المبدع شرح المقنع ط عالم الكتب

كتاب الإقرار
كتاب الإقرار
...
كتاب الإقرار
__________
الشهادة مع يمينه ولا تجزئ يمين قبل الشهادة والتزكية.
الثانية: إذا كان لميت دين بشاهد وعليه دين فلم يحلف الوارث مع الشاهد فهل للغريم أن يحلف قال أبن حمدان: يحتمل وجهين والأصح إن قلنا: التركة للوارث وتوفي من حيث شاء لم يحلف الغريم وإن قلنا: لا تنتقل التركة إليه قبل الوفاء حلف الغريم أني أستحق من ديني على الميت أو أن عليه دين كذا.
الثالثة: إذا ادعى الإمام أو نائبه حقا لبيت المال وادعى وكيل الفقراء حقا لهم من وصية ونحوها أو ادعى ناظر وقف أو قيم مسجد حقا له فأنكرهما المدعى عليه ولم يحلف قضي عليه بالنكول وأخذ منه المدعى به وقيل: يحبس حتى يقر أو يحلف وقيل: بل يحلف المدعي ويأخذ ما ادعاه.
وقال أبن حمدان: ولا يحلف إمام ولا حاكم وإن قلنا: بحلف أحدهم فأقام شاهدا بما ادعاه حلف لإتمام البينة.
كتاب الإقرار
الإقرار: الاعتراف وهو إظهار الحق لفظا وقيل: تصديق المدعى حقيقة أو تقديرا وشرعا إظهار المكلف الرشيد المختار ما عليه لفظا أو كتابة في الأقيس أو إشارة أو على موكله أو موروثه أو موليه بما يمكن صدقه فيه وليس بإنشاء.
وهو ثابت بالإجماع وسنده قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} الآية [آل عمران:81]، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة:102]، و {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:172].
ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا و الغامدية به وقال لأنيس: "اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" ولأنه إخبار على وجه تنتفي عنه التهمة والريبة ولهذا كان آكد من الشهادة فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة وإن

(10/223)


يصح الإقرار من كل مكلف مختار غير محجور عليه فأما الصبي والمجنون فلا يصح إقرارهما إلا أن يكون الصبي مأذونا له في البيع والشراء فيصح إقراره في قدر ما أذن له دون ما زاد.
__________
كذب المدعي بينته لم تسمع فلو كذب المقر ثم صدقه سمع "يصح الإقرار من كل مكلف مختار غير محجور عليه" كذا في الوجيز أي يصح بما يتصور منه التزامه كحق آدمي وحق لله تعالى لا يسقط بالشبهة كزكاة وكفارة بشرط كونه بيده وولايته واختصاصه لا معلوما ولا ما هو في ملكه حين الإقرار به على الأشهر ولا ما يستحيل منه ولا لمن لا يصح أن يثبت ذلك له بحال وإما إقراره على ما في يد غيره وتصرفه شرعا فدعوى أو شهادة فإذا صارت بيده وتصرفه شرعا لزمه حكم إقراره ويصح مع إضافة الملك إليه كداري على الأصح.
"فأما الصبي والمجنون فلا يصح إقرارهما" لقوله عليه السلام: "رفع القلم عن ثلاث" الخبر وكذا حكم المبرسم والمغمى عليه بغير خلاف نعمله ولأنه التزام حق بالقول فلم يصح منهم كالبيع وهذا إذا كان الجنون مطبقا فإن كان غير مطبق فيصح إقراره في إفاقته "إلا أن يكون الصبي مأذونا له في البيع والشراء فيصح إقراره في قدر ما أذن له فيه" كالبالغ نص عليه في رواية مهنا ذكره في المستوعب والمحرر وصححه في الكافي وقدمه في الفروع كعبد قبل حجر سيده عليه وذكره في الرعاية وزاد مع اختلاف الدين واتفاقه وقيل: يصح في الشيء اليسير ومنع في الانتصار عدم صحته ثم سلم لعدم مصلحته فيه وكذا الدعوى وإقامة البينة والتحليف ونحوه وأطلق في الروضة صحة إقرار مميز وقال ابن عقيل: في إقراره روايتان إحداهما يصح إذا أقر في قدر إذنه.
و الثانية: لا يصح حتى يبلغ لعموم الخبر وكالطفل وحملها القاضي على غير المأذون قال الأزجي هو حمل بلا دليل دون ما زاد لأن مقتضى الدليل عدم صحة إقراره ترك العمل به فيما أذن له فيه فيبقى ما عداه على مقتضاه.
تنبيه: إذا أقر من شك في بلوغه فأنكره صدق بلا يمين قاله الشيخان

(10/224)


وكذلك العبد المأذون له في التجارة ولا يصح إقرار السكران ويتخرج صحته بناء على طلاقه ولا يصح إقرار المكره إلا أن يقر بغير ما أكره عليه مثل أن يكره على الإقرار لإنسان فيقر
__________
لحكمنا بعدم يمينه أي بعدم يمين الصبي ولو ادعاه بالسن قبل ببينة وفي الترغيب يصدق صبي ادعى البلوغ بلا يمين وإن قال: أنا صبي لم يحلف وينتظر بلوغه وفي عيون المسائل يصدق في سن يبلغ في مثله وهو تسع سنين ويلزمه بهذا البلوغ ما أقر به قال وعلى قياسه الجارية فإن ادعى أنه أنبت بعلاج أو دواء لا بالبلوغ لم يقبل ذكره المؤلف في فتاويه.
أما لو قال بعد البلوغ لم أكن بالغا وقت الإقرار قبل قوله مع يمينه جزم به في المغني والشرح لأن الأصل الصغر و الثاني: لا يقبل لتعلق الحق بذمته ظاهرا ولو ادعى أنه كان زائل العقل لم يقبل إلا ببينة لأن الأصل السلامة وذكر الأزجي يقبل إذا كان عهد منه جنون في بعض أوقاته قال في الفروع ويتوجه قبوله ممن غلب عليه.
"وكذلك العبد المأذون له في التجارة" قياسا عليه بل هذا أولى لأنه مكلف ولا يحبس به وفي الموجز والتبصرة يصح بعد حجر سيده نقل ابن منصور إذا أذن لعبده فأقر جاز وإن حجر عليه وفي يده مال ثم أذن فأقر به صح ذكره الأزجي وصاحب الترغيب وغيرهما "ولا يصح أقرار السكران" أي: في حال غير إفاقته نصره في الشرح وجزم به في الوجيز وغيره لأنه غير عاقل فلم يصح منه كالمجنون ولأنه لا يوثق بصحة قوله: "أو يتخرج صحته بناء على إطلاقه" لأن أفعاله تجري مجرى أفعال الصاحي وقال في الكافي السكران بمعصية حكم إقراره حكم طلاقه.
قال في الشرح: أما من زال عقله بسبب مباح فلا يصح إقراره بغير خلاف "ولا يصح إقرار المكره" لقوله عليه السلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح منه كالبيع فعلى هذا تحرم الشهادة عليه وكتب حجة قاله في النكت " إلا أن يقر بغير ما أكره عليه مثل أن يكره على الإقرار لإنسان فيقر

(10/225)


لغيره أو على الإقرار بطلاق امرأة فيقر بطلاق غيرها أو على الإقرار بدنانير فيقر بدارهم فيصح وإن أكره على وزن ثمره فباع داره في ذلك صح وأما المريض مرض الموت المخوف فيصح إقراره بغير المال وإن أقر بمال لمن لا يرثه صح في أصح الروايتين.
__________
لغيره أو على الإقرار بطلاق امرأة فيقر بطلاق غيرها أو على الإقرار بدنانير فيقر بدراهم فيصح" إقراره لأنه أقر بما لم يكره عليه فصح منه كما لو أقر به ابتداء وذكر في الرعاية أنه إذا أكره أن يقر بألف فأقر ببعضها لم يصح فإن ادعى أنه كان مكرها لم يقبل منه لأن الأصل السلام لكن إن ثبت أنه كان مقيدا أو محبوسا أو موكلا به أو هدده قادر قبل قوله مع يمينه لأن هذا دلالة الإكراه قال الأزجي لو أقام بينة بأمارة الإكراه استفاد بها أن الظاهر معه فيحلف ويقبل قوله ولم يرتضه في الفروع.
فرع: تقدم بينة الإكراه على الطواعية وقيل: يتعارضان وتبقى الطواعية فلا يقضى بها ولو قال: من ظاهره الإكراه علمت لو لم أقر أيضا أطلقت فلم أكن مكرها لم يصح لأنه ظن منه فلا يعارض يقين الإكراه "وإن أكره على وزن ثمن فباع داره في ذلك صح" وكره شراؤه نص عليه قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الشرح والوجيز لأنه لم يكره على البيع أشبه مال لو لم يكره أصلا و الثانية: لا يصح لما سبق.
مسألة: إذا أقر بغير حد خالص لله ثم رجع عن إقراره لم يقبل ذكره في الكافي والشرح زاد ولا نعلم في خلافا لأنه حق ثبت لغيره فلم يقبل رجوعه عنه وقدم أبو بكر في التنبيه: أن من أقر بمال أوحد أنه يقبل رجوعه قال السامري: لا يجوز أن يكون هذا مذهبا وليس له وجه وهو مسلم في الأول: لا الثاني: وإن أقر المحجور عليه بمال لم يلزمه في حال حجره تقدم في بابه "وأما المريض مرض الموت المخوف فيصح إقراره بغير المال" لعدم التهمة "وإن أقر بمال لمن لا يرثه صح في أصح الروايتين" كذا صححه في المحرر وفي الكافي أنه ظاهر المذهب ونصره في الشرح لأنه غير متهم في حقه بخلاف الوارث وهذا قول أكثرهم وذكر ابن المنذر أنه

(10/226)


وفي الأخرى لا يصح بزيادة على الثلث ولا يحاص المقر له غرماء الصحة وقال أبو الحسن التميمي والقاضي يحاصهم وإن أقر لوارث لم يقبل إلا ببينة.
__________
إجماع من يحفظ عنه فهو كالإقرار في الصحة "والأخرى لا يصح بزيادة على الثلث" لأنه ممنوع من عطية ذلك للأجنبي بخلاف الثلث فما دون.
وعنه: لا يصح مطلقا ذكرها في الكافي والشرح كالإقرار لوارث ولأن حق الورثة تعلق بماله أشبه المفلس "ولا يحاص المقر له غرماء الصحة" قال القاضي: هو قياس المذهب وصححه السامري سواء أخبر بلزومه قبل المرض أو بعده لأنه أقر بعد تعلق الحق بتركته كما لو أقر بعد الفلس "وقال أبو الحسن التميمي والقاضي" وهو ظاهر الخرقي واختاره ابن أبي موسى وهو رواية عن أحمد "يحاصهم" إذا لم يكن في التركة وفاء للجميع لأنهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال فتساويا كدين الصحة وكما لو ثبتا بالبينة.
وعلى الثانية: التي تقول لا تصح بزيادة على الثلث لا يحاص فإن أقر لهما جميعا في المرض تساويا لأنهما تساويا في الحال كغريمي الصحة.
فرع: إذا أقر المريض بعين ثم بدين أو عكسه فرب العين أحق.
وفي الثانية: احتمال في نهاية الأزجي كإقراره بدين فإن أقر بعين لزمه في حقه ولم ينفرد بها المقر له حتى يستوفي الغرماء في الأشهر "وإن أقر لوارث لم يقبل إلا ببينة" نص عليه قال جماعة: أو أجازه بقية الورثة وظاهر نصه لا وهو ظاهر الانتصار والأول: أولى لأنه إيصال المال إلى وارثه بقوله فلم يصح كالهبة والوصية بخلاف ما إذا كان له بينة أو أجاز الوارث لعدم التهمة واختار بعضهم يصح إذا لم يتهم كمن له بنت وابن عم فأقر لابنته لم يقبل وإن أقر لابن عمه قبل.
وجوابه: أن التهمة لا يمكن اعتبارها بنفسها فوجب اعتبارها بمظنتها وهو الإرث
وعنه: يصح مطلقا وقاله الحسن وعطاء وإسحاق لأن من صح الإقرار له في الصحة صح في المرض كالأجنبي.

(10/227)


إلا أن يقر لامرأته بمهر مثلها فيصح وإن أقر لوارث وأجنبي فهل يصح في حق الأجنبي؟ على وجهين وإن أقر لوارث فصار عند الموت غير وارث لم يصح إقراره وإن أقر لغير وارث صح وإن صار وارثا صح نص عليه.
__________
وعلى الأول "إلا أن يقر لامرأته بمهر مثلها فيصح" نص عليه بالزوجية لا بإقراره وجزم به في الكافي والشرح والوجيز وقدمه في الفروع لأنه إقرار بما يحقق سببه علم وجوبه ولم تعلم البراءة منه أشبه ما لو اشترى عبدا فأقر للبائع بثمن مثله نقل أبو طالب يكون من الثلث.
وفي التبصرة ونهاية الأزجي والمغني والترغيب: يصح بمهر مثلها فظاهره أنهم جعلوه لها بالإقرار لا بالزوجية وعنه: لا يصح وهو قول الشعبي لما تقدم فلو أقرت أنه لا مهر لها عليه لم يجز إلا أن تقيم بينة أنها أخذته منه نقله مهنا "وإن أقر لوارث وأجنبي" بمال "فهل يصح في حق الأجنبي على وجهين" أحدهما: يصح نصره في الشرح وقدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز كما لو أقر بلفظين والثاني: لا يصح كما لو شهد لابنه وأجنبي بشيء وفرق في الشرح بينهما بأن الإقرار أقوى ولذلك لا تعتبر فيه العدالة وقيل: لا يصح إن عزاه إلى سبب واحد.
فرع: يصح إقراره بأخذ دين صحة ومرض من أجنبي في ظاهر كلامه قاله القاضي وأصحابه وذكر الشريف في رؤوس المسائل إذا أقر المريض باستيفاء ديونه قبل منه.
وفي الرعاية لا يصح بقبض مهر وخلع بل حوالة ومبيع وقرض وإن أطلق فوجهان "وإن أقر لوارث فصار عند الموت غير وارث لم يصح إقراره وإن أقر لغير وارث صح وإن صار وارثا صح نص عليه" نصره في الشرح وقدمه في الكافي وصححه في الفروع لأن العبرة بحال الإقرار لا الموت فيصح في الثانية: لا الأولى للتهمة فيها بخلاف الثانية: كالشهادة ولأنه إذا أقر لغير وارث ثبت الإقرار وصح لوجوده من أهله خاليا عن تهمة فثبت الحق به ولم يوجد مسقط فلا يسقط وإذا أقر لوارث وقع باطلا لاقتران التهمة به فلا ينقلب صحيحا بعد ذلك.

