الفروع و معه تصحيح الفروع

كتاب الصيد
مدخل
...
كتاب الصيد
وهو مباح لقاصده, واستحبه ابن أبي موسى, ويكره لهوا, وهو أطيب مأكول قاله في التبصرة. وقال الأزجي: الزراعة أفضل مكسب, وسبق أول الذكاة كلام ابن عقيل1. ومن أدرك صيدا صاده متحركا فوق حركة مذبوح واتسع الوقت لتذكيته لم يبح إلا بها, وعنه: يحل بموته قريبا, وعنه2: دون معظم يوم. وفي التبصرة: دون نصفه, وبإرسال الصائد عليه ليقتله, لعدم آلة ذكاة, وعنه: بالإرسال لا بموته. 3قال الشيخ3: 4كمتردية ببئر4, وعنه: عكسه, وأباحه القاضي وعامة أصحابنا بالإرسال. قاله في التبصرة. وإن امتنع عليه من الذبح فجعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا فذكر القاضي: يحل, واختار ابن عقيل: لا يحل, لأن الإتعاب يعينه على الموت فصار كالماء "م 1".
وإن لم يتسع الوقت لتذكيته فكميت.
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وإن امتنع عليه من الذبح فجعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا فذكر القاضي يحل واختار ابن عقيل لا يحل; لأن الإتعاب يعينه على الموت فصار كالماء, انتهى. "قلت" ما اختاره القاضي هو الصواب وهو ظاهر كلام الأصحاب والله أعلم.
ـــــــ
1 ص: 390".
2 في "ر" "وهو".
3 3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 4 ليست في "ر".

(10/409)


يحل بشروط:
أحدها صائد من أهل الذكاة1, وقيل: بصير, فلا يحل صيد اشترك في قتله مسلم ومجوسي, أو متولد بينه وبين كتابي بسهميهما أو جارحتيهما, فإن أصاب أحدهما وحده مقتله عمل به, وعنه: يحرم, جزم به في الروضة, كإسلامه بعد إرساله, ولو أثخنه كلب مسلم ثم قتله كلب مجوسي وفيه حياة مستقرة حرم, ويضمنه له. وإن صاد مسلم بكلب مجوسي لم يكره, ذكره أبو الخطاب وأبو الوفاء وابن الزاغوني, ويحل, وعنه: لا, كعكسه, ولو أعانه مسلم أو كلبه, وقيل: ولم يزد عدو كلبه بزجر مسلم حرم.
وإن أرسل مسلم كلبه فزجره مجوسي فزاد عدوه أو رد عليه كلب مجوسي الصيد فقتله, أو ذبح ما أمسكه له مجوسي بكلبه وقد جرحه غير موح أو ارتد, أو مات بين رميه وإصابته, حل. وكذا إن أعان سهمه ريح. قال في المغني2 وغيره: كما لو رده حجر أو غيره فقتله. وفيه في الرعاية: فيه يحتمل وجهين. وفي مختصر ابن رزين في ذي ناب وفي
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ط" "الزكاة.
2 لم نقف عليه.

(10/410)


ترك أكله وأعانه ريح وجه.
الثاني الآلة, محدد فهو كآلة ذبح, ويشترط أن تجرحه, نص عليه, فإن قتله بثقله كشبكة وفخ وبندقة ولو شدخته1. نقله الميموني, ولو قطعت حلقومه ومريئه, أو بعرض معراض2. قال في المستوعب والترغيب: ولم يجرحه, وهو ظاهر نصوصه, لم يبح, لأنه وقيذ.
وكذا ما قتله منجل أو سكين سمي عند نصبه بلا جرح, نص عليه, وإلا حل, وقيل: يحل مطلقا, ويتوجه عليه حل ما قبلها, وحيث حل فظاهره يحل, ولو ارتد أو مات وهو كقولهم إذا ارتد أو مات بين3 رميه وإصابته حل, والحجر كبندقة ولو خرقه, نقله حرب, فإن كان له حد كصوان4 فكمعراض. وإن قتله بسهم فيه سم, قال جماعة: وظن أنه أعانه حرم, ونقل ابن منصور: إذا علم أنه أعان لم يأكل, وليس مثل هذا من كلام أحمد رحمه الله بمراد. وفي الفصول: إذا رمي بسهم
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 قال في المصباح "شدخ" شدخت رأسه شدخا من باب نفع كسرته.
2 المعراض مثل المفتاح: سهم لا ريش له المصباح "عرض".
3 في الأصل "بعد".
4 الصوان: ضرب من الحجارة فيها صلابة المصباح "صون".

