الفروع و معه تصحيح الفروع

كتاب الجهاد
مدخل
*
...
كتاب الجهاد
وهو فرض كفاية على مكلف ذكر حر, فإن فرض الكفاية لا يلزم رقيقا ولو أذن له1 سيده2 صحيح, ولو أعور, واجد وفي المحرر: ولو من الإمام ما يحتاجه هو وأهله لغيبته, ومع مسافة قصر مركوبا وعنه: يلزم عاجزا ببدنه في ماله, اختاره الآجري وشيخنا كحج 3على معضوب3, وأولى. وفي المذهب قول: يلزم أعرج يقدر على المشي, وفي البلغة: يلزم أعرج يسيرا, وإذا قام به طائفة كان سنة في حق غيرهم, صرح به في الروضة, وهو معنى كلام غيره, وأن ما عدا القسمين هنا سنة,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل "سيد".
3 3في الأصل "عن مغصوب".

(10/225)


ويتوجه احتمال: يجب الجهاد باللسان, فيهجوهم1 الشاعر, قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت "اهج المشركين" رواه البخاري ومسلم وأحمد2, وله3 بإسناد صحيح أن كعبا قال له: إن الله أنزل في الشعر4 ما أنزل. فقال: "المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه, والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم به نضح النبل" . وقد روى أحمد5 عن عمار قال: شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم هجاء المشركين فقال: "اهجوهم كما6 يهجونكم" . وذكر شيخنا الأمر بالجهاد فمنه بالقلب والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والبدن فيجب بغاية ما يمكنه, والحرب خدعة:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي7 المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لعبد مرة ... بلغا من العلياء كل مكان8
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" "فيهجرهم".
2 أخرجه أحمد في المسند "18526" بهذا اللفظ وعلقه البخاري "4124" بصيغة الجزم وأخرجه البخاري "3213" ومسلم "2486" وأحمد في المسند "18650" بلفظ "هاجهم – أو اهجهم – فإن جبريل معك" من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
3 أي أحمد في المسند برقم "15785" من حديث كعب بن مالك.
4 في "ر" و"ط" "الشعراء".
5 في المسند "18314" بلفظ "قولوا لهم كما يقولون لكم".
6 في "ط" "ما".
7 في "ر" "وهو".
8 الأبيات للمتنبي في ديوانه ص "441".

(10/226)


قال وعلى الرسول1 أن يحرضهم على الجهاد, ويقاتل بهم عدوه بدعائهم ورأيهم وفعلهم, وغير ذلك مما يمكن الاستعانة به على الجهاد, ويفعل مع بر وفاجر يحفظان المسلمين, لا مخذل ونحوه. وعن أبي هريرة مرفوعا: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" مختصر من الصحيحين2.
ويقدم القوي منهما, نص على ذلك, كل عام مرة إلا لمانع بطريق, ولا يعتبر أمنها فإن وضعه على الخوف, وعنه: يجوز تأخيره لحاجة, وعنه: ومصلحة كرجاء إسلام, نقل الميموني: لو اختلفوا على رجلين لم يتعطل الغزو والحج. هذان3 بابان لا يدفعهما شيء أصلا وما يبالي من قسم الفيء أو من4 وليهما, ونقل المروذي: يجب الجهاد بلا إمام إذا صاحوا النفير, وسأله أبو داود: بلاد غلب عليها رجل 5فنزل البلاد يغزي بأهلها5, يغزو معهم؟ قال: نعم, قلت: يشتري من سبيه؟ قال: دع هذه المسألة: الغزو ليس مثل شراء السبي, الغزو دفع عن المسلمين لا يترك لشيء, فيتوجه في6 سبيه كمن غزا بلا إذن.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "الأمير" وجاء في الأصل تعد لفظة الرسول: صلى الله عليه وسلم.
2 البخاري "3062" ومسلم "111" "178".
3 في الأصل "هذا".
4 ليست في الأصل.
5 5 وردتهذه االعبارة في مسائل أبي داود ص "234" هكذا "فترك والبلاد يغزو بأهلها".
6 في "ط" "من".

(10/227)


ومن حصر1 بلده أو هو عدو أو استنفره من له استنفاره تعين عليه, ولو لم يكن أهلا لوجوبه. وفي البلغة: يتعين في موضعين: إذا التقيا, والثاني إذا نزلوا بلده إلا لحاجة حفظ أهل أو مال, والثاني من يمنعه الأمير, ويلزم العبد في أصح الوجهين, هذا في القريب, أما من على مسافة قصر فلا يلزمه إلا مع عدم الكفاية, ولو نودي بالصلاة والنفير صلى ونفر, ومع قرب العدو ينفر ويصلي راكبا أفضل, ولا ينفر في خطبة الجمعة, ولا بعد الإقامة, نص على الثلاث, ونقل أبو داود أيضا في
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "حضر".

(10/228)


الأخيرة: ينفر إن كان عليه وقت, قلت: لا يدري نفير حق أم لا؟ قال: إذا نادوا بالنفير فهو حق, قلت: إن أكثر النفير لا يكون حقا قال: ينفر يكون يعرف مجيء عدوهم كيف هو.
ومن لم ينفر على فرس حبيس عنده إبقاء عليه فلا بأس, وإن تركه لشغله بحاجة أعطاه من ينفر عليه, وإن لم يغز عليه كل غزاة ليريحه فلا بأس, قلت: يتقدم في الغارة أو يتأخر في الساقة؟ قال: ما كان أحوط, ما يصنع بالغنائم إنما يراد سلامة المسلمين.
وقال القاضي قال أبو بكر في السنن: في النفير وقت الخطبة. إذا لم يستغاثوا ولم يتيقنوا أمر العدو: لم ينفروا حتى يصلوا, قال: ولا تنفر الخيل إلا على حقيقة, ويتوجه أو خوف, للخبر1, قال: ولا ينفر على غلام آبق, لا يهلك الناس بسببه.
ولو نادى: الصلاة جامعة, لحادثة فيشاور فيها لم يتأخر أحد بلا عذر وجهاد المجاور متعين نص عليه إلا لحاجة, ومع التساوي جهاد أهل الكتاب أفضل, وفي البحر أفضل, وفي الخبر: "له أجر شهيدين"2, ذكره في رواية عبد الله, وإذا 3غزا فيه فأراد رجل أن3 يقيم بالساحل لم يجز
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 هو – والله أعلم – ما أخرجه البخاري "1834" ومسلم "1353" "445" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا هجرة ولكن جهاد ونية استنفرتم فانفروا......" الحديث.
2 أخرجه أبو داود "2493" عن أم حرام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد والغرق له أجر شهيدين" .
3 3 في "ط" "غزا فيه فأراد رجل".

(10/229)


إلا بإذن الوالي على كل المراكب, نقله أبو داود قلت: متى يتقدم الرجل بلا إذن؟ قال: إذا صار بأرض الإسلام, قلت: إنه صار وربما تعرض العلج للرجل وللحطاب1؟ قال: لا يتقدم حتى يأمن, ثم تلا {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] قلت: أذن له في أرض الخوف يتقدم له ذلك؟ قال: نعم, قد يبعث المبشر وفي الحاجة. قلت: المتسرع يقدم فيسلم عليه الرجل؟ قال: ما يعجبني أن يخطي إليه كذا في عدة نسخ ولعل المراد لا يتلقاه.
وسأله أيضا: في المركب من يتعرى ومن يغتاب الناس؟ قال: يغزو معهم 2ويأمرهم. قال أحمد: أكره الحرس بالجرس. قلت: فيحرس الرجل معهم2 ولا ينتهون؟ قال: يحرس ولا يضرب به. سئل عن رفع الصوت بالتكبير في الحرس, قال: الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان في السفر, فأما أن يكونوا في الحرس 3يريدون العدو أي عندنا عدة3 فلا بأس. قيل: يحرس راجلا أو راكبا؟ قال: ما يكون أنكى, قلت: هو حيال حصن
ـــــــ
........................................
.ـــــــ
1 في "ط" "للخطيب".
2 2 ليست في "ر".
3 3 وردت هذه العبارة في مسائل أبي داود ص "254" هكذا "يرون العدو أن عندنا عدة".

(10/230)


يحرس لا يخرج أهل الحصن. قال: هذا راكبا أفضل.
ويستحب تشييع غاز, لا تلقيه, نص عليه, لأنه هنأه بالسلامة من الشهادة ويتوجه مثله حج وأنه يقصده للسلام, ونقل عنه في حج: لا إلا إن كان قصده أو كان1 ذا علم أو هاشميا أو2 من يخاف شره. وشيع أحمد أمه3 لحج, ونقل ابناه أنه قال لهما: اكتبا اسم من سلم علينا ممن حج حتى إذا قدم سلمنا عليه. قال القاضي: جعله مقابلة, ولم يستحب أن يبدأهم. قال ابن عقيل: محمول على صيانة العلم لا على الكبر, وفي الفنون: تحسن التهنئة بالقدوم للمسافر, كالمرضى تحسن تهنئة كل منهم بسلامته. وفي نهاية أبي المعالي: تستحب زيارة القادم وأنه يحمل قول أحمد وقيل له: ألا تعود فلانا؟ قال: إنه لا يعودنا. على أنه صاحب بدعة. أو مانع زكاة, ذكره4. وفي الرعاية: أن القاضي يودع الغازي والحاج ما لم يشغله عن الحكم. وروى سعيد: حدثنا أبو معاوية حدثنا حجاج عن الحكم قال: قال ابن عباس: لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم5 من الحق لأتوهم حتى يقبلوا رواحلهم, لأنهم وفد الله في جميع الناس
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ر" و"ط".
2 بعدها في الأصل "من".
3 في "ط" "أمة".
4 بعدها في الأصل بياض بقدر كلمة.
5 في "ط" "عليه".

(10/231)


حجاج هو ابن أرطاة ضعيف مدلس. والحكم هو ابن عتيبة1, لم يلق ابن عباس.
وقال ابن عبد البر في أول الجزء الثاني من بهجة المجالس: قال عمر رضي الله عنه: لا تلقوا الحاج ولا تشيعوهم2.
وفي قصة تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك3 تهنئة من تجددت له نعمة دينية. والقيام إليه ومصافحته, وإعطاء البشير, وأما تهنئة من تجددت له نعمة دنيوية فهو4 من عرف وعادة أيضا, لكن5 الظاهر أنه محدث. قال في كتاب الهدي: هو جائز ولم يقل باستحبابه, كما ذكره في النعمة الدينية, قال: والأولى أن يقال له: ليهنئك6 ما أعطاك الله, وما من الله به عليك فإن فيه تولية النعمة ربها, والدعاء لمن نالها بالتهني بها.
وذكر الآجري استحباب تشييع الحاج ووداعه ومسألته أن يدعو له, نقل الفضل بن زياد: 7ما سمعنا7 أن يدعى للغازي إذا قفل, وأما الحاج فسمعنا "عن" ابن عمر وأبي قلابة8: وأن الناس ليدعون. وقال ابن أصرم:
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" و"ط" "عيينة".
2 لم نقف عليه.
3 القصة أخرجها البخاري "4418" ومسلم "2769" "53" من روابة ربيعو بن كعب عن أبيه.
4 بعدها في "ط" "من".
5 في "ط" "لأنه".
6 في "ط" "ليهنئك".
7 7 في "ر" "ثنا إسماعيل".
8 أثر ابن عمر أخرجه عبد الرزاق في المصنف "9266" وابن أبي شيبة في المصنق "4/108" بلفظ: كان يقول للحاج إذا قدم تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك.==...............
== وأثر أبي قلابة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف "4/108" أنه لقي رجلا رجع من العمرة فقال: بر العمل بر العمل.

(10/232)


سمعته يقول لرجل: تقبل الله حجك, وزكى عملك, ورزقنا وإياك العود إلى بيته الحرام. وفي الغنية: تقبل الله سعيك, وأعظم أجرك, وأخلف نفقتك; لأنه روي عن عمر1.
وتكفر الشهادة غير الدين. قال شيخنا: وغير مظالم العباد كقتل وظلم وزكاة وحج أخرهما وقال شيخنا: ومن اعتقد أن الحج يسقط ما وجب عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب, فإن تاب وإلا قتل, ولا يسقط حق الآدمي من دم أو مال أو عرض, بالحج "ع".
وقال الآجري بعد أن ذكر الخبر: إن الشهادة تكفر غير الدين2, قال: هذا إنما هو لمن تهاون بقضاء دينه, أما من استدان دينا وأنفقه في غير سرف ولا تبذير ثم لم يمكنه قضاؤه فإن الله يقضيه عنه, مات أو قتل.
وتكفر طهارة وصلاة ورمضان وعرفة وعاشوراء الصغائر. فقط, قال شيخنا: وكذا حج; لأن الصلاة ورمضان أعظم منه, ويتوجه وجه, ونقل المروذي: بر الوالدين كفارة للكبائر. وفي الصحيحين3 أو الصحيح: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" قال ابن هبيرة: فيه إشارة إلى أن كبار الطاعات يكفر الله ما بينهما لأنه لم يقل كفارة لصغار
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 لم أقف عليه وروي عن ابن عمر كما سبق في التخريج الذي قبله.
2 أخرجه مسلم في صحيحه "1886" "119" عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" .
3 البخاري "1773" ومسلم "1349" "437" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(10/233)


ذنوبه, بل إطلاقه يتناول الصغائر والكبائر قال: وقوله: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" 1 أي زادت قيمته فلم يقاومه شيء من الدنيا, وقوله: "فلم يرفث ولم يفسق" 2 أي أيام الحج فيرجع ولا ذنب له, وبقي حجه فاضلا له, لأن الحسنات يذهبن السيئات. والمذهب: لا تذهب, وقال في سبحان الله وبحمده: لما نزه الله تعالى عما لا يجوز له3 نزهه من خطاياه كلها التي تجوز عليه.
يقال: بررت أبي بكسر الراء أبره بضمها مع فتح الباء برا وأنا بر به بفتح الباء وبار, وجمع البر الأبرار, وجمع البار البررة. وهو الإحسان وفعل الجميل وما يسر.
قال شيخنا: من عرف أن الأعمال الظاهرة4 تعظيم قدرها بما5 في القلوب من5 الإيمان وهو متفاضل لا يعلم مقاديره إلا الله تعالى, عرف أن ما قاله الرسول حق, ولم يضرب بعضه ببعض, وقد يفعل النوع الواحد بكمال إخلاص وعبودية فيغفر له به كبائر كصاحب السجلات6, والبغي
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 هو من تمام الحديث السابق.
2 تقدم تخريجه "6/72".
3 في "ط" "عليه".
4 في "ر" "الطاهرة".
5 ليست في "ط".
6 أخرجه الترمذي في سننه "2639" عن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر علي تسعة وتسعين سجلا مثل مد يقول: أتنكر من هذا شيئا" ؟ الحديث وفيه: "فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء" .

(10/234)


التي سقت الكلب فغفر لها1 كذا قال.
ولمسلم2 من حديث عثمان "ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كله" . وعن أبي هريرة مرفوعا "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما, والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وعنه أيضا مرفوعا "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه" متفق عليهما3.
وتمام الرباط أربعون يوما, قاله الإمام أحمد, ويستحب ولو ساعة نص عليه. وقال الآجري: أقله ساعة, وهو أفضل من مقام بمكة, وذكره شيخنا "ع", والصلاة بها أفضل, نص على ذلك, قال الإمام أحمد: فأما فضل الصلاة فهذا4 شيء خاصة, فضل لهذه المساجد, قال أحمد إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما عليه الثغر, فإن الحق معهم.
وأفضله بأشدها خوفا. ويكره نقل الذرية أو5 النساء إليه, ونهى أحمد عنه, فذكر له أبو داود منعة طرسوس وغيرها, فكرهه, ونهى عنه, قلت:
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "3467" ومسلم "2245" "155" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بينما كلب يطيف بركية كا يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به" .
2 في صحيحه "228" "7".
3 الحديث الأول: تقدم ص "233" والثاني تقدم "6/72".
4 في "ر" و"ط" "هذا".
5 في "ط" "و".

(10/235)


تخاف عليه الإثم؟ قال: كيف لا أخاف وهو يعرض بذريته1 للمشركين, قيل له: فأنطاكية؟ قال: لا ينقلهم إليها فإنه قد أغير عليهم منذ سنين قريبة من الساحل, الشام كلها إذا وقعت الفتنة فليس لأهل خراسان عندهم قدر يقوله في الانتقال إليها بالعيال, قيل: فالأحاديث "إن الله تكفل لي بالشام"2 فقال: ما أكثر ما جاء فيه. قلت: فلعلها في الثغور؟ قال: إلا أن تكون الأحاديث في الثغور. وذكرت له مرة هذا أن هذا في الثغور فأنكره وقال: الأرض المقدسة أين هي؟ ولا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق, هم أهل الشام.
وقعوده عليهم أفضل, والتزويج به أسهل, نص على ذلك. ونقل حنبل: ينتقل بأهله إلى مدينة تكون معقلا للمسلمين كأنطاكية والرملة ودمشق. وقال في رواية بشر بن موسى: يستحسن أن يقال: بيت المقدس.
ومن لم تبلغه الدعوة حرم قتاله قبلها, ويجب ضرورة ويسن دعوة من بلغه, وعنه: قد بلغت الدعوة كل أحد, فإن دعا لا بأس
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في الأصل "بلدته".
2 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير "18/627" عن العرباض بن سارية رضي الله عنه في حديث طويل.

(10/236)


ومن عجز عن إظهار دينه بدار حرب يغلب فيها حكم الكفر زاد بعضهم: أو بلد بغاة أو بدعة كرفض واعتزال وطاق الهجرة لزمته, ولو في عدة بلا راحلة ولا محرم, وعلل القاضي الوجوب بتحريم الكسب عليه هناك, لاختلاط الأموال, لأخذهم من غير جهته ووضعه في غير حقه. قيل للقاضي: فيلزمه السفر إلى بلد غلبت البدع للإنكار؟ فقال: يلزمه بلا مشقة. وذكر ابن الجوزي في قوله {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] عن القاضي: إن الهجرة كانت فرضا إلى أن فتحت مكة, كذا قال. وفي عيون المسائل في الحج بمحرم: إن أمنت1 على نفسها من الفتنة في دينها لم تهاجر إلا بمحرم. وفي منتهى الغاية إذا أمكنها إظهار دينها وأمنتهم على نفسها لم يبح إلا بمحرم, كالحج, فإن لم تأمنهم جاز الخروج حتى وحدها بخلاف الحج.
وتسن لقادر. وذكر أبو الفرج: تجب عليه, وأطلق. وفي
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "إذا".

(10/237)


المستوعب: لا تسن لامرأة بلا رفقة, ولا يعيد ما صلى من لزمته, ولا يوصف العاجز عنها باستحباب. وقال ابن هبيرة في قول مجاشع بن مسعود1 السلمي للنبي صلى الله عليه وسلم عن أخيه مجالد2 يبايعك على الهجرة. فقال: "لا هجرة بعد فتح مكة ولكن أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد" 3 وللبخاري4: قلت: بايعنا على الهجرة, فقال "مضت الهجرة لأهلها". ولمسلم5 "إن الهجرة مضت لأهلها, ولكن على الإسلام والجهاد والخير" قال ابن هبيرة: إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة إلى المدينة ليعبد الله مطمئنا, فلما فتحت مكة كانت عبادة الله في كل موضع, إذ لو فسح في الهجرة بعد فتح مكة لضاقت المدينة وخلت الأرض من سكانها, كذا قال.
ولا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي, وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: 56] أن المعنى إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها6. وبه قال عطاء7. وهذا خلاف
ـــــــ
..........................................................
ـــــــ
1 هو مجاشع بن مسعود السلمي له صحبة قتل يوم الجمل سنة "36 هـ" تهذيب الكمال "7/34".
2 هو أبو معبد مجالد بن مسعود السلمي له صحبة قتل يوم الجمل "36 هـ" تهذيب الكمال "7/36".
3 أخرجه البخاري "4305" و"4306" ومسلم "1863" "84".
4 في صحيحه "2962" و"2963" من حديث مجاشع رضي الله عنه.
5 في صحيحه "1863" "83" من حديث مجاشع رضي الله عنه.
6 لم أفق عليه عن ابن عباس مسندا وإنما وجدناه من قول سعيد ين جبير أخرجه عبد الرزاق في تفسيره "2/2/99" والطبري في تفسيره "21/9" وابن أبي حاتم في تفسيره "17397".
7 أخرجه الطبري في تفسيره "21/9" وابن أبي حاتم في تفسيره "17398".

(10/238)


ظاهر1 صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده"2 الحديث وعلى هذا العمل.
ويحرم بلا إذن والد مسلم, قال أحمد فيمن له أم: انظر سرورها, فإن أذنت من غير أن يكون في قلبها وإلا فلا تغز. وفي الحرية وجهان "م 1" لا جد وجدة ذكره الأصحاب ولا تحضرني الآن عن أحمد ويتوجه تخريج واحتمال في الجد أبي الأب, وقد قال ابن حزم: اتفقوا أن بر الوالدين فرض واتفقوا أن بر الجد فرض. وإن تعين وفي الروضة: أو كان فرض كفاية فلا إذن.
ولا غريم لا وفاء له. وفي الرعاية وجه: لا يستأذن مع تأجيله, قال
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: "وفي الحرية وجهان", انتهى. وأطلقهما في الكافي3 والبلغة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم, وظاهر المغني4 والشرح5 إطلاق الخلاف أيضا.
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "49" "78" من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
2 ليست في "ط".
3 "5/457".
4 "13/26".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

(10/239)


أحمد: يجب عليه أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه, قيل له: فكل1 العلم يقيم به دينه, قال: الفرض الذي يجب عليه في نفسه صلاته وصيامه ونحو ذلك, وهذا خاصة يطلبه بلا إذن, نص عليه. ونقل ابن هانئ فيمن لا يأذن له أبواه: يطلب منه بقدر ما ينفعه, العلم لا يعدله شيء. وفي الرعاية: من لزمه التعلم, وقيل: أو كان فرض كفاية, وقيل: أو نفلا ولا يحصل ببلده فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه.
ويحرم بلا إذن إمام إلا لحاجة, نص عليه2. وفي المغني وفرصة يخاف فوتها, وفي الروضة اختلفت الرواية عن أحمد فيه, فعنه: لا يجوز, وعنه جوازه بكل حال ظاهرا وخفية وعصبة وآحادا وجيشا وسرية, وفي الخلاف في الجمعة بغير سلطان: الغزو لا يجوز أن يقيمه كل واحد على الانفراد, ولا دخول دار حرب بلا إذن إمام ولهم إذا كانوا منعة فعله ودخولها بلا إذنه, ومن أخذ ما يستعين به في غزاة معينة فالفاضل له, وإلا في الغزو.
وإن أخذ دابة غير عارية أو3 حبيس لغزوه4 عليها ملكها به, نقله
ـــــــ
"أحدهما": لا يجب استئذان من أحد أبويه غير حر في الجهاد, وهو احتمال في المغني5 والشرح6 وهو الصحيح, وبه قطع في المحرر والنظم والمنور وغيرهم.
ـــــــ
1 في الأصل "وكل".
2 بعدها في "ر" و"ط" "وفي المغني".
3 في "ر" و"ط" "و".
4 في "ط" "لغزوة".
5 "13/26".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

(10/240)


الجماعة ومثلها سلاح وغيره, نص عليه, وعنه الوقف, قيل لأحمد: الرجل يحمل ويعطي نفقة يخلف شيئا؟ قال: لا فإذا غزا فهو ملكه, واحتج بخبر عمر1, قال: ولا يحل له بالنفير. ونقل ابن الحكم: لا يعطي أهله إلا أن يصير إلى رأس مغزاه, ونقل الميموني عن قول ابن عمر: إذا بلغت وادي القرى2 فهو كمالك3, قال: إذا بلغه كما قال ابن عمر بعث4 لأهله نفقة, وقيل: ملكه لا يتخذ منه سفرة ولا يطعم أحدا ولا يعيره ولا أهله, نص عليه: نقل ابن هانئ لا يغزو على ما ليس له, ولا يسأل أحدا إلا عن غير مسألة ولا إشراف5 نفس, وقيل له في رواية أبي داود المسألة في الحملان؟ فقال: أكره المسألة في كل شيء.
ـــــــ
"والوجه الثاني": الأبوان الرقيقان في الاستئذان كالحرين, وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الهداية والخلاصة والمقنع6 وغيرهم, وقدمه ابن رزين في شرحه والزركشي. وقال في الرعاية الكبرى: ومن أحد أبويه مسلم وقيل أو رقيق لم يتطوع بلا إذنه, ومع رقهما فيه وجهان, فقدم إذا كان أحدهما رقيقا جواز التطوع, وأطلق فيما إذا كانا رقيقين الخلاف
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "2971" ومسلم "1621" "3" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع فأراد أن يبتاعه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تبتعه ولا تعد في صدقتك" .
2 وادي القرى: بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى معجم البلدان "4/878".
3 أخرجه سعيد بن منصور في السنن "2/140".
4 في "ط" "بعثه".
5 في الأصل "إسراف".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

(10/241)


ويحرم فرار مسلمين ولو ظنوا التلف من مثليهم لغير تحريف لقتال أو تحيز إلى فئة ولو بعدت, ويجوز مع الزيادة وهو أولى, مع ظن التلف بتركه, وأطلق ابن عقيل في النسخ استحباب الثبات للزائد, وقد روى الإمام أحمد1: حدثنا أبو اليمان أنبأنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن معاذ قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال "لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت, ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك2, ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا, فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله, ولا تشربن خمرا, فإنه رأس كل فاحشة, وإياك والمعصية, فإن المعصية تحل سخط الله, وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس, وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت, وأنفق على عيالك من طولك, ولا ترفع عنهم عصاك أدبا, وأخفهم في الله" إسماعيل عن الحمصيين حجة عند أحمد والأكثر وعبد الرحمن لم يدرك معاذا.
وإن ظن الظفر بالثبات ثبتوا, وقيل: لزوما, وإن ظن الهلاك فيهما
ـــــــ
1 في المسند "22075".
2 في الأصل "ملكك".

