المحرر
في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المجلد الثاني
كتاب العتق
مدخل
...
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب العتق
العتق من أعظم القرب وعتق العبد أفضل من عتق
الأمة وعنه عتق الإماء للنساء أفضل.
وفي استحباب عتق من لا كسب له وكراهية كتابته
روايتان.
وينعقد العتق بصريح القول وكناياته مع النية.
فصريحه لفظ العتق والحرية كيف تصرفا.
وكناياته قد خليتك وأطلقتك واذهب حيث شئت
ونحوه.
فأما قوله لا سبيل أو لا سلطان أو لا ملك أو
لا رق لي عليك وقد فككت رقبتك وملكتك نفسك
وأنت مولاي وأنت لله وأنت سائبة فعنه أنه
كناية وعنه أنه صريح.
وأما قوله للأمة أنت طالق1 أو حرام فليس بصريح
وفي كونه كناية روايتان المذهب أنه كناية.
ولو قال لعبده وهو أسن منه أنت ابني لم يعتق
وإن أمكن أن يكون منه لكن له نسب معروف فعلى
وجهين ويحتمل أن يعتق فيهما.
وإذا قال لعبده أنت حر بألف أو بعتك نفسك بألف
فقيل عتق ولزمه الألف وإن لم يقبل لم يعتق.
وإن قال أنت حر على ألف أو وعليك ألف أو على
أن تعطيني ألفا فكذلك في إحدى الروايتين
والأخرى يعتق بلا قبول ولا شيء عليه.
__________
1 بهامش الأصل: هذا لفظ موضوع للطلاق، وذلك
إنما يلحق الزوجة.
(2/3)
وإن قال أنت حر
على أن تخدمني سنة عتق بلا قبول ولزمته الخدمة
على ظاهر كلامه وقيل كالتي قبلها.
وإذا قال مماليكي أحرار دخل فيه مكاتبوه
ومدبروه وأمهات ولده وأشقاصه وعبيد عبده
التاجر.
وكذلك إن قال عبدي حر أو زوجتي وطالق ولم ينو
معينا تناول الكل.
وإن قال أحد عبدي حر ولم ينوه أو عينه ونسيه
أو قال أول ما تلد أمتي حر فولدت ولدين وأشكل
السابق أعتق أحدهما بالقرعة فإن بان للناسي أن
الذي أعتقه أخطأته القرعة عتق وهل يرق الآخر
على وجهين.
وإذا قال رجل إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي
حر وقال الآخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم
يستيقناه لم يحكم بعتق واحد منهما فإن اشتري
أحدهما عبد الآخر فقيل يعتق على المشتري وقيل
إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا يعتق أحدهما
بالقرعة وهو الأصح.
ومن مثل بعبده مثل أن قطع منه عضوا أو حرقة
عتق للأثر نص عليه.
ومن ملك ذا رحم محرم عتق عليه وعنه لا يعتق
إلا عمود النسب فإن ملكه حملا عتق عليه من حين
ملكه وعنه لا يعتق حتى يولد في ملكه حيا.
فلو زوج ابنه بأمته فولدت ولدا بعد موت جده
فهو تركة موروثة عنه كما نقله المروزي وعلى
الأول هو حر كما نقله أبو طالب وغيره.
ولو ملك ولده أو ولد ولده من الزنا لم يعتق
على المنصوص وقيل يعتق.
وإذا أعتقت الأمة الحامل عتق حملها إلا أن
يستثنى وإن أعتق الحمل عتق ولم تعتق أمه وعنه
لا يعتق الحمل فيها حتى تضعه حيا فيكون كمن
علق عتقه بشرط.
ولو أعتق الموسر أمة حملها لغيره عتق عليه
وضمن قيمته ذكره القاضي وعند أنه باق لمالكه.
(2/4)
ومن أعتق بعض
عبده عتق عليه كله.
وإن أعتق الموسر شركا له في عبد أو كاتبه فأدى
إليه أو ملكه بفعله ممن يعتق عليه عتق عليه
كله ولم يصح من شريكه عتق بعد ذلك ويضمن حق
الشريك بقيمته وقت العتق وإن كان معسرا عتق
نصيبه وبقي نصيب الشريك له وعنه يعتق كله
ويستسعى العبد في بقيته.
