المبدع
شرح المقنع ط عالم الكتب المجلد السادس
كتاب الوصايا
باب الوصايا
...
كتاب الوصايا
وهي الأمر بالتصرف بعد الموت
__________
كتاب الوصايا
وهي جمع وصية كالعطايا جمع عطية والعرايا جمع
عرية فالوصية فعيله والتاء الساكنة بعد الصاد
زائدة للمد والياء المتحركة بعدها لام الكلمة
وأدغمت والتاء للتأنيث وأصله وصائي بهمزة
مكسورة بعد المد تليها ياء متحركة هي لام
الكلمة حسنة هذه الهمزة العارضة في الجمع
وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها
فصار وصاآ فكرهوا اجتماع ألفين بينهما همزة
فقلبوها ياء فصار وصايا ولو قيل إن وزنه فعالى
وإن جمع المعتل خلاف جمع الصحيح لكان حسنا وهي
في الأصل ماخوذة من وصيت الشيء إذا وصلته
فالموصي وصل ما كان له في حياته بما بعد موته.
والإجماع على مشروعيتها وسنده قوله تعالى: {
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ
الْمَوْتُ} [البقرة: من الآية180] وقوله تعالى
:{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ
دَيْنٍ} [النساء: من الآية11] وقوله عليه
السلام: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت
ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه" متفق عليه
من حديث أبن عمر وعن ابي الدرداء مرفوعا: "إن
الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم
زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة هي
اعمالكم" رواه الدارقطني.
"وهي الأمر بالتصرف بعد الموت" فهي لغة عبارة
عن الأمر لقوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا
إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}
[البقرة:132] {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ}
[الأنعام: من الآية151] ومنه قول الخطيب:
أوصيكم بتقوى الله أي: امركم فقوله هي الأمر
بالتصرف إلى آخره بيان لأحد نوعي الوصية وهي
(6/3)
والوصية بالمال
هي التبرع به بعد الموت وتصح من البالغ الرشيد
عدلا كان أو فاسقا رجلا أو امرأة مسلما أو
كافرا.
__________
أن يوصي إلى انسان أن يتكلم على أولاده الصغار
أو يفرق ثلث ماله والقيد الأخير أخرج الوكالة
وقد أوصى أبو بكر بالخلافة لعمر ووصى بها إلى
أهل الشورى ولم ينكر وقد روى سفيان بن عيينة
عن هشام بن عروة قال: أوصى الى الزبير سبعة من
الصحابة فكان يحفظ عليهم أموالهم وينفق على
أيتامهم من ماله.
"والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت" هذا
بيان النوع الثاني منها والقيد الأخير أخرج
الهبة وقال ابو الخطاب: هي التبرع بمال يقف
نفوذه على خروجه من الثلث فعلى هذا تكون
العطية في مرض الموت وصية والصحيح أنها ليست
وصية لمخالفتها لها في الأسم والحكم قال في
المستوعب: وفي حده اختلال من أوجه وقد يعترض
أيضا بانها قد تكون بحق كجلد الميتة ونحوه
وليس بمال.
قوله: "بالمال" أي: بجزء منه وقد تكون بكله
ويجيزه الوارث ولها أربعة أركان الموصي
والموصى له والموصى به والصيغة وهي الإيجاب
والقبول فلو قال: هذا لفلان فهو إقرار وليس
بوصية إلا أن يتوافقا على إرادة الوصية فيصح
ولو قال: هذا من مالي لفلان فهو وصية يعتبر
القبول ممن يتصور منه مع التعيين فلو أوصى
لمسجد أو لغير معين كالفقراء لم يحتج إلى
قبول.
"وتصح" الوصية بالمال "من البالغ الرشيد عدلا
كان أو فاسقا رجلا أو امرأة مسلما أو كافرا"
لأن هبتهم صحيحة فالوصية أولى وحاصله أن من
جاز تصرفه في ماله جازت وصيته والمراد ما لم
يعاين الموت قاله في الكافي لأنه لا قول له
والوصية قول وظاهره: في الكافر لا فرق بين
الذمي والحربي وفيه احتمال لأنه لا حرمة له
ولا لماله ومقتضاه أنها تصح وصية العبد إن
قلنا: يملك أو اعتق ثم مات بعدها والحاص
أنهاتصح من البالغ العاقل مطلقا قال في
المستوعب: لا يختلف المذهب في هذا والضعيف في
عقله إن منع
(6/4)
ومن السفيه في
أصح الوجهين ومن الصبي العاقل إذا جاوز العشر
ولا تصح ممن له دون السبع وفيما بينهما
روايتان.
__________
ذلك رشده في ماله فهو كالسفيه وإلا فكالعاقل
ذكره في الشرح.
"و" تصح "من السفيه" بمال لا على أولاده "في
أصح الوجهين" وهو قياس قول أحمد قال الخبري هو
قول الأكثرين لأنه انما حجر عليه لحفظ ماله
وليس فيها إضاعة لماله لأنه إن عاش كان ماله
له وان مات فله ثوابه وهو أحوج إليه من غيره
والثاني: لا تصح لأنه محجوز عليه في تصرفاته
فلم تصح منه كالهبة والأول نصره في الشرح بأنه
عاقل مكلف فصحت منه كعبادته.
"ومن الصبي العاقل إذا جاوز العشر" نقله صالح
وحنبل قال ابو بكر: لا يختلف المذهب في صحتها
لما روى سعيد أن صبيا من غسان له عشر سنين
أوصى لأخوال له فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب
فأجاز وصيته وروى مالك في موطأه بإسناده عنه
نحوه وانتشر ولم ينكر ولأنه تصرف تمحض نفعا له
فصح منه كالإسلام والصلاة ولأنه لا يلحقه ضرر
في عاجل دنياه ولا أخراه بخلاف الهبة والعتق
المنجز فإنه تفويت لماله وقيده الخرقي إذا
وافق الحق وهو مراد في جميع الوصايا.
"ولا تصح ممن دون السبع" قال ابو بكر لا يختلف
المذهب فيه لأنه لا تمييز له ولا تصح عبادته
ولا إسلامه وعنه: تصح لسبع كعبادته.
"وفيما بينهما" أي: بين السبع والعشر
"روايتان" أقيسهما أنها تصح لأنه عاقل فيصح
إسلامه ويؤمر بالصلاة وتصح منه كمن جاوز العشر
و الثانية: لا تصح وهي ظاهر الوجيز لأنه ضعيف
الرأي أشبه من له دون السبع ومن الأصحاب
كالقاضي وأبي الخطاب وهو ظاهر نقل الميموني
أنه لا يقيد بسن بل إذا عقل تصح منه وعلم منه
أنه إذا جاوز العشر قبل البلوغ أنها تصح في
المنصوص وعنه: إذا بلغ ثنتي عشرة سنة حكاها
أبن المنذر وهي
(6/5)
ولا تصح من
غيرعاقل كالطفل والمجنون والمبرسم وفي السكران
وجهان وتصح وصية الآخرس بالأشارة ولا تصح وصية
من اعتقل لسانه بها ويحتمل أن تصح.
__________
قول إسحاق وفيه وجه أنها لا تصح منه حتى يبلغ
تبعا لأبن عباس والحسن ومجاهد لأنه تبرع
بالمال فلم تصح منه كالهبة والفرق واضح وهذا
في الصبي واما الجارية فقد نص في رواية حنبل
أنها إذا بلغت تسع سنين.
"ولا تصح من غير عاقل كالطفل" وهو من له ست
سنين فما دونها "والمجنون والمبرسم" وهو قول
الأكثر فيهما وفي المغني لا نعلم أحد قال
بخلافه إلا إياس بن معاوية فإنه أجاز وصية
الصبي والمجنون إذا وافقت الحق وفيه نظر لأنه
لا حكم لكلامهما ولا تصرفهما فالوصية كذلك بل
أولى فإنه إذا لم يصح إسلامه وصلاته التي هي
محض نفع ولا ضرر فيها فأولى أن لا يصح بذله
لمال يتضرر به وارثه لكن إن كان يجن في
الأحيان فأوصى حال إفاقته فإنها تصح لأنه في
حكم العقلاء في شهادته ووجوب العبادة عليه
والمغمى عليه كذلك.
"وفي السكران وجهان" أصحهما لا تصح لأنه غير
عاقل أشبه المجنون وطلاقه إنما وقع تغليظا
عليه لارتكابه المعصية والثاني: يصح بناء على
طلاقه.
"وتصح وصية الآخرس بالأشارة" أي: إذا فهمت
لأنها أقيمت مقام نظقه في طلاقه ولعانه
وغيرهما فإن لم تفهم فلا حكم لها.
"ولا تصح وصية من اعتقل لسانه بها" أي:
بالأشارة المفهمة إذا لم يكن مأيوسا من نطقه
ذكره القاضي وابن عقيل قاله الثوري والأوزاعي
لأنه غير مأيوس من نطقه وكالقادر على الكلام.
"ويحتمل أن يصح" كالأخرس واختاره ابن المنذر
واحتج بأنه عليه السلام صلى وهو قاعد وأشار
إليهم أن يقعدوا رواه البخاري وأخرجه أبن عقيل
وجها إذا اتصل باعتقال لسانه الموت والأول
أشهر والفرق واضح.
(6/6)
وإن وجدت وصيته
بخطه صحت ويحتمل أن لا يصح حتى يشهد عليه بما
فيها.
__________
"وإن وجدت وصيته بخطه" الثابت بإقرار وارثه أو
ببينة "صحت" نص عليه في رواية إسحاق بن
إبراهيم وفيه وعرف خطه وكان مشهور الخط يقبل
ما فيها لقوله عليه السلام: "ما حق امرئ.. "
الخبر فلم يذكر شهادة ولأن الوصية يتسامح فيها
ويصح تعليقها على الخطر والغرر وغيره فجاز أن
يتسامح فيها بقبول الخط كرواية الحديث وكتابة
الطلاق. "ويحتمل ان لا تصح حتى يشهد عليها بما
فيها" هذا رواية عن أحمد وهي قول الحسن وأبي
ثور لأن الحكم لا يجوز برؤية خط الشاهد
بالشهادة فكذا هنا وأبلغ منه الحاكم فلو كتبها
وختمها وأشهد عليه بما فيها لم يصح على المذهب
لأن الشاهد لا يعلم ما فيها فلم يجز أن يشهد
عليه ككتاب القاضي إلى القاضي وفيها رواية
ذكرها الخرقي وهو قول جماعة من التابعين ومن
بعدهم وعليه فقهاء البصرة وقضاتها.
واحتج أبو عبيد بكتب رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى عماله وامرائه في أمر ولايته
وسننه ثم عمل به الخلفاء إلى أعمالهم بالأحكام
التي فيها الدماء والفروج والأموال مختومة لا
يعلم حاملها ما فيها وأمضوها على وجهها وهذا
أولى من المنع لظهور دليله ومن الأصحاب من خرج
في كل مسألة رواية من الأخرى وهذا إذا لم يعلم
رجوعه عنها وإن طالت مدته وتغيرت أحوال الموصي
لأن الأصل بقاؤه فلا يزول حكمه بمجرد الاحتمال
كسائر الأحكام.
فائدة: يستحب أن يكتب وصيته ويشهد عليها لأنه
أحوط لها وأحفظ لما فيها وقد روى سعيد عن فضيل
بن عياض عن هشام بن حسان عن أبن سيرين عن أنس
قال كانوا يكتبون في صدور وصاياهم بسم الله
الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن
الله يبعث من في القبور أوصى من ترك من أهله
أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله
ورسوله إن كانوا
(6/7)
فصل
و الوصية مستحبة لمن ترك خيرا وهو المال
الكثير،
__________
مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه
ويعقوب: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ
الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ } البقرة.
فصل
"والوصية" لا فرق فيها بين الصحة والمرض وعنه:
في الصحة من رأس المال وفي المرض من الثلث
وعلى الأول هي العطية المنجزة تنفذ من جميع
المال وذكر ابن أبي موسى أن المدبر في الصحة
يقدم على المدبر في المرض إذا لم يحملهما
الثلث وذكر القاضي أن الوصية عطية بعد الموت
فلا يجوز فيها إلاالثلث على كل حال.
"وهي مستحبة لمن ترك خيرا" لقوله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ
الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ }
[البقرة:180] نسخ الوجوب وهو المنع من الترك
بقي الرجحان وهو الاستحباب يؤيده ما روى ابن
ماجه عن ابن عمر مرفوعا: "يقول الله يا ابن
آدم جعلت لك نصيبا من مالك حين أخذت بكظمك
لأطهرك وأزكيك" لكنها تجب على من عليه دين أو
واجب غيره وعنه: تجب لكل قريب غير وارث وهذا
قول أبي بكر وفي التبصرة عنه وللمساكين ووجه
البر وظاهره: أنها لا تستحب لمن لم يترك خيرا
لأنه تعالى شرط ترك الخير والمعلق بشرط ينتفي
عند انتفائه ولقوله: "إنك إن تذر ورثتك
اغنياء.." الخبر.
"وهو المال الكثير" واختلف في مقداره فعن أحمد
إذا ترك دون الألف لا تستحب له الوصية فعلم
أنه إذا ترك دون الألف لا تستحب له الوصية
فعلم أنه إذا ترك ألف درهم فصاعدا أنها تسن
وجزم بها في الوجيز وعنه: على أربعمائة دينار
وعن ابن عباس إذا ترك سبعمائة درهم لا يوصي
وقال من ترك ستين دينارا ما ترك خيرا.
(6/8)
بخمس ماله
ويكره لغيره إن كان له ورثة.
__________
وعن طاوس هو ثمانون دينارا وعن النخعي ألف إلى
خمسمائة وفي المغني والشرح انه متى كان
المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لم تستحب
الوصية لما علل به النبي صلى الله عليه وسلم.
فعليه يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم
وقلتهم وغناهم وحاجتهم فلا يتقيد بقدر من
المال.
والأشهر أنها تستحب مع غناه عرفا وقيل: الغني
عرفا من له أكثر من ثلاثة آلاف درهم والمتوسط
من له ثلاثة آلف درهم والأدنى من له دونها.
"بخمس ماله" روى عن أبي بكر وعلي وهو ظاهر قول
السلف قال أبو بكر: رضيت بما رضي الله به
لنفسه يعني في قوله تعالى :{وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال:41] وقال العلاء
بن زياد: أوصي إلي ان أسال العلماء أي: الوصية
أعدل فما تتابعوا عليه فهو وصية فتتبايعوا على
الخمس وقيل: بالثلث للخبر وفي الإفصاح يستحب
بدونه وذكر جماعة بخمسه المتوسط وذكر آخرون أن
من ملك فوق ألف إلى ثلاثة ونقل أبو طالب إن لم
يكن له مال كثير ألفان أو ثلاثة أوصى بالخمس
ولم يضيق على ورثته وإن كان له مال كثير
فبالربع والثلث.
والأفضل أن يجعل وصيته لأقاربه الذين لا يرثون
إذا كانوا فقراء بلا خلاف قاله ابن عبد البر:
فإن وصى لغيرهم وتركهم صحت في قول الجماهير.
"ويكره لغيره" أي: لغير من ترك خيرا وهو
الفقير "إن كان له ورثة" محاويج كذا قيده
جماعة قال في التبصرة رواه أبن منصور لأنه عدل
عن أقاربه المحاويج إلى الأجانب قال الشعبي ما
من مال أعظم أجرا من مال يتركه الرجل لولده
يغنيهم به عن الناس.
واطلق في الغنية استحباب الوصية بالثلث لقريب
فقير لا يرث فإن كان غنيا فلمسكين وعالم ودين
قطعه عن السبب العذر وكذا قيد في المغني
استحبابها
(6/9)
فأما من لا
وارث له فتجوز وصيته بجميع ماله وعنه: لا يجوز
إلا الثلث ولا تجوز لمن له وارث بزيادة على
الثلث لأجنبي ولا لوارثه بشيء إلا بإجازة
الورثة.
__________
لقريب بفقره.
"فأما من لا وارث له فتجوز وصيته بحميع ماله"
وروى عن ابن مسعود وقاله اهل العراق لأن المنع
من الزيادة على الثلث لحق الوارث فإذا عدم وجب
أن يزول المنع لزوال علته أشبه حال الصحة.
"وعنه لا يجوز إلا الثلث" وهو قول الأوزاعي
لأن له من يعقل عنه فلم تنفذه وصيته بأكثر من
الثلث كما لو كان له وارث مع أن المسلمين
يرثونه وهو بيت المال.
فعلى الأول: لو ورثة زوج أو زوجة ورد بطلت
بقدر فرضه من ثلثيه فيأخذ الوصي الثلث ثم ذو
الفرض من ثلثيه ثم تتمم الوصية منهما وقيل: لا
تتمم كوارث بفرض ورد وعليها بيت المال جهة
مصلحة لا وارث ولو وصى أحدهما لآخر فعلى
الأولى كله إرثا ووصية وقيل: لا تصح وعلى
الثانية: ثلث وصية ثم فرضه والبقية لبيت
المال.
تنبيه: ظاهر كلام احمد أنه إذا خلف ذا رحم أنه
لا يمنع الوصية بجميع ماله لقوله ومن أوصى
بجميع ماله ولا عصبة ولا مولى فجائز وذلك لأن
ذا الرحم إرثه كالفضلة أو الصلة بدليل أنها لا
تجب نفقتهم على الصحيح.
وظاهر كلام المؤلف: أنها لا تنفذ فيما زاد على
الثلث لأن له وارثا في الجملة فيدخل في عموم
النص كذي الفرض الذي يحجب بعضهم بعضا.
"ولا تجوز لمن له وارث بزيادة على الثلث
لأجنبي ولالوارثه بشيء إلا بإجازة الورثة"
وجملته أن الوصية لغير وارث تلزم في الثلث من
غير إجازة وما زاد عليه يتوقف على إجازة
الورثة في قول أكثر العلماء يقول النبي صلى
الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟
قال: "لا" قال فالشطر؟ قال: "لا" قال:
(6/10)
إلا أن يوصي
لكل وارث بمعين بقدر ميراثه فهل تصح؟ على
وجهين.
__________
"الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء
خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق
عليه وحديث عمران في المملوكين الستة الذين
أعتقهم المريض وليس له مال سواهم يدل على أنه
لا يصح تصرفه فيما زاد على الثلث إذا لم يجز
الورثة وتجوز بإجازتهم لأن الحق لهم.
وأما الوصية للوارث فكالوصية لغيره بزيادة على
الثلث في أنها تصح بإلاجازة وتبطل بالرد بغير
خلاف قاله ابن المنذر وابن عبد البر لما روى
أبو إمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا
وصية لوارث" رواه أحمد وابو داود والترمذي
وحسنه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا
قال: "لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة" رواه
الدارقطني وقال بعض أصحابنا الوصية باطلة وإن
أجازها الوارث إلا أن يعطوه عطية مبتدأة أخذا
من ظاهر قول أحمد في رواية حنبل لا وصية لوارث
وقاله المزني وغيره لظاهر خبر أبي أمامة
والأكثر على صحتها في نفسها لأنه تصرف صدر من
أهله في محله فصح كالأجنبي والخبر قد خص بخبر
عمر وإن الاستثناء من النفي إثبات فيكون دليلا
على الصحة عند الإجازة ولو خلا من الاستثناء
جاز أن يكون معناه لا وصية نافذة أو لازمة
ونحوهما أو يقدر لا وصية لوارث عند عدم
الإجازة.
وفائدة الخلاف أنها إن كانت صحيحة فأجازتهم
تنفيذ وإلا هبة مبتدأة ويستثنى من ذلك إذا
أوصى بوقف ثلثه على بعض الورثة فإنه يصح نص
عليه وحاصلة أنها تكره لغير وارث بأكثر من
الثلث وتصح وتلزم بالإجازة.
وعنه تحرم الزيادة عليه فتبطل وحدها ولا يجوز
لوارث بثلثه نص عليه وفي التبصرة تكره وتصح
على الأصح بالإجازة.
"إلا أن يوصي لكل وارث بمعين بقدر ميراثه" كمن
خلف ابنا وبنتا وعبدا قيمته مائة وأمه قيمتها
خمسون فأوصى للابن بالعبد وللبنت بالأمة "فهل
تصح؟ على وجهين" كذا أطلقهما جماعة أشهرهما
أنها تصح لأن حق الوارث في القدر
(6/11)
وإن لم يف
الثلث بالوصايا تحاصوا فيه وأدخل النقص على كل
واحد وعنه: يقدم العتق.
__________
لا في العين بدليل ما لو عارض المريض بعض
ورثته أو أجنبيا فإنه يصح إذا كان بثمن المثل
وإن تضمن فوات عين المال.
والثاني: لا يصح إلا بإجازة كل منهما للآخر
لأن في الأعيان غرضا صحيحا فلا يجوز إبطال حقه
منها كما لا يجوز إبطاله من القدر وكذا وقفه
بالإجازة ولو كان الوارث واحدا.
"وإن لم يف الثلث بالوصايا تحاصوا فيه وأدخل
النقص على كل واحد بقدر وصيته" لأنهم تساووا
في الأصل وتفاوتوا في المقدار فوجب أن يكون
كذلك كمسائل العول.
ولا فرق فيه بين العتق وغيره فلو وصى لرجل
بثلث ماله ولآخر بمائة والثالث بمعين قيمته
خمسون ولفداء أسير بثلاثين ولعمارة مسجد
بعشرين وثلث ماله مائة فجمعت الوصايا كلها
فبلغت ثلاثمئة فنسبت منها الثلث فكان ثلثها
فيعطي كل واحد ثلث وصيته.
"وعنه يقدم العتق" وما فضل يقسم بين سائر
الوصايا على قدرها وهي قول عمر وشريح والثوري
لأن فيه حقا لله تعالى وللآدمي فكان آكد لأنه
لا يلحقه فسخ وهو أقوى بدليل سرايته ونفوذه من
المراهق المفلس والعطايا المعلقة بالموت
كالوصايا في هذا.
فرع: إذا أوصى بعتق عبد بعينه لزم الوارث
إعتاقه ولم يعتق إلا بإعتاقه فإن امتنع أجبره
الحاكم فإن أعتقه أو الحاكم فهو حر من حين
أعتقه وولاؤه للموصي لأنه السبب وكسبه بين
الموت والعتق إرث وذكر جماعة له وفي الفروع
ويتوجه مثله في موصي يوقفه وفي الروضة الموصي
بعتقه ليس بمدبر وله حكم المدبر في كل أحكامه.
مسألة: إذا أسقط عن وارثه دينا أو وصى بقضاء
دينه أو أسقطت صداقها
(6/12)
وإن أجاز
الورثة الوصية وإجازتهم تنفيذ في الصحيح من
المذهب ولا تفتقر إلى شروط الهبة ولا تثبت
أحكامها فيها فلو كان المجيز أبا للمجاز له لم
يكن له الرجوع فيه ولو كان المجاز عتقا كان
الولاء للموصي يختص به عصبته ولو كان وقفا على
المجيزين صح.
__________
عن زوجها أو عفا عن جناية موجبة للمال فهو
كالوصية وإن وصى لغريم الوارث أو وهب له هبة
صح كما لو أوصى لولد الوارث فإن قصد نفع
الوارث لم يجز فيما بينه وبين الله تعالى.
"وإن أجاز الورثة الوصية" بعد موت الموصي
وعنه: وقبله في مرضه خرجها القاضي أبو حازم من
إذن الشفيع في الشراء ذكره في النوادر واختاره
أبن حمدان والشيخ تقي الدين "جازت" بغير خلاف
لأن الحق لهم فجازت بإجازتهم كما تبطل بردهم.
وسواء كانت الوصية لوارث أو بزيادة على الثلث
لأجنبي وفيه رواية أنها لا تجوز لوارث.
"وإجازتهم تنفيذ في الصحيح من المذهب" لأنها
إمضاء لقول الموروث ولا معنى للتنفيذ إلا ذلك
فيكفي لفظها وهو أجزت وكذا أمضيت أو نفذت فإذا
وجد شيء منها لزمت الوصية وإن لم يقبل الموصي
له في المجلس.
"لا تفتقر إلى شروط الهبة ولا تثبت أحكامها
فيها" أي: أحكام الهبة لأنها ليست بهبه "فلو
كان المجيز أبا للمجاز له" كمن أوصى لولد ولده
مع وجوده "لم يكن له" أي: للأب "الرجوع فيه"
لأن الأب إنما يرجع فيما وهب لا فيما وهبه
غيره.
"ولو كان المجاز عتقا" بأن اعتق عبدا لا مال
له سواه أو وصى بعتقه فأعتقوه نفذ العتق في
ثلثه ووقف عتق الباقي على إجازتهم فإن أجازوه
عتق جميعه "وكان الولاء للموصى" لأنه الذي هو
أعتقه "يختص به عصبته" كما لو أعتقه في صحته
"ولو كان وقفا على المجيزين" كالوقف على
أولاده "صح" أي:
(6/13)
وعنه ما يدل
على أن الإجازة هبة فتنعكس هذه الأحكام.
__________
الوقف رواية واحدة لأن الواقف عليهم أبوهم.
"وعنه: ما يدل على أن الإجازة هبة" أخذا من
إطلاقه في رواية حنبل لا وصية لوارث وظاهره:
نفي الوصية مطلقا فتكون إجازتهم ابتداء عطية
وأطلقهما أبو الفرج وخصها في الانتصار بالوارث
"فتنعكس هذه الأحكام" فيفتقر إلى شروط الهبة
من القبض ونحوه. وللأب الرجوع في جميع ما وصى
به لابنه ويكون الولاء مشتركا بين العصبة
وغيرهم من الورثة والوقف ينبني على صحة وقف
الإنسان على نفسه وكلام القاضي يقتضي أن في
صحتها بلفظ الإجازة إذا قلنا: هي هبة وجهين
قال المجد والصحة ظاهر المذهب وهذا إنما يظهر
في الزائد على الثلث ولهذا قيل الخلاف مبنى
على أن الوصية بالزائد على الثلث هل هو باطل
أو موقوف على الإجازة وقيل: الخلاف مبني على
القول بالصحة وأما على البطلان فلا معنى
للتنفيذ وهو أشبه.
وقرر الشيخ تقي الدين: أن الوارث إذا أسقط حقه
قبل القسمة فإنه يسقط وطرد هذا في الأعيان
المشاعة كالغانم إذا اسقط حقه من الغنيمة
والموقوف عليه إذا أسقط حقه في الوقف والمضارب
اذا اسقط حقه في الربح.
فوائد أخر: منها: إذا أوصى بمجهول فأجازه
الوارث فإن قلنا: هي تنفيذ صحت وإلا فوجهان:
ومنها: لو حلف لا يهب فأجاز فإن قلنا: هي عطية
حنث وإلا فلا.
ومنها: إجازة المفلس فقال في المغني إنها
نافذة على القول بالتنفيذ ويخرج على قول
القاضي خلافه لأنه ليس من أهل التبرع.
ومنها: أن ما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز
هل يزاحم بالزائد ما لم يجاوزه هو مبني على
هذا الاختلاف ذكره المجد قال الشيخ زيد الدين
ابن رجب وأشكل توجيهه على الأصحاب وهو واضح
فإنه إذا كانت معاً
(6/14)
ومن أوصى له
وهو في الظاهر وارث فصار عند الموت غير وارث
صحت الوصية له وان أوصى له وهو غير وارث فصار
عند الموت وارثا بطلت لأن اعتبار الوصية
بالموت.
__________
وصيتان إحداهما مجاوزة للثلث و الأخرى لا
تجاوزه كنصف وثلث فأجاز الورثة الوصية
المجاوزة للثلث خاصة فإن قلنا: الإجازة تنفيذ
زاحم صاحب النصف صاحب الثلث بنصف كامل فيقسم
الثلث بينهما على خمسة لصاحب النصف ثلاثة
أخماسه وللآخر خمساه ثم يكمل لصاحب النصف نصفه
بالإجازة.
وإن قلنا: هي عطية فإنما يزاحمه بثلث خاصة إذا
الزيادة عليه عطية محضة من الورثة لم تتلق من
الميت فلا تزاحم به الوصايا فيقسم الثلث
بينهما نصفين ثم يكمل لصاحب النصف ثلثه
بالإجازة.
"ومن أوصى له وهو في الظاهر وارث" كمن أوصى
لأحد إخوته "فصار عند الموت غير وارث" بسبب
تجدد ابن للموصي "صحت الوصية له لأن الأخ عند
الموت ليس بوارث والاعتبار في الوصية بالموت
لانه الحال الذي يحصل به الانتقال الى الوارث
والموصي له التصحيح أنها صحيحة في الثلث وما
زاد عليه موقوف على الإجازة.
"وان أوصى له وهو غيروارث" كمن أوصى لأخيه مع
وجود ابنه "فصار عند الموت وارثا بطلت" وحكاه
في الرعاية قولا والمذهب أنها لا تصح إلا
بإجازة بقية الورثة "لأن اعتبار الوصية
بالموت" بغير خلاف نعلمه فلو وصى لثلاثة أخوة
له مفترقين ولا ولد له ومات لم تصح الوصية
لغير الأخ من الأب إلا بإجازة الورثة وإن ولد
له ابن صحت الوصية للجميع من غير إجازة إذا لم
تتجاوز الثلث وإن ولد له بنت جازت الوصية بغير
الأخ من الأبوين فيكون لهما ثلثا الموصي
بينهما.
فرع: لو وصى لامرأة أجنبية وأوصت له ثم تزوجها
لم تجز وصيتها إلا بإلاجازة وإن أوصى أحدهما
للآخر ثم طلقها جازت الوصية لأنه صار غير
(6/15)
ولا تصح
إجازتهم وردهم إلا بعد موت الموصي وما قبل ذلك
لا عبرة به ومن أجاز الوصية ثم قال إنما أجزت
لأنني ظننت المال قليلا فالقول قوله مع يمينه
وله الرجوع بما زاد على ظنه في أظهر الوجهين.
__________
وارث إلا أنه إن طلقها في مرض موته فقياس
المذهب أنها لا تعطي أكثر من ميراثها لأنه
متهم أنه طلقها ليوصل اليها ماله بالوصية فلم
ينفذ كما لو طلقها في مرض موته وأوصى لها
بأكثر من ميراثها.
