الفروع و معه تصحيح الفروع

كتاب الأيمان
مدخل
*
...
كتاب الأيمان
اليمين الموجبة للكفارة بشرط الحنث, بالله أو بصفة له, كوجه الله, نص عليه, وعظمته, وعزته, وإرادته, وقدرته, وعلمه, والمنصوص: ولو نوى مقدوره ومعلومه, وكذا نية مراده أو باسم لا يسمى به غيره نحو والله والقديم الأزلي, وخالق الخلق, ورازق أو رب العالمين, وإن قال: والرحيم والقادر, والعظيم والمولى ونحوه, ونوى به الله, أو أطلق فيمين, وإلا فلا, وكذا الرب والخالق والرازق, وخرجها في التعليق على روايتي أقسم, وقيل: يمين مطلقا, كالرحمن, في الأصح, وما لا ينصرف إطلاقه إليه, ويحتمله كالحي والموجود والشيء, فإن نوى به الله فيمين, خلافا للقاضي, وإلا فلا.
ـــــــ
........................................

(10/433)


وحرف القسم الباء يليها مظهر ومضمر, والواو يليها مظهر, والتاء وحدها تختص اسم الله.
"وفي المغني1 احتمال في تالله لأقومن يقبل بنية أن قيامه بمعونة الله. وفي الترغيب. إن نوى بالله أثق ثم ابتدأ لأفعلن احتمل وجهين باطنا, ويتوجه أنه كطلاق",والله أعلم.
وله القسم بغير حرفه فيقول الله لأفعلن بجر ونصب فإن نصبه بواو أو رفعه معها, أو دونها فيمين إلا أن2 يريدها عربي وقيل: أو عامي وجزم به في الترغيب مع رفعه. قال القاضي في القسامة: لو تعمده لم يضر. لأنه لا يحيل المعنى. وقال شيخنا: الأحكام تتعلق بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة, كقوله: حلفت بالله رفعا ونصبا, والله بأصوم أو بأصلي ونحوه, وكقول الكافر: أشهد أن محمد رسول الله برفع الأول ونصب الثاني, وأوصيت لزيد بمائة, وأعتقت سالم ونحو, ذلك وأن من رام جعل الناس كلهم في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا.
وهاء الله يمين بالنية وهي في المستوعب حرف قسم,..........................
ـــــــ
"تنبيه" قوله: "فإن نصبه بواو أو رفعه معها ودونها فيمين إلا أن يريدها عربي, كذا في النسخ, وصوابه إلا أن لا يريدها بزيادة لا".
ـــــــ
1 "13/458".
2 بعدها في "ط" "لا".

(10/434)


ويجاب الإيجاب بأن خفيفة1 وثقيلة وبلام وبنوني توكيد وبقد والنفي بما وإن بمعناها وبلا وتحذف لا لفظا نحو والله أفعل.
وإن قال: والعهد, والميثاق, والجلال, والعظمة, والأمانة ونحو ذلك ونوى صفة الله, وعنه: أو أطلق فيمين, كإضافته إليه, نحو: وعهد الله وحقه, وذكر ابن عقيل الروايتين في: علي عهد الله وميثاقه, وإن قال: وايم الله, أو لعمر الله, فيمين, وعنه: بالنية, وإن قال: حلفت بالله أو أحلف بالله فيمين, وعنه بالنية, كما لو لم يقل بالله أو نوى خيرا, وعنه فيهما يكفر, نصره القاضي وغيره, وكذا لفظ القسم والشهادة. قال جماعة: والعزم.
وفي المغني2 عزمت, وأعزم ليس يمينا ولو نوى, لأنه لا شرع
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في الأصل "حقيقة".
2 "13/470".

(10/435)


ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى. وقال ابن عقيل: رواية واحدة, وقسما بالله يمين تقديره أقسمت قسما, وكذا ألية بالله. وإن قال: علي يمين فقيل: يمين, وقيل: بالنية, وعند الشيخ: لا "م 1" ويتوجه عليهما تخريج إن زاد: إن فعلت كذا, وفعله, وتخريج لأفعلهن. قال شيخنا: هذه لام القسم, فلا تذكر إلا معه مظهرا أو مقدرا.
ـــــــ
مسألة 1" قوله: "وإن قال علي يمين, فقيل: يمين, وقيل: بالنية, وعند الشيخ لا", انتهى.
"أحدها" "عليه كفارة يمين مطلقا, وهو الصحيح, وبه قطع في المقنع, فقال: قال أصحابنا عليه كفارة يمين", انتهى.
"قلت" وقطع به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والشرح1 والنظم وشرح ابن منجى والوجيز وغيرهم.
"والقول الثاني" يكون يمينا بالنية, جزم به في الرعاية الصغرى, وقدمه في الكبرى.
"والقول الثالث" لا يكون يمينا مطلقا, اختاره الشيخ الموفق, فقال في المغني2 والكافي3: وإن قال علي يمين ونوى الخير فليس بيمين, على أصح الروايتين, وإن نوى القسم فقال أبو الخطاب هي يمين. وقال الشافعي: ليس يمينا, وهذا أصح, وقطع به الأخير في الكافي3, وهو الصواب.
"تنبيه" الذي يظهر أن الخلاف المطلق إنما هو في كونه يمينا أو لا, أما القول بأنه
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/520".
2 لم نقف عليه في المغني.
3 "6/16".

(10/436)


وإن حلف بكلام الله, أو المصحف, أو القرآن, أو آية فكفارة, ومنصوصه: بكل آية إن قدر, وعنه: أو لا. وفي الفصول وجه: بكل حرف. وفي الروضة: أما بالمصحف فكفارة واحدة, رواية واحدة.

(10/437)


فصل: ويحرم الحلف بغير الله,
وعن ابن مسعود وغيره: لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا1. قال شيخنا: لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق, وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك.
وقيل: يكره ولا كفارة, وقيل: وخلق الله ورزقه يمين, فنية مخلوقه ومرزوقه كمقدوره, وعنه: يجوز.
وتلزم حالفا بالنبي صلى الله عليه وسلم, اختاره الأكثر, والتزم ابن عقيل, ونبي غيره,
ـــــــ
يمين بالنية فليس هو داخل في ذلك, ولكن على القول بأنه يمين هل يشترط فيه النية أم لا, وقدم عدم الاشتراط
ـــــــ
1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف "8/469".

(10/437)


وأن معلومه يمين لدخول صفاته. قيل لأحمد رحمه الله: يكره الحلف بعتق أو طلاق أو شيء؟ قال: سبحان الله, لم لا يكره؟ لا يحلف إلا بالله. وفي تحريمه وجهان "م 2".
واختار شيخنا التحريم وتعزيره "و م" واختار في موضع لا يكره, وأنه قول غير واحد من أصحابنا, لأنه لم يحلف بمخلوق, ولم يلتزم لغير الله شيئا, وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر, والالتزام لله أبلغ من الالتزام به, بدليل النذر له واليمين به, ولهذا لم ينكر الصحابة على من حلف بذلك, كما أنكروا على من حلف بالكعبة.
واختار شيخنا فيمن حلف بعتق وطلاق وحنث يخير بين أن يوقعه أو يكفر كحلفه بالله ليوقعنه, وذكر أن الطلاق يلزمني ونحوه يمين باتفاق العقلاء والأمم والفقهاء وخرجه على نصوص لأحمد وهو خلاف صريحها, وذكر أنه إن حلف به نحو: الطلاق لي لازم ونوى النذر كفر, عند الإمام أحمد.
وأيمان البيعة رتبها الحجاج, ضمنها يمينا بالله وعتقا وطلاقا وصدقة
ـــــــ
مسألة 2" قوله: "وفي تحريمه وجهان", انتهى.
يعني الحلف بالطلاق والعتاق.
"أحدهما" يحرم, اختاره الشيخ تقي الدين وقال: ويعزر, وفيه قوة, لا سيما في الطلاق, وهو ظاهر الأحاديث.
"والوجه الثاني" لا يحرم بل يكره, واختار الشيخ تقي الدين أيضا في موضع من كلامه أنه لا يكره, وقال: هو قول غير واحد من أصحابنا, وهو الصواب.

(10/438)


مال وقيل: وحجا, فمن قال: أيمان البيعة تلزمني, ولا نية فلغو, وإن نواها وقيل ولو جهلها لزمته: وقيل: يلزمه عتق وطلاق, وقيل: وصدقة. وفي الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق.
وأيمان المسلمين يلزمه عتق وطلاق عتق وطلاق وظهار ويمين بالله, بنية ذلك, ففي اليمين بالله الوجهان, ويتوجه في جاهل ما تقدم, وألزم القاضي الحالف بالكل ولو لم ينو.
ومن حلف بأحدها فقال آخر يميني في يمينك في يمينك أو عليها أو مثلها
ـــــــ
........................................

(10/439)


ينوي التزام مثلها لزمه, نص عليه في طلاق وفي المكفرة المكفرة الوجهان.
قال شيخنا: كذا أنا معك, ينوي في يمينه, ومن حلف بكفره, كقوله هو كافر أو أكفر بالله أو برئ من الإسلام, أو النبي صلى الله عليه وسلم أو يستحل الزنا أو ترك الصلاة, أو لا يراه الله بموضع كذا ونحو ذلك منجزا أو معلقا.
وفي الانتصار: و1الطاغوت لأفعلنه, لتعظيمه له, معناه: عظمته إن فعلته وفعله لم يكفر, ويلزمه كفارة, بخلاف: هو فاسق إن فعله, لإباحته في حال, وعنه: لا كفارة. اختاره الشيخ, وكذا عند ابن عقيل وحده: محوت المصحف, لإسقاطه حرمته, وكذا عنده: عصيت الله في كل ما أمرني, واختاره في المحرر.
وإن قال: لعمري, أو قطع الله يديه ورجليه, أدخله الله النار, فلغو. نص عليه, ولا يلزمه إبرار قسم, في الأصح. كإجابة سؤال بالله. وقال شيخنا: إنما يجب على معين, فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس,
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية "أو" والمثبت من "ط".

(10/440)


وسبق في الزكاة1.
وإن قال: بالله لتفعلن, فيمين. وفي المغني2: إلا أن ينوي, وأسألك بالله لتفعلن يعمل بنيته, ويتوجه في إطلاقه وجهان "م 3"
ـــــــ
"مسألة 3" قوله: "وأسألك بالله لتفعلن, يعمل بنيته, ويتوجه في إطلاقه
ـــــــ
1 "4/307".
2 "13/458".

(10/441)


والكفارة على الحالف, وحكي عنه: على المحنث, وروى ما يدل على إجابة من سأل بالله, فروى أحمد والنسائي والترمذي1 وقال حسن
ـــــــ
وجهان", انتهى.
"قلت": الصواب عدم انعقاد اليمين مع الإطلاق.
ـــــــ
1 أحمد "2116" والنسائي المجتبى "5/83" والترمذي "1652".

(10/442)


غريب من حديث ابن عباس "وأخبركم بشر الناس" ؟ قلنا: نعم يا رسول الله, قال: "الذي يسأل بالله ولا يعطي به" حديث حسن له طريقان, في أحدهما ابن لهيعة, والأخرى جيدة.
وروى أبو داود1 بإسناد جيد من حديث ابن عباس "ومن سألكم بوجه الله فأعطوه" وفي لفظ "من سألكم بالله فأعطوه" وله2 مثلها من حديث ابن عمر, وفيهما: "ومن استعاذكم بالله فأعيذوه" وهما حديثان جيدان, وله3 من حديث جابر "لا تسأل بوجه الله إلا الجنة" من رواية
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 في سننه "5108".
2 سنن أبي داود "5109".
3 سنن أبي داود "1671".

(10/443)


سليمان بن معاذ هو ابن قرم1, ضعفه غير أحمد وابن عدي.
ـــــــ
.....................................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية "قشرم" وهو: أبو داود سليمان بن قرم بن معاذ التميمي الضبي النحوي قال يحيى بن معين والنسائي: ضعيف وقال في موضع آخر: ليس بشيء وقال أبو زرعة: ليس بذلك تهذيب الكمال "12/51".

(10/444)


فصل: ويشترط لليمين المنعقدة قصد عقدها على مستقبل,
وتقدم المستحيل في طلاق المستقبل فإن حلف بالله على ماض كاذبا عالما كذبه فغموس, وعنه: يكفر ويأثم, كما يلزمه عتق وطلاق وظهار وحرام ونذر, فيكفر كاذب في لعانه, ذكره في الانتصار واحتج غير واحد على عدم التكفير بقوله {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} [آل عمران: 77] الآية, فكيف يقال إن الجزاء غير هذا وإن الكفارات تمحص هذا. وقال شيخنا: من قال يكفر الغموس, قال يكفر الغموس في ذلك أيضا, وأما من قال: لا كفارة في المستقبل, أو أنه يلزمه فيه ما التزمه, فالماضي أولى.
وأما من قال اليمين الغموس بالله لا تكفر, وأن اليمين بالنذر والكفر وغيرهما يكفر, فلهم في اليمين الغموس بذلك قولان:

(10/444)


أحدهما يلزمه ما التزمه من نذر وكفر, وغيرهما قاله بعض الحنفية وبعض الحنبلية. وقال محمد بن مقاتل: يعني الحنفي في الحلف بالكفر, وقاله جدنا أبو البركات في الحلف بالنذر ونحوه, وهؤلاء يحتجون بقوله عليه السلام: "من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال" 1.
والثاني وهو قول الأكثرين أنه لا يلزمه ما التزمه في اليمين الغموس إلا إذا كان يلزمه ما التزمه في اليمين على المستقبل; لأنه في جميع صور الأيمان لم يقصد أن يصير كافرا ولا ناذرا ولا مطلقا ولا معتقا, لأنه إنما قصده في الماضي الخبر التصديق أو التكذيب, وأكده باليمين كما يقصد الحظ أو المنع في الأمر أو النهي, وأكده باليمين, فكما قالوا يجب الفرق في المستقبل بين من قصده اليمين وقصده الإيقاع, وأن الحالف لا يلتزم وقوعه عند المخالفة, والموقع يلتزم ما يريد وقوعه عند المخالفة, فهذا الفرق موجود في التعليق على الماضي, فإنه تارة يقصد اليمين, وتارة يقصد الإيقاع, فالحالف يكره لزوم الجزاء, وإن حنث صدق أو كذب لم يقصد إيقاع ما التزمه إذا كذب, كما لم يقصد في الحظ والمنع والشارع لم يجعل من التزم شيئا يلزمه, سواء بر أو فجر, ولهذا لم يكفر باليمين الغموس إجماعا لأنه لم يقصد نفي حرمة الإيمان بالله, لكن فعل كبيرة مع اعتقاده أنها كبيرة, والقول في الخبر كنظائره كفر دون كفر, وقد يجتمع في
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1363" ومسلم "110" "176" من حديث ثابت بن الضحاك.

(10/445)


الإنسان شعبة من شعب الكفر والنفاق.
وإن عقدها على ماض واختار شيخنا: أو مستقبل ظانا صدقه فلم يكن, كمن حلف على غيره يظن أنه يعطيه فلم يفعل, أو ظن المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك, وأن المسألة على روايتين كمن ظن امرأة أجنبية فطلقها فبانت امرأته ونحوها مما يتعارض فيه التعيين الظاهر والقصد, فلو كانت يمينه بطلاق ثلاث ثم قال أنت طالق مقرا بما وقع أو مؤكدا له لم يقع وإن كان منسيا, فقد أوقعه بمن يظنها أجنبية, فالخلاف قاله شيخنا, ومثله في المستوعب وغيره بحلفه أن المقبل زيد أو ما كان أو كان كذا فكمن فعل مستقبلا ناسيا وقطع جماعة بحنثه في عتق وطلاق, زاد في التبصرة مثله في المسألة بعدها.
وكل يمين مكفرة كاليمين بالله, قال شيخنا: حتى عتق وطلاق وأن هل فيهما لغو؟ على قولين في مذهب أحمد ومراده ما سبق, وإن جرى على لسانه ولم يقصدها لا والله وبلى والله; فلا كفارة, على الأصح, وعنه:
ـــــــ
........................................

(10/446)


في الماضي, وهل هي لغو اليمين أو المسألة قبلها؟ فيه روايتان "م 4" وقيل: هما.
قالت عائشة "أيمان اللغو ما كان في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب", وأيمان الكفارة كل يمين حلف عليها على حد من الأمر في غضب أو غيره1 إسناده جيد, احتج به أصحابنا, وذكر أحمد أوله فيما خرجه في محبسه.
ومن قال في يمين مكفرة إن شاء الله متصلا, وعنه وجزم به في عيون المسائل: ومع فصل يسير ولم يتكلم, وعنه: وفي المجلس, وهو في الإرشاد2 عن بعض أصحابنا, وفي المبهج: ولو تكلم, قدم الاستثناء على الجزاء أو أخره, فعل أو ترك, لم تلزمه كفارة قال أحمد:
ـــــــ
مسألة 4" قوله: "وهل هي لغو اليمين أو المسألة قبلها, فيه روايتان", انتهى.
يعني هل لغو اليمين أن يجري على لسانه من غير قصد قول لا والله وبلى والله أو هو أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه؟ أطلق الخلاف في ذلك, وأطلقه في الهداية والمذهب.
"إحداهما": هو أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه, وهو ظاهر كلامه في المقنع3, وقدمه في الرعايتين.
"والرواية الثانية" هو قوله: لا والله وبلى والله ونحوه إذا جرى على لسانه ولم يقصده, وهو الصحيح, وجزم به في المحرر والحاوي الصغير والوجيز والعدة مع أن كلامه في العدة يحتمل أن يعود إلى الصورتين.
ـــــــ
1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف "15952" مختصرا والبيهقي في السنن الكبرى "10/84".
2 ص "409".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/475".

(10/447)


قول ابن عباس "إذا استثنى بعد سنة فله ثنياه"1 ليس هو في الأيمان إنما تأويله قول الله {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23, 24] فهذا استثناء من الكذب; لأن الكذب ليس فيه كفارة, وهو أشد من اليمين, لأن اليمين تكفر والكذب لا يكفر.
قال ابن الجوزي: فائدة الاستثناء خروجه من الكذب, قال موسى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: 69] ولم يصبر فسلم منه بالاستثناء, وكلامهم يقتضي إن رده إلى يمينه لم ينفعه, لوقوعها وتبيين مشيئة الله, واحتج به الموقع في أنت طالق إن شاء الله.
قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله: تحقيق مذهبنا 2إنها يقف2 على إيجاد فعل أو تركه, فالمشيئة متعلقة على الفعل, فإذا وجد3 ذلك تبينا أنه شاء وإلا فلا, وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع, ويعتبر نطقه إلا من مظلوم خائف, نص على ذلك, ولم يقل في المستوعب: خائف, وفي اعتبار قصد الاستثناء وجهان, فائدتهما فيمن سبق على لسانه عادة, أو أتى به تبركا "م 5" ولم
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: "وفي اعتبار قصد الاستثناء وجهان, فائدتهما4 فيمن سبق على لسانه عادة أو أتى به تبركا", انتهى.
"أحدهما" يعتبر قصد الاستثناء, اختاره القاضي, وجزم به في 5المستوعب و5
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "10/80".
2 2 في "ط" "إنما يقف".
3 بعدها في "ط" "ذلك".
4 في النسخ "فائدته" والمثبت من "ط".
5 5 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

(10/448)


يعتبره شيخنا, ولو أراد تحقيقا لإرادته ونحوه, لعموم المشيئة.
وفي الترغيب وجه: يعتبر قصد الاستثناء أول كلامه, وكذا قوله إن أراد الله وقصد بالإرادة المشيئة, لا محبته وأمره, ذكره شيخنا.
وإن شك في الاستثناء فالأصل عدمه. وقال شيخنا: إلا ممن عادته الاستثناء واحتج بالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض, والأصل وجوب العبادة.
ومن كان حنثه في يمينه خيرا استحب, وقدم في الترغيب أن بره وإقامته على يمينه أولى, ولا يستحب تكرار حلفه فقيل: يكره, ونقل حنبل: لا يكثر الحلف فإنه مكروه, وإن دعي. محق لليمين عند حاكم فالأولى افتداء نفسه, وقيل: يكره حلفه, وقيل: مباح, ونقله حنبل كعند غير حاكم ويتوجه فيه: يستحب لمصلحة, كزيادة طمأنينة وتوكيدا لأمر وغيره,
ـــــــ
البلغة والنظم والمحرر والوجيز وغيرهم, وصححه في الرعاية الكبرى, قال الزركشي: واشترط القاضي وأبو البركات وغيرهما مع الاتصال أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه, وظاهر بحث أبي محمد أن المشترط قصد الاستثناء فقط, حتى لو نوى عند تمام يمينه صح استثناؤه, قال: وفيه نظر, انتهى.
"والوجه الثاني": لا يعتبر قصد الاستثناء, وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب المقنع1 والمحرر2 وجماعة, وذكر ابن البنا وبناه على أن لغو اليمين عندنا صحيح, وهو ما كان على الماضي وإن لم يقصده, واختاره الشيخ تقي الدين.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/488".
2 ليست في "ط".

