الهداية
على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني كِتَابُ الوَصَايَا
الوَصِيَّةُ: عِبَارَةٌ عَن التَّبَرُّعِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالٍ يَقِفُ
نُفُوذُهُ عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الثُّلُثِ /220 ظ/ بَعْدَ المَوْتِ. وَهِيَ
مُسْتَحَبَّةٌ في المَنْصُوصِ عَنْهُ (2)، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ
وَاجِبَةٌ لِمَنْ لا وَارِثَ لَهُ مِنَ الأقَارِبِ (3). ثُمَّ لا يَخْلُو
حالُ المُوْصِي أنْ يَكُوْنَ لَهُ وَرَثَةٌ أو لا يَكُوْنُ، فإنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ بِجَميْعِ مَالِهِ في إحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ (4)، وفي الأُخْرَى يَصِحُّ في الثَّلاَثِ (5) والبَاقِي
لِبَيْتِ المَالِ، فإنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلاثَةِ
أحْوَالٍ:
- إنْ كَانَ غَنِيّاً اسْتُحِبَّ لَهُ الإمْضَاءُ بالثَّلاثِ (6).
- وإنْ كَانَ مُتَوَسِّطاً فَبِالْخُمْسِ، مِثْلَ أنْ يَمْلِكَ ألْفاً
وألْفَيْنِ وثَلاثَةِ آلافٍ نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ (7).
- وإنْ كَانَ فَقِيراً - وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ أقَلَّ مِنْ ألْفِ دِرْهَمٍ
- وله وَرَثَةٌ مَحَاوِيْجٌ، كُرِهَ لَهُ الإمْضَاءُ عَلَى ما رَوَاهُ
عَنْهُ ابنُ مَنْصُورٍ (8).
فأمَّا وَصِيَّتُهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلاثِ فَتُكْرَهُ وتَصِحُّ.
وَكَذَلِكَ الوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ تَصِحُّ، ويَقِفُ نُفُوذُها عَلَى
إجَازَةِ الوَرَثَةِ في المَشْهُورِ مِنَ المَذْهَبِ (9)، وَرَوَى عَنْهُ
حَنْبَلٌ: لَيْسَ لِوَارِثٍ
__________
(1) انظر: المقنع: 166، الإنصاف: 7/ 159.
(2) انظر: المقنع: 169، المغني: 6/ 415، كشاف القناع 4/ 374.
(3) انظر: المغني 6/ 415.
(4) وهذا المذهب عَلَيْهِ جماهير الأصحاب مِنْهُمْ: أبو بكر والقاضي
والشريف والشيرازي. انظر: الزركشي 2/ 672، الإنصاف 7/ 192، كشاف القناع 4/
375.
(5) وَهُوَ قَوْل ابن مَنْصُوْر، انظر: الزركشي 2/ 672، الإنصاف 7/ 192.
(6) وفي المغني أنَّهُ يستحب عِنْدَ أبي الخطاب، وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي.
انظر: المغني 6/ 417، الإنصاف 7/ 191.
(7) انظر: الإنصاف 7/ 191.
(8) انظر: المغني 6/ 416، الإنصاف 7/ 191.
(9) انظر: المغني 6/ 419، الزركشي 2/ 655 - 656، الإنصاف 7/ 193 - 194.
(1/341)
وَصِيّةً عَلَى معنى حَدِيْثِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - (1). فَظَاهِرُهُ إبْطَالُ الوَصِيَّةِ (2).
ولهذا الاخْتِلافِ فَوَائِدٌ:
إحْدَاها: أنها إِذَا كَانَتْ صَحِيْحَةً كَانَ إجَازَةُ الوَارِثِ
تَنْفِيْذاً. وَإِذَا قُلْنَا: لا يَصِحُّ، كَانَ إجَازَاتُهُمْ عَطِيّةً
مُبْتَدأَةً تَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولِ المُوْصَى لَهُ، والقَبْضُ فِيْمَا
لا يَتَعَيَّنُ وفي المتعين عَلَى رِوَايَتَيْنِ (3)، فإنْ أجَازَ ثُمَّ
رَجَعَ قَبْلَ القَبْضِ صَحَّ رُجُوعُهُ.
والثَّانِيَةُ: إِذَا وَصَّى لِوَارِثٍ (4) بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ،
وَكَانَ في الوَرَثَةِ مَنْ هُوَ أبو المُوصَى إِلَيْهِ. كَوَصِيَّةٍ
لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ، فَتَحَيَّزَ العَمُّ فَهَلْ لَهُ
الرُّجُوعُ بَعْدَ القَبْضِ؟ إنْ قُلْنَا: هِيَ تَنْفِيذٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ
الرُّجُوعُ. وإنْ قُلْنَا: عَطِيّةٌ مُبْتَدأةً فَلِلأَبِ الرُّجُوعُ.
والثَّالِثَةُ: إِذَا أعْتَقَ عبداً لا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فأجَازَ ذَلِكَ
الوَرَثَةُ فَوَلاَءُ المُعْتَقِ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَةِ السَّيِّدِ
إِذَا قُلْنَا: الإجَازَةُ تَنْفِيذٌ، وإنْ قُلْنَا: عَطِيّةٌ اخْتَصَّ
الذُّكُورُ ثُلُثَ الوَلاَءِ وشَارَكَهُم بَقِيَّةُ الوَرَثَةِ في
الثُّلُثَيْنِ.
[و] (5) الرَّابِعَةُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى وَارِثِهِ دَارَهُ ولا يَمْلِكُ
غيرَهَا، لَزِمَ الوَقْفُ في ثُلُثِهَا، وما زَادَ عَلَى ذَلِكَ فله
إبْطَالُهُ، فإنْ أجَازَهُ وَكَانَ إجَازَتُهُ تَنْفِيذاً صَحَّ وَقْفُ
جمِيْعِهَا، وإنْ قُلْنَا: عطيةً انبَنى عَلَى وَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ،
وفيه رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، والأخْرَى: لا يَصِحُّ (6). /221
و/ [و] (7) الخَامِسَةُ: وَقَفَ دَارَهُ عَلَى بِنْتِهِ وابْنِهِ نِصفَيْنِ
بَيْنَهُمَا ومَاتَ، فَقَدْ صَحَّ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، ومَا زَادَ
يُخَرَّجُ عَلَى المَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. فإنْ أرَادَ الابْنُ إبْطَالَ
التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا ورَدَّهَا إِلَى
__________
(1) وَهُوَ ما رَوَاهُ أبو أمامة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْل الله - صلى الله
عليه وسلم - يَقُوْل: ((إن الله قَدْ أعطى كُلّ ذي حق حقه فَلاَ وصية
لوارث)).
أخرجه الطيالسي (1127)، وعبد الرزاق (7277) (16308)، وسعيد بن مَنْصُوْر
(427)، وابن أبي شيبة (30707)، وأحمد 5/ 267، وأبو داود (2870) (3565)،
وابن ماجه (2713)، والترمذي (2120)، وابن الجارود (949)، والطحاوي في شرح
المشكل (3633)، والطبراني في الكبير (7531) (7615)، وابن عدي في الكامل 1/
475، والدارقطني 3/ 40 - 41، وأبو نُعَيْم في أخبار اصبهان 2/ 228،
والبيهقي 6/ 212و264 من طرق شرحبيل بن مُسْلِم الخولاني عن أبي أمامة
الباهلي بِهِ. والروايات مطولة ومختصرة.
(2) انظر: الزركشي 2/ 656.
(3) انظر: المقنع: 170، الإنصاف: 7/ 202.
(4) ((والثانية إِذَا أوصى)): كررت في المخطوطة.
(5) زيادة منا ليستقيم الكلام.
(6) انظر: المقنع: 169.
(7) زيادة منا ليستقيم الكلام.
(1/342)
ما يَسْتَحِقُّهُ بالمِيْرَاثِ لا إبطَالَ
أصْلِ الوَقْفِ فَلَهُ ذَلِكَ فيَبْطُلُ نِصْفُ ما وُقِفَ عَلَى الأُخْتِ
وَهُوَ الرُّبُعُ، فَيَبْقَى الرُّبُعُ وَقْفاً عَلَيْهَا والنِّصْفُ
وَقْفاً عَلَيْهِ، ويكونُ الرُّبُعُ الَّذِي بَطُل الوَقْفُ فِيْهِ لَهُمَا
إرْثاً لِلذُّكرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ. فَتَصِحُّ المَسْألَةُ مِن
اثْنَي (1) عَشَرَ، وتَصِيْرُ رُبُعَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مِلْكاً، وثَلاثُ أرْبَاعِهَا وَقْفاً.
والعَطَايَا عَلَى ضَرْبَينِ: مُنْجَزَةٌ ومُعَلَّقَةٌ، فأمَّا
المُنْجَزَةُ مِثلُ أنْ يَعْتِقَ أو يَهَبَ أو يَتَصَدَّقَ، فإنْ كَانَ في
حالِ الصِّحَّةِ نُقِلَتْ في جَمِيعِ المَالِ (2)، وإنْ كَانَتْ في حالِ
المَرَضِ نَظَرْنَا، فإنْ كَانَ المَرَضُ غَيْرَ مَخُوفٍ كَوَجَعِ
الضِّرْسِ وهَيَجَانِ العَيْنِ والصُّدَاعِ وما أشْبَهَهُ فَهُوَ
كالصَّحِيْحِ (3)، فإنْ كَانَ المَرَضُ مَخُوفاً كالْبِرْسَامِ (4) وذَاتِ
الجَنْبِ والرُّعَافِ الدَّائِمِ، ومَا قَالَ عَدْلا مِنَ الطبِّ
المُسْلِمِينَ (5) انه مَخُوفٌ فَعَطَاَيَاهُ مُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ
(6). فأمَّا الأمْرَاضُ المُمْتَدَّةُ كالسِّلِّ والجُذَامِ والفَالِجِ،
فَقَالَ شَيْخُنَا: إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَعَطَايَاهُ مِنْ
رأْسِ المَالِ (7) وَقَالَ أبو بَكْرٍ: فِيْهِ وَجْهٌ آخَرُ إنّ عَطَايَاهُ
مِنَ الثُّلُثِ (8) وهذا إِذَا اتَّصَلَ المَوْتُ بِذَلِكَ المَرَضِ. فأمّا
إنْ عُوفِيَ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ
الصَّحِيْحِ. وَكَذَلِكَ إِذَا التَحَمَ القِتَالُ أو هَاجَت الأمْوَاجُ
وَهُوَ في لُجَّةِ البَحْرِ، أو وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدَهِ، أو قَدِمَ
ليُقْتَصَّ مِنْهُ أو ضرب الحَامِلَ الطلقُ فَعَطَيَاهُمْ مِنَ الثُّلُثِ
(9). قَالَ أبو بَكْرٍ: وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أن عَطَايَاهُمْ مِنْ
جَمِيْعِ المَالِ عَلَى ما رَوَى صَالِحُ عَنْهُ (10)، إِذَا كَانَ بَيْنَ
الصَّفَّيْنِ فَوَصِيَّتُهُ مِنَ المَالِ كُلِّهِ لا مِنَ الثُّلُثِ، فإنْ
عَجَزَ ثلثهُ عَن التَّبَرُّعَاتِ المُنْجَزَةِ بُدِئَ بالأَوَّلِ
فالأوَّلِ، فإنْ وَقَعَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً ولا عَيْنَ فِيْهَا قُسِّمَ
الثُلُثُ بَيْنَ الْجَمِيْعِ، وإنْ كَانَ فِيْهَا عَيْنٌ قُدِّمَ العِتْقُ
(11)، وَعَنْهُ يُسَوِّي بَيْنَ الكُلِّ (12)، فإنْ كَانَ التَّبَرُّعُ
__________
(1) في الأصل: ((اثنا)).
(2) انظر: المغني 6/ 491، الزركشي 2/ 670.
(3) انظر: المقنع: 166، المغني 6/ 505، الزركشي 2/ 670.
(4) البرسام: هُوَ التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. المعجم الوسيط: 49.
(5) هَكَذَا فِي الأصل، وجاء فِي المغني: 6/ 507: ((وَلاَ يقبل إلا قَوْل
طبيبين مسلمين ثقتين بالغين)).
(6) انظر: المقنع: 166، المغني 6/ 491، الزركشي 2/ 669 - 670.
(7) في الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين والمغني وجميع المال. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 97/ب، المغني 6/ 505 - 506.
(8) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 97/ب، المقنع: 166.
(9) انظر: المقنع: 166 - 167، المغني 6/ 509 - 510 - 511، المحرر 1/ 378.
(10) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 97/ب، انظر المقنع: 167، المغني 6/
509، المحرر 1/ 378.
(11) انظر: الهادي: 147، المغني 6/ 493، المحرر 1/ 381، الزركشي 2/ 691.
(12) انظر: المقنع: 167، الهادي: 147، المغني 6/ 493، المحرر 1/ 381.
