المبدع
شرح المقنع ط عالم الكتب كتاب الظهار
كتاب الظهار
...
كتاب الظهار
و هو محرم و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها
بظهر من تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو
منها فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو
كوجه حماتي
__________
كتاب الظهار
هو مشتق من الظهر سمي بذلك لتشبيه الزوجة بظهر
الأم و إنما خصوا الظهر لأنه موضع الركوب إذ
المرأة مركوبة إذا غشيت فقوله أنت علي كظهر
أمي أي ركوبها للنكاح حرام علي كركوب أمي
للنكاح فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب و
أقام الركوب مقام النكاح لأن الناكح راكب و
يقال كانت المرأة بالظهار تحرم على زوجها و لا
تباح لغيره فنقل الشارع حكمه لا تحريمها ووجوب
الكفارة بعد العود و أبقى محله و هو الزوجية و
هو محرم إجماعا حكاه ابن المنذر و سنده قوله
تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً
مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة: 2] و قول
المنكر و الزور من أكبر الكبائر للخبر و معناه
أن الزوجة ليست كالأم في التحريم ل قوله
تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة:
2] {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي
تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ }
[الأحزاب: 4] و السنة حديث أوس بن الصامت حين
ظاهر من زوجته خويلة بنت مالك بن ثعلبة فجاءت
النبي صلى الله عليه وسلم تشتكيه فأنزل الله
أول سورة المجادلة رواه أبو داود و صححه ابن
حبان و الحاكم و فيه أحاديث أخر ستأتي.
"و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من
تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو منها" إذا
شبه امرأته بظهر من تحرم عليه على التأييد
كقوله أنت علي كظهر أمي فهو مظاهر إجماعا وإن
شبهها بظهر من تحرم من ذوي رحمة كجدته و خالته
فكذلك في قول أكثرهم لأنهن محرمات بالقرابة
أشبهن الأم "فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد
أختي أو كوجه حماتي" الأحماء في اللغة أقارب
الزوج و الأختان أقارب المرأة و الأصهار لكل
(8/28)
أو ظهرك أو يدك
علي كظهر أمي أو كيد أختي أو خالتي من نسب أو
رضاع
__________
واحد منهما و نقل ابن فارس أن الأخماء
كالأصهار فعلى هذا فيقال هذا حماه زيد و حماة
هند.
"أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي" على الأصح فيه
"أو كيد أختي أو خالتي" لأنه تشبيه لعضو منها
من تحرم عليه على التأبيد أشبه ما لو قال أنت
علي كظهر أمي و إنما كان ذلك ظهارا لأنه قد
أتى بالمنكر من القول و الزور و ذلك موجود في
تشبيه عضو منها بذلك "من نسب" كالأمهات و
الجدات "أو رضاع" المرضعات و الأخوات من
الرضاعة لاستوائهما في التحريم على التأبيد و
عنه لا يكون ظهارا قاله الحلواني حتى يشبه
جملة امرأته لأنه لو حلف بالله لا يمس عضوا
منها لم يسر إلى غيره والأول المذهب لأن تحريم
المحرمات من النسب و الرضاع إنما كان لمعان
نظر إليها الشارع فيهن فحرمهن لتلك المعاني
وأباح الزوجة لمعنى فيها فإلحاقها في التحريم
بمن حرمه الله عز وجل افتراء على الله و تحريم
لما أباحه الله منهن و ظاهره و لو وقع منه
بغير العربية فإن قال كشعر أمي أو سنها أو
ظفرها فلغو لأنها ليست من الأعضاء الثابتة و
كذا الريق و الدم و الروح و كوجهي من وجهك
حرام و ليس بظهار نص عليه و أمي امرأتي أو
مثلها و في المبهج أنه كطلاق.
تنبيه : إذا قال أنت علي أو عندي أو مني أو
معي كأمي أو مثل أمي و أطلق فهو ظهار و عنه لا
اختاره في الإرشاد و المغني وإن نوى في
الكرامة و نحوها دين و في الحكم روايتان وإن
قال جملتك أو بدنك أو جسمك أو ذاتك أو كللك
علي كظهر أمي كان ظهارا كقوله أنت لأنه أتى
بما يقتضي تحريمها عليه فانصرف الحكم إليه كما
لو قال أنت طالق وإن قال أنت كظهر أمي طالق أو
عكسه لزما.
فائدة : يكره أن يسمى الرجل زوجته بمن تحرم
عليه لما روى أبو داود أن رجلا
(8/29)
و إن قال أنت
علي كأمي كان مظاهرا وإن قال أردت كأمي في
الكرامة ونحوه دين و هل يقبل في الحكم يخرج
على روايتين وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي فذكر
أبو الخطاب فيها روايتين والأولى أن هذا ليس
بظهار إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على
إرادته
__________
قال لامرأته يا أخته فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "أختك هي؟" فكره ذلك و نهى عنه و لأنه
لفظ يشبه الظهار و لا يثبت حكمه.
"وإن قال أنت علي كأمي كان مظاهرا" لأنه شبه
امرأته بأمه أشبه ما لو شبهها بعضو من أعضائها
و هذا إذا نوى به الظهار فإن أطلق فروايتان
قال ابن أبي موسى أظهرهما أنه ليس بظهار حتى
ينويه و قال أبو بكر هو صريح في الظهر و نص
عليه قال المؤلف و قياس المذهب عندي أنه إن و
جدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج
أو قال ذلك حال الخصومة و الغضب "وإن قال أردت
كأمي في الكرامة ونحوه" دين لأنه أعلم بمراده
"و هل يقبل في الحكم يخرج على روايتين" أصحهما
و اختاره المؤلف أنه يقبل لأنه لما احتمل
الظهار و غيره ترجح عدم الظهار بدعوى الإرادة.
و الثانية لا يقبل لأنه لما قال أنت علي كأمي
اقتضى أن يكون فيه تحريم أشبه ما لو قال أنت
علي كظهر أمي
"وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي" بإسقاط علي أو
عندي فهو مظاهر إن نواه لأنه يحتمله ذكره في
الشرح "فذكر أبو الخطاب فيها روايتين" مثل
قوله أنت علي كأمي و كذا يتخرج في قوله رأسك
كرأس أمي أو يدك كيدها وما أشبه فلو قال أمي
امرأتي أو مثل امرأتي لم يكن ظهارا لأنه تشبيه
لأمه ووصف لها وليس بوصف لامرأته "والأولى أن
هذا ليس بظهار" لأن اللفظ ظاهر في الكرامة
فتعين حمله عليه ثم الإطلاق و لأنه ليس بصريح
فيه اللفظ المستعمل فيه كما لو قال أنت كبيرة
مثل أمي إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على
إرادته لأن النية تعين اللفظ في المنوي و
القرينة شبيهة بها
(8/30)
و إن قال أنت
علي كظهر أبي أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو
عمتها أو خالتها فعلى روايتين وإن قال أنت علي
كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا وإن قال أنت علي
حرام فهو مظاهر إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا
فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين.
__________
"و إن قال أنت علي كظهر أبي" أو كأبي أو مثل
أبي "أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو
خالتها فعلى روايتين" إذا قال أنت علي كظهر
أبي فعنه ظهار لأنه شبهها بظهر من يحرم عليه
على التأبيد أشبه الأم و كذا إن شبهها
بالميتة.
و الثانية ليس بظهار و هي قول أكثر العلماء
لأنه تشيبه بما ليس بمحل للاستمتاع أشبه ما لو
قال أنت علي كما لزيد فعلى هذا عليه كفارة
يمين لأنه نوع تحريم أشبه ما لو حرم ماله و
عنه لا شيء عليه أشبه التشبيه بمال غيره و أما
إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه تحريما
مؤقتا كأخت امرأته وعمتها أو الأجنبية فالأشبه
أنه ظهار اختاره الخرقي و أبو بكر و رجحه في
الشرح لأنه شبهها بمحرمة أشبه تشبيهها بالأم و
الثانية ليس بظهار لأنها غير محرمة على
التأبيد فلا يكون التشبيه بها كافيا كالحائض.
"وإن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا"
لأنه ليس بمحل للاستمتاع وفيه وجه كما لو
شبهها بظهر أبيه و أطلقهما في المحرر و الفروع
و ذكر في الرعاية إذا نوى الظهار فليس مظاهرا
و قيل بلى.
"وإن قال أنت علي حرام فهو مظاهر" إذا لم ينو
به طلاقا ولا يمينا في قول أكثر العلماء لأن
اللفظ ظاهر فيه فوجب كونه ظهارا كسائر الألفاظ
الظاهرة فلو زاد إن شاء الله فليس بظهار نص
عليه "إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون
ظهارا أو ما نواه على روايتين" إذا نوى به
الطلاق فالأشهر أنه ظهار نص عليه في رواية
جماعة و حكاه إبراهيم الحربي عن عثمان و ابن
عباس و غيرهما لأنه تحريم أوقعه في الزوجة
فكان بإطلاقه ظهارا لشبهها بظهر أمه و كما لو
قال أنت علي كظهر أمي ونوى به الطلاق
(8/31)
فصل
و يصح من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان أو ذميا
__________
و الثانية أنه ما نواه لأن النية إذا لم تكن
موجبة فلا أقل من أن تكون صادقة و عنه أن
التحريم يمين وروي عن ابن عباس ل قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا
أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] وأكثر
الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار
فليس بظهار وإن نوى الظهار والطلاق معا كان
ظهارا لأن اللفظ الواحد لا يكون كذلك.
فرع : إذا قال ما أحل الله علي حرام من أهل و
مال فكفارة ظهار تجزئه كفارة واحدة في ظاهر
كلامه و نصره المؤلف لأنه يمين واحدة فلا توجب
كفارتين واختار ابن عقيل أنه يلزمه كفارتان
للظهار و لتحريم المال لأنه لو انفرد أوجب
بذلك فكذا إذا اجتمعا
فصل
"و يصح من كل زوج يصح طلاقه" فكل من صح طلاقه
صح ظهاره لأنه قول يختص النكاح أشبه الطلاق
قال في عيون المسائل فإن أحمد سوى بينه وبين
الطلاق وفي الموجز مكلف و في الرعاية و الوجيز
من صح طلاقه صح ظهاره إلا الأب و السيد "مسلما
كان أو ذميا" على الأصح فيه لأنه يجب عليه
كفارة إذا حنث فوجب صحة ظهاره كالمسلم و كجزاء
صيد و يكفر بمال فقط و قال ابن عقيل و يعتق
بلا نية و إنه يصح العتق من مرتد وفي عيون
المسائل ويعتق لأنه من فرع النكاح أو قول
لمنكر وزور والذمي أهل لذلك
و الثانية لا يصح منه لأن الكفارة لا تصح منه
لأنها عبادة تفتقر إلى النية كسائر العبادات و
جوابه بأنه يبطل بكفارة الصيد إذا قتله في
الحرم و يصح منه العتق لا الصيام و لا تمتنع
صحة الظهار بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في
حق العبد و النية إنما تعتبر لتعيين الفعل
للكفارة فلا يمتنع ذلك في حق الكافر كالنية في
(8/32)
و الأقوى عندي
أنه لا يصح من الصبي ظهار و لا إيلاء لأنه
يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه و يصح من كل زوجة
فإن ظاهر من أمته أو أم ولده لم يصح و عليه
كفارة اليمين و يحتمل أن تلزمه كفارة ظهار
__________
كنايات الطلاق واقتضى ذلك صحته من الصبي و
العبد و قيل لا يصح من العبد وإن من لا يصح
طلاقه وهو الطفل وزائل العقل بجنون أو إغماء
أو نوم لا يصح بغير خلاف نعلمه "و الأقوى عندي
أنه لا يصح من الصبي ظهار و لا إيلاء لأنه
يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه" كاليمين بالله
تعالى و لأن الكفارة و جبت لما فيه من قول
المنكر و الزور و ذلك مرفوع عن الصبي لأن
القلم مرفوع عنه و في المذهب في يمينه وجهان و
في عيون المسائل يحتمل ألا يصح ظهاره لأنه
تحريم مبني على قول الزور و حصول التكفير و
المأثم و إيجاب مال أو صوم قال و أما الإيلاء
فقال بعض أصحابنا تصح ردته و إسلامه و ذلك
متعلق بذكر الله وإن سلمنا فإنما لم يصح لأنه
ليس أهل اليمين بمجلس الحكم لرفع الدعوى.