(10/449)


ومنه قوله عليه السلام لعمر رضي الله عنه عن صلاة العصر: "والله ما صليتها" 1 تطبيبا منه لقلبه, وكذا قال بعض أصحابنا في كتابه الهدي عن قصة الحديبية, فيها جواز الحلف بل استحبابه على الخير الديني الذي يريد تأكيده, وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعا, وأمره الله بالحلف على تصديق ما أخبره في ثلاث مواضع من القرآن, في سورة سبأ ويونس والتغابن2.
وإن قال: إن فعلت كذا فعبد فلان حر, أو ماله صدقة ونحوه, وفعله, فلغو, وعنه: يكفر كنذر معصية, وإن حرم حلالا غير زوجته, نحو ما أحل الله علي حرام, ولا زوجة له, لم يحرم ويكفر إن
ـــــــ
"تنبيه" قوله: "نحو ما أحل الله علي حرام أو لا زوجة له" كذا في النسخ, وصوابه "ولا زوجة له" بإسقاط الألف قبل الواو وإنما قال ذلك لئلا يشملها كلامه.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "596" ومسلم "631" عن جابر.
2 وهي قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3] {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس:53] {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7].

(10/450)


فعله, نص عليه, وقيل: يحرم حتى يكفر, وكذا تعليقه بشرط, نحو إن أكلته فهو علي حرام, نقله أبو طالب, قال في الانتصار: وطعامي علي كالميتة والدم.
واليمين تنقسم إلى أحكام التكليف الخمسة, وهل يستحب على فعل طاعة أو ترك معصية؟ فيه وجهان "م 6" ولا تغير حكم المحلوف, وفي الانتصار: يحرم حنثه وقصده لا المحلوف في نفسه ولا ما رآه خيرا.
ـــــــ
"مسألة 6" قوله: "واليمين تنقسم إلى أحكام التكليف الخمسة, وهل يستحب على فعل طاعة أو ترك معصية؟ فيه وجهان", انتهى. وأطلقهما في المغني1 والشرح2 وشرح الوجيز.
"إحداهما" لا يستحب, صححه الناظم فقال:
ولا ندب في الإيلاء ليفعل طاعة
ولا ترك عصيان على المتجودة
وإليه ميل شارح الوجيز.
"والوجه الثاني" يستحب, اختاره بعض الأصحاب, وقدمه ابن رزين في شرحه. "قلت" وهو الصواب. فهذه ست مسائل في هذا الباب
ـــــــ
1 "13/441".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/424".

(10/451)


وفي الإفصاح: يلزم الوفاء بالطاعة, وأنه عند أحمد لا يجوز عدول القادر إلى الكفارة "ش م" قال شيخنا: لم يقل أحد إنها توجب إيجابا أو تحرم تحريما لا ترفعه الكفارة, قال: والعقود والعهود متقاربة المعنى أو متفقة فإذا قال: أعاهد الله أني أحج العام, فهو نذر وعهد ويمين, ولو قال: أن لا أكلم زيدا, فيمين وعهد, لا نذر, فالأيمان إن تضمنت معنى النذر, هو أن يلتزم لله قربة, لزمه الوفاء, وهي عقد وعهد ومعاهدة لله, لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه1, وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس, وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه, فمعاقدة ومعاهدة, يلزم الوفاء بها, ثم إن كان العقد لازما لم يجز نقضه, وإلا خير, ولا كفارة في ذلك لعظمه.
ولو حلف لا يغدر كفر للقسم لا لغدره, مع أن الكفارة لا ترفع إثمه بل يتقرب بالطاعات, قال: وهذه أيمان بنص القرآن, ولم يفرض الله ما يحل عقدتها إجماعا.
نقل عبد الله: قال الله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] قال: العهود, ونقل أبو طالب: العهد شديد في عشرة مواضع من كتاب الله, ويتقرب إلى الله تعالى إذا حلف بالعهد بكل ما استطاع, ويكفر إذا حنث بأكثر من
ـــــــ
.........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ط" "الوفاء".

(10/452)


كفارة يمين, قال في المغني1: إن حل اليمين على مباح مباح2, وأن قوله تعالى: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] أي في العهود والمواثيق لقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: 91] الآية, وقوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] والعهد يجب الوفاء به, بغير خلاف فمع اليمين أولى.
ونهى عن نقض اليمين, ويقتضي التحريم, وضرب لهم المثل, ولا خلاف أن الحل المختلف فيه لا يدخله هذا, قال شيخنا: من جنسهما لفظ الذمة. وقولهم: هذا في ذمة فلان أصله من هذا أي فيما لزمه بعهده وعقده, قال في الفنون: الذمم هي العهود والأمانات, وفي الواضح: ومنه أهل الذمة, وذمة فلان, قال بعض أصحابنا في طريقته: الذمة لا تملك, لأنها العهد والميثاق لغة, وفي الشرع وصف يصير به المكلف أهلا للالتزام والإلزام, ولهذا لو اشترى في ذمته من آخر صح, وإنما يملك الحق الثابت فيها.
وقيل له: الذمة صفة فتفوت بالموت فلا يصح ضمان دينه, فقال: لا نسلم أنها صفة, بل عبارة عن الالتزام ولم يفت. وقال في الفنون: الذمة
ـــــــ
.................................
ـــــــ
1 "13/444".
2 ليست في "ط".

(10/453)


وإن كانت العهد فالملك التسلط, فإذا بقي حكم الملك ولا تسلط حقيقة في الميت بقي حكم الذمة, وإن كان لا عهد حقيقة للميت.

(10/454)


فصل: من لزمته كفارة يمين فله إطعام عشرة مساكين,
جنسا أو أكثر, أو كسوتهم, أو يطعم بعضا ويكسو بعضا, نص عليه, وفيه قول قاله أبو المعالي كبقية الكفارات من جنسين, وكعتق مع غيره أو إطعام وصوم. ما يجزئ صلاة الآخذ فيه, وفي التبصرة: المفروضة, وكذا نقل حرب: ما يجوز فيه الفرض, كوبر وصوف, وما يسمى كسوة ولو عتيقا لم تذهب قوته. وفي المغني1: وحرير, في الترغيب ما يجوز للآخذ لبسه, فمن عجز كعجزه عن فطرة, نص عليه, وقيل: كرقبة في ظهار, فصيام ثلاثة أيام متتابعة بلا عذر, وعنه: له تفريقها. وقال ابن عقيل: هل الدين كزكاة فيصوم أم لا, كفطرة, فيه روايتان.
وله التكفير قبل الحنث. وفي الواضح على رواية حنثه بعزمه على مخالفة يمينه بنيته لا يجوز, بل لا يصح, وفيه رواية: لا يجوز بصوم, لأنه
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 "13/517".

(10/454)


تقديم عبادة, كصلاة واختار في التحقيق: لا يجوز, كحنث محرم, في وجه, وهما سواء, نص عليه, وعنه: بعده أفضل, ونقل ابن هانئ: قبله, ونقل ابن منصور: تقدم الكفارة, وأحبه, فله أن يقدمها قبل الحنث, لا يكون أكثر من الزكاة.
ومن لزمته, أيمان قبل التكفير فكفارة, اختاره الأكثر, وذكر أبو بكر أن أحمد رجع عن غيره, وعنه: لكل يمين1 كفارة, كما لو اختلف موجبها, كيمين وظهار, وعنه: إن كانت على أفعال, نحو والله لا قمت, والله لا قعدت كما لو كفر عن الأولة, وإلا كفارة كوالله لا قمت والله لا قمت ومثله الحلف بنذور مكررة أو بطلاق مكفر, قاله شيخنا: ونقل ابن منصور فيمن حلف نذورا كثيرة مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أباه أو أخاه فعليه كفارة يمين.
وقال شيخنا فيمن قال الطلاق يلزمه لأفعلن2 كذا وكرره: لم يقع أكثر من طلقة إذا لم ينو, فيتوجه مثله إن قمت فأنت طالق وكرره ثلاثا, سبق فيما يخالف المدخول بها غيرها يقع بهما ثلاث, وذكره الشيخ
ـــــــ
........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ط" "كفارة".
2 في "ط" "لأفعلن".

(10/455)


إجماعا, وكان الفرق أنه يلزم من الشرط الجزاء, فيقع الثلاث معا, للتلازم.
ولا ربط في اليمين, ولأنها للزجر والتطهير فهي كالحدود, بخلاف الطلاق, والأصل حمل اللفظ على فائدة أخرى ما لم يعارضه معارض, ونقل عبد الله: أعجب إلي أن يغلظ على نفسه إذا كرر الأيمان أن يعتق رقبة, فإن لم يمكنه أطعم.
ولو حلف يمينا على أجناس مختلفة فكفارة, حنث في الجميع أو واحد وتنحل في البقية.
ومن بعضه حر كحر وقيل: لا عتق, ويكفر كافر حتى مرتد بغير صوم.
ـــــــ
.......................................

(10/456)


المجلد الحادي عشر
تابع كتاب الأيمان
باب جامع الأيمان
مدخل
...
باب جامع الأيمان
يرجع فيها إلى نية حالف ليس بها ظالما نص عليه احتملها لفظه فينوي باللباس الليل وبالفراش والبساط الأرض وبالأوتاد الجبال وبالسقف والبناء السماء وبالإخوة إخوة الإسلام وما ذكرت فلانا أي ما قطعت ذكره وما رأيته أي ما ضربت رئته وبنسائي طوالق نساءه الأقارب منه وبجواري أحرار سفنه وبما كاتبت فلانا مكاتبة الرقيق وبما عرفته جعلته عريفا ولا أعلمته أي أعلم الشفة ولا سألته حاجة وهي الشجرة الصغيرة ولا أكلت له دجاجة وهي الكبة من الغزل ولا فروجة وهي الدراعة ولا في بيتي فرش وهي صغار الإبل ولا حصير وهو الجبس ولا بارية أي السكين التي يبري بها وما أشبه ذلك.
ويجوز التعريض في المخاطبة لغير ظالم بلا حاجة اختاره الأكثر وقيل: لا ذكره شيخنا واختاره لأنه تدليس كتدليس المبيع وقد كره أحمد التدليس وقال: لا يعجبني ونصه: لا يجوز التعريض مع اليمين ويقبل حكما1 مع قرب الاحتمال من الظاهر ومع توسطه روايتان م 1 وأطلقهما في المذهب والمستوعب.
__________
مسألة 1: قوله: ويقبل حكما مع قرب الاحتمال من الظاهر ومع توسطه روايتان. انتهى.
وأطلقهما في المحرر والنظم والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم:
ـــــــ
1 في "ط": "منه في الحكم".

(11/5)


وجزم به أبو محمد الجوزي بقبوله.
ثم يرجع إلى سبب يمينه وقدمه في الخرقي والإرشاد والمبهج وحكى رواية وقدمه القاضي بموافقته للوضع وعنه: يقدم
__________
إحداهما: يقبل وهو الصحيح صححه في تصحيح المحرر وجزم به أبو محمد الجوزي وقدمه في الرعايتين لأنه جعل ما قاله المصنف طريقة مؤخرة وقدم أنه يرجع إلى نية الحالف إن احتملها لفظه ثم قال: وقيل إن قرب الاحتمال إلى آخره.
والرواية الثانية: لا يقبل.
تنبيه: قوله: وقدمه الخرقي والإرشاد والمبهج.

(11/6)


عليه وذكر القاضي: وعليها عموم لفظه احتياطا ثم إلى التعيين.
__________
أي: قدموا السبب على النية أما صاحب الإرشاد والمبهج فمسلم،

(11/7)


.........................
__________
وأما الخرقي فلم يقدم السبب على النية بل قدمها عليه وهو موافق للمذهب فقال:

(11/8)


وقيل: يقدم عليه وضع لفظه شرعا أو عرفا أو لغة. وفي المذهب: في الاسم والعرف وجهان وذكر ابنه1 النية ثم السبب ثم مقتضى لفظه عرفا ثم لغة فإذا حلف لظالم: ما لفلان عندي وديعة ونوى غيرها أو ب ما معنى الذي أو استثنى بقلبه بر فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها ويكفر على الأصح ذكرهما ابن الزاغوني وعزاهما الحارثي إلى فتاوى أبي الخطاب ولم أرهما.
__________
ويرجع في الأيمان إلى النية فإن لم ينو شيئا رجع إلى سبب اليمين وما يصحبها انتهى. فهذا مخالف لما قاله المصنف عنه.
ـــــــ
1 يعني: يوسف بن عبد الرحمن ابن الجوزي.

(11/9)


وذكر القاضي أنه يجوز جحدها بخلاف اللقطة. وإن لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب وعند ابن عقيل لا يسقط ضمان لخوفه1 من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه. وفي فتاوى ابن الزاغوني إن أبى اليمين بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر م 2.
ومن حلف بطلاق ثلاث ليطأنها اليوم فإذا هي حائض أو ليسقين ابنه خمرا لا يفعل وتطلق نص عليهما واختار أبو الخطاب فيمن حلف في شعبان بثلاث ليطأنها في نهار شهرين متتابعين سافر في رمضان فإن حاضت وطئ وكفر لحيض وذكر هو وجماعة فيمن حلف لا يأكل بيضا وليأكلن مما في كمه فإذا هو بيض عمل منه ناطف يستهلك.
وأنه لو قال لمن على سلم: إن صعدت فيه أو نزلت منه أو قمت عليه أو رميت نفسك أو حطك إنسان فأنت طالق انتقلت إلى سلم آخر.
ـــــــ
مسألة 2: قوله: وإن لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب وعند ابن عقيل لا يسقط ضمان لخوفه من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمينه. وفي فتاوى ابن الزاغوني إن أبى اليمين بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر انتهى.
قال الحارثي2 في باب الوديعة: فعلى المذهب إن لم يحلف حتى أخذت منه وجب الضمان للتفريط. قلت: وهذا هو الصواب وتقدم النقل في باب الوديعة من هذا التصحيح فليراجع3.
ـــــــ
1 في "ر": "بخوفه".
2 في "ط": "الخرقي".
3 7/222.

(11/10)


وأنه لو حلف: لا وطئتك إلا وأنت لابسة عارية راجلة راكبة وطئها بليل عريانة في سفينة.
وأنه لو حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه لا يجد طعم الملح سلقت بيضا وذكر هذه المسائل في عيون المسائل وغيرها.
وإن حلف ليطأنها في نهار رمضان ثم سافر ووطئ فنصه: لا يعجبني لأنها حيلة; قال: من احتال بحيلة فهو حانث ونقل عنه الميموني: لا يرى الحيلة إلا بما يجوز فقال له: إنهم يقولون لمن قال لامرأته وهي على درجة إن صعدت أو نزلت فأنت طالق قالوا تحمل; قال أليس هذا حيلة؟ هذا هو الحنث بعينه; وقالوا: إذا حلف لا يطأ بساطا فوطئ على اثنين وإذا حلف لا أدخل فحمل فأدخل.
قال ابن حامد وغيره: جملة مذهبه لا يجوز الحيل في اليمين وأنه لا يخرج منها إلا بما ورد به سمع كنسيان وإكراه واستثناء قاله في الترغيب وإن أصحابنا قالوا: لا يجوز التحيل لإسقاط حكم اليمين ولا يسقطه بذلك ونقل المروزي: لعن النبي صلى الله عليه وسلم: "المحلل والمحلل له"1. وقالت عائشة: لعن الله صاحب المرق2 لقد احتال حتى أكل3 .
وإن حلف لتخبرني بشيء فعله محرم وتركه فصلاة السكران أو بطعم النجو فحلو لسقوط الذباب عليه ثم حامض; لأنه يدود ثم مر لأنه
__________
......................
__________
ـــــــ
1 أخرجه الترمذي 1120، والنسائي في "المجتبى" 2/149، من حديث ابن مسعود.
2 في "ر": "السرف".
3 لم نقف عليه.

(11/11)


يكرح1 وعند القاضي في مسألة الصوم: يبرر له الفطر وإن حلف لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعته أو لا أقمت في هذا الماء ولا خرجت منه وهو جار حنث بقصد أو سبب فقط وقيل: تحمل من راكد كرها ولا حنث.
وإن حلف ليقضينه حقه غدا وقصد عدم تجاوزه أو السبب يقتضيه وعند القاضي وأصحابه: أو لا فقضاه قبله بر وكذا أكل شيء أو بيعه أو فعله غدا.
وإن حلف لأقضينه غدا وقصد مطله فقضاه قبله حنث.
وإن حلف لا يبيعه إلا بمائة حنث بأقل فقط. وإن حلف لا يبيعه بمائة حنث بها وبأقل.
وإن حلف لا يدخل دارا ونوى اليوم قبل حكما وعنه لا ويدين. وإن دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى لم يحنث بغيره على الأصح. وإن حلف لا يشرب له الماء من عطش والنية أو السبب قطع منته حنث بكل ما فيه منة وذكر ابن عقيل: لا أقل كقعوده في ضوء ناره.
وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها لقطع المنة فانتفع به أو بثمنه في شيء وقيل: أو بغيره بقدر منته فأزيد جزم به في الترغيب حنث. وفي التعليق والمفردات وغيرهما: يحنث بشيء منها لأنه لا يمحو منتها إلا بالامتناع مما يصدر عنها مما يتضمن منة ليخرج مخرج الوضع العرفي،
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أي: يجتمع في خلق الإنسان، ومنه الكارحة: وهو خلق الإنسان أو بعض ما يكون فيه. "اللسان": "كرح".