(1/343)
جَمِيْعُهُ بالعِتْقِ وَلَمْ تُجْزَ
الوَرَثَةُ جُزِيَ الرَّقِيقُ ثَلاثَةَ أجْزَاءٍ وأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ
فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الجِزْيَةِ عَلَيْهِ عتق ورَقَّ البَاقُونَ / 222
ظ / فأمّا العَطَايَا المُعَلَّقَة بالمَوْتِ، فَهِيَ وَصَايَا
مُعْتَبَرَةً مِنَ الثُّلُثِ. سَوَاءٌ وَقَعَتْ في الصِّحَّةِ أو المَرَضِ،
ويَسْتَوِي فِيْهَا المُتَقَدِّمُ والمُتَأخِّرُ. نَصَّ عَلَيْهِ في
رِوَايَةِ الجَمَاعَةِ (1)، ونَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلُ: إِذَا وَصَّى وَهُوَ
صَحِيْحٌ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ في مَالِهِ بِما شَاءَ، وإنْ كَانَ مَرِيْضاً
جَازَ فِيْهَا الثُّلُثُ (2). فَظَاهِرُهُ أنَّهُ جَعَلَ الوَصِيَّةَ في
الصِّحَّةِ كالعَطِيَّةِ المُنْجَزَةِ ينفذُ مِنْ جَمِيْعِ المالِ
والأوَّلُ أصَحُّ. فأمَّا الوَصِيَّةُ بالوَاجِبَاتِ كالحَجِّ والزَّكَاةِ
والكَفَّارَةِ وقَضَاءِ الدُّيُونِ فكلُّ ذَلِكَ مِنْ رأسِ المَالِ، فإنْ
قَالَ أدُّوا ذَلِكَ من ثُلُثِي، أفَادَت وَصِيَّتُهُ أنْ يُزَاحِمَ
بِذَلِكَ أصْحَابَ الوَصَايَا ويَتَوَفَّرَ الثلثان عَلَى الوَرَثَةِ، فإنْ
عَجَزَ الثُّلُثُ عن المُوصَى بِهِ مِن الوَاجِبَاتِ تُمِّمَ ذَلِكَ مِن
الثُّلُثَيْنِ، فأمَّا مُعَاوَضَةُ المَرِيْضِ بِثَمَنِ المِثْلِ فَهِيَ
صَحِيْحَةٌ مِنْ رأسِ المَالِ، ولا فَرْقَ بَيْنَ الوَارِثِ والأجْنَبِيِّ.
ويُحْتَمَلُ أن لا يَصِحَّ مَعَ الوَارِثِ إلا أنْ تجيزَ بَقِيَّةَ
الوَرَثَةَ فأمَّا قَضَاءَ هُ لِبَعْضِ الغُرَمَاءِ فَيَصِحُّ في
المَنْصُوصِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَصِحَّ إلاَّ قَضَاءَ هَمْ
بالسَّوِيَّةِ، ولا يَصِحُّ رَدُّ الوَرَثَةِ وإجَازَتِهِمْ لِلْوَصِيَّةِ
في حَالِ حَيَاةِ (3) المُوصِي، وإنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ،
ومَنْ أجَازَ الوَصِيَّةَ ثُمَّ قَالَ أجَزْتُ الزِّيَادَةَ لأنِّي
ظَنَنْتُ أنَّ المَالَ قَلِيْلٌ، فَالْقَولُ قَولُهُ مَعَ يَمِيْنِهِ في
الزَّائِدِ عَلَى ما ظَنَّهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَةٌ تشْهَدُ بأنَّهُ
كَانَ عَالِماً بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ حِيْنَ إجَازَتِهِ. ويُحْتَمَلُ
أن لا يَقْبَلَ رُجُوعَهُ، لأنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّ الغَيْرِ ولا تَنْعَقِدُ
الوَصِيَّةُ إلاّ بإيْجَابٍ، كَقَوْلِهِ أوْصَيْتُ لِفُلانٍ أو أعْطُوهُ أو
ادْفَعُوا لَهُ مِنْ مَالِي كَذَا. وقَبُولَ المُوْصَى بَعْدَ مَوتِ
المُوصِيْ، فأمَّا قَبُولَهُ وَرَدُّهُ في حَالِ المُوصِي فَلاَ اعْتِبَارَ
بِهِ، فإنْ ماتَ المُوْصَى لَهُ قَبْلَ مَوتِ المُوْصِي بَطَلَت
الوَصِيَّةُ، وإنْ مَاتَ بَعْدَهُ وقَبْلَ القبول، قام وارثه مقامه فِي
القَبُولِ والرَّدِّ، اخْتَارَهُ الخِرَقِيُّ (4) وَقَالَ شَيْخُنَا:
تَبْطُلُ الوَصِيَّةُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ في خَيَارِ الشُّفْعَةِ
وخَيَارِ الشَّرْطِ (5)، وعندِي أنَّهُ يَتَخَرَّجُ في جَمِيْعِ
الخَيَارَاتِ وجهان ولا تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَن اعْتُقِلَ لِسَانُهُ
بالإشَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ (6)، ويُحْتَمَلُ أنْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ
بالإشَارَةِ، إِذَا اتَّصَلَ باعتِقَالِ لِسَانِهِ المَوتُ (7)، كَمَا
تَصِحُّ وَصِيَّةُ
__________
(1) انظر: الهادي: 147، المغني 6/ 592، كشاف القناع 4/ 377.
(2) انظر: الشرح الكبير 6/ 438.
(3) في الأصل: ((حيوة)).
(4) واستدل الخِرَقِيّ عَلَى قوله هَذَا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم
-: ((من تَرَكَ حقاً فلورثته)). انظر: المقنع: 170، المغني 6/ 439، الزركشي
2/ 660، الإنصاف 7/ 205.
(5) وَهُوَ قَوْل ابن حامد والشريف والشيرازي وغيرهم، انظر: المقنع: 170،
المغني 6/ 439، الزركشي 2/ 660، الإنصاف 7/ 206.
(6) انظر: المقنع: 169، انظر: الشرح الكبير 6/ 420، انظر: الإنصاف 7/ 187.
(7) وَهُوَ قَوْل ابن عقيل، انظر: الشرح الكبير 6/ 420، الإنصاف 7/ 187.
(1/344)
الأخْرَسِ / 223 و / بالإشَارَةِ (1)،
وَإِذَا وُجِدَتْ وَصِيَّته عِنْدَ رَأسِهِ بِخَطِّهِ المَعْرُوفِ صَحَّتْ
نَصَّ عَلَيْهِ (2)، ويُحْتَملُ أنْ لا تَصِحَّ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهَا
(3)، وَإِذَا قَبِلَ الوَصِيَّةَ مَلَكَهَا مِنْ حِيْنِ مَوْتِ المُوْصِي
في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (4)، وفي الآخَرِ لا يَمْلِكُهَا إلاَّ مِنْ وَقْتِ
القَبُولِ أوْمَأَ إِلَيْهِ في رِوَايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ (5)، فَقَالَ:
الوصِيَّةُ والهِبَةُ وَاحِدٌ.
ولِلْوَجْهَيْنِ فَوَائِدُ:
أحَدُهَا: لَوْ حَدَثَ نَمَاءٌ بَعْدَ مَوْتِ المُوصِي وقَبْلَ قَبُوْلِ
المُوْصَى لَهُ، كالثَّمَرَةِ والنِّتَاجِ والكَسْبِ فَهُوَ لِلْمُوصَى
لَهُ عَلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، ولِلْوَرَثَةِ عَلَى الوَجْهِ الثَّانِي.
والثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ المُوْصَى بِهِ أمَةٌ فَوَطِأَهَا الوَارِثِ
قَبْلَ القَبُولِ وَوَلَدَتْ، لَمْ تَصِرْ أمُّ وَلَدِهِ، ولَزِمَهُ
مَهْرُهَا وقِيْمَةُ الوَلَدِ عَلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، وعلى الثَّانِي
تَصِيرُ أمُّ وَلَدِهِ، ويَلْزَمُهُ قِيْمَتُهَا لِلْمُوصَى لَهُ.
والثَّانِي (6): أنْ يُوْصِي بأمَةٍ لِزَوْجِهَا فَلا يَعْلَمُ الزَّوْجُ
بالوَصِيَّةِ حَتَّى يُوْلِدَهَا أوْلاداً، ثُمَّ يَعْلَمُ بالوَصِيَّةِ
فَيَقْتُلَهَا (7)، فَيَكُونُ وَلَدُهُ حُرّاً، وتَصِيْرُ الأمَةُ أمَّ
وَلَدٍ ويَبْطُلُ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الأوَّلِ، وعلى الثَّانِي
تَصِيْرُ أمتهُ ويَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ لِلْوَارِثِ.
والرَّابِعُ: أنْ يُوْصَى لَهُ بأبيْهِ، فَيَمُوتَ المُوْصَى لَهُ قَبْلَ
القَبُولِ فَيَقْبَلُ ابنُهُ، فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا: تَبْطُلُ
الوَصِيَّةُ، وعَلَى قَولِ الخِرَقِيِّ: تَصِحُّ ويعتقُ الحد عَلَيْهِ (8).
ثُمَّ هل يَرِثُ مِنْ أبِيْهِ؟ عَلَى الوَجْهِ الأوَّلِ يَرِثُ مِنْهُ
السُّدُسَ، وعلى الثَّانِي: لا يَرِثُ (9). لأنَّ حُرِّيَّتَهُ تَثْبُتُ
حِيْنَ القَبُولِ فِيْمَا تَعَلَّقَ إرْثُهُ بِتَرْكِةِ أبِيْهِ.
بَابُ المُوْصِي والمُوْصَى لَهُ والمُوْصَى إِلَيْهِ
لا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ في صِحَّةِ وَصِيَّةِ البَالِغِ العَاقِلِ، سواءٌ
كَانَ عَدْلاً أو فَاسِقاً. فأمَّا
__________
(1) انظر: المقنع: 169، الشرح الكبير 6/ 420.
(2) وهذا مروي عن أَحْمَد بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما حق امرئ
مُسْلِم لَهُ شيء يوصي فِيْهِ يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) وَلَمْ
يذكر الشهادة. انظر: الشرح الكبير 6/ 421، الزركشي 2/ 668، الإنصاف 7/ 188.
(3) انظر: المقنع: 169، الشرح الكبير 6/ 421 - 422، الزركشي 2/ 668 - 669.
(4) وهذا قَوْل أَبِي بكر. انظر: الشرح الكبير 6/ 448، الزركشي 2/ 687،
الإنصاف 7/ 206.
(5) وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي وعامة أصحابه، انظر: الشرح الكبير 6/ 448،
الزركشي 2/ 687، الإنصاف 7/ 206.
(6) لعلها: ((الثالث)).
(7) لعلها: ((فيعتقها)).
(8) انظر: الشرح الكبير 6/ 451، الإنصاف 7/ 206 - 207، كشاف القناع 4/ 385.
(9) الشرح الكبير 6/ 451، الإنصاف 7/ 210.
(1/345)
غَيْرُ العَاقِلِ كالْمَجْنُونِ والطِّفْلِ
والمُبَرْسَمِ فَلاَ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ.
فأمَّا غَيْرُ البَالِغِ فإذا عْقَلَ الوَصِيَّةَ صَحَّتْ مِنْهُ، وَقَالَ
أبُو بَكْرٍ لا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ ان مَنْ لَهُ دُوْنَ سَبْعِ سِنِيْنَ
لا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ ومَنْ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ فَصَاعِداً تَصِحُّ
وَصِيَّتُهُ (1)، ومَا فَوْقَ السَّبْعِ ودُونَ العَشْرِ عَلَى
رِوَايَتَيْنِ (2)، وَقَالَ القَاضِي أَبُو عَلِيِّ بنِ أبي مُوسَى في "
الإرْشَادِ "، لا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الغُلاَمِ لِدُونِ العَشْرِ،
والجَارِيَةِ لِدُونِ التِّسْعِ قَوْلاً وَاحِداً (3)، فأمَّا ما زَادَ
عَلَى ذَلِكَ فيَصِحُّ في المَنْصُوصِ (4) وفيه / 224 ظ / وَجْهٌ أنَّهُ لا
يَصِحُّ إلاَّ بَعْدَ البُلُوغِ (5). وأمَّا السَّكْرَانُ فَهَلْ تَصِحُّ
وَصِيَّتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ (6).
وأمَّا المَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَهَلْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ؟ عَلَى
وَجْهَيْنِ (7).
فَصْلٌ
ولا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ إلاّ إِلَى عَاقِلٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ، وإنْ كَانَ
عَبْداً أو مُرَاهِقاً (8)، وَعَنْهُ في الفاسِقِ رِوَايَة أخْرَى أنَّهُ
تَصِحُّ الوَصِيَّةُ إِلَيْهِ (9)، ويَضُمُّ الحَاكِمُ إِلَيْهِ أمِيناً.
