفرج: حكم شمس وقمر كالقبلة، وهو سهو.
ويستحب تقديم رجله اليسرى داخلا، وقول: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، روى البخاري3 إذا أراد دخوله. وفي رواية لمسلم4: "أعوذ بالله". وفي كلام أحمد وغيره أعوذ بالله، والأمر به.
ويكره دخوله بما فيه ذكر الله تعالى بلا حاجة، وعنه لا. وفي المستوعب وغيره تركه أولى وجزم بعضهم بتحريمه، كمصحف، ويجعل فص خاتم فيه ذكر الله تعالى في باطن كفه ولا بأس بدراهم ونحوها، نص عليهما، ويتوجه في حرز مثلها، وقال صاحب
ـــــــ
تنبيهان:
أحدهما: قوله: "ويكره... استقبال الشمس والقمر كالريح وقيل لا كبيت المقدس في ظاهر نقل إبراهيم بن الحارث وهو ظاهر ما في الخلاف وحمل النهي حين كان قبلة، ولا يسمى بعد النسخ قبلة، وذكر ابن عقيل في النسخ بقاء حرمته، وظاهر نقل حنبل فيه يكره" انتهى. وظاهر كلام المصنف في التوجه إلى بيت المقدس إطلاق الخلاف قلت: ظاهر كلام الأصحاب عدم الكراهة، كما قال القاضي وغيره.
الثاني: قوله: "ولا بأس بدراهم ونحوها نص عليهما" انتهى، فجزم بأنه لا
ـــــــ
1 هو: إبراهيم بن الحارث بن مصعب، من أهل طرسوس. من كبار أصحاب الإمام أحمد. "ت265هـ" "طبقات الحنابلة" 1/94، "المقصد الأرشد" 1/221.
2 هو: "أبو علي، حنبل بن إسحاق بن حنبل، ابن عم الإمام أحمد. له عنه مسائل جيدة. "ت273هـ" "طبقات الحنابلة" 1/ 143، "المقصد الأرشد" 1/ 365، العبر 2/51.
3 في صحيحه "142"، من حديث أنس.
4 في صحيحه "375".

(1/128)


النظم: وأولى.
وينتعل، ويعتمد على رجله اليسرى، ويكره أن يتكلم ولو رد سلام، نص عليه، وقال: لا ينبغي أن يتكلم، وكرهه الأصحاب، وإن عطس حمد بقلبه، وعنه وبلفظه، وكذا إجابة المؤذن، وذكره أبو الحسين وغيره، وجزم صاحب النظم بتحريم القراءة في الحش وسطحه وهو متجه على حاجته، وظاهر كلام صاحب المحرر وغيره تكره، لأنه ذكر أنه أولى من الحمام لمظنة نجاسته، وكراهة ذكر الله فيه خارج الصلاة، وفي الغنية1 لا يتكلم، ولا يذكر الله، ولا يزيد على التسمية والتعوذ.
ولبثه فوق حاجته مضر عند الأطباء، وهو كشف لعورته خلوة بلا حاجة، وفي تحريمه وكراهته روايتان "م 3" واختار القاضي وغيره الكراهة، واختار صاحب المحرر وغيره التحريم، وهي مسألة سترها عن الملائكة والجن، وذكره أبو المعالي، ويأتي في أحكام الجن في آخر صلاة الجماعة2، ومعناه
ـــــــ
بأس بذلك في الخلاء وهو مستثنى من كراهة دخول الخلاء بما فيه ذكر الله تعالى بلا حاجة، وقد جزم بذلك جماعة "قلت" ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن حمل الدراهم ونحوها في الخلاء كغيرها في الكراهة، ثم رأيت ابن رجب ذكر في كتاب الخواتم أن أحمد نص على كراهة ذلك في رواية إسحاق بن هانئ، فقال في الدراهم: إذا كان فيه اسم الله أو مكتوبا عليه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الاخلاص:1] يكره أن يدخل اسم الله الخلاء، انتهى.
مسألة- 3: قوله: "ولبثه فوق حاجته مضر عند الأطباء وهو كشف لعورته خلوة بلا حاجة، وفي تحريمه وكراهته روايتان" انتهى، وأطلقهما ابن تميم:
ـــــــ
1 1/146.
2 2/468.

(1/129)


في الرعاية، ويوافقه كلام صاحب المجرد في ذكر الملائكة، فإنه احتج للتحريم بما رواه الترمذي1 عن ابن عمر مرفوعا: "إياكم والتعري، فإن
ـــــــ
إحداهما: يحرم وهو الصحيح، وجزم به في التلخيص والمستوعب، فقال: وستر العورة واجب في الصلاة وغيرها، وصححه المجد في شرحه، وابن عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وصاحب الحاوي الكبير وغيرهم وقدمه في الرعايتين.
والرواية الثانية: يكره اختاره القاضي وغيره، وقدمه في الفائق، وقدم في النظم أنه غير محرم، وعنه يجوز من غير كراهة، ذكرها المصنف في النكت وهو وجه ذكره أبو المعالي وصاحب الرعاية.
تنبيهان:
الأول: على القول بالتحريم أو الكراهة لا فرق بين أن يكون في ظلة2 أو حمام، أو بحضرة ملك، أو جني، أو حيوان يهيم أو لا، ذكره في الرعاية وغيره. وقال المصنف عن هذه المسألة: هي مسألة سترها عن الملائكة والجن، ذكره أبو المعالي.
الثاني: في لبثه فوق حاجته روايتان:
إحداهما الكراهة لا غير جزم به في الفصول، والكافي3 ومختصر ابن تميم وشرح ابن عبيدان وحواشي المصنف على المقنع والمنور ومنتخب الآدمي، واختاره القاضي وغيره.
والرواية الثانية: التحريم، اختاره المجد وغيره. إذا علم ذلك فظاهر كلام المصنف أن هذه المسألة فرد من أفراد المسألة الأولى وهو ظاهر كلام جماعة، وظاهر كلام ابن تميم، وابن عبيدان وغيرهما أن هذه المسألة غير تلك، لقطعهم هنا بالكراهة،
ـــــــ
1 في سننه "2800".
2 في "ح": "ظلمة".
3 1/113.

(1/130)


معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم، وأكرموهم". وكذا رفع ثوبه قبل دنوه من الأرض "م 4" بلا حاجة. وحيث لم يحرم "ش" كره، وفي كلام ابن تميم جاز، وعنه يكره، كذا قال.
ويكره بوله في شق وسرب1 وماء راكد وقليل جار في المنصوص، وفي إناء بلا حاجة، ومستحم غير مبلط، وعنه ومبلط، وفي مقير روايتان "م 5" وذكر جماعة ونار. وفي المستوعب وغيره وقزع، وهو الموضع المتجرد من النبت بين بقايا منه. وفي الرعاية ورماد، وفي
ـــــــ
وذكرهم الخلاف هناك في التحريم والكراهة، فالمسألة الأولى عند هؤلاء هي كشف العورة في خلوة بلا حاجة. والمسألة الثانية هي زيادة لبثه فوق حاجته، والفرق قد يتجه بأن يقال زيادة لبثه في الخلاء تبع لمباح، بخلاف فعل ذلك ابتداء من غير حاجة، لأنه قد يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا، والله أعلم.
مسألة -4: قوله: "وكذا رفع ثوبه قبل دنوه من الأرض" يعني هل يحرم أم يكره؟ أطلق الخلاف:
إحداهما: يكره، وهو الصحيح، جزم به في الفصول، والمغني2 وشرح ابن منجى، وشرح العمدة للشيخ تقي الدين، والمنور ومنتخب الآدمي، وغيرهم لأنه يسير.
والرواية الثانية: يحرم.
مسألة -5: قوله: "ويكره بوله في شق" وكذا وكذا ثم قال: "في مقير روايتان".
ـــــــ
1 السرب، بفتحتين: البيت في الأرض لا منفذ له وهو الوكر. "المصباح": "سرب".
2 1/224.

(1/131)


تحريمه في طريق مأتي، ومورد ماء، وظل نافع، وتحت شجرة مثمرة، وتغوطه في1 جار وجهان "م 6 - 10"، وأطلق أحمد النهي عن بوله في راكد، وأطلق الآمدي البغدادي تحريمه فيه. وفي النهاية1: يكره تغوطه فيه،
ـــــــ
انتهى، وهو عمل المقير مكان البلاط في المستحم، وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان.
إحداهما: لا يكره وهو الصحيح جزم به في المجد في شرحه وابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان وغيرهم.
والرواية الثانية: يكره وهو ظاهر كلام جماعة قال في المغني2 والشرح3 وغيرهما ولا يبول في مغتسله وأطلقوا.
مسألة -6 – 10: قوله: "وفي تحريمه في طريق مأتي ومورد ماء وظل نافع وتحت شجرة مثمرة وتغوطه في جار وجهان" انتهى، اشتمل كلامه على مسائل:
المسألة الأولى- 6: هل يحرم البول في طريق مأتي أم يكره؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يكره وهو الصحيح، جزم به في الفصول ومسبوك الذهب، والكافي4 والشرح5 وغيرهم، وهو ظاهر كلامه في المقنع5 وغيره.
والوجه الثاني: يحرم، جزم به في المغني6 ومختصر ابن تميم وتذكرة ابن عبدوس، والمنور ومنتخب الآدمي، وشرح ابن رزين وغيرهم.
قلت: وهو ظاهر الأحاديث وقواعد المذهب تقتضيه.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 1/226.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/199.
4 1/112.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/197.
6 1/224.

(1/132)


ويحرم على ما نهي عن الاستجمار به لحرمته.
ـــــــ
المسألة الثانية – 7: هل يحرم البول في مورد الماء أم يكره؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يكره، وهو الصحيح، جزم به في الكافي1 والشرح2 وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
والوجه الثاني يحرم، جزم به في المغني3 ومختصر ابن تميم وشرح ابن رزين وغيرهم. قلت: هي كالتي قبلها.
المسألة الثالثة- 8: هل يحرم البول في الظل النافع، أم يكره؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يكره، وهو الصحيح، جزم به في مسبوك الذهب والكافي1 والشرح4 وغيرهم. وفي ظاهر كلامه في المقنع4 وغيره.
والوجه الثاني: يحرم جزم به في المغني5 ومختصر ابن تميم وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم.
المسألة الرابعة- 9: هل يحرم البول تحت الشجرة المثمرة أم يكره؟ أطلق الخلاف:
ـــــــ
1 1/112.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/198.
3 1/224.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/197.
5 1/225.

(1/133)


وفي النهاية يكره على الطعام كعلف دابة، وهو سهو.
ويقدم اليمنى خارجا، ويقول: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني1.
ـــــــ
أحدهما: يكره، وهو الصحيح، جزم به في مسبوك الذهب، والكافي1 والشرح 2 وتذكرة ابن عبدوس، والمنور، والمنتخب الآدمي وغيرهم.
والوجه الثاني: يحرم، جزم به في المغني3 ومختصر ابن تميم وشرح ابن رزين وغيرهم.
قلت: التحريم في هذه المسائل الأربع قوي. وقال في مجمع البحرين: إن كانت الثمرة له كره، وإن كانت لغيره حرم، انتهى.
المسألة الخامسة -10: هل يحرم تغوطه في الماء الجاري أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يحرم وهو الصحيح، جزم به في المغني4 والشرح3، وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: لا يحرم بل يكره، جزم به في المجد في شرحه وابن تميم في مختصره وصاحب مجمع البحرين والحاوي الكبير وغيرهم، ونصره ابن عبيدان وقال في الرعاية الكبرى ولا يتغوط في ماء جار "قلت" إن نجس به انتهى، وقال ابن عقيل إن كان الماء يسيرا وعليه متوضئ حرم، وإن كان كثيرا، وكل جرية منه لا تتغير ببوله لم يحرم، انتهى.
ـــــــ
1 قوله صلى الله عليه وسلم: "غفرانك"، أخرجه داود "30"، والترمذي من حديث عائشة: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي..." الحديث، فقد أخرجه ابن ماجه "301" من حديث أنس.
2 1/112.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/197-199.
4 1/225.

(1/134)


ولا يكره البول قائما "و م" بلا حاجة إن أمن تلوثا وناظرا، وعنه يكره. وفي النصيحة للآجري فيه وفي غيره، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الأدب في ذلك ما يجب عليهم علمه والعمل به.
والأولى أن يقول: أبول ولا يقول أريق الماء. وفي الفصول عن بعض أصحابنا يكره. وفي النهي خبر ضعيف1، وفي الصحيحين 2 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في إسلام أبي ذر: "أن عليا قال له: إن رأيت شيئا أخاف عليك، قمت كأني أريق الماء". قال ابن هبيرة: فيه دليل على جوازه، وعن عمر رضي الله عنه؛ أنه نهى عنه قال: وكلاهما له معنى.
ويبعد في الفضاء؛ ويستتر، ويقصد مكانا رخوا، وفي التبصرة علوا.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 أخرج ابن عدي في "الكامل" 7/19، من رواية نعيم بن حماد بسند إلى أبي هريرة رفعه."لاتقل: أهريق الماء، ولكن قل: أبول". واستنكر رفعه. وضعفه الحافظ عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 1/132، وقد صح عند مسلم "1280"، أن أسامة قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات، فما انتهى إلى الشعب، نزل فبال. قال النووي في "شرح مسلم" 5/41: فيه استعمال صرائح الألفاظ التي تستبشع.
2 البخاري "3861"، مسلم "2474".

(1/135)


فصل: فإذا فرغ مسح بيساره ذكره من أصله،
وهو الدرز1؛ أي من حلقة الدبر إلى رأسه، ثم ينتره ثلاثا، نص على ذلك، وظاهره يستحب ذلك كله، ثلاثا، وقاله الأصحاب، وذكر جماعة ويتنحنح، زاد بعضهم ويمشي خطوات، وعن أحمد رضي الله عنه نحو ذلك. وقال شيخنا: ذلك كله بدعة، ولا يجب باتفاق الأئمة، وذكر في شرح العمدة قولا يكره نحنحة ومشي ولو احتاج إليه لأنه وسواس. وقال الشيخ: يستحب أن يمكث بعد بوله قليلا، ويكره بصقه على بوله للوسواس.
ثم يتحول للاستنجاء مع خوف التلوث وهو واجب "م ر" ولو لم يزد على درهم "هـ" لكل خارج، وقيل نجس ملوث وهو أظهر "و ش" لا من ريح "و" قال في المبهج لأنها عرض بإجماع الأصوليين، كذا قال. وفي الانتصار منع الشرع منه2، وهي طاهرة. وفي النهاية نجسة، فتنجس ماء يسيرا، والمراد على المذهب، أو إن تغير بها. وفي الانتصار طاهرة لا ينتقض3 الوضوء بنفسها، بل بما يتبعها من النجاسة فتنجس ماء يسيرا.
ويعفى عن خلع السراويل للمشقة، كذا قال4، وقيل: لا استنجاء من نوم وريح
ـــــــ
تنبيه: قوله: وقيل لا استنجاء من نوم وريح، انتهى، قال شيخنا في
ـــــــ
1 في "ط": "الدبر".
2 روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من استنجى من ريح فليس منا". ابن عدي في "الكامل" "4/1352. ط. دار الفكر".
3 في النسخ الخطية: "ينتقض"، والمثبت من "ط".
4 يعني: أبا الخطاب الكلوذاني في "الانتصار" 1/350.

(1/136)


وأن أصحابنا بالشام قالت: الفرج ترمص1 كما ترمص2 العين، وأوجبت غسله، ذكره أبو الوقت الدينوري، ذكره ابن الصيرفي.
ويبدأ رجل وبكر بقبل: وقيل: بالتخيير كثيب، وقيل فيها يبدأ بالدبر، ويبدأ بالحجر، فإن بدأ بالماء فقال أحمد يكره. ويجزئه أحدهما وجمعهما أولى "و" والماء أفضل، وعنه الحجر، فإن تعدى الخارج موضع العادة وجب الماء كتنجيسه بغير الخارج، وقيل: على الرجل، ونص أحمد لا يستجمر في غير المخرج، وقيل: يستجمر في الصفحتين والحشفة "و ش" واختار شيخنا وغيره ذلك، للعموم، وظاهر كلامهم لا يمنع القيام الاستجمار ما لم يتعد الخارج "ش".
ولا يجب الماء لغير المتعدي نص عليه، وقيل بلى، ويتوجه مع اتصاله، ولا للنادر "م".
ويجب ثلاث مسحات "هـ م" مع الإنقاء "و" فإن زاد عليها استحب القطع على وتر. والإنقاء بالحجر بقاء أثر لا يزيله إلا الماء، وقال الشيخ:
ـــــــ
حواشيه كذا في النسخ، ولعله وقيل بالاستنجاء من نوم وريح، أو وقيل يجب الاستنجاء من نوم وريح، وهو كما قال، وقد قال في الفائق: ولا يجب من نوم، نص عليه، وأوجبه حنابلة الشام، ذكره ابن الصيرفي، انتهى.
ـــــــ
1 في الأصل: "رمض".
2 ص 229.

(1/137)


خروج الحجر الأخير لا أثر به إلا يسيرا، ولو بقي ما يزول بالخرق أو الخزف لا بالحجر؛ أزيل على ظاهر الأول، لا الثاني، والإنقاء بالماء خشونة المحل كما كان، واكتفى في المذهب بالظن، وجزم به جماعة. وفي النهاية بالعلم، ويتوجه مثله طهارة الحدث. وذكر أبو البركات وغيره يكفي، لخبر عائشة: "حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته" 1 ويأتي في الشك في عدد الركعات2. وفي تعميم المحل بكل مسحة روايتان "م 11"، وفي وجوب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة وجهان،
ـــــــ
مسألة -11: قوله: "وفي تعميم المحل بكل مسحة روايتان" انتهى وحكاهما الزركشي وجهين، وأطلقهما هو وابن تميم:
إحداهما: يجب تعميم المحل بكل مسحة، وهو الصحيح اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل وجزم به في المذهب، ومسبوك الذهب، والحاوي الكبير وقدمه في المغني3، والشرح4، وشرح ابن عبيدان وغيرهم قلت: وهو ظاهر كلام الأصحاب.
والرواية الثانية: لا يجب تعميم المحل بكل مسحة، ذكرها ابن الزاغوني قال الشيخ الموفق: ويحتمل أن يجزئه لكل جهة مسحة، لظاهر الخبر5، قال في
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "272".
2 2/317.
3 1/210.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/230-231.
5 أخرج الدارقطني في "السنن" 1/56، والبيهقي في "السنن" 1/114 عن سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال: "أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار: حجرين للصفحتين، وحجر للمسربة".

(1/138)


والنص عدمه "م 12 - 13" فلا تدخل يدها وإصبعها بل ما ظهر "و ش" نقل جعفر إذا اغتسلت فلا تدخل يدها في فرجها، قال في الخلاف: أراد ما غمض في1 الفرج، لأن المشقة تلحق فيه. قال ابن عقيل وغيره: هو باطن. وقال أبو المعالي والرعاية وغيرهما: هو في حكم الظاهر، وذكره
ـــــــ
الرعاية الكبرى: يسن أن يعم المحل بكل مسحة بحجر مرة، وعنه بل كل جانب منه بحجر مرة، والوسط بحجر مرة، وقيل: يكفي كل جهة مسحها ثلاثا بحجر، والوسط مسحه ثلاثا بحجر انتهى.
مسألة: 12-13: قوله "وفي وجوب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة وجهان، والنص عدمه" انتهى.
أحدهما: لا يجب، وهو الصحيح، نص عليه، واختاره المجد وحفيده وغيرهما، وقدمه في مجمع البحرين وشرح ابن عبيدان والفائق، ومختصر ابن تميم وغيرهم.
والوجه الثاني: يجب اختاره القاضي، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير قال في الرعاية الكبرى: وتغسل المرأة الثيب نجاسة باطن فرجها إن قلنا بنجاسة رطوبته لأنه في حكم الظاهر، فإن نجس أو مخرج الحيض ببول أو غيره وجب غسله في رواية، وقيل يسن غسله: ثم قال بعد ذلك والنص أنه لا يجب غسل باطن فرج المرأة من جنابة ولا نجاسة، انتهى، وقد نقل المصنف عن أبي المعالي والرعاية وغيرهما أنه في حكم الظاهر، وأن صاحب المطلع ذكره عن أصحابنا. وقال في الحاوي الكبير: ويحتمل أن يجب إيصال الماء إلى باطن الفرج، إلى حيث يصل الذكر إن كانت ثيبا، انتهى، وقيل: إن كان في غسل الحيض وجب إيصال الماء إلى باطن الفرج، ولا يجب من غسل الجنابة.
ـــــــ
1 في "ط": "من".

(1/139)


في المطلع عن أصحابنا، واختلف كلام القاضي. وعلى ذلك يخرج إذا خرج ما احتشته ببلل: هل ينقض؟ قال في الرعاية: لا، لأنه في حكم الظاهر. وقال أبو المعالي: إن ابتل ولم يخرج من مكانه فإن كان بين الشفرين نقض، وإن كان داخلا لم ينقض، وقاله الحنفية، قالوا: وإن أدخلت إصبعها فيه انتقض، لأنها لا تخلو من بلة، ويتوجه عندنا الخلاف، ويخرج على ذلك أيضا فساد الصوم بوصول إصبعها أو حيض إليه، والوجهان في حشفة الأقلف1، وذكر بعضهم أن حكم طرف القلفة كرأس الذكر "م 14" وأوجب الحنفية ما لا مشقة فيه من الفرج، دون الأقلف، والدبر
ـــــــ
تنبيه: ظاهر قوله: "قال ابن عقيل وغيره هو باطن، وقال أبو المعالي والرعاية وغيرهما: هو في حكم الظاهر، وذكره في المطلع عن أصحابنا، واختلف كلام القاضي" أن الخلاف مطلق في ذلك، أعني هل ما أمكن غسله من الفرج في حكم الظاهر أو الباطن، ويكون كالمسألة التي قبلها فعلى هذا يكون الصحيح أنه في حكم الباطن موافقة للنص وهذه2
مسألة- 13: أخرى ويحتمل أن يكون الخلاف هناك على القول بأنه في حكم الظاهر وإنما لم يجب غسله للمشقة، والله أعلم.
مسألة -14: قوله: "والوجهان في حشفة الأقلف وذكر بعضهم أن حكم طرف القلفة كرأس الذكر" انتهى. وقد علمت الصحيح من الوجهين في ذلك. وقال في الرعاية الكبرى بعد أن جعل حكمهما واحدا، وقيل وجوب غسل حشفة الأقلف المفتوق أظهر، انتهى. وجزم به في المغني3، والشرح4، وشرح ابن رزين والنظم والحاوي الصغير والرعاية الصغرى ومختصر ابن تميم وغيرهم، وقدمه
ـــــــ
1 هو الذي لم يختتن. "القاموس": "قلف".
2 هنا نهاية السقط في النسخة "ص".
3 1/218.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 216.

(1/140)


في حكم الباطن لإفساد الصوم بنحو الحقنة، ولا يجب غسل نجاسته. وأثر الاستجمار نجس "و" ويعفى عن يسيره "و" وعنه طاهر، اختاره جماعة.
ومن استنجى نضح فرجه وسراويله، وعنه لا، كمن استجمر.
ومن ظن خروج شيء فقال أحمد: لا يلتفت إليه حتى يتيقن واله1عنه، فإنه من الشيطان، فإنه يذهب إن شاء الله تعالى، ولم ير أحمد حشو الذكر في ظاهر ما نقله عبد الله، وأنه لو فعل فصلى ثم أخرجه فوجد بللا فلا بأس، ما لم يظهر خارجا، وكره الصلاة فيما أصابه الاستجمار حتى يغسله، ونقل صالح أو يمسحه ونقل عبد الله لا يلتفت إليه.
ويجوز بكل طاهر منق مباح، وفيه رواية مخرجة، ويحرم في الأصح بجلد سمك أو حيوان مذكى، وقيل: مدبوغ، وحشيش رطب، ولا يجوز بمطعوم ولو بطعام2 بهيمة، صرح به جماعة، منهم أبو الفرج وروث "هـ م" وعظم "هـ م" ومحترم كما فيه ذكر الله، قال جماعة وكتب حديث وفقه وفي الرعاية وكتابة مباحة ومتصل بحيوان "و ش" خلافا للأزجي، وفي النهاية وذهب وفضة "و ش" ولعله مراد غيره لتحريم استعماله وفيها أيضا وحجارة الحرم "و ش" وهو سهو، وانفرد شيخنا بإجزائه بروث وعظم، وظاهر كلامه وبما نهى عنه، قال: لأنه لم ينه عنه، لأنه لا ينقي بل لإفساده، فإذا قيل: يزول بطعامنا مع التحريم، فهذا أولى.
ـــــــ
في "الكبرى" قلت: وهذا الصواب والظاهر: أن محل الخلاف فيما إذا كانت الحشفة
ـــــــ
1 في "ط": "زواله".
2 في "ط": "بطعام".

(1/141)


وإن استجمر بعده فقيل: لا يجزئ، وقيل: بلى، وقيل إن أزال شيئا "م 15" وعنه يختص الاستجمار بالحجر "خ" فيكفي واحد، وعنه ثلاثة. ويكره بيمينه "و ش" وقيل بتحريمه، وإجزائه في الأصح، ونقل صالح أكره أن يمس فرجه بيمينه، فظاهره مطلقا، وذكر1 صاحب المحرر، وهو ظاهر كلام الشيخ، وحمله أبو البركات ابن منجا على وقت الحاجة لسياقه فيها، وترجم الخلال رواية صالح كذلك.
ولا يصح تقديم الوضوء عليه اختاره الأكثر، وعنه يصح "و" وكذا التيمم، وقيل: لا يصح "و ش" فلو كانت على غير المحل فوجهان "م 16".
ـــــــ
مستترة بالقلفة، وعلى الحشفة نجاسة وأمكن كشفها.
مسألة – 15: قوله: "وإن استجمر بعده" يعني لو استجمر أولا بمنهي عنه ثم استجمر بعده بمباح "فقيل لا يجزئ، وقيل بلى، وقيل إن أزال شيئا"، انتهى. وأطلق الإجزاء وعدمه ابن تميم وابن عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين والزركشي وغيرهم:
أحدهما: لا يجزئ مطلقا. قلت: وهو الصواب، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى وإطلاقه الوجهين إنما حكاه طريقة.
والقول الثاني: يجزئ مطلقا.
والقول الثالث: إن أزال شيئا أجزأ، وإلا فلا، وهو لابن حمدان في رعايته الكبرى واختاره إذا علم ذلك ففي إدخاله القول الثالث في إطلاق الخلاف شيء.
مسألة -16: قوله: "ولا يصح تقديم الوضوء عليه، اختاره الأكثر، وعنه:
ـــــــ
1 في "ط": "وذكر".

(1/142)


قال شيخنا: ويحرم منع المحتاج إلى الطهارة ولو وقفت على طائفة معينة، كمدرسة ورباط، ولو في ملكه، لأنها بموجب الشرع والعرف مبذولة للمحتاج، ولو قدر أن الواقف صرح بالمنع فإنما يسوغ مع الاستغناء، وإلا فيجب بذل المنافع المختصة للمحتاج كسكين1 داره، والانتفاع
ـــــــ
يصح وكذا التيمم، وقيل لا يصح، فلو كانت2 على غير المحل فوجهان، انتهى وأطلقهما في الكافي3 وابن تميم والحاوي الكبير ومجمع البحرين وابن عبيدان وحواشي المصنف على المقنع والزركشي وغيرهم:
أحدهما: يصح تقديم التيمم على غسلها، وهو الصحيح على هذا البناء، قال الشيخ في المغني4 وابن منجى في شرحه والأشبه الجواز، وصححه في الرعاية الكبرى قلت: وهو الصواب، وهو ظاهر كلام جماعة.
والوجه الثاني: لا يصح اختاره القاضي وقدمه في الشرح5 وشرح ابن منجى قال في المذهب لم يصح على قول أصحابنا، انتهى، وقد نقل الشيخ في المغني6 والشارح وتبعهما الزركشي عن ابن عقيل أنه قال: حكم النجاسة على غير الفرج حكمها على الفرج. والذي رأيته في الفصول القطع بعدم الصحة في هذه المسألة مع حكايته الخلاف في صحة التيمم قبل الاستنجاء وإطلاقه، ولم يذكر المسألة في التذكرة.
تنبيه: قوله في كلام الشيخ تقي الدين: "وإلا فيجب بذل المنافع المختصة
ـــــــ
1 في "ط": "كسكين".
2 في النسخ الخطية: "ولو كان"، والمثبت من "ط".
3 1/120.
4 1/15-156.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/235.
6 ليست في "د".

(1/143)


بماعونه، ولا أجرة في الأصح. قال: وإن كان في دخول أهل الذمة مطهرة1 المسلمين تضييق أو تنجيس، أو إفساد ماء ونحوه وجب منعهم. قال: وإن لم يكن ضرر ولهم ما يستغنون به عن مطهرة المسلمين، فليس لهم مزاحمتهم.
ـــــــ
للمحتاج كسكنى، قال ابن نصر الله وشيخنا لعله كسكين، فإن السكنى لا تبذل بلا عوض، وهذا محتمل، وليس ببعيد بذل السكنى لمحتاج2.
فهذه ست عشرة مسألة قد يسر الله الكريم بتصحيحها.
ـــــــ
1 من النسخ الخطية: "طهارة"، والمثبت من "ط".
2 في النسخ الخطية: "محتاج"، والمثبت من "ط".

(1/144)


باب السواك و غيره
الأحكام المتعلقة بالسواك و غيره
...
باب السواك وغيره
يستحب في كل وقت "و" ويكره للصائم بعد الزوال "و ش" وعنه يباح، وعنه يستحب، اختاره شيخنا، وهي أظهر1، وعنه يكره قبله بعود رطب اختاره القاضي وغيره، وجزم به الحلواني وغيره "و م" وعنه فيه لا، اختاره صاحب المحرر وغيره لأنه قول عمر وابنه، وابن عباس، وكالمضمضة المسنونة، ونقل الأثرم: لا يعجبني، ونقل حنبل: لا ينبغي أن يستاك بالعشي.
ـــــــ
تنبيهان – الأول: قوله: "وعنه يكره قبله بعود رطب اختاره القاضي وغيره وجزم به الحلواني وعنه فيه لا، اختاره صاحب المحرر" وغيره، انتهى، في هذه العبارة نوع خفاء لأنها لم يفهم منها إطلاق الخلاف ولا تقدم إحدى الروايتين على الأخرى ووجد في بعض النسخ: "وعنه يكره قبله وبعود" بزيادة واو أولا وليس فيه ما يزيل الإشكال بل يبقى ظاهر العبارة أن لنا رواية بكراهة السواك قبل الزوال مطلقا للصائم ولم نطلع عليها في كتب الأصحاب، وإن جعلنا الباء متعلقة بيستحب أول الباب فلم نعلم به قائلا. قال شيخنا في حواشيه: والذي يظهر أن لفظة عنه الأولى زائدة، فعلى قوله يكون قد قدم الكراهة، و2 على كل تقدير في كراهة السواك بعود رطب قبل الزوال للصائم روايتان، أو ثلاث، وأطلق الروايتين في الفصول والهداية والمذهب والخلاصة والمغني3 والشرح4 وغيرهم في الصوم والتلخيص ومختصر ابن تميم والحاوي الكبير والفائق
ـــــــ
1 نقل الموفق في "الكافي" عن ابن عقيل: أنه لا يختلف المذهب أنه لا يستحب السواك للصائم بعد الزوال؛ لأنه يزيل خلوف فم الصائم، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، ولأنه أثر عبادة مستطاب شرعاً، فلم يستحب إزالته، كدم الشهداء.
2 ليست في "ط".
3 1/138.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 241.

(1/145)


ويتأكد عند صلاة وانتباه وتغير فم ووضوء وقراءة، ويستاك عرضا، وقيل: طولا، بعود لا يضره ولا يتفتت، وظاهره التساوي، ويتوجه احتمال أن الأراك أولى، لفعله صلى الله عليه وسلم1. وقاله بعض الشافعية، وبعض الأطباء، وإنه قياس قولهم في استحباب الفطر على التمر، وأنه أولى في الفطرة، لفعله2. وذكر الأزجي أنه لا يعدل عنه، وعن الزيتون
ـــــــ
والزركشي، وغيرهم:
إحداهما: لا يكره، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، واختاره المجد في شرحه في باب ما يكره في الصوم وابن أبي المجد في مصنفه. قال أبو المعالي في النهاية3 -وتبعه ابن عبيدان-: و4 الصحيح: أنه لا يكره، انتهى، وهو الصواب، ولم يطلع ابن نصر الله في حواشيه على محل اختيار المجد، فلهذا قال: لم نجد ذلك في شرحه ولا هو في المحرر انتهى. وقال في الرعاية الكبرى5: وعنه يباح.
والرواية الثانية: يكره، اختاره القاضي، وغيره، وقطع به الحلواني وصاحب المنور وغيرهما، وقدمه في المستوعب والنظم والرعايتين وشرح ابن رزين وغيرهم وصححه في الحاوي الصغير، وعنه رواية ثالثة لا يجوز، نقلها سليم الرازي قاله6 ابن أبي المجد ونقل المصنف رواية الأثرم
ـــــــ
1 أخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده "5310" من حديث ابن مسعود، قال: كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكاً من أراك، وكان الريح تكفؤه. الحديث.
2 أخرجه أبو داود "2356" والترمذي "696" عن أنس قال: "كان رسول الله يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن، فعلى تمرات، فإن لم تكن، حسا حسوات من ماء".
3 في "ط": "الهداية".
4 في "ط": "في".
5 ليست في "ص" و"ط".
6 في ط: "قال ابن المجد".

(1/146)


والعرجون إلا لتعذره. وقال صاحب التيسير1 من الأطباء: زعموا أن التسوك من أصول الجوز في كل خامس من الأيام ينقي الرأس، ويصفي الحواس، ويحد الذهن.
والسواك باعتدال يطيب الفم، والنكهة، ويجلو الأسنان، ويقويها، ويشد اللثة، قال بعضهم: ويسمنها، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويمنع الحفر ويذهب به، ويصح المعدة، ويعين على الهضم، ويشهي الطعام، ويصفي الصوت، ويسهل مجاري الكلام، وينشط، ويطرد النوم، ويخفف عن الرأس، وفم المعدة.
قال الأطباء: وأكل السعد2، والأشنان ينقي رأس المعدة، ويشد اللثة ويطيب النكهة، ومضغ السعد دائما له تأثير عظيم في تطييب النكهة. ومن استف من الزنجبيل اليابس واللبان الخالص أذهبا عنه رائحة خلوف الفم وما هو أشد من الخلوف.
واللوز أكله قوي في منع ارتقاء البخار إلى فوق، ويرطب البدن، ولا يكثر منه فإنه يرخي المعدة. والرمان الحامض يمنع البخار، ولكنه يضر بالحشا، والمعدة، وتصلحه الحلوى السكرية والكسفرة تمنعه، لكنها تظلم البصر، وتجفف3 المني، والكمثرى تمنعه لخاصية4 فيه، والسفرجل
ـــــــ
وحنبل وقيل يباح في صوم النفل.
ـــــــ
1 هو: أبو بكر بن عبد الملك بن زهر الإيادي، الإشبيلي، طبيب أندلسي بارع، له كتاب: "التيسير في المداواة والتدبير". "ت595هـ". "سير أعلام النبلاء". 21/325.
2 السُعْدُ: الضم، وكحبارى: طيب معروف، وفيه منفعة عجيبة في القروح التي عسر اندمالها. "القاموس": "سعد".
3 في "س": "تخفف".
4 في "ط": "لخاصية".

(1/147)


يمنعه لشدة قبضه وكثرة أرضيته، ولا يكثر لأنهما يحدثان القولنج. وإن أكثر أكل معجونا حارا أو عسلا.
قال ابن عقيل في أول الجنائز يكون الخلال1 من شجر لين، ولهذا منعنا من السواك بالعود الذي يجرح الحي، والميت منهي عن أذية جسمه لقوله عليه السلام: "كسر عظم الميت ككسره حيا" 2. قال: والميت كالحي في الحرمة، بدليل أن من قصد جثة ميت ليأخذها من أوليائه فينالها بسوء من حرق أو3 إتلاف جاز أن يحاموا عنها بالسلاح ولو آل ذلك إلى قتل الطالب لها كما يحامون عن وليهم الحي.
ويكره بقصب كريحان ورمان وآس ونحوها، وقيل: يحرم، وكذا تخلله به، قال بعضهم: ولا يتسوك بما يجهله لئلا يكون من ذلك.
ويستاك بيساره نقله حرب قال شيخنا: ما علمت إماما خالف فيه كانتثاره. وذكر صاحب المحرر في الاستنجاء بيمينه: يستاك بيمينه،
ـــــــ
نجد ذلك في "شرحه"، ولا هو في "المحرر" النتهى. وقال في "الرعاية الكبرى"1:
1 في "ط": "وفي".
2 ليست في "ص" و"ط".
"6-6" في ط: "قال ابن المجد".
3 هو: أبو بكر بن عبد الملك بن زهر الإيادي، الإشبيلي، طبيب أندلسي بارع، له كتاب: "التيسير في المداواة والتدبير". "ت595هـ". "سير أعلام النبلاء" 21/325.

(1/148)


ويبدأ بجانبه الأيمن، ويتيامن في انتعاله وترجله، ولا يصيب السنة بأصبعه، أو خرقة، وقيل بلى "و هـ" وقيل بقدر إزالته.
ويدهن غبا، واحتجوا بأنه عليه السلام نهى عن الترجل إلا غبا1، ونهى أن يمتشط أحدهم كل يوم2، فدل أنه يكره غير الغب. والترجيل تسريح الشعر ودهنه، وظاهر ذلك أن اللحية كالرأس، وفي شرح العمدة ودهن البدن. والغب يوما ويوما، نقله يعقوب3، وفي الرعاية ما لم يجف الأول، لا مطلقا للنساء "ش" ويفعله للحاجة للخبر4.
ـــــــ
وعنه: يباح.
ـــــــ
1 السعد الضم، وكحبارى: طيب معروف، وفيه منفعة عجيبة في القروح التي عسر اندمالها. "القاموس": "سعد".
2 في "س": "تخفف".
3 في "ط": "لخاصية".
4 الخلال، ككتاب: ما تخلل به الأسنان. "القاموس": "خلل".

(1/149)


واختار شيخنا فعل الأصلح بالبلد كالغسل بماء حار ببلد رطب، لأن المقصود ترجيل الشعر، ولأنه فعل الصحابة رضي الله عنهم، وأن مثله نوع اللبس والمأكل، وأنهم لما فتحوا الأمصار كان كل منهم يأكل من قوت بلده، ويلبس من لباس بلده من غير أن يقصدوا قوت المدينة ولباسها.
قال ومن هذا أن الغالب على النبي صلى الله عليه وسلم1 وعلى أصحابه الإزار والرداء، فهل هما أفضل لكل أحد ولو مع القميص، أو الأفضل مع القميص السراويل فقط؟ هذا مما تنازع فيه العلماء، والثاني أظهر، فالاقتداء به: تارة يكون في نوع الفعل وتارة في جنسه، فإنه قد يفعل الفعل لمعنى يعم ذلك النوع وغيره، لا لمعنى يخصه، فيكون المشروع هو الأمر العام قال: وهذا ليس مخصوصا بفعله وفعل أصحابه، بل وبكثير مما أمرهم به ونهاهم عنه.
وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة مرفوعا: "إن البذاذة من الإيمان" يعني التقحل، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه2، وفي لفظ يعني التقشف. وقال أحمد البذاذة التواضع في اللباس.
وعن فضالة بن عبيد3 قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه، ويأمرنا أن نحتفي أحيانا. رواه أبو داود4، وعن عبد الله ابن شقيق5
ـــــــ
والرواية الثانية: يكره، اختاره القاضي، وغيره، وقطع به الحلواني وصاحب
ـــــــ
1 أخرجه أحمد "16793"، وأبو داود "4159"، من حديث عبد الله بن مغفل.
2 أخرجه أحمد "17011"، وأبو داود "28"، من طريق عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 هو: أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق بن بختان، سمع مسلم بن إبراهيم، والإمام أحمد. قال أبو بكر بن أبي الدنيا: أبو يوسف بن بختان: كان من خيار المسلمين. "طبقات الحنابلة" 1/415.
4 لعله قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان له شعر فليكرمه". أخرجه أبو داود. "4163" من حديث أبي هريرة.
5 أبو عبد الله، عبيد الله بن محمد بن حمدان العكبري الحنبلي، ابن بطة، من مصنفاته: "الإبانة الكبرى". "ت387هـ". "السير" 16/529.

(1/150)


عن صحابي عامل بمصر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه والترجيل كل يوم1. وذكر صاحب النظم هذا المعنى ويأتي في آخر ستر العورة2.
ويكتحل ثلاثا في كل عين، وقيل اثنتين في يسراه. ويتخذ3 الشعر ويتوجه احتمال: لا إن شق إكرامه "و ش" ولهذا قال أحمد: هو سنة لو نقوى4 عليه اتخذناه، ولكن له كلفة ومؤنة. ويسرحه، ويفرقه، ويكون إلى أذنيه، وينتهي إلى منكبيه، كشعره عليه السلام. ولا بأس بزيادته على منكبيه وجعله ذؤابة. قال أحمد: أبو عبيدة كانت له عقيصتان، وكذا عثمان5.
ويعفي لحيته، وفي المذهب ما لم يستهجن طولها "و م" ويحرم حلقها ذكره شيخنا. ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة، ونصه لا بأس بأخذه وما تحت حلقه لفعل ابن عمر، لكن إنما فعله إذ6 حج أو اعتمر، رواه البخاري7، وفي المستوعب وتركه أولى. وقيل يكره. وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه، ونقله ابن هانئ.
ويحف شاربه "م" أو يقص طرفه، وحفه أولى في المنصوص "و هـ ش" ولا يمنع منه "م" وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض، وأطلق أصحابنا وغيرهم الاستحباب، وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك وقال:
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 أخرجه النسائي في "المجتبى" 8/132.
2 2/88.
3 في "ط": "يرجل".
4 في "ط": "قدرنا".
5 ذكره الخلال في كتاب "الترجل" ص 118.
6 في "س" و"ط": "إذا".
7 في صحيحه "5892".

(1/151)


"خالفوا المشركين" متفق عليه1، ولمسلم2: "خالفوا المجوس". وعن زيد بن أرقم مرفوعا: "ومن لم يأخذ شاربه فليس منا" رواه أحمد والنسائي والترمذي3 وصححه، وهذه الصيغة تقتضي عند أصحابنا التحريم، ويأتي في العدالة4: هل هو كبيرة؟ ويأتي في آخر ستر العورة5 والوليمة6 حكم التشبه بالكفار.
ولم يذكروا شعر الأنف وظاهر هذا إبقاؤه، ويتوجه أخذه إذا فحش، وأنه كالحاجبين وأولى من العارضين، قال مجاهد: الشعر في الأنف أمان من الجذام، وروي مرفوعا، وهو باطل7.
ويقلم ظفره مخالفا يوم الجمعة قبل الزوال8، وقيل يوم الخميس، وقيل يخير، ويسن أن لا يحيف عليها في الغزو لأنه يحتاج إلى حل حبل أو شيء نص عليه. وينتف إبطه، ويحلق عانته، وله قصه وإزالته بما شاء.
والتنوير9 في العورة10 وغيرها، فعله أحمد، وكذا النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن ماجه11 من حديث أم سلمة، وإسناده ثقات، وقد أعل بالإرسال.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 البخاري "5892"، ومسلم "259" "54"، من حديث ابن عمر.
2 في صحيحه "260" "55"، من حديث أبي هريرة.
3 أحمد في "مسنده" "19263"، النسائي في "الكبرى" "14"، الترمذي "2761".
4 11/336.
5 2/85.
6 8/374.
7 أخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/977، وابن الجوزي في "الموضوعات" 1/168.
8 وفيه خبر موضوع، ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" 3/53.
9 تنور: اطلى بالنورة، ونورته: طليته بها، والنورة، بالضم: حجر الكلس، ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس، من زرنيخ وغيره، وتستعمل لإزالة الشعر. "المصباح": "نور".
10 في هامش "ب": "العانة".
11 في سننه "3751".

(1/152)


وقال أحمد: ليس بصحيح، لأن قتادة قال: ما اطلى1 النبي صلى الله عليه وسلم2. كذا قاله أحمد.
وفي الغنية ويجوز حلقه لأنه يستحب إزالته كالنورة وإن ذكر خبر بالمنع حمل على التشبه بالنساء، وكره الآمدي كثرة التنوير.
ويدفن ذلك، نص عليه، ويفعله3 كل أسبوع، ولا يتركه فوق أربعين يوما عند أحمد. وفي الغنية روي عنه أنه احتج بالخبر فيه4. وصححه، و5روي عنه إنكاره، وقيل له في رواية سندي: حلق العانة وتقليم الأظفار كم يترك؟ قال أربعين للحديث. فأما الشارب ففي كل جمعة، لأنه يصير وحشا، وقيل عشرين، وقيل للمقيم.
ويكره نتف الشيب "و" ويتوجه احتمال يحرم، للنهي، لكنه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا رواه الخمسة وحسنه الترمذي6، ويختضب ونقل7 ابن هانئ8 عنه كأنه فرض، وقال: اختضب ولو
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 في "ب": "أطلى".
2 لم نقف عليه.
3 في الأصل: "يفعل".
4 أخرجه الطبراني في "الكبير" 20/322، عن ميل بنت مشرح قالت: رأيت أبي قلم أظفاره ثم دفنها: وقال: أبي بنية، وهكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
5 في النسخ الخطية: "أو"، والمثبت من "ط".
6 أخرجه أحمد "6672" وأبو داود "4202"، والترمذي "2821"، والنسائي 8/136، وابن ماجه "3821"، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم".
7 في "ط": "نقله".
8 مسائل أحمد لابن هانئ 2/148.

(1/153)


مرة. وقال: ما أحب لأحد إلا أن يغير الشيب، ولا يتشبه بأهل الكتاب.
ويستحب بحناء وكتم1، قال صاحب المجرد والمغني والتلخيص وغيره: ولا بأس بورس، وزعفران. وقال صاحب المحرر وغيره: خضابه بغير سواد من حمرة وصفرة سنة، نص عليه "و ش" ويكره بسواد "و" نص عليه وفي المستوعب والتلخيص والغنية في غير حرب، ولا يحرم، وظاهر كلام أبي المعالي في مسألة لبس الحرير2 في الحرب: يحرم، وهو متجه، وللشافعية خلاف، واستحبه في الفنون به فيه –3بالسواد في الحرب- وأن ما ورد في ذمه والنهي عنه فإنه في بيع أو نكاح كسائر التدليس من التصرية4.
وينظر في المرآة ويقول: "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي" رواه البيهقي5 من حديث عائشة وأبو بكر بن مردويه من حديث أبي هريرة وعائشة وزاد "وحرم وجهي على النار".
ويتطيب، ويستحب6 الرجل بما ظهر ريحه وخفي لونه، والمرأة عكسه. وقال ابن الجوزي: لأنها ممنوعة مما ينم عليها لقوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} [النور: 31]، وإن ابن عقيل قال: يقاس عليه تحريم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 الكتم، بالتحريك: نبات يخلط مع الوسمة للخضاب الأسود. "اللسان": "كتم".
2 ليست في "ط".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 التصرية: ترك الحلب ليجتمع اللبن في الضرع. يقال: صريت الناقة تصرية: إذا تركت حلبها فاجتمع لبنها في ضرعها. "المصباح": "صرر".
5 في "الشعب" "8542"، عن عبد الله بن مسعود.
6 ليست في "ط".

(1/154)


الصرير في النعل، وكرهه أحمد للزينة للذكر والأنثى.
وإذا أمسى خمر الإناء، وأغلق الباب وأطفأ المصباح، قال ابن الجوزي: يستحب ذلك.
ولا يكره حلق رأسه كقصه، وعنه يكره لغير نسك وحاجة "و م" كالقزع وحلق القفا زاد فيه جماعة لمن لم يحلق رأسه ولم يحتج إليه لحجامة أو غيرها، نص عليه. وقال أيضا: هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم، وذكر ابن عبد البر عن ابن عباس قال: حلق القفا يزيد في الحفظ، وعن أحمد أنه امتنع من الحجامة في نقرة القفا، وكرهه بعض الأطباء للنسيان، وخالفه غيره منهم.
وكحلقه قصه لامرأة، وقيل: يحرمان عليها، نقل الأثرم، أرجو أن لا بأس لضرورة، قال أبو سلمة1: دخلت على عائشة وأنا أخوها من الرضاعة، فسألها2 عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة إلى أن قال3: وكان
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ب": "أسلمة". وأبو سلمة ابن أخت عائشة من الرضاعة، أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر، وأخو عائشة من الرضاعة هو: عبد الله بن يزيد.
2 في "ط": "فسألتها".
3 في الأصل و"س" وهامش "س" و"ط": "قالت".