(10/411)


مسموم لم يبح لعل السم أعان عليه فهو كما لو شارك السهم تغريق بالماء. ومن أتى بلفظ الظن كالهداية والمذهب والمقنع1 والمحرر وغيرهم فمراده احتمال الموت به, ولهذا علله من علله منهم كالشيخ وغيره باجتماع المبيح والمحرم, كسهمي مسلم ومجوسي, وقالوا: فأما إن علم أن السم لم يعن على قتله لكون السهم أرحى منه فمباح, ولو كان الظن مرادا لكان الأولى, فأما إن لم يغلب على الظن أن السم أعان فمباح, ونظير هذا من كلامهم في شروط البيع, فإن رأياه ثم عقدا بعد ذلك2 بزمن لا يتغير فيه ظاهرا, وقولهم في العين المؤجرة يغلب على الظن بقاء العين فيها وقد سبق ذلك. وفي الكافي3 وغيره: إذا اجتمع في الصيد مبيح ومحرم مثل أن يقتله بمثقل ومحدد, أو بسهم مسموم, أو بسهم مسلم ومجوسي, أو سهم غير مسمى عليه, أو كلب مسلم وكلب مجوسي, أو غير مسمى عليه, أو غير معلم, أو اشتركا في إرسال الجارحة عليه, أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف. مرسله أو لا يعرف, أو مع سهمه سهما كذلك لم يبح واحتج بالخبر: "وإن وجدت معه غيره فلا تأكل"4 وبأن الأصل الحظر, وإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله. وفي الترغيب: يحرم ولو مع
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/370".
2 "7/134".
3 "2/521".
4 لم أعثر عليه بهذا اللفظ وأصله في البخاري "5476" ومسلم "1929" عن عدي بن حاتم الطائي ولفظه: "وإن قتلن أي الكلاب المعلمة – ما لم يشركها كلب ليس معها".

(10/412)


جرح موح لا عمل للسم معه, لخوف التضرر به, وكذا في الفصول, وقال: لا نأمن أن السم تمكن من بدنه بحرارة الحياة فيقتل أو يضر أكله, وهما حرام, ومما يؤدي إليهما حرام.
وإن رماه فوقع في ماء أو تردى من علو أو وطئه شيء فمات فالأشهر عنه: يحرم اختاره الخرقي وغيره, وعنه: لا بجرح موح. اختاره الأكثر ومثله ذكاة "م 2 و 3".
ـــــــ
مسألة 2 و 3" قوله: "وإن رماه فوقع في ماء أو تردى من علو أو وطئه شيء 1فمات فالأشهر عنه: يحرم اختاره الخرقي وغيره وعنه: ر بجرح موح اختاره الأكثر1 ومثله ذكاه", انتهى. ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى 2" إذا جرحه جرحا موحيا ثم وقع في ماء أو تردى من علو أو وطئه شيء فمات, فهل يباح أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والمحرر والرعايتين والحاويين ونهاية ابن رزين وتجريد العناية وغيرهم.
"أحدهما"3: يحرم, وهو الصحيح, قال "في" 4المذهب هنا4: والأشهر عنه يحرم, قال الشيخ والشارح: هذا الأشهر وصححه في التصحيح وخصال ابن البناء واختاره أبو بكر والخرقي والشيرازي وغيرهم قال ابن رزين في شرحه: هذا الأظهر وبه قطع في الكافي5 وكذالك الوجيز في باب الذكاة لكن ناقضها لكونه قطع بعدم التحريم وقدمه في إدراك الغاية1.
ـــــــ
1 1ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/372".
3 في "ط" "أحدهما".
4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
5 "2/517".