فإنْ كَانَ حِينَ الوَصِيَّةِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ ثُمَّ وجدت
الصفات عِنْدَ المَوْتِ فَهَلْ تَصِحُّ الوَصِيَّةُ إِلَيْهِ؟ عَلَى
وَجْهَيْنِ (10). وَإِذَا أوْصَى إِلَى رَجُلٍ ثُمَّ بَعْدَهُ إِلَى آخَرَ،
فَهُمَا شَرِيْكَانِ فِي الوَصِيَّةِ إلاّ
__________
(1) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 98/ب، المغني 6/ 526 - 527، الزركشي
2/ 670 - 671.
(2) الرِّوَايَة الأولى: تَصِح لأنَّهُ في حكم المميز، ولأنَّهُ يخيير
بَيْنَ أبويه، ويصح إسلامه.
والرواية الثانية: لا تصح، لأنَّهُ لَوْ كَانَ ابن سبع في حد التميز لأمر
بتأديبه عَلَى تَرَكَ الصَّلاَة كَمَا أمر بِذَلِكَ النَّبِيّ - صلى الله
عليه وسلم - في ابن عشر، انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 98/ب، المغني 6/
527.
(3) وَهُوَ قَوْل الخِرَقِيّ وأبي بكر والشريف وحنبل وصالح، وَقَالَ
الشريف: ومن الأصْحَابِ مَنْ قَيَّدَهُ بسبع، وَهُوَ رِوَايَة عن أَحْمَد،
انظر: المغني 6/ 527، الزركشي 2/ 671، الإنصاف 7/ 186 - 187.
(4) انظر: المغني 6/ 527، والزركشي 2/ 670، والإنصاف 7/ 186.
(5) انظر: المغني 6/ 527، والزركشي 2/ 671، والإنصاف 7/ 186.
(6) الوجه الأول: لا تَصح، وَهُوَ الصَّحِيْح من المذهب.
الوجه الثاني: تصح وصيته، انظر: المغني 6/ 529، الإنصاف 7/ 187.
(7) الوجه الأول: وَهُوَ الصَّحِيْح وَعَلَيْهِ جماهير الأصحاب، انه تصح.
والوجه الثاني: لا تصح.
انظر: المغني 6/ 528، والإنصاف 7/ 185.
(8) وهذا القول اختاره الْقَاضِي وعامة أصحابه مِنْهُمْ الشريف والشيرازي
وابن عقيل وابن البنا. انظر: المغني 6/ 571، والزركشي 2/ 682، والإنصاف 7/
287.
(9) وَهُوَ قَوْل الخِرَقِيّ وابن أبي موسى. انظر: المغني 6/ 571، والزركشي
2/ 682، والإنصاف 7/ 288.
(10) انظر: المغني 6/ 572، والزركشي 2/ 683، والإنصاف 7/ 288.
(1/346)
أنْ يَخْرُجَ الأوَّلُ مِنْهُمَا، وَلاَ
يصِحُّ (1) لأحَدِهِمَا أنْ يَنْفَرِدَ بالتَّصَرُّفِ.
فإنْ مَاتَ أحَدُهُمَا نَصَبَ الحَاكِمُ بَدَلَهُ أمِيْناً، ويَصِحُّ
قَبُولُ الوصي لِلْوَصِيَّةِ في حَالِ حَيَاةِ المُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ،
وَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، وذَكَرَ في "
الإرْشَادِ " رِوَايَةً أُخْرَى أنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ،
ولِلْمُوْصِي عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ (2)، ولا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ إلاَّ في
شَيْءٍ يَمْلِكُ المُوْصِي فِعْلَهُ، مِثْلُ قَضَاءِ الدُّيُونِ وأداءِ
الحَجِّ، والنَّظَرِ في أمْرِ الأطْفَالِ، وتَزْوِيجِ البَنَاتِ في إحْدَى
الرِّوَايَتَيْنِ (3)، وتَفْرِيْقُ الثُّلُثِ. وَإِذَا أوْصَى إِلَيْهِ في
شَيْءٍ خَاصٍ، لَمْ يَصِرْ وَصِياً في غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُوْصي أنْ
يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِ اليَتِيْمِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ ذَلِكَ بِشَرْطَينِ،
أحَدُهُمَا: أنْ يُوَكِّلَ رَجُلاً، والثَّانِي: أنْ يَسْتَقْصِيَ
الثَّمَنَ بالنِّدَاءِ في الأسْوَاقِ، وهل لِلْوَصِيِّ أنْ يُقْرِضَ مَالَ
اليَتِيْمِ ويُضَارِبَ بِهِ ويُزَوِّجَ عَبِيْدَهُ وإمَاءَ هُ؟ عَلَى
رِوَايَتَيْنِ. وهَلْ لِلْوَصِيِّ أنْ يُوْصِي بِمَا وَصَّى بِهِ إِلَيْهِ
أم لا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِذَا أوْصَى إِلَيْهِ بإخْرَاجِ ثُلثهُ فامْتَنَعَ الوَرَثَةُ مِنْ
إخْرَاجِ ثُلُثِ مَا فِي أيْدِيْهِمْ، فَلِلْوَصِيِّ أنْ يُخْرِجَ
الثُّلُثَ كُلَّهُ مِنَ المالِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَعَنْهُ يُخْرِجُ
ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، ويَحْبِسُ البَاقِي حَتَّى يُخْرِجُوا ثُلُثَ مَا
فِي أيْدِيْهِمْ (4)، فإنْ وَصَّى إِلَيْهِ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ
وعَيَّنَهَا لَهُ فأبَى الوَرَثَةُ أنْ يَقْضُوا فَهَلْ لَهُ أنْ يَقْضِيَ
مِمّا فِي يَدِهِ بِغَيْرِ عِلْمِ الوَرَثَةِ؟ قَالَ في رِوَايَةِ أبي
داوُدَ يُلْزِمُ الوَصي أنْ ينفذَ ذَلِكَ ولا يَحِلُّ لَهُ إنْ لَمْ
ينفذْهُ (5)، ونَقَل عَنْهُ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أنَّهُ لا يَقْضِي،
ويُعْلَمُ القَاضِي بِالقَضِيَّةِ. فإنْ مَنَعَهُ فَلاَ يُعْطِيْهِ وَهِيَ
اخْتِيَارُ أبِي بَكْرٍ (6)، ونَقَلَ عَنْهُ أبو طَالِبٍ فِيْمَنْ مَاتَ
وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أنْ
يَقْضِيَ عَنْهُ؟ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ يَخَف
المُطَالَبَةَ قَضَاهُ / 225 و / وإنْ عَلِمَ بِهِ غرمَ، فأجازَ لَهُ
القَضَاءُ فِيْمَا بَيْنَهُ وبينَ اللهِ تَعَالَى وَلَمْ يَجُزْ لَهُ في
الحُكْمِ (7)، ولِلْوَصِي أنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ اليَتِيْمِ عِنْدَ
الفَقْرِ بَقَدَرِ عَمَلِهِ في مَالِهِ وهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ذَلِكَ
عِنْدَ الإيْسَارِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (8). وَكَذَلِكَ
__________
(1) فِي الأصل: تصح.
(2) انظر: المغني 6/ 587 - 588، الإنصاف 7/ 293.
(3) الرِّوَايَة الثانية: لا تصح، وَقَالَ ابن حامد: إن كَانَ لها عصبة
لَمْ تصح الوصية بنكاحها وإلا تصح.
انظر: المحرر 1/ 392، الإنصاف 7/ 295.
(4) انظر: الهادي: 147، والشرح الكبير 6/ 593، والإنصاف 7/ 296.
(5) انظر: مسائل أبي داود: 213، والمغني 6/ 578، والإنصاف 7/ 297.
(6) انظر: الهادي: 147، والإنصاف 7/ 297.
(7) انظر: الإنصاف 7/ 297.
(8) الرِّوَايَة الأولى: كَمَا نقلها حنبل لا ضمان عَلَيْهِ. والرواية
الثانية: كَمَا نقلها يعقوب انه يضمن.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 98/ب.
(1/347)
يُخْرَجُ لِلْنَّاظِرِ في الوَقْفِ.
ويَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أنْ يُقْعِدَ اليَتِيْمَ في المَكْتَبِ، ويُؤَدِي
عَنْهُ الأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. ونَقَلَ عَنْهُ جَعْفَرُ
بنُ مُحَمَّدٍ أنَّهُ يَشْتَرِي لِلْيَتِيْمِ أُضْحِيَةً إِذَا كَانَ لَهُ
مَالٌ، وهذا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الأُضْحِيَةِ، وحَمَلَ ذَلِكَ شَيْخُنَا
عَلَى وَجْهِ التَّوْسِعَةِ في العِيدِ، إِذَا كَانَ لَهُ مالٌ كَثِيْرٌ،
ويَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ العَقَارَ عَلَى الصِّغَارِ والكِبَارِ
بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أنْ يَكُوْنَ بالصِّغَارِ حَاجَةٌ إِلَى
البَيْعِ، وفي البَيْعِ قدر حُقُوقِهِمْ نَقْصٌ في الثَّمَنِ أَوْ يَكُون
عَلَى الميت دين وفي الورثة صغار وكبار وفي بيع بعضه نقص فِي الثمن،
وَإِذَا ادَّعَى الوَصِيُّ دفْعَ المَالِ إِلَى اليَتِيمِ بَعْدَ
البُلُوغِ، فالقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِيْنِهِ، وَكَذَلِكَ الأبُ
والشَّرِيْكُ والحاكِمُ، وَوَصِيُّ الأبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الجد وغيره من
العَصَبَاتِ.
فَصْلٌ
وَإِذَا وصَى لِجَمَاعَةٍ مَعْينين يُمْكِنُ حُضُورُهُمْ، وَجَبَ
اسْتِيعَابُهُمْ والتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، ويُشْتَرَطُ قَبُولُ
جَمِيْعِهِمْ في الاسْتِحْقَاقِ. فإنْ قَبِلَ بَعْضُهُمْ سَلَّمَ إِلَيْهِ
حِصَّتَهُ ورُدَّتْ حِصَّةُ البَاقِي إِلَى وَرَثَةِ المُوصِي، فإنْ لَمْ
يَمكُنْ حُضُورُهُمْ كالهَاشِمِيينَ وبنَي تَمِيمٍ والفُقَرَاءِ
والمَسَاكِيْنِ صَحَّت الوَصِيَّةُ. ويَجْزِي الدَّفْعُ إِلَى وَاحِدٍ
مِنْهُمْ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ وفي الآخَرِ لا يَجْزِي أقَلَّ مِنْ ثلاثةٍ
مِنْهُمْ (1).
ويَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فإنْ وَصَّى لأقَارِبِهِ أو
لِذَوِي قَرَابَةِ فُلانٍ، اخْتَصَّ بالوَصِيَّةِ قَرَابَتَهُ مِنْ جِهَةِ
أبِيْهِ إِلَى أرْبَعَةِ آبَاءٍ، ويُسَوِّي فِيْهَا بَيْنَ غَنِيِّهِمْ
وفَقِيْرِهِمْ، وذَكَرِهِمْ وأُنْثَاهُمْ، وَعَنْهُ أنَّهُ يُجَاوزُ بِهَا
أرْبَعَةَ آباءٍ ذَكَرَ ذَلِكَ في " الإرْشَادِ " (2)، فَعَلَى هَذَا يُعطي
من يُعطي بِقَرَابَتِهِ مثلَ أنْ يَكُوْنَ مِنْ وِلْدِ المَهْدِيِّ
فَيُعْطِي كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى المَهْدِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ
وابن القاسِمِ، إنْ كَانَ يَصِلُ قَرَابتَهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ في
حَيَاتِهِ دَخَلُوا في وَصِيَّتِهِ وإلاَّ فَلا (3)، فإنْ وَصَّى لأقْرَبِ
قَرَابَةِ فُلانٍ أو أقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ لَمْ يدْفَعْ إِلَى
الأبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الأقْرَبِ فإن اجْتَمَعَ أبُوهُ وابنُهُ سَوَّى
بَيْنَهُمَا في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفي الآخَر تَقَدَّمَ الابْنُ (4)،
__________
(1) انظر: المغني 6/ 473 - 474.
(2) وروي عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: لا يجاوز ثلاثة وَهُوَ المذهب كَمَا ذكرها
صاحب المحرر. انظر: المغني 6/ 550، والمحرر 1/ 382، والزركشي 2/ 677.
(3) وذهب الخِرَقِيّ إِلَى أنهم يدخلون وَلَمْ يعتبر صلتهم في حياته. انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/ب، والمغني 6/ 549، والمحرر 1/ 382، والزركشي
2/ 678.
(4) انظر: المغني 6/ 551، الإنصاف 7/ 244.
(1/348)
وكَذَا إن اجْتَمَعَ الأخُ والجَدُّ
تَسَاوَيَا، وَقِيْلَ يقَدَّمُ الأخُ (1)، فإن اجْتَمَعَ أخٌ لأبَوِيْنِ
وأخٌ / 226 ظ / لأبٍ قُدِّمَ الأخُ للأَبَوَيْنِ. فإن اجْتَمَعَ أخٌ لأبٍ
وأخٌ لأُمٍّ فإنَّهُمَا سَواءٌ، فإنْ وَصَّى لأهْلِ بَيْتِهِ، فَهُوَ
بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ لِقَرَابَتِي نَصَّ عَلَيْهِ (2).