(11/12)


وكذا سوى الآدمي البغدادي بينها وبين التي قبلها وأنه يحنث بكل ما فيه منة.
وفي الروضة: إن حلف لا يأكل له خبزا والسبب المنة حنث بأكل غيره كائنا ما كان وأنه إن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس عمامة أو عكسه إن كانت امتنت عليه بغزلها حنث بكل ما يلبسه منه وكذا منع ابن عقيل الحالف على خبز غيره من لحمه ومائه.
ويحنث حالف على تمر للحلاوة بكل حلو وحالف لا يكلم امرأته للهجر بوطئها لاقتضاء اليمين منعا والتزاما فهي كالأمر والنهي.
بخلاف أعتقه لأنه أسود أو لسواده يعتق وحده وقيل: لأن التعبد منع منه. وقال القاضي وأبو الخطاب: لأن علته يجوز أن ينتفض وقوله لا يطرد وقيل: لأنه لا يشبه التشريع وكذا أعتقته لأنه أسود أو لسواده لجواز المناقضة عليه والبداء واختار في التمهيد: له عتق كل أسود قال: لأن الأصل عدم البدء في حقه ثم النسخ يجوز أن يرد من البارئ في الحكم المنصوص عليه كما يرد البدء من الآدمي ثم لم يمنع جواز ورود النسخ من القياس كذا جواز البدء في حق الموكل وجزم به فيه إن قال: إذا أمرتك بشيء لعلة فقس عليه كل شيء من مالي وجدت فيه تلك العلة ثم قال: أعتق عبدي فلانا لأنه أسود فعتق كل عبد له أسود صح ذلك وهو نظير قول صاحب الشرع لأنه تعبدنا بالقياس.
وقال في العدة: إن المخالف احتج بأن أهل اللغة لا تستعمل القياس،
__________
..............................
__________

(11/13)


فلو قال لوكيله: اشتر لي سكنجبينا فإنه يصلح للصفراء لم يصح أن يشتري له رمانا وإن كان يصلح للصفراء والجواب أن السكنجبين يختص معاني لا توجد في الرمان لذلك لم يجز أن يشتريه وقد ورد عن أهل اللغة ما يوجب القول بالقياس فإن اثنين1 لو ضربا أمهما فضرب الأب أحدهما: لأنه ضرب أمه صلح الرد عليه بأن الآخر ضربها فلم لا تضربه؟.
وكذلك لو قال: لا تعط فلانا إبرة لئلا يعتدي بها لم يصلح أن يعطيه سكينا لأن معناهما واحد على أنا نقول بالقياس في الموضع الذي دل الشرع عليه وكلفنا إياه وفي تلك المواضع لم يدل الشرع عليه فلم يجب القول به فقد أجاب القاضي بوجهين: أولهما كاختيار أبي الخطاب.
وهو يدل على أنه لو قال قس عليه كل ما صلح للصفراء جاز. ويدل أيضا على أنه إذا لم يعتق غير ما أعتقه مع أنه أسود أن لكل عاقل مناقضته ويقول له لم يعتق غيره من السود وكذا قاله أبو الخطاب وغيره.
وأما إذا قال أعتقت فلانا لأنه أسود فقيسوا عليه كل أسود فذكر في الروضة أنه لا يتعدى العتق غير من أعتقه ملزما به للمخالف وفيه نظر ولعل ظاهر ما ذكر من كلام القاضي وأبي الخطاب خلافه وفيه قال القاضي في النص على العلة: واحتج بأن الاعتبار باللفظ دون
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ابنين".

(11/14)


المعنى لأنه لو قال والله لا أكلت السكر لأنه حلو لم يحنث بغيره وكذا لفظ الشرع وأجاب بجواز المناقضة وبأن الشارع أمر بالقياس وغيره لم يأمر بذلك فلو قال لنا قائل قيسوا كلامي بعضه على بعض ثم قال: والله لا أكلت السكر لأنه حلو شركه فيه كل حلو، وفي الإيضاح الطلاق: وإن حلف على شيء لا ينتفع به لم يجز أن ينتفع به ولا أحد ممن في كنفه.
وإن حلف: لا يأوي معها بدار ينوي جفاها ولا سبب فأوى معها في غيرها حنث أو لا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها حنث ولو لم يرها ونقل ابن هانئ أقل الإيواء ساعة وجزم به في الترغيب قال الحريري في درة الغواص: لا يقال: اجتمع فلان مع فلان وإنما يقال: اجتمع فلان وفلان وخالفه الجوهري في صحاحه فقال: جامعه على كذا أي اجتمع معه.
وإن قال: إن تركت هذا الصبي يخرج فأنت طالق فأفلت فخرج أو قامت تصل أو لحاجة فخرج إن نوى أن لا يخرج حنث وإن نوى أن تمنعه ولا تدعه فإنها لم تتركه يخرج فلا يحنث نقله مهنا نقل حرب: أكره إذا حلف لا يلبس امرأته من كده أن يعطي أجرة الخياط أو القصار أو نحو هذا.
وإن حلف: لا يفارق البلد إلا بإذن الوالي أو لا رأى منكرا إلا رفعه إليه أو لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل وطلق وأعتق أو حلف:
__________
…………………………………………....................
__________

(11/15)


لا دخله لظلم رآه فيه فزال ونوى ما دام لم يحنث ومع السبب فيه روايتان ونصه: يحنث م 3.
__________
مسألة 3: قوله: وإن حلف لا يفارق البلد إلا بإذن الوالي أو لا رأى منكرا إلا رفعه إليه أو لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل وطلق وأعتق أو حلف لا دخله لظلم رآه فيه فزال ونوى ما دام لم يحنث ومع السبب فيه روايتان ونصه: يحنث. انتهى.

(11/16)


.....................
__________
هذه المسائل الخمس تنزع إلى قاعدة هي أصل هذه المسائل كلها وغيرها وهي أن اللفظ العام هل يخص بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضي له أو يقضى بعموم اللفظية؟ وجهان للأصحاب قاله في القاعدة الرابعة والعشرين بعد المائة وتابعه في القواعد الأصولية:
أحدهما: العبرة بعموم اللفظ قال في الرعايتين والحاوي الصغير أول الباب: فإن كان اللفظ أعم من السبب أخذ بعموم اللفظ وقيل: بل بخصوص السبب. انتهى.
قال الناظم:
فإن كان معناه أعم فخذ به ... وخل خصوص اللفظ عنده تسدده
واختاره القاضي في الخلاف والآمدي وأبو الفتح الحلواني وأبو الخطاب وغيرهم قال في القواعد الفقهية: وأخذوه من نص أحمد في رواية علي بن سعيد

(11/17)


........................
__________
فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه فزال الظلم قال أحمد: النذر يوفي به وكذلك أخذوه من قاعدة المذهب فيمن حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شيخا أنه يحنث بتكليمه تغليبا للتعيين على الوصف قالوا: والسبب والقرينة عندنا تعين الخاص ولا تخصص العام. انتهى.
قال المصنف هنا: ونصه: يحنث وذلك لأن الاعتبار بعموم اللفظ.
والوجه الثاني: العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ وهو الصحيح عند صاحب المغني والبلغة والمحرر لكن المجد استثنى صورة النهر وما أشبهها كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ وعدى الشيخ الموفق الخلاف إليها أيضا. ورجحه ابن عقيل في عمد الأدلة وقال:

(11/18)


..........................
__________
وهو قياس المذهب وجزم به القاضي في موضع من المجرد واختاره الشيخ تقي الدين وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة وذكره قال في القواعد: وهذا أحسن وقد يكون جده لحظ هذا. انتهى. فتلخص في ذلك ثلاثة أقوال.
وقال الزركشي أيضا لما تكلم على لفظ الخرقي: إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه من جيرانها أو منه حصل عليه بها ونحو ذلك اختصت يمينه بها كما هو مقتضى اللفظ وإن كان لغيظ من المرأة يقتضي جفاها ولا أثر للدار فيه تعدى ذلك إلى كل دار المحلوف عليها بالنص وما عداها بعلة الجفا التي اقتضاها السبب وكذا إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه أو:

(11/19)


.........................
__________
لا يكلم زيدا لشربه الخمر فزال الظلم وترك زيد شرب الخمر جاز له الدخول والكلام لزوال العلة المقتضية لليمين.
وكلام الخرقي يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا والسبب يقتضي التعميم كما مثلنا أولا أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص كما مثلنا ثانيا ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضي للتعميم واختلف في عكسه فقيل: فيه وجهان وقيل: روايتان وبالجملة فيه قولان أو ثلاثة:
أحدها: وهو المعروف عند القاضي في التعليق وفي غيره واختيار عامة أصحابه الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما: يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضي1 نص أحمد وذكره.
والقول الثاني: وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي محمد وحكي عن القاضي في موضع: يحمل اللفظ العام على السبب ويكون ذلك السبب مبنيا على أن العام أريد به خاص.
ـــــــ
1 في "ط": "يقتضي".

(11/20)


وإن انحلت بعزله على أحد الوجهين لم يبر برفعه المنكر بعد عزله وفي حنثه بعزله أوجه الثالث يحنث إن أمكنه في ولايته م 4 – 6.
__________
والقول الثالث: لا يقتضي التخصيص: فيما إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ويقتضي التخصيص فيما إذا دعي إلى غداء فخلف لا يتغدى أو حلف لا يخرج عبده ولا زوجته إلا بإذنه والحال يقتضي ما داما كذلك. وقد أشار القاضي إلى هذا في التعليق. انتهى كلام الزركشي.
وهو موافق لما قاله في القواعد وغيره وكل منهما زاد في النقول على الآخر من جهة من اختار في المسألة.
وملخصه أن القاضي وعامة أصحابه كالشريف وأبي الخطاب في خلافيهما وأبي الفتح الحلواني والآمدي وغيرهم قالوا: الاعتبار بعموم اللفظ وهو المنصوص وقدمه في الرعايتين والحاوي وهو ظاهر ما جزم به الناظم وأن ابن عقيل في عمد الأدلة والشيخ الموفق والشارح وصاحب البلغة والشيخ تقي الدين والقاضي في موضع في المجرد واختاره ابن رجب وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره قالوا: الاعتبار بخصوص السبب وهو الصواب وأن المجد ومن تبعه فرقوا وأشار إليه القاضي في التعليق كما نقله الزركشي. وإن كان المجد لحظ ما قاله حفيده فيكون قد وافق الموفق. والله أعلم.
مسألة 4 - 6: قوله: وإن انحلت بعزله في أحد الوجهين لم يبر برفعه المنكر بعد عزله وفي حنثه بعزله أوجه الثالث: يحنث إن أمكنه في ولايته. انتهى.
ذكر مسألتين:

(11/21)


......................
__________
المسألة الأولى- 4: هل تنحل يمينه بعزل الوالي أم لا؟ ظاهر كلام المصنف إطلاق الخلاف وأطلقه في المقنع1 والشرح1 وشرح ابن منجا وغيرهم:
أحدهما: تنحل يمينه صححه في التصحيح وهو ظاهر كلامه في الوجيز وظاهر ما اختاره الشيخ الموفق وغيره أو لا وهو الصواب.
الوجه الثاني: لا تنحل يمينه قال القاضي: قياس المذهب لا تنحل وهما مبنيان على القاعدة المتقدمة صرح به في القواعد والمغني2 وغيرهما. وقال في الترغيب: إن كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية اختص بها وإن كانت تقتضي الرفع إليه بعينه مثل أن يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد إعلامه بذلك لأجل قرابته وذكر الولاية تعريفا تناول اليمين حال الولاية والعزل.
المسألة الثانية- 5: إذا قلنا تنحل يمينه ورأى المنكر في ولايته ولم يرفعه حتى عزل فهل يحنث أم لا؟ أو يحنث إن أمكنه؟ أطلق ثلاثة أوجه وفيه مسألتان:
إحداهما: إذا أمكنه رفعه ولم يرفعه وفيها وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والمصنف:
أحدهما: يحنث بعزله وهو أولى:
والوجه الثاني: لا يحنث.
والثانية- 6: إذا لم يمكنه رفعه حتى عزل أو مات فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يحنث قدمه في المغني2 والشرح1.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/24.
2 13/546.

(11/22)


وإن لم تنحل بعزله فرفعه إليه بعد عزله بر وإن لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وفيه: لو علم به بعد علمه فقيل: فات البر كما لو رآه معه وقيل: لا لإمكان صورة الرفع فعلى الأول: هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان م 7 – 9.
__________
والوجه الثاني: لا يحنث قلت وهو الصواب وأطلق الخلاف في الترغيب.
مسألة 7 - 9: قوله: وإن لم تنحل بعزله فرفعه إليه بعد عزله بر وإن لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب للتردد بين تعيين العهد والجنس وفيه لو علم به بعد علمه فقيل: فات البر كما لو رآه معه وقيل: لا لإمكان صورة الرفع فعلى الأول: هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان. انتهى. فيه مسائل من الترغيب أطلق فيها الخلاف واقتصر عليه وأطلقهما في القواعد الأصولية.
المسألة الأولى- 7: إذا لم يعين الوالي فهل يتعين ويكون من كان في زمن حلفه أو لا يتعين؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يتعين قلت: وهو الصواب حيث لم يكن نية ولا سبب فيكون للجنس فيشمل كل وال يولى.
والوجه الثاني: يتعين وهو من كان اليمين في زمنه فيكون للعهد وظاهر الحال يقتضي ذلك.
المسألة الثانية 8: لو علم به بعد علمه أي بعد علم الوالي صرح به في القواعد وهو واضح فهل فات البر؟ كما لو رآه معه أو لا لإمكان صورة الرفع أطلق الخلاف وكذا قال في القواعد وهذا لفظ صاحب الترغيب فنقلاه. قلت:

(11/23)


وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت علي1: كل امرأة لي طالق تطلق على نصه وقطع به جماعة أخذا بالأعم من لفظ وسبب: وقوله لمن عليه دينه: إن خرجت فعبدي حر ونحوه ويتوجه مثله من قيل له خرجت امرأتك فطلقها أو قال له عبده قدم أبوك أو مات عدوك فأعتقه ولم يوقعه ابن عقيل لبطلان الخبر لدلالة الحال لأنه مقدر بشرط أو تعليل. وفي الانتصار في قوله لأكبر منه: هو حر لأنه ابني عتق ولم يقبل تعليله بكذب كقوله أنت طالق لأنك قمت وقع إن كانت ما قامت.
وفي الفنون: أنت طالق ما سرق ذهبي غيرك وعلم سرقتها وقع،
ـــــــ
هي شبيهة بما إذا لم يمكنه2 رفعه إليه إلا بعد عزله على ما تقدم والصواب أن البر قد فات وهو الظاهر من حال الحالف.
المسألة الثالثة 9: على القول بأن البر قد فات قال: هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان وأطلقهما المصنف في أواخر هذا الباب والصحيح أنه لا يحنث صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم فكذا الصحيح هنا أنه لا يحنث ويأتي ذلك عند كلام المصنف فيها محررا إن شاء الله تعالى في المسألة الحادية والأربعين3.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ح": "يكن".
3 ص 62.

(11/24)


وإن حلف زجرا لم يقع بالشك. وإن حلف للص لا يخبر به فسئل عمن هو معهم فبرأهم دونه لينبه عليه حنث إن لم ينو حقيقة الغمز وإن حلف ليتزوجن بر بعقد صحيح وكذا قيل لو كانت يمينه على امرأته ولا نية ولا سبب واختاره الشيخ كحلفه لا يتزوج عليها والمذهب: يبر بدخوله بنظيرتها والمراد والله أعلم بمن تغمها وتتأذى بها كظاهر رواية أبي طالب. وفي المفردات وغيرها أو مقاربتها.
وقال شيخنا: إنما المنصوص أن يتزوج ويدخل ولا يشترط مماثلتها واعتبر في الروضة: حتى في الجهاز ولم يذكر دخولا وإن حلف ليطلقن ضرتها ففي بره برجعي خلاف م 10 وإن حلف لا يضربها فعضها أو خنقها ونحوه وقيل: ونوى بيمينه إيلامها حنث وأطلق في الروضة إن حلف ليضربنها فخنقها أو عضها لم يحنث.
ـــــــ
مسألة 10: قوله: وإن حلف ليطلقن ضرتها ففي بره برجعي خلاف. انتهى. أحد القولين: يبر به قلت: الصواب أنه إن كان ثم نية أو قرينة رجع إليها وإلا بر لأنه طلق.
والقول الثاني: لا يبر إلا بطلاق بائن.

(11/25)


فصل وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها 1
وهي فضاء أو مسجد أو حمام أو باعها أو لا لبست هذا القميص فصار رداء أو عمامة أو:
ـــــــ
مسألة 10: قوله: وإن حلف ليطلقن ضرتها ففي بره برجعي خلاف. انتهى. أحد القولين: يبر به قلت: الصواب أنه إن كان ثم نية أو قرينة رجع إليها وإلا بر لأنه طلق.
والقول الثاني: لا يبر إلا بطلاق بائن.

(11/25)


لا كلمت هذا الصبي فصار شيخا أو امرأة فلان هذه أو عبده أو صديقه هذا فزال ذلك ثم كلمه أو لا أكلت لحم هذا الحمل فصار كبشا أو هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا نص عليه: أو هذا اللبن فصار جبنا ونحوه. ولا نية ولا سبب حنث. كقوله: دار فلان فقط1 أو التمر الحديث فعتق أو الرجل الصحيح فمرض وكالسفينة تنقض ثم تعاد وفيها احتمال وقيل: لا. واختاره القاضي والشيخ في نحو بيضة صارت فرخا فلو حلف ليأكلن من هذه التفاحة أو البيضة فعمل منها شرابا أو ناطفا فالوجهان ومثلها بقية المسائل.
__________
...................................
__________
ـــــــ
1 أي: اكتفى بذلك ولم يزد عليه ما يعيّن الدار كالإشارة أليها.

(11/26)


فصل وإن حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد فاسدا لم يحنث
وعنه: بلى وعنه: بلى في البيع وقيل: يحنث بمختلف فيه وإن2 قيد بيمينه بممتنع الصحة كخمر حنث في الأصح وخالف القاضي في: إن سرقت مني شيئا وبعتنيه فأنت طالق وإن طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق فوجد والشراء كالبيع وخالف في عيون المسائل في إن سرقت مني شيئا وبعتنيه كما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا وإن حلف ليبيعنه فباعه بعرض3 بر وكذا نسيئة وقيل: بقبض ثمنه وإن حلف لا يبيع أو:
__________
...................................
__________
ـــــــ
2 في "ر": "فإن".
3 في "ط": "بعوض".

(11/26)


لا يؤجر أو لا يزوج لفلان حنث بقبوله.
ويحنث في هبة وهدية ووصية وصدقة وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الموجز والتبصرة والمستوعب مثله في بيع وقاله القاضي في1: إن بعتك فأنت حر. وفي الترغيب: إن قال الآخر إن اشتريته فهو حر فأشتراه عتق من بائعه سابقا للقبول وإن نذر أن يهب له بر بالإيجاب كيمينه وقد يقال: يحمل على الكمال ذكره شيخنا.
وإن حلف لا يهبه فقيل: لا يحنث بإعارته والصدقة عليه كحلفه لا يتصدق عليه فيهبه في الأصح وقيل: يحنث وقيل: بالصدقة اختاره والقاضي وغيره م 11 و 12.
__________
تنبيه: قوله: ويحنث في هبة وهدية ووصية وصدقة وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الموجز والتبصرة مثله في بيع. انتهى.
لم نر ما قاله في المستوعب والذي رأيناه فيه: وإن حلف لا يبيع فباع فلم يقبل المشتري لم يحنث وقطع به.
مسألة 11 و 12: قوله: وإن حلف لا يهبه فقيل: لا يحنث بإعارته والصدقة عليه. وقيل: يحنث وقيل: بالصدقة واختاره القاضي وغيره. انتهى.
ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 11: إذا حلف لا يهبه فأعاره فهل يحنث بذلك أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المذهب والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم:
ـــــــ
1 ليست في "ر".