وإن ملك الموسر قهرا كالإرث بعض من يعتق عليه
لم يسر في أصح الروايتين.
وإذا أعتق الكافر الموسر شركا له من مسلم فهل
يسري على وجهين.
وإذا كان شقص الشريك مكاتبا أو مدبرا لم تمتنع
السراية وهل يضمن شقص الكتابة بقيمته مكاتبا
أو بما بقي عليه على روايتين.
وقال القاضي تمتنع السراية إلا أن تبطل
الكتابة أو التدبير فيسري حينئذ.
ومن مات وله مكاتب وأعتق بعض الورثة حصته فهل
يسرى على وجهين.
وإذا كان لرجل نصف عبد ولآخر ثلثه ولآخر سدسه
فأعتق موسران منهم نصيبهما معا تساويا في ضمان
الباقي وولائه وقيل يجعل على قدر ملكيهما.
وإذا ادعى كل واحد من الشريكين الموسرين أن
شريكه أعتق نصيبه عتق العبد كله واستحلف كل
واحد الآخر لدعوى ضمان السراية.
وإن كان أحدهما معسرا1 عتق نصيبه خاصة.
إن كانا معسرين لم يعتق منه شيء فإن اشترى
أحدهما نصيب صاحبه حكم بعتقه ولم يسر إلى
نصيبه وقال أبو الخطاب يعتق جميعه.
وإذا قال لشريكه الموسر إذا اعتقت نصيبك
فنصيبي مع نصيبك حر
__________
1 كذا بالأصل, ولعل الصواب "موسرا"
(2/5)
فأعتق الشريك
عتق الباقي بالسراية مضمونا وإن قال فنصيبي مع
نصيبك حر عتق بالشرط مجانا ولو قال ذلك لمعر
عتق بالشرط فيهما.
ومن قال لأمته إذا ولدت ولدا أو أول ولد
تلدينه فهو حر فولدت ميتا ثم حيا أو قال آخر
ولد تلدينه حر فولدت فولدت حيا ثم ميتا ثم لم
تلد بعده شيئا فهل يعتق الحي على روايتين.
ويصح من الحر تعليق عتق الرقيق على ملكه وفي
العبد وجهان وعنه لا يصح بحال.
ولو قال لعبد أجنبي إن كلمتك فأنت حر ثم ملكه
ثم كلمه لم يعتق رواية واحدة.
وإذا قال آخر مملوك أملكه فهو حر وصححنا الصفة
فملك عبيدا ثم مات فآخرهم حر من ملكه وكسبه
له.
ومن حلف بطلاق أو عتاق على شيء ثم أبان الزوجة
وباع العبد ثم عاد إليه فيمينه باقية.
وإن فعل المحلوف عليه قبل عودهما لم تنحل
يمينه أيضا وعنه في العتق تنحل ويخرج في
الطلاق مثله وهو اختيار أبي الحسن التميمي
(2/6)
باب التدبير
كل من صحت وصيته صح تدبيره فإذا قال لرقيقه
أنت حر أو معتق بعد موتي أو أنت مدبر أو دبرتك
عتق بموته من ثلثه.
ولو علق التدبير أو العتق بشرط ومات قبل وجوده
بطل.
وإذا قال لعبده إن شئت فأنت مدبر اختصت مشيئته
بالمجلس وقيل لا تختص به مثل إذا شئت ومتى شئت
وهو الصحيح المفتي به.
فإن قال أنت حر بعد موتي بشهر أو أن تخدم زيدا
سنة بعد موتي ثم أنت حر فهل يصح ويعتق بذلك
على روايتين [الصحيح الصحة والعتق].
(2/6)
فإن قلنا يصح
فأبرأه زيد من الخدمة عتق في الحال فإن كانت
الخدمة الموصى بها لكنيسة وهما نصرانيان فأسلم
العبد قبل تمامها عتق في الحال وهل تلزمه
القيمة لبقية الخدمة على روايتين.
ويجوز بيع المدبر وهبته وعنه لا يجوز إلا أن
يبيعه في الدين وعنه يباع العبد دون الأمة.
وإذا بطل تدبيره بالقول أو باع المدبر ثم
اشتراه لم يبطل كالعتق المعلق بصفة وعنه يبطل
كالوصية.