وَقَالَ الخِرَقِيُّ: يُسَوَّى فِيْهِ قَرَابَةُ الأبِ والأُمِّ (3).
وَكَذَلِكَ إنْ وَصَّى لِقَوْمِهِ أو لِنِسَائِهِ، فَهُوَ بِمَثَابَةِ
أهْلِ بَيْتهِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ (4). فإنْ وَصَّى لِعِتْرَتِهِ
فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللهُ - (5)، فَيُحْتَمَلُ أن يدخل
فِي ذَلِكَ عشيرته وأولاده ويحتمل أن يَخْتَصَّ مِنْ كان منْ وَلَدهِ، فإنْ
وَصَّى لَوَلَدِ وَلَدِهِ فَقَالَ أصْحَابُنَا: لا يَدْخُلُ فِيْهِ وَلَدُ
البَنَاتِ؛ لأنَّهُ قَالَ في الوَقْفِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ لا يَدْخُلُ
فِيْهِ وَلَدُ البَنَاتِ، وعندي يَدْخُلُ فِيْهِ وَلَدُ البَنَاتِ، فإنَّهُ
قَدْ قَالَ إِذَا وَصَّى لِذُرِّيَّتِهِ ونَسْلِهِ دَخَلَ فِيْهِ وَلَدُ
البَنَاتِ، وَكَذَلِكَ إِذَا وَصَّى لوَلَدِ فُلانٍ دَخَلَ فِيْهِ وَلَدُ
فُلانٍ فَكَذَلِكَ وَلَدُ وَلَدِهِ.
فإنْ وَصَّى لِذِي رَحِمِهِ فَهُوَ لكلِّ مَنْ بَيْنَهُ وبينَهُ رَحِمٌ
مِنْ جِهَةِ الآبَاءِ والأُمَّهَاتِ بالسَّوِيَّةِ، فإنْ وَصَّى للأيَامَى
مِنْ أهْلِهِ، فَهُوَ لِمَنْ لا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِجَالِ والنِّسَاءِ
بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ لِلْعزَابِ، فإنْ وَصَّى لِمَوَالِيْهِ فَهُوَ
لِلْمَوْلَى مِنْ فَوْقِ ومِنْ أسْفَلِ (6)، فإنْ وَصَّى لجِيْرَانِهِ،
دَخَلَ فِيْهِ في الوَصِيَّةِ أرْبَعُونَ دَاراً مِنْ كُلِّ جَانِبٍ نَصَّ
عَلَيْهِ (7)، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قِيْلَ مُسْتَدَارُ
أرْبَعِيْنَ دَاراً (8). فإنْ وَصَّى لأهْلِ سِكَّتِهِ فَهُوَ لأهْلِ
دَرْبِهِ، فإنْ وَصَّى لِبَنِي فُلانٍ، فإنْ كَانَ قَدْ صَارُوا قَبِيْلَةً
كَبَنِي تَمِيْمٍ وبَنِي بَكْرٍ، دَخَلَ في الوَصِيَّةِ الإنَاثُ، وإنْ
لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ اخْتَصَّ بِهَا الذُّكُورُ. فإنْ وَصَّى مُسْلِمٌ
لأهْلِ قَرْيَتِهِ أو لِقَرَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فيهم الكُفَّارُ إلاَّ
أنْ يُسَمِّي فَيَقُولُ: مُسْلِمُهُمْ وكَافِرُهُمْ، فإنْ وَصَّى كَافِرٌ
لأهْلِ قَرْيَتِهِ أو لِقَرَابَتِهِ فَهَلْ يَدْخُلُ في ذَلِكَ
المُسْلِمُونَ مِنْهُمْ؟ عَلَى وَجْهَينِ (9) فإنْ أوْصَى لِحَرْبِيٍّ أو
مُرْتَدٍّ صَحَّتْ
__________
(1) وهناك رِوَايَة أخرى تقول: يقدم الجد عَلَى الأخ، كَمَا نقلها صاحب
الإنصاف. انظر: الشرح الكبير 6/ 492، والإنصاف 7/ 244.
(2) رَوَاهُ عَنْهُ عَبْد الله وابن المنذر. انظر: مسائل عَبْد الله 3/
1170 - 1171، والمغني 6/ 553، والزركشي 2/ 679، 680.
(3) انظر: المغني 6/ 554، والزركشي 2/ 677 - 678.
(4) انظر: المغني 6/ 554.
(5) المصدر السابق 6/ 554.
(6) وَقَالَ ابن حامد: يقدم المولى من فَوْقَ. انظر: المحرر 1/ 382.
(7) وَقَالَ بِهِ أبو حفص والقاضي وأصحابه. انظر: المغني 6/ 556، والإنصاف
7/ 243.
(8) وهذه رِوَايَة عن الإمام أَحْمَد، وهناك رِوَايَة أخرى عن أَحْمَد
قَالَ فِيْهَا: جيرانه مستدار ثلاثين داراً، انظر: الإنصاف 7/ 243، المحرر
1/ 382.
(9) في هَذِهِ الحالة ينظر فإن وجدت قرينة دالة عَلَى دخولهم مثل أن لا
يَكُوْن في القرية إلا مسلمون =
(1/349)
وَصِيَّتُهُ. وذَكَرَ فِي " الإرْشَادِ "
أنَّهُ لاَ تَصِحُّ الوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ (1)، فإنْ وَصَّى
لِقَاتِلِهِ صَحَّت الوَصِيَّةُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (2)،
والأُخْرَى لاَ تَصِحُّ (3)، وعِنْدي أنَّ ظَاهِرَ كَلامِ أَحْمَدَ -
رَحِمَهُ اللهُ -، إنَّ وَصِيَّتَهُ لَهُ بَعْدَ الجُرْحِ صَحَّتْ، وإنْ
وَصَّى لَهُ ثُمَّ جَرَحَهُ بَطَلَتْ (4)، فإنْ وَصَّى بِحَمْلِ امرأتِهِ
بعَيْنِهَا، دَفَعَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ أنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً حالَ
الوَصِيَّةِ، وَهُوَ أنْ تَضَعَهُ لأقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ، وَهِيَ
ذاتُ زَوْجٍ يطأُهَهَا لَمْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ، فإنْ كَانَتْ ثَيِّباً
(5) صَحَّت الوَصِيَّةُ إِذَا لَمْ تُجَاوِزْ أربَعَ سِنِينَ مِنْ حيْن
الفرقةِ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفي الآخَرِ لا تَصِحُّ / 227 و /
الوَصِيَّةُ (6). فإنْ وَصَّى لِعَبْدِهِ بثُلُثِ مالِهِ عُتِقَ إنْ كَانَ
يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ عتقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، فإنْ فَضَلَ مِنْ
الثُّلُثِ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ دُفِعَ إِلَيْهِ.
فإنْ وَصَّى بِمَئَةٍ مِنْ مَالِهِ أو بِمعينِ لَمْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ
(7) لأنَّهُ ينتقلُ إِلَى الوَرَثَةِ وحَكَى في " الإرْشَادِ " رِوَايَةً
أخْرَى أنَّهُ تَصِحُّ الوَصِيَّةُ (8)، فإنْ [كَانَتْ] (9) لِمُكَاتِبِهِ
ومُدَبِّرِهِ وأمِّ وَلَدِهِ صَحَّت الوَصِيَّةُ. وإنْ وَصَّى لِعَبْدِ
غَيْرِهِ (10) فَقَبِلَ، يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ (11)، فإنْ وَصَّى
لِلرِّقَابِ، دُفِعَ إِلَى المُكاتبينَ. وإن اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ رِقَاباً
يَعْتِقُهُمْ جَازَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأخْرَى لا يَجُوزُ.
فإنْ وَصَّى لِلْغَارِمِينَ، دُفِعَ إِلَى الغَارِمِ، ولإصْلاحِ ذَاتِ
البَيْنَ. وإنْ كَانَ غَنِياً، وإلى المَدِينِ لإصْلاحِ شَأْنِهِ إنْ كَانَ
فَقِيْراً وصَارَ في سَبِيلِ الله
__________
= دخلوا في الوصية وَكَذَلِكَ إن لَمْ يَكُنْ فِيْهَا إلا كافر واحد وسائر
أهلها مسلمون، وإنْ انتفت القرائن ففي دخولهم وجهان:
أحدهما: لا يدخلون كَمَا لَمْ يدخل الكفار في وصية لمسلم، والثاني: يدخلون
لأن عموم اللفظ يتناولهم وهم أحق بوصيته من غيرهم. انظر: المغني 6/ 534.
(1) وإلى هَذَا ذهب أبو بكر وجماعة. انظر: المغني 6/ 531.
(2) وهذه الرِّوَايَة اختارها ابن حامد. انظر: الشرح الكبير 6/ 478،
والإنصاف 7/ 733.
(3) واختار هَذِهِ الرِّوَايَة أبو بَكْر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ
والوجهين97/ب، والشرح الكبير6/ 478، والإنصاف 7/ 233.
(4) وهذه هِيَ رِوَايَة ثالثة وَهِيَ الصَّحِيْح من المذهب، انظر:
الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 97/أ، والشرح الكبير 6/ 479، والإنصاف 7/ 233.
(5) وردت فِي المخطوط ((ثياباً)).
(6) انظر: المغني 6/ 475، والزركشي 2/ 667، والإنصاف 7/ 227.
(7) وهذا القول هُوَ اختيار الخِرَقِيّ وابن رجب. انظر: المغني 6/ 538،
والزركشي2/ 673، والإنصاف 7/ 225.
(8) وإليه ذهب الحارثي قَالَ: وَهُوَ المنصوص. انظر: المغني 6/ 538،
والإنصاف 7/ 226.
(9) زيادة من عندنا يقتضيها السياق.
(10) وَقَالَ ابن عقيل: لا تصح الوصية لِقُنٍّ زَمَنَهَا. انظر: الإنصاف 7/
223.
(11) انظر: المغني 6/ 539، والإنصاف 7/ 223 - 224.
(1/350)
صرفَ إِلَى الغُزَاةِ مِنْ أهْلِ
الصَّدَقَاتِ. فإنْ وَصَّى في أبْوَابِ البِرِّ جُعِلَ أربَعَةُ أجْزَاءٍ:
- فَيَصْرِفُ جُزْءاً إِلَى أقارِبِهِ غَيْر الوارِثينَ.
- وجُزْءاً في الجِهَادِ.
- وجُزْءاً في الفُقَرَاءِ والمَسَاكِيْنِ.
- وجُزْءاً في الحَجِّ.
وَعَنْهُ أنَّ الجُزْءَ الرَّابِعَ يُدْفَعُ إِلَى فِدَى الأَسَارَى (1).
فإنْ وصَّى لِلْمَسْجِدِ صَحَّتِ الوَصِيَّةُ، وصُرِفَ في مَصَالِحِهِ،
وَكَذَلِكَ إنْ وَصَّى لكُتُبِ القُرآنِ والفِقْهِ صَحَّ، فإنْ وَصَّى بِهِ
لِبِنَاءِ كَنِيْسَةٍ أو بَيْعَةٍ، أو كُتُبِ القُرْآنِ (2) والإنْجِيلِ
لَمْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ (3).
ونَقَلَ عَبْدُ اللهُ عَنْهُ ما يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الوَصِيَّةِ (4).
فإنْ وَقَفَ فَرْساً وَوَصَّى بألْفٍ تُنْفَقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ الفَرَسُ،
رُدَّت الأَلْفُ، أو ما بَقِيَ مِنْهَا إِلَى الوَرَثَةِ، ويُحْتَمَلُ أنْ
يُنْفِقَ عَلَى فَرَسٍ مُحْبَسٍ في سَبِيلِ اللهِ، ولا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ
لِمَيِّتٍ.
فَإِنْ وصَّى بثلثهِ لرجلينِ فإذا أحدُهُما ميتٌ كَانَ للحيِّ نصفُ الثلثِ،
فإنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِفُلانٍ ولِلْحَائِطِ أو لِجِبْرِيلَ - عليه
السلام -، فالثُّلُثُ كُلُّهُ لِفُلانٍ ثُمَّ عَلَيْهِ (5)، وَقَالَ
شَيْخُنَا (6): يُحْتَمَلُ أنْ يَكُوْنَ لِفُلانٍ نِصْفُ الثُّلُثِ، كَمَا
قُلْنَا في المَيِّتِ، وعندِي أنَّهُ إِذَا عَلِمَهُ (7) مَيتاً كَانَ
جَمِيْعُ الثُّلُثِ لِلْحَيِّ وظَاهِرُ تَعلِيلِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ
-، فإنَّهُ لَمَّا ألْزَمَ الحَائِطَ عَلَى المَيِّتِ قَالَ: الحَائِطُ لا
يَمْلِكُ، وهذا مَوْجُودٌ في المَيِّتِ، وَإِذَا وَصَّى لوَارِث كالأخِ،
فَصَارَ عِنْدَ المَوْتِ غَيْرُ وَارِثٍ بأنْ يُولَدَ لِلْمُوْصِي ابنٌ
نَفَذَت الوَصِيَّةُ في الثُّلُثِ ومَا زَادَ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ
الابْنِ وبعْكسِهِ لَوْ وَصَّى لِغَيْرِ الوَارِثِ فَصَارَ عِنْدَ المَوْتِ
وَارِثاً لَمْ تَنْفُذ الوَصِيَّةُ لأنَّ الاعْتِبَارَ في الوَصِيَّةِ
بِحَالِ المَوْتِ وَإِذَا وَصَّى بِثُلُثِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَحَدَ
الوَصِيُّ الوَصِيَّةَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُجُوعاً، واللهُ المُوَفِّقُ.