(10/242)


قاتلوا, وعنه: لزوما, قال أحمد: ما يعجبني أن يستأسر1. وقال: فليقاتل أحب إلي, الأسر شديد, وقال عمار يقول: من استأسر برئت منه الذمة2. فلهذا3 قال الآجري: يأثم وأنه قول أحمد, قال أحمد: وإذا أرادوا ضرب عنقه لا يمد رقبته ولا يعين على نفسه بشيء, فلا يعطيهم سيفه ليقتل به ويقول لأنه أقطع. ولا يقول: ابدءوا بي, ولو أسر هو وابنه لم يقل قدموا ابني بين يدي. ويصبر, قال: ويقاتل, ولو أعطوه الأمان, قد لا يقون4, وقيل له: إذا أسر أله أن يقاتلهم؟ قال: إذا علم أنه يقوى بهم, قال: ولو حمل على العدو وهو يعلم أنه لا ينجو لم يعن على قتل نفسه, وقيل له: يحمل الرجل على مائة؟ قال: إذا كان مع فرسان, وذكر شيخنا يستحب انغماسه لمنفعة المسلمين وإلا نهى عنه, وهو من التهلكة. وفي المنتخب: لا يلزم ثبات واحد لاثنين على الانفراد. وفي عيون المسائل والنصيحة ونهاية أبي المعالي والطريق الأقرب والموجز وغيرها: يلزم ونقله الأثرم وأبو طالب.
وإن اشتعل مركبهم نارا فعلوا5 ما رأوا السلامة فيه 6وإلا خيروا, كظن السلامة6 في المقام والوقوع في الماء ظنا متساويا, وعنه: يلزم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" "يساسروا".
2 لم أقف عليه.
3 في الأصل "فلذا".
4 في الأصل "لا يفوت".
5 في الأصل "عملوا".
6 6 ليست في "ر".

(10/243)


المقام نصره القاضي وأصحابه. وذكر ابن عقيل رواية وصححها: يحرم. وقال شيخنا: جهاد الدافع للكفار يتعين على كل أحد, ويحرم فيه الفرار من مثليهم; لأنه جهاد ضرورة لا اختيار, وثبتوا يوم أحد والأحزاب وجوبا, وكذا لما قدم التتار1 دمشق.
عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعا "لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية, فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" متفق عليه2.
وذكر ابن عبد البر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال في كتابه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه: احرص على الموت توهب لك الحياة3. وأخذه الشاعر فقال4:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ومن هذا قول الخنساء5:
يهين النفوس وهون النفوس ... عند الكريهة أوقى لها
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "التتر".
2 البخاري "3025" ومسلم "1742" "20".
3 ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار "1/125" ونسبه إلى يزيد بن مهلب.
كما ذكره المرزوقي في ديوان الحماسة "1/197" ونسبه إلى الحصين بن حمام المري.
4 ديوانها ص "121".
5 ليست في "ق".

(10/244)


وقال عمر بن الخطاب: الجرأة والجبن غرائز يضعهما الله حيث يشاء. فالجبان يفر عن أهله وولده, والجريء يقاتل عمن لا يئوب به إلى رحله1, قال الشاعر2:
يفر جبان القوم عن عرس3 نفسه ... ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
ويرزق معروف الجواد عدوه ... ويحرم معروف البخيل أقاربه
وقال4 آخر5:
وخارج أخرجه حب الطمع ... فر من الموت وفي الموت وقع
من كان يهوى أهله فلا رجع
وكان معاوية يتمثل بهذين البيتين:
أكان الجبان يرى أنه ... سيقتل قبل انقضاء الأجل
وقد تدرك الحادثات الجبان ... ويسلم منها الشجاع البطل6
ومن أشعار الجبناء7:
أضحت تشجعني هند وقد علمت ... أن الشجاعة مقرون بها العطب
ـــــــ
..........................................................
ـــــــ
1 أخرجه مالك في الموطأ "2/364" وأخرجه بنحوه سعيد بن منصور في السنن "2/208" والبيهقي في السنن الكبرى "9/170 – 171".
2 ذكره في عيون الأخبار "1/72" والعقد الفريد "1/139" ولم ينسباه.
3 العرس: امرأة الرجل القاموس "عرس".
4 في "ط" "قول".
5 ذكره في عيون الأخبار "1/183" وعزاه إلى فارس في جيش شيبة الخارجي ولم يسمه.
6 أورد البيتين المبرد في الكامل "3/1359" وعزاهما إلى معاوية رضي الله عنه.
7 ذكرها ابن قتيبة في عيون الأخبار "1/164" والمرزوقي في حماسة "2/778" ولم ينسباه.

(10/245)


للحرب قوم أضل الله سعيهم ... إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا
ولست منهم ولا أبغي فعالهم ... لا القتل يعجبني منها ولا السلب
لا والذي جعل الفردوس جنته ... ما يشتهي الموت عندي من له أرب
وقال أيضا:
إني أضن بنفسي أن أجود بها ... والجود بالنفس أقصى غاية السرف
ما أبعد القتل من نفس الجبان وما ... أحله بالفتي الحامي عن الشرف1.
ـــــــ
1 في "ر" "الشرف".

(10/246)


فصل: يلزم كل أحد إخلاص النية لله عز وجل في الطاعات
وأن يجتهد في ذلك, ويستحب أن يدعوا سرا. قال أبو داود: "باب ما يدعى عند اللقاء" ثم روى بإسناد جيد عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: "اللهم أنت عضدي ونصيري, بك أحول, وبك أصول, وبك أقاتل" ورواه النسائي والترمذي2 وقال حسن غريب.
قال ابن الأنباري: الحول معناه في كلام العرب الحيلة, يقال: ما للرجل حول, وما له محالة, قال: ومنه لا حول ولا قوة إلا بالله, أي لا حيلة في دفع سوء ولا قوة في درك خير إلا بالله, وفيه وجه آخر وهو أن يكون معناه المنع والدفع, من قولك حال بين الشيئين إذا منع أحدهما من الآخر, يقول: لا أمنع ولا أدفع إلا بك, وكان غير واحد منهم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
2 أبو داود "2632" والترمذي "3584" والنسائي في عمل اليوم والليلة "604".

(10/246)


شيخنا يقول هذا عند قصد مجلس علم.
ويلزم الإمام وقيل: يستحب تعاهد خيل ورجال, فيمنع ما لا يصلح لحرب كمخذل يفند عن الغزو, ومرجف يحدث بقوة الكفار وضعفنا, ومكاتب بأخبارنا ورام بيننا, ومعروف بنفاق وزندقة, وصبي, ذكره جماعة. وفي المغني1 والكافي2 والبلغة وغيرها: طفل ونساء إلا عجوزا لمصلحة, قال بعضهم3: وامرأة للأمير لحاجته, بفعل النبي4 صلى الله عليه وسلم, وظاهر كلامهم في مخذل ونحوه ولا لضرورة, وذكر بعضهم: بلى.
ويحرم, ويتوجه: يكره أن يستعين بكافر إلا لضرورة, وذكر جماعة: لحاجة, وعنه: يجوز مع حسن رأي فينا, زاد جماعة وجزم به في المحرر: وقوته بهم و5بالعدو وفي الواضح روايتان: الجواز وعدمه بلا ضرورة, وبناهما على الإسهام له: كذا قال. وفي البلغة: يحرم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 "13/35".
2 "5/472".
3 ليست في "ر".
4 أخرجه البخاري في صحيحه "2879" ومسلم "2770" "56" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين نسائه فأيتهن يخرج سهمها خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أنزل الحجاب.
5 ليست في الأصل و"ط".

(10/247)


إلا لحاجة بحسن الظن. قال: وقيل: إلا لضرورة, وأطلق أبو الحسين وغيره أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون, وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتبة, وسأله أبو طالب عن مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء, وأخذ القاضي منه أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة, فدل أن المسألة على روايتين, والأولى المنع واختاره شيخنا وغيره أيضا, لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها, فهو أولى من مسألة الجهاد. وقال شيخنا: من تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده; لأنه من الصغار. وفي الرعاية: يكره إلا ضرورة.
ويحرم بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين, لأن فيه أعظم الضرر, و1لأنهم دعاة واليهود والنصارى لا يدعون إلى أديانهم, نص على ذلك, وعنه في اليهود والنصارى: لا يغتر بهم, فلا بأس فيما لا يسلطون فيه على المسلمين حتى يكونوا تحت أيديهم. قد استعان بهم السلف, وظاهر كلام الأصحاب في أهل البدع والأهواء خلاف نص الإمام أحمد.
ونحرم إعانتهم على عدوهم إلا خوفا وتوقف أحمد في أسير لم يشرطوا إطلاقه ولم يخفهم, ونقل أبو طالب: لا يقاتل معهم بدونه.
ويرفق بسيرهم, نقل ابن منصور: أكره السير الشديد إلا لأمر يحدث,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".

(10/248)


ويعد لهم الزاد, ويحدثهم بأسباب النصر ويتخير منازلهم, ويتبع مكامنها, ويأخذ بعيون خبر1 عدو ويشاور ذا رأي, ويجعل لهم عرفاء وشعارا, ويستحب ألوية بيض والعصائب في الحرب, لأن الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها, نقله حنبل. ولأحمد2 عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه.
ونادى بعض الصحابة3 في اليمامة وغيرها: يا لفلان, ولما كسع مهاجري أنصاريا, أي ضرب دبره وعجيزته بشيء, قال الأنصاري, يا للأنصار. وقال المهاجري: يا للمهاجرين بفتح اللام للاستغاثة وبفصل اللام ووصلها فقال عليه السلام: "ما بال دعوى الجاهلية, دعوها فإنها منتنة" فقال عبد الله بن أبي قد فعلوها, والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, فقال عمر دعني أضرب عنقه قال: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه متفق عليه من حديث جابر4.
ويتوجه منه جواز القتل, وتركه لمعارض, ويوافقه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73] ويتوجه احتمال أن العفو كان ما لم يظهروا نفاقهم وتقدم كلام ابن الجوزي وشيخنا في إرث أهل الملل5.
ـــــــ
..........................................................
ـــــــ
1 في "ر" "أخبار".
2 في المسند "18316".
3 ذكر الطبري في تاريخه "3/293" أن سيدنا خالد رضي الله عنه برز ونادى بشعارهم وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه.
4 البخاري "3518" ومسلم "2584" "63".
5 "8/67".

(10/249)


وقال ابن حامد: فإن قيل: تركه عليه السلام إقامة الحدود على المنافقين لأي معنى؟ قلنا1: ظاهر المذهب أنه فعل ذلك بأمر الله, غير أنه ما ترك بيانهم, وقد كان تركه الحد لأن فيهم منفعة وقوة للمسلمين.
فهذه 2ثلاثة أقوال لنا. وذكر منها القاضي عياض عقب الخبر3 المذكور في2 باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما. وقال أيضا: ما رواه مسلم4 عن جابر أن رجلا بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي الناس فقال: يا محمد اعدل, فقال: "ويلك, ومن يعدل إذ لم أكن أعدل" ؟. فقال عمر: يا رسول الله دعني فأقتل هذا المنافق, فقال: "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي" . قال: هذه هي العلة, ولمسلم5 أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم القود,. ولأحمد6 عن أبي بن كعب مرفوعا: "إذا سمعتم من يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا" , وإن أبيا قاله لرجل.
ويجعل في كل جنبة كفوا, ويصفهم ويمنعهم الفساد والتشاغل بتجارة, ويعد الصابر7 بالأجر ولا يميل مع ذي قرابة أو مذهب, قيل لأحمد في
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "قيل".
2 2 ليست في "ر".
3 تقدم في ص "250".
4 في صحيحه "1063" "142".
5 في صحيحه "2584" "64" من حديث جابر رضي الله عنه.
6 في المسند "21233".
7 في "ط" "الصابرين".

(10/250)


الآبق لا يعلم طريقه: ينفر له الأمير خيلا؟ قال: لا, لعلهم أن يعطبوا, ويلزمهم الصبر والنصح والطاعة, فلو أمرهم بالصلاة جماعة وقت لقاء العدو فأبوا عصوا, قال الآجري: لا نعلم فيه خلافا بين المسلمين. قال أحمد: ولو قال: من عنده1 من رقيق الروم فليأت به السبي: ينبغي أن ينتهوا إلى ما يأمرهم, قال ابن مسعود: الخلاف2 شر, ذكره ابن عبد البر, وقال: كان يقال: لا خير مع الخلاف ولا شر مع الائتلاف. وفي الصحيحين3 عن ابن أبي أوفى مرفوعا "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا" وترجم عليه أبو داود بكراهة تمني لقاء العدو, وظاهر النهي التحريم, نقل أبو داود: إذا جاء الخلاف جاء الخذلان. ونقل المروذي: لا يخالفوه يتشعب4 أمرهم, فإن كان يقول: سيروا وقت كذا ويدفع قبله دفعوا معه نص عليه, قال أحمد: الساقة يضاعف لهم الأجر, إنما يخرج فيهم أهل قوة وثبات.
ويحرم إحداث شيء كاحتطاب ونحوه وتعجيل, ولا ينبغي أن يأذن إذا علم موضع مخوف, قاله الإمام أحمد ومبارزة بلا إذنه, وينبغي للإمام أن يحللهم, نص على ذلك......................................
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ر" و"ط" "من".
2 أخرجه أبو داود "1960" في قصة صلاته مع عثمان رضي الله عنه بمنى الطهران أربعا أربعا.
3 تقدم تخريجه ص "244".
4 في "ط" "يتشعب".

(10/251)


وفي الفصول: يجوز بإذنه لمبارزة الشباب الأنصاريين يوم بدر لما طلبها عتبة يوم بدر بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ذلك1, وحكى الخطابي عن أحمد وغيره2 أنهم كرهوا ذلك بلا إذنه.
وإن طلبها كافر وفي البلغة: مطلقا سن للشجاع مبارزته بإذنه. وفي الفصول في اللباس أنها هل تستحب للشجاع ابتداء لما فيه من كسر قلوب المشركين أم يكره لئلا ينكسر فتضعف قلوب المسلمين؟ فيه احتمالان, قال: قال أحمد: يكون ذلك بإذن الإمام فإن شرط أو كان العادة أن يقاتله خصمه فقط لزم, فإن انهزم أحدهما وفي غير البلغة أو أثخن فلكل مسلم الدفع والرمي. قال أحمد ويكره التلثم في القتال, وعلى أنفه, وله لبس علامة, كريش نعام, وعنه: يستحب لشجاع وأنه يكره لغيره, جزم به في الفصول.
ويجوز تبييت عدو ولو مات به صبي وامرأة لم يردهما, ورميهم بمنجنيق نص على ذلك وقطع ماء وسابلة,...........................
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "3968" ومسلم "3033" "34" من حديث أبي ذر وانظر فتح الباري ""7/298".
2 في الأصل "وغيرهم".

(10/252)


لا حرق نحل وتغريقه, وفي أخذ كل شهده بحيث لا يترك للنحل شيء روايتان "م 2" ويجوز عقر دابة لحاجة أكل.
وعنه: ولأكل في غير دواب قتالهم, جزم به بعضهم, وذكره في المغني1 إجماعا في دجاج وطير.
واختار إتلاف دواب قتالهم ولا يدعها لهم, ذكره في المستوعب, وعكسه أشهر.
وفي البلغة: يجوز قتل2 ما قاتلوا عليه في تلك الحالة, ولو أخذناه حرم قتله إلا لأكل وإن تعذر حمل متاع فترك3 ولم يسترى فللأمير أخذه لنفسه وإحراقه, نص عليهما وإلا حرم, إذ4 ما جاز اغتنامه حرم إتلافه وإلا جاز إتلاف غير حيوان.
قال في البلغة: ولو غنمناه5 ثم عجزنا عن نقله إلى دارنا, فقال
ـــــــ
مسألة 2" قوله: لا حرق6 نحل وتغريقه, وفي أخذ كل شهده بحيث لا يترك للنحل شيء روايتان, انتهى. وأطلقهما في المغني7 والبلغة والشرح8.
"أحدهما" يجوز, قدمه في الرعايتين والحاويين وصححه في النظم.
ـــــــ
1 "13/144".
2 في "ر" "قيل".
3 في "ر" "فنزل"
4 في "ط" "إذا".
5 في "ط" "غنمناه".
6 في النسخ الخطية و"ط" "لا أخذ" والمثبت من عبارة الفروع.
7 "13/142".
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/56".

(10/253)


الأمير: من أخذ شيئا1 فله, فهو لآخذه, وكذا إن لم يقل, في أكثر الروايات. وعنه: غنيمة, ويجب إتلاف كتبهم المبدلة, ذكره في البلغة. ولنا حرق شجرهم وزرعهم وقطعه بلا ضرر ولا نفع, وعنه: إن تعذر قتلهم بدونه أو فعلوه بنا وإلا حرم, نقله واختاره الأكثر.
وفي الوسيلة: لا يحرق ولا بهيمه, إلا أن يفعلوه بنا. قال أحمد: لأنهم يكافئون على فعلهم, وكذا تغريقهم ورميهم بنار, وهدم عامر قيل هو كذلك, وقيل: يجوز "م 3" قال أحمد: لا يعجبني يلقى في
ـــــــ
"والرواية الثانية": لا يجوز, وما هو ببعيد بلى2 هو قوي.
"مسألة 3" قوله: "وكذا تغريقهم ورميهم بنار وهدم عامر, قيل: هو كذلك, وقيل: يجوز", انتهى.
يعني أن تغريقهم ورميهم بالنار وهدم عامرهم هل هو كقطع الشجر والزرع ونحوهما أم تجوز هنا؟ فيه طريقان:
"أحدهما": أنه كذلك, وهو الصحيح, جزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم.
"والطريق الثاني": الجواز هنا, وجزم في المغني4 والشرح5 بالجواز إذا عجزوا عن أخذه بغير ذلك, وإلا لم تجز
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط" "بلى".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/62".
4 "13/139".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/65".

(10/254)


نهرهم سم, لعله يشرب منه مسلم.
ويحرم قتل صبي وامرأة, سأله1 أبو داود: المطمورة2 فيها النساء والصبيان يسألهم الخروج فيأبون, يدخن عليهم؟ فكرهه ولم يصرح بالنهي.
ويحرم قتل3 راهب, وقال جماعة لا يخالط الناس, وشيخ فان وزمن وأعمى. وفي المغني4: وعبد وفلاح, وفي الإرشاد5: وحبر إلا لرأي أو قتال أو تحريض. وفي المغني6: المرأة إن تكشفت للمسلمين أو شتمتهم رميت, وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب: لا.
ويتوجه عليه غيرها, قيل لأحمد: الراهب يقتل إن خافوا يدل عليهم؟ قال: لا, وما علمهم بذلك؟ فإن علموا حل دمه. وقال7 أيضا: إن خافوا ذهبوا به. ونقل المروذي: لا يقتل معتوه8 مثله لا يقاتل, فإن تترسوا بهم رميناهم بقصد
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "سئل".
2 مر معناها.
3 بعدها في "ر" "صبي وامرأة و".
4 "13/179 – 180".
5 ص "397".
6 "13/141".
7 في "ط" "وقالا".
8 بعدها في "ر" "و".

(10/255)


الكفار إن خيف علينا فقط, نص عليه, وقيل: وحال الحرب وإلا حرم, وإذا لم يحرم جاز, وإن قتل المسلم كفر, وفي الدية الروايتان. وفي عيون المسائل: يجب الرمي ويكفر ولا دية, قال أحمد: وإن قالوا ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم فليرحلوا عنهم.

(10/256)


فصل: ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله
إن أمكنه أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره, 1وعنه التوقف1 في المريض, وفيه وجهان "م 4" ونقل أبو طالب: لا يخليه ولا يقتله, ويحرم قتل أسير غيره, ولا شيء عليه, نص عليه. واختار الآجري لرجل قتله للمصلحة, كقتل بلال أمية بن خلف أسير عبد الرحمن بن عوف أعانه عليه الأنصار2,
ـــــــ
مسألة 4" قوله: "ومن أسر أسيرا حرم على الأصح3 قتله إن أمكن أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره, و1عنه الوقف1 في المريض, وفيه وجهان" انتهى.
اعلم أن الأسير إذا عجز عن الذهاب لمرض ونحوه فالصحيح من المذهب أنه يقتله, اختاره الشيخ في المغني4, والشارح وابن رزين وغيرهم, وصححه في الخلاصة وغيره, وهو ظاهر ما قطع به في المقنع5 والوجيز وغيرهما, وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم, وعنه التوقف فيه,
ـــــــ
1 1 في "ط" "وعنها لتوقف".
2 أخرجه البخاري في صحيحه "2301" من حديث عبد الرحمنبن عوف رضي الله عنه.
3 ليست في "ط".
4 "13/51".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/77".

(10/256)


وقال: من قتل أسيرا فلا شيء عليه, وإن قتل امرأة أو صبيا عاقبه الأمير وغرم ثمنه غنيمة. وقال أبو داود1: "باب الأسير ينال منه ويضرب" ثم روى حديث أنس: لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى بدر, فإذا هو بروايا2 قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج, فأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يسألونه: أين أبو سفيان؟ فيقول: والله ما لي بشيء من أمره علم, ولكن هذه قريش قد جاءت, فإذا قال لهم ذلك ضربوه, وذكر الحديث, وهو صحيح. قال الخطابي: فيه جواز ضرب الأسير الكافر إذا كان في ضربه طائل.
ويختار الإمام الأصلح3 لنا لزوما كولي اليتيم. وفي الروضة: ندبا في أسرى مقاتلة أحرار من قبل واسترقاق ومن وفداء, نص عليه, بخلاف رد سلاح, وبخلاف مال بلا رضى غانم, لأنه لا مصلحة فيه بحال, فما فعله تعين, وإن تردد نظره فالقتل أولى, واختار شيخنا للإمام عمل
ـــــــ
واقتصر عليها في الفصول, وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب.
"تنبيهان":
"الأول" الذي يظهر أن في كلام المصنف هنا نقصا بعد قوله "بضربه أو غيره" وتقديره, "وإن لم يمكنه لامتناع مرض أو غيره قتله", وبهذا صرح الأصحاب وهو واضح.
"الثاني" قوله "وعنه الوقف في المريض وفيه وجهان" ظاهره أن في المريض وجهين: القتل, وتركه, والأصحاب قد صرحوا أن فيه روايتين, وصححوا القتل,
ـــــــ
1 في سننه "2681".
2 جمع رواية وهو البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه مختار الصحاح "روي".
3 في "ط" "الأصح".

(10/257)


المصلحة في مال وغيره كعمل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة1, واختار أبو بكر أنه لا يسترق من عليه ولاء مسلم, بخلاف ولده الحربي, لبقاء نسبه, وقيل: أو ولاء لذمي.
ولا يبطل استرقاق حقا لمسلم, قاله ابن عقيل, قال في الانتصار لا عمل لسبي إلا في مال, فلا يسقط حق قود له أو عليه, وفي سقوط دين من2 ذمته لضعفها برقه كذمة مريض احتمالان. وفي البلغة: يتبع به بعد عتقه إلا أن يغنم بعد إرقاقه فيقضي منه دينه, فيكون رقه كموته, وعليه يخرج حلوله برقه, وإن غنما معا فهما لغانم ودينه في ذمته, وقيل. إن زنى مسلم بحربية وأحبلها ثم سبيت لم تسترق, كحملها منه, وفي استرقاق من لا تقبل منه جزية3 روايتان "م 5" وفيهم
ـــــــ
فيحتمل أن قوله "وفيه وجهان" عائد إلى الوقف, يعني في توقف أحمد وجهان للأصحاب, وهذا صحيح, لكن كون هذا مراده هنا فيه بعد, ويحتمل أن يكون هنا نقص أيضا وتقديره "وقيل فيه وجهان" فالنقص قيل, ويقوي هذا قوله في الرعاية الكبرى, "وعنه: الوقف فيه" وقيل: يحتمل وجهين: "تركه وقتله", انتهى, فيكون فيه طريقان 4وهذا أولى4 فيما يظهر, والله أعلم.
مسألة 5" قوله: وفي استرقاق من "لا تقبل منه جزية روايتان" انتهى.
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في سننه "9/118" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: "ما تقولون وما تظنون" قالوا: نقول: ابن أخ وابن عم حليم رحيم قال: وقالوا ذلك ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقول كما قال يوسف {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} " [يوسف92] قال فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام.
2 بعدها في "ط" "في".
3 في الأصل "حرية.
4 4 ليست في "ط".

(10/258)


قال الخرقي: لا يقبل إلا الإسلام أو السيف, قال في الواضح: يدل على عدم مفاداة ومن كمرتد, وزاد في الإيضاح: أو الفداء
ـــــــ
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمغني1 والمقنع2 والبلغة والمحرر والشرح2 والرعايتين والحاويين وغيرهم.
"إحداهما": يجوز استرقاقهم, نص عليه في رواية محمد بن الحكم, قال الزركشي: وهو الصواب, وإليه ميل الشيخ وجزم به في الوجيز وغيره, وقدمه في الخلاصة وغيره.
"والرواية الثانية": لا يجوز استرقاقهم اختاره الخرقي والشريف أبو جعفر وابن عقيل في التذكرة والشيرازي في الإيضاح, وقدمه الشيخ في المغني3, وابن رزين في شرحه, قال في البلغة: هذا أصح. وجزم به ناظم المفردات.
"تنبيهان"4
"الأول" قوله بعد ذلك "وفيهم قال الخرقي. لا يقبل إلا الإسلام أو السيف وزاد في الإيضاح: أو الفداء", انتهى.
ـــــــ
1 "13/47".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/80".
3 "13/47".
4 في "ص" "تنبيه".

(10/259)


وفي الموجز رواية كالخرقي وصححه ورواية: يخير. وفي الانتصار رواية: يجبر المجوسي على الإسلام.
وإن شهد الفداء فقد1 شهد خيرا كثيرا, ونقل أبو داود: يشهده أحب إلي من الحج, فإن أسلموا امتنع القتل فقط, وجاز الفداء ليتخلص به من الرق, ولا يجوز رده إلى الكفار, أطلقه بعضهم. وذكر الشيخ إلا أن تمنعه عشيرة ونحوها, ونصه: تعيين رقهم وإن بذلوا الجزية قبلت. ولم تسترق زوجة وولد بالغ.
ـــــــ
الذي في الخرقي كالذي2 في الإيضاح من ذكر الفداء, 3فلعل نسخة المصنف ما فيها ذكر الفداء3, أو أراد غير الخرقي فسبق القلم, والله أعلم.
4"الثاني" قوله. "فإن أسلموا امتنع القتل وجاز الفداء, ونصه تعيين رقهم", انتهى.
ما قدمه المصنف صححه الشيخ الموفق والشارح وصاحب البلغة, والمنصوص هو الصحيح, وعليه الأصحاب, قاله الزركشي, وقطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع5 والمنور وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم, وقدمه في المحرر والشرح5 والرعايتين والحاويين وغيرهم
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 بعدها في "ص" "قال".
3 3 ليست في "ح".
4 4 ليست في "ص".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/91".