وإذا أسلم مدبر الكافر ألزم بإزالة ملكه عنه
وقيل لا يلزم به إذا استدام تدبيره بل يحال
بينهما ويلزم بنفقته حتى يعتق بموته.
وإذا دبر الموسر شريكا له في عبد لم يسر إلى
حق شريكه وقيل يسرى ويضمن قيمته ويصير كله
مدبرا.
وللسيد وطء مدبرته وأم ولده وولدهما من غيره
يعتق بموته بمنزلتهما إلا ما ولدتاه قبل
الاستيلاد والتدبير فلا يعتق.
وولد المعتقة بالصفة يتبعها إذا كان حملا حين
التعليق أو الصفة وإن حملته وضعته فيما بينهما
فعلى وجهين ويخرج في مثل ولد المدبرة مثل ذلك
(2/7)
باب الكتابة
لا تصح الكتابة إلا من جائز بيعه وهي مستحبة
لمن علم من عبده كسبا وأمانة وعنه تجب عليه
إذا طلبها وتعتبر في المرض من رأس المال وقال
أبو الخطاب من الثلث.
وتنعقد بقوله كاتبتك على كذا وإن لم يقل فإذا
أديته فأنت حر ويحتمل أن يشترط قول ذلك أو
نيته ولا تصح إلا على عوض مباح معلوم منجم
نجمين.
(2/7)
أو أكثر يعلم
لكل نجم قسطه فإذا أدى النجوم أو أبرىء منها
عتق وقال ابن أبي موسى تصح على نجم واحد.
ولا تنفسخ بموت السيد ولا جنونه ولا يملك واحد
منهما فسخها إلا السيد إذا عجز العبد بأن يحل
نجم فلا يؤديه وعنه لا يعجز حتى يحل نجمان.
ويملك تعجيز نفسه مع قدرته على الكسب ولا
يملكه إذا ملك الوفاء وعنه يملكه وعنه يعتق
بملك الوفاء.
ومن مات عن وفاء وقلنا لم يعتق بملكه فهل
تنفسخ الكتابة على روايتين.
وإذا كاتبه بشرط فاسد كشرط الخيار للسيد أو
الولاء لغيره لغا الشرط وصح العقد ويتخرج
فسادهما وإذا فسدت الكتابة لذلك أو لجهل العوض
أو تحريمه فهي جائزة من الطرفين ويحصل العتق
فيها بالأداء دون الإبراء.
وفي انفساخها بموت السيد والحجر عليه لجنون أو
لسفه واستتباع الأولاد والاكتساب فيها وجهان.
فأما الصحيحة فيملك بمجردها كسبه ونفعه ولا
يبيعه سيده درهما بدرهمين.
ويملك كل تصرف يصلح ماله من البيع والإجارة
ونحوهما وينفق على نفسه ورفيقه وولده الذين
يتبعونه إلا إذا عجز ولم يفسخ سيده كتابته
فتلزم النفقة سيده ويتبعه ولده من أمته وهل
تصبر به أم ولد على وجهين.
ولا يتبعه ولده من أمه لسيده إلا بالشرط فإن
كان أمه تبعها ما ولدته في الكتابة قنا كان أو
مكاتبا.
وله أن يسافر ويأخذ الصدقة إلا أن يشترط عليه
تركهما وعنه لا يصح الشرط.
وليس له أن يتسرى ولا يتزوج ولا يقرض ولا
يتبرع ولا يكفر بالمال إلا بإذن سيده وهل له
أن يبيع نساء أو يرهن أو يضارب أو يقتص إذا
قتل
(2/8)
بعض رقيقه بعضا
أو يزوج رقيقه أو يكاتبه أو يعتقه بمال في
ذمته بغير إذن سيده على وجهين.
وولاء من يكاتبه ويعتقه للسيد الأول وقيل يكون
للمكاتب إن عتق وله أن يتملك ذوي رحمه المحرم
بالهبة والوصية فأما بالشراء بغير إذن فعلى
وجهين.
وإذا ملكهم لم يجز بيعهم وكسبهم له ومتى عتق
عتقوا وإن عجز رقوا معه ومن كاتب أمة وشرط
وطأها جاز نص عليه.
وقال ابن عقيل لا يجوز فإن وطئء بلا شرط أدب
ويلزمه مهرها إذا لم تطاوعه ومع المطاوعة
وجهان.