(1/155)


أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن1 من رءوسهن حتى يكون مثل الوفرة2. ففيه جواز تخفيف الشعور للنساء، لا مع إسقاط حق الزوج، وكلامهم في تقصيرهن في الحج يخالفه، وظاهر كلامهم لا يحرم حلق رأس رجل، وحرم بعضهم حلقه على مريد لشيخه، لأنه ذل وخضوع لغير الله تعالى.
ويجب الختان "هـ" وعنه على غير امرأة، وعنه يستحب، قال شيخنا: يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة. ويعتبر أخذ جلدة الحشفة، ذكره جماعة "و ش" ونقل الميموني أو أكثرها، وجزم به صاحب المحرر.
ويؤخذ في ختان الأنثى جلدة فوق محل الإيلاج تشبه عرف الديك، ويستحب أن لا تؤخذ كلها نص عليه للخبر3.
وإن خاف على نفسه فقال أحمد، لا بأس أن لا4 يختن، كذا قال أحمد وغيره، مع أن الأصحاب اعتبروه بفرض طهارة وصلاة وصوم من
ـــــــ
الثاني5: قوله: "وإن خاف على نفسه فقال أحمد: لا بأس أن لا يختتن 6".
ـــــــ
1 في الأصل: "يأخذون".
2 أخرجه مسلم "320"، من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولفظه في مسلم: "...حتى تكون كالوفرة". والوفر ة: "الشعر إلى الأذنين، لأنه وفر على الأذن، أي: تم عليها واجتمع. "المصباح": "وفر".
3 أخرجه أبو داود في "سننه" "5271"، عن أم عطية الأنصارية، أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل".
4 ليست في الأصل، وهي نسخة في هامش "ب".
5 تقدم التنبيه الأول في الصفحة 145.
6 في النسخ الخطية: "يختن" والمثبت من "ط".

(1/156)


طريق الأولى. وفي الفصول يجب إذا لم يخف عليه التلف، فإن خيف فنقل حنبل يختن فظاهره يجب، لأنه قل من يتلف منه، قال أبو بكر: والعمل على ما نقله الجماعة، وأنه متى خشي عليه لم يختن ومنعه صاحب المحرر "و ش".
وإن أمره1 به ولي الأمر في حر أو برد فتلف ففي ضمانه وجهان "م 1"،
ـــــــ
كذا قال أحمد وغيره" انتهى. قال شيخنا في "الحواشي الفروع": وجد2 في بعض النسخ: لا بأس أن يختتن، بإسقاط "لا"، قال: ولعله أقرب؛ لقوله: كذا قال أحمد، وغيره، وهو كما قال.
مسألة- 1: قوله في الختان: "وإن أمره به ولي الأمر في حر أو برد فتلف ففي ضمانه وجهان" انتهى:
أحدهما: يضمن، قلت: وهو الصواب، قال في الفصول: إن فعل به في شدة حر أو برد، أو مرض يخاف من مثله الموت من الختان فحكمه كالحد في ذلك يضمن، وهو من خطإ الإمام فيه الروايتان انتهى. قلت: قد أطلق المصنف الوجهين في كتاب الحدود3 فيهما4 إذا أمره ولي الأمر بزيادة في الحد فزاد عالما بذلك هل يضمن الآمر أو الفاعل؟ وقدم في الرعاية أن الآمر يضمن، و5قال: الأولى أن الضارب هو الذي يضمن، انتهى، وهذا الصواب. وقال أيضا في الرعاية في كتاب الحدود: وإن جلده
ـــــــ
1 في "ط": "أمر".
2 في "ط": "ووجد".
3 10/37.
4 في "ط": "فيهما".
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/157)


وإن أمر1 به، وزعم الأطباء أنه يتلف أو ظن تلفه ضمن، لأنه ليس له. وفي الفصول إن فعل به في شدة حر أو برد أو في مرض يخاف من مثله الموت من الختان فحكمه كالحد2 في ذلك يضمن، وهو من خطإ الإمام فيه الروايتان.
وفعله زمن الصغر أفضل "هـ" وقيل التأخير وزاد بعضهم على الأول إلى التمييز، قال شيخنا: هذا المشهور. وفي التلخيص قبل مجاوزة عشر وفي الرعاية بين سبع وعشر وعن أحمد لم أسمع في ذلك شيئا. ويكره يوم السابع للتشبيه باليهود "ش" وعنه: لا3. قال الخلال العمل عليه وكذا من الولادة إليه "ش" ولم يذكر كراهته4 الأكثر.
ولا تقطع أصبع زائدة، نقله عبد الله. ويكره ثقب أذن صبي لا جارية نص عليه، وقيل يحرم، واختاره ابن الجوزي، وقيل على الذكر. وفي الفصول يفسق به في الذكر، وفي النساء يحتمل المنع ولم يذكره غيره.
ويحرم نمص. ووشر5، ووشم في الأصح "و" وكذا وصل شعر بشعر "و هـ" وقيل يجوز بإذن زوج "و ش" وفي تحريمه بشعر بهيمة وتحريم نظر
ـــــــ
الإمام في حر أو برد أو مرض وتلف فهدر في الأصح، انتهى لكن قدم أن الجلد لا يؤخر لذلك، فحصل الفرق بينهما وبين المسألة الأولى.
والوجه الثاني: لا يضمن. قلت: وهو بعيد.
ـــــــ
1 في "ط": "أمر".
2 في "ب": "في الحد".
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "كراهته".
5 وشرت المرأة أنيابها وشراً، من باب وعد، إذا حددتها، "المصباح": "وشر".

(1/158)


لشعر أجنبية وزاد في التلخيص ولو كان بائنا وجهان "م 2 - 3".
ـــــــ
مسألة -2 -3: قوله: "ويحرم وصل شعر بشعر وقيل يجوز بإذن زوج وفي تحريمه بشعر بهيمة وتحريم نظر شعر أجنبية زاد في التلخيص ولو كان باينا وجهان" انتهى. ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى- 2: هل يحرم وصل شعرها بشعر بهيمة أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يحرم. قلت: وهو الصواب ثم وجدت المجد في شرحه قال: لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر آخر من آدمي أو غيره مطلقا، خلافا للحنفية في قولهم يجوز بشعر البهيمة لا الآدمي لحرمته، ثم استدل للأول ونصره.
والوجه الثاني: لا يحرم، وقد قال في المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاويين وغيرهم ويكره وصل شعرها بشعر آخر، وقيل يحرم، فظاهره إدخال شعر البهيمة.
تنبيه: أخل المصنف – رحمه الله-1 بالقول2 بالكراهة في أصل المسألة فيما إذا وصلت شعرها بشعر من جنسه قول قوي جزم به في المستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى والآداب الكبرى والوسطى وغيرهم.
المسألة الثانية- 3: هل يحرم النظر إلى شعر الأجنبية أم لا، أطلق الخلاف وأطلقه في التلخيص والرعاية الكبرى وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم:
أحدهما: يحرم. قلت: وهو الصواب في غير البائن، بل هو أولى بالتحريم من غيره، فإنه كما قيل أحد الوجهين وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
ـــــــ
1 ليست في "ص" و"ط".
2 في "ص" و"ط": "القول".

(1/159)


ومتى حرم وقيل أو كان نجسا ففي صحة الصلاة وجهان "م 4" وعنه وبغير شعر1 بلا حاجة "و م" إن أشبهه كصوف وأباح ابن الجوزي النمص وحده، وحمل النهي على التدليس، أو أنه كان شعار الفاجرات. وفي الغنية وجه2: يجوز بطلب زوج.
ولها حلقه وحفه، نص عليهما وتحسينه بتحمير ونحوه، وكره ابن عقيل
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يحرم قال ابن رجب: ظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار الجواز.
مسألة- 4: قوله3: "ومتى حرم وقيل أو كان نجسا ففي صحة الصلاة وجهان"، انتهى. قال ابن تميم إن كان الشعر نجسا لم تصح الصلاة معه، وإن كان طاهرا وقلنا بالتحريم ففي صحة الصلاة فيه وجهان، انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن كان الشعر نجسا أو طاهرا، وقلنا: يحرم، ففي صحة الصلاة معه وجهان: الأولى4: البطلان مع نجاسته وإن قل، انتهى فأطلقا الخلاف أيضا. قلت: الذي يقطع به بطلان الصلاة إذا كان الشعر نجسا وهو الذي قدمه المصنف وقطع به ابن تميم، وأما إذا كان محرما مع طهارته فهو محل الخلاف المطلق5:
أحدهما: تصح. قلت: وهو الصواب، لأنه لا يعود إلى شرط العبادة، فهو كالوضوء من آنية الذهب والفضة، وكلبس عمامة حرير في الصلاة وجزم في الفصول بالصحة فيما إذا وصلته بشعر ذمية.
ـــــــ
1 بهدها في "س": "بهيمة".
2 ليست في "س" و"ط".
3 ليست في "ص" و"ط".
4 في "ط": "الأول".
5 ليست في "ح".

(1/160)


حفه كالرجل، كرهه أحمد له، والنتف ولو بمنقاش لها.
ويكره له التحذيف1 وهو إرسال الشعر الذي بين العذار والنزعة2، لا لها، لأن عليا كرهه رواه الخلال3.
ويكره له النقش والتطريف4 ذكره الأصحاب، ورواه الترمذي5 عن عمر وبمعناه6 عن عائشة، وأنس وغيرهما7، قال في الإفصاح: كره العلماء أن تسود شيبا بل تخضب بأحمر، وكرهوا النقش فقال أحمد لتغمس يدها غمسا، ويتوجه وجه إباحة تحمير ونقش وتطريف بإذن زوج فقط.
ويكره كسب الماشطة، وذكره جماعة وذكره بعضهم عن أحمد والمنقول عنه أن ماشطة قالت له: إني أحل رأس المرأة بقرامل8 وأمشطها أفأحج منه؟ قال: لا وكره كسبه، لنهيه عليه السلام9 وقال: يكون من أطيب منه.
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يصح. قلت: وهو ضعيف.
تنبيه: قوله: "والنتف أو بمنقاش لها" يعني كره ذلك أحمد لها والصواب ولو بمنقاش، لأنه من جملة ما ينتف به والله أعلم.
فهذه أربع مسائل قد يسر الله تصحيحها.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 النزعة، محركة: موضع النزع من الرأس، وهو انحسار الشعر من جانبي الجبهة. "القاموس": "نزع".
3 ليست في النسخ الخطية.
4 النقش: تلوين الشيء بلونين أو بألوان، والتطريف: تخضيب أطراف الأصابع "القاموس": "نقش"، "طرف".
5 لم أجده في الترمذي، وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "7929".
6 في "ب": "عمرو بمعناه".
7 حديث عائشة وأنس لم أقف عليه.
8 القرامل: ضفائر من شعر أو صوف أو إبرايسم، تصل به المرأة شعرها. "النهاية" 4/51.
9 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5934"، من حديث عائشة: "... لعن الله الواصلة والمستوصلة".

(1/161)


وقال ابن عقيل: ويحرم التدليس، والتشبه بالمردان، وكذا عنده تحمير الوجه ونحوه. وفي الفنون يكره كسبها.
وكره أحمد الحجامة يوم سبت، وأربعاء، نقله حرب، وأبو طالب، وعنه الوقف في الجمعة، وفيه خبر متكلم فيه1، وذكر جماعة يكره فيه و2المراد: بلا حاجة، قال حنبل: كان أبو عبد الله يحتجم أي وقت هاج به الدم، وأي ساعة كانت ذكره الخلال.
والفصد في معناها، وهي أنفع منه في بلد حار، وما في معنى ذلك، وهو بالعكس، ويتوجه احتمال يكره3 كل يوم الثلاثاء 4 لخبر أبي بكرة5، وفيه ضعف، ولعله اختيار أبي داود لاقتصاره على روايته، ويتوجه تركها فيه أولى، وأنه يحتمل مثله في يوم الأحد، لخبر ابن عمر، وهو ضعيف، وفيه الأمر بالحجامة ليوم الثلاثاء والله أعلم.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 لعله ما أخرجه ابن ماجه "3488"، من حديث ابن عمر مرفوعاً: "احتجموا يوم الخميس، واجتنبوا يوم الأربعاء والجمعة والسبت، ويوم الأحد، واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء".
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "كل".
4 في "س": "وفيه خبر ضعيف".
5 أخرج أبو داود "3862" عن أبي بكرة يرفعه: أن يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ.

(1/162)


باب الوضوء
اشتراط النية في الطهارة
...
باب الوضوء
سمي وضوءا لتنظيفه المتوضئ وتحسينه.
النية: شرط لطهارة الحدث "هـ" لأن الإخلاص من1 عمل القلب وهو النية، مأمور به ولخبر: "إنما الأعمال بالنيات" 2 أي لا عمل جائز ولا فاضل. ولأن النص دل على الثواب في كل وضوء، ولا ثواب في غير منوي إجماعا، ولأن النية للتمييز، ولأنه عبادة و3 من شرطها النية، لأن ما لم يعلم إلا من الشارع فهو عبادة كصلاة وغيرها، وهذا معنى قول الفخر إسماعيل وأبي البقاء وغيرهما، العبادة ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي. قيل لأبي البقاء: الإسلام والنية عبادتان ولا يفتقران إلى النية؟ فقال: الإسلام ليس بعبادة لصدوره من الكافر وليس من أهلها، سلمنا، لكن للضرورة، لأنه لا يصدر إلا من كافر، وأما النية فلقطع التسلسل، وفي الخلاف لأن ما كان طاعة لله فعبادة، قيل له: فقضاء الدين ورد الوديعة عبادة؟
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ب" و"س".
2 أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، من حديث عمر.
3 ليست في "ط".

(1/163)


فقال: كذا نقول. فقيل له العبادة ما كان من شرطه النية؟ فقال: إذا لم يجز أن يقال في الطاعة لله والمأمور به هو الذي من شرطه النية كذلك لا يجوز ذلك في العبادة، وكذا ذكر غيره، وذكر بعض1 أصحابنا عن أصحابنا والمالكية والشافعية أنه ليس من شرط العبادة النية، خلافا للحنفية، ونية الصلاة تضمنت السترة واستقبال القبلة لوجودهما فيها حقيقة، ولهذا يحنث بالاستدامة. ويأتي غسل كافرة في الحيض2.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 في "ب": "ذكره".
2 ص 357.

(1/164)


والنية قصد رفع الحدث أو استباحة ما تجب له الطهارة، وقيل: إن نوى مع الحدث النجاسة ويحتمل أو التنظيف أو التبرد لم يجزه.
وينوي من حدثه دائم الاستباحة، وقيل: أو رفعه وقيل: هما. ومحلها القلب "و" ويسن نطقه بها سرا وقيل لا "و م" قال أبو داود لأحمد: أنقول قبل التكبير شيئا؟ قال: لا1، واختاره شيخنا وأنه منصوص أحمد، قال: واتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه وكذا بقية العبادات، وقال الجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه، لا سيما إذا آذى به أو كرره. وقال الجهر بلفظ النية منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام وفاعله مسيء، وإن اعتقده دينا خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، ويعزل عن الإمامة إن لم ينته،فإن2 في سنن أبي داود3: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بعزل الإمام لأجل بصاقه في القبلة، فإن الإمام عليه أن يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 مسائل أحمد لأبي داود ص30.
2 في "ط": "قال".
3 برقم "481"، عن أبي سهلة السائب بن خلاد.

(1/165)


ولا يضر سبق لسانه بخلاف قصده والأصح ولا إبطالها بعد فراغه، أو1شكه فيها بعده2 كوسواس.
وإن نوى صلاة معينة لا غيرها. ارتفع مطلقا، وذكر أبو المعالي وجهين كمتيمم نوى إقامة فرضين في وقتين، وإن نوى طهارة مطلقة أو
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 في "ط": "و".
2 في "ط": "بعد".

(1/166)


وضوءا مطلقا ففي رفعه وجهان "م 1" وإن نوى جنب الغسل وحده أو لمروره لم يرتفع، وقيل بلى وقيل في الثانية.
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وإن نوى طهارة أو وضوءا مطلقا ففي رفعه وجهان", انتهى وأطلقها في الشرح1 ومختصر ابن تميم وشرح ابن عبيدان والحاويين وغيرهم:
أحدهما: لا يرتفع وهو الصحيح جزم به في المستوعب والكافي2 وغيرهما وهو ظاهر ما جزم به في النظم وقدمه في التلخيص والرعايتين ورجحه ابن عقيل في الفصول. وقال أيضا إن قال هذا الغسل لطهارتي انصرف إلى ما عليه من الحدث وكذا يخرج وجهان في رفع الحدث. وقال أبو المعالي في النهاية لا خلاف أن الجنب إذا نوى الغسل وحده لم يجزئه لأنه تارة يكون عبادة، وتارة يكون غير عبادة فلا يرتفع حكم الجنابة انتهى.
والوجه الثاني: يرتفع جزم به في الوجيز وغيره مصححا في المغني3 ومجمع البحرين. قلت: وهو قوي، ويحتمل الصحة فيما إذا نوى وضوءا مطلقا، دون ما إذا نوى طهارة مطلقة ولم أره والله أعلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/313.
2 1/53.
3 1/159.

(1/167)


وإن نوى ما تسن الطهارة له كغضب ورفع شك، ونوم، وذكر، وجلوسه بمسجد، وقيل: ودخوله، وقيل وحديث وتدريس علم وكتابته وفي النهاية وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم1، وفي المغني2 وأكل فعنه يرتفع، وعنه لا "م 2" "و م ش".
ـــــــ
مسألة -2: قوله: "وإن نوى ما تسن له الطهارة وعدد ذلك فعنه يرتفع وعنه لا" انتهى وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والخلاصة والمستوعب والكافي3 والمقنع4 والتلخيص والبلغة ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين وشرح ابن منجى وابن عبيدان والفائق وغيرهم:
إحداهما: يرتفع، وهو الصحيح اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والمغني2 والشرح4 قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين هذا أقوى وجزم به في والوجيز والمنور وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا يرتفع اختاره ابن حامد والقاضي والشيرازي وأبو الخطاب قال ابن عقيل والسامري في الوضوء هذا أصح الوجهين، وصححه الناظم وقدمه في "المحرر".
تنبيه: حكى المصنف الخلاف روايتين وكذا صاحب المذهب والكافي3 والمقنع4 والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجى والفائق والحاويين وغيرهم وحكاه وجهين القاضي في الجامع. وصاحب المستوعب والمغني2 والتلخيص والبلغة والرعايتين وابن تميم وابن عبيدان قال في مجمع البحرين في الكل روايتان وقيل وجهان.
ـــــــ
1 سيأتي الكلام عليه في آخر الحج 6/65.
2 1/158.
3 1/52.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/311.

(1/168)


وكذا قيل في التجديد إن سن، وقيل لا، وقيل: إن لم يرتفع ففي حصول التجديد احتمالان "م 3".
ـــــــ
مسألة- 3: قوله: "وكذا قيل في التجديد إن سن وقيل لا" يعني أنه لا يرتفع في التجديد وإن ارتفع فيما قبله، "وقيل إن لم يرتفع ففي حصول التجديد احتمالان" انتهى، ذكر المصنف فيما إذا نوى التجديد ثم تبين أنه كان محدثا قبله ثلاث طرق:
أحدها: أن حكمه حكم ما إذا نوى ما تسن له الطهارة على ما تقدم وهو الصحيح جزم به في الهداية والفصول والمستوعب في الغسل والخلاصة والمغني1 والكافي2 والمقنع3 والشرح3 وشرح ابن منجى وابن عبيدان، وابن عبد القوي في مجمع البحرين والوجيز وغيرهم ففيه الخلاف المقدم وقد تقدم أن الصحيح من الروايتين أنه يرتفع في تلك فكذا في هذه على هذه الطريقة وقدمه في الرعاية الصغرى هنا وشرح ابن رزين.
أو الرواية الثانية: لا يرتفع اختاره القاضي وأبو الخطاب وجزم به في الإفادات وقدمه في الرعاية الكبرى وقال على الأقيس والأشهر وقال في الصغرى هذا أصح وكذا قال أبو المعالي في النهاية وصححه الناظم وأطلق الروايتين في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي2 والمقنع3 والتلخيص وابن منجى وابن عبيدان في شرحهما وابن تميم والحاويين وغيرهم. ومحل: الخلاف على القول باستحباب التجديد وهو المذهب.
الطريق الثاني: لا يرتفع هنا وإن ارتفع فيما تسن له الطهارة وقد أطلق ابن حمدان في رعايتيه الخلاف فيما تسن له الطهارة. وصحح هنا أنه لا يرتفع وقال إنه الأقيس والأشهر والأصح.
ـــــــ
1 1/158.
2 1/52.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/311.

(1/169)


وكذا نيته غسلا مسنونا وعليه واجب "م 4" فإن لم يرتفع حصل
ـــــــ
الطريق الثالث: إذا قلنا لا يرتفع ففي حصول التجديد احتمالان وهما لابن حمدان في الرعاية الكبرى فقال وإن جدد محدث وضوءه ناسيا حدثه لم يرتفع حدثه وفي حصول التجديد إذن احتمالان انتهى.
قلت: حصول التجديد مع قيام الحدث بعيد جدا لا يعلم له نظير، وظاهر ما قدمه المصنف أن التجديد لا يحصل له والذي يظهر أن القول الثالث ليس من الأقوال المطلقة في المسألة. قلت: ويؤخذ من كلام صاحب المستوعب طريقة أخرى وهو أنه لا يرتفع فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة على الصحيح وفي التجديد روايتان مطلقتان فقال: وإن نوى تجديد الوضوء فهل يرتفع حدثه؟ على روايتين، فإن نوى فعل ما لا يشترط له الوضوء لكن يستحب كقراءة القرآن ونحوه لم يرتفع حدثه في أصح الوجهين وفي الآخر يرتفع انتهى وأطلقهما فيما إذا نوى غسل الجمعة هل يجزئ عن غسل الجنابة أم لا؟ ذكره في باب الغسل1.
مسألة- 4: قوله: "وكذا نيته غسلا مسنونا وعليه واجب" انتهى. واعلم: أن الحكم هنا كالحكم فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة الصغرى خلافا ومذهبا صرح به أكثر الأصحاب وظاهر كلام صاحب المستوعب مخالف لهذا كما تقدم لفظه قريبا وعند المجد في شرحه أنه لا يرتفع بالغسل المسنون ويرتفع بالوضوء المسنون وتبعه في مجمع البحرين واختاره أبو حفص وسوى بينهما في المحرر كأكثر الأصحاب2.
ـــــــ
1 ص 265.
2 ليست في "ح".

(1/170)


المسنون، وقيل لا. وكذا واجب عن مسنون "م 5" وقيل يجزئه، لأنه أعلى، وإن نواهما حصلا، نص عليه. وقيل يحتمل وجهين.
وإن اجتمعت موجبات للوضوء أو الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة "م 6" فنوى أحدها، وقيل: وعلى أن لا يرتفع غيره ارتفع غيره
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "وكذا واجب عن مسنون" يعني هل يحصل بغسله الواجب غسله المسنون؟ الحكم كما تقدم خلافا ومذهبا عند أكثر الأصحاب وقد علمت الصحيح من ذلك فيما تقدم وقيل يجزئه هنا وإن قلنا لا يجزئه هناك لأنه أعلى والله أعلم.
مسألة – 6: قوله: "وإن اجتمعت موجبات للوضوء أو الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة" انتهى.
قلت: ظاهر كلامه في المقنع1 والتلخيص وشرح المجد وابن عبيدان وابن منجى والفائق والحاويين وغيرهم يشمل المتفرقة والمجتمعة قال ابن تميم وإن اجتمع سببان يقتضيان الغسل أو الوضوء فتطهر لها صح انتهى.
قلت: وعلى هذا أكثر الأصحاب.
والقول الثاني: يشترط أن توجد معا قال في الرعايتين وإن نوى أحداثه التي نقضت وضوءه معا انتهى.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/316.

(1/171)


في الأصح "و م ش".
ـــــــ
قلت: هذا في الحقيقة هو الصواب لأن وجود الثاني لا يسمى والحالة هذه حدثا لأن الحدث هو الناقض للطهارة وليس هنا طهارة ينقضها لكن على هذا يضعف المذهب وهو كون أكثر الأصحاب لم يقيدوا بذلك وقد قالوا يرتفع فكان على هذا التعليل ينبغي أن لا يرتفع الحدث إلا إذا نوى الأول لا غير وقد زاد في الرعاية على ما تقدم فقال إن أمكن اجتماعها ارتفعت كلها، وقيل ما نواه وحده، وقيل وغيره إن سبق أحدها ونواه انتهى.

(1/172)


ويجب تقديمها1 على المفروض، ويستحب على المستحب، واستصحاب ذكرها، ويجزئ استصحاب حكمها، وهو أن لا ينوي قطعها، ويجوز تقديمها بزمن يسير كالصلاة.
ثم يسمي وهل هي فرض أو واجبة تسقط سهوا2؟ فيه روايتان "م 7" وإن ذكر في بعضه ابتدأ وقيل بنى وعنه تستحب "و" اختاره الخرقي وابن أبي موسى والشيخ وذكره المذهب.
ويسن غسل كفيه ثلاثا والمنصوص ولو تيقن طهارتهما. ويجب على الأصح "خ" من نوم ليل ناقض للوضوء وقيل زائد على النصف وقيل:
ـــــــ
مسألة- 7: قوله: "ثم يسمي وهل هي فرض أو واجبة تسقط سهوا؟ فيه روايتان". انتهى وأطلقهما الزركشي:
أحدهما: هي واجبة تسقط سهوا؟ وهو الصحيح نص عليه في رواية أبي داود واختاره القاضي في التعليق وابن عقيل والشيخ الموفق والشارح وغيرهم وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والإفادات وغيرهم وقدمه في التلخيص ومختصر ابن تميم والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم.
والرواية الثانية: هي فرض لا تسقط سهوا اختاره أبو الخطاب وابن عبدوس المتقدم والمجد وابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان وغيرهم وجزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر وغيره.
ـــــــ
1 أي: النية.
2 نقل الموفق في "الكافي" 1/24 عن الخلال قوله: الذي استقرت الروايات عنه، أي الإمام أحمد، أنه لا بأس به إذا ترك التسمية؛ لأنها عبادة فلا تجب فيها التسمية كغيرها، وضعف أحمد الحديث فيها، يعني الحديث: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله". أخرجه أحمد "9418".

(1/173)


ونهار. وغسلهما تعبد كغسل الميت فتعتبر النية والتسمية في الأصح.
والأصح لا يجزئ عن نية غسلهما نية الوضوء وأيهما طهارة مفردة لا من الوضوء وقيل معلل بوهم النجاسة كجعل العلة في النوم استطلاق الوكاء بالحدث وهو مشكوك فيه وقيل لمبيت يده ملابسة للشيطان وهو لمعنى فيهما فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه وفسد الماء وقيل: بلى1، وذكره أبو الحسين رواية لإدخالهما الإناء فيصح.
ثم يغسل وجهه وهو فرض إجماعا من منابت شعر الرأس إلى النازل من اللحيين والذقن طولا وما بين الأذنين فيجب غسل ما بين العذار والأذن "م" في حق الملتحي. والفم والأنف منه فتجب المضمضة والاستنشاق وعنه في الكبرى2 "و هـ" وعنه عكسها نقلها الميموني وعنه يجب الاستنشاق وحده وعنه يجب في الوضوء ذكرها صاحب الهداية والمحرر وعنه عكسها ذكرها ابن الجوزي.
وفي تسميتها فرضا وسقوطها سهوا روايتان "م 8 - 9" وعنه هما سنة "و م ش" كانتثاره وعنه3: تجب في الصغرى ذكره ابن حزم قال
ـــــــ
مسألة- 8 – 9: قوله: "ثم يغسل وجهه... والفم والأنف منه... وفي تسميتها فرضا وسقوطهما سهوا روايتان" انتهى، ذكر مسألتين:
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ب" و"ط".
2 أي: الطهارة من حدث الجنابة.
3 بعدها في النسخ الخطية: "فيه".

(1/174)


عبد الله قال أبي1: روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا" قال أبي وأنا أذهب إلى هذا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم2 وهو مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف3 أو أو هو2.
في ترتيب وموالاة كغيرهما وعنه لا وعنه: لا في ترتيب.
ـــــــ
المسألة الأولى- 8: إذا قلنا: بوجوبها هل يسميان فرضا أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم وصاحب الفائق والقواعد الأصولية.
المسألة الثانية -9: هل يسقطان سهوا يعني على القول بالوجوب فيما يظهر أم لا أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الحاويين.
وإذا علمت ذلك فقد قال الشيخ الموفق وتبعه الشارح: هذا الخلاف مبني على اختلاف الروايتين في الواجب هل يسمى فرضا أم لا والصحيح أنه يسمى فرضا فيسميان فرضا انتهى وقال ابن عقيل هما واجبان لا فرضا وقال الزركشي حيث قيل بالوجوب فتركهما أو أحدهما ولو سهوا لم يصح وضوءه قاله الجمهور وقال في الرعاية الكبرى لا يسقطان سهوا على الأشهر وقدمه في الرعاية الصغرى وهذا هو الصحيح والمعتمد وقال ابن الزاغوني إن قيل وجوبهما بالسنة صح مع السهو وحكي عن الإمام أحمد في ذلك روايتان:
إحداهما: وجوبهما بالكتاب.
والثانية: بالسنة انتهى.
قلت: نص الإمام أحمد في رواية أبي داود وابن إبراهيم أنهما لا يسميان فرضا وإنما يسميان سنة مؤكدة أو واجبا ونقل بكر بن محمد: إن تركهما يعيد كما أمر الله تعالى، وهذا يدل على تسميتها فرضا.
ـــــــ
1 في مسنده "2000".
2 مسائل أحمد لابنه عبد الله 1/103.
3 ليست في "ط".

(1/175)


ويسن تقديم المضمضة عليه والأصح للشافعية تجب ويتوجه لنا مثله على قولنا لم يدل القرآن عليه وكذا تقديمها على بقية الوجه وقيل يجب "و ش".
وتسن المبالغة فيهما إلى أقاصيهما وفي الرعاية1 أو أكثره لا في استنشاق فقط، خلافا لابن الزاغوني وعنه تجب، وقيل في استنشاق، ويكره للصائم، وحرمه أبو الفرج.
وهل يكفي وضع الماء فيه بدون إدارته فيه وجهان "م 10" ثم له بلعه، ولفظه، ولا يجعل المضمضة أولا وجورا2، ولا الاستنشاق سعوطا.
ـــــــ
مسألة -10: قوله: "وهل يكفي وضع الماء... بدون إدارته؟ فيه وجهان" انتهى.
أحدهما: لا يكفي من غير إدارته وهو الصحيح جزم به في المبهج واقتصر عليه ابن تميم وصاحب الفائق وجزم به أيضا في الرعاية وشرح ابن عبيدان وغيرهم وقدمه الزركشي.
والوجه الثاني: يكفي قال الشيخ الموفق ومن تابعه لا تجب الإدارة في جميع الفم ولا الإيصال إلى جميع باطن الأنف وهذا أيضا أيضا موافق للوجه الأول وقال في مجمع البحرين وغيره وقدر المجزئ وصول الماء إلى داخل قال في المطلع المضمضة في الشرع وضع الماء في فيه وإن لم يحركه، قال الزركشي وليس بشيء.
ـــــــ
1 ليست في "س".
2 الوجور، بفتح الواو: دواء يصب في الفم. "المصباح": "وجر".

(1/176)


ويجب على الأصح "هـ" غسل اللحية ومسترسلها ويستحب تخليل الساتر للبشرة وقيل لا "و م"1 كتيمم وقيل: يجب كما لو وصفها2 "هـ" وشعر غير اللحية مثلها وقيل: يجب غسل باطنه "و ش".
وفي استحباب غسل داخل العينين مع أمن الضرر وجهان "م 11" وعنه يجب "خ" وعنه في الكبرى ولا يجب لنجاسة في الأصح "هـ ش".
ـــــــ
مسألة -11: قوله: "وفي استحباب غسل داخل العينين مع أمن الضرر وجهان" انتهى.
أحدهما: لا يستحب، وهو الصحيح، بل يكره، قال الشيخ في المغني3 وابن عبيدان والصحيح: أنه ليس بمسنون، وصححه في مجمع البحرين، والظاهر أنه تابع المجد في شرحه، وجزم به في الوجيز، وغيره، وقدمه في المحرر، والشرح4 وابن تميم وحواشي المقنع للمصنف، والفائق وغيرهم، قال الزركشي: اختاره القاضي في تعليقه والشيخان.
والوجه الثاني: يستحب، قطع به في الهداية، والفصول، وتذكرة ابن عقيل، وخصال ابن البنا، والمذهب، ومسبوك المذهب، والتلخيص، والبلغة، والنظم، وغيرهم وقدمه في الرعايتين، والحاويين وغيرهم، وقيل: يستحب في الجنابة دون الوضوء.
ـــــــ
1 في "س": "هـ م".
2 وصف الشعر البشرة، أي: ظهرت من تحته ولم سترها. "المغني" 1/164.
3 1/152.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/338.

(1/177)


فصل: ثم يغسل يديه إلى المرفقين،
وهو فرض إجماعا، ويجب إدخالها على الأصح "و" وغسل أظفاره، ذكره في الرعاية "ع" وقاسه في الفصول والفروع والنهاية على المسترسل من اللحية، والفرق أنه ناد1 لا مشقة فيه مقصر بتركه. وذكر ابن الجوزي ومعناه في الفصول أن حد اليدين من أطراف الأصابع.
ثم يمسح رأسه، وهو فرض إجماعا، ويجب مسح ظاهره "ش" كله "و م" وعفا في المترجم والمبهج عن يسير للمشقة، وعنه يجزئ أكثره، وعنه قدر الناصية "و هـ م" ففي تعيينها وجهان "م 12" وهي
ـــــــ
تنيبه: قوله في غسل اليدين كالمرفقين في غسل الأظفار: "والفرق نادر1" قال شيخنا ابن نصر الله: لعله باد بالباء الموحدة.
مسألة -12: قوله في مسح الرأس وعنه: "يجزئ قدر الناصية ففي تعيينها وجهان". وأطلقهما ابن تميم:
أحدهما: لا تتعين الناصية للمسح، بل لو مسح قدرها من وسطه أو من أي جانب منه أجزأه، وهو الصحيح، وذكره القاضي، وابن عقيل عن الإمام أحمد، وجزم به ابن
ـــــــ
1 في "ط": "ناد".

(1/178)


مقدمه وقيل: قصاص الشعر، وعنه وبعضه "و ش" وفي الانتصار احتمال في التجديد. وفي التعليق للعذر، واختاره شيخنا، وأنه يمسح معه العمامة ويكون كالجبيرة فلا توقيت. ولا يكفي أذنيه في الأشهر. وعنه بعضه للمرأة، وهي الظاهرة عنه عند الخلال، والشيخ:
ـــــــ
رزين في شرحه، وقدمه في المغني1، والشرح2، وشرح ابن عبيدان والرعايتين والحاويين وغيرهم "قال" الزركشي: لا تتعين الناصية على المعروف، قال في مجمع البحرين: وإيجاز ابن حمدان هذا أصح الوجهين انتهى.
والوجه الثاني: تتعين قال ابن عقيل: يحتمل أن تتعين الناصية للمسح، اختاره القاضي في موضع من كلامه والله أعلم، إذا علمت ذلك ففي إطلاق المصنف الخلاف والحالة ما ذكر شيء!!
ـــــــ
1 1/177.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/350-351.

(1/179)


بيديه، ويجزئ بعض يده، وعنه أكثرها، ويجزئ بحائل في الأصح "و هـ ش".
ويستحب من مقدم رأسه، ثم يمرهما إلى قفاه، ثم يردهما، وعنه بماء جديد إلى مقدمه، وعنه لا يردهما من انتشر شعره، ويردهما من لا شعر له أو كان مضفورا "ش" وعنه تبدأ المرأة بمؤخره، وتختم به، وعنه فيها كل ناحية لمنصب الشعر، وقيل يجزئ بل الرأس بلا مسح "و هـ ش".
وإن غسله أجزأ في الأصح إن أمر يده، وعنه أو لا "و هـ ش" وإن أصابه ماء أجزأه إن أمر يده، وعنه وقصده. وإن لم يمرها ولم يقصده فكغسله. والنزعتان منه في الأصح، وفي صدغ وتحذيف وجهان "م 13 - 14".
ـــــــ
مسألة - 13 -14: قوله في مسح الرأس: "والنزعتان منه على الأصح، وفي صدغ وتحذيف وجهان" انتهى، ويعني هل هما من الرأس أو من الوجه وفيه مسألتان وأطلقهما في الهداية، والفصول، والمذهب ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة والتلخيص، والبلغة، والرعاية الصغرى، والحاويين وشرح ابن عبيدان والمصنف في محظورات الإحرام1 أيضا وغيرهم:
أحدهما: هما من الرأس، وهو الصحيح، اختاره الشيخ في الكافي2، المجد، وقال: هو ظاهر كلام الإمام أحمد قال، في الرعاية الكبرى: الأظهر أنها من الرأس. وقال في مجمع البحرين: هذا أصح الوجهين وقدمه ابن رزين في الصدغ.
والوجه الثاني: هما من الوجه اختاره ابن حامد، قاله القاضي، وحكى القاضي أبو الحسين في الصدغ روايتين، وقيل التحذيف من الوجه، والصدغ من الرأس، اختاره
ـــــــ
1 5/414.
2 1/63-65-66.

(1/180)


والأذنان منه "و هـ م" ففي وجوب مسحهما1 "خ"، واستحباب1 وأخذ ماء جديد لهما "و هـ ش" كما لو لم يبق بيده بلل روايتان "م 15 - 16".
ـــــــ
أبو حامد، قاله جماعة، اختاره الشيخ في المغني2. وقال ابن عقيل الصدغ من الوجه قاله الشارح وأطلقهما ابن تميم والزركشي وأطلقهما ابن رزين في التحذيف.
تنبيه: يأتي في كلام المصنف في باب محظورات الإحرام3 إطلاق الخلاف في محل الصدغ وتفسير التحذيف، وهل هما من الرأس، أو من الوجه أيضا، فحصل التكرار.
مسألة -15 – 16: قوله: "والأذنان منه، ففي وجوب مسحهما واستحباب أخذ ماء جديد لهما كما لو لم يبق في يده بلل روايتان" انتهى، ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى – 15: هل يجب مسحهما إذا قلنا: هما من الرأس، قلنا بوجوب مسح جميعه أم لا يجب؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الرعايتين، ومختصر ابن تميم والحاويين وشرح ابن عبيدان وغيرهم:
إحداهما: لا يجب مسحهما بل يستحب وهو الصحيح قال الزركشي وهي الأشهر نقلا. قال الشارح: هذا ظاهر المذهب. قال في الفائق هذا أصح الروايتين: قال في مجمع البحرين، هذا أظهر الروايتين، واختاره الخلال والشيخ وجزم به في العمدة. وقال في المغني4: والظاهر عن أبي عبد الله أنه لا يجب مسحهما وإن وجب الاستيعاب، قال الشارح، والناظم، والأولى مسحهما، يعنيان لأجل الخروج من الخلاف.
والرواية الثانية: يجب مسحهما، نص عليه، قال الزركشي اختاره الأكثر، انتهى، وجزم به في الهداية، والمذهب والمستوعب، والخلاصة،
ـــــــ
1 لست في "ط".
2 1/163.
3 5/411.
4 1/117.

(1/181)


ويستحب مسحهما بعد، ذكره القاضي، ويتوجه، تخريج، واحتمال،
ـــــــ
والمقنع1، والتلخيص والمحرر وغيرهم، وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره، وقدمه في الشرح1 وشرح ابن رزين وهو من مفردات المذهب. قلت: وهو المذهب على المصطلح، لاتفاق الشيخين عليه2.
تنبيه: حكى الخلاف روايتين كما حكاه المصنف ابن عبد القوي في مجمع البحرين، وابن تميم، وصاحب الفائق، والزركشي، وغيرهم، وحكاهما، وجهين في الرعاية الصغرى والحاويين وقدمه في الرعاية الكبرى.
المسألة الثانية- 16: هل يستحب أخذ ماء جديد لهما أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمستوعب والتلخيص، والبلغة في صفة الوضوء والمحرر، والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين وغيرهم:
إحداهما: يستحب مسحهما بماء جديد، وهو الصحيح، اختاره الخرقي، وابن أبي موسى والقاضي، في الجامع الصغير والشيرازي وابن البنا والشيخ والشارح وابن عبدوس في تذكرته، قال في الخلاصة: يستحب على الأصح وجزم به ابن عقيل في التذكرة، والفصول، والمذهب، ومسبوك الذهب، والكافي3 والمقنع والمذهب الأحمد، والتلخيص، والبلغة في سنن الوضوء وشرح ابن منجى، والإفادات والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يستحب بل يمسحان بماء الرأس اختاره القاضي في تعليقه، وأبو الخطاب في خلافه الصغير والمجد في شرح الهداية والشيخ تقي الدين وابن عبيدان وصاحب الفائق وغيرهم "قلت" وهو أولى وقال ابن رجب في
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/348.
2 ليست في "ح".
3 1/66.

(1/182)


وذكر الأزجي يمسح الأذنين معا "و ش" ولم يصرحوا بخلافه وعنه هما عضوان مستقلان "و ش" فيجب ماء جديد في وجه "خ" ويتوجه منه يجب الترتيب.
ولا يأخذ لصماخيه ماء غير ظاهر أذنيه "ش" والبياض فوقهما دون الشعر من الرأس كبقيته، بدليل الموضحة1، ولم يجوز شيخنا الاقتصار عليه.
ولا يستحب تكرار المسح، وعنه بلى، بماء جديد. نصره أبو الخطاب وابن الجوزي "و ش" وكذا أذنيه "و" ذكره ابن هبيرة، ولا مسح العنق، وعنه بلى، اختاره في الغنيمة، وابن الجوزي في أسباب الهداية. وأبو البقاء وابن الصيرفي وابن رزين "و هـ" والرجلان كاليدين فيما تقدم "و" والكعبان: العظمات الناتئان "و".
ويستحب تخلل أصابع يديه على الأصح "ش" كرجليه "و" زاد جماعة، فيخلل أصابع2 رجليه بخنصره لخبر المستورد3، رواه أحمد
ـــــــ
الطبقات ذكر الشيخ تقي الدين في شرح العمدة أن أبا الفتح بن جلبة4 قاضي حران كان يختار مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء الرأس قال ابن رجب وهو غريب بعيد انتهى، والذي رأيناه في شرح العمدة للشيخ تقي الدين إنه قال: ذكر القاضي عبد الوهاب وابن حامد أنهما يمسحان بماء جديد بعد أن يمسحهما بماء الرأس، قال وليس بشيء انتهى، فزاد ابن حامد فالظاهر أن عبد الوهاب هذا هو ابن جلبة قاضي حران.
ـــــــ
1 الشجة التي تبدي وضح العظم، أي: بياضه. "القاموس": "وضح".
2 ليست في الأصل و"ب" و"ط".
3 هو المستورد بن شداد بن عمرو القرشي، الفهري، صحابي من أهل مكة، سكن الكوفة مدة، وشهد فتح مصر. توفي بالإسكندرية عام "45هـ". "الأعلام" 7/ 215.
4 هو أبو الفتح، عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن جلبة البغدادي، الحراني، القاضي. له كتب في أصول الدين وأصول الفقه وغير ذلك. "ت476هـ"، "طبقات الحنابلة" 2/245 "الأعلام" 4/180.

(1/183)


وغيره1، ولكنه ضعيف. ويبدأ من اليمنى بخنصرها، واليسرى بالعكس، للتيامن، زاد في التلخيص، ويخلل باليسرى من أسفل الرجل. وفي نهاية الأزجي بخنصر يده اليمنى.
ويستحب التيامن "و" وقيل يكره تركه "و ش" والغسيل ثلاثا "و" حتى طهارة المستحاضة، ذكره في الخلاف، ويعمل في عددها2 بالأقل "و هـ ش" وفي النهاية بالأكثر، وتكره الزيادة "و" وقيل تحرم، قال جماعة يكره الكلام، وذكره بعضهم عن العلماء، والمراد: بغير ذكر الله تعالى، كما صرح به جماعة، والمراد بالكراهة ترك الأولى "و" للحنفية والشافعية، مع أن ابن الجوزي وغيره لم يذكروه فيما يكره ويسن.
وذكر جماعة: يقول عند كل عضو ما ورد3، والأول أظهر، لضعفه جدا، مع أن كل من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره، ولو شرع لتكرر منه، ولنقل عنه.
قال أبو الفرج: ويكره السلام عليه وفي الرعاية: ورده، مع أنه ذكر لا يكره رد متخل، وهو سهو، وظاهر كلام الأكثر لا يكره السلام، ولا
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أحمد "18010"، وأبو داود "148"، والترمذي "40" بلفظ: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره".
2 في النسخ الخطية: "في عدها" والمثبت من "ط".
3 أي: من الأذكار، قال العلامة ابن القيم: وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه، فكذب مختلق، لم يقل رسول الله شيئاً منه، ولا علمه لأمته". "زاد المعاد" 1/188.

(1/184)


الرد، وإن كان الرد على طهر أكمل لفعله عليه السلام1. وفي الصحيحين2: أن أم هانئ سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل، فقال: "من هذه؟" قلت: أم هانئ بنت أبي طالب قال: "مرحبا بأم هانئ". فظاهر كلامهم لا تستحب التسمية عند كل عضو "هـ".
وظاهر ما ذكره بعضهم يستقبل القبلة، ولا تصريح بخلافه، وهو متجه في كل طاعة إلا لدليل.
والأقطع يغسل الباقي أصلا، وكذا تبعا في المنصوص "م" ومن تبرع بتطهيره لزمه، ويتوجه لا، ويتيمم "و هـ م" ويأتي في استطاعة الحج3 ويلزمه بأجرة مثله، وقيل لا "و هـ" لتكرار الضرر دواما، وإن عجز صلى
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود في "سننه" "17"، عن المهاجر بن قنقذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: "إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر". أو قال: "على طهارة".
2 البخاري "357"، مسلم "336" "70".
3 5/235.

(1/185)


وفي الإعادة وجهان كعادم ماء وتراب "م 17" ويتوجه في استنجاء مثله وفي المذهب يلزمه بأجرة مثله وزيادة لا تجحف1، بمال في أحد الوجهين.
وإن منع يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء ففي صحة طهارته وجهان "م 18" "و ش" وقيل يصح ممن يشق تحرزه منه، وجعل شيخنا مثله كل
ـــــــ
مسألة – 17: قوله: "ويلزمه2 العاجز بأجرة مثله، وقيل لا" يلزم "لتكرر الضرر دواما، وإن عجز صلى، وفي الإعادة وجهان كعادم ماء وتراب" انتهى، وكذا قال في المغني3 والشرح4 وابن عبيدان وأطلقهما في التلخيص والرعايتين:
أحدهما: لا يعيد وهو الصحيح، قال في مجمع البحرين: صلى ولم يعد في أقوى الوجهين، قال ابن تميم وابن رزين وغيرهما: صلى على حسب حاله ولم يذكروا إعادة ولا عدمها "قلت" هذا الصحيح من المذهب، وقد صحح الشيخ الموفق والمجد والشارح وصاحب مجمع البحرين والتصحيح وتصحيح المحرر والفائق وغيرهم. وقال الناظم: إنه المشهور واختاره ابن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين، ونصراه ابن عبيدان وغيره وجزم به ناظم المفردات وغيره، وقدمه المصنف، وغيره، إنه لا يلزمه الإعادة فيما إذا عدم الماء والتراب، وقد قاسه المصنف والشيخ والشارح ابن عبيدان وغيرهم هنا على من عدم الماء والتراب، وكان الأليق بالمصنف تقديمه هنا، ولكنه تابع الشيخ في المغني3.
والوجه الثاني تلزمه الإعادة.
مسألة – 18: قوله: وإن منع يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء ففي صحة طهارته وجهان انتهى، وأطلقهما في الحاويين:
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "بالمال".
2 في النسخ الخطية للتصحيح و"ط": "ويلزم العاجز"، والمثبت من "الفروع".
3 1/318.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/364.