(10/260)


ومن أسلم قبل أسره لخوف أو غيره فلا تخيير; لأنه لا يد عليه, وظاهر كلامهم أنه كمسلم أصلي في قود ودية, لكن لا قود مع شبهة التأويل, وفي الدية الخلاف "و ش" وغيره, كباغ, أو أنها مسألة من قتل بدار حرب من ظنه حربيا فبان مسلما, وهذا أولى, لأنه تبين أنه غير مأمور به, بخلاف قتل الباغي, فعلى هذا تجب الكفارة "و ش".
وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة عام الفتح قبل خروجه خالدا لما رجع من هدم العزى وقتل المرأة السوداء العريانة الناشرة الرأس وهي العزى, وكانت بنخلة لقريش وكنانة, وكانت أعظم أصنامهم1. وبعثه إلى بني جذيمة فأسلموا ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا, فقالوا: صبأنا2, صبأنا2, فلم يقبل منهم. وقال: ليس هذا بإسلام فقتلهم, فأنكر عليه من معه, كسالم مولى أبي حذيفة وابن عمر3, فلما بلغه عليه السلام رفع يديه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" مرتين4. وبعث عليا بمال فوداهم بنصف الدية, وضمن لهم ما تلف5.
ـــــــ
1 ذكر بعث خالد إلى الغزى ابن سعد في طبقاته "2/145 – 146" وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة "5/77".
2 في الأصل "صبئنا".
3 ذكر ابن هشام في سيرته "2/429 – 430" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هل أنكر عليه أحد" ؟ فقال: نعم قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة أي زجره خالد فسكت عنه وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فراجعه فاشتدت مراجعتهما فقال عمر ابن الخطاب أما الأول يا رسول الله فابني عبد الله وأما الآخر فسالم مولى أبي حذيفة.
4 أخرجه من غير الإنكار وبعث علي رضي الله عنه البخاري في صحيحه "4339" من حديث سالم عن أبيه رضي الله عنه.
5 ذكره ابن سعد في طبقاته "2/148" وأخرجه الطبري في تاريخه "3/67" والبيهقي في دلائل النبوة "5/114 – 115".

(10/261)


وكان بين خالد وعبد الرحمن في ذلك كلام, فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال "مهلا يا خالد, دع عنك أصحابي, لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته" 1.
واحتج في عيون المسائل وغيرها على توريث كل واحد من الغرقى من الآخر بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث سرية إلى قوم من خثعم, فلما دهمتهم الخيل اعتصموا بالسجود, فقتلوهم فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنصاف دياتهم2 لوقوع الإشكال فيهم هل أسلموا فيلزمه إكمال دياتهم أم لا فلا3 يجب شيء؟ فجعل فيهم نصف دياتهم.
وكذا أوجب الشرع الغرة في الجنين الساقط ميتا, والصاع في مقابلة4 لبن المصراة, ويتوجه احتمال إنما أمر لهم بنصف العقل لأنهم أعانوا على أنفسهم بمقامهم بدار الحرب فكانوا كمن مات بجناية نفسه وجناية غيره, واختاره الخطابي.
وفي رد شيخنا على الرافضي: الأمة يقع منها التأويل في الدم والمال والعرض, ثم ذكر قتل أسامة للرجل الذي أسلم بعد أن علاه بالسيف5,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه الطبري في تاريخه "3/68".
2 أخرجه أبو داود في سننه "2645" من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
3 ليست في الأصل.
4 ليست في "ر".
5 أخرجه البخاري "4269" ومسلم "96" "159" عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم وفيه: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟" قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

(10/262)


وخبر المقداد1, قال: فقد ثبت أنهم مسلمون يحرم قتلهم, ومع هذا فلم يضمن المقتول, بقود ولا دية ولا كفارة لأن القاتل كان متأولا, هذا قول أكثرهم كالشافعي وأحمد وغيرهما.
وكما لا يلزم الحربي إذا أسلم شيء لأنه متأول. وقال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة في قصة الإفك: إنك منافق2. وقال عمر عن حاطب: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق3, وقال بعض الصحابة عن مالك بن الدخشن: إنه منافق, وذلك في الصحيحين4, فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكفر أحدا. وفي البخاري5 أن بعضهم لعن رجلا يدعى حمارا لكثرة شربه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله" ولم يعاقبه للعنه له, فالمتأول المخطئ مغفور له بالكتاب6 والسنة7.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "4019" ومسلم "95" "155" أن المقداد بن عمرو الكندي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إجدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله. أأقبله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتله" فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن يقول كلمته التي قال" .
2 أخرجه البخاري "2661" من حديث عائشة رضي الله عنها.
3 تقدم تخريجه ص "116".
4 البخاري "425" ومسلم "33" "54" من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه.
5 في صحيحه "6780" من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
6 هو قول الله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب5]
7 أخرجه البخاري "7352" ومسلم "1716" "15" عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" .
وأخرج ابن ماجه في سننه "2045" عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" .

(10/263)


وقال بعضهم كأبي حنيفة وبعض المالكية: كانوا أسلموا ولم يهاجروا فثبت في حقهم العصمة المؤثمة دون المضمنة, كذرية حرب, وقد ذكر شيخنا بعد ذلك قصة خالد كما تقدم, ولم يتكلم على ما فيها من التضمين المخالف عنده لقصة أسامة, بل قال: إنه وقع منه كما وقع من أسامة, فدل أنهما سواء, فأما أن يقال: ظاهر قصة أسامة لا تضمين, وقصة خالد ترغيبا في الإسلام, أن التضمين ليس في المسند, ولا الكتب الستة أو يقال: قصة خالد فيها التضمين وفي قصة أسامة مسكوت عنه, ومثل أسامة يعلمه كما يعلم الكفارة, ولم يطالب إما لعسرته, أو لأن المستحق بيت المال
وللإمام العفو مجانا, وظاهر كلام شيخنا هذا أن من قتل باغيا في غير حرب متأولا لا شيء فيه, وأن قتل الباغي للعادل كذلك للتأويل, وذكر في مكان آخر قتل خالد مالك بن النويرة فلم يقتله أبو بكر1, كما أن أسامة لما قتل لم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم قودا ولا دية ولا كفارة, وكما أنه لما قتل بني جذيمة لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم للتأويل, وكذا إن ادعاه2 أسير ببينة.
والأسير القن غنيمة وله قتله, ومن فيه نفع لا يقتل كامرأة وصبي ومجنون وأعمى رقيق بالسبي, نقل الميموني: ولا كفارة ولا دية في قتله. وفي الواضح: من لا يقتل غير 3المرأة3 والصبي يخير فيه بغير قتل, وفي البلغة: المرأة والصبي رقيق بالسبي, وغيرهما يحرم قتله ورقه.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 انظر أسد الغابة "2/111" والبداية والنهاية "9/462".
2 في الأصل "دعاه".
3 3 ليست في "ر".

(10/264)


قال: وله في المعركة قتل أبيه وابنه, ومن قتل أسيرا غير مملوك قبل تخيير الإمام فيه, فهدر, ومتى صار لنا رقيقا محكوما بكفره حرم مفاداته بمال وبيعه1 لكافر, وعنه: يجوز, وعنه: في البلغ2, وعنه: غير امرأة.
ويجوز مفاداته بمسلم, وعنه المنع بصغير, ونقل الأثرم ويعقوب: لا يرد صغير ونساء إلى كفار. وفي البلغة في مفاداتهما بمسلم روايتان, ولا يرد مسلم ومسلمة.
ويكره نقل رأس, ورميه بمنجنيق بلا مصلحة, ونقل ابن هانئ في رميه: لا يفعل ولا يحرقه. قال أحمد: ولا ينبغي أن يعذبوه, وعنه إن مثلوا مثل بهم, ذكره أبو بكر.
قال شيخنا: المثلة حق لهم, فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر, ولهم تركها والصبر أفضل, وهذا حيث لا يكون في التمثيل3 "زيادة في الجهاد, ولا يكون نكالا لهم عن نظيرها, فأما إذا كان في التمثيل" الشائع4 دعاء لهم إلى الإيمان, أو زجر لهم عن العدوان, فإنه هنا من إقامة الحدود, والجهاد المشروع, ولم تكن القصة في أحد كذلك.
فلهذا كان الصبر أفضل, فأما5 إذا كان المغلب حق الله تعالى فالصبر
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "وبيع".
2 في الأصل و"ر" "البلغ".
3 بعدها في "ط" "بهم".
4 في "ط" "الشائع".
5 في "ط" "فأنه".

(10/265)


هناك واجب, كما يجب حيث لا يمكن الانتصار, ويحرم الجزع, هذا كلامه وكذا قال الخطابي: إن مثل الكافر بالمقتول جاز أن يمثل به. وقال ابن حزم في الإجماع قبل السبق والرمي: اتفقوا على أن خصاء الناس من أهل الحرب والعبيد وغيرهم في غير القصاص والتمثيل بهم حرام.
ويحرم أخذه مالا ليدفعه إليهم, ذكره في الانتصار. وروى الترمذي1 وقال غريب وفي نسخة حسن عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيري عن2 سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد3 رجل من المشركين, فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم.
قال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث الحكم, رواه الحجاج أيضا عن الحكم, قال غيره: ابن أبي ليلى ضعفه الأكثر. وقال العجلي: جائز الحديث. وضعف عبد الحق وابن القطان هذا الخبر من جهة ابن أبي ليلى وقالا: منقطع, لأن الحكم سمع من مقسم خمسة أحاديث ليس هذا منها, ورواه أحمد4 وعنده: "ادفعوا إليهم جيفته فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية" فلم يقبل منهم شيئا, وله5 في رواية فخلى بينهم وبينه.
وإذا حصر حصنا لزمه عمل المصلحة من مصابرته والموادعة بمال
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في سننه "1715".
2 بعدها في "ط" "أبي".
3 في "ر" "جثة".
4 في المسند "2230".
5 في المسند "2442".
.

(10/266)


والهدنة بشرطها1. نقله2 المروذي وإن3 نزلوا على حكم رجل مسلم حر عدل مجتهد في الجهاد أو أكثر منه جاز.
وفي البلغة: بشرط صفات القاضي إلا البصر, ويلزمه الحكم بالأحظ لنا, وحكمه لازم, وقيل: بغير من, وقيل: في نساء وذرية,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 بعدها في الأصل "وإن قالوا: ارحلوا عنا وإلا قتلنا من عندنا من الأسرى فليرحلوا عنهم".
2 في "ط" "نقلهم".
3 ليست في "ط".

(10/267)


وللإمام أخذ فداء ممن حكم برقه أو قتله, وله المن مطلقا. وفي الكافي1 والبلغة: يمن على محكوم برقه برضى غانم. ومن أسلم قبل حكمه فمسلم قبل القدرة عليه, فيعصم نفسه, وولده الصغير وماله حيث كانا, ومنفعة بإجارة لأنها مال, وحمل امرأته لا هي, ولا ينفسخ نكاحه برقها. وفي البلغة ينقطع نكاح المسلم ويحتمل: لا, بخلاف الابتداء, ويتوقف على إسلامها في العدة, ومن أسلم بعده لزمه حكمه, فإن كان بقتل وسبي عصم نفسه لا ماله, وفي استرقاقه روايتان2 ذكرهما في الكافي1 وغيره "م 6".
ـــــــ
مسألة 6" قوله "ومن أسلم بعده لزم حكمه, فإن كان بقتل وسبي عصم نفسه لا ماله3, وفي استرقاقه روايتان في الكافي وغيره" انتهى.
تبع صاحب4 الكافي الرعايتين والحاويين, وعند أكثر5 الأصحاب وجهان, وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمقنع6 والبلغة والمحرر وشرح ابن منجى والحاوي الكبير.
"إحداهما": لا يسترقون, وهو الصحيح, اختاره القاضي وغيره, وصححه في
ـــــــ
1 "5/490".
2 بعدها في "ط" "ذكرهما".
3 بعدها في "ط" "له".
4 ليست في "ط".
5 في "ط" "أكثر الأصحاب".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/115".

(10/268)


وإن سألوا أن ينزلهم على حكم الله لزمه أن ينزلهم, وخير, كأسرى. وفي الواضح: يكره. وفي المبهج: لا ينزلهم, لأنه كإنزالهم بحكمنا ولم يرضوا به, ولو كان به من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة عقدت مجانا وحرم رقه.
ولو جاءنا عبد مسلما وأسر سيده أو غيره فهو حر, ولهذا لا نرده في هدنة, قاله في الترغيب وغيره: والكل له, وإن أقام بدار حرب فرقيق, ولو جاء مولاه بعده لم يرد إليه, ولو جاء قبله مسلما ثم جاء هو مسلما1 فهو له, وإن خرج عبد إلينا بأمان أو نزل من حصن فهو حر, نص على ذلك. قال: وليس للعبد غنيمة, فلو هرب إلى العدو ثم جاء بمال فهو لسيده والمال لنا.
ولما جاء وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم2 وسألوه أن يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين فأبى حتى سألوه شهرا فأبى, فأظهروا أنهم
ـــــــ
التصحيح والخلاصة, وقدمه في المغني3 والشرح4 والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
"والرواية الثانية": يسترقون, جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي, وصححه الناظم, وهو احتمال في الهداية ومال إليه. 5فهذه ست مسائل في هذا الكتاب5.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 بعدها في "ط" "و".
3 "13/48".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/15".
5 5 ليست في "ط".

(10/269)


يريدون أن يسلم بتركها1 جماعة من سفهائهم وذراريهم ولا يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام, فأبى إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها2, فيه وجوب هدم ذلك لما في بقائه من المفسدة, وهكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم في جميع الطواغيت3, قال في الهدي: وهكذا حكم المشاهد وما يقصد بالعظيم والنذر من الأحجار.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ط" "جماعة".
2 أخرجه الطبري في تاريخه "3/99" والبيهقي في دلائل النبوة "5/302 – 303".
3 تقدم شيء من ذلك.

(10/270)


باب قسمة الغنيمة
مدخل
...
باب قسمة الغنيمة
ما أخذ من كفار قهرا بقتال وتملك بالاستيلاء ولو بدار حرب كعتق عبد حربي وإبانة امرأة أسلما ولحقا بالجيش وفي الإنتصار وعيون المسائل وغيرهما: باستيلاء تام لا في فور الهزيمة للبس الأمر هل هو حيلة أو ضعف وفي البلغة باستيلاء تام وأنه ظاهر كلامه وزاد القاضي: مع قصد التملك لا بملك الأرض وظاهر كلامه: تملك كشراء وغيره واختاره في الإنتصار بالقصد ولنا تبايعها وقسمتها فيها في المنصوص لأنها ملكت وهو أنفع والإمام مخير وفي البلغة رواية: لا تصح وإلا حرم نص عليه واحتج بأن عمر رد ما اشتراه ابن عمر في قصة جلولاء للمحاباة1 فإن أخذها عدو من مشتر فمنه نقله الجماعة وعنه: منبائعه اختاره الخرقي.
ولا يملك كفار حرا مسلما ولا ذميا, ويلزم فداؤه, كحفظهم من
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه أبو عبيد في الأموال "636" وابن زنجويه في الأموال "973" عن ابن عمر رضي الله عنه قال: شهدت جلولاء فابتعت من المغنم بأربعين ألفا فلما قدمت على عمر قال لي: أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك: افتده أكنت مفتدي؟ قلت: والله ما من شيء يؤذيك إلا كنت مفتديك منه. فقال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين وأحب النالس إليه وأنت كذالك فكان أن يرخصوا عليك بمئة أحب إليهم من أن يغلوا عليك بدرهم وإني قاسم مسؤول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش لك ربح الدرهم درهما قال: ثم دعا التجار فابتاعوا منع بأربع مئة ألف فدفع إلي ثمانين ألفا وبعث بالبقية إلى سعد بن أبي وقاص فقال: اقسمه في الذين شهدوا الوقعة ومن كان مات منهم فادفعه إلى ورثته. اهـ.
وجلولاء: ناحية من نواحي السواد في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ معجم البلدان "2/107".

(10/271)


الأذى, ونصه في ذمي: إن استعين به, ولا فداء بخيل وسلاح و1مكاتب 2وأم2 ولد, ومن اشتراه رجع في المنصوص بنية الرجوع. وفي المحرر: ما لم ينو التبرع, فإن اختلفا في قدر ثمنه فوجهان "م 1" واختار الآجري: لا يرجع إلا أن يكون عادة الأسرى وأهل الثغر ذلك, فيشتريهم ليخلصهم ويأخذ ما وزن لا زيادة فإنه يرجع, ويملكون مالنا بالقهر, كبعضهم من بعض, اعتقدوا تحريمه أو لا, ذكره في الانتصار و3شيخنا, وعنه: إن حازوه بدارهم, نص عليه فيما بلغ به قبرس يرد إلى أصحابه ليس غنيمة ولا يؤكل, لأنهم لم يحوزوه إلى بلادهم ولا إلى أرض هم أغلب عليها, ولهذا قيل له: أصبنا في قبرس من متاع المسلمين قال: يعرف وقال: أهل قبرس كانوا سبوا فدخل بقيته في شيء من أمرهم, فنقموا عليه ذلك, وقيل له: غزاة البحر ينتهون إلى قبرس, فيريد الأمير أن يأخذ خبر الروم فيبعث سرية ليأخذوا أعلاجا من أهل قبرس ليستخبر4 منهم خبر الروم ثم يتركهم, فما ترى 5في الخروج5 في هذه
ـــــــ
مسألة 1" قوله "فإن اختلفا في قدر ثمنه فوجهان" انتهى. "أحدهما": القول قول المشتري, وهو قوي.
ـــــــ
1 ليست في "ط" والمثبت من النسخ الخطية.
2 2 في "ط" "أو".
3 ليست في "ط" والمثبت من النسخ الخطية.
4 في "ر" "يستخبر".
5 5 ليست في "ر".

(10/272)


السرية؟ قال: ما أدري, أخاف أن يرغبوا ولهم ذمة, وقيل له: أخذوا مركبا للروم فيها ناس من قبرس فقالوا: أكرهنا على الخروج أيقتلون؟ قال: لو تركوه كان أحسن, لا يقتلون, وقيل له يحمل من قبرس حجر المسن1 والكير, ويحمل الملح من ساحلها ليأكله فيفضل منه, يأتي به منزله؟ فرخص في ذلك, وعنه: لا يملكونه ولو حازوه بدارهم, اختاره الآجري وأبو محمد يوسف الجوزي ونصره أبو الخطاب وابن شهاب واحتجا بقوله {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] قال2: ولأنهم لا يملكون رقيقا برضانا بالبيع. عند أصحابنا فهنا أولى, وكأحد مستأمن له بدارنا بعقد فاسد أو غصب, وكحبيس3 ووقف, وعنه أم الولد كوقف, صححه ابن عقيل, فعلى الأولى يملكون ما أبق وشرد إليهم وعنه: لا, وما لم يملكوه يأخذه ربه مجانا ولو بعد إسلام من هو معه أو قسمة أو شراء منهم, وإن جهل ربه وقف أمره4. وفي التبصرة أنه أحق بما لم يملكوه بعد القسمة بثمنه, لئلا ينتقض حكم القاسم, وما ملكوه إن كان أم ولد لزم السيد أخذها, لكن بعد القسمة
ـــــــ
"والوجه الثاني": القول قول الأسير, لأنه غارم, وهو الصحيح من المذهب, قطع به في المغني5 والشرح6, ونصراه.
ـــــــ
1 المسن: حجر يسن عليه السكين ونحوه المصباح "سنن".
2 ليس في "ر".
3 في "ر" "وكتحبيس".
4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
5 "13/134".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/370".

(10/273)


بالثمن, نص على ذلك, وما سواها لربه أخذه مجانا.
ويعمل بقول عبد مأسور هو لفلان أو بسيمة حبيس, نص عليهما, سأله أبو داود: أخذنا مراكب من بلاد الروم فيها النواتية يعني الملاح, فقالوا هذا المركب لفلان وهذا لفلان. قال: هذا قد عرف صاحبه, لا يقسم. فإن أبى أو جهل ربه قسم, نص عليه, وإلا لم يصح قسمته. قيل لأحمد على المسلمين أن يوقفوه حتى يتبين ربه؟ قال: إذا عرف, فقيل هذا لفلان وكان ربه بالقرب. ومتى وجده ربه1 قسمه أو شراء منهم أخذه في الشراء بثمنه, وعنه: وفي القسمة بقيمته, وعنه فيها بثمنه الذي حسب به, ذكره في البلغة, وعنه: لا حق له فيهما, كوجدانه بيد المستولي عليه وقد جاءنا بأمان أو أسلم, ولو وجده ربه بيد من أخذه منهم مجانا أخذه بغير قيمة2, على الأصح فيهما.
وإن تصرف فيه من أخذه منهم لزم تصرفه, وفي أخذ ربه له ممن بيده ما تقدم, ومتى أحب أخذ مكاتبه بقي على كتابته وولاؤه له, وإلا كان عند3
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في الأصل و"ط" "قيمته".
3 في "ر" "عبد".

(10/274)


مشتريه على بقية كتابته وولاؤه له, نص عليه. وفي المستوعب في عقود متفرقة: إن علم ربه بقسمه وبيعه ولم يطالب فهو رضا.
وترد مسلمة سباها العدو إلى زوجها وولدها منهم كملاعنة وزنا, وإن أبى الإسلام ضرب وحبس حتى يسلم, ونقل ابن هانئ: لا يعجبني أن يقتل.

(10/275)


فصل: ويبدأ في قسمة الغنيمة بمن تقدم وبمستحق السلب,
وهو من غرر حال الحرب فقتل, أو أثخن كافرا ممتنعا لا مشتغلا بأكل ونحوه, ومنهزما, نص عليه وفي الترغيب والبلغة: {إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16]. قال أحمد: إنما سمعنا: له سلبه في المبارزة, وإذا التقى الزحفان وحكى الخطابي: إنما يعطي السلب من بارز فقتل قرنه1 دون من لم يبارز, وعنه: بشرطه له, اختاره في الانتصار والطريق الأقرب, وعنه: وأذن الإمام, وقيل: وليس من أهل الرضخ ولا المقتول صبيا أو امرأة ونحوهما قاتلوا. وقال شيخنا ومن العقوبة
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 القرن: كفرك في الشجاعة القاموس "قرن"

(10/275)


المالية حرمانه عليه السلام السلب للمددي لما كان في أخذه عدوان على ولي الأمر1. وفي الفنون: يجوز أنه يكون, قيل له: عاقب من ترى بحرمان المال.
ولا يخمس, وإن قتله اثنان فسلبه غنيمة, كأكثر, في الأصح, ونصه: غنيمة, وقال الآجري والقاضي: لهما. وإن أسره فقتل أو رق أو فدى فغنيمة, وقيل: الكل لمن أسره, وإن قطع يديه أو رجليه أو يدا ورجلا وقتله آخر فغنيمة, وقيل: للقاتل, وقيل للقاطع, كقطع أربعة, وإن قطع يدا أو رجلا فللقاتل, كما لو عانقه فقتله آخر, وقيل غنيمة.
والسلب: ما عليه حتى منطقة ذهب, وعنه: في السيف: لا أدري, ودابته التي قاتل عليها وما عليها, وعنه: أو آخذا عنانها, وعنه: الدابة وآلتها غنيمة, كنفقته, على الأصح وكرحله وخيمته وجنيبه2 قال في التبصرة: وحلية دابته.
ثم يعطى, قال جماعة: ويعطى أجرة من جمع الغنيمة وحفظها,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه مسلم في صحيحه "1753" "43" عن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير رجلا من العدو فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد وكان وليا عليهم وفيه: فقال: لا تعطه يا خالد لا تعطه يا خالد هل أنتم تاركون في أمرائي..... الحديث.
2 الجنيبة الفرس نقاد ولا تركب المصباح "جنب".

(10/276)


وجعل من دله على مصلحة كطريق وحصن إن شرطه, من العدو, ويجوز 1أن يكون1 مجهولا منهم, لا منا, فإن جعل له منهم امرأة فماتت أو لم تفتح فلا شيء له, وإن أسلمت قبل الفتح فالقيمة, وإن أسلمت بعده أو قبله وهي أمة أخذها, ومع كفره قيمتها, ثم إن أسلم ففي أخذها2 احتمالان "م 2" وإن فتح صلحا فقيمتها والأشهر إن أبى إلا هي ولم تبذل له3 فسخ الصلح, وظاهر نقل ابن هانئ: هي له, لسبق حقه, ولرب الحصن القيمة, وإن بذلت مجانا أو بالقيمة لزم أخذها وإعطاؤها له, والمراد غير حرة الأصل وإلا قيمتها.
ـــــــ
1 1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 في "ر" "أحدهما".

(10/277)


فصل: ثم يخمس الباقي ويقسم خمسه خمسة أسهم,
نص عليه: سهم لله
ـــــــ
مسألة 2" قوله: "ثم إن أسلم ففي أخذه احتمالان", انتهى. يعني لو أسلمت وهي أمة فإنها تسلم إليه إلا أن يكون كافرا فله قيمتها بلا نزاع, فلو أسلم بعد ذلك فذكر في أخذها احتمالين وأطلقهما في الرعاية الكبرى والقواعد الفقهية.
"أحدهما": ليس له أخذها. وإنما يأخذ القيمة, وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والمقنع4 والمغني5 والشرح4 وغيرهم, لاقتصارهم على إعطائه قيمتها
ـــــــ
3 ليست في "ر" و"ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/131".
5 "13/59".

(10/277)


ولرسوله مصرفه كالفيء, وعنه: في المقاتلة, وعنه: في كراع وسلاح, وعنه: في الثلاثة. وفي الانتصار: لمن يلي الخلافة بعده واحتج بنصوص1 ولم يذكر سهم الله.
وذكر مثله في عيون المسائل. وعن عمر بن عبد العزيز أنه جمع بني مروان حين استخلف فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك, فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم, ويزوج منه أيمهم, وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى, وكانت كذلك في حياته, ثم عمل فيها أبو بكر بذلك2, ثم عمر, ثم أقطعها مروان, ثم صارت لعمر بن عبد العزيز3. رأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ليس لي بحق, وإني أشهدكم4 أني5 قد رددتها على ما كانت, حديث حسن رواه أبو داود6, وأقطعها مروان
ـــــــ
"والاحتمال الثاني": له أخذها.
ـــــــ
1 منها ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف "9482" والبيهقي في السنن الكبرى "6/342 – 343" عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال: اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قائلون: سهم ذوي القربى لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم وقال قائلون: لقرابة الخليفة: سهم النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة من بعده فاجتمع رأيهم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
2 في "ط" "كذلك".
3 بعدها في سنن أبي داود "قال عمر يعني ابن عبد العزيز".
4 ليست في "ر".
5 ليست في "ر" و"ط".
6 في السنن "2972".