__________
(1) انظر: المغني 6/ 559، والإنصاف 7/ 236.
(2) وردت في الإنصاف: ((التوراة)).
(3) وذكر الْقَاضِي انه لَوْ وصى بحصر البيع وقناديلها وما شاكلها ذَلِكَ،
وَلَمْ يقصد اعظامها: إن الوَصِيَّة تصح، لأن الوصية لأهل الذمة صحيحة،
انظر: الشرح الكبير 6/ 495، والإنصاف 7/ 245.
(4) انظر: الشرح الكبير 6/ 495، والإنصاف 7/ 245 - 246.
(5) انظر: المغني 6/ 436 - 437، الإنصاف 7/ 247.
(6) انظر: الإنصاف 7/ 247.
(7) فِي الأصل: ((عمله)) ولعل الصواب مَا أثبتناه.
(1/351)
بَابُ المُوْصَى بِهِ
/ 228 ظ / تنْفُذُ وَصِيَّةُ الإنْسَانِ لِغيْرِ وَارِثِهِ فِيْمَا
يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ. ولا يَنْفُذُ فِيْمَا زَادَ
عَلَى الثُّلُثِ إلاَّ أنْ يَجيْزَهَا الوَرَثَةُ، وتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ
بالمَجْهُولِ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيْدِهِ وشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، ويُعْطَى
مِنْ ذَلِكَ ما يَخْتَارُهُ الوَرَثَةُ عَلَى ظَاهِرِ كَلامِهِ يَعْنِي
ابنَ مَنْصُورٍ، وَقَالَ الخِرَقِيُّ: يُعْطى أحَدُهُمْ بالقُرْعَةِ (1).
فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيْدٌ ولا غَنَمٌ لَمْ تَصِحِّ الوَصِيَّةُ في
أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفي الآخَرِ تَصِحُّ الوَصِيَّةُ ويَشْتَرِي مِنْ
مَالِهِ ما يَقَعُ عَلَيْهِ اسمُ عَبْدٍ وشَاةٍ (2) فإنْ مَاتَ العَبِيْدُ
والغَنَمُ إلاَّ وَاحِداً تَعَيَّنَت فِيْهِ الوَصِيَّةُ إِذَا خَرَجَ مِنَ
الثُّلُثِ فإنْ قَتَل العَبِيدَ كُلَّهُمْ دَفَعَ إِلَيْهِ قَيْمَةَ
أحَدِهِمْ فإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ، ولآخَر بِمَنفَعَتِهِ
صَحَّتْ الوَصِيَّةُ وكانَ لِمَنْ أوْصَى لَهُ بالمَنْفَعَةِ
اسْتِخْدَامُهُ حَضَراً وسَفَراً وإجَارَتَهُ وإعَارَتَهُ ولِصَاحِبِ
العَيْنِ قِيْمَةُ بَيْعِهِ وعِتْقِهِ وتَسْتَوْفِي المَنْفَعَةُ مِنْهُ،
وَقِيْلَ لا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلاَّ لِمَالِكِ المَنْفَعَةِ (3)، فأمَّا
نَفَقَتُهُ، فيُحْتَمَلُ أنْ تَكُوْنَ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ،
ويُحْتَمَلُ أنْ تكُوْنَ عَلَى مَالِكِ المَنفَعَةِ، ويُحْتَمَلُ أنْ
تَجِبَ في كَسْبِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ كَانَتْ عَلَى بَيْتِ
المَالِ، فإنْ قَبِلَ اشْتَرَى بِقِيْمَتِهِ رَقَبَةً تَقُومُ مَقَامَهُ،
وَقِيْلَ: تُدفَعُ القِيْمَةُ إِلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، فإنْ كَانَتْ
بَدَلُ العَبْدِ في الوَصِيَّةِ أمَةٌ فإنَّهَا إِذَا أتَتْ بولدٍ مِنْ
زَوْجٍ أو زِناً كَانَ حُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ رَقبَتُهُ لِمَالِكِ
الرَّقَبَةِ ومَنْفَعَتُهُ لِمَالِكِ المَنْفَعَةِ فإنْ وَطِئَتْ
بِشُبْهَةٍ فأتَتْ بِوَلَدٍ فالمَهْرُ لِمَالِكِ المَنْفَعَةِ والوَلَدُ
حُرٌّ وتَجِبُ قِيْمَتُهُ يومَ وَضْعتهُ عَلَى أبِيْهِ (4)، ويكونُ
لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ عَلَى أحَدِ الوَجْهَيْنِ (5) وعلى الآخَرِ
يَشْتَرِي بِهِ عَبْداً تكُوْنُ رَقَبَتُهُ لِمالِكِ الرَّقَبَةِ
ومَنْفَعَتَهُ لِمَالِكِ المَنْفَعَةِ فإنْ وَصَّى بِمَنْفَعَةِ عَبِيْدِهِ
لِرَجُلٍ فَقَالَ شَيْخُنَا: تُعْتَبَرُ قِيْمَةُ المَنْفَعَةِ مِنَ
الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِثْلَ أنْ يَقُوْلَ
وَصَّيْتُ لَكَ بِخِدْمَتِهِ سَنَةً، أو مَجْهُولَةً فَيَقُولُ وَصَّيْتُ
لَكَ بِمَنْفَعَتِهِ ما بَقَيَ، ويعرفُ ذَلِكَ بأنْ يُقَالَ كم قِيْمَتُهُ
مَعَ مَنْفَعَتِهِ؟ فَيُقَالُ: ألْفُ مِثْقَالٍ، فيُقَالُ: وكَمْ
قِيْمَتُهُ مَسْلُوبُ المَنْفَعَةِ؟ فيُقَالُ: مِئَةٌ، فتُعْتَبَرُ
التِّسْعُمِئَةٍ مِنَ الثُّلُثِ فإنْ خَرجَتْ وإلاَّ سَلَّمَ إِلَيْهِ
بَقَدْرِ ما يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، وَقِيْلَ: إنَّهُ يَعْتَبِرُ
قِيْمَةَ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِها مِنَ الثُّلُثِ (6)، / 229 و /
__________
(1) المقنع: 173، الشرح الكبير 6/ 506 - 507، وشرح الزركشي 2/ 674، الإنصاف
7/ 257.
(2) انظر: المقنع: 173، الشرح الكبير: 6/ 507.
(3) المقنع: 174، الإنصاف 7/ 263.
(4) المقنع: 174، الشرح الكبير 6/ 514، الإنصاف 7/ 270.
(5) المقنع: 174، الشرح الكبير 6/ 520، الإنصاف 7/ 270.
(6) انظر: مسائل الإمام أَحْمَد 2/ 60، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ،
المقنع: 174، المغني 6/ 444، الشرح الكبير 6/ 452، شرح الزركشي 2/ 658.
(1/352)
لأنَّ المَنْفَعَةَ مَجْهُولَةٌ لا
يُمْكِنُ تَقْوِيْمُهَا، وَقِيْلَ: إنْ وَصَّى بالمَنْفَعَةِ عَلَى
التَّأْبِيْدِ قُوِّمَت الرَّقَبَةُ والمَنْفَعَةُ مِنَ الثُّلُثِ لأنَّ
عَبْداً لا مَنْفَعَةَ فِيْهِ لا قِيْمَةَ لَهُ غَالِباً، وإنْ كَانَت
الوَصِيَّةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُوْمَةٍ اعْتُبِرَتْ المَنْفَعَةُ مِنْ جَميعِ
الثُّلُثِ، وعلى ما ذَكَرْنا يُخَرَّجُ إِذَا وَصَّى بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ
فإنَّهُ يَصِحُّ، فإنْ عَيّنَ عَاماً (1) اعْتَبَرَ ثَمَرَةَ ذَلِكَ
العَامِ مِنَ الثُّلُثِ فإنْ لَمْ يُثْمِرْ في العَامِ المُعَيَّنِ بَطَلَت
الوَصِيَّةِ، وإنْ لَمْ يَعْتَبِر العَام لَكِنْ قَالَ: أوَّلُ عَامٍ
يُثْمِرُ شَجَرِي فإنَّهُ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ العَامَ مِنَ الثُّلُثِ، فإنْ
وَصَّى بِمَا يُثَمِّنُ شَجَرَهُ أبداً (2)، فَعَلَى ما ذَكَرْنَا مِنَ
الأوْجُهِ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الحُكْمُ إِذَا وَصَّى لَهُ بِحَمْلِ
جَارِيَتِهِ، وتَجُوزُ الوَصِيَّةُ بِمَا لا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ
كالجَمَلِ الشَّارِدِ والعَبْدِ الآبِقِ والطَّيْرِ في الهَوَاءِ، فإنْ
قَدَرَ عَلَيْهِ أخَذَهُ إنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، وإنْ لَمْ يَقْدِرْ
عَلَيْهِ بَطَلَت الوَصِيَّةُ، وتَجُوزُ الوَصِيَّةُ بِمَا لا يَمْلِكُهُ
كالوصية بِمِئَةِ دِيْنَارٍ لا يَمْلِكُهَا، ومَتَى خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ
عِنْدَ مَوْتِهِ أو مَا خَرَجَ مِنْهَا أخَذَهُ المُوْصَى لَهُ، وتَصِحُّ
الوَصِيَّةُ بِمَا فِيْهِ مَنْفَعَةٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ كالسِّرْجِينِ
النَّجِسِ والزَّيْتِ النَّجِسِ والكِلابِ.
وَإِذَا وَصَّى بِكَلْبِ وله كلبُ مَاشِيَةٍ أو صَيْدٍ فَلَهُ أخْذُهَا
بالقُرْعَةِ عَلَى قَوْلِ الخِرَقِيِّ (3)، وعلى رِوَايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ
يُعْطُوهُ الوَرَثَةُ ما يَخْتَارُونَ مِنْهَما فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
غَيْرُ كَلْبٍ فَلَهُ ثُلُثُهُ، فإنْ كَانَ لَهُ مَعَ الكَلْبِ مَالٌ
فَلِلْمُوصَى لَهُ جَمِيْعُ الكَلْبِ.
ولا يُعْتَبَرُ خُرُوْجُهُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأنَّهُ لاَ قِيْمَةَ لَهُ،
وَقِيْلَ: لِلْمُوْصَى لَهُ ثُلُثُ الكَلْبِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ
كَلْبٌ بَطَلَت الوَصِيَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلاَّ كَلْبُ
الهِرَاشِ (4) فإنْ وَصَّى لَهُ بِنَجَاسَةٍ لاَ مَنْفَعَةَ لَهُ فِيْهَا
كالمَيْتَةِ والخَمْرِ لَمْ تَصِحَّ الوَصِيّةُ، فإنْ وَصَّى بِطَبْلٍ وله
طَبْلٌ للحَرْبِ (5) وطَبْلٌ للَّهْوِ انْصَرَفَت الوَصِيَّةُ إِلَى طَبْلِ
الحَرْبِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلاَّ طبُولُ لَهْوٍ لَمْ تَصِحَّ. فإنْ
وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ وله قَوْسَانِ: نَشَّابٌ وقَوْسٌ عَرَبِيٌّ وَهُوَ
قَوسُ النَّبْلِ، وقَوْسُ جُلامِقَ وَهِيَ قَوْسُ البُنْدُقِ (6) وَقَوْسِ
نَدْفِ القُطْنِ انْصَرَفَت الوَصِيَّةُ إِلَى قَوْسِ النَّشَابِ
والنَّبْلِ عَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا، ثُمَّ يُعْطَى أحَدُهَا بالقُرْعَةِ أو
باخْتِيَارِ الوَرَثَةِ عَلَى مَا بَيَّنّا مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ (7)
__________
(1) فِي الأصل هَكَذَا: ((عامناً)).
(2) انظر: المقنع: 174، المغني 6/ 429، الشرح الكبير 6/ 430.
(3) انظر الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 95/أ، المقنع: 173، الهادي: 149، شرح
الزركشي 2/ 674.