(10/228)


وقيل: إن الاعتبار بحال الموت فيصح في الأولى ولا يصح في الثانية: كالوصية وإن أقر لامرأته بدين ثم أبانها ثم تزوجها لم يصح إقراره وإن أقر المريض بوارث صح وعنه: لا يصح وإن أقر بطلاق امرأته في صحته لم يسقط ميراثها.
__________
قال في الفروع ومرادهم والله أعلم بعدم الصحة لا يلزم بطلانه لأنهم قاسوه على الوصية "وقيل: إن الاعتبار بحال الموت فيصح في الأولى ولا يصح في الثانية كالوصية" وهو رواية لأنه معنى يعتبر فيه عدم الميراث فاعتبر فيه حالة الموت كالوصية والفرق ظاهر أن الوصية عطية بعد الموت فاعتبر فيها حالة الموت بخلاف مسألتنا وأطلق في الوجيز الصحة فيهما وهو غريب وكذا الحكم إن أعطاه وهو غير وارث ثم صار وارثا ذكره في الترغيب وغيره "وإن أقر لامرأته بدين ثم أبانها ثم تزوجها لم يصح إقراره" أي: إذا مات في مرضه لأنه إقرار لوارث في مرض الموت أشبه ما لو لم يبنها ولأن الاعتبار إما بحال الإقرار أو بحال الموت والزوجة وارثة في الحالين وفي الرعاية الكبرى لو أقر لها بدين ثم تزوجها ومات بطل إلا أن يجيزه الورثة.
فرع: إذا أقر مريض بهبة أنها صدرت منه في صحته لأجنبي صح لأنه وهب وارثا وفي نهاية الأزجي يصح لأجنبي كإنشائه وفيه لوارث وجهان.
أحدهما: لا يصح كالإنشاء.
والثاني: يصح لأنه لو أخبر عن شيء أو صدق فيه ثبت استحقاق الوارث له فلا بد من القبول وفي الروضة والانتصار لا يصح لوارثه بدين ولا غيره
"وإن أقر المريض بوارث صح" صححه في المحرر والشرح وقدمه في الرعاية والفروع لأنه إقرار لغير وارث فصح كما لو لم يصر وارثا وعنه: لا يصح لأنه حين الموت وارث وكما لو أقر لوارث بمال.
وجوابه: هنا إقرار بمال من طريق الحكم وهناك من طريق الصريح والأصول فرقت بين الإقرارين "وإن أقر بطلاق امرأته في صحته لم يسقط ميراثها" لأنه متهم وكما لو طلقها في مرضه.

(10/229)


فصل
وإن أقر العبد بحد أو قصاص أو طلاق صح وأخذ به إلا أن يقر بقصاص في النفس فنص أحمد انه يتبع به بعد العتق وقال أبو الخطاب: يؤخذ به في الحال.
__________
تنبيه: يصح إقرار المريض بإحبال الأمة لأنه يملك ذلك فملك الإقرار به وكذا كل ما ملكه ملك الإقرار به فإذا أقر بذلك ثم مات فإن تبين أنه استولدها في ملكه فولده حر الأصل وأمه أم ولد تعتق بموته من رأس المال وإن قال من نكاح أو وطء شبهة عتق الولد ولم تصر أم ولد له فإن كان من نكاح فعليه الولاء لأنه مسه رق وإن كان من وطء شبهة لم تصر أم ولد وإن لم يبين السبب فالأصل الرق.
ويحتمل أن تصير أم ولد لأن الظاهر استيلادها في ملكه ولا ولاء على الولد لأن الأصل عدمه فإن كان له وارث قام مقامه في بيان كيفية استيلادها.
فصل
"وإن أقر العبد بحد أو قصاص أو طلاق صح" ذكره الأصحاب لأن ذلك يستوفى من بدنه وذلك له دون سيده لأن السيد لا يملك منه إلا المال ولقوله عليه السلام: "الطلاق لمن أخذ بالساق" ومن ملك الإنشاء ملك الإقرار به "وأخذ به" في الحال لأن من صح إقراره أخذ به كالحد وكسفيه ومفلس وسواء أبق أم لا "إلا أن يقر بقصاص في النفس فنص أحمد أنه يتبع به بعد العتق" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وقاله زفر والمزني لأنه يسقط حق السيد به أشبه الإقرار بقتل الخطأ ولأنه متهم في أنه يقر لمن يعفو على المال فيستحق رقبته ليتخلص من سيده وحينئذ يكون طلب الدعوى منه ومن سيده جميعا "وقال أبو الخطاب" وابن عقيل وهو ظاهر الخرقي "يؤخذ به في الحال" كالأطراف ولأن إقرار مولاه عليه به لا يصح فلو لم يقبل إقراره لتعطل.
وعلى هذا يطلبها منه فقط وليس للمقر له بالقود العفو على رقبته أو مال.

(10/230)


وإن أقر السيد عليه بذلك لم يقبل إلا فيما يوجب القصاص فيقبل فيما يجب به من المال وإن أقر العبد غير المأذون له بمال لم يقبل في الحال ويتبع به بعد العتق وعنه: يتعلق برقبته وإن أقر السيد عليه بمال أو بما يوجبه كجناية الخطأ قبل وإن أقر العبد بسرقة مال في يده وكذبه السيد قبل إقراره في القطع دون المال.
__________
وقيل: لا يصح إقراره بقود في النفس فما دونها وقيل: في إقراره بالعقوبات روايتان بالنقل والتخريج ونصه أنه يصح في غير قتل "وإن أقر السيد عليه بذلك لم يقبل" ذكره في المستوعب والمحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لأنه لا يملك منه إلا المال وقيل: إن أقر عليه بما يوجب القود وجب المال دون القود لأن المال يتعلق برقبته وهي مال للسيد فصح إقراره به كجناية الخطإ اقتصر عليه في الكافي "إلا فيما يوجب القصاص" فيقبل "فيما يجب به المال" لأن المال للسيد واقتضى ذلك أنه لا يقبل في القصاص لأن البدن للعبد لا للسيد. "وإن أقر العبد غير المأذون له بمال" أو بما يوجبه أو مأذون له بما لا يتعلق بالتجارة كقرض وجناية "لم يقبل في الحال" لأنه إقرار من محجور عليه في حق غيره "ويتبع به بعد العتق" نص عليه عملا بإقراره على نفسه كالمفلس "وعنه: يتعلق برقبته" اختاره الخرقي وغيره كجنايته والأول: أصح والفرق بينهما أن الجناية فعل وفعل المحجور عليه معتبر وما صح إقرار العبد فيه فهو الخصم فيه وإلا فسيده "وإن أقر السيد عليه بمال أو بما يوجبه كجناية الخطأ قبل" لأن المال حقه فإذا أقر به وجب قبوله كسائر ماله وفي الكافي إن أقر بقود وجب المال ويفدي السيد ما يتعلق بالرقبة لو ثبت ببينة.
فائدة: المدبر وأم الولد والمعلق عتقه بصفة كالقن.
فرع: إذا أقر مكاتب بجناية تعلقت بذمته ورقبته وقيل: لا يتعلق إلا بذمته كالمأذون وقال السامري: إن أقر مكاتب بجناية خطأ لزمته فإن عجز تعلقت برقبته ولا يتعلق ذلك بالسيد رواية واحدة قاله القاضي "وإن أقر العبد بسرقة مال في يده وكذبه السيد قبل إقراره في القطع دون المال" .

(10/231)


وإن أقر السيد لعبده أو العبد لسيده بمال لم يصح وإن أقر أنه باع عبده من نفسه بألف وأقر العبد به ثبت المال وإن أنكر عتق ولم يلزمه الآلف وأن أقر لعبد غيره بمال صح وكان لمالكه وإن أقر لبهيمة لم يصح.
__________
لأن القطع حق له فقبل كما لو أقر بقصاص في طرف وأما المال فهو حق للسيد فلم يقبل إقرار العبد به كما لو أقر العبد بمال في يده وقيل: لا يقطع لأن ذلك شبهة وعلى الأول المنصوص أنه لا يقطع حتى يعتق ويتبع بالمال بعد العتق ذكره في المحرر والرعاية وعنه: يتعلق برقبته فيفديه سيده أو يسلمه به لعدم التهمة "وإن أقر السيد لعبده أو لعبد" غير مكاتب "لسيده لم يصح" لأن مال العبد لسيده وقيل: يصح إقرارهما بما بيدهما إن قلنا: العبد يملك.
فرع: إذا أقر عبد برقه لغير من هو بيد ه لم يقبل وإن أقر السيد بذلك قبل لأنه في يد السيد لا في يد نفسه "وإن أقر أنه باع عبده من نفسه بألف وأقر العبد به ثبت" لاتفاقهما عليه وتكون كالكتابة "وإن أنكر عتق" لأنه أقر العبد بحريته "ولم تلزمه الألف" لأنه مدع لها ويحلف العبد على الأشهر وإن ادعى أنه باعه أجنبيا فأعتقه فأنكره عتق على سيده وحلف المنكر على الثمن "وإن أقر لعبد غيره بمال صح ويكون لمالكه" لأن السيد هو الجهة التي يصح بها الإقرار فتعين جعل المال له فكان الإقرار لسيده وحينئذ يلزمه بتصديقه ويبطل برده لأن يد العبد كيد سيده "وإن أقر لبهيمة لم يصح" في ظاهر المذهب لأنها لا تملك ولا لها أهلية الملك وقيل: يصح كقوله بسببها زاد في المغني وغيره يدفع لمالكها كالإقرار لعبده فيعتبر تصديقه قال في الشرح: وإن قال علي بسبب هذه البهيمة لم يكن إقرارا لأحد لأن من شرطه لصحة الإقرار ذكر المقر له به وإن قال لمالكها أو لزيد علي بسببها ألف صح
وفي الفروع لو قال لمالكها علي بسبب حملها فإن انفصل وادعى أنه بسببه صح وإلا فلا.
فرع: لا يصح الإقرار لدار إلا مع السبب وإن أقر لمسجد أو مقبرة أو

(10/232)


وإن تزوج مجهولة النسب فأقرت بالرق لم يقبل إقرارها وعنه: يقبل في نفسها ولا يقبل في فسخ النكاح ورق الأولاد وإن أولدها بعد الإقرار ولدا كان رقيقا وإذا اقر بولد أمته أنه ابنه ثم مات ولم يبين هل أتت به في ملكه أو غيره فهل تصير أم ولد على وجهين.
فصل
وإذا أقر الرجل بنسب صغير أو مجنون مجهول النسب أنه ابنه ثبت نسبه منه.
__________
طريق ونحوه وذكر سببا صحيحا لعله وقفه صح وإن أطلق فالأشهر صحته "وإن تزوج مجهولة النسب فأقرت بالرق لم يقبل إقرارها" لأن الحرية حق لله فلم ترتفع بقول أحد كالإقرار على حق الغير "وعنه: يقبل في نفسها" صححه في الرعاية وجزم به في الوجيز لانتفاء التهمة كما لو أقرت بمال "ولا يقبل في فسخ النكاح ورق الأولاد" لأن ذلك حق للزوج "وإن أولدها بعد الإقرار ولدا كان رقيقا" لأنه حدث بعد ثبوت رقها "وإذا أقر بولد أمته أنه ابنه ثم مات ولم يتبين هل أتت به في ملكه أو غيره فهل تصير أم ولد على وجهين:" أحدهما: وجزم به في الوجيز أنها لا تصير أم ولد له لاحتمال أنها أتت به ملكه
و الثاني: بلى لأن أقر بولدها وهي في ملكه فالظاهر أنه استولدها في ملكه.
فصل
"وإذا أقر الرجل بنسب صغير أو مجنون مجهول النسب أنه ابنه ثبت نسبه منه" هذا هو المذهب لأن الظاهر أن الشخص لا يلحق به من ليس منه كما لو أقر بمال ولا بد أن يكون مما يمكن صدقه وأن لا يدفع به نسبا لغيره ولا ينازعه فيه منازع.
وحينئذ يثبت نسبه زاد في المحرر والرعاية والفروع ولو أسقط وارثا معروفا فإذا بلغ أو عقل فأنكر لم يقبل منه لأنه نسب حكم بثبوته،

(10/233)


وإن كان ميتا ورثه وإن كان كبيرا عاقلا لم يثبت حتى يصدقه وإن كان ميتا فعلى وجهين ومن ثبت نسبه فجاءت أمه بعد المقر فادعت الزوجية لم يثبت بذلك
__________
فلم يسقط برده كما لو قامت به بينة ولو طلب إخلافه على ذلك لم يستحلف لأن الأب لو عاد فجحد النسب لم يقبل منه.
وقيل: يسقط باتفاقهما على الرجوع عنه كالمال والأول: أصح لأن النسب يحتاط له "وإن كان ميتا ورثه" المقر نصره في الشرح وجزم به في الرعاية والوجيز لأن سبب ثبوته مع الحياة الإقرار وهو موجود هنا وقيل: لا يرثه للتهمة في أخذ ميراثه.
وفي الرعاية إذا مات المقر ورثه المقر به "وإن كان كبيرا عاقلا لم يثبت حتى يصدقه" لأن له قولا صحيحا فاعتبر تصديقه كما لو أقر له بمال وحينئذ إذا صدقه ثبت نسبه ولو كان بعد موت المقر لأن بتصديقه يحصل اتفاقهما على التوارث من الطرفين جميعا "وإن كان ميتا فعلى وجهين" أحدهما: يثبت نسبه وإرثه اختاره القاضي وجزم به في الكافي والوجيز لأنه لا قول له أشبه الصغير والثاني: لا لأن نسب المكلف لا يثبت إلا بتصديقه ولم يوجد.
وأجاب عن هذا بأنه غير مكلف ولا يعتبر في تصديق أحدهما بالآخر تكراره في المنصوص فيشهد الشاهدان بنسبهما بدونه.
فرع: إذا أقر بأب أو زوج أو مولى أعتقه قبل بالشروط السابقة وفي الوسيلة إذا قال غير بالغ هو ابني أو أبي فسكت المدعى عليه ثبت نسبه في ظاهر قوله.
فائدة: قدمت امرأة من بلاد الروم ومعها طفل فأقر به رجل لحقه لوجود الإمكان وعدم المنازع والنسب يحتاط لإثباته ولهذا لو ولدت امرأة رجل وهو غائب عنها بعد عشر سنين أو أكثر من غيبته لحقه وإن لم يعرف له قدوم إليها ولا عرف لها خروج من بلدها "ومن ثبت نسبه فجاءت أمه بعد موت المقر فادعت الزوجية لم يثبت بذلك" لأنه يحتمل أن يكون من وطء