(10/413)


وإن رماه في علو فوقع بالأرض فمات حل, وعنه: بجرح موح جزم به في الروضة.
وإن رماه أو عقره كلبه وعلم الإصابة فغاب ثم وجده ميتا حل, على الأصح, كما لو وجده بفم كلبه أو وهو يعبث به أو سهمه فيه, جزم به في المحرر وغيره. قال في الفصول وغيره: ولو قبل علمه بعقره, وعنه: وجرحه موح, وعنه: إن وجده في يومه, وعنه: أو مدة قريبة, حل وإلا فلا, ونقل ابن منصور: إن غاب نهارا حل, لا ليلا. قال ابن عقيل وغيره: لأن الغالب من حال الليل تخطف الهوام.
ومتى وجد به أثرا آخر يحتمل أنه أعان في قتله حرم, نص عليه, ولم يقولوا ظن كسهم مسموم, وتتوجه التسوية لعدم الفرق وأن المراد
ـــــــ
1والرواية الثانية: لا يحرم بل يباح قال الشيخ والشارح1: وبه قال أكثر أصحابنا المتأخرين, قال الزركشي: وهو الصواب, وصححه ابن عقيل في الفصول, واختاره في تذكرته, وصححه في تصحيح المحرر لكونه قطع به هنا في الوجيز.
"المسألة الثانية 3" مسألة الذكاة, وهي ما إذا ذبح حيوانا ثم غرق في ماء أو تردى من علو أو وطئ عليه شيء فمات, والحكم في ذلك كالحكم في مسألة الصيد خلافا ومذهبا, عند الأصحاب, وقد علمت الصحيح من ذلك.
ـــــــ
1 1 ليست في "ط".

(10/414)


بالظن الاحتمال. وإن غاب قبل عقره ثم وجده وسهمه أو كلبه عليه ففي المنتخب أنها كذلك, وهو معنى المغني1 وغيره. قال في المنتخب: وعنه: يحرم, وذكرها في الفصول, كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحية, كذا قال, وتبعه في المحرر, وفيه نظر على ما ذكر هو وغيره من التسوية بينها وبين التي قبلها على الخلاف "م 4" وظاهر رواية الأثرم وحنبل حله, وهو معنى ما جزم به في الروضة.
وإن ضربه فأبان عضوا وبقيت حياة معتبرة حرم البائن, وعنه: إن ذكى حل كبقيته, فإن كان من حوت ونحوه حل, وإن بقي معلقا بجلده
ـــــــ
مسألة 4" قوله: "وإن غاب قبل عقره ثم وجده وسهمه أو كلبه عليه ففي المنتخب أنها كذلك, وهو معنى المغني وغيره.
يعني مثل ما إذا رماه2 أو عقره كلبه وعلم الإصابة ثم غاب ثم وجده ميتا, على ما تقدم في كلام المصنف قريبا قال في المنتخب: وعنه يحرم هنا, وذكرها3 في الفصول, كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحيه, كذا قال, وتبعه في المحرر, وفيه نظر على ما ذكر هو وغيره من التسوية بينها وبين التي قبلها على الخلاف," انتهى.
وملخص كلام المصنف أن هذه المسألة والتي قبلها على حد سواء لا فرق بينهما, وصاحب المحرر فيه قطع بعدم الإباحة في المسألة الثانية وهي ما إذا غاب عنه قبل تحقق الإصابة ثم وجده عقيرا وحده, والسهم أو الكلب ناحيه, والصواب التسوية, كما قال المصنف وغيره. والله أعلم.
ـــــــ
1 "13/276".
2 في "ط" "رآه".
3 في "ص" "وذكر".