(1/186)


يسير منع حيث كان كدم، وعجين، واختار العفو.
وإذا فرغ استحب رفع بصره إلى السماء، وقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"1، وما ورد2، ويتوجه ذلك بعد الغسل ولم يذكروه.
والترتيب "هـ م" كما ذكر الله تعالى3، والموالاة "هـ ش" فرضان على الأصح، وقيل: يسقط ترتيب، وقيل: وموالاة سهوا "و م ر" واختار في الانتصار لا ترتيب في نفل وضوء، وإنه يصح بالمستعمل مع كونه طاهرا، ومعناه في الخلاف في المسألة الأولى، وتوضأ علي فمسح وجهه، ويديه، ورأسه، ورجليه وقال: هذا وضوء من لم يحدث، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صنع
ـــــــ
أحدهما: لا تصح طهارته، واختاره ابن عقيل وجزم به في الفصول، وقدمه في التلخيص، وشرح ابن رزين وابن عبيدان والقواعد الأصولية وغيرهم.
والوجه الثاني تصح، وهو الصحيح، صححه في الرعاية الكبرى والمصنف في حواشي المقنع، وجزم به في الإفادات، وقدمه في الرعاية الصغرى، وإليه ميل الشيخ الموفق قال في مجمع البحرين: اختاره شيخ الإسلام، يعني به الشيخ الموفق، ومال إليه هو، واختاره الشيخ تقي الدين، قال المصنف: "وقيل تصح ممن يشق تحرزه منه" كأرباب الصنائع، والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها واختاره في التلخيص.
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "234" "17" من حديث عقبة بن عامر.
2 يعني: قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين". أخرجه الترمذي "55"، من حديث عمر بن الخطاب.
3 في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].

(1/187)


مثله1، قال شيخنا: إذا كان مستحبا له أن يقتصر على البعض، كوضوء ابن عمر لنومه جنبا، إلا رجليه. وفي الصحيحين2 عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل فأتى حاجته يعني الحدث، ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام. وذكر بعض العلماء أن هذا الغسل للتنظيف، والتنشيط للذكر وغيره.
وإن انغمس في راكد كثير ثم أخرجها مرتبا نص عليه، وقيل: أو مكث بقدره أجزأ، كجار. وفي الانتصار لم يفرق أحمد بينهما، وإن تحرك في راكد يصير كجار، فلا بد من الترتيب.
والموالاة: أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف العضو قبله، وقيل أي عضو كان، وقيل: بل الكل، ويعتبر زمن معتدل، وقدره من غيره، ولو جف لاشتغاله في الآخر بسنة كتخليل، أو إسباغ، أو إزالة شك لم يضر، ولوسوسة وإزالة نجاسة وجهان ولتحصيل الماء روايتان"م 19 - 21"، ويضر
ـــــــ
مسألة 19 – 21: قوله: "ولوسوسة وإزالة نجاسة وجهان ولتحصيل الماء روايتان"، يعني: إذا أخل بالموالاة بسبب ذلك، هل يضر أم لا؟ إذا قلنا هي فرض فذكر المصنف ثلاث مسائل:
المسألة الأولى- 19: هل تضر وتقطع الموالاة الإطالة بسبب الوسوسة في أثناء الوضوء أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم والزركشي:
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "5616".
2 البخاري "6316"، ومسلم "763".

(1/188)


إسراف؛ وإزالة وسخ، ونحوه، وعنه يعتبر طول الفصل عرفا، قال الخلال: هو أشبه بقوله، والعمل عليه.
ويسن تجديد الوضوء لكل صلاة للأخبار1، وعنه لا، كما لو لم يصل بينهما، ويتوجه احتمال، كما لو لم يفعل بينهما ما يستحب له
ـــــــ
أحدهما: لا يضر، وهو الصحيح، صححه في الرعاية الكبرى، وقدمه في المغني2، والشرح3 وشرح ابن عبيدان وابن رزين وغيرهم.
والوجه الثاني: يضر، جزم به في الحاوي الكبير ومجمع البحرين... والظاهر: أنهما تابعا المجد في شرحه، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
المسألة الثانية -20: هل تضر الإطالة بسبب إزالة نجاسة في أثناء الوضوء أم لا تضر؟ أطلق فيه الخلاف، وأطلقه ابن تميم والزركشي.
أحدهما: يضر، وهو الصحيح قدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني لا يضر.
المسألة الثالثة -21: هل تضر الإطالة لأجل تحصيل الماء أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم.
أحدهما: يضر، وهو الصحيح، قدمه في الرعاية والزركشي وهو ظاهر كلام ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية لا يضر، ولا تقطع الموالاة.
ـــــــ
1 فمن ذلك ما أخرجه أحمد في "مسنده" "7513"، من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "لولا أن أشق على أمتي، لأمترهم عند كل صلاة بوضوء".
2 1/192.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/305.

(1/189)


الوضوء، وكتيمم، وكغسل، خلافا لشرح العمدة فيه، وحكي عنه يكره الوضوء، وقيل لا يداوم عليه، ويأتي فعل الوارث لها1 ونذرها، وهل هي عبادة2 مقصودة في نفسها، فيلزم منه استحبابه ولو لم يفعل به شيئا، كقول بعض الشافعية، وعلل ابن عقيل استحبابه بأنه عبادة يشترط لها3 النية، فكان له نفل مشروع كالصلاة.
وتباح معونته "و" وتنشيف أعضائه "و" وعنه يكرهان كنفض يده، لخبر أبي هريرة: "إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان" 4.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 5/82.
2 ليست في "ب" و"س" و"ط".
3 في "ط": "لها".
4 هو في "المجروحين" لابن حبان 1/203، و"تلخيص الحبير" 1/99.

(1/190)


رواه المعمري، وغيره من رواية البختري بن عبيد وهو متروك، واختار صاحب المغني1 والمحرر وغيرهما لا يكره، وهو أظهر "و" وقيل لأحمد عن مسح بلل الخف2، فكرهه، وقال: لا أدري، لم أسمع فيه بشيء، ويتوجه الخلاف.
وإن وضأه غيره ونواه، وقيل: وموضئه المسلم صح "و" وعنه لا، وإن أكرهه عليه لم يصح في الأصح، ويقف عن يساره، وقيل عن يمينه.
وتسن الزيادة على موضع الفرض، وعنه لا "و م" ويباح هو وغسل في مسجد إن لم يؤذ به أحدا، حكاه ابن المنذر إجماعا، وعنه يكره "و هـ م" وإن نجس حرم، كاستنجاء، وذبح3، وهل يكره إراقته فيما يداس فيه؟ روايتان "م 22". ويكره في مسجد، قال شيخنا: ولا يغسل فيه ميت، قال: ويجوز عمل مكان فيه للوضوء للمصلحة بلا محظور.
ـــــــ
مسألة -22: قوله: "وهل يكره إراقته" يعني الماء المتوضأ به "فيما يداس فيه؟ روايتان" انتهى، وأطلقهما في الفصول، والمذهب، وشرح ابن عبيدان وغيرهم:
إحداهما: يكره فيما يداس فيه كالطريق ونحوه، وهو الصحيح، اختاره ابن حمدان في الإيجاز، وقدمه في الرعاية الكبرى، ومختصر ابن تميم، ولم يذكر في الجامع خلافه.
والرواية الثانية لا يكره.
ـــــــ
1 1/196.
2 في "ط": "الكف".
3 في "ط": "وريح".

(1/191)


ويحل1 الحدث جميع البدن، ذكره القاضي وأبو الخطاب وأبو الوفاء، وأبو يعلى الصغير2 كالجنابة، ويتوجه وجه: أعضاء الوضوء، ويجب الوضوء بالحدث، ذكره ابن عقيل وغيره. وفي الانتصار بإرادة الصلاة بعده، قال ابن الجوزي: لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة، بل يستحب، ويتوجه قياس المذهب بدخول الوقت لوجوب الصلاة إذن، ووجوب الشرط بوجوب المشروط، ويتوجه مثله في غسل، قال شيخنا وهو لفظي.
ـــــــ
تنبيه: على القول بالكراهة تكون تنزيها للماء، جزم به في الرعاية. قلت: وهو الصواب، وقيل للطريق، لأنه مختلف في نجاسته، قال ابن تميم وابن عبيدان وهل ذلك تنزيه للماء أو للطريق على وجهين وأطلقهما أيضا في الفصول.
فهذه اثنتان وعشرون مسألة قد فتح الله علينا بتصحيحها.
ـــــــ
1 في "ط": "ومحل".
2 هو: محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء، القاضي أبو يعلى الصغير، شيخ المذهب في وقته سمع الحديث وتفقه، وبرع في المذهب والخلاف والمناظرة، له: "التعليقة". "ت560هـ". "ذيل طبقات الحنابلة" 1/244.

(1/192)


ولا يكره طهره من إناء نحاس ونحوه في المنصوص، ولا من إناء بعضه نجس في ظاهر كلامهم. وفي الفصول والمستوعب يكره، ولا مما بات مكشوفا، قال في الفصول: ومن مغطى أفضل، واحتج بنزول الوباء فيه، وأنه لا يعلم هل يختص الشرب، أو يعم؟ ويأتي فرض الوضوء، ومتى فرض؟ وهل يختص هذه الأمة أول اجتناب النجاسة1.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 2/ 90.

(1/193)


باب مسح الحائل
مدخل
...
باب مسح الحائل
وهو أفضل، وعنه الغسل "و" وعنه هما سواء.
ولا يستحب أن يلبس ليمسح، كالسفر ليترخص، ويأتي في القصر1.
والمسح رخصة، وعنه عزيمة، والظاهر أن من فوائدها المسح في سفر المعصية، وتتعين2 المسح على لابسه، ويكره في المنصوص لبسه مع مدافعة أحد الأخبثين "و م".
ويجوز المسح حتى لزمن3، وامرأة، وفي رجل واحدة لم يبق من فرض الأخرى شيء: في حدث أصغر على سائر محل الفرض، ثابت بنفسه لا بشده: في المنصوص، وقيل: ولا يبدو بعضه لولا شده "هـ ش" مباح على الأصح "هـ ش"4، وفي "الفصول" ، "النهاية"، و"المستوعب": إلا لضرورة برد4.
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 3/84.
2 في الأصل و"ب": "وتعين"، وفي "ط": "يتعين".
3 هو: المبتلى بمرض يدوم طويلاً. "المصباح": "زمن".
4 وردت في "ط" بعد قوله: ذكره القاضي وغيره. في الصفحة التالية.

(1/194)


لأن المعصية لا تختص اللبس لأنه لو تركه لم يزل إثم الغصب، بخلاف سفر المعصية فإنه لو تركه خرج منها ذكره القاضي وغيره.
لا يصف القدم لصفائه 1 في الأصح "هـ" يمكن المشي فيه، وقيل: يعتاد2 "و هـ" وقيل: ويمنع نفوذ الماء "و ش" وفي3 اعتبار طهارة عينه في الضرورة وجهان "م 1" من خف "و" وموق، وهو الجرموق: خف قصير، ولو
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وفي اعتبار طهارة عينه في الضرورة وجهان" وأطلقهما في الفصول والمستوعب، ونهاية أبي المعالي، ومختصر ابن تميم ومجمع البحرين والرعايتين والحاويين، قال في الرعاية الكبرى: وفي النجس العين، وقيل: لضرورة برد أو غيره وجهان انتهى.
أحدهما: يشترط طهارة عينه، فلا يصح المسح على جلد الكلب. والخنزير، والميتة قبل الدبغ في بلاد الثلوج إذا خشي سقوط أصابعه بخلعه4 ونحوه، بل يتيمم للرجلين، وهذا الصحيح، قال المجد في شرحه وتبعه ابن عبيدان هذا الأظهر، واختاره ابن عقيل وابن عبدوس المتقدم، قال المصنف في حواشي المقنع: لا يجوز المسح على الأصح.
ـــــــ
1 في "ط": "بصفاته".
2 في "ط": "يعتاد".
3 بعدها في "ط": "رواية".
4 ليست في "ط".

(1/195)


فوق خف "ش م ر" للحاجة إليه في البلاد الباردة، ولا يضر عدمها كخف1 الخشب، وجورب صفيق2 "م" كمجلد، ومنعل، ونحوه "و" فإن ثبت بنعل3 فقيل: يجب مسحهما، وعنه، أو أحدهما "م 2".
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يشترط طهارة عينه، فيصح المسح على ذلك قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي محمد4 لأن فيه إذنا، ونجاسة الماء حال المسح لا يضر، انتهى، قال في مجمع البحرين ومفهوم كلام الشيخ اختيار عدم اشتراط إباحته.
مسألة- 2: فإن ثبت بنعله فقيل يجب مسحهما وعنه5 أحدهما، انتهى، وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان والزركشي وغيرهم:
أحدهما: يجب أن يمسح على الجوربين وسيور النعلين قدر الواجب، قاله القاضي وهو ظاهر كلامه في التلخيص، وقدمه في الرعاية الكبرى، قال في الرعاية الصغرى والحاويين مسحهما، فجزما بمسحهما قال في الكبرى: وقيل يجزئ مسح الجورب وحده، وقيل أو النعل وحده، انتهى، وعنه يجب مسح أحدهما قال المجد وتبعه في مجمع البحرين وشرح ابن عبيدان ظاهر كلام الإمام أحمد إجزاء المسح على أحدهما قدر الواجب وقدموه.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "لخف"، والمثبت من "ط".
2 الكثيف النسيج. "المعجم الوسيط": "صفق".
3 في "ط": "بنعل".
4 هو: الشيخ الموفق ابن قدامة.
5 ليست في "ط".

(1/196)


وإن كان فيه خرق ينضم بلبسه جاز، وإلا فلا "و ش" في المنصوص فيهما، وإن كان تحت مخرق جورب أو خف جاز المسح، لا لفافة في المنصوص فيهما، وعنه في الأولى هما كنعل مع جورب. وفي مخرق على مخرق يستتر بهما القدم وجهان "م 3".
ويمسح صحيحا على مخرق، أو لفافة، واختار شيخنا مسح القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيد أو رجل كما جاءت به الآثار، قال: والاكتفاء هاهنا بأكثر القدم نفسها أو الظاهر1 منها غسلا أو مسحا أولى من مسح بعض الخف، ولهذا لا يتوقت، وكمسح عمامة، وأنه يمسح خفا مخرقا إلا إن تخرق أكثره فكالنعل، وكذا ملبوس دون كعب.
ـــــــ
قلت: وهو الصحيح من المذهب وظاهر كلام كثير من الأصحاب، لكن يبعد أن تكون السيور2 قدر الواجب.
مسألة- 3: قوله: "وفي مخرق على مخرق يستر القدم بهما وجهان"، انتهى. وهما احتمالان مطلقان في المغني3، والكافي4، والشرح5، وأطلق الوجهين ابن تميم وابن عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وبناهما على القول بجواز مسح المخرق فوق الصحيح:
أحدهما: لا يجزئ المسح عليهما، وهو الصحيح، قال في الحاويين: فلا مسح في أصح الوجهين وجزم به في المستوعب وغيره، وقدمه في الرعايتين وغيره.
والوجه الثاني: يجزئ قدمه ابن رزين في شرحه.
ـــــــ
1 في الأصل و"ب": "الطاهر".
2 في "ح": "اليسير".
3 1/364 -365.
4 1/79.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/414.

(1/197)


ولا يمسح لفائف في المنصوص "و" وتحتها نعل، أو لا، ولو مع مشقة في الأصح، ولا خفين لبسا على ممسوحين؛ لأن اللبس بعد مضي بعض المدة يمنع البناء، ويستأنفها بدليل ما لو مسح ثم خلعهما ثم لبس استأنف المدة، ويتوجه الجواز "و م".
ولو تيمم ثم لبسه ثم وجد ماء لم يمسح "و" لبطلان طهارته، ونقله عبد الله، ونقل من قال لا ينقضها إلا وجود الماء: يمسح، وهو قول في الرعاية. وقاله1 أشهب المالكي وابن سريج الشافعي وابن حزم: وإن لبس خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه فوجهان، وكذا إن شد جبيرة مسح فيها عليهما، أو على أحدهما، وقيل: يجوز، لأن مسحهما عزيمة "م 4 - 6" وإن لبس خفا على طهارة مسح فيها جبيرة مسح، وقيل إن كانت في رجله ومسح عليها ثم لبس الخف لم يمسح عليه.
ـــــــ
مسألة 4 – 6: قوله: "وإن لبس خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه فوجهان وكذا، وإن شد جبيرة مسح عليهما، أو على أحدهما، وقيل يجوز، لأن مسحها عزيمة". انتهى، ذكر المصنف مسائل:
ـــــــ
1 في "ط": "وقال".

(1/198)


................................
ـــــــ
المسألة الأولى- 4: لو لبس خفا على طهارة مسح فيها عمامة.
المسألة الثانية -5: عكسها لبس عمامة على طهارة مسح فيها خفا، وأطلق الخلاف في جواز المسح وعدمه فيهما، وأطلقه فيهما في الرعايتين والحاويين، ومختصر ابن تميم والزركشي وغيرهم. وقال ابن عبيدان في شرحه: قال أصحابنا: ظاهر كلام الإمام أحمد لا يجوز المسح، انتهى، قال في الفصول والمغني1 والشرح2: وقال بعض أصحابنا ظاهر كلام الإمام أحمد لا يجوز المسح، والظاهر أن ابن عبيدان تابعهم، وسقطت لفظة بعض في الكتابة وقال القاضي يحتمل جواز المسح، قال الزركشي أصحهما، عند أبي البركات الجواز جريا على قاعدته، من أن المسح يرفع الحدث انتهى، وصححه ابن عبيدان أيضا في مكان آخر.
قلت: الصحيح من المذهب أن المسح يرفع الحدث وهو المنصوص، وعليه الأكثر وقدمه المصنف وغيره، إذا علم ذلك فالصحيح من المذهب جواز المسح في هاتين المسألتين.
والوجه الثاني: لا يجوز المسح ولا يجزئ وهو ظاهر كلام الإمام أحمد كما تقدم.
المسألة الثالثة -6: لو شد جبيرة على طهارة مسح فيها على خف وعمامة أو على أحدهما، فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسألة التي قبلها خلافا ومذهبا، وقدمه المستحب، وقد جزم في الرعاية الصغرى والحاويين هنا بالجواز واختاره المجد وغيره فتأكد القول بالصحة هنا، وهو الصواب، وضعف الرعاية الكبرى هذا، وصحح المنع وأطلق الوجهين هنا في المغني1 والشرح2
ـــــــ
1 1/365.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/391.

(1/199)


ويمسح عمامة محنكة "ح" ساترة ما جرت به العادة. وفي ذات ذؤابة وجهان "م 7" وذكرها ابن شهاب1، وجماعة في صماء وقالوا: لم يفرق أحمد. وفي مفردات ابن عقيل هو مذهبه، والظاهر إن لم يكن يقينا قد
ـــــــ
وشرح ابن عبيدان وغيرهم وقيل يجوز المسح هنا، وإن منعناه في الأولى لأن مسحها عزيمة، وجزم بهذا القول في الرعاية الصغرى والحاويين كما تقدم، وصحح في الرعاية الكبرى المنع هنا وأطلق الخلاف هناك فتلخص ثلاث طرق:
أحدهما: هي مثل التي قبلها وهو الصحيح.
والثاني: جواز المسح هنا وإن منعناه هناك.
والثالث: منعه هنا وإطلاق الخلاف هناك وهي طريقته في الكبرى والله أعلم.
مسألة- 7: قوله: "وفي ذات ذؤابة وجهان". انتهى، وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والمستوعب وشرح أبي البقاء والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والهادي والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر وشرح الهداية للمجد والنظم ومجمع البحرين وشرح الخرقي
ـــــــ
1 هو: أبو علي، الحسن بن شهاب بن الحسن العكبري. له مصنفات في الفقه والأدب والحديث. "ت428هـ". "طبقات الحنابلة" 2/186، "الأعلام" 2/193.
2 1/381.
3 1/83.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/ 419.

(1/200)


اطلعوا على كراهة أحمد للبسها، وإنما رأوا أن الكراهة لا تمنع الرخصة، ويأتي قريبا النهي عن الكي1.
ـــــــ
للطوفي وشرح ابن منجى وشرح العمدة للشيخ تقي الدين وشرح ابن عبيدان ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم:
أحدهما: يجوز المسح عليها، وهو الصحيح جزم به في العمدة والمنور والمنتخب الآدمي والتسهيل، وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره ابن عقيل وابن الزاغوني والشيخ الموفق وإليه ميل ابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق أولى، فإنه اختار جواز المسح على العمامة الصماء. وفي الفائق ما يدل على أنه اختاره صريحا.
والوجه الثاني: لا يجوز المسح عليها اختاره ابن حامد قاله في الفصول، وجزم به في الإيضاح والوجيز وهو ظاهر كلامه في المبهج ومسبوك الذهب، وتذكرة ابن عبدوس وتجريد العناية فإنهم قالوا محنكة، واقتصروا عليه، وصححه في تصحيح المحرر، قال الشارح وهو أظهر، وقدمه في إدراك الغاية، قال في الفائق: وفي اشتراط التحنيك وجهان، اشترطه ابن حامد وألغاه ابن عقيل وابن الزاغوني وشيخنا، وخرج من القلانس، وقيل الذؤابة كافية، وقيل بعدمه، واختاره الشيخ، انتهى، وما نقله عن الشيخ مخالف لما قاله في العمدة، ولم أر في كتبه ما يخالفه، بل صرح الشارح أن الجواز اختيار الشيخ، والله أعلم.
ـــــــ
1 ص 208.

(1/201)


واختار شيخنا وغيره المسح، وقال: هي كالقلانس، وكره أحمد لبس غير1 المحنكة، ونقل الحسن أبو ثواب2: كراهية شديدة، ولم يصرح الأصحاب بإباحة لبسها، بل ذكر بعضهم كراهة أحمد. وقال بعضهم: لا تباح مع النهي، فلا يتعلق بها رخصة، وعلله بعضهم بعدم المشقة، كالكتلة3، وبأنها تشبه عمائم أهل الذمة، وقد نهى عن التشبه بهم، ويأتي في ستر العورة4.
وقال شيخنا: المحكي عن أحمد الكراهة، والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى التحريم، ومثل هذا لا يمنع الترخص كسفر النزهة، كذا قال، ويأتي في القصر5، ولعل ظاهر من جوز المسح إباحة لبسها، وهو متجه، لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار، وتحمل كراهة السلف على الحاجة إلى ذلك، لجهاد أو غيره، واختاره شيخنا، أو على ترك الأولى، وحمله صاحب المحرر وغيره على غير ذات ذؤابة، مع أن الكراهة إنما هي عن
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 أبو علي، الحسن بن ثواب بن علي المخرمي، البغدادي، من أصحاب الإمام أحمد، كان له جزء كبير فيه مسائل عن الإمام. "ت268هـ". "طبقات الحنابلة" 1/131، و"المقصد الأرشد" 1/317.
3 ضرب من القلانس يلبسه أرباب السيوف في الدولة الأيوبية. "متن اللغة": "كلت". وينظر: "المغني" 1/284.
4 2/57.
5 3/80.

(1/202)


عمر، وابنه، والحسن، وطاوس، والثوري، وفي الصحة نظر.
ولا يمسح معها ما العادة كشفه، وعنه يجب، وعنه حتى الأذنين، ولا يمسح قلنسوة، وعنه بلى، وقيل المحبوسة تحت حلقه، ولا ساترا كخضاب نص عليه.
ولا تمسح امرأة عمامة، ولحاجة برد وغيره وجهان "م 8" وإن قيل: يكره التشبه، فوجه الخلاف، كصماء. ومثل الحاجة لو لبس محرم خفين لحاجة هل يمسح "م 9".
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "ولا تمسح امرأة عمامة ولحاجة برد وغيره وجهان":
أحدهما: لا يجوز، وهو الصحيح، وجزم به في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين ومجمع البحرين وغيرهم، وهو ظاهر العمدة، وقدمه ابن تميم وابن حمدان وابن عبيدان، وصححه، وغيرهم.
والوجه الثاني: يجوز ويصح.
قلت: والنفس تميل إلى ذلك وهي شبيهة بما إذا لبس نجس العين في الضرورة على ما تقدم3.
مسألة- 9: قوله: "ومثل الحاجة لو لبس محرم خفين لحاجة هل يمسح؟" انتهى، وقد علمت الصحيح من الوجهين في التي قبلها. قلت: الصواب جواز المسح
ـــــــ
1 1/383.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/224.
3 ص117.

(1/203)


وتمسح قناعها وهو الخمار المدار تحت الحلق، وعنه المنع ويجب مسح الجبيرة كلها في الطهارتين إلى حلها إذا لم يتعد بشدها محل الحاجة، وعنه الإعادة، وعنه يتيمم "و ش" مع المسح فلا يمسحها بتراب، وإن عممت1 محل التيمم سقط، وقيل يعيد إذن، وقيل هل يقع التيمم على حائل في محله كمسحه بالماء أم لا لضعف التراب؟ فيه وجهان، فعلى الأول لا تتقيد الجبيرة بالوقت، وعنه بلي كالتيمم.
ـــــــ
هنا وإن منعناه في التي قبلها، 2وهو ظاهر كلام الأصحاب بل تتبعت كلام أكثرهم فلم أرهم ذكروا المسألة ولم أر أحدا ذكرها غير المصنف وهو عمدة ويحتمل أن يكون خرج ذلك من عنده، والله أعلم2.
ـــــــ
1 في "ط": "عممت".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/204)


فصل: يشترط للمسح اللبس على طهارة
ويعتبر كما لها، وعنه لا، اختاره شيخنا "و هـ" فلو غسل رجلا ثم أدخلها الخف خلع، ثم لبس بعد1 غسل الأخرى2، ثم لبس، وإن لبس الأولى طاهرة ثم الثانية خلع الأولى، وظاهر كلام أبي بكر والثانية، أو لبسه محدثا وغسلهما فيه خلع على الأولى، ثم لبسه
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 في "ط": "ثم".
2 بعدها في "ط": "ثم لبس".

(1/205)


قبل الحدث وإلا لم يمسح، وعلى الثانية لا يخلعه، ويمسح، وجزم الأكثر بالرواية الأولى في هذه المسألة وهي الطهارة لابتداء اللبس، بخلاف المسألة قبلها، وهي كمال الطهارة، فذكروا فيها الرواية الثانية، وعلى هذه الرواية لو نوى جنب رفع حدثيه، وغسل رجليه وأدخلهما في خفه، ثم تمم طهارته، أو فعله محدث1 ولم يعتبر الترتيب فإنه يمسح، وعلى الأولى لا. وكذا لبس عمامة قبل2 طهر كامل، فلو مسح رأسه، ثم لبسها ثم غسل رجليه مسح على الثانية، وعلى الأولى يخلع ثم يلبس.
وإن لبسها محدثا ثم توضأ ومسح رأسه ورفعها رفعا فاحشا فكذلك، قال شيخنا: كما لو لبس الخف محدثا، فلو غسل رجليه رفعها إلى الساق، ثم أعادها، وإن لم يرفعها فاحشا احتمل أنه كما لو غسل رجله في الخف، لأن الرفع اليسير لا يخرجه عن حكم اللبس، ولهذا لا تبطل الطهارة به، ويحتمل أنه كابتداء اللبس، لأنه إنما عفي عنه هناك للمشقة،
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 في "ط": "كمحدث".
2 في الأصل: "بعد".

(1/206)


قال: ويتوجه أن العمامة لا يشترط فيها ابتداء اللبس على طهارة، ويكفي فيها الطهارة المستدامة، لأن العادة إن من توضأ رفع العمامة ومسح رأسه، ثم أعادها. فلا يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء، ولا أنه يخلعها بعد وضوئه ثم يلبسها بخلاف الخف، وهذا مراد ابن هبيرة في الإفصاح في العمامة هل يشترط أن يكون لبسها على طهارة؟ عنه روايتان، أما ما لا يعرف عن أحمد وأصحابه فتبعد إرادته جدا، فلا ينبغي حمل الكلام المحتمل عليه، وإن كان قول الظاهرية وحكاه القرطبي عن داود في الخف أيضا وفي ذلك إثبات خلاف بالاحتمال في موضع لا يعرف لغيره، ومثل هذا لا يجوز.
ويشترط للجبيرة الطهارة "و ش" وعنه لا، اختاره الخلال وصاحبه1 والشيخ، وعلى الأول إن شد على غير طهارة نزع فإن خاف تيمم، وقيل يمسح "و ش" وقيل: هما، وكذا لو تعدى بالشد محل الحاجة
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(1/207)


وخاف، وإن كان شد على طهارة مسح فيها حائلا، فإن كان جبيرة جاز، وإلا فوجهان، وكذا لبسه خفا على طهارة مسح فيها عمامة وعكسه، وقيل أو مسح فيها جبيرة في رجليه "م 10" وسبق ذلك1.
والدواء كجبيرة، ولو جعل في شق قارا وتضرر بقلعه فعنه يتيمم، للنهي عن الكي مع ذكرهم كراهة الكي، وعنه له المسح، وعند ابن عقيل يغسله، وعند القاضي إن خاف تلفا صلى وأعاد "م 11"
ـــــــ
مسألة -10: قوله: "وإن كان شد" يعني الجبيرة على طهارة مسح فيها حائلا فإن كان جبيرة جاز وإلا فوجهان، وكذا لو لبس خفا على طهارة مسح فيها عمامة أو عكسه، وقيل: أو مسح فيها جبيرة في رجليه انتهى. قلت: تقدم حكم هذه المسائل في كلام المصنف وقد صححنا ذلك، فإن المصنف أطلق الخلاف أيضا قبل ذلك، فلا حاجة إلى إعادتها ولكن المصنف ذكرها هنا استطرادا، ولذلك قال وسبق ذلك، وقد ذكر هناك قولا لم يذكره هنا وذكر هنا قولا، والمسألة الأولى لم يذكرها هناك والله أعلم.
مسألة -11: قوله: "ولو جعل في شق قارا وتضرر بقلعه فعنه يتيمم للنهي عن الكي مع ذكرهم كراهة الكي، وعنه له المسح، وعن ابن عقيل يغسله، وعند القاضي إن خاف تلفا صلى وأعاد" انتهى، وأطلق الروايتين في المستوعب، وشرح ابن عبيدان والزركشي وغيرهم:
ـــــــ
1 ص198.

(1/208)


ويمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر سفر القصر ثلاثة أيام ولياليهن ثم يخلع "م" "وقيل في المسافر" لا توقيت فإن خاف فوات رفقة، أو تضرر رفيقه 1بانتظار تيمم، فلو مسح وصلى أعاد نص عليه، وقيل: يمسح كالجبيرة، واختاره شيخنا.
ويحتمل أن يمسح عاص بسفره كغيره، ذكره ابن شهاب، وقيل: لا
ـــــــ
إحداهما: يجزئ المسح عليها وهو الصحيح، جزم به في الكافي2 وصححه في الرعايتين والحاويين والنظم واختاره المجد وغيره، وقدمه في الفصول وابن تميم والمصنف في حواشي المقنع.
والرواية الثانية: لا يجزئه فيتيمم اختاره أبو بكر وذكر المصنف كلام ابن عقيل والقاضي وكلام ابن عقيل مذكور في الفصول.
ـــــــ
1 في "ط": "بانتظار".
2 1/87.

(1/209)


يمسح ومن أقام عاصيا كمن أمره سيده بسفر فأقام مسح، وذكر أبو المعالي: هل هو كعاص بسفره في منع الترخيص؟ فيه وجهان.
وابتداء المدة من حدثه بعد لبسه "و" أي من وقت جواز مسحه بعد حدثه، فلو مضى من الحدث يوم وليلة؛ أو ثلاثة، وإن كان مسافرا ولم يمسح انقضت المدة، وما لم يحدث لا تحتسب المدة، فلو بقي بعد لبسه يوما على طهارة اللبس ثم أحدث استباح بعد الحدث المدة.
وانتهاء المدة وقت جواز مسحه بعد حدثه، وعنه ابتداؤها من مسحه بعد حدثه، وانتهاؤها وقت المسح.
وإن مسح مسافرا ثم أقام أتم على بقية مسح مقيم "و" وفي المبهج مسح مسافر إن كان مسح مسافرا فوق يوم وليلة، وإن مسح أقل من مسح مقيم ثم سافر فكذلك، اختاره الأكثر "هـ" وعنه على الباقي من مسح مسافر، قال الخلال: نقله أحد عشر نفسا، ورجع عن قوله الأول. وقال أبو بكر: يتوجه إن صلى بطهارة المسح في الحضر غلب جانبه، قال في الخلاف ملزما لمن قال يمسح مسح مسافر: لو توضأ ومسح أحد خفيه
ـــــــ
........................................

(1/210)


وسافر ثم مسح الأخرى في السفر، فعندهم يمسح مسح مسافر، وكذا الخلاف لو شك في ابتدائه حضرا أو سفرا.
وإن أحدث مقيما ومسح مسافرا أتم مسح مسافر "و" وعنه مسح مقيم ذكرها في الخلاف وغيره، وجعلها كمن1 سافر بعد دخول الوقت ولم يحرم بالصلاة، وقيل: إن مضى وقت صلاة ثم سافر أتم مسح مقيم.
وإن شك في بقاء المدة لم يمسح "و" لأن الأصل الغسل، فإن مسح فبان بقاؤها صح وضوءه، وقيل: لا، كما يعيد ما صلى به مع شكه بعد يوم وليلة.
وتمسح المستحاضة ونحوها في المنصوص كغيرها "و م" 2وقيل: لا، وقيل: لوقت كل صلاة "و هـ" وقيل:لوقت كل صلاة "وهـ" 3 لا أنها لا تمسح إلا بقدر ما تصلي بطهارتها ذات الغسل ثم تخلع. "و ش" ومتى انقطع الدم استأنفت الوضوء، وجها واحدا كالمتيمم يجد الماء بخلاف ذي الطهر الكامل يخلع الخف4، أو تنقضي المدة.
ومن غسل صحيحا وتيمم لجرح، فهل يمسح الخف؟ قال غير واحد: هو كالمستحاضة.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط": "لمن".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "وقيل: إنها لا".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/211)


ويجب مسح أكثر أعلى الخف، وقيل: قدر الناصية من الرأس، وقيل: هو المذهب، وقيل: جميعه "و م" لا قدر ثلاث أصابع "هـ" أو ما سمي مسحا "ش".
ويجزئ مسح أكثر العمامة على الأصح، ويستحب إمرار أصابع1 يده مرة من أصابعه إلى ساقه، ولا يجزئ أسفله وعقبه "و" وقيل يستحب "هـ" ومسحه بأصبع أو حائل أو غسله كالرأس، ويكره تكرار مسحه وغسله.
وإن ظهر بعض قدم ماسح، أو انقضت المدة ابتدأ الطهارة، وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه "هـ م و"2 وهل هو مبني على الموالاة؟
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "هـ م و".

(1/212)


"و م" جزم به الشيخ، أو رفع الحدث؟ جزم به أبو الحسين، واختاره أبو البركات وذكر أبو المعالي أنه الصحيح في المذهب عند المحققين، ويرفعه في المنصوص "و" أو مبني على غسل كل عضو بنية، أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض، وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم؛ واختاره في الانتصار وقاله في الخلاف؟ فيه أوجه "م 12" وهو كقدرة المتيمم على الماء وقيل كسبق الحدث، قال صاحب المحرر: إن
ـــــــ
مسألة -12: قوله: "وإن ظهر بعض قدم ماسح أو انقضت المدة ابتدأ الطهارة وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه1، وهل هو مبني على الموالاة، وجزم به الشيخ، أو رفع الحدث؟ جزم به أبو الحسين، واختاره أبو البركات، وذكر أبو المعالي أنه الصحيح من المذهب عند المحققين، ويرفعه في المنصوص، أو مبني على غسل كل عضو بنية أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم؟ اختاره في الانتصار، وقاله في الخلاف فيه أوجه انتهى.
اعلم: أن الأصحاب اختلفوا في بناء هذه المسألة على طرق أطلقها المصنف. فقيل: هي مبنية على الموالاة، قطع به الشيخ في المغني2 والشارح وابن رزين في شرحه واختاره ابن الزاغوني قاله الزركشي وقدمه في الرعاية الكبرى، فعلى هذا لو حصل ذلك قبل فوات الموالاة أجزأه مسح رأسه وغسل قدميه قولا واحدا، لعدم الإخلال بالموالاة، وإن فاتت الموالاة ابتدأ الطهارة على المذهب، وعلى القول بعدم وجوب الموالاة يغسل قدميه، والصحيح من المذهب أن الموالاة فرض، وضعف
ـــــــ
1 في نسخ التصحيح و"ط": "قدميه"، والمثبت من "الفروع".
2 1/367.

(1/213)


رفعه1، وإن رفع العمامة يسيرا لم يضر، وذكره الشيخ للمشقة، قال أحمد
ـــــــ
المجد في شرحه ومن تابعه هذه الطريقة. قال الزركشي وغيره: وهو مفرع على أن طهارة المسح لا ترفع الحدث، وإنما تبيح الصلاة كالتيمم، فإذا ظهرت الرجلان ظهر حكم الحدث السابق "قال" الزركشي ووقع ذلك للقاضي في التعليق أيضا في توقيت المسح مصرحا بأن طهارة المسح ترفع الحدث: إلا عن الرجلين، انتهى، وقد رأيته في التعليق كما قال.
وقيل مبنية على أن المسح يرفع الحدث، وقطع بهذه الطريقة، القاضي أبو الحسين، وصححه المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وابن عبيدان، وصاحب الحاوي الكبير وغيرهم، وقدمه الشيخ تقي الدين في شرح العمدة. وقال: هو وأبو المعالي بن منجى وحفيده أبو البركات ابن منجى في شرحهم: هو الصحيح من المذهب عند المحققين، انتهى. قلت: وهذا هو الصحيح من الطرق والصحيح من المذهب أنه يرفع الحدث نص عليه، كما قال المصنف، فبنوا ذلك على أن المسح يرفع الحدث عن الرجلين، وعلى أن الحدث لا يتبعض، فإذا خلع عاد الحدث إلى الرجلين فيسري إلى بقية الأعضاء، فيستأنف الوضوء، وإن قرب الزمن وهو ظاهر كلامه لإطلاقه القول بالاستئناف بل. قيل: إنه منصوصه، قال في الكافي2: أشهر الروايتين تبطل الطهارة لأن المسح أقيم مقام الغسل، فإذا زال بطلت الطهارة في القدمين، فتبطل في جميعها لكونها لا تتبعض، انتهى، وأطلق الطريقتين ابن تميم.
وقيل: مبنية على صحة غسل كل عضو بنية، فإن قلنا: يصح تفريق النية على أعضاء الوضوء أجزأ غسل قدميه، وإلا ابتدأ الطهارة.
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "أي: إن رفع المسح المحدث، فكسبق الحدث".
2 1/82.

(1/214)


إذا زالت عن رأسه فلا بأس ما لم يفحش، قال ابن عقيل وغيره: ما لم يرفعها
ـــــــ
واعلم: أن في صحة طهارة من فرق النية على أعضاء الوضوء وجهين، وأن الصحيح الصحة، جزم به في التلخيص وغيره، وقدمه ابن تميم وغيره، فعلى هذا يكون الصحيح إجزاء مسح رأسه وغسل قدميه.
وقيل: مبنية على أن الطهارة لا تتبعض في النقض وإن تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم قاله القاضي في الخلاف، وأبو الخطاب في الانتصار. قلت: قال القاضي في الخلاف: فإن قيل: لا تبعض في الصحة فيصحان جزءا فجزءا، ولا يتبعضان في الانتقاض، انتهى.
تنبيهان
الأول: ظاهر كلام المصنف وغيره أن الروايتين في أصل المسألة مبنيتان على الخلاف الذي في هذه المسائل اللاتي ذكرها المصنف أصولا. قال: الشارح بعد أن حكى الروايتين وهذا الاختلاف مبني على وجوب الموالاة، فمن لم يوجبها في الوضوء جوز غسل القدمين، ومن أوجبها أبطل الوضوء إذا فاتت وإلا أجزأه غسلهما، وظاهر كلامه في الرعاية والزركشي خلاف ذلك، قال الزركشي: والرواية الثانية يجزئه غسل قدميه وبنوها على أن الطهارة تتبعض، وأنه يجوز تفريقها كالغسل وإذن إما أن نقول الحدث لم يرتفع عن الرجلين فيغسلان بحكم الحدث السابق، أو نقول ارتفع وعاد إليهما فقط وأما المذهب فهو مبني عند ابن الزاغوني وأبي محمد على المذهب في اشتراط الموالاة وبناه أبو البركات على شيئين "أحدهما" أن المسح يرفع حدث الرجلين رفعا مؤقتا. والثاني: أن الحدث لا يتبعض انتهى، فظاهر هذا بل صريحه أن كل رواية مبنية على أصل. وقال في الرعاية الكبرى: وإن خلع ما مسحه أو ظهر بعض محل فرضه في رأسه أو قدمه أو تمت مدته توضأ ثانيا إن فاتت الموالاة، وقيل أو لم تفت، وقلنا المسح يرفع الحدث، وعنه يجزئ مسح رأسه وغسل قدميه، ومحل الجبيرة وما بعده على المذهب في اعتبار الترتيب والموالاة، وقيل بل هذا إن قلنا المسح لا يرفع الحدث مع

(1/215)


بالكلية، لأنه معتاد، وظاهر المستوعب تبطل لظهور شيء من رأسه.
وخروج القدم أو بعضه إلى ساق الخف كخلعه "و" مع أنه لا يلزم المحرم فدية ثانية، لأن ظهور بعض القدم كظهوره هنا، وعنه لا، وعنه لا ببعضه.
وإن انتقض بعض العمامة فروايتان "م 13". وإن نزع خفا فوقانيا مسحه، فعنه يلزمه نزع التحتاني، اختاره الأصحاب فيتوضأ، أو يغسل قدميه على الخلاف "م 14" وعنه لا يلزمه "و هـ م" فيتوضأ أو يمسح التحتاني
ـــــــ
الموالاة وعدمها، وإن قلنا يرفعه توضأ، وقيل بل هذا إن قلنا يجزئ كل عضو بنيته، وإلا توضأ انتهى.
الثاني: قوله: "وعنه يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه"1 لعله "وعنه يجزئه غسل رجليه" لأن الرأس لم يتقدم له ذكر في كلامه ويحتمل أن يكون في أول المسألة سقط وتقديره وإن ظهر قدم الماسح أو رأسه وهو أولى، ويحتمل أن يكون الرواية وردت كذلك أو أن الحكم لما كان واحدا ذكره والله أعلم.
مسألة- 13: قوله: وإن انتقض بعض العمامة فروايتان انتهى، ذكرها ابن عقيل في الفصول، وأطلقهما هو وصاحب المستوعب والمغني2 والشرح3 وشرح ابن عبيدان وابن تميم والفائق وغيرهم:
إحداهما: يبطل، وهو الصحيح اختارها المجد وابن عبد القوي في شرحيهما وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرها وهو الصواب، قال في الرعاية الكبرى، ولو انتقض بعض عمامته وفحش وقيل ولو دورة بطل.
والرواية الثانية: لا تبطل، قدمه ابن رزين في شرحه وقال القاضي: لو انتقض
ـــــــ
1 تقدم هذا القول في الصفحة 212.
2 1/382.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/384.

(1/216)


مفردا على الخلاف، وكل من الفوقاني والتحتاني بدل مستقل عن الغسل، وقيل: الفوقاني بدل عن الغسل، والتحتاني كلفافة، وقيل: الفوقاني بدل عن التحتاني، والتحتاني بدل عن القدم، وقيل: هما كظهارة وبطانة.
ـــــــ
منها كور واحد بطل، وهو القول الذي ذكر في الرعاية فتلخص أن في محل الخلاف طريقتين ما قطع به المصنف وما ذكره في الرعاية وغيره.
مسألة – 14: قوله: "وإن نزع خفا فوقانيا مسحه، فعنه يلزمه نزع التحتاني فيتوضأ أو يغسل قدمه على الخلاف، وعنه لا يلزمه، فيتوضأ أو يمسح التحتاني مفردا على الخلاف" انتهى.
اعلم أن قرينة قوله: "اختاره الأصحاب" يدل على أنه المذهب وهو كذلك، ولكن الإتيان بهذه الصيغة يقتضي قوة الخلاف من الجانبين وإن كان الأصحاب اختاروا إحداهما، والمصنف تابع المجد في هذه العبارة، وكذا ابن عبد القوي وابن عبيدان في شرحيهما، واختار المجد وابن عبيدان عدم اللزوم وقدمه في الرعاية الصغرى لكن قال: الأول أظهر، وأطلق الخلاف في الحاويين ومختصر ابن تميم.
تنبيه: قوله في الموضعين على الخلاف: يعني به فيهما الذي فيما إذا ظهر قدم الماسح، أو انقضت المدة الذي ذكره قبل ذلك.
فهذه أربع عشرة مسألة قد فتح الله بتصحيحها والله أعلم.

(1/217)


وإن أحدث قبل وصول القدم محلها لم يمسح على الأصح، لهذا لو غسلها فيه ثم أدخلها محلها مسح، وإن زالت الجبيرة فكالخف "و م ش" وقيل طهارته باقية قبل البرء "و هـ" اختاره شيخنا مطلقا كإزالة الشعر.
ـــــــ
........................................

(1/218)


باب نواقض الطهارة الصغرى
الأول: الخارج من السبيلين
...
باب نواقض الطهارة الصغرى
وهي ثمانية:
الخارج من السبيلين، والمراد إلى ما هو في حكم الظاهر ويلحقه حكم التطهير ولو نادرا كاستحاضة "م".
وقيل: لا ينقض ريح قبل "و هـ" وقيل من ذكر. وفي خروج ما تحمله1 في قبل أو دبر بلا بلة كقطنة أو ميل2 فيها وقيل ومع بلة، وظاهر نقل عبد الله أنه3 لا ينقض إلا خروج بول، قاله القاضي ومجرد الحقنة أوجه: الثالث ينقض من دبره، وكذا لو دب ماؤه، أو استدخلته، أو مني امرأة ولم يخرج ذلك "م 1 - 3" وإن خرج توضأت وقيل تغتسل لمنيه،
ـــــــ
مسألة 1 – 3: قوله: "وفي خروج ما يحمله1 في قبل أو دبر بلا بلة كقطنة أو ميل... ومجرد الحقنة أوجه: الثالث ينقض من دبره وكذا لو دب ماؤه أو استدخلته أو مني امرأة ولم يخرج ذلك" انتهى. اشتمل كلامه على مسائل:
المسألة الأولى-1: لو احتشى في قبله أو دبره قطنا أو ميلا ثم خرج بلا بلة فقيل لا ينقض وهو ظاهر نقل عبد الله عن الإمام أحمد ذكره القاضي في
ـــــــ
1 في "ط": "تجعله".
2 بعدها في "ب" و"س" و"ط": "فيها".
3 ليست في الأصل و"س".

(1/219)


وإن خرج معه منيها فكبقية المني، وظاهر كلامهم فيما يحمله لا فرق بين طرفه خارجا، أو لا. وعند الحنفية إن لم يكن طرفه خارجا ثم أخرجه، أو خرج نقض، وأفسد الصوم، وإن كان طرفه خارجا فلا، إلا مع
ـــــــ
المجرد وصححه ابن حمدان وقدمه ابن رزين في شرحه وقيل ينقض صححه ابن عقيل في مجمع البحرين. قلت: وهو الصواب، وخروجه بلا بلة نادر جدا، بل تعلق الحكم على الظن وأطلقهما الشيخ الموفق والمجد في شرحه والشارح وابن عبيدان والرعاية الصغرى والزركشي وغيرهم، وقيل: إذا خرج من الدبر خاصة ذكره القاضي، واختاره في المجرد. ونقله ابن عبيدان وغيره، وأطلقهن ابن تميم قال المجد في شرحه، والصحيح التسوية بين القبل والدبر.
المسألة الثانية والثالثة-2-3: لو احتقن ولم يخرج من الحقنة شيء أو دب ماؤه أو استدخلته أو مني امرأة ولم يخرج من ذلك شيء فقيل لا ينقض، لكن إن كان المحتقن أدخل رأس الزراقة1 نقض، قدمه ابن رزين في المني، والحقنة مثله. قلت: وهو ظاهر كلام الخرقي والشيخ في المقنع2 وغيرهما وقيل: ينقض. قلت: وهو قوي وأطلقهما في المغني3، والشرح2 والرعايتين، والحاوي الصغير، وشرح ابن عبيدان والزركشي وغيرهم وقيل ينقض إذا كانت الحقنة في الدبر دون القبل، وهو موافق لقول القاضي المتقدم وتعليله، وأطلقهن ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى4، والمصنف في حواشي المقنع وأطلق الوجهين في الفصول في الحقنة.
ـــــــ
1 الزراقة: أنبوبة من الزجاج ونحوه، أحد طرفيها واسع والآخر ضيق، في جوفها عود يجذب السائل ثم يدفعه. "المعجم الوسيط": "زرق".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/9.
3 1/231.
4 من هنا بداية السقط في "ص".