(10/234)


وإن اقر بنسب أخ أو عم في حياة أبيه أو جده لم يقبل وإن كان بعد موتهما وهو الوارث وحده صح إقراره وثبت النسب.
__________
شبهة أو نكاح فاسد ويدخل فيه ما إذا أقر بنسب صغير لم يكن مقرا بزوجية أمه وكذا دعوى أخته البنوة ذكره في التبصرة.
تنبيه: له أمتان لكل واحدة منهما ولد ولا زوج لواحدة منهما ولم يقر بوطئها فقال أحد هذين ابني أخذ بالبيان فإن عين أحدهما ثبت نسبه وحريته ويطالب ببيان الاستيلاد فإن قال استولدتها في ملكي فالولد حر الأصل أمه أم ولد وإن قال من نكاح أو وطء شبهة فالأمة رقيق قن ذكره في الكافي وغيره وترق الأخرى وولدها وإن ادعت الأخرى أنها المستولدة فالقول قوله مع يمينه.
وإن مات قبل البيان قام وارثه مقامه فإن لم يكن له وارث أو لم يتعين الوارث عرض على القافة فألحق بمن ألحقت به القافة وإن لم تكن قافة أو أشكل أقرع بينهما فيعتق أحدهما بالقرعة.
والمذهب أنه يثبت نسبه ويرث ذكره في الكافي والشرح وقدمه في الرعاية وقيل: لا يثبتان لأنه لا مدخل للقرعة في تمييز النسب ولها مدخل في تمييز الرق من الحرية واقتصر عليه السامري ثم ذكر أنه يجعل سهمه في بيت المال لأنا نعلم أن أحدهما يستحق نصيب ولد ولا يعرف عينه فلا تستحقه بقية الورثة فيكون في بيت المال وقال يعتق من كل واحد نصفه ويستسعى في باقيه ولا يرقان.
فرع: إذا باع واشترى ثم أقر بالرق لزيد صح ولم تبطل عقوده الماضية "وإن أقر بنسب أخ أو عم في حياة أبيه أو جده لم يقبل" لأن إقرار الإنسان على غيره غير مقبول "وإن كان بعد موتهما وهو الوارث وحده صح إقراره وثبت النسب" لحديث سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة وهي متفق عليها من حديث عائشة ولأنه الوارث يقوم مقام موروثه في حقوقه وهذا من حقوقه اللهم إلا أن يكون الميت قد نفاه فلا يثبت لأنه يحمل على غيره نسبا حكم

(10/235)


وإن كان معه غيره لم يثبت النسب وللمقر له من الميراث ما فضل في يد المقر وإن أقر من عليه ولاء بنسب وارث لم يقبل إقراره إلا أن يصدقه مولاه.
__________
بنفيه ويدخل في كلامه ما إذا كان الوارث ابنة واحدة فإنها تحوز المال بالفرض والرد فإن أقرت الزوجة بابن لزوجها الميت زاد في الرعاية من غيرها أو أقر الزوج بابن لها من غيره بعد موتها فصدقهما نائب الإمام ثبت النسب وعلم مما سبق أن المقر إذا كان غير وارث لم يقبل إقراره لأنه لا يقبل إقراره في المال فكذا في النسب "وإن كان معه غيره لم يثبت النسب" لأنه لا يستوفى في حق شريكه فوجب أن لا يثبت في حقه فلو خلف ابنين عاقلا ومجنونا فأقر العاقل بأخ لم يثبت نسبه فإن مات المجنون وله وارث غير أخيه اعتبر وفاقه وإلا كفى إقراره "وللمقر له من الميراث ما فضل في يد المقر" أو كله إن كان يسقطه كما تقدم في الفرائض ولو مات المنكر والمقر وارثه ثبت نسب المقر به منهما وقيل: لا يثبت لكن يعطيه الفاضل في يده عن إرثه فلو مات المقر بعد ذلك عن بني عم وكان المقر أخا ورثه دونهم على الأول.
وعلى الثاني: يرثه المقر به ولو مات المقر بنسب ممكن ولم يثبت ولم يخلف وارثا من ذوي سهم ولا رحم ولا مولى سوى المقر به جعل الإقرار كالوصية فيعطى ثلث المال في وجه وفي الآخر جميعه.
وقيل: لا يجعل كالوصية ويكون الإرث لبيت المال "وإن أقر من عليه الولاء بنسب وارث لم يقبل إقراره إلا أن يصدقه مولاه" نص عليه لأن الحق له فلا يقبل إقراره بما يسقطه ويتخرج أن يقبل بدونه اختاره الشيخ تقي الدين ومقتضاه أنه إذا لم يكن عليه ولاء فإنه يقبل إقراره بكل وارث حتى أخ أو عم بشرط إمكانه وتصديقه إن كان مكلفا.
أصل: إذا أقر رجل بحرية عبد ثم اشتراه أو شهد بها ثم اشتراه عتق في الحال ويكون البيع صحيحا بالنسبة إلى البائع لأنه محكوم له برقه وفي حق المشتري للاستنقاذ فإذا صار العبد في يده حكم بحريته لإقراره السابق والولاء

(10/236)


وإن أقرت المرأة بنكاح على نفسها فهل يقبل على روايتين وإن أقر الولي عليها به قبل إن كانت مجبرة وإلا فلا.
__________
موقوف فإن مات وخلف مالا فرجع أحدهما عن إقراره فالمال له لأن أحدا لا يدعيه سواه وإن رجعا معا احتمل أن يوقف حتى يصطلحا عليه لأنه لأحدهما ولا يعرف عينه واحتمل أن من هو في يده يأخذه ويحلف لأنه منكر وإن لم يرجع واحد منهما فقيل: يقر في يد من هو في يده فإن لم يكن في يد أحدهما فهو لبيت المال وقيل: هو لبيت المال بكل حال وفي ثبوت خيار المجلس والشرط في هذا البيع وجهان والأصح عدم ثبوتهما للمشتري وإن باعه نفسه بألف في ذمته صح ولم يثبتا فيه بل يعتق في الحال وإن باعه بألف في يده فروايتان "وإن أقرت المرأة بنكاح على نفسها فهل يقبل على روايتين" أشهرهما وصححه في المحرر أنه يقبل لأنه حق عليها فقبل كما لو أقرت بمال ولزوال التهمة بإضافة الإقرار إلى شرائطه وكبيع سلعتها. والثانية: لا لأنها تدعى النفقة والكسوة والسكنى ولأن النكاح يفتقر إلى شروط ولم يعلم حصولها بالإقرار وفي الانتصار لا ينكر عليهما ببلد غربة للضرورة ونقل الميموني يقبل إن ادعى زوجيتها واحد لا اثنان اختاره القاضي وأصحابه وفي تعليق القاضي يصح إقرار بكر بالغ به وإن أجبرها الأب لأنه لا يمتنع صحة الإقرار بما لا إذن فيه كصبي أقر بعد بلوغه أن أباه أجبره في صغره ومع بينتهما يقدم أسبقهما فإن جهل عمل بقول الولي ذكره في المنتخب والمبهج "وإن أقر الولي عليها به قبل إن كانت مجبرة" نص عليه؛ لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به وكذا يقبل إن كانت غير مجبرة وهي مقرة له بالإذن قدمه في المحرر والرعاية "وإلا فلا" أي إذا لم تكن مجبرة فلا يقبل لأنه لا يملك تزويجها بغير رضاها أشبه الأجنبي.
فرع: إذا ادعى نكاح صغيرة بيده فرق بينهما فسخه حاكم وإن صدقته إذا بلغت قبل فدل أن من ادعت أن فلانا زوجها فأنكر فطلبت الفرقة يحكم عليه وسئل عنها المؤلف فلم يجب "وإن أقر أن فلانة امرأته أو

(10/237)


وإن أقر أن فلانة امرأته أو أقرت أن فلانا زوجها فلم يصدق المقر له المقر إلا بعد موت المقر صح وورثه وإن أقر الورثة على موروثهم بدين لزمهم قضاؤه من التركة وإن أقر بعضهم لزمه منه بقدر ميراثه فإن لم يكن له تركة لم يلزمهم شيء.
__________
"أقرت أن فلانا زوجها فلم يصدق المقر له إلا بعد موت المقر صح وورثه" كما لو صدقه في الحياة وفيها خلاف القاضي.
الثانية: لم يجحد ولم يصدقه إلا بعد موت المقر.
مسألة: وهي الكتاب فيصح وترثه ويتخرج من مسألة: الوارث بعدها لا إرث.
الثالثة: كذبه في حياته وصدقه بعد موته فوجهان:
أحدهما: يصح قال في الروضة وهو قول أصحابنا لأنه وجد كل منهما بشرطه إذ ليس من شرط التصديق الفورية.
و الثاني: لا لأنه إذا كذبه في حياته فهو متهم لحصول ما ينافيه قبله قاله في شرح المحرر
وقال الشيخ تقي الدين فيمن أنكر الزوجية فأبرأته فأقر بها لها طلبه بحقها "وإن أقر الورثة على موروثهم بدين لزمهم قضاؤه" بغير خلاف نعلمه لأنهم أقروا باستحقاق ذلك على موروثهم "من التركة" أي: يتعلق ذلك بالتركة كما لو أقر به في حياته والإقرار أبلغ من البينة ويلزم الوارث أقل الأمرين من قيمتها أو قدر الدين كالجاني "فإن أقر بعضهم" بلا شهادة "لزمهم منه بقدر إرثه" لأنه لا يستحق أكثر من ذلك كما لو أقر الورثة كلهم فإذا ورث النصف فنصف الدين كإقراره بوصية لا كل إرثه وعلى هذا فقس وهذا ما لم يشهد منهم عدلان أو عدل ويمين فيلزمهم الجميع.
وفي التبصرة: إن أقر عدلان أو عدل ويمين ثبت مراده وشهد العدل وهو معني ما في الروضة وفيها إن حلف وارثا واحدا لا يرث كل المال كبنت وأخت فأقر بما يستغرق التركة أخذ رب الدين كل ما بيدها "فإن لم تكن له تركة لم يلزمهم شيء" لأنه لا يلزمهم أداء دينه إذا كان حيا

(10/238)


فصل
إذا اقر لحمل امرأة صح فإن ألقته ميتا أو لم يكن حمل بطل وإن ولدت حيا وميتا فهو للحي وإن ولدتهما حيين فهو بينهما سواء الذكر والأنثى ذكره ابن حامد وقال أبو الحسن التميمي لا يصح الإقرار إلا أن يعزيه إلى سبب من إرث أو وصية فيكون بينهما على حسب ذلك.
__________
مفلسا كذا هنا إذا كان ميتا.
فرع: يقدم ما ثبت بإقرار الميت على ما ثبت بإقرار الورثة وقيل: عكسه وقيل: بالتسوية بينهما ويقدم عليهما ما ثبت ببينة نص عليه.
فصل
"إذا أقر لحمل امرأة" بمال "صح" على المذهب وقدمه في الرعاية وصححه في الفروع لأنه يجوز أن يكون له وجه فصح كالطفل "فإن ألقته ميتا أو لم يكن حمل بطل" لفوات شرطه.
وكذا إن مات المقر ولم يفسره مع وجوب تفسيره أو ولدته بعد ستة أشهر وقيل: أربع سنين مع زوج أو سيد يطؤها وقيل: إن مات قبل تفسيره صح ونزل على ما أمكن "وإن ولدت حيا وميتا فهو للحي" لأن الشرط فيه محقق بخلاف الميت "وإن ولدتهما حيين فهو بينهما سواء الذكر والأنثى ذكره ابن حامد" لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه إلا أن يعزوه إلى ما يوجب التفاضل من إرث أو وصية فيعمل به ذكره في المحرر والشرح وقدمه في الفروع وقيل: بل أثلاثا وقال القاضي: إن أطلق كلف ذكر السبب فيصح منه ما يصح ويبطل ما يبطل "وقال أبو الحسن التميمي: لا يصح الإقرار" لأن الحمل لا يملك "إلا أن يعزيه إلى سبب من إرث أو وصية فيكون بينهما على حسب ذلك" وهو قول أبي ثور لأنه إقرار مستند إلى سبب صحيح يعمل به لأنه لا يملك بغيرهما ويعمل بحسب السبب الذي بينه فإن كان إرثا فبحسب الإرث فإن كان وصية فبحسب الوصية.