"و يصح من كل زوجة" كبيرة كانت أو صغيرة مسلمة
أو ذمية أمكن وطؤها أولا لعموم الآية و قال
أبو ثور لا يصح ممن لا يمكن وطؤها لأن الظهار
لتحريم وطئها و هو ممتنع منه بغير اليمين و
جوابه العموم و لأنها زوجة يصح طلاقها فصح
الظهار منها كغيرها.
"فإن ظاهر من أمته أو أم ولد لم يصح" و قال
عبد الله بن عمر و ابن عمرو ورواه الدارقطني
عن ابن عباس ل قوله تعالى: {الَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}
[المجادلة:2] فخصهن به و لأنه لفظ تعلق به
تحريم الزوجة فلا تحرم به الأمة كالطلاق "و
عليه كفارة اليمين" نقله الجماعة و قدمه في
الكافي و صححه في الشرح كتحريم سائر ماله.
و قال نافع حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاريته فأمره الله أن يكفر يمينه.
"و يحتمل أن تلزمه كفارة ظهار" ونقله حنبل عن
أحمد لأنه أتى بالمنكر من القول والزور ولكن
قال أبو بكر لا يتوجه هذا على مذهبه لأنه لو
كان عليه
(8/33)
وإن قالت
المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي لم تكن مظاهرة
وعليها كفارة ظهار و عليها التمكين قبل
التكفير وعنه كفارة يمين وهو قياس المذهب و
عنه لا شيء عليها
__________
كفارة ظهار كان مظاهرا ويحتمل ألا يلزمه شيء
قاله أبو الخطاب كما لو قال أنت علي كظهر أبي
وفي عمد الأدلة والترغيب رواية أنه يصح قال
أحمد وإن أعتقها فهو كفارة يمين ويتزوجها إن
شاء.
"وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي" أو
إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي "لم تكن
مظاهرة" رواية واحدة قاله القاضي وهو قول أكثر
العلماء للآية ولأنه قول يوجب تحريم الزوجة
يملك الزوج رفعه فاختص به الرجل كالطلاق وعنه
ظهار اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وقاله
الزهري والأوزاعي فتكفر إن طاوعته وإن استمتعت
به أو عزمت فكمظاهر "وعليها كفارة ظهار" قدمه
في "المستوعب" و"الفروع" وصححه الحلواني لأن
عائشة بنت طلحة قالت إن تزوجت مصعب بن الزبير
فهو علي كظهر أبي فاستفتت أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه
رواه سعيد والأثرم و الدارقطني ولأنها زوج أتى
بالمنكر من القول والزور كالآخر ولأن الظهار
يمين مكفرة فاستوى فيها المرأة والرجل قاله
أحمد وقال في رواية حرب عن ابن مسعود الظهار
من الرجل والمرأة سواء.
"وعليها التمكين قبل التكفير" نص عليه لأن ذلك
حق عليها فلا يسقط بيمينها كاليمين بالله
تعالى وقيل لا وهو ظاهر كلام أبي بكر كالرجل
والفرق واضح ونقل صالح له أن يطأ قبل أن تكفر
لأنه ليس لها عليها شيء
وفي "المحرر" يحرم عليها ابتداء قبله يعني
كمظاهر "وعنه كفارة يمين وهو قياس المذهب"
وأشبه بأصوله لأنه تحريم لحلال كتحريم الأمة
وما روي عن عائشة يتعين حمله على ذلك لكون
الموجود منها ليس بظاهر وظاهر كلامه في رواية
الأثرم لا يقتضي وجوب كفارة الظهار إنما قال
الأحوط ولا شك أن الأحوط التكفير بأغلظ
الكفارات ليخرج من الخلاف "وعنه لا شيء عليها"
وهو قول أكثر العلماء لأنه قول منكر وزور وليس
بظهار فلم تجب
(8/34)
و إن قالت
لأجنبية أنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها
حتى يكفر.
__________
كفارة كالنسب وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها
لم تجب إلا بوطئها مطاوعة فإن طلقها أو مات
أحدهما قبل وطئها أو أكرهها عليه فلا كفارة
ولأنها يمين فلم تجب الكفارة قبل الحنث كسائر
الأيمان.
فرع : إذا علقته بتزوجها لم تكن مظاهرة في قول
الأكثر وهو ظاهر نصوصه ولم يفرق بينهما أحمد
إنما سئل في رواية أبي طالب فقال ظهار وقطع به
المحرر وقيل له في المفردات هذا ظهار قبل
النكاح وعندكم لا يصح قلنا يصح على رواية وإن
قلنا لا يصح فالخبر أفاد الكفارة وصحته قام
الدليل على أنه لا يصح قبله بقيت الكفارة وذكر
ابن عقيل على المذهب أن قياسه قولها أنا عليك
كظهر أمك فإن التحريم عليه تحريم عليها.
"وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي" فهو صحيح
مطلقا نصره في "الشرح" وقدمه في "المحرر"
ورواه أحمد عن عمر ولأنها يمين مكفرة فصح
عقدها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى والآية
الكريمة خرجت مخرج الغالب وقيل لا يصح وقاله
الأكثر من العلماء كالطلاق والإيلاء.
وجوابه أن الطلاق حل قيد النكاح ولا يمكن حله
قبل عقده والظهار تحريم للوطء فيجوز تقديمه
على العقد كالحيض وإنما اختص حكم الإيلاء
بنسائه لكونه يقصد الإضرار بهن والكفارة وجبت
هنا لقول المنكر والزور فلا يختص ذلك بنسائه
"لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر" نص عليها لأنها
إذا تزوجها تحقق معنى الظهار فيها وحيث كان
كذلك امتنع وطؤها قبل التكفير لأنه شأن
المظاهر.
فرع : إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر
أمي فعلى القول بصحته إذا تزوج نساء وأراد
العود فكفارة واحدة سواء تزوجهن في عقد أو
عقود نص عليه وعنه لكل عقد كفارة فإن قال
لأجنبية إن تزوجت فلانة فهي علي
(8/35)
وإن قال
لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك
وإن أراد في تلك الحال فلا شيء عليه لأنه صادق
ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط ومطلقا ومؤقتا
نحو أنت علي كظهر أمي شهر رمضان أو إن دخلت
الدار فمتى انقضى الوقت زال الظهار وإن أصابها
فيه وجبت عليه الكفارة
__________
كظهر أمي وقال أردت أن مثلها في التحريم في
الحال دين وفي الحكم وجهان.
أحدهما لا يقبل لأنه صريح للظهار والثاني بلى
لأنها حرام عليه كأمه.
"وإن قال لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال
فكذلك" أي فهو ظهار لأن لفظة الحرام إذا أريد
بها فهو ظهار من الزوجة فكذا الأجنبية فعليه
لا يطؤها إذا تزوجها حتى يكفر "وإن أراد في
تلك الحال فلا شي عليه لأنه صادق وكذا إن أطلق
قاله في الشرح وفي الترغيب وجه ويصح الظهار
معجلا ومعلقا بشرط" فإذا وجد فمظاهر نص عليه
"ومطلقا" إن قصد اليمين واختاره ومثل بالحل
علي حرام لأفعلن "ومؤقتا نحو أنت علي كظهر أمي
شهر رمضان" لحديث سلمة بن صخر قال ظاهرت من
امرأتي شهر رمضان وأنه أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم بأنه أصابها في الشهر فأمره
بالكفارة ولم ينكر عليه التقييد ولم يعبه
ولأنها يمين مكفرة فصح توقيتها كاليمين بالله
تعالى ولأنه يمنع نفسه بيمين لها كفارة فصح أن
تكون مؤقتة كالإيلاء لا يقال الظهار طلاق في
الأصل فيجب ألا يصح تقييده كالنكاح لأنه تقدم
الفرق بينهما في تعليقه ولا يكون عائدا إلا
بالوطء في المدة
"أو إن دخلت الدار" لأنه يمين فجاز تعليقه على
شرط كالإيلاء ولأنه قول تحرم به الزوجة فصح
تعليقه على شرط كالطلاق "فمتى انقضى الوقت زال
الظهار" لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره
فوجب أن ينقضي بانقضائه "وإن أصابها فيه" أي
في الوقت "وجبت عليه الكفارة" لأنه - عليه
السلام -
(8/36)
..................................
__________
أوجبها على سلمة.
تنبيه : إذا قال أنت علي كظهر أمي إن شاء الله
لم يلزمه شيء نص عليه.
وقال ابن عقيل هو مظاهر ذكره في المجرد وإن
قال ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وله أهل
هي يمين ولم يلزمه شيء بغير خلاف نعلمه لأنها
يمين مكفرة فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله
تعالى وكذا إن قال أنت حرام إن شاء الله أو
عكسه فلا ظهار نص عليه خلافا لابن شاقلا وابن
بطة وابن عقيل وإن قال أنت حرام إن شاء الله
وشاء زيد فشاء زيد لم يكن مظاهرا لأنه علقه
على شيئين فلا يحصل بأحدهما.
(8/37)
فصل في حكم
الظهار
يحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير
__________
فصل في حكم الظهار
"يحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير" إذا كان
بالعتق أو الصيام بغير خلاف للآية وكذا إن كان
بالإطعام في قول الجمهور لما روى عكرمة عن ابن
عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال أني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن
أكفر فقال ما حملك على ذلك يرحمك الله فقال
رأيت خلخالها في ضوء القمر فقال لا تقربها حتى
تفعل ما أمرك الله به رواه أبو داود والترمذي
وحسنه والنسائي وقال المرسل أولى بالصواب.