(10/415)


حل بحله, وإن أبانه ومات إذن حل, وعنه: يحل إلا البائن.
ويحرم ما قتله غير محدد. كبندق وحجر وشبكة وفخ. قال في المغني1: ولو شدخه, لأنه وقيذ.
ويحل ما قتله جارح معلم جرحا, وعنه: وصدما أو خنقا: اختاره ابن حامد وأبو محمد الجوزي, إلا الكلب الأسود البهيم, وهو ما لا بياض فيه, نص عليه, وقيل: لا لون فيه غير السواد, فيحرم صيده, نص عليه, لأنه شيطان, فهو العلة, والسواد علامة, كما يقال: إذا رأيت صاحب السلاح فاقتله فإنه مرتد, فالعلة الردة, ونقل إسماعيل بن سعد الكراهة, وعنه: ومثله في أحكامه ما بين عينيه بياض, جزم به في المغني2 هنا, واختاره صاحب المحرر, ويحرم اقتناؤه, وذكر جماعة الأمر بقتله, فدل على وجوبه, وذكره الشيخ هنا, وذكر الأكثر إباحته, ونقل موسى بن سعيد: لا بأس به, وقد قال الأصحاب: يحرم اقتناء الخنزير والانتفاع به, ولم أجد أحدا صرح بوجوب قتله, بل نقل أبو طالب: لا بأس, واحتج القاضي بأن الأمر بالقتل يمنع ثبوت اليد, ويبطل حكم الفعل, ويؤخذ من كلام أبي الخطاب وغيره أن العقور مثله إلا في قطع الصلاة, وهو متجه, وأولى, لقتله3 في الحرم, قال في الغنية: يحرم تركه, قولا واحدا, ويجب قتله ليدفع شره عن الناس, ودعوى نسخ القتل. مطلقا إلا المؤذي كقول
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1 "13/280".
2 "13/269".
3 في "ط" "قتله".

(10/416)


الشافعية دعوى بلا برهان, ويقابله قتل الكل كما قاله مالك.
ثم تعليم ما له ناب منه كفهد وكلب, وفي المذهب والترغيب: 1ونمر, بأن1 يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر. وفي المغني2: لا في وقت رؤيته للصيد, وإذا أمسك لم يأكل, وقيل: وتكرر ذلك ثلاثا فيحل في الرابعة, وقيل مرتين, واختار3 في المغني4 أن غير الكلب بتركه الأكل أو بالعرف, ولم يذكر الآدمي البغدادي ترك الأكل, فإن أكل منه فالمذهب تحريمه, وقيل: حين الصيد, جزم به ابن عقيل, وقيل: قبل
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 1 في "ر" "وغربان".
2 "13/262".
3 ليست في "ر".
4 "13/271".

(10/417)


مضيه, وعنه: يكره مطلقا, وعنه: يباح كصيده المتقدم, على الأصح, وكشربه من دمه, نص عليه. وفي الانتصار: من دمه الذي جرى, ولا يخرج بأكله عن كونه معلما, وفيه احتمال.
وتعليم ما له مخلب كصقر وباز بأن يسترسل إذا أرسل ويرجع إذا دعي. في وجوب غسل ما أصابه فم الكلب روايتان "م 5".
الثالث أصل الفعل, وإرسال الآلة لقصد صيد, فلو سقط سيف من يده فعقره أو احتكت شاة بشفرة في يده لم يحل, وكذا إن استرسل كلب وغيره بنفسه وإن زجره فزاد في طلبه, لأن الاعتبار بفعل الآدمي المضاف إلى فعل البهيمة, كما لو عدا على آدمي فأغراه عليه1 فأصابه ضمن, وعنه: أو
ـــــــ
مسألة 5" قوله: "وفي وجوب غسل ما أصابه فم الكلب روايتان", انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني2 والمقنع3 والمحرر والشرح2 وغيرهم, وهما وجهان في المقنع وغيره.
"إحداهما" يجب غسله وهو الصحيح, صححه في النظم وقدمه في الخلاصة والكافي4 والرعايتين والحاويين وغيرهم.
"والرواية الثانية" لا يجب غسله بل يعفى عنه صححه في التصحيح المحرر, وجزم به في الوجيز.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 "13/266".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/399".
4 "2/518".