(1/220)


بلة ورائحة، فينقض، وعند أكثر1 الشافعية إن بقي بعضه خارجا، أو بلغ بعض خيط فوصل المعدة ثبت حكم النجاسة، فلا تصح صلاة، ولا طواف. وإن ظهرت مقعدته يعلم أن عليها بللا، وقيل أو يجهله، ولم ينفصل انتقض، في المنصوص، وكذا طرف مصران، أو رأس دودة.
ولو صب دهنا في أذنه فوصل إلى دماغه ثم خرج منها لم ينتقض، وكذا لو خرج من فيه في ظاهر كلامهم "و هـ" خلافا لأبي المعالي. وفي نجاسة دهن قطره في إحليله وجهان، لنجاسة باطنه، أو لأنه باطن فلم يتنجس به، كنخامة الحلق، وهو مخرج القيء "م 4" وفي الخلاف في مسألة المني طهارة حصاة خرجت من الدبر وهو غريب بعيد.
ـــــــ
مسألة- 4: قوله: "وفي نجاسة دهن قطره في إحليله وجهان لنجاسة3 باطنه، أو لأنه باطن فلم يتنجس به، كنخامة3 الحلق وهو مخرج القيء" انتهى، وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الكبرى وابن عبيدان:
أحدهما: لا ينجس، وصححه في مجمع البحرين وقطع به في بحثه. قلت: هي قريبة الشبه من خروج المني، ويحتمل الفرق.
والوجه: الثاني ينجس. قلت: وهو الصواب إن خرج، لأنه يخالطه ويكتسب منه وقال في الرعاية الكبرى. قلت: إن خرج الدهن ببلل نجس، وإلا فلا، انتهى، وخروجه بلا بلل بعيد جدا، والله أعلم.
ـــــــ
1 في الأصل: "بعض".
2 في "ط": "اختارها".
3 في "ح": "كنجاسة".

(1/221)


الثاني: خروج بول أو غائط من بقية لبدن
...
الثاني: خروج بول أو غائط من بقية البدن
"ش" وخروج نجاسة فاحشة في نفوس أوساط الناس، في رواية اختاره1 القاضي وجماعة كثيرة، وجزم به في التلخيص وغيره، نقل الجماعة وذكر الشيخ:
ـــــــ
...........................................
ـــــــ
1 في "ط": "اختارها".

(1/221)


المذهب كل أحد بحسبه "م هـ".
وعنه ينقض اليسير "و هـ" وقال شيخنا: لا ينقض مطلقا "و م ش" واختاره الآجري في غير القيء، وإن شرب ماء وقذفه في الحال فنجس كالقيء، وذكره الأصحاب، ومنهم القاضي، ويتوجه تخريج واحتمال إن تغير كدهن قطره في إحليله. وقال أبو الحسين: لا ينقض بلغم كثير في إحدى الروايتين "و هـ" وعنه بلى، وبه قال أبو يوسف، وأصلها1: هل يفطر الصائم؟ لنا: إنها تخلق من البدن كبلغم الرأس، فإن قيل: البلغم يختلط بنجاسة المعدة فينجس كماء شربه ثم قاءه؛ قيل: البلغم يتميز من نجاسة تجاوره، والنجاسة التي معه لو انفردت لم تكن كثيرة، وفارق ماء شربه ثم قاءه، لأنه إذا حصل في الجوف خالطته أجزاء نجسة لا تميز عنه، فيصير
ـــــــ
مسألة -5: قوله: "وخروج نجاسة فاحشة في أنفس أوساط الناس في رواية اختاره2 القاضي وجماعة وجزم به في التلخيص وغيره. ونقل الجماعة وذكره الشيخ المذهب كل أحد بحسبه" انتهى:
الرواية الأولى: اختارها القاضي وابن عقيل في الفصول وصححه الناظم، قال في تجريد العناية: هذا الأظهر، وجزم به في مسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والمحرر والإفادات، وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق، وغيرهم.
والرواية الثانية: هي الصحيحة من المذهب نص عليها في رواية الجماعة "قال" الشيخ الموفق والشارح والشيخ تقي الدين هذا ظاهر المذهب، قال الخلال الذي استقرت عليه الروايات عن أحمد أن حد الفاحش ما استفحشه كل إنسان في نفسه، وتبعه ابن رزين في شرحه وغيره، واختاره الشيخ والشارح وغيرهما، وقدمه ابن تميم والزركشي، قال المجد في شرحه: ظاهر المذهب أنه ما يفحش في القلب.
ـــــــ
1 في "ط": "أصلها".
2 في "ط": "اختارها".

(1/222)


عين النجاسة، كذا قال: لكن فيه إن ما قاءه لا ينجس إلا بوصوله إلى الجوف، وكذا هو ظاهر كلام القاضي وغيره، قالوا: لأن نجاسته بوصوله إلى الجوف لا بالاستحالة، ويؤيده ما سبق في دهن قطر في إحليله، ولم أجد تصريحا بخلافه.
وينقض دم كثير مصه علق أو قراد، لا ذباب وبعوض، لقلته ومشقة الاحتراز منه، ذكره أبو المعالي. وقال الحنفية: إن كان صغيرا كذباب وبعوض لم ينقض، وإلا نقض، وإن لم يخرج الدم بنفسه بل بقطنة ونحوها نقض "و هـ".
ولا ينقض عند الحنفية حصاة، ولا قطعة لحم، ولا دود، واختلفوا فيه إذا خرج من الفرج، ولا ينقض عندهم القيء إلا ملء الفم، وإن غلب الريق الدم لم ينقض عندهم.
وإن انسد المخرج وفتح غيره. وقال ابن عقيل وغيره: أسفل المعدة لم يثبت له أحكام المعتاد، وقيل إلا في النقض بريح منه، ويتوجه عليه بقية الأحكام، وفي إجزاء الاستجمار، وقيل حتى مع بقاء المخرج وجهان "م 6"
ـــــــ
مسألة -6: قوله: "وفي إجزاء الاستجمار وقيل حتى مع بقاء المخرج وجهان" يعني إذا انسد المخرج وفتح غيره وأطلقهما ابن تميم وابن عبد القوي في مجمع البحرين والزركشي وغيرهم:
أحدهما: لا يجزئ الاستجمار فيه، وهو الصحيح اختاره ابن حامد والشيخ والشارح وابن عبيدان وغيرهم، وقدمه الناظم وابن رزين في شرحه ونصره.

(1/223)


وأحكام المخرج باقية، قال في النهاية: إلا أن يكون سد حلقه، فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى.
ـــــــ
والوجه الثاني: يجزئ، اختاره القاضي، والشيرازي، وقدمه في الرعايتين والحاوي الكبير.
ـــــــ
1 في "ط": "حلقه".

(1/224)


الثالث: زوال العقل أو تغطيته
"و" على الأصح1 وقال أبو الخطاب وغيره ولو تلجم فلم يخرج شيء، إلحاقا بالغالب على الأصح، إلا النوم اليسير "و م" عرفا وقيل: ما لم يتغير عن هيئته كسقوط، وقيل مع بقاء نومه، وعنه والكثير من جالس "و ش" إن اعتمد بمقعدته على الأرض، وهل ينتقض من قائم وراكع وساجد "هـ" فيه روايتان "م 7 - 8" وعنه القائم كجالس اختاره جماعة.
ـــــــ
مسألة - 7 – 8: قوله: وهل ينقض النوم من قائم وراكع وساجد فيه روايتان، انتهى، ذكر مسألتين:
المسألة الأولى- 7: هل ينقض النوم من القائم أو يلحق بالجالس، أطلق الخلاف، وأطلقه في المذهب ومسبوك الذهب:
إحداهما: هو كالجالس فلا ينقض وهو الصحيح، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، منهم الخلال والخرقي والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي وابن عقيل، وابن البنا1 وابن عبدوس في تذكرته قال الشيخ تقي الدين: اختاره القاضي وأصحابه، وكثير من أصحابنا قال في
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(1/224)


وإن رأى رؤيا فهو كثير "هـ ش" وعنه: لا، وهي أظهر. ومستند ومتكئ ومحتب كمضطجع، وعنه لا "و هـ ر ش" وعن أحمد لا ينقض نوم
ـــــــ
الكافي1: الأولى إلحاق القائم بالجالس، وقطع به في المذهب الأحمد، والمقنع والبلغة والوجيز والإفادات والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه في الهداية والخلاصة والتلخيص والمحرر، ومختصر ابن تميم والرعايتين، والنظم، والحاويين وغيرهم.
فالرواية الثانية: ينقض منه، وإن لم ينقض من الجالس، قدمه في المستوعب، ابن رزين والفائق وغيرهم وهذه الرواية لا تقاوم الأولى في الترجيح، والله أعلم.
المسألة الثانية- 8: نوم الراكع والساجد هل يلحق بالجالس أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المذهب ومسبوك الذهب والمغني2 والشرح2 وشرح ابن عبيدان وغيرهم:
إحداهما: ينقض وهو المرجح على ما اصطلحناه، اختاره الخلال والشيخ الموفق، قال في الكافي3: الأولى إلحاق الراكع والساجد بالمضطجع، وهو ظاهر الخرقي والعمدة ومنتخب الآدمي، والتسهيل وغيرهم، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في المستوعب والمقنع4 وشرح ابن رزين والفائق وغيرهم.
والرواية الثانية: لا ينقض، وعليها أكثر الأصحاب منهم القاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما، ابن عقيل والشيرازي وابن البنا وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم، قال الشيخ تقي الدين، اختاره القاضي وأصحابه، وكثير من أصحابنا، وقدمه في الهداية والخلاصة والتلخيص والبلغة، والمحرر ومجمع البحرين والنظم والمذهب الأحمد، ومختصر ابن تميم والرعايتين، والحاويين، وإدراك الغاية وغيرهم.
ـــــــ
1 1/93.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/19.
3 1/234.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/21.

(1/225)


مطلقا، واختاره شيخنا إن ظن بقاء طهره.
ـــــــ
........................................

(1/226)


الرابع: مس فرج آدمي بيده 1
على الأصح "و ش" وعنه عمدا، وعنه، مع شهوة، وعنه معها ولو بحائل "و م" وعنه لا ينقض طهر امرأة بمس فرج أنثى "م ر" كإسكتيها2، وعنه: لا3 ينقض بمس دبر اختاره جماعة، وهي أظهر "و م" وعنه ينقض مس الحشفة، وعنه الثقب، وعنه ولا مس
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ، والمثبت من "ط".
2 الإسكة، وزان سدرة: جانب فرج المرأة، وهما اسكتان. "المصباح": "أسك".
3 ليست في "ط".

(1/226)


ذكر ميت وميتة وصغير، وقيل: دون سبع.
وينقض مسه بيده، وعنه وبذراعه وعنه بكفه فقط "و م ش" ففي حرف كفه وجهان "م 9" واختار الأكثر ينقض مسه بفرج "ح" والمراد: لا ذكره بذكر غيره، وصرح به أبو المعالي، وفي مس ذكر بائن أو محله روايتان "10 و 11" وذكر الأزجي وأبو المعالي ينقض محله، ولا يتعلق بالذكر البائن شيء من أحكام الختانين لأنه كيد بائنة، بخلاف فرج بائن.
ـــــــ
مسألة- 9: قوله في نقض الوضوء بمس الفرج بيده، "وعنه ينقض مسه بكفه، ففي حرف كفه وجهان". انتهى. وأطلقهما1 ابن تميم والزركشي:
أحدهما: لا ينقض. قلت: وهو الصواب لأنه الأصل.
والوجه الثاني: ينقض وهو الاحتياط.
مسألة -10 – 11: قوله: "وفي مس ذكر بائن أو2 محله روايتان" انتهى.
ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -10: مس الذكر البائن هل ينقض أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية، والمذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة، والهادي والمقنع3، والمغني4، والكافي5، والتلخيص والمحرر
ـــــــ
1 في "ط": "أطلقه".
2 في النسخ الخطية: "و"، والمثبت من "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/33.
4 1/244.
5 1/97.

(1/227)


........................................
ـــــــ
والنظم، ومختصر ابن تميم، وابن منجى، وابن عبيدان، والزركشي في شروحهم، والرعايتين والحاويين، والفائق وتجريد العناية وغيرهم:
إحداهما: لا ينقض، وهو الصحيح، قال في مجمع البحرين: عدم النقض أقوى، لعدم الحرمة، والمظنة، وصححه في التصحيح، وتصحيح المحرر، وجزم به في الوجيز والمنور، ومنتخب الآدمي، ونهاية ابن رزين، فقالوا: ينقض مس الذكر المتصل، وقدمه ابن رزين في شرحه قال في إدراك الغاية ينقض مسه ولو منفصلا في وجه، انتهى.
والوجه الثاني: ينقض جزم به الشيرازي.
تنبيه: حكى المصنف الخلاف روايتين، وكذلك حكاه صاحب التلخيص، والرعايتين، والحاويين، والفائق وغيرهم، وحكاه وجهين صاحب الهداية والمذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة والمغني1، والكافي2، والمقنع3، والهادي والمحرر والشرح3، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن عبيدان ومجمع البحرين والزركشي وغيرهم.
المسألة الثانية -11: حكم مس محله حكم مسه وهو بائن، على الصحيح، قدمه المصنف هنا، وجزم به في الرعاية الكبرى، وقد علمت المذهب في التي قبلها، فكذا في هذه، وذكر الأزجي وأبو المعالي ينقض محله. قلت: وهو الصواب، قال ابن عبيدان: لو جب الذكر فمس محل الجب انتقض وضوءه، وإن لم يبق منه شيء شاخص، واكتسى بالجلد، لأنه قام مقام الذكر، ذكره صاحب النهاية4، انتهى، فقدم ابن عبيدان هذا.
ـــــــ
1 1/224.
2 1/97.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/33.
4 في "ط": "الهداية".

(1/228)


والقلفة كالحشفة، ولا ينقض مسها بعد قطعها لزوال الاسم والحرمة.
والمس بزائد ينقض، وعنه لا، كمس زائد في الأصح فلا ينقض مس أحد فرجي خنثى مشكل إلا مس رجل ذكره لشهوة، أو مس امرأة قبله لها، ولا يستجمر فيه، وذكر في النهاية، ويتوجه وجه.
ولا ينقض يسير نجاسة سوى بول وغائط، وقيل: ينتقض بانتشاره
ـــــــ
........................................

(1/229)


بنظر، أو فكر، وفي مس فرج بهيمة احتمال، وحكي عن الليث، وأشل كصحيح، وقيل كزائد.
ـــــــ
..........................

(1/230)


الخامس: لمسه أنثى لشهوة
"وم" 1 نص عليه، وعنه مطلقا "و ش" وعنه عكسه، اختاره الآجري، وشيخنا، ولو باشر مباشرة فاحشة "هـ" وقيل إن انتشر ينقض، وإذا لم ينقض مس فرج2 أنثى استحب الوضوء، نص عليه، وعند شيخنا لشهوة، وكذا لمسها له على الأصح "م" وفي الميتة والصغيرة والعجوز "وذات" المحرم وجهان "م 12 - 15".
ـــــــ
مسألة 12 – 15: قوله: وفي مس الميتة والصغيرة والعجوز والمحرم وجهان، انتهى. يعني إذا قلنا ينقض مس المرأة، ذكر المصنف مسائل:
المسألة الأولى -12: مس الميتة هل ينقض كالحية أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المذهب، والمغني3، والشرح4، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن عبيدان والحاويين، والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 ليست في "ب" و"س" و"ط".
2 في "ط": "انتقض بمس فرج و".
3 في "ط": "م".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/47.

(1/230)


........................................
ـــــــ
إحداهما: هي كالحية، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، منهم الخرقي، والكافي1، والمحرر، والوجيز، وغيرهم، وجزم به في المستوعب، والتلخيص، والإفادات وشرح ابن رزين، وغيرهم، واختار القاضي، وابن عبدوس المتقدم، وابن البنا، وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره.
والوجه الثاني: لا ينقض اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل، والمجد في شرحه، وقدمه في الرعاية الصغرى. قلت: وهو الصواب.
المسألة الثانية- 13: الصغيرة هل هي كالكبيرة، أم لا ينقض مسها؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: هي كالكبيرة، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في المستوعب والمغني2، والكافي1 والتلخيص، والإفادات، وشرح ابن رزين، ومختصر ابن تميم والحاويين، والفائق وغيرهم، وقدمه في الرعاية الكبرى، وشرح ابن عبيدان ونصره.
والوجه: الثاني لا ينقض، وهو ظاهر كلام جماعة، منهم صاحب الوجيز، وقدمه في الرعاية الصغرى.
تنبيه: صرح المجد أنه لا ينقض مس الطفلة، وإنما ينقض لمس التي تشتهى "قلت" الذي يظهر أنه مراد من أطلق، والواقع كذلك، والله أعلم.
المسألة الثالثة- 14: مس العجوز هل ينقض كغيره أم لا؟ أطلق فيها الخلاف:
أحدهما: هي كغيرها فينقض الوضوء مسها، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام أكثر
ـــــــ
1 1/99-100.
2 1/260.

(1/231)


ولا نقض مع حائل، وأمرد، نص عليهما، وعنه بلى فيهما لشهوة "و م" ولا لمس سن وشعر وظفر في الأصح "م" وقال بعضهم: وكذا اللمس به، وهو متوجه، وكذا مس ذكر بظفر، ولا ملموس "ش" وممسوس فرجه "و" على الأصح، ولمس زائد، وبه، كأصلي في الأصح، وكذا
ـــــــ
الأصحاب، وجزم به في المستوعب والمغني1، والكافي2 والتلخيص، والشرح3، وشرح ابن رزين، ومختصر ابن تميم، والإفادات والزركشي، وصححه الناظم، وقدمه في الرعاية الكبرى، وابن عبيدان.
والوجه الثاني: لا ينقض. قلت: وهو ضعيف، وإطلاق المصنف الخلاف فيه نظر إذا الحكم منوط بحصول الشهوة، وهي أهل لذلك.
المسألة الرابعة- 15: هل مس المحرم كالأجنبية أم لا ينقض مسها؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: هي كالأجنبية، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وجزم به في المستوعب والمغني1، والكافي2 والتلخيص، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن رزين، ومجمع البحرين، والحاويين والفائق والزركشي، وصححه الناظم، وغيره، وقدمه في4 الرعاية الكبرى، وشرح ابن عبيدان.
الوجه الثاني: لا ينقض. قدمه في4الرعاية الصغرى. قلت: وهو ضعيف.
تنبيه: حكى الخلاف في العجوز والمحرم روايتين ابن عبيدان وغيره.
ـــــــ
1 1/260.
2 1/99.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/46-47.
4 ليست في "ط".

(1/232)


أشل، وقيل: ينقض مس رجل رجلا، أو امرأة لشهوة، فينقض مس أحدهما الخنثى1، ومسه لهما.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط": "كخنثى".

(1/233)


السادس: أكل لحم الجزور
على الأصح "ح" وعنه إن علم النهي اختاره الخلال وغيره، قال: وعليه استقر قوله، لخفاء الدليل، وعنه لا يعيد مع الكثرة، وعنه متأول، وقيل فيه مطلقا روايتان، ويتوجه مثله فيما اختلف فيه الأثر، بخلاف تركه الطمأنينة، وتوقيت مسح نص عليه، ومعناه كلام شيخنا، وذكر جماعة لا يعيد متأول مطلقا، وذكره شيخنا وجها في "الماء من الماء"1 وأن نص أحمد خلافه، قال أحمد: لا أعنف من قال شيئا له وجه وإن خالفناه. وذكر صاحب النوادر وجهين في ترك التسمية
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الماء من الماء" ، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" "343"، من حديث أبي سعيد الخدري.

(1/233)


على الوضوء متأولا. وفي بقية الأجزاء و1 المرق واللبن روايتان "م 16 و 17".
ـــــــ
مسألة 16 – 17: قوله في النقض بأكل لحم الجزور: "وفي بقية الأجزاء والمرق واللبن روايتان" انتهى. فيه مسألتان:
المسألة الأولى- 16: في اللبن هل هو في النقض كاللحم أم لا ينقض؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في الإرشاد2، والمجرد، والهداية والمذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة والكافي3 والمغني4، والمقنع5، والهادي، والتلخيص، والبلغة والمحرر والشرح5 وشرح ابن منجى، وابن عبيدان ومختصر ابن تميم والرعاية الكبرى والفائق6، وغيرهم:
إحداهما: لا ينقض، وهو الصحيح، وعليه أكثر الأصحاب، قال الشيخ تقي الدين: اختارها كثير من أصحابنا: قال الزركشي: اختارها الأكثر، وهو مفهوم كلام الخرقي، والعمدة والمنور ومنتخب الآدمي، وتذكرة ابن عبدوس، وغيرهم، وصححه ابن عقيل في فصوله، وصاحب التصحيح، قال الناظم، هذا المنصور، قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، وجزم به في الوجيز وغيره.
والرواية الثانية: هو كاللحم، قدمه في الرعاية6 الصغرى والحاويين.
تنبيه: حكى الأصحاب الخلاف روايتين، وحكاها في الإرشاد2 وجهين.
المسألة الثانية- 17: في الكبد والطحال هل هما في النقض كاللحم، أم لا ينقضان أطلق الخلاف فيهما، وأطلقه في المجرد، والهداية، والمذهب ومسبوك الذهب، والمستوعب7 والخلاصة، والكافي3
ـــــــ
1 في "ط": "أو".
2 ص 19.
3 1/95.
4 1/254.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/58.
6 ليست في "ط".
7 ليست في "ح".

(1/234)


........................................
ـــــــ
والمغني1، والمقنع2 والهادي، والتلخيص، والبلغة، والمحرر والشرح2 وشرح ابن منجى، وابن عبيدان ومختصر ابن تميم، والرعايتين والحاويين، والفائق وغيرهم:
إحداهما: لا ينقض، وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي وهو اختيار الأكثر، وهو ظاهر كلام الخرقي والعمدة، والإفادات، وتذكرة ابن عبدوس والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم لاقتصارهم على النقض باللحم، وصححه في التصحيح، والنظم ومجمع البحرين، وشرح ابن عبيدان فقال: والصحيح لا ينقض، وإن قلنا ينقض اللحم واللبن وجزم به في الوجيز وغيره.
والرواية الثانية: ينقض، إذا علم ذلك فظهر مما تقدم أن في الكبد والطحال طريقتين، هل يلحق باللبن أم باللحم، فأكثر الأصحاب جعلوا حكم اللبن والكبد والطحال واحدا، وابن عبيدان حكى الخلاف في إلحاقها باللبن، وفيه نظر ولم نر ذلك لغيره.
تنبيهان:
الأول: حكى المصنف الخلاف روايتين، وكذا القاضي في المجرد وصاحب المذهب ومسبوك الذهب، والفائق، وغيرهم، وقدمه في المستوعب وحكى أكثر الأصحاب الخلاف وجهين وقدمه في الرعاية الكبرى.
الثاني: قول المصنف: وفي بقية الأجزاء والمرق روايتان، فجعل الخلاف على اللبن والكبد3 والطحال، والصحيح ما قاله المصنف، قال في المغني1 والشرح4:
ـــــــ
1 1/254.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/59.
3 ليست في "ص".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/60.

(1/235)


ولا ينقض طعام محرم، وعنه بلى، وعنه اللحم، وعنه لحم الخنزير، قال أبو بكر: وبقية النجاسات، يخرج عليه، حكاه ابن عقيل وقال شيخنا: الخبيث المباح للضرورة كلحم السباع أبلغ من لحم1 الإبل، فالوضوء منه أولى، قال: والخلاف فيه بناء على أن لحم الإبل تعبدي، أو عقل معناه.
ـــــــ
وحكم سائر أجزائه غير اللحم، كالسنام2 والكرش، والدهن والمرق والمصران والجلد حكم الطحال والكبد. وقال في الرعاية الكبرى: وفي سنامه، ودهنه، ومرقه، وكرشه، ومصرانه، وقيل وجلده، وعظمه وجهان، وقيل روايتان. وقال في المستوعب، وفي شحومها وجهان، وحكى الخلاف في ذلك كله ابن تميم وصاحب الرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في "ب" و"س" و"ط".
2 ليست في "ط".

(1/236)


السابع: غسل الميت،
وعنه لا، اختاره جماعة "و" كما لو يممه، وفيه قول، وفي غسل بعضه احتمال، ولا ينقض، نقله عبد الله، لا يتوضأ من حمل الجنازة، ليس يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يغتسل من الحجامة، ليس يثبت، والغسل من غسل الميت ليس يثبت، وفي هذين رواية أخرى1، فيتوجه في الحمل، لتسوية أحمد بين الثلاثة.
ـــــــ
............................................
ـــــــ
1 رجح الموفق في "المغني" 1/ 153": أنه لا وضوء من غسل الميت، قال: وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الوجوب من الشرع، ولم يرد في هذا نص، ولا هو في معنى المنصوص عليه، فبقي على الأصل، ولأنه آدمي، فأشبه غسل الحي.

(1/236)


الثامن: الردة
"و ش" في التيمم، ويتوجه تخريج، لقوله من عدم صحة
ـــــــ
................................................

(1/236)


ما يحرم على المحدث
...
ويحرم على المحدث
الصلاة "ع" فلو صلى معه لم يكفر "هـ" ومس المصحف وجلده وحواشيه لشمول اسم1 المصحف له، بدليل البيع2، ولو بصدره "و" وقيل: كتابته، واختاره في الفنون، لشمول اسم المصحف
ـــــــ
.............................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 عقد المصنف باباً نافعاً لآداب التعامل مع المصحف في كتابه الآداب الشرعية 2/271-317.

(1/241)


له فقط، لجواز جلوسه على بساط: على حواشيه كتابة، كذا قال، والأصح ولو بعضو رفع حدثه وقلنا يرتفع في أحد الوجهين "م 22".
ويجوز حمله بعلاقته، أو في غلافه، أو كمه وتصفحه به، وبعود، ومسه من وراء حائل "و هـ" كحمله رقى وتعاويذ فيها قرآن "و" ولأن غلافه ليس بمصحف بدليل البيع، قاله القاضي، وعنه لا، وقيل إلا لوراق، للحاجة ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه، "و"1 وعنه ومسه
ـــــــ
مسألة -22: قوله في حمل المصحف "والأصح لا يجوز مسه لعضو رفع حدثه وقلنا يرفع في أحد الوجهين" انتهى.
أحدهما: لا يرتفع، قال في المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم: لا يكون متطهرا إلا بغسل الجميع. وقال الزركشي: ولو طهر بعض عضو فإنه لا يجوز المس به لأن الماس غير طاهر على المذهب، انتهى، فظاهر كلام هؤلاء أن الحدث لا يرتفع عن ذلك العضو.
والوجه الثاني: يرتفع، قال في الرعاية الكبرى: لو رفع الحدث عن عضو لم يمسه به قبل إكمال الطهارة في الأصح، فإن عدم الماء لتكميله تيمم للباقي ولمسه به، وقيل له لمسه قبل إكماله بالتيمم، بخلاف الماء، وهو سهو، وقيل: يكره، انتهى، وكذا قال ابن تميم: هو سهو، ونسب القول إلى ابن عقيل، فقال ولو رفع الحدث عن عضو لم يمس به المصحف حتى تكمل طهارته، فإن عدم الماء لتكميلها تيمم لما بقي، ثم لمسه. وقال ابن عقيل: له قبل أن يكملها بالتيمم بخلاف الماء، وهو سهو انتهى.
تنبيهان:
الأول: قوله: "ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه" انتهى ظاهر هذه العبارة أن المشهور في المذهب أنه لا يجوز للصبي مس اللوح المكتوب
ـــــــ
1 ليست في "ب" و"ط".
2 1/204.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/77.

(1/242)


المكتوب، وذكر القاضي في موضع رواية، ومسه المصحف.
ويجوز في الأشهر حمل خرج فيه متاع فوقه أو تحته.
ويجوز في رواية مس ثوب رقم به "هـ"1، وفضة نقشت به "هـ" وظاهره فيها ولو لكافر، ويتوجه وجه "و م" وظاهره أيضا ولو خاتم فضة، وجزم صاحب المحرر بالجواز ويأتي حكم الكتابة على الخاتم، والفضة المضروبة في زكاة الأثمان2.
ـــــــ
فيه شيء من القرآن.
واعلم أن في المسألة روايتين:
أحدهما: يجوز وهو الصحيح، صححه الناظم، وقدمه ابن رزين في شرحه، وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص، فإنه قال: وفي مس الصبيان كتابة القرآن روايتان، واقتصر عليه، فظاهره جواز مس اللوح وجزم به المنور.
والرواية الثانية: لا يجوز، وهو ظاهر ما قدمه المصنف وهو وجه ذكره في الرعاية والحاوي وغيرهما، قال ابن رزين في شرحه: وهو أظهر، وأطلقهما في الفصول والمستوعب والمغني3 والكافي4 والشرح5 ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين، وشرح ابن عبيدان والفائق، والزركشي وغيرهم. وقال القاضي في شرحه الصغير: لا بأس بمسه لبعض القرآن، ويمنع من حمله. وقال في مجمع البحرين، ويحتمل أن يمنع من له عشر سنين فصاعدا بناء على وجوب الصلاة عليه.
الثاني: قوله "ويجوز في رواية مس ثوب رقم به، وفضة نقشت به" انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 4/150.
3 1/204.
4 1/105.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/75.

(1/243)


وعلى الأصح، وكتابة تفسير ونحوه "و" وقيل: وهما في حمله، وقيل: وفي مس القرآن المكتوب فيه، وذكر في الخلاف من ذلك ما نقله أبو طالب في الرجل يكتب الحديث والكتابة للحاجة فيكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فقال بعضهم: يكرهه، وكأنه كرهه، والصحيح المنع من حمل ذلك، ومسه.
ـــــــ
ظاهر هذه العبارة أيضا أن المشهور عدم الجواز، وفي المسألة أيضا روايتان ، أو وجهان قال ابن عبيدان في الثوب المطرز بالقرآن روايتان1: وقيل وجهان، انتهى وأطلقهما في الكافي2 والمغني3 والشرح4 ومختصر ابن تميم، والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين وشرح ابن عبيدان والزركشي وغيرهم، وأطلقهما في الفصول والمستوعب والتلخيص والمحرر في الفضة المنقوشة:
إحداهما: لا يجوز، نص عليها في رواية المروذي في أنه لا يجوز للجنب5 مس الدراهم بيده، وإن كانت في صرة فلا بأس، وهو وجه في المغني3 وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه، وقال لأنه أبلغ من الكاغد واختاره أبو المعالي ابن منجى على ما يأتي.
والرواية الثانية: يجوز نص عليها في رواية المطالب وابن منصور في أنه يجوز مس الدراهم، قال الزركشي ظاهر كلامه الجواز، قال الناظم عن الدرهم المنقوش:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 1/104.
3 1/204.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/75-76.
5 ليست في "ط".

(1/244)


ويجوز1 في الأصح مس2 المنسوخ، وتلاوته، والمأثور عن الله، والتوراة والإنجيل "و" ويحرم مسه بعضو نجس لا بغيره في الأصح فيهما، قال بعضهم: وكذا مس ذكر الله تعالى بنجس.
وكره أحمد توسده، وفي تحريمه وجهان "م 23" وكذا كتب العلم "م 24" التي
ـــــــ
هذا المنصور، وجزم به في المنور. وقال القاضي في التخريج ما لا يتعامل به الناس: غالبا من الذهب والدراهم المنقوش عليها القرآن لا يجوز مسه، وإلا فوجهان، واختار الجواز أبو المعالي ابن منجى في النهاية واختار أيضا فيها أنه لا يجوز للمحدث مس ثوب كتب فيه قرآن، وقال وجها واحدا وقطع المجد بالجواز في مس الخاتم المرقوم فيه انتهى.
مسألة- 23: قوله: "وكره أحمد توسده يعني المصحف وفي تحريمه وجهان":
أحدهما: يحرم، وهو الصحيح، وجزم به في المغني3 والشرح3 نقله عنهما في الآداب، ثم رأيته فيهما في أواخر الاعتكاف، واختاره في الرعاية، قال في مجمع البحرين: يحرم الاتكاء على المصحف، وعلى كتب الحديث، وما فيه من القرآن اتفاقا، انتهى.
والوجه الثاني: لا يحرم، بل يكره، وقدمه في الرعاية الكبرى والآداب الكبرى والوسطى، وهو الذي ذكره ابن تميم. وقال بكر بن محمد: كره أبو عبد الله أن يضع المصحف تحت رأسه، فينام عليه، قال القاضي إنما كره ذلك لأن فيه ابتذالا له ونقصانا من حرمته.
مسألة – 24: قوله: "وكذا كتب العلم" يعني التي فيها قرآن، يعني أن في جواز توسدها وعدمه الوجهين، ولذلك قال في الأذانين:
أحدهما: يحرم، وهو الصحيح، اختاره ابن حمدان أيضا، وتقدم كلامه في
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"س".
2 بعدها في الأصل و"س": "و".
3 لم أقف عليه في الموضعين.

(1/245)


فيها قرآن، والإكراه، قال أحمد في كتب الحديث: إن خاف سرقة فلا بأس، ولم يذكر أصحابنا مد الرجلين إلى جهة ذلك، وتركه أولى ويكره، وكرهه الحنفية، وكذا في معناه استدباره، وقد كره أحمد إسناد الظهر إلى القبلة، فهنا أولى، لكن اقتصر أكثر الأصحاب على استحباب استقبالها، فتركه أولى ولعل هذا أولى. وفي الصحيحين1 حديث الإسراء: "فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور".
ولأحمد2 بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير أنه قال وهو مستند إلى الكعبة: ورب هذه الكعبة لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانا وما ولد من صلبه.
ولأحمد3 عن كعب بن عجرة قال: بينما نحن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندي ظهورنا إلى قبلته إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث، وفي معنى ذلك التخطي ورميه إلى الأرض بلا وضع، ولا حاجة تدعو إلى ذلك، بل هو بمسألة التوسل أشبه، وقد رمى رجل بكتاب عند أحمد فغضب. وقال: هكذا يفعل بكلام الأبرار!!.
ـــــــ
مجمع البحرين في التي قبلها.
والوجه الثاني: يكره، وهذه المسألة كالتي قبلها.
ـــــــ
1 البخاري "3207"، ومسلم "162"، من حديث أنس.
2 في مسنده "16128".
3 في مسنده "18132".

(1/246)


ويكره تحليته بذهب أو فضة "و م ش" نص عليه وعنه لا "و هـ" كتطييبه، نص عليه ككيسه الحرير، نقله الجماعة. وقال القاضي وغيره: المسألة محمولة على أن ذلك قدر يسير، ومثل ذلك لا يحرم، كالطراز والذيل، والجيب، كذا قالوا.
وقيل: لا يكره تحليته للنساء، وقيل: يحرم، جزم به الشيخ وغيره، ككتب العلم في الأصح، واستحب الآمدي تطييبه لأنه عليه السلام طيب الكعبة1، وهي دونه، وهو ظاهر كلام القاضي لأمره عليه السلام بتطييب المساجد2، والمصحف أولى. وقال ابن الزاغوني: يحرم كتبه بذهب، لأنه من زخرفة المصحف، ويؤمر بحكه، فإن كان تجمع منه ما يتمول زكاه. وقال أبو الخطاب يزكيه إن كان نصابا، وله حكه، وأخذه.
واستفتاح الفأل فيه، فعله ابن بطة، ولم يره غيره، وذكره شيخنا، واختاره.
ويحرم كتبه حيث يهان ببول حيوان، أو جلوس، ونحوه، وذكره شيخنا إجماعا، فتجب إزالته، قال أحمد: لا ينبغي تعليق شيء فيه قرآن يستهان به، قال جماعة: ويكره كتابته، زاد بعضهم فيما هو مظنة بذله، وأنه لا يكره كتابة غيره من الذكر فيم لم يدنس3، وإلا كره شديدا.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 المشهور في تطييب الكعبة قول عائشة رضي الله عنها: "لأن أطيب الكعبة أحب إلي من أن أهدي لها ذهباً أو فضة". أخرجه الأزرقي في أخبار مكة: 257، وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى، متروك، كما في التقريب "241". وانظر مثير العزم الساكن 1/361. لابن الجوزي.
2 أخرجه أبو داود "455"، والترمذي "594"، وابن ماجة "759"، أن عائشة قالت: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب".
3 في النسخ الخطية: "يدس" والمثبت من "ط".

(1/247)


ويحرم دوسه، والمراد غير حائط المسجد، قال في الفصول وغيره: يكره أن يكتب على حيطان المسجد ذكر وغيره، لأن ذلك يلهي المصلي، وكره أحمد شراء ثوب فيه ذكر الله يجلس عليه ويداس.
وما تنجس أو كتب عليه بنجس غسل، قال في الفنون: يلزم غسله. وقال: فقد جاز غسله وتحريقه لنوع صيانة وقال إن قصد بكتبه بنجس إهانته فالواجب قتله. وفي البخاري1: أن الصحابة حرقته بالحاء المهملة، لما جمعوه، قال ابن الجوزي: ذلك لتعظيمه وصيانته، وذكر القاضي أن أبا بكر بن أبي داود روى بإسناده عن طلحة بن مصرف2 قال: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر3 ، وبإسناد عن طاوس إن لم يكن يرى بأسا أن يحرق الكتب، وقال: إن الماء والنار خلق من خلق الله4.
وذكر أحمد أن أبا الجوزاء5 بلي مصحف له فحفر له في مسجده فدفنه، وقيل: يدفن كما لو بلي المصحف أو اندرس، نص عليه.
وفي كراهة نقطه وشكله وكتابة الأعشار فيه وأسماء السور وعدد
ـــــــ
1 في صحيحه "4987"، من حديث أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشأم في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب... وفي آخر الحديث: حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في صحيفة أو مصحف أن يحرق.
2 هو: أبو محمد، طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب، الحافظ المقرئ. حدث عن أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، ومجاهد وغيرهم. "ت112هـ". "السير" 5/191.
3 المصاحف ص 34.
4 المصاحف ص 195.
5 هو: أوس بن عبد الله الربعي البصري، من كبار العلماء، روى عن عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان أحد العباد الذين قاموا على الحجاج، فقيل: إنه قتل يوم الجماجم. "83هـ". "السير" 4/371.

(1/248)


الآيات روايتان "م 25" وعنه يستحب نقطه، وعلله أحمد بأن فيه منفعة للناس، واختاره أبو الحسين بن المنادي1، ومعنى كلامه وكلام القاضي أن شكله كنقطه، وعليه تعليل أحمد، قال ابن منصور لأحمد: تكره أن يقال سورة كذا وكذا؟؟ قال: لا أدري ما هو؟ قال الخلال: يعني لا أدري كراهتهم لذلك ما هو، إلا أن أبا عبد الله كره أن يقال ذلك، واحتج الخلال على جواز ذلك بالأخبار الصحيحة المشهورة2. وقال القاضي ظاهره
ـــــــ
مسألة – 25: قوله: "وفي كراهة نقطه وشكله وكتابة الأعشار فيه وأسماء السور وعدد الآيات روايتان" انتهى، وأطلقهما في الرعاية الكبرى والآداب الكبرى والوسطى وأطلقهما في المستوعب في النقط، وقال: ويكره أن يكتب في المصحف ما ليس من القرآن كالأخماس، والأعشار، وعدد آي السور، انتهى:
إحداهما: لا يكره. قلت: وهو الصواب، وعليه عمل الناس في هذه الأزمنة وقبلها بكثير، وإنما ترك ذلك في الصدر الأول، وقد استحب أبو الحسين بن المنادي نقطه، وعلله الإمام أحمد بأن فيه منفعة للناس، ومعنى كلام القاضي وابن المنادي وشكله أيضا. قلت: وهو قوي.
والرواية الثانية: يكره لعدم فعله في الصدر الأول، ومنعهم من ذلك، فهذه خمس وعشرون مسألة، بل أكثر باعتبار تعداد المسائل قد فتح الله بتصحيحهما فله الحمد والمنة.
ـــــــ
1 هو: أحمد بن جعفر، كان ثقة ثبتاً، وله تصانيف كثيرة لم تنتشر عنه، مات سنة 336هـ، له ترجمة في "طبقات الحنابلة" 2/3.
2 فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما كفتاه" . أخرجه البخاري "5040" في: باب من لم ير بأساً أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا وكذا.

(1/249)


التوقف عن جوازه، وكراهته، وقد روى خلف بن هشام البزاز1 وهو إمام مشهور بإسناده في فضائل القرآن عن أنس مرفوعا: "لا تقولوا سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، وكذلك القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها آل عمران، وكذلك القرآن كله" 2. قال القاضي: وظاهر كراهته، وهو أشبه، لأن القرآن يعضده، قال الله تعالى: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} [محمد: 20] قال في شرح مسلم3: جواز ذلك قول عامة العلماء سلفا وخلفا، وكرهه بعض المتقدمين.
ويجوز تقبيله، وعنه يستحب، لفعل عكرمة بن أبي جهل، رواه أحمد، ونقل جماعة الوقف فيه، وفي جعله على عينيه، لعدم التوقيف، وإن كان فيه رفعة وإكرام، لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل، لا يستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف، ولهذا قال عمر
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 وفي المطبوع: البزاز بالزاي المعجمة، وليس بصحيح، ينظر ضبطه في التقريب "1737" وهو خلف بن هشام بن ثعلب المقرئ البغدادي، ثقة، له اختيار في القراءات، مات سنة 229هـ، له ترجمة في "تهذيب التهذيب" 1/549.
2 أخرجه الطبراني في الأوسط "5755"، من طريق خلف بن هشام، وفي إسناده عبيس بن ميمون البصري متروك الحديث.
3 صحيح مسلم بشرح النووي 3/327.

(1/250)


عن الحجر: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك1، ولما قبل معاوية الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس، فقال: ليس شيء من البيت مهجورا، فقال: إنما هي السنة، فأنكر عليه الزيادة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان فيه تعظيم2، ذكر ذلك القاضي، ولهذا ذكره الآمدي رواية تكره، وظاهر ذلك أنه لا يقام له، لعدم التوقيف، وذكر الحافظ بن أبي الأخضر3 من أصحابنا فيمن روي عن أحمد4 في ترجمة أبي زرعة الرازي: سمعت أحمد بن حنبل وذكر عنده إبراهيم بن طهمان5 وكان متكئا، من علة فاستوى جالسا، وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ، وذكر ابن عقيل في الفنون أنه كان مستندا فأزال ظهره. وقال: لا ينبغي أنه تجري ذكرى الصالحين ونحن مستندون، قال ابن عقيل، فأخذت من هذا حسن الأدب فيما يفعله الناس عند ذكر إمام العصر من النهوض لسماع توقيعاته، ومعلوم أن مسألتنا أولى. وقال شيخنا: إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فهو أحق.
ويجوز: كتابة آيتين فأقل إلى الكفار، ونقل الأثرم يجوز أن يكتب إلى أهل الذمة كتاب فيه ذكر الله، قد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين6، وفي النهاية لحاجة التبليغ، وهو ظاهر الخلاف. وقال ابن عقيل: لا بأس
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1610" ومسلم "1270".
2 وهذه قاعدة شريفة في ضبط الأفعال الشرعية، وضرورة تجريد المتابعة فيها، كما بسطه العالم المتفنن الشاطبي في كتابه "الاعتصام"، والفقيه النظار ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": 335.
3 عبد العزيز بن محمود الجنابذي، من فقهاء الحنابلة البارعين، له مصنفات غزيرة النفع، مات سنة 621هـ، له ترجمة في "ذيل الطبقات" 2/79.
4 اسم الكتاب كاملاً: "المقصد الأرشد، في ذكر من روى عن الإمام أحمد" في مجلدين كما ذكره الزين ابن رجب في "ذيل الطبقات" 2/8.
5 من أعيان الحنفية، وأحد رجال الستة، مات سنة 163هـ، له ترجمة في "الجواهر المضية" 1/85.
6 أخرجه الخلال في "أحكام أهل الملل": 395.

(1/251)


بتضمينه لمقاصد تضاهي مقصوده تحسينا للكلام، كأبيات في الرسائل للكفار مقتضية الدعاية، ولا يجوز في نحو كتب المبتدعة، بل في الشعر لصحة القصد، وسلامة الوضع.
ويحرم السفر به إلى دار الحرب "و م ش" نقل إبراهيم بن الحارث؛ لا يجوز للرجل أن يغزو ومعه مصحف، وقيل: إلا مع غلبة السلام. وفي المستوعب يكره بدونها "و هـ".
ـــــــ
........................................

(1/252)


باب الغسل
موجبات الغسل
...
باب الغسل
وموجبه ستة: خروج المني من مخرجه بلذة، ولو دما، وعنه وبغيرها "و ش" ويخلق منه الحيوان، لخروجه من جميع البدن، وينقص به جزء منه، وبهذا يضعف مكثره، فجبر بالغسل.
وإن أحس بخروجه فحبسه وجب، وعنه لا، حتى يخرج، اختاره جماعة "و" فعلى الأول هل يثبت حكم البلوغ والفطر وغيرهما؟ على وجهين "م 1" وعليهما أيضا إن خرج بعد غسله أو خرجت بقية مني اغتسل له: لم يجب "و م" وعنه يجب "و ش".
ـــــــ
مسألة – 1: قوله: "وإن أحس بخروجه فحبسه وجب، وعنه لا، حتى يخرج واختاره جماعة، فعلى الأول هل يثبت حكم البلوغ والفطر وغيرهما؟؟ على وجهين" انتهى. وذكرهما القاضي فيمن بعده، وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان وصاحب الفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يثبت حكم البلوغ وغيره بذلك قبل الخروج، وهو ظاهر ما اختاره في الرعاية الكبرى. قلت: وهو بعيد.

(1/253)


وعنه إن خرج بوله "و هـ" وعنه بعده، وكذا لو جامع فلم ينزل واغتسل، ثم خرج لغير شهوة، وجزم جماعة يغتسل. وقال شيخنا: قياس المني انتقال حيض.
وإن انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه فوجد بللا جهل أنه مني وجب "م ش" كتيقنه "و" وعنه مع الحلم، وعنه لا، ذكره شيخنا، وفيه نظر، فعلى الأولى يغسل بدنه1 وثوبه احتياطا، ولعل ظاهره لا يجب، ولهذا قالوا: وإن وجده يقظة وشك فيه توضأ، ولا يلزم غسل ثوبه، ولا يديه، وقيل: يلزمه حكم غير المني، ويتوجه احتمال حكمهما، وخيره أكثر
ـــــــ
والوجه الثاني: يثبت ذلك قاله القاضي في التعليق التزاما، وقدمه الزركشي. قلت: وهو الصواب، قال في الرعاية وهو بعيد.
ـــــــ
1 في "ط": "يديه".

(1/254)


الشافعية بين حكم المني والمذي.
وإن سبق نومه برد أو نظر ونحوه لم يجب، وعنه يجب، وعنه مع الحلم وفاقا، وإن تيقنه مذيا فلا "هـ" وإن رأى منيا بثوب ينام فيه وقال أبو المعالي والأزجي لا بظاهره لجوازه من غيره اغتسل ويعمل في الإعادة باليقين، وقيل بظنه.
ولا يجب بحلم بلا بلل، ولا بمني في ثوب ينام فيه اثنان عن الأصح فيهما "و" وفي الأولى رواية يجب إن وجد لذة الإنزال، وعلى المذهب إن انتبه ثم خرج إذن لزمه، وإن وجب بالاحتلام تبينا وجوبه من الاحتلام، فيعيد ما صلى بعد الانتباه قبل خروجه.
ـــــــ
........................................