(10/239)


ومن أقر لكبير عاقل بمال فلم يصدقه بطل إقراره في أحد الوجهين وفي الآخر يؤخذ المال إلى بيت المال.
__________
فعلى هذا إن وضعته ميتا وكان عزاه إلى إرث أو وصية عادت إلى ورثة الموصي وموروث الطفل.
فرع: إذا قال له علي ألف جعلها له أو نحوه فعدة لا يؤخذ بها.
ويتوجه يلزمه كقوله: له علي ألف أقرضنيه عند غير التميمي وجزم الأزجي لا يصح كأقرضني ألفا ذكره في الفروع "ومن أقر لكبير عاقل بمال" في يده ولو كان المقر به عبدا أو نفس المقر بأن أقر برق نفسه للغير "فلم يصدقه بطل إقراره في أحد الوجهين" قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لأنه لا يقبل قوله عليه في ثبوت ملكه فعلى هذا يقر بيد المقر لأنه كان في يده فإذا بطل إقراره بقي كأن لم يقر به فإن عاد المقر فادعاه لنفسه أو لثالث قبل منه ولم يقبل بعدها عود المقر له أولا إلى دعواه "وفي الآخر يؤخذ المال إلى بيت المال" فيحفظ له حتى يظهر مالكه لأنه بإقراره خرج عن ملكه ولم يدخل في ملك المقر له وكل واحد منهما ينكر ملكه فهو كالمال الضائع فعلى هذا يحكم بحريتهما ذكره في المحرر
وعلم منه أنه إذا أكذبه أنه يبطل إقراره قولا واحدا وعلى الثاني: أيهما غير قوله لم يقبل منه، والله أعلم

(10/240)


باب ما يحصل به الإقرار
إذا ادعى عليه ألفا فقال نعم أو أجل أو صدق أو أنا
__________
باب ما يحصل به الإقرار
"إذا ادعى عليه ألفا فقال نعم أو أجل" بفتح الهمزة والجيم وسكونه اللام وهو حرف تصديق كنعم قال الأحفش: إلا أنه أحسن من نعم في التصديق ونعم أحسن منه في الاستفهام ويدل عليه قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف:44]، وقيل: لسلمان رضي الله عنه علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة قال أجل "أو صدقت أو أنا

(10/240)


مقر بها أو بدعواك كان مقرا وإن قال أنا أقر ولا أنكر أو يجوز أن يكون محقا أو عسى أو لعل أو أظن أو أحسب أو أقدر أو خذ أو اتزن أو أحرز أو افتح كمك لم يكن مقرا وإن قال أنا مقر أو خذها أو اتزنها أو اقبضها أو أحرزها أو هي صحاح فهل يكون مقرا
__________
مقر بها أوبدعواك كان مقرا" لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق ولو قال أليس لي عليك كذا قال بلى كان إقرارا صحيحا لأن بلى جواب للسؤال بحرف النفي لقوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:172]، فلو قال: نعم لم يكن مقرا وقيل: إقرار من عامي كقوله عشرة غير درهم بضم الراء يلزمه تسعة وفي مختصر ابن رزين إذا قال لي عليك كذا فقال نعم أو بلى كان مقرا وفي قصة إسلام عمرو بن عبسة فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله أتعرفني قال: "نعم أنت الذي لقيتني بمكة" قال فقلت: بلى قال في شرح مسلم فيه صحة الجواب ببلى وإن لم يكن قبلها نفي وصحة الإقرار بها وقال وهو الصحيح من مذهبنا "وإن قال: أنا أقر ولا أنكر أو يجوز أن يكون محقا أو عسى أو لعل أو أظن أو أحسب أو أقدر أو خذ أو أتزن أو أحرز أو أفتح كمك لم يكن مقرا" لأن قوله أنا أقر وعد بالإقرار والوعد بالشيء لا يكون إقرارا به هذا هو الأصح فيه وفي لا أنكر لأنه لا يلزم من عدم الإنكار الإقرار فإن بينهما قسما آخر وهو السكوت عنهما ولأنه يحتمل لا أنكر بطلان دعواك وقيل: بلى كأنا مقرا.
وقوله يجوز أن يكون محقا لجواز أن لا يكون محقا لأنه لا يلزم من جواز الشيء وجوبه وقوله عسى أو لعل لأنهما وضعا للشك وقوله أظن أو أحسب أو أقدر لأنها تستعمل في الشك أيضا وقوله خذ لأنه يحتمل خذ الجواب مني وقوله واتزن أي أحرز مالك على غيري وقوله افتح تحمل لأنه يستعمل استهزاء لا إقرار وكذا قوله اختم عليه أو اجعله في كيسك أو سافر بدعواك ونحوه "وإن قال أنا مقر أو خذها أو اتزنها أو اقبضها أو أحرزها أو هي صحاح فهل يكون مقرا،

(10/241)


يحتمل وجهين وإن قال: له علي ألف إن شاء الله أو في علمي أو في ما أعلم أو قال: اقضني ديني عليك ألفا أو أسلم إلي ثوبي هذا أو فرسي هذا فقال: نعم فقد أقر بها.
__________
يحتمل وجهين كذا أطلقهما في المحرر والفروع أشهرهما يكون مقرا وجزم به في الوجيز لأنه عقب الدعوى فيصرفه إليها ولأن الضمير يرجع إلى ما تقدم وكذا إذا قال أقررت
قال تعالى: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران:81]، ولم يقولوا أقررنا بذلك فكان منهم إقرارا.
والثاني: لا لأنه لم يقر بوجوبه لأنه يجوز أن يعطيه ما يدعيه من غير أن يكون واجبا عليه فأمره بأخذها أولى أن لا يلزم منه الوجوب ولأنه يحتمل أني مقر بالشهادة أو ببطلان دعواك "وإن قال: له علي ألف إن شاء الله وفي علمي أو فيما أعلم أو قال اقضني ديني عليك ألفا أو سلم لي ثوبي هذا أو فرسي هذا فقال نعم فقد أقر بها" وفيه مسائل: الأولى إذا قال: له علي ألف إن شاء الله فهو إقرار نص عليه لأنه قد وجد منه وعقبه بما لا يرفعه فلم يرتفع الحكم به كما لو قال له علي ألف في علم الله أو مشيئته وكذا قوله له علي ألف إلا إن شاء زيد أو لا يلزمني إلا أن يشاء الله وفيهما احتمال أنه لغو.
الثاني: إذا قال له علي ألف في علمي أو علم الله أو فيما أعلم لا فيما أظن لأن ما علمه لا يحتمل غير الوجوب.
الثالثة: بقية الصور فيلزمه لأنه جواب صريح أشبه ما لو قال عندي كقوله اقضني ألفا من الذي عليك أو إلي أو هل لي عليك ألف فقال نعم أو قال أمهلني يوما أو حتى أفتح الصندوق.
فرع: إذا قال بعتك أو زوجتك أو قبلت إن شاء الله صح كالإقرار قال في عيون المسائل كأنا صائم غدا إن شاء الله يصح بنيته وصومه ويكون تأكيدا ولم يرتضه في الفروع.
قال القاضي: يحتمل أن لا تصح العقود لأن له الرجوع فيها بعد إيجابها قبل القبول بخلاف الإقرار وفي المجرد في بعتك أو زوجتك إن شاء الله أو بعتك

(10/242)


وإن قال: إن قدم فلان فله علي ألف لم يكن مقرا وإن قال: له علي ألف إن قدم فلان فعلى وجهين وإن قال: له علي ألف إذا جاء رأس الشهر كان مقرا وإن قال: إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف فعلى وجهين وإن قال: له علي ألف إن شهد به فلان أو إن شهد به فلان صدقته لم يكن مقرا.
__________
إن شئت فقال قبلت أو قبلت إن شاء الله صح وقال أبو إسحاق بن شاقلا إذا قال زوجتك إن شاء الله لا أعلم خلافا عنه أن النكاح صحيح وإن قال بعتك بألف إن شئت فقال قد شئت وقبلت صح لأن هذا الشرط من موجب العقد ومقتضاه "وإن قال إن قدم فلان فله علي ألف لم يكن مقرا" حيث قدم الشرط لأنه ليس بمقر في الحال وما لا يلزمه في الحال لا يصير واجبا عند وجود الشرط لأن الشرط لا يقتضي إيجاب ذلك "وإن قال: له علي ألف إن قدم فلان" أو إن شاء "فعلى وجهين" الأشهر أنه لا يكون مقرا كالتي قبلها.
والثاني: يكون مقرا لأنه قدم الإقرار فثبت حكمه وبطل الشرط لأنه لا يصلح أن يكون آجلا ولأن الحق الثابت في الحال لا يقف على شرط فسقط.
"وإن قال له علي ألف إذا جاء رأس الشهر كان مقرا" قاله أصحابنا لأنه قد بدأ بالإقرار فعمل به وقوله إذا جاء رأس الحول يحتمل أنه أراد المحل فلا يبطل الإقرار بأمر محتمل. "وإن قال: إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف فعلى وجهين:" أشهرهما: لا يكون مقرا وجزم به في الكافي وغيره لأنه بدأ بالشرط وعلق عليه لفظا يصلح للإقرار ويصلح لوعد فلا يكون إقرارا مع الاحتمال.
والثاني: بلى كالتي قبلها قال في الشرح ويحتمل أنه لا فرق بينهما لأن تقديم الشرط وتأخيره سواء فيكون فيهما جميعا وجهان وكذا في الرعاية وفي المحرر والفروع يصح له علي كذا إذا جاء وقت كذا لاحتمال إرادة المحل قال في الفروع وفيه تخريج في عكسها وأطلق في الترغيب وجهين فيهما "وإن قال له علي ألف إن شهد به فلان أو إن شهد به فلان صدقته لم يكن مقرا" لأنه علقه على شرط ولأنه يجوز أن

(10/243)


وإن قال: إن شهد به فلان فهو صادق احتمل وجهين وإن أقر العربي بالعجمية أو العجمي بالعربية وقال لم أدر معنى ما قلت فالقول قوله مع يمينه.
__________
يصدق الكاذب وفي الكافي وغيره إذا قال له علي ألف إن شهد به فلان هل يكون مقرا على وجهين "فإن قال: إن شهد به فلان فهو صادق احتمل وجهين" كذا في المحرر.
أحدهما: لا يكون إقرارا لأنه علقه على شرط والثاني: بلى جزم به في الوجيز والفروع لأنه لا يتصور صدقه إلا مع ثبوته في الحال وقد أقر بصدقه قال في الرعاية فإن قال الشهود عدول فليس إقرارا بالمدعى وقيل: بلى إن جاز الحكم عليه به قال أبن حمدان: أو قلنا: طلب التزكية للشهود " وإن أقر العربي بالعجمية أو الأعجمي بالعربية وقال: لم أدر ما قلت: فالقول قوله مع يمينه" لأنه منكر والظاهر براءة ذمته وصدقه في قوله ووجبت اليمين لأنه يحتمل كذبه.
مسألة: إذا قال بعتك أمتي بألف فقال بل زوجتنيها ولا بينة لأحدهما لم يحلف السيد أن لا نكاح وقيل: بلى ويحلف منكر الشراء على نفيه وترد الأمة إلى سيدها ملكا ولا بيع ولا نكاح ولا شيء على الآخر سواء دخل بها أو لا وهل للسيد وطؤها إذا عادت فيه وجهان فإن نكل المشتري عن اليمين أو حلف منكر النكاح اليمين المردودة عليه ثبت البيع ووجب الثمن وللمشتري وطؤها بكل حال لأنها زوجته أو أمته.
ويحتمل أن يجب الأقل من ثمنها أو الأرش فإن ولدت وتنازعا فالولد حر ونفقته على أبيه ويتوارثان ولا تعود إلى منكر النكاح لأنه يزعم أنها أم ولد الواطئ وإن ولده حر لا ولاء عليه ويدعي ثمنها ولا تقر بيد الواطئ لأنه يزعم أنها ملك منكر النكاح وولدها ومهرها فإن كان الواطئ صادقا جاز له وطؤها باطنا فقط ونفقتها في كسبها.
وقال أبن حمدان: بل على سيدها وتوقف فاضلة حتى ينكشف الحال أو يصطلحا والولد حر فإن مات قبل موت مستولدها فلمدعي بيعها أخذ الثمن من

(10/244)


باب
الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره
إذا وصل بإقراره ما يسقطه مثل أن يقول: له علي ألف لا تلزمني أو قد قبضه أو استوفاه أو ألف من ثمن خمر أو تكفلت به على أني بالخيار أو ألف إلا ألفا أو ستمائة لزمه الألف.
__________
تركتها فإن فضل شيء وقف وإن ماتت بعد موته صرف إلى نسيبها الحر الوارث لأنها حرة فإن عدم وقف التركة والولاء حتى يعرف المستحق فإن صدقه مستولدها لزمه الثمن وكانت أم ولد وإن صدقه سيدها الأول: سقط الثمن ووجب مهر المثل ولم تبطل حريتها ولا حرية ولدها وقيل: إن بطل البيع فلا ثمن ولا مهر ولا يأخذها أحدهما ولا يطؤها.
والأول: ذكره السامري وقدمه في الرعاية وذكر في النهاية أن الصحيح جواز الوطء لمدعي الزوجية وقيل: باطنا.
باب
الحكم فيما إذا وصل بإقرار ما يغيره
"إذا وصل إقراره ما يسقطه مثل أن يقول له علي ألف لا تلزمني أو قد قبضه أو استوفاه أو ألف من ثمن خمر أو تكفلت به على أني بالخيار أو ألف إلا ألفا أو إلا ستمائة لزمه الألف" وفيه مسائل: الأولى: إذا قال له علي ألف لا تلزمني لزمه الألف لأن مجموع قوله لا يمكن تصحيحه لأنه لا سبيل أن يكون له علي ألف لا تلزمه فيلغى هو وتلزمه لعدم المعارض وفيه احتمال بعيد حكاه في الرعاية لرفعة ما أقر به وذكر القاضي أنه يقبل قوله في المسائل كلها إلا في قوله له علي ألف لا تلزمني لأنه عزا إقراره إلى سببه فقبل كما لو عزاه إلى سبب

(10/245)


