المبدع شرح المقنع ط عالم الكتب

كتاب الفرائض
مدخل
...
كتاب الفرائض
__________
كتاب الفرائض
جمع فريضة وهي في الأصل اسم مصدر من فرض وأفرض وسمي البعير المأخوذ في الزكاة فريضة فعيلة بمعنى مفعولة مشتق من الفرض وهو التقدير لقوله تعالى :{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} أي: قدرتم ويأتي بمعنى القطع لقوله تعالى :{نَصِيباً مَفْرُوضاً} أي: مقطوعا وبمعنى الحز يقال: فرض القوس وفرضته الحز الذي فيه الوتر وفرضة النهر أي: ثلمته.
وبمعنى التبيين لقوله تعالى: {فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي: بين وبمعنى الإنزال لقوله تعالى :{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي: أنزل وبمعنى الإحلال لقوله تعالى :{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} أي: أحل وبمعنى العطاء تقول العرب ما أصبت منه فرضا.
ولما كان علم الفرائض مشتملا على هذه المعاني لما فيه من السهام المقدرة والمقادير المنقطعة والعطاء المجرد وقد بين لكل وارث نصيبه وأحله له سمي بذلك.
ويقال للعالم به فرضي وفارض وفريض كعالم وعليم حكاه المبرد.
وقد ورد التحريض على تعلمها وتعليمها فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما" رواه أحمد والترمذي والحاكم ولفظه له.
وعن أبي هريرة مرفوعا: "تعلموا الفرائض وعلموها فإنها نصف العلم وهو ينسى وهو أول علم ينزع من أمتي" رواه ابن ماجه والدارقطني من رواية حفص بن عمر وقد ضعفه جماعة.
واختلف في معناه فقال: أهل السلامة لا نتكلم فيه بل يجب علينا اتباعه

(6/107)


وهي قسمة المواريث وأسباب التوارث ثلاثة رحم ونكاح وولاء،
__________
وقيل: علم معناه باعتبار الحال فإن حال الناس اثنان حياة ووفاة فالفرائض تتعلق بالثاني وسائر العلوم بالأول.
وقيل: هو نصف باعتبار الثواب لأنه يستحق بتعلم مسألة: واحدة من الفرائض مائة حسنة وبغيرها من العلوم عشر حسنات وقيل: باعتبار المشقة وهما ضعيفان.
وأحسنها الملك اختياري واضطراري.
فالاختياري إن شاء دخل في ملكه وإن شاء رد كالشراء والهبة ونحوهما والاضطراري يدخل في ملكه إجبارا ورد.
وقال عمر: إذا تحدثتم فتحدثوا في الفرائض وإذا لهوتم فالهوا بالرمي وكان لا يولي أحدا حتى يسأله عن قسمة المواريث.
وحكي أن الوليد بن مسلم رأى في منامه دخل بستانا فأكل من جميع ثمره إلا العنب الأبيض فقصه على شيخه الأوزاعي فقال: تصيب من العلوم كلها الا الفرائض فإنها جوهر العلم كما أن العنب الأبيض جوهر العنب.
"وهي قسمة المواريث" فظاهره أن الفرائض هي نفس القسمة والظاهر أنه على حذف مضاف تقديره وهي العلم بقسمة المواريث وصرح به في الكافي وهو جمع ميراث وهو المال المخلف عن الميت أصله موراث انقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ويقال له: التراث.
"وأسباب التوارت ثلاثة رحم" وهو القرابة من جهة البنوة والأبوة ونحوهما إذ بها يرث بعضهم بعضا لقوله تعالى :{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب:6] "ونكاح" وهو عقد الزوجية وإن عري عن الوطء لقوله تعالى :{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الاية [النساء:12] "وولاء" وهو الإنعام عليه بالعتق لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن

(6/108)


لا غير وعنه: انه يثبت بالموالاة والمعاقدة وإسلامه على يديه وكونهما من أهل الديوان.
__________
أعتق متفق عليه.
وروى ابن عمر مرفوعا الولاء لحمة كلحمة النسب رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد شبه الولاء بالنسب والنسب يورث به فكذا الولاء.
ومقتضاه أن العتيق لا يرث معتقه وهو قول الأكثر وقيل: بلى ثم عدم وقاله الحسن بن زياد نقله الطبري ونقل ابن الحكم لا أدري وفي الفروع يتوجه منه ينفق على المنعم واختاره شيخنا ويشهد له ما روى الطبراني من حديث عوسجة مولى ابن عباس عنه أن رجلا مات ولم يترك وارثا إلا عبدا أعتقه فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه وعوسجة وثقه أبو زرعة لكن قال البخاري لا يصح حديثه ولو سلمت صحته فهو محمول على أنه أعطاه على جهة المصلحة لا ميراثا.
"لا غير" لأن الشرع ورد بالتوارث بها إلا النبي صلى الله عليه وسلم فكانت تركته صدقة لم تورث.
"وعنه: أنه يثبت" مع عدمهن "بالموالاة" وهي المؤاخاة "والمعاقدة" وهي المحالفة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء:33] وكان في ابتداء الإسلام يقول الرجل دمي دمك ومالي مالك تنصرني أنصرك وترثني وأرثك.
"وإسلامه" على يديه لما روي أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أسلم على يديه رجل فهو مولاه يرثه" رواه سعيد في سننه وكذا التقاطه.
"وكونهما من أهل الديوان" أي: مكتوبين في ديوان واحد قاله في المطلع واختاره الشيخ تقي الدين وحكاه في الشرح قولا.
وظاهر المتن أنه من جملة الرواية وفي شرح المحرر: أو من قبيلة واحدة ولا

(6/109)


والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة الابن وابنه وان نزل والأب وأبوه وإن علا والأخ من كل جهة وابن الأخ إلا من الأم والعم وابنه كذلك والزوج والمولى المنعم ومن الاناث سبع البنت وبنت الابن والأم.
__________
عمل عليه لأن ما ذكر كان في بدء الإسلام بدليل ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه فكانوا يتوارثون بذلك فنزلت :{وَأُولُو الْأَرْحَامِ} الاية فتوارثوا بالنسب رواه الدارقطني وفي إسناده مقال.
"والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة الابن وابنه وإن نزل" لقوله تعالى :{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} الاية وابن الابن ابن لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ} {يَا بَنِي إِسْرائيلَ}.
"والأب وأبوه وإن علا" لقوله تعالى :{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} والجد تناوله النص لدخول ولد الابن في عموم الأولاد وقيل: ثبت فرضه بالسنة لأنه عليه السلام أعطاه السدس والأخ من كل جهة فالأخ من الأم ثبت بقوله تعالى :{وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ومن الأبوين أو الأب بقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر".
"وابن الأخ إلا من الأم" فإنه من ذوي الأرحام "والعم وابنه كذلك" أي: من الأبوين أو الأب وعم الأب كذلك ولا يدخل فيه العم من الأم ولا ابنه لأنهما ليسا من العصبات "والزوج" لقوله تعالى :{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الاية.
"والمولى المنعم" أي: المعتق سموا به لأنه أنعم على العبد بعتقه وتخليصه من أسر الرق ثبت بالسنة والذكور كلهم عصبات إلا الزوج والأخ من الأم والأب وأبوه مع الابن.
"ومن الإناث سبع البنت وبنت الابن والأم،

(6/110)


والجدة والأخت والمراة ومولاة النعمة والوارث ثلاثة ذو فرض وعصبات وذو رحم.
__________
والجدة والأخت والمرأة ومولاة النعمة" لما ذكرنا والإناث كلهن إذا انفردن عن أخواتهن ذوات فرض إلا المعتقة والأخوات مع البنات.
أصل: إذا اجتمع الوارثون من الرجال لم يرث منهم إلا الأب والابن والزوج وإذا اجتمعت الوارثات من النساء ورث منهن خمسة البنت وبنت الابن والأم والزوجة والأخت من الأبوين أو الأب والذي يمكن اجتماعهم من الصنفين وارثا الأبوان والابن والبنت وأحد الزوجين.
"والوارث ثلاثة: ذو فرض وعصبات" إجماعا "وذو رحم" على الأصح فيه وسيأتي فإن مات ولا وارث له من هؤلاء فماله لبيت المال قاله ابن هبيرة وهو على وجه المصلحة قاله أحمد كالمال الضائع لأنه لا يخلو عن ابن عم وإن بعد غالبا وقد نص عليه الشافعي في الأم. وعنه: ينتقل إليه على وجه الإرث كما يتحمل عند الدية لقوله عليه السلام: "أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه" صححه ابن حبان والحاكم وهو عليه السلام لا يرث لنفسه وإنما يصرف ذلك في مصالح المسلمين فهو الوارثون.
وأجابوا عن الأول بأنه لا يلزم من وجود ابن عم أن يكون وارثا لاحتمال مانع وأيضا وجود ابن عم ليس بلازم وإن ابن الزنى والمنفي بلعان قد يكون الميت من أحد القسمين وهذا إذا انتظم أمر بيت المال فإن لم ينتظم فاختار ابن كج أنه يصرف لذوي الأرحام ونقله الأئمة من الشافعية.

(6/111)


باب ميراث ذوي الفروض
__________
باب ميراث ذوي الفروض
بدأ المؤلف بهم لأنهم الأصل ولهم فروض مقدرة لا تسقط "وهم عشرة:

(6/111)


وهم عشرة الزوجان والأبوان والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت من كل جهة والأخ من الأم فللزوج الربع إذا كان لها ولد أو ولد ابن والنصف مع عدمهما وللمرأة الثمن إذا كان له ولد أو ولد ابن والربع مع عدمهما.
__________
الزوجان والأبوان والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت من كل جهة" أي: من الأبوين أو الأب أو الأم "والأخ من الأم" فالإخوة والأخوات لأم يسمون بني الأخياف والأخياف الأخلاط فهم من أخلاط الرجال وليسوا هم من رجل واحد وللأب يسمون بني العلات لأن أم كل واحد منهم لم تسقه لبن رضاعها وللأبوين يسمون بني الأعيان سموا به لأنهم من عين واحدة ومنه قوله عليه السلام: "أعيان بني الأم يتوارثون"
"فللزوج الربع إذا كان لها ولد" ذكرا كان أو أنثى "أو ولد ابن" يحترز به عن ولد البنت فإنه لا اعتبار به وإن ورثنا ذوي الأرحام.
"والنصف مع عدمهما" وهذا بالإجماع وسنده النص لأنه تعالى نص على الولد وولده ملحق به بالإجماع لكن اختلفوا هل حجبه بالاسم أو المعنى فقيل بالاسم وهو ظاهر قول الأصحاب لأنه يسمى ولدا فتدل الاية عليه وقيل: بالمعنى لأن الولد حقيقة ولد الصلب
إلا أنهم أجمعوا على أن ولد الابن يقوم مقام الولد في الحجب إلا ما حكي عن مجاهد أنه لا يحجب وهو مدفوع بالإجماع.
فإن قلت: هلا بدأ بالأولاد كما في القران قيل بدأ الله تعالى بهم لأنهم أهم عند الادمي وهو آكد ومراد الفرضيين التعليم والتقريب على الأفهام والكلام على الزوجين أقل منه على غيرهما.
"وللمرأة الثمن إذا كان له ولد أو ولد ابن والربع مع عدمهما" أجماعا وسنده {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} الاية والزوجات كالزوجة وإنما جعل لهن ذلك لأنه لو جعل لكل واحدة الربع وهن أربع،

(6/112)


فصل
وللاب ثلاثة احوال حال يرث فيها السدس بالفرض وهي مع ذكور الولد أو ولد الابن وحال يرث فيها بالتعصيب وهي مع عدم الولد او ولد ابن وحال يجتمع له الفرض والتعصيب وهي مع إناث الولد أو ولد الابن.
__________
لأخذن جميع المال وزاد فرضهن على فرض الزوج ومثلهن الجدات فأما سائر الأقارب كالبنات وبنات الابن والأخوات المفترقات فإن لكل جماعه منهن مثل ما للابنتين وزدن على فرض الواحدة لأن الذكر الذي يرث في درجتهن لا فرض له إلا ولد الأم فإن ذكرهم وأنثاهم سواء لأنهم يرثون بالرحم وقرابة الأم المجردة.
فصل
"وللأب ثلاثة أحوال حال يرث فيه السدس بالفرض وهي مع ذكور الولد أو ولد الابن" للنص السابق والمراد بولد الابن هنا الذكر "وحال يرث فيها بلا تعصيب وهي مع عدم الولد وولد الابن" لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أضاف الميرث لهما وجعل لها الثلث فكان الباقي للأب وهذا شأن التعصيب وهذه الحال مما امتاز بها الأب والجد.
"وحال يجتمع له الفرض والتعصيب وهي مع إناث الولد أو ولد الابن" للنص وقد سأل الحجاج الشعبي عمن مات عن أب وبنت فقال: للبنت النصف والباقي للأب فقال له الحجاج: أصبت في المعنى وأخطأت في اللفظ هلا قلت للأب السدس وللبنت النصف والباقي للأب فقال أخطأت وأصاب الأمير.
مسألة: يقع الإرث بالفرض والتعصيب في صور: كزوج معتق وزوجة معتقة وأخ لأم هو ابن وهو بسببين مختلفين فأما الجمع بينهما بسبب واحد وهو الأبوة فقد تقدم.

(6/113)


فصل
وللجد هذه الاحوال الثلاثة وحال رابع وهي مع الاخوة والاخوات من الابوين او الأب فإنه يقاسمهم كأخ.
إلا أن يكون الثلث خيرا له فيأخذه والباقي لهم.
__________
فصل
"وللجد هذه الأحوال الثلاثة" أي: لأنه أب لقوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} وقول يوسف {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ} الاية وقوله عليه السلام: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا" ولأنه لا يقتل بقتل ابن ابنه ولا يحد بقذفه ولا يقطع بسرقة ماله وتجب عليه نفقته ويمنع من دفع زكاته إليه كالأب وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم السدس رواه سعيد بن منصور لكنه يسقط بالأب وينقص عن رتبته في إحدى العمريتين فإن للأم مع الجد ثلث جميع المال.
"وحال رابع وهي مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو الأب فإنه يقاسمهم كأخ" وهو قول علي وابن مسعود وزيد لأن الأخ ذكر يعصب اخته فلم يسقطه الجد كالابن ولاستوائهما في سبب الاستحقاق لأن كلا منهما يدلي بالأب الجد والأخ بالبنوة وقرابة البنوة لا تنقص عن قرابة الأبوة بل ربما كانت أقوى منها فإن الابن يسقط تعصيب الأب ولذلك مثله علي رضي الله عنه بشجرة أنبتت غصنا فانفرق منه غصنان كل منهما أقرب منه إلى أصل الشجرة.
ومثله زيد رضي الله عنه بواد خرج منه نهر انفرق منه جزء ولأن كلا منهما إلى الآخر أقرب منه إلى الوادي.
"إلا أن يكون الثلث خيرا له فيأخذه والباقي لهم" للذكر مثل حظ الأنثيين وقد يستوي الأمران والضابط أن الإخوة والأخوان إن كانوا مثليه فالمقاسمة

(6/114)


فان كان معهم ذو فرض اخذ فرضه ثم للجد الاحظ من المقاسمه كاخ او ثلث الباقي أوسدس جميع المال.
__________
والثلث سيان.
وذلك في مسائل جد وأخوان جد وأخ وأختان جد وأربع أخوات.
وإن كانوا دون مثليه فالمقاسمة خير له وذلك في مسائل جد وأخ جد وأختان جد وأخ وأخت جد وثلاث أخوات جد وأخت وإن كانوا فوق المثلين فالثلث خير له ووجهه بأن الجد والأم إذا اجتمعا أخذ الجد مثلي ما تأخذ الأم لأنها لا تأخذ إلا الثلث والإخوة لا ينقصون الأم من السدس فوجب أن لا ينقصوا الجد من ضعف السدس.
وعنه: أن الجد يسقط الإخوة كما يسقطهم الأب اختارها أبو حفص العكبري والاجري وهو مذهب الصديق وعثمان وعائشة وابن عباس وابن الزبير وقاله المزني وابن سريج وابن اللبان لأنه أب بالنصوص السابقة قال ابن عباس ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أبا ولأنه أولى من الأخ لأن له إيلادا ولو ازدحمت الفروض سقط الأخ دونه.
لكن ما ذكره المؤلف من كيفية إرثه معهم هو قول زيد واعتمد عليه أحمد لما روى أنس مرفوعا قال: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حياء عثمان وأعلمها بالحلال والحرام معاذ وأقرؤها لكتاب الله أبي وأعلمها بالفرائض زيد ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه والحاكم وقال على شرط الشيخين وصحح جماعة إرساله.
"فإن كان معهم ذو فرض أخذ فرضه" للنص "ثم للجد الأحظ من المقاسمة كأخ" لأنها له مع عدم الفروض فكذا مع وجودها "وثلث الباقي" لأن ما أخذ بالفرض كأنه معدوم قد ذهب من المال فصار ثلث الباقي بمنزلة ثلث الجميع.
"أو سدس جميع المال" لأنه يأخذه مع الولد الذي هو أقوى فمع غيره من

(6/115)


فان لم يفضل عن الفرض إلا السدس فهو له وسقط من معه منهم إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وأخت وجد فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد بينهما على ثلاثة فتضربها في المسألة وعولها تكن سبعة وعشرين؛
__________
باب أولى.
وضابطه أنه متى زاد الإخوة عن اثنين أو من يعدلهم من الإناث فلاحظ له في المقاسمة وإن نقصوا عن ذلك فلا حظ له في ثلث الباقي ومتى زادت الفروض عن النصف فلا حظ له في ثلث الباقي وإن نقصت عن النصف فلا حظ له في السدس وإن كان الفرض النصف فقد استوى السدس وثلث الباقي وإن كان الإخوة اثنين والفرض النصف استوت الأحوال كلها.
"فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس فهو له" لأنه عليه السلام أطعمه السدس ولا ينقص عنه في قول العامة وحكى الشعبي عن ابن عباس أنه كأخ مطلقا فقال في سبعة إخوة وجد الجد ثامنهم.
"وسقط من معه منهم" أي: من الإخوة والأخوات كأم وابنتين وجد وأخت أو أخ "إلا في الأكدرية" قيل سميت به لتكدير أصول زيد في الأشهر عنه لكونه لا يفرض للأخت مع الجد إلا فيها ولا يعيل مسائل الجد وأعالها.
وأيضا فإنه جمع سهام الفرض وقسمها على التعصيب وقيل: إن زيدا كدر على الأخت ميراثها فأعطاها النصف ثم استرجعه منها وقيل: إن عبد الملك ابن مروان سأل عنها رجلا اسمه أكدر فأخطأ فيها وقيل: اسم المرأة أكدرة وقيل: اسم زوجها وقيل: اسم السائل وقيل: لتكدر أقوال الصحابة وكثرة اختلافهم "وهي زوج وأم وأخت وجد" فأصلها من ستة وتعول إلى تسعة فعالت بمثل نصفها "فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد" وهما أربعة "بينهما على ثلاثة " لا تصح ولا توافق "فتضربها في المسألة وعولها تكن سبعة وعشرين" ومنها تصح فكل من له شيء من أصل المسالة مضروب في ثلاثة

(6/116)


للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة ولا يعول من مسائل الجد غيرها ولا يفرض لأخت مع جد إلا فيها.
__________
"للزوج تسعة وللأم ستة" يبقى اثنا عشر بين الجد والأخت "وللجد ثمانية وللأخت أربعة" ويعايى بها فيقال: أربعة ورثوا مال ميت فأحدهم أخذ ثلثه والثاني: ثلث ما بقي والثالث ثلث ما بقي والرابع ما بقي ونظمها بعضهم فقال:
ما فرض أربعة توزع بينهم ... ميراث ميتهم بفرض واقع
فلواحد ثلث الجميع وثلث ما ... يبقى لثانيهم بحكم جامع
ولثالث من بعدهم ثلث الذي ... يبقى وما يبقى نصيب الرابع
وإن شئت قلت: أخذ أحدهم جزءا من المال وأخذ الثاني نصف ذلك الجزء وأخذ الثالث نصف ذلك الجزئين وأخذ الرابع نصف الأجزاء فإن الجد أخذ ثمانية والأخت أربعة والأم ستة وهي نصف ما حصل لهما والزوج تسعة وهو نصف ما حصل لهم.
"ولا يعول من مسائل الجد غيرها ولا يفرض لأخت مع جد إلا فيها" هذا مذهب زيد وقيل: إنه لم يصرح به وإنما أصحابه قاسوها على أصوله لأنه لو لم يفرض لها لسقطت وليس في الفريضة من يسقطها.
ومذهب الصديق وموافقيه إسقاط الأخت فيكون للزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وهو قويل حكاه في الرعاية.
ومذهب عمر وابن مسعود للزوج النصف وللأخت النصف وللجد السدس وللأم السدس فتعول إلى ثمانية وجعلا للأم السدس لكيلا تفضل على الجد.
ومذهب علي كزيد غير أن زيدا ضم نصف الأخت إلى سدس الجد وقسمه بينهما أثلاثا.

(6/117)


وإن لم يكن فيها زوج فللام الثلث والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة فتصح من تسعة وتسمى الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها وولد الاب كولد الأبوين في مقاسمة الجد إذا انفردوا فان اجتمعوا عاد ولد الأبوين الجد بولد الأب،
__________
"وإن لم يكن فيها زوج فللأم الثلث والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة" فأصلها من ثلاثة للأم واحد يبقى اثنان على ثلاثة لا يصح فتضربها في أصل المسألة "فتصح من تسعة" هذا قول زيد ووافقه الأكثر "وتسمى: الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها" كأن الأقوال خرقتها بكثرتها.
وتسمى: المسبعة لأن فيها سبعة أقوال والمسدسة لأن أقوال الصحابة ترجع فيها إلى ستة والمثلثة لأن عثمان ومن وافقه جعل للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت نصفان.
ويقال لها العثمانية والمربعة لأن ابن مسعود في إحدى الروايتين عنه جعلها من اثنين وتصح من أربعة للأخت النصف والباقي بينهما نصفين والرواية الثانية: عنه كقول عمر وهو أنه جعلها من ستة للأخت ثلاثة وللأم سهم ويعبر عنه بثلث ما يبقى ولا يعبر عنه بالسدس تأدبا وللجد سهمان والمخمسة لأنه اختلف فيها خمسة من الصحابة عثمان وعلي وابن مسعود وزيد وابن عباس على خمسة أقوال:
وكان الشعبي لا يثبت الرواية غير هؤلاء والشعبية والحجاجية لأن الحجاج امتحن فيها الشعبي فأصاب فعفا عنه فإن عدم الجد سميت المباهلة لقول ابن عباس من باهلني باهلته إن الله تعالى لم يجعل في مال واحد نصفا ونصفا وثلثا.
"وولد الأب كولد الأبوين في مقاسمة الجد إذا انفردوا" لأنهم يشاركونهم في بنوة الأب التي ساووا بها الجد "فإن اجتمعوا عاد ولد الأبوين الجد بولد الأب" أي: زاحم به وتسمى: المعادة .

(6/118)


ثم أخذوا منهم ما حصل لهم إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فتأخذ تمام النصف وما فضل لهم ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض غير السدس فاذا كان جد وأخت من أبوين وأخت من أب فالمال بينهم على أربعة للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم رجعت الأخت من الأبوين،
__________
"ثم أخذوامنهم ما حصل لهم" لأن الجد والد فإذا حجبه أخوان وارثان جاز أن يحجبه أخ وارث وأخ غير وارث كالأم وأن ولد الأب يحجبونه إذا انفردوا فيحجبونه مع غيرهم كالأم ويفارق ولد الأم فإن الجد يحجبهم فلا ينبغي أن يحجبوه بخلاف ولد الأب فإن الجد لا يحجبهم.
وأما الأخ من الأبوين فإنه أقوى تعصيبا من الأخ للأب فلا يرث معه شيئا كما لو انفرد عن الجد فيأخذ ميراثه كما لو اجتمع ابن وابن ابن لا يقال الجد يحجب ولد الأم ولا يأخذ شيئا إنه هو والإخوة يحجبون الأم ولم يأخذوا ميراثها لأن الجد وولد الأم سبب استحقاقهم في الميراث مختلف وكذلك سائر من يحجب ولا يأخذ ميراث المحجوب وها هنا سبب استحقاق الإخوة الميراث الأخوة والعصوبة فأيهما قوي حجب الآخر وأخذ ميراثه. والمعادة انما تكون إذا احتيج إليها فلو استغنى عنها فلا معادة كجد وأخوين من أبوين وأخ من أب.
"إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فتأخذ تمام النصف" لأن فرضها لا يزيد على نصف "وما فضل لهم" أي: لولد الأب لأنه إنما يؤخذ منه لكون ولد الأبوين أولى وقد زالت أولويته باستكمال حقه.
"ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض غير السدس" لأن أدنى ما يأخذ الجد الثلث من الباقي والأخت النصف والباقي بعدهما السدس ولا يلزم أن يفضل لهم شيء كمسألة فيها أم وجد وأخت لأبوين وأخ أو أخت لأب "فإذا كان جد وأخت من أبوين وأخت من أب فالمال بينهم على أربعة" لأن المقاسمة خير له فتجعل كأختين "للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم

(6/119)


فأخذت ما في يد أختها كله وإن كان معهم أخ من أب فللجد الثلث وللأخت النصف يبقى للأخ وأخته السدس على ثلاثه فتصح من ثمانية عشر فان كان معهم أم فلها السدس وللجد ثلث الباقي للأخت النصف والباقي لهم وتصح من أربعة وخمسين وتسمى مختصرة زيد فان كان معهم أخ آخر صحت من تسعين وتسمى تسعينية زيد.
__________
رجعت الأخت من الأبوين فأخذت ما في يد أختها كله" لتستكمل النصف.
"وإن كان معهم أخ من أب فللجد الثلث" لأنه أحظ له "وللأخت النصف" لأنها أخت لأبوين "يبقى للأخ وأخته السدس" فأصلها من ستة بينهما "على ثلاثة" للعصوبة فتضربها في ستة "فتصح من ثمانية عشر" للأخت تسعة وللجد ستة وتستوي هنا المقاسمة وثلث جميع المال وللأخ سهمان وأخته سهم "فإن كان معهم أم فلها السدس" لأن ذلك فرضها مع الإخوة وللجد ثلث الباقي لأنه أحظ له قال ابن المنجا: وفيه نظر لأنه يستوي له المقاسمة وثلث الباقي.
"وللأخت النصف" لأنه فرضها "والباقي لهم" أي: لولد الأب لأنهم عصبة فتضرب ثلاثة في ثمانية عشر "وتصح من أربعة وخمسين" وإن قاسم الإخوة أعطيت الأم السدس يبقى خمسة مقسومة على الجد والأخ وأختين على ستة فتضربها في أصل المسألة تكن ستة وثلاثين للأم ستة وللجد عشرة وللأخت من الأبوين ثمانية عشر يبقى سهمان على الأخ من الأب وأخته لا تصح فاضرب ثلاثة في ستة وثلاثين تكن مائة وثمانية وترجع بالاختصار إلى نصفها أربعة وخمسين لأنها تتفق بالنصف فلهذا قال: "وتسمى: مختصرة زيد فإن كان معهم أخ آخر" فللأم السدس ثلاثة وللجد ثلث الباقي خمسة وللأخت من الأبوين النصف تسعة يبقى سهم لأولاد الأب على خمسة لا يصح عليهم فاضربها في ثمانية عشر "صحت من تسعين" فكل من له شيء من ثمانية عشر مضروب في خمسة "وتسمى: تسعينية زيد" وهذا التفريع كله على مذهب زيد لأنه يورث الإخوة مع الجد وقد نص أحمد

(6/120)


فصل
وللأم أربعة أحوال حال لها السدس وهي مع وجود الولد أو ولد الابن،
__________
على بعض ذلك وعلى معناه تبعا له.
مسائل
أم وأختان وجد المقاسمة خير له يبقى خمسة على أربعة وتصح من أربعة وعشرين
بنت وأخ وجد للبنت النصف والباقي بينهما نصفين فإن كان معهما أخته فالباقي بينهم على خمسة.
بنتان أو أكثر أو بنت وبنت ابن وأخت وجد للابنتين الثلثان والباقي بينهما على ثلاثة وتصح من تسعة وإن كان مكانها أخ فالباقي بينهما نصفين وتصح من ستة وإن كان أختان صحت من اثني عشر ويستوي السدس والمقاسمة.
زوجة وبنت وأخت وجد الباقي بين الأخت والجد على ثلاثة وتصح من ثمانية فإن كان مكان الاخت أخ أو أختان فالباقي بينهم وتصح مع الأخ من ستة عشر ومع الأختين من اثنين وثلاثين وإن زادوا فرض للجد السدس فانتقلت إلى أربعة وعشرين ثم تصح على المنكسر عليهم وإن كان مع الزوجة ابنتان أو أكثر أو بنت وبنت ابن أو بنت
وأم وجد فرضت للجد السدس يبقى للإخوة والأخوات سهم وتصح من أربعة وعشرين.
فصل
"وللأم أربعة أحوال حال لها السدس وهي مع وجود الولد أو ولد الابن" لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ

(6/121)


أو الاثنين من الإخوة والأخوات وحال لها الثلث وهي مع عدم هؤلاء وحال لها ثلث الباقي وهي من زوج وأبوين وامرأة وأبوين لها،
__________
ولد} [النساء:11] وولد الولد ولد حقيقة أو مجازا قال الماوردي إنعقد الإجماع في ولد الولد ولم يخالف فيه الا مجاهد "أو الاثنين من الإخوة والأخوات" كاملي الحرية في قول الجمهور. وقال ابن عباس: لا يخجبها عن الثلث إلى السدس إلا ثلاثة وحكي عن معاذ لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وأقل الجمع ثلاثة.
وجوابه بأن الجمع قد يعبر به عن الاثنين قال الزمخشري لفظ الإخوة هنا يتناول الأخوين لأن المقصود الجمعية المطلقة من غير كمية وفي صحيح الحاكم وقال صحيح الإسناد ان ابن عباس احتج على عثمان وقال كيف نردها إلى السدس بالأخوين وليسا باخوة فقال عثمان لا أستطيع رد شيء كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث الناس به فهذا يدل على الإجماع قبل مخالفة ابن عباس وروي أنه قال حجبها قومك يا غلام ولأنه حجب يتعلق بتعدد فكان الاثنان أوله كحجب البنات لبنات الابن يؤيده قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً} الاية وهذا الحكم ثابت في أخ وأخت وقد أكد ذلك بأن جماعة من أهل اللغة جعلوا الاثنين جمعا حقيقة.
وقد أغرب الحسن البصري فقال: لا يحجبها إلا ثلاثة إخوة ذكور وعندنا لا فرق في حجبها بين الذكر والأنثى ولو كانا غير وارثين لسقوطهما بالأب لا بمانع قام بهما
"وحال لها الثلث وهي مع عدم هؤلاء" أي: مع عدم من ذكر من الولد أو ولد ابنه أو اثنين من الإخوة والأخوات من أي: الجهات كانوا لا نعلم فيه خلافا.
وسنده قوله تعالى :{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:11] "وحال لها ثلث الباقي وهي من زوج وأبوين وامرأة وأبوين لها ثلث

(6/122)


ثلث الباقي بعد فرض الزوجين وحال رابع وهي إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنى أو منفيا بلعان فانه ينقطع تعصيبه من جهة من نفاه؛
__________
الباقي بعد فرض الزوجين" وهاتان المسألتان تسميان العمريتين لأن عمر رضي الله عنه قضى بذلك ووافقه عثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود وروي عن علي وقاله الحسن والثوري وقال بن عباس لها ثلث المال كله فيهما لأن الله فرض لها الثلث عند عدم الولد والإخوة.
ويروى عن علي قال أحمد وهو ظاهر القرآن واختاره ابن اللبان وقاله ابن سريج في زوج وأبوين وفصل ابن سيرين فقال كقول الجماعة في زوج وأبوين وكقول ابن عباس في امرأة وأبوين وقاله أبو ثور لأنا لو فرضنا لها ثلث المال في الأولى: لفضلناها على الأب وهو ممتنع وفي مسألة الزوجة لا يتأتى ذلك قال المؤلف والحجة مع ابن عباس لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على خلافه لأن الفريضة إذا جمعت أبوين وذا فرض كان للأم ثلث الباقي كما لو كان معهما بنت.
ويخالف الأب الجد لأن الأب في درجتها والجد أعلى منها ولأن ميراثها هو ما سوى ميراث الزوجين فلم يجز أن يزاد على ثلث ما ورثه الأبوان ولأن ما يأخذه أحد الزوجين إنما يأخذه بالسبب وما يؤخذ بالسبب كالطارىء على التركة فإذاً الباقي بعده يكون بين الأبوين فعلى هذا تكون المسألة الأولى من اثنين وتصح من ستة و الثانية: تصح من أربعة وإنما قالوا لها ثلث الباقي ولم يقولوا سدس المال من الأولى وربعه من الثانية: محافظة على الأدب في موافقة القرآن وعبر به في الوجيز اعتبارا بالحاصل.
وما ذهب إليه ابن سيرين تفريق في موضع أجمع الصحابة على التسوية فيه ثم إنه مع الزوج يأخذ مثل ما أخذت الأم كذلك مع المرأة قياسا عليه.
"وحال رابع وهي إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنى" لأنه لا ينسب إلى الزاني "أو منفيا بلعان فإنه ينقطع تعصيبه من جهة من نفاه" أي: إذا لا عن

(6/123)


فلا يرثه هو ولا أحد من عصباته وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم وعصبته عصبة أمه.
__________
الرجل امرأته وانتفى من ولدها وفرق الحاكم بينهما انتفى ولدها عنه وانقطع تعصيبه من جهة الملاعن.
"فلا يرثه هو ولا أحد من عصباته وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم" وينقطع التوارث بين الزوجين لا نعلم فيه خلافا فإن مات أحدهما قبل تمام اللعان ورثه الآخر في قول الجمهور فإن تم اللعان بينهما فمات أحدهما قبل تفريق الحاكم لم يتوارثا في الأشهر لأن اللعان يقتضي التحريم المؤبد فلم يعتبر فيه التفريق كالرضاع.
والثانية: يتوارثان لأنه عليه السلام فرق بينهما ولو حصل التفريق باللعان لم يحتج إلى تفريقه لكن لو فرق بينهما قبل تمامه لم تقع الفرقة ولم ينقطع التوارث في قول الجماعة وهذا في توارث الزوجين فأما الولد فالأصح أنه ينتفي عن الملاعن إذا تم اللعان بينهما من غير اعتبار تفريق الحاكم فإن لم يكن ذكره في اللعان لم ينتف عن الملاعن ولم ينقطع التوارث بينهما.
وقال أبو بكر: ينتفي بزوال الفراش لأنه عليه السلام نفى الولد عن الملاعن وألحقه بأمه ولم يذكره في لعانه لأنه كان حملا في البطن وفي الرعاية إن قذفها ولاعنها في مرض موته ورثته وقيل: لا وإن قذفها في صحته ولاعنها في مرض موته وافترقا فمات فروايتان وإن أكذب نفسه لم يرثه فإن نفى في لعانه ولدها انقطع نسبه عنه ولم يتوارثا فإن استحلقه بعد لحقه وتوارثا.
تنبيه: إذا ادعته امرأة دون زوجها وألحق بها فهو كولد الملاعنة وكذا لو ادعاه الزاني وقوة اللعان والزنى وفروعهما ولداه ولا يورثون بأخوة الأب على المذهب.
"وعصبته" بعد ذكور ولده وإن نزل "عصبة أمه" في الإرث نقلة الأثرم

(6/124)


وعنه: أنها هي عصبته فإن لم تكن فعصبتها عصبته فإذا خلف أما وخالا فلأمه الثلث وباقيه للخال وعلى الرواية الأخرى الكل للأم
__________
وحنبل وروي عن علي وابن عباس وابن عمر وقاله جمع لقوله عليه السلام: "ألحقوا الفرائض بأهلها" الخبر وأولى الرجال به أقارب أمه ولو كانت عصبة كأبيه لحجبت الإخوة ولأن مولاها مولى أولادها فيجب أن يكون عصبتها عصبته كالأب فإن كانت أمه مولاة فما بقي فلمولاها وإلا جعل لبيت المال وروي عن ابن عباس نحوه وقاله جمع من التابعين وأهل المدينة.
"وعنه: أنها هي عصبته فإن لم تكن فعصبتها عصبته" نقلها أبو الحارث ومهنا وهو قول ابن مسعود اختارها أبو بكر والشيخ تقي الدين لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها رواه أبو داود.
وعن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وميراث ولدها التي لا عنت عليه" رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب ولأنها قامت مقام الأب في انتسابه إليها فقامت مقامه في حيازة ميراثه ولأنهم عصبات أدلوا بها فلم يرثوا معها كأقارب الأب معه.
وعنه: إن كان لهما ذو فرض رد عليهم فإن عدم فعصبها عصبته فعلى الأولى: يرث أخوه لأمه مع بنته لا أخته ويعايا بها ولو خلف خالا وخالة أو خالا ومولى أم فالمال للخال رواية واحدة فإذا مات عتيق ابن الملاعنة عن الملاعنة وعصبتها فقيل المال لعصبتها على الروايات والأصح أنه مبني على القول بتعصيبها فإن لم يترك ابن الملاعنة ذاسهم فالمال لعصبة أمه في قول الجماعة ونقل الخلال في جامعه أنهم يعقلون عنه.
"فإذا خلف أما وخالا فلأمه الثلث" لأنه فرضها "وباقيه للخال" أي: على الرواية الأولى لأنه عصبتها "وعلى الرواية الأخرى: الكل للأم" لأنها عصبته وعلى الثالثه: يستوعب المال بالفرض والرد وهي قول ابن مسعود.

(6/125)


فإن كان معهم أخ لأم فله السدس والباقي له أو للأم على الرواية الثانية: وإذا مات ابن ابن ملاعنة وخلف أمه وجدته فلأمه الثلث وباقيه للجدة على إحدى الروايتين وهذه جدة ورثت مع أم أكثر منها.
__________
ومذهب زيد الباقي لبيت المال.
"فإن كان معهم أخ لأم فله السدس" لأنه فرضه "والباقي له" أي: للأخ من الأم لأنه عصبتها دون الخال لأنه محجوب "أو للأم على الرواية الثانية" وهذا كله بعد أخذ الأم الثلث والأخ السدس لأنه لو لم يكن كذلك لما كان للأم شيء على الرواية الأولى: وليس كذلك وفاقا فإن كان معهما مولى أم فلا شيء له عندنا وقال زيد وموافقوه له الباقي وإن لم يكن لأمه عصبة إلا مولاها فالباقي له إذا قلنا: عصبتها عصبته وعلى الأخرى هو للأم وقاله ابن مسعود لأنها عصبة ابنها.
"وإذا مات ابن ابن ملاعنة وخلف أمه وجدته" أم أبيه الملاعنة "فلأمه الثلث" لأنه فرضها "وباقيه للجدة على إحدى الروايتين" وهي قول ابن مسعود لأنها هي الملاعنة فهي عصبته فيكون لها الباقي "وهذه جدة ورثت مع أم أكثر منها" فيعايابها لأنها ورثت الثلثين مع إرث الأم الثلث فهو مثلا نصيبها لأنها عصبة على رواية فيكون لها الباقي وعلى الأخرى الكل للأم الثلث بالفرض والباقي بالرد وهو قول علي فإذا مات ابن ابن الملاعنة عن عمه وعم أبيه فالمال لعمه وقال بعض العلماء عم الأب أولى لأنه ابن الملاعنة.
ورد بأن العصبات إنما يعتبر أقربهم من الميت لا من آبائه فأما ولد بنت الملاعنة فليست الملاعنة عصبة لهم في قول الجميع وإن مات ابن الملاعنة وخلف ابنه وإن نزل وأمه فلأمه السدس والباقي للابن على الروايات كلها.

(6/126)


فصل
وللجدات السدس واحدة كانت أو أكثر.
__________
فصل
وللجدات السدس، واحدة كانت أو أكثر" وقد حكاه ابن المنذر إجماعا وحكى غيره رواية شاذة أنها بمنزلة الأم لأنها تدلي بها فقامت مقامها عند عدمها كالجد.
وأجيب بما روى قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها فقال مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس.
فسأل الناس فقال المغيرة ابن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها السدس فقال: هل معك غيرك فقام محمد بن سلمة الأنصاري فشهد مثله فأنفذه لها
ثم جاءت الثانية إلى عمر بن الخطاب فسألته ميراثها فقال: مالك في كتاب الله شيء لكن هو ذاك السدس فإذا اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
وعلم منه أنهن لا يزدن على السدس فرضا لما روى سعيد ثنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر فأعطى أم الأم دون الأب فقال له عبد الرحمن بن سهل وكان شهد بدرا يا خليفة رسول الله أعطيت التي إن ماتت لم يرثها ومنعت التي لو ماتت ورثها فجعل أبو بكر السدس بينهما وهذا إجماع وشرطه إذا تحاذين لأنه إذا كان بعضهن أقرب كان الميراث لها.
ولا خلاف في توريث جدتين أم الأم وأم الأب وكذا إن علتا وكانتا في القرب سواء كأم أم أم وأم أم أب .

(6/127)


فان كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن وعنه: أن القربى من جهة الأب لا تحجب القربى من جهة الأم ولا يرث أكثر من ثلاث جدات أم الأم وأم الأب وأم الجد
__________
"فإن كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن" سواء كانا من جهة واحدة فهو للقربى إجماعا وكذا إن كانا من جهتين والقربى من جهة الأم فبالاتفاق أن الميراث لها دون البعدى إذ الأقرب يحجب الأبعد كالآباء والأبناء.
وظاهره: أن القربى من جهة الأب تحجب البعدى من جهة الأم وهو أشهر الروايتين ونصره في المغني والشرح وغيرهما وهو قول أهل العراق.
"وعنه: أن القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم" بل تشاركها وبه قطع القاضي في جامعة وصححه ابن عقيل وهي المنصوصة حتى إن القاضي في الروايتين لم يحك الأولى: إلا عن الخرقى لأن الأب الذي تدلي به الجدة لا يحجب الجدة من قبل الأم فالتي تدلي به أولى أن لا تحجبها وبهذا فارقت القربى من قبل الأم فإنها تدلي بالأم وهي تحجب جميع الجلدات.
وأجيب بأن قولهم الأب لا يسقطها قلنا: لأنهن لا يرثن ميراثه وإنما يرثن بميراث الأمهات لكونهن أمهات ولذلك أسقطتهن الأم.
أم أم أم أم أب الميراث للأولى بلا نزاع أم أب وأم أم أم الميراث للأولى على الأولى وعلى الثانية: هو مشترك بينهما.
"ولا يرث أكثر من ثلاث جدات" قاله أحمد من غير زيادة روي عن علي وابن مسعود وزيد لما روى سعيد عن سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث جدات ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم وأخرجه أبو عبيد والدارقطني.
وأشار إليهم المؤلف بقوله: "أم الأم وأم الأب وأم الجد ومن كان من

(6/128)


ومن كان من أمهاتهن وإن علت درجتهن فأما أم أبي الأم وأم أبي الجد فلا ميراث لهما والجدات المتحاذيات أم أم أم وأم أم أب، وأم
__________
أمهاتهن وإن علت درجتهن" يؤيده ما روى سعيد بإسناده عن إبراهيم قال كانوا يورثون من الجدات ثلاثا ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم وقال جماعة من العلماء لا يرث أكثر من جدتين وحكاه الزهري عن العلماء.
وعن ابن عباس أنه ورث الجدات وإن كثرن إذا كن في درجة واحدة إلا من أدلت بأب غير وارث كأم أب الأم قال ابن سراقة وبهذا قال عامة الصحابة.
وهو رواية المزني عن الشافعي ويحتمله كلام الخرقي فعلى ما ذكره المؤلف يرثن وإن علون أمومة وقيل: وأبوة.
"فأما أم أب الأم وأم أب الجد فلا ميراث لهما" وكذا كل جدة تدلي بغير وارث وهذا إجماع إلا ما حكي عن ابن عباس وجابر بن زيد ومجاهد وابن سيرين فإنهم قالوا ترث وهو قول شاذ لأنها تدلي بغير وارث فلم ترث كالأجانب ولأنهما من ذوي الأرحام والمراد نفي ميراث الجدة المستحقة بنفسها لا بسبب آخر.
"والجدات المتحاذيات" أي: المتساويات في الدرجة بحيث لا تكون واحدة أعلى من الأخرى ولا أنزل منها لأن الجدات إنما يرثن كلهن إذا كن في درجة واحدة فمتى كان بعضهن أقرب كان الميراث لها ثم مثل المتحاذيات "أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب" فهم متساوون في الدرجة وهو متصور في الثلاث وأما في الأربع فأم أم أم أم وأم أم أم أب وأم أم أبي أب وأم أبي أبي أب وفي الخامسة: خمسا وفي السادسة ستا.
فإذا أردت تنزيل الجدات الوارثات وغيرهن فاعلم أن للميت في الدرجة الأولى جدتين أم أمه وأم أبيه وفي الثانية: أربع لأن لكل واحد من أبويه جدتين فهما أربع بالنسبة إليه.