"ولا تصح إجازتهم وردهم إلا بعد موت الموصي"
نص عليه لأنه حق لهم حينئذ فتصح منهم الإجازة
والرد كسائر الحقوق "وما قبل ذلك لا عبرة به"
هذا زيادة إيضاح فدل على أن الحق لم يملكوه
فلم تصح منهم ما ذكر كالمرأة تسقط مهرها قبل
النكاح والشفيع يسقط شفعته قبل البيع وقد سبق.
فرع: لا تصح الإجازة والرد إلا من جائز التصرف
وتقدم الخلاف في المفلس والسفيه "ومن أجاز
الوصية" كما إذا كانت بجزء مشاع زائد على
الثلث "ثم قال إنما أجزت لأنني ظننت المال
قليلا" كما إذا أوصى بنصف ماله فأجازه الوارث
وكان المال ستة آلاف فقال ظننته ثلاثة آلاف
"فالقول قوله" لأن الإجازة إما تنفيذ أو هبة
وكلاهما لا يجوز في المجهول "مع يمينه" لأنه
يحتمل كذبه "وله الرجوع بما زاد على ظنه في
أظهر الوجهين" جزم به في الوجيز فعلى هذا يرجع
بخمسمئة لأنه رضي بإجازة الوصية على الزائد
على الثلث خمسمئة فكانت ألفا فيرجع بخمسمئة
فيحصل للموصي له ألفان وخمسمئة والثاني: أنه
لا يقبل قوله لأنه أجاز عقدا له الخيار في
فسخه فبطل خياره كما لو أجاز البيع من له
الخيار في فسخه بعيب أو خيار "إلا أن تقوم به
بينة" تشهد باعترافه بقدره أو يكون المال
ظاهرا لا يخفي عليه لم يقبل قوله إذا قلنا:
الإجازة تنفيذ وإن قلنا: هي هبة فله الرجوع
فيما يجوز الرجوع في الهبة في مثله.
ومن الأصحاب كالقاضي والمجد بنى هذه المسألة
على أنه يعتبر أن يكون المجاز معلوما للمجيز
أم لا فذكر المجد أنه لو أجاز قدرا مستويا من
المال ثم قال: ظننت
(6/16)
إلا أن تقوم به
بينه وإن كان المجاز عينا فقال ظننت باقي
المال كثيرا لم يقبل قوله في أظهر الوجهين.
__________
المال قليلا أنه لا يقبل قوله ولا تنافي
بينهما لوجهين أحدهما أن صحة إجازة المجهول لا
تنافي ثبوت الرجوع فيه إذا تبين فيه ضرر على
المجيز لم يعلم استدراكا لظلامته كما نقول
فيمن أسقط شفعته لمعنى ثم بان بخلافة فإن له
العود إليها فكذلك هنا إذا أجاز الجزء الموصى
به يظنه قليلا فبان كثيرا فله الرجوع بما زاد
على ظنه.
والثاتي: أنه إذا اعتقد أن النصف الموصى به
مثلا مئة وخمسون درهما ثم بان ألفا فهو إنما
أجاز خمسين لم يجز أكثر منها فلا يجوز أكثر
منها فلا تنفذ إجازته في غيرها وهذا بخلاف ما
إذا جاز النصف.
"وإن كان المجاز عينا" كعبد تزيد قيمته على
الثلث "فقال: ظننت باقي المال كثيرا لم يقبل
قوله في أظهر الوجهين" لأن العبد معلوم لا
جهالة فيه.
والثاتي: أنه يملك الفسخ لأنه قد يسمح بذلك
ظنا منه أنه يبقى له من المال ما يكفيه فإذا
بان خلاف ذلك لحقه الضرر في الإجازة فملك
الفسخ كالأولى.
وقيل: يصح وجها واحدا لأن المجاز معلوم وكذا
الخلاف فيما إذا كان المجاز مبلغا معلوما فلو
كان العبد قيمته ستمئة فيجيز الوصية بناء على
أن المال ألف مثلا ثم تبين أنه ستمئة فيدعي
أنه إنما أجاز بناء على ذلك فعلى الأول
والثالث جميع العبد للموصى له وعلى الثاني
ثلثا العبد وتسعه لأن له ثلث المال بالأصل وهو
أربعمئة وقد أجاز له ستة وستين وثلثين لأن ذلك
هو ما بين الألف وستمئة المظنونة قيمة العبد.
قال الشيخ تقي الدين: فإن قال: ظننت أن قيمته
ألف فبان أكثر قبل وليس نقصا لصحة الإجازة
ببينة أو إقرار قال: وإن أجاز وقال: أردت أصل
الوصية قبل.
(6/17)
ولا يثبت الملك
للموصي له إلا بالقبول بعد الموت فأما قبوله
ورده قبل الموت فلا عبرة به فإن مات الموصي له
قبل موت الموصي بطلت الوصية وإن ردها بعده
بطلت أيضا.
__________
"ولا يثبت الملك للموصي له إلا بالقبول بعد
الموت" أي: إذا كانت لمعين يمكن القبول منه في
قول جمهور الفقهاء لأنه تمليك مال فاعتبر
قبوله كالهبة قال أحمد الهبة والوصية واحدة
ولا يتعين القبول باللفظ بل يحصل به وبما قام
مقام كالهبة والبيع.
ويجوز القبول على التراخي كالفور وحينئذ الملك
له شرطان الأول القبول الثاني أن يكون القبول
بعد موت الموصي لأنه قبل ذلك لم يثبت له حق
فأما إن كانت لغير معين كالفقراء أو لا يمكن
حصرهم كبني تميم أو على مصلحة مسجد أو حج لم
يفتقر إلى قبول ولزمت بمجرد الموت لأن اعتبار
القبول منهم متعذر فسقط اعتباره كالوقف عليهم
ولا يتعين واحد منهم فيكتفي به ولو كان فيهم
ذو رحم من الموصي له كمن أوصى بعبد للفقراء
وأبوه منهم لم يعتق عليه لأن الملك لا يثبت
لكل منهم إلا بالقبض.
"فأما قبوله ورده قبل الموت فلا عبرة به" لأنه
لم يثبت له حق "فإن مات الموصي له قبل موت
الموصي بطلت الوصية" في قول أكثر العلماء
لأنها عطية صادفت المعطي ميتا فلم تصح كما لو
وهب ميتا إلا أن يكون أوصى بقضاء دينه فلا
تبطل قاله الحارثي وغيره
"وإن ردها بعده بطلت أيضا" للرد أحوال.
منها: أن يردها قبل موت الموصي فلا يصح الرد
وقد ذكره لأن الوصية لم تقع بعد أشبه رد
المبيع قبل إيجاب البيع ولأنه ليس بمحل للقبول
ومنها: أن يردها بعد الموت وقبل القبول وهي
مسألة: المتن فيصح الرد وتبطل الوصية بغير
خلاف نعلمه لأنه أسقط حقه في حالة يملك قبوله
وأخذه أشبه عفو الشفيع عنها بعد البيع.
(6/18)
وإن مات بعده
وقبل الرد والقبول أقام وارثه مقامه ذكره
الخرقي و قال القاضي: تبطل الوصية في قياس
قوله.
__________
ومنها: أن يرد بعد القبول والقبض فلا يصح الرد
لأن ملكه قد استقر عليه أشبه رده كسائر أملاكه
إلا أن ترضى الورثة بذلك فتكون هبة منه لهم
يفتقر إلى شروطها.
ومنها: أن يرد بعد القبول وقبل القبض فلا يصح
الرد لأن الملك يحصل فيه بالقبول من غير قبض
وقيل: يصح فيما كيل أو وزن دون المعين في
الأشهر فيهما وقيل: يصح مطلقا بناء على أن
القبض معتبر فيه فإن لم يقبل فكمتحجر مواتا
أي: للورثة مطالبته بأحدهما فإن امتنع حكم
عليه بالرد وسقط حقه منها وكل موضع صح الرد
قبل القبول أو القبض فالمردود إرث وليس له رده
إذن إلى بعض الورثة ولا إلى غيرهم وإذا امتنع
الرد بعد القبول والقبض فله هبته وتمليكه
لوارث وغيره.
فرع: يحصل الرد بقوله رددت الوصية وكذا لا
أقبلها قال أحمد إذا أوصى لرجل بألف فقال لا
أقبلها فهي لورثته.
"وإن مات بعده وقبل الرد والقبول أقام وارثه
مقامه ذكره الخرقي" قدمه في الفروع وجزم به في
الوجيز لأنه حق ثبت للموروث فينتقل إلى الوارث
بعد موته ولقوله عليه السلام: "من ترك حقا
فلورثته" وكخيار العيب.
ثم إن كان الوارث جماعة اعتبر القبول والرد من
جميعهم وإن رد بعض وقبل آخر وترتب على كل حكمه
فإن كان فيهم موليا عليه تقيد وليه بفعل الأحظ
"و قال القاضي: تبطل الوصية" وهو رواية لأنها
تفتقر إلى القبول فإذا مات قبله بطلت كالهبة
"في قياس قوله" أي: قول الإمام لأنه خيار لا
يعتاض عنه فبطل كخيار المجلس والشرط والشفعة
نص عليه وهذا مثله.
وحكى في المغني والشرح البطلان عن ابن حامد
وان القاضي قال: هو
(6/19)
وإن قبلها بعد
الموت ثبت الملك حين القبول في الصحيح فما حدث
قبله من نماء منفصل فهو لورثته وإن كان متصلا
تبعها.
__________
قياس المذهب.
"وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك" للموصى له
"حين القبول في الصحيح" من المذهب أومأ إليه
أحمد وهو قول أهل العراق لأنه تمليك عين لمعين
تفتقر إلى القبول فلم يسبق الملك القبول كسائر
العقود والقبول من تمام السبب والحكم لا يتقدم
سببه ولا شرطه
وفيه وجه آخر ذكره أبو الخطاب وقدمه في
الرعاية أنه إذا قبل تبينا أن الملك ثبت حين
موت الموصي لأن ما وجب انتقاله بالقبول وجب
انتقاله من جهة الموجب عند الإيجاب كالهبة.
واختار أبو بكر أن الملك يقف مراعى وعلى الأول
هل هي قبل القبول على ملك الميت أو الورثة فيه
وجهان ونص أحمد في مواضع أنه لا يعتبر له
القبول فيملكه قهرا كالميراث وحكاه الحلواني
عن الأصحاب ولهذا الاختلاف فوائد نبه المؤلف
على بعضها
"فما حدث قبله" أي: قبل القبول "من نماء
منفصل" كالولد والثمرة فهو لورثته لأنه ملكهم
فعلى هذا يزكونه وقيل: للميت.
وقيل: منذ مات الوصي فيزكيه وفي القواعد أن
النماء المنفصل إن قلنا: هو على ملك الموصي له
فهو له لا يحسب عليه من الثلث وإن قلنا: هو
ملك الميت فتتوفر به التركة فيزداد به الثلث
وإن قلنا: على ملك الورثة فنماؤه لهم خاصة
وذكر القاضي في خلافه ان ملك الموصى له لا
يتقدم القبول وأن النماء قبله للورثة مع أن
العين باقية على حكم مال الميت فلا يتوفر به
الثلث لأنه لم يكن ملكا له حين الموت.
"وإن كان متصلا تبعها" كما يتبع في العقود
والفسوخ.
(6/20)
وإن كانت
الوصية بأمة فوطئها الوارث قبل القبول فأولدها
صارت أم ولد له ولا مهر عليه وولده حر لا
يلزمه قيمته وعليه قيمتها للموصي وإن وصى له
بزوجته فأولدها قبل القبول لم تصر أم ولد له
وولده رقيق ومن أوصى له بأبيه فمات قبل القبول
فقبل ابنه وعتق الموصى به حينئذ ولم يرث شيئا
فتنعكس هذه الأحكام.
__________
"وإن كانت الوصية بأمة فوطئها الوارث قبل
القبول" أي: قبول الموصى له "فأولدها صارت أم
ولدله" لأنه وطئ مملوكته ولا مهر عليه لأن
الإنسان لا يجب عليه مهر من وطء مملوكته وولده
حر لأنه وطئها في ملكه "لا يلزمه قيمته" لأنه
لاحق فيه لأحد بل انعقد حرا.
"وعليه قيمتها للموصي" إذا قبلها لأنه فوتها
عليه أشبه ما لو أتلفها لا يقال كيف قضيتم هنا
بعتقها وهي لا تعتق بإعتاقه لأن الاستيلاد
أقوى بدليل نفوذه من المجنون والمراهق والشريك
المعسر وان لم ينفذ اعتاقهم لكن اذا وطئها
الموصى له قبل قبولها كان ذلك قبولا لها ويثبت
الملك له كوطء من له الخيار.
"وإن وصى له بزوجته فأولدها قبل القبول لم تصر
أم ولد له" لأنها لم تصر ملكا له بعد "وولده
رقيق" لأنه من وطء في ملك غيره "ومن أوصى له
بأبيه فمات" الموصي له "قبل القبول فقبل ابنه"
صح "وعتق الموصى به" وهو الجد "حينئذ" أي: حين
القبول "ولم يرث" من أبنه "شيئا" لأن حريته
إنما حدثت حين القبول بعد أن صار الميراث
لغيره
"ويحتمل أن يثبت الملك حين الموت" كالبيع
"فتنعكس هذه الأحكام" فيكون النماء المنفصل
للموصى له كالمتصل لأنه نماء ملكه.
وفي الثانية: أنها لا تصير أم ولد له لأنه وطء
في غير ملك وهي باقية على الرق وعليه المهر
لأنه وطء مملوكة غيره وولده رقيق لما ذكرنا.
وفي الثالثة: يكون حر الأصل ولا ولاء عليه
وأمه أم ولد لأنها علقت منه بحر في ملكه.
(6/21)
__________
وفي الرابعة: تثبت حريته من حين موت الموصي
ويرث من ابنه السدس وللخلاف فوائد أخرى:
منها: الو أوصى بأمه لزوجها فلم يعلم حتى
أولدها ثم قبلها فإن قيل يملكها بالموت فولده
حر وهي أم ولده ويبطل نكاحه بالموت وإن قيل لا
يملكها إلا بعد القبول فنكاحه باق قبل القبول
وولده رقيق للوارث.
ومنها: لو زوج أمته بابنه ثم وصى بها لآخر وهي
تخرج من الثلث لم ينفسخ نكاح الابن وعلى
الثاني عكسه.
ومنها: لو وصى لرجل بأرض فبنى الوارث فيها أو
غرس قبل القبول ثم قبل ففي الإرشاد إن كان
الوارث عالما بالوصية قلع غرسه وبناؤه مجانا
وإن كان جاهلا فوجهان قال في القواعد وهذا
متوجه على القول بالملك بالموت أما إن قيل
إنها قبل القبول على ملك الوارث فهو كبناء
مشتري الشقص المشفوع وغرسه فيكون محترما يتملك
بقيمته.
ومنها: لو بيع شقص في تركة الورثة والموصى له
قبل قبوله فإن قلنا: الملك له من حين الموت
فهو شريك للورثة في الشفعة وإلا فلا حق له
فيها ومنها جريانه من حين الموت في حول الزكاة
فإن قلنا: يملكه الموصى له جرى في حوله فإن
قلنا: للورثة فهل يجري في حولهم حتى لو تأخر
القبول سنة كانت زكاته عليهم أم لا لضعف ملكهم
فيه وتزلزله وتعلق حق الموصى له به فهو كمال
المكاتب فيه تردد ومنها لو نقص الموصى به في
سعر أو صفة فذكر جماعة أنه يقوم بسعره وقت
الموت وفي المحرر إن قلنا: يملكه بالموت
اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على
أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول لأن
الزيادة حصلت في ملكه فلا تحسب عليه والنقص لم
يدخل في ضمانه وإن قلنا: يملكه من حين القبول
اعتبرت قيمته يوم القبول سعرا وصفة لأنه لم
يملكه قبل ذلك وذكر الخرقي ونص عليه أنه
(6/22)
فصل: ويجوز
الرجوع في الوصية فإذا قال قد رجعت في وصيتي
أو: أبطلتها ونحو ذلك بطلت فإن قال: في الموصي
به هذا لورثتي أو: ما أوصيت به لفلان كان
رجوعا وأن وصى به لآخر ولم يقل ذلك فهو
بينهما.
__________
تعتبر قيمته يوم الوصية ولم يحك في المغني
خلافا فظاهره أنه يعتبر سعره بيوم الموت على
الوجوه كلها لأن حقه تعلق بالموصى به تعلقا
قطع تصرف الورثة فيه فيكون ضمانه عليه كالعبد
الجاني.
فصل
"ويجوز الرجوع في الوصية" لقول عمر: يغير
الرجل ما شاء في وصيته وهو اتفاق في غير
الوصية بالعتق ولأنها عطية تنجز بالموت فجاز
له الرجوع عنها قبل تنجيزها كهبة ما يفتقر إلى
القبض قبل قبضه وقال الشعبي وغيره: يغير ما
شاء منها إلا العتق لأنه اعتاق بعد الموت فلم
يملك تغييره كالتدبير وجوابه بالمنع ولو سلم
فالوصية تفارق التدبير فإنه تعليق على شرط فلم
يملك تغييره كتعليقه على صفة في الحياة.
"فإذا قال: رجعت في وصيتي أو: أبطلتها أو نحو
ذلك" كـ:غيرتها أو فسختها "بطلت" لأنه صريح في
الرجوع.
"فإن قال: في الموصى به هذا لورثتي" لأن ذلك
ينافي كونه وصية "أو" قال: "ما أوصيت به لفلان
كان رجوعا" بغير خلاف نعلمه لرجوعه عن الأول
وصرفه إلى الثاني أشبه ما لو صرح بالرجوع.
"وإن وصى به لآخر ولم يقل ذلك فهو بينهما" في
قول الجمهور لتعلق حق كل واحد منهما على
السواء فوجب أن يشتركا فيه كما لو قال: هو
بينهما وقيل: للثاني ونقل الأثرم يؤخذ بآخر
الوصية وهو قول عطاء وطاووس لأن الثانية:
تنافي الأولى فإذا أتى بها كان رجوعا كما لو
قال هذا لورثتي ورد بالفرق وفي التبصرة للأول
وأيهما مات فهو للآخر؛
(6/23)
وإن باعه أو
وهبه أو رهنه كان رجوعا وان كاتبه او دبره او
جحد الوصية فعلى وجهين وان خلطه بغيره على وجه
لا يتميز او ازال اسمه فطحن الحنطة او خبز
الدقيق او جعل الخبز فتيتا او نسج الغزل او
نجر الخشبة بابا ونحوه او انهدمت الدار وزال
اسمها فقال القاضي: هو رجوع.
__________
لأنه اشترك تزاحم.
فرع: لو وصى بثلثه لرجل ثم بثلثه لآخر
فمتغايران وفي الرد يقسم بينهما ولو وصى بجميع
ماله لرجل ثم وصى به لآخر فهو بينهما.
"وإن باعه او وهبه او رهنه كان رجوعا" لأنه
أزال ملكه عنه وذلك ينافي الوصية والرهن يراد
للبيع أشبه ما لو باعه ولأن الوصية تنقل الملك
حين الموت وذلك بقيمة القابلية له والقابلية
للنقل غير موجودة فيما رهنه وكذا إن كان ثوبا
ففصله ولبسه أو جارية فأحبلها أو أولدها.
"وإن كاتبه أو دبره أو جحد الوصية" أو اوجبه
في بيع هبة فلم يقبل أو عرضه في بيع أو رهن أو
وصي ببيعه او هبته "فعلى وجهين" أصحهما أنه
رجوع لأن الكتابة والتدبير أقوى من الوصية
لأنه يتنجز بالموت فيسبق أخذ الموصى له وجحدها
ظاهر في الرجوع وفي الباقي يدل على اختياره
الرجوع.
والثاتي: لا يكون رجوعا لأن الكتابة والتدبير
لا يخرج بهما عن ملكه والوصية عقد فلا تبطل
بالجحود كسائر العقود وكإيجاره وتزويجه ولبسه
وسكناه وهذا كله إذا كانت بمعين فإذا كانت
بثلث ماله فيتلف أو بيعه ثم يملك مالا آخر فهي
باقية وليس برجوع.
"وإن خلطه بغيره على وجه لا يتميز" ولا ينفصل
عنه غالبا قاله في الرعاية "أو أزال اسمه فطحن
الحنطة أو خبز الدقيق أو جعل الخبز فتيتا أو
نسج الغزل أو نجر الخشبة بابا ونحوه أو انهدمت
الدار وزال اسمها فقال القاضي: هو رجوع" صححه
في المحرر وجزم به في الوجيز لأنه أزال
(6/24)
وذكر أبو
الخطاب فيه وجهين وإن وصى له بقفيز من صبره ثم
خلط الصبرة بأخرى لم يكن رجوعا فإن زاد في
الدار عمارة أو إنهدم بعضها فهل يستحقه الموصى
له على وجهين.
__________
اسمه وأخرجه عن دخوله في الاسم الدال على
الموصى به.
"وذكر أبو الخطاب فيه وجهين" أحدهما أنه رجوع
وقاله أكثر العلماء ونصره في الشرح والثاني:
واختاره أبو الخطاب إنه ليس برجوع لأن الموصى
به باق أشبه غسل الثوب وهو لا يسمى غزلا كما
لا يسمى الغزال كتانا وكذا الخلاف إذا ضرب
البقرة أو ذبح الشاة أو بني أو غرس ذكرهما ابن
رزين في وطئه.
فرع: إذا حدث بالموص به ما يزيل اسمه من غير
فعل الموصي كالحب إذا سقط وصار زرعا والدار
إذا انهدمت وصارت فضاء فوجهان أشهرهما البطلان
لأن الباقي لا يتناوله الاسم.
"وإن وصى له بقفيز من صبرة ثم خلط الصبرة
بأخرى لم يكن رجوعا" لأنه كان مشاعا وبقي على
إشاعته وسواء خلطها بمثلها أو دونها أو خير
منها وقيل: إن خلطها بخير منها كان رجوعا
وقدمه في الفروع لأنه لا يمكنه تسليم الموصى
به الا بتسليم خير منه ولا يجب على الوارث
تسليم خير منه فصار متعذر التسليم.
"فإن زاد" الموصي "في الدار عمارة أو انهدم
بعضها" في حياة الموصي "فهل يستحقه الموصى له؟
على وجهين" كذا أطلقهما في الفروع في الزيادة
أحدهما لا يستحقه لأن الزيادة لم تتناولها
الوصية والأنقاض لا تدخل في مسمى الدار وإنما
يتبع في الوصية ما يتبعها البيع.
والثاتي: يستحقها قدمه في الحاشية لأن الزيادة
تابعة كالسمن والمنهدم قد دخل في الوصية فتبقى
الوصية ببقائها والمذهب أن زيادة الموصى فيها
للورثة دون المنهدم وقال ابن حمدان: الأنقاض
أو العمارة إرث وقيل: إن صارت
(6/25)
وإن وصى لرجل
بمعين ثم قال إن قدم فلان فهو له فقدم في حياة
الموصى فهو له وإن قدم بعد موته فهو للأول في
أحد الوجهين وفي الآخر فهو للقادم.
فصل: و يخرج الواجبات من رأس المال أوصى بها
أو لم يوص.
__________
فضاء في حياة الموصي بطلت الوصية وإن بقي
اسمها أخذها لا ما انفصل منها
فرع: إذا بنى فيها الوارث وقد خرجت من الثلث
رجع على الموصى له بقيمة البناء وقيل: لا يرجع
وعليه أرش ما نقص من الدار عما كانت عليه قبل
عمارته وإن جهل الوصية فله قيمة بنائه غير
مقلوع.
فائدة: نقل الحسن بن ثواب عن أحمد في رجل قال
ثلثي لفلان ويعطي فلان منه مائة في كل شهر إلى
أن يموت فهو للآخر منهما ويعطى هذا مئة في كل
شهر فإن مات وفضل شيء رد إلى صاحب الثلث فحكم
بصحة الوصية وإنفاذها على ماأمر به الموصي
"وإن وصى لرجل بمعين ثم قال إن قدم فلان فهو
له فقدم في حياة الموصى فهو له" لأنه جعله له
بشرط قدومه وقد وجد "وإن قدم بعد موته فهو
للأول في أحد الوجهين" جزم به في الوجيز وهو
ظاهر الفروع وصححه أبن المنجا لأنه لما مات
قبل قدومه انتقل إلى الأول لعدم الشرط في
الثاني وقدوم الثاني بعد ملك الأول له وانقطاع
حق الموصى منه فبقي للأول "وفي الآخر فهو
للقادم" لأنه مشروط له بقدومه وقد وجد أشبه ما
لو قال إن حملت نخلتي بعد موتي فهو لفلان
فحملت بعد موته فإنه يستحق حملها بعد ملك
الورثة لأصلها.
فصل
"ويخرج الواجبات" كقضاء الدين والزكاة والحج
"من راس المال أوصى بها أو لم يوص" لقوله
تعالى :{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا
أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11] ولقول علي: قضى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية
رواه الترمذي ولأن حق
(6/26)
وإن وصى معهما
يتبرع اعتبر الثلث من الباقي فإن قال: اخرجوا
الواجب من ثلثي فقال القاضي: يبدأ به فإن فضل
من الثلث شيء فهو لصاحب التبرع.
__________
الورثة إنما هو بعد أداء الدين وقد حكى
القرطبي الإجماع على تقديم الدين على الوصية
إلا ما حكى عن أبي ثور أنه قدمها عليه حكاه
العبدري والحكمة في تقديمها في الآية أن
الوصية لما أشبهت الميراث في كونها بلا عوض
فكان إخراجها مشقة على الوارث فقدمت حثا على
إخراجها قال الزمخشري: ولذلك جيء بكلمة أو
التي للتسوية أي: فيستويان في الاهتمام وعدم
التضييع وإن كان مقدما عليها وقال السبهلي:
لما كانت الوصية طاعة غالبا لمنفعة وهو مذموم
في غالب أحواله وقد تعوذ منه عليه السلام فبدأ
بالأفضل وقال ابن عطية: الوصية غالبا تكون
للضعاف فقوي جانبها بالتقديم في الذكر لئلا
يطمع ويتساهل فيها بخلاف الدين وحينئذ إن كان
له وصي قام بإخراج ذلك ونفاذه وإلا فالوارث نص
عليه وقيل: يتولاه الحاكم كما لو كان الوارث
صغيرا ولا وصي له.
فرع: إذا أخرج أجنبي عن ميت زكاة تلزمه بإذن
وصيه أو وارثه أجزأت وإلا فوجهان وكذا لو
أخرجها الوارث وثم أجنبي أخرجها ولم يعلمه
وكذا الحج والكفارة.
"وإن وصى معها" أي: مع الواجبات "بتبرع اعتبر
الثلث من الباقي" أي: بعد إخراج الواجب فلو
كانت تركته أربعين فيوصي بثلث ماله وعليه دين
عشرة فتدفع أولا ويدفع إلى الموصى له بالثلث
عشرة وهو ثلث الباقي بعد الدين.
"فان قال: اخرجوا الواجب من ثلثي" أخرج الثلث
وتمم من راس المال على ما قال الموصي كإنه قصد
إرفاق ورثته بذلك فإن كان وضى معها بتبرع
"فقال القاضي: يبدأ به" قدمه في المحرر و
الفروع وجزم به في الوجيز "فإن فضل من الثلث
شيء فهو لصاحب التبرع" لأن الدين تجب البداءة
به قبل
(6/27)
وإلا بطلت
الوصية وقال ابو الخطاب: تزاحم به أصحاب
الوصايا ويحتمل أن يقسم الثلث بينهما ويتمم
الواجب من رأس المال فيدخله الدور فلو كان
المال ثلاثين والواجب عشرة والوصية عشرة جعلت
تتمة الواجب شيئا يكن الثلث عشرة إلا ثلث شيء
بينهما للواجب خمسة إلا سدس شيء فضم إليه شيئا
تكن عشرة فتجبر الخمسة بسدس شيء يبقى خمسة
أسداس شيء تعدل خمسة فالشيء ستة ويحصل للوصي
الآخر أربعة.
__________
الميراث والتبرع فإن عينه في الثلث وجبت
البداءة به وما فضل للتبرع "وإلا بطلت الوصية"
أي: إن لم يفضل شيء للتبرع سقط لأنه لم يوصى
له بشئ إلا أن بجبز الورثة فيعطي ما أوصى له
به.
"وقال ابو الخطاب: تزاحم به أصحاب ألوصايا"
فيحتمل ما قاله القاضي وغيره "ويحتمل" ما قاله
المؤلف هنا وهو "أن يقسم الثلث بينهما" على
قدر حقيهما كالموصى لهما "ويتمم الواجب من رأس
المال" لأنه لا بد من وفائه ولم يبق من الثلث
ما هو محل له "فيدخله الدور" لأنه لا يعلم قدر
الثلث حتى يعلم ما هو الواجب ولا يعلم تتمته
حتى يعلم ما يستحقه بالمزاحمة ولا يعلم ما
يستحق بالمزاحمة حتى يعلم الثلث فعلى هذا
يحتاج إلى العمل بطريق الجبر.
"فلو كان المال ثلاثين والواجب عشرة والوصية
عشرة جعلت تتمة الواجب شيئا" ونكر لأنه غير
معلوم حالا لا مآلاً "يكن الثلث عشرة إلا ثلث
شيء" لأنك إذا أسقطت شيئا من ثلثين يكن ثلثها
ذلك "بينهما" أي: بين الواجب والوصية
لتساويهما في القدر "للواجب خمسة إلا سدس شيء"
لأنه نصف ما ذكر "فضم إليه شيئا" لأنه تتمته
"تكن عشرة" لأن الشيء ستة خرج منه سدس جبرا
للخمسة فتتبقي خمسة وخمسه أسداس تعدل عشرة
"فتجبر الخمسة بسدس شيء من الشيء" ليخرج بلا
كسر "يبقى خمسة اسداس شيء تعدل خمسة فالشيء
ستة" لأن الخمسة إذا عدلت خمسة أسداس كان كل
سدس يعدل واحدا "ويحصل للوصي الآخر" وهو صاحب
التبرع "أربعة" وفي
(6/28)
باب الموصى له
تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم و ذمي
ومرتد وحربي.