ومن حبس مكاتبه مدة لزمه أجرة المدة وقيل
إنظاره مثلها وقيل أرفقهما بالمكاتب.
وعلى السيد إذا أدى مكاتبه إيتاؤه ربع كتابته
فإن عجلة له أو وضع عنه بقدره جاز وإن أدى
ثلاثة أرباع الكتابة وعجز عن الربع لم يعتق
ولسيده الفسخ نص عليه وقيل يعتق.
وظاهر قول أبي الخطاب عدم العتق ومنع السيد من
الفسخ وإذا كاتبه على عوض فأداه فبان به عيب
فله أرشه أو عوضه إن رده ولم يترك العتق.
ومن كاتب بعض عبده أو شركا له في عبد بغير إذن
شريكه جاز وملك من كسبه بقدر ما كوتب منه.
وإذا كاتب اثنان عبدهما على التساوي أو
التفاضل جاز ولم يؤد إليهما إلا على قدر
ملكيهما فإن خص أحدهما بالأداء لم يعتق نصيبه
إلا أن يكون بإذن الآخر فإنه على وجهين.
ومن كاتب عبيدا له صفقة بعوض واحد صح وقسم
بينهم على قدر قيمتهم يوم العقد.
وقال أبو بكر على عددهم وأيهم أدى قسطه عتق
وإن عجز الباقون.
(2/9)
وقال أبو بكر
لا يعتق واحد منهم حتى يؤدى الكل وإذا أدوا
وادعى أحدهم أنه أدى أكثر مما عليه فالقو قول
من أنكره.
وإذا كاتب ثلاثة عبدا فأدعى الأداء إليهم
فصدقه اثنان وأنكره الثالث شاركهما فيما أقر
بقبضه وقبلت شهادتهما عليه في عتق حصته وبراءة
المكاتب منه على المنصوص وقياس المذهب رد
شهادتهما.
وإذا اختلف السيد ومكاتبه في قدر مال الكتابة
فالقول قول السيد مع يمينه وعنه قول المكاتب1.
لزمه فداء نفسه قبل الكتابة وقيل يتحاصان فإن
بادر فأدى ولما يحجر عليه عتق واستقر الفداء
عليه وإن أعتقه سيده فالفداء على السيد وإن
عجز وجنايته على سيده فله تعجيزه وإن كانت على
غيره ففداؤه على السيد وإلا بيع فيها قنا.
والواجب فداء الجناية بالأقل من أرشها أو
قيمته وعنه إن كان الفداء للأجنبي على المكاتب
أو على السيد إذا أعتقه فبأقلهما وإن كان
للسيد أو عليه حيث خير بينه وبين البيع
فبالأرش كله وقيل بالأرش كله بكل حال.
وإذا لزمته ديون معاملة فعجز عنها تعلقت بذمته
دون رقبته وعنه بهما وهو أصح عندي.
ويجوز بيع المكاتب ويبقى مكاتبا عند المشتري
فإن أدى إليه عتق وله ولاؤه وإلا عاد قنا له
وكتابته كالعيب إذا لم يعلم بها المشتري وعنه
لا يجوز بيعه.
__________
1 كذا بالأصل. والظاهر أن في الكلام نقصاً،
يتعلق بجانب المكاتب، قال في المغني "وإن جنى
المكاتب: بدئ بجانيته قبل كتابته فإن كان عجز
كان سيده مخيرا بين أن يفديه إن كان أقل من
جنايته، أو يسلمه الخ"
(2/10)
وإذا اشترى
المكاتبان كل واحد منهما الآخر صح الشراء
الأول وحده فإن جهل السابق بطلا.
ومن مات وفي ورثته زوجة مكاتبة انفسخ نكاحها
ويحتمل أن تبقى إلى أن يعجزوا.
وإذا أسلم عبد الكافر ألزم بإزالته عن ملكه
فإن أبي بيع عليه وهل تصح كتابته ويكفي1 على
وجهين.
ومن أولد أمته ثم كاتبها أو كاتبها ثم أولدها
فأدت عتقت وكسبها لها وإن مات ولم تؤد عتقت
بموته وهل كسبها لها أو للورثة على وجهين.
وكذلك إذا كاتب مدبرة أو دبر مكاتبة ثم مات
ولم تؤدى وجهل الثلث فأما إن عجز عنه عتق منه
بقدره وهل له بقدره من كسبه على الوجهين ويبقى
باقيه مكاتبا بقسطه.