وهل يحرم الاستمتاع بها دون الفرج على روايتين
أظهرهما أنه يحرم واختاره أبو بكر وابن عقيل
وقدمه في "المستوعب" و "الفروع" لأن ما حرم
الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام.
والثانية يجوز نقلها عن الأكثر وفي "الترغيب"
هي أظهرهما لأنه تحريم يتعلق بالوطء فيه كفارة
فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض والمراد من
التماس في الآية الجماع.
(8/37)
وهل يحرم
الاستمتاع بها دون الفرج؟ على روايتين. وعنه
:وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام ، اختاره أبو
بكر . وتجب الكفارة بالعود وهو الوطء نص عليه
أحمد وأنكر قول مالك انه العزم على الوطء وقال
القاضي وأبو الخطاب هو العزم .
__________
"وعنه لا يحرم وطؤها إذا كان التكفير بالإطعام
اختاره أبو بكر" وأبو إسحاق وقاله أبو ثور لأن
الله لم يذكر المسيس فيه كما ذكره في العتق
والصيام وجوابه أن يحمل المطلق على المقيد
لاتحاد الواقعة.
"وتجب الكفارة" أي تثبت في ذمته "بالعود وهو
الوطء نص عليه أحمد" اختاره الخرقي وقدمه في
"الكافي" و "الرعاية" و"الفروع" وجزم به في
الوجيز ل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ
يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ} [القصص: 3] المجادلة فأوجب الكفارة
عقب العود وذلك يقتضي تعلقها به فمتى وطئ
لزمته الكفارة ولا تجب قبل ذلك صرح به في
المغني وغيره لأنه علق الكفارة بشرطين ظهار
وعود والمعلق لا وجود له عند عدم أحدهما إلا
أنها شرط كل الوطء فيؤمر بها من أراده ليستحله
بها كما يؤمر بعقد النكاح من أراد حلها ذكره
في الشرح ولأن العود في القول هو فعل ضد ما
قال كما أن العود في الهبة استرجاع ما وهب
ويلزمه إخراجها بعزمه على الوطء نص عليه ويجوز
قبله وفي الانتصار في الطلاق إن عزم فيقف
مراعا "وأنكر قول مالك انه العزم على الوطء"
لما تقدم وقال أبو حنيفة "تجب الكفارة على من
وطئ" وهي عنده في حق من وطئ كمن لم يطأ وقال
الشافعي: "العود إمساكها بعد ظهاره زمنا يمكن
طلاقها فيه" وقال داود: "العود تكرار الظهار
مرة ثانية" وقال القاضي وأبو الخطاب وغيرهما:
"هو العزم على الوطء" وذكره ابن رزين رواية
لأنه قصد تحريمها فإذا عزم على الوطء فقد عاد
فيما قصد ولأن الوطء تحريم فإذا عزم على
استباحتها فقد رجع عن ذلك التحريم فكان عائدا
ولأن الله تعالى أمر بالتكفير عقب العود قبل
التماس وكلامه مشعر بأن العود ليس هو إمساك
المظاهر منها عقب يمينه.
وصرح به في المغني وعلله بأن الظهار تحريم
قصده وفعل ما حرمه دون
(8/38)
وإن مات أحدهما
أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه وإن عاد
فتزوجها لم يطأها حتى يكفر وإن وطئ قبل
التكفير أثم واستقرت عليه الكفارة
__________
الإمساك ولأن العود فعل والإمساك ترك الطلاق
ول قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا
قَالُوا} [القصص: 3] وثم للتراخي والمهلة وذلك
ينافي الإمساك عقب الظهار وحاصله أنهم لم
يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء إذا مات
أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه
قال إذا مات بعد العزم أو طلق فعليه الكفارة
وهذا قول مالك وأبي عبيدة وأنكره أحمد وقال
القاضي وأصحابه لا كفارة عليه حكاه المؤلف
وقطع في المحرر بالكفارة وحكاه عن القاضي
وأصحابه.
"وإن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة
عليه" وحاصله أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار
فإن مات أحدهما أو فارقها قبل العود فلا كفارة
عليه لأن الموجب لها هو الوطء ولم يوجد على
المنصوص وأيهما مات ورثه الآخر وقال قتادة إن
ماتت لم يرثها حتى يكفر وجوابه أن من ورثها
إذا كفر ورثها وإن لم يكفر كالمؤلى منها.
"وإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر" سواء كان
الطلاق ثلاثا أو لا وسواء رجعت إليه بعد زوج
آخر أو لا نص عليه وهو قول الحسن وعطاء للآية
وهي ظاهرة في امرأته فلا يحل أن يتماسا حتى
يكفر كالتي لم يطلقها ولأن الظهار يمين مكفرة
فلم يبطل حكمها بالطلاق كالإيلاء.
"وإن وطئ قبل التكفير أثم" مكلف لأنه بوطئه
قبل التكفير عاص ربه لمخالفته أمره "واستقرت
عليه الكفارة" ولو مجنونا نص عليه لئلا يسقط
بعد ذلك كالصلاة إذا غفل عنها في وقتها.
وتحريم زوجته باق عليه حتى يكفر في قول الأكثر
وظاهر كلام جماعة لا وأنه كاليمين قال في
"الفروع" وهو أظهر وكذا في "الترغيب" وجهان
كالإيلاء وفي الانتصار وغيره إن أدخلت ذكره
نائما فلا عود ولا كفارة
(8/39)
وتجزئه كفارة
واحدة وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم
تحل له حتى يكفر وقال أبو بكر يبطل الظهار و
تحل له وإن وطئها فعليه كفارة يمين وإن كرر
الظهار قبل التكفير فكفارته واحدة و عنه إن
كرره في مجالس فكفارات.
__________
وعلى الأول "وتجزئه كفارة واحدة" لحديث سلمة
بن صخر ولأنه وجد الظهار والعود فيدخل في عموم
الآية وحكي عن عمرو بن العاص أن عليه كفارتين
رواه الدارقطني وبه قال جمع وعن بعض العلماء
أن ا لكفارة تسقط لأنه قد فات وقتها لكونها
وجبت قبل المسيس.
"وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل
له حتى يكفر" وحاصله أنه إذا ظاهر من زوجته
الأمة ثم ملكها انفسخ النكاح وحكم الظهار باق
ذكره الخرقي واختاره ابن حامد قال القاضي وهو
"المذهب" للآية ولأن الظهار لا يسقط بالطلاق
المزيل للملك والحل فبملك اليمين أولى.
"وقال أبو بكر" وأبو الخطاب "يبطل الظهار" لأن
شرطه الزوجية وقد زالت فوجب أن يزول لزوال
شرطه "وتحل له وإن وطئها فعليه كفارة يمين" لا
غير كما لو كان تظاهر منها وهي أمته ويتخرج
بلا كفارة ومقتضى كلامهما هنا أنها تباح له
قبل التكفير لأنه أسقط الظهار وجعله يمينا
لتحريم أمته فإن أعتقها عن كفارته أجزأ على
القولين فإن تزوجها بعد ذلك حلت له بغير كفارة
وإن أعتقها عن غير الكفارة ثم تزوجها لم تحل
له حتى يكفر "وإن كرر الظهار قبل التكفير
فكفارته واحدة" في ظاهر المذهب سواء كان في
المجلس أو مجالس ينوي به الاستئناف أو التأكيد
أو يطلق نقله عن أحمد جمع لأنه قول لم يؤثر
تحريم الزوجة فلم تجب به كفارة ظهار كاليمين
بالله تعالى وظاهره أنه إذا كفر عن الأول لزمه
للثاني كفارة بغير خلاف لأنها أثبتت في المحل
تحريما أشبهت الأولى
وعنه إن نوى الاستئناف فكفارات بعدده وقاله
الثوري وعنه بعدده.
"وعنه إن كرره في مجالس فكفارات" روي عن علي
وعمرو بن مرة
(8/40)
فإن ظاهر من
نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة وإن كان
بكلمات فكل واحدة كفارة
__________
لأن الظاهر أنه قول مستأنف فوجب أن يتعلق به
مثل ما تعلق بالأول بخلاف ما إذا كان في مجلس
واحد فإن ظاهره أنه أراد التأكيد.
"فإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة" بأن قال أنتن
علي كظهر أمي "فكفارة واحدة" بغير خلاف في
"المذهب" قاله في "الشرح" وهو قول عمر وعلي
رواه عنهما الأثرم ولا يعرف لهما في الصحابة
مخالف ولأنها يمين واحدة فلم يجب لها أكثر من
كفارة كاليمين بالله تعالى وعنه لكل امرأة
كفارة كما لو أفردها والفرق أن كل كلمة تقتضي
كفارة ترفعها وتكفر إثمها والظهار بكلمة واحدة
الكفارة الواحدة ترفع حكمها وتمحو إثمها بخلاف
الكلمات "وإن كان بكلمات فلكل واحدة كفارة"
قاله عروة وعطاء وقال ابن حامد والقاضي هذا
المذهب رواية واحدة لأنها أيمان في محال
مختلفة أشبه ما لو وجدت في عقود متفرقة.
وعنه تجزئه كفارة واحدة اختاره أبو بكر وقال
هذا الذي قلناه إتباعا لعمر والحسن وإبراهيم
وإسحاق لأن كفارة الظهار حق الله فلم تتكرر
بتكرر سببها كالحد وجوابه أن الحد عقوبة يدرأ
بالشبهة وعنه إن كرره في مجالس فكفارات وإلا
فواحدة قال القاضي وكذلك يخرج في كفارة القتل
يعني بفعل أو أفعال.
(8/41)
فصل في كفارة الظهار و ما في معناها
__________
فصل في كفارة الظهار وما في معناها
الكفارة مأخوذ معناها من الكفر وهو الستر
لأنها تستر الذنب "كفارة
(8/41)
كفارة الظهار
على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام
ستين مسكينا و كفارة الوطء في رمضان مثلها في
ظاهر المذهب و كفارة القتل مثلهما إلا في
الإطعام ففي وجوبه روايتان و الاعتبار في
الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين
__________
الظهار على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن
لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع"
لكبر أو مرض وفي الكافي غير مرجو زواله أو
يخاف زيادته أو أبطأه وذكر المؤلف وغيره أو
لشبق وفي الترغيب أو لضعفه عن معيشة تلزمه وفي
الروضة لضعف عنه أو كثرة شغل أو شدة حر
{فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة:
4] لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ}
[القصص: 3] الآيتين ولحديث خويلة امرأة أوس بن
الصامت حين ظاهر منها فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم "تعتق رقبة" قالت يعني امرأته لا
يجد قال "فيصوم شهرين متتابعين" قالت شيخ كبير
ما به من صيام قال "فيطعم ستين مسكينا" وهذا
الترتيب لا خلاف فيه إذا كان المظاهر حرا
ويأتي حكم العبد "وكفارة الوطء في" نهار
"رمضان مثلها في ظاهر المذهب" وقد سبق "وكفارة
القتل مثلهما" لأن التحريم والصيام منصوص
عليهما في كتاب الله تعالى "إلا في الإطعام
ففي وجوبه روايتان" أصحهما لا يجب واختاره
الأكثر لأنه لم يذكر في كتاب الله تعالى ولو
كان واجبا لذكره كالعتق والصيام.