(6/129)


أبي أب وترث الجدة وابنها حي وعنه: لا ترث.
__________
وفي الثالثة ثمان لأن لكل واحد من أبويه أربعا على هذا الوجه ويكون لوالدهما ثمان
وعلى هذا كلما علون تضاعف عددهن وهذا ظاهر الخرقي مع أن قوله وإن كثرن يحتمل أن لا يزيد فرضهن على السدس.
"وترث الجدة وابنها حي" في ظاهر المذهب وهو قول عمر وابن مسعود وأبي موسى وعمران بن حصين لما روى ابن مسعود قال أول جدة أطعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس أم أب مع ابنها وابنها حي رواه سعيد والترمذي ولأن الجدات العالمين يرثن ميراث الأم لا ميراث الأب فلا يحجبن به كأمهات الأم.
"وعنه: لا ترث" بل هي محجوبة بابنها وهي قول زيد لأنها تدلي به فلا ترث معه كالجد مع الأب وأم الأم مع الابن وهذا الخلاف فيما إذا كانت أم الأب أو الجد أما لو كان ابنها عماً للميت أو عم أب فلا خلاف في توريثها قاله ابن عقيل وتبعه في الشرح لأنها لا تدلي به.
مسائل
أم أب وأب لها السدس على الأولى: والباقي له وعلى الثانية: الكل له.
أم أب وأم أم أب فعلى الأولى: السدس بينهما وعلى الثانية: هو لأم الأم وقيل: نصفه معادة والباقي له.
أم أب وأم أم أم وأب السدس لأم الأب ومن حجب الجدة بابنها أسقط أم الأب ثم اختلف القائلون بذلك فقيل السدس كله لأم أم الأم لأن التي كانت تحجبها أو تزاحمها قد سقط حكمها فصارت كالمعدمه وقيل: بل لها نصف السدس وقيل: لا شيء لها لأنها انحجبت بأم الأب ثم انحجبت أم الأب بالأب فصار المال كله للأب.

(6/130)


واذا اجتمعت جدة ذات قرابتين مع أخرى فلها ثلث السدس في قياس قوله وللأخرى ثلثه.
فصل
وللبنت الواحدة النصف فإن كانتا اثنتين فصاعدا فلهن الثلثان.
__________
"وإذا اجتمعت جدة ذات قرابتين" كما لو تزوج ابن ابن المرأة بنت بنتها فيولد لهما ولد فتكون المرأة أم أب وأم أبي أبيه "مع أخرى فلها: أي: فلذات القرابتين "ثلثا السدس في قياس قوله" أي: قول أحمد "وللأخرى ثلثه" كذلك قاله أبو الحسن التميمي وأبو عبد الله الوني فيحتمل أنهما أخذا ذلك من قوله في المجوس أنهم يرثون بجميع قرابتهم ويحتمل أنهما أرادا بذلك قياسه على قوله في ابن العم إذا كان زوجا أو أخا لأم لأنها شخص ذات قرابتين ترث بكل منهما منفردة فوجب أن ترث بهما عند الاجتماع.
وقال بعض العلماء: السدس بينهما نصفان لأن القرابتين إذا كانتا من جهة واحدة لم ترث بهما جميعا كالأخ من الأب والأم وجوابه الفرق فإن الأخ من الأبوين ترجح بقرابته على الأخ من الأب وعنه: بأقواهما فلو تزوج بنت عمته فجدته أم أم أم ولدهما وأم أبي أبيه بنت خالته فجدته أم أم أم وأم أم أب فإن أدلت الجدة بثلاث جهات ترث بها لم يمكن أن تجمع معها جدة أخرى وارثة عند من لا يورث أكثر من ثلاثة.
فصل
"وللبنت الواحدة "من الصلب "النصف" بغير خلاف وسنده قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:11] وقضاؤه عليه الصلاة والسلام "فإن كانت اثنتين فصاعدا فلهن الثلثان" لقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وهو إجماع إلا رواية شذت عن ابن عباس:

(6/131)


................................................
__________
أن الاثنتين فرضهما النصف أخذاً بالمفهوم والاية ظاهرة الدلالة على ما زاد على اثنتين ووجه دلالتها عليهما أن الاية وردت على سبب خاص وهو ما رواه جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هاتان ابنتا سعد قتل أبوهما معك يوم أحد وابن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما شيئا من مال.
قال: "يقضي الله في ذلك" فنزلت اية المواريث فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمهما فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك" رواه أبو داود وصححه الترمذي والحاكم ووقع في المغني والشرح انه قال لأخي سعد.
فدلت الاية على فرض ما زاد على الاثنتين ودلت السنة على فرض الاثنتين فهذا من السنة بيان ونسخ لما كان عليه أمر الجاهلية من توريث الذكور دون الإناث.
و"فوق" في الاية الكريمة ادعي زيادتها كقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} أي: اضربوا الأعناق ورده ابن عطيه وجماعة إذ الأسماء لا تجوز زيادتها لغير معنى وفوق في قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} غير زائدة لأن الضرب يكون في أعلا العنق في المفصل وقيل: المعنى اثنتين فما فوق ولأن الأحوات أضعف من البنات وقد جعل للأختين الثلثين أيضا مع بعد الدرجة فللبنتين الثلثان مع قرب الدرجة من باب أولى.
واختلف فيما ثبت به فرض الاثنتين فقيل بالقران لأنه تعالى ذكر حكم البنت وحكم الثلاث بنات دون حكم البنتين وذكر حكم الأخت والأختين دون ما زاد فوجب حمل كل من الايتين على الأخرى لظهور المعنى.
ورد بأن ذلك لا يخرجه عن القياس وقيل: بالسنة وقيل: بالبينة وقيل: بالإجماع وقيل: بالقياس.
وما روي عن ابن عباس رجحه ابن حزم في بعض كتبه لكن قال الشريف الأرموي صح عن ابن عباس رجوعه عن ذلك وصار إجماعا إذ الإجماع بعد

(6/132)


وبنات الابن بمنزلة البنات اذا لم يكن بنات فان كانت بنت وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقى للذكر مثل حظ الانثيين.
__________
الاختلاف حجة ومما يؤكد أن للبنتين الثلثين أن الله تعالى قال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وهو لو كان مع واحدة كان حظها الثلث فأولى وأحرى أن يجب لها مع أختها.
"وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات" بالإجماع لأن بنت الابن بنته كما أن ابن الابن ابنه ولدخوله في المنصوص سواء كانت بنات الابن من أب واحد أو اباء فإنهن يشتركن في الثلثين وكان ينبغي أن يقول إذا لم يكن بنتان لأن بنات الابن لا يرثن مع البنتين شيئا.
"فإن كانت بنت وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين" وبالإجماع واختصت البنت بالنصف لأنه مفروض لها والاسم يتناولها حقيقة فبقي السدس لبنات الابن تمام الثلثين.
وعن هزيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف وأنت ابن مسعود فسيتابعني فسأل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت.
فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم رواه البخاري.
"إلا أن يكون معهن" أي: مع بنات الابن "ذكر" في درجتهن "فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين" في قول جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم،

(6/133)


وإن استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن إلا أن يكون معهن أو أنزل منهن ذكرا فيعصبهن فيما بقي.
فصل
وفرض الأخوات من الأبوين مثل فرض البنات سواء،
__________
لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} الاية وانفرد ابن مسعود فقال لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس وذلك مبني على أصله وهو أن بنت الابن لا يعصبها أخوها إذا استكمل البنات الثلثين وقد ناقض في المقاسمة إذا كان يضر بهن وكان ينبغي أن يعطيهن السدس على كل حال.
"وإن استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن" بالإجماع لأنه تعالى لم يفرض للأولاد إذا كانوا نساء إلا الثلثين قليلات كن أو كثيرات وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن نساء من الأولاد وقد ذهب الثلثان والمشاركة ممتنعة لأنهن دون درجتهن "إلا أن يكون معهن ذكر" كأخيهن أو ابن عمهن أو أنزل منهن كابن أخيهن أو ابن عمهن أو ابن ابن عمهن "فيعصبهن فيما بقي" للذكر مثل حظ الانثيين هذا قول علي وزيد وسائر الفقهاء غيرابن مسعود ومن وافقه فإنه خالف الصحابة في ست مسائل هذه إحداهن فجعل الباقي للذكر دون أخواته.
وقاله أبو ثور لأن النساء لا يرثن أكثر من الثلثين بدليل ما لو انفردن.
وجوابه بأنه قد دخلن في عموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} بدليل تناول اللفظ لهن لو لم يكن بنات وعدم البنات لا يوجب لهن هذا الاسم ولأن كل ذكر وأنثى يقتسمون المال إذا لم يكن معهم ذو فرض يجب أن يقسمها الفاضل عنه كأولاد الصلب والإخوة مع الأخوات.
فصل
"وفرض الأخوات من الأبوين مثل فرض البنات سواء" إجماعا لقوله

(6/134)


{فإن كانَ َلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} والأخوات من الأب معهن كبنات الابن مع البنات سواء إلا انهن لا يعصبهن إلا أخوهن والأخوات مع البنات عصبة يرثن ما فضل كالإخوة وليست لهن معهن فريضة مسماة.
__________
تعالى {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وهو وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} مما ترك وهذا مما لا خلاف فيه "والأخوات من الأب معهن كبنات الابن مع البنات سواء" فأخت لأبوين لها النصف وأخت أو أخوات من أب لهن السدس تكملة الثلثين فإن استكمل الأخوات لأبوين الثلثين سقط الأخوات من الأب لأنه لم يبق من فرض الأخوات شيء "إلا أنهن لا يعصبهن إلا أخوهن" للذكر مثل حظ الانثيين خلافا لابن مسعود وأتباعه فقال إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين فالباقي للذكور من ولد الأب دون الإناث وجعل لهن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس والباقي للذكور كما فعل في ولد الابن مع البنات وهنا لا يعصبها إلا أخوها فلو استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين وثم أخوات لأب وابن أخ لهن لم يكن للأخوات شيء وكان الباقي لابن أخ بخلاف ما سبق فإن ابن الابن ابن وإن نزل وابن الأخ ليس بأخ.
"والأخوات" من الأبوين أو الأب "مع البنات عصبة يرثن ما فضل كالإخوة" في قول عامة الفقهاء وقال ابن عباس لا شيء للأخوات وقال في بنت وأخت للبنت النصف ولا شيء للأخت فقيل له إن عمر رضي الله عنه قضى بخلاف ذلك فقال ابن عباس أنتم أعلم أم الله يريد قوله تعالى :{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} فجعل لها النصف مع عدم الولد وهذا لا يدل على ما ذهب إليه بل يدل على أن الأخت لا يفرض لها النصف مع الولد ونحن نقول به وإنما يأخذه بالتعصيب كالأخ.
"وليست لهن معهن فريضة مسماة" وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} وعلى قياس

(6/135)


فصل
وللواحد من ولد الأم السدس ذكرا كان أو أنثى فإن كانا اثنتين فصاعدا فلهم الثلث بينهم بالسوية.
__________
قوله ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في توريثها منها عدم الولد وهو خلاف الإجماع والمبين لكلام الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وقد جعل للأخت مع البنت وبنت الابن الباقي عن فرضهما وهو الثلث.
فصل
"وللواحد من ولد الأم السدس ذكرا كان أو أنثى" بغير خلاف لقوله تعالى :{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} والمراد به ولد الأم بالإجماع وفي قراءة عبد الله وسعد: "وله أخ أو أخت من أم" "فإن كانا اثنتين فصاعدا فلهم الثلث" لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} "بينهم بالسوية" إذ الشركة من غير تفصيل تقتضي التسوية بينهم كما لو وصى أو أقر لهم ولا نعلم فيه خلافا إلا رواية شذت عن ابن عباس أنه فضل الذكر على الأنثى لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً} الاية وجوابه أن المراد بها ولد الأبوين أو الأب قال في المغني والشرح وهذا مجمع عليه ولا عبرة بقول شاذ.
تنبيه: الكلالة اسم للورثة ما عدا الوالدين والمولودين نص عليه روي عن الصديق وقاله زيد وابن عباس وجابر بن زيد وأهل المدينة والبصرة والكوفة واحتجوا بقول الفرزدق في بني أمية:
ورثتم قناة المجد لا عن كلالة
عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
واشتقاقه من الإكليل الذي يحيط بالرأس ولا يعلو عليه فكأن الورثة ما عدا الوالد والولد قد أحاطوا بالميت من حوله لا من طرفه أعلاه وأسفله كإحاطة

(6/136)


الإكليل بالرأس فأما الولد والوالد فهما طرفا الرجل فإذا ذهبا كان بقية النسب كلالة وقالت طائفة: الكلالة الميت نفسه الذي لا ولد له ولا والد وقيل: الكلالة قرابة الأم
وروي عن الزهري أنه قال الميت الذي لا ولد له ولا والد كلالة ويسمى وارثه كلالة ولا خلاف أن اسم الكلالة يقع على الإخوة من الجهات كلها.

(6/137)


فصل في الحجب
يسقط الجد بالأب وكل جد بمن هو اقرب منه والجدات بالأم وولد الابن بالابن وولد الأبوين بثلاثة بالابن وابنه والأب،
__________
فصل في الحجب
الحجب مأخوذ من الحجاب وهو المنع من الميراث بوجود وارث أقرب منه يمنعه من كل الميراث أو بعضه ومنه سمي حاجب السلطان لأنه يمنع من أراد الدخول إليه وهو ضربان حجب نقصان كحجب الزوج من النصف إلى الربع بالولد والزوجة من الربع إلى الثمن به والأم من الثلث إلى السدس وحجب حرمان وهو أن يسقط الشخص غيره بالكلية وهو المراد هنا "يسقط الجد بالأب" حكاه ابن المنذر إجماع الصحابة ومن بعدهم لأنه يدلي به ومن أدلى بشخص لا يرث مع وجوده إلا ولد الأم "وكل جد" يسقط "بمن هو أقرب منه" لأنه يدلي به فهو كإسقاط الجد بالأب "والجدات بالأم" سواء كن من جهة الأب أو الأم بلا خلاف حكاه ابن المنذر والماوردي لأن الجدات يرثن بالولادة فكانت الأم أولى منهن لمباشرتها الولادة "وولد الابن بالابن" وبالإجماع لقربه لأنه إن كان أبا فهو يدلي به فسقط به كما يسقط الأب الجد وإن كان عمه فهو أقرب منه فيسقط به لقوله عليه السلام: "ألحقوا.." الخبر "وولد الأبوين بثلاثة بالابن وابنه والأب" حكاه ابن المنذر إجماعا لأن الله تعالى جعل إرثهم في الكلالة وهي اسم لما عدا الولد والوالد.

(6/137)


ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة وبالأخ من الأبوين ويسقط ولد الأم بأربعة بالولد ذكرا كان أو أنثى وولد الابن والأب والجد.
__________
"ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة" لأنهم إذا حجبوا الشقيق فهو أولى "وبالأخ من الأبوين" لقوته بزيادة القرب وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم "قضى بالدين قبل الوصية وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه" رواه أحمد والترمذي من رواية الحارث عن علي وعن أحمد يسقط ولد الأبوين والأب بجد قال في الفروع: وهو أظهر واختاره شيخنا قال وهو قول طائفة من أصحاب أحمد كأبي حفص البرمكي والآجري لكن نقل أبو طالب ليس الجد أبا في قول زيد واحتج بقوله عليه السلام: "أفرضكم زيد" إسناده ثقات.
"ويسقط ولد الام بأربعة: بالولد ذكرا كان أو أنثى وولد الابن والأب والجد" لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: "أما سمعت الاية التي أنزلت في الصيف {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} وهي من لم يترك ولدا ولا والدا" رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة ثم قال صحيح على شرط مسلم.
فدل على أنه إنما يرث عند عدمهما والجد أب وولد الابن ابن وقد روي عن ابن عباس في أبوين وأخوين لأم للأم الثلث وللأخوين الثلث وقيل: عنه لهما ثلث الباقي وهذا بعيد جدا قاله في المغني والشرح: فإنه يسقط الإخوة كلهم بالجد فكيف يورثهم مع الأب
فرع: من لا يرث لا يحجب نقل أبو الحارث في أخ مملوك وابن أخ حر المال لابن أخيه روي عن عمر وعليز
أصل: من الورثة من لا يسقط بحال وهو الزوجان والأبوان والابن والبنت لأنه لا حاجب لهم يمنعهم من الإرث والضأبط في ذلك أن كل من لا يتوسط بينه وبين الميت لا يسقط إرثه بحال.

(6/138)


باب العصبات
وهم عشرة الابن وابنه والأب وأبوه والأخ وابنه إلا من الأم والعم وابنه كذلك ومولى النعمة ومولاة النعمة وأحقهم بالميراث أقربهم ويسقط به من بعد وأقربهم الابن ثم ابنه وإن نزل،
__________
باب العصبات
وهو جمع عصبة مأخوذة من العصب وهو المنع سميت الورثة بذلك لتقوي بعضهم ببعض بحيث يحصل لكل منهم منعة بالآخر وقيل: العصبة مأخوذة من العصابة وهي العمامة لأنها تحيط بجميع الرأس كذلك العصبة يحيطون بالميت من الجوانب كلها وقيل: أصلها الشدة والقوة ومنه عصب الحيوان لأنه معين له على القوة والمدافعة.
وفي الاصطلاح هو الوارث بغير تقدير أو من يحرز المال إذا لم يكن معه صاحب فرض وهم ثلاثة أنواع عصبة بنفسه كالمعتق وكل ذكر بسبب ليس بينه وبين الميت أنثى كالابن وعصبة بغيره كالبنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت للأب كل بأخيها وعصبة مع غيره كالأخوات مع البنات.
"وهم عشرة الابن وابنه والأب وأبوه والأخ وابنه إلا من الأم" لأن الأخ من الأم صاحب فرض وابن الأخ من الأم من ذوي الأرحام "والعم وابنه كذلك" أي: من الأبوين أو الأب وأما العم من الأم وابن العم من الأم فليسا عصبة لأنهما من ذوي الأرحام "ومولى النعمة" أي: المعتق "ومولاة النعمة" أي: المعتقة "وأحقهم بالميراث أقربهم ويسقط به" أي: بالأقرب "من بعد" وهذا ظاهر "وأقربهم الابن ثم ابنه وإن نزل" لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} والعرب تبدأ بالأهم فالاهم إذ الفرع أقرب من الأصل لأن الفرع جزء الميت وجزء الشيء أقرب إلى ذلك الشيء من أصله واعتبر بالجزء المتصل فإن إصبعك جزؤك المتصل فهو أقرب إليك من أصلك بالجنس فكذلك

(6/139)


ثم الأب ثم الجد وإن علا ثم الأخ من الأبوين ثم من الأب ثم من ابن الأخ من الأبوين ثم من الأب ثم أبناؤهم وإن نزلوا ثم الأعمام ثم أبناؤهم كذلك ثم أعمام الأب ثم أبناؤهم ثم أعمام الجد ثم أبناؤهم كذلك وإن نزلت درجتهم.
__________
جزؤك المنفصل لأن المتصل والمنفصل من حيث إنهما جزء واحد لا فرق بينهما فإذا علمت أن الجزء المتصل أقرب إليه من أصله فالجزء المنفصل كذلك وابن الابن ملحق به إجماعا وإن قلنا: لفظ الولد يصدق عليه حقيقة أو مجازا فالآية دالة عليه "ثم الأب" لأن سائر العصبات يدلون به "ثم الجد" لأنه أب وله إيلاد وتعصيب "وإن علا" ما لم يكن إخوة لأبوين أو لأب فإن اجتمعوا فلهم حكم ما تقدم.
تنبيه: الجد يفارق الأب في مسائل الأب يسقط الإخوة والأخوات والجد يقاسمهم
الأب يرد الأم في العمريتين من الثلث إلى ثلث الباقي ولا يردها الجد لأنه لا يساويها في الدرجة.
الأب يسقط الجد ولا يسقط هو بحال.
"ثم الأخ من الأبوين" لأنه جزء أبيه وهو مقدم على الأخ من الأب لأنه ساواه في قرابة الأب وترجح بقرابة الأم "ثم من الأب" لما ذكرناه "ثم من ابن الأخ من الأبوين" لأنه يدلي بأبيه واقتضى ذلك تقديم الأخ من الأب عليه "ثم" ابن الأخ "من الأب ثم أبناؤهم وإن نزلوا" لأنهم يدلون بهم وقدموا على الأعمام لأن الإخوة وأولادهم من ولد الأب والأعمام من ولد الجد " ثم الأعمام ثم أبناؤهم كذلك" أي: الأعمام من الأبوين يقدمون على الأعمام من الأب وابن العم من الأبوين مقدم على العم من الأب لأنه يدلي بمن هو أولى به "ثم أعمام الأب ثم أبناؤهم" لما ذكرنا "ثم أعمام الجد ثم أبناؤهم كذلك" لا يرث بنو أب أعلا مع بني أب أقرب منه وإن "نزلت درجتهم" نص عليه

(6/140)


وأولى ولد كل أب أقربهم إليه فإن استووا فأولاهم من كان لأبوين وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المنعم ثم عصباته من بعده.
__________
لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر" متفق عليه وروي "ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر" وأولى هنا بمعنى أقرب ولا يمكن أن يكون بمعنى أحق لما يلزم عليه من الإبهام والجهالة فإنه لا يدري من هو الأحق.
وقوله ذكر هو تأكيد أو احتراز من الخنثى أو لاختصاص الرجال بالتعصيب فمن نكح امرأة وأبوه ابنتها فولد الأب عم وولد الابن خال فيرثه الخال دون العم ولو خلف أخا وابن ابنه هذا وهو أخو زوجته ورثه دون أخيه ويعايا بها.
ويقال أيضا: ورثت زوجة ثمن التركة وأخوها الباقي فلو كان الإخوة سبعة ورثوه سواء ولو كان الأب نكح الأم فولده عم ولد الابن وخاله ولو نكح رجلان كل واحد منهم أم الآخر فهما القائلتان مرحبا بابنينا وزوجينا وابني زوجينا وولد كل منهما عم الآخر
"وأولى ولد كل أب أقربهم إليه" حتى في أخت لأب وابن أخ مع بنت نص عليه "فإن استووا فأولاهم من كان لأبوين" وهذا كله مجمع عليه ونص عليه في أخت لأبوين وأخ من أب مع بنت "وإذا انقرض العصبة من النسب ورث المولى المنعم" لقوله عليه السلام: "الولاء لحمة كلحمة النسب" وروي أن رجلا أعتق عبدا فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ما ترى في ماله فقال: "إذا لم يدع وارثا فهو لك".
"ثم عصابته من بعده" لأنهم يدلون به الأقرب فالأقرب لأن الولاء مشبه بالنسب ثم مولاه ولا شيء لموالي أبيه بحال لأنه عتق مباشرة وولاء المباشرة أقوى ثم الرد ثم الرحم وعنه: تقديمها على الولاء وعنه: الرد بعد الرحم ثم بيت المال بعدها.

(6/141)


وأربعة من الذكور يعصبون أخواتهم ويمنعونهن الفرض ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن وابنه والأخ من الأبوين والأخ من الأب ومن عداهم من العصبات ينفرد الذكور بالميراث وهم الإخوة والأعمام وبنوهم وابن الابن يعصب من بإزائه من أخواته وبنات عمه للذكر مثل حظ الأنثيين ويعصب من أعلى منه من عماته وبنات عم أبيه إذا لم يكن لهن فرض ولا يعصب من أنزل منه،
__________
"وأربعة من الذكور يعصبون أخواتهم ويمنعونهن الفرض ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن" لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} الاية فجعل الميراث عند اجتماعهما للذكر مثلي الأنثى من غير فرض لها ولو كانت وحدها لفرض لها ولو فرض لها معه لأدى إلى تفضيلها عليه أو المساواة أو الإسقاط فكانت المقاسمة أعدل
"وابنه" لأنه بمنزلته "والأخ من الأبوين والأخ من الأب" لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ولو كانت منفردة لفرض لها ولما ذكرناه
"ومن عداهم من العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث" أي: لاحق لهن فيه معهم "وهم بنو الإخوة والأعمام وبنوهم" لأن أخواتهم من ذوي الأرحام لأنهن لسن بذوات فرض ولا يرثن منفردات فلا يرثن مع إخوتهن شيئا وهذا مما لا خلاف فيه.
"وابن الابن يعصب من بإزائه من أخواته وبنات عمه" لأنه ذكر فيدخل في قوله تعالى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.
"ويعصب من أعلى منه من عماته وبنات عم أبيه إذا لم يكن لهن فرض" فإنه لا يعصبهن بل يكون باقي المال له ولا يشارك أهل الفرض في فرضه لما فيه من الإضرار بصاحب الفرض "ولا يعصب من أنزل منه" لأنه لو عصبه لاقتضي مشاركته والأبعد لا يشارك الأقرب.

(6/142)


وكلما نزلت درجته زاد فيمن يعصبه قبيل آخر ومتى كان بعض بني الأعمام زوجاً أو أخاً لأم أخذ فرضه وشارك الباقين في تعصيبهم.
__________
"وكلما نزلت درجته زاد فيمن يعصبه قبيل" هو الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا والجمع قبل قاله الجوهري "آخر" لأنه يعصب من بإزائه فيزداد القبيل الذي بإزائه فإذا خلف خمس بنات ابن بعضهن أنزل من بعض لا ذكر معهن كان للعليا النصف وللثانية السدس وسقط سائرهن والباقي للعصبة فإن كان مع العليا أخوها أو ابن عمها فالمال بينهما على ثلاثة وسقط سائرهن وإن كان مع الثانية عصبتها كان الباقي وهو النصف بينهما على ثلاثة وإن كان مع الثالثة فالباقي وهو الثلث بينهما على ثلاثة وإن كان مع الرابعة: فالباقي بينه وبين الثالثة و الرابعة على أربعة وإن كان مع الخامسة فالباقي بعد فرض الأولى و الثانية بينهم على خمسة وتصح من ثلاثين وإن كان أنزل من الخامسة فكذلك قال في المغني ولا أعلم في هذا اختلافا بتوريث بنات الابن مع بني الابن بعد استكمال الثلثين.
مسألة: ليس في الفرائض من يعصب أخته وعمته وعمة أبيه وجده وبنات أعمامه وبنات أعمام أبيه وجده إلا المستقل من أولاد الابن.
"ومتى كان بعض بني الأعمام زوجا أو أخا لأم أخذ فرضه وشارك الباقين في تعصيبهم" في قول عمر وعلي وزيد وابن عباس وجمهور الفقهاء وقال ابن مسعود وجمع المال للأخ من الأم لأنهما استويا في قرابة الأم وفضله بأم فصارا كأخوين أو عمين أحدهما لأبوين والآخر لأب.
وجوابه: أن الإخوة من الأم يفرض لها بهذا الرحم فإذا أخذ ذلك الفرض سقط هذا الرحم وصار بمنزلة ابن العم الآخر فلهما ما بقي من المال بعد الفروض فلو كان أبناء عم أحدهما زوج فله النصف والباقي بييهما نصفان عند الجميع فإن كان الآخر أخا لأم فللزوج النصف وللأخ السدس والباقي بينهما فأصلها من ستة للزوج أربعة وللأخ سهمان وترجع إلى ثلاثة،

(6/143)


وإذا اجتمع ذو فرض وعصبة بدىء بذي الفرض فأخذ فرضه وما بقي للعصبة وإن استغرقت الفروض المال فلا شيء للعصبة كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأبوين أو لأب للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث وسقط سائرهم،
__________
وعند ابن مسعود الباقي للأخ فتكون من اثنين فإن كانا ابني عم أحدهما ابن أخ لأم أو ابن أخت لأم المال بينهما نصفان وليس لهذا الذي هو ابن أخ أو ابن أخت لأم مزية على الآخر فإن قلت أليس لو كان أحدهما ابن عم لأبوين كان أولى من الآخر وإذا كان ابن عم لأب وأم ليس فيه إلا أنه أدلى برحم جدة الميت أم أبيه وهذا الذي هو ابن أخ يدلي برحم أم الميت وأم الميت أولى من جدته فهلا كان الذي يدلي برحمها أولى ممن يدلي برحم الجدة فالجواب: إنما يفضل بعض بني الأب على سائرهم إذا أدلى بأم هي نظيرة للأب الذي أدلى بعضهم برحم أم غير تلك الأم لم يكن له بذلك مزية ألا ترى أنا نقول في ابن عم لأب هو خال من أم ليس بأولى من بني العم من الأب وإن كان يدلي بجدة الميت لأنه يدلي برحم أم الأم وهي غيرالأم التي في حد جهة الجد أبي الأب فلم يكن له بذلك مزيه ولو كان لذلك مزية ل قلنا: في ابن عم لأب وأم وابن عم لأب هو ابن خال من أم المال بينهما نصفان لأنهما يدليان بجد وجدة فلما لم يقل ذلك علم الفرق بين أن يدلي بأم هي نظيرة الأب المدلى به وبين أن يدلي بأم هي غيرها وإن كانت أقرب منها إلى الميت ذكره الوني ومحل هذا إذا لم يكن فيها من يسقط الأخ من الأم وإن كانا ابني عم أحدهما أخ لأم وبنت أو بنت ابن فللبنت أو لبنت الابن النصف والباقي بينهما نصفان وسقط الإخوة من الأم.
"وإذا اجتمع ذو فرض وعصبة بدىء بذي الفرض فأخذ فرضه وما بقي للعصبة" لخبر: "ألحقوا الفرائض بأهلها".
"وإن استغرقت الفروض المال فلا شيء للعصبة" لأن العاصب يرث الفاضل ولا فاضل هنا "كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأبوين أو لأب للزوج المسألة من ستة للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث وسقط سائرهم" أي:

(6/144)


وتسمى: المشركة والحمارية إذا كان فيها إخوة لأبوين ولوكان مكانهم أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة وسميت ذات الفروخ.
__________
باقيهم لأنهم عصبة في قول علي وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وقاله جمع من التابعين وغيرهم ونقل حرب الكل يشتركون في الثلث ويقسم بينهم سوية.
وروي عن عمر وعثمان وزيد لأنهم ساووا ولد الأم في القرابة وقرابتهم من جهة الأب إن لم يزدهم قربا واستحقاقا فلا ينبغي أن يسقطهم.
"وتسمى: المشركة" أي: بفتح الراء لأنه روي عنه التشريك "والحمارية إذا كان فيها إخوة لأبوين" لأن ولد الأبوين لما أسقطوا قال بعضهم أو بعض الصحابة لعمر هب أن أباهم كان حمارا فما زادهم ذلك إلا قربا فشرك بينهم قال العنبري القياس ما قال علي والاستحسان ما قال عمر قال الخبري وهذه وساطة مليحة وعبارة صحيحة إلا أن الاستحسان المجرد ليس بحجة.
قال في المغني ومن العجب ذهاب الشافعي إليه ها هنا مع تخطئته للذاهبين إليه في غير هذا الموضع مع قوله من استحسن فقد شرع.
"ولو كان مكانهم" أي: مكان الإخوة من الأبوين "أخوات لأبوين أو لأب عالت إلى عشرة" أصلها من ستة للزوج النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث وللأخوات من الأبوين أو للأب الثلثان من أربعة فتصير عشرة.
"وسميت ذات الفروخ" لأنها عالت بمثلي ثلثها وهي أكثر ما تعول إليه الفرائض سميت الأربعة الزائدة بالفروخ والستة بالأم وتسمى الشريحية لأن رجلا أتى شريحا وهو قاض بالبصرة فقال ما نصيب الزوج من زوجته قال النصف مع غير الولد والربع معه فقال امرأتي ماتت وخلفتني وأمها وأختيها من امها وأختيها لأبيها وأمها فقال لك إذن ثلاثة من عشرة فخرج الرجل من عنده وهو يقول لم أر كقاضيكم لم يعطني نصفا ولا ربعا.

(6/145)


.....................................................
__________
فكان شريح إذا لقيه يقول إنك تراني حاكما ظالما وأراك فاسقا فاجرا لأنك تكتم القضية وتشيع الفاحشة.
مسائل
الأولى: أم الأرامل وهي ثلاث زوجات وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لأب وأم سميت بذلك لأن الورثة كلهن إناث وتسمى المسبعة والدينارية لأنه يقال في المعاياة مات ميت وخلف ورثة وسبعة عشر دينارا صار لكل امرأة دينار واحد فأصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر ومنها تصح ويعايا بها قال في عيون المسائل ونظمها بعضهم فقال:
قل لمن يقسم الفرائض واسأل ... إن سألت الشيوخ والأحداثا
مات ميت عن سبع عشرة أنثى ... من وجوه شتى فحزن التراثا
أخذت هذه كما اخذت تل ... ك عقارا ودرهما وأثاثا
الثانية: الدينارية وهي امرأة وأم وبنتان واثنا عشر أخا وأختا لأب وأم روي أن امرأة قالت لعلي إن أخي من أبي وأمي مات وترك ستمائة دينار وأصابني منه دينار واحد فقال لعل أخاك خلف من الورثة كذا وكذا قالت نعم قال قد استوفيت حقك فأصلها من أربعة وعشرين وتصح من ستمائة.
وذكر الشيخ نصر المقدسي أنها تسمى العامرية فإن الأخت سألت عامرا الشعبي فأجاب بما تقدم.
الثالثة: مسألة الامتحان وهي أربع نسوة وخمس جدات وسبع بنات وتسعة إخوة سميت بذلك لأنه يقال في المعاياة مات رجل وخلف ورثة عدد كل فريق منهم أقل من عشرة فلم تصح مسألتهم إلا من ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين سهما وجزء السهم فيها ألف ومائتان وستون.
الرابعة: ثلاثة إخوة لأبوين اصغرهم زوج له ثلثان ولهما ثلث ونظمها

(6/146)


باب أصول المسائل
__________
بعضهم فقال:
ثلاثة إخوة لأب وأم ... وكلهم إلى خير فقير
فحاز الأكبران هناك ثلثاً ... وباقي المال أحرزه الصغير
الخامسة: امرأة ولدت من زوج ولدا ثم تزوجت بأخيه لأبيه وله خمسة ذكور فولدت منه مثلهم ثم تزوجت بأجنبي فولدت منه مثلهم ثم مات ولدها الأول ورث خمسة نصفا وخمسة ثلثا وخمسة سدسا ويعايا بها لأنه يقال خمسة عشر ذكورا ورثوا مال ميت لذلك فأولاد الزوج الثاني منها هم إخوة لأم وأولاد عمه وأولاده من غيرها أولاد عم فقط وأولادها من الأجنبي إخوة لأم فقط وتصح من ثلاثين.
باب أصول المسائل
ومعنى أصول المسائل المخارج التي تخرج منها فروضها والمسائل جمع مسألة: وهو مصدر سأل سؤالا ومسألة فهو من إطلاق المصدرعلى المفعول بمعنى مسألة: أي: مسؤولة بمعنى سأل عنها وفيه العول أيضا يقال عالت أي: ارتفعت وهو ازدحام الفرائض بحيث لا يتسع لها المال فيدخل النقص عليهم كلهم ويقسم المال بينهم على قدر فروضهم كما يقسم مال المفلس بين غرمائه بالحصص.
وقال ابن عباس ومحمد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين وعطاء لا تعول المسائل وتلزمه مسألة فيها زوج وأم وأخوان من أم فإن حجب الأم إلى السدس خالف مذهبه فإنه لا يحجبها بأقل من ثلاثة إخوة وإن نقص الإخوة من الأم رد النقص على من لم يهبطه الله تعالى من فرض إلى ما بقي وإن أعال المسألة رجع إلى قول الجماعة وترك مذهبه قال في المغني و الشرح ولا نعلم اليوم قائلا بمذهبه.

(6/147)


الفروض ستة وهي نوعان نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس وهي تخرج من سبعة أصول أربعة لا تعول وثلاثة تعول فالتي لا تعول هي ما كان فيها فرض واحد أو فرضان من نوع واحد فالنصف وحده من اثنين والثلث وحده أو مع الثلثين من ثلاثة والربع وحده أو مع النصف من أربعة والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية فهذه التي لا تعول وأما التي تعول فهي التي يجتمع فيها فرض أو فرضان من نوعين فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من ستة،
__________
"الفروض" المقدرة في كتاب الله تعالى "ستة وهي نوعان نصف" بدأ الفرضيون به لكونه مفردا قاله السبكي قال وكنت أود لو بدأوا بالثلثين لأن الله تعالى بدأ به حتى رأيت ابن المنجا والحسين بن محمد الوني بدآ به فأعجبني ذلك وهو فرض خمسة.
"وربع" وهو فرض اثنين "وثمن" وهو فرض واحد "وثلثان" وهو فرض أربعة "وثلث" وهو فرض اثنين "وسدس" وهو فرض سبعة.
"وهي تخرج من سبعة أصول أربعة لاتعول وثلاثة تعول" لأن كل مسألة فيها فرض مفرد فأصلها من مخرجه وإن اجتمع معه فرض من نوعه فأصلها من مخرج أقلهما لأن مخرج الكبير داخل في مخرج الصغير.
"فالتي لا تعول هي ما كان فيها فرض" وما بقي "أو فرضان من نوع واحد" كنصفين في مسألة وهي زوج وأخت لأبوين أو لأب وتسمى اليتيمتين لأنهما فرضان متساويان ورث بهما المال ولا ثالث لهما.
"فالنصف وحده من اثنين والثلث وحده أو مع الثلثين من ثلاثة والربع وحده أو مع النصف من أربعة والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية فهذه التي لا تعول" لأن العول ازدحام الفروض ولا يوجد ذلك هنا.
"وأما التي تعول فهي التي يجتمع فيها فرض أو فرضان من نوعين فإذا اجتمع مع النصف سدس أو ثلث أو ثلثان فهي من ستة" لأن مخرج النصف

(6/148)


وتعول إلى عشرة ولا تعول إلى أكثر من ذلك وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فهي من اثني عشر وتعول على الإفراد إلى سبعة عشر،
__________
من اثنين والسدس من ستة فهو داخل فيه فيكتفى به ومخرج الثلث من ثلاثة والنصف من اثنين فتضرب إحداهما في الأخرى تكن ستة وذلك أصل المسألة وهو مخرج السدس زوج وأم وأخت لأم أبوان وابنتان.
"وتعول" وهو زيادة في السهام نقص في أنصباء الورثة إلى سبعة كزوج وأختين لأبوين أو لأب أو إحداهما من أبوين و الأخرى من أب وإلى ثمانية كزوج وأخت من أبوين وأم وتسمى المباهلة لأن عمر شاور الصحابة فيها فأشار العباس بالعول واتفقت الصحابة عليه إلا ابن عباس لكن لم يظهر النكير في حياته فلما مات عمر دعا إلى المباهلة وقال من شاء باهلته إن الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا إذا ذهب النصفان فأين محل الثلث وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله ما عالت مسألة قط فقيل له لم لا أظهرت هذا زمن عمر قال كان مهيبا فهبته.
وإلى تسعة كزوج وأم وثلاث أخوات مفترقات ويسمى عولها الغراء لأنها حدثت بعد المباهلة واشتهر القول بها.
"إلى عشرة" كزوج وأم وأختين من أبوين وأختين من أم وهي أم الفروخ ومن عالت مسألته إلى ثمانية أو تسعة أو عشرة لم يكن الميت إلا امرأة لأنه لا بد فيها من زوج "ولا تعول إلى أكثر من ذلك" لأنه لا يجتمع في مسألة أكثر من نصف ونصف وثلثين "وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة" أي: الثلثان أو الثلث أو السدس "فهي من اثني عشر" لأن مخرج الثلث والربع لا موافقة بينهما فاضرب أحدهما في الآخر والربع والسدس بينهما موافقة بالأنصاف فاضرب وفق أحدهما في الآخر يبلغ ذلك ولا بد في هذا الأصل من أحد الزوجين لأجل فرض الربع ولا يكون لغيرهما كزوج وأبوين وخمسة بنين.
"وتعول على الإفراد إلى سبعة عشر" فعول ثلاثة عشر منها إذا كان من الورثة

(6/149)


ولا تعول إلى أكثر من ذلك وإن اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فاجعلها من أربعة وعشرين وتعول الى سبعة وعشرين،
__________
من له ربع ونصف وثلث كزوجة وأخت لأبوين وأخوين لأم.
ومنها: أن يكون في الورثة من له ربع وسدس وثلثان كزوجة وجدة وأختين من أبوين.
ومنها: أن يكون فيهم من له ربع ونصف وسدسان كزوج وبنت وبنت ابن وأم وعول خمسة عشر كزوج وأبوين وابنتين وعول سبعة عشر اثنتان كثلاث نسوة وجدتين وأربع أخوات لأم وثمانية أخوات لأبوين أو لأب وتسمى أم الأرامل.
ومتى عالت إلى سبعة عشر لم يكن الميت فيها إلا رجلا وإنما كان عول هذا الأصل على الإفراد لأن فيها فرضا يباين سائر فروضها وهوالربع فإنه ثلاثة وهو فرد وسائر فروضها أزواج.
فإذا علمت ذلك علمت أن الإثني عشر تعول ثلاث مرات أوتارا الأول بمثل نصف سدسها وفي الثانية: بمثل ربعها وسدسها قال السهيلي وليس في العدد الأصم ما يكون أصلا للمسألة وتنقسم منه إلى ثلاثة عشر وسبعة عشر لأنه أصل في سائر العول.
"ولا تعول إلى أكثر من ذلك" بالسبر "وإن اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فاجعلها من أربعة وعشرين" فإنك تضرب مخرج الثمن في مخرج الثلثين أو في وفق مخرج السدس تبلغ ذلك وإنما لم نذكر الثلث لأنه لا يجتمع مع الثمن لكونه فرض الزوجة مع الولد ولايكون الثلث في مسألة فيها ولد لأنه لا يكون إلا لولد الأم والولد يسقطهم وللأم بشرط عدم الولد زوجة وأم وابنتان وما بقي ثلاث نسوة وأربع جدات وستة عشر بنتا وأخت.
"وتعول إلى سبعة وعشرين" وهو أن يكون في الورثة من له ثمن ونصف وثلاثة أسداس كزوجة وبنت وبنت ابن وأبوين وأن يكون فيهم من له ثمن وسدسان وثلثان كزوجة وأبوين وابنتين ولا يكون الميت في هذا الأصل إلا رجلا بل

(6/150)


ولا تعول إلى أكثر منها وتسمى البخيلة لقلة عولها والمنبرية لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر فقال: صار ثمنها تسعا،
__________
لا تكون المسألة من أربعة وعشرين إلا وهو رجل.
"ولا تعول إلى أكثر منها" بالسبر وفي التبصرة رواية إلى أحد وثلاثين وهو قول ابن مسعود لأنه يحجب الزوجين بالولد الكافر والقاتل والرقيق ولا يورثهم.
فعلى قوله إذا كانت امرأة وأم وست أخوات مفترقات وولد كافر فللأخوات الثلث والثلثان وللأم والمرأة السدس والثمن سبعة وتعول إلى أحد وثلاثين.
"وتسمى البخيلة لقلة عولها" لأنها أقل الأصول عولا ولم تعل إلا بمثل ثمنها "والمنبرية لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر فقال: صار ثمنها تسعا" ومضى في خطبته يعني أن المرأة كان لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين فصار لها بالعول ثلاثة من سبعة وعشرين وهو التسع.
تنبيه: إنما اختصت هذه الثلاثة بالعول دون الأربعة لوجهين:
أحدهما: أن العول إنما يتحقق إذا كثرت الفرائض فزادت الأجزاء على المخرج وهو لا يتحقق في غيرالثلاثة وأما الإثنان فلأنه متى كان المخرج اثنين لا تكون المسألة إلا نصفين أو نصفا وما بقي ولا يجتمع في فريضة ثلاثة أنصاف ليحصل العول وأما الثلاثة فلأنه لا يجتمع في مسألة ثلثان وثلثان ولا ثلث وثلث وثلثان وأما الأربعة فلأنه لا يجتمع في مسألة مخرجها من أربعة أكثر من نصف وربع وأما الثمانية فلأنه لا يجتمع في مسألة مخرجها من ثمانية أكثر من نصف وثمن ويبين ذلك أن المسألة إذا كانت من اثنين لا بد فيها من عصبة يأخذ ما بقي إلا في زوج وأخت إذ لا تزاحم وإذا كانت من اثنين فكذلك إلا في أختين لأب وأختين لأم وكذا إذا كانت من أربعة أو ثمانية بخلاف الثلاثة الأخيرة فإنه لا يتصور فيها وجود عاصب فلهذا

(6/151)


قبلت العول.
الثاني: أن الأصول قسمان تام وناقص فالتام هو الذي إذا جمعت أجزاؤه الصحيحة كانت مثله أو أزيد فالستة تامة لأن لها سدسا وثلثا ونصفا فتساوت والإثنا عشر لها سدس وربع وثلث ونصف فزادت والأربعة والعشرون لها ثمن وسدس وربع وثلث ونصف فالمجموع ثلاثة وثلاثون فهذه تعول.
والناقص هو الذي إذا جمعت أجزاؤه كانت أقل منه كالإثنين ليس لها جزء صحيح إلا النصف وهو واحد والثلاثة ثلث واحد والثلثان تضعيف الثلث والأربعة ليس لها إلا ربع ونصف وهما ثلاثة والثمانية ليس لها إلا ثمن وربع ونصف فهذه لا تعول لأنك إذا جمعت سهامها الصحيحة نقصت عنها.
فائدة: المسائل على ثلاثة أضرب عادلة وهي التي يستوي مالها وفروضها وعائلة وهي التي تزيد فروضها عن مالها ومردودة وهي التي يفضل مالها عن فروضها ولا عصبة فيها وشرع في شأنها فقال:

(6/152)


فصل في الرد
اذا لم تستوعب الفروض المال ولم يكن عصبة رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا الزوج والزوجة،
__________
فصل في الرد
"وإذا لم يستوعب الفروض المال" كما إذا خلف بنات وأخوات "ولم يكن عصبة رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم" كالغرماء يقتسمون مال المفلس بقدر ديونهم "إلا الزوج والزوجة" في قول عمر وعلي وابن مسعود وقاله الحسن وابن سيرين وجماعة من التابعين وغيرهم قال ابن سراقة: العمل عليه اليوم في الأمصار.