__________
عملها طريق آخر وهو أن يقسم الثلث بكماله بين
الوصايا بالقسط ثم ما بقي من الواجب أخذته من
الورثة وصاحب التبرع بالقسط فيحصل للواجب خمسة
ويبقي له خمسة يأخذ من صاحب التبرع دينارا
لأنك نسبت ما لصاحب التبرع وهو خمسة من خمسة
وعشرين فكانت الخمس ويأخذ من الورثة أربعة.
فرع: إذا أوصى بالواجب وقرن به الوصية بتبرع
مثل حجوا عني وأدوا ديني وتصدقوا عني فوجهان
أصحهما أن الواجب من رأس المال لأن الاقتران
في اللفظ لا يدل على التساوي في الحكم لقوله
تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} الآية والثاني:
أنه من الثلث لأنه قرن به ما يخرجه من الثلث
ومن مات بطريق مكة لزمه أن يوصي بحجة الإسلام
قاله في الروضة وكذا كل واجب عليه.
باب الموصى له
هذا هو الركن الثاني: "تصح الوصية لكل من يصح
تمليكه من مسلم وذمي" بغير خلاف نعلمه لقوله
تعالى :{إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى
أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً} [الأحزاب:6] قال
محمد بن الحنفية: هو وصية المسلم لليهودي
والنصراني لأن الهبة تصح لهم فصحت لهم الوصية
كالمسلم وعلم منه صحتها من الذمي للمسلم من
باب أولى ويستثنى من الوصية لكافر ما إذا أوصى
له بمصحف أو عبد مسلم أو سلاح أو حد قذف فإنه
لا يصح "ومرتد" كالهبة ذكره أبو الخطاب ولكن
إن ضاق الثلث عه بدئ بعتقه "وحربي" وظاهره:
ولو كان في دار الحرب نص عليه وقاله اكثر
العلماء وقيل: لا يصح لقوله تعالى :{إِنَّمَا
يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ
قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ
مِنْ دِيَارِكُمْ} [الممتحنة:6] الآية فدل على
أن من قاتلنا لا يحل بره.
(6/29)
وقال ابن أبي
موسى: لا تصح لمرتد وتصح لمكاتبه ومدبره،
__________
وجوابه بأنه قد حصل الإجماع على صحة الهبة له
والوصية في معناه وقضية عمر شاهدة بذلك ومحل
الخلاف فيه إذا أوصى له بغير السلاح والخيل
فإن كانت بشيء منهما فيتوجه أنه كبيعه منه
فرع: إذا أوصى لحربي بعبد كافر فأسلم قبل موت
الموصي بطلت وإن أسلم بعده قبل القبول فوجهان
وقيل: إن ملكت بالقبول بطلت وإن ملكه بالموت
فلا وقيل: بلى وهو أولى "وقال ابن ابي موسى:
لا تصح لمرتد" لأن ملكه غير مستقر ولا يرث ولا
يورث فهو كالميت ولأن ملكه يزول عن ماله بردته
في قول أبي بكر وجماعة فلا يثبت الملك له
بالوصية وقال ابن حمدان: إن بقى ملكه صح
الإيصاء له كالهبة له مطلقا وإن زال ملكه في
الحال فلا وإن وقف أمر ماله على اسلامه فأسلم
احتمل وجهين ولو عبر بقوله في الاصح فيهما
لكان اولى إذ الخلاف فيهما معا.
تنبيه: يعتبر تعيين الموصي له فلو قال: ثلثي
لأحد هذين أو لجاره أو لقرابته محمد باسم
مشترك لم يصح وعنه: بلى كقوله أعطوا ثلثي
أحدهما في الأصح فقيل يعينه الوارث وقيل:
بقرعة وجزم ابن رزين بصحتها بمجهول ومعدوم
فعلى الأول لو قال: عبدي غانم حر بعد موتي وله
مائة وله عبدان بهذا الاسم عتق أحدهما بقرعة
ولا شيء له نقله يعقوب وعلى الثانية: هي له من
ثلثه اختاره أبو بكر.
"وتصح لمكاتبه" لأنه معه كالأجنبي في
المعاملات فكذا في الوصية ولانه يملك المال
بالعقد فصحت الوصية له كالحر وتصح لمكاتب
وارثه ومكاتب أجنبي سواء أوصى بجزء شائع او
معين لان الورثة لا يستحقون المكاتب ولا
يملكون ماله فإن قال ضعوا عن مكاتبي بعض
كتابته وضعوا ما شاؤوا وإن قال: ضعوا نجما
فلهم وضع أي: نجم شاؤوا سواء اتفقت أو اختلفت
فإن قال ضعوا عنه أي: نجم شاء سواء اتفقت أو
اختلفت فإن قال: ضعوا عنه أي: نجم شاء رد ذلك
إلى مشيئته وإن قال: ضعوا عنه أكثر نجومه
وضعوا عنه أكثر من نصفها وإن قال: الأوسط تعين
وإن
(6/30)
وام ولده وتصح
لعبد غيره فإذا قبلها فهي لسيده وتصح لعبده
بمشاع كثلث ماله فإذا اوصى بثلثه عتق،
__________
كانت خمسة تعين الثالث أو سبعة تعين الرابع
وإن اختلفت رجع إلى قول الورثة "ومدبره" لأنه
يصير حرا حين لزوم الوصية فصحت كإم الولد فإن
لم يخرج من الثلث هو الوصية قدم عتقه على
الوصية لأنه أنفع له و قال القاضي: يعتق بعضه
ويملك منها بقدر ما عتق منه وجوابه بأنه وصى
لعبده وصية صحيحة فيقدم عتقه على ما يحصل له
من المال كما لو أوصى لعبده القن بمشاع من
ماله "وأم ولده" لما روى سعيد أن عمر أوصى
لأمهات أولاده لكل واحدة بأربعة الآف وروى عن
عمران بن حصين وغيره من التابعين وغيرهم لأنها
حرة حين لزوم الوصية وكوصيته أن ثلث فرسه وقف
عليها ما دامت على ولدها نقله المروذي وإن شرط
عدم تزويجها ففعلت وأخذت الوصية ثم تزوجت فقيل
تبطل وقيل: لا كوصيته بعتق أمته على شرطه.
"وتصح لعبد غيره" لأنه يصح اكتسابه فصحت
الوصية كالحر إن قلنا: يملك صرح به في الفروع
وفي الواضح وهو ظاهر كلام جماعة خلافه وهذا
بشرط أن لا يكون عبد وارثه ولا قاتله إن لم
يصر حرا وقت نقل الملك.
"فإذا قبلها فهي لسيده" لأنه من كسب عبده
وكسبه للسيد ما لم يكن حرا وقت موت موص وان
عتق بعده وقبل القبول فالخلاف وظاهره: أن قبول
العبد لا يفتقر إلى إذن السيد لأنه كسب
كالاحتطاب وفيه وجه لأنه تصرف من العبد فهو
كبيعه ورد بأنه تحصيل مال بغير عوض فلم يفتقر
إلى إذنه كالمباح.
"وتصح لعبده بمشاع كثلث ماله" لأنها وصية
تضمنت العتق بثلث ماله فصحت كما لو صرح بذلك
"فإذا أوصى بثلثه عتق" كما إذا كان ثلثه مائة
وقيمة العبد مائة أو دونها عتق لأنه ملك من كل
جزء من المال ثلثه مشاعا ومن جملته نفسه فيملك
ثلثها وإذن يعتق ذلك الجزء لتعذر ملك نفسه
(6/31)
وأخذ فاضل
الثلث وإن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر
الثلث وإن وصى له بمعين او بمائة لم يصح وحكى
عنه أنه يصح وتصح للحمل،
__________
ويسري إلى بقيته كما لو اعتق بعض عبده بل أولى
وأخذ فاضل الثلث لأنه صار حرا
"وإن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث"
ولا يعتق منه أكثر من ذلك لأن الوصية لا تنفذ
في الزائد على الثلث إلا بإجازة الوارث ولم
يوجد وعلم مما سبق أنه إذا اوصى له بنفسه أو
رقبته أنه يصح ويعتق بقبوله إن خرج من ثلثه
وإلا عتق منه بقدره وإن وصى له ببعض رقبته
فخرج من الثلث عتق ما وصى له به وفي بقيته
روايتان "وإن وصي له بمعين" كدار وثوب "أو
بمائة لم يصح" في قول الأكثر لأنه يصير ملكا
للورثة فما وصى له به فهو لهم فكأنه وصى
لورثته بما يرثونه فلا فائدة فيه.
وعنه: يصح كالمشاع وعليها ما ذكره في الكافي
أنه يشتري العبد من الوصية فيعتق وما بقي فهو
له قال الزركشي محافظة على تصحيح كلام المكلف
ما أمكن إذ تصحيح الوصية يستلزم ذلك وبنى
الشيرازي الخلاف على تمليكه ثم قال: وعلى
رواية الصحة تدفع المائة إليه فإن باعه الورثة
بعد ذلك فالمائة لهم قال في الرعاية: إذا لم
يشرطها المبتاع وعنه: يصح ويعطي ثلث المعين إن
خرج معه من الثلث وعنه: منعها كقن زمنها ذكره
ابن عقيل وعنه: كماله.
"وحكى عنه أنه يصح وتصح للحمل" بغير خلاف
نعلمه لأن الوصية تجري مجرى الميراث في
الانتقال بعد الموت وقد سمى الله تعالى
الميراث وصية بقوله :{يُوصِيكُمُ اللَّهُ}
الآيات والحمل يرث فصحت الوصية له مع أنها
أوسع من الميراث لأنها تصح للمخالف في الدين
والعبد فالوصية له اولى لكن إن انفصل ميتا
بطلت لأنه لا يرث لاحتمال أن لا يكون حيا حين
الوصية فلا يثبتان بالشك وسواء مات لعارض من
ضرب بطن او غيره فإن
(6/32)
إذا علم أنه
كان موجودا حال الوصية بان تضعه لاقل من ستة
اشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها أولأقل من
اربع سنين إن لم يكن كذلك في أحد الوجهين وإن
وصى لمن تحمل هذه المرأة لم تصح.
__________
وضعته حيا صحت "إذا علم أنه كان موجودا حال
الوصية" لتحقيق الشرط "بأن تضعه لأقل من ستة
أشهر" من حين الوصية "وان كانت ذات زوج او سيد
يطؤها" بائنا للعلم بوجوده حال الوصية إذ
التمليك لا يصح لمعدوم وفي المغني أن تضعه
لستة اشهر فما دون وفيه نظر لأنها إذا وضعته
لستة اشهر احتمل حدوثه حال الوصية فلم يصادف
موجودا يقينا وقد وهم ابن المنجا فقال لابد من
ذكر ستة اشهر لأنها إذا وضعته لذلك علم أنه
كان موجودا حال الوصية ويقدم رده ومقتضاه أنها
إذا وضعته لأكثر من ذلك أنها لا تصح الوصية
لاحتمال حدوثه بعدها وعلى الأول لو كانت فراشا
لهما وما وطئا لبعد او مرض أو حبس صحت الوصية
في ظاهر كلامهم.
"أولأقل من اربع سنين إن لم يكن كذلك" أي: إن
لم تكن ذات زوج أو سيد يطؤها "في أحد الوجهين"
لأنه محكوم بوجوده لأحق بأبيه.
والثاني: لا تصح الوصية لأنه مشكوك في وجوده
فلم يصح مع الشك فيه ولا يلزم من لحوق النسب
صحت الوصية فإن النسب يثبت بالاحتمال وفيه وجه
آخر أ نه إذا اتت به لاكثر من سنتين كانت
بائنا لا تثبت له الوصية بناء على أن أكثر مدة
الحمل سنتان
"وإن وصى لمن تحمل هذه المرأة لم تصح" في قول
الأكثر لأن الوصية تمليك فلا تصح للمعدوم
بخلاف الموصى به فإنه تمليك فلم يعتبر وجوده
ولأن الوصية أجريت مجرى الميراث وقيل: تصح كما
تصح بما تحمل هذه الجارية وكما لو وقف على من
يحدث من ولد أو ولده ولده.
ورد بالفرق بينهما لأنها تجري مجرى الميراث
ولا تحصل إلا لموجود والوقف يراد للدوام ومن
ضرورته إثباته للمعدوم.
(6/33)
ولو قتل الوصي
الموصي بطلت الوصية وإن جرحه ثم اوصى له فمات
من الجرح لم تبطل الوصية في ظاهر كلامه وقال
أصحابنا: في الوصية للقاتل روايتان وإن وصى
لصنف من أصناف الزكاة أو لجميع الأصناف صح
ويعطي كل واحد منهم القدر الذي يعطاه من
الزكاة.
__________
"ولو قتل الوصي الموصي" ولو خطأ "بطلت الوصية"
قاله الثوري واختاره أبو بكر ونص عليه في
المدبر لأن القتل يمنع الميراث الذي هو آكد
منها فالوصية أولى ولأنه عومل بنقيض قصده.
وقال ابن حامد: تجوز الوصية له واحتج بقول
أحمد من جرح رجلا خطأ فعفى المجروح فقال يعتبر
من ثلثه وهذه وصية لقاتل لان الهبة له تصح
فكذا الوصية.
"وإن جرحه ثم اوصى له فمات من الجرح لم تبطل
في ظاهر كلامه" لأنها بعد الجرح صدرت من اهلها
في محلها لم يطرأ عليها ما يبطلها بخلاف ما
إذا تقدمت فإن القتل طرأ عليها فابطلها فيبطل
ما هو آكد منها ولهذا جمع أبو الخطاب بين نصي
الإمام.
"وقال اصحابنا: في الوصية للقاتل روايتان:"
إحداهما: لا تصح سواء وصى له ثم قتله أو جرحه
جرحا صالحا للزهوق ثم وصى له لأنه قاتل فبطلت
كالميراث.
والثانية: بلى لأنها تمليك بعقد فضاهت الهبة و
الأولى ما ذكره المؤلف وجزم به في الوجيز
وقدمه في المحرر والفروع.
"وإن وصى لصنف من اصناف الزكاة" كالفقراء "أو
لجميع الأصناف صح" لأنهم من ابواب البر ولأنهم
يملكون بدليل الزكاة والوقف "ويعطي كل واحد
منهم القدر الذي يعطاه من الزكاة" لأن المطلق
في كلام الآدميين يحمل على المقيد في كلام
الله تعالى قال في المغنى: وينبغي أن يجعل لكل
صنف حيث أوصى لجميعهم ثمن الوصية كما لو اوصى
لثمان قبائل والفرق
(6/34)
وأن وصى لكتب
القرآن أو العلم أو لمسجد أو لفرس ينفق عليه
صح فإن مات الفرس رد الموص به او باقية إلى
الورثة.
__________
بينهما حيث يجوز الاقتصار على صنف واحد أن آية
الزكاة أريد بها من يجوز الدفع إليه والوصية
أريد بها بيان ما يجب الدفع إليه انتهى.
ويجوز الاقتصار من كل صنف على واحد في ظاهر
المذهب وعنه: يتقيد بثلثه من كل صنف ولا يصرف
إلا على المستحق من أهل بلده.
فرع: إذا اوصى بشيء لزيد وبشيء للفقراء
ولجيرانه وزيد منهم لم يشاركهم نص عليهما ولو
وصى لقرابته بشيء وللفقراء كذلك فلقريب
والحاصل سهمان ذكره ابو المعالي قال في الفروع
ويتوجه تخريج حكم كل صورة إلى الأخرى قال
شيخنا: قد يفرق بينهما بأن زيدا يتعين
والقرابة لفظ عام يدخل فيه الفقراء وغيرهم
فصلح كل من وصفه سببا لاستحقاقه به فانه علق
استحقاقه بوصفه وهو القرابة فإذا كان فيه
وصفان صار استحقاقه بهما بخلاف زيد فإنه علق
استحقاقه بعينه وعينه لاتتعدد.
"وإن وصى لكتب القرآن أو العلم أو المسجد أو
لفرس حبيس ينفق عليه صح" لأن ذلك قربه فصح بذل
المال فيه كالوصية للفقير والموصى به للمسجد
يصرف في مصالحة تضرب بالعرف.
ويصرفه الناظر إلى الأهم والأصلح باجتهاده فلو
قال: إن مت فبيتى مسجد أو فأعطوه ماله من مالي
توجه صحته ولو أراد تمليك الفرس أو المسجد لم
يصح.
"فإن مات الفرس رد الموصي به أو باقيه" إن كان
أنفق بعضه إلى الورثة لأنه لما بطل محل
االوصية وجب الرد إلى الورثة كوصيته بعتق عبد
زيد فتعذر أو شراء عبد بألف أو عبد زيد بها في
المنصوص فيه فاشتروه بدونها ومقتضاه أنه لا
يصرف إلى فرس آخر حبيس في المنصوص.
مسائل: إذا أوصى بخدمة عبده سنة ثم هو حر صحت
الوصية فلو
(6/35)
وإن وصى في
أبواب البر صرفه وقيل: عنه يصرف في أربع جهات
في الاقارب والمساكين والحج والجهاد وعنه:
فداء الأسرى مكان الحج.
__________
ردها أو وهب لخدمة عتق في الحال وفي المغني
والشرح خلافه.
وإن أوصى بعتق نسمة بألف فأعتقوا نسمة بخمسمئة
لزمهم عتق أخرى بخمسمئة في الاصح وإن قال:
أربعة بكذا جاز الفصل بينهما ما لم يسم ثمنا
معلوما نص عليه.
ولو وصى أن يشتري فرسا للغزو بمعين فاشتراه
بأقل منه فباقيه نفقة لا إرب في المنصوص "وإن
وصى في أبواب البر صرفه في القرب" كلها اختاره
المؤلف وجزم به في الوجيز لأن اللفظ للعموم
فيجب الحمل عليه ولا يجوز التخصيص إلا بدليل
"وقيل عنه" أي: عن الإمام أحمد "يصرف في أربع
جهات: في الاقارب والمساكين والحج والجهاد"
قال ابن المنجا: وهي المذهب لأن أبواب البر
وإن كانت عامة إلا أن الظاهر من حال الموصي
أنه أراد المشهور منها والجهات الأربع هي لأن
الصدقة على الأقارب صدقة وصلة والمساكين مصارف
الصدقات والحج والجهاد من أكبر شعائر الأسلام.
وظاهره: انها سواه لكن الغزو أفضلها فيبدا به
نص عليه في رواية حرب وهو قول أبي الدرداء.
"وعنه: فداء الأسرى مكان الحج" لأن فداؤهم من
اعظم القربات لما فيه من تخليص رقبة مؤمنة من
ايدي الكفار وهو يتضمن منفعة المخلص ونفع نفسه
بخلاف الحج ونقل المروذي عنه فيمن أوصى بثلثه
في أبواب البر وان وصى إن يحج عنه بالف صرف في
حجه بعد أخرى حتى ينفذ ويدفع إلى كل واحد قدر
ما يحج به يجزأ ثلاثة أجزاء في الجهاد والقارب
والحج قال في المغني: وهذا ليس على سبيل
اللزوم والتحديد بل يجوز صرفها في الجهات كلها
للعموم ولأنه ربما كان غير هذه الجهات من
تكفين ميت وإصلاح طريق وإعتاق رقبة وإغاثة
(6/36)
وإن أوصى أن
يحج عنه بألف صرف في حجه بعد اخرى حتى ينفذ
ويدفع إلى كل واحد قدر ما يحج به.
__________
ملهوف أحوج من بعضها وأحق.
فرع: إذا قال: ضع ثلثي حيث أراك الله فله صرفه
في أي: جهة من جهات القرب و قال القاضي: يجب
صرفه إلى الفقراء والمساكين والأفضل صرفه إلى
فقراء أقاربه فإن لم يجد فالى محارمه من
الرضاع فإن لم يكن فإلى جيرانه.
"وإن أوصى" أي: من لا حج عليه قاله في الوجيز
والفروع "أن يحج عنه بألف صرف" من ثلثه "في
حجة" أي: مؤنة حجة أمانة أو جعالة أو إجارة إن
صح الإيجار عليه من محل وصيته كحجه بنفسه
وقيل: أو من الميقات وهو أولى "بعد اخرى"
راكبا أو راجلا نص عليه "حتى ينفذ" لأنه وصى
بها في جهة قربه فوجب صرفها فيها كالوصية في
سبيل الله وعنه: لا يصرف منها سوى مؤنة حجة
واحدة والبقية إرث وعنه: بعد حجه للحج أو سبيل
الله فلو لم تكف الألف أو البقية حج من حيث
يبلغ في ظاهر نصوصه وعنه: يعان به في حج قال
القاضي: وحكاه العنبري عن سوار القاضي ونقل
أبو داود يخير بينهما
"ويدفع" الوصي "إلى كل واحد قدر ما يحج به" من
غير زيادة على نفقة المثل لأنه أطلق له التصرف
في المعاوضة فاقتضى عوض المثل كالتوكيل في
البيع.
ثم إن كان الموصى به لا يحمل الثلث لم يخل من
أن يكون الحج فرضا أو نفلا فإن كان فرضا أخذ
أكثر الأمرين من الثلث أو القدر الكافي لحج
الفرض إذا كان قد أوصى بالثلث فإن كان الثلث
أكثر أخذه وصرف في الغرض قدر ما يكفيه وباقيه
في حجة أخرى حتى ينفذ وإن كان الثلث أقل ثم
قدر ما يكفي الحج في قول الجمهور وان كان
تطوعا أخذ الثلث لاغير إذا
(6/37)
وإن قال: حجوا
عني بألف دفع الكل إلى من يحج به فإن عينه
فقال يحج عني فلان بالف فإن أبى الحج وقال
اصرفوا لي الفضل لم يعطه وبطلت الوصية.
__________
لم يجز الورثة ويحج به على ما وصفنا.
"وإن قال: يحج عني حجة بألف دفع الكل إلى من
يحج" لأنه اوصى بها في حجه واحدة فوجب أن يعمل
بها فإن فضل منها فضل فهو لمن يحج لأنه قصد
إرفاقه فكأنه صرح به وقيل: إرث جزم به في
التبصرة ولا يدفعها إلى وارث نص عليه زاد في
الشرح وغيره حيث كان فيها فضل إلا بإذن الورثة
واختار جماعة للوارث أن يحج عنه إذا عينه ولم
يزد على نفقة المثل وفي الفصول إن لم يعينه
جاز وقيل: له في رواية أبي داود أوصى أن يحج
عنه قال لا كأنه وصية لوارث.
"فإن عينه فقال يحج عني فلان بألف" صرف ذلك
اليه "فإن أبى الحج وقال: اصرفوا لي الفضل لم
يعطه" لأنه إنما وصى له بالزيادة بشرط الحج
ولم يوجد "وبطلت الوصية" حكاه في الفروع قولا
لأن الموصي له لم يقبلها بامتناعه من فعلها
أشبه ما لو أوصى له بمال فرده وقيل: في حقه
وقد زاده بعضمن اذن له الؤلف في الاصلاح لان
الوصية فيها حق للحج وحق للموصى له إذا رده
بطل في حقه دون غيره لقوله بيعوا عبدي لفلان
وتصدقوا بثمنه فلم يقبله بطل في حقه دون غيره
لقوله بيعوا عبدي لفلان وتصدقوا بثمنه فلم
يقبله وكما لو لم يقدر الموص له بفرس في
السبيل على الخروج نقله أبو طالب ويحج عنه
بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة والبقية إرث
كالفرض.
فرع: إذا قال: حجوا عني حجة ولم يذكر قدرا من
المال فإنه لا يدفع إلى من يحج إلا قدر نفقة
المثل والباقي للورثة قال في الشرح: وهذا
يتبني على أنه لا يجوز الاستئجار عليه فإن
فلنا بجوازه فلا يستأجر إلا نفسه بأقل ما يمكن
وما فضل فهو للأجير لأنه ملك ما أعطى بعقد
إلاجارة وإن تلف المال في الطريق فهو من ماله
ويلزمه إتمام العمل فلو وصى بثلاث حجج إلى
ثلاث نفر صح صرفها في
(6/38)
وإن وصى لأهل
سكته فهو لأهل دربه وإن وصى لجيرانه تناول
أربعين دارا من كل جانب.
__________
عام واحد وجزم به في الوجيز وفي الرعاية عكسه.
تنبيه: إذا أوصى أن يحج عنه بالنفقة صح واختار
أبو محمد الجوزي إن وصى بألف يحج بها صرف في
كل حجة قدر نفقته حتى ينفذ وإن قال حجوا عني
بألف فما فضل للورثة ولو قال يحج عني زيد بألف
فما فضل وصية له أن يحج وله تأخيره لعذر ولا
يعطي إلي أيام الحج قاله أحمد نقل أبو طالب
اشترى به متاعا يتجر به قال: لا يجوز قد خالف
لم يقل اتجر به ولا يصح أن يحج وصي بإخراجها
نص عليه لأنه منفذ كقوله تصدق عني لا يأخذ منه
وكما لا يحج على دابة موصى بها في السبيل.
"وإن وصي لأهل سكته فهو لأهل دربه" لأن السكة
الطريق والدرب طريق مضاف إليه وحينئذ يعطي من
كان ساكنا وقت الوصية أو طرأ إليه بعدها وجزم
في المستوعب بالأول ونص عليه وقيل: أهل دربه
وسكته أهل المحلة الذين طريقهم في دربه.
"وإن وصى لجيرانه تناول أربعين دارا من كل
جانب" نص عليه وهو قول الأوزاعي لما روى أبو
هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الجار أربعون دارا هكذا وهكذا وهكذا" رواه
احمد وهذا نص لا يجوز العدول عنه أن صح وإلا
فالجار المقارب ويرجع فيه إلى العرف قاله في
الشرح وحكاه في الفروع قولا ونقل ابن منصور
ينبغي أن لا يعطي إلا الجار الملاصق لأنه مشتق
من المجاورة.
ومقتضاه أن المجموع مائة وستون وفيه نظر فإن
دار الموصي قد تكون كبيرة في التربيع فيسامتها
من كل جهة أكثر من دار لصغر المسامت لها أو
يسامتها داران يخرج من كل منها شيء عنها فيزيد
على العدد ويقسم المال على عدد الدور وكل حصة
دار تقسم على سكانها وجيران المسجد من يسمع
النداء منه
(6/39)
وقال ابو بكر:
مستدار أربعين دارا وإن وصى لأقرب قرابته وله
أب وابن فهما سواء والجد والأخ سواء ويحتمل
تقديم الابن على الأب والأخ على الجد.
__________
وقال ابو يوسف: الجيران اهل المحلة إن جمعهم
مسجد فإن تفرق أهلها في مسجدين صغيرين
متقاربين فكذلك وإن كانا عظيمين فكل أهل مسجد
جيران.
"وقال ابو بكر: مستدار أربعين دارا" وهو رواية
عن احمد لأن الخبر يحتمل وعنه: ثلاثين دارا من
كل جانب ذكرها أبن هبيرة وابن الزاغوني قال
واحتج لذلك بحديث رواه الزهري عن النبي صلى
الله عليه وسلم.
"وإن وصى لأقرب قرابته" أو لاقرب الناس إليه
أو أقربهم به رحما "وله أب وابن فهما سواء"
لأن كل واحد منهما يدلي بنفسه من غير واسطة
فإن كان أحدهما تعين بلا شك "والجد والأخ
سواء" لأن كل واحد منهما يدلي بالأب من غير
واسطة.
"ويحتمل" وحكاه في المستوعب وجها "تقديم الابن
على الأب" لأنه يسقط تعصيبه ورد بأن إسقاط
تعصيبه لا يمنع مساواته ولاكونه أقرب منه
بدليل أبن الابن يسقط تعصيب من بعده.
"والأخ على الجد" لأنه يدلي ببنوة الأب والجد
يدلي بالأبوة فهما كالأب والابن ورد بأنه لا
يصح قياس الأخ على الابن لأنه يسقط تعصيب الجد
بخلاف الابن وعلم منه تقديم الابن على الجد
والابن على ابن الابن.
تنبيه: البنت كالابن والجد أبو الاب وأبو الأم
وأم الأب وأم الأم كلهم سواء ذكره في المغني
ويحتمل تقديم أبي الأب على أبي الأم لأنه
يسقطه ثم بعد الأولاد أولاد البنين وإن سفلوا
الأقرب فالأقرب الذكور والإناث وفي أولاد
البنات وجهان بناء على الوقف ثم بعد الأولاد
الأجداد الأقرب منهم فالأقرب لأنهم العمود
الثاني عند الأخوة والأخوات ثم ولدهم وإن
سفلوا ولا شيء لولد الأخوات إذا قلنا: بعدم
دخول ولد البنات والعم من الأب
(6/40)
والأخ من الأب
والأخ من الأم سواء والأخ من الأبوين أحق
منهما،
__________
والعم من الأم سواء وفيه احتمال وكذلك
أبناؤهما على الترتيب ذكره القاضي.
"والأخ من الأب والأخ من الأم سواء" لأنهما في
درجة واحدة لا يقال كيف سوى بينهما إذ لو أوصى
لقرابته لم يدخل فيها ولد الأم على المذهب ومن
لا يدخل في القرابة لا يدخل في أقرب القرابة
لأن ذلك مخرج على الرواية الأخرى كما ذكره في
المغني لا على المذهب
"والأخ من الأبوين أحق منهما" لأن له قرابتين
فهو أقرب ممن له قرابة واحدة فلو أوصى لعصبته
فهو لمن يرثه بالتعصيب سواء كان ممن يرثه في
الحال أولا ويستوي فيه قريبهم وبعيدهم.
فرع: لم يتعرض المؤلف لذوي الأرحام فإن قلنا:
بالرواية التي تجعل القرابة كل من يقع عليه
اسم القرابة كان حكمهم كما سلف وإن قلنا:
القرابة تختص بمن كان من أولاد الآباء فلا
تدخل فيهم الأم ولا أقاربها.