(10/278)


في أيام عثمان1, وذلك مما تعلقوا به عليه. وتأويله ما رواه أبو داود2, حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن الفضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقال أبو بكر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله إذا أطعم نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده" . وروي أيضا3 عن محمد بن يحيى بن فارس عن إبراهيم بن حمزة عن حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعا "لا نورث, ما تركنا فهو صدقة, وإنما هذا المال لآل محمد, لنائبتهم ولضيفهم4, فإذا مت فهو إلى ولي الأمر من بعدي" ورواه أيضا الترمذي في الشمائل5 من حديث أسامة, وأسامة مختلف فيه, وروى له مسلم. وقال أبو بكر: إن أجري على فعل من قام مقام أبي بكر وعمر من الأئمة جاز, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع بهذا السهم ما شاء6, قاله في المغني7, وفي رد شيخنا على الرافضي عن بعض أصحابنا "و ش" إن الله أضاف هذه الأموال إضافة ملك كسائر
ـــــــ
........................................
.ـــــــ
1 في السنن "2973".
2 في السنن "2972".
3 أي أبو داود في سننه "2977".
4 في "ط" "ولضعيفهم".
5 برقم "385".
6 تقدمت الأحاديث بهذا المعنى.
7 "9/290".

(10/279)


أملاك الناس, ثم اختار قول بعض العلماء إنها ليست ملكا لأحد, بل أمرها إلى الله والرسول, ينفقها فيما أمره الله به, فيثاب عليها كلها, بخلاف ما ملكه الله تعالى لعباده, فإن لهم1 صرفه في المباح.
وسهم لبني هاشم وبني المطلب ابني2 عبد مناف, وقيل: لفقرائهم, وفي تفضيل 3ذكرهم على أنثاهم3 روايتان "م 3" فإن لم يأخذوه ففي كراع وسلاح, كفعل أبي بكر وعمر4, ذكره أبو بكر, ولا شيء لمواليهم. وسهم لليتامى, من لا أب له ولم يبلغ, والأشهر الفقراء.
وسهم للمساكين, فيدخل الفقير.
ـــــــ
مسألة 3" قوله: "وفي تفضيل 3ذكرهم على أنثاهم3 روايتان", انتهى. وأطلقهما في المغني5 والمحرر والشرح6 وغيرهم:
"إحداهما" يجوز التفضيل, وهو الصحيح, وبه قطع الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمقنع6 والعمدة والوجيز وغيرهم, وقدمه في الكافي7 والرعايتين والحاويين وغيرهم, وصححه في البلغة والنظم.
"والرواية الثانية" الذكر كالأنثى, قدمه ابن رزين في شرحه.
ـــــــ
1 في الأصل و"ط" "له".
2 في "ر" "ابن".
3 3 في "ط" "ذكورهم على إناثهم".
4 أخرجه مطولا البخاري "3094" ومسلم "1757" "49" من حديث مالك بن أوس رضي الله عنه.
5 "9/294".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/235".
7 "5/544".

(10/280)


وسهم لأبناء السبيل, المسلمين من الكل, فيعطوا كزكاة, ويعم بسهامهم جميع البلاد, واختار الشيخ: لا يلزم. وفي الانتصار: يكفي واحد واحد من الأصناف الثلاثة, ومن ذوي القربى إذا لم يمكنه, على أنه إذا وجب لم لا نقول به في الزكاة؟ واختار شيخنا إعطاء الإمام من شاء منهم للمصلحة, كزكاة, واختار أيضا أن الخمس والفيء واحد, يصرف في المصالح "و م" وفي رده على الرافضي أنه قول في مذهب أحمد, وأن عن أحمد ما يوافق ذلك فإنه جعل مصرف خمس الركاز1 مصرف الفيء وهو تبع2 لخمس الغنائم, وذكره أيضا رواية, واختار صاحب الهدي الأول أن الإمام يخير فيهم ولا يتعداهم, كزكاة, وأنه قول "م".
ثم يعطي النفل, وهو زيادة على السهم لمصلحة, فيجوز أن يبعث سرية من جيشه تغير أمامه بالرابع3 فأقل بعد الخمس, أو خلفه إذا قفل بالثلث فأقل بعده, بشرط, وعنه: ودونه. ولا يعدل شيء 4عند أحمد الخروج4 في السرية, مع غلبة السلامة, لأنه أنكى, وأن يجعل لمن عمل ما فيه غناء جعلا, من5 نقب أو صعد هذا المكان أو جاء بكذا فله من
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "الزكاة" والمثبت من النسخ الخطية.
2 في الأصل "بيع".
3 في "ط" "بالرابع".
4 4ليست في "ر".
5 في "ط" "لمن".

(10/281)


الغنيمة أو منه كذا, ما لم يجاوز ثلث الغنيمة بعد الخمس, نص عليه وعنه: بشرط, وتحرم مجاوزته فيهما, نص عليه, وعنه: بلا شرط, و1لو كان خبأ عشرة رءوس حتى نادى الإمام من جاء بعشرة رءوس فله رأس فجاء بها فلا شيء له, نقله أبو داود, وفي جواز من أخذ شيئا 2فهو له2 وقيل لمصلحة3 روايتان "م 4" ونقل أبو طالب وغيره: إن بقي ما لا يباع ولا يشترى فمن أخذه فهو له, وسأله أبو داود: إن أباح الحرثي4 للناس. فقال من أخذ شيئا 5فهو له5؟ قال: لا يفعل, هذا إذا ينهب الناس.
قال شيخنا: للإمام على الصحيح أن يخص طائفة بصنف كالفيء,
ـــــــ
مسألة 4" قوله "وفي جواز من أخذ شيئا فهو له, وقيل: لمصلحة, روايتان" يعني في جواز ذلك إذا قاله الإمام, وأطلقهما في المغني6 والمقنع7 والشرح7.
"إحداهما": لا يجوز مطلقا, وهو الصحيح صححه في التصحيح وشرح ابن منجى والنظم وغيرهم, وبه قطع في الوجيز وغيره.
"والرواية الثانية" يجوز, وحكى المصنف طريقة أن محل الروايتين إذا كان لمصلحة, وإلا فلا وصححها في الرعايتين والحاويين. "قلت": وهو الصواب, وكان الأولى بالمصنف أن يقدم هذه الطريقة ويصحح الجواز.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 2في "ر" و"ط" "فله".
3 في "ط" "لمصلحته".
4 في "ط" "الحربي" الخرثي: أثاث البيت أو أردأ المتاع والغنائم القاموس "خرث".
5 5 في "ر" و"ط" "فله".
6 "13/53".
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/133"

(10/282)


قال: وليس للغانمين إعطاء أهل الخمس قدره من غيرها, وقيل في قوله: من أخذ شيئا لا يخمس, واختاره الشيخ فيمن جاء بكذا ثم الباقي لمن شهد الوقعة لقصد قتال ولو لم يقاتل, أو بعث لمصلحة الجيش أو قال الإمام: يتخلف الضعيف, فتخلف قوم بموضع مخوف, نص عليه, دون مريض عاجز. وقال الآجري: من شهدها ثم مرض فلم يقاتل أسهم له وأنه قول أحمد.
وكافر وعبد لم يؤذن لهما ومنهي عن حضوره, والأصح أو بلا إذنه, وفرس عجيف ونحوه, وفيه وجه.
وفي التبصرة: يسهم لفرس ضعيف ويحتمل: لا, ولو شهدها عليه, ومخذل ومرجف ونحوهما, ولو تركا ذلك وقاتلا, ولا يرضخ لهم لأنهم عصاة, وكذا من هرب من اثنين كافرين, ذكره في الروضة, بخلاف غريم وولد, لزوال إثمه بتعيينه عليه بحضور الصف, وذكر ابن عقيل في أسير, و1 تاجر روايتين, قال أحمد: يسهم للمكاري والبيطار
ـــــــ
تنبيه" قوله: "وذكر ابن عقيل في أسير أو تاجر روايتين" انتهى. ليس هذا من الخلاف المطلق الذي نحن بصدده وإنما هذه طريقة ابن عقيل, والمذهب: يسهم لهم. وقد قال المصنف قبل ذلك: وهي لمن شهد الوقعة لقصد القتال ولو لم يقاتل.
ـــــــ
1 في "ط" "أو".

(10/283)


والحداد والخياط والإسكاف والصناع, وإن استؤجر للجهاد لم يصح, فيسهم له, وعنه: يصح, وقيل: ممن لا يلزمه, فلا يسهم له1, على الأصح, وقيل: يرضخ ويسهم لأجير الخدمة2, على الأصح. وقال القاضي وغيره: إذا قصد الجهاد, وكذا حمل صاحب المحرر إسهام النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة وكان أجيرا لطلحة, رواه أحمد, ومسلم3 على أجير قصد مع الخدمة الجهاد. وفي الموجز هل يسهم لتجار عسكر وأهل وسوقه4 ومستأجر مع جند كركابي وسايس, أم يرضخ؟ فيه روايتان, وفي الوسيلة: ظاهر كلامه: لا تصح الثيابة تبرع أو بأجرة, وقطع به ابن
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ر" و"ط".
2 بعدها في الأصل "نص عليه".
3 أحمد "16538" مسلم "1807" "132" من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
4 في "ط" "وسوقة"

(10/284)


الجوزي. وفي الترغيب: يصح استئجار إمام أهل الذمة للحاجة. وفي البلغة: لهم الأجرة فقط إن صحت الإجارة, وفيها روايتان.
ولا يصح استئجار غيره لهم, ويسهم لمن يعطى من الفيء, لأن الله جعله له ليغزو, لا أنه عوض عن غزوة, بل يقع له لا لغيره, وكذا من يعطى له من صدقة, لأنه يعطاه معونة لا عوضا, أو دفع إليه ما يعينه به فله فيه الثواب, وليس عوضا, وعن زيد بن خالد مرفوعا "من جهز غازيا في سبيل الله فله مثل أجره ولا ينقص من أجره شيء" خبر1 صحيح رواه أحمد والنسائي والترمذي2 وصححه.
ولأبي داود3 بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: "للغازي أجره وللجاعل4 أجره" وأجر الغازي ومن أخذ من سهم الفيء أو ما يتقوى به من زكاة وغيرها فليس عوضا, وفيه الثواب, للخبر5, ذكره الشيخ وغيره, وظاهر كلامهم: لا ثواب لغيره, وقد تقدم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 أحمد "17033" والنسائي في المجتبى "6/46" والترمذي "1628".
3 في سننه "2526".
4 في الأصل "للعامل".
5 المتقدم آنفا.

(10/285)


فصل: فيقسم للراجل سهم, وللفارس ثلاثة,
فإن كان فرسه برذونا ويسمى العتيق وهو نبطي الأبوين أو هجينا أمه نبطية وعكسه المقرف, فله سهم, اختاره الأكثر, وعنه: سهمان, اختاره الخلال, وعنه: إن عمل كعربي, اختاره الآجري, وعنه: لا يسهم له ويسهم لفرسين فقط, نص عليه. وفي التبصرة لثلاثة, ولا شيء لغير خيل, وعنه: لراكب بعير1 سهم, وعنه: عند عدم غيره, واختار جماعة: يسهم له مطلقا, منهم أبو بكر والقاضي, وظاهر كلام بعضهم: كفرس, وقيل: له ولفيل سهم هجين. قال أحمد: عن أبي هريرة كره النبي صلى الله عليه وسلم الشكال في الخيل2, سأل الخلال ثعلبا عنه قال: إذا كان مخالف القوائم بياض أو سواد مخالف3, من جهة الطيرة, والشكال4 الموافقة بياض الرجلين والمخالف في يد ورجل, وجميعا مكروها5. ولا بأس بغزوهما على فرس لهما, هذا عقبة وهذا عقبة وهذا عقبة, والسهم بينهما, نقله مهنا.
وإن أسلم أو بلغ أو عتق أو لحق مددا وأفلت أسيرا, وصار رجل فارسا أو عكسه قبل تقضي الحرب فكمن شهدها, وبعده, وقيل: وقبل
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" "بغير".
2 أحمد في مسنده "7408" وأخرجه أيصا مسلم في صحيحه "1875" "101".
3 في "ر" "تخالف".
4 في الأصل "السكان".
5 في "ط" "مكروهان".

(10/286)


إحرازها لا يؤثر, ولو لحقهم عدو وقاتل المدد معهم حتى سلموا بالغنيمة, لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابها, لأن الغنيمة في أيديهم وحووها, نقله الميموني, وكذا من ذهب أو مات بعده لا قبله. وقال الآجري: لو حازوها ولم تقسم ثم انهزم قوم فلا شيء لهم, لأنها لم تصر إليهم حتى صاروا عصاة.
ووارث كموروثه, نص عليه, وفي البلغة في قبل القسمة وبعد الإحراز يقوى عندي متى قلنا: لم يملكوها وإنما لهم حق التملك لا يورث كالشفيع, ويرضخ من أربعة الأخماس, وقيل: من أصل الغنيمة, وقيل: من سهم المصالح لامرأة وعبد ومميز, وقيل: مراهق, وله التفضيل, ولا يبلغ بالرضخ القسمة.
ولفرس سيد تحت عبده سهمان, ويسهم لكافر كمسلم, اختاره الخلال والخرقي والقاضي والأكثر, والمعتق1 بعضه بحسابه, وعنه: يرضخ لهما, و2اختاره جماعة في كافر, ويشارك الجيش سريته, وهي للجيش, نص عليه.
وهدية كافر للإمام بدار حرب غنيمة, وعنه: له, وقيل: فيء وبدارنا قيل له وقيل فيء "م 5" وبعض قواده كهو, ولأحد3 الغانمين غنيمة
ـــــــ
مسألة 5": قوله "وهدية كافر للإمام بدار حرب غنيمة, وعنه: له, وقيل: فيء, وبدارنا قيل: له, وقيل: فيء", انتهى.
ـــــــ
1 في "ط" "والمعتق" والمثبت من النسخ الخطية.
2 ليست في "ط".
3 في الأصل "ولأحمد".

(10/287)


وعنه: له1, وما أخذ من مباحها بقوة الجيش له قيمة في مكانه شرعا فغنيمة بعد تعريف لقطة سنة بدارنا, قال في البلغة: يعرف ما يتوهمه لمسلم وإلا فهو له, ونقل أبو داود أيضا: قيل لأحمد: له بطرسوس قيمة, قال: هذا قد حمله وعني به, أي هو له, ونقل عبد الله: إن صاد سمكا فإن كان يسيرا فلا بأس يبيعه بدانق أو2 قيراط وما زاد رده إلى المقسم3.
وفي مختصر ابن رزين: وهدية ومباح وكسب طائفة غنيمة في الثلاثة. وله القتال بسلاحهم. وفي البلغة: لحاجة, ويرده بعد الحرب, وفي قتاله بفرس وثوب روايتان "م 6 و 7" ونقل إبراهيم بن الحارث: لا يركبه إلا
ـــــــ
"أحدهما" هي لمن أهديت له, وهو الصحيح, وبه قطع في المغني4 والشرح5 وشرح ابن رزين وغيرهم.
"والقول الثاني": هو فيء.
"مسألة 6, 7" قوله: "وفي قتال بفرس وثوب روايتان" انتهى. ذكر: مسألتين:
"المسألة الأولى 6" هل له أن يقاتل على فرس من الغنيمة أم لا؟.
أطلق الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمقنع6 والشرح6 والرعايتين والحاويين والزركشي وغيرهم:
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ "و".
3 قسمته قسما: فرزته أجزاء فانقسم والموضع المقسم المصباح "قسم".
4 "13/201".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/302 - 303".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/191".

(10/288)


لضرورة أو خوف على نفسه, ونقل المروذي: لا بأس أن يركب الدابة1 من الفيء ولا يعجفه2.
ومن أخذ منها طعاما أو علفا لا غيرهما فله ولدوابه أكله بلا إذن ولا حاجة, ولسبي اشتراه, وقيل: ولو أحرز بدار حرب, لا لفهد وكلب صيد
ـــــــ
. "إحداهما": ليس له ذلك, وهو الصحيح, جزم به في المغني3 والوجيز ومنتخب الآدمي وشرح ابن رزين وغيرهم, وصححه في التصحيح والنظم وشرح ابن منجى وغيرهم.
"والرواية الثانية" يجوز, قطع به في المنور, وقدمه في المحرر.
"قلت": الصواب إن كان فيه مصلحة للمسلمين كان له ذلك, ثم وجدته في الفصول صححه فقال, وهذه أصح عندي, لأن حفظ المسلمين بالقتال أهم من حفظ الخيل والمال.
"المسألة الثانية 7" هل له أن يلبس ثوبا من الغنيمة أم لا؟ أطلق فيه الخلاف, والحكم فيه كالحكم في الفرس, خلافا ومذهبا, وقد علمت الصحيح من ذلك, وعنه: يركب ولا يلبس, ذكرها في الرعاية.
"قلت": وفيه4 قوة.
ـــــــ
1 ليست في "ط" والمثبت من النسخ الخطية.
2 عجف الدابة يعدفها ويعدفها: هزلها القاموس "عجف".
3 "13/129".
4 في "ص" و"ط" "فيها".

(10/289)


وجارح, ويرد ما فضل معه منه في الغنيمة, وعنه: لا قليلا فيها. قال في الموجز والتبصرة, كطعام أو علف يومين, ونقله أبو طالب, ويرد ثمنه إن باعه, وعنه: وقيمة أكله.
سأله أبو داود: الرجل يضطر فيشتري شعيرا روميا من رجل في السر ثم يرفعه إلى المقسم؟ قال: لا, قلت: إذا رفعه إلى صاحب المقسم أخذ منه1 ثمنه؟ قال: لا, أليس هو حمله على البيع, وكره أن يشتريه, وأبى أن يرخص له.
والسكر والمعاجين ونحوها كطعام, وفي العقاقير وجهان "م 8" ولا يضحى بشيء فيه الخمس, ولا ينبغي أن يبيع حنطة بشعير أو عكسه, لكن
ـــــــ
تنبيه" قوله "وعنه: لا يرده إن كان قليلا فيها". الأحسن أو الصواب إسقاط لفظة "فيها" لأنه معطوف على ما قبله, وقد قال: ويرد ما فضل معه منه في الغنيمة.
"مسألة 8" قوله. والسكر والمعاجين ونحوها كطعام, وفي العقاقير وجهان, انتهى. وأطلقهما في الرعايتين والحاويين:
"أحدهما": هو كالطعام, وهو الصواب, بل أولى, فينتفع به بلا إذن ولا حاجة.
"والوجه الثاني": ليس له أخذ ذلك.
ـــــــ
1 ليست في "ر".

(10/290)


يعطيه بلا ثمن, نص على ذلك, ولا يغسل ثوبه بصابون, فإن غسل فقيمته في المقسم, نقله أبو طالب, ولا يجعل في الفيء ثمن كلب وخنزير1, بل باز لا بأس بثمنه, نقله صالح, ويخص الإمام بكلب من شاء, ولا يدخل في غنيمة, ويكسر الصليب ويقتل الخنزير, قاله الإمام أحمد, ونقل أبو داود: يصب الخمر ولا يكسر الإناء, وله دهن بدنه لحاجة, ودابته, وشرب شراب, ونقل أبو داود: دهنه بزيت للتزين لا يعجبني, وليس لأجير لحفظ غنيمة ركوب دابة منها إلا بشرط. وإن أسقط بعضهم حقه ولو مفلسا, وفي سفيه وجهان فهو للباقي "م 9" لأنه ملك التملك, وفي ملكه بتملكه قبل القسمة وجهان "م 10" وفي البلغة: إن أعرض عنه قبل القسمة صح, على
ـــــــ
مسألة 9" قوله: "وإن2 أسقط بعضهم حقه ولو مفلسا, وفي سفيه وجهان, فهو للباقي", انتهى.
3أحدهما: يسقط حفه وهو ظاهر كلامه في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم لأنه ملك التملك3 لأنهم أطلقوا السقوط من غير استثناء.
"والوجه الثاني" لا يسقط, وهو الصواب وقواعد المذهب تقتضيه, وهو ظاهر كلام الأكثر في الحجر.
"مسألة 10" قوله: "وفي ملكه بتملكه قبل القسمة وجهان", انتهى.
قال القاضي: لا يملكون قبل القسمة, وإنما ملكوا أن يتملكوا, وقال أيضا: لأن الغنيمة إذا قسمت بينهم لم يملك حقه منها إلا بالاختيار, وهو أن يقول: اخترت
ـــــــ
1 في "ر" "وخنزيره".
2 في "ص" "ولو".
3 3 ليست في "ط".

(10/291)


الأصح, قال: ولو قالوا اخترنا القسمة لم يسقط بالإعراض, وإن أسقط الكل فهي فيء.
ومن أعتق منها رقيقا أو كان يعتق عليه عتق إن كان قدر حقه, وإلا1 فكعتقه شقصا, نص عليه. وفي الإرشاد2: لا يعتق, وقيل به إن كانت أجناسا. وفي البلغة فيمن يعتق عليه ثلاث3 روايات, الثالثة موقوف إن تعين سهمه في الرقيق عتق وإلا فلا.
والغال وهو من كتم ما غنمه يلزم تحريق رحله وقت غلوله إن كان
ـــــــ
تملكها, فإذا اختاره ملك حقه, قال الشيخ تقي الدين وهذا ليس بصحيح. "قلت": الصواب ما قاله الشيخ تقي الدين, وأنه لا يحتاج في دخوله إلى ملكه الاختيار, والله أعلم.
ـــــــ
1 بعدها في الأصل "فلا".
2 ص "400".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/292)


حيا حرا مكلفا, والمراد ملتزما, وذكره الآدمي البغدادي, وقيل: ولو باعه أو وهبه, ولا يحرق سلاح ومصحف ونفقة ودابة وآلتها, والأصح: وكتب علم, وثيابه التي عليه, وقيل: ساتر العورة فقط, ويضرب ولا ينفى, نص عليه, وعنه: ويحرم سهمه, اختاره الآجري ولم يستثن إلا المصحف والدابة, وأنه قول أحمد.
وقيل: يباع مصحف1 ويتصدق به, وما لم تحرقه النار فله, ويؤخذ ما غل للمغنم, فإن تاب بعد القسمة أعطى الإمام خمسه وتصدق ببقيته. وقال الآجري: يأتي به الإمام فيقسمه في مصالح المسلمين وإن من ستر على غال أو2 أخذ ما أهدي له منها أو باعه إمامه3 أو4 حاباه فهو غال.
واختار شيخنا وبعض المتأخرين أن تحريق رحل الغال من باب5 التعزير لا الحد الواجب, فيجتهد الإمام فيه بحسب المصلحة, وهذا
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "مصحفه".
2 في "ط" "و".
3 في النسخ و"ط" "إمام" والمثبت من الإنصاف "10/301".
4 في "ر" و"ط" "و"
5 ليست في "ط".

(10/293)


أظهر. وقيل: وسارق منها كغال, جزم به في التبصرة وأنه سواء كان له سهم أو لا.
وإن دخل قوم أو واحد ولو عبد إلى دار حرب بلا إذن فغنيمتهم فيء, وعنه: كغنيمة, اختاره القاضي وأصحابه والشيخ, وعنه: لهم, فعلى الوسطى بسرقة منع وتسليم "م 11" وفيه في البلغة بسرقة واختلاس الروايات. ومعناه في الروضة, فإن كان لهم منعة فالروايتان الأولتان, وقيل: والثالثة.
ولا ينفسخ نكاح بسبي زوجين معا ورقهما, وعنه ينفسخ واختاره الشيخ إن تعدد السابي, وينفسخ بسبي زوجة, اختاره الأكثر, وعنه: لا, نصره أبو الخطابي, وقدمه في التبصرة, كزوجة ذمي, وقيل: أو زوج, وهو ظاهر كلامه.
وهل تتنجز أو تقف على فوت إسلامهما في العدة؟ في البلغة
ـــــــ
مسألة 11" قوله "وإن دخل قوم أو واحد ولو عبد دار حرب بلا إذن فغنيمتهم فيء, وعنه: هي كغنيمة, اختاره القاضي وأصحابه والشيخ, وعنه: لهم, فعلى الوسطى1 "فيما أخذوه" بسرقة منع وتسليم", انتهى.
ظاهر كلام الشيخ في المغني2 والشارح وغيرهما أنه غنيمة. بل هو كالصريح في كلامهم, وهو الصواب.
فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب والله أعلم.
ـــــــ
1 بعدها في "ط" "فيما أخذوه".
2 "13/167"

(10/294)


الوجهان, وليس بيع الزوجين القنين أو أحدهما طلاقا نقله الجماعة, لقيامه مقام البائع, قال أحمد رضي الله عنه خبر بريرة1 لا حجة فيه, لأنه قبل {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] ولولا ذلك لم يخف على ابن عباس, وهو رواه2, فكيف هذا إلا والآية بعد خبر بريرة, قيل له: فما يرد هذا؟ قال: فعل الأكابر مثل عمر وعثمان وعلي. وقال: أذهب إلى خبر أبي سعيد أنها في المشركات3, ونقل ابن منصور: يكون بيعها طلاقا قول ابن عباس4, قال أبو بكر: وبالأول أقول, ونقل أبو داود فيمن اشترى أمة فقالت لي زوج: هي عليك حرام, وللسيد بيعهما وبيع أحدهما نقله حنبل والله أعلم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه الطبري في تفسير "5/3 – 4".
2 في "ط" "رواية" وقد أخرج الطبري في تفسيره "5/1" عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير الآية كل ذات زوج إتيانها زنى إلا ما سبيت.
3 أخرج مسلم في صحيحه "1456" "33" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ارسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل في ذلك {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]
4 بعدها في "ر" "أو".