والثانية بلى اختارها في التبصرة والطريق
الأقرب لأنها كفارة فيها عتق وصوم فكان فيها
إطعام ككفارة الظهار.
"والاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى
الروايتين" وهي ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز
وقدمه في الرعاية والفروع لأنها تجب على وجه
الطهرة فكان الاعتبار بحال الوجوب كالحد نص
عليه فإذا وجب وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه
الصوم لا يجزئه غيره وقاله الأثرم
(8/42)
فإذا وجبت و هو
موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق وإن وجبت و
هو معسر فأيسر لم يلزمه العتق و له الانتقال
إليه إن شاء و عنه في العبد إذا عتق لا الصوم
و الرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال فمن
أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين التفكير لا
يجزئه غيره.
__________
فإن وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق
لأنه هو الذي وجب عليه فلا يخرج عن العهدة إلا
به.
"وإن وجبت وهو معسر فأيسر لم يلزمه العتق" ما
وجب عليه لا يقال الصوم بدل عن العتق فإذا وجد
من يعتقه وجب الانتقال إليه كالمتيمم يجد
الماء قبل الصلاة أو فيها للفرق بينهما فإن
الماء إذا وجد بعد التيمم بطل بخلاف الصوم فإن
العتق لو وجد بعد فعله لم يبطل.
"وله الانتقال إليه إن شاء" لأن العتق هو
الأصل فوجب أن يجزئه كسائر الأصول.
"و عنه في العبد إذا عتق لا يجزئه غير الصوم"
بناء على قولنا أن الاعتبار بحالة الوجوب لأنه
حنث وهو عبد فلم يكن يجزئه إلا الصوم وقد نص
أحمد على أنه يكفر كفارة عبد قال القاضي وفيه
نظر ومقتضاه أنه لا يلزمه التكفير بالمال فإن
كفر به أجزأه ولأنه حكم تعلق بالعبد في رقه
فلم يتغير بحريته كالحد وهذا على القول الذي
لا يجوز للعبد التكفير بالمال بإذن سيده وعلى
الأخرى هو كالحر لأن رقه جعله كالمعسر فإذا
أتى بالعتق وجب أن يجزئه كالحر المعسر.
"والرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال"
لأنها حق يجب في الذمة بوجود المال فاعتبرت
بأغلظ الأحوال كالحج وجوابه إن الحج عبادة
العمر وجميعه وقت لها فمتى قدر عليه في جزء من
وقته وجب بخلافه هنا.
"فمن أمكنه العتق من حين الوجوب إلى حين
التكفير لا يجزئه غيره" لأنه هو الواجب عليه
ولا يجزئه غيره لأن فعله غير واجب عليه
(8/43)
فإن شرع في
الصوم ثم أيسر لم يلزمه لم يلزمه الانتقال عنه
و يحتمل أن يلزمه.
فصل
فمن ملك رقبة
__________
"فإن شرع في الصوم ثم أيسر لم يلزمه الانتقال
عنه" وقاله أكثر العلماء لأنه لم يقدر على
العتق قبل تلبسه بالصيام أشبه ما لو استمر
العجز إلى ما بعد الفراغ ولأنه وجد المبدل بعد
الشروع في البدل فلم يلزمه الانتقال إليه
كالمتمتع يجد الهدي بعد الشروع في صيام الأيام
السبعة ويفارق ما إذا وجد الماء في الصلاة فإن
قضاءها يسير وروى البيهقي من حديث أبي القاسم
البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا ابن أبى ذئب عن
ابن شهاب قال السنة فيمن صام من الشهرين ثم
أيسر أن يمضي وذكر في المبهج وابن عقيل رواية
أنه يعتبر وقت الأداء لأنه حق له بدل من غير
جنسه فاعتبر فيه حالة الأداء كالوضوء "و يحتمل
أن يلزمه" الانتقال إليه وقاله ابن سيرين
والحكم لأنه قدر على الأصل كالمتيمم يجد الماء
قبل الصلاة أو فيها أصل إذا تكلف العتق ممن
فرضه الصيام أجزأه في الأصح و إذا قلنا
الاعتبار بحال الوجوب فوقته في الظهار من حين
العود لا وقت المظاهرة لأن الكفارة لا تجب حتى
يعود ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين
فلو كان المظاهر ذميا فتكفيره بغير الصوم لأنه
ليس من أهله ويتعين رقبة مؤمنة إذا كانت في
ملكه فإن لم يكن فلا سبيل إلى شرائه ويتعين
التكفير بالإطعام إلا أن يقول لمسلم أعتق عبدك
عن كفارتي وعلي ثمنه فيصح في رواية فلو ظاهر
وهو مسلم ثم ارتد وصام فيها لم يجزئه وإن كفر
بغيره فقال احمد لا يجزئه وقال القاضي المذهب
أنه موقوف
فصل
"فمن ملك رقبة" لزمه فلو اشتبه عبده بعبيد
غيره أمكنه العتق بأن يعتق الرقبة
(8/44)
أو أمكنه
تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من
يمونه على الدوام وغيرها من حوائجه الأصلية
بثمن مثلها لزمه العتق و من له خادم يحتاج
إليه أو دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها
__________
التي في ملكه ثم يقرع بين الرقاب فيعتق من
وقعت عليه القرعة هذا قياس "المذهب" قاله
القاضي وغيره "أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل
عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام" لقوله
عليه السلام "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" ولأن
ذلك مقدم على دين المفلس المقدم على الكفارة
فلأن يقدم عليها بطريق الأولى.
"وغيرها من حوائجه الأصلية" لأنها قريبة من
كفايته ومساوية لها بدليل تقديمها على غرماء
المفلس.
"بثمن مثلها" لأن ما حصل بأكثر من ثمن المثل
يجوز له الانتقال كاليتيم.
"لزمه العتق" إجماعا و ليس له لانتقال إلى
الصيام إذا كان مسلما حرا مع شرط آخر و هو أن
يكفر فاضلا عن و فاء دينه وفيه رواية لا مال
يحتاجه لأكل الطيب و لبس الناعم و هو من أهله
لعدم عظم المشقة ذكره ابن شهاب و غيره.
"و من له خادم يحتاج إلى خدمته" لكبر أو مرض و
نحوه أو كان ممن لا يخدم نفسه عادة فليس عليه
إعتاق لأنه في حكم العدم كمن معه ما يحتاج
إليه العطش و نحوه فإن كان يخدم امرأته وهو
ممن عليه إخدامها أو كان له رقيق يتقوت
بخراجهم فكذلك بخلاف ما إذا كان له خادم و هو
يخدم نفسه عادة لزمه الإعتاق لأنه فاضل عن
حاجته.
فرع : إذا كان له سرية لم يلزم إعتاقها فإن
أمكنه بيعها و شراء سرية غيرها و رقبة يعتقها
لم يلزمه لأن الغرض قد يتعلق بعينها بخلاف ما
إذا كان له رقبة يمكنه بيعها و شراء رقبتين
بثمنها يستغني بخدمة إحداهما و يعتق الأخرى.
"أو دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها" لأن
ذلك من حوائجه الأصلية فإن كان له دار يمكنه
بيعها و شراء ما يكفيه لسكن مثله أو رقبة ,
(8/45)
أو ثياب يتجمل
أو كتب يحتاج إليها أو لم يجد رقبة إلا بزيادة
عن ثمن مثلها تجحف به لم يلزمه العتق وإن
وجدها بزيادة لا تجحف به فعلى وجهين وإن وهبت
له رقبة لم يلزمه قبولها وإن كان ماله غائبا
وأمكنه شراؤها بنسيئة لزمه.
__________
أو ضيعة يفضل منها عن كفايته ما يمكنه شراء
رقبة لزمه ويراعي في ذلك الكفاية التي يحرم
معها أخذ الزكاة
"أو ثياب يتجمل بها" لأنه غير قادر على العتق
لكن لو كان له ملابس فاخرة تزيد على ملابس
مثله يمكنه بيعها و شراء ما يكفيه في لباسه
ورقبة يعتقها لزمه.
"أو كتب" علم "يحتاج إليها" أو عقار يحتاج إلى
غلته أو عرض للتجارة لا يستغني عن ربحه في
مؤنته "أو لم يجد رقبة إلا بزيادة عن ثمن
مثلها تجحف به لم يلزمه العتق" لأن عليه ضررا
في ذلك "وإن وجدها بزيادة لا تجحف فعلى وجهين"
وقيدهما في "المحرر" و"الرعاية" بما لا يتغابن
الناس بمثلها.
أحدهما يلزمه وهو أشهر لأنها زيادة لا تجحف به
أشبه ما لو بيعت بثمن مثلها والثاني لا لأنه
يجد رقبة بثمن مثلها أشبه العادم وأصلهما
العادم للماء إذا وجده بزيادة على ثمن مثله
فإن وجد رقبة رفيعة يمكن أن يشتري بثمنها
رقبتين من غير جنسها لزمه لا ضرر في الشرط
وإنما الضرر في إعتاقها وذلك لا يمنع الوجوب
كما لو كان مالكا لها.
"وإن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها" لأن عليه
منة في قبولها وذلك ضرر في حقه "وإن كان ماله
غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة" لغيبة ماله وفي
الرعاية أو لكونه دينا لزمه في الأصح وقد ذكر
المؤلف أنه إذا عدم الماء فبذل له بثمن في
الذمة يقدر على أدائه في بلده وجهين أحدهما
يلزمه واختاره القاضي لأنه قادر على أخذه بما
لا مضرة فيه والثاني وقاله أبو الحسن التميمي
لا لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما
تلف ماله قبل أدائه فيخرج هاهنا على الوجهين
قال في الشرح والأولى إن شاء الله تعالى أنه
لا يلزمه وظاهره أنها إذا لم تبع نسيئة فإنه
يجوز الصوم قدمه في "المحرر" و"الفروع" للحاجة
,
(8/46)
ولا تجزئه في
كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة وكذلك في سائر
الكفارات في ظاهر المذهب و لا تجزئه إلا رقبة
سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا
__________
وكالعادم وقيل لا وقيل ظهار للحاجة لتحريمها
قبل التكفير وفي "الشرح" إذا كان مرجو الحضور
قريبا لم يجز الانتقال إلى الصيام لأن ذك
بمنزلة الانتظار لشراء الرقبة وإن كان بعيدا
جاز الانتقال إليه في غير كفارة الظهار.
فرع : لا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله فلو
قال لعبده أنت حر الساعة عن ظهاري عتق ولم
يجزئه عنه فإن قال إن ظاهرت فأنت حر عن ظهاري
ثم قال لامرأته أنت علي كظهر أمي عتق وفي
إجزائه عن الكفارة وجهان.