مسألة: أوصى لجماعة من اقرب الناس إليه أعطى
ثلاثة فإن كانوا أكثر في درجة واحدة كالإخوة
فهو لجميعهم لأن الاسم يشملهم وإن لم يوجد
ثلاثة في درجة واحدة كملت من الثانية: وإن لم
تكمل منها فمن الثالثة.
فوائد: أوصى بإحراق ثلث ماله صح وصرف في تجمير
الكعبة وتنوير المساجد ذكره ابن عقيل وفي
التراب يصرف في تكفين الموتى وفي الماء يصرف
في عمل سفن للجهاد وفي الهواء قال شيخنا محب
الدين بن نصر الله: يتوجه أن يعمل به باذهنج
لمسجد ينتفع به المصلون وفيه شيء ولو وصى بكتب
العلم لآخر لم يدخل فيها كتب الكلام لأنها
ليست من العلم ولو أوصى بدفنها لم تدفن قاله
أحمد ونقل الاثرم لا بأس وقال الخلال: الأحوط
دفنها.
(6/41)
فصل
ولا تصح الوصية لكنيسة ولا لبيت نار ولا لكتب
التوراة والإنجيل ولا لملك ولا لمبيت ولا
لبهيمة وإن وصى لحي وميت يعلم موته فالكل
للحي.
__________
فصل
"ولا تصح الوصية لكنيسة ولا لبيت نار" ولا
لعمارتها والإنفاق عليهما لأن ذلك معصية وسواء
كان الموصى مسلما أو ذميا "ولا لكتب التوراة
والإنجيل" على الأصح قاله في الرعاية لأنها
كتب منسوخة والاشتغال بها غير جائز لما فيها
من التبديل والتغيير وذكر القاضي لو أوصى بحصر
لبيع وقناديلها لا على قصد تعظيمها فهو جائز
لأن الوصية في الحقيقة لأهل الذمة لكونهم
ينتفعون بها والأصح أنها لا تصح لأن ذلك إعانة
لهم على معصيتهم وتعظيم كنائسهم وعن أحمد
صحتها من الذمي لخدمة الكنيسة.
فرع: أوصى ببناء بيت يسكنه المجتازون من أهل
الذمة والحرب صح لأن بناء مساكنهم ليس بمعصية
ولا تصح لكافر بمصحف كعبد مسلم بدليل البيع
والهبة وإن وصى له بعبد كافر فأسلم في حياة
الموصي بطلت وإن أسلم بعد الموت وقبل القبول
ابتني على الخلاف "ولا لملك ولا لميت ولا
لبهيمة" ولا لجني لأنه تمليك فلم تصح لهم
كالهبة.
فرع: تصح وصية لحبيس وفرس زيد ولو لو يقبله
ويصرفه في غفلة فإن مات فالباقي للورثة.
"وإن وصى" بثلثه أو مائة "لحي وميت يعلم موته
فالكل للحي" اختاره أبو الخطاب وجزم به في
الوجيز وذكر ابن المنجا أنه المذهب لأنه لما
أوصى بذلك مع علمه بموته فكأنه قصد الوصية
للحي وحده كما لو صرح به إلا
(6/42)
ويحتمل ألا
يكون له إلا النصف وإن لم يعلم موته فللحي نصف
الموصى به وإن وصى لوارثه وأجنبي بثلث ماله
فرد الورثة فللاجنبي السدس،
__________
أن يقول هو بينهما كالمنصوص في له ولجبريل أو
الحائط.
"ويحتمل أن لا يكون له إلا النصف" هذا
الاحتمال هو المذهب وقدمه الأشياخ لأنه أضاف
الوصية إليها فإذا لم يكن أحدهما محلا للتمليك
بطل في نصيبه وبقي نصيب الحي وهو النصف.
"وإن لم يعلم موته فللحي نصف الموصى به" وجها
واحدا لأنه أضاف الوصية إليهما ولا قرينة تدل
على عدم إرادة الآخر فوجب أن يكون له النصف
تضرب بالمقتضى السالم عن المعارض وكما لو أوصى
لحيين فمات أحدهما بغير خلاف نعلمه.
فرع: أوصى لله ولزيد بشيء فنصفان وجزم في
الكافي وغيره بأن جميعه لزيد لأن ذكر الله
تعالى للتبرك وإن وصى للرسول ولزيد صح ونصف
الرسول يصرف في المصالح.
"وان وصى لوارثه واجنبي بثلث ماله" فأجاز
الورثة وصية الوارث فالثلث بينهما وفي الرد
أشار إليه بقوله: "فرد الورثة فللأجنبي السدس"
في قول أكثر العلماء لأن كلا منهما له السدس
فصح للأجنبي إذ لااعتراض للورثة عليه وبطل سدس
الوارث لأن الوصية له لا تصح إلا بإجازة
الوارث.
وفي الرعاية: إذا أوصى لوارث وغيره بثلثه
اشتركا مع الإجازة ومع الرد على الوارث للآخر
الثالث وقيل: نصفه كما لو أوصى لهما بثلثه فرد
عليهما أو على الوارث فقط
وإن رد الزائد على الثلث عينا فهو لهما وقيل:
للأجنبي وقيل: له السدس ويبطل الباقي ولو أجيز
للوارث وحده فله الثلث وكذا الأجنبي إذن وقيل:
السدس
(6/43)
وان وصى لهما
بثلثي ماله فكذلك عند القاضي وعند ابي الخطاب
له الثلث وان وصى بماله لابنيه واجنبي فردا
وصيته فله التسع عند القاضي وعند ابي الخطاب
له الثلث وان وصى لزيد وللفقراء والمساكين
بثلثه فلزيد التسع.
__________
"وإن وصى لهما" أي: للوارث وأجنبي "بثلثي ماله
فكذلك عند القاضي" أي: إذا ابطل الورثة الزائد
على الثلث من غير تعيين نصيب أحدهما فالثلث
بينهما واحد منهما السدس واختاره في الوجيز
لأن الوارث يزاحم الأجنبي مع الإجازة فإذا
ردوا تعين أن يكون الباقي بينهما كما لو تلف
بغير رد.
"وعند أبي الخطاب له الثلث" لأنهم لا يقدرون
على إبطال الثلث فما دون إذا كان لأجنبي ولو
جعلنا الوصية بينهما لملكوا إبطال ما زاد على
السدس وكما لو خصوا الوارث بالإبطال فإن قالوا
أجزنا وصية الوارث ورددنا نصف وصية الأجنبي صح
واتبع كالعكس وإن أجازوا أن ينقصوا الأجنبي عن
نصف وصيته لم يملكوا ذلك مطلقا فإن ردوا جميع
وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي فلهم ذلك على
قول القاضي وعلى قول أبي الخطاب: يتوفر الثلث
كله للأجنبي.
"وإن وصى بماله لابنيه وأجنبي فردا وصيته فله
التسع عند القاضي" لأنه بالرد رجعت الوصية إلى
الثلث والموصى له ابنان وأجنبي فيكون للأجنبي
التسع لأنه ثلث الثلث.
"وعند أبي الخطاب له الثلث" لأن الأجنبي موصى
له بالثلث وبالرد بطلت وصية الوارث فوجب أن
يكون له الثلث تضرب بالوصية السالمة عن
المزاحم.
"وإن وصى لزيد وللفقراء بثلثه فلزيد التسع"
هذا هو المذهب لأنه وصى لثلاث جهات فوجبت
التسوية كما لو وصي لزيد وبكر وخالد وقال محمد
بن الحسن له الخمس وللفقراء خمسان وللمساكين
خمسان
(6/44)
باب الموصى به
تصح الوصية بما لا يقدر على تسليمه كالآبق
والشارد والطير في الهواء والحمل في البطن
واللبن في الضرع.
__________
لأن أقل الجمع اثنان وقال ابن حمدان: ويحتمل
أن له السدس لأنهما هنا صنف وظاهره: انه إذا
كان زيد مسكينا أنه لا يدفع إليه من سهمهم إذ
العطف يقتضي المغايرة فلو كانت الوصية لقوم
يمكن حصرهم كزيد وإخوته فهو كأحدهم في وجه وفي
آخر كالتي قبلها فلو وصى بثلثه لزيد وللفقراء
فنصفان وقيل: كأحدهم.
تنبيه: لو أوصى مسلم لأهل قريته وقيل: أو
لقرابته بلفظ عام لم يعم كافرهم إلا بذكره في
الأشهر وإن كان الموصى كافرا عم مسلمهم بدون
ذكره في الأصح وقيل: إن كان أهل القرية أو
الأقارب كلهم كفارا والموصي مسلما عمهم كما لو
كان فيهم مسلم وإن كان أكثرهم كفارا لم يعمهم
وفيه احتمال.
مسألة: أوصى بثلثه للمساكين وله أقارب محاويج
ولم يوص لهم بشيء ولم يرثوه فإنهم أحق به ولو
وصى نصراني بثلثه لفقراء المسلمين وله إخوة
فقراء أعطى كل واحد خمسين فقط نص عليهما ولو
وصى لولد زيد وليس له الا ولد ولد دخلوا فيها
ويحتمل دخول ولد البنين فقط.
باب الموصي به
هذا هو الركن الثالث منها "تصح الوصية بما لا
يقدر على تسليمه كالآبق" في الرقيق "والشارد"
من الدواب "والطير في الهواء والحمل في البطن
واللبن في الضرع" لأنها إذا صحت بالمعدوم فهذا
أولى ولأنها أجريت مجرى الميراث وهذا يورث
فيوصي له وللوصي السعي في تحصيله فإن قدر عليه
أخذه إذا خرج من الثلث ولا فرق في الحمل بين
ان يكون رقيقا أو حمل بهيمة مملوكة له لأن
الغرر
(6/45)
وبالمعدوم
كالذي تحمل أمته أو شجرته أبدا أو في مدة
معينة فإن حصل منه شيء فهو له وإلا بطلت وإن
وصى له بمائة لا يملكها صح فإن قدر عليها عند
الموت أو على شيء منها وإلا بطلت الوصية وتصح
بما فيه نفع مباح من غير المال كالكلب،
__________
لا يمنع الصحة فجرى مجرى إعتاقه فإن انفصل
ميتا بطلت وإن خرج حيا وعلمنا وجوده حال
الوصية أو حكمنا بوجوده صحت وإن لم يكن كذلك
فلا لاحتمال حدوثه ويعتبر إمكان الموصى به فلو
وصى بما تحمل أمته العقيم أو بألف قنطار من
شجرة معينة من سنة معينة قال في الترغيب وغيره
واختصاصه به فلو وصى بمال غيره لم يصح ولو
ملكه بعد لأن الوصية لم تنعقد.
"وبالمعدوم" لأنه يجوز أن يملك بالسلم
والمساقاة فجاز أن يملك بالوصية "كالذي تحمل
أمته أو شجرته أبدا" أي: يكون ذلك للموصى له
على التأبيد "أو في مدة معينة" كسنة دون ما
عداها معرفا أو منكراً ولا يلزم الوارث السقي
لأنه لم يضمن تسليمها بخلاف مشتر "فإن حصل منه
شيء فهو له" أي: للموصى له بمقتضى الوصية
"والا بطلت" لانها لم تصادف محلا كالوصية
بثلثه ولم تخلف شيئا.
فرع: تصح الوصية بإناء ذهب أو فضة وزوجته أي:
له أمة فيوصي بها لزوجها وينفسخ نكاحه وقت
ثبوت ملكه لها.
"وإن وصى له بمائة لا يملكها صح" إذ غايته
أنها معدومة والوصية به صحيحة "فإن قدر عليها
عند الموت أو على شيء منها" صحت لأنه امكن
نفوذها "وإلا بطلت" لما ذكرناه "وتصح بما فيه
نفع مباح من غير المال كالكلب" المعلم لأنه
يباح اقتتاؤه للصيد والماشية والحرث وقيل:
وحفظ البيوت لأن فيه نفعا مباحا وتقر اليد
عليه والوصية تبرع فصحت في غير المال كالمال
ولصحة هبته فإن كان مما لا
(6/46)
والزيت النجس
فإن لم يكن للموصى مال فللموصى له ثلث ذلك وإن
كان له مال فجميع ذلك للموصى له وإن قل المال
في أحد الوجهين وفي الآخر له ثلثه.
__________
يباح اقتتاؤه لم يصح سواء قال من كلابي أو من
مالي لأنه لا يصح شراء الكلب لأنه لا قيمة له
بخلاف ما إذا أوصى بشاة ولا شاة له فإنه يمكن
تحصيلها بالشراء.
وظاهره: أنها لا تصح بالجرو الصغير وهو وجه
والأصح صحتها بتربيته لأحدها وفي الفروع وإن
لم يصد به أو يصيد إن احتاجه أو لحفظ ماشية أو
زرع فإن حصل فخلاف وفي الواضح الكلب ليس مما
يملكه "والزيت النجس" إذا جاز الاستصباح به
قاله في الشرح وإلا لم يصح إذ ليس فيه نفع
مباح كالخنزير وسائر سباع البهائم التي لا
تصلح للصيد
"فإن لم يكن للموصي مال" سواه "فللموصى له ثلث
ذلك" لأن الوصية تنفذ في الثلث "وإن كان له"
مال غير الموصى به "فجميع ذلك للموصى له وإن
قل المال في أحد الوجهين" جزم به في الوجيز
لأن قليل المال خير من الكلب لكونه لاقيمة له
فالثلث أكثر منه حينئذ.
"وفي الآخرة له ثلثه" وإن كثر المال لأن موضوع
الوصية على أن يسلم ثلثا التركة للورثة وليس
في التركة شيء من جنس الموصى به.
تنبيه: أوصى لرجل بكلابه ولآخر بثلث ماله فله
الثلث وللأول ثلث الكلاب وجها واحدا لأن ما
حصل الورثة من ثلثي المال قد جازت الوصية فيما
يقابله من حق الموصى له وهو ثلث المال ولم
يحتسب على الورثة بالكلاب لأنها ليست بمال.
وإذا قسمت الكلاب بين الوارث والموصى له قسمت
على عددها وإن تشاحوا أقرع.
(6/47)
وان لم يكن له
كلب لم تصح الوصية ولا تصح الوصية بما لا نفع
فيه كالخمر والميتة ونحوهما وتصح الوصية
بالمجهول كعبد وشاة ويعطى ما يقع عليه الاسم
وان اختلف الاسم بالحقيقة والعرف كالشاة في
العرف للانثى والبعير والثور هو في العرف
للذكر وحده وفي الحقيقة للذكر والأنثى غلب
العرف وقال أصحابنا تغلب الحقيقة.
__________
"وإن لم يكن له كلب لم تصح الوصية" لأنها لم
تصادف محلا يثبت الحق فيه فإن تجدد له كلب
فيتوجه الصحة نظرا إلى حالة الموت لا الوصية
"ولا تصح الوصية بما لا نفع فيه كالخمر
والميتة ونحوهما" لأن الوصية تمليك فلا تصح
بذلك كالهبة وقد حث الشارع على إراقة الخمر
وإعدامه فلم يناسب صحة الوصية وظاهره: ولو
قلنا: يطهر جلد الميتة بالدباغ ويتوجه عكسه.
"وتصح الوصية بالمجهول كعبد وشاة" لأنها إذا
صحت بالمعدوم فالمجهول أولى ولأنه ينتقل إلى
الوارث فصحت الوصية به كالمعلوم "ويعطى" أي:
يعطيه الوارث "ما يقع عليه الاسم" لأنه اليقين
كما لو اقر له بعبد قال القاضي: يعطيه الورثة
ما شاؤوا من ذكر أو أنثى وصحح في المغني أنه
لا يعطى إلا ذكرا لأنه سبحانه وتعالى فرق بين
العبيد والإماء بقوله: {وَأَنْكِحُوا
الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:32] وهو
يقتضي المغايرة ولأنه العرف وبدليل الوكالة
وكعكسه وليس له أن يعطيه خنثى فلو أوصى له
بواحد من رقيقه شمل الكل.
"وإن اختلف الاسم بالحقيقة والعرف كالشاة في
العرف للأنثى والبعير والثور هو في العرف
للذكر وحده وفي الحقيقة للذكر والأنثى غلب
العرف" في اختيار المؤلف وجزم به في الوجيز و
التبصرة لأن الظاهر أن المتكلم إنما يتكلم
بعرفه ولأنه المتبادر إلى الفهم
"وقال أصحابنا: تغلب الحقيقة" لأنها الأصل
ولهذا يحمل عليه كلام الله تعالى وكلام رسوله
عليه السلام فعلى هذا إذا أوصى له بشاة يتناول
الذكر
(6/48)
والدابة اسم
الذكر والانثى من الخيل والبغال والحمير وإن
وصى له بغير معين كعبد من عبيده صح ويعطيه
الورثة ما شاؤوا منهم في ظاهر كلامه.
__________
والأنثى والضأن والمعز والكبيرة والصغيرة لأن
اسم الشاة يتناول ذلك كله بدليل قوله عليه
السلام: "في أربعين شاة شاة" وقال المؤلف: لا
يتناول إلا أنثى كبيرة إلا أن يكون في بلد
عرفهم يتناول ذلك.
وفي الخلاف الشياه اسم لجنس الغنم يتناول
الصغار والكبار والكبش الذكر الكبير من الضأن
والتيس الذكر الكبير من المعز والجمل الذكر
والناقة الأنثى ولو قال عشرة من إبلي وقع على
الذكر والأنثى وقيل: إن قال عشرة بالهاء فهو
للذكور وإن قال بغير هاء فهو للإناث وكذلك
الغنم وفي البعير وجهان حكاهما في الشرح وهما
مبنيان على الخلاف والثور الذكر والبقرة
للأنثى.
"والدابة: اسم للذكر والأنثى من الخيل والبغال
والحمير" قاله الأصحاب لأن ذلك هو المتعارف
فإن قرن به ما يصرفه إلى أحدها كقوله دابة
يقاتل عليها انصرف إلى الخيل فإن قال دابة
ينتفع بظهرها ونسلها خرج منه البغال وخرج منه
الذكر ذكره في الشرح وحكاه في الرعاية قولا
وقيل: يعتبر عرف البلد وفي التمهيد في الحقيقة
العرفية الدابة للفرس عرفا والإطلاق ينصرف
إليه وقاله في الفنون عن أصولي يعني نفسه قال
لنوع قوة الدبيب لأنه ذو كر وفر انتهى والفرس
الذكر والأنثى والحصان للذكر وعكسه الحجرة
والحمار للذكر والأتان للأنثى.
فرع: لا يستحق للدابة سرجا ولا للبعير رحلا.
"وإن وصى له بغير معين كعبد من عبيده" وشاة من
غنمه "صح" لأن الجهالة هنا أقل من الجهالة في
عبد وقد صحت فيه فلأن تصح هنا من باب أولى.
"ويعطيه الورثة ما شاؤوا منهم في ظاهركلامه"
نقله ابن منصور واختاره
(6/49)
وقال الخرقي:
يعطى واحدا بالقرعة فان لم يكن له عبيد لم تصح
في أحد الوجهين وتصح في الآخر ويشترى له ما
يسمى عبدا فان كان له عبيد فماتوا إلا واحدا
تعينت الوصية فيه.
__________
أبو الخطاب والشريف في خلافيهما وجزم به في
الوجيز لأن لفظه تناول واحدا والأقل هو اليقين
فيكون هو الواجب فعلى هذا ما يدفعه الوارث من
صحيح أو معيب جيد أو رديء يلزم قبوله لتناول
الاسم له.
"وقال الخرقي: يعطى واحدا بالقرعه" هذا رواية
واختارها ابن أبي موسى لأن الجميع شراء
بالنسبة إلى الاستحقاق فكان له أحدهم بالقرعة
كالعتق.
ولم يرجح في الفروع شيئا وفي التبصرة هما في
لفظ احتمل معنيين قال ويحتمل حمله على
ظاهرهما.
"فإن لم يكن له عبيد لم تصح الوصية في أحد
الوجهين" جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع
لأن الوصية تقتضي عبدا من الموجودين حال
الوصية أشبه ما لو أوصى له بما في الكيس ولا
شيء فيه أو بداره ولا دار له.
"وتصح في الآخر" لأنه لما تعذرت الصفة بقي أصل
الوصية أشبه ما لو أوصى له بألف لا يملكها ثم
ملكها.
"ويشتري له ما يسمى عبدا" لأن الاسم يتناوله
فيخرج به عن عهدة الوصية وكقوله عبد من مالي
ونقل ابن منصور فيمن قال أعطوه مائة من أحد
كيسي فلم يوجد فيهما شيء يعطى مائة لأنه قصد
إعطاءه وإن ملكه قبل موته فوجهان:
"فإن كان له عبيد فماتوا إلا واحدا" أو لم يكن
له إلا عبدا واحدا "تعينت الوصية فيه" لأنه لم
يبق غيره وقد تعذر تسليم الباقي وهذا إن حمله
الثلث قاله في الرعاية وقيل: يقرع بين الحي
والميت وإن تلف رقيقه جميعهم قبل موت الموصي
أو بعده بغير تفريط من الوارث بطلت لأن
(6/50)
فان قتلوا كلهم
فله قيمة أحدهم على قاتله وإن وصى له بقوس وله
أقواس للرمي والبندق والندف فله قوس النشاب
لأنه أظهرها إلا أن تقترن به قرينة تصرف إلى
غيره وعند ابي الخطاب له واحد منها كالوصية
بعبد من عبيده وإن وصى له بكلب أو طبل وله
منها مباح ومحرم انصرف الى المباح.
__________
التركة غير مضمونة عليهم لحصولها في أيديهم
بغير فعلهم.
فرع : أوصى بعتق أحد عبيده الموجودين صح وأجزأ
عتق ما يسمى عبدا وقيل: ما يجزيء في كفارة وهل
يعينه الوارث أو بقرعة فيه وجهان وقال في
المستوعب: للعبيد تعيين عتق أحدهم.
"وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم" إما باختيار
الورثة أو بالقرعة على الخلاف "على قاتله" لأن
حقه في واحد منهم وقد قتلهم كلهم فوجب عليه
ضمانه كما لو قتل واحد عبد غيره وهذا إذا
قتلوا بعد موت الموصي.
فرع: لا تصح الوصية بأم ولده نص عليه وقيل:
بلى وقال ابن حمدان: إن جاز بيعها ولم تعتق
بموته وإلا فلا.
"وإن وصى له بقوس" صح لأن فيه منفعة مباحة فإن
كان "له أقواس للرمي والبندق والندف فله قوس
النشاب" في ظاهر المذهب "لأنه أظهرها" ويسمى
الفارسي وقوس النبل يسمى العربي "إلا أن تقترن
به قرينة" كما لو كان الموصى له ندافا أو
بندقانيا أو غازيا فإنه "تصرف إلى غيره" لأن
القرينة كالصريح وهذا إذا أطلق فإن وصفها بصفة
أو كان له قوس واحد تعينت "وعند أبي الخطاب له
واحد منها كالوصية بعبد من عبيده" لأن اللفظ
تناول جميعها وقيل: له غير قوس بندق وقيل: ما
يرمي به عادة.
وظاهره: أنه لا يستحق وترها لأنه منفصل عنها
وقيل: بلى جزم به في الترغيب لأنه لا ينتفع
بها إلا به فكان كجزء من أجزائها "وإن وصى له
بكلب أو طبل وله منها مباح" ككلب الصيد وطبل
الحرب "ومحرم" كضدهما وكالأسود البهيم "انصرف
إلى المباح" لأنه فيه منفعة مباحة ووجود
المحرم
(6/51)
فان لم يكن له
إلا محرم لم تصح الوصية وتنفذ الوصية فيما علم
من ماله وما لم يعلم وإذا أوصى بثلثه فاستحدثت
مالا دخل ثلثه في الوصية وان قتل واخذت ديته
فهل تدخل الدية في الوصية على روايتين.
__________
كعدمه شرعا فلا يشمله اللفظ عند الإطلاق.
وقيل: لا تصح الوصية بهما معا "فإن لم يكن له
إلا محرم لم تصح الوصية لأن الوصية" بالمحرم
معصية فلم تصح كالكنيسة فلو كان طبل إذا فصل
صلح للحرب لم يصح ويلحق بطبل اللهو المزمار
والطنبور وعود اللهو لأنها محرمة سواء كانت
فيه الأوتار أولا لأنه مهيأ لفعل المعصية
وتباح الوصية بالدف المباح للخبر.
"وتنفذ الوصية فيما علم من ماله" اتفاقا "وما
لم يعلم" أي: تنفذ وصيته في ثلث الموجود وإن
جهله.
وعنه: إن علم به وحكي ذلك عن أبان بن عثمان
وعمر بن عبد العزيز وربيعة إلا في المدبر فإنه
يدخل في كل شيء والأول أشهر لأن الوصية بجزء
من ماله لفظ عام فيدخل فيه ما لا يعلم به من
ماله كما لو نذر الصدقة بثلثه.
"وإذا أوصى بثلثه فاستحدث مالا" قبل موته "دخل
ثلثه في الوصية" في قول أكثر العلماء ولا فرق
عندهم بين التلاد والمستفاد لأن الحادث من
ماله يرثه ورثته وتقضي منه ديونه أشبه ما لو
ملكه قبل الوصية وعنه: يعم المتجدد مع علمه به
أو قوله بثلثي يوم أموت
"وإن قتل" عمدا أو خطأ "وأخذت ديته فهل تدخل
الدية في الوصية؟ على روايتين:" إحداهما وهي
المذهب وجزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع
تدخل ديته مطلقا لأنها تجب للميت بدل نفسه
ونفسه له فكذا بدلها قال أحمد: قضي النبي صلى
الله عليه وسلم أن الدية ميراث فتقضي منها
ديونه وتجهيزه لأنه إنما يحوز ورثته من أملاكه
ما استغنى عنه بدليل أنه يجوز أن
(6/52)
فان وصى بمعين
بقدر نصف الدية فهل تحسب الدية على الورثة من
الثلثين على وجهين.
فصل
وتصح الوصية بالمنفعة المفردة؛
__________
يتجدد له ملك بعد موته كصيد وقع في أحبولة
نصبها خلافا للانتصار وغيره وإن تلف بها شيء
فيتوجه في ضمان الميت الخلاف قاله في الفروع
وروي عن علي مثل ذلك في دية الخطأ.
والثانية: لا تدخل في وصيته نقلها ابن منصور
لأن الدية تجب للورثة بعد موت الموصي لأن
سببها الموت فلا يجوز وجوبها قبله لأن الحكم
لا يتقدم سببه إذ بالموت تزول أملاكه. "فإن
وصى بمعين بقدر نصف الدية فهل تحسب الدية على
الورثة من الثلثين؟ على وجهين" هما مبنيان على
الروايتين فعلى الأولى تحسب الدية من ماله فإن
كانت وصيته بقدر نصف الدية أو أقل منه نفذت
الوصية وإلا أخرج منه قدر ثلثها.
وعلى الثانية لا تحسب الدية وتخرج الوصية من
تلاد ماله دون ديته بناء على أن الدية ليست من
ماله فيختص بها الورثة.
فصل
"وتصح الوصية المنفعة المفردة" في قول الأكثر
لأنه يصح تمليكها بعقد المعاوضة فتصح الوصية
بها كالأعيان ولأنها هبة المنفعة بعد الموت
فصحت في الحياة كالمقارنة وسواء وصى بها أبدا
أو مدة معينة لكن بعتبر خروج ذلك من ثلث المال
نص عليه في سكنى الدار وهو قول من قال بصحة
الوصية بها وإن لم يخرج من الثلث أجيز منها
بقدر الثلث وقال إذا أوصى بخدمة عبده سنة لم
يخرج من الثلث خير الورثة بين تسليم خدمته
سنة،
(6/53)
فلو وصى لرجل
بمنافع امته ابدا أو مدة معينة صح فاذا اوصى
بها ابدأ فللورثة عتقها وبيعها وقيل: لا يصح
بيعها الا لمالك نفعها.
__________
وبين ثلث المال.
وقال الحنفية: يخدم الموصى له يوما والورثة
يومين حتى يستكمل منه فإن أراد الورثة بيعه
بيع ولنا أنها وصية صحيحة فوجب تنفيذها على
صفتها فإن أريد تقويمها وكانت الوصية مقيدة
بمدة قوم الموصى بمنفعته مسلوب المنفعة تلك
المدة ثم تقوم المنفعة في تلك المدة فينظر كم
قيمتها.
فرع: للموصى له بنفع العبد أو الدار إجارتها
تلك المدة وله إخراج العبد عن البلد لأنه مالك
لنفعه فملك إخراجه وإجارته كالمستأجر.
"فلو وصى لرجل بمنافع أمته أبدا أو مدة معينة
صح" لأنها وصية بمنفعة وهي صحيحة بها "فإذا
أوصى بها أبدا فللورثة عتقها" لأنها مملوكة
لهم ومنافعها للموصى له ولا يرجع على المعتق
بشيء.
وظاهره: أنه إذا أعتقها صاحب المنفعة لم يعتق
لأن العتق للرقبة وهو لا يملكها.
فإن وهب صاحب المنفعة منافعه للعبد أو أسقطها
عنه صح وللورثة الانتفاع به لأن ما يوهب للعبد
يكون لسيده "و" لهم "بيعها" لأنها أمة مملوكة
تصح الوصية بها فصح بيعها لغيرها وتباع مسلوبة
المنفعة ويقوم المشتري مقام البائع فيما له
وعليه وقيل: لا تباع لأن ما لا نفع فيه لا يصح
بيعه كالحشرات.
ورد بأنه يمكنه إعتاقها وتحصيل ولايتها وثواب
عتقها بخلاف الحشرات.
"وقيل: لا يصح بيعها إلا لمالك نفعها" لأنه
يجتمع له الرقبة والمنفعة فينتفع بذلك بخلاف
غيره بدليل جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
لمالك الشجر وبيع الزرع لمالك الأرض دون
غيرهما وفي كتابتها الخلاف.