(1/255)


وتغييب حشفته الأصلية "و" أو قدرها لعدم بلا حائل، وقيل ومعه "و ش" وإن لم يجد حرارة "هـ" والمذهب ولو نائما ومجنونا، وقيل: ولو ميتا فيعاد غسله، كمن استدخلته في قبل، والأصح أصلي من آدمي، "و" أو غيره "هـ" نص عليه حتى سمكة، وقيل حي "و هـ" وكذا دبر في المنصوص "و" وقيل: على الواطئ، والمنصوص ولو غير بالغ "هـ" والأصح يلزمه إن أراد ما يتوقف على الغسل، أو الوضوء، أو مات قبل فعله شهيدا، وعد بعضهم هذا قولا، والأولى أنه مراد المنصوص، أو يغسل له
ـــــــ
........................................

(1/256)


لو مات، ولعله مراد الإمام، وشرط بعضهم لوجوبه مجامعة مثله، وشرط بعضهم للذكر1 إذا كان ابن عشر، والأنثى بنت تسع، والمراد به ما قبله، وهو ظاهر كلام أحمد، ليس عنه خلافه.
ويجب الوضوء بموجباته "و" وجعل شيخنا مثله مسألة الغسل إلزامه باستجمار، ونحوه في فتاوى ابن الزاغوني لا نسميه جنبا، لأنه لا ماء له، ثم إن وجد شهوة لزمه، وإلا أمر به ليعتاده، وأن الميتة يعاد غسلها
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "إذا كان".

(1/257)


للصلاة، وإلا فالوجهان، وأجاب أبو الخطاب في الأولى مثله.
ولو استدخلت ذكر بهيمة فكوطء بهيمة، ويأتي كلام ابن شهاب في الحد بوطء بهيمة1، ولو قالت امرأة: لي جني يجامعني كالرجل فلا غسل، لعدم الإيلاج والاحتلام، ذكره أبو المعالي وفيه نظر، وقد قال ابن الجوزي: في قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 56] دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي2.
وإسلام الكافر على الأصح، وقيل: جنب، وقيل يجب بالكفر، والإسلام شرط، فعلى الأشهر لو وجد سببه في كفره لم يلزمه له غسل. وقال ابن عقيل وغيره: أسبابه الموجبة له في الكفر كثيرة، وبناه أبو المعالي على مخاطبتهم، بالفروع، ويلزمه على القول الآخر كالوضوء، فلو اغتسل في كفره أعاد، واختار شيخنا، لا إن اعتقد وجوبه.
وقال بناء على أنه يثاب طاعة في الكفر إذا أسلم، وأنه كمن تزوج مطلقته ثلاثا معتقدا حلها، وفيه روايتان.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 10/56.
2 زاد المسير 7/ 315.

(1/258)


وقيل: لا غسل على كافر مطلقا "و م" كغسل حائض لوطئه في الأصح، قال أحمد: ويغسل ثيابه، قال بعضهم: إن قلنا بنجاستها وجب، وإلا استحب.
ويحرم تأخير إسلام لغسل ولغيره، ولو استشار مسلما فأشار بعدم إسلامه، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر لم يجز، وذكر صاحب التتمة من الشافعية1: أنه يصير مرتدا، ورد عليه بعضهم والموت، وهو تعبد "لا" عن حدث "ش".
والحيض والنفاس، وقيل: بانقطاعه "و هـ ر" وعليهما يخرج غسل شهيد، وذكر أبو المعالي احتمالين على الأول، لتحقق الشرط بالموت، وهو غير موجب، وجزم بعضهم بأنه لا يجب.
ـــــــ
تنبيه 2 : قوله: والحيض والنفاس، وقيل بانقطاعه، وعليهما يخرج غسل شهيدة انتهى. وقال في باب غسل الميت3 في غسل الشهيد: ويغسل لجنابة، أو طهر من حيض ونفاس على الأصح، وسبقت أسئلة النهي، فذكر أولا أنها تغسل إذا كانت شهيدة، لأنه قدم وجوب الغسل بخروجها ومفهوم كلامه ثانيا أنها لا تغسل إذا لم تطهر وهو مناقض للأول فيما يظهر، والظاهر أنه تابع أولا المجد وابن حميدان والناظم وغيرهم، وتابع ثانيا الشيخ الموفق ومن تبعه، فحصل ما حصل، والله أعلم 2.
ـــــــ
1 هو: أبو العباس، نجم الدين، أحمد بن محمد بن علي الأنصاري، فقيه شافعي، من مصنفاته: "بذل النصائح الشرعية"، "كفاية النبيه في شرح التنبيه"، وغيرهما. "ت710هـ" "طبقات الشافعية" 9/24 "الأعلام" 1/222.
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 3/296.

(1/259)


وعنه والولادة "و" والولد طاهر على الأصح، وفي غسله مع دم وجهان "م 2" وفي استحباب غسل حائض لجنابة قبل انقطاعه روايتان "م 3" ويصح وعنه: لا "و ش" وعنه يجب.
ـــــــ
مسألة – 2: قوله: "والولد طاهر على الأصح، وفي غسله مع دم وجهان" انتهى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير:
أحدهما: يغسل وهو الصحيح لمناسبته الدم ومخالطته له، ولا يسلم منه غالبا بعد خروجه، فعلقنا الحكم على المظنة.
و الوجه الثاني: لا يغسل.
مسألة -3 : قوله: "وفي استحباب غسل حائض لجنابة قبل انقضائه روايتان" انتهى.
إحداهما: يستحب لذلك. قدمه ابن تميم، قال في مجمع البحرين: ويستحب غسلها عند الجمهور، واختاره المجد. انتهى.
والرواية الثانية: لا يستحب، قدمه في المستوعب. قلت: وهو قوي. وقال في الرعاية الكبرى بعد أن قدم أنه لا يصح غسلها لجنابة حال الحيض، وعنه يصح، وعنه أنه يستحب، وعنه لا يستحب. انتهى.

(1/260)


ويمنع جنب من قراءة آية على الأصح، زاد الخطابي1: وعن أحمد يجوز آية ونحوها ولا يجوز آيات يسيرة للتعوذ. وفي واضح ابن عقيل في مسألة الجواز لا يحصل التحدي بآية، واثنتين، ولهذا جوز الشرع للجنب الحائض تلاوته، لأنه لا إعجاز فيه، بخلاف ما إذا طال.
ويجوز بعض آية على الأصح "هـ ش" ولو كرر: ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه، وله تهجئة في الأصح، فيتوجه بطلان صلاة بتهجئة، هذا الخلاف.
في الفصول: تبطل لخروجه عن نظمه وإعجازه، وله قراءة لا تجزئ في الصلاة لأسرارها في ظاهر نهاية الأزجي، وقال غيره: له تحريك شفته به إذا لم يبين الحروف.
وله قول ما وافق قرآنا ولم يقصده، نص عليه، والذكر، وعنه ما أحب أن يؤذن، لأنه في القرآن. وفي التعليل نظر، قاله القاضي، وعلله في رواية الميموني بأنه كلام مجموع، وكره شيخنا الذكر له؛ لا لحائض، وقيل: متى قصد بقراءته معنى غير التلاوة جاز "و هـ".
وله دخول مسجد "و ش" وقيل: لحاجة، ويمنع سكران. وفي
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 هو: أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، من أهل بست من بلاد كابل، فقيه محدث. له: "معالم السنن"، و"بيان إعجاز القرآن"، و"غريب الحديث". "ت388هـ" "الأعلام" 2/273.

(1/261)


"الخلاف" جواب: لا ومن عليه نجاسة، والمراد تتعدى "و" كظاهر كلام القاضي وغيره ولكن قد قال بعضهم يتيمم لها للعذر وهذا ضعيف.
ومجنون1، وقيل فيه يكره كصغير، وفيه في النصيحة يمنع للعب، لا لصلاة وقراءة، وهو معنى كلام ابن بطة وغيره، وأطلق في الخلاف منع صغير ومجنون، ونقل مهنا ينبغي أن يجنب الصبيان المساجد.
وللجنب اللبث فيه بوضوء، وعنه لا "و" وفي الرعاية رواية يجوز لجنب مطلقا وحكاه الخطابي عن أحمد وإن تعذر واحتاج فبدونه، نص عليه، واحتج بأن وفد عبد القيس قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد2، كمستحاضة ونحوها ويأمنون تلوثه وعند أبي المعالي والشيخ يتيمم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 معطوف على قوله: "ويمنع سكران".
2 أخرجه البخاري "53"، ومسلم "17" "23".

(1/262)


"و ش" كلبثه لغسله فيه وفيه قول.
والصحيح أن مصلى العيد مسجد "و ش" لأنه أعد للصلاة حقيقة؛ لا مصلى الجنائز ذكره أبو المعالي، ولم يمنع في النصيحة حائضا من مصلى العيد، ومنعها في المستوعب، وأمر عليه السلام برجم ماعز في المصلى، قال جابر: رجمناه في المصلى. متفق عليه1. ونهى عن إقامة الحدود في المسجد، أو يستقاد فيه أو تنشد فيه الأشعار، رواه أبو داود والدارقطني من حديث حكيم بن حزام2 ، وله انقطاع، وإسناده ثقات، وضعفه عبد الحق وغيره.
ويمنع في المنصوص كافر القراءة "هـ" ولو رجي إسلامه "ش" ونقل مهنا أكره أن يضعه في غير موضعه، قال القاضي: جعله في حكم الجنب.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 البخاري "6826"، مسلم "1619" "16".
2 أحمد في "مسنده" "15579"، "15580"، أبو داود "4490"، الدارقطني 3/85-86.

(1/263)


فصل: يستحب الغسل للجمعة
"و" في يومها لحاضرها إن صلى الجمعة لا لامرأة، وقيل: ولها "و ش" وعنه يجب على من تلزمه، ولا يشترط وكذا العيد الغسل للعيد "و" لحاضرها إن صلى، وقيل إن صلى جماعة، وفي التلخيص لمن حضره ولو لم يصل "و م ش" وإن مثله الزينة، والطيب، لأنه يوم الزينة بخلاف الجمعة، وعنه له الغسل بعد نصف ليلته "و م ش" وقال أبو المعالي في جميعها أو بعد نصفها، كالأذان، فإنه أقرب، فيجيء من قوله وجه ثالث:
ـــــــ
........................................

(1/263)


يختص بالسحر كأذان.
ويستحب لكسوف، واستسقاء في الأصح "و ش" ومن غسل ميت على الأصح "و" وعنه يجب من كافر، وقيل: ومسلم، ولجنون، وإغماء، واستحاضة "و" وعنه يجب لهن، ولإحرام حتى حائض ونفساء "و".
وللشافعي قول: لا يستحب لهما، وجعله داود فرضا للنفساء، واستحبه لغيرها وأوجب بعض العلماء الدم بتركه.
ويستحب لدخول مكة، قال في المستوعب حتى لحائض، وعند شيخنا لا، ومثله اغتسال الحج، والوقوف بعرفة، وطواف زيارة ووداع "و" في الكل، ومبيت بمزدلفة، ورمي جمار، وخالف شيخنا في الثلاثة، ونقل صالح، ولدخول الحرم، وفي منسك ابن الزاغوني والسعي وفيه والإشارة والمذهب: وليالي منى، وعنه، ولحجامة "و هـ" وقيل ولدخول المدينة. وقال شيخنا نص عليه، وقيل: ولكل اجتماع مستحب، وغسل الجمعة آكد، وقيل: وغسل الميت "و ق".
ويتيمم في الأصح لحاجة "و ش" نقله صالح في الإحرام، وقيل: بل لغيره، ولم يستحبه "م هـ" ويتيمم لما يستحب الوضوء له لعذر "و" وظاهر ما
ـــــــ
........................................

(1/264)


قدمه في الرعاية لا كغير1 العذر، وتيممه عليه السلام لرد السلام2 يحتمل عدم الماء، ويتوجه احتمال في رد السلام، لفعله عليه السلام3 لئلا يفوت المقصود وهو رده على الفور، وأجاب القاضي وغيره بأنها ليست شرطا فيه، فقيل له فالطهارة شرط في كمال الرد فلما خاف فوته كمل بالتيمم مع القدرة؟ فأجاب إنه إنما كمل بالتيمم مع وجود الماء لجوازه بلا طهارة مع القدرة عليها؟ وجوزه صاحب المحرر وغيره مطلقا، لأنها مستحبة فخف أمرها، وسبق في مثله التجديد لما يستحب له الوضوء4.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط": "لغير".
2 أخرج البخاري "337"، ومسلم "369" "114"، عن أبي جهم قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام.
3 أخرج مسلم في صحيحه "373" "117"، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه".
4 ص 169.

(1/265)


فصل: في صفة الغسل
كامل بنية وتسمية وغسل يديه ثلاثا وما لوثه ثم يتوضأ "و" كاملا "و م ش" وعنه يؤخر غسل رجليه "و هـ" إن كانتا في مستنقع الماء المستعمل، وعنه سواء ويروى رأسه، والأصح ثلاثا "و" ثم بقية بدنه، قيل مرة "و م" وقيل ثلاثا "م 4" ويدلكه، ويتيامن، ويعيد غسل رجليه بمكان آخر، وقيل لا يعيد "و هـ" لا لطين ونحوه "و ش" كالوضوء "و" ويجزئ بنية "هـ".
وتعميم بدنه حتى شعر وفيه وجه والأصح وباطنه "م ر" والأصح للحنفية لا يلزمها غسل الشعر النازل من رأسها للحرج، ويكفي الظن في الإسباغ، وقال بعضهم: يحرك خاتمه ليتيقن وصول الماء وسبق في الاستنجاء1، ويأتي في الشك في عدد الركعات2.
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: في صفة الغسل "ثم بقية بدنه، قيل: مرة وقيل: ثلاثا" انتهى "أحدهما": يغسله مرة وهو ظاهر كلام الخرقي والعمدة والتلخيص والخلاصة وجماعة واختاره الشيخ تقي الدين قال الزركشي وهو ظاهر الأحاديث.
والقول الثاني: يغسل ثلاثا، وهو الصحيح، وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به في النهاية والإيضاح والفصول والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي3 والمقنع4 والمحرر والنظم ومختصر ابن تميم والرعايتين والحاويين والوجيز والفائق وإدراك الغاية والمنور وغيرهم قال الزركشي عليه عامة الأصحاب.
ـــــــ
1 ص 132-133.
2 2/325.
3 1/131.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/127.

(1/266)


والتسمية كالوضوء. ولا يجب موالاة على الأصح "و هـ" كالترتيب "و" وللحاجة إلى تفريقه كثيرا وكثرة المشقة بإعادته ولخبر اللمعة1 وظاهر النص، ولا معارض، وحيث فاتت الموالاة فيه أو في وضوء وقلنا لا يجوز فلا بد للإتمام من نية مستأنفة "ش" بناء على أن من شرط النية الحكمية قرب الفعل منها، كحالة الابتداء، فدل على الخلاف كما يأتي في نية الصلاة2 ونية الحج في دخول مكة3.
ويجب نقض الشعر لحيض "خ" لا لجنابة "و" في المنصوص فيهما. ويستحب السدر في غسل الحيض، وظاهر نقل الميموني وكلام ابن عقيل يجب، وقاله ابن أبي موسى، وأن تأخذ مسكا فتجعله في قطنة أو شيء وتجعله في فرجها بعد غسلها، فإن لم تجد فطيبا، فإن لم تجد فطينا ليقطع الرائحة، ولم يذكر الشيخ الطين. وقال أحمد أيضا في غسل حائض ونفساء كميت، قال القاضي في جامعه معناه يجب مرة، ويستحب ثلاثا ويكون
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 تقدم ص 79.
2 2/137.
3 6/38.

(1/267)


السدر والطيب كغسل الميت، وذكر ابن حزم لا يجب طيب إجماعا, ويستحب في غسل الكافر السدر كإزالة شعره وأوجبه في التنبيه والإرشاد1.
ويرتفع حدث قبل زوال نجاسة "و" كالطهارة، وعنه بل معها.
ويغتسل بصاع، وهو خمسة أرطال وثلث عراقية نقله الجماعة "و م ش" وأومأ في رواية ابن مشيش2: أنه ثمانية في الماء، اختاره في الخلاف، ومنتهى الغاية، لا مطلقا "هـ" ويتوضأ بمد وهو ربعه، ويجزئ
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ص 34.
2 هو: محمد بن موسى بن مشيش، كان من كبار أصحاب أحمد، روى عنه مسائل. "طبقات الحنابلة" 1/323، "المقصد الأرشد" 2/495.

(1/268)


في المنصوص دونهما "و" وفي كراهته وجهان "م 5".
وإن نوى الحدثين وقال شيخنا أو الأكبر وقاله الأزجي ارتفعا، وعنه يجب الوضوء "خ" وقيل يكفي وجود ترتيبه وموالاته، وإن نوى أحدهما لم يرتفع غيره "م ش" فعلى الأول لو نوى رفع الحدث وأطلق ارتفعا، وظاهر كلام جماعة عكسه كالرواية الثانية: وقيل يجب الوضوء، ولو نوت من انقطع حيضها بغسلها حل الوطء صح، وقيل لا، لأنها نوت ما يوجب الغسل. وهو الوطء، وذكره أبو المعالي.
ويستحب للجنب، وعنه للرجل غسل فرجه ووضوء لأكل أو شرب، وعنه يغسل يده، ويتمضمض "و هـ" ولمعاودة وطء "و" ولا يكره في المنصوص تركه في ذلك "و" ولنوم، وفي كلامه ما ظاهره وجوبه، قاله شيخنا.
ويكره تركه في الأصح "هـ": ولا يسن لحائض قبل انقطاعه لعدم
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: ويتوضأ بالمد وهو ربعه ويجزئ في المنصوص دونهما وفي كراهته وجهان، انتهى.
أحدهما: يكره جزم به في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: لا يكره. قلت: وهو الصواب لفعل السلف وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.

(1/269)


صحته بل بعده، ومن أحدث بعده لم يعده في ظاهر كلامهم لتعليلهم بخفة الحدث، أو بالنشاط، وظاهر كلام شيخنا يتوضأ لمبيته على إحدى الطهارتين، وغسله عند كل امرأة أفضل.
وكره أحمد بناء الحمام وبيعه وإجارته، وحرمه القاضي، وحمله شيخنا على غير البلاد الباردة، قال جماعة يكره كسب الحمامي. وفي نهاية الأزجي الصحيح لا، وله دخوله نص عليه، وقال ابن البنا، يكره، وجزم به في الغنية، واحتج بأن أحمد لم يدخله لخوف وقوعه في محرم، وإن علمه حرم. وفي التلخيص والرعاية له دخوله مع ظن السلامة غالبا.
وللمرأة دخوله لعذر، وإلا حرم، نص عليه، وكرهه بدونه ابن عقيل وابن الجوزي. وفي عيون المسائل لا يجوز للنساء دخوله إلا من علة يصلحها الحمام، واحتج بخبر عائشة المشهور1. واعتبر القاضي والشيخ مع العذر: تعذر غسلها في بيتها لتعذره، أو خوف ضرره ونحوه، وظاهر كلام أحمد لا يعتبر، وهو ظاهر كلام المستوعب والرعاية لظاهر الخبر، وقيل اعتياد دخولها عذر للمشقة "خ" وقيل لا تتجرد، فتدخله بقميص خفيف، وأومأ إليه أحمد2، فإن المروذي ذكر له قول ابن أسلم: لا تخلع قميصا، لقوله عليه السلام: "المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هلكت الستر بينها وبين الله تعالى" قلت فأي شيء تقول أنت؟ قال ما أحسن ما احتج به! وهذا
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه أحمد "25407"، وأبو داود "4010"، والترمذي "2803"، وسيأتي بنصه بعد خمسة أسطر.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/270)


الخبر رواه أحمد وأبو داود وغيرهما1، وله طرق، وفيه ضعف، ولعله حسن.
ويتوجه في المرأة تبيت عند أهلها: الخلاف، والظاهر رواية المروذي المذكورة المنع.
ونقل حرب عن إسحاق يكره، ولا يكره قرب الغروب وبين العشاءين، خلافا للمنهاج لانتشار الشياطين.
ويكره فيه القراءة في المنصوص، ونقل صالح: لا تعجبني القراءة2: وظاهره ولو خفض صوته. وذكر ابن عبد البر: سئل مالك عن القراءة فيه فقال: القراءة بكل مكان حسن، وليس الحمام بموضع قراءة فمن قرأ الآيات فلا بأس.
والأشهر يكره السلام "هـ" وقيل والذكر "خ" وسطحه، ونحوه كبقيته، ذكره بعضهم، ويتوجه فيه كصلاة.
وهل ثمن الماء على الزوج أو عليها، أو ماء غسل الجنابة فقط عليه3، أو عكسه؟ فيه أوجه "م 6".
ـــــــ
مسألة- 6: قوله: "وهل ثمن الماء على الزوج، أو عليها، أو ماء الجنابة فقط
ـــــــ
1 تقدم تخريجه آنفاً.
2 ليست من النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".

(1/271)


وماء الوضوء كالجنابة "م 7" وذكر أبو المعالي ويتوجه يلزم السيد شراء ذلك لرقيقه، ولا يتيمم في الأصح.
ويكره الاغتسال في مستحم وماء عريانا قال شيخنا: عليه أكثر نصوصه، عنه لا، اختاره جماعة "و" وعن أحمد لا يعجبني، إن للماء سكانا. واحتج أبو المعالي للتحريم خلوة بهذا الخبر، ونقل حرب أن أحمد كرهه شديدا، وسبق في الاستطابة1 كشفها بلا حاجة خلوة. والله أعلم.
ـــــــ
عليه، أو عكسه فيه أوجه، انتهى. قال ابن تميم في آخر الحيض: وثمن ماء الحيض على الزوج في وجه، وعلى الزوجة في آخر، انتهى، وأطلقها في الفصول:
أحدها2: هو على الزوج وهو الصحيح، وقد صار عادة وعرفا في هذه الأزمنة وقبلها بكثير، قال في المغني3 والشرح4 في باب عشرة النساء: إن احتاجت إلى شراء الماء فثمنه عليه، قال في الرعاية الكبرى في هذا الباب: وثمن ماء الغسل من الحيض والنفاس والجنابة على الزوج، وقيل على الزوجة5 انتهى.
و "الوجه الثاني": على الزوجة، قال في الواضح لا يجب على الزوج، وهو ظاهر ما اختاره في عيون المسائل.
والوجه الثالث: عليه ماء الجنابة فقط، لأنه في الغالب سببه.
الوجه الرابع: ماء الحيض والنفاس ونحوهما عليه دون ماء الجنابة.
مسألة- 7: قوله: "وماء الوضوء كالجنابة ذكره أبو المعالي" انتهى، وقد علمت الصحيح من ذلك في الجنابة6، فكذا هنا، بل أولى، والله أعلم، فهذه سبع مسائل في هذا الباب قد صححت.
ـــــــ
1 ص 129.
2 في النسخ الخطية: "أحدهما"، والمثبت من "ط".
3 10/222.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/395.
5 في النسخ الخطية: "المرأة".
6 ص 271.

(1/272)


باب التيمم
مدخل
...
باب التيمم
وهو بدل مشروع إجماعا لكل ما يفعل بالماء، كمس المصحف "و" وقال الشيخ فيه: إن احتاج، وكوطء حائض، نقله الجماعة ولو لم يكن بالواطئ جراح "م" أو لم يصل به ابتداء "هـ" وقيل يحرم، ذكره شيخنا، وذكره ابن عقيل رواية، وصححها، ذكره ابن الصيرفي.
ـــــــ
........................................

(1/273)


وهل يكره لمن لم يخف العنت "و م" فيه روايتان "م 1" حضرا وسفرا "و" وقيل مباحا طويلا لعادم الماء بحبس أو غيره "و" وعنه سفرا، فعلى
ـــــــ
مسألة -1: قوله: "وهل يكره لمن لم يخف العنت؟ فيه روايتان" هل يكره الوطء لعادم الماء أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقهما في الفصول، والمذهب، والمغني1، والشرح2، وشرح ابن عبيدان، ومجمع البحرين، وغيرهم:
إحداهما: لا يكره، وهو الصحيح، اختاره الشيخ تقي الدين، وقدمه ابن تميم قال في المغني1 وتبعه في الشرح2: والأولى إصابتها من غير كراهة، قال ابن رزين وهو الأظهر، قال في الفائق يفعل به كل ما يفعل بالماء من صلاة وقراءة وطواف ووطء ونحوها.
والرواية الثانية يكره إن لم يخف العنت قدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين واختاره المجد وصححه أبو المعالي.
ـــــــ
1 1/354.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/270.

(1/274)


الأولى يعيد على الأصح "و م" أو لخائف باستعماله ضررا في بدنه، أو بقاء شين1، أو بطء برء "و" وعنه بل خوف التلف "ح" ويأتي بيان الخوف في صلاة المريض.
وإن عجز مريض عن حركة وعمن يوضئه فكعادم. وإن خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضئه فالأصح يتيمم، ويصلى ولا إعادة أو ضرر آدمي محترم أو حيوان "و" وقيل له، أو فوت رفقته أو ماله، وظاهر كلامه ولو لم يخف ضررا بفوت الرفقة لفوت الألفة والأنس، ويتوجه احتمال أو خافت امرأة على نفسها فساقا نص عليه، قال الشيخ وغيره، بل يحرم خروجها إليه، وعنه لا أدري، وقيل يعيد، وذكر ابن الجوزي أو احتاجه لعجين أو طبخ، وقيل يتيمم من اشتد خوفه جنبا ويعيد. وفي وجوب حبس الماء
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 المعنى: أن يخاف بقاء تشوه العضو باستعمال الماء في بدنه. "المغني" 1/336، "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 1/ 172.

(1/275)


لتوقع عطش غيره كخوف عطش نفسه وجهان، وهما في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت "م 2 و 3" ويشربه مع عطشه إذن، وذكر الأزجي يشرب ماء نجسا، وقيل: لا يجب بذله لعطشان، وإن أمكنه أن يتوضأ به ثم يجمعه ويشربه فإطلاق كلامهم لا يلزمه لأن النفس تعافه، ويتوجه احتمال، ولو مات رب الماء يممه رفيقه العطشان، وغرم ثمنه مكانه وقت إتلافه لورثته، وظاهر كلامه في النهاية أن غرمه مكانه فمثله، وقيل الميت أولى به، وقيل رفيقه إن خاف الموت.
ـــــــ
مسألة – 2-3: قوله: "وفي وجوب حبس الماء لتوقع عطش غيره كخوف عطش نفسه وجهان، وهما في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت1"، انتهى، ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى -2: هل يجب حبس الماء لتوقع عطش غيره أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه المجد في شرحه، وابن تميم وابن عبيدان والزركشي، وغيرهم:
أحدهما: لا يجب بل يستحب قال المجد: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، وقدمه في الرعاية الكبرى ومجمع البحرين.
والوجه الثاني: يجب، وهو ظاهر كلام جماعة. قلت: وهو الصواب.
المسألة الثانية -3: لو خاف على نفسه العطش بعد دخول الوقت فقال المصنف: الوجهان فيها أيضا، ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى أنه لا يجب. وقال أيضا: ولو خاف أن يعطش بعد ذلك هو أو أهله أو عبده أو أمته لم يجب دفعه إليه، وقيل: بلى بثمنه إن وجب الدفع عن نفس العطشان، وإلا فلا، انتهى.
قلت: الصواب الوجوب أيضا، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، منهم الشيخ الموفق والقول بعدم الوجوب ضعيف جدا فيما يظهر.
ـــــــ
1 بعدها في نسخ التصحيح: "النهي" وحذفت موافقة للفروع.

(1/276)


وهل يؤثر أبويه لغسل ووضوء ويتيمم؟ فيه وجهان "م 4" وعنه في غاز بقربه الماء يخاف إن ذهب على نفسه لا يتيمم ويؤخر. وفي فوت مطلوبه روايتان "م هـ" ويأتي في صوم المريض1.
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "وهل يؤثر أبويه لغسل ووضوء ويتيمم فيه وجهان" انتهى، وهما احتمالان مطلقان في الفصول، وأطلق الوجهين في التلخيص، ومختصر ابن تميم، والرعاية الكبرى، والفائق. وقال في الرعاية الكبرى أيضا كان للحي فآثر به غيره لم يتيمم مع وجوده، فإن تعذر أخذه أو عدم الماء جاز التيمم على الأصح، انتهى:
أحدهما: لا يجوز، وهو الصحيح، وقد قدم ابن عبيدان عدم جواز بذله لغيره. وقال في الكافي2: فإن آثر به وتيمم لم يصح، قال في مجمع البحرين: وإن كان الماء ملكا لأحدهم تعين، وقال الشيخ الموفق والشارح: إن كان الماء ملكا لأحدهم فهو أحق به، لأنه محتاج إليه لنفسه، ولا يجوز بذله لغيره، انتهى. وقال ابن رزين في شرحه: فإن وهبه بعد دخول الوقت لم يصح، فإن تيمم مع بقائه لم يصح، لأنه باق على ملكه فإن تصرف فيه من وهب له فهو كإراقته، انتهى، وكلامهم عام في الأب وغيره، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يجوز.
مسألة – 5: قوله: "في فوت مطلوبه روايتان" انتهى، وأطلقهما ابن تميم، وذلك كالخائف فوت عدوه إذا توضأ:
إحداهما: يجوز له التيمم وهو الصحيح، قدمه المصنف في باب صلاة الخوف3، فقال: "ولطالب عدو يخاف فوت الصلاة كذلك"، يعني كصلاة الخوف إذا
ـــــــ
1 4/438-439.
2 1/155.
3 3/131.

(1/277)


وخوف نزلة أو مرض ونحوه لبرد مبيح، ولا إعادة "و هـ م" وعنه بلى "و ش" وعنه حضرا، وفي أيهما فرضه؟ وجهان "م 6". وإن لم يخف لم يبح، وقيل: ما لم يخف خروج الوقت.
ويلزمه شراؤه بثمن مثله "و" عادة مكانه، وكذا بزيادة يسيرة على الأصح "هـ ش" كضرر يسير في بدنه من صداع وبرد فهاهنا أولى، وعنه لو كثرت ولم يجحف به "خ".
ـــــــ
اشتد، وعنه لا، وكذلك التيمم له، انتهى، وقدمه في الرعاية الكبرى، فقال: وللغازي التيمم بحضرة الماء إذا خاف فوت مطلوبه بطلب الماء، انتهى، وقال في موضع آخر: ومن خاف فوت غرضه المباح بطلب الماء تيمم، وصلى وأعاد، وقيل: إن كان الماء في عمله أعاد، وإلا فلا، انتهى، واختار جواز التيمم، أيضا أبو بكر قاله ابن تميم.
والرواية الثانية لا يجوز. قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
تنبيه: يحتمل أن يحمل ما قدمه المصنف في باب صلاة الخوف على ما إذا خاف فوت عدوه، ويحمل ما أطلقه هنا على ما إذا خاف فوت غرضه غير العدو ليحصل عدم التناقض في كلامه، ولكن كلامه عام. والله أعلم.
مسألة- 6: قوله: "وخوف نزلة أو مرض ونحوه كبرد مبيح ولا إعادة، وعنه بلى، وعنه حضرا، وفي أيهما فرضه، وجهان" انتهى، وأطلقهما في الرعاية الكبرى:

(1/278)


وإن احتمل وجوده لزمه طلبه كظنه "و" عنه لا "و هـ" كعدمه "و" وعنه لا يلزمه إن ظن عدمه، ذكره في التبصرة ولا أثر لطلبه قبل الوقت، فعلى الأولى إن رأى ما يشك معه في الماء بطل تيممه، وقيل لا، كما لو كان في
ـــــــ
أحدهما: الثانية فرضه. قلت: وهو الصواب، وإلا لما كان في إعادتها كبير فائدة، وقد قال ابن عقيل في الفصول لو حبس في الحضر تيمم، ولا يعيد، نص عليه، ويتخرج في الإعادة رواية أخرى بناء على التيمم، لشدة البرد أنه يعيد وقد بينا أنهما سواء، ثم قال فإذا قلنا يجب الإعادة كانت الثانية فرضه، لأنها هي الكاملة، ولأنا لو جعلنا الأولى فرضه لسقط بها فرضه، ولم تجب الإعادة، انتهى فهذا كالصريح في المسألة.
وقال في موضع آخر فيمن صلى على الأرض النجسة وقال يعيد فأيهما فرضه، قال شيخنا أبو يعلى الثانية فرضه، وقياسا على ما قلنا فيمن تيمم حضرا لعدم الماء، أو تيمم لبرد شديد على القول بالإعادة، والوجه أنه لو كان الفرض سقط بالأولى لما كان لإيجاب الثانية معنى، فلما وجبت الثانية دل على أن الأولى وجبت لشغل الوقت، لا لإسقاط الفرض، كالحجة الفاسدة، انتهى، فهذا صريح في المسألة، فقد قطع هو وشيخه بأن الثانية فرضه، فوافق ما قلنا، ولله الحمد.
والوجه الثاني: الأولى فرضه.

(1/279)


صلاة، جزم به الأصحاب خلافا لظاهر كلام بعضهم لتوجه الطلب.
وإن دل عليه أو علمه قريبا عرفا وعنه أو بعيدا "و م" لزمه قصده في الوقت.
ويلزمه قبول الماء قرضا وكذا ثمنه، والمراد وله ما يوفيه، وقاله شيخنا.
ويلزمه قبول الماء هبة في الأصح وقيل: إن له يتعزز، وعكسه ثمنه، وقيل: يلزمه اقتراض ثمنه، وعنه واتهابه.
وحبل ودلو كالماء، ويلزم قبولهما عارية، وفي طلبهما واتهاب الماء وجهان "م 7 و 8".
ـــــــ
مسألة- 7 – 8: قوله: "وحبل ودلو كالماء، ويلزم قبولهما عارية، وفي طلبهما واتهاب الماء وجهان" انتهى، يعني في لزوم طلب الحبل والدلو واتهاب الماء، وهو مشتمل على مسألتين:

(1/280)


ويلزمه طلبه من رفيقه في الأشهر "و هـ ش" وفي المغني1: إن دل عليه.
ومن خرج من بلده إلى أرضه لحرث وصيد ونحوه حمله على المنصوص إن أمكنه، وتيمم إن فاتت حاجته برجوعه، ولا يعيد في الأصح فيهما.
ـــــــ
المسألة الأولى- 7: هل يجب عليه طلب الدلو والحبل، أم لا؟ أطلق الخلاف "أحدهما": يجب عليه طلب ذلك، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يجب عليه طلب ذلك.
المسألة الثانية- 8: هل يجب عليه قبول اتهاب الماء أم لا، أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يجب عليه. قلت: وهو الصواب، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى فإنه قال: وقيل يجب اقتراض الثمن، وعنه أو اتهابه، انتهى.
والوجه الثاني يجب عليه ولم أر هذين الفرعين في غير كلام المصنف، وكلامه في الرعاية يشعر بالفرع الثاني.
ـــــــ
1 1/314.

(1/281)


ومن أراق الماء في الوقت، أو شربه فيه، أو مر به فيه، وأمكنه الوضوء قال صاحب المحرر وغيره: ويعلم أنه لا يجد غيره أو باعه فيه، أو وهبه حرم، وفي الصحة وجهان "م 9".
لو فعل ما تقدم ذكره1 وتيمم، وصلى، أو لم يقبله هبة فتيمم،
ـــــــ
مسألة – 9: قوله: "ومن أراق الماء في الوقت أو مر به فيه وأمكنه الوضوء قال صاحب المحرر وغيره، ويعلم أنه لا يجد غيره، أو باعه فيه" أي في الوقت "أو وهبه حرم وفي الصحة وجهان" انتهى:
أحدهما: لا يصح، وهو الصحيح قال المصنف هنا2: "وقولنا وفي الصحة وجهان، أشهرهما لا يصح، جزم به القاضي، وابن الجوزي، وأبو المعالي، وغيرهم" قال ابن تميم: لم يصح في أظهر الوجهين، لتعلق حق الله به فهو حق عاجز عن تسليمه شرعا وجزم به في مجمع البحرين، وشرح ابن عبيدان واختاره الشيخ الموفق والشارح وغيرهما.
والوجه الثاني: يصح، لأن توجه الفرض وتعلقه لا يمنع التصرف، كتصرفه فيما وجبت فيه الزكاة، وتصرف المدين، والفرق ظاهر، قاله المصنف، وهذا احتمال لابن عقيل وأطلقهما في الفائق.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ص 283.

(1/282)


وقد تلف وصلى ففي الإعادة وجهان "م 10 و 11".
وقولنا وفي الصحة وجهان أشهرهما لا يصح، جزم به القاضي، وابن الجوزي وأبو المعالي وأبو البركات وغيرهم، لتعلق حق الله تعالى
ـــــــ
مسألة -10 – 11: قوله بعد ذلك: "لو فعل ما تقدم ذكره" من الإراقة والمرور والبيع والهبة وتيمم وصلى أو لم يقبله هبة "وتيمم وقد تلف وصلى ففي الإعادة وجهان" انتهى ذكر المصنف مسألتين:
المسألة الأولى -10: إذا تصرف بما تقدم ذكره ثم تيمم وصلى فهل تلزم الإعادة أم لا أطلق الخلاف وأطلقهما في الإراقة والهبة في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير، وأطلقهما في الإراقة والمرور في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين والفائق، وأطلقهما في الإراقة والمرور والهبة في مجمع البحرين وشرح ابن عبيدان:
أحدهما: لا يعيد في الجميع وهو الصحيح، نصره في مجمع البحرين قال في الفصول في الإراقة والأشبه أن لا إعادة عليه "قلت" وهو الصواب.
والوجه الثاني: يعيد جزم به في الإفادات في الإراقة والهبة، وصححه في المستوعب، وقدمه في الرعاية الكبرى في المرور به والإراقة، وقدمه في الصغرى في المرور به، وقيل يعيد إن أراقه ولا يعيد إن مر به وأطلقهن ابن تميم.
المسألة الثانية -11: إذا قلنا بوجوب قبول الاتهاب ولم يقبل وصلى بالتيمم بعد أن تلف فهل تلزمه الإعادة أم لا، أطلق الخلاف:
أحدهما يعيد، قال في الرعاية الكبرى ومن ترك ما لزمه قبوله وتحصيله من ماء وغيره وتيمم وصلى أعاد، انتهى.
والوجه الثاني: لا يعيد. قلت: وهو قوي.
ـــــــ
1 1/318.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/200.

(1/283)


به، فهو عاجز عن تسليمه شرعا، والثاني يصح لأن توجه الفرض وتعلقه لا يمنع صحة التصرف، كتصرفه فيما وجبت فيه الزكاة، وتصرف المدين، والفرق ظاهر.
وإن نسيه بمحل يمكنه استعماله أعاد على الأصح "و ش" كما لو نسي الرقبة وكفر بالصوم "و" ويتوجه فيها تخريج، ولهذا سوى الأصحاب بينهما.
ونسيان السترة كمسألتنا على الصحيح عند الحنفية، بخلاف نسيان القيام، وقال القاضي في الخلاف لا نسلم أن الناسي غير مكلف، يدل عليه لو نسي الركوع والسجود والطهارة فإنه لا يجزئه، كذا هنا.
قيل: إنما وجب القضاء بدلا له، فأجاب يجب مثله هنا لمساواته لها.
ومثله الجاهل به، ويتوجه أو ثمنه، وقيل يعيد من ضل عن رحله وبه الماء وقد طلبه، ومن بان بقربه بئر خفية لم يعرفها.
وإن ضل عن الماء في رحله، أو أدرجه أحد فيه ولم يعلم1، أو ضل عن موضع بئر كان عرفها فوجهان "م 12 - 14".
ـــــــ
مسألة -12 - 14: قوله: "وإن ضل عن الماء في رحله أو أدرجه أحد فيه ولم
ـــــــ
1 بعدها في النسخ الخطية: "به".

(1/284)


وإن لم يعلم به سيد مع عبده فنسي العبد حتى صلى سيده بالتيمم،
ـــــــ
يعلم أو ضل عن موضع بئر كان عرفها فوجهان، انتهى، ذكر ثلاث مسائل:
المسألة الأولى – 12: إذا ضل عن الماء الذي في رحله وتيمم وصلى فهل يعيد أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يعيد، وهو الصحيح، قال في الرعاية الكبرى: وإن أضله في رحله أعاد الصلاة على الأصح، انتهى وهو ظاهر بحث المجد، بل الإعادة عنده1 في هذه المسألة أولى، فإنه اختار هو وغيره الإعادة في المسألة الآتية بعد هذه، مع أنه لا يعد فيها مفرطا، وهذا هو الصواب.
والوجه الثاني لا يعيد.
المسألة الثانية- 13: إذا أدرج الماء في رحله ولم يعلم به فهل تلزمه الإعادة أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم، وابن حمدان، وابن عبيدان:
أحدهما: يعيد وهو الصحيح، اختاره المجد في شرحه وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وصاحب الحاوي الكبير، وغيرهم، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد.
والوجه الثاني لا يعيد، اختاره أبو المعالي في النهاية، فقال: والذي يقطع به أنه لا إعادة عليه، لأنه لا يعد في هذه الحالة مفرطا. قلت: وهو الصواب.
المسألة الثالثة – 14: ولو ضل عنه موضع البئر التي يعرفها وصلى بالتيمم فهل تلزم2 الإعادة أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم وابن عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين:
أحدهما: لا يعيد وهو الصحيح، صححه في المغني3 والشرح4 والرعاية الكبرى وغيرهم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "عنه"، والمثبت من "ط".
2 في النسخ الخطية: "تكره"، والمثبت من "ط".
3 1/319.
4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/203.

(1/285)


فقيل: لا يعيد، لأن التفريط من غيره، وقيل كالناسي: كنسيانه رقبة مع عبده لا يجزئه الصوم "م 15" ويتوجه فيها تخريج. والجريح، ونحوه يتيمم1 المحتاج ويغسل غيره ولا يعتبر الأكثر "هـ م" وقيل ويمسح الجرح بالتراب ويلزمه أن يستنيب من يضبطه إن قدر، وهل يلزمه عن حدث
ـــــــ
والوجه الثاني يعيد، وقدم ابن رزين أنه كالناسي وذكر في الفصول احتمالا أنه كالناسي يعيد واقتصر عليه.
مسألة – 15: قوله: "وإن لم يعلم به سيد مع عبده فنسي العبد حتى صلى سيده بالتيمم، فقيل لا يعيد، لأن التفريط من غيره، وقيل كالناسي، كنسيانه رقبة مع عبده لا يجزئه الصوم" انتهى، وأطلقهما في المغني2 والشرح3، وشرح ابن رزين وابن عبيدان ومختصر ابن تميم:
أحدهما: لا يعيد، لأن التفريط من غيره.
والوجه الثاني يعيد وهو الصحيح، قال في الفائق يعيد إذا جهل الماء في أصح الوجهين وهو الصواب، ويقتضيه ما اختاره المجد، وغيره فيما إذا أدرج في رحله ولم يعلم به، لأن العبد من جملة رحله والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 1/319.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/203.

(1/286)


أصغر مراعاة ترتيب وموالاة، أم لا، فلا يعيد غسل الصحيح ما لم يحدث؟ فيه وجهان "م 16" وقال شيخنا وينبغي أن لا ترتيب.
ـــــــ
مسألة – 16: قوله: "وهل يلزمه عن حدث أصغر مراعاة ترتيب وموالاة، أم لا فلا يعيد غسل الصحيح ما لم يحدث فيه وجهان" انتهى. يعني إذا توضأ وبه جرح في بعض أعضاء الوضوء وأراد التيمم له هل يلزمه التيمم1 له حين وصوله في الوضوء إلى ذلك العضو المجروح يرتب ويوالي كالوضوء الكامل، أم لا أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم وصاحب الفائق:
أحدهما: يلزمه مراعاة الترتيب والموالاة وهو الصحيح، وعليه أكثر الأصحاب، قال في مجمع البحرين والحاوي الكبير وابن عبيدان يلزمه مراعاة الترتيب والموالاة عند أصحابنا، والظاهر أنهم تابعوا المجد في ذلك قال الزركشي أما الجريح المتوضئ فعند عامة الأصحاب يلزمه أن لا ينتقل إلى ما بعده حتى يتيمم للجرح نظرا للترتيب وأن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلاة إن اعتبرت الموالاة قال في التلخيص هذا هو1 المشهور قال في الرعاية الكبرى ويرتبه غير الجنب ونحوه ويواليه على المذهب فيهما إن جرح في أعضاء الوضوء وقدمه ابن رزين في شرحه واختاره القاضي وغيره وجزم به في الفصول والمستوعب وغيرها والوجه الثاني لا يجب ترتيب ولا موالاة في ذلك اختاره المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير قال ابن رزين في شرحه وهو أصح قال الشيخ الموفق
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/287)


ولبسه خفا ومسحه إذا أحدث كمستحاضة ذكره الأزجي، وإن لم يخف من مسحه فهل هو فرضه "و م" أو التيمم؟ "و ش" فيه روايتان "م 17" وعنه هما.
ـــــــ
ويحتمل أن لا يجب الترتيب وكذا الموالاة وجها واحدا وعلله بعلل جيدة ومال إليه قال الشيخ تقي الدين ينبغي له أن لا يرتب وقال أيضا لا يلزمه مراعاة الترتيب وهو الصحيح من مذهب أحمد وغيره وقال الفصل بين أبعاض الوضوء بتيمم بدعة، انتهى، فتلخص أن أكثر الأصحاب أوجبوهما وأن الشيخ الموفق والمجد والشيخ تقي الدين وجماعة لم يوجبوهما وهذا المذهب على ما اصطلحناه والصواب، والله أعلم.
تنبيه: على المقدم يكون محل التيمم في مكان العضو الذي يتيمم بدلا عنه فلو كان الجرح في وجهه لزمه التيمم أولا ثم يكمل1 الوضوء وإن كان في بعض وجهه خير بين غسل صحيح وجهه ثم يتيمم الباقي وبين أن يتيمم ثم يغسل صحيح وجهه ثم يكمل وضوءه1 وإن كان الجرح في عضو آخر لزمه غسل ما قبله ثم2 كان الحكم فيه ما ذكرنا في الوجه وإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب وعلى هذا المذهب أيضا يلزمه أن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلاة ويبطل تيممه مع وضوئه إذا خرج الوقت إن اعتبرت الموالاة صرح به الأصحاب.
مسألة – 17: قوله: "وإن لم يخف من مسحه فهل هو فرضه أو التيمم؟ فيه روايتان". انتهى. يعني: إذا كان به جرح ولم يخف من مسحه بالماء، ومسحه، فهل
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 ليست في "ط".

(1/288)


وظاهر نقل ابن هانئ مسح البشرة لعذر كجريح، واختاره شيخنا، وأنه أولى.
وإن وجد الجنب ماء يكفي بعض أعضائه لزمه على الأصح "و ش" ثم يتيمم للباقي، وكذا المحدث في الأصح "و ش" وفي النوادر روايتان وقال ابن الجوزي: للجنب التيمم، أولا، ولا تلزم إراقته، وفي الواضح الروايتان.
ـــــــ
المسح فرضه، أو التيمم أطلق الخلاف، وأطلقه في الحاوي الكبير، وشرح ابن عبيدان والزركشي:
أحدهما: يجزئه مسحه بالماء من غير تيمم، فيكون الفرض المسح وهو الصحيح، نص عليه، قال الشيخ تقي الدين: لو كان به جرح ويخاف من غسله فمسحه بالماء أولى من مسح الجبيرة وهو خير من التيمم، ونقله الميموني، واختاره ابن عقيل وقدمه في التلخيص والفائق.
والرواية الثانية فرضه التيمم، اختاره القاضي، وقدمه في المذهب والمستوعب، والرعايتين والشرح1، وقال هذا اختيار الخرقي، انتهى.
قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، قال المصنف وعنه: هما، يعني أن
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/188.

(1/289)


فصل: و لا يتيمم لخوف فوت فرض
...
فصل: ولا يتيمم لخوف فوت فرض
"م" نقله الجماعة، خلافا لشيخنا، إن انتبه أول الوقت، وقال فيمن يمكنه الذهاب إلى الحمام لكن لا يمكنه الخروج حتى يفوت الوقت كالغلام، والمرأة التي معها أولادها ولا يمكنها الخروج حتى تغسلهم ونحو ذلك، فالأظهر يتيمم ويصلي خارج الحمام، لأن الصلاة في الحمام، وبعد الوقت منهي عنها.
قال الأصحاب: وكذا جنازة، وعنه بلى "و هـ" ويريد به فوتها مع الإمام، قاله القاضي وغيره، قال جماعة: وإن أمكنه الصلاة على القبر لكثرة وقوعه، فتعظم المشقة، وعنه: وعيد، "و هـ" وكذلك قال أبو حنيفة إن وجدا الماء في صلاتهما لم تبطل، بناء على هذا الأصل.
وسجود تلاوة "و هـ" اختار شيخنا وجمعة، وأنه أولى من الجنازة لأنها
ـــــــ
فرضه المسح والتيمم، وقدمه ابن تميم، وابن عبد القوي في "مجمع البحرين"، وأطلق الأولى، وهذه في "التلخيص". ومحل الخلاف عنده إذا كان الجرح طاهراً، فأما إن كان نجساً، فلا يمسح عليه، قولاً واحداً، وقاله غيره.