(11/27)


......................
__________
أحدهما: لم1 يحنث وهو الصحيح وعليه الأكثر منهم القاضي والشيخ الموفق والشارح وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم وجزم به في الوجيز ومنور الآدمي وقدمه في الكافي2 وغيره وصححه في المغني3 وغيره. والوجه الثاني: يحنث قدمه في الهداية وهو ظاهر ما قدمه في المحرر وصححه قلت يحتمل أن الخلاف مبني على أن العارية هل هي هبة منفعة أو إباحة منفعة على ما تقدم في باب العارية4 فإن قلنا هبة منفعة حنث وإلا فلا وصححنا هناك أنها إباحة منفعة ويحتمل أن الخلاف مطلقا لرجوع الأيمان إلى العرف وهو ظاهر كلام الأكثر.
المسألة الثانية 12: إذا حلف لا يهبه فتصدق عليه فهل يحنث بذلك أم لا؟ أطلق الخلاف5:
أحدهما: يحنث وهو الصحيح اختاره القاضي والشيخ الموفق والشارح وقدماه وصححه في الخلاصة وجزم به في الوجيز قال في تصحيح المحرر هذا المذهب.
والوجه الثاني: لا يحنث اختاره أبو الخطاب في الهداية وقال: هذا ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به الآدمي في منتخبه وقيل: يحنث هنا وإن لم يحنث بالإعارة.
ـــــــ
1 في "ط": "لا".
2 6/43.
3 13/494.
4 المسألة الثالثة من العارية.
5 بعدها في "ط": "وأطلقه في المذهب والرعايتين والحاويين وغيرهم وظاهر المحرر إطلاق الخلاف".

(11/28)


ويحنث بوقفه عليه وقيل: لا كوصيته له وصدقة واجبة ونذر وكفارة وتضييفه وإبرائه وقد تقدم هل يسقط دين بهبة؟ وفي محاباة بيع وجهان م 13 ويحنث بالهدية خلافا لأبي الخطاب.
وإن حلف لا يتصدق فأطعم عياله لم يحنث.
وإن حلف لا يصلي شمل الجنازة ذكره أبو الخطاب وغيره لأنه يقال: صلاة الجنازة فتدخل في العموم قال صاحب المحرر وغيره: والطواف ليس صلاة مطلقة ولا مضافة فلا يقال صلاة الطواف كما لا يقال صلاة التلاوة كذا قال1 وظاهر
ـــــــ
المذهبمحل الخلاف في صدقة التطوع أما الصدقة الواجبة والنذر والضيافة الواجبة فلا يحنث به قولا واحدا كما نبه عليه المصنف وغيره.
مسألة 13: قوله: وفي محاباة بيع وجهان. انتهى.. وأطلقهما في المذهب والمحرر والشرح2 والرعايتين والحاوي الصغير والنظم وغيرهم:
أحدهما: يحنث قلت وهو الصواب والصحيح صححه في الخلاصة وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الهداية والمقنع وغيرهما.
والوجه الثاني: لا يحنث وهو احتمال لأبي الخطاب في الهداية واختاره الشيخ الموفق والشارح وابن عبدوس وغيرهم وجزم به في المنور.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "كما لا يقال صلاة التلاوة".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/50.

(11/29)


كلامهم خلافه. سبق أنه هو والأصحاب قالوا إنه صلاة وأنهم احتجوا بدخوله في العموم وكذا قال القاضي وغيره في الصلاة وقت النهي: الطواف ليس بصلاة في الحقيقة لأنه أبيح فيه الكلام والأكل وهو مبني على المشي فهو كالسعي وقيل له: المراد بقوله: "إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا" 1 إذا قعد للتشهد؟ فقال: التشهد لا يسمى صلاة ألا ترى أنه لا يقال صلى التشهد قاعدا. وفي كلام أحمد: الطواف صلاة وقال أبو الحسين وغيره عن قوله عليه السلام: "الطواف بالبيت صلاة" 2 يوجب أن يكون الطواف بمنزلة الصلاة في جميع الأحكام إلا فيما استثناه وهو النطق.
قال الأصحاب رحمهم الله: أو حلف لا يصوم3 حنث بشروع صحيح وقيل: إن حنث ببعض المحلوف وقيل: بفراغه كقوله: صلاة أو صوما وكحلفه ليفعلنه وقيل: بركعة بسجدتيها. وفي الترغيب: وعليه وعلى الأول يخرج إذا أفسده.
ويحنث حالف: لا يحج بإحرامه به وقيل: بفراغ أركانه ويحنث بحج فاسد وفي حنثه باستدامة الثلاثة وجهان م 14.
ـــــــ
مسألة 14: قوله: وفي حنثه باستدامة الثلاثة وجهان. انتهى. يعني لو كان حال حلفه صائما أو حاجا والثالثة الصلاة وأطلقهما في الرعاية الكبرى في الصوم
ـــــــ
1 يعني بـ: "قوله": قول النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث أخرجه البخاري 688، ومسلم 412، 82، عن عائشة.
2 أخرجه الترمذي 960، عن ابن عباس.
3 بعدها في "ر": "أولا".

(11/30)


فصل وإن حلف لا يأكل لحما لم يحنث بمرقه في الأصح كمخ وكبد وكلية وكرش وكارع وشحمة وألية وغيرها إلا بنية اجتناب الدسم وفي لحم رأس ولسان ولحم لا يؤكل وجهان م 15 – 17.
__________
والحج وفي الصغرى في الصوم:
أحدهما: يحنث1.
والوجه الثاني: لا يحنث ولعله أولى لكن لا تتصور المسألة في الصلاة فيما يظهر اللهم إلا أن يكون في التعليق وهو بعيد. وقال شيخنا: قد يقال حلف في الصلاة ناسيا وقلنا لا يبطل ثم قال: والذي يظهر أن الثالث الطواف فيحلف وهو طائف ثم يستديمه2.
مسألة 15 - 17 قوله: وفي لحم رأس ولسان ولحم لا يؤكل وجهان. انتهى. وأطلقهما في الرعايتين والنظم فذكر مسائل:
المسألة الأولى 15 إذا حلف لا يأكل لحما فأكل لحم الرأس فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يحنث بأكل الخد اختاره أبو الخطاب قال الزركشي هو مناقض لاختياره فيما إذا حلف لا يأكل رأسا. انتهى. قال في الخلاصة: يحنث بأكل لحم
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "وهو قياس ما إذا حلف لا يركب ولا يلبس واستدامه".
2 بعدها في "ط": "ويدل عليه سياق المصنف فإنه ذكر أولا أحكام الطواف ثم أحكام الصوم وأدخل مسألة الصلاة ضمنا ثم الحج وهذا واضح جدا".

(11/31)


...........................
__________
الرأس على الأصح قال في المذهب: حنث بأكل الرأس في ظاهر المذهب وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
والوجه الثاني: لا يحنث حتى ينويه قال الزركشي: هذا ظاهر كلام أحمد واختيار القاضي وحكي عن ابن أبي موسى. وقال أبو الخطاب: لا يحنث بأكل رأس لم تجر العادة بأكله منفردا قال في المغني1: فإن أكل رأسا أو كارعا فقد روي عن أحمد ما يدل على أنه لا يحنث. انتهى. قال القاضي لأن اسم اللحم لا يتناول الرءوس. انتهى. وقدمه في الشرح2.
المسألة الثانية 16: لو أكل اللسان فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف. واعلم أن أكل اللسان كأكل لحم الرأس خلافا ومذهبا قال الزركشي: لا يحنث بأكل اللسان على أظهر الاحتمالين وأطلق الخلاف في المغني والشرح والرعايتين والنظم.
المسألة الثالثة 17: إذا أكل لحما لا يؤكل فهل يحنث به أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المحرر والحاوي:
أحدهما: يحنث وهو الصحيح قال في الكافي3: ولو حلف لا يأكل لحما تناولت يمينه أكل اللحم المحرم وجزم به في المغني4 والشرح5 ونصراه وابن عبدوس في تذكرته قال الزركشي: ظاهر كلام الخرقي أنه يحنث بأكل اللحم فتدخل اللحوم المحرمة كلحم الخنزير ونحوه وهو أشهر الوجهين وبه قطع أبو محمد. انتهى.
ـــــــ
1 13/600.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/56.
3 6/46.
4 13/602.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/58.

(11/32)


ويحنث بسمك تقديما للشرع واللغة وعند ابن أبي موسى: لا ونقل صالح وابن هانئ: إن حلف لا يشتري لحما فاشترى رأسا أو كارعا إن كان لشيء تأذى به من اللحم فالرأس مفارق للبدن وإن كان عقده لا يشتري لحما لجميعه فلا يعجبني يشتري شيئا من الشاة قال: وإن حلف لا يأكل لحما فأكل شحما فلا بأس إن كان لشيء لحقه من اللحم وإلا فلا يأكله وهل بياض لحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم؟ فيه وجهان م 18 و 19.
__________
والوجه الثاني: لا يحنث وحكي عن ابن أبي موسى وهو قوي.
مسألة 18 و 19: قوله: وهل بياض لحم كسمين ظهر وجنب وسنام لحم أو شحم؟ فيه وجهان. انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 18: هل بياض اللحم مثل سمين الظهر والجنب لحم أو شحم؟ أطلق الخلاف وأطلقه في النظم:
أحدهما: هو شحم فيحنث بأكله من حلف لا يأكل شحما وهو الصحيح وهو ظاهر كلام الخرقي وأبي الخطاب ومال إليه الشيخ الموفق والشارح قال في المقنع1: وإن حلف لا يأكل الشحم فأكل شحم الظهر حنث قال الزركشي: هو اختيار أكثر الأصحاب: القاضي والشريف وأبي الخطاب والشيرازي وابن عقيل وغيرهم وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/57.

(11/33)


ويحنث حالف لا يأكل شحما بألية لا بلحم أحمر وحده في الأصح فيهما وإن حلف لا يأكل رأسا أو بيضا حنث برأس طير وسمك وبيض سمك وجراد عند القاضي وعند أبي الخطاب: برأس يؤكل عادة منفرد أو بيض يفارق بائضه حيا م 20.
ـــــــ
والوجه الثاني: هو لحم وليس بشحم فلا يحنث من حلف لا يأكل شحما فأكله اختاره ابن حامد والقاضي وقال: الشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلى أو غيره قال الزركشي: وهو الصواب وهو كما قال وقال القاضي: وإن أكل من كل شيء من الشاة من لحمها الأحمر والأبيض والألية والكبد والطحال والقلب فقال شيخنا: يعني به ابن حامد لا يحنث لأن اسم الشحم لا يقع عليه. انتهى.
المسألة الثانية 19: هل السنام لحم أو شحم أطلق الخلاف:
أحدهما: هو شحم قلت وهو الصواب وقد صرح الأصحاب أن الألية لا تسمى لحما فكذا السنام. والوجه الثاني: هو لحم قلت وهو بعيد جدا بل هو قول ساقط وإطلاق المصنف فيه نظر ظاهر.
مسألة 20: قوله: وإن حلف لا يأكل رأسا أو بيضا حنث برأس طير وسمك وبيض سمك وجراد عند القاضي وعند أبي الخطاب: برأس يؤكل عادة منفرد أو بيضا يفارق بائضه حيا. انتهى. وكلامه في المقنع1 ككلام المصنف.
ما اختاره القاضي هو الصحيح وجزم به في الوجيز وفي كلام المصنف إيماء إلى تقديمه قال في الخلاصة: حنث بأكل السمك والطير على الأصح وما قاله أبو الخطاب قاله القاضي أيضا في موضع من خلافه واختاره الشيخ والموفق والشارح في البيض.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/112.

(11/34)


وفي الواضح: في الرءوس هل يحنث؟ اختاره الخرقي أم برءوس بهيمة الأنعام فقط؟ فيه روايتان. وفي الترغيب: إن كان بإمكان العادة إفراده بالبيع فيه حنث فيه وفي غير مكانه وجهان نظرا إلى أصل العادة أو عادة الحالف.
وإن حلف لا يأكل الخبز حنث بكل خبز وفي الترغيب: إن كان خبز بلده من الأرز حنث به وفي حنثه بخبز غيره الوجهان قبلها نظرا إلى وضع الاسم أو إلى الاستعمال ويتوجه عليهما من حلف لا يشرب ماء هل يحنث بماء ملح أو نجس؟ وحنثه في المغني1 لا بجلاّب2.
وإن حلف لا يأكل فاكهة حنث بثمر الشجر رطبا والأصح3 ويابسا كحب صنوبر وعناب لا ببطم4 وفيه احتمال ولا بزيتون وبلوط وزعرور ويتوجه فيه وجه. ويحنث ببطيخ وقيل: لا كقثاء وخيار والثمرة الرطبة واليابسة شرعا ولغة هذا معنى قولهم في السرقة منها وغيره وفي طريقة بعض أصحابنا في السلم: اسم الثمرة إذا أطلق للرطبة. ولهذا لو أمر وكيله بشراء ثمرة فاشترى ثمرة يابسة لم تلزمه. وكذا في عيون المسائل وغيرها: الثمر اسم للرطب. وإن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا حنث بمذنب وقيل: لا كأحدهما: عن الآخر أو هما عن تمر أو هو عنهما وفيه عن رطب رواية في المبهج.
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 13/606- 607.
2 الجلاّب: ماء الورد. "القاموس": "جلب".
3 ليست في "ر".
4 البطم: قال الجوهري: الحبة الخضراء، وقال الخليل: شجر الحبة الخضراء، الواحد: بطمة. "المطلع" ص 131.

(11/35)


وإن حلف لا يأكل من هذه البقرة لم يعم ولدا ولبنا ويتوجه وجه وإن حلف لا يأكل من هذا الدقيق فاستفه أو خبزه حنث.
وحقيقة الغداء والقيلولة قبل الزوال قال ابن شهاب والقاضي وجماعة: فلو حلف لا يتغدى فأكل بعده لم يحنث قال ابن قتيبة وغيره: الغداء مأخوذ من الغداة والعشاء مأخوذ من العشي قال القاضي وغيره: فإذا زالت الشمس سمي عشاء ويتوجه العرف من الغروب وآخره العرف أو نصف الليل يتوجه خلاف ويتوجه أن السحور منه إلى الفجر و هـ أو أنه قبيل الفجر كما ذكره في الصحاح. وجزم ابن الجوزي بمعناه فإنه ذكر في قوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] لأنه الوقت الذي قبل طلوع الفجر وهو أول إدبار الليل إلى طلوع الفجر.
وإن حلف لا نام أو لينامن فظاهر كلامهم يحنث بأدنى نوم مطلقا لأنه الحقيقة لغة وعرفا. وقال في الخلاف لمن احتج بقوله عليه السلام: "من نام فليتوضأ" 1: المراد به نوم المضطجع لأنه إذا قيل فلان نام يعقل من إطلاقه النوم المعتاد وهو أن ينام على جنب. وقال لمن احتج بخبر صفوان: أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم2 الجواب عنه ما قدمنا وهو أن إطلاقه ينصرف إلى النوم المعتاد أو إلى النوم الكثير مما ذكرنا في المسألة.
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود، 203، وابن ماجه، 477، عن علي بن أبي طالب.
2 أخرجه أبو داود 4023، والترمذي 96، والنسائي في "المجتبى" 1/83، وابن ماجه 478، وصفوان الراوي هو صفوان بن عسال الراوي.

(11/36)


والقوت خبز وفاكهة يابسة ولبن ونحوه وقيل: قوت بلده ويحنث بحب يقتات في الأصح والأدم شواء نص عليه وجبن وبيض وزيتون وما يصطبغ به كخل ولبن والأشهر: وملح وفي تمر وجهان م 21 ويتوجه عليهما زبيب ونحوه وهو ظاهر كلام جماعة وفي المغني1: لا يحنث.
والطعام ما يؤكل ويشرب وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوهما وجهان م 22.
ـــــــ
مسألة 21: قوله: وفي تمر وجهان. انتهى. يعني هل يسمى أدما أم لا؟ وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والمحرر والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: هو من الأدم وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وهو الصواب.
والوجه الثاني: ليس من الأدم فلا يحنث بأكله من حلف لا يأكل أدما وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه.
مسألة 22: قوله: وفي ماء ودواء وورق شجر وتراب ونحوها وجهان. انتهى. وأطلقهما في المغني5 والشرح6. قال في الرعاية: وفي الماء والدواء وجهان. انتهى.
ـــــــ
1 13/592.
2 13/594.
3 6/45.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/68.
5 13/594- 595.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/71- 72.

(11/37)


والعيش يتوجه فيه عرفا الخبز وفي اللغة العيش: الحياة فيتوجه ما يعيش به فيكون كالطعام. والأكلة بفتح الهمزة المرة ولو1 مع تقارب تقطيع الأكل وبالضم اللقمة.
وإن حلف لا يلبس شيئا فلبس نعلا أو خفا حنث.
وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث كيف لبسه ولو تعمم به ولو ارتدى بسراويل أو اتزر بقميص لا بطيه وتركه على رأسه ولا بنومه عليه. ويتوجه فيه وجه إن قدمت اللغة وإن تدثر به فوجهان م 23 وإن قال: قميصا فاتزر لم يحنث وإن ارتدى فوجهان م 24.
ـــــــ
أحدهما: لا يحنث بأكل شيء من ذلك وهو الصواب لأنه لا يسمى شيء من ذلك طعاما في العرف. قال في تجريد العناية: لا يسمى ذلك طعاما في الأظهر وصححه الناظم.
والوجه الثاني: يحنث بأكل شيء من ذلك وهو ضعيف.
مسألة 23: قوله: وإن تدثر به فوجهان. انتهى. يعني إذا حلف لا يلبس ثوبا فتدثر به.
أحدهما: لا يحنث جزم به ابن عبدوس في تذكرته وهو الصواب.
والوجه الثاني: يحنث.
مسألة 24: قوله: وإن ارتدى فوجهان. انتهى.
أحدهما: يحنث وهو الصحيح. قال في المغني2: وكذلك إن كان قميصا يعني وحلف لا يلبسه فارتدى به حنث ولم يذكر غيره قال في الرعايتين،
ـــــــ
1 في الأصل: "هو".
2 13/561.

(11/38)


وإن حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه.
وإن حلف لا يلبس حليا حنث بحلي جوهر أو ذهب أو فضة ولو خاتم في غير خنصر. ويتوجه فيه ما يأتي1 فيمن حلف لا يشرب من النهر فكرع لا بعقيق وسبج2 وحرير. وفي دراهم ودنانير في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لا سيف وجهان م 25 و 26 وفي الوسيلة: تحنث المرأة بحرير.
ـــــــ
والحاوي: وإن كان قميصا فجعله سراويل أو رداء أو عمامة حنث. انتهى.
والوجه الثاني: لا3 يحنث.
مسألة 25 و 26: قوله: وفي دراهم ودنانير في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لا سيف وجهان . انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى :25 لو حلف لا يلبس حليا فلبس الدراهم أو الدنانير في مرسلة فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني4 والمقنع5 والهادي والبلغة والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وتجريد العناية وغيرهم:
ـــــــ
1 ص 50.
2 العقيق: ضرب من الخرز الأحمر معروف. والسّبج: الخرز الأسود، فارسي معرب، قاله الجوهري. "المطلع" ص 390.
3 ليست في "ح".
4 13/562.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/76.

(11/39)


وإن حلف لا يدخل دار فلان حنث بما جعله لعبده أو آجره أو استأجره. وعنه: "1أو استعاره ودابة فلان وثوبه كداره ولا يحنث فيما استعاره. وإن قال: مسكنه حنث بمستأجر ومستعار يسكنه وفي مغصوب أو لا يسكنه من ملكه1" وجهان م 27، 28 وفي الترغيب: الأقوى إن كان
__________
أحدهما: لا يحنث بلبسه وهما ظاهر ما جزم به في الكافي2 فإنه ذكر ما يحنث به من ذلك ولم يذكرهما وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي.
والوجه الثاني: يحنث بلبسها وهو من الحلي اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور. قال في الإرشاد3: لو لبس ذهبا أو لؤلؤا وحده حنث قلت: وهذا الوجه أقوى من الذي قبله والصواب أن يرجع في ذلك إلى العادة والعرف فإن عدما حنث.
المسألة الثانية- 26: لو لبس منطقة محلاة فهل هي من الحلي أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المغني4 والشرح5 والنظم والرعايتين والحاوي: أحدهما: هي من الحلي اختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والوجه الثاني: ليست من الحلي قلت الوجه الأول أولى من الثاني والصواب أن المرجع في ذلك إلى العادة كالتي قبلها. والله أعلم.
مسألة 27 - 28: قوله: وفي مغصوب أو لا يسكنه من ملكه وجهان. انتهى. يعني لو حلف لا يدخل مسكنه فدخل في مسكن غصبه أو في مكان له لكنه لا يسكنه فذكر مسألتين:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 6/49.
3 لم أجده في مظانه.
4 13/563.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/77- 78.