وإن قال: كان له علي ألف وقضيته أو قضيت منه خمسمائة فقال الخرقي:
__________
صحيح وحكاه ابن هبيرة عن أحمد وذكر أنه احتج في ذلك بمذهب ابن مسعود وجوابه: أن هذا يناقض ما أقر به فلم يقبل كالصورة التي سلمها أو يقول رفع جميع ما أقر به فلم يقبل كاستثناء الكل.
الثانية: إذا قال له علي ألف قد قضيته وكان سريعا أو بعضه قبل يمينه نص عليه اختاره عامة شيوخنا.
وعنه: يقبل في بعضه كاستثناء البعض وإن قال قضيت جميعه لم يقبل إلا ببينة كاستثناء الكل وإذا قال جوابا للدعوى أبرأني منها أو برئت إليه منها فالخلاف.
الثالثة: إذا قال له علي ألف استوفاها لزمه الألف.
الرابعة: إذا قال له علي من ثمن خمر لزمه الألف لأن ثمن الخمر لا يكون عليه فذكره له بعد الإقرار رفع للألف بجملته فلم يصح كالأولى لا من ثمن خمر ألف.
الخامسة: إذا قال تكلفت بشرط خيار فتلزمه الألف على الأشهر.
السادسة: إذا قال له علي ألف إلا ألفا لزمه الألف بغير خلاف نعلمه لأنه باطل.
السابعة: إذا قال له علي ألف إلا ستمائة لزمه الألف لأنه استثناء الأكثر ولم يرد ذلك في لغة العرب وما ذكره المؤلف هنا جزم به في المستوعب والوجيز وقدمه في الكافي وإن قال له علي مائة من ثمن مبيع تلف قبل قبضه أولم أقبضه أو من مضاربة تلفت وشرط علي ضمانها مما يفعله الناس عادة فوجهان.
فرع: قال له لي عليك ألف فقال قضيتك منه مائة فليس بإقرار ويحتمل أن يلزمه الباقي ويجيء على الرواية أن يلزمه ما ادعى قضاءه وهو رواية في المنتخب "وإن قال: كان له علي ألف وقضيته أو قضيت منه خمسمائة فقال الخرقي" وعامة شيوخنا وقدمه في المحرر والفروع،

(10/246)


ليس بإقرار والقول قوله مع يمينه وقال أبو الخطاب: يكون مقرا مدعيا للقضاء فلا يقبل إلا ببينة فإن لم يكن بينة حلف المدعي أنه لم يقض ولم يبرأ واستحق وقال: هذا رواية واحدة ذكرها ابن أبي موسى.
__________
وجزم به في الوجيز "ليس بإقرار" نص عليه في رواية ابن منصور "والقول قوله مع يمينه" ذكر ابن هبيرة أن أحمد احتج في ذلك بقول ابن مسعود ولأنه قول يمكن صدقه ولا تناقض فيه من جهة اللفظ فوجب قبول قوله ولا يلزمه شيء كاستثناء البعض بخلاف المنفصل لأنه قد استقر بسكوته عليه.
ولهذا لا يرفعه استثناء ولا غيره "وقال أبو الخطاب: يكون مقرا" لأن قوله: كان له علي يقتضي وجوب المقر به عليه بدليل ما لو سكت عليه "مدعيا للقضاء" لأن قوله قضيته دعوى لذلك "فلا يقبل إلا ببينة" في قول أكثر العلماء كما لو ادعى ذلك بكلام منفصل وكاستثناء الكل "وإن لم يكن له بينة حلف المدعي أنه لم يقبض ولم يبر واستحق" لأن المدعى عليه ادعى القضاء وقوله محتمل فيجب أن يحلف على ذلك وحينئذ فيستحق لأن خصمه أقر به "وقال: هذا رواية واحدة ذكرها ابن أبي موسى" واختاره أبو الوفاء وغيره لسكوته قبل دعواه وعنه: ليس بجواب صحيح فيطالب برد الجواب وفي الترغيب والرعاية هو أشهر.
وقيل: تقبل دعوى الوفاء لا الإبراء و بنى عليها في الوسيلة لو قال لعبده أخذت منك كذا قبل العتق قال بعده.
قال في الفروع: ويتوجه عليها لو قال كان لو له علي ألف هل تسمع دعواه فذكر أبو يعلى الصغير لا تسمع قال في الترغيب بلا خلاف.
تنبيه: إذا قال كان له علي ألف وسكت لزمه الألف في ظاهر قول أصحابنا ويتخرج ليس بإقرار لأنه لم يذكر عليه شيئا في الحال وإنما أخبر بذلك في زمن ماض وكذا لو شهدت البينة به ولم بثبت وجوابه أنه أقر بالوجوب والأصل بقاؤه حتى يوجد يرفعه بدليل ما لو تنازعا دارا فأقر أحدهما للآخر أنها كانت ملكه حكم له بها إلا أنه إذا عاد فادعى القضاء أو الإبراء

(10/247)


فصل
ويصح استثناء ما دون النصف، ولا يصح فيما زاد عليه،
__________
سمعت دعواه لأنه لا تنافي بين الإقرار وبين ما يدعيه على إحدى الروايتين قاله في الشرح.
فصل
"ويصح استثناء مادون النصف" نص عليه ولا نعلم فيه خلافا لأنه لغة العرب قال الله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً} [العنكبوت:14]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشهيد تكفر عنه خطاياه كلها إلا الدين" ولأن الاستثناء يمنع أن يدخل في الإقرار ما لولاه لدخل ولا يرفع ما ثبت لأنه لو ثبت بالإقرار شيء لم يقدر المقر على رفعه فيصح استثناء مادون النصف "ولا يصح فيما زاد عليه" أي: لا يصح استثناء الأكثر لا يختلف المذهب فيه قاله في الشرح وصححه في المحرر والرعاية وجزم به السامري وغيره وذكره ابن هبيرة عن أحمد وأبي يوسف وعبد الملك بن الماجشون وهو قول أهل اللغة.
وقيل: يصح وهو قول أكثر العلم لقوله تعالى: قَالَ {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} وهم أكثر وبدليل قوله تعالى :{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103].
ومنه قول الشاعر:
أدوا التي نقصت تسعين من مائة ... ثم ابعثوا حكما بالحق قواما
وكاستثناء الأقل وكالتخصيص والجواب أنه لم يرد في لسان العرب وقد أنكروه قال الزجاج لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير ولو قال مائة إلا تسعة وتسعين لم يكن متكلما بالعربية.
ومعناه قول القتيبي وغيره وما احتجوا من التنزيل أجيب عنه بأنه استثناء المخلصين من بني آدم وهم أقل والغاوين من العباد وهم أقل لأن الملائكة

(10/248)


وفي استثناء النصف وجهان فإذا قال له علي هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدا لزمه تسليم تسعة فإن ماتوا إلا واحدا فقال هو المستثنى فهل يقبل على وجهين.
__________
كلهم طائعون والبيت ليس في استثناء مع أن ابن فضال النحوي قال هو بيت مصنوع لم يثبت عن العرب "وفي استثناء النصف وجهان" وذكر أبو الفرج روايتين.
إحداهما أنه يصح وهو ظاهر الخرقي وصححه في الرعاية وذكر ابن هبيرة أنه ظاهر المذهب لأنه ليس بالأكثر.
و الثاني: لا وهو قول أبي بكر وذكر في الشرح وابن المنجا أنه أولى لأنه لم يأت في لسانهم إلا في القليل من الكثير.
فرع: حكم الاستثناء بسائر أدواته حكم الاستثناء بإلا.
فإذا قال: له علي عشرة سوى درهم لا يكون درهما درهم بفتح الراء كان مقرا بتسعة وإن درهم بضم الراء وهو من أهل العربية كان مقرا بعشرة لأنها صفة للعشرة المقر بها ولا يكون استثناء وإن لم يكن من أهل العربية لزمه تسعة لأن الظاهر أنه يريد الاستثناء وإنما ضمها جهلا ذكره في الشرح وشرطه أن يكون متصلا بالكلام وفي الواضح لو كان منفصلا وهو أن يسكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ثم استثنى فهل تصح على روايتين أصحهما لا.
و الثانية: بلى كما لو تفاوت ما بينهما أو منعه مانع في تمام الكلام "فإذا قال: له علي هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدا لزمه تسليم تسعة" لأنه استثناء الأقل ويرجع في تعيين المستثنى إليه لأنه أعلم بمراده وكذا قوله غصبت هؤلاء العشرة إلا واحدا "فإن ماتوا إلا واحدا فقال هو المستثنى فهل يقبل" قوله "على وجهين" أحدهما: يقبل صححه في الشرح والفروع وقدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لأنه يحتمل ما قاله وكما لو تلف بعد تعيينه.
والثاني: لا لأنه يرفع جميع ما أقر به وإن قتلوا إلا واحدا قبل تفسيره به

(10/249)


وإن قال: له هذه الدار إلا هذا البيت أو هذه الدار له وهذا البيت لي قبل منه وإذا قال له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين أو له علي درهم ودرهم إلا درهما فهل يصح الاستثناء؟ على وجهين.
__________
وجها واحدا لأنه لا يرفع جملة الإقرار لوجوب قيمة الباقين للمقر له وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم ويرجع في تفسيره إليه "وإن قال: له هذه الدار إلا هذا البيت أو هذه الدار له وهذا البيت لي قبل منه" لأن الأول استثناء البيت من الدار ولا يدخل البيت في إقراره مع أنه في معنى الاستثناء لكونه اخرج بعض ما تناوله اللفظ بكلام متصل.
وظاهره: ولو كان البيت أكثر من النصف صرح به في الشرح والفروع وزاد في المحرر والوجيز بخلاف إلا ثلثيها وفيه وجه.
وإن قال له هذه الدار إلا ثلثها أو ربعها صح وكان مقرا بالباقي وإن قال: له هذه الدار نصفها صح وكان مقرا بالنصف لأن هذا بدل البعض وهو شائع لقوله تعالى :{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ} [المزمل:2]، ويصح ذلك فيما دون النصف كقوله هذه الدار ربعها أو أقل كقولهم رأيت زيدا وجهه وإن قال له هذه الدار ولي نصفها صح في الأقيس "وإن قال له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين أو له علي درهم ودرهم إلا درهما فهل يصح الاستثناء؟ على وجهين".
أحدهما: يصح جزم به في الوجيز لأن العطف جعل الجملتين كجملة واحدة فعاد الاستثناء إليهما كقوله عليه السلام: "لا يؤم الرجل الرجل في بيته ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" فيصير الاستثناء في الأولى درهمين من خمسة.
وفي الثانية: درهما من درهمين وذلك استثناء صحيح لأنه أقل من الأكثر فيهما وفيه شيء فإنه في الثانية: النصف وفيه الخلاف إلا أن يزاد فيه درهما آخر.
والثاني: لا يصح صححه في الفروع لأنه يرفع إحدى الجملتين لأن

(10/250)


وإن قال له على خمسة إلا درهمين ودرهما لزمته الخمسة في أحد الوجهين وفي الآخر يلزمه ثلاثة ويصح الاستثناء من الاستثناء فإذا قال له علي سبعة إلا ثلاثة إلا درهما لزمه خمسة وإن قال له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهما لزمته عشرة في أحد الوجوه وفي الآخر لزمه ستة وفي الآخر سبعة.
__________
عوده إلى ما يليه متيقن وما زاد مشكوك فيه.
فعلى هذا يكون قد استثنى الأكثر والكل وكلاهما باطل وذكر المؤلف أنه الأولى والاستثناء في الخبر لم يرفع أحدى الجملتين وإنما أخرج من الجملتين معا من النصف نصفه وقدم في الرعاية أنه يعود إلى الكل فإن كان ثم قرينة عمل بها "وإن قال له علي خمسة إلا درهمين ودرهما لزمته الخمسة في أحد الوجهين" قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لأنهما صارا كجملة واحدة فبطل الاستثناء كالزيادة على النصف "وفي الآخر يلزمه ثلاثة" لأنهما لا يصيران جملة فبطل الاستثناء الثاني: لئلا يكون مستثنيا للأكثر "ويصح الاستثناء من الاستثناء" لقوله تعالى :{إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} [الحجر:58]، ولأن الاستثناء إبطال والاستثناء منه رجوع إلى موجب الإقرار "فإذا قال له علي سبعة إلا ثلاثة إلا درهما لزمه خمسة" لأنه خرج منها الاستثناء الأول: ثلاثة وعاد بالاستثناء الثاني: درهم فإذا ضممته إلى الأربعة صار خمسة ولأنه من إثبات نفي ومن النفي إثبات وهو جائز في اللغة "وإن قال له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما لزمته عشرة في أحد الوجوه" لأن استثناء النصف لا يصح ويبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء فيلزمه عشرة لكونه سالما عن المعارض "وفي الآخر يلزمه ستة" لأن استثناء النصف صحيح
ولا يبطل الاستثناء من الاستثناء لأنه إذا استثنى الخمسة من العشرة بقي خمسة واستثناء الثلاثة منها غير صحيح لأنها أكثر ويبقى قوله إلا درهمين استثناء صحيح لأنه أقل فإذا ضممت الدرهم إلى الخمسة صار المجموع ستة "وفي الآخر يلزمه سبعة" لأن استثناء الخمسة غير

(10/251)


وفي الآخر ثمانية ولا يصح الاستثناء من غير الجنس نص عليه فإذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لزمته المائة إلا أن يستثني عينا من ورق أو ورقا من عين فيصح ذكره الخرقي.
__________
صحيح لأنها نصف واستثناء الدرهمين من الثلاثة لا يصح لأنها أكثر واستثناء الدرهم من الدرهمين أيضا لا يصح لأنه نصف فيبقى قوله إلا ثلاثة صحيحا فيصير قوله له علي عشرة إلا ثلاثة وذلك سبعة "وفي الآخر ثمانية" لأن استثناء النصف لا يصح وقوله إلا ثلاثة يعمل عمله وقدر له إلا درهمين وهو غير صحيح لأنه أكثر فيعاد منه درهم للسبعة فيصير الباقي ثمانية وإن كان الاستثناء الثاني: بحرف العطف كان مضافا إلى الاستثناء الأول فإذا قال له علي عشرة إلا ثلاثة إلا درهمين كان مستثنيا لخمسة مقرا بمثلها.
أصل: إذا استثنى مالا يصح ثم استثنى منه شيئا بطلا لأن الأول: باطل فكذا فرعه وقيل: يرجع ما بعد الباطل إلى ما قبله لأن الباطل في حكم العدم وقيل: يعتبر ما تؤول إليه جملة الاستثناءات "ولا يصح الاستثناء" من غير الجنس "نص عليه" في رواية ابن منصور "فإذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لزمته المائة" لأنه غير داخل في مدلول المائة فكيف يخرج منها ولأن الاستثناء صرف اللفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه لأنه مشتق من قولهم ثنيت فلانا عن رأيه إذا صرفته عما كان عليه وثنيت عنان دابتي رددتها عن وجهها الذي كانت ذاهبة إليه ولا يوجد هذا في غير الجنس والنوع ولأن الاستثناء من غير الجنس لا يكون إلا في الجحد بمعنى لكن والإقرار إثبات.
وهذا جواب قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف:34]، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلاماً} [مريم:62]، و قول الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس ... لا اليعافير وإلا العيس
"إلا أن يسستثني عينا من ورق أو ورقا من عين فيصح ذكره الخرقي" واختاره أبو حفص العكبري وصاحب التبصرة والروضة لأنهما كالجنس