"ولهم ولاية تزويجها" أي: بإذن صاحب المنفعة
وليس لواحد منهما الانفراد
(6/54)
ولهم ولاية
تزويجها وأخذ مهرها في كل موضع وجب لأن منافع
البضع لا تصح الوصية بها وقال أصحابنا ومهرها
للوصي وإن وطئت بشبهة فالولد حر وللورثة قيمة
ولدها عند الوضع على الواطىء وإن قتلت فلهم
قيمتها في أحد الوجهين وفي الآخر يشتري بها ما
يقوم مقامها وللوصي استخدامها وإجارتها
وإعارتها وليس لواحد منهم وطؤها.
__________
بتزويجها لأن مالك المنفعة لا يملك رقبتها
وصاحب المنفعة يتضرر به فإن اتفقا على ذلك جاز
وإن طلبت التزويج وجب لأنه لحقها وهو مقدم
عليها ووليها مالك الرقبة وقيل: هما "و" لهم
"أخذ مهرها في كل موضع وجب" في اختيار المؤلف
وصاحب الوجيز "لأن منافع البضع لا تصح الوصية
بها" مفردة ولا مع غيرها وإنما هي تابعة
للرقبة فتكون لصاحبها "وقال أصحابنا مهرها
للوصي" لأنه من منافعها "وإن وطئت بشبهة
فالولد حر" لأن وطء الشبهة يكون الولد حرا
لاعتقاد الواطىء أنه وطىء في ملك كالمغرور
بأمة "وللورثة قيمة ولدها" لأنه امتنع رقه
فوجب جبر ما فات من رقه "عند الوضع" لأنه
حينئذ وجد ولأنه قبل الوضع لا تعلم قيمته فوجب
اعتبار أول حالة يعلم بها "على الواطىء" لأنه
يفوت رقه. "وإن قتلت فلهم قيمتها في أحد
الوجهين" لأن الإتلاف صادف الرقبة وهم مالكوها
وفوات المنفعة حصل ضمنا وتبطل وصيته كالإجارة.
"وفي الآخر يشتري بها ما يقوم مقامها" لأن كل
حق تعلق بالعين تعلق ببدلها إذا لم يبطل سبب
استحقاقها ويفارق الزوجة والعين المستأجرة لأن
سبب الاستحقاق يبطل بتلفها. ويحتمل أن ذلك
لمالك النفع "وللوصي" أي: لمالك نفعها
"استخدامها" حضرا وسفرا "وإجارتها وإعارتها"
لأن الوصية له بنفعها وهذا منه فإن قتلها
وارثها فعليه قيمة المنفعة قاله في الانتصار
وفي التبصرة إن قتلت فرقبة بثمنها مقامها
وقيل: لمالك نفعها قال وهو أولى. "وليس لواحد
منهما وطؤها" لأن مالك المنفعة ليس بزوج ولا
مالك للرقبة،
(6/55)
وان ولدت من
زوج أو زنى فحكمه حكمها وفي نفقتها ثلاثة اوجه
احدها انه في كسبها والثاني: على مالكها.
__________
والوطء لا يباح بغيرهما ومالك الرقبة لا
يملكها ملكا تاما ولا يأمن أن تحمل منه وربما
أفضى إلى هلاكها لكن أيهما وطئها فلا حد عليه
لأنه وطء شبهة لوجود الملك لكل منهما فإن ولدت
فهو حر فإن كان الواطىء صاحب المنفعة لم تصر
أم ولد له لأنه لا يملكها وعليه قيمة ولدها
عند الوضع كما تقدم وإن كان مالك الرقبة صارت
أم ولد له لأنها علقت منه بحر في ملكه وفي
وجوب قيمته عليه وجهان ولا مهر عليه في اختيار
المؤلف وله المهر على صاحب المنفعة إن كان هو
الواطىء وعند أصحابنا تنعكس الأحكام.
وقيل: يجب الحد على صاحب المنفعة إذا وطىء
كالمستأجر وعلى هذا يكون ولده مملوكا. "وإن
ولدت من زوج أو زنى فحكمه حكمها" لأن الولد
يتبع الأم في حكمها كولد المكاتبة والمدبرة
وقيل: هو لمالك الرقبة لأنه ليس من النفع
الموصى به ولا هو من الرقبة الموصى بنفعها.
"وفي نفقتها ثلاثة أوجه: أحدها: أنه في كسبها"
لأنه يتعذر إيجابها على مالك الرقبة لكونه لا
نفع له وعلى مالك المنفعة لكونه لا رقبة له
فلم يبق إلا إيجابها في كسبها قال في الشرح
وهذا راجع إلى إيجابها على صاحب المنفعة لأن
كسبها من منافعها فعليه إن لم يكن لها كسب
فقيل تجب في بيت المال.
"والثاني: على مالكها" أي: مالك الرقبة ذكره
الشريف أبو جعفر مذهبا لأحمد وقاله أبو ثور
لأن النفقة على الرقبة فكانت على مالكها كنفقة
المستأجر وكما لو لم يكن له منفعة ولأن الفطرة
تتبع النفقة ووجوب التابع يدل على وجوب
المتبوع عليه.
(6/56)
والثالث: على
الوصي وفي اعتبارها من الثلث وجهان أحدهما
يعتبر جميعها من الثلث والثاني: تقوم بمنفعتها
ثم تقوم مسلوبة المنفعة فيعتبر ما بينهما وان
وصى لرجل برقبتها ولآخر بمنفعتها صح وصاحب
الرقبة كالوارث فيما ذكرنا.
__________
"والثالث: على الوصي" أي: صاحب المنفعة صححه
في المغني والشرح وجزم به في الوجيز لأنه يملك
نفعها فكانت النفقة عليه كالزوج وهذا ليس
خاصاً بالأمة بل حكم سائر الحيوانات الموصى
بنفعها كذلك قياسا عليها ونفعها بعد الوصي
لورثته قطع به في الانتصار وانه يحتمل مثله في
هبة نفع داره وسكناها شهرا وتسليمها.
وقيل: لورثة الموصي "وفي اعتبارها من الثلث
وجهان" لأن المنفعة مجهولة لا يمكن تقويمها
فوجب اعتبار جميعها "أحدهما: يعتبر جميعها من
الثلث" يعني يقوم بمنفعتها ويعتبر خروج ثمنها
من الثلث لأن أمة لا منفعة لها لا قيمة لها
غالبا.
"والثاني: تقوم بمنفعتها ثم تقوم مسلوبة
المنفعة فيعتبر ما بينهما" فإذا كانت قيمتها
بمنفعتها مائة ومسلوبة المنفعة عشرة علمنا أن
قيمة المنفعة تسعون وكذا إذا أوصى بنفعها وقتا
مقدرا معرفا أو منكراً وقيل: يعتبر وحده من
الثلث لإمكان تقويمه مفردا ويصح بيعها وإن
أطلق فمع الرقبة قال في المستوعب وهو الصحيح
عندي وقال ابن حمدان: بل يقسطه من التركه ولا
يقوم على أحدهما.
"وإن وصى لرجل برقبتها ولآخر بمنفعتها صح" لأن
الأول ينتفع بعتقها وولائها وبيعها في الجملة
والثاني: ظاهر "وصاحب الرقبة كالوارث فيما
ذكرنا" لأن كل واحد منهما مالكها.
تنبيه: أوصى بثمر شجرة لزيد وبرقبتها لعمرو لم
يملك أحدهما إجبار الآخر على سقيها ولا منعه
منه إذا لم يضره وإن يبست الشجرة أو بعضها
(6/57)
وإن وصى لرجل
بمكاتبه صح ويكون كما لو اشتراه وإن وصى له
بمال الكتابة أو بنجم منها صح.
__________
فهو لعمرو.
وإن وصى بثمرتها أو حمل أمته أو شاته فلم تحمل
تلك المدة فلا شيء لزيد.
وإن قال: لك ثمرتها أو حمل الحيوان أول عام
بثمر أو بحمل صح.
وإن وصى لزيد بلبن شاته وصوفها أو بأحدهما صح
ويقوم الموصى به دون العين
وإن وصى لرجل بحب زرعه ولآخر بنبته صح والنفقة
بينهما وينبغي أن يكون على قدر قيمة حق كل
واحد منهما فإن امتنع أحدهما من الإنفاق ففي
إجباره وجهان مبنيان على الحائط المشترك إذا
انهدم وإن وصى لرجل بخاتم ولآخر بفصه صح وليس
لأحدهما الانتفاع به إلا بإذن الآخر وأيهما
طلب قلع الفص منه أجيب إليه ويجبر الآخر على
ذلك فإن اتفقا على بيعه أو لبسه جاز.
"وإن وصى لرجل بمكاتبه صح" إن صح بيعه لأنه
مملوك كالقن "ويكون كما لو اشتراه" لأن الوصية
تمليك أشبهت الشراء فإن أدى عتق والولاء له
كالمشتري وإن عجز عاد رقيقا له.
فإن عجز في حياة الموصي لم تبطل الوصية لأنه
رقه لا ينافيها وإن أدى إليه بطلت فإن قال إن
عجز ورق فهو لك بعد موتي فعجز في حياة الموصي
صحت وإن عجز بعد موته بطلت وإن قال إن عجز بعد
موتي فهو لك ففيه وجهان مبنيان على ما إذا قال
إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر.
"وإن وصى له بمال الكتابة أو ينجم منها صح"
لأنها تصح بما ليس مستقرا كما تصح بما لا
يملكه في الحال كحمل الجارية وحينئذ للموصى له
استيفاء المال
(6/58)
وإن وصى برقبته
لرجل وبما عليه لآخر صح فإن ادى عتق وإن عجز
فهو لصاحب الرقبة وبطلت وصية صاحب المال فيما
بقي عليه.
__________
عند حلوله والإبراء منه ويعتق بأحدهما والولاء
لسيده لأنه المنعم عليه.
وفي الخلاف لا تصح الوصية بمال الكتابة والعقل
لأنه غيرمستقر وعلى الأول إذا عجز فأراد
الوارث تعجيزه وأراد الوصي إنظاره أو بالعكس
قدم قول الوارث ومتى عجز فهو عبد للوارث.
وإن وصى بما يعجله المكاتب صح فإن عجل شيئا
فهو للوصي وإن لم يعجل شيئا حتى حلت نجومه
بطلت.
"وإن وصى برقبته لرجل وبما عليه لآخر صح" لأن
كلا من الرقبة والدين مملوك للموصي فصح كغيره
ولا أثر لكونه غيرمستقر لأنها تصح بالمعدوم
"فإن أدى" أو أبرأه منه "عتق" لأن هذا شأن
المكاتب وتبطل وصية صاحب الرقبة قاله الأصحاب
وقيل: لا تبطل ويكون الولاء له لأنه أقامه
مقام نفسه.
"وإن عجز فهو" قن "لصاحب الرقبة" حيث فسخها
لأنه موصى له برقبته وإنما عتق بالأداء لأن
العتق مقدم على حق الموصي فأولى أن يقدم على
الموصى له.
"وبطلت وصية صاحب المال فيما بقي عليه" لأن
الباقي لم يصادف محلا فإن كان صاحب المال قبض
من مال الكتابة شيئا فهو له فإن اختلفا في فسخ
الكتابة بعد العجز قدم قول صاحب الرقبة
كالوارث فإن كانت الكتابة فاسدة فأوصى بما في
ذمته لم يصح لأنه لا شيء في ذمته ويصح بما إذا
قال بما أقبضه من مال الكتابة ويصح فيها برقبة
المكاتب كالصحيحة.
فرع: أوصى بعتق مكاتبه أو الإبراء من دينه
اعتبر من الثلث أقل الأمرين من قيمته مكاتبا
أو مال الكتابة لأن العتق إبراء وبالعكس
فاعتبر أقلهما.
فإن احتمله الثلث عتق وبرئ وإن احتمل بعضه
كنصفه عتق منه نصفه وبقي نصفه مكاتبا ويعتق
ثلثه في الحال إن لم يكن له مال سواه والباقي
على الكتابة.
(6/59)
فصل
ومن أوصى له بشيء بعينه فتلف قبل موت الموصي
او بعده بطلت الوصية وان تلف المال كله غيره
بعد موت الموصي فهو للموصى له.
__________
فإن قال ضعوا نجما بما شاء الورثة وإن قال
أكثر ما يكون عليه وضع فوق نصفه كضعوا عنه
أكثر نجومه وأكبرها أكثرها مالا وأوسطها
الثاني إن كانت ثلاثة والثالث إن كانت خمسة
وإن قال ما شاء فالكل وقيل: لا كما شاء من
مالها.
مسألة: فإن قال: اشتروا بثلثي رقابا وأعتقوهم
لم يصرف في المكاتبين فإن اتسع الثلث لثلاثة
لم يجز أن يشتري أقل منها فإن قدر أن يشتري
أكثر من ثلاثة فهو أفضل وإن أمكن أن يشتري
ثلاثة رخيصة وحصة من أربع فالثلاثة الغالية
أولى ويقدم من به ترجيح من عفة ودين وصلاح ولا
يجزيء إلا رقبة مسلمة سالمة من العيوب
كالكفارة وإن وصى بكفارة أيمان فأقله ثلاثة
نقله حنبل.
فصل
"ومن أوصى له بشيء بعينه" الباء زائدة كقولك
مررت بأخيك بزيد لا يجوز أن يكون بعينه توكيدا
لأن شيئا نكرة غير محدودة "فتلف قبل موت
الموصي أو بعده" قبل القبول "بطلت الوصية"
حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه من أهل
العلم لأن الموصى له إنما يستحق المعين فإذا
ذهب زال حقه كما لو تلف في يده والتركة في يد
الورثة غيرمضمونة عليهم لأنها حصلت في أيديهم
بغير فعلهم ولا تفريط منهم فلم يضمنوا شيئا.
"وإن تلف المال كله غيره" أي: غيرالمعين "بعد
موت الموصي فهو للموصى له" لأن حقوق الورثة لم
تتعلق به لتعينه للموصى له بدليل أنه يملك
أخذه بغير رضاهم فتعين حقه فيه دون سائر ماله
قال أحمد فيمن خلف مائتي دينار وعبدا قيمته
مائة دينار ووصى لرجل بالعبد فسرقت الدنانير
بعد
(6/60)
وان لم يأخذه
زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ وان لم يكن
له سوى المعين إلا مال غائب او دين في ذمة
موسر أو معسر فللموصى له ثلث الموصى به.
__________
الموت: فالعبد للموصى له.
وفي الرعاية إن تلفت التركة قبل القبول غير
الموصى به معينا فللموصى له ثلثه إن ملكه عند
القبول وإلا كله وقال ابن حمدان: إن كان عند
الموت قدر الثلث أو أقل وإلا ملك منه بقدر
الثلث.
"وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت" لان
الاعتبار في قيمة الوصية بخروجها من الثلث
وعدم خروجها بحالة الموت لأنها حالة لزوم
الوصية فتعتبر قيمة المال فيها بغير خلاف
نعلمه "لا وقت الأخذ" هو تأكيد فينظر كم كان
الموصى به وقت الموت فإن كان ثلث التركة أو
دونه استحقه الموصى له وإن زادت قيمته حتى صار
مثل المال أو أكثر أو هلك المال سواه اختص به
ولا شيء للورثة وإن كان حين الموت زائدا على
الثلث فللموصى له قدر الثلث وإن كان نصف المال
فله ثلثاه وإن كان ثلثه فله نصفه وإن كان نصف
المال وثلثه فله خمساه ولا عبرة بالزيادة أو
النقصان بعد ذلك فلو وصى بعتق عبد قيمته مائة
وله مائتان فزادت قيمته بعد الموت فصار يساوي
مائتين فهو للموصى له وإن كانت قيمته حين
الموت مائتين فللموصى له ثلثاه لأنهما ثلث
المال وإن نقصت قيمته بعد الموت فصارت مائة لم
يزد حق الموصى له إلا بالإجازة وإن كانت قيمته
أربعمئة فللموصى له النصف لا يزاد حقه عن ذلك
سواء نقص العبد أو زاد.
"وإن لم يكن له سوى العين إلا مال غائب أو دين
في ذمة موسر أو معسر فللموصى له ثلث الموصى
به" في الأصح لأن حقه في الثلث متيقن فوجب
تسليم ثلث المعين إليه وليس له أخذ المعين قبل
قدوم الغائب وقبض الدين لأنه ربما تلف فلا
تنفذ الوصية في المعين كله وكما لو لم يحلف
غير المعين وقيل: لا يدفع إليه شيء لأن الورثة
شركاؤه في التركة،
(6/61)
وكلما اقتضى من
الدين شيء أو حضر من الغائب شيء ملك من الموصى
به قدر ثلثه حتى يملكه كله وكذلك الحكم في
المدبر.
__________
فلا يحصل له شيء ما لم يحصل للورثة مثلاه.
"وكلما اقتضي من الدين شيء أو حضر من الغائب
شيء ملك من الموصى به قدر ثلثه حتى يملكه كله"
لأنه موصى له به فخرج من ثلثه وإنما منع قبل
ذلك لأجل حق الورثة وقد زال ولو خلف ابنا
وتسعة عينا أوصى بها لشخص وعشرين دينارا دينا
فللوصي ثلثها ثلاثة فإذا اقتضى ثلاثة فله من
التسعة واحدا حتى يقتضي ثمانية عشرة فتكمل له
التسعة وإن تعذر استيفاء الدين فللابن الستة
الباقية ولو كان الدين تسعة فالابن يأخذ ثلث
العين والوصي ثلثها ويبقى ثلثها موقوفا كلما
استوفى من الدين شيء فللموصى من العين قدر
ثلثه فإذا استوفى الدين كما للوصي ستة وهي ثلث
الجميع وإن كانت الوصية وإن وصى له بثلث عبد
فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي وان وصى له
بثلاثة اعبد فاستحق اثنان منهم او ماتا فله
ثلث الباقي بنصف العين أخذ الوصي ثلثها والابن
نصفها ويبقى سدسها موقوفا من الدين ثلثيه كملت
وصيته.
"وكذلك الحكم في المدبّر" ذكره أصحابنا أي:
يعتق في الحال ثلثه وكلما اقتضى من الدين شيء
أو حضر من الغائب عتق منه بقدر ثلثه حتى يعتق
جميعه إن خرج من الثلث
وفي الترغيب فيه نظر فإنه من تنجيز عتق ثلثه
تسليم ثلثيه إلى الورثة وتسليطهم عليهما مع
توقيع عنقهما بحضور المال وهذا أخذها منه قال
وكذا اذا كان الدين على أحد أخوي الميت ولا
مال له غيره فهل يبرأ عن نصيب نفسه قبل تسليم
نصيب أخيه على الوجهين.
فرع: إذا كان الدين مساويا للعين وأوصى لشخص
بثلث ماله فلا شيء له قبل استيفائه فكلما اتضى
منه شيء فله ثلثه وللابن ثلثاه وقال أهل
العراق هو أحق بما يخرج من الدين حتى يستوفي
وصيته.
(6/62)
وإن وصي له
بثلث عبد فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي وإن
وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان منهم أو
ماتا فله ثلث الباقيوإن وصى له بعبد لا يملك
غيره قيمته مائة ولآخر بثلث ماله العبد مائتان
فأجاز الورثة فللموصى له بالثلث المائتين وربع
العبد وللموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه فان
ردوا فقال الخرقي للموصى له بالثلث سدس
المائتين
__________
"وإن وصي له بثلث عبد فاستحق ثلثاه فله الثلث
الباقي" أي: إذا أوصى له بمعين فاستحق بعضه
فله ما بقي منه إن حمله الثلث لأن الباقي كله
موصى به وقد خرج من الثلث فاستحقه كما لو كان
معينا وقيل: له ثلث الباقي كقوله:
"وإن وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان
منهم أو ماتا فله ثلث الباقي" في قول أكثرهم
لأنه لم يوص له من الباقي بأكثر من ثلثه وقد
شرك بينه وبين ورثته في استحقاقه وقيل: له
الباقي ما لم يعبر ثلث قيمتهم كما لو أوصى له
بثلث صبرة مكيل أو موزون فتلف ثلثاها وقيل:
ثلثها.
"وإن وصى له بعبد لا يملك غيره قيمته مائة
ولآخر بثلث ماله وملكه غيرالعبد مائتان" أي:
إذا أوصى لشخص بمعين من ماله ولآخر بجزء مشاع
منه كثلثه فأجيز لهما انفرد صاحب المشاع
بوصيته من غيرالمعين ثم شارك صاحب المعين فيه
فيقسم بينهما على قدر حقهما فيه ويدخل النقص
على كل واحد منهما بقدر وصيته كمسائل العول.
وقد نبه عليه المؤلف بقوله: "فأجاز الورثة
فللموصى له بالثلث ثلث المائتين" وهو ستة
وستون وثلثان لا يزاحمه الآخر فيها "وربع
العبد" أي: يشتركان فيه لهذا ثلثه وللآخر
جميعه فابسطه من جنس الكسر وهو الثلث يصير
العبد ثلثه واضمم إليها الثلث الذي للآخر تصير
أربعة ثم اقسم على أربعة أسهم يصير الثلث ربعا
كمسائل العول فيخرج لصاحب الثلث ما ذكره.
"وللموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه" ثم انتقل
إلى حاله الرد فقال: "وإن ردوا فقال الخرقي"
وهو المذهب "للموصى له بالثلث بينها المائتين
وسدس العبد
(6/63)
وسدس العبد
وللموصى له بالعبد نصفه وعندي أنه بينهما على
حسب مالهما في حال الاجازة لصاحب الثلث خمس
المائتين وعشر العبد ونصف عشره ولصاحب العبد
ربعه وخمسه.
__________
وللموصى له بالعبد نصفه" وطريقه أن ترد
وصيتهما إلى ثلث المال وهو نصف وصيتهما فيرجع
كل واحد إلى نصف وصيته فيرجع صاحب الثلث إلى
سدس الجميع ويرجع صاحب العبد إلى نصفه.
"وعندي" وهو قول ابن أبي ليلى وحكاه المجد
تخريجا "أنه يقسم الثلث بينهما على حسب مالهما
في حال الإجازة" كسائر الوصايا "لصاحب الثلث
خمس المائتين وعشر العبد ونصف عشره ولصاحب
العبد ربعه وخمسه" وطريقه أن تضرب مخرج الثلث
في مخرج الربع تكن اثني عشر ثم في ثلاثة تكن
ستة وثلاثين لصاحب الثلث ثلث المائتين وهو
ثمانية وربع العبد وهو ثلاثة أسهم صار له أحد
عشر ولصاحب العبد ثلاثة أرباعه وذلك تسعة
فتضمها إلى سهام صاحب الثلث تصير عشرين سهما
ففي حال الرد يجعل الثلث عشرين سهما فيصير
المال ستين ولصاحب العبد تسعة من العبد وهو
ربعه وخمسه ولصاحب الثلث ثمانية من المائتين
وهو خمسها وثلثه من العبد وذلك عشره ونصف عشره
وأوضح منه أن نقول حصل لهما في الإجازة مائة
وستة وستون وثلثان ونسبة الثلث إلى ذلك ثلاثة
أخماس فيرجع كل منهما إلى ثلاثة أخماسه فيحصل
للموصى له بالثلث أربعون وهو خمس المائتين ومن
العبد خمسه عشر وهو عشره ونصف عشره وللموصى له
بالعبد خمسة وأربعون وهي ربعه وخمسه.
تنبيه: إذا كانت الوصية في حال الرد لا تجاوز
الثلث فهي كحالة الإجازة.
رجل خلف خمسمئة وعبدا قيمته مائة ووصى بسدس
ماله لشخص وللآخر بالعبد فلا أثر للرد هنا
ويأخذ صاحب المشاع سدس المال وسبع العبد
وللآخر ستة أسباعه وإن جاوزت الثلث كما ذكره
المؤلف رددت وصيتهما إلى الثلث وقسمته بينهما
على قدر وصيتهما أن صاحب المعين يأخذ نصيبه من
(6/64)
وان كانت
الوصية بالنصف مكان الثلث فاجازوا فله مائة
وثلث العبد ولصاحب العبد ثلثاه وان ردوا
فلصاحبه النصف ربع المائتين وسدس العبد ولصاحب
العبد ثلثه وقال ابو الخطاب: لصاحب النصف خمس
المائتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وهو
قياس قول الحزقي والطريق فيها ان تنظر ما حصل
لهما في حال الاجازة فتنسب اليه ثلث المال
وتعطي كل واحد مما كان له في الإجازة مثل نسبة
الثلث إلى وصيتهما،
__________
المعين والآخر يأخذ حقه من جميع المال هذا قول
الخرقي وعامة الأصحاب فعليه يأخذ سدس جميع
المال لأنه وصى له بثلث الجميع وعلى قول
المؤلف وصية صاحب العبد دون وصية صاحب الثلث
لأنه وصى له بشيء شرك معه غيره وصاحب الثلث
أفرده بشيء لم يشاركه فيه غيره فوجب أن يقسم
الثلث بينهما حالة الرد على حسب مالهما في
حالة الإجازة كسائر الوصايا.
"وإن كانت الوصية بالنصف مكان الثلث فأجازوا
فله مائة" لأنه لا مزاحم له فيها "وثلث العبد"
لأنه موصي له بنصفه وللآخر بكله وذلك نصفان
ونصف فيرجع إلى الثلث "ولصاحب العبد ثلثاه"
لرجوع كل نصف إلى ثلث.
"وإن ردوا فلصاحب النصف ربع المائتين وسدس
العبد ولصاحب العبد ثلثه" لأن من له شيء فيرد
إلى نصفه.
"وقال ابو الخطاب:" وهو المذهب "لصاحب النصف
خمس المائتين وحمس العبد ولصاحب العبد خمساه"
لأن الوصية هنا بمائتين وخمسين بالعبد وقيمته
مائة وبنصف المال وهو مائة وخمسون ونسبة الثلث
إلى ذلك بالخمسين "وهو قياس قول الخرقي" لأن
العمل فيهما متقارب.
"والطريق فيها أن تنظر ما حصل لها في حال
الإجازة فينسب إليه ثلث المال ويعطى كل واحد
مما كان له في الإجازة بمثل نسبة الثلث إليه"
لأنه حصل لهما في الإجازة الثلثان ونسبة الثلث
إليهما بالنصف فكل واحد
(6/65)
جميعا ويعطى كل
واحد مما له في الاجازة مثل تلك النسبة فان
وصى لرجل بمثل ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام
الثلث فلم يزد الثلث عن المائة بطلت وصية صاحب
التمام وقسمت الثلث بين الآخرين على قدر
وصيتهما وإن زاد عن المائة فأجاز الورثة نفذت
الوصية على ما قال الموصي.
__________
منهما نصف ما حصل لهما في الإجازة وقد كان
لصاحب النصف من المائتين نصفها فله ربعها وكان
له من العبد ثلثه فصار له سدسه وكان لصاحب
العبد ثلثاه فصار له ثلثه. "وعلى قول الخرقي"
والأصحاب "ينسب الثلث إلى وصيتهما جميعا ويعطى
كل واحد مما له في الإجازة مثل تلك النسبة"
لأنه نسبة الثلث إلى وصيتهما بالخمسين لأن
النصف والثلث مائتان وخمسون فالثلث خمساها
فلصاحب العبد خمساه لأنه وصيته ولصاحب النصف
الخمس لأن خمساً وصيته فإن كانت المسألة
بحالها وملكه غيرالعبد ثلثمائة ففي الإجازة
لصاحب النصف مائة وخمسون وثلث العبد ولصاحب
العبد ثلثاه وفي الرد لصاحب النصف تسعا بالمال
كله ولصاحب العبد أربعة أتساعه وعلى قول
المؤلف لصاحب العبد ثلثه وخمسين تسعه وللآخر
تسعة وثلث خمسه ومن المال ثمانون وهو ربعها
وسدس عشرها فإن وصى له بجميع ماله وللآخر
بالعبد ففي الإجازة لصاحب العبد نصفه والباقي
كله للآخر وفي الرد يقسم الثلث بينهما على
خمسة لصاحب العبد خمسه وهو ربع العبد وسدس
عشره وللآخر أربعة أخماسه.
"وإن وصى لرجل بثلث ماله وللآخر بمائة ولثالث
بتمام الثلث على المائة فلم يزد الثلث على
المائة" كما إذا كان المال ثلاثمئة "بطلت وصية
صاحب التمام" لأنه لم يوص له بشيء أشبه ما لو
أوصى له بدار ولا دار له ويقسم الثلث في حال
الرد بينهما على قدر وصيتهما "وإن زاد" الثلث
"عن المائة" بأن كان المال ستمائة "فأجاز
الورثة نفذت الوصية على ما قال الموصي" فيأخذ
صاحب الثلث مائتين وكل من الوصيين مائة.
(6/66)
وان ردوا فلكل
واحد نصف قيمته عندي و قال القاضي: ليس لصاحب
التمام شيء حتى تكمل المائة لصاحبها ثم يكون
له ما فضل عنها ويجوز ان يزاحم به ولا يعطيه
شيئا كولد الأب مع ولد الابوين في مزاحمة
الجد.
__________
"وإن ردوا فلكل واحد نصف وصيته عندي" جزم به
في الوجيز لأن الوصايا رجعت إلى نصفها فدخل
النقص على كل واحد بقدر ماله في الوصية كسائر
الوصايا.
"وقال القاضي: ليس لصاحب التمام شيء حتى تكمل
المائة لصاحبها ويكون له ما فضل عنها" لأنه
إنما يستحق بعد تمام المائة لصاحبها ولم يفضل
هنا له شيء فعلى قوله لصاحب الثلث نصفه ولصاحب
المائة مائة ولصاحب التمام نصف ما فوق
المائتين قال في المحرر وهو الصحيح.
فإن كان المال تسعمئة ورد الورثة فعلى الأول
لصاحب الثلث مائة وخمسون ولصاحب المائة خمسون
ولصاحب التمام مائة لأن الوصية كانت بالثلثين
فرجعت إلى الثلث فرددنا كل واحد منهم إلى نصف
وصيته.