(6/152)


فإن كان المردود عليه واحدا أخذ المال كله وإن كان فريقا من جنس واحد كبنات أو أخوات اقتسموه كالعصبة فإن اختلفت أجناسهم فخذ عدد سهامهم من أصل ستة واجعله أصل مسألتهم فإن كانا سدسين كجدة وأخ من أم فهي من اثنين،
__________
وعن أحمد لا يرد على ولد الأم مع الأم ولا جدة مع ذي سهم وروي عن ابن مسعود وقال زيد الفاضل عن ذوي الفروض لبيت المال ولا يعطى أحد فوق فرضه وهو رواية عن أحمد وفاقا لمالك والشافعي لقوله تعالى: {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} ومن رد عليها أعطاها الكل ولأنها ذات فرض مسمى فلا يرد عليها كالزوج وجوابه قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} وقد رجحوا بالقرب إلى الميت فكان أولى من بيت المال يؤيده قوله عليه السلام من ترك مالا فلورثته ولحديث واثلة تحوز المرأة ثلاثة مواريث وقوله تعالى: {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} لا ينفي أن يكون لها زيادة عليه بسبب آخر والزوجان ليسا من ذوي الأرحام فإنه لا يرد عليهما اتفاقا إلا أنه روي عن عثمان أنه رد على زوج ولعله كان عصبة أو ذا رحم فأعطاه كذلك.
"فإن كان المردود عليه واحدا كأم أو جدة أو أخت أو بنت أخذ المال كله" بالفرض والرد إذ لا مزاحم له "وإن كان فريقا من جنس واحد كبنات أو أخوات اقتسموه" لأنهم استووا فيه "كالعصبة" من البنين والإخوة فإن انكسر عليهم ضربت عددهم في مسألة الرد "فإن اختلفت أجناسهم فخذ عدد سهامهم من أصل ستة" أبدا لأن الفروض كلها تخرج من ستة إلا الربع والثمن فإنهما فرضا الزوجين وليسا من أهل الرد.
"واجعله أصل مسألتهم" فينقسم المال عليها وينحصر ذلك في أربعة أصول "فإن كانا سدسين كجدة وأخ من أم فهي من اثنين" للجدة السدس والأخ من الأم السدس أصلها اثنان ثم يقسم المال بينهما لكل واحد نصف المال لأن كلا منهما يدلي بمثل ما يدلي به الآخر.

(6/153)


وإن كان مكان الجدة أم فهي من ثلاثة وإن كان مكانها أخت لأبوين فهي من أربعة وإن كان معها أخت لأب فهي من خمسة ولا تزيد على هذا أبدا لأنها لو زادت سدسا آخر لكمل المال فإن انكسر على فريق منهم ضربته في عدد سهامهم لأنه أصل مسألتهم.
__________
"وإن كان مكان الجدة أم فهي من ثلاثة" للأم الثلث وللأخ من الأم السدس ثم يقسم المال بينهما على ثلاثة للأم سهمان لأنها تدلي بمثلي الأخ وللآخر سهم.
"وإن كان مكانها أخت لأبوين فهي من أربعة" للأخت النصف وللأخ من الأم السدس والمال مقسوم بينهما على أربعة لأن الأخت تدلي بثلاثة أمثال الأخ.
"وإن كان معها أخت لأب فهي من خمسة" للأخت من الأبوين النصف وهو ثلاثة أسداس وللأخت من الأب السدس وللأخ من الأم السدس وكذا ثلاث أخوات مفترقات وأم وأخت من أبوين وأخت لأم وبنتان وجدة.
"ولا تزيد على هذا أبدا لأنها لو زادت سدسا آخر لكمل المال" ولم يبق منه شيء يرد "فإن انكسر على فريق منهم ضربته" أي: ضربت عدد الفريق المنكسر عليهم "في عدد سهامهم" أي: سهام الورثة جميعهم "لأنه أصل مسألتهم" كما صارت السهام في العول وهي المسألة التي يضرب فيها العدد بيان ذلك في أصل اثنين أربع جدات وأخ من أم للجدات سهم لا ينقسم عليهن فتضرب عددهن في أصل المسألة وهو اثنان تكن ثمانية للأخ أربعة ولكل واحد سهم.
أصل: ثلاثة أم وثلاث أخوات من أم للإخوة سهمان لا يصح عليهن فاضرب عددهم في أصل المسألة وهو ثلاثة تكن تسعة ومنها تصح.
أصل: أربعة أخت لأبوين وأربع أخوات لأب لهن سهم لا ينقسم عليهن فاضرب عددهن في أصل المسألة وهو أربعة تكن ستة عشر ومنها تصح.
أصل: خمسة أم وأخت لأبوين وأربع أخوات لأب فاضرب عددهن في

(6/154)


فإن كان معهم أحد الزوجين فأعطه فرضه من أصل مسألته واقسم الباقي على المسألة الرد وهو ينقسم إذا كانت زوجة ومسألة الرد من ثلاثة فللزوجة الربع والباقي لهم وتصير المسألة من أربعة وفي غير هذا تضرب مسألة الرد في مسألة الزوج.
__________
أصل المسألة تكن عشرين ومنها تصح.
"فإن كان معهم أحد الزوجين فأعطه فرضه من أصل مسألته واقسم الباقي على المسألة الرد وهو ينقسم إذا كانت زوجة ومسألة الرد من ثلاثة" كأم وأخ من أم وأم وأخوين من أم "فللزوجة الربع والباقي لهم" فللأم من الأولى: سهمان وللأخ سهم ومن الثانية: للأم سهم وللأخوين سهمان.
"وتصير المسألة من أربعة" أي: فتصح المسألتان من أربعة فإن انكسرعلى عدد منهم كأربع زوجات وأم وأخ من أم ضربت أربعة في مسألة الزوجة تكن ستة عشر ومنها تصح وإن لم ينقسم فأصل الزوج على المسألة الرد لم يمكن أن يوافقها لأنه إن كانت مسألة الزوج من اثنين فالباقي بعد نصيبه سهم لا يوافق شيئا وإن كانت من أربعة فالباقي بعد فرضه ثلاثة ومن ضرورة كون الزوج له الربع أن يكون للميتة ولد ولا يمكن أن تكون مسألة الرد مع الولد من ثلاثة.
وإن كان الزوج امرأة فالباقي بعد الثمن سبعة ولا توافق السبعة عددا أقل منها ولا يمكن أن تكون مسألة الرد لا تزيد على خمسة أبدا ولهذا قال المؤلف "وفي غير هذا تضرب مسألة الرد في مسألة الزوج" فما بلغ فإليه تنتقل المسألة وإذا أردت القسمة فلأحد الزوجين فرضه ولكل واحد من أهل الرد سهامه من مسألته مضروب في الفاضل عن فريضة الزوج فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم وإن لم ينقسم ضربته أو وفقه فيما انتقلت إليه المسألة وتصح على ما نذكره في باب التصحيح وينحصر ذلك في خمسة أصول ذكرها المؤلف.

(6/155)


فما بلغ فإليه تنتقل المسألة فإذا كان زوج وجدة وأخ من أم فمسألة الزوج من اثنين ومسألة الرد من اثنين تكن أربعة وإن كان مكان الزوج زوجة ضربت مسألة الرد في أربعة تكن ثمانية وإن كان مكان الجدة أخت لأبوين انتقلت إلى ستة عشر وإن كان مع الزوجة بنت وبنت ابن انتقلت إلى اثنين وثلاثين وإن كان معهم جدة صارت من أربعين ثم تصح بعد ذلك على ما ذكرنا.
__________
"فإذا كان زوج وجدة وأخ من أم فمسألة الزوج من اثنين" لأن فرضه النصف ومخرجه من اثنين "ومسألة الرد من اثنين" فسهم على اثنين لا يصح ولا يوافق "تضرب إحداهما في الأخرى تكن أربعة أو إن كان مكان الزوج زوجة" بأن كانت زوجة وجدة وأخا لأم "ضربت مسألة الرد في أربعة تكن ثمانية" ولا يكون الكسر في هذا الأصل إلا على الجدات.
"وإن كان مكان الجدة أخت لأبوين" بأن كان معها زوجة وأخ من أم "انتقلت إلى ستة عشر" فللزوجة الربع واحد بقي ثلاثة على المسألة الرد وهي أربعة لا تنقسم ولا توافق فاضرب إحداهما في الأخرى تكن ستة عشر للزوجة أربعة وللأخت من الأبوين تسعة وللأخ من الأم ثلاثة.
"وإن كان مع الزوجة بنت وبنت ابن انتقلت إلى اثنين وثلاثين" للزوجة الثمن واحد يبقى سبعة على المسألة الرد وهي أربعة لا توافق فاضرب إحداهما في الأخرى تكن اثنين وثلاثين للزوجة أربعة وللبنت أحد وعشرون ولبنت الإبن سبعة.
"وإن كان معهم جدة" فإن كانت زوجة وبنتاً وبنت ابن وجدة فللزوجة الثمن واحد بقي سبعة على المسألة الرد وهي خمسة فاضرب إحداهما في الأخرى "صارت من أربعين" للزوجة خمسة وللبنت أحد وعشرون ولبنت الابن سبعة وللجدة سبعة فإن كان الوارث مع احد الزوجين ممن يأخذ الفاضل فلا تنتقل المسألة كزوجة وبنت للزوجة الثمن والباقي للبنت بالفرض والرد "ثم تصح بعد ذلك على ما ذكرنا" أي: في جميع الصور إذا انكسر

(6/156)


.............................................
__________
سهم فريق منهم عليهم ضربته فيما انتقلت إليه المسألة كأربع زوجات وإحدى وعشرين بنتا وأربع عشرة جدة.
مسألة: الزوجات من ثمانية فتضرب فيها فريضة الرد وهو خمسة تكن أربعين للزوجات خمسة لا تصح عليهن ولا توافق يبقى خمسة وثلاثون للجدات خمسها سبعة على أربعة عشرة توافق بالأسباع فيرجعن إلى اثنين ويبقى للبنات ثمانية وعشرون توافق بالأسباع فيرجعن إلى ثلاثة والاثنتان يدخلان في عدد الزوجات فتضرب ثلاثة في أربعة تكن اثني عشر ثم في أربعين تكن أربعمائة وثمانين ثم كل من له شيء من أربعين مضروب في اثني عشر الذي هو جزء السهم وإن شئت صحح مسألة الرد ثم رد عليها كفرض الزوجية النصف مثلا وللربع ثلثا وللثمن سبعا وأبسط من مخرج الكسر ليزول.
مسألة: أبوان وابنتان من ستة ثم ماتت إحدى البنات وخلفت من خلفت فإن كان الميت ذكرا فقد خلفت أختا وجدا وجدة من ثمانية عشر توافق ما ماتت عنه الأخت بالأنصاف فتضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن أربعة وخمسين ثم من له شيء من الأولى: مضروب في وفق الثانية: تسعة ومن الثانية: مضروب في وفق ما ماتت عنه وهو سهم وإن كان الميت أنثى فقد خلفت أختا وجدة وجد الأم ساقط وتصح من أربعة توافق ما ماتت عنه بالأنصاف فتضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن اثني عشر ومنه تصح المسألتان وتسمى المأمونية لأن المأمون سأل عنها يحيى بن أكثم لما أراد أن يوليه القضاء فقال: له في الجواب الميت الأول ذكر أو أنثى فعلم أنه عرفها فقال له كم سنك ففطن يحيى أنه استصغره فقال سن معاذ لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم اليمن وسن عتاب ابن أسيد لما ولاه مكة فاستحسن جوابه وولاه القضاء.

(6/157)


باب تصحيح المسائل
إذا لم ينقسم سهم فريق عليهم قسمة صحيحة فاضرب عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة ثم يصير لكل واحد من الفريق مثل ما كان لجماعتهم،
__________
باب تصحيح المسائل
لما فرغ من بيان أصول المسائل شرع في بيان تصحيحها ومعنى التصحيح أن يحصل عددا إذا قسم على الورثة على قدر إرثهم خرج نصيب كل فرد سهم صحيح بلا كسر بحيث لا يحصل هذا الفرض من عدد دونه ومعرفة ذلك تتوقف على أمرين أحدهما الفاضل والثاني: معرفة جزء السهم وهو يتوقف على مقابلتين إحداهما مقابلة السهام من مسألة التأصيل ورؤوس أصحابها والثاني: مقابلة رؤوس كل نوع من الورثة بنوع آخر حيث لا يصح انقسام سهام النوع عليه سواء بقي أو رجع إلى وفق وعلم منه أنه إذا انقسمت سهام كل وفق عليهم فلا يحتاج إلى الضرب بأن يترك الميت زوجة وثلاثة إخوة فالمسألة من أربعة للمرأة الربع سهم والباقي للإخوة لكل واحد سهم ومثله كثير.
"إذا لم ينقسم سهم فريق عليهم قسمة صحيحة" أي: بلا كسر "فاضرب عددهم" أي: عدد رؤوس المنكسر عليهم في أصل المسألة كزوج وأم وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم وللإخوة سهمان لا تصح ولا توافق فاضرب عددهم وهو ثلاثة "في أصل المسألة" وهو ستة تكن ثمانية عشر "وعولها" أي: تضرب عددهم في أصل المسألة وعولها "إن كانت عائلة" كزوج وأم وخمسة بنات أصلها من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر للزوج الربع ثلاثة وللأم السدس اثنان وللبنات الثلثان ثمانية لا تنقسم على عددهن ولا توافق فاضرب خمسة في ثلاثة عشر تكن خمسة وستين "ثم يصير لك واحد من الفريق مثل ما كان لجماعتهم" ففي الأولى: لكل أخ

(6/158)


إلا أن يوافق عددهم سهامهم بنصف أو ثلث أوغير ذلك من الأجزاء فيجزئك ضرب وفق عددهم ثم يصير لكل واحد وفق ما كان لجماعتهم وإن انكسر على فريقين فأكثر وكانت متماثلة كثلاثة وثلاثة اجتزأت بأحدها وإن كانت متناسبة وهو أن تنسب الأقل إلى الأكثر بجزء من أجزائه كنصفه أو ثلثه أو ربعه اجتزأت بأكثرها وضربته في المسألة وعولها،
__________
سهمان وفي الثانية: لكل بنت ثمانية "إلا أن يوافق عددهم سهامهم بنصف أو ثلث أو غير ذلك من الأجزاء" كما لو كان الإخوة أربعة فإن سهامهم توافقهم بالنصف وهو اثنان "فيجزئك ضرب وفق عددهم ثم يصير لكل واحد وفق ما كان لجماعتهم" فزوجة وأربعة عشر ابنا للزوجة الثمن والباقي وهو سبعة للبنين لا تصح وتوافق بالأسباع فاضرب وفق البنين وهو سهمان في ثمانية تكن ستة عشر للزوجة سهم في اثنين باثنين وللبنين سبعة في اثنين بأربعة عشر لكل ابن سهم وهو وفق ما كان لجماعتهم لأن الذي كان لجماعتهم سبعة ووفقها هذا سهم لأن الموافقة بالأسباع.
"وإن انكسر على فريقين أو أكثر" لم يخل من أربعة أقسام إما المماثلة أو المناسبة أو التباين أو الموافقة وأشار إلى كل منهما فقال في الأول "وكانت متماثلة كثلاثة وثلاثة اجتزأت بأحدها" وطريق قسمتها كطريق القسمة فيما إذا كان الكسر على فريق واحد كثلاثة إخوة لأم وثلاثة إخوة لأب لولد الأم الثلث والباقي لولد الأب أصلها من ثلاثة سهم كل فريق منهم لا ينقسم ولا يوافق فيكتفى بأحد العددين وهو ثلاثة فاضربها في أصل المسألة تكن تسعة لولد الأم سهم في ثلاثة بثلاثة لكل واحد سهم ولولد الأب اثنان في ثلاثة بستة لكل واحد سهمان مثل ما كان لجماعتهم ولو كان ولد الأب ستة وافقت سهامهم بالنصف فيرجع عددهم إلى ثلاثة وكان العمل كما ذكرنا.
"وإن كانت متناسبة وهو أن تنسب الأقل إلى الأكثر بجزء من أجزائه كنصفه أو ثلثه أو ربعه اجتزأت بأكثرها وضربته في المسألة وعولها" إن

(6/159)


وإن كانت متباينة ضربت بعضها في بعض فما بلغ ضربته في المسألة وعولها،
__________
كانت عائلة كجدتين وأربعة إخوة لأب للجدتين السدس وللإخوة ما بقي أصلها من ستة وعددهم لا يوافق سهامهم وعدد الجدات نصف عدد الإخوة فاجتزىء بالأكثر وهو أربعة واضربه في أصل المسألة تكن أربعة وعشرين للجدات سهم في أربعة بأربعة وللإخوة خمسة في أربعة بعشرين لكل واحد خمسة ولو كان عدد الإخوة عشرين لوافقتهم سهامهم بالأخماس فيرجع عددهم إلى أربعة والعمل كذلك ومسألة العول اثنا عشر أختا لأب وثلاث أخوات لأم وست جدات المسألة من ستة وتعول إلى سبعة والثلاث ربع الإثني عشر والست نصفها فاضرب اثني عشر في سبعة تكن أربعةوثمانين.
"وإن كانت متباينة" أي: لا يماثل أحدهما صاحبه ولا يناسبه ولا يوافقه "ضربت بعضها في بعض فما بلغ" فهو جزء السهم "ضربته في المسألة" فما بلغ فمنه تصح أم وثلاثة إخوة لأم وأربعة لأب أصلها من ستة لولد الأم سهمان لا يوافقهم ولولد الأب ثلاثة لا توافقهم والعددان متباينان فاضرب أحدهما في الآخر تكن اثني عشر وهو جزء السهم فاضربه في أصل المسألة تكن اثنين وسبعين ومنها تصح للأم سهم في اثني عشر بمثلها ولولد الأم سهمان في اثني عشر بأربعة وعشرين لكل واحد ثمانية ولولد الأب ثلاثة في اثني عشر بستة وثلاثين لكل واحد تسعة فإن أردت أن تعرف ما لأحدهم قبل التصحيح فاضرب سهام فريق في الفريق الآخر فما خرج فهو له فإن أردت أن تعلم ما لكل واحد من ولد الأم فلفريقه من أصل المسألة سهمان اضربها في عدد الفريق الآخر وهو أربعة تكن ثمانية فهي لكل واحد من ولد الأم ولفريق ولد الأب ثلاثة اضربها في عدد ولد الأم تكن تسعة فهي ما لكل واحد منهم "وعولها" إن كانت عائلة كخمس أخوات لأب ثلاث أخوات لأم وجدة أصل المسألة من ستة وتعول إلى سبعة والعددان متباينان فاضرب ثلاثة في خمسة تكن خمسة عشر اضربها في سبعة تكن

(6/160)


وإن كانت متوافقة كأربعة وستة وعشرة ضربت وفق أحدهما في الآخرثم وافقت بين ما بلغ وبين الثالث وضربت وفق أحدهما في الآخر ثم اضرب ما معك في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة فما بلغ فمنه تصح.
__________
مائة وخمسة.
"وإن كانت متوافقة" بجزء من الأجزاء الطبيعية "كأربعة وستة وعشرة" فإنها توافق بالأنصاف "ضربت وفق أحدهما في" جميع "الآخر ثم وافقت بين ما بلغ وبين الثالث" أي: الموقوف "وضربت وفق أحدهما في الآخر ثم اضرب ما معك في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة فما بلغ فمنه تصح" ست جدات وتسع بنات وخمسة عشر أخا أصلها من ستة والأعداد متوافقة بالأثلاث فتوقف الخمسة عشر مثلا ثم اضرب وفق الجدات وهو اثنان في جميع الآخر وهو تسعة تكن ثمانية عشر فبينها وبين الموقوف موافقة فاضرب وفقها وهو ستة في خمسة عشر تبلغ تسعين هي جزء السهم فاضربها في أصل المسألة تبلغ خمسمائة وأربعين هذا إذا كانت الأعداد ثلاثة فما فوق فإن كان عددان متوافقان فإنك ترد أحدهما إلى وفقه وتضربه في جميع الآخر فما بلغ ضربته في المسألة كزوج وست جدات وتسع أخوات فيتفقان بالأثلاث فترد الجدات إلى ثلثهن وتضربها في عدد الأخوات تكن ثمانية عشر وهي جزء السهم ثم تضرب ذلك في أصل المسألة تكن مائة وثمانية ومنها تصح.
تنبيه: إذا كان الكسر على ثلاثة أحياز نظرت فإن كانت متماثلة كثلاث جدات وثلاث بنات وثلاثة أعمام ضربت أحدهما في المسألة فما بلغ فمنه تصح ولكل واحد بعد التصحيح مثل ما كان لجماعتهم.
وإن كانت متناسبة كجدتين وخمس بنات وعشرة أعمام اجتزأت بأكثرها وهي العشرة وضربتها في المسألة تكن ستين ومنها تصح.
وإن كانت متباينة كما إذا كان الأعمام ثلاثة ضربت بعضها في بعض تبلغ

(6/161)


...........................................................
__________
ثلاثين وهي جزء السهم ثم تضربها في المسألة تكن مائة وثمانين وإن كانت متوافقة فعلت كما سبق فإن تماثل اثنان منها وباينها الثالث أو وافقهما ضربت أحد المتماثلين في الثالث أو في وفقه إن وافق فما بلغ فهو جزء السهم تضربه في المسألة وإن تناسب اثنان وباينهما الثالث ضربت أكثرهما في جميع الثالث أو في وفقه إن كان موافقا ثم في المسألة وإن توافق اثنان وباينهما الثالث ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الثالث.
وإن تباين اثنان ووافقهما الثالث كأربعة أعمام وسبع جدات وتسع بنات أجزأك ضرب أحد المتباينين في الآخر ثم تضربه في المسألة ويسمى هذا الموقوف المقيد لأنك إذا أردت وفق أحدهما لم تقف إلاالستة فلو وقفت التسعة مثلا ورددت الستة إلى اثنين لدخلا في الأربعة وأجزاك ضرب الأربعة في التسعة ولو وقفت الأربعة ورددت الستة إلى ثلاثة دخلت في التسعة وكفاك ضرب الأربعة في التسعة فأما إن كانت الأعداد الثلاثة متوافقة فإنه يسمى الموقوف المطلق وفي عملها طريقان أحدهما ما ذكره المؤلف وهو طريق الكوفيين والثاني: طريق البصريين وهو أن تقف أحد الثلاثة وتوافق بينه وبين الآخرين وتردهما إلى وفقهما ثم تنظر في الوفقين فإن كانا متماثلين ضربت أحدهما في الموقوف وإن كانا متناسبين ضربت أكثرهما فيه وإن كانا متباينين ضربت أحدهما في الآخر ثم في الموقوف وإن كانا متوافقين ضربت وفق أحدهما في الآخر ثم في الموقوف فما بلغ ضربته في المسألة كعشر جدات واثني عشر عما وخمسة عشر بنتا نصف العشرة توافقها الإثني عشر بالنصف فترجع إلى ستة وتوافقها الخمسة عشر بالأخماس فترجع إلى ثلاثة وهي داخلة في الستة فتضربها في العشرة تكن ستين ثم في المسألة تكن ثلاثمائة وستين وإن وقفت الإثني عشر رجعت العشرة إلى نصفها خمسة والخمسة عشر إلىثلثها خمسة وهما متماثلان فتضرب إحداهما في الاثني عشر تكن ستين وإن وقفت الخمسة عشر رجعت العشرة إلى اثنين،

(6/162)


فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة فما بلغ فهو له وإن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم.
__________
والاثني عشر إلى أربعة ودخل الاثنان في الأربعة فتضربها في الخمسة عشر تكن ستين ثم في المسألة.
فائدة: الطريق في معرفة الموافقة والمناسبة والمباينة أن تلقي أحد العددين من أكثرهما مرة بعد أخرى فإن فني فالعددان متناسبان وإن لم يفن ولكن بقيت منه بقية ألقها من العدد الأقل فإن بقيت منه بقية ألقها من البقية الأولى: ولا تزال كذلك تلقي كل بقية من التي قبلها حتى تصل إلى عدد يغني الملقى منه غير الواحد فأي بقية فني منها غير الواحد فالموافقة بين العددين بجزء تلك البقية إن كانت اثنين فبالأنصاف وإن كانت ثلاثة فبالأثلاث وإن كانت أربعة فبالأرباع وإن كانت بأحد عشر أو اثني عشر أو ثلاثة عشر فبجزء ذلك وإن بقي واحد فالعددان متباينان.
ومما يدل على تناسب العددين أنك إذا زدت على الأقل مثله أبدا ساوى الأكثر ومتى قسمت الأكثر على الأقل انقسم قسمة صحيحة ومتى نسبت الأقل إلى الأكثر نسبت إليه بجزء واحد ولا يكون ذلك إلا في النصف فما دونه.
"فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة" وهوالذي يسمى جزء السهم "فما بلغ فهو له وإن كان واحدا وان كانوا جماعة قسمته عليهم" وصار لكل واحد منهم مثل ما كان لجماعتهم.
قاعدة
اعلم أن الحساب أربع منازل : آحاد ، وعشرات ، ومئين ، وألوف ، فالآحاد من واحد إلى تسعة ، وليس الواحد بعدد ، وإنما هو ابتداؤه ، والعشرات من عشرة

(6/163)


...........................................
__________
إلى تسعين والمئون من مائة إلى تسعمائة والألوف من ألف إلى تسعة آلاف وكل مرتبة من هذه المراتب لها تسعة عقود فالآحاد عقودها واحد اثنان إلى تسعة والعشرات عقودها عشرة عشرون وكذا إلى تسعين والمئات عقودها مائة مائتان إلى تسعمائة والألوف عقودها ألف ألفان إلى تسعة آلاف.
والضرب ينقسم الى: مفرد ومركب فالأول ما كان من ضرب مرتبة في مرتبة وهو عشرة أنواع والضرب عبارة عن تضعيف أحد المضروبين بعدد أحاد الآخر فمعنى قوله خمسة في ستة أي: كم تضعيف الخمسة ست مرات والستة خمس مرات والآحاد في أي: مرتبة ضربت كان للواحد ما يرتفع به وأخذ من تلك المرتبة تجاوز لها فإذا قال اضرب ثلاثة في خمسة فهي خمسة عشر أحدا فإن قال في خمسين فاجعلها خمسة واضرب ثلاثة في خمسة تكن خمسة عشر لكل واحد عشرة تكن مائة وخمسين فإن قال: في خمسمائة فخذ لكل واحد مائة تكن ألفا وخمسمائة فإن قال: في خمسة آلاف فخذ لكل واحد ألفا والعشرات في مثلها مئات لكل واحد مائة ولكل عشرة ألفا وفي المئات ألوف لكل واحد ألف ولكل عشرة عشرة آلاف وفي الألوف عشرات ألوف لكل واحد عشرة آلاف ولكل عشرة مائة ألف مثاله ثلاثون في أربعين اضرب ثلاثة في أربعة تكن اثني عشر خذ لكل واحد مائة تكن ألفا ومائتين فإن قال: في أربعمائة كانت اثني عشر ألفا فإن قال: في أربعة آلاف كانت مائة ألف وعشرين ألفا والمئات في مثلها عشرات ألوف وفي الألوف مئات ألوف مثاله أربعمائة في ستمائة تضرب أربعة في ستة تكن أربعة وعشرين فتكون مائتي ألف وأربعين الفا فإن قال: في خمسة آلاف كانت ألفي ألف وأربعمائة ألف.
والألوف في مثلها ألوف ألوف مثاله أربعة آلاف في خمسة آلاف تكن

(6/164)


..................................................
__________
عشرين ألف ألف فإذا تكررت لفظات الألوف فأسقطها من الخمسين واحفظ عددها ثم اضرب الباقي بعد إلقائها على ما قدمنا فما بلغ أضفت إليه لفظات الألوف المحفوظة مثاله ثلاثون ألف ألف في ستمائة ألف ألف ألف تحفظ لفظات الألوف وهي خمس ثم تضرب ثلاثين في ستمائة بأن تضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشر تأخذ لكل واحد ألفا لأن عشرة في مائة ألف تكن ثمانية عشر ألفا وتضيف إليها لفظات الألوف الخمس فتكون ثمانية عشر ألف ألف ألف ألف ألف ألف.
نوع منه في المركب
إذا قال اضرب خمسة عشر في ستة عشر فالباب في هذا ونحوه من أحد عشر إلى تسعة عشر أن تضم آحاد أحد العددين إلى الآخر جميعه تكن أحدا وعشرين تأخذ لكل واحد عشرة وتضم إليه ضرب الآحاد في الآحاد تكن مائتين وأربعين.
فإن قال ثلاثة وعشرين في سبعة وعشرين ضممت الآحاد أحدهما إلى الآخر تكن ثلاثين وتضعفها لأجل العشرين تكن ستين تأخذ لكل واحد عشرة تكن ستمائة وتضم إليها سبعة في ثلاثة يكن الجميع ستمائة وأحد وعشرين وكذلك ما زاد على هذا إلى تسعة وتسعين إذا تساوت العشرات في المضروبين تضعفه بعددها مثل خمسة وثلاثين في ستة وثلاثين تضم آحاد أحدهما إلى الآخر تكن أحدا وأربعين فتضعفها ثلاث مرات لأن العشرات ثلاث تكن مائة وثلاثة وعشرين تأخذ لكل واحد عشرة فتكون ألفا ومائتين وثلاثين وتضم إليه مضروب خمسة في ستة تكن ألفا ومائتين وستين فإن اختلف عقود العشرات فيهما فكرر أحد المضروبين بعدد عشرات الآخر وكرر آحاد الآخر بعدد عشرات المكرر فما بلغ فخذ لكل واحد إليه المرتفع من ضرب الآحاد في الآحاد مثاله ثلاثة وثلاثين في أربعة وأربعين فكرر الأربعة والأربعين ثلاث مرات تكن مائة واثنين وثلاثين وكرر

(6/165)


.............................................
__________
الثلاثة أربع مرات تكن اثني عشر تصر مائة وأربعة وأربعين فتأخذ لكل واحد عشرة وتضيف إليه مضروب ثلاثة في أربعة تكن ألفا وأربعمائة واثنين وخمسين.
قاعدة نافعة في الضرب
وهي إذا كان أحد المضروبين ينسب إلى مرتبة فوقه أو ينقسم على مرتبه دونه فانظر أيهما أوضح نسبة إلى مرتبة فوقه أو دونه واعرف نسبة ذلك أنه النصف أو الخمس أو العشر أو غيرذلك ثم خذ بقدر تلك النسبة من العدد الآخر ثم إن كنت نسبت العدد الأول إلى العشر فخذ لكل واحد عشرة وإن نسبته إلى مائة فخذ لكل واحد مائة وإن نسبته إلى الألف فخذ لكل واحد ألفا ويتضح ذلك في ثلاثة فصول:
الأول: في النسبة إلى العشرة ثلاثة وثلث في تسعة وستين نسبة ألمضروب إلى العشرة بالثلث فخذ ثلث المضروب فيه وهو ثلاثة وعشرون وخذ لكل واحد عشرة تكن مائتين وثلاثين وهكذا إلى آخره.
الثاني: في النسبة إلى المائة اثني عشر ونصف في أربعة وستين المضروب ثمن المائة فخذ ثمن المضروب فيه وهو ثمانية وخذ لكل واحد مائة تكن ثمانمائة وهكذا إلى آخره.
الثالث: في النسبة إلى الألف مائة وخمسة وعشرون في مائتين وأربعين نسبة المضروب إلىالألف بالثمن فخذ ثمن المضروب فيه وهو ثلاثون وخذ لكل واحد ألفا تكن ثلاثين ألفا وإن قال مائة وثلاثة وعشرين في مائتين واثنين وخمسين إن شئت نقصت الاثنين وأخذت ربع المائة والثلاثة وعشرين وأخذت لكل واحد ألفا ثم ضربت اثنين في مائة وثلاثة وعشرين وزدته عليها وإن شئت زدت اثنين على المائة والثلاثة وعشرين ليكون ثمن الألف وأخذت ثمن المائتين واثنين وخمسين وجعلت لكل واحد ألفا ثم ضربت الاثنين في مائتين واثنين وخمسين ونقصته من المبلغ وأيهما فعلت خرج

(6/166)


..................................................
__________
الجواب ثلاثين ألفاً وتسعمائة وستة وتسعين وإن قال اضرب مائة واثنين في ثمانية وتسعين ضربت مائة في مائة تكن عشرة آلاف ونقصت من ذلك ضرب اثنين في اثنين لأن الناقص في الزائد ناقص والزائد في الزائد والناقص في الناقص زائدان.
فصل
واعتبر صحة ضربك بالميزان وهو أن تأخذ عدد عقود المضروب وعدد عقود المضروب فيه فإن كان أكثر من تسعة ألقيت منه تسعة أبدا وضربت الباقي بعضه في بعض فما بلغ أخذت عقوده وحفظتها إن كانت أقل من تسعة وإن كانت أكثر من تسعة أسقطت منها تسعة أبدا وحفظت الباقي ثم أخذت عقود ما ارتفع معك من الضرب على هذا التقدير فإن تساويا فحسابك صحيح وإن زاد ونقص فالحساب خطأ.
فإذا قال اضرب خمسة وثلاثين في ثمانية وأربعين فالجواب ألف وستمائة وثمانون واعتبار صحة ذلك أن تأخذ عقود المضروب وهي ثمانية وعقود المضروب فيه وهي اثنا عشر فتلقي منها تسعة يبقى ثلاثة تضربها في ثمانية تكن أربعة وعشرين تأخذ عقودها تكن ستة وهي الميزان فقابل بها عقود جوابك وهي خمسة عشر تلقي منها تسعة يبقى ستة فقد صح الحساب.
فصل
في ضرب الكسور في الكسور وهو نسبة
فقولك كم ثلث في سبعة فمعناه كم ثلث السبعة وقولك ربع في ربع جوابه ربع ربع ويعبر عنه بنصف ثمن وإذا قيل سبع في تسع فجوابه سبع تسع وكذا ثمن في عشر.
جوابه ثمن عشر والأصل في ذلك أن تضرب أحد الكسرين في الآخر وتنسب منه ما يكون من ضرب الكسر في الكسر مثاله ربع في سدس تضرب

(6/167)


باب المناسخات
ومعناها: أن يموت بعض ورثة الميت قبل قسم تركته.
__________
أربعة في ستة تكن أربعةوعشرين وتضرب واحدا في واحد وتنسبه من أربعة وعشرين تكن ثلث ثمن فإن قال كم خمسان في ثلاثة أسباع فاضرب خمسة في سبعة تكن خمسة وثلاثين واضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة انسبها من المبلغ يكن سبعا وخمس سبع فإن قال اضرب ثلاثة أخماس في عشرين ضربت عدد الكسور وهي ثلاثة في عشرين تكن ستين اقسمها على مخرج الكسر وهو خمسة تكن اثني عشر وهو الجواب.
فإن قال خمسة أسباع في مائة ضربت خمسة في مائة وقسمت المرتفع على سبعة تخرج أحدا وسبعين وثلاثة أسباع فإن قال ثلاثة أجزاء من ثلاثة عشر في خمسة عشر ضربت ثلاثة في خمسة عشر تكن خمسة وأربعين تقسمها على ثلاثة عشر تخرج ثلاثة وستة أجزاء من ثلاثة عشر فإن قال ثلث وربع في خمسة أجزاء من سبعة عشر أخذت مخرج الثلث والربع وهو اثنا عشر وضربته في سبعة عشر تكن مائتين وأربعة ثم تضرب الثلث والربع وهو سبعة في خمسة تكن خمسة وثلاثين تنسبه من المبلغ بالأجزاء وإن شئت قلت أربع وثلاثون هي سدس ويبقى جزء فيكون الجواب سدسا وجزءا من مائتين وأربعة.
باب المناسخات
النسخ لغة: إبطال الشيء وإزالته يقال: نسخت الشمس الظل إذا أذهبته وحلت محله وسميت مناسخة الفرائض وهو موت ورثة بعد ورثة قبل قسمة التركة بذلك لزوال حكم الأول ورفعه وقيل: لأن المال تناسخته الأيدي وهو من عويص الفرائض ويجري مجرى التصحيح في المعنى.
"ومعناها أن يموت بعض ورثة الميت قبل قسم تركته" هذا بيان لمعنى

(6/168)


ولها ثلاثة أحوال أحدها أن يكون ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول مثل أن يكونوا عصبة لهم فاقسم المال بين من بقي منهم ولا تنظر إلى الميت الأول الثاني أن يكون ما بعد الميت الأول من الموتى لا يرث بعضهم بعضا كإخوة خلف كل واحد منهم بنيه فاجعل مسائلهم كعدد انكسرت عليهم سهامهم وصحح على ما ذكرنا في باب التصحيح.
__________
المناسخات اصطلاحا "ولها ثلاثة أحوال" معلومة بالحصر:
"أحدها: أن يكون ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول مثل أن يكونوا عصبة لهم فاقسم المال بين من بقي منهم ولا تنظر إلى الميت الأول" كأربعة بنين وثلاث بنات ماتت بنت ثم ابن ثم بنت ثم ابن بقي ابنان وبنت فاقسم المال على خمسة ولا يحتاج إلى عمل وكذا تقول في أبوين وزوجة وابنين وبنتين ماتت بنت ثم الزوجة ثم ابن ثم الأب ثم الأم فقد صارت المواريث كلها بين الابن والبنت الباقيين أثلاثا واستغنت عن عمل المسائل وربما اختصرت المسائل بعد التصحيح بالموافقة بين السهام فإذا صحت المسألة نظرت فيها فإن كان لجميعها كسر يتفق فيه جميع السهام رددت المسألة إلى ذلك الكسر ورددت سهام كل وارث إليه ليكون أسهل في العمل كزوجة وبنت وابن ماتت البنت فتصح المسألتان من اثنين وسبعين للزوجة بحقها ستة عشر وللابن ستة وخمسون تتفق سهامها بالأثمان فردها إلى ثمنها تسعة للزوجة سهمان وللابن سبعة.
"الثاني: أن يكون ما بعد الميت الأول من الموتى لا يرث بعضهم بعضا كإخوة خلف كل واحد منهم بنيه" كرجل توفي وترك أربعة بنين فمات أحدهم عن ابنين والثاني عن ثلاثة والثالث عن أربعة والرابع عن ستة فالأولى من أربعة و الثانية من اثنين و الثالثة من ثلاثة و الرابعة من أربعة و الخامسة من ستة.
"فاجعل مسائلهم كعدد انكسرت عليهم سهامهم" لأن كل مسألة: لمستحقها فهي كالعدد المذكور "وصحح على ما ذكرنا في باب التصحيح" لأن المسائل