(11/40)


سكنه مرة حنث وإن قال: ملكه ففيما استأجره خلاف في الانتصار 29 وإن قال: دابة عبد فلان حنث بما جعل برسمه كحلفه لا يركب رجل هذه الدابة ولا يبيعه.
وإن حلف لا يدخل دار فلان فدخل سطحها أو: لا1 يدخل بابها فحول ودخله حنث وقيل: إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان كوقوفه على الحائط أو دخوله طاق الباب م 30 و 31 وقيل: لا يحنث بدخوله خارجه إذ أغلق.
ـــــــ
مسألة- 27: المغصوب.
مسألة- 28: ملكه الذي لا يسكنه.
قال في البلغة والترغيب: الأقوى أنه إن كان سكنه مرة أنه يحنث. وقال في الرعايتين والحاوي: وإن قال لا أسكن مسكنه ففيما لا يسكنه من ملكه أو يسكنه بغصب وجهان زاد في الكبرى: ويحنث بسكنى ما سكنه منه بغصب انتهى.. وظاهر كلامه في المغني2: أنه يحنث بدخوله الدار المغصوبة وبه قطع الناظم وصححه.
مسألة 29 قوله: وإن قال: ملكه ففيما استأجره خلاف في الانتصار قلت: الصواب عدم الحنث وهو المتعارف بين الناس وإن كان مالك منافع المأجور. والله أعلم.
مسألة 30 و 31: قوله: وإن حلف لا يدخل دار فلان فدخل سطحها أو لا يدخل بابها فحول ودخله حنث وقيل: إن رقى السطح أو نزلها منه أو من نقب فوجهان كوقوفه على الحائط أو دخوله طاق الباب. انتهى. ذكر مسألتين:
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 13/554.

(11/41)


....................
__________
المسألة الأولى30: لو حلف لا يدخل دار فلان فوقف على الحائط فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المغني1 والشرح2 والنظم:
أحدهما: لا يحنث وهو الصواب.
والوجه الثاني: يحنث اختاره القاضي نقله في المستوعب وقدمه ابن رزين في شرحه.
المسألة الثانية 31: لو دخل طاق الباب فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والمقنع3 والشرح وغيرهم وهي من جملة المسائل اللاتي من حلف على فعل ففعل بعضه:
أحدهما: يحنث بذلك مطلقا وهو ظاهر ما اختاره الأكثر على ما تقدم وقدمه ابن رزين في شرحه. والوجه الثاني: لا يحنث به مطلقا وهو ظاهر كلام الآدمي في منتخبه وهذا الصحيح على ما تقدم في تعليق الطلاق بالشروط في كتاب الإنصاف4. وقال القاضي: لا يحنث إذا كان بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا قلت وهو الصواب وصححه ابن منجا في شرحه وجزم به في الوجيز. قال في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. وإن دخل طاق الباب بحيث إذا أغلق كان خارجا منها فوجهان. انتهى. اختار القاضي الحنث ذكره عنه في المستوعب
ـــــــ
1 13/553.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/85.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/82.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/589- 590.

(11/42)


وقيل: لا يحنث بدخزله خارجه، إذا أغلق، وإن حلف: لا أدخل بيتا أو: لا أركب، حنث بدخول مسجد وحمام وبيت شعر وأدم وخيمة وركوب سفينة، في المنصوص؛ تقديما للشرع واللغة، لا بدخول صفّة ودهليز، وإن حلف: لا يطأ أو: لايضع قدمه في دار، فدخل راكبا أو ماشيا، حنث.
وهل يحنث بدخول مقبرة؟ يتوجه: لا، إن قدم العرف، وإلا حنث وقد قال بعض العلماء: إن في1 قوله عليه السلام: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" 2 إن اسم الدار يقع على المقابر قال: وهو صحيح فإن الدار في اللغة يقع على الربع المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
وإن حلف لا يتسرى حنث بوطء أمته كحلفه لا يطأ وقيل: إن أنزل وعنه: إن عزل لم يحنث وعنه: في مملوكة وقت حلفه.
وإن حلف لا يشم الريحان فشم وردا أو بنفسجا ونحوه ولو يابسا أو لا يشم وردا أو بنفسجا فشم دهنهما أو ماء ورد أو لا يشم طيبا فشم نبتا ريحه طيب حنث في الأصح لا فاكهة.
وإن حلف لا بدأته بكلام فتكلما معا "3فوجهان م 32 وإن حلف لا كلمته حتى يكلمني أو يبدأني بكلام فتكلما معا3" حنث في الأصح.
__________
مسألة 32: قوله: وإن حلف لا بدأته بكلام فتكلما معا فوجهان. انتهى.
أحدهما: لا يحنث وهو الصحيح جزم به في المحرر والوجيز والحاوي الصغير والمنور والرعايتين وغيرهم وصححه الناظم.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 أخرجه مسلم 974، 102، عن عائشة رضي الله عنها.
3 ليست في "ر".

(11/43)


وإن حلف لا يكلمه حينا ولا نية فنصه: ستة أشهر ويتوجه: أقل زمن. وقيل: إن عرفه فللأبد كالدهر والعمر وقيل: العمر كحين فإن نكرهما أو قال: زمنا فلأقل زمن. وعند القاضي: كحين وكذا بعيدا ومليا وطويلا وعند القاضي لفوق شهر. وقال ابن عقيل في وقت ونحوه: الأشهر بمذهبنا ما يؤثر في مثله من المؤاخذة والزمان كحين واختار جماعة. للأبد وحكي عن ابن أبي موسى: ثلاثة أشهر وإنما قاله في زمن وحقب أقل زمن وقيل: ثمانون سنة وقيل: نصفها وقيل: للأبد وشهور ثلاثة كأشهر أو أيام وعند القاضي: اثنا عشر وقيل للقاضي في مسألة أكثر الحيض: اسم الأيام يلزم الثلاث إلى العشرة لأنك تقول: أحد عشر يوما ولا تقل: أياما. فلو تناول اسم الأيام ما زاد على العشرة حقيقة لما جاز1 نفيه. فقال: قد بينا أن2 اسم الأيام يقع على ذلك والأصل الحقيقة يعني قوله: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، وقوله: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]، وقوله : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184، 185] وقال زفر بن الحارث:
__________
والوجه الثاني: يحنث جزم به في المقنع3 والشرح3 وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم.
ـــــــ
1 في الأصل: "زاد".
2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/88.

(11/44)


وكنا حسبنا كل سوداء تمرة ... ليالي لاقينا جذاما وحميرا1
قال القاضي: فدل أن الأيام والليالي لا تختص بالعشرة. وإن قال: إلى الحصاد فإلى2 أول مدته وعنه: آخرها. وإن قال: الحول فحول لا تتمته أومأ إليه ذكره في الانتصار وسبقت مسائل في تعليق الطلاق3. وتطلق امرأة من حلف لا يكلم زنديقا بقائل بخلق القرآن قاله سجادة4 قال أحمد: ما أبعد5.
ما قال والسفلة من لم يبال ما قال وما قيل فيه. ونقل عبد الله: هو من يدخل الحمام بلا مئزر ولا يبالي على أي معصية رئي قال ابن الجوزي: الرعاع السفلة والغوغاء نحو ذلك. وأصل الغوغاء صغار الجراد.
وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله لم يحنث وكذا قوله لمن دق بابه: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجرات: 46]، يقصد الالمذهب بقرآن. وفي المذهب وجهان وإن لم يقصد به القرآن حنث ذكره جماعة. وحقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه ذكره في الانتصار.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 أو رده الميداني في "مجمع الأمثال" 2/236، وصدر البيت مأخوذ من مثل عامر بن ذهل: ما كل بيضاء شحمة، وما كل سوداء تمرة.
2 في "ر": "وقال".
3 9/81.
4 هو: أبو علي، الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي، البغدادي، كان من جلة العلماء وثقاتهم في زمانه."ت241"."السير" 11/392. وأورد فيه الفتوى المذكور.
5 بعدها في "ط" و"ر": "ما قال".

(11/45)


قال شيخنا: الكلام يتضمن فعلا كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني فلهذا نجعل القول قسيما للفعل وقسما منه أخرى1 وينبني عليه من حلف لا يعمل عملا فقال قولا كالقراءة ونحوها هل يحنث؟ فيه وجهان في مذهب أحمد وغيره. وفي الخلاف في المسيء في صلاته في قوله عليه السلام: "افعل ذلك" 2 يرجع إلى القول والفعل لأن القراءة فعل في الحقيقة وليس إذا كان لها اسم أخص به من الفعل يمتنع أن تسمى فعلا. قال أبو الوفاء: وإن حلف: لا يسمع كلام الله، فسمع القرآن، حنث"ع".
وإن حلف: ليضربنه مئة سوط، فضربه بها ضربة مؤلمة، لم يبّر، وعنه: يبّر، اختاره ابن حامد، كحلفه ليضربنه بمئة.
وإن حلف: لا مال له، حنث بغير زكويّ وبدين، لا بمستأجر، وفي مغصوب عاجز عنه، وضائع آيسه وجهان م33، 34، وعنه: يحنث بنقد فقط.
قال في الواضح: والمال: ما تناوله الناس عادة بعقد شرعيّ لطلب الربح، مأخوذ من الميل من يد إلى يد، وجانب إلى جانب. قال: والملك يختص الأعيان من الأموال، ولا يعمّ الدّين، و3 في المغني4: إذا حلف: لا
ـــــــ
مسألة 33 و 34: وقوله: وفي مغصوب عاجز عنه5، و ضائع آيسه "6وجهان. انتهى. يعني: إذا حلف: لا مال له، وله مال مغصوب منه وعاجز عن أخذه، أو ضائع آيسه6". فذكر مسألتين:
ـــــــ
1 جاءت هذه العبارة في الإنصاف 28/118، كما يلي: "فلهذا يجعل القول قسيما للفعل تارة، وقسما منه تارة أخرى... "والمثبت من النسخ الخطية.
2 أخرجه البخاري 757، ومسلم 397، 45، عن أبي هريرة.
3 ليست في "ط".
4 13/596- 597.
5 في "ح" و"ط": "عن أخذه".
6 ليست في "ط".

(11/46)


يملك مالا، وذكر المسألة المشهورة السابقة.
وإن حلف لا يأوي معها في هذا العيد1 حنث بدخوله. والعيد قبل الصلاة لا بعدها وأيام العيد تؤخذ بالعرف نص عليهما وخرج ابن أبي موسى: لا يأوي حتى تغيب شمس يوم الفطر وآخر أيام التشريق. نقل ابن الحكم: إذا قال أنت طالق ثلاثا إن لم أغمك حتى تقولي2 قد غممتني: إن هو وقع في أمها وأبيها وأهل بيتها لا تطلق لأنه مما يغمها.
__________
مسألة 33: المغصوب العاجز عنه.
مسألة 34: الضائع الآيس منه.
قال في المغني3 والشرح4. فإن كان له مغصوب حنث وإن كان له مال ضائع ففيه وجهان: الحنث وعدمه فإن ضاع على وجه قد أيس من عوده كالذي سقط في البحر لم يحنث ويحتمل أن لا يحنث في كل موضع لا يقدر على أخذ ماله كالمجحود والمغصوب والذي على غير مليء. انتهى. وقال ابن رزين: وإن يئس من عوده لم يحنث وقدم أنه يحنث بالمال المغصوب وقال في الوجيز: وإن حلف لا مال له وله مال5 غير زكوي أو دين على إنسان حنث. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في الأصل، وفي "ر": "البيت".
2 في النسخ الخطية و"ط": "تقولين"، والمثبت من "الفروع".
3 13/598.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/104- 105.
5 بعدها في "ص" و"ط": "غيره".

(11/47)


فصل وإن حلف لا يأكل شيئا فأكله مستهلكا كحلفه على لبن يحنث بمسماه ولو من صيد وآدمية
ويتوجه فيهما ما تقدم في مسألة الخبز والماء فإن أكل زبدا أو أقطا أو جبنا أو كشكا أو مصلا أو لا يأكل بيضا
__________
..........................
__________

(11/47)


أو تمرا فأكل ناطفا أو لا يأكل سمنا فأكله في خبيص فإن ظهر طعمه حنث وإلا فلا كحلفه لا يأكل1 شعيرا فأكل حنطة فيها حبات منه في الأصح وفيه2 وفي الترغيب: إن طحنه لم يحنث وإلا حنث في الأصح وعن أحمد في الأولى في حنثه بزبد وأقط وجبن روايتان. وإن حلف لا يأكل زبدا حنث بسمن ظهر طعمه. وأطلق في الترغيب كعكسه في الأصح.
وإن حلف لا يأكل هذا الشيء أو شيئا فشربه أو بالعكس أو لا يأكل أو لا يشرب أو لا يفعلهما فمص رمانا أو سكرا فروايتان م 35 و 36 وعنه: يحنث في الصورة الأولة لتعيينه. وفي الترغيب: الخلاف مع ذكر المأكول والمشروب وإلا حنث وفيه: وإن حلف لا يذوقه فازدرده ولم يذقه حنث. وظاهر المغني3: لا وإن
__________
مسألة 35 و 36: قوله: وإن حلف لا يأكل هذا الشيء أو شيئا فشربه أو بالعكس لا يأكل أو لا يشرب أو يفعلهما فمص رمانا أو سكرا فروايتان. انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 35: لو حلف لا يأكل "4هذا الشيء، أو4": شيئا فشربه أو بالعكس فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف. أطلقه في المغني والكافي5 والشرح6 والرعايتين وشرح ابن منجا والحاوي:
ـــــــ
1 في "ط" و"ر": "أكلت".
2 ليست في الأصل.
3 13/608- 609.
4 ليست في "ح" و "ط".
5 6/55.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/126.

(11/48)


حلف لا يطعمه حنث بأكله وشربه ومصه لا بذوقه وإن حلف لا
ـــــــ
إحداهما: يحنث اختاره الخرقي قال في الخلاصة: حنث في الأصح وقدمه ابن رزين في شرحه. وهو ظاهر المقنع وغيره.
والرواية الثانية: لا يحنث قال الإمام أحمد في رواية مهنا فيمن حلف لا يشرب نبيذا فثرد فيه وأكله: لا يحنث قال في المحرر وغيره: روى مهنا: لا يحنث وصححه في النظم. وقال القاضي: إن عين المحلوف عليه حنث وإن لم يعينه لم يحنث قاله في المحرر وجزم به في الوجيز وأطلقهن في المحرر والحاوي الصغير والزركشي ونقل في المغني عن القاضي أنه قال: إن عين المحلوف عليه فيه الروايتان وإن لم يعينه لم يحنث رواية واحدة ونقله الزركشي عن كتابه الروايتين وقال في الترغيب: محل الخلاف مع ذكر المأكول والمشروب وإلا حنث.
المسألة الثانية 36: لو حلف لا يأكل أو لا يشرب أو لا يفعلهما فمص رمانا أو سكرا فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين والحاوي الصغير:
إحداهما: لا يحنث وهو الصحيح نص عليه واختاره ابن أبي موسى وغيره وقدمه في المغني والكافي والشرح وغيرهما وجزم به في النظم وغيره قال ابن رزين: فعنه: لا يحنث واقتصر عليه.
والرواية الثانية: يحنث وهو قياس قول الخرقي في المسألة التي قبلها.

(11/49)


يأكل مائعا حنث بأكله بخبز وإن حلف لا يشرب من الكوز فصب منه في إناء وشرب1 لم يحنث وعكسه إن اغترف بإناء من النهر أو البئر. وقال ابن عقيل: يحتمل عدم حنثه بكرعه من النهر لعدم اعتياده حلفه لا يلبس هذا الثوب فيعتم به. ويحنث بشربه من نهر2 يأخذ منه في الأصح كقوله: من ماء النهر.
وإن حلف لا يأكل من هذه الشجرة حنث بالثمرة فقط ولو لقطه من تحتها.
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "منه".
2 في "ر": "بئر".

(11/50)


فصل وإن حلف لا يركب ولا يلبس أو لا يلبس من غزلها وعليه منه شيء
نص عليه ولا يقوم ولا يقعد ولا يسافر ولا يسكن دارا ولا يساكن فلانا وهو كذلك فاستدام3 حنث وكذا لا يطأ ذكره في الانتصار ولا يمسك ذكره في الخلاف أو لا يضاجعها على فراش فضاجعته ودام نص عليه أو لا يشاركه فدام ذكره في الروضة وعكسه لا يتزوج ولا يتطهر ولا يتطيب فاستدام قال أبو محمد الجوزي في اللبس: إن4 استدامه حنث إن قدر على نزعه.
وقال القاضي وابن شهاب وغيرهما: الخروج والنزع لا يسمى سكنا ولا لبسا ولا فيه معناه والنزع جماع لاشتماله على إيلاج وإخراج فهو
__________
...............................
__________
ـــــــ
3 بعدها في "ر": "ذلك".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

(11/50)


شطره وجزم في منتهى الغاية: لا يحنث المجامع إن نزع في الحال وجعله محل وفاق في مسألة الصوم لأن اليمين أوجبت الكف في المستقبل فتعلق الحكم بأول أوقات الإمكان بعدها وجزم به القاضي لأن مفهوم يمينه: لا استدمت الجماع.
فإن أقام الساكن أو المساكن حتى يمكنه الخروج بحسب العادة لا ليلا ذكره في التبصرة والشيخ بنفسه وبأهله ومتاعه المقصود لم يحنث قال الشيخ: لأن ما لا يمكن التحرز منه لا يراد ولا تقع اليمين عليه. وذكر
__________
...............................
__________

(11/51)


أنه يحنث إن لم ينو النقلة. وإن خرج بدونهما وظاهر نقل ابن هانئ وغيره وهو ظاهر الواضح وغيره: أو ترك له بها شيئا حنث. وقيل: إن خرج بأهله فسكن بموضع. وقيل: أو وجده بما يتأثث به فلا. وإن أودعه أو أعاره أو ملكه أو أبت زوجته الخروج معه ولا يمكنه يجبرها فخرج وحده لم يحنث. وإن بنيا بينهما حاجزا وهما متساكنان وقيل: أو لا ثم ساكنه حنث وقيل: كما لو كان في الدار حجرتان لكل حجرة باب ومرافق مختصة فسكن كل واحد حجرة ولا نية ولا سبب. قال في الفنون فيمن قال أنت طالق ثلاثا إن دخلت علي البيت ولا كنت لي زوجة إن لم تكتبي لي نصف مالك فكتبته له بعد ستة عشر يوما: يقع الثلاث وإن كتبت له لأنه يقع باستدامة المقام فكذا استدامة الزوجية.
وإن حلف ليخرجن من الدار أو لا يأوي1 إليها أو ينزل فيها نص
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "إليها".