وعلى الثاني لصاحب المائة مائة لا ينقص منها
شيء ولصاحب التمام خمسون
"ويجوز أن يزاحم به" هذا من تمام قول القاضي
وهو أن يعاد به "ولا يعطيه شيئا كولد الأب مع
ولد الأبوين في مزاحمة الجد" أي: يزاحم الجد
بالأخ من الأب ولا يعطيه شيئا واختار المجد
أنها تبطل وصية صاحب التمام هنا ويقسم الآخر
أن الثلث كان لا وصية لغيرهما كما إذا لم
يجاوز الثلث مائة.
مسائل: الأولى: ترك ستمئة ووصى لرجل بمائة
ولآخر بتمام الثلث استحق كل منهما مائة وإن رد
الأول وصيته فللآخر مائة وإن وصى للأول
بمائتين وللآخر ببقية الثلث فلا شيء للثاني
سواء ردت وصية الأول أو أجازها وقال أهل
العراق إن رد الأول فللثاني مائتان في
المسألتين وهو احتمال لنا.
(6/67)
باب الوصية
بالأنصباء والأجزاء
إذا أوصى له بمثل نصيب وارث معين فله مثل
نصيبه مضموما إلى المسألة.
__________
الثانية: أوصى لشخص بعبد وللآخر بتمام الثلث
فمات العبد قبل الموصي قومت التركة بدونه ثم
ألقيت قيمته من ثلثها ثم البقية لوصية التمام
وإن رد صاحب وصيته بعد موت الموصي أو مات قبله
أو مات العبد بعد موته بقيت وصية الآخر.
الثالثة: أوصى لشخص بثلث ماله ويعطي زيدا منه
كل شهر مائة حتى يموت صح فإن مات وبقي شيء فهو
للأول نص عليه.
الرابعة: أوصى لوارث وغيره بثلثي ماله اشتركا
مع الإجازة ومع الرد للآخر الثلث وقيل: نصفه
كوصيته لهما بثلثه والرد على الوارث وإن ردوا
ما جاوز الثلث ولا وصية عينا فالثلث بينهما
وقيل: للآخر وقيل: له السدس وإن أجيز للوارث
فله الثلث وكذا الأجنبي وقيل: السدس.
باب الوصية
بالأنصباء والأجزاء
الأنصباء جمع نصيب كصديق وأصدقاء والأجزاء جمع
جزء والفرق بينهما ظاهر.
"إذا أوصى له بمثل نصيب وارث معين فله مثل
نصيبه" من غير زيادة ولا نقصان "مضموما إلى
المسألة" أي: يؤخذ مثل نصيب المعين ويزاد على
ما تصح منه مسألة الورثة في قول أكثر العلماء
وقال مالك وزفر لا يعطى مثل نصيب المعين أو
مثل نصيب أحدهم إن كانوا يتساوون في أصل
المسألة غير مزيد ويقسم الباقي بين الورثة إلا
أن نصيب الوارث قبل الوصية من أصل المال فلو
وصى بمثل نصيب ابنه وله ابن فالوصية بجميع
المال وإن كانوا اثنان فالوصية بالنصف ثم قال
مالك وإن كانوا يتفاضلون نظرا إلى عدد
(6/68)
فإن وصى بمثل
نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث وإن كانوا
ثلاثة فله الربع فإن كان معهم بنت فله التسعان
وإن وصى له بنصيب ابنه فكذلك في احد الوجهين
والثاني: لا تصح.
__________
رؤوسهم فأعطي سهما من عددهم لأنه لا يمكن
اعتبار أنصبائهم لتفاضلهم.
وأجيب بأنه جعل وارثه أصلا وقاعدة حمل عليه
نصيب الموصى له وجعل مثلا له وهذا يقتضي
مساواتهما فلو أعطي من أصل المال لم يعط مثل
نصيبه ولا حصلت التسوية.
"فإن وصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث"
لان ذلك مثل ما يحصل لابنه لأن الثلث إذا خرج
بقي ثلثا المال لكل ابن ثلث "وإن كانوا ثلاثة
فله الربع" لما ذكرنا.
"فإن كان معهم بنت فله التسعان" لأن المسألة
من سبعة لكل ابن سهمان وللأنثى سهم ويزاد
عليها مثل نصيب ابن فتصير تسعة فالابنان منها
تسعان وعلم منه أنه لا بد أن يكون الموصى له
بمثل نصيبه وارثا فلو كان رقيقا أو قاتلا أو
مخالفا لدينه أو محجوبا لم يصح وفي الفصول
احتمال.
"وإن وصى له بنصيب ابنه فكذلك في أحد الوجهين"
هذا هو المذهب وقاله أهل المدينة والبصرة
والكوفة لأنه أمكن تصحيح كلامه بحمله على
مجازه فصح كالطلاق والعتق بالكتابة ولأنه أوصى
بجميع ماله صح مع تضمنه الوصية بنصيب ورثته
كلهم.
"والثاني: لا يصح" ذكره القاضي لأنه أوصى بما
هو حق للابن كما لو قال بدار ابني أو ما يأخذه
من وارثه وإنما يصح في التولية نحو بعتكه بما
اشتريته للعرف.
قال في الفروع فيتوجه الخلاف في بعتكه بما باع
به فلان عبده ويعلمانه فقالوا يصح وظاهره: يصح
البيع ولو كان الثمن عرضا.
(6/69)
وإن وصى بضعف
نصيبه او بضعفيه فله مثله مرتين وان وصى
بثلاثة أضعافه فله ثلاثة أمثاله هذا هو الصحيح
عندي وقال أصحابنا ضعفاه ثلاثة أمثاله وثلاثة
أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مرة
واحدة.
__________
"وإن وصى بضعف نصيب ابنه أو بضعفيه فله مثله
مرتين وإن وصى بثلاثة أضعافه فله ثلاثة أمثاله
هذا هو الصحيح عندي" وهو قول أبي عبيد
والجوهري لقوله تعالى: {ِذاً لَأَذَقْنَاكَ
ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}
[الإسراء:75] وقوله تعالى :{فأولئك
فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا
عَمِلُوا} [سبأ:37] وقد صح أن عمر أضعف الزكاة
على نصارى بنى تغلب فكان يأخذ من المائتين
عشرة فدل ما ذكرنا أن الضعف مثلان قال الأزهري
الضعف المثل فما فوقه فأما قوله إن الضعفين
المثلان فقد روى ابن الأنباري عن هشام بن
معاوية النحوي قال العرب تتكلم الضعف مثنى
فتقول إن أعطيتني درهما فلك ضعفاه أي: مثلاه
وإفراده لا بأس به لأن التثنية أحسن يعني أن
المفرد والمثنى هنا بمعنى واحد وكلاهما يراد
به المثلان وإذا استعملوه على هذا الوجه وجب
اتباعهم فيه وإن خالفنا القياس.
"وقال أصحابنا" وهو المذهب "ضعفاه ثلاثة
أمثاله وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله" وهو قول
أبي عبيدة معمر بن المثنى "كلما زاد ضعفا زاد
مرة واحدة" لأن الزيادة لا بد لها من أثر وأقل
الأعداد المرة وأجاب في المغني والشرح عن ذلك
بقوله تعالى :{فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ}
[البقرة:263] قال عكرمة تحمل في كل عام مرتين
وانه لا خلاف بين المفسرين في قوله تعالى:
{ُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}
[الأحزاب:30] ان المراد مرتين وقد دل عليه
قوله تعالى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا
مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب:31] ومحال ان تجعل
أجرها على العمل الصالح مرتين وعذابها على
الفاحشة ثلاث مرات فإن الله تعالى إنما يريد
تضعيف الحسنات على السيئات هذا هو المعهود من
فضله وكرمه وقول أبي عبيدة خالفه غيره قال ابن
عرفة: لا أحب قوله ورده بالاية الكريمة وحيئنذ
الضعف محل وفاق.
(6/70)
وان وصى بمثل
نصيب أحد ورثته ولم يسمه كان له مثل مالأقلهم
نصيبا فلو كانوا ابنا واربع زوجات وجبت من
اثنين وثلاثين لكل امرأة سهم وللوصي سهم يزاد
عليها فتصير من ثلاثة ثلاثين وإن وصى له بمثل
نصيب وارث لو كان فله مثل ماله لو كانت الوصية
وهو موجود فاذا كان الوارث أربعة بنين فللوصي
السدس،
__________
"وإن وصى بمثل نصيب أحد ورثته ولم يسمه كان له
مثل ما لأقلهم نصيبا" في قول أكثر العلماء
لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه ولو خصه به فهو
له كما لو أطلق وكان تأكيدا "فلو كانوا ابنا
وأربع زوجات صحت من اثنين وثلاثين" لأن أصل
المسألة من ثمانية للزوجات سهم لا يصح عليهن
ولا يوافق فاضرب عددهن في ثمانية تبلغ اثنين
وثلاثين "لكل امرأة سهم" وللابن ثمانية وعشرون
"وللوصي سهم يزاد عليها فتصير من ثلاثة
وثلاثين" ولو وصى بمثل نصيب ولده وله ابن وبنت
فله مثل نصيب البنت نص عليه ولو وصى بمثل
أكثرهم أو أعظمهم نصيبا فله ذلك مضافا إلى
المسألة فيكون له في مسألة المؤلف ثمانية
وعشرون فتصير ستين سهما "وإن وصى له بمثل نصيب
وارث لو كان فله مثل ما له لو كانت الوصية وهو
موجود" أي: يقدر الوارث موجودا وانظر ما
للموصى له مع وجوده فهو له مع عدمه وطريقه أن
تنظر كم تصح مسألتهم مع عدم الوارث ثم كم تصح
مع وجوده ثم تضرب إحداهما في الأخرى ثم تقسم
ما ارتفع على المسألة الوجود فما خرج بالقسمة
أضفته إلى ما ارتفع من الضرب وهو للموصى له
واقسم ما ارتفع بين الورثة.
"فإذا كان الوارث أربعة بنين فللوصي السدس"
لأن المسألة مع عدم الخامس المقدر وجوده من
أربعة ومع وجوده من خمسة فتضرب إحداهما في
الأخرى تكن عشرين تقسمها على خمسة يخرج لكل
سهم أربعة فتضيفها إلى العشرين تصر أربعة
وعشرين للموصي له أربعة وهي السدس ولكل ابن
خمسه وهي ثمن ونصف سدس.
(6/71)
ولو كانوا
ثلاثة فله الخمس ولو كانوا أربعة فأوصى بمثل
نصيب خامس لو كان إلا مثل نصيب سادس لو كان
فقد أوصى بالخمس الا السدس بعد الوصية فيكون
له سهم يزاد على ثلاثين سهما وتصح من اثنين
وستين له منها سهمان ولكل ابن خمسة عشر،
__________
"ولو كانوا ثلاثة فله الخمس" ولو كانوا اثنين
فله الربع لما ذكرناه فلو خلفت امرأة زوجا
واختا وأوصت بمثل نصيب خامس لو كان فللموصى له
الخمس لأن للأم الربع لو كانت فتجعل له سهم
يضاف إلى أربعة يكن خمسا.
"ولو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب خامس لو كان
الامثل نصيب سادس لو كان فقد أوصى له بالخمس
إلا السدس بعد الوصية" لأنه استثنى السدس من
الخمس وطريقها أن تضرب إجداهما في الأخرى تكن
ثلاثين خمسها ستة وسدسها خمسة فإذا استثنيت
الخمسة من الستة بقي سهم للموصي له فرده على
الثلاثين وهو المراد بقوله: "فيكون له سهم
يزاد على الثلاثين سهما" فتصير أحدا وثلاثين
أعط الموصى له سهما يبقى ثلاثون على أربعة لا
تنقسم وتوافق بالنصف فردها إلى خمسة عشر
واضربها في أربعة تكن ستين رد عليها سهمين
للموصى له وهو المراد بقوله: "وتصح من اثنين
وستين له منها سهمان ولكل ابن خمسة عشر"
وبالجبر تجعل المال أربعة وشيئا تدفعه إلى
الموصى له يبقى أربعة تقسمها على خمسة يخرج
أربعة أخماس وتقسمها على ستة يخرج ثلثان فتسقط
الثلثان من أربعة الأخماس يبقى سهمان من خمسة
عشر ثم تضرب الأربعة في الخمسة عشر لأنها مخرج
الثلث والخمس تكن ستين تزيد عليها السهمين
للموصى له فقد حصل له خمس الستين إلا سدسها
فخمسها اثنا عشر وسدسها عشرة.
وفي بعض النسخ المقروءة على المؤلف ولو كانوا
أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن
خامس لو كان فقد أوصى بالخمس إلا السدس بعد
الوصية وهذه هي الصحيحة المعتمدة في المذهب
الموافقة لطريقة الأصحاب.
وعلى ما ذكره هنا هي مشكلة على طريقة الأصحاب
ولكن معناها لأبي
(6/72)
فصل في الوصية
بالأجزاء
إذا اوصى له بجزء او حظ أو شيء أو نصيب
فللورثه ان يعطوه ما شاؤوا وإن وصى له بسهم من
ماله ففيها ثلاث روايات احداهن له السدس
بمنزلة سدس مفروض.
__________
الخطاب والمجد وابن حمدان وأجاب الحارثي عنها
بأن قولهم أوصى له بالخمس إلا السدس صحيح
باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم
وان النصيب هو المستثنى انتهى. وقال الناظم:
وقرىء عليه في نسخه أخرى وصى بمثل نصيب أحدهم
إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان فعلى هذا يصح
أنه أوصى له بالخمس إلا السدس.
فرع: إذا خلف بنتا واحدة ووصى بمثل نصيبها فهو
كما وصى بنصيب ابن عندنا لأنها تستوعب المال
بالفرض والرد.
وعند من لا يرى الرد يقتضي أن يكون له الثلث
ولها نصف الباقي والفاضل لبيت المال فإن خلف
اختين ووصى بمثل نصيب إحداهما فهي من ثلثه
وعند من لا يرى الرد من أربعة مقسومة بينهم
فلو خلف له ثلاثة بنين ووصى لثلاثة بمثل
أنصبائهم فالمال بينهم على ستة مع الإجازة وفي
الرد على تسعة للموصي له ثلاثة والباقي لهم.
فصل في الوصية بالأجزاء
"إذا أوصى له بجزء أو حظ أو شيء أو نصيب" أو
قسط "فللورثة أن يعطوه ما شاؤوا" بغير خلاف
نعلمه لأن ما يعطونه يقع عليه الاسم كقوله
أعطوا فلانا من مالي لكونه لا حد له في اللغة
ولا في الشرع فكان على إطلاقه لكن شرطه أن
يكون ما يتمول قاله في الرعاية والوجيز
والفروع فلو أوصى بثلثه إلا حظا أعطي ما يصح
استثناؤه.
"وإن وصى له بسهم من ماله ففيها ثلاثة روايات
إحداهن: له السدس بمنزلة سدس مفروض" نقله ابن
منصور واختاره القاضي وأصحابه وقدمه في
(6/73)
إن لم تكمل
فروض المسألة أو كانوا عصبة اعطي سدسا كاملا
وان كملت فروضها أعيلت به وإن عالت أعيل معها
و الثانية: له سهم مما تصح منه المسألة ما لم
يزد على السدس و الثالثة: له مثل نصيب أقل
الورثة ما لم يزد على السدس.
__________
القروع وجزم به في الوجيز لما روى ابن مسعود
أن رجلا أوصى لآخر بسهم من المال فأعطاه النبي
صلى الله عليه وسلم السدس وهو قول علي وابن
مسعود ولا مخالف لهما في الصحابة ولأن السهم
في كلام العرب السدس قاله إياس بن معاوية
فتنصرف الوصية إليه كما لو لفظ به.
"إن لم تكمل فروض المسألة" كبنت وبنت ابن "أو
كانوا عصبة" كالبنين أو الإخوة "أعطي سدسا
كاملا" لأنه موصى به "وإن كملت فروضها أعيلت
به وإن عالت أعيل معها" كمسائل العول.
وقيل: له سدسه كله أطلقه في رواية حرب وأطلقه
في المحرر والروضة ولعل مرادهم ما ذكره المؤلف
من التفصيل.
"والثانية: له سهم مما تصح منه المسألة" مضافا
إليها وهي ظاهر كلامه في رواية الأثرم وأبي
طالب لأن سهما ينصرف إلى سهام فريضته أشبه ما
لو قال فريضتي أو كذا سهما لك منه أسهم قال
المؤلف "ما لم يزد على السدس" فإن زاد عليه
فله السدس لأنه متحقق.
"والثالثة: له مثل نصيب أقل الورثة" مضموما
إليها اختاره الخلال وصاحبه لأن السهم يطلق
ويراد به النصيب والنصيب هنا هو نصيب الورثة
والأقل منها هو المتيقن
"ما لم يزد على السدس" كذا قيده تبعا للقاضي
وجمع فإن زاد عليه رد إليه لأنه أقل سهم يرثه
ذوا قرابة والمجد وجماعة أجروا هاتين
الروايتين على إطلاقهما نظرا لإطلاق الإمام.
(6/74)
.....................................................
__________
مسائل توضح ما ذكر
رجل خلف أما وبنتين وأوصى بسهم من ماله فعلى
الأولى: تكمل به السدس إذ مسألتهم من ستة ترجع
بالرد إلى خمسة فيزاد عليها السهم الموصى به
فيصير من ستة وكذا على الآخريين ولو كانت أما
وأختا فيضاف إليها السدس على الأولى و الثانية
وعلى الثالثة يضاف إليها مثل نصيب الأم لأنه
أقل نصيب وارث فتصير من سبعة
وعلى ما قيده المؤلف تبعا للقاضي له السدس لأن
النصيب زاد عليه ولو كانت ابنتان وأبوان فهي
من ستة وتعول بالسهم الموصى به إلى سبعة على
الروايات.
ولو كانت لأبوين وأختان لأم وأم فهي من ستة
وتعول إلى سبعة وتعول بالسهم الموصى به إلى
ثمانية على الروايات أيضا.
ولو كان ثلاث أخوات لأبوين وأخوان وأختان لأم
وأم فهي من ستة وتعول إلى سبعة وبالسهم الموصى
به على الأولى إلى ثمانية وتصح من ثمانية
وأربعين.
وعلى الثانية تصح من اثنين وأربعين يراد إليها
السهم فتصير من ثلاثة وأربعين
وعلى الثالثة تصح من اثنتين وأربعين ويزداد
عليها أقل أنصباء الورثة وهو ثلاثة أسهم فتصير
من خمسة وأربعين ولو كان زوجا وأختا كان له
السبع كما لو كان معها جدة على الروايات.
وذكر في المغني والشرح الذي يقتضيه القياس
فيما إذا أوصى بسهم من ماله إن صح أن السهم في
لسان العرب أو صح الحديث السابق فهو كما لو
أوصى بسدس ماله وإلا فهو كما لو أوصى بجزء من
ماله على ما اختاره
(6/75)
وإن وصى له
بجزء معلوم كثلث او ربع أخذته من مخرجه فدفعته
إليه وقسمت الباقي على مسألة الورثة إلا ان
يزيد على الثلث ولا يجيزوا له فتفرض له الثلث
وتقسم الثلثين عليها.
__________
الشافعي.
خلف زوجة وأما وابنا وأوصى لآخر بسهم من ماله
فذكر أبو الخطاب أنها تصح على الأولى من أربعة
وعشرين وكذا على الثالثة وعلى الثانية من خمسة
وعشرين قال في المستوعب أما حكمه في هذه
المسألة فصحيح على الثالثة وفي حكمه على
الروايتين الأوليين سهو منه لأنه أعطى الزوجة
والأم فرضهما قبل الوصية وذلك بخلاف نص القران
والإجماع ثم صححها على الأولى من مائة وأربعة
وأربعين وعلى الأخرى من سبعة وعشرين.
فرع: خلف أبوين وابنين ووصى لشخص بسدس من ماله
ولآخر بسهم منه جعلت ذا السهم كأحد أبويه
وأعطيت صاحب السدس سدسا كاملا وقسمت الباقي
بين الورثة والوصي على سبعة وتصح من اثنين
وأربعين لصاحب السدس سبعة ولصاحب السهم سهم
على الروايات.
ويحتمل أن يعطى الموصي له بالسهم السبع كاملا
كما لو أوصى له به من غير وصية أخرى فتكون له
ستة ويبقى تسعة وعشرون على ستة لا تنقسم
فتضربها في اثنين وأربعين تكن مائتين واثنين
وخمسين.
"وإن وصى له بجزء معلوم كثلث أو ربع أخذته من
مخرجه" فيكون ذلك صحيحا فالثلث مخرجه من ثلاثة
والربع من أربعة "فدفعته إليه" أي: إلى الموصى
له لأنه موصى له به. "وقسمت الباقي على مسألة
الورثة" لأنه حقهم فلو كان له ابنان والوصية
بالثلث صحت من ثلاثة ولو كان ثلاثة والوصية
بالربع صحت من أربعة "إلا أن يزيد على الثلث
ولا يجيزوا له" أي: للموصى له.
"فتفرض له الثلث وتقسم الثلثين عليها" أي: على
المسألة الورثة فإن
(6/76)
وان وصى بجزأين
أو اكثر اخذتها من مخرجها وقسمت الباقي على
المسألة فان زادت المسألة على الثلث ورد
الورثة جعلت السهام الحاصلة للاوصياء ثلث
المال ودفعت الثلثين الى الورثة فلو وصى لرجل
بثلث ماله ولآخر بربعه وخلف ابنين أخذت الثلث
والربع من مخرجهما سبعة من اثني عشر تبقى خمسه
للابنين ان أجازا وان ردا جعلت السبعة ثلث
المال فتكون المسألة من احد وعشرين وإن أجازا
لأحدهما دون الآخر أو أجاز أحدهما لهما دون
الآخر أو أجاز كل واحد لواحد فاضرب وفق مسألة
الإجارة وهو ثمانية في مسألة الرد تكن مائة
وثمانية وستين للذي أجيز،
__________
انقسمت فظاهر وإن لم تنقسم ضربت المسألة أو
وفقها في مخرج الوصية فما بلغ فمنه تصح
وظاهره: أنهم إذا أجازوا فإنها تنفذ في الموصى
به مطلقا.
"وإن وصى بجزئين أو أكثر أخذتها من مخرجها
وقسمت الباقي على المسألة" أي مسألة الورثة
"فإن زادت على الثلث ورد الورثة جعلت السهام
الحاصلة للأوصياء ثلث المال" ليقسم ذلك بين
الأوصياء بلا كسر "ودفعت الثلثين إلى الورثة"
لأنه حقهم "فلو وصى لرجل بثلث ماله ولآخر
بربعه وخلف ابنين أخذت الثلث والربع من
منخرجهما سبعة من اثني عشر" لأن مخرج الثلث من
ثلاثة والربع من أربعة فإذا ضربت أحدهما في
الآخر كانت اثني عشر فثلثها وربعها سبعة.
"تبقى خمسة للابنين إن أجازا" وتصح من أربعة
وعشرين لصاحب الثلث ثمانية ولصاحب الربع ستة
يبقى عشرة للابنين "وإن ردا جعلت السبعة ثلث
المال" مقسومة بينهما على قدر وصيتهما لصاحب
الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة.
"فتكون المسألة من أحد وعشرين" يبقى أربعة عشر
للابنين نصفين "وإن أجاز لأحدهما دون الآخر أو
أجاز له أحدهما لهما دون الآخر أو أجاز كل
واحد لواحد" فوافق بين مسألة الإجازة ومسألة
الرد وهما تتفقان بالأثلاث "فاضرب وفق مسألة
الإجازة وهو ثمانية في مسألة الرد تكن مائة
وثمانية
(6/77)
له سهمه من
مسألة الإجارة مضروب في وفق مسألة الرد وللذي
عليه سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجارة
والباقي للورثة وللذي اجاز لهما نصيبه من
مسألة الإجارة في وفق مسألة الرد وللآخر سهمه
من مسألة الرد في وفق مسألة الإجارة والباقي
بين الوصيين على سبعة.
__________
وستين للذي أجيز له سهمه من مسألة الإجارة
مضروب في وفق مسألة الرد" فإن كانت الإجازة
لصاحب الثلث وحده فسهمه من مسألة الإجارة
ثمانية مضروب في وفق مسألة الرد وهو سبعة تكن
ستة وخمسين ولصاحب الربع نصيبه من مسألة الرد
ثلاثة في وفق مسألة الإجارة ثمانية تكن أربعة
وعشرين فصار المجموع للوصيين ثمانين سهما
والباقي وهو ثمانية وثمانون بين الابنين لكل
ابن أربعة وأربعون سهما.
وإن أجازا لصاحب الربع وحده أخذت سهمه من
مسألة الإجارة ستة مضروبة في وفق مسألة الرد
وهو سبعة تكن اثنين وأربعين يدفعها إليه
ولصاحب الثلث سهمه من مسألة الرد أربعة تضربها
في وفق مسألة الإجارة وهو ثمانية تكن اثنين
وثلاثين فصار المجموع أربعة وسبعين يبقى أربعة
وتسعون للابنين.
وإن أجاز أحد الابنين لهما دون الآخر فللذي
أجاز لهما سهمه من مسألة الإجارة خمسة مضروبة
في وفق مسألة الرد سبعة تكن خمسة وثلاثين
وللذي رد سهمه في مسألة الرد سبعة مضروب في
وفق مسألة الإجارة وهو ثمانية تكن ستة وخمسين
تضمها إلى خمسة وثلاثين تكن أحدا وتسعين يبقى
للوصيين سبعة وسبعون بينهما على سبعة لصاحب
الثلث أربعة وأربعون ولصاحب الربع ثلاثة
وثلاثون وهو المراد بقوله: "وللذي رد عليه
سهمه من مسألة الرد في وفق مسألة الإجارة
والباقي للورثة وللذي أجاز لهما نصيبه من
مسألة الإجارة في وفق مسألة الرد وللآخر سهمه
من مسألة الرد في وفق مسألة الإجارة والباقي
بين الوصيين على سبعة" لم يذكر المؤلف ما
للمجاز له والمردود عليه وما للمجيز فنقول إذا
أجاز الابنان لصاحب الثلث
(6/78)
فصل
وإن زادت الوصايا على المال عملت فيها عملك في
مسائل العول فاذا وصى بنصف وثلث وربع وسدس
اخذتها من.
__________
كان له ستة وخمسون وإذا ردا عليه كان له اثنان
وثلاثون فقد نقصه ردهما أربعة وعشرين.
وإن أجازا لصاحب الربع كان له اثنان وأربعون
وإن ردا عليه كان له أربعة وعشرون فنقصه رد
أحدهما تسعة يبقى له ثلاثة وثلاثون.
وأما الابنان فالذي أجاز لصاحب الثلث إذا أجاز
لهما كان له خمسة وثلاثون وإذا رد عليهما كان
له ستة وخمسون فنقصته الإجازة لهما أحدا
وعشرين لصاحب الثلث منها اثنا عشر يبقى له
أربعة وأربعون والذي أجاز لصاحب الربع إذا
أجاز لهما كان له خمسة وثلاثون وإذا رد عليهما
كان له ستة وخمسون فنقصته الإجازة لهما أحدا
وعشرين منها تسعة لصاحب الربع بقي له سبعة
وأربعون وللوصيين سبعة وسبعون لصاحب الثلث
أربعة وأربعون ولصاحب الربع ثلاثة وثلاثون
فصار المجموع لهما وللابنين مائة وثمانية
وستين. مسألة: أوصى لشخص بنصف ماله لآخر بربعه
فللأول نصف المال وللآخر ربعه مع الإجازة وإن
رد الورثة قسمت الثلث بينهما على قدر سهمامهما
لصاحب النصف ثلثاه وللآخر ثلثه وقسمت الثلثين
على الورثة هذا قول الجمهور.
فصل
"وإن زادت الوصايا على المال عملت فيها عملك
في مسائل العول" نص عليه أي: تجعل وصاياهم
كالفروض التي فرضها الله تعالى للورثه إذا
زادت على المال "فإذا وصى بنصف وثلث وربع وسدس
أخذتها من" مخرجها
(6/79)
اثني عشر وعالت
الى خمسة عشر فتقسم المال بينهم كذلك إن أجيز
لهم والثلث إن رد عليهم وان وصى لرجل بجميع
ماله ولآخر بنصفه وخلف ابنين فالمال بينهم على
ثلاثة إن اجيز لهما والثلث على ثلاثة مع الرد.
__________
"اثني عشر وعالت إلى خمسة عشر فتقسم المال
بينهم" أي: بين أصحاب الوصايا "كذلك" أي: على
خمسة عشر "إن أجيز لهم والثلث إن رد عليهم"
فتصح مسألة الرد من خمسة وأربعين وأصله ما روى
سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية ثنا أبو عاصم
الثقفي قال قال لي إبراهيم النخعي ما تقول في
رجل أوصى بنصف وثلث ماله وربع ماله قلت لا
يجوز قال قد أجازوه قلت لا أدري قال أمسك اثني
عشر فأخرج نصفها ستة وثلثها أربعة وربعها
ثلاثة فاقسم المال على ثلاثة عشر.
وكان أبو حنيفة يقول يأخذ أكثرهم وصية ما يفضل
به على من دونه ثم يقتسم الباقي إن أجازوا وفي
الرد لا يضرب لأحد بأكثر من الثلث وإن نقص
بعضهم عن الثلث أخذ أكثرهم وصية ما يفضل به
على من دونه كرجل أوصى بثلثي ماله ونصفه وثلثه
فالمال بينهم على تسعة مع الإجازة والثلث
بينهم كذلك في الرد كمسألة فيها زوج وأختان
لأب وأختان لأم.
وجوابه أن نظير الأول مسائل العول في الفرائض
والديون وما ذكره لا نظير له مع أن فرض الله
تعالى آكد من فرض الموصي ووصيه ثم إن صاحب
الفرض المفروض لا ينفرد بفضله فكذا في
الوصايا.
"وإن وصي لرجل بجميع ماله ولآخر بنصفه وخلف
ابنين فالمال بينهم على ثلاثة إن أجيز لهما
والثلث على ثلاثة مع الرد" نص عليه وجزم به
الأكثر لأنك إذا بسطت المال من جنس الكسر كان
نصفين فإذا ضممت إليهما النصف الآخر صارت
ثلاثة فيقسم المال على ثلاثة ويصير النصف ثلثا
كزوج وأم وثلاث أخوات مفترقات.