(6/169)


الثالث: ما عدا ذلك فصحح مسألة: الأول وانظر ما صار للثاني منها فاقسمه على مسألته فإن انقسم صحت المسألتان مما صحت منه الأولى: كرجل خلف امرأة وبنتا وأخاً ثم ماتت البنت وخلفت زوجا وبنتا وعمها فإن لها أربعة ومسألتها من أربعة فصحت المسألتان من ثمانية وصار للأخ أربعة،
__________
كالأعداد أربعة فالاثنان يدخلان في الأربعة والثلاثة في الستة والأربعة توافق الستة بالأنصاف فتضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن اثني عشر ثم تضربها في المسألة الأولى: تكن ثمانية وأربعين لورثة كل ابن اثنا عشر فلكل واحد من ابني الأول ستة ولكل واحد من بني الثاني أربعة ولكل واحد من بني الثالث ثلاثة ولكل واحد من بني الرابع سهمان وإن كانت متباينة ضربت بعضها في بعض فما بلغ ضربته في الأولى: كما لو خلف أحد الإخوة ابنين والآخر ثلاثة والآخر خمسة وإن كانت متماثلة اجتزأت بأحدها كما لو خلف كل واحد ابنين.
"الثالث: ما عدا ذلك" وهو ثلاثة أقسام أحدها أن ينقسم سهام الميت الثاني على مسألته الثاني أن لا ينقسم عليها بل يوافقها الثالث أن لا ينقسم عليها ولا يوافقها "فصحح مسألة الأول وانظر ما صار للثاني منها فاقسمه على مسألته" بعد أن تصححها " فإن انقسم صحت المسألتان مما صحت منه الأولى كرجل خلف امرأة وبنتا وأخا" هي من ثمانية "ثم ماتت البنت وخلفت زوجا وبنتا وعمها فإن لها" من الأولى "أربعة مسألتها من أربعة" للزوج الربع سهم وللبنت النصف سهمان والباقي وهو سهم للعم "فصحت المسألتان من ثمانية وصار للأخ أربعة" من أخيه ثلاثة ومن بنت أخيه سهم.
من ذلك: أم وعم مات العم عن بنت وعصبة الأولى من ثلاثة و الثانية من اثنين فصحت المسألتان من ثلاثة ثلاث أخوات متفرقات من الأبوين عن ابنتين ومن خلفت صحت المسألتان من خمسة بنت وبنت ابن وأخ ماتت البنت عن ابنتين وعمها فصحت المسألتان من ستة وصار للأخ

(6/170)


وإن لم تنقسم وافقت بين سهامه ومسألته ثم ضربت وفق مسألته في المسألة الأولى ثم كل من له شيء من الأولى مضروب في وفق الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في وفق سهام الميت الثاني مثل أن تكون الزوجة أما للبنت في مسألتنا فإن مسألتها من اثني عشر توافق سهامها بالربع فترجع إلى ربعها ثلاثة تضربها في الأولى تكن أربعة وعشرين وإن لم توافق سهامه مسألته ضربت الثانية في الأولى وكل من له شيء من الأولى مضروب في الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الميت الثاني مثل أن تخلف البنت بنتين فإن مسألتها تعدل إلى ثلاثة عشر،
__________
ثلاثة "وإن لم تنقسم وافقت بين سهامه ومسألته ثم ضربت وفق مسألته في المسألة الأولى" ليخرج بلا كسر "ثم كل من له شيء من الأولى: مضروب في وفق الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في وفق سهام الميت الثاني" لأن به يعلم قدر ما لكل واحد "مثل أن تكون الزوجة أما للبنت في مسألتنا" أي: في المسألة الأولى "فإن مسألتها من اثني عشر" لأن فيها نصفا وربعا وسدسا "توافق سهامها بالربع" لأن لها من الأولى أربعة بينها وبين الاثني عشر موافقة بالأرباع "فترجع إلى ربعها ثلاثة" لأنها وفقها "تضربها في الأولى" وهي ثمانية تكن أربعة وعشرين للمرأة من الأولى سهم في ثلاثة بثلاثة وللأخ ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللزوج من الثانية: ثلاثة مضروبة في واحد لأنه الوفق بثلاثة وللبنت ستة في واحد بستة وللأم سهمان في واحد بسهمين وللعم سهم ومن ذلك زوج وأم وست أخوات مفترقات ماتت إحدى الأختين من الأم وخلفت من خلفت فالأولى من عشرة و الثانية من ستة لأنها خلفت أما وأختين لأبوين وأختين من أب تضربها في الأولى ومنها تصح.
"وإن لم توافق سهامه مسألته ضربت الثانية في الأولى وكل من له شيء من الأولى مضروب في الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الميت الثاني مثل أن تخلف البنت بنتين" فيكون ترك امرأة وبنتا وأخا ثم ماتت البنت عن أربعة خلفت زوجا وأما وابنتين "فإن مسألتها" من اثني عشر "تعدل إلى ثلاثة

(6/171)


تضربها في الأولى تكن مائة وأربعة وتعمل على ما ذكرنا فإن مات ثالث جمعت سهامه مما صحت منه الأوليان وعملت فيها عملك في مسألة الثاني مع الأول وكذلك تصنع في الرابع،
__________
عشر" لا تنقسم عليها سهامها ولا توافقها "تضربها في الأولى" وهي ثمانية "تكن مائة وأربعة وتعمل على ما ذكرنا" للمرأة من الأولى: سهم في ثلاثة عشر بثلاثة عشر وللأخ ثلاثة في ثلاثة عشر بتسعة وثلاثين وللزوج من الثانية: ثلاثة في أربعة باثني عشر وللبنتين ثمانية في أربعة باثنين وثلاثين وللأم سهمان في أربعة بثمانية " فإن مات ثالث جمعت سهامه مما صحت منه الأوليان وعملت فيها عملك في مسألة الثاني مع الأول" أي: فانظر نصيبه من المسألتين فإن انقسم على مسألته فذاك وإن لم ينقسم ووافق فاضرب وفق المسألة الثالثة: في الأوليين وإن لم توافق فاضرب جميع المسألة في المسألتين.
مثاله زوج وأم وثلاث أخوات متفرقات فالأولى: من خمسة عشر من الأبوين وخلفت زوجا ومن خلفت فمسألتها من ثمانية وسهامها ستة تتفقان بالنصف فتضرب نصف مسألتها في الأولى: تكن ستين ثم ماتت الأولى: وخلفت زوجا وأختا وبنتها من الأم فمسألتها من أربعة ولها من المسألتين أحد عشر سهما لا توافق فتضرب مسألتها في الأوليين تكن مائة وأربعين ومنها تصح الثلاث.
"وكذلك تصنع في الرابع" أي: كما فعل في الثالث كرجل خلف زوجة وأبوين وابنتين ثم مات الأب وترك اخا لأبوين ومن خلف ثم ماتت الأم وخلفت أما وعما ومن خلفت ثم ماتت إحدى البنتين وخلفت زوجا ومن خلفت تصح الأولى: من سبعة وعشرين و الثانية: من أربعة وعشرين توافق تركة الأب بالأرباع ثم ماتت الأم عن سبعة وعشرين وخلفت أما وبنتي ابن وعما فمسألتها من ستة وتركتها توافقها بالأثلاث ثم ماتت إحدى البنتين عن مائة وثلاثين وتركت زوجا وأما وأختا فمسألتها من ثمانية وتركتها

(6/172)


ومن بعده.
__________
توافقها بالأنصاف فتصح المسائل الأربع من ألف ومائتين وستة وتسعين للزوجة من الأولى: و الرابعة: مائتان وأربعة وسبعون وللبنت الباقية من المسائل الأربع سبعمائة وخمسة عشر ولأخي الميت الثاني أربعون ولأم الثالثة: ستة وثلاثون ولعمها كذلك ولزوج الرابعة: مائة وخمسة وتسعون فالقيراط فيها بأربعة وخمسين.
"و" تصنع في "من بعده" من خامس أو سادس كامرأة ماتت عن زوج وأربع أخوات من أبوين وأختين من أم وأم ثم ماتت الأم عن زوج وأخ ومن خلفت ثم ماتت إحدى أخوات الأبوين عن ثلاث بنين وبنتين ثم ماتت أخرى عمن في المسألة وهم أختان لأبوين وأختان من أم ثم ماتت أخرى عن زوج وبنتين وابن.
المسألة الأولى من ستة وتعول إلى عشرة ماتت الأم عن زوج وست بنات وأخ مسألتها من اثني عشر وتصح من ستة وثلاثين وما في يدها سهم لا تصح ولا توافق فاضرب ستة وثلاثين في عشرة تبلغ ثلاثمائة وستين ومنها تصح المسألتان للزوج من الأولى ثلاثة مضروبة في ستة وثلاثين تبلغ مائة وثمانية وللأخوات من الأبوين من الأولى أربعة مضروبة في ستة وثلاثين تبلغ مائة وأربعة وأربعين وللأختين من الأم سهمان مضروبة فيها تبلغ اثنين وسبعين ولزوج الأم من الثانية تسعة مضروبة في نصيب الأم وهو سهم بتسعة وللبنات أربعة وعشرون مضروبة فيه تكن كذلك وللأخ ثلاثة مضروبة في سهم تكن ثلاثة ثم من الأبوين وحصتها من فاذا أربعون ومسألتها من ثمانية فنصيبها صحيح على مسألتها لكل ابن عشرة ولكل بنت خمسة عند الأخرى عن أربعين سهما ومسألتها من ثلاثة وتصح من ستة وحينئذ لا تصح وتوافق بالأنصاف فاضرب نصف مسألتها وهو ثلاثة في ثلاثمائة وستين تبلغ ألفا وثمانين لزوج الميتة الأولى مائة وثمانية مضروبة في ثلاثة تكن ثلاثمائة وأربعة وعشرين للأختين من الأبوين من الأوليين ثمانون مضروبة في ثلاثة تكن مائتين وأربعين لكل أخت مائة وعشرون وللأختين من الأم من الأوليين كذلك ولزوج الأم تسعة مضروبة في

(6/173)


ثلاثة تبلغ سبعة وعشرين وللبنين والبنات من الثالثة: أربعون سهما مضروبة في ثلاثة ثمانية وعشرين لكل ابن ثلاثون ولكل بنت خمسة عشر وللأختين من الأبوين من الرابعة: أربعة مضروبة في وفق ما في يد الميتة وهو عشرون تكن ثمانين لكل أخت أربعون وللأختين من الأم سهمان مضروبان في عشرين تكن أربعين لكل أخت عشرون عند الأخرى من الأبوين عن مائة وستين سهما ومسألتها تصح من ستة عشر فتركتها صحيحة على مسألتها لزوجها أربعون ولكل ابن ستون ولكل بنت ثلاثون قيراطها بخمسة وأربعين والله أعلم.

(6/174)


باب قسم التركات
__________
باب قسم التركات
اعلم أن القسمة والنسبة مما يستعان بهما في تصحيح المسائل والمناسخات فالقسمة هي معرفة نصيب الواحد من المقسوم عليه وإن شئت قلت هو سؤال عن عدد ما في المقسوم من أمثال المقسوم عليه ولهذا إذا ضربت الخارج بالقسمة من المقسوم عليه ساوى المقسوم فمعنى قوله اقسم ستة وثلاثين على تسعة أي: كم نصيب الواحد من التسعة أو كم في الستة والثلاثين مثل التسعة وإذا ضربت الخارج بالقسمة وهو أربعة في التسعة كان مثل المقسوم.
والنسبة معرفة قدر المنسوب من المنسوب إليه.
والعدد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أول وثاني ومشترك فالأول مالا يصح له كسر كأحد عشر وثلاثة عشر فالنسبة إلى هذا النوع بالأجزاء والثاني هو كل عدد له كسر دون العشرة مثل ثمانية وأربعين التي سدسها ثمانيه وثمنها ستة ومثل مائة التي نصف عشرها خمسة ونحو ذلك فهذا ينسب إليه بألفاظ الكسور التسعة وما تركب منها والمشترك هو الذي يكون له كسر فوق العشرة وهو ما تركب من الأجزاء الصم كاثنين وخمسين التي ربعها ثلاثة عشر ومائة واثنين وثلاثين التي نصف سدسها أحد عشر والنسبة إلى هذا

(6/174)


إذا خلف تركة معلومة فأمكنك نسبة نصيب كل وارث من المسألة فاعطه مثل تلك النسبة من التركة وإن شئت قسمت التركة على المسألة وضربت الخارج بالقسم في نصيب كل وارث فما اجتمع فهو نصيبه،
__________
العدد بالأجزاء والكسور معا.
فإن أردت أن تنسب إلى عدد استخرجت منه كل كسر يصح منه بأن تنظر ما تركب منه العدد من الأعداد دون العشرة إذا أردت من كم يتركب العدد بأن تقسمه على عشرة وعلى تسعة ثم الى الاثنين فعلى أي: شيء انقسم فاعلم أنه يتركب منه كمائة وعشرين هي تضعيف ثلاثة بأربعة بعشرة فالواحد منها ثلث ربع عشر والأربعة ثلث عشر تستخرج النسبة من ألفاظ الأعداد المتركبة منها فإذا أضعفت عددين منها أحدهما بالآخر كانت نسبته بلفظ الثالث ألا ترى أنك إذا أضعفت الثلاثة بالأربعة كانت اثني عشر وذلك العشر وهو مخرج لفظ العدد الثالث وإن أضعفت الأربعة بالعشرة كان الثلث وإن أضعفت الثلاثة بالعشرة كان الربع.
"إذا خلف تركة معلومة فأمكنك نسبة نصيب كل وارث من المسألة فأعطه مثل تلك النسبة من التركة" كامرأة ماتت عن زوج وأبوين وابنتين المسألة من خمسة عشر والتركة أربعون دينارا فللزوج ثلاثة وهي خمس المسألة فله خمس التركة ثمانية دنانير ولكل واحد من الأبوين ثلثا خمس المسألة فله ثلثا الثمانية وكذلك خمسة دنانير وثلث دينار ولكل واحدة من البنتين مثل ما للأبوين كليهما وذلك عشرة وثلثان.
"وإن شئت قسمت التركة على المسألة وضربت الخارج بالقسم في نصيب كل وارث فما اجتمع فهو نصيبه" ففي مسألتنا إذا قسمتها على المسألة كان الخارج دينارين وثلثين فإذاضربتها في نصيب الزوج وهو ثلاثة كانت ثمانية دنانير وإذا ضربتها في نصيب كل واحد من الأبوين كانت خمسة وثلثا وإذا ضربتها في نصيب كل واحدة من البنتين كانت عشرة دنانير وثلثين.
"وإن شئت ضربت سهامه في التركة وقسمتها على المسألة فما خرج فهو

(6/175)


وإن شئت ضربت سهامه في التركة وقسمتها على المسألة فما خرج فهو نصيبه وإن شئت في مسائل المناسخات قسمت التركة على المسألة الأولى: ثم أخذت نصيب الثاني فقسمته على مسألته وكذلك الثالث،
__________
نصيبه" فإذا ضربت نصيب الزوج وهو ثلاثة في التركة كانت مائة وعشرين فإذا قسمتها على المسألة وهي خمسة عشر خرج بالقسم ثمانية وإذا ضربت نصيب أحد الأبوين فيها كان ثمانين فإذا قسمتها على المسألة خرج خمسة وثلث وإذا ضربت نصيب كل واحدة من االبنتين فيها كانت مائة وستين فإذا قسمتها على المسألة خرج بالقسمة عشرة وثلثان لكن إن كانت المسألة من الأعداد الصم لم يمكن العمل بالطريق الأولى: لأنه لا نسبة فيها كزوج وأم وابنتين والتركة خمسون دينارا المسألة من ثلاثة عشر إذا قسمت عليها التركة خرج بالقسم لكل منهم ثلاثة دنانير وأحد عشر جزءا من ثلاثة عشر جزءا من دينار تضرب ذلك في سهام الزوج وهي ثلاثة يجتمع له أحد عشر دينارا وسبعة أجزاء وتضرب نصيب الأم يكن سبعة دنانير وتسعة أجزاء ولكل بنت ضعف ذلك وإن ضربت سهام كل وارث في الخمسين وقسمتها على المسألة خرج ما ذكرنا.
"وإن شئت في مسائل المناسخات قسمت التركة على المسألة الأولى: ثم أخذت نصيب الثاني فقسمته على مسألته وكذلك الثالث " كرجل توفي وخلف أربع بنين وأربعين دينارا فإذا قسمتها عليهم خرج لكل واحد عشرة ثم مات أحدهم عن زوجة وإخوته فمسألته من أربعة فإذا قسمت عليها العشرة كان للزوجة ديناران ونصف ولكل أخ كذلك ثم مات أحدهم عن زوجة وإخوته فهي من أربعة وتصح من ثمانية فإذا قسمت مجموع ماله منهما وهو اثنا عشر ونصف كان للزوجة ثلاثة دنانير وثمن ولكل أخ أربعة ونصف وثمن مجموع ما حصل للأخوين الباقيين من الأولى: و الثانية: و الثالثة: سبعة عشر دينارا وثمن دينار ونصف ثمن.
"وإن كان بين المسألة والتركة موافقة فوافق بينهما واقسم وفق

(6/176)


وإن كان بين المسألة والتركة موافقة فوافق بينهما واقسم وفق التركة على وفق المسألة وإن أردت القسمة على قراريط الدينار فاجعل عدد القراريط كالتركة المعلومة واعمل على ما ذكرنا،
__________
التركة على وفق المسألة" مثاله زوجة وأم وثلاث أخوات مفترقات المسألة من خمسة عشر والتركة عشرون دينار ماتت الأم وخلفت أبوين ومن خلفت فهي من ستة للأم من الأولى: سهمان لا تنقسم على الستة وتوافقها بالنصف فتضرب نصف الستة في الأولى: تكن خمسة وأربعين وإن شئت نسبت كل وارث وأعطيته من التركة مثلي تلك النسبة فللمرأة تسعة وهي خمس المسألة فلها خمس التركة أربعة دنانير للأخت من الأم ثمانية وهي ثمانية أتساع الخمس فلها من التركة ثمانية أتساع خمسها وهي ثلاثة دنانير وخمسة أتساع دينار وللأخت من الأبوين عشرون وهي أربعة أتساع المسألة فلها أربعة أتساع التركة وهي ثمانية دنانير وثمانية أتساع دينار وللأخت من الأب ستة وهي تسع المسألة وخمس تسعها فلها من التركة ديناران وثلثان وإن شئت قسمت العشرين على خمسة وأربعين وضربت الخارج بالقسم في نصيب كل وارث فيخرج ما ذكرنا وان شئت ضربت سهام كل وارث في التركة وقسمت ما بلغ على المسالة فما خرج فهو نصيب وإن شئت وافقت بين التركة والمسألة وهي هنا توافق بالأخماس فترد المسألة إلى تسعة والتركة إلى أربعة وتضرب سهام كل وارث في أربعة وتقسمه على تسعة يخرج ما ذكرنا.
"وإن أردت القمسة على قراريط الدينار" وهي أربعة وعشرون قيراطا في عرف بلدنا "فاجعل عدد القراريط كالتركة المعلومة واعمل على ما ذكرنا" من قبل فإذا أردت قسمة السهام الكثيرة على ذلك فاجعل التركة كلها قراريط فإذا كانت التركة دينارين وقيراطين فابسط الكل قراريط تكن خمسين ثم اعمل على نحو ما إذا كانت التركة كلها دنانير فإن كانت السهام كثيرة وأردت أن تعلم سهم القيراط فانظر ما يتركب منه العدد فإنه لا بد أن يتركب من

(6/177)


.................................................
__________
ضرب عدد في عدد فانسب أحدهما إلى أربعة وعشرين إن كان أقل منها وخذ من العدد الآخر مثل تلك النسبة فما كان فهو لكل قيراط وإن كان أكثر من أربعة وعشرين قسمته عليها فما خرج بالقسم فاضربه في العدد الآخر فما بلغ فهو نصيب القيراط كستمائة فإنها متركبة من ضرب عشرين في ثلاثين فانسب العشرين إلى أربعة وعشرين تكن نصفها وثلثها فخذ نصف الثلاثين وثلثها خمسة وعشرين فهي سهم القيراط وإن شئت قسمت الثلاثين على أربعة وعشرين فيخرج بالقسم سهم وربع فاضربها في العشرين تكن خمسة وعشرين وهي سهم القيراط فإن كان في سهم القيراط كسر بسطتها من جنس الكسر ونسبتها منها.
مثاله: زوج وأبوان وابنتان ماتت الأم وخلفت أما وزوجا وأختا من أبوين وأختين من أب وأختين من أم فالأولى: من خمسة عشر و الثانية: من عشرين فتضرب وفق أحدهما في الأخرى تكن مائة وخمسين وسهم القيراط ستة وربع أبسطها أرباعا تكن خمسة وعشرين فهذه سهام القيراط فللبنت من الأولى: أربعة في عشرة تكن أربعين فلها بخمسة وعشرين أربع قراريط تبقى خمسة عشر اضربها في مخرج الكسر تكن ستة اقسمها على خمسة وعشرين تكن اثنين وخمسين فصار لها ستة وخمسان وللأب من الأولى: و الثانية: ستة وعشرون فله بخمسة وعشرين أربعة وابسط السهم الباقي أرباعا تكن أربعة أخماس خمس ولزوج الأولى: ثلاثون فله بخمسة وعشرين أربعة قراريط وابسط الخمسة الباقية تكن عشرين وهي أربعة أخماس قيراط ولأم الثانية: سهمان ابسطها أرباعا تكن خمسة قراريط وثلاثة أخماس خمس قيراط وكذلك لكل أخت من أم وللأختين للأب مثل ذلك وللأخت من الأبوين ستة ابسطها أرباعا تكن أربعة أخماس قيراط وأربعة أخماس خمس.
تنبيه: اعلم أن أهل بغداد وما ضاهاها من الأمصار جعلوا الدرهم ثمانية وأربعين حبة والدانق ثمان حبات لأن الدرهم ستة دوانيق في سائر الأمصار وصيروا

(6/178)


فإن كانت التركة سهاما من عقار كثلث وربع ونحو ذلك وإن شئت أن تجمعها من قراريط الدينار وتقسمها على ما قلنا: وإن شئت وافقت بينها وبين المسألة وضربت المسألة أو وفقها في مخرج سهام العقار،
__________
الدرهم اثني عشر قيراطا والقيراط أربع حبات وجعلوا الدرهم أربعة وعشرين طسوجا والطسوج حينئذ حبتان والدينار ستين حبة.
وليس بين الناس اختلاف أن عشرة دراهم وزنها سبعة مثاقيل والمثقال درهم وثلاثة اسباع درهم لأنك إذا قسمت العشرة علىالسبعة خرج واحد وثلاثة أسباع فيكون الدرهم نصف مثقال وخمسة لأن السبعة من العشرة نصفها وخمسها وأما الدينار فهو ثمان دوانيق وأربعة أسباع دانق من دوانيق الدراهم لأن الدرهم ستة دوانيق فإذا زدت على ستة ثلاثة أسباعها صار ثمانية وأربعة أسباع والدينار سبعة عشر قيراطا وسبع قيراط من قراريط الدرهم وهو أربعة وثلاثون طسوجا وسبع طسوج وهو ثمانية وستون حبة وأربعة أسباع حبة من حبات الدرهم وهو أربعة عشر قيراطا لأن الدرهم نصف المثقال وخمسه والمثقال عشرون قيراطا فنصفها وخمسها أربعة عشر ونصف الدرهم سبعة قراريط وثلث الدرهم أربعة قراريط وثلث قيراط من قراريط الدينار وهو أربعة قراريط وحبتين لأن القيراط ثلاث حبات.
"فان كانت التركة سهاما من عقار كثلث وربع ونحو ذلك" فلك في عملها طريقان وهو المنبه عليه بقوله: "فإن شئت أن تجمعها من قراريط الدينار" وهو أربعة وعشرون قيراطا في عرفنا "وتقسمها على ما قلنا " فعلى هذا إذا جمعتها على ما قلنا من قراريط الدينار كانت أربعة عشر قيراطا وجعلتها كأنها دنانير ثم قسمت ذلك على المسألة فزوج وأم وأخت من أبوين المسألة من ثمانية للزوج ثلاثة هي ربعها وثمنها فله ربع أربعة عشر قيراطا وثمنها وهو خمسة قراريط وربع وللأم سهمان هي ربع التركة فلها ربع القراريط المذكورة وهو ثلاثة ونصف وللأخت مثل الزوج فانقسمت بغير ضرب.
"وإن شئت وافقت بينها وبين المسألة" أي: إن لم ينقسم "وضربت المسألة أو

(6/179)


ثم كل من له شيء في المسألة مضروب في السهام الموروثة من العقار أو في وفقها فما كان فانسبه من المبلغ فما خرج فهو نصيبه.
__________
وفقها في مخرج سهام العقار ثم كل من له شيء من المسألة مضروب في السهام الموروثة من العقار أو في وفقها فما كان فانسبه من المبلغ فما خرج فهو نصيبه" مثاله زوج وأبوان وابنتان والتركة ربع دار وخمسها المسألة من خمسة عشر توافق السهام الموروثة في العقار بالثلث فإنها تسعة فترد المسألة إلى خمسة ثم تضربها في مخرج سهام العقار وهي عشرون تكن مائة فللزوج من المسألة الخمس ثلاثة في وفق سهام العقار ثلاثة تسعة من مائة وهي نصف عشر الدار وخمس خمسها ولكل واحد من الأبوين سهمان في ثلاثة بستة وهي ثلاثة أخماس عشر الدار ولكل بنت ضعف ذلك وهو عشر وخمس عشر وإن شئت نسبت سهام كل وارث من المسألة فما بلغ أعطيته منها بقدر نسبة السهام إلى سهام العقار فللزوج من المسألة الخمس فله خمس التركة وكذلك نفعل في البواقي وإن لم توافق السهام الموروثة المسألة ضربت في مخرج سهام العقار فما بلغ فمنه تصح وكل من له شيء من المسألة مضروب في السهام فما بلغ فانسبه من العدد المجتمع فما خرج بالنسبة فله مثل تلك النسبة من الدينار.
حساب المجهولات
زوج وأم وأختان لأب وأم أخذ الزوج بميراثه خمسة وأربعين دينارا كم التركة فالطريق في ذلك أن تقسم ما أخذه على سهامه فيخرج خمسة عشر فاضربها في سهام المسألة وهي ثمانية تكن مائة وعشرين وهي التركة وإن شئت ضربت ما أخذه في سهام المسألة تكن ثلاثمائة وستين وقسمت ذلك على سهام الزوج يخرج ما ذكرناه وإن شئت ضربت ما أخذه في سهام باقي الورثة وقسمت ذلك على سهامه فما خرج فهو باقي التركة وإن شئت قلت سهام من بقي مثل سهامه مرة وثلاثين فيجب أن يكون الباقي خمسة وسبعين فإن أخذ وارث بدينه وإرثه جزءا من التركة كنصف وثلث صححت المسألة،

(6/180)


وأسقطت منها سهمه وضربت ما بقي في مخرج الجزء الذي أخذه فما ارتفع منها منزلة ثم أسقط من المخرج ما أخذه واضرب ما بقي مما صحت منه المسألة فما بلغ فإرث وباقي التركة دين.
فائدة: قال الإمام أحمد في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} الآية وذلك إذا قسم القوم الميراث فقال خطاب بن عبدالله قسم لي أبو موسى بهذه الآية وفعل ذلك غيره والآية محكمة وقال ابن المسيب أنها منسوخة كانت قبل الفرائض.

(6/181)


باب ذوي الأرحام
وهم كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة وهم أحد عشر صنفا ولد البنات وولد الأخوات وبنات الإخوة وبنات الأعمام وبنو الإخوة من الأم والعم من الأم والعمات والأخوال والخالات وأبو الأم وكل جدة أدلت،
__________
باب ذوي الأرحام
هذا الباب معقود لبيان ذوي الأرحام وبيان ميراثهم والأرحام جمع رحم بوزن كتف وفيه اللغات الأربع في الفخذ وهو بيت منبت الولد ووعاؤه في البطن وقال الجوهري الرحم رحم الأنثى وهي مؤنثة والرحم القرابة.
وقال صاحب المطالع هي معنى من المعاني وهو النسب والاتصال الذي يجمع والده فسمي المعنى باسم ذلك المحل تقريبا للأفهام ثم يطلق الرحم على كل قرابة.
والمراد هنا قرابة مخصوصة بدليل قوله: "وهم كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة" وهم أحد الأقسام المذكورين في آخر كتاب الفرئض ثم شرع في بيان تعدادهم فقال: "وهم أحد عشر صنفا: ولد البنات وولد الأخوات وبنات الإخوة وبنات الأعمام وبنو الإخوة من الأم والعم من الأم والعمات والأخوال والخالات وأبو الأم وكل جدة أدلت بأب بين أمين أو بأب

(6/181)


بأب بين أمين أو بأب أعلا من الجد ومن أدلى بهم،
__________
أعلى من الجد ومن أدلى بهم" فهؤلاء يسمون ذوي الأرحام وهم وارثون حيث لم تكن عصبة ولا ذو فرض من أهل الرد روي ذلك عن عمر وعلي وأبي عبيدة ومعاذ وأبي الدرداء وقاله شريح وطاووس وعطاء وعلقمة ومسروق وعمر بن عبدالعزيز وحكاه الخبري عن أبي هريرة وعائشة وسائر الفقهاء وكان زيد لا يورثهم ويجعل الباقي لبيت المال وعن أبي بكر وابن عباس وغيرهما نحوه وقاله الزهري والأوزاعي ومالك والشافعي لما روى عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير الله تعالى في العمة والخالة فأنزل الله أن لا ميراث لهما رواه سعيد في سننه والدارقطني.
ولأن العمة وبنت الأخ لا يرثان مع إخوتهما فلا يرثان منفردتين كالأجنبيات ولأن انضمام الأخ إليهما يقويهما بدليل أن بنات الابن والأخوات من الأب يعصبهن أخوهن فإذا لم ترث هاتان مع أخيهما فمع عدمه أولى ولأن المواريث إنما ثبتت بالنص وهو منتف هنا وجوابه قوله تعالى" {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي: أحق بالتوارث في حكم الله تعالى.
قال العلماء: كان التوارث في ابتداء الإسلام بالحلف فكان الرجل يقول للرجل دمي دمك ومالي مالك تنصرني وأنصرك وترثني وأرثك فيتعاقدان الحلف بينهما على ذلك فيتوارثان به دون القرابة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ثم نسخ ذلك وصار التوارث بالإسلام والهجرة فإذا كا ن له ولد ولم يهاجر ورثه المهاجرون دونه لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} ثم نسخ بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ} الأية.
وعن المقداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه" رواه الشافعي وأحمد وغيرهما ورجاله ثقات

(6/182)


ويرثون بالتنزيل وهو أن تجعل كل شخص بمنزلة من أدلى به،
__________
وروى احمد وابن ماجه والترمذي وحسنه نحو هذا من حديث أبي أمامة قال الترمذي وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم وروى الترمذي والدارقطني من حديث عائشة نحوه ورجاله ثقات وتكلم فيه بعضهم لا يقال المراد أن من ليس له إلا خال فلا وارث له كما يقال الجوع زاد من لا زاد له والماء طيب من لا طيب له والصبر حيلة من لاحيلة له أو أنه أراد بالخال السلطان لأنه قال يرث ماله ويرثه وأن الصحابة فهموا ذلك وأنه سماه وارثا والأصل الحقيقة وما ذكر من أنه يستعمل للنفي معارض بأنه يستعمل للإثبات كقولهم يا عماد من لا عماد له ويا سند من لا سند له ولأنه ذو قرابة فيرث كذوي الفرض ولأنه ساوى الناس في الإسلام وزاد عليهم بالقرابة فكان أولى بماله منهم ولهذا كان أحق في الحياة بصدقته وصلته وبعد الموت بوصيته مع أن حديثهم مرسل.
ثم يحتمل أنه لا ميراث له مع ذوي الفرض والعصبات وقوله لا يرثان مع إخوتهما لأنهما أقوى وقولهم إنه إنما يثبت بالنص ولا نص هنا مردود بالنصوص الواردة فيه والإرث بالرد مقدم عليهم قال الخبري لم يختلفوا فيه إلا ما روي عن سعيد بن المسيب وعمر ابن عبدالعزيز أنهما ورثا الخال مع البنت فيحتمل انه عصبة أو مولى لئلا يخالف الإجماع. "ويرثون بالتنزيل" في قول الأكثر وعنه: انهم يرثون على ترتيب العصبات وهو قول أبي حنيفة وأصحابه فجعلوا أولادهم أولاد البنات ثم أولاد الأخوات عند الأخوال والخالات والعمات وأولاهم من كان لأبوين ثم لأب ثم لأم واختلفوا في تفصيله نبه على ذلك الخبري ثم قال ويسمى مذهبهم قول أهل القرابة وأما باقي المورثين لهم فيسمون بالمنزلين وهم فيه على مذاهب وإنما القول على قول الجم الغفير من المنزلين وبه يفتي أكثر أصحابنا اليوم لعدم بيت المال.
"وهو أن يجعل كل شخص بمنزلة من أدلى به" لأنهم نزلوا كل فريق منهم منزلة الوارث الذي يدلي به وقسموا نصيب الوارث بين المدلين به على قدر ميراثهم

(6/183)


فتجعل ولد البنات والأخوات كأمهاتهم وبنات الإخوة والأعمام وولد الإخوة من الأم كآبائهم والأخوال والخالات وأبا الأم كالأم والعمات والعم من الأم كالأب وعنه: كالعم،
__________
منه فإن بعدوا نزلوا درجة درجة حتى يصلوا إلى من يمتون به فيأخذون ميراثه.
"فيجعل ولد البنات والأخوات كأمهاتهم وبنات الإخوة والأعمام وولد الإخوة من الأم كآبائهم والأخوال والخالات وأبا الأم كالأم والعمات والعم من الأم كالأب" روي عن عمر وعلي وابن مسعود وهذا هو الصحيح في تنزيل العمة أبا والخالة أما لما روى الزهري وفي ابن المنجا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمة بمنزلة الأب إذا لم يكن بينهما أب والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم" رواه أحمد.
ولأن الأب أقوى جهات العمة والأم أقوى جهات الخالة فتعين تنزيلهما بهما دون غيرهما كبنت الأخ وبنت العم فإنهما ينزلان منزلة أبويهما دون أخويهما ولأنه إذا اجتمع لهما قرابات ولم يمكن توريثهما بجميعها ورثناهما بالأقوى كالمجوس عند من لا يورثهم بجميع قراباتهم وكالأخ من الأبوين فإنا نورثه بالتعصيب وهي جهة أبيه دون قرابة أمه
"وعنه" أن العمة والعم من الأم "كالعم" روي عن علي وقاله علقمة ومسروق فعلى هذه يجعلهن كلهن بمنزلة العم من الأبوين لأنه أقواهم.
وعنه: العمة لأبوين أو لأب كجد فعلى هذه العمة لأم والعم لأم كالجدة أمهما وهل عمة الأب لأبوين أو لأب كالجد أو كعم الأب من الأبوين أو كأبي الجد مبني على الروايات لأنها تدلي بالجد أو بأخيه أو بأمه وهل عم الأب من الأم وعمة الأب لأم كالجد أو كعم الأب من أبوين أو كأم الجد مبني على الخلاف وليسا كأبي الجد لأنه أجنبي منهما
مسائل

(6/184)


ثم تجعل نصيب كل وارث لمن أدلى به فإن أدلى جماعة منهم بواحد واستوت منازلهم منه فنصيبه بينهم بالسوية ذكرهم وأنثاهم سواء وعنه: للذكر مثل حظ الآنثيين إلا ولد الأم وقال الخرقي يسوى بينهم إلاالخال والخالة.
__________
بنت بنت وبنت بنت ابن المال بينهما على أربعة فإن كان معهما بنت أخ فالباقي لها وتصح من ستة فإن كان معهما خالة فلبنت البنت النصف ولبنت بنت الأبن السدس تكملة الثلثين وللخالة السدس والباقي لبنت الأخ فإن كان مكان الخالة عمة حجبت بنت الأخ وأخذت الباقي لأن العمة كالأب فيسقط من هو بمنزلة الأخ ومن نزلها عماً جعل الباقي لبنت الأخ وأسقط بها العمة ومن نزلها جدا قاسم بها ابنة الآخ الثلث الباقي بينهما نصفين ومن نزلها جدة جعل لها السدس ولبنت الأخ الباقي وفي قول أهل القرابة لا ترث بنت الأخ مع بنت البنت ولا مع بنت بنت البنت شيئا.
"ثم يجعل نصيب كل وارث لمن أدلى به" كما ذكرنا "فإن أدلى جماعة بواحد واستوت منازلهم منه" بان كانوا في درجة واحده "فنصيبه بينهم بالسوية" كإرثهم منه "ذكرهم وأنثاهم سواء" نقله الأثرم وحنبل وإبراهيم بن الحارث في الخال والخالة يعطون بالسوية وهذا قول أبي عبيد وإسحاق قال في السمتوعب وعليه جمهور أصحابنا وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأنهم يرثون بالرحم المجردة فاستوى ذكرهم وأنثاهم كولد الأم. "وعنه: للذكر مثل حظ الأنثيين" نقله المروذي وعليه أهل العراق وعامة المنزلين كالأولاد ولأن ميراثهم معتبر بغيرهم ولا يجوز حملهم على ذوي الفروض لاستيعابهم المال به ولا على العصبة البعيد لانفراد الذكر به فوجب اعتبارهم بالقرب من العصبات "إلا ولد الأم" وهذا متفق عليه بين الجميع لأن أباهم يسوي ذكرهم وأنثاهم وغايته أن يثبت للفرع ما للأصل إلا في قول من أمات السبب فإن عنده للذكر مثل حظ الأنثيين.
"وقال الخرقي يسوي بينهم إلا الخال والخالة" هذا رواية واختارها

(6/185)


وإذا كان ابن وبنت أخت وبنت أخت أخرى فلبنت الأخت وحدها النصف وللأخرى وأخيها النصف بينهما،
__________
الشيرازي وابن عقيل في التذكرة وقال استحسانا يعني أن مقتضى الدليل التسوية خرج منه الخال والخالة على سبيل الاستحسان وذكر بعضهم أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الخال والد إذا لم يكن دونه أم والخالة أم إذا لم يكن دونها أم" فإن صح فيعكر عليه تنزيل الخال بمنزلة الأم لكن قال في المغني لا أعلم له موافقا على هذا القول ولا علمت وجهه.
قال القاضي: لم أجد هذا بعينه عن أحمد والخلاف إنما هو في ذكر وأنثى أبوهما وأمهما واحد فأما إذا اختلفت آباؤهم وأمهاتهم كالأخوال والخالات المفترقين والعمات المفترقات أو إذا أدلى كل واحد منهم بغير من أدلى به الآخر كابن بنت وبنت بنت أخرى فله موضع يذكر فيه مثاله ابن أخت معه أخته أو ابن بنت معه أخته المال بينهما نصفان علىالمذهب وأثلاثا على الثانية: بنت بنت وبنت بنت ابن هي من أربعة عند المنزلين جميعهم وعند أهل القرابة المال لبنت البنت لأنها أقرب فإن كان معهما بنتا بنت ابن أخرى فكأنهم بنتا ابن وبنت فمسألتهم من ثمانية وتصح من ستة عشر.
"وإذا كان ابن وبنت اخت وبنت أخت أخرى فلبنت الأخت وحدها النصف لأنه حق أمها وللأخرى وأخيها النصف بينهما" يحتمل أن يكون بينهما نصفان وهو قول الجمهور فعلى هذا تصح من أربعة ويحتمل يكون بينهما أثلاثا وهو الرواية الأخرى فتصح من ستة والأول أظهر.
قال في الشرح لا اختلاف بين المنزلين في أن لولد كل أخت ميراثها وهو النصف فمن سوى جعل النصف بينهما نصفين والنصف الآخر للآخرى ومن فصل جعله بينهما أثلاثا. وقال أبو يوسف للابن النصف ولكل بنت الربع وتصح من أربعة وقال محمد لولد الأخت الأولى: الثلثان بينهما على ثلاثة وللأخرى الثلث وتصح من تسعة.