(1/290)


لا تعاد، وجعلها القاضي وغيره أصلا للمنع، وأنهم لا يختلفون فيها.
وإن وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت، أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعده، أو علمه قريبا وخاف فوت الوقت، أو دخول وقت الضرورة إن حرم التأخير إليه أو دله ثقة فقيل: يتيمم ويصلي "و ق" وقيل: لا، كقدرته على ماء بئر بثوب يبله ثم1 يعصره، فإنه يلزمه، إن لم تنقص قيمته أكثر من ثمن الماء "م 18 - 21" ولو خاف فوت الوقت.
ـــــــ
مسألة - 18 – 21: قوله: "وإن وصل مسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت، أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعده، أو علمه قريبا وخاف فوات الوقت أو دخول وقت الضرورة إن حرم التأخير إليه، أو دله ثقة فقيل: يتيمم ويصلي، وقيل لا2 ، كقدرته
ـــــــ
1 في الأصل: "ولم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/291)


وإن تعذر استعمال ماء وتراب وهو معنى قولهم من لم يجد ماء ولا
ـــــــ
على ماء بئر بثوب يبله ثم يعصره فإنه يلزمه إن لم تنقص قيمته أكثر من ثمن الماء، انتهى. اشتملت هذه الجملة على مسائل:
المسألة الأولى – 18: إذا وصل المسافر إلى ماء وقد ضاق الوقت فهل يلزمه الوضوء ولو خرج الوقت أطلق الخلاف:
أحدهما: يلزمه الوضوء ولا يصح التيمم جزم به في المغني1، والشرح2، وشرح ابن رزين وغيرهم، وقدمه في النظم وغيره، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والوجه الثاني يتيمم ويجزئه، قال ابن رجب في قواعده: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية صالح، وجزم به في المحرر، والحاويين وقدمه في الرعايتين والفائق، واختاره أيضا المجد في شرحه، وابن عبيدان، وقال: ما أدق هذا النظر. ولو طرده في الحضر لكان قد أجاد وأصاب، قلت وهو الصواب، وكذا حكم المسألة الثانية 19 والثالثة 20 والرابعة 21 كما قال المصنف.
وذكر ابن تميم المسألة الثانية وجزم بالتيمم، وذكر في الرعاية المسألة الأولى، وقدم جواز التيمم، وأطلق في الثانية الوجهين قال: وإن قدر على نزوله البئر، وما ينزل به إليه ونحوه وأمن على نفسه لزمه ذلك، وإن فاته الوقت ولا تيمم وصلى ولم يعد وكذلك راكب السفينة انتهى.
تنبيه 3: أطلق المصنف هذا فيما إذا علم الماء قريبا وخاف فوت الوقت أو دله ثقة هل يتيمم مراعاة للوقت أو يلزمه الطلب، ويتوضأ ولو خرج الوقت، وقطع قبل ذلك بأنه إن دل عليه أو علمه قريبا عرفا يلزمه قصده في الوقت، فظاهره هنا أنه إذا خاف فوت الوقت أنه لا يطلبه ويتيمم، والظاهر أنهما مسألة واحدة فيكون من جملة المسائل التي قطع فيها بحكم في موضع، وأطلق الخلاف فيها في موضع آخر إلا أن يظهر بينهما فرق3.
ـــــــ
1 1/345.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/262.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/292)


ترابا وقيل للقاضي في التيمم في حضر عذر نادر وغير متصل فأعاد كما لو منع من الطهارة بالماء والتراب؟ فأجاب بالروايتين في مسألة العدم صلى فرضا فقط ولا يزيد على ما يجزئ، وعند شيخنا يتوجه فعل ما شاء، لأنه لا تحريم مع العجز، ولأن له أن يزيد على ما يجزئ في ظاهر قولهم، كذا قال وجزم جده وجماعة بخلافه.
ولا إعادة وعنه بلى، نقله واختاره الأكثر "و ش م ر" ولو بتيمم في المنصوص، وزاد بعضهم يسقط به الفرض، فعليه إن قدر فيها خرج، وإلا فكمتيمم يجد الماء وكذا متيمم زال عذره فيها، في إعادته خلاف، وفرضه الثانية. وقال أبو المعالي وقيل الأولى وقيل هما، واختاره
ـــــــ
........................................

(1/293)


شيخنا في شرح العمدة، وقيل: لا بعينها وعنه يستحب صلاته، وعنه يحرم، ويقضي "و هـ".
وتبطل بحدث ونحوه "و" قال بعضهم وبخروج الوقت روايتان "م 22" وبغسل ميت مطلقا وتعاد الصلاة عليه به، والأصح وبالتيمم، ويجوز نبشه لأحدهما مع أمن تفسخه؛
ـــــــ
مسألة -22: قوله: فيمن لا يجد ماء ولا ترابا: وتبطل الصلاة بحدث ونحوه وفاقا؛ قال بعضهم: وبخروج الوقت روايتان، انتهى، البعض الذي عناه المصنف، هو والله أعلم ابن حمدان في الرعاية، فإنه قال: وهل تبطل صلاته بخروج الوقت وهو فيها؟ أفيه روايتان انتهى:
إحداهما لا تبطل، قلت وهو الصواب، وقد يؤخذ ذلك من قول المصنف بحدث ونحوه وهو وظاهر كلام غيره.
والرواية الثانية: تبطل

(1/294)


ويتيمم لنجاسة بدن على الأصح "ح" لعدم ماء، أو ضرر، ولا إعادة، اختاره الأكثر، وعنه بلى وعنه لعدم.
وفي النية لتيممه لها وجهان والمنع اختاره ابن حامد، وابن عقيل "م 23" قال لأن طهارة الحدث يسري منعها كما لو اغتسل الجنب إلا ظفرا، لم يجز دخول مسجد، ورفعها كمنع محدث مس
ـــــــ
مسألة - 23: قوله: "ويتيمم لنجاسة بدن على الأصح لعدم ماء أو ضرورة ولا إعادة، اختاره الأكثر، وعنه بلى، وعنه لعدم، وفي النية لتيممه لها وجهان، المنع اختاره ابن حامد وابن عقيل" انتهى:
أحدهما: تجب النية لها، وهو الصحيح، صححه المجد في شرحه، وابن عبد القوي في شرحه، وقدمه ابن عبيدان وصاحب المغني1 والشرح2 في موضع، وهو احتمال لابن عقيل، في الفصول.
والوجه الثاني لا يجب لها كمبدله، وهو الغسل، بخلاف تيمم الحدث، وهو احتمال للقاضي، وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان وصاحب الفائق، وفي المغني3 والشرح4 في موضع آخر.
تنبيه: الذي يظهر أن قوله والمنع اختاره ابن حامد وابن عقيل أي منع الصحة فلا يصح التيمم إلا بالنية، وكلامه في الفصول يدل عليه، لا أن المراد منع الوجوب.
ـــــــ
1 1/351.
2 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/228.
3 لم أجده في مظانه.
4 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/206-207.

(1/295)


مصحف بغير أعضاء الطهارة كبطنه وصدره ولا يتيمم لنجاسة سترة كالمكان وحكي قول.
ويتيمم بتراب طهور له غبار والأصح غير محرق "و ش" وعنه وبسبخة1 "و ش" وعنه ورمل، قال القاضي وغيره إن كان لهما غبار.
وعنه فيهما لعدم تراب، وقيل وبما تصاعد على الأرض لعدم لا مطلقا "هـ" ولا بمتصل بها كنبات "م".
وما تيمم به كماء مستعمل، وقيل يجوز كما تيمم منه في الأصح.
وتراب مغصوب كالماء وظاهره ولو تراب مسجد "و ش" وغيره2 ولعله غير مراد، فإنه لا يكره بتراب زمزم، مع أنه مسجد.
وقالوا يكره إخراج حصى المسجد وترابه للتبرك وغيره والكراهة لا تمنع الصحة، ولأنه لو تيمم بتراب الغير جاز في ظاهر كلامهم للإذن فيه عادة وعرفا، كالصلاة في أرضه، ولهذا قال أحمد لمن استأذنه في الكتابة من دواته: هذا من الورع المظلم. واستأذن هو في مكان آخر فحمله القاضي وابن عقيل على الكتابة الكثيرة.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 السبخة، محركة ومسكنة: أرض ذات نز وملح. "القاموس": "سبخ".
2 ليست في "ط".

(1/296)


وقد تيمم عليه السلام على الجدار1، حمله في شرح مسلم على أنه لإنسان يعرفه ويأذن فيه، وقد يتوجه أن تراب الغير يأذن فيه مالكه عادة وعرفا بخلاف تراب المسجد، وقد قال الخلال في الأدب: التوقي أن لا يترب الكتاب إلا من المباحات، ثم روي عن المروذي أن أبا عبد الله كان يجيء معه بشيء، ولا يأخذ من تراب المسجد.
وإن خالط التراب رمل ونحوه فكالماء، وقيل يمنع "و ش" ولو تيمم على شيء طاهر له غبار جاز ولو وجد ترابا "م".
ولا يتيمم بطين، قال في الخلاف بلا خلاف، بل يجففه إن أمكنه، والأصح في الوقت.
وإن وجد ثلجا وتعذر تذويبه لزمه مسح أعضاء وضوئه في المنصوص، وفي الإعادة روايتان "م 24" وأعجب أحمد حمل تراب للتيمم، وعند شيخنا وغيره لا وهو أظهر.
ـــــــ
مسألة – 24: قوله: "وإن وجد ثلجا وتعذر تذويبه لزمه مسح أعضاء وضوئه به في المنصوص، وفي الإعادة روايتان" انتهى.
ـــــــ
1 تقدم ص 265.

(1/297)


وصفته أن ينوي استباحة ما يتيمم له، ويعتبر معه تعيين الحدث كما يأتي1، وقيل: إن ظن فائتة فلم تكن أو بان غيرها لم يصح، وظاهر كلام ابن الجوزي إن نوى التيمم فقط صلى نفلا. وقال أبو المعالي: إن نوى فرض التيمم، أو فرض الطهارة فوجهان، وقيل يصح بنية رفع الحدث "و هـ".
ثم يسمي، ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع، واحدة يمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه براحتيه، نص عليه، واستحب القاضي وغيره ضربتين: واحدة لوجهه، وأخرى ليديه إلى مرفقيه، وحكى رواية ولا يجب ذلك "هـ ش م ر".
ومسح جميع وجهه ويديه، والنية فرض "و" وفيما تحت شعر خفيف وجهان "م 25"
ـــــــ
إحداهما يلزمه الإعادة، قدمه ابن تميم وابن حمدان في الكبرى وابن عبيدان وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يلزمه، قلت: وهو قوي.
مسألة – 25: قوله: ومسح جميع وجهه ويديه، والنية فرض وفيما تحت شعر خفيف وجهان، انتهى، وأطلقهما ابن تميم:
أحدهما: لا يجب مسح ذلك، وهو الصحيح، جزم به في المغني2، والشرح3، وشرح ابن رزين، ومجمع البحرين، وقدمه ابن عبيدان، وهو الصواب. وقال في الرعاية الكبرى، ويمسح ما أمكن مسحه من ظاهر وجهه ولحيته، وقيل ما نزل من ذقنه.
ـــــــ
1 ص 301.
2 1/331.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/222 - 223.

(1/298)


ولا يستحب مضمضة، واستنشاق، ذكره القاضي، وغيره، والمراد يكره.
والنية فرض.
والتسمية كالوضوء "و" وعنه سنة، وكذا الترتيب والموالاة "و" وقيل سنة، وقيل: الترتيب، قال صاحب المحرر وهو قياس المذهب، ولهذا يجزئه مسح باطن أصابعه مع مسح وجهه، ولا يجبان في تيمم حدث أكبر، وقيل بلى "و ش" وقيل الموالاة.
وإن تيمم ببعض يده، أو بحائل فكالوضوء، وكذا لو يممه غيره، واختار الأزجي وغيره لا يصح، لعدم قصده.
ـــــــ
والوجه الثاني: يجب، قال في المذهب محل التيمم جميع ما يجب غسله من الوجه، ما عدا الفم والأنف، وهو ظاهر كلامه في الرعاية على ما تقدم. وقال في الفصول: ويجب مسح جميع الوجه، فلا يسقط سوى المضمضة والاستنشاق.

(1/299)


وإن سفت الريح غبارا فمسح وجهه بما عليه لم يصح، وإن فصله ثم رده إليه، أو مسح بغير ما عليه صح، وذكر الأزجي إن نقله من اليد إلى الوجه أو عكسه ففيه تردد، ولو نوى وصمد للريح فعم التراب فقيل يصح، وقيل إن مسحه بيديه، وقيل لا "م 26 و 27" وقيل إن تيمم بيد، أو أمر الوجه على التراب لم يصح.
ـــــــ
مسألة – 26- 27: قوله: "ولو نوى وصمد للريح فعم التراب فقيل يصح، وقيل إن مسحه بيديه، وقيل لا" انتهى، وأطلقهما ابن تميم، وابن عبيدان:
أحدهما: يصح، اختاره القاضي والشريف أبو جعفر، وصاحب المستوعب والتلخيص، والمجد، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وصاحب الحاوي الكبير، وقدمه في شرح ابن رزين.
والوجه الثاني: لا يصح، قال الشارح: قال شيخنا: والصحيح أنه لا يجزئه، وهو اختيار ابن عقيل؛ لأنه لم يمسح. انتهى. قدمه في الكافي1، وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره، وأطلقهما الشارح والزركشي.
والوجه الثالث: إن مسح أجزأ، وإلا فلا، جزم به في الفائق، وقدمه في الرعاية الكبرى، واختاره ابن عقيل، والشارح وغيرهما، وهو الصحيح كالرأس، قال ابن عقيل في الفصول بعد أن قدم ما اختاره القاضي والشريف: وعنده أنه لا يجزئه إلا أن يمر يده، لأن مرور التراب على الوجه لا يسمى مسحا، حتى يمر معه اليد أو شيئا يتبعه التراب، انتهى، قال الشارح بعد أن ذكر اختيار الشيخ وهو ابن عقيل فعلى هذا: إن مسح وجهه بما عليه أجزأ لحصول مسح، ويحتمل أن لا يجزئه، انتهى، وصحح في المغني2 عدم الإجزاء إذا لم يمسح، ومع المسح أطلق احتمالين، والله أعلم.
تنبيه: اشتملت هذه المسألة على مسألتين: مسألة 26 ما إذا نوى وصمد للريح فعم التراب ولم يمسحه بيديه، ومسألة 27 ما إذا فعل ذلك ومسحه بيديه.
ـــــــ
1 1/141.
2 1/324.

(1/300)


فصل: و إن تيمم لحدث أصغر أو أكبر ناويا أحدهما اختص به
...
فصل: وإن تيمم لحدث أصغر أو أكبر ناويا أحدهما اختص به
"هـ ش م ر" نص عليه فيمن تيمم لحدث ونسي الجنابة ثم طاف لم يجزه، وإن نواهما أجزأ. وإن تنوعت أسباب أحدهما فنوى أحدهما فقيل كالوضوء، وقيل ما نواه، لأنه مبيح "م 28".
ـــــــ
مسألة – 28: قوله: "وإن تنوعت أسباب أحدهما" يعني الحدث الأكبر والأصغر "فنوى أحدها فقيل كالوضوء، وقيل ما نواه، لأنه مبيح" انتهى، وأطلقهما ابن تميم وابن عبيدان.
اعلم: أنه إذا تنوعت أسباب أحد الحدثين ونوى أحدهما فإن قلنا في الوضوء لا يجزئه عما لم ينوه فهنا لا يجزئه بطريق أولى، وإن قلنا يجزئ هناك فهل يجزئ هنا أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يجزئ وهو الصحيح كالوضوء، صححه المجد في شرحه وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وقدمه في الفائق والرعاية الكبرى في الحدث الأكبر.
والوجه الثاني لا يجزئ هنا، وإن أجزأ في الوضوء فلا يحصل له إلا ما نواه لأن التيمم مبيح، والوضوء رافع، وجزم به في الرعاية الصغرى في الحدث الأكبر.

(1/301)


ومن نوى شيئا استباحه ومثله ودونه "و م ش" فالنذر دون ما وجب شرعا. وقال شيخنا: ظاهر كلامهم لا فرق. وفرض كفاية دون فرض عين، وفرض جنازة أعلى من نافلة، وقيل يصليها بتيمم1 نافلة. وقال شيخنا: يتخرج لا يصلي نافلة بتيمم جنازة، لأن أحمد جعل الطهارة لها أوكد.
ويباح الطواف بنية النافلة في الأشهر، كمس المصحف قال شيخنا: ولو كان الطواف فرضا. وقال أبو المعالي لا، ولا تباح نافلة بنية مس المصحف وطواف ونحوهما في الأشهر.
وإن تيمم جنب لقراءة أو مس مصحف فله اللبث في المسجد. وقال القاضي: وجميع النوافل، لأنها في درجة واحدة، وعلى الأول إن تيمم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 "ب" و"س": "يتمم".

(1/302)


لمس المصحف فله القراءة لا العكس، ولا يستبيحهما بنية اللبث، وقيل في القراءة وجهان، وتباح الثلاثة بنية الطواف لا العكس، وقيل: بلى.
وإن تيمم لمس مصحف ففي نفل طواف وجهان "م 29" وفي المغني1 إن تيمم جنب لقراءة، أو لبث أو مس مصحف لم يستبح غيره، كذا قال، قال ابن تميم وفيه نظر. وقال في الرعاية فيه بعد، وقيل من نوى الصلاة فعلها2 فقط،
وعنه وأعلى منه "و هـ" إلا أنه لا يصلي فرضا بتيممه لجنازة عند أبي حنيفة، وقيل: إن أطلق نية الصلاة صلى فرضا، وإن نوى فريضة وقيل وعينها فله فعل سنة راتبة قبلها و3على الأصح، والتنفل قبلها "م" ثم
ـــــــ
مسألة – 29: قوله: "فإن تيمم لمس مصحف ففي نفل طواف وجهان" انتهى. وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان، وابن عبيدان:
أحدهما: لا يجوز، وهو الصواب لأن جنس الطواف أعلى من مس المصحف وقد قال في المغني1 ومن تبعه ليس له ذلك. 4وقال المصنف قبل ذلك5: "ولا تباح نافلة بنية مس مصحف" والطواف بالبيت صلاة، فرضه كفرضها، ونفله كنفلها4.
والوجه الثاني يجوز.
ـــــــ
1 1/331.
2 في "ط": "فنفلها".
3 ليست في "ط".
4 ليست في "ص".
5 ص 302.

(1/303)


يصليها به "م" وما شاء إلى آخر وقتها عن أي شيء تيمم.
ـــــــ
.......................................

(1/304)


1وقيل: لا يبطل تيمم1 عن حدث أكبر ونجاسة بخروج الوقت، لتجدد الحدث الأصغر بتجدد الوقت في طهارة الماء عند بعض العلماء.
وقيل يصلي بالتيمم إلى دخول آخر، وقيل لا يجمع في وقت الأولى.
ويبطل تيممه مطلقا، لا بالنسبة إلى التي دخل وقتها في المنصوص، وكذا إن تيمم جنب لقراءة، وحائض لوطء، ونحوهما، في بطلانه لذلك بخروجه الخلاف، وكذا إن استباحوا ذلك بالتيمم للصلاة، ويحتمل أن يبطل هنا. وفي الرعاية وكذا إن تيمم عن نجاسة بدنه. وإن خرج الوقت فيها فقيل تبطل، وقيل لا لخروجه في الجمعة، وقيل لوجود الماء فيها "م 30".
ـــــــ
مسألة -30: قوله: وإن خرج الوقت فيها فقيل تبطل، وقيل لا، كخروجه في الجمعة، وقيل كوجود الماء فيها، انتهى.
أحدهما: تبطل وهو الصحيح، قال الزركشي ظاهر كلام الأصحاب بطلانها
ـــــــ
1 ليست في الأصل.

(1/305)


ويبطل التيمم لطواف وجنازة ونافلة بخروج الوقت كالفريضة، وعنه إن تيمم لجنازة ثم جيء بأخرى فإن كان بينهما وقت يمكنه التيمم لم يصل عليها حتى يتيمم لها. وإلا صلى، قال القاضي: هذا للاستحباب، وقال ابن عقيل للإيجاب، لأن التيمم إذا تعدد بالوقت فوقت كل صلاة جنازة قدر فعلها، وكذا قال شيخنا، لأن الفعل المتواصل هنا كتواصل الوقت للمكتوبة، قال وعلى قياسه ما ليس له وقت محدود، كمس المصحف، وطواف فعلى هذا: النوافل الموقتة كالوتر والسنن الراتبة والكسوف يبطل التيمم لها بخروج وقت تلك النافلة، والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل كالجنازة، ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة "م 31".
ـــــــ
بخروج الوقت، ولو كان في الصلاة انتهى، وهو كما قال وصرح به في المغني1 والكافي2 والشرح3 وقدمه ابن تميم وابن حمدان وابن عبيدان، وغيرهم.
والوجه الثاني: لا تبطل وإن كان الوقت شرطا. وقاله ابن عقيل في التذكرة.
والوجه الثالث حكمه حكم من وجد الماء وهو في الصلاة، وقد خرجه في المستوعب وغيره على رواية وجود الماء في الصلاة.
مسألة – 31: قوله: "فعلى هذه النوافل المؤقتة كالوتر والسنن الراتبة
ـــــــ
1 1/350.
2 1/151.
3 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/251.

(1/306)


وعنه لا يجمع به1 بين فرضين "و م ش" اختاره الآجري فعليها له فعل غيره، مما شاء، ولو خرج الوقت، وقيل: لا يطأ1 بتيمم الصلاة إلا أن يطأ قبلها، ثم لا يصلي به.
ويتيمم لكل وقت، وظاهر نقل ابن القاسم وأبو بكر2: تفتقر كل نافلة إلى
ـــــــ
والكسوف يبطل التيمم لها بخروج وقت تلك النافلة، والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل فيها كالجنازة، ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة، انتهى، هذا مبني على رواية أن تيممه لجنازة يجوز له الصلاة به على أخرى، إذا كان بينهما وقت لا يمكنه التيمم فيه:
أحدهما: يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة، وهو ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى.
والاحتمال الثاني: حكمها حكم صلاة الجنازة، فيعتبر تواصل الفعل، قلت وهو أقرب.
تنبيه: قوله: "وعنه لا يجمع بين فرضين، فعليها له فعل غيره مما شاء، ولو خرج الوقت3" انتهى، فقوله: ولو خرج الوقت انتهى فيه نظر، بل المصرح به في مختصر ابن تميم وغيره حتى يخرج الوقت، وهو ظاهر ما قطع به في المغني4 والشرح5 وغيرهما وهو الصواب.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط"" "وأبو بكر"، والصواب ما أثبت.
3 في النسخ الخطية: "وقت النهي"، والمثبت من "ط".
4 1/350.
5 "المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف" 2/238.

(1/307)


تيمم، قاله في الانتصار.
وإن تيمم لجنازة ففي صلاته به على أخرى وجهان في المذهب، وظاهر كلام غير واحد إن تعينتا لم يصل، وإلا صلى "م 32".
وإن نسي صلاة من خمس ففي إجزاء تيمم وجهان "م 33".
ـــــــ
مسألة – 32: قوله: "وإن تيمم لجنازة ففي صحة صلاته على أخرى وجهان في المذهب، وظاهر كلام غير واحد إن تعينتا لم يصل، وإلا صلى" انتهى، يعني أن هذين الوجهين مبنيان على رواية أن التيمم يجب لكل صلاة فرض، فبنى المصنف على هذه الرواية مسائل من جملتها هذه المسألة عند ابن الجوزي في المذهب، فقال في المذهب: والرواية الثالثة لا يصلي إلا فرضا واحدا، وينتفل، فإن تيمم لجنازة فهل يصلي على أخرى؟ فيه وجهان، انتهى، والظاهر أن المصنف ما وجد نصا1 صريحا بهذه المسألة في كلام أحد إلا في كلام ابن الجوزي في المذهب، والصواب ما قاله المصنف، وإن لم يصرحوا به، فهو داخل في كلامهم، والله أعلم.
مسألة – 33: قوله: "وإن نسي صلاة من خمس ففي إجزاء تيمم وجهان" انتهى. وهذا أيضا مبني على الرواية التي تقول: إنه لا يجوز أن يصلي به إلا فريضة واحدة.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/308)


وعنه يصلي به إلى حدثه "و هـ" اختاره أبو محمد الجوزي وشيخنا فيرفع الحدث في الأصح لنا وللحنفية إلى القدرة على الماء.
ويتيمم لفرض ونفل معين قبل وقته، ولنفل غير معين لا سبب له وقت النهي، وعلى ما قبلها لا، فيتيمم للفائتة إذا أراد فعلها، ذكره أبو المعالي والأزجي، وظاهر كلام جماعة، إذا ذكرها وهو أولى.
ـــــــ
أحدهما: لا بد لكل صلاة من تيمم، وهو الصحيح على هذه الرواية، جزم به في الفصول والشيخ الموفق وابن تميم وابن حمدان والشارح وغيرهم.
والوجه الثاني يجزيه تيمم واحد، قلت والنفس تميل إليه، قال في الرعاية الكبرى بعد أن حكى الرواية: قلت فعليها من نسي صلاة فرض من يوم كفاه لصلاة الخمس تيمم واحد، وإن نسي صلاة من صلاتين وجهل عينهما أعادهما بتيمم واحد، وإن كانتا متفقتين من يومين، وجهل جنسهما، صلى الخمس مرتين بتيممين، وكذا إن كانتا مختلفتين في يومين وجهلهما، وقيل يكفي صلاة بتيممين، وإن كانتا مختلفتي يوم، فلكل صلاة تيمم، وقيل في المختلفتين من يوم أو يومين يصلي الفجر والظهر والعصر بتيمم، والظهر والعصر والمغرب والعشاء بتيمم آخر، انتهى.

(1/309)


وللكسوف عند وجوده، وللاستسقاء إذا اجتمعوا، وللجنازة إذا غسل الميت أو يمم لعدم، فيقال شخص لا يصح تيممه حتى ييمم غيره وفي الانتصار يرفعه مؤقتا على رواية بالوقت.
ويبطل التيمم عن حدث أصغر بما يبطل الوضوء، وعن أكبر بما يوجب الغسل، وعن الحيض والنفاس بحدثيهما، فلو تيممت بعد طهرها من الحيض له ثم أجنبت فله الوطء لبقاء حكم تيمم الحيض، والوطء إنما يوجب حدث الجنابة، وإن وطئ تيمم أيضا عن نجاسة الذكر، إن نجسته رطوبة فرجها.
وله التيمم أول الوقت "و" وعنه حتى يضيق، وتأخيره أفضل "و" وعنه ولو ظن عدم "خ" الماء، وعنه أو علمه، وقيل: إن علم وجوده أخر
ـــــــ
.......................................

(1/310)


فقط "و ش" وإن قدر عليه في الوقت بعد الصلاة لم يجب إعادتها "و" وعنه يسن.
ولا يلزمه إعادة صلاة جنازة، وعنه الوقف، وإن لزم إعادة غسله في أحد الوجهين "م 34" وإن قدر في تيممه بطل، وكذا بعده قبل الصلاة، ذكر بعضهم "ع" خلافا لأبي سلمة والشعبي، ورواية عن مالك، ذكر أحمد في
ـــــــ
مسألة – 34: قوله: "وإن قدر على الماء في الوقت بعد الصلاة لم تجب إعادتها وعنه يسن، ولا يلزم إعادة صلاة جنازة، وعنه الوقف، وإن لزم إعادة غسله في أحد الوجهين" انتهى. قال ابن تميم: ولو يمم الميت لعدم الماء ثم وجد في الصلاة عليه لزم الخروج منها وفيه وجه هو كالمتيمم يجد الماء في الصلاة، وعلى الوجهين يلزم تغسيل الميت. وإن وجد الماء بعد الصلاة عليه لزم تغسيله، انتهى، وظاهر كلامه في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم عدم لزوم غسله، فإنهم قالوا: ولو يمم ميتا ثم قدر على الماء في أثناء الصلاة عليه لزمه الخروج، لأن غسل الميت ممكن غير متوقف على إبطال المصلي صلاته، ويحتمل أن تكون هذه كوجدان الماء في الصلاة، انتهى. وقال في الفصول: فإن صلى على ميت قد يمم لعدم الماء ثم وجد الماء في أثناء الصلاة احتمل أن يكون يخرج قولا واحدا، ويغسل الميت وتعاد الصلاة، ويحتمل أن يمضي في الصلاة كما نقول في صلاة الوقت، وإن وجد الماء بعد الصلاة فقد توقف. وقال الخلال: الحكم فيه كالتي قبلها، وأنه لا تجب
ـــــــ
1 1/349.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/250.

(1/311)


رواية ابن إبراهيم عن أبي قرة موسى بن طارق1 عن "م" وتعجب أحمد منه. وإن قدر عليه فيها بطلت "و هـ" وقيل: يتطهر، ويبني، وعنه يمضي "و م ش" اختاره الآجري، فيجب، وقيل هو أفضل، وقيل خروجه أفضل "و ش" وإن عين نفلا أتمه، وإلا لم يزد على أقل الصلاة.
ومتى فرغ من الصلاة بطل تيممه، ذكره ابن عقيل وغيره، ولو انقلب الماء فيها قاله القاضي وغيره. وقال أبو المعالي: إن علم بتلفه فيها بقي تيممه. وقاله الشيخ، وإن لم يعلم فلما فرغ شرع في طلبه بطل تيممه، وعليها لو وجد في صلاة على ميت يمم بطلت، وغسل في الأصح
ـــــــ
الإعادة، انتهى، وقدم ابن عبيدان طريقته في المغني2 وقال: قال في النهاية فيه وجهان مخرجان على بطلان الصلاة المكتوبة برؤية الماء:
أحدهما: يخرج من الصلاة ويغسل الميت، وتعاد الصلاة.
والوجه الثاني يمضي في الصلاة بناء على الرواية الأخرى، انتهى. وقال المجد في شرحه وابن عبد القوي في مجمع البحرين وغيرهما وصلاة الجنازة والعيد كغيرهما.
فهذه أربع وثلاثون مسألة قد من الله الكريم بتصحيحها.
ـــــــ
1 هو: أبو قرة، موسى بن طارق اليماني الزبيدي، قاضي زبيد، صنف في الحديث والفقه. "ت203هـ". "سير أعلام النبلاء" 9/346، "الأعلام" 7/323.
2 1/349.

(1/312)


فيهما ويلزم من تيمم لقراءة ووطء ونحوه الترك "و" وحكي وجه.
والطواف كالصلاة إن وجبت الموالاة.
ومن تيمم وعليه ما يجوز مسحه بطل تيممه بخلعه في المنصوص "خ".
وإن بذل ماء للأولى من حي وميت فالميت أحق "و ش" وعنه الحي، فيقدم الحائض، وقيل: الجنب "و هـ" وقيل: الرجل، وقيل: يقسم بينهما، وقيل: يقرع، ومن عليه نجاسة أحق، وقيل: الميت، واختاره صاحب المحرر وحفيده "و ش".
ويقدم جنب على محدث، وقيل سواء، وقيل المحدث، إلا أن يكفي من تطهر به منهما، وإن كفاه فقط قدم، وقيل الجنب، وإن تطهر به غير الأولى أساء وأجزأه، وعند شيخنا أن هذه المسائل في الماء المشترك أيضا، وأنه ظاهر ما نقل عن أحمد، لأنه أولى من التشقيص1، وذكر صاحب الهدي في غزوة الطائف أنه لا يمتنع أن يؤثر مالك الماء من يتوضأ، ويتيمم هو.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 جاء في "القاموس": "شقص"؛ وتشقيص الذبيحة: تفصيل أعضائها سهاماً معتدلة بين الشركاء.

(1/313)


باب ذكر النجاسة و إزالتها
مدخل
...
باب ذكر النجاسة وإزالتها
المذهب: نجاسة كلب وخنزير وما تولد من أحدهما "م" وعنه غير شعر، اختاره أبو بكر وشيخنا "و هـ".
وتغسل نجاسة كلب "و ش" نص عليه، وقيل: ولوغه "و م" تعبدا سبعا "و م ش" وعنه ثمانيا، بتراب في أي غسلة شاء، وهل الأولى أولى، أو الآخرة، أو سواء؟ فيه روايات "م 1" وذكر جماعة إن غسله ثمانيا ففي الثامنة أولى.
ـــــــ
مسألة – 1: قوله في غسل نجاسة الكلب والخنزير سبعا أو ثمانيا بتراب في أي غسلة شاء، وهل الأولى أولى أو الأخيرة أو سواء فيه روايات، انتهى.
إحداهن: الأولى أن يكون في الغسلة الأولى، وهو الصحيح، جزم به في المغني1، والكافي2 والشرح3 والنظم والحاوي الصغير، وقدمه في الرعاية الكبرى، والفائق والزركشي قال ابن تميم الأولى جعله في الأولى إن غسل سبعا قال في الإفادات: لا يكون إلا في الأخيرة.
والرواية الثانية جعله في الأخيرة أولى.
والرواية الثالثة الكل سواء، وهو ظاهر كلام الخرقي، وصاحب الهداية، والمذهب، والمستوعب، والخلاصة، والمقنع4 والتلخيص، والمحرر والرعاية الصغرى، والحاوي الكبير، ومجمع البحرين، وإدراك الغاية وغيرهم، قال في القواعد الأصولية، وهو الصواب، وبناء على قاعدة أصولية قال المصنف: وذكر جماعة إن غسله ثمانيا ففي الثامنة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وجزم به ابن تميم وغيره وقال نص عليه.
ـــــــ
1 1/77.
2 1/190.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/285.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/277.

(1/314)


ولا يكفي ذره على المحل، فيعتبر مائع يوصله إليه، ذكره أبو المعالي والتلخيص "و ش" ويحتمل أن يكفي ذره ويتبعه الماء، وهو ظاهر كلام جماعة، وهو أظهر.
وهل يعتبر استيعاب محل الولوغ به، أم مسمى التراب، أم مسماه فيما يضره، أم ما يغير الماء؟ فيه أوجه "م 2".
والنجاسة من كلب وكلاب واحدة، ويحسب العدد بإزالة النجاسة العينية قبل زوالها في ظاهر كلامهم، وظاهر كلام صاحب المحرر بل بعده.
ـــــــ
مسألة – 2: وقوله: "وهل يعتبر استيعاب محل الولوغ به أم مسمى التراب أم مسماه فيما يضر، أم ما يغير الماء؟ فيه أوجه" انتهى، هذه الأوجه فتاوى للأصحاب أفتوا بها:
أحدها: يعتبر استيعاب محل الولوغ بالتراب، وبه أفتى أبو الخطاب.
والوجه الثاني يكفي مسمى التراب مطلقا وبه أفتى ابن الزاغوني، والوجه الثالث يكفي مسماه فيما يضر دون غيره، قلت وهو الصواب، ولا ينافيه قول أبي الخطاب.
والوجه الرابع يكفي ما يغير الماء قاله ابن عقيل.

(1/315)


وعنه استحباب التراب "و هـ م" وقيل: إن لم يتضرر المحل، وقيل: يجب في إناء، وحكى رواية، وكذا نجاسة خنزير في الأصح "و ش م ر" ولم يذكر أحمد فيه عددا، ونقل ابن إبراهيم هو شر من الكلب، وقيل: لا يعتبر فيها عدد، حكاه ابن شهاب، وذكره القاضي في شرح المذهب رواية "و هـ".
وهل يقوم أشنان ونحوه وقيل: لعذر1 مقام تراب؟ "و ق" فيه وجهان "م 3" لا غسلة ثامنة، وعنه بلى "و ق" وقيل: فيما يخاف تلفه.
ـــــــ
مسألة – 3: "وهل يقوم أشنان ونحوه وقيل لعذر2 مقام تراب، فيه وجهان" انتهى وأطلقهما في الهداية، والفصول، والمستوعب، والخلاصة، والمغني3 والكافي4، والمقنع5 والتلخيص والبلغة، والمحرر، والشرح، ومختصر ابن تميم ومجمع البحرين، والحاويين وشرح ابن عبيدان والفائق والزركشي ونهاية ابن رزين وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: يجزئ ذلك، ويقوم مقام التراب، وهو الصحيح، قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة، هذا أقوى الوجوه وصححه المجد في شرحه، وصاحب التصحيح، وتصحيح المحرر واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في النظم وإدراك الغاية.
والوجه الثاني لا يقوم مقام التراب، وهو ظاهر كلام الخرقي، والفصول والعمدة والمنور والتسهيل وغيرهم، لاقتصارهم على التراب قال في المذهب، هذا أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين، وشرح ابن رزين.
تنبيه: قوله: "قيل لعذر" انتهى، المذهب ما قدمه المصنف وهو أن
ـــــــ
1 في "ط": "لعدم".
2 في النسخ الخطية و"ط": "لعدم"، والمثبت من عبارة "الفروع".
3 1/74.
4 1/190.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/283.

(1/316)


ويغسل ما نجس ببعض الغسلات ما بقي بعد تلك الغسلة "و ش" وقيل: معها، وعليهما1 بتراب إن لم يكن غسل به، وقيل: سبعا بتراب.
وباقي النجاسات سبعا، نقله واختاره الأكثر، وعنه ثلاثا، اختاره في العمدة، وعنه المعتبر زوال العين بمكاثرتها، اختاره في المغني2، والطريق الأقرب "و" وعنه لا عدد في بدن، وعنه يجب إلا في خارج من السبيل، وفي اعتبار التراب على الأولى، وقيل والثانية روايتان "م 4" ونصه لا في السبيل.
وفي اعتبار التراب – على الأولى، وقيل: والثانية – روايتان "م4" ونصه:
ـــــــ
الخلاف مطلق وهذا القول هو اختيار ابن حامد فإنه قال: إنما يجوز العدول عن التراب عند عدمه أو فساد المغسول به في الإفادات وقد اختار المجد وتبعه في مجمع البحرين وابن عبيدان وغيرهم أن المحل إذا تضرر بالتراب يسقط التراب.
مسألة – 4: قوله: "وباقي النجاسات سبعا... وعنه ثلاثا، وفي اعتبار التراب على الأولى وقيل الثانية، روايتان" انتهى، أطلقهما في الهداية، والفصول، والمذهب، والمستوعب، والخلافية، والمغني2، والهادي، والكافي3، والمقنع4، والتلخيص والبلغة والمحرر، ومختصر ابن تميم والرعايتين، والحاويين والنظم وشرح ابن عبيدان وابن منجى، والفائق، والزركشي وغيرهم:
إحداهما: يشترط التراب، واختاره الخرقي وجزم به في الإرشاد5، وابن البنا
ـــــــ
1 في الأصل: "وعليها".
2 1/75-77.
3 1/194.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/286-287.
5 ص 26.

(1/317)


لا في سبيل.
وتطهر نجاسة أرض والمنصوص ونحو صخر، وأجرنة1 وحمام بالمكاثرة، وعنه إن انفصل الماء "و هـ".
وقيل بالعدد من كلب وخنزير "و ش" وعنه ومن غير البول.
ـــــــ
في عقوده، والشيرازي في إيضاحه، وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين في نهايته، وصححه في التصحيح، قال الشارح: وفي تعليلهم لعدم الاشتراط نظر، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية لا يشترط، وهو الصحيح وهو ظاهر كلام جماعة، واختاره المجد في شرحه، قال في مجمع البحرين لا يشترط التراب في أصح الوجهين، قال الشيخ تقي الدين: هذا المشهور، وصححه في تصحيح المحرر، قال في إدراك الغاية يشترط في وجه فظاهره أن المشهور عدم الاشتراط.
ـــــــ
1 أجرنة، جمع جرن – بالضم: حجر منقور يتوضأ منه. "القاموس": "جرن".

(1/318)


والمنفصل عن محل طاهر طاهر على الأصح، وقيل: بطهارته عن محل نجس مع عدم تغيره، لأنه وارد. وذكر القاضي أن كلام أحمد يحتمل روايتين فيما أزيلت به النجاسة، يحتمل أنه طاهر لأنه قال: إذا غسل ثوبه في إجانة1 طهر، وقال: المنفصل عن محل نجس من الأرض طاهر، وقال: يغسل ما يصيبه من ماء الاستنجاء، فعلى هذا إنما حكمنا بنجاسته لأنه ماء قليل حلته نجاسة، والمستعمل في رفع الحدث لم يحله غير العضو الذي لاقاه فلم يحكم بنجاسته.
قال شيخنا: هذا من القاضي يقتضي أن الخلاف في نجاسة المزال به النجاسة مطلقا: حال اتصاله، وانفصاله قبل طهارة المحل، وعن أحمد طهارة منفصل عن أرض أعيان النجاسة فيه غير مشاهدة.
وفي طهارة المحل مع نجاسة المنفصل وجهان، جزم في الانتصار بنجاسته، وهو ظاهر الحلواني وصرح الآمدي بطهارته، ومعناه كلام القاضي "م 5".
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "وفي طهارة المحل مع نجاسة المنفصل وجهان". قال المصنف: "جزم في الانتصار بنجاسته، وهو ظاهر كلام الحلواني، وصرح الآمدي بطهارته، ومعناه كلام القاضي" انتهى، قال ابن تميم: وما انفصل عن محل النجاسة متغيرا بها فهو والمحل نجسان وإن استوفى العدد. وقال الآمدي يحكم بطهارة المحل، انتهى، فقدم
ـــــــ
1 الإجانة، بالتشديد: إناء يغسل فيه الثياب، والجمع أجانين. "المصباح": "أجن".

(1/319)


ويعتبر في الأصح وقيل في غير الغسلة الأخيرة العصر، مع إمكانه فيما يشرب نجاسته، أو دقه أو تثقيله "و هـ ش" وفي تجفيفه وجهان "م 6".
وإن طهر ماء نجس في إناء لم يطهر معه، فإذا انفصل فغسلة، وقيل يطهر تبعا كالمحتفر من الأرض، وقيل إن مكث بقدر العدد، وكذا الثوب إذا لم يعتبر عصره، أو إناء غمس في ماء كثير.
واعتبار تكرار غسله1 مبني على اعتبار العدد، ولا يكفي تحريكه وخضخضته فيه، وقيل بلى. وفي المغني2 إن مر عليه أجزاء
ـــــــ
ما جزم به في الانتصار. وقال ابن عبيدان لما نصر أن الماء المنفصل بعد طهارة المحل طاهر: ولنا أن المنفصل بعض المتصل فيجب أن يعطى حكمه في الطهارة، والنجاسة، كما لو أراق ماء من إناء ولا يلزم الغسالة المتغيرة بعد طهارة المحل، لأنا لا نسلم تصور ذلك، بل نقول ما دامت الغسالة متغيرة فالمحل لم يطهر، انتهى. وقاله في مجمع البحرين والظاهر أنهما تابعا المجد في شرحه.
مسألة – 6: وفي تجفيفه وجهان، انتهى، وأطلقهما في التلخيص ومختصر ابن تميم وابن عبيدان والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 في "ط": "غسله".
2 1/78-79.

(1/320)


لم تلاقه، وإن كاثر ما فيه نماء كثير لم يطهر الإناء في المنصوص بدون إراقته.
وإن وضع ثوبا في إناء ثم غمره بماء وعصره فغسلة يبني عليها ويطهر، نص عليه "و" لأنه وارد كصبه عليه في غير إناء، وعنه لا يطهر، لأن ما
ـــــــ
أحدهما: لا يجزئ تجفيفه وهو الصحيح وصححه المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وهو الصواب.
والوجه الثاني: يجزئ، قال في الرعايتين والحاويين: وجفافه كعصره في أصح الوجهين.

(1/321)


ينفصل بعصره لا يفارقه عقبه، وعنه بلى إن تعذر بدونه.
وإن عصر الثوب في الماء ولم يرفعه منه فوجهان "م 7".
ويطهر ما غسله منه "و" فإن أراد غسل بقيته غسل ما لاقاه.
ولا يضر بقاء لون، أو ريح، أو هما عجزا "و" قال جماعة أو يشق،
ـــــــ
مسألة – 7: قوله: "وإن عصر الثوب في الماء ولم يرفعه منه فوجهان" انتهى. وأطلقهما ابن تميم:
إحداهما: لا يطهر حتى يخرجه ثم يعيده، قدمه ابن عبيدان في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، والظاهر أنهما تابعا المجد في شرحه، وجزم به في الفصول.
والوجه الثاني يطهر، قدمه في الرعاية الكبرى قلت: وهو الصواب.

(1/322)


وذكر الشيخ وغيره أو يتضرر1 المحل، وقيل يكتفي بالعدد، وقيل بلى، كطعم في الأصح "و" فعلى الأول يطهر، وذكر جماعة يعفى عنه، وقيل في زوال لونها فقط وجهان. وقال في الفصول: إن ثبت أن أصباغ الديباج الرومي من دماء الآدميين بطلت الصلاة في ذلك في حق من يباح له لبسه، ومراده ما لم يغسل، لأنه قال إن صبغ فيما وقع فيه النجاسة لم يجز الصلاة فيه حتى يغسل، وأنه لا يضر بقاء اللون، لأنه عرض كالرائحة.
وإن لم تزل النجاسة إلا بملح أو غيره مع الماء لم يجب في ظاهر كلامهم، ويتوجه احتمال، ويحتمله كلام أحمد، وذكره ابن الزاغوني في التراب تقوية للماء.
فعلى هذا أثر المداد يلطخ بعسل قصب ثم يحط في الشمس، ثم يغسل بماء وصابون، ويلطخ أثر الحبر بخردل مصحون2 معجبول3 بماء ثم يغسل بماء وصابون.
وأثر الخوخ بلبن حامض وكشك حامض، أو ينقع المكان بماء بصل، ثم يحط في الشمس، ثم يغسل بماء وصابون.
وأثر الزعفران يلقى في قرطم4 مدقوق، قد غلى على النار، أو في تبن مغلي، وأثر القطران يلقى في لبن حليب مغلي.
وأثر الزفت يعرك بالطحينة جيدا.
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 في "ط": "يتغير".
2 أي: مضروب.
3 في "ط": "معجون".
4 القرطم، بكسر القاف والطاء: حب العصفر. "القاموس": "قرطم".

(1/323)


وأثر التوت الشامي ينحر بالكبريت.
وأثر الزيت يفتر زيت طيب على النار، ثم يسقى به المكان، ثم يلطخ المكان بالصابون، ثم يجفف في الشمس، ثم يغسل.
وأثر الرمان يعرك بليمون أخضر مشوي، ومائه.
وأثر الدم يذبح عليه فرخ حمام ويعرك بدمه ثم يغسل ذلك، وأثر الجوز ينقع في بول حمار ثم يغسل بماء وصابون.
ويجب الحت والقرص، قال في التلخيص وغيره: إن لم يتضرر المحل بهما، وإن شك هل النجاسة مما يعتبر له العدد؟ توجه وجهان "م 8".
ولا تطهر أرض بشمس، أو ريح، أو جفاف، واختار صاحب المحرر وغيره بلى "و هـ" وقيل وغيرها، ونص عليه في حبل غسيل، واختاره شيخنا وقال: وإحالة التراب لها ونحوه كشمس، وقال: إذا أزالها التراب عن النعل: فعن نفسه إذا خالطها أولى، كذا قال.
ولا بالاستحالة1 أو نار، وعنه بلى "و هـ" فحيوان متولد من نجاسة كدود الجروح والقروح، وصراصر الكنيف طاهر، لا مطلقا نص عليه
ـــــــ
مسألة – 8: قوله: "وإن شك هل النجاسة مما يعتبر له العدد توجه وجهان" انتهى، قلت الصواب: عدم الوجوب، وهو الأصل، والاحتياط: الفعل.
ـــــــ
1 معطوف على قوله: "ولا تطهر أرض بشمس".

(1/324)


"ش" وأطلق جماعة روايتين في نجاسة وجه تنور سجر بنجاسة، ونقل الأكثر يغسل، ونقل ابن أبي حرب1: لا بأس، وعليهما يخرج عمل زيت نجس صابونا ونحوه، وتراب جبل بروث حمار.
فإن لم يستحل عفي عن يسيره في رواية، ذكره شيخنا، وذكر الأزجي إن تنجس التنور بذلك طهر بمسحه بيابس، فإن مسح برطب تعين الغسل، وكذا قال الشافعية، وحمل القاضي قول أحمد يسجر التنور مرة أخرى على ذلك، وذكر شيخنا أن الرواية صريحة في التطهير بالاستحالة، وأن
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 في "ب" و"ط": "ابن أبي حرب".