__________
1 كذا بالأصل
(2/11)
باب أحكام أمهات الأولاد
إذا علقت من الحر أمته ثم ولدت أو وضعت ما
يتبين به بعض خلق الإنسان فهي له أم ولد تعتق
بموته وإن لم يملك غيرها ولا يجوز له بيعها
ولا هبتها ولا وقفها ولا رهنها ولا الوصية بها
وله مع ذلك تزويجها واستخدامها وإجارتها ويعزر
قاذفها وعنه يحد.
ولو ألقت نطفة أو علقة لم تكن بها أم ولد وإن
كانت مضغة لا تخطيط فيها فعلى روايتين.
ولو أحبل أمة غيره بنكاح أو غيره ثم ملكها لم
تصر أم ولده بحال وعنه تصير بذلك وعنه إن
ملكها حاملا صارت أم ولد وإلا فلا.
فعلى الأولى والثالثة إذا أقر بولد من أمته
أنه ولده ثم مات ولم يتبين هل استولده في ملكه
أو قبله وأمكنا ففي كونها أم ولد وجهان.
(2/11)
وإذا أسلمت أم
ولد الكافر حيل بينه وبينها ما لم يسلم وألزم
نفقتها إن لم يكن لها كسب إلى أن يموت فتعتق
وعنه لا يلزمه نفقتها بحال ويستسعى في قيمتها
تم تعتق.
ومن جنت أم ولده فهل يلزمه فداؤها بالأرش كله
أو بالأقل منه ومن قيمتها على روايتين فإن
عادت فداها كلما جنت كذلك وعنه يتعلق ذلك
بذمتها.
وإن قتلت سيدها عمدا عتقت ولوليه القصاص وإن
اختار المال أو كان القتل خطأ لزمها الأقل من
قيمتها أو ديته.
وإذا وطئ الحر أو والده أمة المكاتبة أو لأهل
غنيمة وهو منها فأحبلها صارت أم ولده وولده حر
لا حق به ويضمن قيمتها لا غير وعنه يضمن
قيمتها ومهرها فقط وعنه يضمن معها قيمة الولد
وكذلك حكم الأب يحبل أمه ولده لكن لا يطالبه
ولده بما لزمه في حياته كسائر ما يثبت له في
ذمته وقيل لا يثبت له في ذمته ههنا شيء وهو
ظاهر كلامه ولو لم يحبلها الواطئ من هؤلاء
لزمه المهر إلا الأب فإنه على الوجهين.
ومن وطئ أمه بينه وبين غيره فلم تحمل لزمه نصف
مهرها لشريكه وهي على ملكهما وإن أحبلها صارت
أم ولده وولده حر ولم يلزمه لشريكه سوى نصف
قيمتها وعنه يلزمه معه نصف مهرها دون نصف قيمه
الولد وعنه يلزمانه معا.
فإن وطئ الشريك بعد ذلك وأحبلها لزمه مهرها ثم
إن جهل إيلاد الأول أو أنها مستولدة له فولده
حر ويفديهم يوم الولادة وإلا فهم رقيق.
وسواء كان الأول موسرا أو معسرا على نص أحمد
والخرقي وقيل إن كان معسرا لم يسر استيلاده
وتصير أم ولد لهما من مات منهما عتق نصفه وإن
أعتقه وهو موسر عتق نصيب شريكه مضمونا وقيل
مجانا وقيل لا يعتق.
(2/12)
ولو كاتبا أمة
لهما ثم وطئاها ولم تلد فلها المهر على كل
واحدة منهما وإن ولدت من أحدهما صارت له أم
ولد ومكاتبة ويغرم لشريكه نصفها مكاتبا ولها
كمال المهر ونصف قيمة الولد في رواية وفي
رواية لا يغرم للولد شيئا وقيل يغرم للشريك
نصف قيمتها قنا ونصف مهرها وتكون كلها له أم
ولد ونصفها لا غير مكاتبا.
وقال القاضي لا يسري استيلاد أحدهما في
المكاتبة إلا أن تعجز فينظر حينئذ فإن كان
موسرا قوم عليه نصيب شريكه وإلا فلا ولو ولدت
وألحق الولد بهما فهي أم ولد لهما وكتابتها
بحالها.
(2/13)
|