(6/80)
وان أجيز لصاحب
المال وحده فلصاحب النصف التسع والباقي لصاحب
المال في احد الوجهين وفي الآخر ليس له إلا
ثلثا المال التي كانت له في حال الاجازة لهما
ويبقى التسعان للورثة وإن اجازوا الصاحب النصف
وحده فله النصف في الوجه الاول وفي الآخر له
الثلث ولصاحب المال التسعان وإن اجاز احد
الابنين لهما فسهمه بينهما على ثلاثة.
__________
وإن ردوا فالثلث بينهما على ثلاثة لصاحب المال
سهمان ولصاحب النصف سهم وفي الترغيب وجه فيمن
أوصى بماله لوارثه ولآخر بثلثه وأجيز فللأجنبي
ثلثه ومع الرد هل الثلث بينهما على أربعة أو
ثلاثة أو للأجنبي فيه خلاف.
"وإن أجيز لصاحب المال وحده فلصاحب النصف
التسع" لأن الثلث بينهما على ثلاثة لصاحب
النصف ثلثه وهو التسع "والباقي" وهو ثمانية
أتساع المال "لصاحب المال في أحد الوجهين"
لأنه موصى له بالمال كله وإنما منع من ذلك في
حال لهما لمزاحمة صاحبه له فإذا زالت المزاحمة
في الباقي كان له "و" في "الآخر ليس له إلا
ثلثا المال التي كانت له في حال الإجازة لهما"
إذ الإجازة له وحده بمنزلة الإجازة لهما ويبقى
النسعان للورثة إذ لا مزاحمة لهم فيهما ضرورة
أخذ كل واحد من الموصى له ما وصى له به.
"وإن أجازوا لصاحب النصف وحده فله النصف في
الوجه الأول" لأنه موصى له به وإنما منع منه
في حال الإجازة للمزاحمة "وفي الآخر له الثلث"
الذي كان في حال الإجازة لهما لأن ما زاد على
ذلك إنما كان حقا لصاحب المال أخذه الورثة منه
بالرد فيأخذه الوارث. "ولصاحب المال التسعان"
أي: على الوجهين لأن له ثلثي الثلث وهما ذلك
"وإن أجاز أحد الابنين لهما فسهمه بينهما على
ثلاثة" وحينئذ فلا شيء للمجيز وللابن الآخر
الثلث والثلثان بين الوصيين على ثلاثة فيأخذ
مالا له ثلث مقسوم يكن ثلاثة وهو تسعة للموصى
لهما ثلاثة في الأصل يبقى
(6/81)
وإن أجازه
لصاحب المال دفع إليه كل ما في يده او ثلثيه
على اختلاف الوجهين وإن أجاز لصاحب النصف دفع
إليه نصف ما في يده ونصف سدسه أو ثلثه.
__________
ستة لكل ابن ثلاثة ثم يقسم نصيب المجيز لهما
فيصير لهما ستة مقسومة بينهما أثلاثا لصاحب
المال أربعة ولصاحب النصف سهمان ويبقى للراد
ثلاثة أسهم يختص بها
"وإن أجاز" أحدهما "لصاحب المال دفع إليه كل
ما في يده أو ثلثيه على اختلاف الوجهين" وقد
سبقا فيكون للآخر التسع وللابن الآخر الثلث
والباقي لصاحب المال في وجه وفي اخر له أربعة
أتساع والتسع الباقي للمجيز.
"وإن أجاز لصاحب النصف دفع إليه نصف ما في يده
ونصف سدسه أو ثلثه" على الوجه الأول وهو أن
يكون له النصف فيدفع إليه نصف ما يتم به النصف
وهو تسع ونصف سدس في وجه وهو ثلث ما في يده
وربعه وفي اخر يدفع ثلث ما في يده فيصير له
تسعان ولصاحب المال تسعان وللمجيز تسعان
والثلث للذي لم يجز.
وعلى الأول تصح من ستة وثلاثين للذي لم يجز
اثنا عشر وللمجيز خمسة ولصاحب النصف أحد عشر
ولصاحب المال ثمانية وذلك لأن مسألة الرد من
تسعة لصاحب النصف منها سهم فلو أجاز له
الابنان كان له من تمام النصف ثلاثة ونصف فإذا
أجاز له أحدهما لزمه نصف ذلك سهم ونصف وربع
فتضرب مخرج الربع في تسعة تكن ستة وثلاثين
واعلم أن صاحب المحرر والفروع فرضا ذلك فيما
إذا أوصى لزيد بماله ولعمرو بثلثه
وله ابنان فأجازا فالمال أرباعا لزيد ثلاثة
أرباعه ولعمرو ربعه وإن ردا فالثلث بينهما
كذلك ولكل ابن أربعة وإن أجازا لزيد فلعمرو
ربع الثلث والبقية لزيد أعطى له وصيته أو
الممكن منهما وقيل: ثلاثة أرباعه كالإجازة
لهما.
(6/82)
فصل
في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء
إذا خلف ابنين ووصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمثل
نصيب ابن ففيها وجهان أحدهما لصاحب النصيب ثلث
المال عند الاجازة وعند الرد يقسم الثلث بين
الوصيين نصفين والثاني: لصاحب النصيب مثل ما
يحصل لابن وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند
الاجازة.
__________
وإن أجازا لعمرو فله تتمة الثلث وقيل: تتمة
الربع ولزيد ثلاثة أرباع الثلث وإن أجاز ابن
لهما أخذا ما معه أرباعا وإن أجاز لزيد أخذ ما
معه وقيل: ثلاثة أرباعه وإن أجاز لعمرو أخذ
نصف تتمة الثلث وقيل: نصف تتمة الربع وقيل:
الثلث أو الربع.
فصل
في الجمع بين الوصية بالأجزاء والأنصباء
"إذا خلف ابنين ووصى لرجل بثلث ماله ولآخر
بمثل نصيب ابن ففيها وجهان" كذا أطلقهما في
الكافي والفروع وغيرهما "أحدهما" وجزم به في
الوجيز "لصاحب النصيب ثلث المال عند الإجازة"
كما لو لم يكن معه وصى اخر وللآخر الثلث.
"وعند الرد يقسم الثلث بين الوصيين نصفين"
لأنه موصى لهما بثلي ماله وقد رجعت وصيتهما
بالرد إلى نصفها وتصح من ستة.
"والثاني: لصاحب النصيب مثل ما يحصل لابن"
لأنه لو كان أكثر من ذلك لأخذ أكثر من الابن
والموصي قد سوى بينهما.
"وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند الإجازة"
لأن للموصى له بالثلث ثلث
(6/83)
وعند الرد يقسم
بينهما على خمسة وإن كان الجزء الموصى به
النصف خرج فيها وجه ثالث وهو ان يكون لصاحب
النصيب في حال الإجازة ثلث الثلثين وفي الرد
يقسم الثلث بينهما على ثلاثة عشر لصاحب النصف
تسعة ولصاحب النصيب أربعة.
__________
المال يبقى سهمان بين الموصى له بالنصيب وبين
الابنين على ثلاثة فتضربها في ثلاثة تكن تسعة
لصاحب الثلث ثلاثة ولكل ابن سهمان وللموصى له
بالنصيب سهمان وهي تسعان.
"وعند الرد يقسم" الثلث "بينهما على خمسة"
التي كانت لهما في حال الإجازة لصاحب الثلث
ثلاثة ولصاحب النصيب سهمان ولكل ابن خمسة.
"وإن كان الجزء الموصى به النصف" صحت على
الأول من اثني عشر في حال الإجازة وفي الرد من
خمسة عشر وعلى الثاني تصح من ستة في حال
الإجازة وفي الرد من اثني عشر ويزيد بوجه اخر
وهو قوله: "خرج فيها وجه ثالث وهو أن يكون
لصاحب النصيب في حال الإجازة ثلث الثلثين لأن
الثلثين" حق الورثة وهو شريكهم فيكون له ثلث
ذلك "وفي الرد يقسم الثالث بينهما على ثلاثة
عشر لصاحب النصف تسعة ولصاحب النصيب أربعة".
بيانه أن الورثة لا تلزمهم إجازة أكثر من ثلث
المال فإذا أجازوه حسب من نصيبهم لأنهم تبرعوا
به ويبقى نصيب الموصى له بالنصيب على حاله
كأنه لم يخرج من المال إلا الثلث فيبقى
الثلثان بينه وبين الا بنين على ثلاثة لأن له
مثل نصيب أحدهم فتجعل المسألة من ثمانية عشر
لأنها أقل عدد له نصف ولثلثه ثلث لصاحب النصف
تسعة لأنه مجاز له ويعطى صاحب النصيب ثلث
الثلثين أربعة صار المجموع ثلاثة عشر يبقى
خمسة للابنين لا تصح عليهما فتضرب عددهما في
ثمانية عشر تكن ستة وثلاثين لصاحب النصف
ثمانية عشر وللآخر ثمانية يبقى عشرة للابنين.
وإن ردا قسمت الثلث بينهما على ثلاثة عشر فتصح
من تسعة وثلاثين
(6/84)
وإن وصى لرجل
بمثل نصيب أحدهما وللآخر بثلث باقي المال فعلى
الوجه الأول لصاحب النصيب ثلث المال وللآخر
ثلث الباقي تسعان والباقي للورثة.
__________
وإن كان الجزء الموصى به الثلثين فعلى الأول:
للموصى له بالنصيب الثلث في حال الإجازة وتصح
من ثلاثة وفي الرد تقسم الثلث على ثلاثة وتصح
من تسعة.
وعلى الثاني: للموصى له بالنصيب التسع وللآخر
الثلثان في حال الإجازة وتصح من تسعة أيضا وفي
الرد يقسم الثلث بينهما على سبعة وتصح من أحد
وعشرين.
وعلى الثالث: لصاحب النصيب ثلث الثلثين وللآخر
الثلثان فهي من تسعة وتسح من ثمانية عشر في
حال الإجازة لصاحب الثلثين اثنا عشر ولصاحب
النصيب أربعة يبقى سهمان للابنين.
وفي الرد يقسم الثلث بينهما على ستة عشر وتصح
من ثمانية وأربعين وإن كان الجزء الموصى به
جميع المال فعلى الأول: يقسم المال بينهما على
أربعة وعلى الثاني: لا يحصل لصاحب النصيب شيء
لأنه لا يحصل للابن شيء وهذا مما يوهن هذا
الوجه لعدم اطراده ويكون الكل لصاحب المال في
حال الإجازة وفي الرد يأخذ صاحب المال الثلث
ويبقى الثلثان بين صاحب النصيب وبين الابنين
على ثلاثة وتصح من تسعة.
وعلى الثالث: لصاحب النصيب ثلث الثلثين اثنان
من تسعة ولصاحب المال تسعة فتصح من أحد عشر
وفي الرد من ثلاثة وثلاثين لصاحب المال تسعة
ولصاحب النصيب اثنان ولكل ابن أحد عشر.
"وإن وصى لرجل بمثل نصيب أحدهما وللآخر بثلث
باقي المال فعلى الوجه الأول لصاحب النصيب ثلث
المال وللآخر ثلث الباقي تسعان والباقي
للورثة" وتصح من تسعة هذا مع الاجازة ومع الرد
الثلث بينهما
(6/85)
وعلى الثاني
يدخلها الدور ولعملها طرق أحدها أن يجعل المال
ثلاثة أسهم ونصيبا يدفع النصيب إلى الموصى له
بنصيب ابن وللآخر ثلث الباقي سهم ويبقى سهمان
لكل ابن سهم وذلك هو النصيب فصحت من أربعة
وبالجبر تأخذ مالا تلقي منه نصيبا وثلث الباقي
يبقى ثلثا مال إلا ثلثي نصيب يعدل نصيبين
اجبرها بثلثي نصيب وزد مثل ذلك على النصيبين
__________
على خمسة وتصح من خمسة عشر.
"وعلى الثاني" يدخلها الدور" لتوقف معرفة كل
من ثلث الباقي ونصيب ابن على الآخر "ولعملها
طرق" لأنه تارة بعمل المجهول وتارة بالجبر
وتارة بالمنكوس "أحدها: أن يجعل المال ثلاثة
أسهم" وإنما جعل ثلاثة أسهم ليكون للباقي بعد
النصيب ثلث "ونصيبا يدفع النصيب إلى الموصى له
بنصيب ابن" لأنه موصى له بذلك "وللآخر ثلث
الباقي سهم يبقى سهمان لكل ابن سهم وذلك" أي:
السهم هو النصيب لأنه الذي جعل لكل ابن "فصحت
من أربعة" وعملها بطريق الباب أن تضرب مخرج كل
وصية في الأخرى تكن تسعة ألق منها واحدا دائما
من مخرج الوصية بالجزء والنصيب سهمان وتصح من
ثمانية وفي الشرح تضرب ثلاثة في ثلاثة وهي عدد
البنين مع الوصي تكن تسعة أنقص منها واحدا
تبقى ثمانية ومنها تصح وكذا تعمل بما يرد عليك
من هذه المسائل.
"وبالجبر" سمي به لأن الكسر الذي فوق السهام
ينجبر "تأخذ مالا" أي: مجهولا لأن العلم به
ابتداء لا يمكن "تلقي منه نصيبا" وهو وصية
صاحب النصيب "وثلث الباقي" وهو وصية الآخر من
المال وإنما فعل ذلك ليعلم الباقي حتى يقسم
على الورثة "يبقى ثلثا مال إلا ثلثي نصيب"
لأنك لما أسقطت النصيب ثم أردت أن تسقط ثلث
الباقي وهو ثلث المال إلا ثلث نصيب فيحتاج إلى
جبر النصيب فإذا جبر وأسقط من المال ثلث بقي
ثلثا مال إلا ثلثي نصيب "يعدل نصيبين" لأن ذلك
حق جميع الورثة وهم اثنان "اجبرها بثلثي نصيب"
ليبقى بلا كسر "وزد مثل ذلك على النصيبين"
ليقابل ذلك الكسر
(6/86)
يبقى ثلثا مال
يعدل نصيبين وثلثين ابسط الكل أثلاثا من جنس
الكسر يصر مالين بعدل ثمانية أنصباء اقلب
فاجعل المال ثمانية والنصيب اثنين وإن شئت قلت
للابنين سهمان ثم تقول هذا بقية مال ذهب ثلثه
فزد عليه مثل نصفه يصر ثلاثة ثم زد مثل نصيب
ابن تصر أربعة،
__________
المجبور به "يبقى ثلثا مال يعدل نصيبين
وثلثين" لأنه حق الورثة "ابسط الكل أثلاثا من
جنس الكسر" ليصير بلا كسر "يصر مالين يعدل
ثمانية أنصباء" لأن ثلثي المال إذا بسط أثلاثا
صارا مالين والنصيبين والثلثين إذا بسطا
أثلاثا صارا ثمانية أنصباء "اقلب فاجعل المال
ثمانية والنصيب اثنين" وترجع بالاختصار إلى
أربعة "وإن شئت" هذا بيان طريق المنكوس "قلت:
للابنين سهمان" لأن ذلك أقل ما يمكن من عدد
صحيح وهو مال "ثم تقول هذا بقية مال ذهب ثلثه
فزد عليه مثل نصفه" سهما "يصر ثلاثة ثم زد مثل
نصيب ابن تصر أربعة" للموصى له بالنصيب سهم
وللآخر سهم ولكل ابن سهم وإن شئت ضربت ثلاثة
وهو مخرج الثلث في ثلاثة وهو عدد البنين مع
الوصي تكن تسعة أنقص منها واحدا يبقى ثمانية
ومنها تصح وتسمى طريق الباب.
فلو كانت الوصية بربع الباقي قلت هذا بقية مال
ذهب ربعه فزد عليه مثل ثلثه وإن كانت بخمس
الباقي قلت هذا بقية مال ذهب خمسه فزد عليه
مثل ربعه.
مسألة: إذا خلف ثلاثة بنين ووصي لرجل بمثل
نصيب أحدهم ولآخر بنصف باقي المال ففيه أوجه:
أحدها: يعطى صاحب النصيب مثل نصيب ابن إذا لم
يكن ثم وصية أخرى.
والثاني: يعطى نصيبه من ثلثي المال.
والثالث: يعطي مثل نصيب ابن بعد أخذ صاحب
فيدخلها الدور.
(6/87)
وإن كانت وصية
الثاني بثلث ما يبقى من النصف فبالطريق الأول
تجعل المال ستة ونصيبين يدفع النصيب إلى
الموصى له والى الآخر ثلث بقية النصف سهما
وإلى احد الابنين نصيبا بقي خمسة للابن الآخر
فالنصيب خمسة،
__________
ولها طرق:
أحدها: أن تأخذ مخرج النصف فتسقط منه سهما
يبقى سهم فهو النصيب فزد على عدد البنين واحدا
تكن أربعة فتضربها في المخرج تكن ثمانية
تنقصها سهما يبقى سبعة فهي المال للموصى له
بالنصيب سهم وللآخر نصف الباقي ثلاثة ولكل ابن
سهم.
الثاني: أن تزيد سهام البنين نصف سهم وتضربها
في المخرج تكن سبعة والمال ستة عشر.
الثالث: طريق المنكوس وهو أن تأخذ سهام البنين
وهي ثلاثة فتقول هذا بقية مال ذهب نصفه فإذا
أردت تكميلة زدت عليه مثله ثم زد عليه مثل
نصيب ابن تكن سبعة.
الرابع: أن تجعل المال سهمين ونصيبا تدفع
النصيب إلى الموصى له به يبقى سهم للبنين يعدل
ثلاثة أنصباء فالمال كله سبعة وبالجبر تأخذ
مالا وتلقي منه نصيبا يبقى مال الأنصباء تدفع
نصيب الباقي إلى الوصي الآخر يبقى نصف مال إلا
نصف نصيب بعدل ثلاثة أنصباء اجبره بنصف نصيب
وزده عليه يبقى نصيبا كاملا يعدل ثلاثة ونصفا
فالمال سبعة.
"وإن كانت وصية الثاني بثلث ما يبقى من النصف
فبالطريق الأول" وهي أن تعمل بالمجهول "تجعل
المال ستة ونصيبين" ليكون الباقي من النصف بعد
النصيب له ثلث صحيح يأخذه الموصى له.
"يدفع النصيب إلى الموصى له وإلى الآخر ثلث
بقية النصف سهما" لأنه موصى لهما بذلك "وإلى
أحد الابنين نصيبا" لأنه يستحق مثل ما يستحق
صاحب النصيب "بقي خمسة للابن الآخر" لأنه لم
يبق حق لغيره "فالنصيب خمسة" لأنه،
(6/88)
والمال ستة عشر
وبالجبر تأخذ مالا وتلقي منه نصيبا وثلث باقي
النصف يبقى خمسة أسداس مال إلا ثلثي نصيب يعدل
نصيبين وثلثين ابسط الكل أسداسا من جنس الكسر
واقلب وحول يصر المال ستة عشر والنصيب خمسة
وإن خلف أما وبنتا وأختا وأوصى بمثل نصيب الأم
وسبع ما بقي ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع ما
بقي ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما،
__________
مثل ما أخذ الابن "والمال ستة عشر" للموصى له
بثلث باقي النصف سهم يبقى خمسة عشر للموصى له
بالنصيب خمسة ولكل ابن خمسة.
وعلى الوجه الأول تصح من ثمانية عشر لصاحب
النصف ستة وللآخر ثلث ما يبقى من النصف سهم
يبقى أحد عشر للابنين وتصح من ستة وثلاثين
لصاحب النصيب اثنا عشر ولصاحب الثلث سهمان
ولكل ابن أحد عشر هذا مع الإجازة وفي الرد تصح
من أحد وعشرين للأول ستة أسهم وللآخر سهم ولكل
ابن سبعة.
"وبالجبر تأخذ مالا وتلقي منه نصيبا وثلث باقي
النصف يبقى خمسة أسدسا مال إلا ثلثي نصيب"
لأنه الباقي بعد الإلقاء "يعدل نصيبين وثلثين"
وجبرانه ليزول الكسر "ابسط الكل أسداسا من جنس
الكسر واقلب وحول" أي: بأن تجعل أجزاء المال
النصيب وأجزاء النصيب المال "يصير المال ستة
عشر" لأن النصيبين وثلثين ستة عشر "والنصيب
خمسة" لأن ما تقدم خمسة أسداس وإن شئت أخذت
نصف مال ألقيت منه نصيبا يبقى نصف مال إلا
نصيبا ألق ثلثه يبقى ثلث مال إلا ثلثي نصيب
ضمه إلى نصف المال تصير خمسة أسداس إلا ثلثي
نصيب تعدل نصيبين اجبر وقابل تصير خمسة أسداس
مال يعدل نصيبين وثلثين ابسط الكل أسداسا من
جنس الكسر واقلب يكن المال ستة عشر والنصيب.
"وإن خلف أما وبنتا وأختا وأوصى بمثل نصيب
الأم وسبع ما بقي ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع
ما بقي ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما بقي
(6/89)
بقي فقل مسألة
الورثة من ستة وهي بقية مال ذهب ثلثه فزد عليه
مثل نصفه ثلاثة ثم زد مثل نصيب البنت يكن اثني
عشر فهي بقية مال ذهب ربعه فزد عليه ثلثه ومثل
نصيب الأخت صارت ثمانية عشر وهي بقية مال ذهب
سبعه فزد عليه مثل سدسه ومثل نصيب الأم تكن
اثنين وعشرين،
__________
فقل: مسألة الورثة من ستة" لأن فيها سدسا
ونصفا وما بقي "وهي" أي: الستة "بقية مال ذهب
ثلثه فزد عليه مثل نصفه ثلاثة" تكن تسعة "ثم
زد مثل نصيب البنت" وهو ثلاثة "يكن اثني عشر
فهي بقية مال ذهب ربعه فزد عليه ثلثه" وهو
أربعة "ومثل نصيب الأخت صارت ثمانية عشر وهي
بقية مال ذهب سبعه فزد عليه مثل سدسه ومثل
نصبب الأم تكن اثنين وعشرين" هذا طريق المنكوس
فتدفع إلى الموصى له بمثل نصيب الأم سهما وسبع
ما بقي ثلثه يبقى ثمانية عشر تدفع إلى الموصى
له بمثل نصيب الأخت سهمين وربع الباقي أربعة
فيحصل له ستة ويبقى اثني عشر تدفع إلى الموصي
له بمثل نصيب البنت ثلثه يبقى تسعه تدفع إليه
ثلثها ثلاثة يصير له ستة ويبقى ستة للورثة هذا
مع الإجازة.
ومع الرد تجعل الثلث ستة عشر وتصح من ثمانية
وأربعين للموصي له بمثل نصيب الأم أربعة ولكل
واحد من الوصيين الآخرين ستة وللورثة اثنان
وثلاثون لا تنقسم على مسألتهم وتوافقها
بالأنصاف فتضرب وفق أحدهما في الآخر تكن مائة
وأربعة وأربعين. وبطريق الباب تضرب المخارج
بعضها في بعض تكن أربعا وثمانين فتنقص منها
سبعها وربعها وثلثها يبقى ثلاث وعشرون فهو
النصيب ثم تقول المسألة من ستة.
فزد مثل نصيب لأم سهم ثم انقص منه سبعة يبقى
ستة أسباع ثم مثل سهمين ثم انقص منها ربعها
يبقى سهم ونصف ثم زد مثل نصيب البنت ثلاثة ثم
انقص منها ثلثها يبقى سهمان فيجمع ذلك أربعة
وسبعين ونصف سبع تضيفها إلى المسألة وهي ستة
تكن عشرة وسبعين
(6/90)
....................................................
__________
ونصف سبع تضربها في أربع وثمانين تبلغ
ثمانمائة وسبعين للموصى له بمثل نصيب الأم
ثلاثة وعشرون يبقى ثمانمائة وسبعة وأربعون
أعطه سبعها مائة واحدا وعشرين وللموصى له بمثل
سهمان وهو ستة وأربعون يبقى ثمانمائة وأربعة
وعشرون أعطه ربعها مائتين وستة وللموصى له
بمثل نصيب البنت ثلاثة وهو تسعة وستون يبقى
ثمانمائة وأحد أعطها ثلثها مائتين وسبعة وستين
وبالجبر تأخذ مالا وتلقي منه مثل نصيب البنت
ثلاثة أنصباء وثلث الباقي يبقى ثلثا مال إلا
نصيبين ألق منها مثل نصيبين وربع الباقي يبقى
نصف المال إلا ثلاثة أنصباء.
ألق منها مثل نصيب الأم يبقى نصف مال إلا
أربعة أنصباء ألق سبعها وهو نصف سبع مال
وأربعة أسباع نصيب يبقى ثلاثة أسباع مال إلا
ثلاثة أنصباء وثلاثة أسباع نصيب تعدل أنصباء
الورثة سنة.
اجبرها بثلاثة أنصباء وثلاثة أسباع نصيب ابسط
الكل أسباعا من جنس الكسر يصير النصيب ستة
وستين والمال ثلاثة اقلب فاجعل النصيب ثلاثة
والمال ستة وستين ادفع إلى الموصى له بمثل
نصيب الأم نصيبا وهو ثلاثة أسهم وسبع الباقي
تسعة يبقى أربعة وخمسون ادفع إلى الموصى له
بمثل نصيبين ستة أسهم وربع الباقي وهو اثنا
عشر يبقى ستة وثلاثون. ادفع إلى الموصى له
بمثل نصيب البنت ثلاثة أنصباء وهي تسعة وثلث
الباقي تسعة أيضا يبقى ثمانية عشر للورثة للأم
ثلاثة وللأخت ستة وللبنت تسعة وهذا مع الإجازة
وترجع بالاختصار إلى اثنين وعشرين.
ومع الرد يقسم الثلث بينهم على ثمانية أربعين
وتصح من مائة وأربعة وأربعين والأحسن في عملها
أن تقول مسألة الورثة من ستة يعطى الموصى له
بمثل نصيب البنت ثلاثة وثلث ما بقي من الستة
سهم وللموصى له بمثلة نصيب الأخت سهمان وربع
ما بقي وهو سهم وللموصى له بمثل
(6/91)
وإن خلف ثلاثة
بنين ووصى لرجل بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال
فخذ مخرج الكسر من أربعة وزد عليه ربعه تكن
خمسة فهو نصيب كل ابن وزد على عدد البنين
واحدا واضربه في مخرج الكسر،
__________
نصيب الأم سهم وسبع ما بقي وهو خمسة أسباع سهم
فيكون المجموع ثمانية أسهم وخمسة أسباع سهم
يضاف إلى مسألة الورثة وهي ستة تكن أربعة عشر
سهما وخمسة أسباع سهم تضربها في سبعة ليخرج
الكسر صحيحا تكن مائة وثلاثة فمن له منها شيء
فمضروب في سبعة فللبنت أحد وعشرون وللأخت
أربعة عشر وللأم سبعة وللموصى له بمثل نصيب
البنت وثلث ما بقي ثمانية وعشرون وللموصى له
بمثل نصيب الأخت وربع ما بقي أحد وعشرون
وللموصى له بمثل نصيب الأم اثنا عشر وهذه
طريقة صحيحة وتعمل كلما ورد عليك كذلك.
مسألة : خلفت زوجا وأما وأختا وأوصت بمثل نصيب
الأم وثلث ما بقي ولآخر بمثل نصيب الزوج ونصف
ما بقي فمسألة الورثة من ثمانية وهي مال ذهب
نصفه فزد عليه مثله تكن ستة عشر ومثل نصيب
الزوج ثلاثة يصير تسعة عشر وهي بقية مال ذهب
ثلثه فزد عليه نصفه صار ثمانية وعشرين ونصفا
فزد عليه مثل نصيب الأخت سهمين تكن ثلاثين
ونصفا ابسطها من جنس الكسر أحدا وستين للموصى
له بمثل نصيب الأم أربعة يبقى سبعة وخمسون
ادفع إليه ثلثها تسعة عشر يبقى ثمانية وثلاثون
ادفع إلى الموصى له بمثل نصيب الزوج ستة يبقى
اثنان وثلاثون ادفع إليه نصفها يبقى ستة عشر
للزوج ستة وللأم أربعة وللأخت ستة.
هذا مع الإجازة ومع الرد تجعل السهام الحاصلة
للأوصياء ثلث المال وهي خمسة وأربعون فيكون
مجموع المسألة من ثمانية وخمسة وثلاثين "وإن
خلف ثلاثة بنين ووصى لرجل بمثل نصيب أحدهم إلا
ربع المال فخذ مخرج الكسر من أربعة وزد عليه
ربعه" لأنه مستثنى "تكن خمسة فهو نصيب كل ابن
وزد على عدد البنين واحدا" تكن أربعة " واضربه
في مخرج الكسر"
(6/92)
تكن ستة عشر
أعط الموصى له نصيبا وهو خمسة واستثن منه ربع
المال أربعة يبقى له سهم ولكل ابن خمسة وإن
قال إلا ربع الباقي بعد النصيب فزد على عدد
البنين سهما وربعا واضربه في المخرج يكن سبعة
عشر له سهمان ولكل ابن خمسة وإن قال إلا ربع
المال بعد الوصية جعلت المخرج ثلاثة وزدت عليه
واحدا يكن أربعة فهو النصيب وزد على سهام
البنين سهما وثلثا واضربه في المخرج يكن ثلاثة
عشر له سهم،
__________
أربعة "تكن ستة عشر أعط الموصى له نصيبا وهو
خمسة واستثن منه ربع المال أربعة يبقى له سهم
ولكل ابن خمسة" وإن شئت خصصت كل ابن بربع
وقسمت الربع الباقي بينه وبينهم على أربعة.