(1/325)


هذا من القاضي يقتضي أن يكتفي بالمسح إذا لم يبق للنجاسة أثر، كقول الحنفية في الجسم الصقيل.
وذكر الأزجي أن نجاسة الجلالة والماء المتغير بالنجاسة نجاسة مجاورة وقال: فليتأمل ذلك، فإنه من دقيق النظر كذا قال.
والبخار الخارج من الجوف طاهر، لأنه لا يظهر له صفة بالمحل، ولا يمكن التحرز منه، وفي هذه المسألة قال بعض أصحابنا: ما استتر في الباطن استتار خلقة ليس بنجس، بدليل أن الصلاة لا تبطل بحمله، كذا قال، ويأتي في اجتناب النجاسة1.
والقصر مل2 ودخان النجاسة ونحوهما نجس، وعلى الثاني طاهر، وكذا ما تصاعد من بخار الماء النجس إلى الجسم الصقيل ثم عاد فقطر
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ص 2/95.
2 في الأصل: "العصر". والقصر مل: الرماد من الروث النجس. "كشاف القناع" 1/173.

(1/326)


فإنه نجس على الأول، لأنه نفس الرطوبة المتصاعدة، وإنما يتصاعد في الهواء كما يتصاعد بخار الحمامات فدل أن ما يتصاعد في الحمامات ونحوها طهور، ويخرج على هذا الخلاف.
ـــــــ
..................................................

(1/327)


فصل: و الخمر نجاسة
...
فصل: والخمر نجسة
"و" فإن انقلبت بنفسها طهرت في المنصوص "و" وفي التعليق: لا نبيذ تمر، لأن فيه ماء.
ودنها مثلها. ويتوجه فيما لم يلاق الخل مما فوقه مما أصابه الخمر في غليانه وجهان "م 9". وفي الفنون شذرة غريبة في استحالة الخمر في الثوب خلا بأن تشرب خمرا ثم ترك مطويا فيتخلل فيه، بأن حمض، بحيث لو عصر نزل خلا.
ويحرم تخليلها فلا تحل "و ش" ففي النقل أو التفريغ من محل إلى آخر أو إلقاء جامد فيها وجهان "م 10" في الوسيلة في آخر الرهن
ـــــــ
مسألة – 9: قوله: "ويتوجه فيما لم يلاق الخل مما فوقه مما أصابه الخمر في غليانه وجهان" انتهى.
اعلم أن الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن دن الخمر مثلها في الطهارة، فتطهر بطهارتها مطلقا، وهو ظاهر كلامهم، فيطهر ما أصابه الخمر في غليانه وهو الصواب، والله أعلم.
مسألة – 10: قوله: "ويحرم تخليلها فلا تحل، ففي النقل والتفريغ من محل

(1/327)


رواية تحل "و م ر" عنه يكره "و م ر" وعنه يجوز "و هـ" وعليهما تطهر. وفي المستوعب يكره، وأن عليها لا تطهر على الأصح.
وفي إمساك خمر ليتخلل بنفسه أوجه، ثالثها يجوز في خمرة الخلال، وهو أشهر وعلى المنع يطهر على الأصح. وإن اتخذ عصيرا للخمر فلم يتخمر وتخلل بنفسه ففي حله الروايتان.
ـــــــ
إلى آخر أو إلقاء جامد فيها وجهان، انتهى، وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الرعاية الصغرى، وأطلقهما في النقل والتفريغ في الفائق، وأطلقهما في الشرح1 في النقل، وهما روايتان في الرعاية الكبرى، وهي طريقة مؤخرة2 في الرعاية الصغرى:
أحدهما: لا يطهر، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلامه في المقنع1 والوجيز، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، وقدمه في المحرر، ومجمع البحرين، وشرح ابن عبيدان والزركشي وغيرهم.
والوجه الثاني: يطهر كما لو نقلها لغير قصد التخليل وتخللت. وقال في الرعاية وقيل تطهر بالنقل فقط، وهو أصح، ثم قال قلت: وكذا إن كشف الزق فتخلل بشمس، أو ظل.
تنبيه: قوله: "وفي إمساك خمر ليتخلل بنفسه أوجه، ثالثها يجوز في خمر
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/301.
2 في "ط": "موجزة".

(1/328)


والخل المباح أن يصب على العنب أو العصير خلا قبل غليانه، حتى لا يغلي، نقله الجماعة، قيل له: فإن صب عليه خل فغلى؟ قال يهراق.
والحشيشة المسكرة قيل طاهرة "و هـ ش" وقيل نجسة، وقيل إن أميعت "م 11".
ولا يطهر باطن حب نقع في نجاسة بتكرار غسله، وتجفيفه كل مرة "و" كعجين، وعنه بلى، ومثله إناء تشرب نجاسة، وسكين سقيت ماء نجسا، ومثله لحم، وذكر جماعة في مسألة الجلالة طهارته، واختاره صاحب المحرر واعتبر أنه يغلي كالعصر للثوب، وقيل لا يعتبر في ذلك عدد.
ولا يطهر جسم صقيل بمسحه "و ش" وعنه بلى، اختاره في الانتصار "و م هـ" وأطلق الحلواني وجهين، وذكر شيخنا هل يطهر أو يعفى عما بقي؟ على وجهين، وعنه يطهر سكين من دم الذبيحة فقط.
ـــــــ
الخلال وهو أشهر" انتهى. الأشهر هو الصحيح من المذهب، قال في الرعاية وهو أظهر، والظاهر أن المصنف إنما أطلق لقوته وإن كان المذهب مشهورا على ما تقرر ذلك في المقدمة.
مسألة – 11: والحشيشة المسكرة قيل طاهرة، وقيل نجسة، وقيل إن أميعت، انتهى.
أحدها: هي نجسة، اختاره الشيخ تقي الدين.
والقول الثاني طاهرة، وقدمه في الرعاية الكبرى وحواشي المصنف على

(1/329)


ويطهر لبن وتراب نجس ببول ونحوه، وقيل لا؛ وقيل يطهر ظاهره، كما لو كانت النجاسة أعيانا، وطبخ ثم غسل ظاهره، والأصح وباطنه إن سحق لوصول الماء إليه، وقيل يطهر بالنار.
ولا يطهر دهن نجس بغسله في الأصح، وقيل يطهر زئبق، فعلى الأول لا يجوز، ذكره في الترغيب وغيره.
وإن خفيت نجاسة غسل حتى يتيقن غسلها نص عليه "و" وعنه يكفي الظن في مذي، وعند شيخنا وفي غيره، ولا يلزم تطهير ما شك في نجاسته بالنضح "و".
ـــــــ
المقنع، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو الصواب.
والقول الثالث نجسة إن أميعت وإلا فلا.

(1/330)


ومن غسل فمه من قيء بالغ فيغسل كل ما هو في حد الظاهر، فإن كان صائما: فهل يبالغ ما لم يتيقن دخول الماء؟ أو ما لم يظن؟ أو ما لم يحتمل؟ يتوجه احتمالات "م 12".
ولا يبتلع شرابا قبل غسله، لأكله النجاسة.
وإن تنجس أسفل خف أو حذاء بالمشي وظاهر كلام ابن عقيل، أو طرفه، وهو متجه لم يجز دلكه، أو حكه بشيء، نقله واختاره الأكثر "و ش م ر و هـ" في البول والخمر، وعنه يجزئ من غير بول وغائط "و م ر"
ـــــــ
مسألة – 12: قوله: "ومن غسل فمه من قيء بالغ، ليغسل كل ما هو في حد الظاهر فإن كان صائما فهل يبالغ ما لم يتيقن دخول الماء، أو ما لم يظن، أو ما لم يحتمل، يتوجه احتمالات" انتهى، قلت الظاهر الثاني لأن غالب الأحكام منوطة بالظنون.

(1/331)


وزاد ودم، وعنه وغيرهما، وهو أظهر، وعنه وتطهر به "خ" اختارهما جماعة، وقيل يجزئ من اليابسة لا الرطبة، وقيل كذا الرجل، ذكره شيخنا، واختاره.
وذيل المرأة قيل كذلك، وقيل يغسل "و" ونقل إسماعيل بن سعيد1: يطهر بمروره على طاهر يزيلها، اختاره شيخنا "م 13".
وإن نضح بول غلام لم يأكل طعاما بشهوة بأن يغمره بماء، وإن لم يقطر أجزأه وطهر "هـ م" لا بول جارية "و" نص عليه وجزم ابن رزين
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وإن تنجس أسفل خف أو حذاء بالمشي لم يجز دلكه، أو حكه بشيء...، وعنه يجزئ، من غير بول وغائط...، وعنه وغيرهما" انتهى. وصوابه وعنه ومنهما وجعل "في" مكان "من" في الروايتين أوضح.
مسألة – 13: قوله بعد ذكره حكم تنجس أسفل خف أو حذاء بالمشي: "وذيل المرأة قيل كذلك، وقيل يغسل، ونقل إسماعيل بن سعيد يطهر بمروره على طاهر يزيلها اختاره شيخنا" انتهى.
ـــــــ
1 هو: أبو إسحاق، إسماعيل بن سعيد الشالنجي، من أصحاب الإمام أحمد، عنده مسائل كثيرة. "ت230هـ". "المقصد الأرشد" 1/261.

(1/332)


بطهارة بوله، وقاله أبو إسحاق بن شاقلا1: لكن قال يعيد الصلاة، وإن كان طاهرا، كما روي عن أبي عبد الله: إذا صلى في ثوب فيه مني ولم يغسله ولم يفركه يعيد، كذا قال.
وما لم يؤكل من الطير والبهائم نجس "هـ" في الطير، قال أحمد: يجتنب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وعنه غير بغل وحمار، اختاره الشيخ، وعنه في الطير: لا يعجبني عرقه إن أكل الجيف. فدل أنه كرهه لأكله النجاسة فقط، ذكره شيخنا، ومال إليه. وفي الخلاف هذه الرواية، ثم قال. والمذهب أنها كالسباع، وذكر الرواية بعد هذا، وقال: فحكم بنجاسة العرق، وعنه طاهر، اختاره الآجري "و م ش".
والهرة وما دونها في الخلقة طاهر "و" وقيل فيما دونها من طير، وقيل وغيره وجهان، ولا يكره سؤر ذلك، نص عليه في الهر خلافا "هـ" لتشبيه الشارع عليه السلام لها بالطوافين والطوافات، وهم الخدم، أخذا من قوله تعالى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} [النور: 58]، ولعدم إمكان التحرز كحشرات الأرض كالحية، قاله
ـــــــ
أحدهما: حكمه حكم الخف في الحذاء، وهو الصحيح اختاره الشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، وجزم به في التسهيل، وقدمه في الرعاية الكبرى فقال ذيل ثوب آدمي أو إزاره.
والقول الثاني يغسل، وإن قلنا يطهر الخف والحذاء بالدلك، والمرور، قدمه ابن تميم وصاحب الفائق، قلت: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، حيث اقتصروا على الخف والحذاء قال القاضي لا يطهر بغير الغسل رواية واحدة.
ـــــــ
1 هو: إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا البزاز. من الفقهاء الأعيان. "ت369هـ". "طبقات الحنابلة" 2/128.

(1/333)


القاضي، فدل أن مثل الهر كهي.
ولبن حيوان طاهر قيل نجس "و ش" نقله أبو طالب في لبن حمار، قال القاضي وهو قياس قوله في لبن سنور، لأنه كلحم مذكى لا يؤكل مثله، وقيل طاهر "و م" كلبن آدمي، ومأكول، وكذا مني حيوان طاهر نجس البول، غير آدمي، وقيل طاهر من مأكول "م 14 - 16".
ـــــــ
مسألة – 14-16: قوله: "ولبن حيوان طاهر قيل نجس، نقله أبو طالب في لبن حمار قال القاضي وهو قياس قوله في لبن سنور...، وقيل طاهر...، وكذا مني حيوان طاهر نجس البول، غير آدمي، وقيل طاهر من مأكول" انتهى فيه مسائل:
المسألة – 14: لبن الحيوان الطاهر غير المأكول: هل هو طاهر أو نجس؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المستوعب، ومختصر ابن تميم، والحاويين والعائق وغيرهم:
أحدهما: هو نجس، وهو الصحيح من المذهب. قطع به في مجمع البحرين، وغيره ونصره المجد في شرحه، وابن عبيدان، وقدمه في الرعايتين.
والقول الثاني: طاهر.
تنبيه: حكم بيضه حكم لبنه، قاله ابن تميم، وابن حمدان وصاحب الحاويين وغيرهم ولم يذكره المصنف.
المسألة الثانية-15: مني الحيوان الطاهر غير المأكول النجس البول غير الآدمي: هل هو طاهر، أو نجس، أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم، وابن حمدان في

(1/334)


ومني الآدمي طاهر "و ش" كالبصاق، وعنه نجس، "و هـ" وعنه كالبول "و م" وقطع به ابن عقيل في مني خصي، لاختلاطه بمجرى بوله، وقيل: وقت جماع، وقيل من المرأة.
والمذي نجس، "و" ولا يطهر بنضحه "و" ولا يعفى عن يسيره "هـ" وعنه بلى فيهما وهل يغسل ما أصابه "و هـ ش" أو ذكره "و م" أو
ـــــــ
الرعايتين، وصاحب الحاويين والفائق:
أحدهما: هو نجس، وهو الصحيح، قطع به في الشرح1، وشرح ابن عبيدان وغيرهما.
والقول الثاني: طاهر، وهو ظاهر كلامه في المغني2.
المسألة الثالثة -16: مني الحيوان المأكول إذا قلنا بنجاسة بوله هل هو نجس أو طاهر؟ أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم، وابن حمدان في الرعاية الكبرى:
أحدهما: هو نجس، وهو الصحيح، قطع به في المغني3، والشرح4، وشرح ابن عبيدان وغيرهم قلت وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب حيث حكموا بنجاسة المني حين حكموا بنجاسة البول.
والقول الثاني: هو طاهر، وفيه بعد، وحكى المصنف قولا بطهارة مني مأكول دون غيره وهو ظاهر كلام جماعة.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/328.
2 2/490.
3 2/485.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/347.

(1/335)


و1 أنثييه؟ فيه روايات "م 17" وأجيب عن أمره بغسلهما بمنع صحته2، ثم لتبريدهما وتلويثهما غالبا، لنزوله متسبسبا3.
والودي نجس "و" وعنه كمذي، وبلغم المعدة "ش" ورطوبة فرج المرأة "ق" وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر "ش و هـ" في غير الطير إلا الدجاج، والبط، وعنه نجاسة، ذلك، وقيل هما في بلغم الرأس إن انعقد وازرق، وبلغم صدر، وقيل فيه نجس، جزم به ابن الجوزي، والأشهر طهارتهما "و".
ـــــــ
مسألة – 17: قوله: في المذي إذا قلنا يغسل فهل "يغسل ما أصابه، أو ذكره" فقط، أو ذكره "وأنثييه؟ فيه روايات":
إحداهن: يغسل ما أصابه فقط، اختاره الخلال قال في مجمع البحرين وابن عبيدان وهو أظهر، والظاهر أنهما تابعا المجد في شرحه.
والرواية الثانية: يجب غسل ما أصابه المذي، وما لم يصبه.
والرواية الثالثة: يغسل الذكر والأنثيين، وهو الصحيح، نص عليه واختاره أبو بكر، والقاضي، وجزم به صاحب الإرشاد4، وناظم المفردات، وقال بنيتها على الصحيح الأشهر، وقدمه ابن تميم وابن حمدان في الكبرى في القسم الثاني طاهر من باب المياه، وصاحب الفائق والمصنف في حواشي المقنع.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 أخرج أبو داود "209" واللفظ له، والنسائي 1/96، عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليغسل ذكره وأنثييه".
3 أي: سائلاً، من قولهم: تسبسب الماء، إذا سال وجرى. "القاموس": "سبب".
4 ص 17.

(1/336)


وبول سمك ونحوه مما لا ينجس بموته طاهر، جزم به أبو البركات وغيره "و هـ م" وفي المستوعب وغيره رواية نجس "و ش" وماء قروح نجس في ظاهر قوله وذكر جماعة إن تغير، وما سال من الفم وقت النوم طاهر في ظاهر قولهم.
ـــــــ
...........................

(1/337)


فصل: و دود القز و المسك و فأرته طاهر
...
فصل: ودود القز والمسك وفأرته1 طاهر
"و" وقال الأزجي فأرته طاهرة، ويحتمل نجاستها، لأنه جزء من حيوان حي، لكنه ينفصل بطبعه كالجنين، وهو صرة الغزال، وقيل من دابة في البحر لها أنياب. وفي التلخيص فيكون مما لا يؤكل. وفي الفنون ما يأكله أهل الجنة يستحيل عرقا، كما أحال في النحل الشهد، ومن دم الغزلان المسك، ويأتي في زكاة ما يخرج من البحر2.
وهل الزباد لبن سنور بحري، أو عرق سنور بري؟ فيه خلاف "م 18".
ـــــــ
مسألة – 18: قوله: "وهل الزباد لبن سنور بحري، أو عرق سنور بري؟ فيه خلاف" انتهى. الذي يظهر أن هذا الخلاف ليس مما نحن بصدده، ولا يدخل في قول المصنف3: "فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف" ولكن المصنف رحمه الله تعالى لما لم يترجح عنده قول من هذين القولين "عبر" بهذه الصيغة وهما قولان للعلماء لكن قال في القاموس4: الزباد على وزن سحاب معروف، وغلط الفقهاء واللغويون في قولهم الزباد5: دابة يجلب منها الطيب، وإنما الدابة السنور، والزباد الطيب، وهو وسخ يجتمع تحت ذنبها على المخرج فتمسك الدابة وتمنع الاضطراب، ويسلت ذلك الوسخ المجتمع هناك بليطة6، أو خرقة، انتهى، ولم يفصح بكون الدابة برية أو بحرية، ولكن بقوله وسخ دل أنه غير لبن، وأنه من سنور
ـــــــ
1 فأرة المسك: النافجة، وهي: وعاء المسك. "القاموس": "نفج".
2 3/443.
3 ص 6.
4 القاموس: "زبد".
5 في النسخ الخطية: "الزيادة"، والمثبت من "ط".
6 الليطة، بالكسر، قشر القصبة. "القاموس": "ليط".

(1/337)


والعنبر، قيل: هو نبات ينبت في قعر البحر فيبتلعه بعض دوابه، فإذا ثملت منه قذفته رجيعا فيقذفه البحر إلى ساحله.
وقيل: طل ينزل من السماء في جزائر البحر فتلقيه الأمواج إلى الساحل، وقيل: روث دابة بحرية تشبه البقرة، وقيل: هو جثا من جثا البحر أي زبد، وقيل هو فيما يظن ينبع من عين في البحر "م 19".
ـــــــ
بري، وقد شوهد ذلك كثيرا. وقال ابن البيطار1 في مفرداته قال الشريف الإدريسي الزباد نوع من الطيب يجمع من بين أفخاذ حيوان معروف يكون بالصحراء، يصاد ويطعم اللحم، ثم يعرق فيكون من عرق بين فخذيه حينئذ، وهو أكبر من الهر الأهلي. انتهى. واقتصر عليه.
مسألة – 19: قوله: "والعنبر قيل هو نبات ينبت في قعر البحر، فيبتلعه بعض دوابه فإذا ثملت منه قذفته رجيعا فيقذفه البحر إلى ساحله، وقيل طل ينزل من السماء في جزائر البحر فتلقيه الأمواج إلى الساحل، وقيل روث دابة بحرية تشبه البقرة، وقيل هو جثى من جثى البحر، أي زبد، وقيل هو فيما يظن بنبع من عين في البحر" انتهى.
الظاهر: أن الشيخ لما لم يجد إلى تصحيح ذلك طريقا أتى بصيغة التمريض، وهذه الأقوال والله أعلم ليست في المذهب، وإنما هي أقوال العلماء في الجملة، وهي كالمسألة التي قبلها، وقد قال ابن عباس: العنبر شيء دسره البحر، ذكره البخاري في صحيحه2 عنه، ومعنى دسره دفعه ورمى به إلى الساحل. وقال الإمام الشافعي في الأم3 في كتاب السلم أخبرني عدد ممن أثق بخبره أنه نبات يخلقه الله تعالى في جنبات4 البحر، قال: وقيل إنه يأكله حوت فيموت فيلقيه البحر فينشق بطنه، فيخرج منه.
ـــــــ
1 هو: ضياء الدين، عبد الله بن أحمد ابن الببطار المالقي، النباتي، الطبيب، مصنف كتاب "الأدوية المفردة". "ت646هـ". "سير الأعلام" 23/256.
2 تعليقاً قبل الحديث "1498".
3 3/137.
4 في "الأم": "حشاف"، جمع حشفة، وهي الصخرة النابتة في البحر. "القاموس": "حشف".

(1/338)


ودم السمك طاهر في الأصح "و هـ" ويؤكل "و".
ودم القمل والبق والذباب ونحوه طاهر "و هـ" وعنه نجس، يعفى عن يسيره. وهل العلقة يخلق منها الآدمي أو حيوان طاهر أو البيضة تصير دما نجسة؟ "هـ م" وجهان "م 20 - 21" وذكر ابن عقيل في العلقة روايتين.
ـــــــ
وحكى ابن رستم عن محمد بن الحسن أنه ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البر، وقيل هو شجر ينبت في البحر فينكسر فيلقيه الموج إلى الساحل، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في شرح البخاري.
وقال ابن المحب في شرح البخاري والصواب أنه يخرج من دابة بحرية، وقال وفي كتاب الحيوان لأرسطو: إن الدابة التي تلقي العنبر من بطنها تشبه البقرة، انتهى، وقيل هو رجيع سمكة، وذكر ابن المحب حديثا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العنبر من دابة كانت بأرض الهند ترعى في البر ثم إنها صارت إلى البحر" 1 رواه الشيرازي، وغيره، والسيرافي في الغاية من حديث حذيفة، وقال في القاموس العنبر روث دابة بحرية، أو نبع عين فيه. وقال ابن البيطار في مفرداته قال ابن حسان العنبر روث دابة بحرية، وقيل هو شيء ينبت في قعر البحر فيأكله بعض دواب البحر فإذا امتلأت منه قذفته رجيعا. وقال ابن سيناء العنبر فيما نظن نبع عين في البحر، ولذلك يقال: إنه زبد البحر، أو روث دابة بعيد، انتهى وقال ابن جميع والشريف من قال إنه رجيع دابة فقد أخطأ. وقال الشريف أيضا في مفرداته ما أعلم أحدا فحص عنه كفحصي، والذي أجمع عليه ممن يعتد به من جميع الطوائف ومن المسافرين في جميع الأقطار أنه يخرج من عيون تنبع من أسفل البحر مثل ما ينبع القار فتلقيه الأمواج إلى الشط، انتهى، قال بعضهم في أيام معلومات.
مسألة – 20-21: قوله: "وهل العلقة يخلق منها الآدمي، أو حيوان طاهر، والبيض يصير دما نجسة وجهان" انتهى. ذكر المصنف مسألتين:
ـــــــ
1 لم نقف عليه.

(1/339)


والوجهان في دم شهيد، وعليهما يستحب بقاؤه، فيعايا بها، ذكره ابن عقيل في المنثور، وقيل طاهر ما دام عليه "م 22" "و هـ".
وذكر أبو المعالي والتلخيص نجاسة بيض مذر1.
ـــــــ
المسألة الأولى-20: العلقة التي يخلق منها الآدمي أو حيوان ظاهر هل هي طاهرة أو نجسة أطلق الخلاف فيها وأطلقه في المذهب والرعايتين والحاويين وشرح ابن عبيدان وغيرهم وحكاهما ابن عقيل روايتين:
إحداهما: هي نجسة وهو الصحيح قال في المغني2: والصحيح نجاستها قال في مجمع البحرين نجسة في أظهر الوجهين وقدمه في الكافي3 والشرح4.
والوجه الثاني: طاهرة صححه صاحب التلخيص وابن تميم وقدمه ابن رزين في شرحه.
المسألة الثانية – 21: البيضة تصير دما هل هي طاهرة أو نجسة؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: هي نجسة قال المجد حكمها حكم العلقة قلت وهو الصواب.
والوجه الثاني: طاهرة صححه ابن تميم.
مسألة – 22: قوله: "والوجهان في دم شهيد وعليهما يستحب بقاؤه وقيل طاهر ما دام عليه" انتهى:
أحدها: هو طاهر صححه ابن تميم وقدمه في الرعاية.
والوجه الثاني: نجس قلت وهو ظاهر كلام جماعة وهو أولى من الأول.
ـــــــ
1 أي: فاسد. "القاموس": "مذر".
2 2/499.
3 1/187.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/323.

(1/340)


ولا ينجس على الأصح آدمي "هـ" وقيل مسلم بموته، فلا ينجس ما غيره، ذكره في الفصول وغيره خلافا للمستوعب. وقال ابن عقيل: قال أصحابنا رواية التنجيس حيث اعتبر كثرة الماء لخارج يخرج منه، لا لنجاسة في نفسه، قال: ولا يصح كما لا فرق بينه وبين بقية الحيوان، وعنه ينجس طرفه، صححها القاضي وغيره، وأبطل قياس الجملة على الطرف في النجاسة بالشهيد، فإنه ينجس طرفه بقطعه، ولو قتل كان طاهرا، أو لأن للجملة من الحرمة ما ليس للطرف، بدليل الغسل والصلاة.
ولا على الأصح ما لا نفس له سائلة "و هـ م" وقيل ينجس ولا ينجس ما مات فيه "و ش" وقيل إن شق التحرز منه، ولا يكره، ويتوجه احتمال.
ولا ينجس دود مأكول تولد منه، فإن أخرجه ثم رده إليه نجسه عند الخصم.
ـــــــ
والوجه الثالث هو طاهر ما دام عليه جزم به في مجمع البحرين وقدمه المجد في شرحه وابن عبيدان قلت وهو أولى منهما.

(1/341)


وبوله وروثه طاهر "و هـ م" وعنه نجس مما لا يؤكل، وعنه وغيره "و ش".
وهو نجس مما له نفس سائلة لا يؤكل، وقيل: طاهر من خفاش، ويتوجه طرده في الطير للمشقة "و هـ".
وللوزغ نفس سائلة في المنصوص "ش" كالحية "و" لا للعقرب "و" وفي الرعاية في دود القز، وبزره وجهان.
وأن سم الحية يحتمل وجهين، وظاهر كلامهم طهارته كسم مأكول، ونبات طاهر.
وينجس ضفدع ونحوه من بحري محرم له نفس سائلة "هـ" نص عليه، وللحنفية وجهان هل ينجس غير المائي1؟
ويعفى على الأصح عن يسير دم وما تولد منه "و" وقيل من بدنه.
وفي يسير دم حيض أو خارج السبيل وحيوان طاهر لا يؤكل
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "الماء" والمثبت من "ط".

(1/342)


وجهان "م 23 - 25" وفي دم حيوان نجس احتمال "هـ" وعنه طهارة قيح ومدة، وصديد، ودم.
ـــــــ
مسألة - 23 – 25: قوله: "ويعفى على الأصح عن يسير دم وما تولد منه وقيل من بدنه وفي يسير دم حيض أو خارج من السبيل وحيوان طاهر لا يؤكل وجهان" انتهى، اشتمل كلامه على مسائل:
المسألة الأولى – 23: يسير دم الحيض وكذا دم النفاس هل يعفى عنه أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه ابن تميم وابن عبيدان، ومجمع البحرين، والحاوي والفائق والزركشي:
أحدهما: يعفى عنه وهو الصحيح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب لإطلاقهم العفو عن يسير الدم، وجزم به في المغني1، والشرح2 وشرح ابن رزين والمنور وغيرهم، واختاره القاضي وغيره، وقدمه في الرعايتين وهو الصواب، بل لو قيل أنه أولى بالعفو من غيره لكان متجها لمشقة التحرز منه، وكثرة وجوده.
ـــــــ
1 1/247 -248.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/321.

(1/343)


........................................
ـــــــ
والوجه الثاني لا يعفى عن يسيره، اختاره المجد، وابن عبيدان، وابن عبد القوي، في مجمع البحرين وقدمه في التلخيص وغيره.
المسألة الثانية – 24: الدم الخارج من السبيلين هل يعفى عن يسيره أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه الزركشي:
أحدهما: لا يعفى عن يسيره، وهو الصحيح، على ما اصطلحناه، اختاره صاحب التلخيص، والمجد في شرحه، وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور، قلت: وهو مقتضى قول من اختار عدم العفو في التي قبلها بطريق أولى.
والوجه الثاني: يعفى عن يسيره، وهو ظاهر كلام كثير الأصحاب.
المسألة الثالثة – 25: يسير دم الحيوان الطاهر الذي لا يؤكل لحمه غير الآدمي هل يعفى عنه أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه ابن تميم:
أحدهما: يعفى عن يسيره وهو الصحيح، وهو ظاهر ما قطع به في المستوعب، والكافي1 ، والمحرر، والإفادات والفائق وغيرهم، وقطع به في المذهب، والمغني2 والشرح3، والنظم والوجيز والحاوي الكبير وتذكرة ابن عبدوس، وشرح ابن رزين وابن منجى والتسهيل، وغيرهم، وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: لا يعفى عنه، جزم به في مجمع البحرين وشرح ابن عبيدان، فإنهما قالا وما لا يؤكل لحمه وله نفس سائلة لا يعفى عن يسيره، وتابعا المجد في شرحه، فإنه جزم به، وهو ظاهر ما قدمه في التلخيص، والبلغة فإنه قال في العفو: من حيوان مأكول.
ـــــــ
1 1/196.
2 2/484.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/321.

(1/344)


وعرق المأكول طاهر "خ" ولو ظهرت حمرته نص عليه، ويؤكل "و" لأن العروق لا تنفك منه، فيسقط حكمه، لأنه ضرورة.
وظاهر كلامه في الخلاف فيما إذا جبر ساقه بنجاسة نجاسته قال ابن الجوزي: المحرم من الدم المسفوح، ثم قال: قال القاضي فأما الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح، وما يبقى في العروق فمباح، ولم يذكر جماعة إلا دم العروق، قال شيخنا: لا أعلم خلافا في العفو عنه، وأنه لا ينجس المرقة، بل يؤكل معها.
وما ظنت نجاسته من طين شارع طاهر "ق" وعنه نجس، وفي العفو عن يسيره ويسير دخان نجاسة ونحوها1 وجهان "م 26 و 27".
ـــــــ
مسألة -26 -27: قوله: "وما ظنت نجاسته من طين شارع طاهر، وعنه نجس، وفي العفو عن يسيره ويسير دخان نجاسة ونحوها وجهان" انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -26: إذا ظنت نجاسة طين شارع وقلنا بنجاسته فهل يعفى عن يسيره أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يعفى عن يسيره، وهو الصحيح، صححه في النظم ومجمع البحرين، قال في الرعايتين و"الحاويين" يعفى عن يسيره في الأصح، وجزم به في الإفادات، وإليه ميل صاحب التلخيص، وهو احتمال من عنده، وهو الصواب، واختاره الشيخ تقي الدين.
والوجه الثاني: لا يعفى عنه، قال في التلخيص: ولم أعرف لأصحابنا فيه قولا
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "ونحوه".

(1/345)


ولو هبت ريح فأصاب شيئا رطبا غبار نجس من طريق أو غيره فهو داخل في المسألة، وذكر الأزجي النجاسة به، وأطلق أبو المعالي العفو عنه، ولم يقيده باليسير، لأن التحرز لا سبيل إليه، وهذا متوجه، وكذا قال الشافعية لا يضره ذلك.
ولا يعفى عن يسير بول خفاش، ونبيذ مختلف فيه "هـ" ووذي1، وقيء، وبول بغل، وحمار، وعرقه وسؤره وجلالة قبل حبسها، وعنه بلى "و هـ" وكذا في رواية إن نجس بول مأكول وروثه ذكرها شيخنا في بول فأر، وعنه سؤر بغل وحمار مشكوك فيه، فيتيمم معه، فلو توضأ به
ـــــــ
صريحا، وظاهر كلامهم أنه لا يعفى عنه. وقال ابن تميم: اختار بعض أصحابنا نجاسة طين الشوارع، وجعل في العفو عن يسيرها وجهين.
المسألة الثانية – 27: هل يعفى عن يسير دخان نجاسة ونحوها أم لا؟ أطلق فيه الخلاف:
أحدهما: يعفى عن يسير دخان النجاسة وغبارها، وبخارها، ما لم تظهر له صفة، وهذا الصحيح، جزم به في الكافي2، وابن تميم، قال في الرعايتين والحاويين ومجمع البحرين وشرح ابن عبيدان وغيرهم: يعفى عن ذلك، ما لم يتكاثف، زاد في الرعاية الكبرى، وقيل ما لم يجمع منه شيء، أو لم يظهر له صفة، أو تعذر أو تعسر التحرز منه، انتهى.
والوجه الثاني لا يعفى عنه، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
تنبيهان:
الأول: قوله: "ولا يعفى عن يسير بول خفاش ونبيذ مختلف فيه وودي،
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "ودي". والوذي، هو: المني، "اللسان": "وذي".
2 1/189.

(1/346)


ثم لبس خفا ثم أحدث، ثم توضأ فمسح وصلى به فهو لبس على طهارة لا يصلى بها.
ـــــــ
وقيء، وبول بغل، وحمار، وعرقه، وسؤره، وجلالة قبل حبسها، وعنه بلى، وكذا في رواية إن نجس بول مأكول وروثه، وذكرها شيخنا في بول فأر" انتهى.
ظاهر قوله وكذا في رواية أن المشهور العفو عن يسير بول المأكول وروثه إذا قلنا ينجس، وهو كذلك، والصحيح من المذهب، جزم به المجد في شرحه، وابن عبد القوي، وابن عبيدان وغيرهم، وقدمه في المغني1 والشرح2 واختاره ابن تميم، وغيره.
والرواية الثانية لا يعفى عن ذلك، وهو ظاهر كلامه في المقنع3، وغيره، وأطلقهما في الحاويين، والرعايتين، وزاد ومنيه وقيئه.
4 الثاني: قوله: 5 "واليسير قدر ما نقض" انتهى. الظاهر: أنه سهو، والصواب أن يقال: واليسير قدر ما لم ينقض، أو: والكثير قدر ما نقض. وقال شيخنا في حواشيه: يحتمل أن يكون "قدر" منوناً، و"ما" نافية. قلت: وفيه تعسف، والله أعلم4.
ـــــــ
1 2/486.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/329 -330.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/317.
4 ليست في "ط".
5 يأتي في الصفحة 350.

(1/347)


وإن أكلت هرة نجاسة ثم ولغت في ماء يسير فقيل ينجس1، وقيل طاهر، وقيل إن غابت، وقيل واحتمل تطهير فمها، وكذا أفواه الأطفال والبهائم "م 28 - 30".
ـــــــ
مسألة - 28 – 30: قوله: "وإن أكلت هرة نجاسة ثم ولغت في ماء يسير فقيل نجس، وقيل طاهر، وقيل إن غابت، وقيل واحتمل تطهير فمها، وكذا أفواه، الأطفال والبهائم" انتهى، وذكر المصنف ثلاث مسائل:
مسألة – 28: الهرة، مسألة – 29: أفواه الأطفال، مسألة – 30: أفواه البهائم.
واعلم أن الهرة إذا أكلت نجاسة ثم ولغت في ماء يسير فلا يخلو: إما أن يكون ذلك بعد غيبتها أو قبلها؟ فإن كان بعد غيبتها فالصحيح من المذهب أن الماء طاهر،
ـــــــ
1 في "ط": ينجس.

(1/348)


ولا يعفى عن يسير نجاسة في الأطعمة، ولا غير ما تقدم "و م ش" وخالف شيخنا وغيره فيها، وذكره قولا في المذهب، لأن الله تعالى إنما حرم الدم المسفوح، وما الفرق بين كونه في مرقة القدر أو مائع آخر، أو في
ـــــــ
جزم به في المذهب، والمستوعب، والكافي1، والمغني2، والشرح3، وشرح ابن رزين وغيرهم وقدمه ابن تميم، واختاره في مجمع البحرين.
وقيل نجس، وأطلقهما في الرعايتين، والحاويين، والفائق، والزركشي وغيرهم، قال المجد في شرحه: والأقوى عندي أنها إن ولغت عقيب الأكل نجس، وإن كان بعده بزمن يزول فيه أثر النجاسة بالريق لم ينجس، قال وكذلك جعل الريق مطهرا أفواه الأطفال، وبهيمة الأنعام، وكل بهيمة طاهرة كذلك، انتهى، واختار في الحاوي الكبير، وجزم في الفائق أن أفواه الأطفال والبهائم طاهرة، واختاره في مجمع البحرين، ونقل فيه عن بنت الشيخ موفق الدين أن أباها سئل عن أفواه الأطفال فقال الشيخ: النبي صلى الله عليه وسلم قال في الهر: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" 4 قال الشيخ: وهم البنون والبنات، فشبه الهر بهم في المشقة، انتهى.
وقيل طاهر إن غابت غيبة يمكن ورودها على ماء يطهر فمها، وإلا فنجس، وقيل طاهر إن كانت الغيبة قدر ما يطهر فمها، وإلا فنجس، ذكره في الرعاية الكبرى وهو بعض قول المجد المتقدم فيما يظهر5، وإن كان الولوغ قبل غيبتها فقيل طاهر، قدمه ابن تميم، واختاره في مجمع البحرين، قال الآمدي وهو ظاهر مذهب أصحابنا، قلت وهو الصواب.
وقيل نجس، اختاره، القاضي، وابن عقيل، وجزم به في المذهب وقدمه ابن
ـــــــ
1 1/30.
2 1/72.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/361.
4 أخجره أبو داود "75"، والترمذي "92"، والنسائي 1/55، وابن ماجة "367"، من حديث أبي قتادة.
5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/349)


السكين، أو غيره؟ وكانت أيدي الصحابة تتلوث بالجرح، والدمل، ولم ينقل عنهم التحرز من المائع حتى يغسلوه، ولعموم البلوى ببعر الفأر وغيره وقال أيضا نص عليه أحمد في الدم، وهو نص القرآن، ومعناه اختيار صاحب النظم، وكره أحمد شديدا دياس الزرع بالحمير لنجاسة بولها وروثها، وقال: لا ينبغي.
واليسير1: قدر ما نقض "هـ" في تقدير المغلظة بعرض الكف. والمخففة وهي ما تعارض فيها نصان بدون ربع المحل، ويضم في الأصح متفرق بثوب، وقيل أو شيئين.
ولا يكره سؤر الفأر، نص عليه، وجزم به الأكثر، وفي المستوعب يكره، لأنه ينسى، وحكى رواية.
وإن وقعت فأرة أو سنورة ونحوهما مما ينضم دبره إذا وقع في مائع
ـــــــ
رزين في شرحه، وتقدم كلام المجد بما يحتمل دخول هذه المسألة فيه، وأطلقهما في المستوعب، والكافي2، والمغني3 والشرح4 والرعايتين، والحاويين، وشرح ابن عبيدان والفائق، والزركشي وغيرهم، فهذه ثلاثون مسألة قد فتح الله تعالى بتصحيحها، والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "الكثير".
2 1/30-31.
3 1/72.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/361.

(1/350)


فخرجت حية فطاهر، نص عليه، وقيل: لا. 1قال ابن عقيل في فنونه: هو أشبه، والأول أصلح للناس1، وكذا في جامد، وهو ما يمنع انتقالها فيه، وقيل: إذا فتح وعاؤه لم يسل.
وإن ماتت أو وقعت ومعها رطوبة في دقيق ونحوه ألقيت وما حولها، وإن اختلط ولم ينضبط حرم، نقله صالح وغيره.
ولا يجوز إزالة نجاسة إلا بماء طهور "و م ش" وقيل مباح "خ" وقيل أو طاهر، وعنه بكل مائع طاهر مزيل كخل، اختاره ابن عقيل وشيخنا "و هـ".
قال: ويحرم استعمال طعام، أو شراب في إزالتها، لإفساد المال، ويؤخذ من كلام غيره معناه، وقاله أبو البقاء وغيره، وسبق كلام القاضي في الدباغ.
ولا يعتبر النية "و" لأن المغلب فيها الترك، ولهذا لو لم يوجد ما يزيلها لم يتيمم لها، فلم تعتبر النية كسائر التروك، ولهذا غسالة النجاسة مع النية وعدمها سواء.
ولو لم ينو الوضوء لم يصر مستعملا، ولأنها نقل عين معينة، فهي كرد وديعة، ومغصوب، وإطلاق محرم صيدا، وقيل: بلى، وقيل في بدن. وفي الانتصار: في طهارته بصوب الغمام، وفعل مجنون، وطفل احتمالان.
ولا يعقل للنجاسة معنى، ذكره ابن عقيل وغيره.والله تعالى أعلم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/351)


باب الحيض
مدخل
...
باب الحيض
وهو دم طبيعة، يمنع الطهارة له "و" والوضوء، والصلاة "ع" ولا تقضيها "ع" قيل لأحمد في رواية الأثرم: فإن أحبت أن تقضيها؟ قال: لا، هذا خلاف، فظاهر النهي التحريم، ويتوجه احتمال يكره، لكنه بدعة كما رواه الأثرم عن عكرمة، ولعل المراد إلا ركعتي الطواف، لأنها نسك
ـــــــ
........................................

(1/352)


لا آخر لوقته، فيعايا بها.
ويتوجه أن وصفه لها عليه السلام بنقصان الدين بترك الصلاة زمن الحيض1، يقتضي أن لا تثاب عليها، أو لأن نيتها2 تركها زمن الحيض، وفضل الله
ـــــــ
تنبيه: قوله عن الحائض: ولا تقضي الصلاة -: "ولعل المراد إلا ركعتي الطواف، لأنها نسك لا آخر لوقته فيعايا بها" انتهى، رد شيخنا وابن نصر الله على المصنف في كونها تقضي، والذي يظهر لي أن محل ذلك إذا قلنا تطوف الحائض، فإذا طافت فإنها لا تصلي حتى تطهر، وقد أومأ إليه شيخنا أيضا.
3قلت وللشافعية فيما إذا طافت ثم حاضت قبل صلاة الركعتين وجهان في قضائهما، اختار الشيخ أبو علي4 عدم القضاء، واختاره النووي في شرح المهذب، واختاره ابن القاص، والجرجاني والنووي في شرح مسلم، وحكي عن الأصحاب، القضاء3.
ـــــــ
1 لعله يريد قوله صلى الله عليه وسلم: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، فذلك نقصان دينها". أخرجه البخاري "1951"، ومسلم "79" "132"، من حديث عبد الله بن عمر.
2 بعدها في "ط": "أي كأن عقد الصلاة بالنسبة لها هو".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 هو: الحسين بن الحسين بن أبي هريرة الشافعي، انتهت إليه إمامة الشافعية في العراق. له: "شرح مختصر المزني". "ت345هـ". "الأعلام" 2/188.

(1/353)


يؤتيه من يشاء بخلاف المريض والمسافر.
ويمنع الحيض أيضا الصوم "ع" وتقضيه "ع" هي، وكل معذور بالأمر السابق لا بأمر جديد في الأشهر. وفي الرعاية يقضيه مسافر بالأمر الأول، وحائض ونفساء بأمر جديد على الأصح، كذا قال.
ويمنع الحيض الطواف "و" وعند شيخنا بلا عذر، وعنه يصح، ويجبره بدم "و هـ" ولا يلزمها بدنة "هـ".
ـــــــ
...........................................

(1/354)


وسنة الطلاق، وقيل: لا بسؤالها كالخلع، وفيه وجه، وفيه في الواضح روايتان، ومثله طلاق بعوض.
ومس المصحف "و" وقيل: لا، وحكى رواية، اختاره شيخنا، قال إن ظنت نسيانه وجبت، ونقل الشالنجي كراهتها "القراءة" لها، ولجنب، وعنه لا يقرآن وهي أشد، ونقل إبراهيم بن الحارث فيها أحاديث كراهية ليست قوية، وكرهها لها.
ويمنع اللبث في المسجد "و" وقيل: لا بوضوء، وقيل: ويمنع دخوله، وحكى رواية كخوفها تلويثه في الأشهر، ونصه في رواية ابن إبراهيم: تمر ولا تقعد.
ـــــــ
........................................

(1/355)


والوطء "ع" وليس بكبيرة في ظاهر ما يأتي "ش".
وإن انقطع الدم أبيح فعل الصوم "و م ش" وطلاق "و ش و هـ" فيهما إن انقطع لأقله ولم يمض وقت صلاة، وكذا الوطء عنده في الأصح، وعنه وقراءة اختاره القاضي "خ" ولم يبح الباقي قبل غسلها.
ولو أراد وطأها فادعت حيضا وأمكن قبل، نص عليه "ش" فيما خرجه في مجلسه، لأنها مؤتمنة ويتوجه تخريج من الطلاق، وأنه يحتمل أن يعمل بقرينة وأمارة، وقد قال ابن حزم: اتفقوا على قبول قول المرأة: تزف العروس إلى زوجها تقول: هذه زوجتك وعلى استباحة
ـــــــ
........................................

(1/356)


وطئها بذلك وعلى تصديقها في قولها: أنا حائض، وقولها: قد طهرت.
ونقل الأثرم وأبو داود فيمن اشترى أمة فأراد استبراءها فادعت حيضا أيضا، قال: يعجبني أن يحتاط، ويستظهر حتى يرى دلائله، ربما كذبت.
وتغسل المسلمة الممتنعة قهرا، ولا نية هنا للعذر، كالممتنع من زكاة، والصحيح لا تصلي به، ذكره في النهاية.
ويغسل المجنونة، ويتوجه وينويه. وقال ابن عقيل: يحتمل أن يغسلها ليطأها، وينوي غسلها تخريجا على الكافرة، ويأتي غسل الكافرة في عشرة النساء1. وقال أبو المعالي فيها: لا نية، لعدم تعذرها، بخلاف الميت، وأنها تعيده إذا فاقت، وأسلمت وكذا قال القاضي في الكافرة: إنما يصح في حق الآدمي، لأن حقه لا يعتبر له النية، فيجب عوده إذا أسلمت، ولم يجز أن يصلي به، ولا حاجة بنا إلى التفريق بين الحقين، في حق المسلمة.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 8/394.

(1/357)


وله أن يستمتع من الحائض بغير الوطء في الفرج، وعنه لا بما بين السرة والركبة، وجزم به في النهاية، لخوفه مواقعة المحظور، وقيل يلزم ستر الفرج.
وإن وطئ فيه بحائل أو لا لزمه دينار أو نصفه، نقله الجماعة، 1وعنه نصفه2 في إدباره، وعنه بل في أصفر3، وذكر أبو الفرج بل لعذر، واعتبر شيخنا كونه مضروبا، وهو أظهر، وفي القيمة
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 يعني: إدبار الدم وقرب نهايته.
3 يعني: إذا كان الدم أصفر.

(1/358)


وغير مكلف وجهان "م 1 - 2".
وذكر صاحب الرعاية هل الدينار هنا عشرة دراهم أو اثنا عشر؟ يحتمل وجهين، ومراده إذا أخرج دراهم كم يخرج؟ وإلا فلو أخرج
ـــــــ
مسألة 1 – 2: قوله: في أحكام كفارة الوطء في الحيض إذا قلنا بوجوبها قال ففي إجزاء القيمة ووجوبها على "غير مكلف وجهان" انتهى، ذكر مسألتين:
المسألة الأولى -1: إذا قلنا بوجوب الكفارة فهل تجزئ القيمة أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما لا تجزئ، وهو الصحيح، قال ابن تميم وصاحب مجمع البحرين هو في إخراج القيمة كالزكاة والصحيح من المذهب لا يجزئ إخراجها في الزكاة، وقدم عدم الإجزاء هنا في الرعاية الكبرى، قال ابن نصر الله في حواشي الفروع: الأظهر أنها لا تجزئ كالزكاة، انتهى، قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والوجه الثاني تجزئ كالخراج، والجزية صححه في الفائق، وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المغني1، والشرح2، وشرح ابن عبيدان.
فعلى الأول يجزئ إخراج الفضة عن الذهب، على الصحيح، صححه في المغني 1 والشرح2 والفائق، وقدمه ابن رزين في شرحه، وقطع به القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشيه، وقال: محل الخلاف في غير هذا، انتهى، وليس الأمر كما قال، وقيل لا يجزئ، حكاه في المغني1 وغيره قال: في مجمع البحرين وحكمه في إخراج قيمته أو غيرها حكم الزكاة.
المسألة الثانية – 2: هل تجب الكفارة على غير المكلف، أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه ابن تميم، وابن حمدان في الكبرى، وصاحب الفائق والقواعد الأصولية وغيرهم، وحكاه في الفائق روايتين:
ـــــــ
1 1/419.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/383.