(10/295)


باب حكم الأرضين المغنومة
مدخل
...
باب حكم الأرضين المغنومة
ما أخذ عنوة بالسيف فعنه: يصير وقفا ويكون أرض عشر, وعنه: يقسم كمنقول, ولا يعتبر لفظ, والمذهب: للإمام قسمها, فلا خراج, بل أرض عشر, ووقفها لفظا. وفي المغني1: أو يتركها للمسلمين بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر معه من مسلم أو ذمي كأجرة, و2يلزم الإمام فعل الأصلح, كالتخيير في الأسارى.
وفي المجرد: أو يملكها لأهلها أو غيرهم بخراج, فدل كلامهم أنه لو ملكها بغير خراج كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لم يجز, وقاله أبو عبيد3: لأنها مسجد لجماعة المسلمين, وهي مناخ من سبق, بخلاف بقية البلدان, ولما قال "ش" فتحت مكة صلحا قال: سبق لهم أمان, فمنهم من أسلم قبل أن يظهر لهم على شيء, ومنهم من لم يسلم.
وقيل: الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره, فكيف يغنم مال مسلم أو مال من بذل له الأمان؟ قال في المغني: فما فعله الإمام من وقف وقسمة ليس لأحد نقضه وفيه4 في البيع: إن حكم بصحته حاكم صح بحكمه كالمختلفات, وكذا بيع إمام لمصلحة, لأن فعله كالحكم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 "4/189 – 190".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 في "الأموال" "159".
4 أي: في المغني "4/195".

(10/296)


وما أخذ لذهاب أهلها خوفا منا أو صالحونا على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج فدار إسلام, فتجب الجزية ونحوها, وتصير وقفا, وعنه: بوقف الإمام, فقبله كفيء منقول. وإن صالحناهم على أنها لهم ولنا الخراج عنها فدار عهد, وهي ملكهم, وقيل: يمنع إحداث كنيسة وبيعة.
وفي الترغيب: إن أسلم بعضهم أو باعوا المنكر من مسلم منعوا إظهاره, وخراجهما كجزية يسقط إن أسلموا أو صارت لمسلم, وقيل: أو ذمي, وعنه: لا يسقط, نقلها حنبل, لتعلقه بالأرض, كالخراج الذي ضربه عمر1, وكذا في الترغيب, وذكر فيما صالحناهم على أنه لنا ونقره معهم بخراج: لا يسقط خراجه بإسلام وعنه: بلى, كجزية.
ويجتهد الإمام في الخراج والجزية, فيزيد وينقص بقدر الطاقة, قال الخلال: رواه الجماعة. وعنه: إلا أن جزية أهل اليمن دينار, اختاره أبو بكر, وعنه: يعمل بما وظفه عمر2, وعنه: له الزيادة فيه, وعنه: جوازهما في الخراج خاصة, اختاره الخرقي والقاضي وقال: نقله الجماعة, قال أحمد: هو بين في حديث عمر: إن زدت عليهم كذا فلا تجهدهم3, إنما أراد عمر ما تطيق الأرض.
وفي الواضح رواية في جزية: يجوز النقص فقط والخراج على
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه أبو عبيد في الأموال "146".
2 أخرجه أبو عبيد في الأموال "154".
3 أخرجه أبو عبيد في الأموال "181".

(10/297)


ماله ماء1 يسقي, وإن لم يزرع, وعنه أو أمكن زرعه بماء السماء, قال ابن عقيل: أو2 الدواليب, وإن أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل: أو زرع ما لا ماء له فروايتان "م 1" وفي الواضح روايتان فيما لا ينتفع به مطلقا.
وفي المحرر: ما زرع عاما وأريح آخر عادة فنصف خراج. وفي المذهب مثله إن لم يمكن زرعه إلا كذا. وفي الترغيب كالمحرر, وفيه: يؤخذ خراج ما لم يزرع, عن أقل ما يزرع, وأن البياض بين النخل ليس فيه إلا خراجها, وهذه في التبصرة, قال شيخنا: ولو يبست الكروم بجراد أو غيره سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع, قال: وإذا لم يمكن النفع به ببيع أو إجارة أو عمارة أو غيره لم تجز المطالبة بالخراج. ومن عجز عن عمارتها أجبر على إجارتها أو رفع يده.
ـــــــ
مسألة: 1: قوله: إن أمكن إحياؤه فلم يفعل وقيل: أو زرع ما لا ماء له فروايتان. انتهى.
إحداهما: لا خراج عليه وهو الصحيح قدمه في المغني3 والكافي4 والشرح5 والرعاية وغيرهم.
6والرواية الثانية: عليه الخراج6.
ـــــــ
1 في "ط" "ما".
2 في النسخ "و" والمثبت من "ط".
3 لم نجدها في مظانها.
4 "5/556".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/320".
6 6ليست في "ط" والمثبت من النسخ الخطية.

(10/298)


والخراج كدين. قال 1الإمام أحمد1: يؤديه ثم يزكي, وللإمام وضعه عمن له دفعه إليه, وقال أحمد: لا يدع خراجا, ولو تركه أمير المؤمنين كان هذا, فأما من دونه فلا, وإن ترك شيئا من العشر أو تركه الخارص تصدق بقدره.
وله رشو العامل والهدية لدفع الظلم فقط, نص عليه, وأنه لا يجوز أن يصانع من قد استحلف بالأيمان المغلظة, فإنه إن صانعهم أحنثهم, والأخذ حرام. والرشوة ما أعطاه بعد طلبه, والهدية ابتداء, قاله في الترغيب, وهل ينتقل الملك؟ يأتي في هدية القاضي2 "م 2".
ولا يحتسب بما ظلم في خراجه من عشر, قال أحمد: لأنه غصب, وعنه: بلى, اختاره أبو بكر "وما فيها شجر وقت الوقف ثمره المستقبل كمجدد فيه عشر الزكاة مع خراج, وقيل هي للمسلمين بلا عشر جزم به في الترغيب", ولا خراج على المساكن, وكان أحمد يخرج عن داره, لأن بغداد كانت مزارع وقت3 فتحت ومكة فتحت عنوة "و هـ م" فيحرم بيعها
ـــــــ
مسألة 2 " قوله "وهل ينتقل الملك؟ يأتي في هدية القاضي", انتهى.
"قلت": قال المصنف في باب أدب القاضي: ويحرم قبوله رشوة وكذا هدية, فإن قبل فقيل: يؤخذ لبيت المال, لخبر ابن اللتبية4, وقيل: ترد, كمقبوض بعقد فاسد, وقيل: تملك بتعجيله المكافأة. انتهى, فأطلق الخلاف أيضا, ويأتي تحرير ذلك هناك
ـــــــ
1 1 ليست في الأصل.
2 "11/139".
3 في "ط" "وقد".
4 أخرجه البخاري "7174" ومسلم "1832" "26" عن أبي حميد الساعدي.

(10/299)


وإجارتها "و هـ م" كبقاع المناسك, وجوزهما الشيخ, واختار شيخنا البيع فقط, واختاره صاحب الهدي فيه; لأنه إنما استحق التقدم على غيره بهذه المنفعة, واختص بها لسبقه وحاجته, فهي كالرحاب والطرق الواسعة.
والإقامة على المعادن وغيرها من المنافع والأعيان المشتركة التي1 من سبق إليها فهو أحق بها ما دام ينتفع, ولا يملك المعاوضة, وإنما جاز البيع لوروده على المحل الذي كان البائع أخص2 به من غيره, وهو البناء, وإنما ترد الإجارة على المنفعة وهي مشتركة, ويجوز بيع المكاتب ولا تجوز إجارته, وعنه: يجوز3 الشراء لحاجة, وإن سكن بأجرة فعنه: لا يأثم بدفعها, جزم به الشيخ, وعنه: إنكار عدمه, جزم به القاضي "م 3" لالتزامه,
ـــــــ
إن شاء الله تعالى وأن الصحيح أنها ترد.
"مسألة 3" قوله: "وإن سكن فيها بأجرة "فعنه" لا يأثم بدفعها, جزم به الشيخ, وعنه: إنكار عدمه, جزم به القاضي", انتهى.
ما قاله الشيخ هو الصحيح, وقطع به الشارح أيضا, وما قاله القاضي لم أطلع على
ـــــــ
1 في الأصل "الذي".
2 في "ط" "اختص".
3 ليست في الأصل.

(10/300)


قال أحمد: لا ينبغي لهم أخذه, ويتوجه مثله فيمن عامل بعينة1 ونحوها في الزيادة عن رأس ماله, و2قال شيخنا: هي ساقطة يحرم بذلها ومن عنده فضل ترك فيه, لوجوب بذله, وإلا حرم, نص عليه, نقل حنبل وغيره "سواء العاكف فيه والباد" وأن مثله السواد, كل عنوة, وعنه: صلحا "و ش" فيجوزان "و ش".
وفي المستوعب: وقيل قد يحلف3 على فتحها عنوة أو صلحا فيفتيه بما صح عنده4, ويتوجه من كلام جماعة: لا حنث للشك. ولا خراج على مزارعها لأنه جزية الأرض. وفي الانتصار على الأولى: بلى "خ" كسائر أرض العنوة, قال صاحب المحرر: لا أعلم من أجاز ضرب الخراج عليها سواه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب عليها شيئا5 والحرم كمكة, نص عليه,
وعنه: له البناء والانفراد به, ويكره أخذ أرض خراجية, 6نص عليه6
ـــــــ
من اختاره, وهو المعمول به في هذه الأعصر.
ـــــــ
1 في "ر" "بعينه".
2 ليست في "ط".
3 في "ط" "يحل".
4 في "ط" "عنه".
5 تقدم تخريجه في الورقة "296".
6 6ليست في "ر".

(10/301)


"و م", لأجله وقيل للحوادث, سبق كلام القاضي في السابع من شروط البيع1 وقال أبو داود2 "باب الدخول في أرض الخراج" حدثنا هارون بن محمد بن بكار أنبأنا محمد بن عيسى يعني ابن سميع حدثنا زيد بن واقد حدثني أبو عبد الله عن معاذ قال: "من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم" , إسناد جيد.
حدثنا3 حيوة بن شريح الحضرمي حدثنا بقية أخبرني عمارة بن أبي الشعثاء حدثني سنان بن قيس حدثني شبيب بن نعيم حدثني يزيد بن خمير حدثني أبو الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أرضا بجزيتها فقد استقال هجرته, ومن نزع صغار كافر من عنقه فجعله في عنقه فقد ولى الإسلام ظهره" قال: فسمع مني خالد بن معدان هذا الحديث فقال لي: أشبيب حدثك؟ قلت: نعم, قال: فإذا قدمت فسله. فليكتب إلي بالحديث, قال: فكتبه له, فلما قدمت سألني خالد بن معدان القرطاس فأعطيته, فلما قرأه ترك ما في يديه من الأرضين حين سمع ذلك, عمارة مجهول, تفرد عنه بقية.
وفي جواز تفرقة الخراج لربها روايتان "م 4"
ـــــــ
مسألة 4" قوله "وفي جواز تفرقة الخراج لربها روايتان", انتهى.
قال القاضي أبو الحسن في التمام: اختلفت الرواية هل يجوز لرب الأرض أن يتولى تفرقة الخراج بنفسه؟ على روايتين المنصوص منها يجوز ذلك, انتهى.
ـــــــ
1 "6/166".
2 في سننه في ترجمة الحديث "3081".
3 يعني أبا دود في سننه "3082".

(10/302)


ومصرف خراج كفيء, وجزم به ابن شهاب وغيره بالمنع, لافتقاره إلى اجتهاد, لعدم تعيين مصرفه, ولأن الخراج والغنيمة1 لمصالح المملكة, لأن بها يجتمع الجند على باب السلطان, فينفذ أوامر الشرع, ويحمي البيضة, ويمنع القوي من الضعيف, فلو فرقه غيره تفرقوا و2زالت حشمته وطمع فيه, فجر ذلك إلى الفساد والكلف3 التي تطلب من البلدان بحق أو غيره, يحرم توفير بعضهم, وجعل قسطه على غيره, ومن قام فيها بنية العدل وتقليل الظلم مهما أمكن لله فكالمجاهد في سبيل الله. ذكره شيخنا.
قال في الأحكام السلطانية في كتاب الديوان: يعمل بما وثق به من خط أمناء الكتاب في الرسوم والحقوق, لأنه العرف المعهود, ويعمل في استيفاء الحق ممن وجب عليه بإقرار العامل يقبضه, والذي عليه الدواوين أو بخطه المعروف والذي عليه الفقهاء إن أقر به
ـــــــ
"قلت": الصواب عدم الجواز لا سيما في هذه الأزمنة, وكلامهم في كون القاضي يلي جبايته أو لا يليها يدل على ذلك, والله أعلم. 4ومما يقوي ذلك ما قطع به ابن شهاب وغيره, كما ذكره المصنف في المتن فإنه يتعلق بالمسألة لكن المصنف أدخل أن مصرف الخراج كالفيء بين الكلامين, والذي يظهر أن قوله, مصرف الخراج كالفيء, محلها قبل قوله "وهو جواز تفرقة الخراج لربها روايتان" وهو واضح4.
ـــــــ
1 في "ر" "القسمة".
2 في "ط" "أو".
3 جمع كلفة وهي المشقة.
4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/303)


وأنكر قبضه لزمه ذلك اعتبارا بالعرف, ويتوجه وجه: لا, ويعمل في استيفائه من العامل إن كانت خراجا إلى بيت المال بإقرار صاحب بيت المال "وأما خطه1 فكما تقدم, وإن كانت خراجا في حقوق بيت المال" فبتوقيع ولي الأمر, وهو حجة للعامل في جواز الدفع فأما في الاحتساب به له فاحتمالان فإن شك كاتب الديوان في التوقيع عرضه على الموقع, فإن أنكره لم يحتسب به للعامل, ثم إن أمكن العامل أن يرجع رجع, وإن لم يمكنه فطلب يمين الموقع, فإن أنكر صحة الخراج لم يحلف, وإن علمه لم يحلف في عرف السلطنة بل في حكم القضاء, ومن ادعى دفع خراج ونفقة واحتج بتوقيع ولي الأمر فكما تقدم, ويشترط أن لا يخرج من المال, إلا ما علم صحته, وأن لا يبتدئ به حتى يستدعي منه, كالشهادة, ويتوجه جواز الابتداء به.
والمستدعى لإخراج المال من نفذت توقيعاته, فإذا وقع بإخراج مال لزم الأخذ به, فإن استراب الموقع بإخراجه فله سؤال من أين أخرجه, ويطالبه بإحضار شواهد الدين به, وإن لم يجز للحاكم أن يسأل الشاهد عن
ـــــــ
تنبيه" قوله: "وهو حجة للعامل في جواز الدفع, فأما في الاحتساب به له فاحتمالان"2, انتهى, هذا من تتمة كلام القاضي في الأحكام السلطانية.
3فهذه أربع مسائل في هذا الباب3.
ـــــــ
1 في "ط" "حفظه".
2 في النسخ الخطية "فالاحتمالان" والمثبت من "ط".
3 3 ليست في "ط".

(10/304)


سبب شهادته, كذا قال, والأشهر خلافه, فإن أحضرها ووقع في نفسه صحتها فلا ريبة, وإن ذكر أنه أخرجها من حفظه لتقدم علمه بها فقوله معلول, ويخير الموقع في قبوله منه ورده عليه وليس له إحلافه والله أعلم.
ـــــــ
........................................

(10/305)


باب الأمان
مدخل
...
باب الأمان
يصح منجزا ومعلقا من كل مسلم عاقل مختار حتى عبد أو أسير أو أنثى. نص على ذلك, قال في عيون المسائل وغيرها: إذا عرف المصلحة فيه, وذكر غير واحد الإجماع في المرأة بدون هذا الشرط. وعنه: مكلف, وقيل: يصح للأسير من الإمام, وقيل والأمير بما يدل عليه من قول أو إشارة, فقم, أو قف, أو ألق سلاحك, أمان.
كما لو أمن يده أو بعضه, أو سلم عليه, أو لا تذهل, أو لا بأس, وقيل: كناية, فإن اعتقده الكافر أمانا ألحق بمأمنه وجوبا, وكذا نظائره, قال أحمد: إذا أشير إليه بشيء غير الأمان فظنه أمانا فهو أمان, وكل شيء يرى العلج أنه أمان فهو أمان, وقال: إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله, لأنه إذا اشتراه فقد آمنه.
ويصح من الإمام للكل, ومن الأمير لمن جعل بإزائه, ومن غيرهما لقافلة فأقل, قيل: لقافلة صغيرة وحصن صغير, وأطلق في الروضة
ـــــــ
........................................

(10/306)


لحصن أو بلد, وأنه يستحب استحبابا أن لا يجار على الأمير إلا بإذنه, وقيل لمائة "م 1".
ويقبل من عدل: إني أمنته, في الأصح, كإخبارهما أنهما أمناه, كالمرضعة على فعلها, وعند الآجري يصح لأهل الحصن ولو هموا بفتحه من عبد أو امرأة أو أسير عندهم: يروى مع عمر1, وأنه قول فقهاء المسلمين. سأله أبو داود: لو أن أسيرا في عمورية نزل بهم المسلمون فأمن الأسير أهل القرية: قال يرحلون عنهم.
ويحرم الأمان للقتل والرق, قاله الأصحاب: وفي الترغيب: ويحتمل
ـــــــ
"مسألة 1" قوله "ومن غيرهما لقافلة فأقل, قيل: لقافلة صغيرة وحصن صغير, وأطلق في الروضة لحصن أو بلد, وأنه يستحب استحبابا أن لا يجار على الأمير إلا بإذنه, وقيل: لمائة", انتهى.
أطلق الخلاف في مقدار القافلة والحصن, هل يشترط أن يكونا صغيرين عرفا أو مائة.
"القول الأول" هو ظاهر ما قطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني2 والمحرر والشرح3 والوجيز وغيرهم, لإطلاقهم القافلة, وقدمه في الرعايتين والحاويين, وهو الصواب.
"والقول الثاني" وهو اشتراط كون القافلة أو الحصن مائة فأقل اختاره ابن البناء.
ـــــــ
1 أخرجه سعيد بن منصور في سننه "2/233".
2 "13/77".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/346".

(10/307)


أن لا يصح أمان امرأة عن الرق. قال: ويشترط للأمان عدم الضرر علينا, وأن لا تزيد مدته على عشر سنين, وفي جواز إقامتهم بدارنا هذه المدة بلا جزية وجهان.
وإذا أمنه سرى إلى ما معه من أهل ومال إلا أن يصرح: أمنتك نفسك فقط.
ومن جاء بأسير فادعى أنه أمنه قبل قول المنكر, وعنه: الأسير, وعنه: يعمل بظاهر الحال, ويتوجه مثله أعلاج استقبلوا سرية دخلت بلد الروم فقالوا: جئنا مستأمنين, قال في رواية أبي داود: إن استدل عليهم1 بشيء, قلت: وقفوا فلم يبرحوا ولم يجددوا بسلاحا.
ـــــــ
"تنبيه" قوله: "قال في الترغيب يشترط للأمان عدم الضرر علينا, وأن لا تزيد مدته على عشر سنين, وفي جواز إقامتهم بدارنا هذه المدة بلا جزية وجهان", انتهى.
الظاهر أن هذا من تتمة كلام صاحب الترغيب, بل هو الصواب, لأن المصنف قال بعد ذلك بأسطر: ويعقد لرسول ومستأمن ولا جزية مدة الأمان2, نص عليه, وقيل: "بلى إن أقام سنة, واختاره شيخنا" انتهى.
ولعل صاحب الترغيب خص ذلك بعشر سنين, وعلى كل حال الصحيح من المذهب الجواز, اختاره القاضي وغيره, وقدمه في المقنع3 وغيره, والقول بعدم الجواز اختاره أبو الخطاب والشيخ تقي الدين وغيرهما.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط" "الأمن".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/356".

(10/308)


فرأى لهم الأمان.
ومن أسلم في حصن أو فتحه بأمان واشتبه حرم قتلهم, نص عليه, ورقهم. وعند أبي بكر وصاحب التبصرة: يخرج واحد بقرعة ويرق الباقي, ويتوجه مثل المسألة لو نسي أو اشتبه من لزمه قود فلا قود, وفي الدية بقرعة الخلاف. ويعقد لرسول ومستأمن, ولا جزية مدة الأمان, نص عليه, وقال أيضا: وذلك إذا أمنه الإمام, وقيل: بلى إن أقام سنة واختاره شيخنا.
ومن جاءنا وادعى أنه رسول أو تاجر وصدقته عادة قبل وإلا فكأسير, ونقل أبو طالب: إن لم يعرف بتجارة ولم يشبههم ومعه آلة حرب لم يقتل1 وحبس, وإن ضل الطريق أو حملته ريح في مركب أو شرد إلينا دابة فلمن أخذه, وعنه: فيء, ونقل ابن هانئ: إن دخل قرية وأخذوه فهو لأهلها.
ويحرم دخوله إلينا بلا إذن, وعنه: يجوز رسولا وتاجرا, اختاره أبو بكر. وفي الترغيب: دخوله لسفارة أو لسماع قرآن أمن بلا عقد, لا لتجارة, على الأصح فيها, بلا عادة, نقل حرب في غزاة في البحر وجدوا تجارا تقصد بعض البلاد: لم يعرضوا لهم.
وينتقض الأمان بردة وبالخيانة, وإن أودع أو أقرض مستأمن مسلما
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "يقتل".

(10/309)


مالا أو تركه وعاد لإقامته بدار حرب, أو انتقض عهد ذمي يبقى أمان ماله, وقيل: ينتقض ويصير فيئا, وعنه: في الذمي ومتى لم ينتقض فطلبه أعطيه, فإن مات فلوارثه, فإن عدم ففيء. ولو أسر واسترق فقيل صار فيئا, والأشهر يوقف "م 2".
فإن عتق أخذه وإن مات قنا ففيء: وقيل: لوارثه, وإن أطلق كفار أسيرنا بشرط إقامته عندهم أبدا أو مدة معينة أو يرجع إليهم لزمه الوفاء, نص عليه, وقيل: يهرب: وإن لم يشرطوا وأمنوه فله الهرب لا الخيانة, ويرد ما أخذ, وإن لم يأمنوه فله الأمران, وقتلهم, نص على ذلك, قال أحمد: إذا أطلقوه فقد أمنوه, وقال: إذا علم أنهم أمنوه فلا. "قيل له: إنه مطلق, قال: قد يكون يطلق ولا يأمنونه, إذا علم أنهم أمنوه فلا" يقتل. وقيل له أيضا: الأسير يمكنه أن يقتل منهم يجد غفلة, قال: إن لم يخف أن يفطنوا به.
وقيل له: يسرق ممن حبس معه؟ قال: إذا كانوا يأمنونه فلا, وإن شرطوا مالا باختياره بعثه, فإن عجز لزمه العود, نص عليهما. وعنه: يحرم, كامرأة لخوف فتنتها. فيتوجه منه أنه يبدأ بفداء جاهل, للخوف
ـــــــ
مسألة 2" قوله: ومتى لم ينتقض فطلبه أعطيه, فإن مات فلوارثه, فإن عدم ففيء ولو أسر واسترق فقيل صار فيئا, والأشهر يوقف, انتهى.
الأشهر هو الصحيح من المذهب, اختاره القاضي وغيره, وقدمه في الرعايتين والنظم والحاويين وغيرهم, والقول الأول اختاره المجد. فهاتان مسألتان في هذا الباب.

(10/310)


عليه, ويتوجه عالم لشرفه وحاجتنا إليه وكثرة الضرر بفتنته. وذكر الآجري عن "ش" وأحمد: إن صالحهم على مال مختارا ينبغي أن يفي لهم به, قال أحمد: لو قال الأسير لعلج أخرجني إلى بلادي وأعطيك كذا, وفى له.
"ولو جاء" العلج بأسير على أن يفادي بنفسه فلم يجد قال: يفديه المسلمون إن لم يفد من بيت المال, ولا يرد. قال أحمد: والخيل أهون من السلاح, ولا يبعث السلاح, قال: ولو خرج الحربي بأمان ومعه مسلمة يطلب بنته فلم يجدها لم ترد المسلمة معه, ويرضى ويرد الرجل 1والله أعلم1.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 1 ليست في "ط".

(10/311)


باب الهدنة
مدخل
...
باب الهدنة
لا تصح إلا من إمام أو نائبه. وفي الترغيب: لآحاد الولاة عقده مع أهل قرية, ولا يصح إلا حيث جاز تأخير الجهاد مدة معلومة لازمة, قال شيخنا: وجائزة, وعنه عشر سنين, وإن زاد فكتفريق الصفقة. وبمال منا لضرورة. وفي الفنون: لضعفنا مع المصلحة. وقاله أبو يعلى الصغير: لحاجة, وكذا قاله أبو يعلى في الخلاف في المؤلفة, واحتج بعزمه عليه السلام على بذل شطر نخل المدينة1.
وفي الإرشاد2 وعيون المسائل والمبهج والمحرر: يجوز مع المنع أربعة أشهر لقوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] وقيل: دون عام. وإن قال هادنتكم ما شئنا أو شاء فلان لم يصح, في الأصح, كقوله: نقركم ما أقركم الله, واختار شيخنا صحته أيضا, وأن معناه ما شئنا, وصحتها مطلقة, لكن جائزة ويعمل بالمصلحة, لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود المطلقة وإتمام الموقتة "هـ" إلا بسبب, وكذا قاله القاضي وغيره في الموقتة, وقال: كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم عهد لا يصد أحد عن البيت, ولا يخاف في الشهر الحرام3, فجعله الله أربعة أشهر, لأن الأمان للحجاج لم يكن بعهد, ولأن البراءة خاصة بالمعاهد, والمنع عن البيت عام.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "9737".
2 ص "404".
3 أخرجه البخاري في صحيحه "2731".

(10/312)


والقتل في الشهر الحرام حرم في البقرة, وفي نسخه نزاع, فإن قيل نسخ فليس في آية البراءة ما يدل على نسخه, وتحريمه كان عاما, ولا عهد قبل الحديبية, ولأنه استثنى ممن تبرأ إليهم من عاهده عند المسجد, ويحرم قتالهم في شهر حرام وغيره, فكيف يكون ما أباحه هو القتال فيه, وأخذ صاحب الهدي من قوله عليه السلام "نقركم ما أقركم الله" 1 جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم, وأجلاهم عمر بعد موته, وإن هذا مذهب ابن جرير الطبري, وإنه قول قوي2 يسوغ العمل به للمصلحة, قال: ولا يقال لم يكن أهل خيبر أهل ذمة, بل أهل هدنة, لأنهم كانوا أهل ذمة, لكن3 لم يكن فرض الجزية نزل.
وقال في الكلام على قصة هوازن4: فيها دليل على أن المتعاقدين إذا جعلا بينهما أجلا غير محدود جاز, وهو رواية في الخيار, لأنه لا محذور. وإن شرط نقضها متى شاء أو إدخالهم الحرم أو إعطاء سلاح أو رد مسلم صبي أو امرأة, وعلى الأصح: أو رد مهرها ونحو ذلك فشرط فاسد, وفي فساد عقدها, وعقد ذمة به وجهان "م 1 و 2".
ـــــــ
"مسألة 1 و 2" قوله: "وإن شرط نقضها متى شاء أو إدخالهم الحرم أو إعطاء سلاح أو رد مسلم صبي أو امرأة, وعلى الأصح: أو رد مهرها5, ونحو ذلك
ـــــــ
1 أخرجه البخاري في صحيحه "2730" من حديث عمر.
2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط" "لو".
4 أخرجه البخاري في صحيحه "2307" من حديث مسور بن مخرمة.
5 في النسخ الخطية "مهر" والمثبت من "ط".