(10/418)


أرسله بلا تسمية ثم سمى وزجره فزاد, قطع به في الواضح, اختاره الشيخ, حل. وقال ابن عقيل إن استرسل بنفسه فزجره فروايتان. ونقل حرب: إن صاد من غير أن يرسله: لا يعجبني, واحتج بأنه لم يذكر اسم الله. وفي الروضة: إن استرسل الطائر بنفسه فصاد وقتل حل, أكل منه أو لا, بخلاف الكلب.
وإن رمى ما ظنه صيدا فأصاب صيدا فقيل: يحل كما لو أصاب غيره, أو هو وغيره, نص عليه, وقيل: لا "م 6" كما لو أرسله على غير شيء, أو ظنه أو علمه غير1 صيدا فأصاب صيدا, في المنصوص. وفي الترغيب: إن ظنه آدميا أو صيدا محرما لم يبح, وكذا جارح, وقيل: يحرم به في الصورة الأخيرة. وفي مختصر ابن رزين: إن أرسله لا سهمه إلى
ـــــــ
"مسألة 6" قوله: "وإن رمى ما ظنه صيدا فأصاب صيدا فقيل: يحل,. وقيل: لا", انتهى. وأطلقهما في الكافي2 والمحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم. "أحدهما" لا يحل, وهو الصحيح, جزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والشرح3 وإدراك الغاية وغيرهم.
"والوجه الثاني" يحل, وهو احتمال لأبي الخطاب, واختاره الشيخ والموفق والناظم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 "2/517".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/403 - 404".

(10/419)


صيد فصاد غيره حرم, والمذهب خلافه, نص عليه وتقدمت التسمية1.
ومن رمى صيدا فلم يثبته فدخل خيمة غيره, أو وثبت سمكة فوقعت بحجره. وفي المغني2: لا بعمل صياد, أو دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد تملكها, ومثله إحياء أرض بها كنز, فقيل: يملك, كنصب خيمته وفتح حجرة للأخذ وعمل بركة للسمك فوقع بها وشبكة وشرك3, نص عليه, وفخ ومنجل وحبس جارح له وبإلجائه لمضيق لا يفلت منه, وقيل: يملكه بأخذه, وقيله4. هو مباح "م 7 - 10" وفي
ـــــــ
مسألة 7 - 10 " "قوله": "ومن رمى صيدا فلم يثبته فدخل خيمة5 غيره, أو وثبت سمكة فوقعت بحجره, أو دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد تملكها, ومثله إحياء أرض بها كنز, فقيل: يملك. بأخذه, وقيل: هو مباح", انتهى ذكر مسائل:
"المسألة الأولى 7" إذا رمى صيدا فلم يثبته فدخل خيمة غيره فهل يملكه مطلقا, أو لا يملكه إلا بأخذه, أو هو مباح له أو6 لغيره؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما": يملكه صاحب الخيمة مطلقا, قال في تصحيح المحرر: هذا المذهب, انتهى. قال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة: فهو لصاحب الخيمة, وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم.
ـــــــ
1 ص "399".
2 "13/288".
3 الشرك: حبائل الصيد وما ينصب للطير القاموس "شرك".
4 في "ط" "وقيل" والمثبت من النسخ الخطية وكلام الإنصاف يرجح تصويب ما في "ط".
5 في "ط" "فيه".
6 في "ط" "و".

(10/420)


الترغيب: إن دخل الصيد داره فأغلق بابه أو برجه فسد المنافذ أو حصلت السمكة في بركته فسد مجرى الماء فقيل: يملكه, وقيل: إن سهل تناوله منه, وإلا كمتحجر للإحياء.
ـــــــ
"والوجه الثاني": لا يملكه إلا بأخذه, وهو ظاهر ما قطع به في المغني1 والمقنع2 والشرح2 والنظم والوجيز وغيرهم.
"والوجه الثالث" هو مباح له ولغيره, وهو قريب من الذي قبله, وهل الوجه الثاني أنه أحق به ولا يملكه إلا بأخذه وليس لغيره أخذه.
"المسألة الثانية 8" لو وثبت سمكة فوقعت في حجر إنسان فهل يملكها مطلقا, أو يأخذها, أو هي مباحة؟ أطلق الخلاف:
"أحدها": يملكها3, وهو الصحيح, جزم به الخرقي وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني4 والمقنع والهادي والشرح5 وشرح ابن رزين وابن منجى والوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم, وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم "والقول الثاني" لا يملكها إلا بأخذها.
"والقول الثالث" هي على الإباحة قبل أخذها.
"المسألة الثالثة 9" إذا دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد
ـــــــ
1 "2/287".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/406".
3 في "ط" "يملكه".
4 "13/288".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/409".