"ولا تجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة"
رواية واحدة قاله في المستوعب وحكاه ابن حزم
إجماعا وسنده قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ
مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وكذلك في سائر
الكفارات في ظاهر المذهب وهو قول الحسن وإسحاق
والأكثر قياسا على كفارة القتل ولقوله عليه
السلام "أعتقها فإنها مؤمنة" رواه مسلم من
حديث معاوية وعنه يجزئه في غير كفارة قتل عتق
رقبة وقيل كافرة وقيل كتابية وقيل ذمية وهو
قول عطاء والثوري لأن الله تعالى أطلق الرقبة
في كفارة الظهار فوجب أن يجزئ ما تناوله
الإطلاق وجوابه بأن المطلق يحمل على المقيد
إذا اتحد الحكم ولأن الإعتاق يتضمن تفريغ
العبد المسلم لعبادة ربه وتكميل أحكامه ومعونة
للمسلمين فناسب ذلك إعتاقه في الكفارة تحصيلا
لهذه المصالح.
وذكر أبو الخطاب وجمع منع حربية ومرتدة اتفاقا
قال في "الفروع" و يتوجه في نذر عتق مطلق
رواية مخرجة من فعل منذور في وقت نهي ومن
منفعة زوجته من حجة نذر بناء على أنه ليس
كالواجب بأصل الشرع
"و لا تجزئه إلا رقبة سليمة من العيوب المضرة
بالعمل ضررا بينا" لأن المقصود تمليك العبد
منفعته و تمكينه من التصرف ولا يحصل هذا مع ما
يضر
(8/47)
كالعمى و شلل
اليد و الرجل أو قطعهما أو قطع إبهام اليد أو
سبابتهما أو الوسطى أو الخنصر و البنصر من يد
واحدة و لا يجزئ المريض المأيوس منه و لا
النحيف العاجز عن العمل و لا غائب لا يعلم
خبره
__________
بالعمل ضررا بينا "كالعمى" لأنه لا يمكنه
العمل في أكثر الصنائع لفقده البصر الذي يهتدي
به إلى العمل.
"و شلل اليد و الرجل أو قطعهما" لأن اليد آله
البطش و الرجل آله المشي فلا يتهيأ كثير من
العمل مع حصول ذلك وكذا لا يجزئ مقعد و مجنون
مطبق لأنه وجد فيه العيبان ذهاب منفعة الحس و
حصول الضرر و لأنه إذا لم يستقل بكفاية نفسه
يكون كلا على غيره و قد نظر الشافعي في العيوب
من كل باب إلى ما يليق به فاعتبر هنا ما يضر
بالعمل و في الأضحية ما ينقص اللحم و في
النكاح ما يخل بمقصود الجماع و في البيع ما
يخل بالمالية.
"أو قطع إبهام اليد أو سبابتها أو الوسطى أو
الخنصر و البنصر من يد واحدة" لأن نفع اليد
يزول أكثره بذلك و مقتضاه أنه لو قطع خنصره و
وبنصره من يدين جاز عتقه.
و صرح به في "الوجيز" لأن نفع الكفين باق و
قطع أنملة الإبهام كقطعها وإن قطع من إصبع
أنملتان فهو كقطعها لأنه ذهب بمنفعتها وإن قطع
من أصبع غير الإبهام أنملة لم يمنع و في
الواضح أن مقطوع الإبهامين لا يجزئ بخلاف ما
إذا قطع أحدهما و لا يجزئ المريض المأيوس منه
كمرض السل لأن برأه يندر و لا يتمكن من العمل
مع بقائه و قيل أولا ثم مات وظاهره أنه إذا لم
يكن مأيوسا منه كالحمى و نحوها لم يمنع.
"و لا النحيف العاجز عن العمل" لعجزه عما هو
المقصود بعتق الرقبة و ظاهره أنه إذا تمكن من
العمل فإنه يجزئ و في معناه الزمن و المقعد و
فيهما رواية.
"و لا غائب لا يعلم خبره" لأنه مشكوك في حياته
و الأصل بقاء شغل الذمة فلا تبرأ بالشك لا
يقال الأصل الحياة لأنه قد علم أن الموت لا بد
منه و قد وجدت دلالة عليه و هو انقطاع خبره
وفيل يجزئ كما لو علم
(8/48)
و لا مجنون
مطبق و لا أخرس لا تفهم إشارته و لا عتق من
علق عتقه بصفة عند وجودها و لا من يعتق عليه
بالقرابة
__________
بعد و فيل يعتق ولا يجزئ فإن لم ينقطع خبره
أجزأ عتقه لأنه عتق صحيح
"و لا مجنون مطبق" لأنه معدوم النفع ضرورة
استغراق زمانه في الجنون وقيل أو أكثر وقته و
هو أولى لعدم قدرته على تمام العمل و في معناه
الهرم قاله في "الرعاية".
"و لا أخرس لا تفهم إشارته" لأن منفعته زائلة
أشبه زوال العقل و لأن الخرس نقص كثير يمنع
كثيرا من الأحكام كالقضاء و الشهادة و كثير من
الناس لا تفهم إشارته فيتضرر بترك استعماله و
ظاهره أنه إذا فهمت إشارته أجزأ صححه في
"الشرح" كذهاب الشم و المنصوص عدم الإجزاء
ذكره في الكافي و قيل يجزئ مطلقا حكاه في
"التعليق" و أبو الخطاب عن أحمد فإن كان به
صمم لم يجزئ و إلا أجزأ و في "المغني" الأولى
أنه متى فهمت إشارته و فهم إشارة غيره أنه
يجزئ لأن الإشارة تقوم مقام الكلام و في
"الواضح" "المذهب" أنه يجزئ الأصم لأن الصمم
لا يمنع من التصرف في العمل "و لا عتق من علق
عتقه بصفة عند وجودها" أي إذا اشترى من يعتق
عليه إذا ملكه ينوي بشرائه عتقه عن الكفارة
عتق و لم يجزئه لأنه حينئذ يستحق العتق بسبب
غير الكفارة فلم يجزئ عتقه كالذي يعتق عليه
بشرائه و ظاهره انه إذا علق عتقه للكفارة أو
أعتقه قبل وجود الصفة أنه يجزئ لأنه أعتق عبده
الذي يملكه عن الكفارة لأن عتقه مستحق في غير
الكفارة.
"ولا من يعتق عليه بالقرابة" لقوله تعالى:
{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] و
التحرير فعل العتق و لم يحصل هنا بتحرير منه و
لا إعتاق فلم يكن ممتثلا للأمر و لأن عتقه
مستحق بسبب آخر فلم يجزئه كما لو ورثه ينوي به
العتق عن كفارته و يخالف المشتري البائع من
وجهين أحدهما أن البائع يعتقه و المشتري لم
يعتقه و إنما يعتق بإعتاق الشارع من غير
اختيار منه و الثاني أن البائع لا يستحق عليه
إعتاقه و المشتري بخلافه .
(8/49)
و لا من اشتراه
بشرط العتق في ظاهر المذهب و لا أم و لده في
الصحيح عنه و لا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا
في اختيار شيوخنا وعنه:يجزئ وعنه :لا يجزئ
مكاتب بحال.
__________
"و لا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب" و
هو قول معقل بن يسار لأنه إذا فعل ذلك فالظاهر
أن البائع نقصه من الثمن لأجل هذا الشرط فكأنه
أخذ عن العتق عوضا فلم يجزئه عن الكفارة وعنه
بلى فعلى الأول لو شرط عليه مالا أو خدمة لم
يجزئه.
"و لا أم و لده في الصحيح عنه" و قاله
الأوزاعي و أبو عبيد و الأكثر لأن عتقها مستحق
بسبب آخر كما لو اشترى قربيه أو عبدا بشرط
العتق فأعتقه و كما لو قال أنت حر إن دخلت
الدار و نوى عتقه عن كفارته عند دخوله.
و الثانية يجزئ قاله الحسن و طاووس لقوله
تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} و معتقها قد
حررها و جوابه الآية مخصوصة بما ذكرناه فنقيس
عليه ما اختلفوا فيه.
"و لا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار
شيوخنا" و هو قول الليث و الأوزاعي قال القاضي
هو الصحيح و قدمه في الفروع و اختاره الأكثر
لأنه إذا أدى شيئا فقد حصل العوض عن بعضه فلم
يجز كما لو أعتق بعض رقبة وظاهره أنه إذا لم
يؤد شيئا أنه يجزئ على المذهب لأنه أعتق رقبة
مؤمنة سالمة الخلق تامة الملك فأجزأ كالمدبر
"و عنه يجزئ" و قاله أبو ثور و اختاره أبو بكر
و قدمه في المحرر لأن المكاتب عبد يجوز بيعه
فأجزأ عتقه عنها كالمدبر و لأنه رقبة فيدخل في
مطلق الآية "و عنه لا يجزئ مكاتب بحال" قاله
أبو عبيد و الأكثر لأن عتقه مستحق بسبب
الكتابة و لهذا لا يملك إبطال كتابته أشبه أم
الولد و قيل يجزئ من كتابة فاسدة و قال ابن
حمدان إن جاز بيعها و الصحيح الأول و الفرق
بينه و بين المدير أن المدبر لم يحصل في
مقابلة منه عوض بخلاف مكاتب أدى بعض كتابته و
الفرق بينه وبين أم الولد أنه لا يجوز بيعها
على الصحيح بخلاف المكاتب.
(8/50)
و يجزئ الأعرج
يسيرا و المجدوع الأنف و الأذن و المجبوب و
الخصي و من يخنق في الأحيان و الأخرس الذي
يفهم الإشارة و تفهم إشارته
__________
فرع: لا يجزئ إعتاق الجنين في قول أكثرهم لأنه
لا تثبت له أحكام بعد و فاته فإنه لا يملك إلا
بالإرث و الوصية و لا يشترط لهما كونه آدميا
لكونه يثبت له ذلك و هو نطفة أو علقه و ليس
بآدمي في تلك الحال.
تنبيه : إذا اشترى عبدا ينوي إعتاقه عن كفارته
فوجد به عيبا لا يمنع من الإجزاء فاخذ أرشه ثم
أعتقه عنها أجزأه و الأرش له فإن أعتقه قبل
العلم بالعيب ثم ظهر على عيبه و أخذ أرشه فهو
له كما لو أخذه قبل إعتاقه
وعنه أنه يصرف الأرش في الرقاب فإن علم العيب
ولم يأخذ أرشه كان الأرش للمعتق لأنه أعتقه
معيبا عالما بعيبه فلم يلزمه أرش كما لو باعه
لمن يعلم عيبه فلو قال أعتق عبدك عن كفارتك و
لك خمسة دنانير ففعل لم يجزئه عنها لأن الرقبة
لم تقع خالصة عن الكفارة و ذكر القاضي أن
العتق يقع عن باذل العوض و له ولاؤه.
"و يجزئ الأعرج يسيرا" لأنه قليل الضرر بالعمل
بخلاف الفاحش الكثير فهو كقطع الرجل و في
"المستوعب" يجزئ الأعرج يسيرا إذا كان يتمكن
من المشي و المجدع و الأنف و الأذن الجدع قطع
الأنف و الأذن و الشفه و هو بالأنف أخص لأن
ذلك لا تعلق له بالعمل فهو كمقطوع الأذنين
وكنقص السمع "و المجبوب و الخصي و من يخنق في
الأحيان والأصم و الأخرس الذي يفهم الإشارة و
تفهم إشارته" لما ذكرنا وخالف في الموجز و
"التبصرة" لنقصه وتجزئ الرتقاء والكبيرة التي
تقدر على العمل لأن ما لا يضر بالعمل لا يمنع
تمليك العبد منافعه وتكميل أحكامه.