(11/52)


عليهما أو لا يسكن البلد أو ليرحلن منه فكحلفه لا يسكن الدار; وكذا يتوجه إن حلف ليخرجن منه والأشهر: يبر بخروجه وحده. وفي الرعاية: بمتاعه المقصود. وإن حلف ليرحلن عن الدار أو البلد ولا نية ولا سبب لم يحنث بالعود على الأصح كقوله إن خرجت منها فلك درهم استحق بخروج أول ذكره القاضي وغيره.
وإن حلف لا يسكن الدار فدخلها أو كان فيها غير ساكن فدام جلوسه ففي حنثه وجهان م 37 و 38. وقال القاضي: ولو بات ليلتين لم يحنث قال شيخنا: والزيادة ليس سكنى اتفاقا: ولو طالت مدتها. والسفر القصير سفر فيتوجه بر حالف ليسافرن به ولهذا1 نقل
ـــــــ
مسألة 37 و 38: قوله: وإن حلف لا يسكن الدار فدخلها أو كان فيها غير ساكن فدام جلوسه ففي حنثه وجهان. انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى 37: إذا حلف لم يسكن الدار فدخلها فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الرعايتين والحاوي الصغير:
أحدهما: لا يحنث2 قلت وهو الصواب3 وهو ظاهر بحثه في المغني4 والشرح5 وهو ظاهر كلام القاضي والشيخ تقي الدين.
والوجه الثاني: يحنث.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 بعدها في "ط": "قلت".
3 في "ح": "الصحيح".
4 13/547- 548.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/138.

(11/53)


الأثرم: أقل من يوم يكون سفرا إلا أنه لا تقصر فيه الصلاة وفي الإشارة أن بقية أحكام السفر غير القصر تجوز فيهما وإن حلف لا يبيت ببلد بات خارج بنيانه. قال أحمد: إذا حلف لا يأكل في هذه القرية فإن أكل فيها أو في ناحية من حدها حنث. قال القاضي في إقامة الجمعة في القرية وقيل له يحتمل: أن جواثا كانت مصرا وسماها ابن عباس قرية1 لأن العرب كانت تسمي المصر قرية وذكر الآيات2 فقال: المشهور في لسان العرب واستعمالها أن القرية لا يعبر بها عن المصر إلا مجازا كذا قال. ويتوجه أن ما ذكره هو العرف. وأما لغة العرب واستعمالها فكما قال الخصم.
وإن حلف لا يدخل دارا فاستدام أو لا يدخل على فلان فدخل فلان عليه فأقام معه أو لا يدخل بيته بارية وفيه قصب فنسجت فيه حنث
ـــــــ
المسألة الثانية 38: لو كان فيها وهو غير ساكن فدام جلوسه فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين والحاوي.
أحدهما: لا يحنث قلت: وهو الصواب3 وهو ظاهر بحثه في المغني4 والشرح5.
والوجه الثاني: يحنث.
ـــــــ
1 أخرج البخاري، 4371، عن ابن عباس قال: أول جمعة حمّعت بعد جمعة جمّعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثي. يعني قرية من البحرين.
2 كقوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} الآية [الكهف:77]، وقوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} الآية [الكهف: 82].
3 في "ح": "الصحيح".
4 13/548.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/141.

(11/54)


في الأصح ونصه في: الأولى فإن أدخله قصبا لذلك حنث وقيل: لا.
__________
..............................
__________

(11/55)


فصل وإن حلف ليفعلن شيئا لم يبر إلا بفعل 1 كله
وإن حلف لا يفعله هو أو من يمتنع بيمينه كزوجة وقرابة وقصد منعه ولا نية ولا سبب لم يحنث بفعل بعضه وعنه: بلى اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه. واختاره أبو بكر في غير الدخول2 وحكي عنه في المفردات: ولبس ثوب كله من غزلها3 نحو أن يحلف لا يدخل دارا فيدخل بعض جسده أو لا يبيع عبده ولا يهبه فيبيع نصفه ويهب نصفه أو لا يشرب ماء هذا الإناء لا ماء النهر فيشرب بعضه أو لا يلبس ثوبا من غزله فليس ثوبا فيه منه فإن لم يقل ثوبا أو لا يأكل طعاما اشتراه هو أو وكيله وغيره،
__________
..............................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "فعله".
2 في النسخ الخطية: "المدخول بها".
3 في الأصل: "غزله".

(11/55)


حنث اختاره جماعة وقيل: فيه الروايتان. ونقل عنه أبو الحارث: لا يحنث إذا حلف لا يلبس من غزله1. وإن خلطه بما اشتراه غيره حنث بفوق نصفه وقيل2: به وقيل: وبأقل وجهان م 39.
__________
مسألة 39: قوله: وإن خلطه بما اشتراه غيره حنث بفوق نصفه وقيل: به وقيل: وبأقل وجهان . يعني إذا حلف لا يأكل طعاما اشتراه هو أو وكيله فخلطه بما
ـــــــ
1 في "ر": "غزلها".
2 في النسخ الخطية: "فيه" والمثبت من "ط".

(11/56)


وإن اشتراه لغيره أو باعه حنث بأكله منه وفيه احتمال "1والشركة والتولية والسلم والصلح على مال شراء1".
وإن حلف لا قمت وقعدت ففعل واحدا فالروايتان وكذا ولا قعدت. وفي الترغيب وجهان. وفي المغني2: يمين واحدة يحنث بفعل واحد ولو علق عتقه على أداء مائة لم يعتق بأداء بعضها نص
__________
اشتراه غيره حنث بأكله فوق نصفه وهل يحنث بأكله نصفه أم لا؟ أطلق وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمغني3 والمقنع4 والشرح وشرح ابن منجا وغيرهم ذكره في المقنع وشرحيه في آخر باب تعليق الطلاق بالشروط.
أحدهما: لا يحنث صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز.
والوجه الثاني: يحنث قلت وهو الصواب.
تنبيه: قوله: وقيل وبأقل هذا القول جزم به في المغني والشرح وهو الصواب أيضا أعني أن فيه الوجهين ولما علل ابن منجا الوجهين في شرحه قال: ويقتضي هذا التعليل خروج الوجهين فيما إذا أكل دون الذي اشتراه شريك زيد وصرح به الشيخ قلت وهو الصواب وهو مخالف لما قدمه المصنف هنا.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 13/474.
3 13/564.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/595.

(11/57)


عليه لجعلها عوضا ومع عدمه لا يستحق المعوض ويجوز حمله على الرواية الأخرى.
وإن حلف لا يبيت عنده فمكث عنده أكثر الليل حنث وإلا
__________
...............................
__________

(11/58)


فالروايتان واختار في الترغيب: لا حنث لعدم تبعض البيتوتة كقوله: لا أقمت عندك كل الليل أو ينويه فيقيم بعضه.
وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا أو جاهلا واختار الشيخ وقاله في المحرر بالمحلوف حنث في عتق وطلاق فقط اختاره الأكثر وذكروه1 في المذهب. وعنه: في يمين مكفرة وعنه: لا حنث ويمينه باقية وهو أظهر وقدمه في الخلاصة وهو في الإرشاد2 عن بعض أصحابنا واختاره شيخنا. وقال شيخنا: رواتها بقدر رواة التفرقة و3إن هذا يدل أن أحمد جعله حالفا لا معلقا والحنث لا يوجب وقوع المحلوف به وأطلق في الترغيب الروايات نحو أن يحلف لا يدخل على فلان فدخل ولم يعلم أو لا يفارقه إلا بقبض حقه فقبضه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله ففارقه يظن أنه بر أو لا يكلمه فسلم عليه وجهله وفي المنتخب: يحنث بالحوالة. وذكر الشيخ وغيره في الضمان أن الحوالة كالقضاء. فإن سلم على جماعة هو فيهم وجهله لم يحنث هنا على الأصح وإن علمه ولم ينوه فإن لم يستثنه بقلبه حنث وإلا فلا على الأصح فيهما. وإن قصده حنث وفي الترغيب وجه: لا. وذكر جماعة مثلها الدخول على فلان. وفعله في جنونه كنائم فلا حنث4 حينئذ وقيل: كناس.
__________
......................
__________
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "في".
2 ص 415.
3 بعدها في "ط": "إن".
4 بعدها في "ط": "حينئذ".

(11/59)


وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله مكرها لم يحنث نص عليه واختاره الأكثر لعدم إضافة الفعل إليه بخلاف ناس. وعنه: بلى وقيل: هو كناس.
ومن يمتنع بيمينه وقصد منعه كهو وقيل: يحنث واختار في الترغيب: إن قصد أن لا يخالفه لم يحنث ناس واختار شيخنا فيمن حلف على غيره ليفعلنه فخالفه لم يحنث إن قصد إكرامه لا إلزامه به لأنه كالأمر ولا يجب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بوقوفه في الصف ولم يقف1 ولأن أبا بكر أقسم عليه ليخبرنه بالصواب والخطإ لما فسر الرؤيا فقال: لا تقسم2 لأنه علم أنه لم يقصد الإقسام عليه مع المصلحة المقتضية للكتم. وقال: إن لم يعلم المحلوف عليه بيمينه فكناس وعدم حنثه هنا أظهر.
__________
........................
__________
ـــــــ
1 لعله أشار إلى حديث صلاة أبي بكر في الناس في مرض وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري في مواضع منها 664، ومسلم 418.
2 أخرجه البخاري 7046، ومسلم 2269، 17، عن ابن عباس.

(11/60)


وقال: خوف استيلاء العدو إكراه على الخروج.
وإن حلف لا يدخل دارا فحمل ولم يمكنه المنع لم يحنث على الأصح وإن أمكنه حنث في المنصوص. وكذا إن حلف لا يستخدمه فخدمه ولم يأمره ولم ينهه وقيل: يحنث وإن حلف ليفعلنه فتركه مكرها لم يحنث كالتي قبلها على كلام القاضي وابن عقيل وجماعة. وكذا ناسيا على كلام جماعة وكلام جماعة يقتضي حنثهما م 40.
ـــــــ
مسألة 40: قوله: وإن حلف ليفعلنه فتركه مكرها لم يحنث كالتي قبلها على كلام القاضي وابن عقيل وجماعة وكذا ناسيا على كلام وكلام جماعة يقتضي حنثها. انتهى.
أحدهما: لا يحنث فيها وهو الصواب خصوصا للكره.
والقول الآخر يحنث1.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "وهو قوي في الناس".

(11/61)


فصل وإن حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا أو أطلق فتلف أو مات الحالف قبل مضي وقت يفعله فيه حنث
نص عليه كإمكانه. وإن قال: في غد فتلف قبله بغير اختياره حنث إذن نص عليه وقيل: في آخر الغد. وفي الترغيب: لا يحنث على قول أبي الخطاب وأطلق وجهين إن أطلق ولم يمكنه. ويتخرج في المسألتين عدم حنثه لعجزه كمكره وكموته في الأصح في الثانية قبل الغد ومثله لو جن إلى بعد الغد ذكره الشيخ وفي
__________
......................................
__________

(11/61)


المغني1: إن تركه لمرض وعدم نفقة وهرب ونحوه حنث ويحنث بتلفه باختياره وفي وقته الخلاف. وإن قال: اليوم فأمكنه وتلف عقبه حنث وقيل: في آخره ويحنث بموته في الأصح بآخر حياته.
وإن حلف ليقضينه حقه في غد فأبرأه اليوم وقيل: مطلقا فقيل: كمسألة التلف وقيل: لا يحنث في الأصح م 41 وفي الترغيب: أصلهما إذا امنع2 من الإيفاء في الغد كرها لا يحنث على الأصح
__________
مسألة 41: قوله وإن وقيل: مطلقا - فقيل كمسألة التلف وقيل: لا يحنث في الأصح. انتهى.
الطريقة الأولى: طريقة الشيخ في المغني3 والشارح وغيرهما. وقال في الهداية والمستوعب بعد أن أطلق الوجهين في الحنث وعدمه بناء على ما إذا أكره ومنع من القضاء في غد هل يحنث؟ على روايتين. انتهى. وأطلق الوجهين في الحنث وعدمه في مسألة المصنف في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع4 وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما5: لا يحنث وهو الصحيح صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في المحرر والنظم.
والوجه الثاني: يحنث.
ـــــــ
1 13/577.
2 في "ط": "امتنع".
3 13/575.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/155.
5 في "ح": "أحدها".

(11/62)


وأطلق في التبصرة فيهما الخلاف وكذا إن مات ربه فقضي لورثته م 42 وإن أخذ عنه عرضا1 لم يحنث في الأصح وإن منع منه فالروايتان وهما في المذهب إن أكره.
وإن قال: عند رأس الهلال فعند غروب شمس آخره ولو تأخر فراغ كيله لكثرته ذكره الشيخ ويحنث بعد من أمكنه. وفي الترغيب: لا تعتبر المقارنة فتكفي حالة الغروب وإن قضاه بعده حنث. وإن حلف لا أخذت حقك مني فأكره على دفعه حنث وإن أكره قابضه فالخلاف. وإن وضعه الحالف بين يديه أو في حجره فلم يأخذه لم يحنث لأنه لم يضمن بمثل هذا مال ولا صيد.
ويحنث لو كانت يمينه لا أعطيكه لأنه يعد عطاء إذ هو تمكين وتسليم بحق فهو كتسليم ثمن ومثمن وأجرة وزكاة وإن أخذه حاكم فدفعه إلى الغريم فأخذه حنث نص عليه كقوله: لا تأخذ حقك علي وعند القاضي: لا كقوله: لا أعطيكه.
__________
مسألة 42: قوله: وكذا إن مات ربه فقضي لورثته. انتهى. وأطلقهما في المذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: لا يحنث وهو الصحيح اختاره أبو الخطاب وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والمقنع2 والمحرر والشرح والنظم وغيرهم. والوجه الثاني: يحنث اختاره القاضي.
ـــــــ
1 في "ر" و "ط": "عوضا".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/156.

(11/63)


وإن حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي منك فهرب منه حنث نص عليه ذكره ابن الجوزي ظاهر المذهب كإذنه وكقوله: لا افترقنا. وعنه: لا اختاره الخرقي قاله القاضي وقدمه في الترغيب. وقيل: إن أذن له أو لم يلازمه وأمكنه حنث وإلا فلا جزم به في الكافي1 ومعناه في المستوعب واختاره في المحرر والمغني2 وجعله مفهوم كلام الخرقي.
وإن ألزمه حاكم بفراقه لفلسه. وقيل: أو لم يلزمه فكمكره وقدر الفراق ما عد فراقا3 عرفا كبيع. وفعل وكيله كهو نص عليه. قال في الانتصار وغيره: إن الشرع أقام أقوال الوكيل وأفعاله مقام الموكل في العقود وغيرها: قال في الترغيب: فلو حلف لا يكلم من اشتراه أو تزوجه زيد حنث بفعل وكيله نقل ابن الحكم: إن حلف لا يبيعه شيئا فباع ممن يعلم أنه يشتريه للذي حلف عليه حنث. ذكره ابن أبي موسى وإن حلف لا يفعله فوكل وعادته فعله بنفسه لا يحنث.
وفي المفردات إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث وإلا فلا. ولو توكل الحالف في العقد فإن أضافه إلى موكله لم
__________
تنبيه: قوله: إن حلف ليفعلنه فوكل وعادته فعله بنفسه حنث صوابه لم يبرأ4 ولا يقال حنث . قاله ابن نصر الله.
ـــــــ
1 6/58.
2 13/582.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في "ح": "يبرّ".

(11/64)


يحنث ولا بد في النكاح من الإضافة. وإن أطلق فوجهان م 43.
وإن حلف لا يكفل مالا فكفل بدنا وشرط البراءة وعند الشيخ: أو لا لم يحنث.
ـــــــ
مسألة 43: قوله: ولو توكل الحالف في العقد فإن أضافه إلى موكله لم يحنث ولا بد في النكاح من الإضافة وإن أطلق فوجهان. انتهى. وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: لا يحنث وهو الصواب.
والوجه الثاني: يحنث لعدم إضافته إلى موكله.
فهذه ثلاث وأربعون مسألة في هذا الباب.

(11/65)


باب النذر و الوعد و العهد
مدخل
...
باب النذر والوعد والعهد
وهو التزامه لله تعالى شيئا بقوله لا بنية مجردة وظاهره لا تعتبر صيغة1 خاصة يؤيده ما يأتي2 في رواية ابن منصور وظاهر كلام جماعة أو الأكثر: تعتبر لله علي أو علي كذا ويأتي كلام ابن عقيل: إلا مع دلالة حال3. وفي المذهب: بشرط إضافته فيقول: لله علي.
وهو مكروه "4وفاقا، و"1"لا يأت بخير. وقال ابن حامد: يرد قضاء ولا يملك به شيئا محدثا وتوقف شيخنا في تحريمه ونقل عبد الله: نهى عنه رسول الله 5. وقال ابن حامد: المذهب: مباح. وحرمه طائفة من أهل الحديث وظاهر ما سبق يصلي النفل كما هو لا بنذره ثم يصليه خلافا للأرجح للحنفية.
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "صفة".
2 ص 67.
3 ص 69.
4 ليست في "ر" و"ط".
5 أخرج البخاري 6608، ومسلم 1639، 2، عن ابن عمر قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: "إنه لا يردّ شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل".

(11/66)


ولا يصح إلا من مكلف ولو كافرا بعبادة. نص عليه. وقيل: منه بغيرها. مأخذه أن نذره لها كالعبادة لا اليمين.
والمنعقد أنواع:
أحدها: على نذر أو إن فعلت كذا ولا نية وفعله فكفارة يمين. الثاني نذر لجاج وغضب وهو تعليقه بشرط يقصد المنع منه أو الحمل عليه. نحو إن كلمتك أو إن لم أضربك فعلي الحج أو العتق. أو مالي صدقة. فإذا وجد شرطه ففي الواضح: يلزمه. وعنه: تعيين كفارة يمين. والمذهب: يخير بينها وبينه م 1 نقل صالح: إذا فعل المحلوف عليه فلا كفارة بلا خلاف ولا يضر قوله على مذهب من يلزم بذلك،
__________
مسألة 1: قوله في نذر اللجاج والغضب: وإذا وجد شرطه ففي الواضح: يلزمه وعنه: تعيين كفارة يمين والمذهب: يخير بينها وبينه. انتهى.
فصرح بالمذهب لكن ظاهر كلامه على غير المذهب إطلاق الخلاف بين كفارة يمين وفعل ما وجد شرطه والصحيح منهما تعيين كفارة اليمين قطع به في المغني1 والشرح2 وغيرهما.
ـــــــ
1 13/622.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/172.

(11/67)


أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه ذكره شيخنا لأن الشرع لا يتغير بتوكيد ويتوجه فيه: كانت طالق بتة قال شيخنا: وإن قصد لزوم الجزاء عند الشرط لزمه مطلقا عند أحمد نقل الجماعة1 فيمن حلف بحجة أو بالمشي إلى بيت الله الحرام: إن أراد يمينا كفر يمينه وإن أراد نذرا فعلى حديث عقبة2.
ونقل ابن منصور: من قال أنا أهدي جاريتي أو داري فكفارة يمين إن أراد اليمين. وقال في امرأة حلفت إن لبست قميصي هذا فهو مهدى: تكفر بإطعام عشرة مساكين كل مسكين مد ونقل مهنا: إن قال: غنمي صدقة وله غنم شركة إن نوى يمينا فكفارة يمين.
وإن علق الصدقة به ببيعه والمشتري بشرائه فاشتراه كفر كلا منهما كفارة يمين3 نص عليه.
وقال شيخنا: إذا حلف بمباح أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فإن ما لم يلزم بنذره لا يلزم به شيء إذا حلف به فمن يقول لا يلزم الناذر شيء لا يلزم الحالف بالأولى فإن إيجاب النذر أقوى من إيجاب اليمين. الثالث: نذر مستحبا يقصد التقرب مطلقا أو علقه بشرط نعمة أو دفع نقمة.
__________
..................................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "صالح".
2 أخرج مسلم 1645، 13، وأحمد 17319، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كفارة النذر كفارة يمين".
3 ليست في الأصل.