(10/421)


ويحتمل اعتبار قصد التملك بغلق وسد, فعلى الأول ما يبنيه الناس من الأبرجة فتعشش1 بها الطيور يملكون الفراخ إلا أن تكون الطيور مملوكة فهي لأربابها, نهى عليه, وإن حصل. أو عشش "بأرضه صيد أو طائر لم يملكه نقل صالح وحنبل" فيمن صاد من نخلة بدار قوم فهو له, فإن رماه ببندقة فوقع فيها فهو لأهلها, كذا قال الإمام أحمد. وفي الترغيب: ظاهر كلامه: يملكه بالتوحل, ويملك الفراخ, فخرج في المسألة وجهان, أصحهما: يملكه وإنما لم يضمنه في الأولى في الإحرام; لأنه لم يوجد منه فعل يوجب ضمانا; لا2 لأنه ما ملكه, وكذا في عيون المسائل: من رمى صيدا على شجرة في دار قوم فحمل نفسه فسقط
ـــــــ
تملكها, فهل يملكها بمجرد ذلك, أو لا بد من تملكها بأخذه ونحوه, أو هي على الإباحة أطلق الخلاف, والحكم فيها كالتي قبلها, خلافا ومذهبا وقد علمت الصحيح من ذلك.
"المسألة الرابعة 10" : لو أحيا أرضا بها كنز, فهل يملكه بملك الأرض أو لا يملكه إلا بأخذه, أو هو على الإباحة, أطلق الخلاف.
"أحدها" لا يملكه إلا بأخذه "قلت": وهو الصواب, لأنه لا علم له به.
"والوجه الثاني" يملكه بملك الأرض, كالمسائل التي قبله.
"والقول الثالث" هو على الإباحة, وحكاية المصنف هذا القول في هذه المسائل يدل على أنه غير الثاني, والظاهر أن مراده ملك أن يتملك فله حق التملك في القول الثاني, وهنا لا, والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط" "التعشش".
2 ليست في "ط".

(10/422)


خارج الدار فهو له, وإن سقط في دارهم فهو لهم لأنه حريمهم. وفي الرعاية: لغيره أخذه, على الأصح, والمنصوص أنه للمؤجر, وذكر أبو المعالي: إن عشش بأرضه نحل ملكه; لأنها معدة لذلك. وفي كتاب الآدمي: إلا أن يعد حجره وبركته وأرضه له, وسبق كلامهم في زكاة ما يأخذه من المباح أو من أرضه وقلنا لا يملكه أنه يزكيه اكتفاء بملكه وقت الأخذ, كالعسل, وهو1 كالصريح في أن النحل لا يملك بملك الأرض 2وإلا لملك2 العسل, ولهذا قال في الرعاية في الزكاة: سواء أخذه من أرض موات أو مملوكة له أو لغيره, وإن أثبته ملكه, فلو رماه فقتله حرم, لأنه مقدور عليه. نقل ابن الحكم: إن أصاباه جميعا فذكياه جميعا حل, وإن ذكاه أحدهما فلا. وفي الخلاف: يحل, واحتج بهذه الرواية. وإن رماه آخر حل إن أصاب مذبحه, أو الأول مقتله, وإلا فلا, وفي حله احتمال في الواضح, وفي الترغيب: إن أصاب مذبحه ولم يقصد المذبح لم يحل, وإن قصده فهو ذبح ملك غيره بلا إذنه يحل على الصحيح, مأخذهما: هل يكفي قصد الذبح أم لا بد من قصد الإحلال؟ وإن أوحاه بعد إيحاء الأول فالروايتان
ـــــــ
تنبيه" قوله: وإن أوحاه بعد إيحاء الأول فالروايتان, انتهى لعله أراد بهما اللتين فيما إذا أوحاه ووقع في ماء, وقد تقدم الصحيح منهما أول الباب3, ويحتمل أنه
ـــــــ
1 في "ط" "هذا".
2 2 في "ر" "ولا يملك".
3 ص "413".