مسائل: يجزئ مستأجر ومرهون وأحمق والجاني
مطلقا وإن قتل قصاصا و الأمة الزوجة و الحامل
وإن استثنى حملها كما لا يضر قطع أصابع قدم و
كذهاب نور إحدى العينين و قال أبو بكر فيه قول
آخر لأنه
(8/51)
و المدبر و
المعلق عتقه بصفة وولد الزنى والصغير .وقال
الخرقي: إذا صام وصلى.
__________
يمنع التضحية و الإجزاء في الهدي أشبه العمى.
"و المدبر" في قول طاووس لأنه عبد كامل
المنفعة لم يحصل عن شيء منه عوض كالقن و لأنه
يجوز بيعه وإن قيل بعدم جوازه لم يجز عتقه
قاله الأوزاعي و أبو عبيد و لأكثر لأن عتقه
مستحق بسبب آخر أشبه أم الولد "و المعلق عتقه
بصفة" قبل و جودها لأن ملكه فيه تام "وولد
الزنى" في قول أكثر العلماء لدخوله في الآية و
لأنه مملوك مسلم كامل العقل لم يعتق عن شيء و
لا استحق عتقه بسبب آخر أشبه ولد الرشيدة قال
الطحاوي هو الملازم للزنى كما يقال بن السبيل
الملازم لها وولد الليل الذي يسير فيه.
و قال عطاء الأوزاعي لا يجزئ استدلالا بقوله
عليه السلام "و لد الزنى شر الثلاثة" رواه أبو
داود من حديث أبي هريرة قال الخطابي هو شر
الثلاثة أصلا و عنصرا و نسبا لأنه خلق من ماء
الزنى وهو خبيث و أنكر قوم هذا التفسير وقالوا
ليس عليه من وزر و الدية ل قوله تعالى: {وَلا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:
164] و قد ورد في بعض الأحاديث أنه شرهم إذا
عمل عملهم فإن صح ذلك أندفع الإشكال وبالجملة
فهذا يرجع إلى أحكام الآخرة و أما أحكام
الدنيا فهو كغيره في صحة إمامته و بيعه و عتقه
و قبول شهادته فكذا في عتقه عن الكفارة و يجزئ
مع كمال أجره.
قال الشيخ تقي الدين و يشفع مع صغره في أمه لا
أبيه "و الصغير" كذا عبر به الأصحاب و عنه له
سبع سنين إن اشترط الإيمان قاله في "الوجيز"
لدخوله في الآية و لأنه يرجى منافعه فأجزأ
كالمريض و المراد بالإيمان الإسلام بدليل
إعتاق الفاسق قال الثوري المسلمون كلهم مؤمنون
عندنا في الأحكام و لا ندري ما هم عند الله و
لهذا تعلق حكمه بكل مسلم و "قال الخرقي إذا
صلى و صام" لأن المعتبر الفعل دون السن فمن
صلى و صام ممن له عقل يعرفهما و يتحقق منه
الآيتان بنيته و أركانه فإنه يجزئ في
(8/52)
و إن أعتق نصف
عبد و هو معسر ثم اشترى باقيه فأعتقه أجزأه
إلا على رواية وجوب الاستسعاء وإن أعتقه و هو
موسر فسرى إلى نصيب شريكه لم يجزئه نص عليه و
يحتمل أن يجزئه وإن أعتق نصفا آخر
__________
الكفارة وإن لم يبلغ السبع و ظاهره أنه إذا لم
يوجد منه أنه لا يجزئ وإن كان كبيرا لأنه عاجز
من كل وجه أشبه الزمن.
و قدم في "الرعاية" أنه يجزئ ابن سبع إذا صلى
و صام و ظاهر كلام أحمد أنه لا يجزئ إعتاق من
له دون سبع لأنه لا تصح منه العبادات أشبه
المجنون و قال القاضي في إعتاق الصغير في جميع
الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين و
نقل الميموني يعتق الصغير إلا في قتل الخطأ
فإنه لا تجزئ إلا مؤمنة فأراد التي صلت و
الأول أقرب إلى الصواب و الصحة لأن الإيمان و
الإسلام هو حاصل في حق الصغير و هو مؤمن تبعا.
"وإن أعتق نصف عبد و هو معسر ثم اشترى باقيه
فأعتقه أجزأه" لأنه أعتق رقبة كاملة في و قتين
كما لو أطعم المساكين في وقتين "إلا على رواية
وجوب الاستسعاء" لأنه حينئذ مستحق العتق فلم
يجزئ كما لو اشتراه بشرط العتق و الأصح في
المذهب خلافها "وإن أعتقه" عن كفارته "و هو
موسر فسرى إلى نصيب شريكه" عتق "لم يجزئه" نص
عليه اختاره الخلال و صاحبه و صححه في "الشرح"
لأن عتق نصفه لم يحصل بالمباشرة بل بالسراية
كما لو عتق نصف عبد.
"و يحتمل أن يجزئه" إذا نوى إعتاق جميعه عن
كفارته اختاره القاضي و أصحابه و زعم أنه قياس
"المذهب" لأنه أعتق عبدا كامل الرق سليم الخلق
غير مستحق للعتق ناويا به الكفارة فأجزأ كما
لو كان الجميع ملكه
فرع : إذا كان له عبد فأعتق جزءا منه معينا أو
مشاعا عتق كله وإن نوى به الكفارة أجزأ عنه
وإن نوى إعتاق الجزء الذي باشره عن الكفارة
دون غيره لم يجزئه عتق غيره وهل يحتسب له بما
نوى عن الكفارة على وجهين.
"وإن أعتق نصفا آخر" أي نصف عبدين أو أمتين أو
نصف عبد ونصف
(8/53)
أجزأه عند
الخرقي ولم يجزئه عند أبي بكر.
فصل
فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان
أو عبدا و لا تجب نية التتابع
__________
أمة "أجزأه عند الخرقي" وفي "الروضة" هو
الصحيح في "المذهب" لأن الأشقاص كالأشخاص فيما
لا يمنع العيب اليسير دليله الزكاة إذا كان
نصف ثمانين شاة مشاعا وجبت الزكاة كما لو ملك
أربعين منفردة وكالضحايا والهدايا إذا اشتركوا
فيها "ولم يجزئه عند أبي بكر" لأن المقصود
تكميل الأحكام ولا تحصل من إعتاق نصفين وذكر
ابن عقيل وصاحب "الروضة" روايتين وقيل إن كان
باقيهما حرا أجزأه اختاره القاضي زاد في
المحرر إذا أعتق كل واحد منهما عن كفارتين
أجزأه وإلا فلا وهذا أصح لأن إعتاق الرقبة
إنما ينصرف إلى الكاملة ولا يحصل من الشخصين
ما يحصل من الرقبة الكاملة في تكميل الأحكام
وتخليص الآدمي من ضرر الرق ويمتنع قياس
الشقصين على الرقبة الكاملة بدليل الشراء.
فرع : الأصح أنه لا يجزئ المغصوب وأطلق الخلاف
في "الترغيب" وفي موصى بخدمته أبدا منع وتسليم
في "الانتصار" وأما نضو الخلق ضعيف التركيب
فإن كان لا يضعف عن العمل مع بقائه أجزأه.
فصل
"فمن لم يجد" رقبة يشتريها أو وجدها ولم يجد
ثمنها أو وجده لكن بزيادة كثيرة تجحف بماله أو
وجدها ولكن احتاجها لخدمة ونحوه "فعليه صيام
شهرين متتابعين" إذا قدر عليه إجماعا وسنده
قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَتَمَاسَّا} [المجادلة:4] من قبل أن يتماسا
وأجمعوا على وجوب التتابع ومعناه الموالاة بين
صيام أيامهما فلا يفطر فيهما ولا يصوم عن غير
الكفارة "حرا كان" المكفر "أو عبدا" بغير خلاف
نعلمه "ولا تجب نية التتابع" بل يكفي فعله
لأنه شرط وشرائط العبادات لا تحتاج إلى نية
وإنما تجب النية
(8/54)
فإن تخلل صومها
شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد أو الفطر
بحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر
الحامل و المرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع
التتابع و كذلك إن خافتا على و لديهما
__________
لأفعالها وقيل تجب النية ففي الاكتفاء بالليلة
الأولة والتجديد لكل ليلة وجهان ويبيت النية
وفي تعيينها جهة الكفارة وجهان فإن تخلل صومها
شهر رمضان بأن يبتدئ الصوم من أول شعبان
فيتخلله رمضان.
"أو فطر واجب كفطر العيد" بأن يبتدئ مثلا من
ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق فإن
التتابع لا ينقطع بهذا ويبني على ما مضى من
صيامه لأنه زمن منعه الشرع عن صومه في الكفارة
كالحيض والنفاس وفي "مفردات ابن عقيل" في صوم
العيد يقطع التتابع لأنه خلله بإفطار يمكنه أن
يحترز عنه ثم سلم أنه لا يقطعه لأنه لا يقبل
الصوم كالليل ويتخرج في أيام التشريق أنه
يصومها فعلى هذا إن أفطرها استأنف لأنها أيام
أمكنه صيامها في الكفارة ففطرها يقطع التتابع
كغيرها "أو الفطر بحيض أو نفاس" أجمع أهل
العلم ونص عليه أحمد على أن الصائمة متتابعا
إذا حاضت قبل إتمامه تقضي إذا طهرت وتبني لأن
الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا
بتأخيره إلى الإياس و فيه تغرير بالصوم لأنها
ربما ماتت قبله و النفاس كالحيض لأنه بمنزلته
في أحكامه في وجه و في آخر يقطع التتابع لأنه
فطر أمكن التحرز منه ولا يتكرر في العام أشبه
الفطر لغير عذر و لا يصح قياسه على الحيض لأنه
أندر منه لا يقال الحيض و النفاس لا يمكن
التحرز منهما لأنه قد يمكن التحرز من النفاس
بأن لا تبتدئ الصوم في حال الحمل و في الحيض
إذا كان طهرها يزيد على الشهرين بإن تبتدئ
الصوم عقب طهرها من الحيض و مع هذا لا ينقطع
التتابع به "أو جنون قال جماعة أو مرض مخوف"
روي عن ابن عباس و سعيد بن المسيب و الحسن
لأنه أفطر بسبب لا صنع له فيه كالحيض "أو فطر
الحامل و المرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع
التتابع" لأنه فطر أبيح لعذر من غير جهتها فلم
ينقطع كالمريض "و كذلك إن خافتا على و لديهما"
لم ينقطع التتابع و جزم به معظم الأصحاب لأنه
(8/55)
ويحتمل أن
ينقطع وإن أفطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء
أو عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف وإن
أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر أو المرض غير
المخوف فعلى وجهين.