(11/68)


قال في المستوعب أو غيره: كطلوع الشمس نحو إن شفى الله مريضي أو سلم مالي أو إن طلعت الشمس فلله علي كذا أو فعلت كذا لدلالة الحال ذكره ابن عقيل وغيره نحو تصدقت بكذا. ونص عليه أحمد في: إن قدم فلان تصدقت بكذا.
وكذا قال شيخنا فيمن قال إن قدم فلان أصوم كذا: هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة لا أعلم فيه نزاعا ومن قال ليس بنذر قد أخطأ. وقال قول القائل: لئن ابتلاني الله1 لأصبرن ولئن لقيت عدوا لأجاهدن ولو علمت أي العمل أحب إلى الله لعملته نذر معلق بشرط كقول الآخر {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} لآية [التوبة: 75]، ونظير
__________
..................................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ر" و "ط".

(11/69)


ابتداء الإيجاب تمني لقاء العدو ويشبهه سؤال الإمارة فإيجاب المؤمن على نفسه إيجابا لم يحتج إليه بنذر وعهد وطلب وسؤال جهل منه وظلم.
وقوله لئن ابتلاني لصبرت ونحو ذلك إن كان وعدا والتزاما فنذر وإن كان خبرا عن الحال ففيه تزكية للنفس وجهل بحقيقة حالها1 والمنصوص: أو حلف بقصد التقرب فقال والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا ش فوجد شرطه لزمه ويجوز فعله قبله ذكره في التبصرة والفنون وحكاه عن أبي الطيب أيضا لوجود أحد2 سببيه والنذر كاليمين. ومنعه أبو الخطاب لأن تعليقه منع كونه سببا.
__________
.............................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "حالتها".
2 ليست في "ر".

(11/70)


وفي الخلاف: لأنه لم يلزمه فلا تجزئه عن الواجب ذكراه في جواز صوم المتمتع1 السبعة قبل رجوعه إلى أهله. وفي الخلاف فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان لم يجب لأن سبب الوجوب القدوم وما وجد.
وذكر القاضي أن المخالف في هذه المسألة احتج بأن الناذر عند وجود الشرط يصير كالمتكلم بالجواب عند وجود الشرط لأنه لو قال: إن ملكت هذا الثوب فلله علي أن أتصدق بهذا الثوب اليوم فيلزمه أن يتصدق به كذا يجب أن يصير عند قدوم فلان كأنه قال لله علي أن أصوم هذا اليوم وقد أكل فيه فلا يلزمه والجواب أنه يلزمك أن تقول مثل هذا إذا نذر صوم يوم الخميس فأفطر فيه أنه لا يلزمه القضاء ويجعله كالمتكلم بالجواب عند وجود الشرط وهو اليوم ولما لم نقل بهذا في يوم بعينه كذا في مسألتنا. وأما نذر صوم يوم قد أكل فيه فإنما لم يلزمه; لأنه يحصل نذر معصية.
وفي الترغيب: لله علي كذا إن شاء زيد لا يلزمه ولو شاء لكن قياس المذهب: يكفر إذا تيقن الحنث.
وإن نذر من يستحب له الصدقة بماله يقصد القربة نص عليه أجزأه
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 في الأصل: "التمتع".

(11/71)


ثلثه وعنه: كله قال في الروضة: ليس لنا في نذر الطاعة ما يفي ببعضه إلا هذا الموضع وعلله1 غير واحد بأنه تكره الصدقة بكله واحتجوا للثانية بالخبر: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" 2.
وعنه: يشتمل النقد فقط ويتوجه على اختيار شيخنا كل أحد بحسب عزمه ونص عليه أحمد فنقل الأثرم فيمن نذر ماله في المساكين أيكون الثلث من الصامت أو من جميع ما يملك قال: إنما يكون هذا على قدر ما نوى أو على قدر مخرج يمينه والأموال تختلف عند الناس العرب تسمي الإبل والنعم الأموال وغيرهم يسمي الصامت وغيرهم يسمي الأرض.
ثم قال: لو أن أعرابيا قال مالي صدقة أليس إنما كنا نأخذه بابله أو نحو هذا؟ ونقل عبد الله: إن نذر الصدقة بماله أو ببعضه وعليه دين أكثر مما يملكه أجزأه الثلث لأنه عليه الصلاة والسلام أمر أبا لبابة بالثلث3 فإن نفد4 هذا المال وأنشأ غيره وقضى دينه فإنما يجب إخراج ثلث ماله يوم حنثه5.
قال في كتاب الهدي: يريد بيوم حنثه يوم نذره وهذا صحيح قال: فينظر قدر الثلث ذلك اليوم فيخرجه بعد قضاء دينه كذا قال وإنما نصه أنه يخرج قدر الثلث يوم نذره ولا يسقط منه قدر دينه وهذا على أصل
__________
......................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "وعلل".
2 أخرجه البخاري 6696، من حديث عائشة.
3 أخرجه أبو داود 3319، من حديث كعب بن مالك.
4 في "ط": "نفذ".
5 في "ر": "حنث".

(11/72)


أحمد صحيح في صحة تصرف المدين وعلى قول سبق أنه لا يصح يكون قدر الدين مستثنى بالشرع من النذر.
وإن حلف أو نذر لا رددت سائلا فقياس قولنا أنه كمن حلف أو نذر الصدقة بماله فإن لم يتحصل1 له إلا ما يحتاجه فكفارة يمين وإلا تصدق بثلث الزائد.
وحبة بر ليست سؤال السائل والمقاصد معتبرة ويحتمل خروجه من نذره بحبة بر لتعليق حكم الربا عليها ذكره في الفنون وإن حنبليا آخر قال: إن لم يجد وعد فإن الرد لا يتحقق مع العدة فلا يقال رد الفقير والساعي والغريم.
ومصرفه كالزكاة2 ذكره شيخنا ولا يجزئه إسقاط دين قال الإمام أحمد فيمن نذر الصدقة بدينار وله على معسر دينار: لا يجوز حتى يقبضه. وإن نوى يمينا أو مالا دون مال أخذ بنيته وعنه: لا وإن نذرها ببعضه لزمه وعنه: ثلثه قدمه في الرعاية وعنه: إن جاوز ما سماه ثلث الكل صححه في المحرر وكذا ابن رزين ونقل عبد الله: إن حلف فقال: إن خرجت فلانة فعليه ألف: إن كان على وجه اليمين فكفارة يمين وعلى وجه النذر فيوفي به.
ونقل ابن منصور: إن قال: إن ملكت عشرة دراهم فهي صدقة إن كان على وجه3 اليمين أجزأه كفارة يمين وإن أراد النذر يجزئه الثلث. وإذا
__________
......................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "يحصل".
2 في "ط": "كالزكاة".
3 في "ر": "جهة".

(11/73)


حلف فقال علي عتق رقبة فحنث فكفارة يمين ويضمنه متلفه لوجود مستحقه وإن نذرها بمال ونيته ألف فنصه: يخرج ما شاء.
ونص فيمن نذر صوما وصلاة: يؤخذ بنيته فيتوجه فيهما روايتان وهما في الرعاية في صوم وصلاة وهدي ورقاب وجزم في الروضة بالتسوية وأنه يؤخذ بنيته ومع فقدها يتصدق بمسمى مال.
ويلزمه يوم بنيته. وفيه في الترغيب وجهان فإن لم يشترط عطف نية النهار على الماضي ليصوم جميعه ويلزمه ركعتان لأن الركعة لا تجزئ في فرض وعنه: تجزئه ركعة بناء على التنفل بركعة فدل أن في لزومه الصلاة قائما الخلاف وللحنفية خلاف أيضا.
وفي الخلاف في سجود التلاوة: لو نذر صلاة ركعتين على الراحلة أجزأه عليها ولو نذرهما مطلقا لم يجزئ ويبر بموضع غصب مع الصحة وله الصلاة قائما من1 نذر جالسا ويتوجه وجه; كشرط تفريق صوم في وجه خ. وفي النوادر: لو نذر أربعا بتسليمتين أو أطلق لم يجب ويتوجه عكسه إن عين لأنه أفضل ولهذا في زيادات الزيادات2 للحنفية: من نذر أربعا بتسليمة لم تجزئه تسليمتين وبالعكس تجزئه وفي الخلاف: إن نذر أربعا بتسليمتين لم تجزئه بتسليمة وإن نذرها بتسليمة احتمل أن يجوز بتسليمتين كما إذا نذر القران جاز الإفراد لأنه أفضل.
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 ليست من "ط".
2 الزيادات: من الكتب الستة للإمام محمد بن الحسن الشيباني، و "زيادات الزيادات" للإمام السرخسي صاحب "المبسوط"، وشرحه أحمد بن محمد العتابي البخاري، وقد طبع بالهند بدار المعارف.

(11/74)


وإن قال: إن ملكت "1مال فلان1" فعلي الصدقة به فملكه فكما له. وإن قال عبد فلان يقصد القربة لزمه لأنه التزام في ذمته بدليل إرساله نحو لله علي عتق : {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} الآية [التوبة: 75].
__________
........................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ما لفلان".

(11/75)


فصل ومن نذر واجبا كرمضان فحكمه باق ويكفر إن لم يصمه كحلفه عليه
وعنه: لا اختاره الأكثر و هـ ش وكذا نذر مباح كلبس ثوبه منجزا أو معلقا ومكروه كطلاق امرأته ومحرم كإسراج بئر وشجرة
__________
........................
__________

(11/75)


مجاور عنده ومن يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبرا إذا نذر له أو لسكانه أو للمضافين إلى ذلك المكان لم يجز ولا يجوز الوفاء به إجماعا قاله شيخنا: كقبر وكصدقته بمال غيره وشرب خمر وصوم يوم حيض وفيه وجه كصوم يوم عيد خ جزم به في الترغيب. والمذهب: يكفر في الثلاثة نقل ابن الحكم: "لا نذر فيما لا يملك ابن آدم" حديث المرأة حين نذرت في الناقة لتنحرنها إن سلمت1 ليس في قلبي منه شيء لا نذر فيما لا يملك وإذا2 كان نذر معصية فعليه كفارة يمين وكذا احتج في رواية عبد الله وغيره على أنه لا نذر فيما لا يملك.
ونقل حنبل عن الحسن فيمن نذر يهدم دار فلان: يكفر يمينه قال أبو عبد الله: ليس عليه كفارة بمنزلة من قال غلام فلان حر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر فيما لا يملك" فهذا مما لا يملك وإن كفر فهو أعجب إلي. وقال أبو بكر بعد رواية حنبل: الكفارة أولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا نذر في معصية. ولا نذر فيما لا يملك" وكفارته كفارة يمين كذا قال وهذا الخبر لم أجده ولا يصح3.
ونقل الشالنجي: إذا نذر نذرا يجمع في يمينه البر والمعصية ينفذ في البر ويكفر في المعصية.
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 أخرجه مسلم 1641،8، عن عمران بن حصين.
2 في "ط": "وإن".
3 بل الحديث أخرجه الترمذي 1524 والنسائي في "المجتبى" 7/29، وابن ماجه 2124، 2125، وجاءت أحاديث في هذا الباب عن عائشة وابن عمر وجابر وعمران بن حصين.

(11/76)


وإذا نذروا نذورا كثيرة لا يطيقها أو ما لا يملك فلا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين وفي الإرشاد1: فيه في الكفارة روايتان وصحح ابن عقيل: لا ينعقد بمال غيره. وقال في الفنون: يكره إشعال القبور والتبخير ونص أنه إن نذر ذبح ولده أو نفسه ذبح كبشا قيل: مكانه وقيل: كهدي م 2 ونقل حنبل: يلزمانه وعنه: إن قال إن فعلته فعلي كذا أو نحوه وقصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية فيذبح في مسألة الذبح كبشا اختاره شيخنا وقال: عليه أكثر نصوصه قال: وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين.
ـــــــ
"2مسألة -2: فيمن نذر ذبح ولده أو نفسه وقلنا يذبح كبشا فقال: قيل: مكانه وقيل: كهدي انتهى. أحدهما: أنه يذبحه مكانه وهو الصحيح قطع به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام غيره.
والقول الثاني حكمه حكم الهدي2".
تنبيه3: لما ذكر المصنف إذا نذر الصدقة بكل ماله ونحوه. قال بعد ذلك: ومصرفه كزكاة ذكره شيخنا4 واقتصر عليه وقد ذكر المصنف في باب الحيض5 لما ذكر كفارة الوطء فيه وما يجب بذلك قال: وهو كفارة قال الأكثر: يجوز إلى مسكين واحد كنذر مطلق وذكر شيخنا وجها ومن له أخذ الزكاة لحاجته. انتهى.
ـــــــ
1 ص 410.
2 ليست في "ح".
3 لم يرد هذا التنبيه في النسخ الخطية وقد أثبت من "ط".
4 تقدم ص 73.
5 1/360.

(11/77)


ولو نذر طاعة1 حالفا بها أجزأه كفارة يمين بلا خلاف عن أحمد فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها فعلى هذا على رواية حنبل يلزمان الناذر والحالف يجزئه كفارة يمين فتصير ستة أقوال وذكر الآدمي البغدادي: نذر شرب الخمر لغو فلا كفارة ونذر ذبح ولده يكفر.
وقدم ابن رزين: نذر معصية لغو قال: ونذره لغير الله تعالى كنذره لشيخ معين حي2 للاستعانة وقضاء الحاجة منه كحلفه بغيره. وقال غيره: هو نذر معصية وقاله شيخنا أيضا وأبوه وكل معصوم كالولد ذكره القاضي وغيره واقتصر ابن عقيل وغيره عليه واختاره في الانتصار ما لم نقس. وفي عيون المسائل: وعلى قياسه العم والأخ في ظاهر المذهب لأن بينهم ولاية. وقال شيخنا فيمن نذر قنديل نقد للنبي : يصرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم قيمته وأنه أفضل من الختمة ويتوجه كمن وقفه على مسجد لا يصح فكفارة يمين على المذهب وقيل يصح ويكسر وهو لمصلحته. وقال أيضا في النذر للقبور: هو للمصالح ما لم يعلم ربه وفي الكفارة الخلاف وأن من الحسن صرفه في نظيره من المشروع.
__________
فجعل النذر المطلق يجوز صرفه إلى مسكين واحد ولم يحك خلافا وحكي عن الأصحاب أن المساكين مصرف الصدقات وحقوق الله من الكفارات ونحوها فإذا وجدت صدقة غير معينة الصرف انصرفت إليهم كما لو نذر صدقة مطلقة.
ـــــــ
1 في "ر": "طلقة".
2 ليست في الأصل.

(11/78)


فإن فعل المعصية لم يكفر نقله مهنا واختاره القاضي: بلى لبطلان1 الصلاة بدار غصب وقيل: حتى المحلوف عليها واختاره شيخنا. وفي العدة: قاس أحمد ذبح نفسه على ذبح ولده وهو مخصوص من جملة القياس ثبت بقول ابن عباس.
وفي الروضة: إن قال لولده والله لأذبحنك فهل يذبح كبشا أو تجزئه كفارة يمين؟ فيه روايتان مع أنه ذكر في النذر أن في نذر قتل نفس محرمة كفارة يمين وأن في قوله: لله عليه أن يذبح ولده الروايتين قال: كما تقدم لو حلف عليه وإن نذر صوم يوم عيد قضاه2 و هـ نصره القاضي وأصحابه وعنه: لا و م ش وعليهما: يكفر على الأصح خ وقال ابن شهاب: ينعقد ولا يصومه ويقضي صح منه القربة ولغا تعيينه لكونه معصية كنذر مريض صوم يوم يخاف عليه فيه ينعقد نذره ويحرم صومه وكذا الصلاة في ثوب حرير والطلاق3 في زمن الحيض صادف التحريم ينعقد على قولهم ورواية لنا كذا هنا.
ونذر صوم ليلة لا ينعقد ولا كفارة لأنه ليس بزمن صوم وعلى قياس ذلك إذا نذرت صوم4 يوم الحيض وصوم يوم يقدم فلان وقد أكل كذا قال والظاهر أنه والصلاة زمن الحيض ونذره صوم يوم تشريق كعيد
__________
.............................
__________
ـــــــ
1 في "ر": "كبطلان".
2 في الأصل: "قضى".
3 بعدها في "ط": "في".
4 في "ر": "صيام".

(11/79)


وفي المحرر تخريج ولو جاز كنذر صلاة وقت نهي ونذر صوم الليل منعقد في النوادر. وفي عيون المسائل والانتصار: لا لأنه ليس بزمن للصوم وفي الخلاف ومفردات ابن عقيل منع وتسليم وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم وهو مفطر قضى و ش وعنه: لا و هـ م كقدومه ليلا لا يصوم صبيحته م.
وفي المنتخب: يستحب وإن قدم ولم يفطر فنوى فكذلك و بناء على أن موجب النذر الصوم من قدومه أو كل اليوم وإن لم يصح النفل بعد الزوال وقدم بعده فلغو و هـ فعلى القضاء في المسألتين يكفر اختاره الأكثر وعنه: لا و كالرواية الأخرى وإن من نذر صوم يوم أكل فيه م 3 قضى في أحد الوجهين. وفي الانتصار: ويكفر وفيه أيضا: لا يصح كحيض: وإن في إمساكه أوجها،
__________
مسألة -3: قوله: وإن نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم وهو مفطر قضى وعنه: لا وإن قدم ولم يفطر فنوى1 فكذلك.... وإن لم يصح النفل بعد الزوال وقدم بعده فلغو فعلى "2القضاء في2" المسألتين يكفر... وعنه: لا كالرواية الأخرى وإن من نذر صوم يوم أكل فيه، "3قضى في أحد الوجهين وفي الانتصار: ويكفر. انتهى. أطلق الوجهين فيمن نذر صوم يوم أكل فيه3". هل يقضي أم لا؟
الوجه الأول: الذي يظهر لي أن هذه المسألة مثل من نذرت صوم حيض على ما ذكره ابن شهاب وأن النذر لا ينعقد ولا تقضي وهو الصواب ثم وجدته في القواعد الأصولية قال: لو قالت نذرت صوم يوم الحيض بمفرده أو نذر المكلف
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".

(11/80)


الثالث: يلزم في الثانية. وإن قدم في رمضان انعقد على الأصح فيقضي. وفي الكفارة روايتان م 4. ويكفر إن لم يصمه وعنه: يكفيه لرمضان ونذره وفي نية نذره وجهان م 5.
__________
صوم يوم أكل فيه فإنه لا ينعقد نذره ذكره طائفة في كتب الخلاف محل وفاق وفرقوا بينه وبين العيد وذكر الفرق وحكى1 مسألة المصنف عن أبي الخطاب في الانتصار أنه قال أيضا: لا يصح نذره صوم يوم أكل فيه كحيض.
والوجه الثاني: يقضي قلت: وهو ضعيف.
مسألة- 4: قوله وإن قدم في رمضان انعقد على الأصح فيقضي وفي الكفارة روايتان انتهى.
وأطلقهما في المغني2 والمحرر والشرح3 والنظم وغيرهم:
إحداهما: عليه الكفارة أيضا صححه في تصحيح المحرر واختاره أبو بكر قاله الشيخ الموفق وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: لا كفارة عليه اختاره المجد في شرحه. قال في تصحيح المحرر.
مسألة - 5: قوله: وعنه يكفيه لرمضان ونذره. وفي نية وجهان. انتهى.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "مسألة".
2 13/644.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/255.