(10/252)


وقال أبو بكر لا يصح فإذا قال له علي مائة درهم إلا دينارا فهل يصح؟ على وجهين.
فصل
وإذا قال: له علي ألف درهم ثم سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ثم قال: زيوفا أو صغارا.
__________
الواحد لاجتماعهما في أنهما قيم المتلفات وأرش الجنايات ويعبر بأحدهما عن الآخر وتعلم قيمته منه فأشبها النوع الواحد بخلاف غيرهما "وقال أبو بكر: لا يصح" وهو رواية اختارها جماعة وقدمها في المحرر والرعاية والفروع وجزم بها في الوجيز لاختلاف جنسهما ولعل الخلاف مبني على أنهما جنس واحدا أو جنسان.
وقال أبو الخطاب: يلزم من الصحة صحة استثناء ثوب من غيره وفي المغني والشرح يمكن حملها على ما إذا كان أحدهما يعبر به عن الآخر أو يعلم قدره منه ورواية البطلان على ما إذا انتفى ذلك وقيل: بل نوع من آخر فلو قال له علي عشرة أصع تمرا برنيا إلا ثلاثا تمرا معقليا فيصح لتقارب المقاصد من النوعين كالورق والعين.
والأول أصح لأن العلة الصحيحة في العين والورق غير ذلك "فإذا قال له علي مائة درهم إلا دينارا فهل يصح؟ على وجهين" هما مبنيان على الخلاف السابق فإذا صححناه رجع في تفسير قيمة الدينار إليه قاله أبو الخطاب وقدمه في الرعاية والأشهر أنه يرجع إلى سعره بالبلد فإن تعذر فإلى تفسيره وفي المنتخب إن بقي منه أكثر المائة وفي المذهب يقبل بالنصف فأقل وقدمه الأزجي.
فصل
"وإذا قال: له علي ألف درهم ثم سكت سكوتا بمكنه الكلام فيه ثم قال زيوفا" أي: رديئة "أو صغارا" أي: دراهم طبرية كل درهم منها أربعة

(10/253)


أو إلى شهر لزمه ألف جياد وافية حالة إلا أن يكون في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة فهل يلزمه من دراهم البلد أو غيرها على وجهين.
__________
دوانيق وذلك ثلثا درهم " أو إلى شهر" أي: مؤجلة "لزمه ألف جياد وافية حالة" لأن الإطلاق يقتضي ذلك كما لو باعه بألف درهم وأطلق فإنه يلزمه كذلك فإذا استقرت في ذمته كذلك فلا يتمكن من تغييرها ولأنه يرجع عن بعض ما أقربه ويرفعه بكلام منفصل فلم يقبل كالاستثناء المنفصل ولا فرق في الإقرار بها دينا أو وديعة أو غصبا.
وقال أبو حنيفة: يقبل إقراره في الغصب والوديعة كما لو أقر بغصب عبد ثم جاءه معينا.
وجوابه: أن العيب لا يمنع إطلاق اسم العبد عليه بخلاف مسألتنا "إلا أن يكون في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة فهل يلزمه من دراهم البلد أو من غيرها على وجهين" كذا في الفروع أحدهما يقبل تفسيره بدراهم البلد قدمه في الكافي وذكر في الشرح أنه الأولى لأن مطلق كلامهم يحمل على عرف بلدهم كما في البيع والصداق وكما لو كانت معاملتهم بها ظاهرة في الأصح قاله في الرعاية.
والثاني: لا يقبل قدمه في المحرر والرعاية لأن إطلاق الدراهم ينصرف إلى دراهم الإسلام وهو ما كان عشرة منها وزن سبع مثاقيل: وتكون فضة خالصة وهي التي قدر بها الشارع نصب الزكوات والديات والجزية والقطع في السرقة ويخالف الإقرار البيع من حيث إنه أقر بحق سابق فانصرف إلى دراهم الإسلام والبيع إيجاب في الحال فاختص بدراهم البلد.
فرع: إذا أقر بدراهم وأطلق ثم فسرها بسكة البلد أو سكة تزيد عليها أو مثلها صدق وإن كانت دونها زاد في المغني والشرح وتساوتا وزنا لم يقبل في وجه عملا بالإطلاق في البيع وكالناقصة في الوزن ويقبل في آخر لأنه يحتمل ما فسره به وفارق الناقصة فإن في الشرع الدراهم لا يتناولها بخلاف هذه ولو أقر بمائة درهم أو دينار فالشهادة من نقد البلد نقله ابن منصور

(10/254)


وإن قال: له علي ألف إلى شهر فأنكر المقر له الأجل لزمه مؤجلا ويحتمل أن يلزمه حالا وإن قال له علي ألف زيوف وفسره بما لا فضة فيه لم يقبل فإن فسره بمغشوشة أو معيبة قبل وإن قال له علي دراهم ناقصة لزمته ناقصة.
__________
كمطلق عقد "وإن قال: له علي ألف إلى شهر فأنكر المقر له الأجل لزمه مؤجلا" نص عليه وهو المذهب لأنه هكذا أقر فعلى هذا لو عزاه إلى سبب يقبل الأمرين قبل قوله في الضمان وفي غيره وجهان قاله في المحرر والفروع والأشهر قبوله "ويحتمل أن يلزمه حالا" وقاله أبو الخطاب لأن التأجيل يمنع استيفاء الحق في الحال كما لو قال قضيته إياها "وإن قال له علي ألف زيوف وفسره بما لا فضة فيه لم يقبل" لأنها ليست دراهم على الحقيقة فيكون تفسيره به رجوعا عما أقر به فلم يقبل كاستثناء الكل وفي الكافي إذا أقر بذلك ثم فسره بما لا قيمة له لم يقبل لأنه ثبت في ذمته شيئا وما لا قيمة له لا يثبت فيها.
وظاهره: أنه إذا فسره بما له قيمة أنه يقبل وقوة كلامه هنا تقتضي أنه ألف درهم إذ لو لم يكن كذلك لصح إطلاقه على الفلوس لأنها توصف بالألف "وإن فسره بمغشوشة أو معيبة عيبا ينقصها قبل" لأنه صادق "وإن قال له علي دراهم ناقصة" لزمته ناقصة في الأصح لأنه إن كانت دراهم البلد ناقصة كان إقراره مقيدا وإن كانت وازنة كان ذلك بمنزلة الاستثناء
وقال القاضي: إذا قال له علي دراهم ناقصة قبل قوله وإن قال صغار وللناس دراهم صغار قبل قوله أيضا وإن لم يكن لهم صغار لزمته وازنة كما لو قال درهم فإنه يلزمه درهم وازن وذكر في الكافي أنه يحتمل أن لا يقبل تفسيره بناقص لأنه يحتمل أن يكونه صغيرا في ذاته وهو وازن.
فرع: إذا قال له علي ألف وازن فقيل: يلزمه العدد والوزن وقيل: يلزمه وازنة وفي الرعاية لو أقر له بمائة وازنة ودفع إليه خمسين وزنها مائة لم يجزئه دون مائة وازنة وقيل: بلى وإن قال عددا لزماه لأن إطلاق الدراهم يقتضي الوزن وذكر العدد لا ينافيها فوجب الجمع بينهما فإن كان

(10/255)


وإن قال: له عندي رهن وقال المالك وديعة فالقول قول المالك مع يمينه وإن قال له علي ألف من ثمن مبيع لم أقبضه وقال المقر له بل هو دين في ذمتك فعلى وجهين فإن قال له عندي ألف وفسره بدين أو وديعة قبل منه.
__________
ببلد يتعاملون بها عددا فالوجهان وإن قال له علي درهم كبير لزمه درهم إسلامي وازن لأنه كبير في العرف وكذا لو قال دريهم لأن التصغير قد يكون لصغره في ذاته وقد يكون لقلة قدره عنده وقد يكون لمحبته قال في الفروع ويتوجه في دريهم يقبل تفسيره "وإن قال له عندي رهن وقال المالك وديعة فالقول قول المالك مع يمينه" لأن العين ثبتت له بالإقرار وادعى المقر دينا فكان القول قول من ينكره وكما لو ادعى ذلك بكلام منفصل نقل أحمد عن سعيد إذا قال له عندي وديعة قال هي رهن على كذا فعليه البينة أنها رهن وذكر الأزجي تخريجا من كان له علي وقضيته ومثله لو أقر بدار وقال استأجرتها أو بثوب وادعى أنه قصره أو خاطه أو بعبد وادعى استحقاق خدمته سنة أو أقر بسكنى دار غيره وادعى أنه سكنها بإذنه "وإن قال له علي ألف من ثمن مبيع لم أقبضه وقال المقر له بل هو دين في ذمتك فعلى وجهين" أحدهما: يقبل قول المقر له وجزم به في الوجيز لأنه اعترف له بالألف وادعى على المقر له سببا أشبه التي قبلها والثاني: يقبل قول المقر قال القاضي هو قياس المذهب لأنه أقر بحق في مقابلة حق لا ينفك أحدهما عن الآخر فإذا لم يسلم له ماله لم يسلم ما عليه كما لو قال بعتك هذا بكذا فقال بل ملكته بغير شيء وفارق التي قبلها لأن الدين ينفك عن الرهن والثمن لا ينفك عن المبيع ولو قال ألف من ثمن مبيع ثم سكت ثم قال لم أقبضه قبل كالمتصل لأن إقراره تعلق بالبيع والأصل عدم القبض ولو قال له علي ألف ثم سكت ثم قال من ثمن مبيع لم أقبضه لم يقبل وكذا لو قال له عندي مائة وديعة بشرط الضمان فإنه يلغو وصفه لها بالضمان وبقيت على الأصل "وإن قال له عندي ألف وفسره بدين أو وديعة قبل منه" لا نعلم فيه خلافا ذكره في الشرح سواء فسره متصلا أو منفصلا لأنه فسر لفظه بأحد مدلوليه فقبل كما لو قال:

(10/256)


وإن قال: له علي ألف وفسره بوديعة لم يقبل ولو قال: له في هذا المال ألف لزمه تسليمه ولو قال: له من مالي أو في مالي أو في ميراثي من أبى ألف أو نصف داري هذه.
__________
له على ألف وفسره بدين فعلى هذا تثبت أحكام الوديعة بحيث لو ادعى تلفها أو ردها قبل.
فرع: إذا قال له عندي ألف أو هلك المبيع قبل قبضه صدق نص عليه ويحتمل أن يلزمه لظهور مناقضته قال أبن حمدان: إن قاله منفصلا وكذا ظننته تالفا ثم علمت تلفه وقال الأزجي لا يقبل هنا واختاره المؤلف لما فيه من مناقضة الإقرار والرجوع عما أقر به.
وقدم في الشرح أنه إذا قال له عندي وديعة رددتها إليه أو تلفت أنه يلزمه ضمانها "وإن قال له علي ألف وفسره بوديعة لم يقبل" ذكره معظم الأصحاب وقاله أكثر العلماء لأن علي للإيجاب في الذمة والإقرار فيه بظاهر اللفظ بدليل ما لو قال ما على فلان علي كان ضامنا فإذا فسره بالوديعة لم يقبل لأن تفسيره يناقض ظاهر إقراره وهذا إذا كان التفسير متصلا لأن الكلام بآخره وقيل: يقبل المنفصل كالمتصل كما لو صدق المقر له وقاله مضاربة أو وديعة فإن زاد بالمتصل وقد تلفت لم يقبل ذكره القاضي وغيره لأن قوله له علي يقتضي أنها عليه وقوله وقد تلفت يقتضي أنها ليست عليه وهو تناقض فلم يقبل منه بخلاف ما لو قال كان له علي ألف وديعة وتلفت فإنه مانع من لزوم الأمانة لأنه أخبر عن زمن ماض فلا تناقض وإن أحضره وقال هو هذا وهو وديعة فقال المقر له هذا وديعة والمقر به غيره وهو دين عليك صدق المقر له وذكر الأزجي عن الأصحاب وقال القاضي وصححه في الرعاية يصدق المقر "ولو قال له في هذا المال ألف لزمه تسليمه" جزم به الأكثر لأنه اعترف أن الألف مستحق في المال المشار إليه وكذا إن قال له في هذا العبد ألف وفي هذه الدار نصفها فلا يقبل تفسيره بإنشاء هبة "ولو قال له من مالي أو في مالي أو في ميراثي من أبي أو نصف داري هذه" صح على

(10/257)


وفسره بالهبة وقال: قد بدا لي من تقبيضه قبل منه وإن قال: له في ميراث أبي ألف فهو دين على التركة وإن قال: له نصف هذه الدار فهو مقر بنصفها وإن قال: له هذه الدار عارية ثبت لها حكم العارية.
__________
الأصح وفي الترغيب المشهور لا للتناقض فلو زاد بحق لزمني ونحوه صح عليهما قاله القاضي وغيره وعلى الأول "إن وفسره بالهبة وقال بدا لي من تقبيضه قبل منه" ذكره جماعة لأن التفسير يصلح أن يعود إليها من غير تناف وكما لو قال له علي ألف ثم فسره بدين.
وقال القاضي: وأصحابه لا يقبل وعلى الأول: إن مات ولم يفسره أو رجع عنه لم يلزمه شيء وذكر الأزجي في له ألف في مالي يصح لأن معناه استحقه بسبب سابق ومن مالي وعد قال وقال أصحابنا لا فرق بين من والفاء في أنه يرجع في تفسيره إليه ولا يكون إقرار إذا أضافه إلى نفسه ثم أخبر لغيره بشيء منه "وإن قال: له في ميراث أبي ألف فهو دين على التركة" لأن ذلك في قوة قوله له على أبي دين كذا.
وفي الترغيب له في هذا المال أو في هذه التركة ألف صح قال ويعتبر أن لا يكون ملكه
فلو قال الشاهد أقر وكان ملكه إلى أن أقر أو وقال هذا ملكي إلى الآن وهو لفلان فباطل ولو قال هو لفلان وما زال ملكي إلى أن أقررت لزمه بأول كلامه "وإن قال له نصف هذه الدار فهو مقر بنصفها" لأنه أقر بذلك "وإن قال له هذه الدار عارية ثبت لها حكم العارية" لإقراره بذلك فعارية بدل من الدار ولا تكون إقرار بالدار لأنه رفع بآخر كلامه ما دخل في أوله وهو بدل اشتمال لأن الأول: مشتمل على الثاني: كقوله تعالى :{يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة:217]، فالشهر يشتمل على القتال فعلى هذا لا تثبت له الدار وإنما تثبت له منفعتها فكأنه قال له الدار منفعتها.
وإن قال: له هذه الدار هبة عمل بالبدل وفيه نظر لأن الدار لا تشتمل على الهبة لكن يوجه بالنسبة إلى الملك لأن قوله له الدار إقرار بالملك والملك يشتمل على ملك الهبة فقد أبدل الملك بعض ما يشتمل عليه وهو الهبة،