(4) الهراش والاهتراش: تقاتل الكلاب. وَقَالَ الجوهري: الهراش: المهارشة
بالكلاب، وَهُوَ تحريش بعضها عَلَى بَعْض. انظر: اللسان 6/ 363 (هرش).
(5) فِي الأصل: ((الحرب)).
(6) وَهِيَ القوس الَّتِي تستخدم فِي القتال والصيد فيرمى بِهَا البندق.
والبندقة هِيَ كرة صغيرة فِي حجم البندقة (النبات المعروف) يرمى بِهَا فِي
القتال والصيد. انظر: المعجم الوسيط: 71.
(7) انظر: المقنع: 173، الهادي: 149، الإنصاف 7/ 259.
(1/353)
وعِنْدِي أنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي
الوَصِيَّةِ دَلالَةُ حَالٍ فإنَّ الوَصِيَّةَ تَنْصَرِفُ إِلَى الجَمِيْعِ
وتَدْفَعُ وصيةُ الورثةِ (1) /230 ظ/ ما تساوا، أو وَاحِدٌ بالقُرْعَةِ
عَلَى رِوَايَةِ الخِرَقِيِّ.
فإنْ وَصَّى لَهُ بِجَمَلٍ لَمْ يُعْطَ إلاَّ الذَّكَرَ، وإنْ وَصَّى
بِبَعِيْرٍ (2) انْصَرَفَ إِلَى الذَّكَرِ والأنْثَى، فإنْ وَصَّى
بِبَقَرَةٍ أو نَاقَةٍ لَمْ يُعْطَ إلاَّ أُنْثَى، فإنْ وَصَّى بِثَوْرٍ
انْصَرَفَ إِلَى الذَّكَرِ والأنْثَى، ويُحْتَمَلُ في الثَّوْرِ والبَعِيرِ
لا يَنْصَرِفُ إلاَّ إِلَى الذَّكَرِ. فإنْ وَصَّى بِدَابَّةٍ انْصَرَفَ
إِلَى الذَّكَرِ والأنْثَى مِنَ الخَيْلِ والبِغَالِ والحَمِيْرِ.
وفي الجُمْلَةِ أنَّ لَفْظَ المُوصِي إِذَا كَانَ مِنْهُمَا رَجَعَ في
التَّفْسِيْرِ إِلَى الوَرَثَةِ، وإن احْتَمَلَ واحِدٌ مِنْ جِنْسٍ، فَهَلْ
يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَ الجِنْسِ بالقُرْعَةِ. أو يَرْجِعُ إِلَى اخْتِيَارِ
الوَرَثَةِ (3)؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وإن احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ، وَقِيْلَ
يرجع: عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيْلَ: يحملُ عَلَى أظْهَرِهِمَا وإن
احْتَمَلَ نَوْعَي عَدَدٍ حُمِلَ عَلَى الأقَلِّ؛ لأنَّهُ هُوَ اليَقِينُ.
فإنْ أوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيءٍ ثُمَّ بَاعَهُ أو وَهَبَهُ بَطَلَت
الوَصِيَّةُ. فإنْ عَرَّضَهُ لِزَوَالِ المِلْكِ بأنْ دَبَرَهُ أو
كَاتَبَهُ كَانَ رُجُوعاً في الوَصِيَّةِ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (4)،
والآخَرُ لا يَكُونُ رُجُوعاً، فإنْ أخَذَ المُوصَى بِهِ أو كَانَتْ أمَةً
فَزَوَجَها لَم تَبْطُلِ الوَصِيَّةُ، فإنْ وَصَّى بِشَيْءٍ ثُمَّ أزَالَ
اسْمَهُ بأنْ كَانَ حبّاً فَطَحَنَهُ دَقِيقاً أو دَقِيقاً فَخَبَزَهُ أو
غَزْلاً فَنَسَجَهُ أو سَاجاً فَجَعَلَهُ بَاباً أو نُقْرَةً فَضَرَبَهَا
دَرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ رُجُوعاً في الوَصِيَّةِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُوْنَ
رُجُوعاً بأنْ وَصَّى بِدَارٍ يَتْبَعُهَا ما يَتْبَعُ في البَيْعِ، فإن
انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ قَبْلَ مَوتِ المُوصِي فَهَلْ يَدْخُلُ في
الوَصِيَّةِ بَعْدَ الَمَوتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (5)، أحَدُهُمَا:
يسْتَحقُّهُ المُوصَى (6) لَهُ، والآخَرُ: لا يسْتَحِقُّهُ، وَكَذَلِكَ إنْ
زَادَ في الدَّارِ بِعِمَارَةٍ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهَا؟ عَلَى الوَجْهَيْنِ
(7)، فإنْ وَصَّى بِطَعَامٍ فَخَلَطَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعاً،
ويَجُوزُ تَعْلِيقُ الوَصِيَّةِ بِشَرْطٍ في حَالِ الحَيَاةِ وبَعْدَ
المَوتِ نَحْوَ قَوْلِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَصَّيْتُ
كَذَا، فإنْ مَاتَ في مَرَضِهِ وإلاَّ بَطَلَتْ. ونَحْوَ قَوْلِهِ: إنْ
مِتُّ بَعْدَ خَمْسِ سِنِيْنَ فَتَصَدَّقُّوا بِكَذا، فإنْ ماتَ قَبْلَ
الخَمْسِ سِنِيْنَ بَطَلَت الوَصِيةُ نَصَّ عَلَيْهِ (8).
فإنْ قَالَ: وَصَّيْتُ لَكَ بِثُلُثِ مَالِي فإنْ قَدمَ زَيْدٌ فَهُوَ
لَهُ، فإنْ قدمَ زَيْدٌ في حالِ حياةِ
__________
(1) المقنع: 169، الهادي: 149، المغني 6/ 426، الشرح الكبير 6/ 446.
(2) قَالَ في الشرح الكبير فِيْهِ وجهان 6/ 506.
(3) المقنع: 173، الشرح الكبير 6/ 506، شرح الزركشي 2/ 685.
(4) انظر: المغني 6/ 486، الهادي: 149.
(5) المقنع: 171، الهادي: 149 - 150، المحرر 1/ 376، الإنصاف 7/ 213.
(6) فِي الأصل تكررت كلمة: ((الموصى)).
(7) المقنع: 171، الهادي: 150، الإنصاف 7/ 217.
(8) الهادي: 150، شرح الزركشي 2/ 659، الإنصاف 7/ 218.
(1/354)
المُوصِي فَهُوَ لَهُ، وإنْ قدمَ بَعْدَ
مَوْتِهِ، فَقَالَ شَيْخُنَا (1): الوَصِيَّةُ للأوَّلِ، ويُحْتَمَلُ أنْ
يَكُوْنَ لِلْقَادِمِ فإن وصى بألْفٍ يُحَجُّ بِهَا عَنْهُ، وصُرِفَ /231
و/ في كُلِّ حَجَّةٍ مِقْدَارَ نَفَقَةِ الحَاجِّ أو أُجْرَتَهُ عَلَى
اخْتِلافِ الرِّوَايَتَيْنِ (2) حَتَّى يَنْفَدَ الألْفُ، فإنْ وَصَّى أن
يَحُجَّ عَنْهُ زَيْدٌ حَجَّةً بألْفٍ أو مِقْدَارِ الألْفِ، نَفَقَةُ
الحَجَّةِ أو أجْرتُهَا مِئةُ، فالتِّسْعُمِئَةٍ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ
يَسْتَحِقُّهَا أو ما يخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الثُّلُثِ إِذَا حَجَّ مَعَ
الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بالحَجَّةِ، فإنْ أبَى أنْ يَحُجَّ وطَالَبَ
بالتِّسْعِمِئة لَمْ يَسْتَحِقُّهَا ويَطْلُبُ الوَصِيَّةِ، فإنْ قَالَ
يَحُجُّ عَنِّي حَجَّةً بألْفٍ، فَمَا فَضَلَ عن نَفَقَةِ الحَجَّةِ فَهُوَ
لِلْوَرَثَةِ ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ (3)، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُوْنَ لِمَنْ
حَجَّ عَنْهُ الحَجَّةَ.
وَإِذَا وَصَّى بَوَصَايَا يَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْهَا دَخَلَ النَّقْصُ
عَلَى كُلّ وَصِيَّةٍ بِمِقْدَارِهَا وَلَمْ يَبْطُلْ بَعْضُهَا (4)،
وسيأتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللهُ.
وَإِذَا وَصَّى بالثُّلُثِ ولهُ مَالٌ حَاضرٌ وغائِبٌ وعَيْنٌ ودَيْنٌ
أعْطَى المُوصَى لَهُ ثُلُثَ الحَاضِرِ وثُلُثَ العَيْنِ وكُلَّمَا حَضَرَ
مِنَ الغَائِبِ شَيءٌ أو قُبِضَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْء، دُفِعَ إِلَى
المُوصَى لَهُ ثُلُثُهُ والبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَإِذَا قَالَ ضَعْ
ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ أو أعْطِهِ لِمَنْ شِئْتَ أو افْعَلْ بِهِ مَا
شِئْتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أخْذُهُ ولا دَفْعُهُ إِلَى وَلَدِهِ إلاَّ أنْ
يُصَرِّحَ لَهُ بِذَلِكَ ويُنَفِّذَ الوَصِيَّةَ فِيْمَا عَلِمَ بِهِ مِنْ
مَالِهِ وما لَمْ يَعْلَمْ.
بَابُ الوَصِيَّةِ بالأنْصِبَاءِ والأجْزَاءِ وَطَرِيْقِ العَمَلِ في
ذَلِكَ
إِذَا وَصَّى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ فإنْ كَانَ لَهُ ابنٌ أو
بِنْتٌ فَلَهُ النِّصْفُ إنْ أجَازَ الوَارِثُ وإلاَّ فَلَهُ الثُّلُثَ،
وَكَذَلِكَ الحُكْمُ إنْ وَصَّى لَهُ بِنَصِيْبِ وَلَدِهِ (5).
ويُحْتَمَلُ إِذَا قَالَ: وَصَّيتُ لَكَ بِنَصِيبِ وَلَدِي، أنْ لا تَصِحَ
الوَصِيَّةُ، فإنْ كَانَ لَهُ أوْلاَدٌ فأوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيْبِ
أحَدِهِمْ فإنْ كانُوا ذُكُوراً أو إنَاثاً جَعَلَ لِلْمُوصَى لَهُ
كأحَدِهِمْ فيَكُونُ لَهُ مَعَ الاثنَيْنِ الثُّلُثُ ومع الثَّلاثَةِ
الرُّبُعُ، وعلى ذَلِكَ أبَداً، وإنْ كانُوا ذُكُوراً وإنَاثاً جَعَلَ لَهُ
الأقلِّ وَهُوَ مِثْلُ نَصِيبِ بِنْتٍ، فإنْ وَصَّى بِضِعْفِ نَصِيبِ أحَدِ
أوْلاَدِهِ أعْطَى مِثْلَ حَقِّ أحَدِهِمْ مرتين فإن قَالَ بضعفي نصيب
أحدهم أعطى مِثْل حق أحدهم ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فإنْ قَالَ بِثَلاثَةِ أضعَافِ
نَصِيبِ أحَدِهِمْ أعْطَى مِثلَ حَقِّهِ أرْبَعاً وكُلَّمَا زَادَ ضِعْفاً
زادَتِ الوَصِيَّةُ عَلَى مِقْدَارِ النِّصْفِ مَرَّةً، [فإنْ وَصَّى لَهُ
بِنَصِيبٍ أو حَظٍّ أو جُزءٍ مِنْ مَالِهِ كَانَ
__________
(1) المقنع: 171، الهادي: 150، الإنصاف 7/ 218.
(2) المقنع: 172، المحرر: 387، شرح الزركشي 2/ 680 - 681، الإنصاف 7/ 237 -
240.
(3) الإنصاف 7/ 240، المقنع: 172.
(4) المقنع: 172، المحرر 1/ 387، الإنصاف 7/ 239 - 240.
(5) مسائل الإمام أحمد 2/ 40، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 97/أ، المقنع:
175، شرح الزركشي 2/ 665.
(1/355)
لِلْوَرَثةِ أنْ يُعْطُوهُ / 232 ظ / مَا
شَاؤُوا] (1)، فإنْ وَصَّى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَقَالَ في
رِوَايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ يُعْطَى السُّدُسُ (2)، إلاَّ أنْ تَعُولَ
المَسْألَةُ فيُعْطَى سُدُساً عائِلاً، وَعَنْهُ أنَّهُ يُعْطَى مِثلُ
أقَلِّ سِهَامِ الوَرَثَةِ ما لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ (3)، وإنْ زَادَ
عَلَى السُّدُسِ أعْطِيَ السُّدُسَ وَهُوَ قَوْلُ الخَلاَّلِ وصَاحِبُهُ
(4)، وَعَنْهُ يُعْطَى سَهْماً مِمّا تَصِحُّ مِنْهَا الفَريْضَةُ
ذَكَرَهَا الخِرَقِيُّ (5)، فَعَلَى هَذَا الاخْتِلافِ إِذَا خَلَفَ
زَوْجَتَهُ وثَمانِ بَنَاتٍ وأبَوَيْنِ وأوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ
مَالِهِ كَانَ أصْلُهَا من أرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ. ويَقُولُ إِلَى سَبْعَةٍ
وعِشْرِيْنَ:
- لِلزَّوْجَةِ ثَلاثةُ أسْهُمٍ.