"وإن قال إلا ربع الباقي بعد النصيب فزد على
عدد البنين سهما وربعا" لأن ذلك طريق إلى
معرفة الموصى به "واضربه في المخرج" أي: في
مخرج الكسر "تكن سبعة عشر له سهمان ولكل ابن
خمسة" لأن النصيب خمسة فإذا سقط من سبعة عشر
بقي اثنا عشر فإذا سقط منها ربع وهو ثلثه بقي
من النصيب سهمان وهما للموصى له ولكل ابن خمسة
وبالجبر تأخذ مالا وتدفع منه نصيبا إلى الوصي
ويستثنى منه ربع الباقي وهو ربع مال إلا ربع
نصيب صار مال وربع إلا نصيبا وربعا يعدل
أنصباء البنين وهم ثلاثة اجبر وقابل يخرج
النصيب خمسة والمال سبعة عشر.
وطريق اخر وهو أن يفرض المال أربعة ونصيبا خذ
منه أحدا زده على الأربعة فلكل ابن أحد وثلثان
وهو النصيب ابسط الكل أثلاثا تبلغ سبعة عشر
للموصى به النصيب اثنان ولكل ابن خمسة.
"وإن قال إلا ربع المال بعد الوصية جعلت
المخرج ثلاثة وزدت عليه واحدا تكن أربعة فهو
النصيب وزدت على عدد البنين سهما وثلثا" لأن
ذلك طريق إلى معرفة الموصى به "واضربه في
المخرج يكن ثلاثة عشر له سهم" لأنه موصى له
بنصيب وقد تبين أنه أربعة إلا ربع الباقي بعد
الوصية
(6/93)
ولكل ابن أربعة
ولا يليق بهذا الكتاب التطويل باكثر من هذا،
__________
وقد تبين أنه ثلاثة فبقي له سهم "ولكل ابن
أربعة" وإن شئت قلت المال كله ثلاثة أنصباء
ووصية الوصية هي نصيب إلا ربع الباقي وذلك
ثلاثة أرباع نصيب فبقي ربع نصيب فهو الوصية
والمال كله ثلاثة وربع ابسطها تكن ثلاثة عشر.
وإن شئت أنقص الجزء المستثنى أحدا يبقى ثلاثة
زدها نصيبا وزد منه أحدا عليها فالأربع للبنين
لكل ابن سهم وثلث وهو النصيب وبالبسط تبلغ
ثلاثة عشر "ولا يليق بهذا الكتاب التطويل
بأكثر من هذا" لأنه مختصر.
مسائل
الأولى: خلف ثلاثة بنين ووصى لعمه بمثل نصيب
أحدهم إلا ثلث وصية خاله ولخاله بمثل نصيب
أحدهم إلا ربع وصية عمه فاضرب مخرج الثلث في
مخرج الربع يكن اثني عشر أنقصها سهما يبقى أحد
عشرة فهي نصيب ابن أنقصها سهمين يبقى تسعة فهي
وصية الخال وإن نقصها ثلاثة فهي ثمانية وهي
وصية العم.
وبالجبر تجعل مع العم أربعة دراهم ومع الخال
ثلاثة دنانير ثم تزيد على الدراهم دينارا وعلى
الدنانير درهما يبلغ كل واحد منهما نصيبا أجبر
وقابل وأسقط المشترك يبقى معك ديناران تعدل
ثلاثة دراهم فاقلب وحول تصر الدراهم ثمانية
والدنانير تسعة.
الثانية: أوصى لعمه بعشرة إلا ربع وصية خاله
ولخاله بعشرة إلا خمس وصية عمه فاضرب المخارج
تكن عشرين أنقصها سهما تكن تسعة عشر فهي
المقسوم عليه ثم اجعل مع المال أربعة أنقصها
سهما يبقى ثلاثة أضربها في العشرة ثم فيما مع
العم وهو خمسة تكن مائة وخمسين اقسمها على
تسعة عشر فهي وصية عمه يخرج سبعة وسبعة عشر
جزءا من تسعة عشر جزءا فهي وصية عمه واجعل مع
العم خمسة وأنقصها سهما واضربها في عشرة ثم في
أربعة تكن
(6/94)
باب الموصى
إليه
تصح وصية المسلم إلى كل مسلم عاقل عدل
__________
مائة وستين اقسمها تكن مائة وثمانية أجزاء فهي
وصية خاله.
الثالثة: إذا أوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنيه
وهم ثلاثة ولآخر بثلث ما يبقى من الثلث ولآخر
بدرهم فاجعل المال تسعة دراهم وثلاثة أنصباء
وإلى الثاني والثالث درهمين بقي سبعة ونصيبان
ادفع نصييين إلى ابنين فيبقى سبعة للابن
الثالث فالنصيب سبعة والمال ثلاثون فإن كانت
الوصية الثالثة: بدرهمين فالنصيب ستة والمال
سبعة وعشرون والله أعلم بالصواب.
باب الموصى إليه
لا بأس بالدخول في الوصية لفعل الصحابة فروي
عن أبي عبيدة أنه لما عبر الفرات أوصى إلى عمر
وأوصى إلى الزبير ستة من الصحابة منهم عثمان
وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف ولأنها وكالة
أشبهت الوديعة.
وقياس قول أحمد أن عدم الدخول فيها أولى لما
فيها من الخطر وهو لا يعدل بالسلام شيئا كما
كان يرى عدم الالتقاط وترك الإحرام قبل
الميقات.
وحديث أبي ذر شاهد بذلك "تصح وصية المسلم إلى
كل مسلم عاقل عدل" مكلف رشيد إجماعا ولو
مستورا أو عاجزا ويضم إليه أمين "وإن كان
عبدا" لأنه يصح استنابته في الحياة فصح أن
يوصى إليه كالحر.
وظاهره: لا فرق بين أن يكون عبدا للموصي أو
لغيره ذكره ابن حامد لكن إن كان لغيره اشترط
إذن سيده وخصه الأوزاعي والنخعي بعبده.
وقال أبو يوسف ومحمد وفاقا للشافعي لا تصح إلى
عبد بحال لأنه لا يكون وليا على ابنه بالكسب
فلا يجوز أن يلي الوصية كالمجنون.
وجوابه بأنه ينتقض بالمرأة والمكاتب والمدبر
والمعتق بعضه كالعبد
(6/95)
وإن كان عبدا
أو مراهقا أو امرأة أو أم ولد ولا تصح إلى
غيرهم وعنه: تصح إلى الفاسق ويضم الحاكم إليه
أمينا،
__________
"أو مراهقا" بكسر الهاء وهو القريب من
الأحتلام فظاهره أن البلوغ ليس بشرط في صحتها
لأن المراهق كالبالغ في إمكان التصرف فصحت
إليه كالبالغ وهذا رواية وفي أخرى تصح إلى
مميز و قال القاضي: هو قياس المذهب لأن أحمد
نص على صحة وكالته فيعتبر على هذا مجاوزة
العشر.
وفي المغني لا أعلم فيه نصا عن أحمد والمذهب
اشتراط البلوغ جزم به الأكثر لأنه ليس من أهل
الشهادة والإقرار وهو مولى عليه فلم يكن من
أهل الولاية كالطفل.
"أو امرأة" في قول جمهور العلماء ولم يجزه
عطاء لأنها لا تكون قاضية وجوابه بأن عمر أوصى
إلى حفصه ولأنها من أهل الشهادات أشبهت الرجل
وتخالف القضاء فإنه يعتبر له الكمال في الخلقة
والاجتهاد "أو أم ولد" نص عليه لأنها تكون حرة
من أصل المال عند نفوذ الوصية.
"ولا تصح إلى غيرهم" كالطفل والمجنون لأنهما
ليسا من أهل التصرف في أموالهما فلا يليان على
غيرهما.
والكافر لأنه ليس من أهل الولاية على المسلم
فلم تصح إليه بغير خلاف نعلمه
والفاسق لأنه ليس بأمين ولا من أهل الشهادة
كالمجنون.
وكذا لا تصح إلى من لا يهتدي إلى التصرف لسفه
أو مرض أو هرم ونحوه "وعنه: تصح إلى الفاسق
ويضم الحاكم إليه أمينا" اختاره الخرقي جمعا
بين نظر الموصي وحفظ المال وشرطه إن أمكن
الحفظ به صرح به في الفروع وغيره.
وعنه: تصح إليه مطلقا أي: لا يفتقر إلى أمين
حكاها أبو الخطاب في خلافه وأخذها في المغني
من رواية ابن منصور إذا كان متهما لم يخرج
(6/96)
وان كانوا على
غيرهذه الصفات ثم وجدت عند الموت فهل تصح على
وجهين وإذا أوصى إلى واحد وبعده إلى اخر فهما
وصيان،
__________
من يده ولأنه أهل الائتمان في الجملة بدليل
جواز إيداعه لكن تتمة رواية ابن منصور ويجعل
معه اخر كرواية يوسف ابن موسى إن كان متهما ضم
إليه أمين يعلم ما جرى ولا تنزع الوصية منه.
وذكرها جماعة في فسق طارىء فقط وقيل: عكسه.
وترجمة الخلال هل للورثة ضم أمين مع الوصي
المتهم ثم إن ضمه بأجرة من الوصية توجه جوازه
ومن الوصي فيه نظر بخلاف ضمه مع الفسق وعلم
منه أنه لا نظر لحاكم مع وصي خاص كفء.
قال الشيخ تقي الدين فيمن أوصي إليه بإخراج
حجة ولاية الدفع والتعيين للناظر الخاص وإنما
للولي العام الاعتراض لعدم أهليته أو فعله
محرما.
فظاهره أنه لا نظر ولا ضم مع وصي غير متهم.
وذكره جماعه "وإن كانوا على غير هذه الصفات ثم
وجدت بعد الموت فهل تصح؟ على وجهين" أحدهما
وهو الأصح أنه يعتبر وجود هذه الشروط في الوصي
عند الوصية والموت لأنها شروط العقد فيعتبر
حال وجوده كسائر العقود.
والثاني: أنها تعتبر حالة الموت حسب كالوصية
له ولأن شروط الشهادة تعتبر حالة التحمل لا
الأداء .
ورد بأن الوصية صحيحة وإن كانت لوارث وإنما
يعتبر عدم الإرث وخروجها من الثلث للنفوذ
واللزوم فاعتبر بحالته بخلاف مسألتنا فإنها
شروط لصحة العقد فاعتبر بحالة العقد ولا ينفع
وجودها بعده.
وقيل: يعتبر ما بينهما.
"وإذا أوصى إلى واحد وبعده إلى اخر فهما
وصيان" نص عليه كما لو
(6/97)
إلا ان يقول قد
أخرجت الأول وليس لأحدهما انفراد بالتصرف إلا
أن يجعل ذلك إليه وإن مات أحدهما أقام الحاكم
مكانه أمينا وكذلك إن فسق وعنه: يضم إليه
أمين،
__________
أوصى إليهما جميعا "إلا أن يقول قد أخرجت" أو
عزلت "الأول" فإنها تبطل وصيته لأنه قد صرح
بعزله فانعزل كما لو وكله ثم عزله "وليس
لأحدهما" أي: الوصيين سواء أوصى إليهما معا أو
على التعاقب "الانفراد بالتصرف" لأنه لم يرض
بنظره وحده كالوكيلين "إلا أن يجعل ذلك إليه"
فإنه ينفرد بالتصرف نص عليه كما لو كان
منفردا.
وعلى الأول متى تعذر اجتماعهما أقام الحاكم
مكان الغائب أمينا ذكره في المغني والشرح فلو
اختلفا في جعل المال عند من يكون منهما جعل في
مكان يكون تحت أيديهما جميعا وقال مالك: يجعل
عند أعدلهما وقال أصحاب الرأي: يقسم بينهما
وهو المنصوص عند الشافعي.
"وإن مات أحدهما" أو وجد منه ما يوجب عزله
"أقام الحاكم مكانه أمينا" لزوما لأن الموصي
لم يرض بنظره وحده فلو أراد الحاكم أن يكتفي
بالثاني لم يجز وإن وجد منهما ما يقتضي المنع
فللحاكم أن ينصب مكانهما وفي الاكتفاء بواحد
وجهان كذا في الشرح والفروع.
ومحل ما ذكره المؤلف ما إذا أطلق فإن جعل لكل
منهما التصرف لم يجز للحاكم إقامة اثنين.
وفي الرعاية إذا مات أحدهما أو جن وعجز الآخر
عنها أو فسق أقام اثنين كما لو لو عجزا أو
فسقا وقيل: يكفي واحد.
"وكذلك إن فسق" أي: يقيم الحاكم مقامه أمينا
"وعنه: يضم إليه أمين" تقدم الكلام في صحة
الوصية إلى الفاسق والكلام الان على الفسق
الطارىء فعند المؤلف هو مبني على الروايتين في
صحة الوصية إليه ابتداء واختار القاضي وغيره
البطلان ويقيم الحاكم مقامه أمينا وهو قول
الثوري وإسحاق وحمل
(6/98)
ويصح قبوله
للوصية في حياة الموصي وبعد موته وله عزل نفسه
متى شاء وعنه: ليس له ذلك بعد موته،
__________
كلام أحمد والخرقي على الفسق الطارىء بعد
الموت.
وعند المجد يبدل بأمين بلا نزاع نظرا إلى أن
الوصي في الابتداء قد رضيه واختاره والظاهر
أنه إنما فعل ذلك لمعنى راه فيه إما لزيادة
حفظه أو إحكام تصرفه ونحوه مما يربوا على ما
فيه من الخيانة بخلاف ما لو طرأ فسقه فحال
الموصي يقتضي أنه إنما رضي بعدل ولا عدل.
وذكر في الشرح أن التفريق بين الفسق المقارن
والطارىء بعيد فإن الشروط تعتبر في الدوام
كاعتبارها في الابتداء سيما إذا كانت لمعنى
يحتاج إليه في الدوام وإذا لم يكن بد من
التفريق فاعتبار العدالة في الدوام أولى من
قبل أن الفسق إذا كان موجودا حال الوصية فقد
رضي به الموصي مع علمه بحاله وأوصى إليه راضيا
بتصرفه مع فسقه فيشعر ذلك أنه علم أن عنده من
الشفقة على اليتيم ما يمنعه من التفريط فيه
وخيانته في ماله بخلاف ما إذا طرأ فسقه فإنه
لم يرض به على تلك الحال والاعتبار برضاه.
"ويصح قبوله للوصية في حياة الموصي" لأنه إذن
في التصرف فصح قبوله بعد العقد كالوكالة بخلاف
الوصية له فإنها تمليك في وقت فلم يصح القبول
قبل الوقت "وبعد موته" لأنها نوع وصية فصح
قبولها كالوصية ومتى قبل صار وصيا.
فرع: يجوز أن يجعل للوصي جعلا كالوكالة
ومقاسمة الوصي الموصى له جائزة على الورثة
لأنه نائب عنهم فمقاسمته للورثة على الموصى له
غير جائزة لأنه ليس بنائب عنهم.
"وله عزل نفسه متى شاء" لأنه متصرف بالإذن
كالوكيل وظاهره: مع القدرة في حياة الموصي
وضدها.
"وعنه: ليس له ذلك بعد موته" ذكرها ابن أبي
موسى وقاله أبو حنيفة
(6/99)
وللموصى عزله
متى شاء وليس للوصي ان يوصي إلا أن يجعل ذلك
إليه وعنه: له ذلك
__________
وزاد وعنه: لا يجوز في حياته إلا بحضرته لأنه
غره بالتزام وصيته ومنعه بذلك الإيصاء إلى
غيره.
ونقل الأثرم وحنبل له عزل نفسه إن وجد حاكما
قدمه في المحرر وعنه: ليس له ذلك قبل موته إذا
لم يعلمه قيل لأحمد إن قبلها ثم غيّر الوصية
فيها قال لا يلزمه قبولها إذا غيّر فيها.
مسألة: ما أنفقه وصي متبرع بمعروف في ثبوتها
فمن مال يتيم ذكره الشيخ تقي الدين. "وللموصي
عزله متى شاء" كالموكل "وليس للوصي أن يوصي"
أي: إذا أطلق على المذهب لأنه قصر في توليته
فلم يكن له التفويض كالوكيل "إلا أن يجعل ذلك
إليه" بأن يقول أذنت لك أن توصي إلى ما شئت أو
كل من أوصيت إليه فقد أوصيت إليه أو هو وصي
فإنه يصح في قول أكثر العلماء كالوكيل إذا أمر
بالتوكيل.
"وعنه: له ذلك" مطلقا لأن الأب أقامه مقام
نفسه فملك الوصية كالأب والفرق واضح فإن الأب
يلي من غير تولية أحد.
وحكى في الرعاية قولا أن الروايتين فيما يتولى
مثله ويصح فيما لا يتولاه مثله وقيل: إن أذن
له في الوصية إلى شخص معين جاز وإلا فلا.
تنبيه: إذا قال أوصيت إلى زيد فإن مات فعمرو
صح رواية واحدة ويكون كل منهما وصيا إلا أن
عمرا بعد زيد ومثله أوصى إليه ثم قال إن تاب
ابني عن فسقه او قدم من غيبته أو صح من مرضه
أو رشد صار الثاني وصيا عند الشرط ذكره
الأصحاب أو هو وصيي سنة ثم عمرو للخبر "أميركم
زيد" والوصية كالتأمير.
قال في الفروع ويتوجه لا لأن الوصية استنابة
بعد الموت فهي كالوكالة
(6/100)
ولا تصح الوصية
إلا في معلوم يملك الموصي فعله كقضاء الدين
وتفريق الوصية والنظر في أمر الأطفال،
__________
في الحياة ولهذا هل للوصي أن يوصي ويعزل من
وصى إليه ولا يصح إلا في معلوم وللموصي عزله
وغير ذلك كالوكيل فلهذا لا يعارض ذلك ما ذكره
القاضي وجماعة إذا قال الخليقة الإمام بعدي
فلان فإن مات فلان في حياتي أو تغير حاله
فالخليفة فلان صح وكذا في الثالث والرابع وإن
قال فلان ولي عهدي فإن ولي ثم مات ففلان بعده
لم يصح للثاني وعللوه بأنه إذا ولي صار إماما
وصار التصرف والنظر والاختيار إليه فكان العهد
إليه فيمن يراه وفي التي قبلها جعل العهد إلى
غيره عند موته وتعتبر صفاته في الحالة التي لم
تثبت للمعهود إليه إمامة وظاهر هذا أنه لو علق
ولي الأمر ولاية الحكم أو وظيفة بشرط شغورها
أو بشرط فوجد الشرط بعد موت ولي الأمر والقيام
مقامه أن ولايته تبطل وأن النظر والاختيار لمن
قام مقامه.
يؤيده أن الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم
بالوكالة في مسائل فإنه لو علق عتقا أو غيره
بشرط بطل بموته لزوال ملكه فتبطل تصرفاته
انتهى.
وذكر بعض المحققين أن في اعتبار الولاية
بالوكالة نظر لأن تعليق الوكالة بالموت لا تصح
بخلاف الولاية كما إذا عهد الإمام لآخر بعده
فإنه يصح فالأولى: اعتبار الولاية بالوصية
لأنها تتعلق بالموت لا الحياة بخلاف الوكالة
فإنها لا تتعلق بالموت إجماعا وتبطل به فهي ضد
الوكالة بصحتها بعد الموت خاصة والوكالة لا
تصح إلا في الحياة فهما متضادتان فلا يلزم من
صحتها بعد الموت صحتها في الحياة فإذا انقطعت
ولاية العاهد قبل موته بعزله أو جنونه ينبغي
أن يبطل عهده كما لو زال ملك الموصي عن العين
الموصى بها قبل موته
"ولا تصح الوصية إلا في" تصرف "معلوم" ليعلم
الموصى إليه ما وصى به إليه ليحفظه ويتصرف فيه
"يملك الموصي فعله كقضاء الدين وتفريق الوصية
والنظر في أمر الأطفال" لأن الوصي يتصرف
بالإذن فلم يجز إلا في معلوم
(6/101)
واذا أوصى إليه
في شيء لم يصر وصيا في غيره وإذا أوصى بتفريق
ثلثه فأبى الورثة إخراج ثلث ما في أيديهم
أخرجه كله مما في يده وعنه: يخرج ثلث ما في
يده يخرج ويحبس باقيه حتى يخرجوا.
__________
يملكه الموصي كالوكالة وليس هذا خاصاً
بالأطفال بل ذو الولاية إذا أوصى إلى من ينظر
في أمر أولاده المجانين ومن لم يؤنس منهم رشد
صح بأن يحفظ مالهم ويتصرف فيه بالأحظ فأما من
لا ولاية له عليهم كالعقلاء الراشدين وغير
أولاده من الاخوة والأعمام فلا تصح الوصية
لعدم الولاية في الحياة.
فرع: تصح الوصية بحد يستوفيه له لا للموصى له.
"وإذا أوصى إليه في شيء لم يصر وصيا في غيره"
لأنه استفاد التصرف بالإذن من جهته فكان
مقصورا على ما أذن فيه كالوكيل وقال أبو حنيفة
يملك الكل لأنها ولاية تنتقل من الأب فلا
تتبعض كولاية الجد واجيب بمنع ولايته ولو سلم
فاستفادها بالقرابة وهي لا تتبعض والإذن يتبعض
فافترقا فإن وصى إليه في تركته وأن يقوم مقامه
فهذا وصي في جميع أموره يبيع ويشتري إذا كان
نظرا لهم.
"وإذا أوصى إليه بتفريق ثلثه فأبى الورثة
إخراج ثلث ما في أيديهم أخرجه كله مما في يده"
نقله أبو طالب لأن حق الموصى له يتعلق بأجزاء
التركة فجاز ن يدفع إليه مما في يده كما يدفع
إلى بعض الورثة "وعنه: يخرج ثلث ما في يده"
لأنه موصى به ولا حق للورثة فيه وثلثاه ليس
كذلك.
"ويحبس باقيه حتى يخرجوا" لأن إخراج بقية
الثلث واجب وهذا وسيلة إليه وفي الفروع في
جواز قضائه باطنا وتكميل ثلثه من بقية ماله
روايتان.
وحملها في المغني والشرح على حالتين:
فالأولى: محمولة على ما إذا كان المال جنسا
واحدا لأنه لا فائدة: في انتظار
(6/102)
وإن أوصاه
بقضاء دين معين فأبى الورثة ذلك قضاه بغير
علمهم
__________
إخراجهم.
والثانية: محمولة على ما إذا كان أجناسا لأنها
تتعلق بثلث كل جنس فلم يجز أن يخرج عوضا عن
ثلث ما في أيديهم مما في يده لأنها معاوضة
تتعلق بتراضيهم
وحكى ذلك في الرعاية قولا عن أحمد يرده إليهم
ويطلبهم بالثلث فإن فرقه ثم ظهر دين مستغرق أو
جهل موصى له فتصدق هو أو حاكم لم يضمن على
الأصح وقال ابن حمدان: بل يرجع به كوفاء
الدين.
"وإن أوصاه بقضاء دين معين فأبى الورثة" أو
جحدوا وتعذر ثبوت "ذلك قضاه بغير علمهم" أي:
باطنا جزم به في الوجيز وهو المذهب لأنه واجب
سواء رضوا به أو أبوه ولأنه لاحق لهم إلا بعد
وفاء الدين.
والثانية: المنع لأنه لا يأمن رجوعهم عليه
وقيل: له في رواية أبي داود مع عدم البينة في
الدين أيحل له إن له ينفذه قال لا وعنه: إن
أذن فيه حاكم جاز قيل لأحمد فإن علم الوصي أن
لرجل عليه حقا فجاء الغريم يطالب الوصي وقدمه
إلى القاضي يستحلفه أن مالي في يديك حق قال:
لا يحلف ويعلم القاضي بالقضية فإن أعطاه
القاضي فهو أعلم أي: يقيم القاضي ثبوته ويشهد
بما أمر به فلو صدقه وارث لزمه منه بقدر حقه
نص عليه.
فإن كان ثم بينة ففي لزوم قضاءه نقلا حاكم ففي
المغني والشرح في جوازه روايتان مالا يصدقه
وارثه المكلف لأنه إقرار منهم على أنفسهم.
مسألة: يسن الإيصاء بقضاء الدين لأنه إذا شرع
له الوصية في حق غيره فحاجة نفسه أولى وهذا في
الدين الذي لا يعجز عن وفاته في الحال فأما
الذي يعجز عن وفاته في الحال فالوصاة به واجبة
قاله بعضهم.
(6/103)
وعنه: فيمن
عليه دين لميت وعلى الميت دين أنه يقضي دين
الميت إن لم يخف تبعة وتصح وصية الكافر إلى
المسلم وإلى من كان عدلا في دينه وإذا قال ضع
ثلثي حيث شئت أو أعطه من شئت لم يجز له أخذه
ولا دفعه إلى ولده،
__________
"وعنه فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين أنه
يقضي دين الميت إن لم يخف تبعة" يعني إذا حاف
أن يطلبه الورثة بما عليه وينكروا الدين على
مورثهم فلا يقضيه لأنه لا يأمن رجوعهم عليه
وإن لم يخف ذلك قضى دين الميت بما عليه من
تبرئة ذمته وذمة الميت
وفي براءة المدين باطنا بقضاء دين يعلمه على
الميت الروايتان فإن كان عليه دين لميت ووصى
به لزيد فله دفعه إليه أو إلى وصي الميت وإن
لم يوص به ولا يقضيه عينا لم يبرء بدفعه
إلاإلى الوارث والوصي جميعا وقيل: يبرأ بدفعه
إلى الوصي.
فرع: صرف أجنبي الموصى به لمعين قيل أو لغيره
في جهته لم يضمنه وإن وصاه بإعطاء مدع دينا
بيمينه نقده من رأس ماله.
قاله الشيخ تقي الدين ونقل ابن هانىء بينة
ونقل عبد الله يقبل مع صدق المدعي ونقل ابن
هانيء فيمن وصاه بدفع مهر امرأته لم يدفعه في
غيبة الورثة "وتصح وصية الكافر إلى المسلم"
لقبول شهادته عليه وعلى غيره ومحله ما لم تكن
التركة خمرا أو خنزيرا أو نحوهما "والى من كان
عدلا في دينه" في الأشهر لأنه يلي النسب قيل
بالوصية كالمسلم والثاني: لا يصح وهو قول أبي
ثور لأنه أسوأ حالا من الفاسق وعلى الأول إذا
لم يكن عدلا في دينه لا يصح لأن عدم العدالة
في المسلم تمنع الصحة فالكافر أولى.
"وإذا قال: ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه" أو تصدق
به على "من شئت لم يجز له أخذه" في المنصوص
لأنه تمليك ملكه بالإذن فلا يكون قابلا له
كالوكيل وقيل: يعمل بالقرينة "ولا دفعه إلى
ولده" لأنه متهم في حقه
(6/104)
ويحتمل جواز
ذلك لتناول اللفظ له وإن دعت الحاجة إلى بيع
بعض العقار لقضاء دين الميت او حاجة الصغار
وفي بيع بعضه نقص فله البيع على الكبار
والصغار.
__________
كهو وأباحه الشيحان.
وذكر جماعة مع أبيه وذكره اخرون وأبيه ولم
يزيدوا ولا يجوز دفعه إلى وارثه سواء كان غنيا
أو فقيرا نص عليه وذكر ابن رزين في منع من
يمونه وجها "ويحتمل جواز ذلك لتناول اللفظ له"
ولأنه يجوز دفعه إلى الأجنبي فكذا ما ذكر
وقيل: له إعطاء ولده وسائر أقاربه إذا كانوا
مستحقين له دون نفسه لأنه مأمور بالتفريق وقد
وجد.
مسائل: إذا قال: تصدق من مالي احتمل ما تناوله
لاسم واحتمل ما قل وكثر لأنه لو أراد معينا
عينه ذكر في التمهيد من أوصي إليه بحفر بئر في
طريق مكة أو في السبيل فقال لا أقدر فقال
الموصي افعل ما ترى لم يجز حفرها بدار قوم لا
بئر لهم لما فيه من تخصيصهم نقله ابن هانيء
ولو أمره ببناء مسجد فلم يجد عرصة لم يجز شراء
عرصة يزيديها في مسجد صغير نص عليه ولو قال:
ادفع هذا إلى يتامى فلان فإقرار بقرينة وإلا
وصية ذكره الشيخ تقي الدين "وإن دعت الحاجة
إلى بيع بعض العقار لقضاء دين الميت أو حاجة
الصغار وفي بيع بعضه نقص" أي: ضرر "فله البيع
على الكبار" إذا امتنعوا أو غابوا "والصغار"
نص عليه لأن الموصي يملك بيع التركة فملك
جميعها كما لو كان الورثة صغارا أو التركة
مستغرقة وكالعين المرهونة وظاهره: أنه إذا لم
يكن فيه ضرر فليس له البيع على الكبار لأنه
إنما جاز أولا لدفع الضرر وقيل: يبيع بقدر دين
ووصية وحصة صغار وقيل: لأحمد بيع الوصي الدور
على الصغار يجوز قال: إذا كان نظرا لهم لا على
كبار يؤنس فيهم رشد هو كالأب في كل شيء إلا في
النكاح قيل له وإن لم يكن أثبت وصيته عنده.
لعل هنا سقطاً
(6/105)
ويحتمل أنه ليس
له البيع على الكبار وهو أقيس
__________
القاضي قال إذا كانت له بينة.
"ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار" لأنه لا
يجب على الإنسان بيع ملكه ليزداد من ملك غيره
كما لو كان شريكهم غير وارث "قال: وهو أقيس"
وصححه في الشرح والمغني وقال ابن أبي ليلى:
يجوز له البيع على الكل فيما لا بد منه.
فرع: إذا مات في موضع لا حاكم فيه ولا وصيا
فلمن حضره من المسلمين حوز تركته ويبيع ما
يراه وقيل: إلا الإماء قال أحمد: في الجواري
أحب أن يتولى بيعهن الحاكم قال في الشرح:
وإنما توقف عن بيعهن على طريق الاختيار
احتياطا لأن بيعهن يتضمن إباحة فروجهن وعلى
المذهب يجوز لأنه موضع ضرورة.
ويكفنه منها ثم من عنده ويرجع عليها أو على من
تلزمه نفقته إن نواه ولا حاكم فإن تعذر الإذن
رجع وقيل: فيه وجهان كإمكانه ولم يستأذنه أو
لم ينو مع إذنه والله تعالى أعلم.
(6/106)
|