(11/81)


وفي الفصول: لا يلزمه صوم آخر. لا1 لأن صومه أغنى عنهما بل لتعذره فيه نص: عليه. وذكر أيضا إذا نوى صومه عنهما فقيل: لغو وقيل: يجزئه عن رمضان. وفرق القاضي بين قدومه في يوم من رمضان المسألة المذكورة وبين نذره صوم يوم قدومه أبدا فقدم يوم اثنين فإن أثانين رمضان لا تدخل تحت نذره نص عليه قال: لأن2 رمضان لا ينفك من أثانين3 فلهذا لم ينعقد نذره وهنا ينفك قدومه عن رمضان كما ينفك يوم الخميس عمن نذرت أن تصومه فحاضت فيه أنها تقضي وافق عليها أبو يوسف.
وإن قدم وهو صائم عن نذر معين فعنه: يكفيه لهما و هـ والأصح يتمه ولا يستحب قضاؤه. بل يقضي نذر القدوم كصومه في قضاء رمضان و هـ ش أو كفارة و هـ ش أيضا4 أو نذر مطلق و هـ ش أيضا4 وإن قدم يوم عيد أو حيض قضى وكفر خ وعنه: لا وعنه في الكفارة وقيل عكسه.
__________
أحدهما: لا بد من نيته لفرضه ونذره. قاله في المغني5 والشرح6 وغيرهما وقدمه في القواعد.
والوجه الثاني: لا يحتاج إلى نية النذر. قال المجد: لا يحتاج إلى نية النذر وقال: هو ظاهر كلام أحمد والخرقي. قال في القواعد: وفي تعليله بعد.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في النسخ الخطية: "بأن" والمثبت من "ط".
3 في "ط": "اثنين".
4 ليست في "ر" و"ط".
5 13/644.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/255.

(11/82)


وإن سمع قدومه فبيت لصوم نهار قدومه كفاه و ونذر اعتكافه كصومه. وفي عيون المسائل والفصول والترغيب وغيرها: يقضي بقية اليوم لصحته في بعض اليوم1 إلا إذا اشترط لصوم فكنذر صومه. وفي صحة نذر اليوم قبل يوم قدومه وجهان م 6.
وإن نذر صوم بعض يوم لزمه يوم و هـ ويتوجه وجه2، وإن نذر عبادة وطاعة لزمه3 وذكر أبو يعلى الصغير عن بعض أصحابنا إن وجب جنسها بالشرع وإلا فلا. وقيل: إن نذر الحج ماشيا أو الصلاة بالبقرة أو في جماعة أو يعود مريضا أو يشهد جنازة أو يسلم على زيد احتمل اللزوم والتخيير. وفي الترغيب: إن نذر صفة في الواجب كحجه ماشيا والصلاة بقراءة كثيرة احتمل وجهين: اللزوم وعدمه فيكفر.
قال: ولو نذر الجهاد في جهة لزمه فيها ومثله تجهيز ميت وغيره فأما ما لا مال فيه كصلاة جنازة والأمر بمعروف فالظاهر لزومه وإن عين وقتا تعين ولا يجزئه قبله و هـ كيوم يقدم فلان و.
ـــــــ
مسألة - 6: قوله: وفي صحة نذر اليوم قبل يوم قدومه وجهان. انتهى.
أحدهما: لا يصح وهو الصواب لأنه لا يعلم في الغالب.
والوجه الثاني: يصح
ـــــــ
1 في الأصل: "الأيام".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "لزمته".

(11/83)


وله تقديم الصدقة و وعند شيخنا: الانتقال إلى زمن أفضل وأن من نذر "1صوم النذر أو1" صوم الاثنين والخميس فله صوم يوم2 وإفطار يوم كالمكان قال: واستحب أحمد لمن نذر الحج مفردا أو قارنا أن يتمتع لأنه أفضل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك في حجة الوداع3.
وإن نذر صوم شهر بعينه تعين نقل حنبل: لم يجزئه حتى يصومه بعينه. وفي النوادر: ولو تردد في يوم قبله صامه وإن أفطره أو من أوله أو في أثنائه قضاه ولو أفطره لعذر مرض م أو حيض م كنذر اعتكافه و وابتدأه4 متتابعا مواصلا لتتمته. وعنه: له تفريقه و هـ م ووافقا في الاعتكاف وعنه: وترك مواصلته5 و وينبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة.
ويكفر ش ولو لم ينو يمينا هـ وعنه: يكفر غير المعذور وعنه فيه: يفدي فقط ذكره الحلواني وإن جن الشهر لم يقض على الأصح هـ وصومه في ظهار كفطره وقيل: لا يكفر و هـ وإن قيده بالتتابع فأفطر بلا عذر يوما ابتدأ ويكفر ش ولا يقضيه وحده هـ وإن نذر صوم شهر مطلق وعنه: أو أياما غير ثلاثين وعنه: أو هي لزمه التتابع خ وعنه:
__________
...............................
__________
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في "ط".
3 تقدم تخريجه 5/331.
4 أي: القضاة.
5 في الأصل: "موافقته".

(11/84)


بشرط أو نية و وفي إجزاء صوم رمضان عنهما روايتا حج قاله في الواضح فإن قطع تتابعه بلا عذر استأنفه و ومع العذر يخير بينه بلا كفارة أو يبنى فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة؟ فيه وجهان م 7 ويكفر وفيها رواية و م ش كشهري الكفارة ذكره غير واحد وتقدم كلامه في الروضة. وفي الترغيب: إن أفطره بلا عذر كفر. وهل ينقطع فيستأنفه أم لا فيقضي ما تركه؟ فيه روايتان وكذا في التبصرة: هل يتمه أو يستأنفه؟ فيه روايتان واختار أبو محمد الجوزي يكفر ويستأنفه.
__________
تنبيه: قوله: وإن نذر صوم شهر مطلق وعنه: أو أياما غير ثلاثين وعنه: أو هي لزمه التتابع.... وفي إجزاء صوم رمضان عنهما، "1روايتا حجّ1" قاله في الواضح انتهى.
قلت: قد قال المصنف وغيره: لو حج من عليه حجة الإسلام وحج منذور أنه لا يجزئ عن المنذورة مع حجة الإسلام بل عن حجة الإسلام فقط وهذا الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه الأكثر ونقل أبو طالب: يجزئ عنهما وأنه قول أكثر العلماء اختاره أبو حفص وهذه المسألة هي التي أرادها في الواضح فيما يظهر فعلى هذا ليست هذه المسألة مما فيها الخلاف المطلق الذي اصطلح عليه المصنف والله أعلم.
مسألة - 7: قوله: فإن قطع تتابعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه بلا كفارة أو يبني فهل يتم ثلاثين أو الأيام الفائتة؟ فيه وجهان. انتهى.
قلت: الذي يظهر أنها مثل ما إذا آجره في أثناء شهر هل يستوفي بالعدد وهو المذهب وعليه الأصحاب أو يكمل الشهر؟ وعند الشيخ تقي الدين: يكمل الشهر تاما أو ناقصا فعلى الأول: يتم ثلاثين.
ـــــــ
1 في "ط": "روايتان".

(11/85)


وإن نذر صوم سنة معينة لم يعم رمضان وأيام النهي. وعنه: بلى فيقضي ويكفر وفيها وجه وعنه: يعم أيام النهي خاصة كنذر صوم يوم قدوم فلان أبدا فيقدم يوم اثنين ذكره في المنتخب. وفي الروضة: لا يختلف المذهب أنه يتداخل في أثانين رمضان وإن قال: سنة وأطلق ففي التتابع ما في شهر.
ويصوم اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام النهي فيقضي قال في الترغيب: يصوم مع التفرق ثلاثمائة وستين يوما ذكره القاضي وعند ابن عقيل أن صيامها متتابعة وهي على ما بها من نقصان أو تمام. وفي التبصرة: لا يعم العيد ورمضان وفي التشريق روايتان وعنه: يقضي
__________
تنبيه: قوله وإن قال سنة وأطلق ففي التتابع ما في شهر انتهى. والصحيح من المذهب لزوم التتابع في الشهر كما قدمه المصنف فكذا يكون في السنة.

(11/86)


العيد والتشريق إن أفطرها. وفي الكافي1: إن لزم التتابع فكمعينة وإن قال سنة من2 الآن أو وقت كذا فكمعينة وقيل كمطلقة.
ويلزمه3 صوم الدهر بنذره ويتوجه إن استحب فإن أفطر كفر فقط فإن كفر بصيام فاحتمالان م 8 ولا يدخل رمضان وقيل: بل قضاء4 فطره منه لعذر ويوم نهي وصوم ظهار ونحوه ففي الكفارة وجهان أظهرهما وجوبها مع صوم ظهار لأنه سببه. وإن نذر صوما فتركه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم كل يوم مسكينا وكفر نص عليه وعنه: يطعم فقط وقيل: يكفر وذكره ابن عقيل رواية كغير صوم. وفي النوادر احتمال بصيام عنه وسبق5 في فعل الولي عنه أنه ذكره
ـــــــ
مسألة- 8: قوله: ويلزمه صوم الدهر بنذره فإن أفطر كفر فقط فإن كفر بصيام فاحتمالان. انتهى.
أحدهما: لا يصح وهو الصواب لأنه واجب بنذره قبل الكفارة.
والاحتمال الثاني يصح.
ـــــــ
1 6/78.
2 ليست في "ط".
3 في "ر" و "ط": "ويلزم".
4 في "ط": "قضى".
5 5/70.

(11/87)


القاضي في الخلاف وكذا إن نذره عاجزا نقل أبو طالب ما كان نذر معصية أو لا يقدر عليه ففيه كفارة يمين وتقدمت رواية الشالنجي1 ومرادهم غير الحج وإلا فلو نذر معضوب أو صحيح ألف حجة لزمه. ويحج عنه والمراد: لا يطيقه ولا شيئا منه وإلا أتى بما يطيقه منه وكفر للباقي وكذا أطلق شيخنا فقال: القادر على فعل المنذور يلزمه وإلا فله أن يكفر لقوله : "كفارة النذر كفارة يمين" 2 ولأمره لأخت عقبة بن عامر أن تمشي وتكفّر3 فأما إن نذر من لا يجد زادا ولا4 راحلة الحج فإن وجدهما لزمه بالنذر السابق وإلا لم يلزمه كالحج الواجب بأصل الشرع ذكره في الخلاف في فعل الولي عنه. وفي عيون المسائل في ضمان المجهول أكثر ما فيه أن يظهر من الدين ما يعجز عن أدائه وذلك لا يمنع صحة الضمان كما لو نذرا ألف حجة و5 الصدقة بمائة ألف دينار ولا يملك قيراطا فإنه يصح لأنه ورط نفسه في ذلك برضاه وقيل: لا ينعقد وإن نذر عتق عبد الله فأتلفه كفر كتلفه نص عليه واحتج بحديث عقبة في الفائت وما عجز عنه لأن غاية العتق جهة العبد المعتق ولا غاية بعده بخلاف أضحية نذر لبقاء جهة الفقراء المستحقين وقيل: قيمته في رقاب.
__________
.................................
__________
ـــــــ
1 ص 76.
2 تقدم تخريجه ص 68.
3 أخرجه أبو داود 3295، وأحمد 2134، من حديث ابن عباس.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "أو".

(11/88)


وإن نذر المشي إلى بيت الله أو موضع1 من الحرم أو مكة وأطلق أو قال. غير حاج ولا معتمر لزمه المشي في أحدهما: لأنه مشى إلى عبادة والمشي إلى العبادة أفضل ما لم ينو إتيانه لا حقيقة مشي من مكانه نص عليه وذكره القاضي إجماعا محتجا به وبما لو نذره من محله لم يجز من ميقاته على قضاء الحج الفاسد من الأبعد من إحرامه أو ميقاته وقيل هنا: أو من إحرامه إلى أمنه فساده بوطئه. قال الإمام أحمد: إذا رمى الجمرة فقد فرغ. وفي الترغيب: لا يركب حتى يأتي بالتحللين على الأصح فإن تركه وركب لعذر أو غيره فكفارة يمين لأن المشي غير مقصود ولم يعتبره الشرع بموضع كنذر التحفي ونحوه فيتوجه منه أنه لا يلزم قادرا. ولهذا ذكر ابن رزين رواية ثالثة: لا كفارة. وروى الإمام أحمد2: حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى حدثنا صالح بن رستم أبو عامر حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران قال: ما قام فينا رسول الله خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة قال: وقال: "ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فإذا نذر أحدكم أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب" .
ورواه البيهقي3 من حديث أبي داود عن صالح ورواه من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري عن صالح. وقال: "فليهد بدنة وليركب" . والحسن لم يسمع من عمران أن عند ابن معين وابن المديني وأبي حاتم والبيهقي وغيرهم.
__________
..........................
__________
ـــــــ
1 في "ر" و "ط": "مكان".
2 في "مسنده" 19857.
3 في "السنن الكبرى" 10/80.

(11/89)


وفي مسند أحمد1: حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك عن الحسن أخبرني عمران بن حصين فذكر حديثا سبق في التداوي حدثنا يزيد حدثنا شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن الحسن قال: كنت أمشي مع عمران بن حصين فذكر حديث: "اقرءوا القرآن وسلوا الله به فإن من بعدكم قوما يقرءون القرآن ويسألون الناس به" 2 وهذا إسناد مشهور جيد وشريك حديثه حسن.
وعنه: دم. وفي المغني3: قياس المذهب يستأنفه ماشيا لتركه صفة المنذور كتفريقه صوما متتابعا.
وإن نذر الركوب فمشى فالروايتان لأن الركوب في نفسه غير طاعة وإن نذر المشي إلى مسجد المدينة أو الأقصى لزمه والصلاة ويتوجه مرادهم لغير المرأة لأفضليه بيتها.
وإن عين مسجدا غير حرم لزمه عند وصوله ركعتين4 ذكره في الواضح ومذهب م على ما ذكره في المدونة: من قال: علي المشي إلى المدينة أو بيت المقدس فلا يأتيهما أصلا إلا أن يريد الصلاة في مسجديهما فليأتهما.
ـــــــ
تنبيه: قوله: وإن نذر الركوب فمشى فالروايتان يعني اللتين ذكرهما قبل في وجوب كفارة يمين أو دم وقدم وجوب كفارة يمين.
ـــــــ
1 برقم 20000.
2 مسند أحمد 19917.
3 أي "لزمه صلاة ركعتين".
4 ص 89.

(11/90)


وإن نذر الطواف فأقله أسبوع وإن نذر الطواف على أربع"1 فطوافان نص عليه. قال شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رجليه وفي الكفارة وجهان م 9.
ومثله نذر السعي على أربع1" ذكره في المبهج والمستوعب. وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو الحج حافيا حاسرا. أو المرأة الحج حاسرة وفي بالطاعة وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان م 10 و 11 وإن نذر الحج2 هذا العام فلم يحج ثم نذر أخرى في العام الثاني فيتوجه: يصح وأنه يبدأ بالثانية لفوتها ويكفر لتأخير الأولى. وفي المعذور الخلاف.
ـــــــ
مسألة -9: قوله: وإن نذر الطواف على أربع فطوافان نص عليه قال شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رجليه وفي الكفارة وجهان. انتهى.
يعني على القول بأنه يطوف طوافا واحدا وأطلقهما في المغني3 والشرح4 والرعاية الكبرى والنظم والحاوي الصغير والقواعد الأصولية وغيرهم. قال الشيخ والشارح: بناء على ما تقدم وقالا: قياس المذهب لزوم الكفارة لإخلاله بصفة نذره وإن كان غير مشروع. انتهى.
والوجه الثاني: لا كفارة عليه.
مسألة 10 و 11: قوله: ومثله نذر السعي على أربع ذكره في المبهج والمستوعب وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي عنه كنذره صلاة عريانا أو حجا
ـــــــ
1 يعني- والله أعلم- أربع أرجل.
2 بعدها في "ط": "هذا".
3 13/658.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/249.

(11/91)


..........................................
__________
حافيا حاسرا أو المرأة الحج حاسرة وفى بالطاعة وفي الكفارة لتركه المنهي وجهان. انتهى. ذكر مسألتين:
مسألة 10: السعي على أربع.
ومسألة 11: نذر الطاعة على وجه منهي عنه.
وجزم بما قاله في المبهج والمستوعب ابن حمدان في الرعاية الكبرى. وقال أيضا: فإن قال1: حافيا حاسرا كفر ولم يفعل الصفة وقيل: يمشي منذ أحرم. انتهى. وذكر في القواعد الأصولية هذه المسائل وعددها وقال: قياس المذهب الوفاء بالطاعة على الوجه المشروع وإلغاء لتلك الصفة ويخرج في الكفارة وجهان ولكن نقل المروذي فيمن نذر أن يقرأ عند قبر أبيه: يكفر يمينه ولا يقرأ. انتهى. والصواب الإتيان بالطاعة على الوجه المشروع وقياس قول الشيخ الموفق والشارح وجوب الكفارة والمصنف قد قاس هذه المسائل على التي قبلها وقد علمت حكم ما قبلها. والله أعلم.
فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 في "ط": "كان".

(11/92)


فصل ولا يلزم الوفاء بالوعد
نص عليه و هـ ش لأنه يحرم بلا استثناء لقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله} [الكهف: 23- 24]. ولأنه في معنى الهبة قبل القبض. وذكر شيخنا وجها: يلزم واختاره ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل ولما قيل للإمام أحمد: بم يعرف الكذابون؟ قال بخلف المواعيد وهذا متجه وقاله من الفقهاء ابن شبرمة.
__________
....................................
__________

(11/92)


وقال ابن العربي المالكي: أجل من1 قاله عمر بن عبد العزيز لقوله: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله} الآية [الصف:3]. ولخبر: "آية المنافق ثلاث إذا وعد أخلف" 2 وحملا على وعد واجب وبإسناد حسن "العدة عطية" وبإسناد ضعيف "العدة دين" وذكر أبو مسعود الدمشقي والبرقاني أن مسلما روى "ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه" 3. ورواه ابن ماجه4 من حديث ابن مسعود بإسناد حسن "ثم لا يفي له" ، "فإن الكذب يهدي إلى الفجور" وفيه "والسعيد من وعظ بغيره" وفيه عبيد بن ميمون المدني روى عنه غير واحد ووثقه ابن حبان وقال أبو حاتم: مجهول. وعن ابن عباس مرفوعا : " لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده ثم تخلفه" رواه الترمذي5 وغيره.
قال ابن الجوزي: فائدة الاستثناء خروجه من الكذب إذا لم يفعل كقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله صَابِراً} [الكهف: 69]. وذكر القاضي في مسألة الفرار من الزكاة لما قيل له: إن أصحاب الجنة6 عوقبوا على ترك الاستثناء في القسم قال: لا لأنه مباح وعلى أن الوعيد عليهما.
__________
.......................................
__________
ـــــــ
1 في "ط": "ما".
2 أخرجه البخاري 33، ومسلم 59، 107، من حديث أبي هريرة.
3 قال الإمام النووي في "شرح" 16/161، بعد أن ذكر الحديث: ذكر أبو مسعود أن مسلما روى هذه الزيادة في كتابه وذكرها أيضا أبو بكر البرقاني في هذا الحديث، وليست عندنا في كتاب مسلم. وهو عند الدارمي 2/388، 2715.
4 في "سننه" 46.
5 في "سننه" 1995.
6 إشارة إلى قوله تعالى :{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17- 18].

(11/93)


ومذهب "م": يلزم لسبب كمن قال لغيره1 تزوج وأعطيك كذا واحلف لا تشتمني ولك كذا وإلا لم يلزم.
وقد روى أبو داود والترمذي2 عن أبي النعمان عن أبي وقاص ولا يعرفان عن زيد بن أرقم مرفوعا "إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه" وتقدم آخر كتاب الأيمان3 العهد وأنه غير الوعد ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ والرعاية والوصية وغير ذلك وفي سيد الاستغفار "وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت" 4.
قال ابن الجوزي: قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله والوعد من العهد. وقال في {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34]. عام فيما بينه وبين ربه وبين الناس ثم قال الزجاج: كل ما أمر الله به أو نهى عنه فهو من العهد. "5والله سبحانه وتعالى أعلم5".
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 أبو داود 4495، والترمذي 2633.
3 10/453.
4 أخرجه البخاري 6306، من حديث شداد بن أبي أوس.
5 ليست في "ر" و"ط".

(11/94)