(6/186)


وإن اختلفت منازلهم من المدلى به جعلته كالميت وقسمت نصيبه بينهم على ذلك كثلاث خالات مفترقات وثلاث عمات مفترقات فالثلث بين الخالات على خمسة أسهم والثلثان بين العمات كذلك فاجتزىء بإحداهما واضربها في ثلاثة تكن خمسة عشر للخالة التي من قبل الأب والأم ثلاثة أسهم وللتي من قبل الأب سهم وللتي من قبل الأم سهم وللعمة التي من قبل الأب والأم ستة أسهم وللتي من قبل الأب سهمان وللتي من قبل الأم سهمان.
__________
"وإن اختلفت منازلهم من المدلى به جعلته كالميت" لأن جهة اختلاف المنازل تظهر بذلك "وقسمت نصيبه بينهم على ذلك" لأنه يجعل كالميت والميت يقسم نصيبه على ورثته بحسب منازلهم منه ثم بين ذلك بقوله: "كثلاث خالات مفترقات وثلاث عمات مفترقات فالثلث بين الخالات على خمسة أسهم " لأنهن يدلين بالأم " والثلثان بين العمات كذلك" لأنهن يدلين بالأب علىالمذهب ومنازلهم منه مختلفة فكأن الميت ظنه أبا وأماً فما صار للأم بين إخوتها على خمسة وكذلك في العمات فصار الكسر في الموضعين على خمسة "فاجتزىء بأحدهما" أي: أحدهما يجزىء عن الآخر "واضربها في ثلاثة" لأن فيها ثلثا وكل من القبيلين مسألته من ستة فترجع بالرد إلى خمسة وسهم كل قبيل لا ينقسم على المسألة ولا يوافق فاكتف بأحدهما لتماثله واضربه "تكن خمسة عشر" فللخالات سهم في خمسة مقسومة بينهن "للخالة التي من قبل الأب والأم ثلاثة أسهم وللتي من قبل الأب سهم وللتي من قبل الأم سهم" لأن الثلث قد صار للأم فيقسم بين إخوتهم على ما ذكر لأنهن أخوات لها متفرقات فيقسم نصيبها بينهن بالفرض والرد "وللعمة التي من قبل الأب والأم ستة أسهم وللتي من قبل الأب سهمان وللتي من قبل الأم سهمان" وهذا قول عامة المنزلين وعند أهل القرابة للعمة من الأبوين الثلثان وللخالة من الأبوين الثلث وسقط سائرهم
وقال نعيم وإسحاق: الخالات كلهن سواء فيكون نصيبهن بينهن على ثلاثة وكذلك نصيب العمات بينهن على ثلاثة يتساوون فيه فتكون المسألة

(6/187)


وإن خلف ثلاثة أخوال مفترقين فللخال من الأم السدس والباقي للخال من الأبوين وإن كان معهم أبو أم أسقطهم كما يسقط الأب الإخوة وإن خلف ثلاث بنات عمومة مفترقين فالمال لبنت العم من الأبوين وحدها،
__________
من تسعة فعلى ما ذكره المؤلف إن كان مع الخالات خال من أم ومع العمات عم من أم فسهم كل واحد من الفريقين بينهم على ستة وتصح من ثمانية عشر عندالمنزلين.
"وإن خلف ثلاثة أخوال مفترقين فللخال من الأم السدس والباقي للخال من الأبوين" كما لو خلف ثلاثة إخوة مفترقين فإنه يسقط الأخ من الأب بالأخ من الأبوين كسقوط الخال من الأب به.
فعلى هذا تصح المسألة من ستة.
"فإن كان معهم" أي: مع الأخوال "أبو أم أسقطهم كما يسقط الأب الإخوة" لأن حكم من يدلي مثل حكم المدلى به والأب المدلى به يسقط الإخوة فكذا أبو الأم المدلى به يسقطهم.
قال في الفنون: خالة الأب كأختها الجدة أم الأب وتقدم هل العمة كأب أم لا ولما أسقطت الأم امهات الأب كأمهاتها علم أن كلهن يدلين بالأمومة مع جهة الأبوة والعجب من هاتين المسألتين أن قرابتي الأب من جانبي أبيه وأمه كجهتين وجهة الأمومة مع جهة الأبوة كجهة ذكره في الفروع.
مسألة: ثلاثة أخوال مفترقين معهم أخواتهم وعم وعمة من أم الثلث بين الأخوال والخالات على ستة للخال والخالة من الأم الثلث بينهما بالسوية وثلثاه للخال والخالة من الأبوين بينهما على ثلاثة عند من فصل وهو إحدى الروايتين وقول أكثر المنزلين و الثانية: بينهما سواء فيهما.
"وإن خلف ثلاث بنات عمومة مفترقين فالمال لبنت العم من الأبوين وحدها" نص عليه لأنهن أقمن مقام آبائهن فبنت العم من الأبوين بمنزلة أبيها وبنت العم

(6/188)


وإن أدلى جماعة منهم بجماعة قسمت المال بين المدلى بهم كأنهم أحياء فما صار لكل وارث فهو لمن أدلى به.
__________
من الأب بمنزلة أبيها وبنت العم من الأم بمنزلة أمها ولو مات شحص وخلف ثلاثة أعمام مفترقين كان الميراث للعم من الأبوين لسقوط العم من الأب به والآخر من ذوي الأرحام وهذا قول أهل القرابة وأكثر أهل التنزيل.
وقال الثوري المال بين بنت العم من الأبوين وبنت العم من الأم على أربعة وقال أبو عبيد لبنت العم من الأم السدس والباقي لبنت العم من الأبوين كبنات الإخوة ورده في المغني بأنهن بمنزلة آبائهن وفارق بنات الإخوة لأن آباءهن يكون المال بينهم على ستة ويرث الأخ من الأم مع الأخ من الأبوين بخلاف العمومة وقيل: على قياس قول محمد بن سالم المال لبنت العم من الأم لأنها بعد درجتين بمنزلة الأب فيسقط به العم قال الخبري وليس بشيء.
وقال ابو الخطاب: قولا من رأيه يفضي إلى هذا فإنه ذكر الأبوة جهة والعمومة جهة أخرى.
قال في المغني والشرح ولو علم إفضاء هذا القول إلى هذا لم يذهب اليه لما فيه من مخالفة الإجماع ومقتضى الدليل وإسقاط القوي بالضعيف والقريب بالبعيد.
قال في المغني ولا يختلف المذهب أن الحكم في هذه المسألة على ما ذكرنا وهذا إيماء إلى أن العمومة ليست جهة منفردة وإنما هي من جهة الأب وكذا الخلاف إن كان معهن بنت عمه ولو كان مع الجميع بنت أخ الأبوين أو لأب فالكل لها على المذهب.
"وإن أدلى جماعة منهم بجماعة قسمت المال بين المدلى بهم كأنهم أحياء" لأنهم أصل من أدلى بهم "فما صار لكل وارث فهو لمن أدلى به" إذا لم يسبق بعضهم بعضا لأنهم وراثه فإذا خلف ثلاث بنات أخت لأبوين وثلاث بنات أخت لأب وثلاث بنات أخت لأم وثلاث بنات عم اقسم المال بين المدلى به

(6/189)


وإن أسقط بعضهم بعضا عملت على ذلك وإن كان بعضهم أقرب من بعض فمن سبق إلى الوارث ورث وأسقط غيره إلا أن يكونا من جهتين فتنزل البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب أولا كبنت بنت بنت وبنت أخ لأم المال لبنت بنت البنت.
__________
من الأبوين النصف من الأب السدس وللآخرين كذلك والباقي هو سهم للعم ثم أقسم نصيب كل وارث على ورثته فنصيب الأخت للأبوين على بناتها صحيح عليهن ونصيب الأخت للأب على بناتها لا يصح ولا يوافق وكذا للأم والأعداد متماثلة فاجتزىء ببعضها واضربه في أصل المسألة تكن ثمانية عشر لبنات الأخت للأبوين تسعة لكل واحدة ثلاثة ولبنات الأخت للأب ثلاثة لكل واحدة سهم ولبنات الأخت للأم كذلك ولبنات العم مثلهن.
"وإن أسقط بعضهم بعضا عملت على ذلك" كأبي الأم والأخوال فأسقط الأحوال لأن الأب يسقط الإخوة والأخوات وثلاث بنات إخوة مفترقين لبنت الأخ للأم السدس والباقي للتي من الأبوين كآبائهن.
"وإن كان بعضهم أقرب من بعض فمن سبق إلى الوارث ورث" ولو بعد عن الميت "وأسقط غيره" إذا كانا من جهة واحدة كبنت بنت وبنت بنت بنت المال للأولى لأن القريب يرث ويسقط البعيد وكخالة وأم أبي أم الميراث للخالة لأنها تلقى الأم بأول درجة "إلا أن يكونا من جهتين فينزل البعيد حتى يلحق بوارثه" فيأخذ نصيبه "سواء سقط به القريب أو لا" عند المنزلين في ذلك "كبنت بنت بنت وبنت أخ لأم المال لبنت بنت البنت" لأن جدتها وهي البنت تسقط الأخ من الأم ومن ورث الأقرب جعله لبنت الأخ. وحكى هذا في الترغيب رواية فقال الإرث للجهة القربى مطلقا.
وفي الروضة ابن بنت وابن أخت لأم له السدس ولابن البنت النصف والمال بينهما على أربعة والقول الأول ظاهر كلام أحمد نقل عنه

(6/190)


والجهات أربع الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة وذكر أبو الخطاب العمومة جهة خامسة وهو مفض إلى إسقاط بنت العم من الأبوين ببنت العم من الأم وبنت العمة،
__________
جماعة في خالة وبنت خالة وبنت ابن عم للخالة الثلث ولابنة ابن العم الثلثان ولا تعطى بنت الخالة شيئا ونقل عنه حنبل أنه قال قال سفيان قولا حسنا إذا كانت خالة وبنت ابن عم تعطى الخالة الثلث وبنت ابن العم الثلثين.
فرع: إذا انفرد واحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله وإن كانوا جماعة فأدلوا بشخص واحد كخالة وأم أبي أم وابن خال فالمال للخالة لأنها تلقى الأم بأول درجة في قول عامة المنزلين إلا أنه حكي عن النخعي وشريك في قرابة الأم خاصة فإنهم أماتوا الأم وجعلوا نصيبها لورثتها ويسمى قولهم قول من أمات السبب واستعمله بعض الفرضيين في جميع ذوي الأرحام.
"والجهات" التي يرث بها ذوو الأرحام "أربع الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة" لأن المدلى به لا يخرج عن ذلك.
والمجزوم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع واختاره المؤلف آخرا أنها ثلاث وأن الأخوة ليست منها فعلى هذا يرث أسبقهم إلى الوارث قال في الشرح وهو أولى إن شاء الله تعالى وما ذكره المؤلف هنا هو قول في المذهب فعلى هذا العم يدلي بالأبوة والخال يدلي بالأمومة وبنات الابن بالبنوة وبنات الأخت بالأخوة لكن يلزم عليه إسقاط بنت عمه مع بعدها كبنت أخ ويلزم على جهة البنوة إسقاطها لبنت بنت أخ.
"وذكر أبو الخطاب العمومة جهة خامسة" قال المؤلف لم أعلم أن أحدا من أصحابنا ولا من غيرهم عد الجهات وبينها إلا أبا الخطاب فإنه عدها خمس جهات.
"وهو مفض إلى إسقاط بنت العم من الأبوين ببنت العم من الأم وبنت العمة" لأن بنت العم من الأم وبنت العمة يدليان بالأب وبنت العم من

(6/191)


وما نعلم به قائلا ومن أمت بقرابتين ورث بهما،
__________
الأبوين تدلي بأبيها وهو عم والأب يسقط العم.
"وما نعلم به قائلا" وهو خلاف نص أحمد مع أنه ذكر في المغني أن قوله قياس قول محمد بن سالم لأنها بعد درجتين بمنزلة الأب والأب يسقط العم.
فعلى المذهب البنوة كلها جهة واحدة وعنه: كل ولد للصلب جهة قال في المحرر وهي الصحيحة عندي وعنه: كل وارث جهة فإن كانت بنت بنت بنت وبنت بنت ابن فالمال بينهما على أربعة إن قلنا: كل ولد للصلب جهة وعلى المذهب المال للثانية لسبقها إلى الوارث ولو كان معهما بنت بنت بنت أخرى فالمال لولد بنت الصلب على الأولى: عمة وابن خال له الثلث ولها الباقي وإن كان معهما خالة أم سقط بها ابن الخال وكان لها السدس والباقي للعمة على المذهب.
وإن قلنا: كل وارث جهة فلا شيء للخالة وإذا كان خالة أم وخالة أب فالمال لهما بالسوية كجدتين فإن كان معهما أم أبي أم أسقطتهما عند من جعل كل وارث جهة. وعلى المذهب تسقط هي دونهما.
وإذا كان ابن ابن أخت لأم وبنت ابن بنت أخ لأب فله السدس ولها الباقي ويلزم من جعل الإخوة جهة أن يجعل المال للبنت وهو بعيد جدا حيث يجعل أختين أهل جهة واحدة.
بنت بنت بنت وبنت بنت بنت بنت وبنت أخ المال بين الأولى: و الثالثة: وسقطت الثانية إلا عند محمد بن سالم ونعيم فإنها تشاركهما ومن ورث الأقرب جعله لبنت الأخ لأنها أسبق وعند أهل القرابة هو للأولى وحدها لأنها من ولد الميت وهي أقرب من الثانية.
"ومن أمت" أي: أدلى "بقرابتين" من ذوي الأرحام "ورث بهما" بإجماع من

(6/192)


فإن كان معهم أحد الزوجين أعطيته فرضه غيرمحجوب ولا معاول وقسمت الباقي بينهم كما لو انفردوا.
__________
المورثين إلا ما يحكى عن أبي يوسف أنهم لا يورثون إلا بقرابة واحدة ولا يصح في نفسه ولا عنه لأنه شخص له جهتان لا يرجح بهما كالأخ إذا كان ابن عم وحسابه أن يجعل ذا القرابتين كشخصين وعنه: يرث بأقواهما فنقول في ابن بنت بنت هو ابن بنت أخرى وبنت بنت بنت أخرى للابن الثلثان وللبنت الثلث فإن كانت أمهما واحدة فله ثلاثة أرباع المال عند من سوى ولأخته الربع ومن فضل جعل له النصف والثلث ولأخته السدس هذا قول أكثر المنزلين.
بنتا أخت من أم إحداهما بنت أخ من أب وبنت أخ من الأبوين هي من اثني عشر ستة لبنت الأخت من الأبوين وأربعة لذات القرابتين من جهة أبيها ولها سهم من جهة أمها وللأخرى سهم عمتان من أب إحداهما خالة من أم وخالة من أبوين هي من اثني عشر لذات القرابتين خمسة وللعمة الأخرى أربعة وللخالة من الأبوين ثلاثة فإن كان معهم عم من أم هو خال من أب صحت من تسعين.
"فإن كان معهم أحد الزوجين أعطيته فرضه" للآيتين السابقتين "غيرمحجوب ولا معاول" قال في المغني لا أعلم خلافا بين من ورثهم أنهم يرثون مع أحد الزوجين ما فضل عن ميراثه من غيرحجب ولا معاولة لأن الله تعالى فرض للزوج والزوجة ونص عليهما ولا يحجبان بذوي الأرحام وهم غير منصوص عليهم انتهى.
ولأن ذا الرحم لا يرث مع ذي فرض وإنما ورث معه هنا لكون أن احد الزوجين لا يرد عليه "وقسمت الباقي بينهم كما لو انفردوا" قاله إمامنا وأبو عبيد وعامة من ورثهم لأن صاحب الفرض أخذ فرضه كأن الميت لم يخلف إلا ذلك.

(6/193)


ويحتمل أن يقسم الفاضل عن الزوج بينهم كما يقسم بين من أدلوا به فإذا خلفت زوجا وبنت بنت وبنت أخت فللزوج النصف والباقي بينهما نصفين على الوجه الأول وعلى الآخر يقسم بينهما على ثلاثة لبنت البنت سهمان ولبنت الأخت سهم،
__________
"ويحتمل أن يقسم الفاضل عن الزوج بينهم كما يقسم بين من أدلوا به" وهو قول يحيى بن آدم وضرار وظاهر الخرقي وذكره في التعليق والواضح لأنه الأصل الذي وقع به إرثهم ولا يعول من مسائل ذوي الأرحام إلا مسألة واحدة وشبهها وهذا الخلاف إنما يقع في مسألة فيها من يدلي بذي فرض ومن يدلي بعصبة فأما إن أدلى جميعهم بذي فرض أو عصبة فلا خلاف فيه قاله في المغني والشرح.
"فإذا خلفت زوجا وبنت بنت وبنت أخت" لأبوين أو لأب "فللزوج النصف والباقي بينهما نصفين على الوجه الأول" وهو المذهب وتصح من أربعة "وعلى الآخر يقسم بينهما على ثلاثة لبنت البنت سهمان ولبنت الأخت سهم" وتصح من ستة فلو كان زوجة وبنت بنت وبنت أخت لأب فللزوجة الربع والباقي بينهما نصفين على المنصوص وتصح من ثمانية وعلى الثاني البقية بينهما على سبعة لبنت البنت أربعة وللأخرى ثلاثة وتصح من ثمانية وعشرين فتضرب سبعة في أربعة.
مسألة: زوجةوابنتا ابنتين وابنتا أختين للزوجة الربع ولبنتي البنتين ثلثا الباقي وهو النصف ولبنتي الأختين الباقي وهو الربع وتصح من ثمانية وعلى الآخر تفرض المسألة من ثمانية للزوجة الثمن وللبنتين الثلثان وليس لها ثلثان فتضربها في ثلاثة تكن أربعة وعشرين للزوجة الثمن وللبنتين ستة عشر ولبنتي الأختين الباقي وهو خمسة ثم تعطي الزوجة الربع وتقسم الباقي على أحد وعشرين سهما للبنتين ستة عشر ولبنتي الأختين خمسة والأحد وعشرون ثلاثة أرباع تكملها بأن تزيد عليها سبعة تكن ثمانية وعشرين للزوجة سبعة وللبنتين ستة عشر ولبنتي الأختين خمسة لا تنقسم عليها فتضربها في اثنين تكن ستة

(6/194)


ولا يعول من مسائل ذوي الأرحام إلا مسألة واحدة وشبهها وهي خالة وست بنات ست أخوات متفرقات تعول إلى سبعة.
__________
وخمسين ومنها تصح.
"ولا يعول من مسائل ذوي الأرحام إلا مسألة واحدة وشبهها" وهي أصل ستة "وهي خالة وست بنات ست أخوات متفرقات" للخالة السدس لأنها تدلي بالأم ولبنتي الأخت من الأم الثلث ولبنتي الأختين من الأبوين الثلثان أربعة "تعول إلى سبعة" لأن العول الزائد على هذا لا يكون إلا لأحد الزوجين وليس ذلك في ذوي الأرحام وقوله وشبهها أي: ليس العول مختصا بعين هذه المسألة بل يجري فيها وفي كل مسألة فيها من يقوم مقام الأم أو الجدة ومن يقوم مقام الأخوات المفترقات ممن يأخذالمال كله بالفرض كخالة أو أبي أم وبنت أخ لأم وثلاث بنات ثلاث أخوات متفرقات.

(6/195)


باب ميراث الحمل
إذا مات عن حمل يرثه وطالب بقية الورثة بالقسمة،
__________
باب ميرات الحمل
الحمل بفتح الحاء ما في بطن الحبلى وبكسرها ما يحمل على ظهر أو رأس وفي حمل الشجرة قولان حكاهما ابن دريد ويقال امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى فإذا حملت شيئا على ظهرها أو رأسها فهي حاملة لاغير.
"إذا مات عن حمل يرثه" وقف الأمر حتى يتبين فإن امتنعوا "وطالب بقية الورثة بالقسمة" أجيبوا إليها ولم يعطوا كل المال بغير خلاف فيدفع إلى من لا ينقصه الحمل كمال ميراثه وإلى من ينقصه أقل ميراثه ولا يدفع إلى من يسقط شيء فأما من يشاركه فأكثر أهل العلم قالوا يوقف للحمل شيء ويدفع إلى شركائه الباقي.

(6/195)


وقفت نصيب ذكرين إن كان نصيبهما أكثر وإلا وقفت نصيب ابنتين،
__________
نادرة: حكى الماوردي قال أخبرني رجل من أهل اليمن ورد طالبا للعلم وكان من أهل الدين والفضل أن امرأة من اليمن وضعت شيئا كالكرش فظن أن لا ولد فيه فألقي على قارعة الطريق فلما طلعت الشمس وحمي تحرك فأخذ فشق فخرج منه سبعة أولاد ذكور وعاشوا جميعا وكانوا خلقا سويا إلا أنه كان في أعضادهم قصر قال وصارعني أحدهم فصرعني فكنت أعير به ويقال صرعك سبع رجل.
قال المؤلف: وأخبرني من أثق به سنة ثمان أو تسع وستمائة عن رجل ضرير بدمشق أنه قال ولدت امرأتي سبعة في بطن واحد ذكورا وإناثا وأجيب بأن هذا نادر فلا يعول عليه ولا يجوز منع الميراث من أجله كما لو لم يكن بالمرأة حمل.
"وقفت نصيب ذكرين" لأن ولادة التوأمين كثير معتاد فلم يجز النقصان عنه لأنه معتاد ولا الزيادة عليه لأنه نادر "إن كان نصيبهما أكثر" كرجل مات عن امرأة وابن وحمل فمسألته من ثمانية وتصح من أربعة وعشرين للذكرين أربعة عشر وهو أكثر من نصيب ابنتين "وإلا وقفت نصيب ابنتين" أي: إن كان نصيبهما أكثر كرجل مات عن امرأة وأبوين وحمل فمسألته من أربعة وعشرين وتصح من سبعة وعشرين للابنتين منها ستة عشر وهو أكثر من نصيب ذكرين.
وضابطه: أن الفروض متى زادت على ثلث المال فميراث الإناث أكثر وهذا هو المروي عن أحمد وقاله محمد ابن الحسن واللؤلؤي وقال شريك ووافقه جماعة إنه يوقف نصيب أربعة وقال الليث وأبو يوسف ويوقف نصيب غلام ويؤخذ ضمين من الورثة وعلى المذهب يشترط لوقف النصيب المذكور كونه وارثا وأن يطلب بقية الورثة القسمة وقد ذكره المؤلف فإن لم يطلبوها بقي الأمر على حاله إلى الوضع وهذا ظاهر.

(6/196)


ودفعت إلى من لا يحجبه الحمل أقل ميراثه ولا يدفع إلى من يسقطه شيئا فإذا وضع الحمل دفعت إليه نصيبه ورددت الباقي إلى مستحقه،
__________
"ودفعت إلى من لا يحجبه الحمل أقل ميراثه" لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه كرجل مات عن امرأة وحمل فبتقدير خروجه حيا لها الثمن وبتقدير خروجه ميتا لها الربع فيدفع إليها الثمن لأنه أقل.
"ولا يدفع إلى من يسقطه شيئا" لأن الظاهر خروج الحمل حيا وهو يسقط الموجود فلم يدفع إليه مع الشك في استحقاقه كرجل خلف امرأة وحملا وثلاث أخوات مفترقات فالولد الذكر يسقط الأخوات من كل جانب وهو يحتمل أن يكون ذكرا.
"فإذا وضع الحمل دفعت إليه نصيبه" لأنه حقه "ورددت الباقي إلى مستحقه" لأن ذلك حقهم لكن إن كان يرث الموقوف كله كما في المسألتين أخذه كله وإن أعوز شيئا رجع على من في يده وهل يجري في حول الزكاة كما قاله ابن حمدان من موته لحكمنا له بالملك ظاهرا حتى منعنا باقي الورثة أو الآن كما هو ظاهر كلام الأكثر وجزم به المجد في زكاة مال الصبي فيه وجهان ذكرهما أبو المعالي.
قال ولو وصى لحمل ومات فوضعت لدون ستة أشهر وقبل وليه ملك المال وهل ينعقد حوله من الموت أو القبول فيه خلاف في حصول الملك وإن لم تكن توطأ فوضعت لمضي أربع سنين و قلنا: تصح الوصية له ففي وجوب زكاة ما مضى من المدة قبل الوضع وجهان.
تنبيه: اعلم أنه ربما يكون الحمل لا يرث إلا إذا كان ذكرا مثل أن يكون من جد الميت أو عمه أو أخيه كبنت وعم وامرأة أخ حامل للبنت النصف والباقي موقوف في قولهم جميعا وربما كان الحمل لا يرث إلا إذا كان أنثى كزوج وأخت لأبوين وامرأة أب حامل يوقف سهمه من سبعة فإن ولدته أنثى أخذته وإن ولدته ذكرا أو ذكرين أو ذكرا وأنثى اقتسمه الزوج والأخت،

(6/197)


فصل
وإذا استهل المولود صارخا ورث وورث وفي معناه العطاس والتنفس والارتضاع
__________
وكذلك إن تركت أختا لأب لم يدفع إليها شيء لجواز أن تلد ذكرا فيسقطها.
فصل
"وإذا استهل المولود صارخا" سمي الصراخ استهلالا تجوزا وأصله أن الناس إذا رأوا الهلال صاحوا عند رؤيته واجتمعوا فأراه بعضهم بعضا فسمي الصوت عند استهلال الهلال استهلالا ثم سمي الصوت من المولود استهلالا عند وجود شيء يجتمع له ويفرح به
وفسر الجوهري الاستهلال بالصراخ وكذا المؤلف لينبه بذلك على حياته وفيه شيء لأنه إن جعل حالا كان فيه إشعار بانفكاك الاستهلال عنه وكذا إن جعل تمييزا لأنه لا يأتي إلا بعد ما يحتمل الأمرين والتفسير يأباه والأظهر أنه حال مؤكدةكقوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
"ورث وورث" نقله أبو طالب وفي الروضة وهو الصحيح عندنا وهو قول ابن عباس والحسن وابن سيرين لما روى أبو هريرة مرفوعا قال إذا استهل المولود ورث رواه أبو داود وعن جابر نحوه رواه ابن ماجه فدل أنه لا يرث بغير الاستهلال وفي لفظ ذكره ابن سراقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الصبي "إذا وقع صارخا فاستهل ورث وتمت ديته وسمي وصلي عليه وإن وقع حيا ولم يستهل لم تتم ديته وفيه غرة على العاقلة".
"وفي معناه العطاس والتنفس والارتضاع" وكذا في المحرر والوجيز وزاد البكاء روى يوسف بن موسى عن أحمد أنه قال يرث السقط ويورث إذا استهل فقيل له ما الاستهلال قال إذا صاح أو عطس أو بكى.
فعلى هذا كل صوت يوجد منه تعلم به حياته فهو استهلال وقاله الزهري

(6/198)


وما يدل على الحياة وأما الحركة والاختلاج فلا تدل على الحياة وإن ظهر بعضه فاستهل ثم انفصل ميتا لم يرث وعنه: يرث وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما وأشكل أقرع بينهما فمن خرجت قرعته فهو المستهل.
__________
والقاسم علمت به حياته أشبه الصراخ وعنه: إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ورث وثبت له أحكام المستهل وقاله الثوري وغيره ولأن ما ذكر في معنى الاستهلال فثبت له حكمه.
"وما يدل على الحياة" كالبكاء والحركة الطويلة ولو قال وإذا استهل المولود كالكافي لكان أولى لكن خصه طائفة بأنه لا يرث إلا إذا استهل صارخا وذلك مقيد بأمرين:
أحدهما: أن يعلم أنه كان موجودا حال الموت وهو أن تأتي به لأقل من ستة أشهر فإن أتت به لأكثر وكان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث إلا أن يقر الورثة به.
الثاني: أن تضعه حيا فإن وضعته ميتا لم يرث إجماعا.
"وأما الحركة" اليسيرة "والاختلاج فلا تدل على الحياة" فإن اللحم يختلج لا سيما إذا خرج من مكان ضيق فتضامت أجزاؤه ثم خرج إلى مكان فسيح فإنه يتحرك وإن لم تكن فيه حياة ثم إن كانت فيه حياة فلا يعلم كونها مستقرة لاحتمال أن تكون كحركة المذبوح فإن غالب الحيوانات تتحرك بعد الذبح حركة شديدة وهو في حكم الميت قاله في المغني والشرح ونقل ابن الحكم إذا تحرك ففيه الدية كاملة ولا يرث ولا يورث حتى يستهل.
"وإن ظهر بعضه فاستهل ثم انفصل ميتا لم يرث" في ظاهر المذهب لأنه لم يثبت له أحكام الدنيا وهو حي أشبه ما لو مات في بطن أمه "وعنه: يرث" لما تقدم ولأنه علمت حياته "وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما وأشكل أقرع بينهما فمن خرجت قرعته فهو المستهل" قاله القاضي وهو المذهب لأنه لا مزية لأحدهما كطلاق إحدى نسائه والسفر بها والبداءة بالقسم لها وفي الخبري ليس في هذا عن السلف نص وقال الفرضيون:

(6/199)


.......................................................
__________
تعمل المسألة على الحالين ويعطى كل وارث اليقين ويوقف الباقي حتى يصطلحوا عليه وقيل: يقسم بينهم على حسب الاحتمال وعلى الأول محله ما إذا اختلف ميراثهما بأن كان ذكرا وأنثى فإن كانا ذكرين أو عكسه فلا فرق.
تمام: رجل خلف أمه وأخاه وأم ولد حاملا منه فولدت توأمين ذكرا وأنثى فاستهل أحدهما ولم يعلم فالجواب إن كان الابن المستهل فللأم السدس والباقي له ترث أمه الثلث والباقي للعم.
فعلى هذا تضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشرة ثلاثة لأم الميت ولأم الولد خمسة وللعم عشرة وإن كانت البنت فهي من ستة وتموت عن ثلاثة لأمها سهم ولعمها سهمان والستة تدخل في الثمانية عشر فمن له شيء من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة فسدس الأم لا يتغير وللعم من الستة أربعة في ثلاثة اثني عشر وله من الثمانية عشر عشرة في واحد فهذا اليقين فيأخذه ولأم الولد خمسة في سهم وسهم في ثلاثة فتأخذها وتقف سهمين بين الأخ وأم الولد حتى يصطلحا عليهما.
فرع: إذا مات كافر عن حمل منه لم يرثه نص عليه لحكمه بإسلامه قبل وضعه وقيل: يرثه وهو أظهر لعدم تقدم الإسلام واختلاف الدين ليس من جهته كالطلاق في المرض ولأنه يرث إجماعا فلا يسقط بمختلف فيه وهو الإسلام وكذا إن كان من كافر غيره فأسلمت أمه قبل وضعه مثل أن يخلف أمه حاملا من غيرأبيه وفي الرعاية احتمال بأنه يرث حيث ثبت النسب.
فائدة: إذا زوج أمته بحر فأحبلها فقال السيد إن كان حملك ذكرا فأنت وهو قنان وإلا حران فهي القائلة إن ألد ذكرا لم أرث ولم ترث وإلا ورثنا ومن خلفت زوجا وأما وإخوة لأم وامرأة أب حاملا فهي القائلة إن ألد أنثى ورثت لا ذكرا.

(6/200)


باب ميراث المفقود
وإذا انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة ونحوها انتظر به تمام تسعين من يوم ولد وعنه: ينتظر أبداً،
__________
باب ميراث المفقود
هو اسم مفعول من فقدت الشيء أفقده فقدا وفقدانا بكسر الفاء وضمها.
"وإذا انقطع خبره" أي: لم يعلم "لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة ونحوها" كالسياحة وطلب العلم والأسر "انتظر به تمام" أي: تتمة "تسعين سنة من يوم ولد" هذا أشهر الروايتين قاله في المستوعب وهو قول عبدالملك بن الماجشون لأن الأصل الحياة والغالب أن لا يعيش أكثر منها.
"وعنه: ينتظر أبدا" فلا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى يعلم موته أو تمضي مدة لا يعيش في مثلها فيجتهد الحاكم وقاله أكثر العلماء لأن التقدير لا يصار إليه إلا بنص وهو منتف هنا وكغيبة ابن تسعين سنة ذكره في الترغيب وعنه: ينتظر أبدا حتى يتيقن موته وعنه: زمنا لا يعيش مثله غالبا اختاره أبو بكر وغيره وقال عبدالله بن الحكم ينتظر به تمام سبعين سنة مع سنة يوم فقد لأثر وقال ابن رزين يحتمل عندي أربع سنين لقضاء عمر وفيه شيء لأنه إنما هو في مهلكة.
وقال ابن عقيل مائة وعشرين سنة منذ ولد وهو قول الحسن بن زياد فلو فقد وهو ابن ستين لم يقسم ماله حتى تمضي عليه ستون سنة أخرى فيقسم حينئذ بين ورثته إن كانوا أحياء وإن مات بعضهم قبل مضي مائة وعشرين سنة وخلف ورثة لم يكن له شيء من مال المفقود وكان ماله للأحياء منهم فإن مضت المدة ولم يعلم خبر المفقود رد الموقوف إلى ورثة موروث المفقود ولم يكن لورثة المفقود وحكى الخبري أنه الصحيح عنده والذي ذكرناه حكاه ابن اللبان عن اللؤلؤي.

(6/201)


وإن كان ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله أو في مفازة كالحجاز أو بين الصفين حال الحرب أو في البحر إذا غرقت سفينته انتظر به تمام أربع سنين ثم يقسم ماله وعنه: التوقف فإن مات موروثه في مدة التربص دفع إلى كل وارث اليقين
__________
"وإن كان ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله" كمن يخرج إلى الصلاة أو في حاجة قريبة فلا يعود "أو في مفازة" هي واحدة المفاوز قال ابن الأعرابي سميت به تفاؤلا بالسلامة ويجوز أن يكون سميت مفازة من فاز يفوز إذا مات حكاها ابن القطاع فيكون من الأضداد.
"مهلكة" بفتح الميم واللام ويجوز كسرها حكاهما أبو السعادات ويجوز ضم الميم مع كسر اللام اسم فاعل من أهلكت فهي مهلكة وهي أرض يكثر فيها الهلاك "كالحجاز أو بين الصفين حال الحرب أو في البحر إذا غرقت سفينته" فسلم قوم دون آخرين "انتظر به تمام أربع سنين" لأنها أكثر مدة الحمل.
"ثم يقسم ماله" على المذهب نص عليه واختاره الأكثر لأن الصحابة اتفقوا على اعتداد امرأته وحلها للأزواج وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط للأبضاع ففي المال أولى لأن الظاهر هلاكه أشبه ما لو مضت مدة لا يعيش مثلها وعنه: مع أربعة أشهر وعشرا لأنه الوقت الذي يباح لامرأة التزوج فيه ذكره القاضي وعنه: هو كالقسم قبله وفي الواضح وعنه: زمنا لا يجوز مثله وقيل: تسعين والأول أصح وظاهره: لا فرق في ذلك بين الحر والعبد يؤيده ما نقل الميموني في عبد مفقود الظاهر أنه كالحر ونقل مهنا وأبو طالب هو على النصف.
فرع يزكى المال قبل قسمه بين الورثة لما مضى نص عليه.
"وعنه: التوقف" في أمره وقال قد هبت الجواب فيها وكأني أحب السلامة ولأن حياته وموته متعارضان فوجب التوقف والمذهب الأول ولم يفرق سائر أهل العلم بين صور الفقدان.
"فإن مات موروثه في مدة التربص دفع إلى كل وارث اليقين" هذا مذهب

(6/202)


ووقف الباقي فإن قدم أخذ نصيبه وإن لم يأت فحكمه حكم ماله،
__________
أحمد وأكثر العلماء لأنه مستحق له على كل تقدير.
"ووقف الباقي" حتى يتبين أمره أو تمضي مدة الانتظار لأنه لا يعلم مستحقه أشبه بالذي ينقص نصيبه بالحمل فتعمل المسألة بأنه حي ثم بأنه ميت ثم اضرب أحدهما أو وفقها في الأخرى واجتزئ بإحداهما إن كان ثلثا أو بأكثرهما إن تناسبتا ويأخذ اليقين الوارث منهما ومن كان ساقطا في إحداهما لم يأخذ شيئا.
زوج وأم وأخت وجد وأخ مفقود مسألة الموت من سبعة وعشرين الأكدرية ومسألة الحياة من ثمانية عشر وهما يتفقان بالأتساع فتبلغ بالضرب أربعةوخمسين للزوج النصف من مسألة الحياة والثلث من مسألة الموت فيعطى الثلث وللأم التسعان من مسألة الموت والسدس من مسألة الحياة فتعطى السدس وللجد ستة عشر سهما من مسألة الموت وتسعة من مسألة الحياة فيعطى التسعة وللأخت ثمانية من مسألة الموت وثلاثة من مسألة الحياة تبقى خمسة عشر موقوفة أخذت الأم ثلاثة والأخت خمسة والجد سبعة على رواية رد الموقوف إلى ورثة الأول.
وعلى رواية قسمة نصيبه مما وقف على ورثته وهي ستة لأنه ورث مثلا الأخت يبقى تسعة والمعروف أنهما وجهان وقيل: وهو الأصح عند المجد وظاهر قول الوني أن تعمل المسألة على تقدير حياته فقط وتقف نصيبه إن ورث وفي أخذ ضمين ممن معه زيادة وجهان.
"فإن قدم أخذ نصيبه" لأنه وقف من أجله وهو المستحق له فوجب أن يأخذه كما لو كان غير مفقود "وإن لم يأت فحكمه حكم ماله" لأنه محكوم له به أشبه سائر ماله.
والحاصل: أنه متى بان المفقود حيا يوم موت موروثه فله حقه والباقي لمستحقه وإن بان ميتا فالموقوف لورثة الميت وفي المغني وغيره وكذا إن

(6/203)


ولباقي الورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيبه فيقسموه،
__________
جهل وقت موته وإن انقضت مدة تربص ولم يتبين شيء قسم ما وقف للمفقود على ورثته يومئذ كسائر ماله لأنه محكوم بحياته جزم به في الكافي والوجيز وصححه في المحرر وقيل: يرد إلى ورثة الأول جزم به صاحب المجرد والتهذيب والفصول والمستوعب والمغني لأنه مشكوك في حياته حين مات موروثه فلا يثبت بالشك كالجنين فعلى هذا لا يجوز في مدة التربص أن يقضي منه دينه ولا ينفق على زوجته أو بهيمته وعلى الأول يجوز كسائر ماله.
"ولباقي الورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيبه فيقسموه" اختاره ابن اللبان وهو الصحيح لأنه حقهم لا يخرج عنهم وأنكر ذلك الوني وقال لا فائدة: أن ينقص بعض الورثة عما يستحقه في مسألة الحياة وهي متيقنة ثم يقال له لك أن تصالح على بعضه بل إن جاز ذلك فالأولى أن تقسم المسألة على تقدير الحياة وتقف نصيب المفقود لاغير وإن لم يرتضه المؤلف لأن إباحة الصلح عليه لا تمنع وجوب وقفه ووجوب وقفه لا يمنع الصلح عليه كذلك ولأن تجويز أخذ الإنسان حق غيره برضاه وصلحه لا يلزم منه جواز أخذه بغير إذنه وحينئذ لهم أن يصطلحوا على كل الموقوف إن حجب أحدا ولم يرث أو كان أخا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين.
تنبيه: إذا قسم ماله ثم قدم أخذ ما وجده بعينه والتالف ليس بمضمون نص عليه في رواية ابن منصور وقدمها في الرعاية واختاره جمع لأنه إنما قسم بحق لهم وعنه: مضمون صححها ابن عقيل وغيره وجزم به المؤلف وإن حصل لأسير من وقف تسلمه وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه بعد جميعا واختار في الفروع يكفي وكيله وهو ظاهر ومن أشكل نسبه فكمفقود ومفقودان فأكثر كخناثى في تنزيل.

(6/204)


باب ميراث الخنثى
وهو الذي له ذكر وفرج امرأة فيعتبر بمباله فإن بال أو سبق بوله من ذكره فهو رجل وإن سبق من فرجه فهو امرأة وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما،
__________
باب ميراث الخنثى
وجمعه الخناثى كالحبالى.
"وهو الذي له ذكر وفرج امرأة" وكذا قاله الجوهري وفي المغني والشرح أوله ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول "فيعتبر بمباله" قال ابن المنذر وهو إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهو امرأة وفيه حديث مرفوع رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ولأن خروج البول أعم العلامات لوجودها في الصغير والكبير وسائر العلامات إنما توجد بعد الكبر كنبات اللحية وخروج المني والحيض وأول من قضى فيه بذلك عامر بن ظرب العدواني
"فإن بال أو سبق بوله من ذكره فهو رجل وإن سبق من فرجه فهو امرأة" نص عليه أي: إذا بال من أحدهما أو سبق بوله منه فالحكم له.
"وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما" في الأصح قال ابن حمدان قدرا وعددا لأن له تأثيرا.
والثاني: لا يعتبر أكثرهما ونقله ابن هانئ وهو ظاهر كلام أبي الفرج وغيره لأن الخرق الذي يكون في مجرى البول قد يكون متسعا بحيث لا يتجاوزه إلا يسيرا وهل يعتبر السبق في الانقطاع فيه روايتان وفي التبصرة يعتبر أطولهما خروجا ونقله أبو طالب لأن بوله يمتد وبولها يسيل وقدم ابن عقيل الكثرة على السبق وقال هو والقاضي: إن خرجا معا حكم للمتأخر أي: لآخرهما انقطاعا وقال جابر بن زيد: يوقف إلى فإن بال عليه فهو رجل وإن سلسل بين فخذيه فهو امرأة والمذهب

(6/205)


فإن استويا فهو مشكل فإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير أعطي هو ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يبلغ فيظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المني من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه وإن يئس من ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه أعطي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى،
__________
الأول لأن الكثرة مزية لإحدى العلامتين فيعتبر بها كالسبق.
"فإن استويا" في وجود البول منهما وعدم سبقه وكثرته في أحدهما فهو مشكل لأنه لا مزية لأحد أمريه على الآخر "فإن كان يرجى انكشاف حاله وهو الصغير" واحتيج إلى قسم تركة من يرثه "أعطي هو ومن معه اليقين" أي: يعطى من يرث على تقدير ذكوريته وأنوثيته الأقل مما يرث فيهما ولا يعطى من يسقطه في أحد الحالين شيئا ومن لا يختلف ميراثه منهما يعطى حقه كاملا.
"ووقف الباقي حتى يبلغ" في قول الجمهور فيعمل بما ظهر من علامة رجل أو امرأة وهو يحصل بالسن أو الإنبات وبه ينكشف الأمر "فتظهر فيه علامات الرجال من نبات لحيته وخروج المني من ذكره أو علامات النساء من الحيض ونحوه" كتفلك ثدييه أو سقوطهما قال في الفروع وكذا إن حاض من فرجه وأنزل من ذكره فإن وجد أحدهما فوجهان وإن وجدا من مخرج واحد فلا ذكر ولا أنثى وفي الجامع لا في إرث ودية لأن للغير حقا وقيل: أو انتشر بوله على كثيب رمل أو اشتهى النساء فذكر والعكس بالعكس وقال علي والحسن البصري تعد أضلاعه فإن كانت ستة عشر فرجل وإن كانت سبعة عشر فأنثى لأن أضلاعها أكثر بواحد واختاره ابن أبي موسى قال ابن اللبان والأصحاب لو صح هذا لما وقع في الخنثى إشكال.
"وإن يئس منه بعد ذلك بموته أو عدم العلامات بعد بلوغه" أي: لم يظهر فيه شيء من العلامات المذكورة أو اختلطت فأمنى من كل من الفرجين فيسمى مشكلا وحينئذ "أعطي نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى" نص عليه وهو قول ابن عباس ولم يعرف له في الصحابة منكر وأهل مكة والمدينة

(6/206)


فإذا كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة وقال أصحابنا تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى ثم تضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى إن اتفقتا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتضربها في اثنين ثم من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى أو في وفقها،
__________
واللؤلؤي وخلق لأن حالتيه تساوتا فوجب التسوية بين حكمهما كما لو تداعى نفسان دارا بأيديهما ولا بينة لهما وليس نورثه بأسوإ حاله ولا سبيل إلى الوقف لأنه لا غاية له تنتظر وفيه تضييع مع تعين استحقاق الورثة له فيعطى هو نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى ويعطى من معه نصف ماله حالة الذكورية ونصف ماله حالة الأنوثية إلا أن يرث بأحدهما فيعطى نصفه وسواء كان الخنثى ومن معه يتزاحمان من جهتين مختلفتين كولد خنثى وعم يزاحم العم في تعصيبه ببنوته فيمنعه من أخذ الباقي والعم يزاحمه بعمومته في الزائد على فرض البنت أو كولد خنثى وأب أو من جهة واحدة كالأولاد والإخوة المتفقين.
"فإذا كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة" وهذا قول الثوري واللؤلؤي في هذه المسألة وفي كل مسألة فيها ولد إذا كان فيهم خنثى قال المؤلف وهذا قول لا بأس به لكن قال في المستوعب هذا لا يصح على أصلنا فإن كان مكان الابن أخ أو غيره من العصبات فله السدس والباقي بين الخنثى والبنت على خمسة.
"وقال: أصحابنا" ويسمى مذهب المنزلين "تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى" لأن له حالين فلم يكن بد من اعتبارهما "ثم تضرب إحداهما" إن تباينتا "أو وفقها في الأخرى إن اتفقتا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا وتضربها في اثنين ثم من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى أو في وفقها" ففي المتباين وهي مسألة المتن.