(10/423)


ومتى حل ضمن الثاني ما خرق من جلده. وفي المنتخب: ما نقص بذبحه, كشاة الغير. وفي الترغيب: ما بين بكونه حيا مجروحا وبين كونه مذبوحا, وإلا قيمته بجرح الأول, فإن أدرك الأول ذكاته فلم يذكه فمات فهل يضمنه الثاني كذلك1, أو نصف قيمته بجرح الأول, أو بالجرحين مع أرش جرحه؟ فيه أوجه "م 11".
فلو كانت قيمته عشرة فنقصه كل جرح عشرا لزمه على الأول تسعة, وعلى الثاني أربعة ونصف, 2وهو أولى2, وعلى الثالث خمسة,
ـــــــ
أراد ما إذا رماه فأثبته ثم رماه فقتله التي ورد فيها رواية ابن الحكم المتقدمة قريبا, وقدم في هذه التحريم.
"مسألة 11" قوله: "فإن أدرك الأول ذكاته فلم يذكه فمات فهل يضمنه الثاني كذلك, أو نصف قيمته بجرح الأول, أو بالجرحين مع أرش جرحه؟ فيه أوجه", انتهى. وأطلقها3 في المحرر والزركشي.
ـــــــ
1 في "ر" "لذلك".
2 2ليست في الأصل.
3 في "ص" "طلقهما".

(10/424)


فلو كان عبدا أو شاة للغير ولم يوحياه وسريا تعين الأخيران ولزم
ـــــــ
"إحداهما"1 يضمن الثاني قيمته مجروحا بالجرح الأول, وهو مراد المصنف بقوله: كذلك, يعني كالمسألة التي قبلها, وهو الصحيح, صححه في تصحيح المحرر, وقدمه في الرعايتين والحاويين.
والقول الثاني": يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول لا غير, اختاره المجد في محرره, قال المصنف في التمثيل: وهو أولى.
"والقول الثالث": اختاره القاضي فقال: يضمن نصف قيمته مجروحا, بالجرحين, مع أرش ما نقصه بجرحه, والله أعلم.
"تنبيهات"2:
"الأول" قوله: "فلو كان عبدا أو شاة للغير ولم يوحياه وسريا تعين الأخيران", انتهى. يعني القولين الآخرين من المسألة التي قبلها, والصحيح منهما ما اختاره المجد والمصنف.
ـــــــ
1 في "ط" "إحداهما" وفي "ص" "أحدهما".
2 في "ص" "تنبيهان".

(10/425)


الثاني عليهما ذلك, وكذا الأول على الثالث, وعلى الثاني بقية قيمته سليما, وإن أصاباه معا حل, وهو بينهما, كذبحه مشتركين, وكذا واحد بعد واحد ووجداه ميتا وجهل قاتله, فإن قال الأول: أنا أثبته ثم قتلته أنت فتضمنه لم يحل, لاتفاقهما على تحريمه, ويتحالفان ولا ضمان, فإن قال لم تثبته قبل قوله, لأن الأصل الامتناع, ذكر ذلك
ـــــــ
"الثاني" ما بعد هذه المسألة من إطلاق الاحتمالين والوجهين فمن كلام صاحب الترغيب, لأنه من الخلاف المطلق الذي اصطلحه المصنف, والله أعلم

(10/426)


في المنتخب وفي الترغيب: متى تشاقا في إصابته وصفتها أو احتمل أن إثباته بهما أو بأحدهما لا بعينه1 فهو بينهما. ولو أن أحدهما لو انفرد أثبته2 وحده فهو له, ولا يضمن الآخر ولو أن أحدهما موح واحتمل الآخر احتمل أنه بينهما, واحتمل أن نصفه للموحي ونصفه الآخر بينهما, ولو وجد مثبتا موحيا وترتبا وجهل السابق منهما حرم, وإن ثبت بهما لكن عقب الثاني وترتبا فهل هو للثاني أو بينهما؟ يحتمل وجهين, ونقل ابن الحكم: إن أصاباه جميعا فذكياه جميعا حل, وإن ذكاه أحدهما فلا.
ومن وقع في شبكته صيد فذهب بها ممتنعا فهو لصائده ثانيا, نص عليه.
وتحل الطريدة وهي الصيد بين قوم يأخذونه قطعا, وكذا الناد3, نص عليه, ويكره الصيد بشباش4 ومن وكره لا بليل, ولا فرخ من وكره,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في "ر" "يعينه".
2 في الأصل "أبتت".
3 الناد: هو الصيد النافر الشارد.
4 قال الخفاجي في شفاء الغليل ص "139" شباش: هو أن يوضع الطائر في الشرك ليصاد به طائر آخر قاله الباخرزي في الدمية ولم يبين أصله ولغته بأكثر من هذا.