- ولِكُلٍّ واحد مِنَ الأبَوَيْنِ السُّدُسُ أرْبَعُةُ أسْهُمٍ.
- ولِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ.
- ويَكُونُ لِلْمُوْصَى لَهُ السُّدُسُ أرْبَعَةٌ.
وتَصِيرُ المَسألَةُ مِنْ أحَد وثَلاثِيْنَ عَلَى الرِّوَايَةِ الأوْلَة
(6)، وعلى الثَّانِيَةِ يَكُوْنُ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ مِثلُ نَصِيبِ
بِنْتٍ فَتَكُونُ المَسْألَةُ مِنْ تِسْعَةٍ وعِشْرِينَ (7)، وعلى
الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ يَكُوْنُ لَهُمْ سَهْمٌ مِمّا صَحَّتْ مِنْهُ
الفَرِيْضَةُ تُضَافُ إِلَى الفَرِيْضَةِ، فتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ
وعِشْرِيْنَ، فإنْ خَلَفَ امْرَأَةً وأُمّاً وابْناً وأوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ
مَالِهِ لإنْسَانٍ (8) فالمَسألَةُ عَلَى الرِّوَايَة الأوْلَة مِنْ
أرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ:
- لِلْمَرْأةِ الثُّمُنُ ثَلاثَةٌ.
- ولِلأُمِّ السُّدُسُ أرْبَعَةٌ.
- وللموصى لَهُ السدس أربعة.
- ولِلابْنِ ما بَقِيَ وَهُوَ ثَلاَثةُ عَشَرٍ (9).
وعلى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أصْلُهَا كَذَلِكَ لِلْمُوْصَى لَهُ
الثُّمُنُ ثُلُثُهُ، ويَرْجِعُ السَّهْمُ عَلَى الابْنِ
__________
(1) ما بَيْنَ المعكوفتين مكررة في الأصل.
(2) وكذا قَالَهُ حرب. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 95/ب.
(3) نقله عَنْهُ الأثرم وأبو طَالِب. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين
95/ب-96/أ.
(4) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ.
(5) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ -96/ب، شرح الزركشي 2/ 661.
(6) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ، المقنع: 176، المحرر 1/ 388، شرح
الزركشي 2/ 662، الإنصاف 7/ 282.
(7) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ، المحرر 1/ 388، شرح الزركشي 2/ 662،
الإنصاف 7/ 282.
(8) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ، المحرر 1/ 388، شرح الزركشي 2/ 662،
الإنصاف 7/ 282.
(9) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/أ - 96/ب، المقنع: 176، المحرر 1/ 388،
الإنصاف 7/ 282.
(1/356)
ويَكُونُ لَهُ أرْبَعَةَ عَشَرَ (1).
وعلى الثَّالِثَةِ: يُعْطَى سَهْماً ويُضَافُ إِلَى أَرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ
فَتَكُونُ المَسْألَةُ مِنْ خَمْسٍ وعِشْرِيْنَ:
- لِلْمَرْأَةِ ثَلاثَةٌ.
- ولِلأُمِّ أرْبَعَةٌ.
- ولِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ.
- ولِلابْنِ سَبْعَةَ عَشَرَ.
فإنْ خَلَفَ ابْنَيْنِ وأوْصَى بِسَهْمٍ فَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ السُّدُسَ.
وصَحَّتِ المَسْألَةُ مِن اثْنَي (2) عَشَرَ عَلَى (3) الرِّوَايَاتِ
الثَّلاثِ لِلْمُوْصَى لَهُ سَهْمانِ ولِكُلِّ ابنٍ خَمْسَةٌ، فإنْ وَصَّى
بِسَهْمٍ مَعْلُومٍ مِنْ مَالِهِ كالثُّلُثِ والرُّبُعِ والخُمُسِ
ونَحوِهِ.
وطرِيقُ القِسْمَ بَيْنَ المُوْصَى لَهُ والوَرَثَةِ أنْ يَنْظُرَ أوَّلَ
عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الجُزْء المُوْصَى بِهِ فيَأْخُذَه ويَدْفَعَ
مِنْهُ الجُزْءَ المُوْصَى بِهِ إِلَى المُوْصَى لَهُ ثُمَّ يُقْسِمَ
البَاقِيَ مِنَ العَدَدِ عَلَى فَرِيْضَةِ الوَرَثَةِ بَعْدَ أنْ
يُصَحِّحَهَا، فإنِ انْقَسَمَ فَقَدْ صَحَّتِ المَسْألَةُ (4) مِنَ
العَدَدِ الَّذِي أخَذْتَهُ وإنْ لَمْ ينقْسِمْ فاطْلُبِ المُوَافَقَةَ
بَيْنَ ما بَقِيَ مِنَ العَدَدِ / 233 و / وبينَ ما صَحَّتِ المَسْألَةُ
وبينَ ما صَحَّتِ فَرِيْضَةُ الوَرَثةِ. فإنْ أتفَقَا فاردُدْ ما صَحَّتْ
مِنْهُ الفَريْضةُ إِلَى وِفْقِهِ واضْرِبْهُ في العَدَدِ الَّذِي أخَذْتَ
مِنْهُ الوَصِيَّةَ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ صَحَّتْ مِنْهُ المَسْأَلَتَانِ
(5). وإنْ لَمْ يَتَّفِقَا فَاضْرِبْ مَا صَحَّتْ مِنْهُ الفَرِيضَةُ في
العَدَدِ الَّذِي أخذَ مِنْهُ الوَصِيَّةِ فما بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ
المسأَلَتَانِ فإذَا أرَدَّتَ القِسْمَةَ ضَرَبْتَ سِهَامَ الوَصِيَّةِ في
فَرِيْضَةِ الوَرَثَةِ أو في وَفقهَا إنْ كَانَتْ وَافَقَتْ فما بلَغَ
دَفَعْتَهُ إِلَى المُوْصَى لَهُ ثُمَّ تَضْرِبُ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ
فِيْمَا فَضَلَ مِنَ العَدَدِ بَعْدَ إخْرَاجِ الوَصِيَّةِ أو في وِفقِهِ
إنْ كَانَ وَافَقَ، فما بلغ فَهُوَ لَهُ (6).
مِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا خَلَفَتْ زَوْجاً وابْناً وَأوْصَتْ لِرَجُلٍ
بِخُمُسِ مَالِهَا، أخِذَتْ فَخُرِّجَ الخُمُسُ مِنْ خَمْسَةٍ فأَعْطَيْتَ
المُوْصَى لَهُ بالخُمُسِ سَهْماً، تَبْقَى أرْبَعَةٌ: لِلزَّوْجِ
الرُّبُعُ سَهْمٌ وما بَقِيَ ثَلاَثةٌ لِلابْنِ، فإنْ وَصَّى بثُلُثِ
مَالِهِ ولهُ أبَوَانِ وبِنْتَانِ، أخذت فَخُرِّجَ الثُّلُثُ مِنْ ثلاثة
فأعْطَيْت المُوْصَى لَهُ سَهْماً، بَقِيَ سَهْمَانِ، وفرِيْضَةُ
المِيْرَاثِ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وما
__________
(1) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/ب، المحرر 1/ 388، الإنصاف 7/ 280 - 281.
(2) فِي الأصل: ((اثنا)).
(3) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/ب، المقنع: 176 - 177، المحرر 1/ 388.
(4) المقنع: 175، المحرر 1/ 380، شرح الزركشي 2/ 675، الإنصاف 7/ 271.
(5) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/ب، الهادي: 150.
(6) المقنع: 176، المغني 6/ 454.
(1/357)
بَقيَ مِنْ فَرِيْضَةِ الوَصِيَّةِ
سَهْمَانِ لا تَنْقَسِمُ عَلَى سِتَّةٍ ويُوافِقُهَا بالأنْصَابِ
فَتَرْجِعُ إِلَى ثلاثةُ فَيَضْرِبُهَا في فَريْضَةِ الوَصِيَّةِ [يَكُنْ
تِسْعَةٌ: لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ في وَفق فَريْضَةِ الوَرَثَةِ] (1)
وَهُوَ ثُلُثُهُ يَكُنْ ثَلاثَةٌ فَهِيَ لَهُ (2)، ولِلأبوَيْنِ سَهْمَانِ
في وَفق العَدَدِ وَهُوَ واحِدٌ يَكُنْ سَهْمَيْنِ لكلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
سَهْمٌ، ولِلْبِنْتَيْنِ أرْبَعَةٌ في سَهْمٍ لِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ،
فإنْ خَلَفَ امْرَأةً وابْنَيْنِ وأوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مَالِهِ فَخُذِ
الرُّبُعَ مِنْ أرْبَعَةٍ وادْفَعْهُ إِلَى المُوْصَى، يَبْقَى ثَلاثةَ
عَشَرَ عَلَى مَسْألَةِ (3) الوَرَثَةِ، وَهِيَ صَحِيْحَةٌ مِنْ سِتَّةِ
عَشَرَ لا يَنْقَسِمُ ولا يُوَافِقُ فاضْرِبْ سِتَّةَ عَشَرَ في فَرِيْضَةِ
الوَصِيَّةِ يَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ فهيَ لَهُ، واضْرِبْ حَقَّ المَرْأةِ
وَهِيَ سَهْمَانِ في بَقِيَّةِ العَدَدِ بَعْدَ الوَصِيَّةِ وَهُوَ
ثَلاثَةَ عَشَرَ تَكُنْ ستة (4) فَهِيَ لَهَا، وحَقُّ كُلِّ ابْنٍ سَبْعة
في ثَلاثَةٍ تَكُنْ أحَدَ وعِشْرِينَ فهيَ لَهُ (5)، وعلى هَذَا تعملُ
إِذَا وَصَّى بأجْزَاءٍ مَعْلُومَةٍ، مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِسُدُسِ مَالِهِ
لِرَجُلٍ وبِعُشْرِهِ لآخَرَ وخَلَفَ أُمّاً وأُخْتاً للأَبَوَيْنِ
وثَلاَثَةَ إِخْوَةٍ لأَبٍ فَأَقَلُّ مَالٍ لَهُ سُدُسٌ وعشر ثَلاَثُونَ
لصَاحِبِ السُّدُسِ خَمْسَةٌ / 234 ظ / ولصَاحِبِ العُشْرِ ثَلاَثَةٌ
ويَبْقَى اثْنَانِ وعِشْرُونَ تُقَسَّمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الوَرَثَةِ،
وَهِيَ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لاَ تَنْقَسِمُ، وتوَافِقُ
بالأَنْصَابِ وتَرْجِعُ المَسْأَلَةُ إِلَى تِسْعَةٍ والعَدَدُ إلَى أَحَدَ
وعِشْرِيْنَ فَتَضْرِبُ تِسْعَةً في ثَلاَثِيْنِ تَكُنْ مِئَتَيْنِ
وسَبْعِيْنَ، ومِنْهَا تَصِحُ للمُوصَى لَهُ بالسُّدُسِ خَمْسَةٌ في وَفق
المَسْأَلَةِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ تَكُنْ خَمْسَةً وأَرْبَعِيْنَ فَهِيَ لَهُ
ولِلآخَرِ ثَلاَثَةٌ في تِسْعَةٍ تَكُنْ سَبْعَةً وعِشْرِيْنَ فَهِيَ لَهُ
ولِلأُمِّ ثَلاَثَةٌ في وَفق العَدَدِ البَاقِي مِنْ فَرِيْضَةِ
الوَصِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ تَكُنْ ثَلاَثَةً وثَلاَثِيْنَ،
ولِلأُخْتِ تِسْعَةٌ في أَحَدَ عَشَرَ تَكُنْ تِسْعَةً وتِسْعِيْنَ،
ولِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ في أَحَدَ عَشَرَ تَكُنْ اثْنَيْنِ وعِشْرِيْنَ
وكَذَلِكَ تَعولُ إِذَا وَصَّى بِأَجْزَاءٍ مَعْلُومَةٍ تَزِيْدُ عَلَى
الثُّلُثِ وأَجَازَ الوَرَثَةُ، فَإِنْ لَمْ تُجِزِ الوَرَثَةُ ذَلِكَ
فَإِنَّكَ تردْ الوَصَايَا إلى الثُّلُثِ وتُقَسِّمُهُ عَلَى قَدْرِ
وَصَايَاهُمْ ويَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا
يَفْعَلُ في مَسَائِلِ العوْلِ، وطَرِيْقِ العَمَلِ أَنْ تَنْظُرَ مَخْرَجَ
الوَصَايَا فَيَأْخُذَ مِنْهُ الوَصَايَا فَيَجْعَلَهَا ثُلُثاً، ويَجْعَلَ
ثُلُثَي المَالِ مِثْلَي ذَلِكَ ويُقَسِّمَهُ عَلَى الورَثَةِ، فَإِنِ
انْقَسَمَ اسْتَغْنَيْتَ عَنِ الضَّرْبِ، وإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ عَمِلْتَ
عَلَى نَحْوِ ما تَقَدَّمَ فَضَرَبْتَ فَرِيْضَةَ الوَرَثَةِ فِيْمَا
أَخَذْتَ مِنْهُ سِهَامَ الوَصَايَا فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ
المَسْأَلَتَانِ، تَصِحُّ المَسْأَلَةُ فَإِنْ انفق بَقِيَّةُ مَسْأَلَةِ
الوَصَايَا وَهِيَ الثُّلُثَانِ مَعَ فَرِيْضَةِ الوَرَثَةِ عَمِلْتَ في
الوفق
__________
(1) ما بَيْنَ المعكوفتين مكرر في المخطوط.