(1/359)


ذهبا لم يعتبر قيمته1 بلا شك.
وهو كفارة. قال الأكثر: يجوز إلى مسكين واحد، كنذر مطلق، وذكر شيخنا وجها، ومن له أخذ زكاة لحاجته، قال في شرح العمدة وكذا صدقة مطلقة، ويأتي أول باب ذكر أهل الزكاة2.
وذكروا في صرف الوقت المنقطع رواية إلى المساكين، قالوا: لأنهم مصرف للصدقات، وحقوق الله من الكفارات ونحوها. فإذا وجد صدقة غير معينة المصرف انصرفت إليهم، كما لو نذر صدقة مطلقة، وعللوا رواية صرفه إلى فقراء قرابته بأنهم أهل الصدقات دون الأغنياء، وكذا قالوا فيما إذا أوصى في أبواب البر أن المساكين مصارف الصدقات والزكوات.
وعنه لا كفارة "و" وكالوطء بعد انقطاعه قبل غسلها في المنصوص، وناس، وجاهل، ومكره، وامرأة كذلك. قال القاضي وابن عقيل: بناء على الصوم، والإحرام، وبان بهذا أن من كرر الوطء في حيضة أو حيضتين أنه في تكرار الكفارة كالصوم. وفي سقوطها بالعجز
ـــــــ
إحداهما3: يلزمه، وهو الصحيح، قال في مجمع البحرين: انبنى على وطء الجاهل، والمذهب الوجوب على الجاهل، انتهى، وقدمه في المغني4، والشرح5، وشرح ابن عبيدان.
والوجه الثاني: لا يلزمه، وهو احتمال في المغني4، وقدمه ابن رزين في شرحه قلت وهو الصواب، وصححه ابن نصر الله في حواشيه.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "قيمة"، والمثبت من "ط".
2 4/297.
3 الضمير عائد إلى مضمون "الخلاف المطلق" أي: وجهان. فهو تفصيل له، وليس تفصيلاً لروايتي صاحب "الفائق".
4 1/418.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/381.

(1/360)


روايتان "م 3".
وعنه يلزم بوطء دبر، ذكرها ابن الجوزي.
وبدن الحائض وعرقها، وسؤرها طاهر، وكذا لا يكره طبخها وعجنها، وغير ذلك، ولا وضع يديها على شيء من المائعات، ذكر ذلك ابن جرير1 وغيره "ع" سأله حرب: تدخل يدها في طعام وشراب، وخل، وتعجن وغير ذلك؟ قال: نعم، ولعل المراد ما لا يفسد من المائعات بملاقاته بدنها، وإلا توجه المنع فيها، وفي المرأة الجنب.
ـــــــ
مسألة – 3: قوله: "وفي سقوطها بالعجز روايتان" وأطلقهما ابن عقيل في الفصول، وابن عبيدان، وصاحب الفائق:
إحداهما لا تسقط، قدمه في الرعايتين والحاويين وهو ظاهر ما قدمه المصنف في باب ما يفسد الصوم2، فإنه قال: تسقط كفارة الوطء في رمضان بالعجز، ولا يسقط غيرها بالعجز مثل كفارة الظهار، واليمين، وكفارات الحج ونحو ذلك، نص عليه، قال المجد وغيره: وعليه أصحابنا، انتهى، فظاهر هذه العبارة دخول هذه المسألة.
والرواية الثانية تسقط، اختاره ابن حامد، وصححه صاحب التلخيص، والمجد في شرحه، وابن عبد القوي في مجمع البحرين، قال المصنف هناك: وذكر غير واحد تسقط كفارة وطء الحائض بالعجز على الأصح، انتهى، وقدمه ابن تميم وعنه تسقط بالعجز عنها كلها، لا عن بعضها، لأنه لا بدل فيها، وما هو ببعيد، وهي شبيهة بالقدرة على بعض صاع في الفطرة.
ـــــــ
1 هو: أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المفسر المؤرخ، كان من أفراد الدهر علماً، وذكاء، كثرة تصانيف. "ت310هـ". "سير أعلام النبلاء" 14/267.
2 5/58.

(1/361)


فصل: و لا حيض قبل تمام تسع سنين
...
فصل: ولا حيض قبل تمام تسع سنين
"و" وقيل عشر، وعنه اثنتي عشرة قيل تقريب، وقيل تحديد "م 4".
ـــــــ
مسألة – 4: قوله: "ولا حيض قبل تمام تسع سنين، وقيل عشر، وقيل اثنتي عشرة، قيل تقريب، وقيل تحديد" انتهى.
القول بالتحديد ظاهر ما قطع به في الإرشاد والمبهج والهداية والفصول وتذكرة ابن عقيل والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والكافي والمغني والعمدة والمقنع والهادي والمحرر والنظم والنهاية والحاويين والوجيز والمنور والإفادات والفائق وتذكرة ابن عبدوس وإدراك الغاية وشرح ابن عبيدان وغيرهم، قال في المستوعب والرعايتين ومختصر ابن تميم وتجريد العناية وغيرهم: لا حيض قبل تسع سنين، قال في مجمع البحرين: وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين كاملة، انتهى، قال ابن عبيدان: والمراد كمال التسع كما صرح به غير واحد.
والقول الثاني ذلك تقريب، قلت وهو الصواب.
تنبيه: قول المصنف: "لا حيض قبل تمام تسع سنين، وقيل عشر، وقيل اثنتي عشرة" كالصريح أو صريح في أنه لا بد من تمام ذلك، وقوله بعد ذلك: "قيل تقريب، وقيل تحديد" كالمناقض له، لكن بقرينة ذكر الخلاف انتفى التصريح والله أعلم. وقال شيخنا في حواشيه ظاهر عبارته إعادة الخلاف إلى القول الأخير1كما تقدم، ويرشحه عدم الاطلاع على الخلاف لكن1 الخلاف على هذا القول لم نره أيضا.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(1/362)


ولانقطاعه غاية، نص عليه "هـ ش" هل هي ستون سنة، أو خمسون؟ فيه روايتان، وعنه خمسون للعجم و م" وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر، وعنه مشكوك فيه "م 5".
ـــــــ
مسألة – 5: قوله: "ولانقطاعه حد، هل هو ستون سنة أو خمسون؟ فيه روايتان وعنه خمسون، وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر، وعنه مشكوك فيه" انتهى، أطلق الخلاف في كون أكثر سن الحيض خمسين أم ستين، وأطلقه في المغني1، والمحرر، والشرح2 ابن عبيدان وغيرهم:
إحداهما: أكثره خمسون مطلقا وهو الصحيح من المذهب، جزم به في الدراية والمذهب ومسبوك الذهب، والمذهب الأحمد، والطريق الأقرب، والخلاصة والهادي، والترغيب ونظم هداية ابن رزين، والإفادات، ونظم المفردات وهو منها وغيرهم، قال ابن الزاغوني: هو اختيار عامة المشايخ، قال في البلغة: وهذا إحدى الروايتين، قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، قال في مجمع البحرين: هذا أشهر الروايات، قال في نهاية ابن رزين أكثره خمسون على الأظهر، وقدمه في المنهج، والمستوعب، والمقنع2 والتلخيص، وشرح المجد والرعايتين، والنظم والحاويين، وتجريد العناية، وإدراك الغاية قال الزركشي: اختارها الشيرازي.
والرواية الثانية أكثره ستون سنة، جزم به في الإرشاد3 ، والإيضاح، وتذكرة ابن عقيل، والعمدة، والوجيز، والمنور، ومنتخب الآدمي والتسهيل، وغيره، وقدمه أبو الخطاب في دروس المسائل، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، قال في النهاية: هي اختيار الخلال، والقاضي.
وعنه خمسون للعجم، قال في الرعاية: وعنه الخمسون للعجم، والنبط ونحوهم، والستون للعرب ونحوهم، انتهى، وأطلقهن الزركشي، وأطلق الأولى،
ـــــــ
1 1/445.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/386.
3 ص 47.

(1/363)


وأقل الحيض يوم وليلة "و ش" وعنه يوم، لا ثلاثة "هـ" ولا حد لأقله "م" ذكر ابن جرير عكسه "ع".
وأكثره خمسة عشر يوما "و م ش" وعنه سبعة عشر، 1وقيل عليهما: وعليهما: وليلة لا عشرة بلياليها1 "هـ". وغالبه ست أو سبع "و".
وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما، وعنه خمسة عشر "و"
ـــــــ
وهذه في الفصول في العدد، وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر، ذكرها القاضي، وغيره، وصححها في الكافي2 قلت: وهو قوي جدا قال في المغني3 في العدد: والصحيح أنها متى بلغت خمسين سنة فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب فقد صارت آيسة، وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض على الصحيح، انتهى، فللشيخ في هذه المسألة ثلاث اختيارات.
وعنه بعد الخمسين مشكوك فيه، اختاره الخرقي، وناظمه، قال القاضي في الجامع الصغير هذا أصح الروايات، واختارها أبو بكر الخلال، وجزم به في الإفادات، فعليها تصوم وجوبا على الصحيح، قدمه ابن حمدان، وعنه استحبابا، ذكرها ابن الجوزي واختار الشيخ تقي الدين أنه لا حد لأكثر سن الحيض.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 1/165.
3 11/211.

(1/364)


وقيل عليهما: وليلة.
وعنه لا توقيت فيه، كأكثره، وعنه إلا في العدة.
وأقل زمن الحيض أن يكون النقاء خالصا لا تتغير معه القطنة إذا احتشت بها في ظاهر المذهب، ذكره صاحب المحرر، وجزم به القاضي، وغيره، نقل أبو بكر هي طاهر إذا رأت البياض، وذكر شيخنا أنه قول أكثر أصحابنا إن كان الطهر ساعة.
وعنه: أقله ساعة، وعنه يوم، اختاره الشيخ، وقال إلا أن ترى ما يدل عليه.
ولا حيض مع الحمل نص عليه "و هـ" وعنه بلى، ذكرها أبو القاسم التميمي1، والبيهقي، وشيخنا، واختارها وهي أظهر، ذكر عبيدة بن الطيب أنه سمع إسحاق ناظر أحمد، ورجع إلى قوله هذا، ورواه الحاكم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 هو: عبد الوهاب بن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، من فقهاء الحنابلة الأعيان. "ت493هـ". "المقصد الأرشد" 2/131.

(1/365)


ونقل أبو داود لا تلتفت إلى الدم الأسود، وتصلي، قيل له: فتغتسل؟ قال: نعم1، قال القاضي: هذا على طريق الاحتياط، والخروج من الخلاف، لا للوجوب.
وعند شيخنا ما أطلقه الشارع عمل بمطلق مسماه ووجوده، ولم يجز تقديره، وتحديده بعده2 ؛ فلهذا عنده الماء قسمان: طاهر طهور، ونجس ولا حد لأقل الحيض، وأكثره، ما لم تصر مستحاضة، ولا لأقل سنه وأكثره، ولا لأقل السفر، لكن خروجه إلى بعض عمل أرضه، وخروجه عليه السلام إلى قباء لا يسمى سفرا، ولو كان بريدا، ولهذا لا يتزود، ولا يتأهب له أهبته، هذا مع قصر المدة، فالمسافة القريبة في المدة الطويلة سفر، لا البعيدة في القليلة، ولا حد للدرهم والدينار، فلو كان أربعة دوانق، أو ثمانية خالصا أو مغشوشا، لا درهما أسود عمل به في الزكاة والسرقة وغيرهما.
ولا تأجيل في الدية، وأنه نص أحمد فيها، والخلع فسخ مطلقا، والكفارة في كل أيمان المسلمين.
وله في ذلك قاعدة معروفة، وقال في قاعدة في الأحكام الشرعية التي تعينت بالنص مطلقا، والتي تعينت بحسب المصلحة، وينبغي أن يقال تأجيل الدية على العاقلة من هذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم3 يؤجلها، وعمر أجلها فأيهما رأى الإمام فعل، وإلا فإيجاب أحدهما لا يسوغ.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 مسائل الإمام أحمد لابن الأشعث: 25.
2 أي: بعد الشارع. أي: لا يجوز تحديد ما أطلقه الشارع عن الحد بعد إطلاقه إياه.
3 ليست في "ط".

(1/366)


وله1 في تقدير الديات وأنواعها كلام يناسب هذا، فإن حكمه عليه السلام في القضية المعينة تارة يكون عاما في أمثالها، وتارة يكون مقيدا بقيد يتعلق بالأئمة والاجتهاد، كحكمه في السلب: هل هو مطلق، أم معين في تلك الغزاة استحق بشرطه؟
ـــــــ
.............................
ـــــــ
1 أي: شيخ الإسلام ابن تيمية الذي نقل عنه.

(1/367)


فصل: و المبتدأة بدم أسود
...
فصل: والمبتدأة بدم أسود
والأصح وأحمر "و" وفي صفرة أو كدرة وجهان "م 6" تجلس برؤيته، نقله الجماعة، ويتوجه احتمال بمضي أقله،
ـــــــ
مسألة – 6: قوله: "والمبتدأة بدم أسود، والأصح وأحمر، وفي صفرة أو كدرة وجهان" انتهى، وأطلقهما الزركشي:
أحدهما: حكمه حكم الدم الأسود، وهو الصحيح، جزم به في المغني1، والشرح2، وشرح ابن رزين عند الكلام على الصفرة والكدرة، وجزم به في الفصول أيضا، واختاره القاضي.
والوجه الثاني لا تجلسه، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، وصححه المجد في شرحه، وقدمه ابن تميم، وابن حمدان وابن عبيدان، وابن عبد القوي في شرحهما، وصاحب الفائق وغيرهم.
ـــــــ
2 1/413.
2 المقنع مع الشرح الكبير والانصاف 2/449.

(1/367)


فتترك الصلاة والصوم أقل الحيض في ظاهر المذهب، ثم تغتسل، وإن انقطع لدون أقله فلا حيض ولأقله حيض.
وإن جاوز أقله اغتسلت عند انقطاعه في مدة الحيض، ولم تجلس ما جاوزه حتى يتكرر ثلاثا، فتجلس في الرابع، نص على ذلك، وقيل في الثالث، وعنه يتكرر مرتين فتجلس في الثالث، وقيل في الثاني، واختاره شيخنا، وإن كلام أحمد يقتضيه، ويصير عادة.
وتعيد واجب صوم ونحوه، نص عليه، وعنه قبل تكراره احتياطا، واختار شيخنا لا يجب إعادة.
ـــــــ
........................................

(1/368)


ويحرم وطؤها قبل تكراره، نص عليه احتياطا، وعنه يكره، ذكرها في الرعاية، وأطلق ابن الجوزي في إباحته روايتين في المستوعب وغيره، هي كمستحاضة.
وإن انقطع ففي كراهته إلى تمام أكثر الحيض روايتان "م 7" فإن عاد فكما لو لم ينقطع، وعنه لا بأس.
ولا عادة بمرة "خ" وعنه تجلس غالب الحيض، وعنه عادة نسائها، وعنه أكثره، اختاره في المغني1 "و" وقال القاضي وغيره، الروايات في المستحاضة، وإن جاوز أكثره فمستحاضة.
ـــــــ
مسألة – 7: قوله: في المبتدأة: "ويحرم وطؤها قبل تكراره2 ونص عليه... فإن انقطع ففي كراهته إلى تمام أكثر الحيض روايتان" انتهى، وأطلقهما في المغني3 ومجمع البحرين ومختصر ابن تميم بالوضع وشرح ابن عبيدان والحاويين:
إحداهما: يكره إن أمن العنت، جزم به في الإفادات، وقدمه في الرعاية الصغرى، وابن تميم في باب النفاس.
والرواية الثانية: يباح وطؤها في طهرها يوما فأكثر قبل تكراره، وهو الصحيح، قدمه في الشرح4 وشرح ابن رزين والرعاية الكبرى، واختاره المجد في شرحه، ذكره عنه ابن عبيدان في أحكام النفاس وهو الصواب.
ـــــــ
1 1/409.
2 بعدها في "ط": "و".
3 1/410.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/402.

(1/369)


وتثبت العادة بالتمييز، كثبوتها بانقطاع الدم.
ويعتبر التكرار في العادة كما سبق وفي اعتباره في التمييز خلاف يأتي، فإن لم يعتبر فهل يقدم وقت هذه العادة على التمييز بعدها؟ فيه
ـــــــ
........................................

(1/370)


وجهان. وهل يعتبر في العادة التوالي؟ فيه وجهان، قال بعضهم: وعدمه أشهر"8-9".
ـــــــ
مسألة - 8 - 9: قوله في المبتدأة المستحاضة: "وتثبت العادة بالتمييز، كثبوتها بانقطاع الدم، ويعتبر التكرار في العادة كما سبق، وفي اعتباره في التمييز خلاف يأتي فإن لم يعتبر فهل يقدم وقت هذه العادة على التمييز بعدها، فيه وجهان، وهل يعتبر في العادة التوالي فيه وجهان قال بعضهم وعدمه أشهر" انتهى. ذكر المصنف مسألتين أطلق فيهما الخلاف:
المسألة الأولى- 8: إذا لم يعتبر التكرار في التمييز فهل يقدم وقت هذه العادة على التمييز بعدها أو لا، أطلق الخلاف فيه.

(1/371)


ولو لم تعرف المبتدأة وقت ابتداء دمها فكمتحيرة ناسية كما يأتي.
ـــــــ
المسألة الثانية – 9: هل يعتبر في العادة التوالي أم لا؟ أطلق الخلاف، وأما قوله: "وفي اعتباره في التمييز خلاف يأتي1" فقد صحح المصنف هناك عدم اعتبار التكرار فقال: "ولا يعتبر تكراره في الأصح" انتهى.
إذا علم ذلك فقال في المغني2 وغيره وإذا كانت التي استمر بها الدم متميزة3 جلست التمييز فيما بعد الأشهر الثلاثة. وقال، ابن عقيل وعن أحمد أنها ترد إلى التمييز في الشهر الثاني، ولا يعتبر تكرار التمييز. وقال القاضي: لا تجلس منه إلا ما تكرر، فعلى هذا لو رأت من كل شهر خمسة أحمر، ثم خمسة أسود ثم أحمر واتصل جلست الأسود، والباقي استحاضة، ولو رأت عشرة4 أحمر ثم خمسة أسود ثم أحمر واتصل فالحكم كالتي قبلها، فإن اتصل الأسود وعبر أكثر الحيض فليس لها تمييز، وحيضها من الأسود، ولو رأت الأول أحمر كله وفي الثاني والثالث والرابع خمسة أسود ثم أحمر واتصل، وفي الخامس كله أحمر فإنها تجلس في الأشهر الثلاثة اليقين وفي الرابع الأسود، وفي الخامس تجلس خمسة أيضا، لأنها قد صارت معتادة، قال القاضي لا تجلس في الرابع إلا اليقين، إلا أن نقول بثبوت العادة بمرتين، وهذا فيه نظر فإن أكثر ما يقدر فيها أنها لا عادة لها ولا تمييز، ولو كانت كذلك لجلست ستا أو سبعا في أصح الروايات، فكذا هنا، زاد الشارح قلت فينبغي على هذا أن لا تجلس بالتمييز وإنما تجلس غالب الحيض لما ذكرنا، انتهى.
ومن لم يعتبر التكرار في التمييز فهذه مميزة، ومن قال: إن المميزة تجلس بالتمييز في الشهر الثاني قال إنها تجلس الدم الأسود في الشهر الثالث، لأنها لا تعلم أنها مميزة قبله، ولو رأت في الشهر خمسة أسود ثم صار أحمر ثم صار أسود واتصل جلست اليقين من الأشهر الثالث، والرابع لا تمييز لها فيه، فتصير فيه إلى ستة أيام، أو
ـــــــ
1 في الصفحة 379.
2 1/412.
3 في النسخ الخطية: "متميزة"، وفي "ط": "متميز"، والمثبت من "المغني" 1/412.
4 في "ط": "خمسة".

(1/372)


وإن تغيرت العادة بزيادة، أو تقدم، أو تأخر، فكدم زائد على أقل حيض المبتدأة، وأطلق ابن تميم في وجوب إعادة واجب صيام ونحوه قبل التكرار روايتين.
ـــــــ
سبعة1 في أشهر الروايات إلا أن نقول: العادة تثبت بمرتين فتجلس في الثالث والرابع خمسة خمسة. وقال القاضي، ولا تجلس في الأربعة إلا اليقين وهو بعيد، لما ذكرنا، انتهى كلامه في المغني، ومن تبعه.
والخلاف، بين صاحب المغني، والقاضي هو الخلاف الذي أطلقه المصنف وأطلقه ابن رزين في شرحه والصواب ما اختاره صاحب المغني، وتبعه الشارح. وقال ابن تميم ولا يعتبر في العادة التوالي في أحد الوجهين. وقال أيضا: ومتى بطلت دلالة التمييز فهل تجلس ما تجلسه منه، أو من أول الدم على وجهين، انتهى. وقال في الرعاية الكبرى: ولا يعتبر في العادة التوالي في الأشهر، وهو الذي عناه المصنف بقوله قال بعضهم: والصواب اشتراط التوالي، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب2.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "أيام".
2 يأتي بعدها في النسخ الخطية: مسألة – 10 – وهي التي ستأتي برقم 11 في الصفحة 381.

(1/373)


وإن ارتفع حيضها ولم يعد أو أيست قبل التكرار لم تقض، ويحتمل لزومه، كصوم النفاس المشكوك، لقلة مشقته، بخلاف صوم مستحاضة في طهر مشكوك فيه.
ولا عادة بمرة "و هـ" ولو اتصل بها بعدها تبعا لها "هـ" وعنه لا يحرم
ـــــــ
........................................

(1/374)


الوطء، وأنها لا تغتسل عند انقطاعه، وعنه تكون حيضا، اختاره جماعة "و ش". وإن انقطع دمها في عادتها طهرت، وعنه يكره الوطء، وخرجه القاضي وابن عقيل على روايتين من المبتدأة، في الانتصار هو كنقاء مدة النفاس في رواية. وفي رواية النفاس آكد، لأنه لا يتكرر، فلا مشقة.
وعنه يجب قضاء واجب صوم ونحوه إن عاد في العادة، وإن عاد فيها جلسته، وعنه إن تكرر، قال أبو بكر: وهو الغالب عن أبي عبد الله في الرواية، لأن التكرار لا يتصور في دم النفاس، وفرق القاضي وغيره
ـــــــ
........................................

(1/375)


بينهما على الأول بأن العادة تثبت بالمعاودة فهي آكد، فلم تنتقل عنها، ودم النفاس لم يثبت بالمعاودة، فهو أضعف، فانتقلت عنه بالطهر المتخلل، وعنه هو مشكوك فيه كدم نفساء عاد.
والصفرة زمن العادة حيض، وعنه وبعدها "و" إن تكرر اختاره جماعة، وشرط جماعة اتصالها بالعادة، وذكر شيخنا وجهين؛ أحدهما ليست حيضا مطلقا، وعكسه.
ومن رأت دما متفرقا يبلغ مجموعه أقل الحيض ونقاء فالنقاء طهر. وعنه أيام الدم والنقاء حيض "و هـ ش"
وقيل إن تقدم ما نقص على الأقل دم يبلغ الأقل فهو حيض تبعا له،
ـــــــ
........................................

(1/376)


وإلا فلا.
ومتى انقطع قبل بلوغ الأقل ففي وجوب الغسل إذن وجهان "م 10".
وإن جاوز أكثر الحيض فمستحاضة، كمن ترى يوما دما، ويوما نقاء، إلى ثمانية عشر، وعند القاضي كل ملفقة غير معتادة لم يتصل دمها المجاوز
ـــــــ
مسألة – 10: قوله في الملفقة: "ومتى انقطع قبل بلوغ الأقل ففي وجوب الغسل إذا وجهان" انتهى. وكذا قال المجد في شرحه، وشرح ابن عبيدان، ومجمع البحرين والحاويين:
أحدهما: يجب كما في اليوم الثاني، والثالث، وكما لو كانت أيام الدم، وأيام النقاء صحاحا، قلت: وهو الصواب، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقدمه في المغني1 والشرح2، ومختصر ابن تميم، والرعايتين، وشرح ابن رزين وغيرهم، قال الشارح: فإن كان الدم أقل من يوم مثل أن ترى نصف يوم دما، ونصفا طهرا، أو ساعة، وساعة، فقال أصحابنا هو كالأيام، يضم الدم إلى الدم، فيكون حيضا وما بينهما طهر، إذا بلغ المجموع أقل الحيض، وفيه وجه آخر، لا يكون الدم حيضا إلا أن يتقدمه دم صحيح متصل، انتهى.
والوجه الثاني: لا يجب حتى يمضي من الدم ما يكون مجموعه حيضا، إذ بذلك يتيقن وجوبه، وقبله يحتمل دوام الانقطاع، قال في الرعاية الكبرى، وهو أولى.
ـــــــ
1 1/441.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/397.

(1/377)


الأكثر بدم الأكثر فالنقاء بينهما فاصل بين الحيض والاستحاضة، وأطلق بعضهم أن الزائد استحاضة.
ـــــــ
........................................

(1/378)


فصل: المستحاضة
من جاوز دمها أكثر الحيض، فتعمل بعادتها، فإن عدمت فبتمييزها، فتجلس زمن دم أسود، أو ثخين، أو منتن، إن بلغ أقل الحيض ولم يجاوز أكثره، وذكر أبو المعالي يعتبر اللون فقط.
ـــــــ
........................................

(1/378)


وعنه لا تبطل دلالة التمييز بمجاوزة الأكثر، فتجلس الأكثر، فعلى الأول رأت أحمر ثم أسود وجاوز الأكثر جلست من الأحمر، وقيل من الأسود، لأنه أشبه بدم الحيض، ففي التكرار وجهان.
ولو رأت أحمر ستة عشر، ثم أسود بقية الشهر جلست الأسود، وقيل: ومن الأحمر أقل الحيض، لإمكان حيضة أخرى.
ولا تبطل دلالة التمييز بزيادة الدمين على شهر، ولا يعتبر تكراره
ـــــــ
تنبيه: قوله في المستحاضة: "وقيل من الأسود، لأنه أشبه بدم الحيض، ففي التكرار الوجهان"، يعني المذكورين في التمييز، هل يشترط التكرار أم لا؟ وهو قد صحح عدم الاشتراط1.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "التكرار"، والمثبت من "ط".

(1/379)


في الأصح فيهما، وعنه يقدم التمييز على العادة، اختاره الخرقي "و ش" وعنه "هـ" لا عبرة بالتمييز، وعنه "م" لا عبرة بالعادة، واختار صاحب المبهج إن اجتمعا عمل بهما، إن أمكن وإن لم يمكن سقط.
ـــــــ
........................................

(1/380)


وإن عدم التمييز وهي مبتدأة جلست غالب الحيض في ظاهر المذهب، وتجتهد في الست، والسبع، وقيل تخير، وعنه أقله، اختاره جماعة "و ش" وعنه أكثره "و هـ م" قال "م" ثم هي مستحاضة إلى انقضاء مدة الطهر، فإن انقطع قبلها ثم رأته بعد مضيها فحيض مستأنف، لأن مضي المدة الفاصلة بين الدمين توجب أن الدم الثاني حيض، وإن اتصل الدم بها بعد مضي مدة أقل الطهر: فإن كان متغيرا إلى صفة دم الحيض فحيض من تغيره، سواء تغير عند مضي أقل الطهر بلا فصل، أو بعده، وإن لم يتغير فاستحاضة حتى يوجد التغير، فلا يعتبر التمييز إلا بعد المدة كما ذكر.
وعن أحمد رواية رابعة تجلس عادة نسائها كأم وأخت، وعمة، وخالة، قال بعضهم: القربى، فالقربى، فإن اختلفت عادتهن فذكر القاضي تجلس الأقل، وذكر أبو المعالي تتحرى، وقيل: الأكثر "م 11".
فإن عدم الأقارب اعتبر الغالب، زاد بعضهم من نساء بلدها.
ـــــــ
مسألة – 11: قوله في المبتدأة المستحاضة على الرواية التي تجلس عادة نسائها: "فإن اختلفت عادتهن فذكر القاضي تجلس الأقل، وذكر أبو المعالي تتحرى، وقيل الأكثر" انتهى. قال ابن تميم وتبعه ابن عبيدان، فإن اختلفت عادة الأقارب فوجهان:
أحدهما: تجلس الأقل، والثاني: الأقل والأكثر سواء في الرجوع إليه، حكاهما القاضي انتهيا، وحكى ابن حمدان الخلاف كالمصنف، أحدهما تجلس الأقل، قاله القاضي وقدمه في الرعاية الكبرى، قلت وهو الصواب، احتياطا.
والوجه الثاني: تجلس الأكثر وفيه ضعف، والوجه الثالث التحري، اختاره أبو المعالي، قلت وهو قوي.

(1/381)


ويعتبر تكرار الاستحاضة نص عليه، وعنه لا: اختاره جماعة، فتجلس في الشهر الثاني، وإن كانت ناسية لقدر العادة، أو الوقت، أو لهما، فكذلك، إلا أن استحاضتها لا تفتقر إلى تكرار في الأصح، والمشهور فيها النقاء، رواية الأكثر، وعادة نسائها.
ومذهب "هـ" تجلس أقل الحيض بالتحري، وللشافعي قول تجلسه، لكن من أول كل شهر هلالي، ولنا الوجهان، والقول الثاني له، وهو الصحيح عند أصحابه، وهو مذهب "م" لا تحيض أصلا، بل يختلط فتصلي أبدا، تغتسل لكل صلاة، وتصوم رمضان مع الناس، فيصح لها بيقين عند أكثر1 الشافعية خمسة عشر يوما، وقال بعضهم ثلاثة عشر، إن كان ناقصا، وإلا أربعة عشر...
ولهم في قضاء الصلاة وجهان، واختلفوا في الترجيح. فتغتسل للظهر
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(1/382)


أول وقتها وتصليها فيه، ثم للعصر كذلك، ثم للمغرب كذلك، ثم تغتسل وقت المغرب غسلين للظهر والعصر وتعيدهما، ثم تغتسل للعشاء أول وقتها وتصليها فيه، ثم الفجر كذلك، ثم تغتسل غسلين للمغرب والعشاء وقت الفجر وتعيدهما، فإذا طلعت الشمس اغتسلت وقضت الفجر.
ولا تقرأ خارج الصلاة، ولا تدخل المسجد، ولا تمس المصحف، ولهم في نفل صلاة وصوم وطواف وجهان.
ويحرم وطؤها، وعند مالك لا للمشقة.
وإن نسيت وقتها خاصة جلست أول كل شهر هلالي، لخبر حمنة رضي الله عنها1، ولأنه الغالب، اختاره الأكثر ولم يفرقوا.
وقيل تجلس من تمييز لا يعتد به إن كان، لأنه أشبه بدم حيض، وقيل تتحرى، لأنه لا أثر للهلال في أمر الحيض بوجه، وذكر صاحب المحرر وغيره إن ذكرت أول الدم كمعتادة انقطع حيضها أشهرا ثم جاء الدم خامس يوم من الشهر مثلا واستمر وقد نسيت العادة فالوجهان الأخيران.
والثالث تجلس مجيء الدم من خامس كل شهر، قال: وهو ظاهر كلام أحمد "لأنه عليه الصلاة والسلام أمر حمنة ابتداء بجلوس ست أو سبع، ثم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 لعله يريد حديثها الطويل: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصيام... الحديث، وفيه: "...فصلى ثلاثاً وعشرين ليلة أو أربعاً وعشرين ليلة وأيامها..." أخرجه أبو داود "287"، والترمذي "128".

(1/383)


تصوم، وتصلي ثلاثا وعشرين، أو أربعا وعشرين، وقال: "فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن" 1.
وليس حيض النساء عند رءوس الأهلة غالبا فعلم أنه أراد الشهر العددي، وأنه أمرها بالحيض من الأول، ويكون قوله : "إذا رأيت أن قد طهرت" 1 راجعا إلى الست أو السبع، لأن دم الحيض هو الأصل، وربما انقطع الدم بعده فيفضي التأخير إلى ترك إجلاسها أصلا، ولهذا ذهب "هـ و ش" إلى أن هذه ليست بمتحيرة في أول الشهر، وحيضها فيه من غير تحر عند أبي حنيفة، ولا سلوك اليقين عند الشافعي كما قالا في غيرها.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.

(1/384)


ومتى تعذر التحري بأن يتساوى عندها الحال ولم تظن شيئا، أو تعذر الأولية عملت بالآخر، وعند الحنفية إن تعذر التحري عملت باليقين كالشافعي ولما ذكر أبو المعالي الوجهين في أول كل شهر، أو التحري قال: وهذا إذا لم تعرف ابتداء الدم، فإن عرفت فهو أول دورها وجعلناه ثلاثين يوما، لأنه الغالب قال: وإن لم تذكر ابتداء الدم لكن تذكرت أنها كانت طاهرة في وقت جعلنا ابتداء حيضها عقب ذلك الطهر.
ومتى ضاعت أيامها في مدة معينة فما عدا المدة طهر، ثم إن كانت أيامها نصف المدة فأقل فحيضها بالتحري أو من أولها، وإن زادت
ـــــــ
........................................

(1/385)


ضم الزائد إلى مثله مما1 قبله فهو حيض بيقين، وإن شئت2 أسقط الزائد على أيامها من آخر المدة، ومثله من أولها، فما بقي حيض بيقين، والشك فيما بقي.
وقال ابن حامد والقاضي في شرحهما فيمن علمت قدر العادة فقط: لم تجلس وتغتسل كلما مضى قدرها، وتقضي من رمضان بقدرها والطواف، ولا توطأ، وذكر أبو بكر رواية لا تجلس شيئا. وقال صاحب المحرر إن تعذر التحري والأولية بأن قالت حيضتي خمسة أيام في كل عشرين يوما، ولم تذكر أول الدم، ولم تظن شيئا عملت باليقين في مذهب "هـ و ش" كما سبق قال: ولا أعرف لأصحابنا فيها كلاما، وقياس المذهب لا يلزمها طريق اليقين.
وتصوم رمضان، وتقضي منه قدر حيضها خمسة أيام، وتصلي أبدا، فتغتسل في الحال غسلا، ثم عقب انقضاء قدر حيضها غسلا ثانيا،
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط": "فما".
2 في "ط": "نسيت".

(1/386)


وتتوضأ لكل صلاة فيما بينهما، وفيما بعدهما بقدر مدة طهرها إن ذكرته، وإلا جعل قدر طهرها تمام شهر، لأنه الغالب، وإذا انقضت لزمها غسلان بينهما قدر الحيضة هكذا أبدا، كلما مضى قدر الطهر اغتسلت غسلين بينهما قدر الحيضة؛ بكذا قال: والمعروف خلافه.
وما جلسته الناسية في الحيض المشكوك فيه كالحيض يقينا، وما زاد على ما تجلسه إلى الأكثر قيل: كمستحاضة، وقيل: طهر مشكوك فيه "م 12" وهو كيقين الطهر، وجزم الأزجي بمنعها مما لا يتعلق بتركه إثم
ـــــــ
مسألة1 - 12: قوله: "وما جلسته الناسية من الحيض المشكوك فيه كالحيض يقينا وما زاد على ما تجلسه إلى الأكثر قيل كمستحاضة، وقيل طهر مشكوك فيه" انتهى.
أحدهما: هو كالطهر المشكوك فيه، وهو الصحيح، اختاره القاضي، واقتصر عليه ابن تميم وجزم به في الرعاية الكبرى، قال في المستوعب: هو طهر مشكوك فيه، وحكمه حكم الطهر بيقين في جميع الأحكام، إلا في جواز وطئها، فإنها مستحاضة، قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير: والحيض والطهر مع الشك كالمتيقن فيما يحل ويحرم ويجب ويسقط. وقال في الحاوي الكبير: وإن قلنا تجلس الأقل والغالب
ـــــــ
1 هذه المسألة بكاملها ليست في النسخ الخطية، وهي من المطبوع.

(1/387)


كمس مصحف، ودخول مسجد، وقراءة خارج الصلاة، ونفل صلاة وصوم ونحوه، قال: ويحتمل وسنة صلاة راتبة، وقيل: تقضي ما صامته فيه، وقيل: ويحرم وطء فيه، وقيل به في مبتدأة استحاضت وقلنا لا تجلس الأكثر، ووجه الأول خبر حمنة1، وكالمبتدأة والمعتادة، فإن الشك قائم في حقها، ولأن الاستحاضة تطول مدتها غالبا ولا غاية لانقطاعها تنتظر، فتعظم مشقة القضاء، بخلاف النفاس المشكوك فيه، على رواية، لأنه يتكرر غالبا، بخلاف ما زاد على الأقل في المبتدأة ولم يجاوز الأكثر، وعلى عادة المعتادة لانكشاف أمره قريبا بالتكرار.
ـــــــ
فبقية زمن الشك طهر مشكوك فيه. وقال في المغني2 والشرح3 وغيرهما: حكم الحيض المشكوك فيه حكم المتيقن في ترك العبادات، وحكم الطهر المشكوك فيه حكم الطهر في وجوب العبادات، انتهى. قلت وهذا القول ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والقول الثاني: حكمهما حكم المستحاضة.
ـــــــ
1 سبق في ص 383.
2 1/407.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 3/434.

(1/388)


فصل: و تغسل المستحاضة فرجها و تعصبه
...
فصل: وتغسل المستحاضة فرجها وتعصبه،
ولا يلزمها إعادة شده، وغسل الدم لكل صلاة "و هـ" وقيل بلى "و ش" وقيل: إن خرج شيء.
وتتوضأ لوقت كل صلاة، إلا أن لا يخرج شيء، نص عليه فيمن به سلس البول وقيل: يجب ولو لم يخرج، وهو ظاهر كلام جماعة "و ش".
وتصلي ما شاءت، وعنه تبطل بدخول الوقت،
ـــــــ
...............................................

(1/388)


وعنه بخروجه،...............................................
ـــــــ
........................................

(1/389)


وعنه لا تجمع بين فرضين "و ش" أطلقها غير واحد، وهي ظاهر كلام
ـــــــ
........................................

(1/390)


المستوعب، وغيره وقيدها بعضهم بوضوء للأمر بوضوء لكل صلاة، ولخفة عذرها، فإنها لا تفطر، وتصلي قائمة بخلاف المريض، قال1 في الخلاف وغيره: تجمع بالغسل لا تختلف الرواية فيه، وفي جامعه1 الكبير تجمع وقت الثانية، وتصلي عقب طهرها، ولها التأخير، وقيل لمصلحة "و ش".
وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للفعل فيه تعين، وإن عرض هذا الانقطاع لمن عادتها الاتصال ففي بقاء طهارتها وجهان "م 13".
وعنه لا عبرة بانقطاعه، اختاره جماعة، ومثلها من به حدث دائم كرعاف، وعليه أن يحتشي، نقله الميموني وغيره، ونقله ابن هانئ لا "و ش".
ـــــــ
مسألة- 13: قوله في طهارة المستحاضة: "وإن كان لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للفعل فيه تعين، وإن عرض هذا الانقطاع لمن عادتها الاتصال، ففي بقاء طهارتها وجهان" انتهى. قال في المغني2 والشرح3: طهارتها صحيحة وفي صحة الصلاة؟: قال ابن رزين: لم تبطل الطهارة والصلاة، وقيل تبطلان. وقال المجد في شرحه وطهارتها صحيحة، وفي الصلاة وجهان:
أحدهما لا يصح وهو الصحيح عندي، انتهى. وقال ابن تميم: فطهارتها صحيحة وتجب إعادة الصلاة في أصح الوجهين، وكذا قال في مجمع البحرين، والزركشي وغيرهم فهؤلاء الأصحاب يقولون: طهارتها صحيحة، وإنما الخلاف في إعادة الصلاة، والمصنف جعل محل الخلاف في بقاء الطهارة، ومن لازمه الخلاف في الصلاة فيما يظهر، ولذلك قال في الرعاية: وإن دام الانقطاع على خلاف عادتها ففي إعادة الوضوء والصلاة وجهان، وكلام ابن رزين المتقدم يدل على ذلك. إذا علم ذلك فالصحيح إعادة الوضوء والصلاة والله أعلم.
ـــــــ
1 يعني القاضي أبا يعلى.
2 1/425.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/465.

(1/391)


ولو قدر على حبسه1 حال القيام لا حال الركوع والسجود ركع وسجد نص عليه، كالمكان النجس. ويتخرج أن يومئ، جزم به أبو المعالي لأن فوات الشرط لا بدل له، قال: ولو امتنعت القراءة أو لحقه السلس إن صلى قائما صلى قاعدا، قال: ولو كان لو قام أو قعد لم يحبسه، ولو استلقى حبسه صلى قائما، أو قاعدا، لأن المستلقي لا نظير له اختيارا.
وله وطء المستحاضة خوف العنت منها، أو منه، وقيل: وعدم الطول، ويحرم مع عدم العنت، اختاره أصحابنا، وقيل: ويكفر وعنه يكره "و ش" وعنه يباح "و هـ م".
ولها شرب دواء مباح لقطع الحيض، نص عليه. وقال القاضي: بإذن زوج كالعزل، يؤيده قول أحمد في بعض جوابه.
والزوجة تستأذن زوجها، ويتوجه يكره، وفعله ذلك بها بلا علم يتوجه
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 يعني: الحدث الدائم كالرعاف.

(1/392)


تحريمه، لإسقاط حقها مطلقا، من النسل المقصود، ويتوجه في الكافور ونحوه كقطع1 الحيض.
ويجوز شربه لإلقاء نطفة، ذكره في الوجيز. وفي أحكام النساء لابن الجوزي محرم.
وفي فنون ابن عقيل اختلف السلف في العزل، فقال قوم: هو الموءودة، لأنه يقطع النسل، فأنكر علي ذلك، وقال: إنما الموءودة بعد التارات السبع وتلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ} – إلى - {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون: 14] قال: وهذا منه فقه عظيم، وتدقيق حسن حيث سمع {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:9]. وكان يقرأ "سَأَلَت بأي ذنب قُتِلَت"2 وهو الأشبه بالحال، وأبلغ في التوبيخ، وهذا لما حلته الروح، لأن ما لم تحله الروح لا يبعث، فيؤخذ منه لا يحرم إسقاطه، وله وجه.
ويجوز لحصول الحيض، ذكره شيخنا إلا قرب رمضان لتفطره، ذكره
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط": "لقطع".
2 "البحر المحيط" 8/433، و"معجم القراءات القرآنية" للدكتور أحمد مختار عمر والدكتور عبد العال سالم مكرم 8/82 -83.

(1/393)


أبو يعلى الصغير.
ومن استمر دمها يخرج من فمها بقدر العادة في وقتها وولدت فخرجت المشيمة ودم النفاس من فمها فغايته نقض الوضوء، لأنا لا نتحققه حيضا كزائد على العادة، وكمني خرج من غير مخرجه ذكره في الفنون.
ـــــــ
........................................

(1/394)


فصل: لا حد لأقل النفاس
"و" وعنه يوم، وأكثره أربعون يوما "و هـ" وعنه ستون "و م ش" وإن جاوز أكثره وصادف عادة حيضها ولم يجاوز أكثره فحيض، وإلا فاستحاضة إن لم يتكرر.
ولا تدخل الاستحاضة في مدة النفاس "هـ ش" وأول مدته من الوضع "و" إلا أن تراه قبله بثلاثة أيام فأقل بأمارة، وعنه بيومين فنفاس، ولا تحسب من المدة نص عليه "و هـ".
ـــــــ
........................................

(1/394)


ويثبت حكمه بوضع شيء فيه خلق إنسان، نص عليه "و هـ" وعنه ومضغة "و ش" وعنه وعلقة، وقيل بأربعة أشهر، ويتوجه أنها رواية مخرجة من العدة وغيرها.
والنقاء من النفاس طهر، ويكره وطؤها، وعنه لا، وعنه يحرم "خ" وقيل، مع عدم العنت، وفرق القاضي بينه وبين دم المبتدأة إذا انقطع بأن تحريم النفاس آكد، لأن أكثره أكثر من أكثر الحيض، فجاز أن يلحقه التغليظ في الامتناع، من الوطء في الطهر.
وإن عاد الدم في الأربعين فالنقاء طهر على الأصح "هـ ش" والعائد مشكوك فيه، نقله واختاره الأكثر، كما لو لم تره ثم رأته في المدة في الأصح، تتعبد وتقضي واجب صوم ونحوه، ولا يأتيها زوجها، وفي غسلها لكل صلاة روايتان "م 14" وعنه هو نفاس "و هـ و ش" إن نقص النقاء عن طهر كامل "و م" إن عاد بعد ثلاثة أيام فأقل.
ـــــــ
مسألة- 14: قوله في النفاس: "وإن عاد النفاس في الأربعين... فالعائد مشكوك فيه نقله واختاره الأكثر، تتعبد وتقضي واجب صوم، ونحوه، ولا يأتيها زوجها وفي غسلها لكل صلاة روايتان" انتهى.
لم أر هذه المسألة بعينها في كلام من اطلعت على كلامه وقد تشبه مسألة الاستحاضة، فإن دم هذه مشكوك فيه، وكذلك تلك، والذي يظهر أن هذا الدم أقرب إلى كونه دم نفاس من دم المستحاضة، فإن الدم الذي لم يجلسها فيه وإن كان يحتمل أنه حيض، لكن احتمال عدمه أقوى، لأننا قد جعلنا لوقت جلوسها علامة في غالب أحوالها، وأيضا الدم العائد من النفساء عائد في وقته قطعا.
إذا علم ذلك فقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في وجوب غسل المستحاضة لكل صلاة، والتي عليها الأصحاب أنه لا يجب بل يستحب ولنا رواية بالوجوب فمسألتنا إن جعلناها كهذه فيكون الخلاف في الوجوب وعدمه، قلت وهو بعيد جدا

(1/395)


والنفاس كالحيض "و" وفي وطئها ما في وطء حائض نقله حرب، وقاله غير واحد.
وقيل تقرأ، ونقل ابن تواب1: تقرأ إذا انقطع الدم اختاره الخلال، والمذهب إن صارت نفساء بتعديها لم تقض، لأن وجود الدم ليس بمعصية من جهتها، فقيل للقاضي وغيره: وخوف التلف في سفر المعصية ليس معصية من جهته، فقال: إلا أنه يمكنه قطعه، والنفاس لا يمكنه كالسكر يعلق عليه حكم بسببه وهو الشرب، وإن كان حدث بغير
ـــــــ
لكون المصنف أطلق الخلاف هنا وقدم في المستحاضة الاستحباب، وعليه الأصحاب أو نقول الخلاف في الوجوب وعدمه مع قوة الخلاف من الجانبين، وليست كالمستحاضة، وهو أولى لما تقدم، فعلى هذا الصواب عدم الوجوب ويحتمل أن يكون الخلاف الذي ذكره المصنف في الاستحباب وعدمه، والله أعلم، فعلى هذا يقوى الاستحباب. فهذه أربع عشرة مسألة قد يسر الله الكريم بتصحيحها، فله الحمد والمنة على ذلك.
ـــــــ
1 تقدمت ترجمته ص 202.

(1/396)


فعله، إلا أن سببه من جهته، فهما سواء كذا قال.
وقال أيضا: السكر جعل شرعا كمعصية مستدامة يفعلها شيئا فشيئا بدليل جريان الإثم والتكليف ولأن الشرب يسكر غالبا، فأضيف إليه، كالقتل يحصل معه خروج الروح فأضيف إليه، وأجاب في الانتصار وغيره في تخليل الخمر بأن العاقل لا يخاطر بنفسه ويدخل عليها الألم ليسقط عنه الصلاة والقيام.
وإن وضعت توأمين فأول النفاس وآخره من الأول "و هـ م" فلو كان
ـــــــ
........................................

(1/397)


بينهما أربعون فلا نفاس للثاني1 في ظاهر المذهب1. نص عليه، وقيل تبدؤه بنفاس، اختاره أبو المعالي والأزجي، وقال لا يختلف المذهب فيه، وعنه أوله من الأول، وآخره من الثاني، 2 فتبدأ الثاني بنفاس2، وعنه: هما من الثاني، وعن الشافعي كالروايات.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية،والمثبت من "ط".
2 ليست في "ط".

(1/398)