(10/313)


وفي المبهج رواية: يرد مهر من شرط ردها مسلمة, ونصر "لا يلزم" كما لو لم يشترط: ذكر ذلك آخر الجهاد: في فصل أرض العنوة والصلح. وقال قبيل كتاب الجزية: نقل جعفر: المرأة منهم تجيء إلينا اليوم مسلمة يرد على زوجها المهر, فإن ذلك كان حينئذ, ولا ترد المرأة, والظاهر أنه سقط "لا" قال شيخنا: رد المال الذي هو عوض عن رد المرأة المشروط1 ردها منسوخ أما رده نفسه فلا ناسخ له, ولو2 لم تبق امرأة
ـــــــ
فشرط فاسد3 "لا يجب الوفاء به" وفي فساد عقدها وعقد ذمة به وجهان", انتهى.
ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى 1" الهدنة إذا شرط فيها ما ذكر فسد الشرط, وهل يفسد العقد أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني4 والمحرر والشرح5 وشرح ابن منجى وابن رزين والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم, قال في المغني4 والهداية والشرح5 وشرح ابن منجى والحاوي وغيرهم: بناء على
ـــــــ
1 في "ط" "الشرط".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 بعدها في "ط" "لا يجب الوفاء به".
4 "13/162".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/382".

(10/314)


يشترط ردها فلا يرد مهرها لعدم سببه فإن وجد سببه و1هو إفساد النكاح فالآية دلت عليه ولم يفسخ2, وفي لزوم, مسلم تزوجها رد مهرها الذي كان دفعه إليها زوج كافر3 إليه روايتان ولم يستدل بشيء. وقدم في الانتصار رد المهر مطلقا إن جاء بعد العدة, وإلا ردت إليه, ثم ادعى نسخه, وأن نص أحمد: لا يرده. ويجوز شرط رد رجل مسلم لحاجة, ولا يمنعه منهم, ولا يجبره, ويأمره سرا بقتال وفرار. وفي الترغيب: يعرض له أن لا يرجع, ويلزمنا حمايتهم من مسلم وذمي فقط, فلو أخذهم أو أخذ4 مالهم غيرهما حرم أخذنا ذلك, في الأصح.
ـــــــ
الشروط الفاسدة في البيع, قال الشيخ والشارح وابن رزين: إلا فيما إذا شرط نقضها متى شاء, فينبغي أن لا يصح العقد قولا واحدا, انتهى.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب صحة العقد في الشروط الفاسدة في البيع, فكذا هنا, وهو ظاهر كلامه في الوجيز, وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يصح, كالبيع.
"المسألة الثانية 2" عقد الذمة إذا وقع بهذه الشروط أو بعضها, والحكم فيه كالحكم في عقد الهدنة بهذه الصفة, خلافا ومذهبا. عند الأصحاب, وقد علمت الصحيح من ذلك.
"تنبيه" قوله: "وفي لزوم مسلم تزوجها رد مهرها الذي كان دفعه إليها زوج كافر إليه روايتان", انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط" "يفسخ".
3 في "ط" "كان".
4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/315)


وذكر شيخنا رواية منصوصة: لنا شراؤهم من سابيهم "و هـ" ولنا شراء ولدهم وأهلهم منهم, كحرب, وعنه: يحرم, كذمة, وذكر جماعة: إن قهر حربي ولده ورحمه على نفسه وباعه من مسلم وكافر فقيل: يصح البيع, نقل الشالنجي: لا بأس, فإن دخل بأمان لم يشتر, وقيل: لا يصح, وإنما يملكه بتوصله بعوض وإن لم يكن صحيحا, كدخوله بغير أمان, فيرابيهم, نص عليه, والمسألة مبنية على العتق على الحربي بالرحم هل يحصل أم لا, لأنه من حكم الإسلام.
وإن سبى بعضهم ولد بعض وباعه1 صح, قيل لشيخنا عن سبي ملطية2 مسلميها ونصاراهم فحرم مال المسلمين وأباح سبي النصارى وذريتهم وما لهم, كسائر الكفار3, لأنه4 لا ذمة لهم ولا عهد, لأنهم نقضوا عهدهم السابق من الأئمة بالمحاربة وقطع الطريق, وما فيه غضاضة علينا, والإعانة على ذلك, ولا يعقد لهم إلا من يقاتلهم, حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون, وهؤلاء التتر لا يقاتلونهم على ذلك, بل بعد إسلامهم لا يقاتلون الناس على الإسلام,
ولهذا وجب قتال التتر حتى يلتزموا شرائع الإسلام, منها الجهاد
ـــــــ
هذا من تتمة كلام الشيخ تقي الدين, ولهذا عقبه المصنف بقوله: ولم يستدل بشيء.
ـــــــ
1 في "ط" "أباه".
2 هي بلدة من بلاد الروم تتاخم الشام معجم البلدان "5/192".
3 في "ط" "الكافر".
4 في "ر" "لأنهم".

(10/316)


وإلزام أهل الذمة بالجزية والصغار, ونواب التتر الذين يسمون الملوك لا يجاهدون على الإسلام وهم تحت حكم التتر, قال: ونصارى ملطية وأرض1 المشرق ويهودهم لو كان لهم ذمة وعهد من ملك مسلم يجاهدهم2 حتى يسلموا أو يعطوا الجزية كأهل المغرب واليمن, ثم لم يعاملوا أهل مصر والشام معاملة أهل العهد, جاز لأهل مصر والشام غزوهم واستباحة دمهم ومالهم; لأن أبا جندل وأبا بصير حاربوا أهل مكة مع أن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهدا3, قال: وهذا باتفاق الأئمة, لأن العهد والذمة إنما يكون من الجانبين, وإن اشتبه أن ما أخذ من كافر بمسلم فينبغي الكف, ويتوجه: يحرم, كما قاله شيخنا في سبي مشتبه يحرم استرقاقه, قال: ومن كسب شيئا فادعاه رجل وأخذه فللأول على الثاني ما غرمه عليه من نفقة وغيرها إن لم يعرفه ملك الغير أو عرف وأنفق غير متبرع.
وإن خاف نقضهم العهد جاز نبذه إليهم بخلاف ذمة ويجب إعلامهم قبل الإغارة. وفي الترغيب: إن صدر منهم خيانة 4فإن علموا أنها خيانة4 اغتالهم5 وإلا فوجهان.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" "أهل".
2 في "ط" "يجاهدون".
3 أخرجه البخاري من حديث المسر بن مخرمة "2731" و"2732".
4 4ليست في الأصل.
5 في الأصل "اغتلابهم".

(10/317)


وفي كتاب الهدي لبعض أصحابنا المتأخرين عن سبب الفتح, وهو مساعدة قريش لحلفائهم1 بني بكر بن عبد مناة بن كنانة على خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم2 قال فيها: إن أهل العهد إذا حاربوا من في ذمة الإمام وعهده صاروا حربا نابذين لعهده, وله أن يبيتهم, وإنما يعلمهم إذا خاف منهم الخيانة, وأنه ينتقض عهد الجميع إذا لم ينكروا, وينتقض عهد نساء وذرية تبعا3 لهم. وفي جواز قتل رهائنهم بقتلهم رهائننا روايتان "م 3".
ومتى مات إمام أو عزل لزم من بعده الوفاء بعقده "م" لأنه عقده باجتهاده, فلا ينتقض باجتهاد غيره, وقد جوز ابن عقيل وغيره نقض ما عقده بعض الخلفاء الأربعة نحو صلح بني تغلب, لاختلاف المصالح باختلاف الأزمنة والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــ
مسألة 3" قوله: "وفي جواز قتل رهائنهم بقتلهم رهائننا روايتان", انتهى.
وأطلقهما في المحرر والنظم:
"إحداهما" يجوز, وهو الصحيح, جزم به ابن عبدوس في تذكرته, وقدمه في الرعايتين والحاويين.
والرواية الثانية: لا يجوز, وهو الصواب,
فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 في الأصل "لخلفائهم".
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/233".
3 في "ط" "تباعا".

(10/318)


باب عقد الذمة
مدخل
...
باب عقد الذمة
يحرم ولا يصح عقدها إلا من إمام ونائبه, وقيل: وكل مسلم لمن بذل الجزية والتزم أحكام الملة من أهل الكتابين, ومن تدين بهما كسامرة1 وفرنج وصابئة وهم نصارى, وروي أنهم يسبتون, واختار الشيخ وغيره إن انتسب إلى أحدهما فمن أهله, وإلا فلا, والمجوس لا كتاب لهم, فيجب ما لم يخف غائلة, وعنه: وكل كافر غير وثني من العرب, وصريحها أو ظاهرها, ويقر على عمل كفر وعبادة وثن2. وفي الفنون: لم أجد أصحابنا ذكروا أن الوثني يقر بجزية, قال: ووجدت رواية عن أحمد بخط الشيخ أبي سعيد البرداني أن عبدة الأوثان يقرون بجزية فيعطي هذا أنهم يقرون على عمل أصنام يعبدونها في بيوتهم, ولم يسمع بذلك في سيرة من سير السلف, ومعاذ الله إذا قلنا بتركهم أن نمكنهم من عبادة وثن أو عمل صنم, ولا أعرف لهذه الرواية دليلا, واختار شيخنا في رده على الرافضي أخذها من الكل. وأنه لم يبق أحد من مشركي العرب
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 السامرة: قوم من اليهود يخالفونهم في بعض أحكامهم يسكنون جبال بيت المقدس وقرى من أعمال مصر ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود الملل والنحل "1/514 – 515".
2 ليست في الأصل و"ط".

(10/319)


بعد نزول الجزية بل كانوا أسلموا.
وقال في الاعتصام بالكتاب والسنة: من أخذها من الجميع أو سوى بين المجوس وأهل الكتاب فقد خالف ظاهر الكتاب والسنة, وقد أمر الله تعالى بقتال المشركين في آيات ولم يقل: حتى يعطوا الجزية, وخبر بريدة فيه: "وإذا حاصرت أهل حصن"1 ولا حصون للمشركين, ولم يدع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا منهم إليها وهي نزلت سنة تسع عام تبوك آخر مغازيه, و2قيدها بأهل الكتاب, وقيل: من لم يقبل الجزية من أحد أبويه واختار3 دين الآخر لا يقبل منه.
وصيغة العقد: أقررتكم بالجزية والاستسلام, أو يبذلون ذلك فيقول: أقررتكم على ذلك, أو نحوهما, وقيل: يعتبر فيه ذكر قدر الجزية, وفي ذكر الاستسلام وجهان في الترغيب.
وإن انتقل غير كتابي ومجوسي إلى دينهما قبل البعثة فله حكمهما, وكذا بعدها, وعنه: إن لم يسلم قتل, وعنه: إن تمجس. وفي المذهب والمستوعب والترغيب وذكره أبو الخطاب: قبل البعثة بعد التبديل كبعد البعثة, وقدم في التبصرة: ولو قبل التبديل.
وإن انتقل كتابي أو مجوسي إلى غير دينه فعنه إن لم يسلم قتل,
ـــــــ
....................................................
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "1731" "3".
2 ليست في "ط".
3 في الأصل و"ط" "فاختار".

(10/320)


وعنه: ويقر بدينه الأول, وعنه: يقر بأفضل منه, كمجوسي تهود. وفي الوسيلة وجه: أو يهودي تنصر. وقال شيخنا: اتفقوا على التسوية بين اليهود والنصارى, لتقابلهما وتعارضهما, قال: ويسمون بهما قبل نسخ وتبديل ومؤمنين و1مسلمين, قال: وإن اشترى اليهود نصرانيا فجعلوه يهوديا عزروا على جعله يهوديا, ولا يكون إلا2 مسلما, وعنه يقر بدين يقر أهله, وعنه: إن لم يكن دون الأول "م 1 - 4"
ـــــــ
"مسألة 1 - 4" قوله: "وإن انتقل كتابي أو مجوسي إلى غير دينه, فعنه: إن لم يسلم قتل, وعنه: ويقر بدينه الأول, وعنه يقر بأفضل منه, كمجوسي تهود. وعنه: يقر بدين يقر أهله عليه, وعنه: إن لم يكن دون الأول", انتهى.
في ضمن كلام المصنف أربع مسائل:
"المسألة الأولى 1" إذا انتقل كتابي إلى دين كتابي, مثل تهود3 نصراني أو تنصر4 يهودي فهل يقر مطلقا, أو يقر على ما هو أفضل من دينه, أو لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف, أو لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه؟ فيه روايات:
"إحداهن": لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه, قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب, وجزم به في الوجيز وغيره, وقدمه في الهداية
ـــــــ
1 ليست في "ط" و"ر".
2 ليست في الأصل.
3 في "ط" "أن يتهود".
4 في "ط" "يتنصر".

(10/321)


........................................
ـــــــ
والخلاصة والمقنع1 وإدراك الغاية وغيرهم.
"والرواية الثانية": لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام فقط, وهو احتمال في المقنع.
"والرواية الثالثة": يقر مطلقا, وهو ظاهر كلام الخرقي, واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر, وقدمه في الرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم, وأطلقهن في الشرح2.
"والرواية الرابعة": يقر على أفضل من دينه, كيهودي تنصر, في وجه في الوسيلة. وقال الشيخ تقي الدين: اتفقوا على التسوية بين اليهود والنصارى لتقابلهما وتعارضهما.
"قلت": الصواب أن دين النصرانية أفضل من دين اليهودية الآن وأطلقهن في المحرر وتجريد العناية.
"المسألة الثانية 2" إذا انتقل الكتابي إلى دين غير أهل الكتاب, فهل يقر على دين يقر أهله عليه, كما لو تمجس, أو لا يقر مطلقا; فيه روايتان:
"إحداهما": لا يقر, وهو الصحيح, نص عليه, قال الشيخ الموفق والشارح: لا نعلم فيه خلافا, وقطع به في المقنع3, وابن منجا في شرحه, وصاحب الوجيز وغيرهم, وقدمه في الرعايتين والحاويين.
"والرواية الثانية": يقر على دين يقر أهله عليه, وهو قول في الرعاية وغيرها, فعلى المذهب: لا يقبل منه إلا إسلام أو السيف, وهو الصحيح, نص عليه, واختاره الخلال
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/496".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/499 - 500".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/498".

(10/322)


........................................
ـــــــ
وصاحبه, وجزم به في المقنع1 وشرح ابن منجى, وقدمه في الرعايتين والحاويين, وعنه: لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه, وعنه: يقبل منه أحد ثلاثة أشياء: الإسلام, أو الدين الذي كان عليه أو دين أهل الكتاب. وأطلقهن في المغني2 والمحرر والشرح3 والمصنف.
"المسألة الثالثة 3" إذا انتقل مجوسي إلى دين أهل الكتاب, فهل يقر, أم لا يقبل منه إلا الإسلام, أو لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه, فيه روايات:
"إحداهن" يقر عليه, وهو الصحيح, نص عليه, قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب, 4وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين وعنه لا يقبل منه إلا الإسلام4 وهو احتمال في المقنع5.
"والرواية الثالثة": لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه, وهو قول في الرعايتين, وأطلقهن في المغني والمحرر والشرح. "قلت": ينبغي على الرواية الثالثة أن يقبل منه الدين الذي انتقل إليه, لأنا إذا قبلنا منه الدين الذي كان عليه فلئن نقبل منه الدين الذي انتقل إليه بطريق أولى, لأنه أعلى من دينه, والله أعلم.
"المسألة الرابعة 4" إذا انتقل مجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر, وهل لا يقبل منه إلا الإسلام, أو دين أهل الكتاب, أو لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه, أو لا يقبل منه إلا الإسلام فقط, فيه روايات:
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/499 - 500".
2 "9/550 – 551".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/498".
4 4 ليست في "ط" والمثبت من النسخ الخطية.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/500 - 501".

(10/323)


1وعلى غير الأولى: متى لم يقر وأصر عليه فإن كان دون الأول1 قتل. وفي استتابته وجهان "م 5" وإلا ضرب وحبس.
ـــــــ
"إحداهن" لا يقبل منه إلا الإسلام فقط, وهو الصحيح, اختاره الخلال وصاحبه, وجزم به في المقنع2 وشرح ابن منجى والرعايتين والحاويين, والمغني3 ذكره عند قول الخرقي: وإذا تزوج4 كتابية فانتقلت إلى دين آخر.
"والرواية الثانية": لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه.
"والرواية الثالثة": لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه الذي كان عليه, أو دين أهل الكتاب, وأطلقهن في الشرح5.
"تنبيه" ظهر مما تقدم أن في إطلاق المصنف في بعض المسائل نظرا, كما ترى, وأن ظاهر كلامه يشمل ما لو انتقل إلى دين غير دين أهل الكتاب والمجوس, وليس الأمر كذلك, والله أعلم.
"مسألة 5" قوله: وعلى غير الأولى متى لم يقر وأصر "عليه" فإن كان دون الأول قتل. وفي استتابته وجهان, انتهى.
وأطلقهما في المغني6 والشرح5.
"أحدهما": يستتاب, وهو الصواب.
"والوجه الثاني": يقتل من غير استتابة, وهو ضعيف.
ـــــــ
1 1 ليست في الأصل.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/498".
3 "9/550".
4 في "ح" "تزوجت".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/499".
6 "9/551".

(10/324)


ومن جهلت حاله وادعى أحد الكتابين أخذت جزيته, في الأصح, وعنه: وتحل مناكحته وذبيحته, كمن أقر بتهود أو تنصر متجدد وإن كذب نصراني بموسى خرج من النصرانية لتكذيبه عيسى ولم يقر, لا يهودي بعيسى, وإن تزندق ذمي لم يقتل لأجل الجزية, نقله عنه ابن هانئ.
وتؤخذ الجزية لكل حول في آخره, ويمتهنون عنده, ولا يقبل إرسالها لزوال الصغار كما لا يجوز تفرقتها بنفسه, ولا تتداخل, ولا يصح شرط تعجيله ولا يقتضيه الإطلاق. قال أصحابنا: لأنا لا نأمن نقض الأمانة فيسقط حقه من العوض, وعند أبي الخطاب وغيره: يصح, ويقتضيه الإطلاق.
من المقل دينارا, أو اثني عشر درهما, أو القيمة, نص عليه, لتغليب حق الآدمي فيها. قال القاضي وغيره: والمنافع, ونصف صاع جيد عن
ـــــــ
........................................

(10/325)


صاع وسط, والمتوسط مثلاه, والغني عرفا, وقيل: من ملك نصابا, وحكى رواية, وعنه: من ملك عشرة آلاف دينار1 مثلا المتوسط كذا وظفه عمر2, وتقدم حكم تغييره.
وفي الخراج عنه خلف, وله أن يشرط عليهم ضيافة المسلمين ودوابهم, وفي اعتبار بيان قدرها وأيامها والاكتفاء بها عن الجزية وجهان "م 6 و 7" وقيل: تجب بلا شرط,
ـــــــ
مسألة 6 و 7" قوله: "وله أن يشرط عليهم ضيافة المسلمين ودوابهم, وفي اعتبار بيان قدرها وأيامها والاكتفاء بها عن الجزية وجهان", انتهى.
ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى 6": هل يعتبر بيان قدر الضيافة وأيامها أم لا؟ أطلق الخلاف. "أحدهما" يعتبر ذلك, فلا بد من ذكره, وهو ظاهر ما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والمحرر والنظم
ـــــــ
1 في "ر" "درهم".
2 أخرجه عبيد في الأموال "393" عن أسلم قال: ضرب عمر الجزية على أهل الورق أربعين درهما وعلى أهل الذهب أربعة دنانير ومع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/436".

(10/326)


ومتى بذلوا الواجب حرم التعرض بقتل أو أخذ مال, ويلزم دفع قاصدهم بأذى, ولا مطمع في الذب عمن بدار حرب. قال في الترغيب: والمنفردون ببلد غير متصل ببلدنا يجب ذب أهل الحرب عنهم, على الأشبه, ولو شرطنا أن لا نذب عنهم لم يصح.
ولا تلزم صبيا ومجنونا وزمنا وأعمى وشيخا فانيا وراهبا
ـــــــ
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم, واختاره القاضي وغيره, وقدمه في الرعاية الكبرى.
"والوجه الثاني": يجوز إطلاق ذلك كله, ويرجع فيه إلى العرف والعادة, وهو الصواب, وبه قطع في الكافي1, قال في المغني2 والشرح3: فإن شرط الضيافة مطلقا صح في الظاهر, قال أبو بكر: إذا أطلق مدة الضيافة فالواجب يوم وليلة, لأن ذلك الواجب على المسلمين.
"المسألة الثانية 7": هل يكتفى بها عن الجزية أو لا؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما": يكتفى بها, وهو الصحيح, اختاره القاضي, واقتصر عليه في المغني4, وقدمه في الشرح5 ونصره, لكن بشرط أن يكون قدرها أقل الجزية إذا قلنا: الجزية مقدرة الأقل.
"والوجه الثاني" لا يكتفى بذلك, ولا يصح العقد عليه, وبه قطع ابن عقيل في الفصول, وابن حمدان: في الرعاية الكبرى.
ـــــــ
1 "5/593".
2 "13/214 – 215".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/439".
4 "13/215".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/440".

(10/327)


بصومعة, وفيه وجه, ولا يبقى بيده مال إلا بلغته فقط, ويؤخذ ما بيده, قاله شيخنا. قال: ويؤخذ منهم مالنا, كالرزق الذي للديورة1 والمزارع إجماعا, قال: ويجب ذلك, قال: ومن له تجارة أو زراعة وهو مخالط أو معاونهم على دينهم كمن يدعو إليه من راهب وغيره يلزمه إجماعا وحكمه حكمهم بلا نزاع, ولا تلزم عبدا, وعنه: لمسلم, جزم به في الروضة, وأنها تسقط بإسلام أحدهما. وفي التبصرة عن الخرقي: تلزم عبدا مسلما عن عبده. قال أحمد: والمكاتب عبد, وتلزم معتقا بعضه بقدر حريته, وفي ذمي أعتقه مسلم روايتان. منصوصتان "م 8" لا فقيرا عاجزا
ـــــــ
مسألة 8" قوله: "وفي ذمي أعتقه مسلم روايتان منصوصتان", انتهى.
"إحداهما": تجب عليه الجزية, وهو الصحيح, قال الزركشي: هذا الصحيح المشهور من الروايتين, قال الشيخ الموفق والشارح: وإذا عتق لزمته الجزية لما يستقبل, سواء كان معتقه مسلما أو كافرا, هذا الصحيح عن أحمد, انتهى. وقال في الوجيز وغيره: ويؤخذ ممن صار أهلا لها في آخر الحول, وهو ظاهر ما قدمه في المحرر, وجزم به الخرقي.
"والرواية الثانية" لا جزية عليه, قال الخلال: هذا قول قديم رجع عنه ووهنها2.
3"تنبيه" أطلق المصنف رحمه الله الروايتين في الذمي إذا أعتقه المسلم ثم قال بعد ذلك بأربعة سطور, وعنه: لا جزية على عتيق مسلم, والظاهر أنها هي إحدى الروايتين اللتين ذكرهما أولا, فيحصل في الكلام نظر لكونه أطلق الخلاف, ثم يحكي3
ـــــــ
1 الدير للنصارى معروف والجمع ديورة المصباح "دير".
2 في "ط" "أوجبها"
3 3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط"

(10/328)


عنها وفيه احتمال كمعتمل, على الأصح, وفي خنثى مشكل وجهان "م 9" فإن بان رجلا فللمستقبل, ويتوجه: وللماضي فإن بذلتها امرأة لدخول دارنا مكنت مجانا.
ومن صار أهلا بآخر حول أخذ منه بقسطه بالعقد الأول, وقيل: يخير بينه وبين لحوقه بمأمنه, وعنه: لا جزية على عتيق مسلم, وعنه: و1عتيق ذمي, جزم به في الروضة, ويلفق من2 إفاقة مجنون
ـــــــ
3رواية بعدم الجزية, فظاهره أن المقدم لزوم الجزية, وهي المذهب, كما تقدم, فحصل خلل من جهة المذهب, والله أعلم3.
"مسألة 9" قوله: "وفي خنثى مشكل وجهان", انتهى.
"أحدهما": لا تجب عليه, وهو الصحيح من المذهب, وبه قطع في الكافي4 والحاوي الكبير, قال في الرعاية الكبرى وهو أظهر.
"والوجه الثاني": تجب: وبه قطع في المغني5 والشرح6 والحاوي الصغير وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم, وقدمه في الرعايتين. "قلت": وهو ضعيف.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط" "مع".
3 3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 "5/588".
5 لم نجدها في مظانها.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/414" وفيه: ولا تجب على خنثى مشكل ما ذكره المصحح هنا وفي الإنصاف.

(10/329)


حول, ثم تؤخذ, وقيل: في آخره بقدرها, كمعتق بعضه, وقيل: يعتبر الغالب, وقيل: فيمن لا ينضبط أمره فقط, وإن طرأ المانع بعد الحول لم تسقط, في الأصح, إلا بالإسلام. نص عليه وأنه يدخل في قوله: "من أسلم على شيء فهو له"1 لأنها عقوبة لا أجرة عن السكنى. وفي الفنون أنها عقوبة, وأن بقاء النفس مع الذل ليس بغنيمة عند العقلاء, ومن عد الحياة مع الذل نعمة فقد أخطأ طريق الإصابة. وفي الفنون أيضا عن القول بأنها عوض عن كف الأذى: لا بأس به.
وفي الإيضاح: لا تسقط بإسلام, ومنع في الانتصار وجوبها وأنها مراعاة, وأن الخراج يسقط, نص عليه, وإن طرأ في أثنائه سقطت, وقيل: يجب بقسطه, وإن تولى إمام فعرف ما عليهم, أو
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/114" من حديث أبي هريرة.