(6/207)


أو تجمع ماله منهما إن تماثلتا،
__________
مسألة: الذكورة من خمسة والأنوثة من أربعة فاضرب إحداهما في الأخرى تكن عشرين ثم في اثنين تكن أربعين للبنت سهم في خمسة وسهم في أربعة تسعة وللذكر ثمانية عشر وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة ثلاث عشر وهي دون ثلث الأربعين وعلى قول الثوري وهو يوافق قول الأصحاب في بعض المواضع ويخالف في بعضها فعلى قوله تكون المسألة من تسعة للخنثى الثلث وهو ثلاثة وعلى قول من ورثه بالدعوى فيما بقي بعد اليقين فوافق قول المنزلين في أكثر المواضع فإنه يقول في هذه المسألة للذكر الخمسان بيقين وذلك ستة عشر من أربعين وهو يدعي النصف عشرين وللبنت الخمس بيقين ثمانية وهي تدعي الربع وللخنثى الربع بيقين وهي يدعي الخمسين ستة عشر والمختلف فيه ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها فيعطيه نصفها ثلاثة مع العشرة التي معه صار له ثلاثة عشر والابن يدعي أربعة فيعطيه نصفها اثنين صار له ثمانية عشر والبنت تدعي سهمين فتدفع إليها سهما صار لها تسعة ومن ورثه بالدعوى من أصل المال فعلى قولهم يكون الميراث في هذه المسألة من ثلاثة وعشرين لأن المدعي هنا نصف وربع وخمسان مخرجهما من عشرين يعطى الابن النصف عشرة والبنت خمسة والخنثى ثمانية تكن ثلاثة وعشرين وفي التوافق زوج وأم وولد أب خنثى فالذكورية من ستة والأنوثية من ثمانية وبينهما موافقة فاضرب نصف أحدهما في الآخر تكن أربعة وعشرين ثم في اثنين تكن ثمانية وأربعين وفي التماثل زوجة وولد خنثى وعم فالذكورية من ثمانية والأنوثية كذلك فاجتزئ بإحداهما واضربها في حالين تكن ستة عشر.
وفي التناسب أم وبنت وولد خنثى وعم فالذكورية من ستة وتصح من ثمانية عشر والأنوثة من ستة وتصح منها وهي تناسب الأولى: بالثلث فاجتزئ بأكثرهما وهو ثمانية عشر فاضربها في حالين تكن ستة وثلاثين وتجمع.
"أو تجمع ماله منهما إن تماثلتا" فإن كان الخنثى يرث في حال دون حال،

(6/208)


وإن كانا خنثيين أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم وقال ابو الخطاب: تنزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا والأول أولى،
__________
كزوج وأخت لأبوين وولد أب خنثى فمقتضى قول الثوري أن يجعل للخنثى نصف ما يرثه في حال إرثه وهو نصف سهم فتضمه إلى سهام الباقين وهي ستة ثم تبسطها أيضا ليزول الكسر فيصير له ثلاثة عشر له منها سهم والباقي بين الزوج والأخت نصفين وقد عملها أبو الخطاب في الهداية على ذلك وأما في التنزيل فتصح من ثمانية وعشرين للخنثى سهمان وهي نصف سبع ولكل واحد من الآخرين ثلاثة عشر.
فائدة: الخناثى من الورثة ستة مسألة: الولد وولد الابن والأخ وولده والعم وولده فالزوجان والأبوان والجدان يتصور فيهم ذلك والخلاف يقع في ثلاثة الولد وولد الابن فالأخ وأما الباقي فليس للإناث منهم ميراث فيكون للخنثى منهم نصف ميراث ذكر بلا خلاف قاله الخبري.
"وإن كانا خنثيين أو أكثر نزلتهم بعدد أحوالهم" هذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو قول ابن أبي ليلى وضرار ويحيى بن آدم كإعطائهم اليقين قبل البلوغ فعلى هذا تجعل للاثنين أربعة أحوال لأنه يحتمل أن يكون كل منهم ذكرا وأن يكون كل منهم أنثى ويحتمل أن يكونوا ذكورا وأن يكونوا إناثا وللثلاثة ثمانية أو للأربعة ستة عشر وللخمسة اثنين وثلاثين ثم تجمع مالهم في الأحوال كلها فتقسمه على عدد أحوالهم فما خرج بالقسم فهو لهم إن كانوا من جهة واحدة وإن كانوا من جهات جمعت ما لكل واحد منهم في الأحوال وقسمته على عدد الأحوال كلها فالخارج بالقسم هو نصيبه.
"وقال ابو الخطاب" وفاقا لأبي يوسف "تنزلهم حالين مرة ذكورا ومرة إناثا" كما تصنع بالواحد "والأول أولى" لأنه يعطى كل واحد منهم بحسب ما فيه من الاحتمال فيعدل بينهم.
وعلى الثاني يعطى ببعض الاحتمالات دون بعض وهذا تحكم لا دليل عليه.

(6/209)


.....................................................
__________
ابن وخنثيان مسألة الذكورية من ثلاثة والأنوثية من أربعة وذكورية أحدهما وأنوثية الآخر من خمسة للمقدر ولورثته سهمان وللآخر سهم فاجتزئ بأحدهما لتماثلهما واضرب بقية الأحوال بعضها في بعض لتباينها تكن ستين ثم في الأحوال مائتين وأربعين فلهما في حال الذكورية ثلثا المال وهو أربعون وفي حال الأنوثة نصفه وهو ثلاثون وفي حال ذكورية أحدهما وأنوثية الآخر ثلاثة أخماسه وهو ستة وثلاثون وفي الحال الآخركذلك فإذا جمعت ذلك كان ما ذكرنا فاقسمه على أربعة تكن خمسة وثلاثين ونصفا لكل واحد سبعة عشر ونصف وربع ثم اضرب نصيب كل واحد في أربعة يصح لكل خنثى أحد وسبعون وللابن ثمانية وتسعون وعلى هذا فقس.
وإذا كان ولد خنثى وولد أخ خنثى وعم فإن كانا ذكرين فالمال للولد وإن كانا أنثيين فللبنت النصف والباقي للعم فهي من أربعة عند من نزلهم حالين للولد ثلاثة أرباع المال وللعم ربعه ومن نزلهم أحوالا كانت من ثمانية للولد المال في حالين والنصف في حالين فله ربع ذلك وهو ثلاثة أرباع المال ولولد الأخ نصف المال في حال فله ربعه وهو الثمن وللعم مثل ذلك وهذا أعدل ومن قال بالدعوى فيما زاد على اليقين قال للولد النصف يقينا والنصف الآخر يتداعونه فيكون المال بينهم أثلاثا وتصح من ستة وقد ذكر في المحرر حكم الخنثى وبينه بأحسن طريق وفصله أبلغ تفصيل فليراجع هناك.
فصل
قال المؤلف: وجدنا في عصرنا شبيها بالخنثى لم يذكره الفرضيون شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج ولا ذكر ولا فرج أما أحدهما فذكروا أنه ليس له في قبله إلا لحمة نابتة كالربوة يرشح منها البول رشحا على الدوام وأرسل إلينا فسألنا عن الصلاة والتحرز من النجاسة والثاني ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول وأخبرت عنه أنه يلبس لباس النساء،

(6/210)


ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة قال وحدثت أن في بعض بلاد العجم شخصا ليس له قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى لأنه لا يمكن اعتباره بمباله وإن لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل ينبغي أن يثبت له حكمه في ميراثه.

(6/211)


باب ميراث الغرقى ومن عمي موته
إذا مات متوارثان وجهل أولهما موتا كالغرقى والهدمى واختلف وراثهما في السابق منهما فقد نقل عن أحمد في امرأة وابنها ماتا فقال زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها أنه يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ويكون ميراث الابن لأبيه،
__________
باب ميراث الغرقى ومن عمي موته
أي خفي ولم يعلم وكان ينبغي للمؤلف أن يذكر هذا الباب عقب المفقود لأنه جهل يوجب التوقف في الإرث وهنا يوجب حرمانه في بعض الصور.
"إذا مات متوارثان فجهل أولهما موتا كالغرقى" هو جمع غريق كقتيل وجريح "والهدمى" يجوز أن يكون جمع هديم بمعنى مهدوم كجريح بمعنى مجروح قال ابن أبي الفتح ولم أر هذا منقولا "واختلف وراثهما في السابق منهما" أي: ادعى ورثة كل ميت سبق الآخر ولا بينة أو تعارضت البينة ولم يتوارثا نص عليه واختاره الأكثر وقال جماعة بلى وخرجوا منها المنع في جهلهم الحال اختاره الشيخ تقي الدين "فقد نقل عن أحمد في امرأة وابنها ماتا فقال: زوجها ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته لما ماتت فورثناها أنه يحلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه" لأن كل واحد منهما ينكر ما ادعي به عليه والمنكر عليه اليمين وهذا إذا لم تكن بينة.
"ويكون ميراث الابن لأبيه" لأنه وارثه الحي المتيقن وغيره مشكوك فيه

(6/211)


وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين ذكرها الخرقي وهذا يدل على أنه يقسم ميراث كل ميت على الأحياء من ورثته دون من مات معه وظاهر المذهب أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله دون ما ورثه من الميت معه ثم يقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما ورثه منه على الأحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني كذلك.
__________
"وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين" لأنهما اللذان يرثانها يقينا وغيرهما مشكوك فيه "ذكرها الخرقي" في الدعاوى وهو قول الصديق وزيد وابن عباس والحسن بن علي وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والزهري وأكثر العلماء وهو المنصوص "وهذا يدل على أنه يقسم ميراث كل ميت على الأحياء من ورثته دون من مات معه" وظاهره: أنه إذا مات المتوارثان معا وعلم الورثة ذلك فلا إرث صرح به في المحرر والفروع لأن من شرط توريثه كونه حيا حين موت الآخر.
"وظاهر المذهب" وقد نص عليه واختاره الأكثر "أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله" أي: ماله القديم الأصل دون ما ورثه من الميت معه وهو المستحدث ويقال له الطارف والطريف وسواء جهل الورثة كيف مات أو تحققوا السابق وجهلوا عينه.
"ثم يقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما ورثه منه على الأحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني كذلك" فيقدر أن المرأة ماتت أولا فورثها زوجها وابنها أرباعا ثم يأخذ ما ورثه الابن فيدفع لورثته الأحياء وهم الأب فيجتمع له جميع ماله ثم يقدر أن الابن مات أولا فورثه أبواه أثلاثا ثم يأخذ ثلث الأم فيقسمه بين ورثتها الأحياء وهم أخوها وزوجها نصفين فيحصل للأخ السدس من مال الابن قال أحمد: أذهب إلى قول عمر وعلي وشريح وإبراهيم والشعبي وحكاه في المغني والشرح عن جمع من التابعين ومن بعدهم قال الشعبي وقع الطاعون بالشام عام عمواس فجعل أهل البيت يموتون عن آخرهم فكتب في ذلك إلى عمر فأمر عمر أن يورثوا بعضهم من

(6/212)


....................................................
__________
بعض.
وروي عن إياس المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال: "يرث بعضهم بعضا" وحمل بعض الأصحاب نص أحمد الذي حكاه الخرقي اختصاصه بما إذا ادعى وارث كل ميت بأن موروثه كان آخرهما موتا فأما مع الجهل فيورث كل واحد منهما من الآخر لأن مع التداعي يتوجه اليمين على المدعى عليه بخلاف ما إذا اتفقوا على الجهل لكونها لا تشرع حينئذ.
واحتج في المغني والشرح للرواية الأولى: بما روى سعيد في سننه وحدثنا إسماعيل بن عويس عن يحيى بن سعيد أن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يرث بعضهم من بعض ورثوا عصبتهم الأحياء وقال ثنا عبدالعزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيهم أن أم كلثوم بنت علي توفيت هي وابنها زيد بن عمر فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه فلم ترثه ولم يرثها.
ولأن شرط التوارث حياة الوارث بعد موت الموروث وليس بمعلوم فلا يثبت مع الشك في شرطه ولأنه مشكوك في حياته حين يرث موروثه فلا يرثه كالحمل إذا وضعته ميتا ولا توريث كل واحد منهما خطأقطعا لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما معا أو يسبق أحدهما وتوريث السابق بالموت خطأ يقينا مخالف للإجماع فكيف يعمل به؟.
وقال أبو ثور وابن سريج وطائفة: يعطى كل وارث اليقين ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا وحكاه في الرعاية قولا وقال أبو بكر المال بينهما نصفان وأبطله في المغني بأنه يقتضي إلى أن يعطي الأخ ما لا يدعيه ولا يستحقه يقينا لأنه لا يدعي من مال الابن أكثر من سدسه ولا يمكن أن يستحق أكثر منه.
فرع: لو علم السابق ثم نسي فالحكم فيه كما لو جهل وقيل: بالقرعة قال الأزجي وإنما لم تجرالقرعة لعدم دخولها في النسب وقال الوني يعمل باليقين

(6/213)


فعلى هذا لو غرق أخوان أحدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو وصار كل واحد منهما لمولى الآخر وعلى القول الآخر يصير مال كل واحد منهما لمولاه وهو أحسن إن شاء الله تعالى.
__________
ويوقف مع الشك.
"فعلى هذا لو غرق أخوان أحدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو وصار مال كل واحد منهما لمولى الآخر" لأنه إذا قدر موت مولى زيد أولا استحق ميراثه يتحقق ميراثه أخوه ثم يدفع إلى ورثته الأحياء وهو مولاه صار مال مولى زيد لعمرو ثم هكذا يقدر في مولى عمرو.
"وعلى القول الآخر" وهو من لم يورث أحدهما من صاحبه "يصير مال كل واحد منهما لمولاه وهو أحسن إن شاء الله تعالى" لما تقدم ومن قال بالوقف وقف مالهما وإن ادعى كل واحد منهما أن مولاه آخرهما موتا حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وأخذ مال مولاه على ما ذكره الخرقي.
وإن كان لهما أخت فمن ورث كل واحد منهما من صاحبه جعل لها الثلثين من مال كل واحد منهما والنصف على القول الآخر.
وإن خلف كل واحد منهما زوجة وبنتا فمن لم يورث بعضهم من بعض صححها من ثمانية لامرأته الثمن ولابنته النصف والباقي لمولاه ومن ورثهم جعل الباقي لأخيه ثم قسمه بين ورثة أخيه على ثمانية ثم ضربها في الثمانية الأولى: فصحت من أربعة وستين لامرأته ثمانية ولابنته اثنان وثلاثون ولامرأة أخيه ثمن الباقي ثلاثة ولابنته اثنا عشر ولمولاه الباقي تسعة.
مسألة: لو عين الورثة وقت موت أحدهما وشكوا هل مات الآخر قبله أو بعده ورث من شك في موته من الآخر إذ الأصل بقاؤه وقيل: لا توارث بينهما بحال وهو بعيد ولو مات أخوان عند الزوال أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ورث الذي مات بالمغرب من الذي مات بالمشرق لموته قبله بناء على اختلاف الزوال قاله في الفائق.

(6/214)


باب ميراث أهل الملل
لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه.
__________
باب ميراث أهل الملل
وهو جمع ملة بكسر الميم إفراداً وجمعاً وهي الدين والشريعة.
"لا يرث المسلم الكافر" قال أحمد ليس بين الناس اختلاف فيه وهو قول جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية خلافه والعمل على الأول ولا فرق فيه بين أن يكون من نسب أو نكاح وصرح به في الوجيز وقيد الكافر بالأصلي وهومراد "ولا الكافر المسلم" إجماعا وسنده ما روى أسامة بن زيد مرفوعاً لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم متفق عليه.
ولأن الولاية بينهما منقطعة فلم يتوارثا "إلا أن يسلم قبل قسم ميراثه فيرثه" نقله الأثرم ومحمد بن الحكم واختاره الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما لما روى سعيد في سننه من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أسلم على شيء فهو له".
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه قسم الإسلام فإنه على قسم الإسلام" رواه أبو داود وابن ماجه وقضى به عمر وعثمان ورواه ابن عبدالبر في التمهيد ولم ينكر فكان إجماعا.
والحكمة فيه الترغيب في الإسلام والحث عليه فعلى هذا إن أسلم قبل قسم البعض ورث ما بقي فإن كان الوارث واحدا فتصرفه في التركة وحيازتها كقسمتها ذكره في المغني والشرح.
وظاهره: أنه إذا قسمت التركة وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له،

(6/215)


وعنه لا يرث وإن عتق عبد بعد موت موروثه وقبل القسم لم يرث وجها واحدا ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم وهم ثلاث.
__________
واستثنى الخرقي والمجد والجد الميراث بالولاء وهو ما إذا أعتق الكافر مسلما أو بالعكس فإنه يرثه بالولاء على المذهب لثبوته.
"وعنه: لا يرث" نقلها أبو طالب وصححها جماعة وقاله أكثر العلماء لقوله عليه السلام لا يرث المسلم الكافر الخبر ولأن الملك قد انتقل عنه بالموت فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا أو كان رقيقا فأعتق.
فعليها يرث عصبة سيده الموافق لدينه وورث الشيخ تقي الدين المسلم من ذمي لئلا يمتنع قريبه من الإسلام ولوجوب نصرهم ولا ينصروننا.
"وإن عتق عبد بعد موت موروثه وقبل القسم لم يرث وجها واحدا" نص عليه في رواية ابن الحكم وقاله جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم لأن مقتضى الدليل منعه مطلقا خرج منه ما سبق فبقي ما عداه على مقتضاه.
وعنه: يرث ذكرها ابن أبي موسى كمن أسلم وقاله ابن مسعود ومكحول وقتادة والأول أصح قال ابن حمدان والمذهب توريث من أسلم لا من عتق والفرق أن الإسلام أعظم الطاعات والقرب ورد الشرع بالتأليف عليه فورد الشرع بتوريثه ترغيبا له في الإسلام والعتق لا صنع له فيه ولا يحمد عليه فلم يصح قياسه عليه ولولا ما ورد من الأثر في توريث من أسلم لكان النظر أن لا يرث من لم يكن من أهل الميراث حين الموت.
فرع: لو ملك ابن عمه فدبره يعتق بموته ولم يرثه لأنه رقيق حين الموت وإن قال أنت حر في آخر حياتي عتق وورث في الأصح لحريته عند الموت.
"ويرث أهل الذمة بعضهم بعضا إن اتفقت أديانهم" لا نعلم فيه خلافا وهم ثلاث وإن اختلفت لم يتوارثوا وعنه: يتوارثون لأن المانع من الإرث اختلاف الدين وهو منتف لكن لا فرق بين أهل الذمة وغيرهم من الكفار في ذلك لمفهوم حديث أسامة "وهم ثلاث ملل" هذا رواية "اليهودية

(6/216)


ملل اليهودية والنصرانية ودين سائرهم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا وعنه: بتوارثون.
ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا ذكره القاضي.
__________
والنصرانية" لأن كلا منهما له كتاب وأحكام وشرائع غيرالأخرى "ودين سائرهم" أي: باقيهم كالمجوس وعبدة الأوثان فإنهم ملة واحدة لأنه يشملهم بأنه لا كتاب لهم وهذا قول شريح وعطاء وجمع.
واختاره القاضي وعامة الأصحاب وجزم به في الوجيز لما روى عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين شيئا" رواه أبو داود ولأن الموالاة منقطعة بينهم أشبه اختلافهم بالكفر والإسلام.
وعنه: الكفر ملل مختلفة اختاره أبو بكر والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وقدمه في الفروع وهو قول كثير من العلماء لأن الخبر المذكور ينفي توارثهم ولم نسمع عن أحمد تصريحا بذكر انقسام الملك.
فعلى هذا لا توارث بينها قال في المغني والشرح يحتمل أن تكون مللا كثيرة فتكون المجوسية ملة وعبدة الأوثان ملة وعباد الشمس ملة قال في المغني وهو أصح لأن كل فريقين منهم لا موالاة بينهم ولا اتفاق في دين وقول من حصر الملة بعدم الكتاب لا يصح لأنه وصف عدمي لا يقتضي حكما.
وعنه: ملة واحدة نقلها حرب فعليها يتوارثون اختارها الخلال لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} عام في جميعهم فالصابئة قيل كاليهود وقيل: كالنصارى "وإن اختلفت أديانهم لم يتوارثوا" هذا هو المذهب لخبر ابن عمر.
"وعنه: بتوارثون" قدمه في الكافي والمحرر وكمفهوم حديث أسامة قال في الشرح وهذا يجيئ على قولنا إن الكفر ملة واحدة.
"ولا يرث ذمي حربيا ولا حربي ذميا ذكره القاضي" وقاله أكثر

(6/217)


ويحتمل أن يتوارثا والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يسلم قبل قسم الميراث وإن قتل في ردته فما له في بيت مال المسلمين،
__________
أصحابنا وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا لانقطاع الموالاة بينهما "ويحتمل أن يتوارثا" نص عليه في رواية يعقوب وقاله القاضي في تعليقه قال في الانتصار: وهو الأقوى في المذهب عملاً بظاهر الخبر ولأنهم أهل ملة واحدة وإنما اختلفت الدار.
قال في المغني: قياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم لأن العمومات في النصوص تقتضي توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس فيجب العمل بعمومها ولأن مقتضى التوريث موجود فيعمل به مالم يقم دليل على تحقق المانع.
مسألة: يتوارث حربي ومستأمن وذمي ومستأمن وفي المنتخب يرث مستأمنا ورثته بدار حرب لأنه حربي وفي الترغيب هو في حكم ذمي ونقل أبو الحارث المستأمن يموت هنا ترثه ورثته.
"والمرتد لا يرث أحدا" بغير خلاف علمناه لأنه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم الدين الذي انتقل إليه ولهذا لا تحل ذبيحته ولا نكاح نسائه ولو انتقل إلى دين أهل الكتاب لأن المرتد تزول أملاكه الثابتة له أو استقرارها فلأن لا يثبت له ملك أولى "إلا أن يسلم قبل قسم الميراث" فعلى الخلاف السابق.
ولو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر لأن المرتد لا يرث ولا يورث لكن قال المؤلف قياس المذهب أن أحد الزوجين إذا ارتد في مرض موته ورثه الآخر ويخرج في ميراث سائر الأقارب كذلك.
"وإن قتل" أو مات "في ردته فماله في بيت مال المسلمين" هذا هوالمشهور والصحيح وقاله ابن عباس وغيره لأنه كافر فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلي ولأن ماله مال مرتد أشبه الذي كسبه في ردته ولا يمكن جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان.

(6/218)


وعنه: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره.
__________
"وعنه أنه لورثته من المسلمين" روي عن الصديق وعلي وابن مسعود وجمع واختاره الشيخ تقي الدين لأن ردته كمرض موته والفرق بينهما أن على الأولى: يأخذونه فيئا وعلى الثانية إرثا.
"وعنه: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره" روي عن علقمة لأنه كافر يرثه أهل دينه كالحربي فإن لم يكن فيهم من يرثه فهو فيء وظاهر ما ذكره الأصحاب لا فرق بين تلاد ماله وطارئه فإن ارتد ودخل دار الحرب وقف ماله إلى أن يموت على الأصح قاله في الرعاية.
تنبيه: لم يتعرض المؤلف لحكم الزنديق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر الذي كان يسمى منافقا في عصره عليه السلام حكمه كالمرتد قال في الفصول وآكد حيث لا تقبل توبته قال في الفروع والمراد إذا لم يتب أو تاب ولم يقبلها واحتج المؤلف وغيره بكف النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بإظهار الشهادة مع علم الله تعالى له بباطنهم.
واختار الشيخ تقي الدين أن المنافق يرث ويورث لأنه عليه السلام لم يأخذ من تركة منافق شيئا ولا جعله فيئا فعلم أن الميراث مداره على النصرة الظاهرة واسم الإسلام يجري عليهم في الظاهر إجماعا ولا لحكم الداعية وهو إذا دعي إلى بدعة مكفرة فماله فيء نص عليه في الجهمي وعلى الأصح أو غيرداعية وهما في غسله والصلاة عليه وغير ذلك ونقل الميموني في الجهمي إذا مات في قرية ليس فيها إلا نصارى من يشهده قال أنا لا أشهده يشهده من شاء قال ابن حامد ظاهر المذهب خلافها.

(6/219)


فصل
وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم،
__________
فصل
"وإن أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا ورثوا بجميع قراباتهم" إن أمكن نص عليه وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه وجمع من التابعين وغيرهم واختاره ابن اللبان لأن الله تعالى فرض للأم الثلث وللأخت النصف فإذا كانت الأم أختا وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين ولأنهما قرابتان ترث كل واحد منهما منفردة ولا تحجب إحداهما الأخرى إذا كانا في شخصين ولا ترجيح فيهما فيرث بهما جميعا كزوج هو ابن عم وابن عم هو أخ لأم.
وعنه: يرث بأقوى القرابتين وهي التي لا تسقط بحال روي عن زيد وقاله الحسن والزهري لأنهما قرابتان لا يورث بهما في الإسلام فلا يورث بهما في غيره كما لو أسقطت إحداهما الأخرى.
وجوابه: أن أبا بكر أنكر هذه الرواية وقال لم يحك حنبل عن أحمد لفظا ومعنى وبأن القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى إذا كانا في شخصين فكذا إذا كانا في شخص واحد وقولهم لا تورث بهما في الإسلام لعدم وجودهما فلو تصور وجودهما كزوج هو ابن عم ورث بهما.
تنبيه: اعلم أن المسائل التي يجتمع بها قرابتان ويصح الإرث بهما ست إحداهن في الذكور وهي عم هو أخ لأم وخمس في الإناث وهي بنت هي أخت أو بنت ابن وأم هي أخت وأم أم هي أخت لأب وأم أب هي أخت لأم ومتى كانت البنت أختا والميت رجل فهي أخت لأم ومتى كان امرأة فهي أخت لأب فإن قيل أم هي أخت لأم أو أم أو هي أخت لأم وأم أب هي أخت لأب فهو محال.

(6/220)


فإذا خلف أمه وهي أخته من أبيه وعما ورثت الثلث بكونها أما والنصف بكونها أختا والباقي للعم فإن كان معها أخت أخرى لم ترث بكونها أماً إلا الثلث لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى.
__________
"فإذا خلف أمه وهي أخته من أبيه وعما ورثت الثلث بكونها أماً والنصف بكونها أختا" لما تقدم "والباقي للعم" لخبر ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر "فإن كان معهما أخت أخرى لم ترث بكونها أماً إلا السدس" وعلله "لأنها انحجبت بنفسها وبالأخرى" لأن الأم ترد من الثلث إلى السدس بالأختين ومن ورثها بأقوى القرابتين ورثها الثلث بكونها أماً ولم يحجبها بنفسها وقد تحجب هي نفسها وهو ما إذا تزوج مجوسي أمه فأولدها بنتا ثم مات فلها السدس ولابنته النصف ولا يرث أمه بالزوجية ولا ابنته بالأخوة للأم لأن ولد الأم وهو موجود هنا فتكون إذاً قد حجبت نفسها بنفسها.
مسألة: مجوسي تزوج ابنته فأولدها بنتا ثم مات عنها وعن عم فلها الثلثان والبقية للعم ولا ترث الكبرى بالزوجية في قول الجميع فإن ماتت الكبرى بعده فالمال للصغرى لأنها بنت وأخت فإن ماتت قبل الكبرى فلها نصف وثلث والبقية للعم.
ومن ورث بأقواهما لم يورثها بالأخوة شيئا في المسألتين ثم لو تزوج الصغرى فولدت بنتا وخلف معهن عما فلبناته الثلثان وما بقي للعم ولو ماتت بعده ابنته الكبرى فللوسطى النصف لأنها بنت وما بقي لها وللصغرى لأنهما أختان لأب.
وتصح من أربعة فهذه بنت بنت ورثت مع بنت فوق السدس ولو ماتت بعده الوسطى فالكبرى أم وأخت لأب والصغرى بنت وأخت لأب فللأم السدس وللبنت النصف وما بقي لهما بالتعصيب وإن ماتت الصغرى بعدها فأم أمها أخت لأب فلها الثلثان وما بقي للعم.

(6/221)


ولا يرثون بنكاح ذوي المحارم ولا بنكاح لا يقرون عليه لو أسلموا.
__________
ولو ماتت بعده بنته الصغرى فللوسطى بأنها أم السدس وحجبت نفسها ولهما الثلثان بأنهما أختان لأب وما بقي للعم ولا ترث الكبرى بأنها جدة مع أم فهذه جدة حجبت أما وورثت معها ومن حجب نفسه عمل به.
"ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم" لا نعلم فيه خلافا "ولا بنكاح لا يقرون عليه" كمن تزوج مطلقته ثلاثا "لو أسلموا" لأنه باطل لا يقر عليه والمجوس وغيرهم في هذا سواء وظاهره: أنهم إذا اعتقدوا صحته وأقروا عليه بعد الإسلام يرثون به سواء وجد بشروطه الصحيحة المعتبرة في نكاح المسلمين أو لا كمن تزوج بلا شهود ونحوه لأنه نكاح يقر عليه فترتب عليه الإرث كالنكاح الصحيح وفي بعض الأنكحة خلاف.
واستحقاق الإرث مبني على الخلاف في أنه يقر عليه أم لا فالمجوسي إذا تزوج امرأة في عدتها فظاهر كلام أحمد أنهما يتوارثان لإقرارهم عليه بعد الإسلام.
وقال القاضي: إن أسلما بعد انقضاء العدة أقرا وإلا فلا فعليه لو مات أحدهما قبل انقضاء العدة لم يتوارثا وإن مات بعده توارثا وتأول كلام أحمد على من أسلم بعد انقضاء العدة.

(6/222)


باب ميراث المطلقة
إذا طلقها في صحته أو مرض غير مخوف أو غيرمرض الموت طلاقا بائنا قطع التوارث بينهما،
__________
باب ميراث المطلقة
مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح.
"إذا طلقها في صحته أو مرض غير مخوف أوغير مرض الموت طلاقا بائنا قطع التوارث بينهما" لأن التوارث سببه الزوجية وهي معدومة هنا ولأن حكم

(6/222)


وإن كان رجعياً لم يقطعه ما دامت في العدة وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته أو علقه على شرط في الصحة فوجد في المرض،
__________
الطلاق في مرض غير مخوف حكم الطلاق في الصحة وحينئذ إذا طلقها في صحته طلاقا بائنا أورجعياً فبانت بانقضاء عدتها لم يتوارثا إجماعا لزوال الزوجية التي هي سبب الميراث فإن طلقها في المرض المخوف ثم صح منه ومات بعده لم ترثه.
"وإن كان رجعياً لم يقطعه ما دامت في العدة" سواء كان صحيحا أو مريضا بغيرخلاف نعلمه لأن الرجعية زوجة "وإن طلقها في مرض الموت المخوف طلاقا لا يتهم فيه بأن سألته الطلاق" أي: في مرضه فأجابها فالأصح أنها لا ترثه لأنه ليس بفار.
والثانية: بلى صححها في المستوعب والشيخ تقي الدين لأنه طلقها في مرضه فهو كمن سألته طلقة فطلقها ثلاثا.
وقال أبو محمد الجوزي إذا سألته الطلاق فطلقها ثلاثا لم ترثه وهو معنى كلام جماعة وكذلك الحكم إذا خالعها "أو علق طلاقها على فعل لها منه بد ففعلته" أو خيرها فاختارت نفسها أو علق طلاقها على مشيئتها فشاءت فالأصح أنها لا ترثه لأنه ليس بفار ولزوال الزوجية بأمر لا يتهم فيه لكن إن لم تعلم بتعليق طلاقها ففعلت ما علق عليه ورثته لأنها معذورة فيه ذكره في المغني والشرح "أو علقه على شرط في الصحة" ليس من صنعهما ولا من صنعها ولها منه بد "فوجد في المرض" كقدوم زيد مثلا لم ترثه لما ذكرنا. وذكر القاضي رواية أخرى فيهما بالإرث لأن الطلاق وقع في المرض فلو علق طلاقها على فعل نفسه وفعله في المرض ورثته لأنه أوقعه في المرض ولو قال في الصحة أنت طالق إن لم أضرب غلامي فلم يضربه حتى مات ورثته ولا

(6/223)


أو طلق من لا يرث كالأمة والذمية فعتقت أو أسلمت فهو كطلاق الصحيح في أصح ا لروايتين فإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث مثل إن طلقها ابتداء،
__________
يرثها إن ماتت وإن مات الغلام والزوج مريض طلقت وكان كتعليقه على مجيء زيد. وكذا إن قال إن لم أوفك مهرك فأنت طالق فإن ادعى أنه وفاها مهرها فأنكرته صدق الزوج في توريثه منها لأن الأصل بقاء النكاح ولم يصدق في براءته منه لأن الأصل بقاؤه في ذمته فلو قال لها في صحته إن لم أتزوج عليك فأنت طالق فكذلك نص عليه وهو قول الحسن.
فرع: إذا قال لها في صحته إذا مرضت فأنت طالق فهو كطلاق المريض سواء أو إن أقر في مرضه أنه كان طلقها في صحته ثلاثا لم يقبل إقراره وكان كطلاق المريض لأنه أقر بما يبطل حق غيره فلم يقبل كما لو أقر بما لها.
"أو طلق" المسلم في المرض طلاقا بائنا "من لا يرث كالأمة والذمية فعتقت أو أسلمت" ثم مات عقبها "فهو كطلاق الصحيح في أصح الروايتين" أي: لم يرثاه لأنه ليس بفار و الثانية: بلى لأنه طلاق في مرض الموت فورثاه كغيرهما وهذه الرواية لم يذكرها في المغني والكافي فلو قال لهما أنتما طالقتان غدا فعتقت الأمة وأسلمت الذمية لم يرثاه لأنه ليس بفار.
"فإن كان متهما بقصد حرمانها الميراث مثل أن طلقها" ثلاثا وفي المحرر أبانها وهو أولى في مرضه المخوف "ابتداء" ورثته إذا مات في قول عمر وعثمان وشريح وعروة وغيرهم وقال علي وعبدالله بن الزبير وعبدالرحمن بن عوف لا ترث مبتوتة لأنها بائن فلا ترث كالبائن في الصحة وكما لو كان الطلاق باختيارها.
وجوابه: بأن عثمان ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر

(6/224)


أو علقه على فعل لا بد لها منه كالصلاة ونحوها ففعلته أو قال للذمية أو الأمة إذا أسلمت أو عتقت فأنت طالق أو علم أن سيد الأمة قال لها أنت حرة غدا فطلقها اليوم ورثته ما دامت في العدة ولم يرثها،
__________
فكان إجماعا ولم يثبت عن علي وعبدالرحمن بن عوف خلاف هذا.
بل روى عروة أن عثمان قال لعبدالرحمن إن مت لأورثنها منك.
قال قد علمت ذلك وما روي عن ابن الزبير فهو مسبوق بالإجماع ولأنه قصد قصدا فاسدا فعومل بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث.
"أو علقه" أي: الثلاث "على فعل لا بد لها منه" شرعا "كالصلاة" المفروضة "ونحوها" كالصوم الواجب أو عقلا كأكل ونحوه لانها تضطر إلى فعل ذلك فتعليقه عليه كتنجيزه في قول الجميع وكذا إن علقه على كلامها لأبويها أو أحدهما قطع به في المنتخب والشرح وذكره في الرعاية قولا وفي المحرر وكلام أيهما "ففعلته".
وكذا لو طلقها طلقة بعوض من غيرها أو قذفها في صحته ولاعنها في مرضه وقيل: للحد لا لنفي الولد ورثته على الأصح وجزم جماعة بخلافه وإن آلى منها في مرضه ثم صح ثم رجع إلى مرضه وبانت بالإيلاء لم ترثه ذكره في الشرح.
"أو قال للذمية أو الأمة إذا أسلمت أو عتقت فأنت طالق" ثلاثا لأن قصد الحرمان ظاهر فيه لكونه رتب الطلاق على الموجب للإرث "أو علم أن سيد الأمة قال لها أنت حرة غدا فطلقها" أي: أبانها "اليوم" لأنه فار.
وظاهره: أنه إذا لم يعلم أنها لا ترثه وهو ظاهر لعدم الفرار بغير خلاف نعلمه وكذا إذا وطئ عاقل وقيل: مكلف حماته أو علق إبانتها في صحته على مرضه أو على فعل له ففعله في مرضه أو على تركة نحو لأتزوجن عليك أو وكل في صحته من يبينها متى شاء فأبانها في مرضه "ورثته ما دامت في العدة" رواية واحدة لوجود المقتضي "ولم يرثها" لأن مقتضى البينونة قطع التوارث خولف في

(6/225)


وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول؟ على روايتين.
__________
الزوجة لما ذكرنا فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل.
"وهل ترثه بعد العدة أو ترثه المطلقة قبل الدخول؟ على روايتين" الأشهر أنها ترثه في العدة وبعدها مالم تتزوج نقله واختاره الأكثر وذكر أبو بكر أن قول أحمد لا يختلف في ذلك وهو قول الحسن وجمع لما روى أبو سلمة بن عبدالرحمن أن أباه طلق أمه وهو مريض فورثها بعد انقضاء العدة.
ولأن سبب توريثها فراره من ميراثها وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة وشرطه مالم ترتد والأظهر أو تسلم.
والثانية: لا ترث بعد العدة اختاره في التبصرة لأنه يفضي إلى توريث أكثر من أربع فلم يجز كما لو تزوجت فعلى هذا لو تزوج أربعا سواها ثم مات صح على الأصح فترثه الخمس.
وعنه: وصححها في المحرر أن ربعة للمبتوتة وثلاثة أرباعه للأربع إن تزوجهن في عقد وإلا فللثلاث السوابق بالعقد وقيل: كله للمبتوتة فإن تزوجت أو ماتت فحقها للجدد في عقد وإلا فللسابقة إلى كمال أربع بالمتبوعة.
وأما المطلقة قبل الدخول فروايتان أطلقهما في الفروع وقدم في المحرر عدم الإرث وذكر أبو بكر إذا طلقها ثلاثا قبل الدخول في مرضه أربع روايات:
إحداهن: لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة لأن الميراث ثبت للمدخول بها لفراره وهذا فار وإذا ثبت الميراث وجب تكميل الصداق قال المؤلف وينبغي أن تكون العدة عدة وفاة وقيل: طلاق.
والثانية: لها الميراث والصداق ولا عدة عليها لأن العدة حق عليها فلا تجب بفراره.
والثالثة: لها الميرث ونصف الصداق وعليها العدة وهي قول مالك لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} الآية. والرابعة: لا ترث ولا عدة عليها ولها نصف

(6/226)


فإن تزوجت لم ترثه وإن أكره الابن امرأة أبيه على ما يفسخ نكاحها لم يقطع ميراثها إلا أن تكون له امرأة سواها.
__________
الصداق وهي قول أكثر العلماء لأن الله تعالى نص على تنصيف الصداق ونفي العدة عن المطلقة قبل الدخول وأما الميراث فليست زوجة ولا معتدة من نكاح أشبهت المطلقة في الصحة فإن خلا بها وأنكر الوطء وصدقته فلها الميراث وعليها العدة للوفاة ويكمل لها الصداق لأن الخلوة تكفي في ثبوت هذه الأحكام.
"فأن تزوجت لم ترثه" لأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول أشبه مالو فسخت النكاح وسواء كانت باقية مع الزوج الثاني أو بانت منه في قول أكثر العلماء "وإن أكره الابن" وهو عاقل وارث "امرأة أبيه" أو جده المريض "على ما يفسخ نكاحها" من وطء أو غيره "لم يقطع ميراثها" لأنه قصد حرمانها أشبه مالو أبانها زوجها وظاهره: سواء زاد إرثه أو نقص أو كان له أولاد أخر أو لم يكن له أو فات إرثه بقتل أو حجب فإن طاوعته فالأشهر أنها لا ترثه لأنها مشاركة له فيما ينفسخ نكاحها أشبه مالو خالعته.
"إلا أن تكون له امرأة" وارثة "سواها" فإن المستكرهة لا ترث لانتفاء التهمة وكذا لو كان الابن مجنونا أو عبدا أو كافرا أو استدخلت ذكره وهو نائم لم ترثه في الأصح والاعتبار بالتهمة حال الإكراه فعلى هذا لو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك لم ترث لانتفاء التهمة حال الوطء وعكسه لو كان وارثا حال الوطء فعاد محجوبا ورثت لوجود التهمة حين الوطء وجزم بعضهم إن انتفت التهمة بقصد حرمانها الإرث أو بعضه لم ترثه في الأصح. قال في الفروع فيتوجه منه لو تزوج في مرضه مضارة لينتقص إرث غيرها وأقرت به لم ترثه ومعنى كلام شيخنا وهو ظاهر كلام غيره ترثه لأن له أن يوصي بالثلث.
فرع: لو كان للمريض امرأتان فاستكره ابنه إحداهما لم ترثه لانتفاء التهمة لكون ميراثها لا يرجع إليه وإن استكره الثانية: بعدها ورثت لأنه متهم في حقهما فإن استنكرهما معا ورثتا معا.

(6/227)


وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها لم يسقط ميراث زوجها وإن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد أقرع بينهن فمن أصابتها القرعة فلا ميراث لها.
__________
مسألة: تقدم أنه إذا وطئ حماته أن امرأته تبين منه وترثه سواء طاوعته أو لا وإن كان زائل العقل حين الوطء لم ترث شيئا لأنه ليس له قصد صحيح فلا يكون فارا وكذا لو وطئ بنت امرأته وهو زائل العقل فإن كان صبيا عاقلا ورثت لأن له قصدا صحيحا وفي القبلة والمباشرة دون الفرج روايتان إحداهما تنشر الحرمة كالوطء و الثانية: لا كالنظر وخرج بعض أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها له ينشر الحرمة والأصح خلافه.
"وإن فعلت في مرض موتها ما يفسخ نكاحها" بأن ترضع زوجها الصغير أو ترتد سقط ميراثها "لم يسقط ميراث زوجها" لأنها أحد الزوجين فلم يسقط فعلها ميراث الآخر كالزوج قال في الفروع والزوج في إرثها إذا قطعت نكاحها منه كفعله وكذا ردة أحدهما ذكره في الانتصار وذكره الشيخ قياس المذهب والأشهر لا وكذا خرج الشيخ في سائر الأقارب.
تنبيه: إذا أعتقت فاختارت نفسها أو كان الزوج عنينا فأجل سنة ولم يصبها حتى مرضت في آخر الحول فاختارت فرقته وفرق بينهما لم يتوارثا ذكره ابن اللبان وذكر القاضي في المعتقة إذا اختارت نفسها في مرضها لم يرثها لأن فسخ النكاح لدفع الضرر لا للفرار
ولو زوج ابنة أخيه صغيرة ففسخت النكاح في مرضها لم يرثها الزوج بغير خلاف علمناه لأن النكاح فاسد من أصله في الصحيح من المذهب وعن أحمد خلافه ولها الخيار لأن الفسخ ليس للفرار فلم يرثها كما لو فسخت المعتقة نكاحها.
"وإن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد" قال في المحرر أو منقطع قطعا يمنع الإرث ولم يعلم عينها "أقرع بينهن" لأنها تزيل الإبهام فشرعت كالعتق "فمن أصابتها القرعة فلا ميراث لها" ذكره أبو بكر والأصحاب لأن القرعة تعينها.