__________
فطر أبيح لهما بسبب لا يتعلق باختيارهما كما
لو أفطرتا خوفا على أنفسهما.
"ويحتمل أن ينقطع" لأن الخوف على غيرهما ولهذا
تلزمهما الفدية مع القضاء وأطلق في "المحرر"
الخلاف والأول "المذهب" لاشتراكهما في إباحة
الفطر والمشقة اللاحقة فقطع التتابع وبفطره
ناسيا أو مكرها أو مخطئا كجاهل به "وإن أفطر"
أي تعمده "لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو
عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف" لأنه
أخل بالتتابع المشروط ويقع صومه عما نواه لأن
هذا الزمان ليس بمستحق متعين للكفارة بخلاف
شهر رمضان فإن كان عليه صوم نذر غير معين أخره
إلى فراغه من الكفارة وإن كان متعينا أخر
الكفارة عنه أو قدمها عليه وإن أمكن وإن كان
أياما من الشهر كالخميس وأيام البيض قدم
الكفارة عليه لأنه لو صامه لا يقطع التتابع
ولزمه الاستئناف فيفضي إلى أنه لا يتمكن من
التكفير بحال والنذر يمكنه قضاؤه بعد صوم
الكفارة وفيه شيء لأنه النذر المتعين زمانه
متعين للصوم فهو كرمضان فيلزم عدم انقطاع
التتابع به لتعينه أو انقطاع التتابع بصوم
رمضان ضرورة مساواة أحدهما للآخر في تعيين
الزمان بل الأولى أن يقال النذر آكد من رمضان
لأن النذر السابق مقدم بخلاف رمضان فإن
التكفير سابق عليه قاله ابن المنجا.
"وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير
المخوف فعلى وجهين" ذكرهما أبو الخطاب في
الثانية أحدهما: لا ينقطع التتابع كالمرض
المخوف.
والثاني: بلى كما لو أفطر لغير عذر وإن أفطر
لسفر يبيح الفطر فالأظهر عن أحمد في رواية
الأثرم أنه لا ينقطع وقاله الحسن لأنه أفطر
لعذر يبيح الفطر في رمضان كفطر الحائض وقيل
بلى وقاله الأكثر لأن السفر حصل باختياره
فقطعه كما لو أفطر لغير عذر وفي "الروضة" إن
أفطر لعذر كمرض وعيد بنى
(8/56)
وإن أصاب
المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع
وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا وإن أصاب غيرها
ليلا لم ينقطع.
__________
وكفر كفارة يمين قيل لأحمد مظاهر أفطر لمرض
يعيد قال أرجو أنه في عذر.
فرع: إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد
طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب
أفطر وفي انقطاع التتابع وجهان وإن أصاب
المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع
وقاله الثوري وأبو عبيد والأكثر ل قوله تعالى:
{فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] أمر
بهما خاليين من التماس ولم يوجد ولأن تحريم
الوطء لا يختص الصيام فاستوى فيه الليل
والنهار كالاعتكاف لا يقال الوطء ما بقي إلى
كفارته سبيل لأن الآية دلت ألا يوجد التماس
قبل الشهرين ولا فيها فإذا تعذر اشتراط أحدهما
وجب الآخر لإمكانه.
"وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا" أي لا ينقطع
التتابع بفعله ليلا ولا نهارا ناسيا ورجحه في
الشرح لأنه وطء لا يفطر به كوطء غيرها وعنه لا
يفطر ولا ينقطع لأنه فعل الفطر ناسيا وإن أبيح
له الفطر لعذر فوطئ غيرها لم ينقطع لأن الوطء
لا أثر له في قطع التتابع وإن وطئها كان
كوطئها ليلا وهل يقطع التتابع فيه وجهان ودل
ذلك على أن وطأه في أثناء إطعام كما نقله ابن
منصور وعتق لا يقطعه ومنعهما في "الانتصار" ثم
سلم الإطعام لأنه بدل والصوم مبدل كوطء من لا
تطيق الصوم في الإطعام.
"وإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع" بغير خلاف
نعلمه لأن محرم عليه ولا هو مخل بإتباع الصوم
كالأكل ودل على أنه إذا لمس المظاهر منها أو
باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع
لإخلاله بموالاة الصيام وفي "الرعاية"
روايتان.
(8/57)
فصل
فإن لم يستطع لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما
حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام
__________
فصل
"فإن لم يستطع" الصوم لكبر أو مرض ولو رجي
زواله أو يخاف زيادته أو بطأه قال جماعة أو
شبق "لزمه إطعام ستين مسكينا" إجماعا وسنده
الآية الكريمة والخبر وعلم منه أنه لا يجوز
الانتقال إليه لأجل السفر لأنه لا يعجزه عن
الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله
الاختيارية بخلاف المرض.
"مسلما حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل
الطعام" وحاصله أن من أعطي الزكاة لحاجته جاز
إعطاؤه من طعامها والمساكين هم الذين تدفع
إليهم الزكاة لحاجتهم ويدخل فيه الفقراء لأنهم
وإن كانوا صنفين فهم صنف واحد واقتصر في
"الهدي" عليهما لظاهر القرآن وشرطه الإسلام
وهو قول الأكثر لأنه شرط في دفع الزكاة إليه
والكفارة جارية مجراها وذكر أبو الخطاب وغيره
في ذمي يخرج من عتقه وخرج الخلال دفعها إلى
كافر قال ابن عقيل لعله من المؤلفة ولأنه
مسكين من أهل دار الإسلام فأجزأ الدفع إليهم
منها كالمسلم وقال الثوري يعطيهم إذا لم يجد
غيرهم.
وجوابه أنهم كفار فلم يجز إعطاؤهم منها
كمساكين أهل الحرب والآية مخصوصة بهذا والجزية
لا يجوز دفعها إلى عبد ولا مكاتب ولا أم ولد
لوجوب نفقتهم على السيد ولا فرق فيه بين
الكبير والصغير لأنه مسكين فجاز إطعامه
كالكبير وهذا إذا أكل الطعام فإن لم يأكله لم
يدفع إليه في ظاهر الخرقي وقاله القاضي وهي
أشهر الروايتين قاله المجد وهو ظاهر كلام
المؤلف كزكاة في رواية نقلها جماعة وسواء كان
محجورا عليه أو لا لكن من لا حجر عليه يقبض
لنفسه أو وكيله والمحجور عليه كالصغير
والمجنون يقبض له وليه.
(8/58)
ولا يجوز دفعها
إلى مكاتب ولا إلى من تلزمه مؤنته وإن دفعها
إلى من يظنه مسكينا فبان غنيا فعلى روايتين
وإن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه
إلا أن لا يجد غيره فيجزئه في ظاهر المذهب
وعنه لا يجزئه ، وعنه يجزئه وإن وجد غيره
__________
والأخرى يدفع إلى الصغير الذي لم يطعم ذكرها
أبو الخطاب "المذهب" وقاله أكثر الفقهاء لأنه
مسلم حر محتاج أشبه الكبير "ولا يجوز دفعها
إلى مكاتب" لأنه عبد واختار الشريف جواز دفعها
إليه اختاره في "المحرر" وغيره وقال أبو
الخطاب يتخرج دفعها إليه بناء على جواز إعتاقه
لأنه يأخذ من الزكاة لحاجته أشبه المسلمين
وجوابه بأنه ليس في معنى المسكين لأن حاجته من
غير جنس حاجتهم والكفارة إنما هي للمساكين
للآية ولأن المسكين يدفع إليه ليتم كفايته
والمكاتب إنما يأخذ لفكاك رقبته وكفايته في
كسبه.
"ولا إلى من تلزمه مؤنته" لأن الزكاة لا تدفع
إليهم فكذا الكفارة وفي دفعها إلى الزوج وجهان
بناء على الروايتين في دفع الزكاة إليه.
"وإن دفعها إلى من يظنه مسكينا" أي ظاهره
الفقر "فبان غنيا فعلى روايتين" وفي "الشرح"
وجهان بناء على الروايتين في الزكاة وظاهره
أنه إذا بان كافرا أو عبدا أنه لا يجزئه وجها
واحدا.
وإن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه"
لأن الله تعالى أوجب إطعام ستين مسكينا ولم
يطعم إلا مسكينا واحدا "إلا أن لا يجد غيره
فيجزئه في ظاهر المذهب" وهو الصحيح لأنه مع
عدم الوجدان لغيره معذور
"وعنه لا يجزئه" مطلقا اختاره في "الانتصار"
لظاهر الآية لمن احتج لعدم بزكاة ووصية
للفقراء وخمس الخمس بأن فيه نظرا وصححها في
"عيون المسائل" وقال اختارها أبو بكر واحتج
ابن شهاب بأنه مال أضيف إلى عدد محصور فلم يجز
صرفه إلى واحد كما لو قال لله علي أن أطعم
ستين مسكينا أو أوصي لهم "وعنه يجزئه وإن وجد
غيره" اختارها ابن بطة و أبو محمد الجوزي لأن
هذا المسكين لم يستوف قوت يومه من هذه الكفارة
(8/59)
و إن دفع إلى
مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه و عنه لا
يجزئه و المخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة
و في الخبز روايتان فإن كان قوت بلده غير ذلك
أجزأ منه
__________
فجاز أن يعطي منها كاليوم الأول "وإن دفع إلى
مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه" على
المذهب لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد
الواجب فأجزأ كما لو دفع ذلك إليه في يومين "و
عنه لا يجزئه" لأنه استوفى قوت يوم من كفارة
فلم يجز أن يدفع إليه ثانيا كما لو دفعها إليه
من كفارة واحدة فعلى هذا يجزئه عن إحدى
الكفارتين و يرجع في الأخرى إن كان أعلمه أنها
كفارة وإلا فلا و يتخرج ألا يرجع بشيء كالزكاة
و الأول أقيس و أصح فإن اعتبار عدد المساكين
أولى من اعتبار عدد الأيام وإن دفع إلى الستين
من كفارتين فروايتان.
"و المخرج في الكفارة ما يجزي في الفطرة" وهو
التمر و الزبيب و البر و الشعير و نحوها و
إخراج الحب أفضل للخروج من الخلاف و هي حالة
كماله لأنه يدخر و يهيأ لمنافعه كلها بخلاف
غيره و نقل ابن هاني التمر و الدقيق أحب إلى
مما سواهما و في "الترغيب" التمر أعجب إلى
أحمد فإن أخرج دقيقا جاز لأنه أجزاء الحب و قد
كفاهم مؤنته و هيأه لهم بخلاف الهريسة فإنها
تفسد عن قرب و في السويق الخلاف السابق "و في
الخبز روايتان" المنصوص الأجزاء اختارها
الخرقي ل قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] و
المطعم للخبز من أوسط ما يطعم أهله و لأنه
مهيأ للأكل.
و الثانية لا و هي ظاهر "المحرر" و "الفروع"
لأنه خرج عن حال الكمال و الادخار أشبه
الهريسة قال القاضي و أصحابه الأولى الجواز و
في "المغني" هو أحسن و هذا من أوسط ما يطعم
أهله و ليس الادخار مقصودا في الكفارة فإنها
مقدرة بما يقوت المسكين في يومه و هذا مهيأ
للأكل المعتاد للاقتيات به و أما الهريسة
فإنها خرجت عن الاقتيات المعتاد إلى خبز
الإدام.