(10/427)


ولا بما يسكر, نص على ذلك. وإن "دعوا الطير على وكرها"1 إنما هو للطيرة لا للصيد وظاهر رواية ابن القاسم: لا يكره من وكره وأطلق في الترغيب وغيره كراهته. وفي مختصر ابن رزين: يكره بليل.
وقد روى أبو داود وغيره2 حديث الذي صاد الفراخ من وكرها, وأن أمهن جاءت فلزمتهن حتى صادها, وأنه عليه السلام أمر بإطلاقهن.
ولا بأس بشبكة وفخ ودبق3. قال الإمام أحمد: وكل حيلة, وذكر جماعة: يكره بمثقل كبندق, وكذا كره شيخنا الرمي مطلقا, لنهي عثمان4, ونقل ابن منصور وغيره: لا بأس ببيع البندق يرمى بها الصيد لا للعبث, وأطلق ابن هبيرة أنه معصية.
ويحرم صيد سمك وغيره بنجاسة, نقله الأكثر, وقال: استعن عليهم بالسلطان, وعنه يكره, اختاره الأكثر وفي المبهج فيه وبمحرم روايتان5,
ـــــــ
الثالث" قوله: "ويحرم صيد سمك وغيره بنجاسة, نقله الأكثر وعنه يكره اختاره الأكثر", انتهى.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "2835" والحاكم في المستدرك "4/237" من حديث أم كرز الكعبية مرفوعا بلفظ "أقروا الطير على مكناتها...".
2 أخرجه أبو داود "2675" وأحمد "3835" عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ولفظه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيه فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها" .
3 الدبق: غراء يصاد به الطير القاموس "دبق".
4 لم أقف عليه مرويا عن عثمان وإنما عن ابن عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة "5/378".
5 يعني: في صيد السمك بنجس محرم روايتان.

(10/428)


ولو منعه الماء حتى صاده حل أكله, نقله أبو داود, قال في الرعاية: ويحرم. نقل حنبل: لا يصاد الحمام إلا أن يكون وحشيا, ولا يزول ملكه عن صيد1 بعتقه أو إرساله, كبهيمة الأنعام, 2كانفلاته, أو ند أياما ثم2 صاده آخر. نص عليه, وقيل: يزول فيملكه آخذه, كنحو كسر3 أعرض عنه4 فأخذه غيره. قال بعض أصحابنا في طريقته: العتق إحداث قوة تصادف الرق, وهو ضعيف شرعي يقوم بالمحل فيمنعه عن دفع يد الاستيلاء عنه, 5والرق غير المالية5, ولهذا قال الحنفية: الحربي رقيق بالنسبة إلينا, والرق سابق على المالية, فهو متعلقها والمحل غير الحال فيه. قال ابن
ـــــــ
قدم التحريم, ونص عليه ولم أر له متابعا, لكن كلام الخرقي يحتمله, والقول بالكراهة قطع به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني6 والمقنع7 والهادي والشرح7 والنظم والوجيز ومنتخب الآدمي وشرح ابن رزين وغيرهم, وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم, قال الزركشي: هو المشهور.
ـــــــ
1 في "ر" "صيده".
2 ليست في "ط".
3 الكسر: نصف العظم بما عليه من اللحم أو عظم ليس عليه كثير لحم القاموس "كسر".
4 في "ر" "عنها".
5 5 ليست في الأصل.
6 "13/288".
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/412".

(10/429)


عقيل: ولا يجوز أعتقتك في حيوان مأكول, لأنه فعل الجاهلية "والله سبحانه وتعالى أعلم".
ـــــــ
........................................

(10/430)