(6/228)


وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه: أنه بين الثمان.
__________
فرع: لو قبلها في مرضه ثم مات لم ترثه لخروجها من حيز التملك والتمليك ذكره ابن عقيل وغيره ويتوجه خلاف كمن وقع في شبكته صيد بعد موته ذكره في الفروع.
"وإذا طلق أربع نسوة في مرضه فانقضت عدتهن وتزوج أربعا سواهن فالميراث للزوجات وعنه: أنه بين الثمان" جعل ابن المنجا هذا الخلاف مبنيا على أن المطلقة في مرض الموت هل ترث مالم تتزوج والأصح الإرث.
فعلى هذا الصحيح هنا أن الميراث بين الثمان وفيه شيء ونقل أبو الخطاب أن الميراث هل هو للمطلقات أو بين الثمان فيه وجهان:
أحدهما: أنه بين المطلقات لأنهن يرثن ما كن يرثن وكن يرثن جميع الميراث فكذا بعد تزويجه.
والثاني: أنه بين الثمان لأن المطلقات إذا ورثن وقد مضى نكاحهن فلأن ترث الزوجات ونكاحهن باق بطريق الأولى وجملته أن المريض إذا طلق امرأته ثم نكح غيرها ثم مات لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يموت في عدة المطلقة فترثاه جميعا في قول الجمهور وفيه وجه أن الميراث كله للمطلقة بناء على أن نكاح المريض غير صحيح لأنها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها وهو جميع الميراث فكذا بعده ورده في المغني والشرح بأنها إنما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها ولو تزوج ولم يطلقها لم ترث إلا نصف ميراث الزوجات فكذا إذا طلقها فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه فللمطلقة ربع ميراث الزوجات ولكل واحدة منهن ربعه. الثاني: أن يموت بعد انقضاء عدة المطلقة فيكون الميراث كله للزوجات وعنه: للأربع كما لو مات في عدة المطلقة.

(6/229)


......................................................
__________
مسألة: إذا كن أربع نسوة فطلق إحداهن في مرضه ثلاثا ثم نكح أخرى في عدة المطلقة أو طلقها ونكح أختها في عدتها ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقي الزوجات الأوائل فإن مات بعد انقضاء عدتها ففي ميراثها روايتان:
إحداهما: لا ميراث لها فيكون لباقي الزوجات.
والثانية: ترث معهن ولا شيء للمنكوحة فإن تزج الخامسة: بعد انقضاء عدة المطلقة صح نكاحها وهل ترث المطلقة على روايتين ظاهر كلام أحمد عدم الإرث لأنه يلزم منه توريث ثمان نسوة أو أختان أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة.
والثانية: ترث المطلقة وفيه وجهان أحدهما يكون الميراث بين الخمس والثاني: يكون للمطلقة والمنكوحات الأوائل لأن المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق فكذا يمنع من تنقيصهن منه.
ورد المؤلف كلا الوجهين أما أحدهما فرده نص الكتاب على توريث الزوجات فلا يجوز مخالفته وأما الآخر فلأن الله تعالى لم يبح نكاحهن أكثر من أربع ولا الجمع بين الأختين فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه وانقضت عدتهن ونكح أربعا سواهن ثم مات في مرضه فعلى المختار ترثه المنكوحات خاصة وعلى الثاني فيه وجهان أحدهما أنه بين الثمان والثاني: أنه للمطلقات وإن صح من مرضه ثم تزوج أربعا في صحته ثم مات فالميراث لهن في قول الجماعة ولا شيء للمطلقات.
فرع: إذا ادعت عليه زوجته طلاقا يقطع الميراث فأنكر لم ترثه إن مات إذا كانت مقيمة على قولها ذكره في المحرر والفروع.

(6/230)


باب الإقرار بمشارك في الميراث
إذا أقر الورثة كلهم بوارث للميت فصدقهم أوكان صغيرا ثبت نسبه وإرثه سواء كانوا جماعة أو واحدا وسواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه كأخ يقر بابن للميت
__________
باب الإقرار بمشارك في الميراث
"إذا أقر الورثة كلهم" ولو مع أهلية الشهادة ولو أنه واحد ذكرا كان أو أنثى "بوارث للميت فصدقهم أو كان صغيرا" أو مجنونا وسواء كان من حرة أو أمة نقله الجماعة ثبت نسبه وإرثه لأنه عليه السلام قبل قول عبد بن زمعة لما ادعى نسب وليدة أبيه وقال هذا أخي ولد على فراش أبي فأثبت نسبه منه ولأن الوارث يقوم مقام مورثه في ميراثه وديونه وسائر حقوقه فكذا في النسب وإذا ثبت النسب ثبت الإرث واشترط في البالغ العاقل التصديق لأن الإقرار بالنسب إقرار فاشترط تصديق المقر له كالإقرار بالمال وفي الصغير يكتفى بصغره لعدم اعتبار قوله فقبل الإقرار بنفسه وإن لم يصدقه كالمال وظاهره: أنه يثبت بالنسب ولو مع وجود منكر لا يرث لمانع رق ونحوه إن كان مجهول النسب وإلا فلا والإرث إن لم يكن به مانع.
"سواء كانوا" أي: المقرين "جماعة أو واحدا" لأنهم سواء في الإقرار بالمال فكذا في الإقرار بغيره "وسواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه كأخ يقر بابن للميت أو ابن ابن يقر بابن للميت" فإنه يثبت نسبه وإرثه لبعض المقر هذا هو المذهب وقاله شريح لأنه ثابت النسب لم يوجد في حقه مانع من الإرث فدخل في عموم النص والعبرة بكونه وارثا حالة الإقرار.
وقيل: لا يرث مسقط اختاره أبو إسحاق وذكره الأزجي عن الأصحاب سوى القاضي وأنه الصحيح لأن توريثه يفضي إلى إسقاط توريثه فسقط لأنه لو ورث لخرج المقر عن كونه وارثا فيبطل إقراره فعليه نصيبه بيد المقر وقيل:

(6/231)


وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه إلا أن يشهد منهم عدلان أنه ولد على فراشه أو أن الميت أقر به،
__________
ببيت المال فإن بلغ الصغير وعقل المجنون فصدقا المقر يثبت إرثهما من المقر وعلى الأول يعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق إذا كانا من الورثة ولو كانت بنتا صح لإرثها بالفرض والرد.
فرع: إذا أقر أحد الزوجين بابن للآخر من غيره فصدقه نائب الإمام ثبت نسبه وفيه احتمال ذكره الأزجي لأن الإمام ليس له منصب الورثة قال وهو مبني على أنه هل له استيفاء قود لا وارث له وإذا لم يثبت أخذ نصف ما بيد المقر
"وإن أقر بعضهم" لوارث مشارك لهم في الميراث لم يثبت نسبه بالإجماع ذكره في الشرح لأن النسب لا يتبعض فلا يمكن إثباته في حق المقر دون المنكر ولا إثباته في حقهما لأن الآخر منكر فلا يقبل إقرار غيره عليه ولم توجد شهادة يثبت بها النسب ولو كان المقر عدلين لأنه إقرار من بعض الورثة وعنه: إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين أو نسب ثبت في حق غيرهم إعطاء له حكم شهادة وإقرار وفي اعتبار العدالة منهما روايتان.
"إلا أن يشهد منهم" أو من غيرهم "عدلان أنه ولد على فراشه" أو ولده "أو أن الميت أقر به" ثبت نسبه من المقرين الوارثين ويشاركهم في الإرث لأنها بينة عادلة فثبت النسب بها كالأجانب ولأنهما لو شهدا على غير مورثهما لقبل فكذا إذا شهدا عليه وقيل: لا جزم به الأزجي وغيره فلو كان المقر به أخا ومات المقر عن ابن عم ورثوه وعلى الأول يرثه الأخ وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا فتثبت العمومة فيه وجهان.
وفي الانتصار خلاف مع كونه أكبر سنا من أبي المقر أو معروف النسب ولو مات المقر وخلفه المنكر فإرثه بينهما فلو خلفه فقط ورثه وذكر جماعة إقراره كوصية فيأخذ المال في وجه وثلثه في آخر وقيل: لبيت المال.

(6/232)


وعلى المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه فإذا أقر أحد الابنين بأخ فله ثلث ما في يده وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده فإن لم يكن في يد المقر فضل فلا شيء للمقر به.
__________
"وعلى المقر" إذا لم يثبت النسب "أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه" لأنه تبين بإقراره أنه لا يستحقه "فإذا أقر أحد الابنين بأخ فله ثلث ما في يده" نقله بكر بن محمد لأن في يده النصف وهو لا يستحق إلا الثلث فالسدس مستحق للمقر به وهو ثلث النصف "وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده" لأن في يده النصف وهو يستحق خمسين فنصف الخمس مستحق للمقر بها وهو خمس ما في يده هذا قول الجمهور.
وقال النخعي وحماد يقاسمه ما في يده لأنه يقول أنا وأنت سواء في ميراث أبينا وما أخذه المنكر بمنزلة التالف وأجيب بأنه إنما أقر له بالفاضل عن ميراثه فلم يلزمه أكثر مما أقر به كما لو أقر له بمعين وكإقرار أحد الشريكين بجناية العبد والتركة بينهم أثلاثا فلا يستحق ما في يده إلا الثلث كما لو ثبت نسبه ببينة.
فرع: خلف ابنا فأقر بأخ ثم جحده لم يقبل جحده ولزمه أن يدفع نصف ما في يده فإن صدقه المقر له أو به فوجهان ذكرهما في الكافي وغيره فإن أقر بعد جحده بآخر احتمل أن لا يلزمه له شيء وإن كان لم يدفع إلى الأول شيئا لزمه أن يدفع إليه نصف ما في يده ولا يلزمه للآخر شيء ويحتمل أن يلزمه دفع النصف كله إلى الثاني ويحتمل أن يلزمه ثلث ما في يده للثاني كما لو أقر بالثاني من غير جحد الأول.
فإن خلف ابنين فأقر أحدهما بأخ ثم جحده ثم أقر بأخ لم يلزمه للثاني شيء وعلى الاحتمال الثاني يدفع إليه نصف ما في يده وعلى الثالث يلزمه دفع ما بقي في يده ولا يثبت نسب واحد منهما ويثبت نسب المقر به الأول في المسألة الأولى دون الثاني.
"فان لم يكن في يد المقر فضل فلا شيء للمقر به" لأنه يقر على غيره "وإذا

(6/233)


وإذا خلف أخا من أب وأخا من أم فاقرأ بأخ من أبوين ثبت نسبه وأخذ ما في يد الأخ من الأب وإن أقر به الأخ من الأب وحده أخذ ما في يده ولم يثبت نسبه وإن أقر به الأخ من الأم وحده أو أقر بأخ سواه فلا شيء له وطريق العمل أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وتدفع إلى المقر سهمه من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وإلى المنكر سهمه من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار وما فضل فهو للمقربه فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين،
__________
خلف أخا من أب وأخا من أم فأقرا بأخ من أبوين ثبت نسبه" لإقرار كل الورثة به "وأخذ ما في يد الأخ من الأب" لأنه تبين بإقراره أنه لا حق له وأن الحق للمقر به إذ هو محجوب به.
"وإن أقر به الأخ من الأب وحده أخذ ما في يده" لأنه يسقطه في الميراث وقال ابو الخطاب: يأخذ نصف ما في يده وهو سهو "ولم يثبت نسبه" لأن كل الورثة لم يقروا به وإقرارهم شرط في ثبوته.
"وإن أقربه الأخ من الأم وحده أو أقر بأخ سواه فلا شيء له" لأنه لا فضل في يده وهذا بخلاف ما إذا أقر بأخوين من أم فإنه يدفع إليهما ثلث ما في يده لأن في يده السدس وبإقراره اعترف أنه لا يستحق من الميراث إلا التسع فيبقى في يده نصف التسع وهو ثلث ما في يده.
"وطريق العمل" في هذا الباب "أن تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار" لأن به يظهر ما للمقر وما للمنكر وما يفضل وتراعى الموافقة "وتدفع إلى المقر سهمه من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار وإلى المنكر سهمه من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار وما فضل فهو للمقر له" فإذا أقر أحد الابنين بأخ فمسألة الإقرار من ثلاثة والإنكار من اثنين فاضرب إحداهما في الأخرى لتباينهما تكن ستة للمقر سهم من مسألة الإقرار في الإنكار باثنين وللمنكر سهم من الإنكار في الإقرار بثلاثة يبقى سهم للمقر له لأنه الفاضل وهو ثلث ما بقي في يد المقر لأن النصف في يده وقد تبين هنا أنه ثلاثة.
"فلو خلف ابنين فأقر أحدهما بأخوين فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب

(6/234)


فصدقه أخوه في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن اثني عشر للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في مسألة الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه أن صدق المقر مثل سهمه وإن أنكره مثل سهم المنكر وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار وقال ابو الخطاب: لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده وصححها من ثمانية للمنكر ثلاثة وللمختلف فيه سهم ولكل واحد من الأخوين سهمان
__________
المتفق عليه" لإقرار كل الورثة به "فصاروا ثلاثة ثم تضرب مسألة الإقرار" وهي أربعة "في مسألة الإنكار" وهي ثلاثة "تكن اثني عشر " لما ذكرنا " للمنكر سهم من الإنكار في الإقرار أربعة وللمقر سهم من الإقرار في الإنكار ثلاثة وللمتفق عليه إن صدق المقر مثل سهمه" لأنه مقر "وإن أنكره مثل سهم المنكر" لأنه منكر "وما فضل للمختلف فيه وهو سهمان في حال التصديق وسهم في حال الإنكار" لأن ذلك هو الفاضل وهذا أصح الأقوال قاله في الشرح.
"وقال ابو الخطاب: لا يأخذ المتفق عليه من المنكر في حال التصديق إلا ربع ما في يده" لأنه لا يدعي أكثر منه لأنه يدعي أنهم أربعة "وصححها من ثمانية" لأن أصل المسألة من اثنين والمقر به يستحق ربع ما في يد المنكر فاضرب أربعة في اثنين بثمانية "للمنكر ثلاثة" لأنه كان يستحق أربعة أخذ منها المتفق عليه ربعها بقي ثلاثة "وللمختلف فيه سهم" لأنه يستحق ربع ما في يد المقر بهما "ولكل واحد من الأخوين سهمان" لأنه كان يستحق أربعة خرج منها سهم للمتفق عليه وسهم للمختلف فيه بقي اثنان للآخر وذكر ابن اللبان أن هذا قياس قول مالك والشافعي وفيه نظر لأن المنكر يقر أنه لا يستحق إلا الثلث وقد حضر من يدعي الزيادة فوجب دفعها إليه ونظيره لو ادعى إنسان داراً في يد آخر فأقر بها لغيره فقال المقر له إنما هي للمدعي فإنها تسلم إليه وقد رد الخبري على ابن اللبان قوله وقال يبقى مع المنكر ثلاثة أثمان وهو لا يدعي إلا الثلث وقد حضر من يدعي هذه الزيادة ولا منازع له فيهافيجب دفعها

(6/235)


وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما سواء اتفقا أو اختلفا ويحتمل ألا يثبت نسبهما مع اختلافهما فإن أقر بأحدهما بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده،
__________
إليه قال والصحيح أن يضم المتفق عليه السدس الذي يأخذه من المقر به فيضمه إلى النصف الذي هو بيد المقر لهما فيقتسمانه أثلاثا فتصح من تسعة للمنكر ثلاثة ولكل واحد من الآخرين سهمان.
قال في المغني: ولا يستقيم هذا على قول من لا يلزم المقر أكثر من الفضل عن ميراثه لأن المقر بهما والمتفق عليه لا ينقص ميراثه عن الربع ولم يحصل له على هذا القول إلا التسعان وقيل: في حال الإنكار يدفع المقر بهما إليهما نصف ما في يده ويأخذ المتفق عليه من المنكر ثلث ما في يده فيحصل للمنكر الثلث وللمقر الربع وللمتفق عليه السدس والثمن وللمختلف فيه الثمن وتصح من أربعة وعشرين للمنكر ثمانية وللمتفق عليه سبعة وللمقر ستة وللمختلف ثلاثة قال ابن حمدان وهو أصح.
"وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما" مطلقا "سواء اتفقا" مع إقرار الإبن بهما "أو اختلقا" أي: تجاحدا لأن نسبهما ثبت بإقرار كل من الورثة قبلهما فلم تعتبر موافقة الآخر كما لو كانا صغيرين "ويحتمل ألا يثبت نسبهما مع اختلافهما" لأن الإقرار بكل واحد منهما لم يصدر من كل الورثة ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما في يده فإن صدق أحدهما بصاحبه وجحده الآخر ثبت نسب المتفق عليه وفي الآخر وجهان فإن كانا توأمين ثبت نسبهما ولم يلتفت إلى إنكار المنكر منهما سواء تجاحدا معا أو جحد أحدهما صاحبه ومتى أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب الآخر فإن أقر بنسب صغيرين معا ثبت نسبهما على الأول وعلى الثاني فيه احتمالان.
"فإن أقر بأحدهما بعد الآخر أعطي الأول نصف ما في يده" : بغير خلاف لأنه اعترف بأخوته فيلزم منه إرثه فتكون المسألة بالنسبة إليه مقسومة على اثنين.

(6/236)


والثاني: ثلث ما في يده ويثبت نسب الأول ويقف نسب الثاني على تصديقه وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته.
__________
"والثاني: ثلث ما في يده" وهو السدس لأنه فاضل عن حقه لأنه أقر أن الأولاد ثلاثة فأحدهم يستحق الثلث فقط.
"وثبت نسب الأول" لأنه أقر به كل الورثة "ويقف نسب الثاني على تصديقه" لأنه صار من الورثة وكذا إن كانا توامين و في المحرر وفي الفروع وإن كذب الثاني بالأول وهو مصدق به ثبت نسب الثلاثة وقيل: يسقط نسب الأول ويأخذ الثاني ثلثي ما في يده وثلث ما في يد المقر.
"وإن أقر بعض الورثة بامراة للميت لزمه من إرثها بقدر حصته" أي: يلزمه ما يفضل في يده لها عن حقه كما لو أقر بابن وفي الرعاية وإن أقر بها كلهم أو شهد بالنكاح اثنان منهم أو من غيرهم ثبت كل إرثها فإن مات المنكر فأقر به ابنه فهل يكمل ارثه فيه وجهان.
مسألة: إذا خلف ثلاثة بنين فأقر أحدهم بأخ وأخت فصدقه أحدهما في الأخ والآخر في الأخت لم يثبت نسبهما ويدفع المقر بهما إليهما ثلث ما في يده ويدفع المقر بالأخ إليه ربع ما في يده ويدفع المقر بالأخت إليها سبع ما في يده فأصل المسألة ثلاثة سهم المقر يقسم بينهما وبينه على تسعة له ستة ولهما ثلاثة وسهم المقر بالأخ بينهما على أربعة له ثلاثة ولأخته سهم وسهم المقر بالأخت بينه وبينها على سبعة له ستة ولها سهم وكلها متباينة فاضرب أربعة في سبعة في تسعة ثم في أصل المسألة تكن سبعمائة وستة وخمسين ومنها تصح للمقر بهما ستة في أربعة في سبعة بمائة وثمانين وستين وللمقر بالأخت ستة في أربعة في تسعة بمائتين وستة عشر وللمقر بالأخ ثلاثة في سبعة في تسعة بمائة وتسعة وثمانين وللأخ المقر به سهمان في أربعة في سبعة ستة وخمسين وسهم في سبعة في تسعة بثلاثة وستين فيجتمع له مائة وتسعة عشر وللأخت سهم في أربعة في سبعة بثمانية وعشرين وسهم

(6/237)


وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي فقال هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره وإن قال مات أبوك وأنا أخوك لست أخي فالمال كله للمقربه وإن قال ماتت زوجتي وأنت أخوها قال لست بزوجها فهل يقبل إنكاره على وجهين.
__________
في أربعة في تسعة بستة وثلاثين يجتمع لها أربعة وستون ولا فرق بين تصادقهما وتجاحدهما لأنه لا فضل في يد أحدهما عن ميراثه.
"وإذا قال رجل مات أبي وأنت أخي" أو مات أبونا ونحن ابناه "فقال: هو أبي ولست بأخي لم يقبل إنكاره" لأنه نسب الميت إليه بأنه أبوه وأقر بمشاركة المقر في ميراثه بطريق الأخوة فلما أنكر أخوته لم يثبت إقراره به وبقيت دعواه أنه أبوه دونه غير مقبولة كما لو ادعى ذلك قبل الإقرار وحينئذ فالمال بينهما وقيل: للمقر وقيل: للمقر به.
"وإن قال مات أبوك وأنا أخوك قال: لست أخي فالمال كله للمقر به" لأنه صدر الإقرار بأنه أبوه وذلك يوجب كون الميراث له ثم ادعى مشاركته بعد ثبوت الأبوة للأول فإذا أنكر أخوته لم تقبل دعوى هذا المقر "وإن قال" ماتت زوجتي وأنت أخوها قال" لست بزوجها فهل يقبل إنكاره؟ على وجهين" كذا في المحرر.
أصحهما أنه يقبل إنكار الأخ لأن النكاح يفتقر إلى إقامة البينة عليه.
والثاني: لا يقبل لما سبق والمال بينهما قال في الشرح وهذه المسألة تشبه الأولى من حيث أنه نسب الميت إليه بالزوجية في ابتداء إقراره كما نسب الأبوة في قوله مات أبي ويفارقها في أن الزوجية من شرطها الإشهاد ويستحب الإعلان بها واشتهارها فلا يكاد يخفى بخلاف النسب فإنه إنما يشهد عليه بالاستفاضة غالبا.

(6/238)


فصل
وإذا أقر من أعيلت له المسألة بمن يزيل العول كزوج وأختين أقرت إحداهما بأخ فاضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار تكن ستة وخمسين واعمل على ما ذكرنا يكن للزوج أربعة وعشرون وللمنكرة ستة عشر وللمقرة سبعة يبقى تسعة للأخ فإن صدقها الزوج فهي تدعي أربعة والأخ يدعي أربعة عشر وللمقر به من السهام تسعة فاقسمها على سهامهم لكل سهمين سهما للزوج سهمان وللأخ سبعة فإن كان معهم أختان لأم.
__________
فصل
"وإذا أقر من أعيلت له المسألة بمن يزيل العول كزوج وأختين" أصلها من ستة وتعول إلى سبعة "أقرت إحداهما بأخ فاضرب مسألة الإقرار" وهي ثمانية ناشئة من ضرب أربعة في اثنين "في مسألة الإنكار" وهي سبعة "تكن ستة وخمسين واعمل على ما ذكرنا يكن للزوج أربعة وعشرون" مرتفعة من ضرب ثلاثة وهي ماله من مسألة الإنكار في ثمانية "وللمنكرة ستة عشر" مرتفعة من ضرب اثنين في ثمانية "وللمقرة سبعة" لأن لها من مسألة الإقرار سهما مضروبا في مسألة الإنكار "يبقى تسعة للأخ" لأنها الفاضل "فإن صدقها الزوج فهو يدعي أربعة" وهي تمام النصف "والأخ يدعي أربعة عشر" لأنه يدعي استحقاق ربع المال "وللمقر به من السهام تسعة فاقسمهما" أي: التسعة "على سهامهم" المدعى به وهي ثمانية عشر "لكل سهمين سهما للزوج سهمان" مضافان إلى ما أخذه وهو أربعة وعشرون تكن ستة وعشرين "وللأخ سبعة" مضافة إلى ما أخذه فإن أقرت الأختان وأنكر الزوج دفع إلى كل أخت سبعة وإلى الأخ أربعة عشر يبقى أربعة يقران بها للزوج وهو منكرها وفي ذلك ثلاثة أوجه ستأتي.
"فإن كان معهم أختان لأم" فتكون مسألة الإنكار من ستة وتعول إلى تسعة،

(6/239)


فإذا ضربت وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار كانت اثنين وسبعين للزوج ثلاثة من مسألة الإنكار في وفق مسألة: الإقرار أربعة وعشرون وللأختين من الأم ستة عشر وللأخت المنكرة ستة عشر وللمقرة ثلاثة يبقى في يدها ثلاثة عشر للأخ منها ستة يبقى سبعة لا يدعيها أحد ففيها ثلاثة أوجه:
أحدها: تقر في يد المقرة والثاني: تؤخذ إلى بيت المال والثالث يقسم بين المقرة والزوج والأختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم،
__________
ومسألة الإقرار من أربعة وعشرين لأن فيها نصفا وثلثا وما بقي وهو سهم على أربعة لا يصح ولا يوافق فاضرب ستة في أربعة تبلغ ذلك فإذا نظرت بينهما فهما متفقان بالأثلاث.
"فإذا ضربت وفق مسألة الإقرار في مسألة الإنكار كانت اثنين وسبعين للزوج ثلاثة من مسألة الإنكار في وفق مسألة الإقرار" وهي ثمانية "أربعة وعشرون" مرتفعة مما ذكرنا "وللأختين من الأم" سهمان في ثمانية "ستة عشر وللأخت المنكرة ستة عشر" مرتفعة من ضرب اثنين في ثمانية "وللمقر ثلاثة" لأن لها سهما من مسألة الإقرار مضروب في وفق مسألة: الإنكار وهو ثلاثة بثلاثة.
"يبقى في يدها ثلاثة عشر" أي: من الاثنين وسبعين "للأخ منهما ستة" ضعف نصيبها "يبقى سبعة لا يدعيها أحد" لاستكمال كل واحد حقه "ففيها ثلاثة أوجه: أحدها:" قدمه في الشرح والفروع :تقر في يد المقرة: لأنه لا يدعيها أحد.
"والثاني: يؤخذ إلى بيت المال" لأنه موضع الأموال التي لا أرباب لها.
"والثالث: يقسم بين المقرة والزوج والأختين من الأم على حسب ما يحتمل أنه لهم" لأن هذا المال لا يخرج عنهم فإن المقرة إذا كانت صادقة فهو للزوج والأختين من الأم وإن كانت كاذبة فهو لها وإن كان لهم لا يخرج عنهم قسم بينهم على قدر الاحتمال كما قسمنا ميراث الخنثى وبين من معه على ذلك فعلى هذا يكون للمقرة النصف وللزوج والأختين من الأم النصف بينهم على خمسة لأن هذا في حال للمقرة وفي حال لهما فيقسم بينهم

(6/240)


فإن صدق الزوج المقرة فهو يدعي اثني عشر والأخ يدعي ستة يكونان ثمانية عشر ولا تنقسم عليها الثلاثة عشر ولا توافقها فاضرب ثمانية عشر في أصل المسألة ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في ثمانية عشر وكل من له شيء من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة عشر وعلى هذا تعمل ما ورد عليك.
__________
نصفين ثم تجعل نصف الزوج والأختين من الأم على خمسة لأن له النصف ولهما الثلث وذلك خمسة في ستة فتقسم السبعة بينهم على عشرة للمقرة خمسة وللزوج ثلاثة وللأختين سهمان فإذا اردت تصحيح المسألة فاضربها وهي اثنان وسبعون في عشرة ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في عشرة ومن له شيء من عشرة مضروب في سبعة
"فإن صدق الزوج المقرة فهو يدعي اثني عشر" لأن له النصف وهو هنا ستة وثلاثون معه منها أربعة وعشرون بقي ما ذكر "والأخ يدعي ستة" لأنه هو وأختاه يدعون أربعة من أربعة وعشرين مضروبة في وفق مسألة الإنكار وهو ثلاثة تكن اثني عشر له نصفها "يكونان ثمانية عشر ولا تنقسم عليها الثلاثة عشر ولا توافقها فاضرب ثمانية عشر" لانكسارها على المقسوم عليه في أصل المسألة وهو اثنان وسبعون تكن ألفا ومائتين وستة وتسعين.
"ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين مضروب في ثمانية عشر وكل من له شيء من ثمانية عشر مضروب في ثلاثة عشر" فللزوج أربعة وعشرون في ثمانية عشر بأربعمائة واثنين وثلاثين وللأختين من الأم مائتان ثمانية وثلاثون وللمنكرة كذلك وللمقرة ثلاثة في ثمانية عشر بأربعة وخمسين وللأخ ستة في ثلاثة عشر ثمانية وسبعون وللزوج اثنا عشر في ثلاثة عشر بمائة وستة وخمسين وترجع بالاختصار إلى مائتين وستة عشر لأن السهام كلها تتفق بالأسداس "وعلى هذا تعمل ما ورد عليك" من هذه المسائل لأنها مثلها معنى فكذا يجب أن تكون مثلها عملاً.
مسألة: ثلاثة إخوة لأب ادعت امرأة أنها أخت الميت لأبيه وأمه فصدقها

(6/241)


الأكبر وقال الأوسط هي أخت لأم وقال الأصغر هي أخت لأب فالأكبر يدفع إليها نصف ما في يده ويدفع الأوسط سدس ما في يده ويدفع الأصغر سبع ما بقي وتصح من مائة وستة وعشرين لأن أصل مسألتهم من ثلاثة من اثنين والثاني: من ستة والثالث من سبعة والاثنان داخلان في الستة فتضرب ستة في سبعة باثنين وأربعين فهذا ما في يد كل واحد منهم فتأخذ من الأكبر إحدى وعشرين ومن الأوسط سبعة وهو السدس ومن الأصغر ستة وهو السبع فصار لها أربعة وثلاثون.
فرع: إذا مات رجل وخلف ابنين فمات أحدهما وترك بنتا فأقر الباقي بأخ له من أبيه ففي يده ثلاثة أرباع المال وهو يزعم أن له ربعا وسدسا فيفضل في يده ثلث يرده على المقر به فإن أقرت به البنت وحدها ففي يدها الربع وهي تزعم أن لها السدس يفضل في يدها نصف السدس تدفعه إلى المقر له.

(6/242)


باب ميراث القاتل
كل قتل مضمون بقصاص أودية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول،
__________
باب ميراث القاتل
عقد هذا الباب لبيان إرث القاتل وعدمه وهو المقصود بالترجمة وكان ينبغي أن يعبر بالنفي والقتل على ضربين مضمون وغير مضمون فالمضمون موجب للحرمان وهو المعبر عنه بقوله:
"كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة" كمن رمى إلى صف الكفار فأصاب مسلما "يمنع القاتل ميراث المقتول" لما روى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يرث القاتل شيئا" رواه أبو داود والدارقطني.
وعن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لقاتل ميراث" رواه مالك وأحمد.

(6/242)


سواء كان عمدا أوخطأ،
__________
وعن ابن عباس مرفوعا مثله رواه أحمد وروى النسائي معناه مرفوعا صححه ابن عبد البر في الفرائض ونقل الاتفاق عليه وضعفه غيره.
والمعنى فيه أنه لو ورث القاتل لم يأمن من داعر مستعجل الإرث أن يقتل مورثه فيفنى العالم فاقتضت المصلحة حرمانه ولأن القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث وظاهره: أن المقتول يرث من قاتله مثل ان يجرح مورثه ثم يموت قبل المجروح من تلك الجراحة وسواء انفرد به أو شارك غيره فلو شهد على مورثه مع جماعة ظلما بقتل لم يرثه "سواء كان عمدا" بالإجماع إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير أنهما ورثاه منه لأن آية المواريث تناولته بعمومها فيجب العمل بها.
ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه فإن عمر أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع ولأن الوارث ربما استعجل موت مورثه ليأخذ ماله كما فعل الإسرائيلي الذي قتل ابن عمه فأنزل الله تعالى فيه قصة البقرة.
"أو خطأ" نص عليه وهو قول جمهور العلماء وذهب سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب والأوزاعي والزهري أنه يرث من المال دون الدية وروي نحوه عن علي لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة تخصص قاتل العمد فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه وأجيب بما تقدم ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والمخالف في الدين سدا للذريعة وطلبا للتحرز عنه.
لكن ذكر أبو الوفاء وأبو يعلى الصغير أنه يرث من لا قصد له من صبي ومجنون وإنما يحرم من يتهم وصححه أبو الوفاء ونص أحمد خلافه لأنه قد يظهر الجنون ليقتله وقد يحرض عاقل صبيا فحسمنا المادة كالخطأ.

(6/243)


بمباشرة أو سبب صغيرا كان القاتل أو كبيرا وما لا يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه وقتل العادل الباغي أو الباغي للعادل فلا يمنع منه وعنه: لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي،
__________
"بمباشرة" كان الخطأ كمن رمى صيدا فأصاب مورثه "أو سبب" كمن حفر بئرا عدوانا فسقط فيها مورثه "صغيرا كان القاتل أو كبيرا" لأنه قاتل فتشمله الأدلة وظاهره: لا فرق بين الأب وغيره وسواء قصد مصلحته كضرب الأب والزوج للتأديب وكسقيه الدواء وربط جرحه والمعالجة إذا مات به.
وفي الفروع ولو شربت دواء فأسقطت جنينها لم ترث من الغرة شيئا نص عليه وقيل: من أدب ولده فمات لم يرثه وأنه إن سقاه دواء أو فصده أو بط سلعته لحاجة فوجهان وإن في الحافر احتمالين ومثله نصب سكين ووضع حجر ورش ماء وإخراج جناح انتهى.
وقاله في الرعاية أيضا وجزم في الحاشية بأنه إذا أدب ولده فمات يمنع الإرث وظاهر الشرح إذا لم يقصد مصلحته.
"وما لا يضمن بشيء من هذا كالقتل قصاصا أو حدا" كمن قتله الإمام بالرجم أو بالمحاربة وكذا إن شهد على مورثه بما يوجب الحد أو القصاص نقل محمد بن الحكم في أربعة شهود شهدوا على أختهم بالزنى فرجمت فرجمها مع الناس يرثونها لأنهم غير قتلة ويتوجه في تزكية شهود كذلك.
"أو دفعا عن نفسه" لأنه فعل فعلا مأذونا فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه وسقاه فأفضى إلى تلفه "وقتل العادل الباغي أو الباغي للعادل فلا يمنع" صححه في الهداية والمحرر وجزم به في الوجيز لأن المنع من العدوان حسما لمادته ونفيا للقتل المحرم فلو منع هنا لكان مانعا من استيفاء الواجب أو الحق المباح استيفاؤه.
"وعنه: لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي" لعموم الأدلة وهاتان روايتان لكن الأولى: لا يرث الباغي العادل جزم بها القاضي في الجامع

(6/244)


فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث.
__________
الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والمغني والتبصرة والترغيب لأن الباغي آثم ظالم فناسب أن لا يرث مع دخوله في عموم الأدلة وهذا بخلاف العادل لأنه مأذون في الفعل مثاب عليه وذلك لا يناسب نفي الإرث.
واختار المؤلف وجمع إن جرحه العادل ليصير غير ممتنع ورثه لا إن تعمد قتله ابتداء قال في الفروع وهو متجه ولأن العادل إذا منع من الإرث مع الإدن جاز أن يمنع منه كل قاتل لأن أعلى مراتبه أن يكون مأذونا له فيه.
"فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث" بحال في رواية هي ظاهر الخرقي وعموم الأدلة يشهد لها وهذا مبني على سد الذريعة والأول أولى لأنه إنما حرم الميراث في محل الوفاق لئلا يفضي إلى اتخاذ القتل المحرم وسيلة وفي مسألتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود واستيفاء الحقوق المشروعة ولا يفضي إلى اتخاذ قتل محرم فهو ضد ما ثبت في الأصل.
مسألة : أربعة إخوة قتل أكبرهم الثاني ثم قتل الثالث الأصغر سقط القصاص عن الأكبر لأن ميراث الثاني صار للثالث والأصغر نصفين فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه دونه الأكبر فرجع اليه نصف دم نفسه وميراث الأصغر جميعه فيسقط عنه القصاص لميراثه بعض دم نفسه وله القصاص من الثالث ويرثه في ظاهر المذهب فإن اقتص منه ورثه وورث إخوته الثلاثة والله أعلم بالصواب.

(6/245)


باب ميراث المعتق بعضه
__________
باب ميراث المعتق بعضه
ذكر في هذا الباب المانع من الإرث وهو الرق مع ما تقدم من اختلاف الدين والقتل المضمون ومن يرث بعضه.

(6/245)


لا يرث العبد ولا يورث سواء كان قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد،
__________
"لا يرث العبد" نص عليه قال في المغني لا نعلم فيه خلافا إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكا يشتري من ماله ويعتق ثم يرث وقاله الحسن وعن أحمد يرث عند عدم وارث ذكره في المذهب وأبو البقاء في الناهض والأول قول الجمهور ولأن فيه نقصا يمنع كونه موروثا فمنع كونه وارثا كالمرتد ويفارق الوصية فإنها تصح وتكون لمولاه وقياسهم بالحمل ينتقض بمختلفي الدين.
"ولا يورث" إجماعا لأنه لا مال له فيورث عنه ولأنه لا يملك وإن قيل به فملكه ناقص غير مستقر ينتقل إلى سيده بزوال ملكه فيه يدل عليه قوله عليه السلام: "من باع عبدا وله مال..." إلى آخره إذ السيد أحق بمنافعه وأكسابه فكذا بعد مماته.
"سواء كان قنا" قال ابن سيده وغيره هو وأبوه مملوكان وفي اصطلاح الفقهاء هو الرقيق الكامل الذي لم يحصل فيه شيء من أسباب العتق ومقدماته قال الجوهري ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث وربما قالوا عبيدا قنان ويجمع على أقنة.
"أو مدبرا" لأن فيه جميع أحكام العبودية بدليل أنه عليه السلام باعه "أو مكاتبا" لأنه عبد ما بقي عليه درهم وهذا ظاهر فيما إذا لم يملك قدر ما عليه و قال القاضي وأبو الخطاب: إذا أدى ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق لأنه يجب إيتاؤه ذلك وفي رواية أخرى أنه إذا ملك ما يؤدي صار حرا يرث ويورث فإذا مات له من يرثه ورث وإن مات فلسيده بقية كتابته والباقي لورثته لأثر سيأتي.
"أو أم ولد" لأنها رقيقة يجري فيها جميع أحكام الرق إلا ما استثني.
فرع : المعلق عتقه بصفة إذا لم توجد كذلك.

(6/246)


فأما المعتق بعضه فما كسبه بجزئه الحر فلورثته ويرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية فإذا كانت بنت وأم نصفهما حر وأب حر فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها وهو الربع وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها حريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه يبقى لها الربع لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن والباقي للأب،
__________
"فأما المعتق بعضه فما كسبه بجزئه الحر" مثل أن يكون قد هايأ سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئا فإن الميراث إنما يستحقه بجزئه الحر "فلورثته ويرث" إذا مات له من يرثه "ويحجب بقدر ما فيه من الحرية" في قول علي وابن مسعود واختاره جمع لما روى عبد الله بن أحمد ثنا البرمكي عن يزيد بن هارون عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العبد يعتق بعضه: "يرث ويورث على ما عتق منه" وفيه انقطاع. قال أحمد: إذا كان العبد نصفه حرا ونصفه رقيقا ورث بقدر الحرية وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه يجب أن يثبت لكل بعض حكمه كما لو كان الآخر مثله وقياسا لأحدهما على الآخر.
وقال زيد: لا يرث ولا يورث وأحكامه أحكام العبد وفاقا لمالك وجعل ماله لمالك باقيه قال ابن اللبان وهو غلط لأنه ليس لمالك باقيه على ما عتق منه ملك ولا ولاء عليه ولا هو ذو رحم.
"فإذا كانت بنت وأم نصفهما حر وأب حر فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها" لأنها لو كانت كاملة الحرية لكان لها النصف فوجب أن يكون لها بنصف حريتها نصفه "وهو الربع" لأنه نصف النصف "وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث" لأنه ميراثها حينئذ "والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها حريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه يبقى لها الربع" وهو نصف النصف "لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن" لأنه نصف ما يستحقه بالحرية الكاملة "والباقي للأب" لأن له السدس بالفرض وما بقي بعده بالتعصيب لأنه أولى

(6/247)


وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثى وإذا كان عصبتان نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما يحتمل وجهين.
__________
رجل ذكر "وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثى" فنقول: إن كانتا حرتين فالمسألة من ستة للبنت ثلاثة وللأم سهم والباقي للأب وإن كانا رقيقين فالمال للأب وإن كانت البنت وحدها حرة فلها النصف والباقي للأب فهي من اثنين وإن كانت الأم وحدها حرة فلها الثلث فهي من ثلاثة وكلها تدخل في الستة فتضربها في الأحوال الأربعة تكن أربعة وعشرين للبنت ستة وهي الربع لأن لها النصف في حالين وللأم ثلاثة لأن لها السدس في حال والثلث في حال والباقي للأب لأن المال له في حال والثلث في حال والنصف في حال والثلثان في حال صار ذلك خمسة عشر وترجع بالاختصار إلى ثمانية.
"وإذا كان عصبتان" لا يحجب أحدهما الآخر "نصف كل واحد منهما حر كالأخوين فهل تكمل الحرية فيهما؟ يحتمل وجهين" أصحهما تكمل قاله في المستوعب وهو قياس قول علي قاله الخبري فتضم الحرية من أحدهما إلى ما في الآخر منهما فإن كمل منهما واحد ورثا جميعا ميراث ابن حر لأن نصفي شيء شيء كامل ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد منهما ففي مسألة الكتاب يكمل.
وكذا إذا كان ثلثا أحدهم حرا وثلث الآخر كذلك فيقسم حينئذ ما ورثاه بينهما أثلاثا فإن نقص ما فيهما من الحرية عن جزء كامل ورثا بقدر ما فيهما وإن زاد على جزء واحد وكان الجزءان فيهما سواء قسم ما ورثاه بينهما بالسوية وإن اختلفا أعطى كل واحد منهما بقدر ما فيه.
والثاني: لا تكمل وهو أشهر لأنها لو كملت لم يظهر للرق فائدة وكانا في ميراثهما كالحرية.
وعليه فيه وجهان: أحدهما لكل واحد نصف ماله في حال حريتهما،

(6/248)


فإن كان أحدهما يحجب الآخر كابن وابن ابن فالصحيح أنها لا تكمل.
__________
وهو هنا الربع والثاني : بطريق الخطاب ومعناه لو خاطبتهما لقلت للحر لك المال لو كان أخوك رقيقا ونصفه لو كان حرا.
فعلى هذا لكل واحد ربع وثمن ولو كان ابن وبنت نصفهما حر وعم فعلى الأول لهما ثلاثة أرباع المال ونصفه على الثاني وخمسة أثمانه على الثالث ولو كان معهم أم فلها السدس على الأوجه والبنت والابن هل لهما على الأول على ثلاثة وثلاثة أرباع المال الباقي بعد السدس أو ثلاثة أرباع المال فيه وجهان.
وعلى الثاني هل لها نصف المال أو نصف الباقي بعد السدس؟ على وجهين "فإن كان أحدهما يحجب الآخر كابن وابن ابن" فوجهان "فالصحيح أنها لا تكمل" لأن الشيء لا يكمل مما يسقطه ولا يجمع بينه وبين ما ينافيه فإن كان نصف كل منهما حرا فللابن النصف ولا شيء لابنه على الأوسط وعلى الأول الربع وعلى الثالث النصف قال في الشرح وورثهم بعضهم بالخطاب وتنزيل الأحوال وحجب بعضهم ببعض على مثال تنزيل الخناثى وهو قول أبي يوسف.
مسألة : أم وأخوان بأحدهما رق لها ثلث وحجبها أبو الخطاب بقدر حريته فبنصفها عن نصف سدس.
تنبيه : يرد على ذي فرض وعصبة لم يرث بقدر نسبة الحرية منهما فلبنت نصفها حر النصف بفرض ورد ولابن مكانها النصف بالعصوبة والبقية لبيت المال ولابنين نصفهما حران لم نورثها المال البقية مع عدم عصبة ولبنت وجدة نصفهما حر المال نصفين بفرض ورد ومع حريته ثلاثة أرباعهما المال بينهما أرباعا بقدر فرضيهما ومع حرية ثلثهما الثلثان بينهما والبقية لبيت المال.
ابن نصفه حر له نصف المال فإن كان معه آخر فلهما المال في وجه وفي آخر لهما نصفه والباقي للعصبة أو لبيت المال وقيل: لكل منهما ثلاثة أثمان

(6/249)


..................................
__________
المال لأنهما لو كانا حرين لكان لكل منهما النصف ولو كانا رقيقين لم يكن لهما شيء ولوكان الأكبر حرا لكان المال له وبالعكس ولكل واحد منهما في الأحوال الأربعة مال ونصف فله ربع ذلك وهو ثلاثة أثمان فإن كان معهما ابن آخر ثلثه حر فعلى الوجه الأول يقسم المال بينهم على ثمانية كما تقسم مسألة: المباهلة وعلى الثاني يقسم النصف بينهم على ثمانية وفي وجه يقسم الثلث بينهم أثلاثا ثم يقسم السدس بين صاحبي النصفين نصفين.