"وإن كان قوت بلده غير ذلك" كذرة و الأرز
"أجزأ منه" في قول أبي
(8/60)
لقول الله
تعالى : {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ
أَهْلِيكُمْ} و قال القاضي لا يجزئه و لا يجزئ
من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدّين،
__________
الخطاب و المؤلف و غيرهما لقول الله تعالى:
{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}
[المائدة: 89] و هذا مما يطعمه أهله فوجب أن
يجزئه بظاهر النص فإن أخرج عن قوت بلده أجود
منه فقد زاده خيرا و اعتبر في الواضح غالب قوت
بلده وأوجب الشيخ تقي الدين وسطه قدرا ونوعا
مطلقا بلا تقدير
"و قال القاضي لا يجزئه" سواء كان قوت بلده أو
لم يكن لأن الخبز ورد بإخراج هذه الأصناف في
الفطرة فلم يجز غيره كما لو لم يكن قوت بلده و
الأول أجود
"و لا يجزئ من البر" أو دقيقه "أقل من مد" و
قال زيد و ابن عباس و ابن عمر لما روى أحمد
ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال
جاءت امرأة من بني بياضة بنصف و سق شعير فقال
النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر أطعم هذا
فإن مدي شعير مكان مد بر و على هذا يحمل ما
روي عن سلمة بن صخر أن النبي صلى الله عليه
وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال
أطعمه ستين مسكينا و ذلك لكل مسكين مد رواه
الدارقطني و الترمذي بمعناه
"و لا من غيره أقل من مدين" لقوله عليه السلام
"فإن مدي شعير مكان مد بر" و هو مرسل جيد و
لأبي داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال يعني
بالعرق زنبيلا يأخذ خمسة عشر صاعا و إذن
العرقان ثلاثون صاعا فيكون لكل مسكين نصف صاع
ولأبي داود في رواية العرق مكتل يسع ثلاثين
صاعا و قال هذا أصح و عنه مدان لكل واحد لحديث
عطاء عن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم
أعطاه خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين
مسكينا رواه أبو داود و قال عطاء لم يدرك أوسا
و روى الأثرم عن أبي هريرة في حديث المجامع أن
النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق فيه خمسة
عشر صاعا فقال: "خذه و تصدق به" و لأنه إطعام
و اجب فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج كالفطرة
و جوابه بأنه يحتمل بأنه لم يجد سواه و لذلك
(8/61)
و لا من الخبز
أقل من رطلين بالعراقي إلا أن يعلم أنه مد وإن
أخرج القيمة أو غذي المساكين أو عشاهم لم
يجزئه و عنه يجزئه.
__________
لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله وفي المتفق
عليه قريب من عشرين صاعا و ليس ذلك مذهبا
لأحد.
"و لا من الخبز" إذا قلنا بإجزائه "أقل من
رطلين بالعراقي" أي مع عدم العلم بأنه مد لأن
الغالب أن ذلك لا يبلغ مدا لأنه ثلاثة أسباع
الدمشقي وهو به خمس أواق و سبع أوقية فإن كان
من الشعير فلا يجزئ إلا ضعف "إلا أن يعلم أنه
مد" من الحنطة فيجزئ لأنه الواجب.
و طاهر ما سبق أنه لا يجب الأدم بل هو مستحب
نص عليه وعنه أنه ذكر قول ابن عباس بأدمة و
ذكره الشيخ تقي الدين رواية و أنه لا يجب
التمليك في قياس "المذهب" كزوجة وإن الأدم يجب
إذا كان يطعمه أهله.
"وإن أخرج القيمة" لم يجزئه نقلها الميموني و
الأثرم و هو قول الأكثر منهم عمر و ابن عباس
لأن الواجب هو الإطعام و إعطاء القيمة ليس
بإطعام فهو باق في عهدة الواجب أو غذى
المساكين أو عشاهم لم يجزئه مطلقا في ظاهر
"المذهب" لأن المنقول عن الصحابة إعطاؤهم و
لحديث كعب في فدية الأذى ولأنه مال وجب
للفقراء شرعا أشبه الزكاة "وعنه يجزئه" أما
أولا فلأن المقصود دفع حاجة المسكين وهو يحصل
بدفع القيمة وأما ثانيا فالأجزاء مشروط فإذا
أطعمهم القدر الواجب لهم ولم يقل الشيخ تقي
الدين بالواجب و هو ظاهر نقل أبي داود و غيره
عنه فإنه قال أشبعهم قال ما أطعمهم قال خبزا و
لحما إن قدرت أو من أوسط طعامكم و أطعم أنس
فدية الصيام قال أحمد أطعم شيئا كثيرا فعلى
"المذهب" لو قدم إليهم مدا و قال هذا بينكم
فقبلوه فإن قال بالسوية أجزأ وإلا فوجهان و
قال القاضي إن علم أنه و صل إلى كل واحد قدر
حقه أجزأ و إلا فلا.
(8/62)
فصل
و لا يجزئ الإخراج إلا بنية و كذلك الإعتاق و
الصيام فإن كان عليه كفارة واحدة فنوى عن
كفارتين أجزأه وإن كان عليه كفارات من جنس
فنوى إحداها أجزأه
__________
فصل
و لا يجزئ الإخراج إلا بنية لا نية التقرب
لأنه حق على سبيل الطهرة فافتقر إلى النية
كالزكاة "و كذلك الإعتاق و الصيام" لحديث
"الأعمال بالنيات" ولقوله "لا عمل إلا بنية"
لأن العتق يقع متبرعا به وعن كفارة أخرى أو
نذر فلم ينصرف إلى هذه الكفارة إلا بنية
وصفتها أن ينوي العتق أو الصيام أو الإطعام عن
الكفارة فإن زاد الواجبة فتأكيد وإن نوى و
جوبها ولم ينو الكفارة لم يجزئه لأن الواجب
يتنوع فوجب تمييزه و موضعها مع التكفير أو
قبله بيسير فإن كانت الكفارة صياما اشترط نية
الصيام عن الكفارة في كل ليلة للخبر.
"فإن كان عليه كفارة واحدة" لم يلزمه تعيين
سببها سواء علمها أو جهلها فإن عينه فغلط
أجزأه عما يتداخل و هي الكفارات عن جنس فنوى
عن كفارتين أجزأه لأن النية تعينت له و لأنه
نوى عن كفارته ولا مزاحم لها فوجب تعليق النية
بها.
"وإن كان عليه كفارات من جنس" كما لو ظاهر من
نسائه الأربع "فنوى إحداهما أجزأه" لا نعلم
فيه خلافا فإذا عتق عبدا عن ظهاره أجزأه عن
إحداهن وحلت له واحدة غير معينة لأنه واجب من
جنس واحد فأجزأته نية مطلقة كما لو كان عليه
صوم يومين من رمضان و قياس "المذهب" أنه يقرع
بينهن فتخرج المحللة منهن بالقرعة و قاله أبو
ثور و قال بعض العلماء له أن يصرفها إلى أيتهن
شاء فتحل فعلى الأول لو كان الظهار من ثلاث
نسوة فأعتق ثم صام ثم أطعم حل الجميع من غير
قرعة لأن التكفير حصل عن الثلاث أشبه ما لو
أعتق ثلاثة أعبد
(8/63)
وإن كانت من
أجناس فكذلك عند أبي الخطاب ، وعند القاضي لا
يجزئه حتى يعين سببها ، فإن كانت عليه كفارة
واحدة فنسي سببها أجزأته كفارة واحدة على
الوجه الأول . وعلى الثاني : يجب عليه كفارات
بعدد الأسباب.
__________
عن الجميع دفعة واحدة.
"وإن كانت من أجناس" كظهار و قتل و يمين فأعتق
رقبة عن إحداها و لم يعينه "فكذلك عند أبي
الخطاب" و صححه في "المحرر" و قدمه في
"الفروع" و جزم به في "الوجيز" لأنها عبادة
واجبة فلم تفتقر في صحة أدائها إلى تعيين
سببها كما لو كانت من جنس قال ابن شهاب بناء
على أن الكفارات كلها من جنس و لأن آحادها لا
تفتقر إلى تعيين النية بخلاف الصلوات.
"و عند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها" قدمه
في "الرعاية" وحكى عن أحمد لأنهما عبادتان من
جنسين كما لو وجب عليه صوم من قضاء ونذر
وكتيممه لأجناس وكذبحه في دم نسك ودم محظور
وكعتق نذر وعتق كفارة في الأصح قاله في
"الترغيب".
"فإن كانت عليه كفارة واحدة فنسي سببها أجزأته
كفارة واحدة على الوجه الأول" قاله أبو بكر
لأن تعيين السبب ليس شرطا فإذا أخرج كفارة
وقعت عن كفارته فتخرج عن العهدة "وعلى الثاني"
لا بد من تعيين السبب "يجب عليه كفارات بعدد
الأسباب" كما لو نسي صلاة خمس وكما لو علم إن
عليه يوما لا يعلم هل هو قضاء أو نذر فإنه
يلزمه صوم يومين فإن كان عليه صيام ثلاثة أيام
لا يدري أهي من كفارة أو نذر أو قضاء لزمه صوم
تسعة أيام كل ثلاثة عن واحدة من الجهات واختار
في "الانتصار" إن اتحد السبب فنوع وإلا فجنس
قال في "الفروع" ولو كفر مرتد بغير الصوم فنصه
لا يصح وقال القاضي المذهب صحته.
مسألة : إذا كان عليه كفارتان فأعتق عنهما
عبدين فله أقسام:
1- أن يقول أعتقت هذا عن هذه الكفارة وهذا عن
الأخرى فيجزئه إجماعا.
(8/64)
....................................
__________
2- أن يقول أعتقت هذا عن إحداهما وهذا عن
الأخرى من غير تعيين فإن كانا من جنس واحد جاز
وإن كانا من جنسين خرج على الخلاف في اشتراط
السبب.
3- أن يقول أعتقتهما عن الكفارتين أجزأه إن
كانا من جنس وإلا فالخلاف.
4- أن يعتق كل واحد منهما جميعا فيكون معتقا
عن كل واحدة من الكفارتين نصف العبدين وفيه
الخلاف السابق وذكر القاضي وجها ثالثا إن كان
باقيهما حرا جاز لأنه حصل تكمبل الأحكام
والتصرف.
فرع : لا يجوز تقديم الكفارة على سببها كتقديم
الزكاة على الملك وإن كفر بعد السبب وقبل
الشرط جاز فلو كفر عن الظهار بعده وقبل العود
جاز لأنه حق مالي فجاز تقديمه قبل شرطه
كالزكاة فلو قال لعبده إن ظاهرت فأنت حر عن
ظهاري ثم قال لامرأته أنت علي كظهر أمي عتق
لوجود الشرط وهل يجزئه عن الكفارة فيه وجهان.
(8/65)
|