(10/330)


قامت به بينة, أو ظهر. واعتبر في المستوعب ثبوته, أقرهم, فإن جهله فقيل: يعمل بقولهم, وله تحليفهم فإن بان نقص1 أخذه. وقيل: يعقدها باجتهاده "م 10".
ويؤخذ عوض الجزية زكاتان من أموال بني تغلب, مما تجب فيه زكاة, حتى ممن لا تلزمه جزية, وفيه وجه اختاره الشيخ, وليس للإمام تغييره, لأن عقد الذمة مؤبد, وقد عقده عمر معهم هكذا2, واختار ابن عقيل:
ـــــــ
"مسألة 10" قوله: "وإذا تولى إمام فعرف ما عليهم, أو قامت بينة, أو ظهر أقرهم, فإن جهله فقيل: يعمل بقولهم, وله تحليفهم, فإن بان نقص أخذه, وقيل. يعقدها باجتهاده", انتهى.
وأطلقهما في المحرر انتهى.
"أحدهما" يعمل بقولهم, وهو الصحيح, وبه قطع في الكافي3 وغيره, وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني4 والمقنع5 والشرح6 والرعايتين والحاويين وغيرهم.
"والوجه الثاني" يستأنف العقد معهم, اختاره أبو الخطاب فقال في الهداية: وعندي أنه يستأنف عقد الذمة معهم على ما يؤدي اجتهاده, انتهى.
7فهذه عشر مسائل في هذا الباب7.
ـــــــ
1 في "ط" "نقض".
2 رواه البيهقي في السنن الطبرى "9/217".
3 "5/595".
4 "13/249".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/441".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/441 - 442".
7 7 ليست في "ط".

(10/331)


يجوز لاختلاف المصلحة باختلاف الأزمنة, وجعله جماعة كتغيير خراج وجزية, وقاله شيخنا. وكلام الشيخ وغيره يقتضي الفرق, وسبق ما يدل عليه.
وذكره هو وغيره احتمالا بقبولها إذا بذلها, جزم في الخلاف بالفرق, وبأن فيه نظرا, وبأن هذا لزمهم برضاهم ولم يرضوا بالزيادة عليه, بخلاف الخراج فإنهم ألزموا به وإن لم يرضوا. وقيل: تقبل الجزية منهم, للآية, وكحربي لم يدخل في الصلح, ومصرفه كجزية, لقول أحمد في رواية محمد بن موسى: تضاعف عليهم الجزية, وعنه: كزكاة, لقوله في رواية ابن القاسم: إنما هي الزكاة الصغير والكبير سواء. وقاله أبو الخطاب وغيره, فدل أنها تؤخذ ممن لا جزية عليه إن قيل هي زكاة, وإلا فلا, وهو أظهر, ويلحق بهم من تنصر من تنوخ وبهراء, أو تهود من كنانة وحمير, أو تمجس من بني تميم, وذكره جماعة, وقيل: لا, واختاره الشيخ وحكاه نص أحمد, وللإمام المصالحة مثلهم لمن خشي ضرره بشوكته من العرب وأباها إلا باسم الصدقة مضعفة, نص عليه 1والله أعلم1.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 1 ليست في "ط".

(10/332)


باب أحكام الذمة
مدخل
...
باب أحكام الذمة
يلزم الإمام أخذهم بحكم الإسلام في النفس والمال والعرض والحد فيما يحرمونه. وعنه إن شاء لم يقم حد زنا بعضهم ببعض, اختاره ابن حامد, ومثله قطع سرقة بعضهم من بعض.
ويلزم تمييزهم1 عن المسلمين بلبس ثوب يخالف بقية ثيابهم, كعسلي وأدكن يضرب لونه إلى السواد, وبشد زنار فوق ثوب النصراني, وللمرأة غيار بالخفين, باختلاف لونيهما وأن يجعلوا لدخول الحمام برقابهم جلجلا, وهو الجرس الصغير, أو خاتم رصاص ونحوه. ويلزم تمييز قبورهم عن قبورنا تمييزا ظاهرا, كالحياة. وأولى, ذكره شيخنا, وأن لا يكتنوا بكنية المسلمين, كأبي القاسم وأبي عبد الله, وكذا اللقب, كعز الدين ونحوه. قاله شيخنا: وقال الإمام أحمد لنصراني طبيب: يا أبا إسحاق, واحتج بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل عمر, ونقله أبو طالب لا بأس به, النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران "يا أبا الحارث أسلم تسلم"2 وعمر قال: يا أبا حسان3, ويتوجه احتمال وتخريج: يجوز للمصلحة وقاله بعض العلماء. ويحمل ما روي عليه, وعن "م" الجواز والكراهة, لأن فيه تكبيرا وتعظيما,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "14/552".
3 لم أقف عليه وأورده ابن قدامة في المغني "13/248".

(10/333)


وأن يحذفوا مقدم رءوسهم لا كعادة الأشراف, وأن لا يفرقوا شعورهم, ولهم ركوب غير خيل بلا سرج لكن عرضا بإكاف1, وقيل: يمنعهم من الطيالسة وأنهم إن أبوا الغيار لم يجبروا ونغيره نحن. وقال شيخنا: ومن حمل سلاح والمقاتلة بثقاف2 ورمي وغيره, لأنه مشروط عليهم.
وتحرم العيادة والتهنئة والتعزية لهم, كالتصدير والقيام, وكمبتدع يجب هجره. وعنه يجوز "و هـ ش" وعنه: لمصلحة راجحة, كرجاء إسلام, اختاره شيخنا, ومعناه اختيار الآجري, وأنه قول العلماء: يعاد ويعرض عليه الإسلام. نقل أبو داود: إن كان يريد 3يدعوه إلى للإسلام3 فنعم, ويدعى بالبقاء, وكثرة المال والولد, زاد جماعة قاصدا كثرة الجزية.
وقد كره الإمام أحمد الدعاء لكل أحد بالبقاء ونحوه, لأنه شيء فرغ منه, واختاره شيخنا, ويستعمله ابن عقيل وغيره, وذكره أصحابنا هنا, روى أحمد والنسائي4 عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن عنها قالت: توفي ابني فجزعت عليه فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله, فانطلق عكاشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقولها, فتبسم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 إكاف الحمار: برذعته القاموس "أكف".
2 الثقاف:. ما تسوى به الرماح مختار الصحاح "ثقف".
3 3 في "ر" "بدعوة الإسلام" وفي "ط" "يدعو للإسلام".
4 أحمد "26999" النسائي "4/29".

(10/334)


فقال طال عمرها قالت: فلا أعلم امرأة عمرت ما عمرت. أبو الحسن تفرد عنه يزيد بن أبي حبيب الإمام. ولمسلم1 من حديث أنس أنه عليه السلام قال ليتيمة كانت عند أم سليم "لقد كبرت لا كبر سنك" وأنها قالت لأم سليم وإن أم سليم ذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك وقال "يا أم سليم أتعلمين أني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر, وأغضب كما يغضب البشر, فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة" ودعا لأنس بطول العمر2.
وأما قوله عليه السلام لأم حبيبة لما سألت أن يمتعها الله بزوجها عليه السلام وابنها وأخيها " إنك سألت الله لآجال مضروبة, وآثار موطوءة, وأرزاق مقسومة, لا يعجل منها شيء قبل أجله, ولا يؤخر منها شيء بعد أجله, فلو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار وعذاب في القبر كان خيرا" رواه مسلم3, فلم ينه ولم يقل إن الدعاء لا أثر له في زيادة العمر, وإنما أرشد إلى الأفضل لأنه عبادة. لكن روى أحمد وابن ماجه4 من حديث ثوبان "لا يرد القدر إلا الدعاء, لا يزيد في العمر
ـــــــ
1 في صحيحه "2603" "95".
2 أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل علينا أهل البيت فدخل يوما فدعا لنا فقالت أم سليم خويدمك ألا تدعو له؟ قال: "اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته واغفرله" الحديث.
3 في صحيحه "2663" "33".
4 أحمد "22413" ابن ماجه "4022".

(10/335)


إلا البر" إسناده ثقات, رواه الترمذي1 من حديث سلمان بإسناد جيد, وقال: حسن غريب.
ولم يكره أحمد: فداك أبي وأمي لأنه صلى الله عليه وسلم قاله في الصحيحين وغيرهما2, وكره: جعلني الله فداءك, لما سبق. ولمسلم3 من حديث أبي سعيد: إن وفد عبد القيس قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله, جعلنا الله فداءك, وماذا يصلح لنا من الأشربة؟ والحديث وفداك بكسر الفاء وبالمد.
وتحرم البداءة بالسلام, وفي الحاجة احتمال, نقل أبو داود فيمن له حاجة إليه: لا يعجبني, ومثله: كيف أنت أو أصبحت أو حالك. نص عليه, وجوزه شيخنا, ويتوجه بالنية, كما قال له: الحربي تقول أكرمك الله؟ قال: نعم, يعني بالإسلام, ويجوز: هداك الله, زاد أبو المعالي: وأطال بقاءك ونحوه. وإن سلم ثم علم أنه ذمي استحب قوله له: رد علي سلامي. وإن سلم أحدهم لزم رد: عليكم أو عليك وهل الأولى الواو؟ وفيه وجهان "م 1" وعند شيخنا يرد تحيته, وأنه يجوز: أهلا أهلا وسهلا, وكره أحمد
ـــــــ
"مسألة 1 " قوله: وهل الأولى الواو؟ فيه وجهان.
"أحدهما" الإتيان بالواو أولى; وهو الصحيح, وعليه عامة الأصحاب, قال في الرعاية الكبرى وتبعه في الآداب الكبرى: واختار أصحابنا بالواو, انتهى, وبه قطع في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
ـــــــ
1 في سننه "2139".
2 البخاري "2905" مسلم "2411" "41" وأحمد "1409" من حديث سعد بن أبي وقاص.
3 في صحيحه "28" "18".

(10/336)


مصافحته, قيل له: فإن عطس يقول له: يهديكم الله؟ قال أي شيء يقال له؟ كأنه لم يره. وقال القاضي: ظاهره أنه لم يستحبه كما لا يستحب بداءته بالسلام: وعن أبي موسى: إن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله فكان يقول لهم يهديكم الله ويصلح بالكم رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي1 وصححه. وقال شيخنا: فيه الروايتان, قال: والذي ذكره القاضي: يكره وهو ظاهر كلام أحمد, وابن عقيل إنما نفى الاستحباب.
وإن شمته2 كافر أجابه.
ـــــــ
والكافي3 والمقنع4 والهادي والبلغة والشرح4 والنظم وشرح ابن منجى والرعايتين والحاويين ونهاية ابن رزين والوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وإدراك الغاية وتجريد العناية وغيرهم, قال في "بدائع الفوائد" و "أحكام الذمة" له: والصواب إثبات الواو, وبه جاءت أكثر الروايات, وذكرها الثقات الأثبات, انتهى.
"والوجه الثاني": الأولى عدم الواو, وبه قطع في الإرشاد5 والمحرر وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
"قلت": وتتوجه التسوية, لأن الروايات عن المعصوم صحت بهذا وبهذا.
ـــــــ
1 أحمد "19684" أبو داود "5038" النسائي في الكبرى "10061" الترمذي "2739".
2 في الأصل "شتمه".
3 "5/600".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/460".
5 ص "540".

(10/337)


ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع, ذكره شيخنا إجماعا, إلا فيما شرطوه فيما فتح صلحا على أنه لنا.
وفي لزوم هدم الموجود في عنوة وقت فتحه1 وجهان "م 2" وهما في الترغيب إن لم يقر به أحد بجزية وإلا لم يلزم, قال شيخنا: وبقاؤه ليس تمليكا, فنأخذه لمصلحة, وقاله أيضا في مشتبه: كما لم يملك أهل خيبر المعابد, وكغيرها. وقال: لو انقرض أهل مصر ولم يبق من دخل في عهدهم فلنا العقار والمنقول والمعابد فيئا.
فإن عقد لغيرهم ذمة فكعقد مبتدإ, فإن انتقض فكمفتوح عنوة, وقال: وقد أخذ المسلمون منهم كنائس كثيرة من أرض العنوة, وليس في المسلمين من أنكر ذلك, فعلم أن هدم كنائس العنوة جائز مع عدم الضرر علنا, فإعراض من أعرض عنهم كان لقلة المسلمين ونحو ذلك من الأسباب,
ـــــــ
مسألة 2" قوله: "وفي لزوم هدم الموجود في عنوة وقت فتحه وجهان" انتهى. وأطلقهما في المغني2 والشرح3.
"أحدهما" لا يلزم هدمه, وهو الصحيح, صححه في النظم, وقدمه في الكافي4, وإليه ميله في المغني2 والشرح3.
"والوجه الثاني" يلزم, قدمه ابن رزين في شرحه.
ـــــــ
1 في "ر" "فتحها".
2 "13/240".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/460".
4 "5/602".

(10/338)


كما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهود حتى أجلاهم عمر1.
وولي الأمر إذا حكم في مسائل الاجتهاد بأحد القولين لمصلحة المسلمين وجبت طاعته "ع". ومن قال: إنه ظالم وجبت عقوبته.
ولا يجوز في مسائل الاجتهاد أن يفعلوا شيئا بغير أمر ولي الأمر. قال في الفنون في بيت من بيوت نيران المجوس: هو للمجوس مهما2 بقي منهم واحد في المكان, سواء كان من أهل ذلك المكان أو لا, لأنه عليه السلام قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"3 والنصارى إذا كانت لهم بيعة فانقرض أهل الصقع وجاء قوم من النصارى يقيمون بها لم نمنعهم ولا نخربها ولا تسلم إلى غيرهم.
وهذا وجه ثالث يمنع الهدم, وفي الرعاية: هو أشهر, كذا قال. وقال الإمام أحمد: ما في السواد من البيع فمحدث يهدم إلا الحيرة وبانقيا وبني صلوبا, فإنهم صولحوا عليه ولم يخرجوا, وما كان من صلح أقروا على صلحهم, وكل مصر مصره العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة, واحتج بقول ابن عباس4.
ولهم رم ما تشعث منها, وعنه: وبناؤها إذا انهدمت, وعنه: منعهما,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "2730" من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
2 في "ط" "ما".
3 أخرجه مالك في الموطأ "1/278".
4 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/202" عن ابن عباس قال: أيما مصر أعده العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة أو قال كنيسة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يدخلوا فيه خمرا ولا خنزيرا.

(10/339)


اختاره الأكثر, قاله ابن هبيرة, كمنع الزيادة, قال شيخنا: ولو في الكيفية, وقال: لا أعلى ولا أوسع, اتفاقا, وقيل: إن جاز بناؤها جاز بناء بيعة متهدمة ببلد فتحناه.
ويمنعون من تعلية بناء على جار مسلم لاصقة أو لا ولو رضي الجار, قال أبو الخطاب وأبو الوفاء: لأنه حق الله تعالى, زاد ابن الزاغوني يدوم على دوام الأوقات, ورضاه يسقط حق من يحدث بعده, فدل أن قسمة الوقف قسمة منافع لا تلزم لسقوط حق من يحدث.
قال شيخنا: أو كان البناء لمسلم وذمي, لأن ما لا يتم اجتناب المحرم إلا باجتنابه فمحرم, ويجب هدمه, وفي مساواته وجهان "م 3" لو ملكوا منه دارا عالية أو بنى مسلم عندهم دارا دونهم فلا تغيير في الأصح وبناء
ـــــــ
مسألة 3" قوله: "وفي مساواته وجهان", انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمقنع2 والبلغة والمحرر والشرح2 والمذهب الأحمد, والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم
"أحدهما" لا يمنعون, قال ابن عبدوس في تذكرته: ولا يعلون على جار مسلم, وصححه في التصحيح, وجزم به في الوجيز.
"والوجه الثاني" يمنعون, جزم به ابن رزين في نهايته وناظمها, والآدمي في منوره.
ـــــــ
1 "5/601".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/458".

(10/340)


متهدمة عالية كبيعة, والمتهدم منها1 ظلما كهده بنفسه, وقيل: يعاد, وهو أولى, ولو سقط هذا البناء الذي يجب إزالته على شيء أتلفه فيتوجه الضمان وأنه مقتضى ما ذكروه..
ويمنعون وجوبا إظهار خمر وخنزير, فإن فعلا أتلفناهما وإلا فلا, نص عليه. وسبق أول الغصب2. وإظهار عيد وصليب وضرب ناقوس ورفع صوت بكتاب أو على ميت. وقال شيخنا: ومثله إظهار أكل في رمضان, ونص أحمد: لا يضربون بناقوس, ومراده والله أعلم: إظهاره, قال في الروضة وغيرها: ويمنع من التعرض للذمة فيما لم يظهروا, مع أنه في مكان آخر "قال"3: يمنعون من ضرب الناقوس وإظهار الخنازير4, 5وظاهره: ليس لهم إظهار شيء من شعائر دينهم في دار الإسلام لا وقت الاستسقاء ولا لقاء الملوك ولا غير ذلك, وقاله شيخنا5.
وإن صولحوا في بلدهم بجزية أو خراج لم يمنعوا شيئا مما تقدم كأهل الهدنة, وقال أحمد: ما مصره العرب أو فتح عنوة فليس للعجم أن يضربوا فيه ناقوسا أو يشربوا خمرا أو يتخذوا فيه خنزيرا.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في الأصل "منهما".
2 "4/492".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 في "ر" "الجنائز".
5 5 ليست في الأصل.

(10/341)


فصل: ويمنعون مقام الحجاز,
وهو مكة والمدينة واليمامة وخيبر والينبع وفدك ومخاليفها1. وقال شيخنا: منه تبوك ونحوها, وما دون المنحنى وهو عقبة الصوان من الشام, كمعان, قال: ومن سمى من قصد منهم كنيسة حاجا أو قال حج المشاهد عزر بما يردعه إلا أن يسمى حجا بقيد كحج الكفار وحج الضالين.
ولهم دخوله2 والأصح بإذن إمام لتجارة, ولا يقيموا بموضع واحد فوق ثلاثة أيام, وقيل: فوق أربعة إلا لمرض, فإن مات دفن به, وفيه وجه. ويمنعون دخول الحرم نص عليه, مطلقا, وقيل: إلا لضرورة. وقال ابن الجوزي: إلا لحاجة, كغيره "م 4".
ولو غير مكلف, ويعزر وينبش إن دفن به إلا أن يبلى, ولم يستثنه في
ـــــــ
مسألة 4" قوله: "ويمنعون دخول الحرم, نص عليه, مطلقا, وقيل: إلا لضرورة. وقال ابن الجوزي: إلا لحاجة كغيره", انتهى.
المذهب المنصوص عدم الجواز مطلقا, وإذا قلنا بالجواز فهل للضرورة أم للحاجة؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" لا يجوز لغير ضرورة, قطع به ابن تميم, وحكاه عن ابن حامد, وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية وغيره.
"والقول الثاني" يجوز للحاجة أيضا, اختاره ابن الجوزي وغيره.
ـــــــ
1 أي ما ولاها من القرى المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/469".
2 في الأصل "دخول مكة".

(10/342)


الترغيب ولا يدخله ليسلم فيه, ولا تاجر ولا رسول مطلقا, ولا بعوض, فإن استوفاه أو بعضه ملكه, وقيل: يرده, وقيل: لهم دخوله, وأومأ إليه في رواية الأثرم, كحرم المدينة, في الأشهر, ويتوجه احتمال: يمنع من المسجد الحرام لا الحرم, لظاهر الآية1.
وليس لكافر دخول مسجد. وعنه: يجوز, كاستئجاره لبنائه, ذكره الشيخ المذهب, ثم منهم من أطلقها, ومنهم من قال: لمصلحة, ومنهم من قال: بإذن مسلم, ومنهم من اعتبرهما معا2, وكلام القاضي يقتضي3: يجوز ليسمعوا الذكر فترق قلوبهم ويرجى إسلامهم. واحتج بما رواه 4أحمد و4أبو داود5 والإسناد جيد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص: أن وفد ثقيف قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم, واشترطوا أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحشروا ولا يعشروا ولا خير في دين لا ركوع فيه" وقال أبو المعالي: إن شرط المنع في عقد ذمتهم منعوا, وإن كان جنبا فوجهان "م 5" وإن قصدوا
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: "فإن كان جنبا فوجهان" انتهى. وأطلقهما في الآداب الكبرى والرعاية الكبرى في باب الغسل,
ـــــــ
1 وهي قوله تعالى: {وا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 ليست في الأصل.
4 4 ليست في "ط".
5 أحمد "17013" أبو داود "3026".
قوله: "لا تحشروا" معناه: الحشر في الجهاد والتفير له وقوله: "أن لا تعشروا" معناه: الصدقة أي لا يؤخذ عشر أموالهم وقوله: أن لا يجبوا" معناه: لا يصلوا أصل التجبية: أن يكب الإنسان على مقدمه ميرفع مؤخره معالم السنن "3/34".

(10/343)


استبدالها بأكل ونوم منعوا ذكره في الأحكام السلطانية. ولأحمد1 عن أسود بن عامر عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر مرفوعا "لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا غير أهل الكتاب وخدمهم" قيل: لم يسمع الحسن من جابر, وإسناده حسن, فيكون رواية بالتفرقة بين الكتابي وغيره. قاله "هـ" في الكل.
وتجوز عمارة كل مسجد وكسوته وإشعاله بمال كل كافر, وأن يبنيه بيده, ذكره في الرعاية وغيرها, وهو ظاهر كلامهم في وقفه عليه ووصيته له, فيكون على هذا العمارة في الآية ودخوله وجلوسه فيه يدل عليه خبر أبي سعيد المرفوع "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان, فإن الله تعالى يقول {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} " [التوبة: 18] الآية رواه أحمد وابن ماجه والترمذي2 وحسنه من رواية دراج أبي السمح, وهو ضعيف أو معنى الآية: ما كان لهم أن يتركوا3 فيكونوا أهل المسجد الحرام.
ـــــــ
والرعاية الصغرى في مواضع الصلاة, ومختصر ابن تميم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية.
"أحدهما" لا يمنعون, "قلت": وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب, لإطلاقهم الجواز, وأكثرهم لا يخلو عن جنابة, ولم نعلم أحدا منهم قال باستفسارهم.
"والوجه الثاني" يمنعون, وهو الصواب, لأن المسلم يمنع من اللبث, فهذا بطريق أولى وأحرى
ـــــــ
1 في مسنده "15221".
2 أحمد "11651" ابن ماجه "802" الترمذي "2617".
3 في الأصل "ينزلوا".

(10/344)


وفي الفنون1: الآية واردة على سبب, وهو عمارة المسجد الحرام, فظاهره المنع فيه فقط, لشرفه. وفي تفسير ابن الجوزي في بنائه وإصلاحه ودخوله وجلوسه فيه كلاهما محظور على الكافر يجب على المسلمين منعهم من ذلك, أطلق ولم يخص مسجدا, وقاله جماعة من العلماء.
وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ففي تجارته إن بلغت عشرة دنانير وعنه: عشرين, وقيل: وإن قلت, و2في التبصرة عن القاضي: دينارا نصف العشر. وفي الترغيب رواية: العشر, جزم به في الواضح, مرة في السنة, وقيل: يلزم ذمية متجرة بالحجاز فقط, لمنعها منه. وعنه: يلزم التغلبي عشر, جزم به في الترغيب, وقدم في المحرر: لا شيء عليه, ويمنعه دين, كزكاة إن ثبت ببينة وفي تصديقه بأن جارية معه أهله أو بنته ونحوه روايتان "م 6". وفي الروضة: لا عشر عن زوجته وسريته. وإن اتجر حربي إلينا وبلغت تجارته كذمي, وقيل: نصفه, فالعشر في
ـــــــ
مسألة 6" قوله "وفي تصديقه بأن جارية معه أهله أو بنته ونحوه روايتان" انتهى.
ـــــــ
1 في الأصل "عيون المسائل".
2 ليست في "ط".

(10/345)


السنة. وذكر ابن هبيرة عنه: ما لم يشرط أكثر. وفي الواضح: الخمس, وذكر الشيخ: للإمام تركه, وذكر شيخنا أن أخذ العشور من تجار أهل الحرب يدخل في أحكام الجزية وتقديرها, على الخلاف. وقال ابن حامد والآمدي: يؤخذ منه كلما دخل إلينا, وقيل: لا يؤخذ منه شيء من ميرة يحتاج إليها.
ولا يعشر ثمن خمر وخنزير, وعنه: بلى, جزم به في الروضة, وجزم به في الغنية, وأنه يؤخذ عشر ثمنه, واحتج بذلك على أن الحلال والحرام ما حكم به الشرع, فإن نفس العين وهو الحلال المطلق1 طعام الأنبياء كما في الخبر عنه عليه السلام2, ويتخرج تعشير ثمن الخمر.
وقال القاضي في شرحه الصغير: الذمي غير التغلبي يؤخذ منه الجزية, وفي غيرها روايتان:
ـــــــ
"إحداهما" يصدق, قدمه في الرعاية الكبرى "قلت": وهو الصواب, لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته, ثم وجدت ابن رزين قدمه في شرحه. وقال الخلال: هو أشبه القولين.
"والرواية الثانية" لا يصدق, لأنها في يده, فأشبهت بهيمته, وأطلقهما في المغني3 والشرح4 والزركشي.
ـــــــ
1 في "ر" "الطلق".
2 أخرج مسلم "1015" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} " [البقرة: 172] الحديث.
3 "13/233".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/484".

(10/346)


"إحداهما": لا شيء عليهم غيرها, اختاره شيخنا.
"والثانية" عليهم نصف العشر في أموالهم, وعلى ذلك هل يختص ذلك بالأموال التي يتجرون بها إلى غير بلدنا؟ على روايتين:
"إحداهما" يختص بها.
"والثانية" يجب في ذلك وفيما لم يتجروا به من أموالهم وثمارهم ومواشيهم, قال: وأهل الحرب إذا دخلوا إلينا تجارا بأمان أخذ منهم العشر دفعة واحدة, سواء عشروا أموال المسلمين إذا دخلت إليها1 أم لا؟ وعنه: إن فعلوا ذلك بالمسلمين فعل بهم وإلا فلا.
ويحرم تعشير الأموال والكلف التي ضربها الملوك على الناس "ع" ذكره ابن حزم وشيخنا, قال القاضي: لا يسوغ فيها اجتهاد, وأفتى به الجويني الشافعي وبعض الحنفية للحاجة. قال شيخنا: وما جهل ربه وجب صرفه في المصالح, كمغصوب2, عند أكثر العلماء, وكذا إن علم وأبوا رده إليه, لأنه تقليل الظلم, وهذه الكلف دخلها التأويل والشبهة لا كمغصوب, والتورع عنها كالشبهات, فلا يفسق متأول, ولا يجب إنكاره, ولكن لولي يعتقد تحريمه منع موليته من التزويج ممن لا ينفق عليها إلا منه. وقال فيمن ضمنه ويأخذه ويعطيه الجند, ويخفر: إن حرس أهل الطريق
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "إليها".
2 في "ط" "لمغضوب".