(6/250)


باب الولاء
كل من أعتق عبدا،
__________
باب الولاء
أي باب ميراث الولاء لأن الولاء لا يورث وإنما يورث به فهو من إضافة الشيء إلى سببه لأن سبب الميراث هنا الولاء ولا شك أنه من جملة الأسباب التي يتوارث بها والولاء بفتح الواو ممدود وهو ثبوت حكم شرعي بالعتق أو تعاطي سببه ومعناه أنه إذا أعتق رقيقا على أي: جهة صار له عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب كالميراث وولاية النكاح والعقل.
والأصل فيه قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية يعني الأدعياء مع قوله عليه السلام: "الولاء لمن أعتق" متفق عليه. وإنما تأخر الولاء عن النسب لقوله عليه السلام في حديث عبد الله بن أبي أوفى: "الولاء لحمة كلحمة النسب" رواه الخلال ورواه الشافعي وابن حبان من حديث ابن عمر مرفوعا وفيه لا يباع ولا يوهب شبهه بالنسب والمشبه دون المشبه به وأيضا فإن النسب أقوى منه لأنه تتعلق به المحرمية ووجوب النفقة وترد الشهادة ونحوها بخلاف الولاء.
"كل من أعتق عبدا" وفي الفروع: رقيقا وهي أولى وسواء أعتقه كله أو

(6/250)


أو عتق عليه برحم أو كتابة
__________
بعضه فسرى إلى بقيته فله عليه الولاء إجماعا حيث لم يعتقه عن نذره أو كفارته وكلامه شامل للمسلم وغيره فلو أعتق الحربي حربيا فله عليه الولاء في قول عامتهم فإن جاء المعتق مسلما فالولاء بحاله.
وإن سبي مولي النعمة لم يرث ما دام عبدا فإن عتق فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على عتيقه وهل يثبت لمعتق السيد ولاء على معتقه فيه احتمالان فإن كان الذي اشتراه مولاه فأعتقه فكل واحد منهما مولى صاحبه وإن أسره مولاه فكذلك وإن سبي المعتق فاشتراه رجل فأعتقه بطل ولاء الأول وصار للثاني على المشهور.
وإن أعتق ذمي عبدا فهرب إلى دار الحرب فاسترق فالحكم فيه كما لو أعتقه الحر سواء. وإن أعتق مسلم كافرا فهرب إلى دار الحرب ثم سباه المسلمون لم يجر استرقاقه وقال المؤلف والصحيح جوازه فعلى هذا إن استرق فالولاء للثاني وقيل: للأول وقيل: بينهما. وإن أعتق مسلم مسلما أو أعتقه ذمي ثم ارتد ولحق بدار الحرب فسبي لم يجز استرقاقه وإن اشتري فهو باطل ولا تقبل منه إلا التوبة أو القتل.
"أو عتق عليه برحم" يعني إذا ملكه يعتق عليه بالملك وكان ولاؤه له كما لو باشر عتقه وسواء ملكه بشراء أو هبة أو إرث أو غنيمة بغير خلاف نعلمه أو كتابة يعني إذا كاتبه فأدى ما كوتب عليه عتق ولا فرق بين أن يؤدي إلى سيده أو إلى ورثته لأن عتقه بكتابته وهي من سيده وحكى ابن سراقة عن عمرو بن دينار وأبي ثور أنه لا ولاء على المكاتب لأنه اشترى نفسه فلم يكن عليه ولاء كما لو اشتراه أجنبي فأعتقه وهذا قويل عندنا ورد بالأحاديث المشهورة.

(6/251)


أو تدبير أو استيلاد أو وصية بعتقه فله عليه الولاء وعلى أولاده من زوجة معتقة أو من أمته وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا ويرث به عند عدم العصبة من النسب،
__________
فرع : إذا اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال عتق والولاء لسيده نص عليه كالمكاتب وفيه قول.
"أو تدبير" أي: عتق عليه بالتدبير فولاؤه لسيده في قول عامة الفقهاء "أو استيلاد" يعني إذا عتقت أم الولد بموت سيدها فولاؤها له يرثها أقرب عصبته في قول الجمهور وقال ابن مسعود يعتق من نصيب ولدها فيكون الولاء له وقال علي لا يعتق ما لم يعتقها وله بيعها واختاره جابر بن زيد والأول أولى لأنها عتقت بفعله من ماله فكان ولاؤها له كما لو عتقت بقوله "أو وصية بعتقه" أي: إذا أوصى أن يعتق عنه بعد موته فأعتق فالولاء له وكذا إن وصى به ولم يقل: عني.
"فله عليه الولاء" أي: ثبت للمعتق على المعتق إلا إذا أعتق قن قنا ملكه نص عليه "وعلى أولاده من زوجة معتقة أو من أمته" لأنه ولي نعمتهم وعتقهم بسببه ولأنهم فرع والفرع يتبع أصله بشرط أن يكونوا من زوجة معتقة أو سرية فإن كانت أمهم حرة الأصل فلا ولاء على ولدها لأنهم يتبعونها في الحرية والرق فيتبعونها في عدم الولاء إذ ليس عليها ولاء.
"وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا" لأنه ولي نعمتهم وبسببه عتقوا أشبه ما لو باشرهم بالعتق " ويرث به عند عدم العصبة من النسب" أي: إذا لم يكن للمعتق عصبة ولا ذو فرض فهو للمولى لما روى الحسن مرفوعا الميراث للعصبة فإن لم تكن عصبة فللمولى ولأن النسب أقوى من الولاء بدليل أنه يتعلق به التحريم وسقوط القصاص ورد الشهادة بخلاف الولاء وظاهره: أنه إذا كان عصبة أو ذو فرض يستغرق فروضهم المال فلا شيء للمولى بغير خلاف نعلمه ولو كان ذو فرض لا تستغرق المال فالباقي للمولى.

(6/252)


ثم يرث به عصبته من بعده الأقرب فالأقرب وعنه: في المكاتب إذا أدى إلى الورثة أن ولاءه لهم وإن أدى إليهما فولاؤه بينهما ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه.
__________
"ثم يرث به عصبته من بعده" سواء كان ابنا أو أخا أو أبا أو غيره من العصبات ولا فرق بين كون المعتق ذكرا أو أنثى " الأقرب فالأقرب" لما روى أحمد عن سعيد بن المسيب مرفوعا أنه قال المولى أخ في الدين ومولى نعمة يرثه أولى الناس بالمعتق ولأنه حق من حقوقه فوجب أن يرث به أقرب عصباته كالنسب فإن لم تكن له عصبة فلمولاه.
"وعنه: في المكاتب إذا أدى إلى الورثة أن ولاءه لهم" لأنه انتقل إليهم أشبه ما لو اشتروه "وإن أدى إليهما فولاؤه بينهما" أي: بين السيد والورثة لأن العتق يتبع الأداء وفي التبصرة وجه أنه للورثة وفي المبهج إن أعتق كل الورثة المكاتب نفذ والولاء للرجال وفي النساء روايتان.
"ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رق فلا ولاء عليه" أي: إذا كان أحد الزوجين حر الأصل فلا ولاء على ولدها سواء كان الآخر عربيا أو مولى لأن الأم إن كانت حرة الأصل فالولد يتبعها فيما إذا كان الأب رقيقا في انتفاء الرق والولاء فلأن يتبعها في نفي الولاء أولى وإن كان الأب حر الأصل فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاء بحيث يصير الولاء عليه لمولى أبيه فلأن يتبعه في سقوط الولاء عنه أولى.
وعلى هذا لا فرق بين أن يكون مسلما أو ذميا معلوم النسب أو مجهوله قال الأصحاب هذا هو الأشبه بمذهب أحمد ونصره في الشرح و قال القاضي: إن كان مجهول النسب ثبت الولاء على ولده لمولى الأم إن كانت مولاة وعلله الخبري بأن مقتضى ثبوته لمولى الأم موجود وإنما امتنع في محل الوفاق لحرية الأب فإذا لم تكن معلومة فقد وقع الشك في المانع فيبقى على الأصل

(6/253)


ومن أعتق سائبة،
__________
وجوابه: بأن الأب حر محكوم بحريته أشبه معروف النسب إذ الأصل في الآدميين الحرية فإن كان الأب مولى والأم مجهولة النسب فعلى الخلاف والمذهب لا ولاء عليه وقد علم أن من أبوه حر الأصل وأمه عتيقة فلا ولاء عليه وعنه: يلي لمولى أمه ومن كانت أمه عتيقة وأبوه مجهول النسب فلا ولاء عليه وعنه: بلى كمولى أبيه.
مسألة : إذا تزوج عبد بمعتقة لقوم أو بحرة الأصل فأولدها ثم أعتقه مولاه قال ابن أبي موسى لايختلف قول أحمد أن ولاء أولاده لمولى أبيهم وجزم به في الوجيز وفي حر الأصل إذا تزوج أمة فعتق ولدها على سيدها فله ولاؤه
"ومن أعتق سائبة" كقوله: أعتقتك سائبة كأنه يجعله لله أو أعتقتك ولا ولاء لي عليك وأصله من تسييب الدواب ولا نزاع في صحة العتق والخلاف إنما هو في ثبوت الولاء للمعتق وفيه روايتان حكاهما الشيخان.
فأشهرهما واختاره أكثر الأصحاب حتى إن القاضي والشريف وأبا الخطاب في خلافيهما وابن عقيل في التذكرة لم يذكروا خلافا أنه لا ولاء عليه لأن ابن عمر أعتق سائبة فمات فاشترى ابن عمر بماله رقابا فأعتقهم وعلله أحمد بأنه جعله لله فلا يجوز أن يرجع إليه منه شيء ففي عقله لكونه معتقا وانتفاء الولاء عنه روايتان قاله أبو المعالي وماله لبيت المال.
و الثانية : أنه يثبت الولاء للمعتق جزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع قال المؤلف وهو أصح في النظر لعموم الأخبار وعن هزيل بن شرحبيل قال جاء رجل إلى عبد الله قال إني أعتقت عبدا وجعلته سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله إن أهل الإسلام لا يسيبون وإنما كان أهل الجاهلية يسيبون وأنت ولي نعمته وإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال رواه مسلم.
وقال سعيد: ثنا هشيم عن منصور أن عمر وابن مسعود قالا في ميراث

(6/254)


أو في زكاته أو نذره أو كفارته ففيه روايتان إحداهما له عليه الولاء و الثانية: لا ولاء عليه وما رجع في ميراثه رد في مثله يشتري به رقابا يعتقهم ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق،
__________
السائبة هو للذي أعتقه.
"أو في زكاته أو نذره أو كفارته ففيه روايتان إحداهما له عليه الولاء" للعموم ولأن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق وهو يوجب العتق ولم يمنع ذلك ثبوت الولاء لها "والثانية: لا ولاء عليه" لأنه أعتقه في الزكاة من غير ماله فلم يكن له عليه الولاء كما لو دفعها إلى الساعي فاشترى بها وأعتق وكما لو دفع إلى المكاتب مالا فأداه في كتابته وفارق الذي اشترط عليه العتق فإنه أعتقه من ماله والعتق في الكفارة والنذر واجب عليه أشبه العتق في الزكاة.
"وما رجع من ميراثه رد في مثله يشتري به رقابا يعتقهم" هذا هو المعروف في السائبة لما روي عن ابن عمر ونظرا إلى أنه جعله محضا لله فيختص بهذه الجهة وهل ولاية الإعتاق للإمام لأنه النائب عن الله وهو أظهر أو للسيد لأنه المعتق فيه روايتان وقال أحمد في الذي يعتق من زكاته إن ورث منه شيئا جعله في مثله وهو قول الحسن وإسحاق.
قال في الشرح: وعلى قياس ذلك العتق في الكفارة والنذر لأنه واجب عليه وعنه: في السائبة والمعتق في الواجب لا ولاء عليه بل ماله لبيت المال لأنه لا وارث له فعلى الأول إذا خلف السائبة ذا فرض لا يستغرق ماله أخذ فرضه واشترى بباقيه رقابا يعتقهم ولا يرد على أهل الفرض فلو ترك بنتا ومعتقا فللبنت النصف والباقي يصرف في العتق إذ جهة العتق هي المستحقة للولاء على القول بأن الولاء للسيد والمال بينهما نصفان وعلى الآخر الجميع للبنت بالفرض والرد إذ الرد مقدم على بيت المال.
"ومن أعتق عبده عن ميت أو حي بلا أمره فولاؤه للمعتق" للخبر ولأنه أعتقه بغير إذن الآخر فكان ولاؤه للمعتق كما لو لم ينوه لكن ذكر في

(6/255)


وإن أعتقه عنه بأمره فولاؤه للمعتق عنه وإذا قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه.
__________
المحرر والفروع والوجيز تبعا للقاضي أنه إذا أعتق عن ميت في واجب عليه أن العتق يقع عن الميت لمكان الحاجة إلى ذلك وهو الاحتياج إلى براءة الذمة.
قال الشيخ تقي الدين: بناء على أن الكفارة ونحوها من شرطها الدخول في ملك المكفر عنه وحينئذ يصح العتق وقيل: لا يصح إلا بوصية قال في الترغيب بناء على قولنا الولاء للمعتق عنه.
وإن تبرع بعتقه عنه ولا تركة فهل يجزئه كإطعام وكسوة أم لا جزم به في الترغيب لأن مقصوده الولاء ولا يمكن إثباته بدون المعتق عنه فيه وجهان وإن تبرع عنه أجنبي فأوجه ثالثها يجزئه في إطعام وكسوة.
"وإن أعتقه عنه بأمره" صح لأنه نائب عنه فكان.
"فولاؤه للمعتق عنه" في قول أكثرهم كما لو باشره ولما ذكره حالات نبه عليها بقوله: "وإذا قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه" ففعل قبل فراقه أو بعده "فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه" لا نعلم فيه خلافا قاله في المغني لأنه أعتقه عنه بشرط العوض فيقدر ابتياعه منه ثم توكيله في عتقه ليصح أشبه ما لو ابتاعه منه ثم وكله في عتقه وكإطعامه طعامه عنه والكسوة وذكر ابن أبي موسى لا يجزئه حتى يملكه إياه فيعتقه هو ونقله مهنا وعلى الأول يجزئه عن واجب ما لم يكن قريبه ويلزمه عوضه بالتزامه وعنه: يلزمه ما لم ينفه وعنه: العتق والولاء للمسؤول لا للسائل إلا حيث التزم العوض وفي الترغيب لو قال أعتقه عن كفارتي ولك علي مائة فأعتقه عتق ولم يجزئه وتلزمه المائة والولاء له قال ابن عقيل ثم قال أعتقه عني بهذا الخمر والخنزير ملكه وعتق كالهبة والملك يقف على القبض في هبة بلفظها لا بلفظ العتق بدليل أعتق عبدك عني ينتقل الملك قبل إعتاقه ويجوز جعله قابضا من طريق الحكم كقوله بعتك أو وهبتك هذا فقال المشتري:

(6/256)


وإن قال: أعتقه والثمن علي ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق وإن قال الكافر لرجل: أعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين.
__________
هو حر عتق وقدر القبول حكما.
"وإن قال: أعتقه والثمن علي" أو أعتقه عنك وعلي ثمنه "ففعل فالثمن عليه" أي: على السائل لأنه جعل جعلا على الإعتاق فلزمه بالعمل أشبه ما لو قال من بنى لي هذا حائطا فله كذا استحقه بعمله "والولاء" والعتق "للمعتق" أي: المسؤول على الأصح لأنه لم يأمره بإعتاقه عنه ولا قصد به المعتق ذلك فلم يوجد ما يقتضي صرفه إليه فيبقى للمسؤول عملا بالخبر ويجزئه عن واجب في الأصح و قال القاضي: في موضع لايجزىء عن الواجب ويقع عن العتق والولاء للسائل قال في المحرر وفيه بعد.
تنبيه : بقي هنا صورتان:
الأولى : إذا قال: أعتقه عني وأطلق فيحتمل أنه يلزمه العوض كما لو صرح به إذ الغالب في انتقال الملك العوض ويحتمل عدمه لأنه التزام ما لم يلتزمه.
الثانية : إذا قال أعتقه عني مجانا لم يلزمه العوض بلا نزاع والولاء والعتق للسائل في ظاهر كلام الخرقي وجماعة.
فرع : لو قال أعتق مكاتبك على ألف ففعل عتق ولزم القائل ألف وولاؤه للمعتق وقيل: للقائل فلو قال اقبله على درهم فلغو ذكره في الانتصار قال في الفروع ويتوجه وجه.
"وإن قال الكافر لرجل أعتق عبدك المسلم عني وعلي ثمنه ففعل فهل يصح على وجهين:" كذا أطلقهما في المحرر والفروع:
أحدهما : وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز أنه يصح ويعتق لأنه

(6/257)


وإن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه وهل يرث به على روايتين إحداهما لا يرث لكن إن كان له عصبة على دين المعتق ورثه وإن أسلم الكافر منهما ورث المعتق رواية واحدة.
__________
يملكه زمنا يسيرا فاغتفر هذا الضرر اليسير لأجل تحصيل الحرية للأبد وهو نفع عظيم لأنه يصير متهيئا للطاعات وإكمال القربات وحينئذ الولاء للكافر جزم به في الوجيز لظاهر الخبر.
والثاني: لا يصح ولا يعتق لأنه يلزم من الصحة ثبوت الملك المقدر وهو كالمحقق وثبوت المحقق منفي لما فيه من الصغار فكذلك ثبوت ما يشبهه وحكاهما في الرعاية روايتين:
"وإن أعتق عبدا يباينه في دينه فله ولاؤه" بغير خلاف نعلمه لأنه معتق فيدخل في قوله عليه السلام الولاء لمن أعتق وحينئذ يثبت الولاء للأنثى على الذكر وبالعكس.
"وهل يرث به؟ على روايتين: إحداهما: لا يرث" وهو قول جمهور الفقهاء قال في المغني وهو أصح في الأثر والنظر لخبر أسامة لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولأنه ميراث فمنعه اختلاف الدين كميراث النسب والميراث بالنسب أقوى فإذا منع الأقوى فالأضعف أولى و الثانية: يرثه روي عن عمر وعلي وغيرهما واحتج أحمد بقول علي الولاء شعبة من الرق فلم يضر تباين الدين بخلاف الإرث بالنسب.
"لكن" أي: على الأولى "إن كان له" أي: للسيد "عصبة على دين المعتق" بفتح التاء "ورثه" أي: العصبة أشبه ما لو كان الأقرب من العصبة مخالفا لدين الميت والأبعد على دينه.
"وإن أسلم الكافر منهما" أي: من السيد والمعتق "ورث المعتق" بكسر التاء "رواية واحدة" لأنهما اجتمعا على الإسلام فتوارثا كالمتناسبين لزوال المانع.

(6/258)


فصل
ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن وعنه: في بنت المعتق خاصة: ترث.
__________
فصل
"ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن" وأولادهما ومن جروا ولاءه "أو كاتبن أو كاتب من كاتبن" هذا ظاهر كلام أحمد واختاره الأكثر وروي عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع وسنده ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: "ميراث الولاء للكبر من الذكور ولا يرث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن" . ولأن الولاء مشبه بالنسب والمولى المعتق من المولى المنعم بمنزلة أخيه أو عمه فولده من العتيق بمنزلة ولد أخيه أو عمه ولا يرث منهم إلا الذكور خاصة ويستثنى منه إلا عتيق ابن ملاعنة فإن الملاعنة ترثه على المنصوص إن عدم الابن و قلنا: هي العصبة وإلا عصبتها.
"وعنه: في بنت المعتق خاصة: ترث" نقلها أبو طالب ووهمه أبو بكر في حكايتها عنه واختارها القاضي وأصحابه وإليها ميل المجد في المنتقى واحتج الإمام أحمد بما روى ابن عباس أن مولى لحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف ورواه الدارقطني.
وقد روى إبراهيم النخعي ويحيى بن آدم وإسحاق أن المولى كان لحمزة واعترض عليه بأن المولى كان لابنة حمزة قاله أحمد في رواية ابن القاسم وسأله هل كان المولى لحمزة أو لابنته فقال: لابنته فقد نص على أن ابنة حمزة ورثت بولاء نفسها لأنها هي المعتقة وصححه في الكافي والشرح ويرشحه ما روى ابن ماجه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن بنت حمزة وهي أخت ابن

(6/259)


والأول أصح ولا يرث منه ذوا فرض إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن،
__________
شداد لأمه قالت: مات مولاي وترك ابنة فقسم النبي صلى الله عليه وسلم
ماله بيني وبين ابنته فجعل لي النصف ولها النصف ورد بأن ابن أبي ليلى ضعيف ثم يحتمل تعدد الواقعة فلا معارضة ولو سلم الاتحاد فيحتمل أنه أضيف مولى الوالد إلى الولد بناء على أن الولاء ينتقل إليه أو أنه يرث به وعنه: أنها ترث مع عدم عصبة وعنه: ترث مع أخيها فلو اشترى هو وأخته أباهما فعتق ثم اشترى عبدا وأعتقه ثم مات عتيقه بعد أبيه ورثه ابنه لا بنته وعلى الثانية: يرثانه أثلاثا فلو نكحت عتيقها وأحبلها فهي القائلة إن ألد أنثى فالنصف وذكرا فالثمن وإن لم ألد فالجميع "والأول أصح" لإجماع الصحابة ومن بعدهم عليه.
مسائل
إذا خلف بنت معتقه وابن عم معتقه فلا شيء للبنت وجميع المال لابن عم المعتق على الأولى : وعلى الثانية : للبنت النصف والباقي لابن العم ولو خلف المعتق بنته وبنت معتقه فالمال كله لابنته على الأولى: بالفرض والرد وعلى الثانية: لابنته النصف ولابنة معتقه النصف ولو كان بدل بنت معتقه أخت معتقه فلا شيء لها قولا واحدا.
"ولا يرث منه" بالولاء "ذوا فرض" كالأخ من الأم والزوج إذا لم يكونا ابني عم " إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن" نص عليه في رواية جماعة لأنهما يرثان ذلك في غير الولاء فكذا في الولاء واختار أبو إسحاق سقوطهما مع ابن وهو قول زيد وأكثر الفقهاء لأن الابن أقرب العصبة وهما يرثان معه بالفرض ولا يرث بالولاء ذو فرض.
وجوابه: بأنه عصبة وارث فاستحق من الولاء كالأخوين ولا نسلم أن الابن أقرب من الأب بل هما فيه سواء وكلاهما عصبة لا يسقط أحدهما الآخر بل يتفاضلان في الميراث وكذا في الإرث بالولاء وفي الانتصار:

(6/260)


والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له.
والولاء لا يورث وإنما يورث به،
__________
ربما حملنا توريث أب سدسا بفرض مع ابن على رواية توريث بنت المولى فيجيء من هذا أنه يرث قرابة المولى بالولاء على نحو ميراثهم.
"والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له" أي: إذا زاد عدد البنين على اثنين لأنه يرث ذلك معهم في غير الولاء فكذا في الولاء وإن خلف المعتق أخاه وجده فالولاء بينهما نصفان وعن زيد المال للأخ لأنه ابن الأب والجد أبوه والابن أحق من الأب ومن جعل الجد أبا ورثه وجده وفي المحرر والفروع إن الجد كأخ وإن كثروا.
قال في الترغيب: وهو أقيس ويعاد الإخوة من الأبوين الجد بالإخوة من الأب ثم يأخذوا ما حصل لهم كالميراث وقال ابن سريج: هو على عددهم ورد بالميراث ولا يعتد بالأخوات لأنهن لا يرثن منفردات وكالإخوة من الأم وولد الأب إذا انفردن مع الجد كولد الأبوين.
مسائل
إذا خلف جد مولاه وابن أخي مولاه فالمال للجد في قولهم جميعا وكما لو خلف جد مولاه وعم مولاه فلو ترك جد أبي مولاه وعم مولاه فهو للجد في قول أهل العراق وقال الشافعي هو للعم وبنيه وإن سفلوا دون جد الأب.
فرع : لا يرث المولى من أسفل معتقه في قول عامتهم وحكي عن شريح وطاووس أنهما ورثاه لحديث ابن عباس حسنه الترمذي وروي ذلك عن عمر وعلى الأول لا يعقل عنه.
"والولاء لا يورث وإنما يورث به" في قول الأكثر لأنه عليه السلام شبهه بالنسب والنسب لا يورث وإنما يورث به ولأن الولاء إنما يحصل بإنعام السيد على رقيقه بالعتق وهذا المعنى لا ينتقل عن العتق فكذا الولاء.

(6/261)


ولا يباع ولا يوهب وهو للكبر خاصة فإذا مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق،
__________
"ولا يباع ولا يوهب" أي: لا يصح لأنه عليه السلام نهى عن بيع الولاء وهبته ولا يجوز شراؤه ولا وقفه ولا أن يأذن لمولاه فيوالي من شاء لكن روى سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبا وروي عنها أيضا أنها وهبت ولاء مواليها للعباس وقال ابن جريج: قلت: لعطاء أذنت لمولاي أن يوالي من شاء فيجوز قال: نعم وجوابه ما سبق وبأنه عليه السلام قال: "لعن الله من تولى غير مواليه" ولأنه معنى يورث به فلا ينتقل عنه كالقرابة فعلى هذا لا ينتقل الولاء عن المعتق بموته ولا يرثه ورثته وإنما يرثون المال به مع بقائه وهو للمعتق.
"وهو للكبر خاصة" أي: أنه يرث بالولاء أقرب عصبات السيد إليه يوم مات عتيقه لا يوم مات السيد هذا هو المختار للأصحاب والمشهور من الروايتين قال أحمد: في رواية صالح حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحرز الوالد والولد فهو لعصبته من كان" يرويه عمرو بن شعيب وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا الولاء للكبر فهذا الذي نذهب إليه وهو قول أكثر الناس قلت: وقد رواه سعيد ثنا هشيم ثنا أشعث بن سوار عن الشعبي أن عمر وعليا وزيدا وابن مسعود جعلوا الولاء للكبر.
والثانية: ونقلها حنبل وابن الحكم إن الولاء يورث كالمال وقاله جمع من الصحابة ومعناه أن من ملك شيئا في حياته فهو لورثته لكن يختص به العصبة.
"فإذا" هذا تفريع على المسألة وتوضيح لها "مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق" نص عليه في رواية أبي طالب لأن ابن المعتق أقرب الناس إليه يوم مات المعتق قال أحمد قوله عليه السلام أعطه أكبر خزاعة ليس أكبرهم سنا ولكن أقربهم إلى خزاعة.
وعلى الثانية: هو بينهما نصفان لأنه لما مات المولى المنعم ورث ابناه الولاء

(6/262)


وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحد عشرة وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما فعتق عليهما ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق ثم مات مولاه ورثه الرجل دون أخته،
__________
بينهما نصفين فإذا مات أحدهما انتقل نصيبه إلى ابنه.
"وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم" نص عليه "لكل واحد عشرة" لأن الجميع في القرب إلى السيد يوم مات العتيق سواء وعلى الأخرى ونص عليها هنا في رواية بكر بن محمد لابن الابن النصف إرثا عن أبيه والنصف الآخر على بني الابن الآخر على تسعة وتصح من ثمانية عشر.
فرع : إذا لم يخلف عصبة من نسب مولاه فماله لمولى أمه ثم لأقرب عصباته فإذا انقرض العصبات وموالي عصباتهم فماله لبيت المال.
"وإذا اشترى رجل وأخته أباهما أو أخاهما فعتق عليهما" يعني بالملك "ثم اشترى عبدا فأعتقه ثم مات المعتق" فميراثه بينهما أثلاثا بالنسب "ثم مات مولاه ورثه الرجل" لأنه ابن المعتق أو يتحقق فورثه بالنسب "دون أخته" لأنها مولاه المعتق وعصبة المعتق تقدم على مولاه.
وروي عن مالك أنه قال سألت عنها سبعين قاضيا من قضاة العراق فأخطاوا فيها قال في المستوعب وهذا مما لا خلاف فيه إلا على ما نقله الخرقي في بنت المعتق خاصة وحينئذ إذا اشتريا أباهما كان ميراث العبد بينهما أثلاثا.
مسألة : إذا خلف بنت مولاه ومولى أبيه فماله لبيت المال لأنه ثبت عليه الولاء من جهة مباشرته العتق فلم يثبت عليه بإعتاق أبيه.
فائدة : امرأة حرة لا ولاء عليها وأبواها رقيقان فيتصور إذا كانوا كفارا فتسلم هي ويسبي أبواها ويسترقان وإذا كان أبوها عبدا تزوج بأمة على أنها حرة فولدتها ثم ماتت.

(6/263)


وإذا ماتت المرأة وخلفت ابنها وعصبتها غيره ومولاها فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها.
__________
"وإذا ماتت المرأة وخلفت ابنها وعصبتها غيره ومولاها فولاؤه لابنها وعقله على عصبتها" لما روى إبراهيم قال اختصم علي والزبير في مولى صفية فقال علي مولى عمتي وأنا أعقل عنه وقال الزبير مولى أمي وأنا أرثه فقضى عمر على علي بالعقل وقضى للزبير بالميراث رواه سعيد واحتج به أحمد وظاهره: أن الابن ليس من العصبة وهو مقتضى كلام الأكثرين ومنهم من يجعله منها كالرواية الأخرى يقول الولاء له والعقل عليه فإن باد بنوها فولاؤه لعصبتها.
ونقل عنه جعفر بن محمد ولاؤه لعصبة بنيها وهو موافق للولاء يورث ثم لعصبة بنتها وقيل: لبيت المال ولم يفرق الخرقي وابن حمدان بين الرجل والمرأة والأكثر كالمتن قال في الشرح أما الرجل المعتق فإنه يعقل عن معتقه لأنه عصبة من أهل العقل ويعقل ابنه وأبوه لأنهما من عصباته وعشيرته فلا يلحق ابنه من نفي العقل بابن المرأة لأنها لا تعقل ابنها.

(6/264)


فصل في جر الولاء
كل من باشر العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لموالي أمه فإن أعتق العبد سيده انجر ولاء ولده إليه ولا يعود إلى مولى الأم بحال،
__________
فصل في جر الولاء
"كل من باشر العتق أو عتق عليه" لسبب من الأسباب "لا ينتقل عنه بحال" لقوله عليه السلام: "الولاء لمن أعتق" ولأن غيره ليس مثله في النعمة ولأن مقتضى الدليل أن لا ينتقل حق عن مستحقه خولف فيمن اشترى أبا من عليه الولاء تبعا لأمهم فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل.
"فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها " فولده منها أحرار " فولاء ولدها لموالي أمه " لأنهم سبب الإنعام على الولد لكونه انعتق بعتق أمه "فإن أعتق العبد سيده انجر ولاء ولده إليه" أي: إلى معتق العبد في قول الجمهور من الصحابة ومن بعدهم لما روى عبد الرحمن عن الزبير أنه لما قدم خيبر رأى فتية لعسا فأعجبه ظرفهم وجمالهم فسأل عنهم فقيل موالي رافع بن خديج وأبوهم مملوك لآل الحرقة فاشترى الزبير أباهم فأعتقه وقال لأولاده انتسبوا إلي فإن ولاءكم لي فقال رافع بل هو لي فإنهم عتقوا بعتق أمهم فاحتكموا إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير وأجمعت عليه الصحابة ولأن الأب لما كان مملوكا لم يصلح وارثا ولا وليا في نكاح فكان كولد الملاعنة ينقطع نسبه عن أبيه فثبت الولاء لمولى أمه وانتسب إليها فإذا عتق العبد صلح للانتساب وعاد وارثا وليا فعادت النسبة إليه وإلى مواليه كما لو استلحق الملاعن ولده.
فائدة : اللعس سواد في الشفتين تستحسنه العرب ومثله اللمياء قال ذو الرمة:
لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثات وفي أنيابها شنب
"ولايعود إلى موالي الأم بحال" أي: إذا انجر الولاء إلى موالي الأب ثم

(6/265)


وإن أعتق الجد لم يجرّولاءهم في أصح الروايتين،
__________
انقرضوا عاد الولاء إلى بيت المال ولم يعد إلى موالي الأم بحال في قول أكثرهم وعن ابن عباس خلافه والأول أصح لأن الولاء يجري مجرى الانتساب ولو انقرض الأب وآباؤه لم يعد النسب إلى الأم فكذا الولاء فعليه لو ولدت بعد عتق الأب كان ولاء ولدها لموالي أبيه بغير خلاف فإن نفاه باللعان عاد ولاؤه لموالي الأم فإن عاد فاستلحقه عاد الولاء إلى موالي الأب.
فرع : حكم المكاتب يتزوج في كتابته فيولد له ثم يعتق حكم القن في جر الولاء وكذا المدبر والمعلق عتقه بصفة لأنهم عبيد.
أصل : اعلم أنه لا ينجر الولاء إلا بشروط ثلاثة:
أحدها : أن يكون الأب عبدا حين الولادة فإن كان حرا وزوجته مولاة فإن كان حر الأصل فلا ولاء على ولده بحال وإن كان مولى ثبت الولاء على ولده لمواليه أبدا ولا جر فيه.
الثاني : أن تكون الأم مولاة فإن لم تكن كذلك فإن كانت حرة الأصل فلا ولاء على ولدها بحال وهم أحرار بحريتها وإن كانت أمة فولدها رقيق لسيدها فإن أعتقهم فولاؤهم له مطلقا لا ينجر عنه بحال.
الثالث : أن يعتق العبد سيده فإن مات على الرق لم ينجر الولاء بحال فإن اختلف سيد العبد ومولى الأم في العبد بعد موته فقال سيده مات حرا بعد جر الولاء وأنكر ذلك مولى الأم قبل قوله لأن الأصل بقاء الرق ذكره أبو بكر.
"وإن أعتق الجد" قبله "لم يجر ولاءهم في أصح الروايتين" قال أحمد: الجد لا يجر الولاء ليس هو كالأب ولأن الأصل بقاء الولاء لمستحقه وإنما خولف هذا الأصل للاتفاق على أنه ينجر بعتق الأب والجد لا يساويه بدليل أنه لو أعتق الأب بعد الجد جره عن مولى الجد إليه ولأنه لو أسلم الجد لم يتبعه ولد ولده ولأن الجد يدلي بغيره ولا يستقر الولاء عليه فلم يجر الولاء كالأخ.

(6/266)


وعنه: يجره وإن اشترى الابن أباه عتق عليه وله ولاؤه إخوته ويبقى ولاؤه لموالي أمه لأنه لا يجر ولاء نفسه وإن اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه وصار كل واحد منهما مولى الآخر،
__________
"وعنه يجره" أي: إلى مولاه بكل حال وهو قول أهل المدينة فإن أعتق الأب بعد ذلك جره عن موالي الجد إليه لأن الجد يقوم مقام الأب في التعصيب وأحكام النسب فكذا في جر الولاء وعليها لا فرق بين القريب والبعيد لأن البعيد يقوم مقام الأب كالقريب وعنه: إن عتق والأب ميت جر الولاء وإن عتق والأب حي فلا سواء عتق الأب أو مات قنا ذكرها الخلال.
فرع : إذا تزوج معتق بمعتقة فأولدها ولدين فولاؤهما لموالي أبيهما فإن نفاهما باللعان عاد الولاء إلى موالي أمهما فإن مات أحدهما فميراثه لأمه ومواليها فإن أكذب أبوهما نفسه لحقه نسبهما واسترجع الميراث من مولى الأم.
"وإن اشترى الابن أباه عتق عليه" بالملك للخبر "وله ولاؤه" لأنه عتق عليه بسبب شرائه فكان له الولاء كما لو باشره بالعتق "وولاء إخوته" لأنه تبع لأبيهم "ويبقى ولاءه لموالي أمه" في قول جمهور الفقهاء "لأنه لا يجر ولاء نفسه" وشذ عمرو بن دينار فقال يجره وهو بعيد لأنه يؤدي إلى أن يكون الولاء ثابتا على أبويه دونه مع كونه مولودا في حالة رقهما وليس لنا مثل هذا في الأصول ولا يمكن أن يكون مولى نفسه يعقل عنها ويرثها ويزوجها. "وإن اشترى الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه" أي: فإنه يجر ولاء سيده فيكون لهذا الولد على معتقه الولاء بإعتاقه إياه "وجر ولاء معتقه" أي: للعتيق ولاء معتقه بولائه على أبويه "وصار كل واحد منهما مولى الآخر" لأن الولد مولى المعتق لأنه أعتقه والمعتق مولى الولد لأنه أعتق أباه وشرطه أن يكون الولد من معتقه لينجر الولاء إلى المعتق بشراء أبيه فلو كانت حرة الأصل لم يكن عليه ولاء لأحد.

(6/267)


ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه.
__________
"ومثله لو أعتق الحربي عبدا ثم سبى العبد معتقه" أي: أسر سيده "فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه" لأن كل واحد منهما منعم على الآخر بخلاص رقبته من الرق فإن سبى المسلمون العتيق الأول فرق ثم أعتق فولاؤه لمعتقه ثانيا وقيل: للأول وقيل: لهما فعلى الأول وهو الأصح لا ينجر الولاء ما كان للأول قبل الرق من ولاء ولد أو عتيق إلى الأخير وكذا عتيق ذمي وقيل: أو مسلم.
مسائل
الأولى : إذا تزوج ولد المعتقة بمعتقة فأولدها فاشتري جده عتق عليه وله ولاؤه وولاء أبيه وسائر أولاد جده وولاء المشتري لمولى أم أبيه في قول الجمهور.
الثانية : إذا تزوج عبد بمعتقة فأولدها فتزوج الولد بمعتقة رجل فأولدها فولاء هذا لمولى أم أبيه في وجه لأن له الولاء على أبيه فكان له عليه كما لو كان مولى جده وفي آخر ولاؤه لمولى أمه لأن الولاء الثابت على أبيه من جهة أمه ومثل ذلك ثابت في حق نفسه.
الثالثة : تزوج معتق بمعتقة فأولدها بنتا وتزوج عبد بمعتقة فأولدها ابنا فتزوج هذا الولد ببنت المعتقين فأولدها ولدا فولاء ولدها لمولى أم أبيه لأن له الولاء على أبيه فإن تزوجت البنت المذكورة بمملوك فولاء ولدها لمولى أبيها لأن ولاءها له فإن كان أبوها ابن مملوك ومعتقة فالولاء لمولى أم أبي الأم على الوجه الأول لأن مولى أم أبي الأم يثبت له الولاء على أبي الأم مقدما على أمهما وثبت له الولاء عليهما.

(6/268)


فصل في دور الولاء
إذا اشترى ابن وبنت معتقة أباهما عتق عليهما وصار الولاء لهما نصفين وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه ويبقى نصفه لمولى أمه فإن مات الأب ورثاه أثلاثا وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب فإذا مات أخوها فما له لمواليه وهم أخته وموالي أمه فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي أخته وهم أخوها وموالي أمها فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع فيبقى الربع وهو،
__________
فصل في دور الولاء
معنى دور الولاء أن يخرج من مال ميت قسط إلى مال ميت آخر بحكم الولاء ثم يرجع من ذلك القسط جزء إلى الميت الآخر بحكم الولاء أيضا فيكون هذا الجزء الراجع قد دار بينهما.
واعلم أنه لا يقع الدور في مسألة حتى يجتمع فيها شروط أن يكون المعتق اثنين فصاعدا وأن يموت في مسألة اثنان فصاعدا وأن يكون الباقي منهما يجوز إرث الميت.
"إذا اشترى ابن وبنت معتقة أباهما عتق عليهما" لأنه ذو رحم محرم "وصار ولاؤه بينهما نصفين" لأن كل واحد عتق عليه نصفه "وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه" لأن ولاء الولد تابع لولاء الوالد "ويبقى نصفه لمولى أمه" لأن الشخص لا يجر ولاء نفسه "فإن مات الأب ورثاه أثلاثا" لأن ميراث النسب مقدم على الولاء وميراث النسب للذكر مثل حظ الأنثيين.
"وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب" وميراث الأخ بالنسب ظاهر "فإذا مات أخوها فماله لمواليه" لأنه لا مناسب له "وهم أخته وموالي أمه فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي أخته" لأن الولاء بينهما نصفين "وهم أخوها وموالي أمها فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع" لأن ولاء الأخت بين الأخ وموالي الأخت نصفان "فيبقى الربع وهو

(6/269)


الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان أحدهما أنه لمولى الأم والثاني: أنه لبيت المال لأنه لا مستحق له.
__________
الجزء الدائر لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان أحدهما أنه لمولى الأم" قال أبو عبد الله الوني: هو قياس قول أحمد قال في الشرح وهو قول الجمهور وجزم به في الوجيز لأن مقتضى كونه دائرا أن يدور أبدا وفي كل دورة يصير لمولى الأم نصفه ولا يزال كذلك حتى ينفذ كله إلى موالي الأم.
"والثاني: أنه لبيت المال" قاله القاضي وقياس قول أكثرهم "لأنه لا مستحق له" أي: معين وقيل: يرد على سهام الموالي أثلاثا لموالي أمه الثلثان ولموالي أمها الثلث فإن كانت المسألة بحالها إلا أن مكان الابن بنت فاشترت أباها عتق عليها وجر ولاء أختها فإذا مات الأب فلابنتيه الثلثان بالنسب والباقي لمعتقه بالولاء فإن ماتت البنت التي لم تشتره بعد ذلك فمالها لأختها نصفه بالنسب ونصفه بأنها مولاة أبيها ولو ماتت التي اشترته فلأختيها النصف والباقي لموالي أمها فإن اشترت البنتان أباهما عتق عليهما وجر كل واحد منهما نصف ولاء صاحبه فإن مات الأب ورثه ابنتاه بالنسب والولاء فإن ماتت إحداهما بعد ذلك فلأختها النصف بالنسب ونصف الباقي بما جر الأب إليها من ولاء نصفها فإن ماتت إحداهما قبل الأب ثم مات الأب فصار لها ثلاثة أرباع المال والربع الباقي لموالي أمها فإن ماتت إحداهما قبل أبيها فمالها له ثم إذا مات الأب فللباقية نصف ميراث أبيها لأنها بنته ونصف الباقي وهو الربع لأنها مولاة يبقى الربع لموالي البنت التي ماتت قبله فإن ماتت الباقية بعدهما فمالها لمواليها نصفه لموالي أمها ونصفه لموالي أختها الميتة وهم أختها وموالي أمها فنصفه لموالي أمها وهو الربع والربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة فهذا الجزء الدائر لأنه خرج من هذه الميتة ثم دار إليها ففيه الوجهان السابقان.

(6/270)