(10/258)


وإن أقر أنه وهب أو رهن أو أقبض أو أقر بقبض ثمن أو غيره ثم أنكر وقال ما قبضت ولا أقبضت وسأل إحلاف خصمه فهل تلزمه اليمين ؟ على وجهين ومن باع شيئا ثم أقر أن المبيع لغيره لم يقبل قوله على المشتري ولم ينفسخ البيع.
__________
فكأنه قال له ملك الدار هبة وحينئذ تعتبر شروط الهبة وقيل: لا يصح لكونه من غير الجنس قال في الفروع ويتوجه عليه أي على القول بأنه لا يصح منع له هذه الدار ثلثاها
وذكر المؤلف صحته لأنه لا يجعله استثناء بل بدلا وإن قال هبة سكنى أو هبة عارية عمل بالبدل.
وقال ابن عقيل: قياس قول أحمد بطلان الاستثناء هنا لأنه استثنى الرقبة وبقاء المنفعة وهو باطل عندنا فيكون مقرا بالرقبة والمنفعة "وإن أقر أنه وهب ورهن وأقبض أو أقر بقبض ثمن أو غيره ثم أنكر وقال ما قبضت ولا أقبضت وسأل إحلاف خصمه فهل يلزمه اليمين؟ على وجهين" هما روايتان في المغني إحداهما لا يستحلف نصره القاضي وأصحابه لأن دعواه مكذب لإقراره فلا تسمع ولأن الإقرار أقوى من البينة ولو شهدت البينة به ثم قال أحلفوه لي لم يستحلف فكذا هنا.
و الثانية: بلى قدمها في المحرر وصححها في الرعاية وجزم بها في الوجيز لأن العادة جارية بالإقرار بالقبض قبله لأنها تكون شهادة زور فعلى الأولى: قال الشريف وأبو الخطاب: ولا يشبه من أقر ببيع وادعى تلجئة إن قلنا: يقبل لأنه ادعى معنى آخر له ينف ما أقر به قال الشيخ تقي الدين فيمن أقر بملك ثم ادعى شراءه قبل إقراره إنه لا يقبل ما يناقض إقراره إلا مع شبهة معتادة.
فرع: إذا أقر ببيع أو هبة أو إقباض ثم ادعى فساده وأنه أقر يظن الصحة لم يقبل وله تحليف المقر له فإن نكل حلف هو ببطلانه وكذا إن قلنا: برد اليمين فحلف المقر قاله ابن حمدان "وإن باع شيئا ثم أقر أن المبيع لغيره لم يقبل قوله على المشتري" لأنه يقر على غيره ولأنه متهم فيه "ولم ينفسخ البيع" لأن الإقرار الذي صدر بعده مردود والمردود

(10/259)


ولزمته غرامته للمقر له وكذلك إن وهبه أو أعتقه ثم أقر به وإن قال لم يكن ملكي ثم ملكته بعد لم يقبل قوله إلا ببينة وإن كان قد أقر أنه ملكه أو قال قبضت ثمن ملكي ونحوه لم تسمع بينته أيضا.
فصل
وإن قال غصبت هذا العبد من زيد لا بل من عمر.
__________
وجوده كعدمه ولأن حق المشتري قد تعلق بالمبيع فلم ينفسخ بغير رضاه ما لم يوجد ما يوجب ذلك "ولزمته غرامته للمقر له" لأنه فوته عليه بالبيع "وكذلك إن وهبه أو أعتقه ثم أقر به" فهو كما لو باعه ثم أقر به لغيره "وإن قال لم يكن ملكي ثم ملكته بعد لم يقبل قوله إلا ببينة" لأن الأصل أن الإنسان إنما يتصرف فيما له التصرف فيه ولأن التهمة هنا أكثر "وإن كان قد أقر أنه ملكه أو قال قبضت ثمن ملكي ونحوه لم يسمع بينته أيضا" لأنها تشهد بخلاف ما أقر به فهو مكذب لها وذكر الشيخ تقي الدين فيما إذا ادعى بعد البيع أنه كان وقفا عليه فهو بمنزلة أن يدعي أنه قد ملكه الآن.
تنبيه: إذا قال ملكت هذه العين من زيد فقد أقر له بملكها ولا يحكم له إلا ببينة أو تصديق زيد وإن قال أخذتها من يده فقد اعترف له باليد ويلزمه ردها إليه فإن قال ملكتها على يده لم يكن مقرا له باليد ولا بالملك لأنه يريد معاونته وسفارته.
فلو أقر له بشيء ثم جاءه به وقال هذا الذي أقررت لك به قال بل هو غيره لم يلزم تسليمه إلى المقر له لأنه لا يدعيه ويحلف المقر أنه ليس عنده سواه فإن رجع المقر له فادعاه لزمه دفعه لأنه لا منازع له فيه.
وإن قال: المقر له صدقت والذي أقررت به آخر عندك لزمه تسليم هذا ويحلف على نفي الآخر.
فصل
"وإن قال غصبت هذا العبد من زيد لا بل من عمرو" لزمه دفعه إلى زيد

(10/260)


أو ملكته لعمرو وغصبته من زيد لزمه دفعه إلى زيد ويغرم قيمته لعمرو وإن قال: غصبته من أحدهما أخذ بالتعيين فيدفعه إلى من عينه له ويحلف للآخر وإن قال: لا أعرف عينه وصدقاه انتزع من يده.
__________
لإقراره له به ولم يقبل رجوعه عنه لأنه حق لآدمي على ما سبق ويغرم قيمته لعمرو ولأنه حال بينه وبين ملكه لإقراره به لغيره فلزمه ضمانه كما لو أتلفه ولأنه أضرب عن الأول: وأثبت للثاني فلا يقبل الإضراب بالنسبة إلى الأول: لأنه إنكار بعد إقرار ويقبل بالنسبة إلى الثاني: لأنه لا دافع له فإذا تعذر تسليمه إليه من أجل تعلق حق الأول: به تعين دفع القيمة إليه وقيل: لا يغرم لعمرو شيئا "أو ملكته لعمرو وغصبته من زيد لزمه دفعه إلى زيد" لإقراره له باليد "ويغرم قيمته لعمرو" للحيلولة وهذا هو الأشهر.
والثاني: لا يلزمه لعمرو شيئا قاله القاضي وابن عقيل: وقدمه في الكافي لأنه لا تفريط منه إذ يجوز أن يكون ملكه لعمرو وهو في يد زيد بإجارة أو غيرها وقيل: يلزمه دفعه إلى عمرو ويغرم قيمته لزيد لأنه لما أقر به لعمرو أولا لم يقبل إقراره باليد لزيد قال المؤلف وهذا وجه حسن وفي المحرر هو الأصح ولا فرق بين التقديم والتأخير والمتصل والمنفصل ذكره في الشرح قال في المحرر والرعاية وإن قال غصبته من زيد وملكته لعمرو وأخذه زيد ولم يضمن المقر لعمرو شيئا زاد في الرعاية في الأشهر.
فائدة: قال أحمد في رجل قال لآخر استودعتك هذا الثوب قال صدقت ثم قال استودعنيه رجل آخر فالثوب للأول ويغرم قيمته للآخر "وإن قال غصبته من أحدهما بالتعيين" لأنه إقرار بمجمل ومن أقر بمجمل لزمه البيان ضرورة أن الحكم لا يقع إلا على معلوم "فيدفعه إلى من عينه له" لأنه هو المستحق "ويحلف للآخر" إن ادعاه لتكون اليمين شيئا لثبوت رد العبد أو بدله ولا يغرم له شيئا لأنه لم يقر له بشيء "وإن قال لا أعرف عينه فصدقاه انتزع من يده" لأنه ظهر بإقراره أنه لا حق له فيه ولم

(10/261)


وكانا خصمين فيه وإن كذباه فالقول قوله مع يمينه وإن أقر بألف في وقتين لزمه ألف واحد وإن أقر بألف من ثمن عبد ثم أقر بألف من ثمن فرس أو قرض لزمه ألفان وإذا ادعى رجلان دارا في يد غيرهما شركة بينهما بالسوية فأقر لأحدهما بنصفها فالمقر به بينهما.
__________
يتعين مستحقه "وكانا خصمين فيه" لأن كلا منهما يدعيه "وإن كذباه فالقول قوله مع يمينه" أنه لا يعلم لأنه منكر وينتزع من يده فإن كان لأحدهما بينة حكم له به وإن لم تكن بينة أقرعنا بينهما فمن قرع صاحبه حلف وسلم إليه وإن بين الغاصب بعد ذلك مالكها قبل منه كما لو بينه ابتداء ويحتمل أنه إذا ادعى كل واحد أنه المغصوب منه توجهت عليه اليمين لكل واحد منهما أنه لم يغصبه فإذا حلف لأحدهما لزمه دفعه للآخر لأن ذلك يجري مجرى تعيينه وإن نكل عن اليمين لهما سلمت إلى أحدهما "وإن أقر بألف في وقتين لزمه ألف واحد" لأن الأصل براءة الذمة من الزائد والعرف شاهد بذلك ولأنه لو قال رأيت زيدا ثم قال رأيت زيدا كان الثاني: هو الأول: والرؤية إنما هي الرؤية أولا ونظير ذلك أن الله تعالى لما أخبر عن إرسال نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وموسى وعيسى وكرر ذلك في مواضع لم تكن القصة الثانية: غير الأولى "وإن أقر بألف من ثمن عبد ثم أقر بألف من ثمن فرس أو قرض لزمه ألفان" لاختلاف سببهما كقوله رأيت زيدا الطويل ثم قال رأيت زيدا القصير لم يكن الثاني: الأول: البتة وكذا إن ذكر ما يقتضي التعدد كأجلين لهما أو سكنين أو صفتين لزمه ألفان كمن قال قبضت ألفا يوم السبت وألفا يوم الأحد بخلاف تعدد الإشهاد فلو قيد أحدهما بسبب وأطلق الآخر حمل المطلق على المقيد ولزمه ألف واحدة مع اليمين ولو شهد بكل إقرار شاهد جمع قولهما لاتحاد المخبر عنه ولا جمع في الأفعال "وإذا ادعى رجلان دارا في يد غيرهما شركة بينهما بالتسوية فأقر لأحدهما بنصفها فالمقر به بينهما" في قول أبي الخطاب وقدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الشرح لاعترافهما أن الدار لهما مشاعة فالنصف المقر بينهما كالباقي وقال القاضي وجزم به في الوجيز إن أضافا

(10/262)


وإن قال في مرض موته هذه الألف لقطة فتصدقوا به ولا مال له غيره لزم الورثة الصدقة بثلثه وحكى عن القاضي أنه يلزمهم الصدقة بجميعه.
__________
الشركة إلى سبب واحد من إرث أو غنيمة أو شراء ونحوه ولم يكونا قبضاها بعد الملك لها فكذلك وإلا اختص المقر له بالمقر به لأن نصيب كل منهما يتعلق بنصيب الآخر بدليل ما لو كان الميراث طعاما فهلك بعضه أو غصب كان الذاهب بينهما والباقي بينهما فكذا الإقرار.
مسألة: إذا قال من العين في يده النصف لي والباقي أجهل ربه أخذ ما ادعى وفي الباقي أوجه ومن ادعى عينا في يد زيد فأقر بها لعمرو وكذبه عمرو وإن أقر له بكلها فالمقر له مقر لشريكه في الدعوى بالنصف وإن كان ما أقر له بالشركة بل ادعى كلها خاصمه في النصف فإن ادعى على عمرو وبكر عينا في أيديهما فصدقه أحدهما فنصيبه له فإن صالحه عنه بمال صح فإن طلب المنكر الشفعة أخذها إن تعدد سبب ملكيهما وإن اتحد فوجهان "وإن قال في مرض موته هذه الألف لقطة فتصدقوا به ولا مال له غيره لزم الورثة الصدقة بثلثه" قاله أبو الخطاب وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأنه جميع ماله فالأمر بالصدقة به وصية بجميع المال فلا يلزم منه إلا الثلث وظاهره لا فرق بين أن يصدقوا أو يكذبوه "وحكي عن القاضي أنه تلزمهم الصدقة بجميعه" هذا رواية لأن أمره بالصدقة به يدل على تعديه فيه على وجه يلزمهم الصدقة بجميعه فيكون ذلك إقرارا منه لغير وارث فيجب امتثاله وكالإقرار في الصحة ولو قال فيها لوكيله هذه الألف لقطة فتصدق بها لزمه فكذا إذا قال في مرضه والأول: أصح لأن الإقرار في المرض يفارق الإقرار في الصحة في أشياء
والفرق بين الوكيل والورثة لأنه مأمور بخلاف الورثة فإن تصدقهم بذلك يستلزم لزوم ضمانه عليهم وجزم السامري ب إن قلنا: لا يملك اللقطة فبكله وإلا بثلثه إن ملكه بعد الحول.
فرع: إذا أعتق عبدا أو وهبه وليس له سواه ثم أقر بدين نفذ عتقه

(10/263)