(10/347)


وأخذ كفايته جاز, وأما الضمان الذي يأخذه الجند ولا يمكنه دفعه فدركه1 على غيره, ولكن يلزمه نصح المسافر وحفظ ماله.
ـــــــ
1 الدرك بالفتح ويسكن التبعة القاموس "درك".

(10/348)


فصل: وإن تحاكم إلينا ذميان فعنه يلزم الحكم, والإعداء ,
كذمي ومسلم, وعنه: إن اختلفت الملة, وعنه: يخير إلا في حق آدمي, والأشهر: وفيه كمستأمنين, فيحكم ويعدي بطلب أحدهما "م 7" وعنه: باتفاقهما,
ـــــــ
مسألة 7" قوله "وإن تحاكم إلينا ذميان فعنه يلزم الحكم, والإعداء كذمي ومسلم وعنه: إن اختلفت الملة, وعنه يخير إلا في حق آدمي, والأشهر: وفيه كمستأمنين, فيحكم ويعدي بطلب أحدهما" انتهى.
"إحداهن": يلزم الحكم والإعداء قدمه في المحرر.
"والرواية الثانية" يلزمه إن اختلفت الملة وإلا خير.
"والرواية الثالثة": إن تطالبوا2 في حق آدمي لزم الحكم, وإلا فهو مخير, قال في المحرر: وهو أصح عندي.
والرواية الرابعة": يخير في حق آدمي وغيره: قال المصنف وهو الأشهر, وكذا قال في المحرر, قال الزركشي: هو المشهور, وجزم به في المذهب والخلاصة والمقنع3 والوجيز وغيرهم, وقدمه في المغني4 والشرح3
ـــــــ
2 في "ط" "تقاتلوا".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/491".
4 "13/250".

(10/348)


كمستأمنين. وفي الروضة في إرث المجوس: يخير إذا تحاكموا إلينا واحتج بآية التخيير1, وظاهر ما تقدم أنهم على الخلاف, لأنهم ذمة, ويلزمهم حكمنا لا شريعتنا هذه الشريعة, وإن لم يتحاكموا إلينا فليس للحاكم أن يتبع شيئا من أمورهم ولا يدعون إلى حكمنا أصلا2. نص على الكل.
ولا يحضر يهوديا يوم سبت, ذكره ابن عقيل أي لبقاء تحريمه عليه, وفيه وجهان, أو مطلقا لضرره بإفساد سبته, ولهذا لا تكره امرأته على إفساده مع تأكد حقه "م 8 و 9", وقال 3ابن عقيل3: يحتمل أن السبت
ـــــــ
والرعايتين والحاويين وغيرهم "قلت": وهذا هو الصحيح من المذهب.
"مسألة 8 و 9" قوله "ولا يحضر يهوديا يوم سبته, ذكره ابن عقيل, أي لبقاء تحريمه عليه, وفيه وجهان, أو مطلقا, لضرره بإفساد سبته, ولهذا لا يكره امرأته على إفساده مع تأكد حقه" انتهى, في ضمن كلام المصنف مسألتان4.
"المسألة الأولى 8" إذا قلنا: لا يحضر اليهودي يوم السبت, فهل ذلك لأجل بقاء تحريمه عليهم أو مطلقا لضرره بإفساد سبته؟ تردد المصنف في ذلك: "قلت": الصواب في ذلك أن عدم إحضاره فيه مطلقا, أغنى سواء قلنا ببقاء تحريمه أو لضرره بإفساده, وهو ظاهر كلام ابن عقيل ويحتمل أنه لبقاء تحريمه عليهم.
ـــــــ
1 هي قوله تعالى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 3 ليست في الأصل و"ط".
4 في النسخ الخطية "مسألتين" والصواب ما أثبتناه.

(10/349)


مستثنى من عمل في إجارة. قال أحمد1: حدثنا يزيد أنبأنا شعبة عن عمرو بن مرة: سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الاسراء: 101] فقال: لا تقل له نبي, فإنه لو سمعك لصارت له أربعة أعين. فسألاه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تشركوا بالله شيئا, ولا تسرقوا, ولا تزنوا, ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق, ولا تسحروا, ولا تأكلوا الربا, ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله, ولا تقذفوا محصنة أو قال: لا تفروا من الزحف. شعبة الشاك وأنتم يهود عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت" فقبلا يديه ورجليه, وقالا: نشهد أنك نبي, قال "فما يمنعكما أن تتبعاني" قالا: إن
ـــــــ
"المسألة الثانية 9" هل تحريم السبت باق مستمر عليهم إلى الآن أم لا؟ أطلق الخلاف, قال في المحرر 2وشرحه والنظم2 والرعايتين والحاويين: وفي بقاء تحريم السبت عليهم وجهان انتهى, قال الناظم: وفائدتها3 حل صيده فيه وعدمه, انتهى. "قلت": وكذا من فائدتها3 ما ذكره المصنف من عدم إحضارهم على رأي.
"أحدهما" تحريمه باق عليهم, 4ويحمله كلام ابن عقيل على ما ذكره المصنف4 "قلت": وظاهر حالهم يدل على ذلك 4وفيه نظر لما بيناه4.
"والوجه الثاني" انتفى التحريم عنهم.
ـــــــ
1 في المسند "18092".
2 2 في "ط" "وشرحه والنظم".
3 في "ط" "فائدتها".
4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/350)


داود عليه السلام دعا أن لا يزال من ذريته نبي, فإنا نخشى إن أسلمنا أن تقتلنا يهود. ورواه النسائي والترمذي1 وصححه, وعبد الله بن سلمة تكلم فيه. وحديثه حسن, وجمهور المفسرين على أن المراد بالآيات المعجزات والدلالات, وهي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم, في الثامن والتاسع أقوال.
ولا يحكم إلا بالإسلام.
وإن تعاقدوا عقودا فاسدة ثم أسلموا أو أتونا وتقايضوا2 من الطرفين لم نفسخه ونعاملهم ونقبض ثمنه منهم3 وإلا فسخناه, وقيل: إن ارتفعوا بعد أن ألزمهم حاكمهم بالقبض نفذ وهذا لالتزامهم بحكمه, لا لزومه لهم, كقول الماوردي, والأشهر: لا, لأن حكمه لغو لعدم الشرط وهو الإسلام.
وعند "هـ" يجوز أن يقلد الكافر القضاء بين أهل دينه, وهذا لم تجر به عادة الناس3, بل قد يقع تقليد رياسة وزعامة, وعنه: في الخمر المقبوضة دون ثمنها يدفعه المشتري للبائع أو وارثه, بخلاف خنزير لحرمة عينه.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 النسائي "7/111" الترمذي "2733".
2 في "ط" "تقايضوا".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/351)


وإن أسلم الوارث فله الثمن, قاله في المستوعب والمبهج والترغيب, لثبوته قبل إسلامه, نقله أبو داود واحتج به في الانتصار بأنها تضمن وأنها مال لهم. قال أحمد: ما يعجبني الحكم بينهم في خمر وخنزير ونحوه, ويحكم في ثمنه, ونقل الميموني: يستحلفهم بالكنيسة ويغلظ عليهم بما يعظمون به وبالله, وإذا حضر عنده ووجبت اليمين لم يجز إرساله إليهم يحلفونه, وإن حلفوه ثم جاءوا قبل أن يصير إليه بأيمانهم أجزأه.
وإن تبايعوا بربا في سوقنا منعوا, لأنه عائد بفساد نقدنا, وكذا إن أظهروا بيع مأكول في نهار رمضان, كشواء, منعوا, ذكره القاضي, وأنه لا يجوز أن يتعلموا الرمي, وظاهره: لا في غير سوقنا, أي إن اعتقدوا حله. وفي الانتصار لو اعتقدوا بيع درهم بدرهمين يتخرج أن يقروا على وجه لنا.
ومن أبى بذل الجزية أو الصغار قاله شيخنا وغيره أو التزام حكمنا, أو قاتلنا, والأشهر: أو لحق بدار حرب مقيما بها1. انتقض عهده, وإن ذكر الله أو كتابه أو دينه أو رسوله بسوء, أو تجسس للكفار أو آوى جاسوسا, أو قتل مسلما أو فتنه عن دينه, أو قطع عليه الطريق أو زنى بمسلمة قال شيخنا: ولو لم يثبت ببينة بل اشتهر بين المسلمين أو أصابها بنكاح, فنصه: ينتقض, ونصه: إن سحره فآذاه في تصرفه أو قذفه
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/352)


فلا, وذكر جماعة فيهما روايتين. وفي الوسيلة: إن لم تنقضه في غير الأربعة الأول وشرط وجهان, وإن أبى1 ما منع منه في الفصل الأول فهل يلزم تركه بعقد الذمة؟ فيه وجهان "م 10", فإن لزم أو شرط تركه ففي نقضه وجهان, وذكر ابن عقيل روايتين "م 11" وذكر أيضا في مناظراته في
ـــــــ
مسألة 10" قوله "وإن أبى ما منع منه في الفصل الأول فهل يلزم تركه بعقد الذمة؟ فيه وجهان" انتهى.
يعني إذا أبى ترك ما منع منه من عدم إظهار الخمر والخنزير والصليب ورفع الصوت بكتابة بين المسلمين, وضرب الناقوس بين المسلمين أيضا ونحو ذلك, على ما يأتي2 في نقل كلام صاحب الرعاية, فهل يلزمهم تركه بمجرد عقد الذمة عليهم, أو لا بد من شرطه عليهم؟ أطلق الخلاف, هذا ما ظهر لي, ولكن أول الكلام ليس بمستقيم. "أحدهما": يلزمهم تركه بمجرد عقدها عليهم.
"والوجه الثاني": لا يلزمهم إلا بشرطه عليهم, وهو الصواب.
"مسألة 11" قوله: "فإن لزم أو شرط تركه ففي نقضه وجهان, وذكر ابن عقيل روايتين" انتهى. أي ففي نقض العهد بفعل ذلك وجهان, وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
"أحدهما" لا ينتقض عهدهم بفعل ذلك وهو الصحيح, قال الشارح: هو قول غير الخرقي من أصحابنا, قال الزركشي: هذا اختيار الأكثر وصححه في النظم وغيره, وقدمه في المقنع3 والمحرر وغيرهما, واختاره القاضي وغيره.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية "أتى" والمثبت من "ط".
2 ص "354".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/506".

(10/353)


رجم يهوديين زنيا: يحتمل لنقض العهد, وينتقض بإظهار ما أخذ عليهم ستره مما هو دين لهم فكيف بإظهار ما ليس بدين, وذكر جماعة الخلاف مع الشرط فقط.
قال ابن شهاب وغيره: يلزم أهل الذمة ما ذكر في شروط عمر1, وذكره2 ابن رزين, لكن قال ابن شهاب: من أقام من الروم في مدائن الشام لزمتهم هذه الشروط, شرطت عليهم أم لا؟ قال: وما عدا الشام فقال الخرقي: إن شرط عليهم في عقد الذمة انتقض العهد بمخالفته وإلا فلا, لأنه قال: ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا عليه حل ماله ودمه, وقال شيخنا في نصراني لعن مسلما: تجب عقوبته بما يردعه وأمثاله عن ذلك.
وفي مذهب أحمد وغيره قول: يقتل, لكن المعروف في المذاهب الأربعة القول الأول, ومن نقضه بلحوقه بدار حرب فكأسير حربي, ومن
ـــــــ
"والوجه الثاني" ينتقض إن كان مشروطا عليهم, وكذا الحكم لو لزم من غير شرط, قدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهما, وهو ظاهر كلام الخرقي, قال في الرعاية الكبرى وغيره: وإن أظهر خمرا أو خنزيرا أو صليبا أو رفع صوته بكتابة بين المسلمين أو عند موتاهم أو ضرب ناقوسا بين المسلمين أو علا 3بناءه على3 بناء جار مسلم أو ركب الخيل أو حدث في الإسلام بيعة أو كنيسة, أو أقام بالحجاز, أو دخل الحرم ونحو ذلك عزر, وإن شرط عليهم ترك ذلك انتقض عهد فاعله, وقيل: بل يعزر, انتهى.
ـــــــ
1 تقدم تخريجه ص "331".
2 في "ط" "كذا".
3 3 ليست في "ط".

(10/354)


نقضه يغيره فنصه يقتل, قيل: يتعين قتله, والأشهر يخير فيه كحربي "م 12" وذكر1 أبو الفرج أن ما فيه ضرر علينا أو ما في شروط عمر2 يلزمه تركه وينتقض بفعله. ويحرم بإسلامه قتله, ذكره جماعة. وفي المستوعب: رقه "و هـ ش" وإن رق ثم أسلم بقي رقه, وقيل: من
ـــــــ
"مسألة 12" قوله: "وإن نقضه بغيره فنصه: يقتل, قيل: يتعين "قتله"3 والأشهر: يخير فيه كحربي", انتهى. يعني إذا انتقض العهد بغير اللحوق بدار الحرب. "أحدهما": يتعين قتله, قال صاحب المحرر والنظم والمصنف وغيرهم: وهو المنصوص, وقدمه في المذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم, وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره.
"والقول الثاني": يخير فيه كحربي, قال المصنف: وهو الأشهر, واختاره القاضي وغيره, وجزم به في الكافي4 والمقنع5 وشرح ابن منجى وغيرهم, وقدمه في الشرح5 وغيره "قلت": وهو الصحيح وأطلقهما في المحرر.
"تنبيه" قوله "قيل يتعين قتله والأشهر يخير فيه" هذان القولان تفسير للنص, هذا الذي يظهر لي, أو يكون قوله: "والأشهر يخير فيه" مقابل للنصوص, وهو مصطلح صاحب المحرر والنظم والرعايتين وغيرهم من الأصحاب, وكلامهم صحيح في ذلك, لكن يبقى قول المصنف "قيل يتعين قتله" مفسر للنص فقط, وإتيانه بهذه الصيغة لا بد له من نكتة, وتقدم معنى ذلك في المقدمة6.
ـــــــ
1 في الأصل "وذكره".
2 تقدم تخريجه ص "331".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 "5/617".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/508 - 509".
6 "1/16".

(10/355)


نقض عهده بغير قتالنا1 ألحق بمأمنه, والمراد بتحريم القتل غير الساب, وأنه فيه الخلاف الذي في المرتد, ولهذا اقتصر في المستوعب على ما ذكره ابن أبي موسى أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل ولو أسلم, وكذا ذكره ابن البناء في الخصال.
وذكر شيخنا أنه صحيح المذهب, وذكر ما تقدم في قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم, وأن اقتصار السامري على هذا مع ذكره الخلاف في توبة المسلم الساب فيه خلل, لأنه ذكر ما في الإرشاد2 والهداية, وأن عكس هذه رواية تقدمت, ذكرها جماعة, وأنه قد توجه بأنه قد يكون وقع3 غلطا من المسلم لا اعتقادا له, وتقدم حد الزنا وتقدم حكم ماله.
وفي الخلاف فيمن انتقض عهده وتاب أنه يخير فيه كالأسير, وحمل كلام أحمد أنه يقتل إن الإمام رآه مصلحة3, ثم ذكر الوجهين في ماله, وإن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل لأنه قذف لميت فلا يسقط بتوبة.
وذكر بعضهم أن كلام القاضي يدل على أنه ثاب بغير الإسلام, لأنه لو 4نقض العهد4 بغير السب ثم أسلم لم يخير فيه. وفي الرعاية فيما إذا قتل ماله فيء إذن, وعنه إرث, فإذن إن تاب قبل قتله دفع إليه, وإن مات فلوارثه,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في الأصل "ما لنا".
2 ص "521".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/356)


وذكر شيخنا أن أحمد قال في ذمي فجر بمسلمة: يقتل قيل له: فإن أسلم؟ قال: يقتل, هذا قد وجب عليه, وأن على قولنا يخير الإمام فيه تشرع استتابته بالعود إلى الذمة, لأن إقراره بها جائز بعد هذا لكن لا تجب هذه الاستتابة رواية واحدة, وإن أوجبناها بالإسلام على رواية, وأن على رواية ذكرها الخابي يسقط القتل بإسلام الذمي مع أنه لا يستتاب كأسير حربي.
وأما المسلم فإنه إذا قبلت توبته استتيب, ومع هذا فمن يقبلها قد يجوزها ولا يوجبها, لكن المنصوص عن أصحاب هذا القول أنه لا يقال له أسلم فإن أسلم لم يقتل1, وحكي عنه أن المسلم يستتاب وتقبل توبته, وخرج عنه في الذمي يستتاب, وهو بعيد. وقال شيخنا فيمن قهر مسلمين ونقلهم إلى دار حرب: ظاهر مذهب أحمد يقتل بعد إسلامه, وأنه أشبه بالكتاب والسنة, كالمحارب.
ولا ينتقض عهد ذريته كنسائه, سواء2 لحقوا بدار حرب أو لا, لأنهم لم ينقضوا العهد, نقله عنه عبد الله, وجزم به جماعة. وفي الأحكام السلطانية: بلى, كحادث بعد نقضه بدار حرب. 3نقله عبد الله, ولم يقيده في الفصول والمحرر وغيرهما بدار حرب3, وفي
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في الأصل "يقبل".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 3ليست في الأصل.

(10/357)


العمدة: ينتقض في ذريته إن ألحقهم بدار حرب.
ومن علم منهم بنقضه ولم ينكر عليه ففيه وجهان "م 13", وينتقض في هدنة في ذريته وعهد من لم ينكر أو لم يعتزل عنه, أو لم يخبر الإمام. ثم إذا أعلموا الإمام أقرهم بتسليم الناقض أو تمييزهم عنهم, فإن أبى القادر انتقض وإلا فكأسير.
ومن أسر منهم فادعى أنه ممن لم ينقض وأشكل صدق, ومن جاءنا بأمان فحصل له ذرية ثم نقض العهد فكذمي, ذكره في المنتخب.
ويمنع من شراء المصحف, ولا يصح. وفي المغني1 وغيره: وحديث وفقه, وقيل: فيهما وجهان, واقتصر في عيون المسائل على المصحف وسنن النبي صلى الله عليه وسلم, وكره أحمد بيعه ثوبا مكتوبا فيه ذكر الله وتعليم القرآن, لا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وتخرج نصرانية لشراء زنارها ولا يشتريه مسلم لها. والله سبحانه أعلم.
ـــــــ
مسألة 13" قوله: "ومن علم منهم بنقضه ولم ينكر عليه ففيه وجهان", انتهى.
"أحدهما" ينتقض عهده أيضا, كالهدنة, جزم به في الرعاية الصغرى, وقدمه في الكبرى.
"والوجه الثاني" لا ينتقض.
فهذه ثلاث عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 "13/251".

(10/358)


باب الفيء
مدخل
...
باب الفيء
وهو ما أخذ من كافر بلا قتال, كجزية وخراج وعشر, وما تركوه فزعا أو مات ولا وارث له1.
قال شيخنا: وليس للسلطان إطلاقه دائما.
ومصرفه مصالح الإسلام, وقيل: للمقاتلة, فلا يفرد عبد في الأصح, بل يزاد سيده, واختار أبو حكيم وشيخنا: لا حق لرافضة, وذكره في الهدي عن مالك وأحمد, وعنه: خمسة لأهل الخمس وبقيته للمصالح, اختاره الخرقي وأبو محمد يوسف الجوزي, واختار الآجري أن النبي صلى الله عليه وسلم قسمه خمسة وعشرين سهما, فله أربعة أخماس, ثم خمس الخمس, أحد وعشرين سهما في المصالح, وبقية خمس الخمس لأهل الخمس.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل فيما في الصحيحين في الخبر الثامن عشر من مسند عمر رضي الله عنه: كان ما لم يوجف عليه ملكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة2, هذا اختيار أبي بكر من أصحابنا وهو قول "ش" وذهب بعض أصحابنا إلى أن الفيء لجماعة المسلمين وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من نصيبه ما يأخذه ويجعل الباقي في مصالح المسلمين.
ويبدأ بالأهم فالأهم, من الثغور, ثم الأنهار والقناطر, ورزق قضاة
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 أخرجه البخاري "7305" مسلم "1757" "49".

(10/359)


ومن نفعه عام, ثم يقسم بين المسلمين إلا العبيد, نص عليه, وعنه: يقدم المحتاج, وهي أصح عنه, قاله شيخنا: وقيل: بعد الكفاية يدخر ما بقي, وأعطى أبو بكر الصديق رضي الله عنه العبيد1, ذكره الخطابي. قال: وقال الشافعي, ولم يختلف أحد لقيناه في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة.
وليس لولاة الفيء أن يستأثروا منه فوق الحاجة كالإقطاع يصرفونه فيما لا حاجة إليه أو إلى من يهوونه, قاله شيخنا وغيره, وهو معنى كلام الآجري وغيره, وقد قيل لأحمد: هؤلاء المكافيف يأخذون من الديوان أرزاقا كثيرة تطيب لهم؟ قال: كيف تطيب يؤثرونهم بها.
ويستحب أن يبدأ بالمهاجرين ثم الأنصار, ويقدم الأقرب فالأقرب من النبي صلى الله عليه وسلم,
وفي جواز تفضيله بينهم بالسابقة2 روايتان "م 1" وظاهر كلامه: لا
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: "وفي جواز تفضيله بينهم بالسابقة روايتان", انتهى.
وأطلقهما في المغني3 والكافي4 والمقنع5 والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجى والزركشي وغيرهم.
ـــــــ
1 ذكره البيهقي في السنن الكبرى "6/348".
2 سيأتي لاحقا.
3 "9/300 – 301".
4 "5/551".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/332- 333".

(10/360)


تفضيل, لفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع جوازه وذكره أبو بكر,
ولا حق لمن حدث به زمن ونحوه في الأصح,
ـــــــ
"إحداهما" لا يجوز التفاضل بينهم, بل تجب التسوية, صححه في التصحيح, وجزم به في الوجيز.
"والرواية الثانية": يجوز لمعنى فيهم, وهو الصحيح, اختاره الشيخ تقي الدين وابن عبدوس في تذكرته, وصححه في النظم وإدراك الغاية ونظم نهاية ابن رزين وغيرهم, وجزم به في المنور, وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم, قال الشيخ الموفق: والصحيح إن شاء الله تعالى أن ذلك مفوض إلى اجتهاد الإمام فيفعل ما يراه, انتهى, "قلت": وهو الصواب, فقد فعله عمر وعثمان, ولم يفضل أبو بكر وعلي رضوان الله عليهم أجمعين1.
ـــــــ
1 قال أبو عبيد في الأموال "649" وقد كان رأى عمر الأول التفضيل على السوابق والغناء عن الإسلام وهذا هو المشهور من رأيه وكان رأى أبي بكر التسوية وكذلك يروى عن علي التسوية أيضا.

(10/361)


وإن مات من حل عطاؤه فإرث.
ولزوجة الجندي وذريته كفايتهم, ويسقط حق أنثى يتزوجها, وإن1 بلغ بنوه2 أهلا للقتال فرض لهم بطلبهم. وفي الأحكام السلطانية: والحاجة إليهم.
وبيت المال ملك للمسلمين يضمنه متلفه, ويحرم3 إلا بإذن إمام, ذكره في عيون المسائل, وذكره في الانتصار وغيره, وفيه: لا يجوز له الصدقة ويسلمه للإمام وهو ظاهر كلامهم في السرقة منه. وقاله شيخنا: وأنه لو أتلفه ضمنه, وكذا قال في وقف على جهة عامة, كمسجد أو موصى به لجهة عامة, قال: ولا يتصور في المشترك بين عدد موصوف غير
ـــــــ
"تنبيه" فسر في شرح المحرر السابقة بالإسلام, وفسرها في الرعاية بالإسلام أو الهجرة, وظاهر كلامه في المغني والكافي والشرح وغيرهم أن السابقة لا تختص بالإسلام والهجرة, بل ما استحق به الفضيلة, كتقدم الإسلام والهجرة, وحضور مشهد لم يشهده غيره, كبدر والحديبية ونحوهما, وهو الصواب, ولم يقيد ذلك بالسبق في المغني4 والكافي5 والمقنع6 والشرح6 وغيرهم. وفي الرعاية ثلاث روايات, الثالثة الفرق, فيجوز في السابقة فقط.
ففي هذا الباب مسألة واحدة.
ـــــــ
1 في "ط" "إذا".
2 في "ر" "بقوة".
3 أي الأخذ منه.
4 "9/301".
5 "5/551".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/323 - 335".

(10/362)


معين أن يكون مملوكا: نحو بيت المال والمباحات والوقف على مطلق, سواء تعين المستحق بالإعطاء أو بالاستعمال أو بالفرض والتنزيل أو غيره, فإن المالك يعتبر كونه معينا, ولكن هو مباح أو متردد بين المباح والمملوك, بخلاف المشترك بين معنيين1, وذكر القاضي وابنه في بيت المال: أن المالك غير معين. وفي المغني2 في إحياء الموات بلا إذن: مال بيت المال مملوك للمسلمين.
وللإمام تعيين مصارفه وترتيبها3, فافتقر إلى إذنه وقال شيخنا في عماله: إذا اختانوا منه وقبلوا هدية ورشوة ممن فرض له دون أجرته أو دون كفايته وعياله بالمعروف لم يستخرج منه ذلك القدر, قال: وإن قلنا: لا يجوز لهم أخذ خيانة فإنه يلزم الإمام الإعطاء, فهو كأخذ المضارب حصته أو الغريم دينه بلا إذن, فلا فائدة في استخراجه ورده إليهم, بل إن لم يصرفه الإمام مصارفه الشرعية لم يعن على ذلك.
قال: وقد ثبت أن عمر شاطر عماله4 كسعد وخالد وأبي هريرة وعمرو بن العاص, ولم يتهمهم بخيانة بينة, بل بمحاباة اقتضت أن جعل أموالهم بينهم وبين المسلمين, قال: ومن علم تحريم بعض ما ورثه أو غيره
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "معنيين".
2 "8/183".
3 في الأصل "ترتيبهما".
4 أخرجه أبو عبيد في الأموال "664".

(10/363)


وجهل قدره قسمه نصفين. وقيل للقاضي في مسألة مسح الأذنين: شهر بن حوشب سرق خريطة1 من بيت المال2, فقال: لو كان هذا صحيحا لم يقدح في عدالته, لأن بيت المال لجماعة المسلمين, ولعله أخذ ذلك لحاجة وتأويل فلا يوجب رد خبره والله أعلم.
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 الخريطة: شبه كيس يشرج من أديم وخرق والجمع خرائط مثل: كريمة المصباح "خرط".
2 ذكره هذا الإمام ابذهبي عند ترجمته شهر بن حوشب انظر سير أعلام النبلاء "4/375".

(10/364)