فصل
إذا مات رجل وخلف مائة فادعاها رجل فأقر ابنه له بها ثم ادعاها آخر فأقر له فهي للأول ويغرمها للثاني وإن أقر بها لهما جميعا فهي بينهما وإن أقر لأحدهما وحدة فهي له ويحلف للآخر وإن ادعى رجل على الميت مائة دينا فأقر له ثم ادعى آخر مثل ذلك فأقر له ولم يخلف الميت إلا مائة فإن كان في مجلس واحد فهي بينهما وإن كانا في مجلسين فهي للأول ولا شيء للثاني.
__________
وهبته ولم ينقضا بإقراره نص عليه وقيل: بلى ويباع فيه وإن أقر مريض بدين ثم بوديعة أو بالعكس فرب الوديعة أحق بها.
فصل
"إذا مات رجل وخلف مائة فادعاها رجل فأقر ابنه له بها ثم ادعاها آخر فأقر له فهي للأول" لأنه قد أقر له بها ولا معارض له فوجب كونها له عملا بالإقرار السالم عن المعارض ويغرمها للثاني لأنه حال بينه وبينها فلزمه غرامتها له كما لو شهد بمال ثم رجع بعد الحكم "وإن أقر بها لهما معا فهي بينهما" لتساويهما "وإن أقر لأحدهما وحده فهي له" لإقرار له فاختص بها "ويحلف للآخر" في الأصح قاله في الرعاية لأنه يحتمل أنه المستحق واليمين طريق ثبوت الحق أو بدله وإن نكل قضي عليه لأن النكول كالإقرار ولو أقر لزمه الغرم فكذا إذا نكل عن اليمين "وإن ادعى رجل على الميت مائة دينا" أي: بدين يستغرق التركة قاله في المحرر والفروع "فأقر له ثم ادعى آخر مثل ذلك فأقر له ولم يخلف الميت إلا مائة فإن كان في مجلس واحد فهي بينهما" لأن حكم المجلس الواحد حكم الحالة الواحدة "وإن كان في مجلسين فهي للأول ولا شيء للثاني" ذكره الخرقي والسامري والمؤلف في الكافي وجزم به في الشرح والوجيز لأن الأول: استحق تسلمه كله بالإقرار فلا يقبل إقرار الوارث بما

(10/264)


وإن خلف ابنين ومائتين فادعى رجل مائة دينار على الميت فصدقه أحد الابنين وأنكر الآخر لزم المقر نصفها إلا أن يكون عدلا فيحلف الغريم مع شهادته ويأخذ مائة وتكون المائة الباقية بين الابنين.
__________
يسقط حقه لأنه إقرار على غيره وقيل: يقدم الأول: مطلقا وأطلق الأزجي احتمالا يشتركان كإقرار مريض لهما قال في المحرر وظاهر كلام أحمد يتشاركان إن تواصل الكلام بالإقرارين وإلا قدم الأول وقال الشافعي رضي الله عنه يتشاركان مطلقا كإقرار الموروث.
والفرق أن إقرار الموروث لا يتعلق بماله والوارث لا يملك أن يعلق بالتركة دينا آخر ولا يملك التصرف في التركة ما لم يلتزم قضاء الدين بخلاف الموروث "وإن خلف ابنين ومائتين وادعى رجل مائة دينا على الميت فصدقه أحد الابنين وأنكر الآخر لزم المقر نصفها" من سهمه لأنه يقبل إقراره على نفسه ولأنه لا يلزمه أكثر من نصف دين أبيه ولكونه لا يرث إلا نصف التركة فلزمه نصف الدين كما لو ثبت ببينة أو بإقرار الميت ويحلف المنكر ويبرأ "إلا أن يكون عدلا فيحلف الغريم مع شهادته" ولو لزم المقر جميع الدين لم تقبل شهادته على أخيه لكونه يدفع عن نفسه ضررا "ويأخذ مائة" لأن المال ثبت بشاهد ويمين "وتكون المائة الباقية بين الابنين" لأنها ميراث لا تعلق لأحد بها سواهما.
تنبيه: إذا قال لزيد علي عشرة إلا ثلث ما لعمرو علي ولعمرو علي عشرة إلا ربع ما لزيد علي فخذ مخرج الثلث والربع اثني عشر أسقط منه أحدا يبقى أحد عشر وهو الجزء المقسوم عليه ثم أسقط من المخرج الثلث أربعة يبقى ثمانية تضربها في عشرة تبلغ ثمانين تقسمها على أحد عشر تخرج سبعة وثلاثة أجزاء من أحد عشر جزءا من أحد وهو دين زيد ثم أسقط من المخرج ربعه يبقى تسعة تضربها في العشرة تبلع تسعين تقسمها على أحد عشر تخرج ثمانية وجزءان من أحد عشر جزءا من أحد وهو دين عمر.
مسألة: إذا قال لزيد علي عشرة إلا نصف ما لعمرو علي ولعمرو علي عشرة إلا ثلث ما لزيد فاجعل لزيد شيئا ولعمرو عشرة إلا ثلث شيء،

(10/265)


وإن خلف ابنين وعبدين متساويي القيمة لا يملك غيرهما فقال أحد إلا الابنين أبي أعتق هذا في مرضه وقال الآخر بل أعتق هذا الآخر عتق من كل واحد ثلثه وصار لكل ابن سدس العبد الذي أقر بعتقه ونصف العبد الآخر وإن قال أحدهما أبي أعتق هذا وقال الآخر أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما أقرع بينهما فإن على الذي اعترف الابن بعتقه عتق منه ثلثاه إن لم يجيزا عتقه كاملا وإن وقعت على الآخر كان
__________
فنصف دين عمرو خمسة إلا سدس شي فهذا يعدل ثلثي دين زيد وهو ثلثا شيء فاجبر الخمسة إلا سدس شيء بسدس شيء وزد مثله على الشيء يصير خمسة أسداس شيء فابسط الدراهم الخمسة من جنسها أسداسا تكن ثلثين اقسمها على الخمسة أسداس تخرج بالقسمة ستة وهي دين زيد فعلم أن الدين الآخر ثمانية لأن الستة تنقص عن العشرة بنصف الثمانية "وإن خلف ابنين وعبدين متساويي القيمة لا يملك غيرهما فقال أحد الابنين أبي أعتق هذا في مرضه وقال الآخر بل أعتق هذا الآخر عتق من كل واحد ثلثه" لأن كل واحد منهما حقه نصف العبدين فقبل قوله في عتق حقه من الذي عينه وهو ثلثا النصف الذي له وذلك الثلث لأنه يعترف بحرية ثلثيه فيقبل قوله في حقه منهما وهو الثلث ويبقى الرق في ثلثه فله نصفه وهو السدس ونصف العبد الذي ينكر عتقه وقد بينه بقوله: "وصار لكل ابن سدس العبد الذي أقر بعتقه ونصف العبد الآخر" لأن كل ابن يملك نصف كل عبد وقد عتق ثلث الذي أقر بعتقه يبقى سدسه ونصف الآخر على ما كان عليه قبل الإقرار "وإن قال: أحدهما أبي أعتق هذا وقال الآخر أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما أقرع بينهما" لأن رجلا أعتق ستة مملوكين له عن دبر فأقرع بينهم النبي صلى الله عليه وسلم اثنين وارق أربعة شرعت للتمييز ولا تقوم مقام الذي لم يعين عتقه "فإن وقعت القرعة على الذي اعترف الابن بعتقه عتق منه ثلثاه" لأنه الثلث كما لو عيناه بقولهما "إن لم يجيزا أعتقه كاملا" فإذا أجازاه عتق كله عملا بالعتق السالم عن المعارض "وإن وقعت على الآخر كان

(10/266)


حكمه حكم ما لو عينا العتق في العبد الثاني سواء .
__________
حكمه حكم ما لو عينا العتق في العبد الثاني سواء" لأن القرعة جعلته مستحقا للعتق بالنسبة إلى الابن المدعي عدم المعرفة فصارا بمنزلة ما لو عينه فعلى هذا يعتق ثلث كل واحد ويبقى سدس الخارج بالقرعة الذي قال لا أدري ونصفه للابن الآخر ويبقى نصف العبد الآخر للابن الذي قال لا أدري وسدس الآخر فإن رجع الابن الذي جهل عين العتق فعين أحدهما عتق منه ثلثه وهل يبطل العتق في الذي عتق بالقرعة فيه وجهان.

(10/267)


باب الإقرار بالمجمل
إذا قال له علي شيء أو كذا قيل: فسر فإن أبى حبس حتى يفسر فإن مات أخذوا إرثه بمثل ذلك إن خلف الميت شيئا يقضي منه.
__________
باب الإقرار بالمجمل
المجمل ما لم تتضح دلالته وهو نقيض المبين وهو ما احتمل أمرين فصاعدا على السواء
"إذا قال له: علي شيء أو كذا" صح إقراره بغير خلاف نعلمه ويفارق الدعوى حيث لا تصح بالمجهول لكون الدعوى له والإقرار عليه فلزمه ما عليه مع الجهالة دون ماله ولأن الدعوى إذا لم تصح فله تحريرها والمقر لا داع له إلى التحرير ولا يؤمن رجوعه عن إقراره فألزمنا مع الجهالة وتصح الشهادة على الإقرار به كالمعلوم "وقيل: فسر" أي: يلزمه تفسيره لأن الحكم بالمجهول لا يصح "فإن أبى حبس حتى يفسر" أي: إذا امتنع من التفسير فإنه يحبس حتى يفسر ذكره الأصحاب لأن التفسير حق عليه فإذا امتنع منه حبس عليه كالمال وقال القاضي يجعل ناكلا ويؤمر المقر له بالبيان فإن بين شيئا فصدقه المقر ثبت وإن كذبه وامتنع من البيان قيل: له إن بينت وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك "فإن مات أخذوا إرثه بمثل ذلك إن خلف الميت شيئا يقضى منه" زاد في المحرر والرعاية والفروع و قلنا: لا يقبل تفسيره بحد قذف لأن الحق ثبت على مورثهم فتعلق بتركته

(10/267)


مسائل
وإن قال: له عندي تمر في جراب أو سكين في قراب أو ثوب في منديل أو عبد عليه عمامة أو دابة عليها سرج فهل يكون مقرا بالظرف والعمامة والسرج؟ يحتمل وجهين.
__________
فاقتضى ثبوتهما كما لو قال أنت طالق وإن قال درهم ودرهم ودرهم أو رتب بثم لزمه ثلاثة قدمه في الكافي والشرح وغيرهما لأن العطف يقتضي المغايرة فوجب أن يكون الثالث غير الثاني و الثاني: غير الأول والإقرار لا يقتضي تأكيدا فوجب حمله على العدد وفي الرعاية أنه إذا أراد بالثالث تكرار الثاني وتوكيده صدق ووجب اثنان وإن أراد تكرار الأول وتوكيده فلا.
وكذا إن قال درهم درهم درهم فيجب مع الإطلاق ثلاثة ذكره المؤلف والسامري وقدمه في الرعاية كقوله ثلاثة دراهم وقيل: درهمان وإن قال درهم ودرهم ثم درهم أو درهم فدرهم ثم درهم أو درهم ثم درهم فدرهم لزمه ثلاثة وجها واحدا لأن الثالث: مغاير للثاني فلم يحتمل التأكيد "وإن قال له عندي تمر في جراب أو سكين في قراب أو ثوب في منديل أو عبد عليه عمامة أو دابة عليها سرج فهل يكون مقرا بالظرف والعمامة والسرج يحتمل وجهين":
أحدهما: يكون مقرا بالمظروف فقط اختاره ابن حامد وجزم به في الوجيز وقاله أكثر العلماء لأن إقراره لم يتناول الظرف لأنه يحتمل أن يكون في ظرف للمقر وكجنين في جارية أو دابة في بيت.
الثاني: يكون مقرا بالثاني كالأول لأنه ذكره في سياق الإقرار أشبه المظروف واختار الشيخ تقي الدين فيما إذا قال عبد عليه عمامة يكون مقرا بهما وكذلك إن قال غصبت ثوبا في منديل أو زيتا في زق أو دراهم في كيس أو في صندوق وقيل: إن قدم المظروف فهو مقر به وإن أخره فهو مقر بظرفه وقيل: مقر بالعمامة دون السرج فأما إن قال عبد بعمامة أو بعمامته أو دابة بسرج أو بسرجها أو سيف بقراب أو قرابه لزمه ما

(10/278)


وإن قال: له عندي خاتم فيه فص كان مقرا بهما وإن قال: فص في خاتم احتمل وجهين وإن قال له علي درهم أو دينار لزمه أحدهما يرجع إليه في تعيينه.
__________
ذكره لأن الباء تعلق الثاني: بالأول فإن قال في يدي دار مفروشة فوجهان وإن قال له عندي دابة في اصطبل فقد أقر بالدابة وحدها وإن قال له الألف الذي في الكيس فهو مقر بها دون الكيس فإن لم يكن فيه شيء لزماه في الأقيس وإن نقص يتمه "وإن قال له عندي خاتم فيه فص كان مقرا بهما" ذكره في المحرر والوجيز لأن الفص جزء من الخاتم كما لو قال له علي ثوب فيه علم وإن قال خاتم وأطلق لزماه لأنه اسم للجميع وفيهما وجه "وإن قال: فص في خاتم احتمل وجهين" كعلي ثوب في منديل "وإن قال: له علي درهم أو دينار لزمه أحدهما" لأن أو لأحد الأمرين "يرجع في تعيينه إليه" كما لو قال له علي شيء فإن أقر له بنخله لم يقر بأرضها وليس لرب الأرض قلعها وثمرتها للمقر له وفي الانتصار احتمال كالبيع قال أحمد: فيمن أقر بها هي له بأصلها فيحتمل أنه أراد أرضها ويحتمل لا وعليهما يخرج هل له إعادة غيرها فإن سقطت أو قلعها ربها لم يكن له موضعها والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
تم الشرح المبارك المسمى ب المبدع شرح المقنع بحمد الله وعونه وحسن توفيقه على يد العبد الفقير إلى الله تعالى موسى بن أحمد بن موسى الكناني المقدسي الحنبلي غفر الله له ولوالديه ولمن دعا لهم بالمغفرة ولجميع المسلمين وذلك بتاريخ سادس عشر شهر صفر الخير من شهور سنة تسع وثمانين وثمانمائة أحسن الله تقضيها في خير وعافية آمين وكان ذلك بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر قدس الله روحه ونور ضريحه بصالحية دمشق المحروسة أمنها الله تعالى من سائر المخافات آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم استغفر الله وأتوب إليه.

(10/279)