(2) المقنع: 178، المغني 6/ 453، الإنصاف 7/ 282.
(3) في الأصل: ((المسألة)).
(4) هَكَذَا فِي الأصل، ولعل الصواب: سنة وعشرين.
(5) المقنع: 178، والهادي: 150.
(1/358)
عَمَلَكَ في الأَصْلِ؛ فَضَرَبْتَ
الوَصَايَا في فَرِيْضَةِ الوَرَثَةِ أَو وَفْقِهَا وضَرَبْتَ أنْصِبَاءَ
الوَرَثَةِ في الثلثِيْنِ أو وَفْقِهَا، مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يُوصِيَ
بِرُبُعِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وبِخَمْسَةٍ لآخَرَ فَلاَ يُخَيَّرُ الوَرَثَةُ
وَهُمَا اثْنَانِ، فَأَقَلُّ ماَلٍ يَخْرُجُ مِنْهُ أَجْزَاءُ الوَصَايَا
عِشْرُونَ رُبُعُهُ خَمْسَةٌ وخُمْسُهُ أَرْبَعَةٌ (1) وعُشْرُهُ سَهْمَانِ
فَيَكُوْنُ أَحْدَ عَشَرَ فَهَذَا ثُلُثُ المَالِ فَثُلُثَانِ اثْنَانِ
وعِشْرُونَ مَقْسُومَةً بَيْنَ الاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَتَصِحُّ
المَسْأَلَةُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ، فإِنْ خَلَفَ مِنَ الوَرَثَةِ بِنينِ
والوَصِيَّةُ بِحَالِهَا فَالثُّلُثَانِ لا تَنْقَسِمُ عَلَى الوَرَثَةِ
ولاَ تُوَافِقُ ومَسْأَلَتُهُمْ خَمْسَةٌ فَتَصِيْرُ بِهَا في ثَلاَثَةٍ
وثَلاَثِيْنَ تَكُنْ مِئَةٌ، خَمْسَةٌ وسِتُّونَ (2) للمُوصَى لَهُ
بالرُّبُعِ /235 و/ خَمْسَةٌ في خَمْسَةٍ خمسة وعِشْرِيْنَ، وللمُوصَى لَهُ
بالخُمْسِ أَرْبَعَةٌ في خَمْسَةٍ تَكُنْ عِشْرِيْنَ، وللمُوصَى لَهُ
بالعُشْرِ اثْنَانِ في خَمْسَةٍ تَكُنْ عَشرَةٌ، ولِكُلِّ ابنٍ سَهْمٌ في
الثُّلُثَيْنِ، وَهِيَ اثْنَانِ وعِشْرُونَ فَكَذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ
كَانَتْ بِحَالِهَا وخَلَفَتْ ثَلاثةَ بَنِيْنَ وأَرْبَعَ بَنَاتٍ
فمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ عَشْرَةٍ. والثُّلُثَانِ لاَ تَنْقَسِمُ عَلَى
مَسْألَتِهِمْ وتُوَافقُهَا بالأَنْصَافِ فَتَرْجِعُ الفَرِيْضَةُ إِلَى
خَمْسَةٍ، والثُّلُثَانِ إِلى أَحَدَ عَشَرَ فَتَضْرِبُ خَمْسَةً في
مَسْأَلَةِ الوَصِيَّةِ وَهِيَ ثَلاَثةٌ وثَلاَثُونَ فَتَكُنْ مِئَةً
خَمْسَةً وسِتِّيْنَ ومِنْهَا تَصِحُّ، فَمَنْ لَهُ شَيءٌ مِنَ الوصية
مضروب فِي خمسة ومن لَهُ شيء من التَّرِكَةِ فَمَضْرُوبٌ في أَحَدَ عَشَرَ،
ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوْصِيَ لأَحَدِهِمْ بالثُّلُثِ أو بِمَا زَادَ
عَلَيْهِ أنَّهُ يُضْرَبُ بذَلِكَ في أصْلِ المَالِ مَعَ إِجَازَةِ
الوَرَثَةِ، وفي ثُلُثِ المَالِ رُبُعُ رَدِّ الوَرَثَةِ، فَإِذَا وَصَّى
لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ ولآخَرَ بِثُلُثِهِ ولآخَرَ بِرُبُعِهِ، فَإِنْ
أَجَازَ الوَرَثَةُ فَاقْسِمِ المَالَ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْماً
للمُوصَى لَهُ بالنِّصْفِ سِتَّةٌ وللمُوصَى لَهُ بالثُّلُثَيْنِ
ثَمَانِيَةٌ (3) وللمُوصَى لَهُ بالرُّبُعِ ثَلاَثَةٌ؛ لأَنَّ أَقَلَّ
مَالٍ تَخْرُجُ مِنْهُ هَذِهِ الأَجْزَاءُ اثْنَا عَشَرَ، فَإِذَا جمعت
مِنهُ هذِهِ الأَجْزَاءَ مِنِ اثْنَي (4) عَشَرَ عَالَتْ إِلَى سَبْعَةَ
عَشَرَ وجعلت الثُّلُثَيْنِ للوَرَثَةِ وعُمِلَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
بَيَانُهُ، فَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ولآخَرَ بِجَمِيْعِهِ
ومَاتَ وخَلَفَ خَمْسَةَ (5) بَنِيْنَ، فَإِنْ أَجَازُوا الوَصِيَّةَ
قَسَّمَ جَمِيْعَ المَالِ بَيْنَهُمَا مِنْ أَرْبَعَةٍ للمُوصَى لَهُ
بالكُلِّ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِهِ وللمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ رُبُعُهُ،
فَإِنْ لَمْ يُجِيْزُوا لَهُمَا الوَرَثَةُ قَسَّمَ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا
كَذَلِكَ والثُّلُثَانِ للوَرَثَةِ، وصُحِّحَتْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ،
فَإِنْ أَجَازُوا للمُوصَى لَهُ بالكُلِّ دُوْنَ المُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ
احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ (6):
__________
(1) في الأصل: ((وخمسة ربعه)).
(2) فِي الأصل: ((ستين)).
(3) في الأصل: ((ثمنه)).
(4) في الأصل: ((اثنا)).
(5) في الأصل: ((خمس)).
(6) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 96/ ب، والمقنع: 177، والإنصاف 7/ 282.
(1/359)
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْطَى صَاحِبُ
الثُّلُثِ رُبُعَ الثُّلُثِ ويُعْطَى البَاقِي للمُوصَى لَهُ بِالكُلِّ
وتَصِحُّ مِنْ اثنَي (1) عَشَرَ؛ لأَنَّا نُعْطِيْهِ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ
المَالِ لأَجْلِ مُزَاحَمَةِ صَاحِبِ الثُّلُثِ، فَإِذَا لَمْ يُجِزْ لَهُ
حَصَلَتِ المُزَاحَمَةُ بِسَهْمِهِ مِنَ الثُّلُثِ وَهُوَ رُبُعُ الثُّلُثِ
والبَاقِي لِصَاحِبِ الكُلِّ.
والوَجْهُ الآخَرُ: أَنْ تُصَحَّحَ المَسْأَلَةُ عَلَى عَدَمِ الإِجَازَةِ
لَهُمَا، ثُمَّ يَرْجِعَ المُجَازُ لَهُ فَيَأْخُذَ مِنْ يد كُلِّ وَاحِدٍ
بِقِسْطِ مِيْرَاثِهِ حَتَّى يَكْمُلَ لَهُ حَقُّهُ مِنَ الوَصِيَّةِ،
فتَعول مَسْأَلَةُ الوَصَايَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ ثُلُثُ المَالِ
وثُلُثَاهُ ثَمَانِيَةٌ (2) لاَ تَنْقَسِمُ / 236 ظ / عَلَى خَمْسَةٍ ولاَ
تُوافقُ فَتَضْرِب خَمْسَةً في اثْنَي عَشَرَ تَكُنْ سِتِّيْنَ للمُوصَى
لَهُ بالثُّلُثِ سَهْمٌ في خَمْسَةٍ، وللمُوْصَى لَهُ بالكُلِّ ثُلُثُهُ في
خَمْسَةَ عَشَرَ، ولِكُلِّ ابنٍ ثَمَانِيَةٌ (3)، ثُمَّ يَعُودُ الَّذِي
أُجيْزَ لَهُ فَيَقُولُ لِوَاحِدٍ ثُمَّ للآخَرِ مَعي كَانَ للآخَرِ
ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ المَالِ؛ وذَلِكَ خَمْسَةٌ وأَرْبَعُونَ مَعي مِنْهَا
خَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى لي ثَلاَثُونَ تُقَسَّطُ عَلَيْكُمْ عَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ سِتَّةٌ فَيَأْخَذُ ذَلِكَ ويَبْقَى لِكُلِّ ابنٍ سَهْمَانِ،
فَإِنْ أَجَازُوا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ فَعَلَى الوَجْهَيْنِ (4):
أَحَدُهُمَا: يُكْمِلُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيْعِ المَالِ وذَلِكَ عِشْرُونَ،
وللمُوصَى لَهُ بالكُلِّ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ خَمْسَةَ عَشَرَ
ويَبْقَى لِكُلِّ ابنٍ خَمْسَةٌ ويَرْجِعُ بالاخْتِصَارِ إلى اثْنَي عَشَرَ
للمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وللمُوصَى لَهُ بالكُلِّ ثَلاَثَةٌ،
ولِكُلِّ ابنٍ سَهْمٌ.
والثَّانِي: يُكْمِلُ لَهُ رُبُعَ جَمِيْعِ المَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ
وللمُوصَى لَهُ بالكُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ ولِكُلِّ ابنٍ سِتَّةٌ ويَرْجِعُ
بالاخْتِصَارِ إِلَى عِشْرِيْنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المُوصَى لَهُمَا
خَمْسَةٌ ولِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ، فَإِنْ كانَتْ الوَصِيَّةُ بِحَالِهَا
وخَلَفَ ابْنَيْنِ فَأَجَازَ أَحدُ الابْنَيْنِ لَهُمَا وأَجَازَ الآخَرُ
لأَحَدِهِمَا فَيَقُولُ: لَوْ لَمْ يُجَيزْا لَهُمَا لَكَانَ الثُّلُثُ
بَيْنَهُمَا أَرْباعاً وَهُوَ أرْبَعَةٌ مِنِ اثْنَي (5) عَشَرَ ويَبْقَى
الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ للابْنَيْنِ لِكُلِّ ابنٍ أَرْبَعَةٌ، فَالَّذِي
أَجَازَ لَهُمَا يُؤْخَذُ جَمِيْعُ مَا في يَدِهِ ويُدْفَعُ إِلَيْهِمَا
لِصَاحِبِ الكُلِّ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ ولِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمٌ
فَتَصِيْرُ للمُوصَى لَهُ بِالكُلِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وللمُوصَى لَهُ
بالثُّلُثِ سَهْمَانِ. وأَمَّا الَّذِي أَجَازَ لأَحَدِهِمَا فَيَنْظُر
فَإِنْ أَجَازَ
__________
(1) في الأصل: ((اثنا)).
(2) في الأصل: ((ثمنه)).
(3) في الأصل: ((ثمنه)).
(4) انظر: المقنع: 178، والمغني 6/ 454، والمحرر 1/ 389، والإنصاف 7/ 281 -
282.
الوجه الأول: يعطى الجزء لصاحبه ويقسم الباقي بَيْنَ الورثة والمُوصى لَهُ
كَانَ ذلكَ الوارث إن جاز وإن ردوا قسمت الثلث بَيْنَ الوَجْهَيْنِ عَلَى
حسب ما كَانَ لهما في الإجازة وثلثان بَيْنَ الورثة.
الوجه الثاني: أن يعطى صاحب النصيب مِثْل نصيب الوارث، كأن لا وصية سواها،
وهذا قَوْل يَحْيَى ابن آدم. انظر: المغني 6/ 454.
(5) فِي الأصل: ((اثنا)).
(1/360)
للمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ فَعَلَى
وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُكْمِلُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيْعِ المَالِ بأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ
حَقِّهِ سَهْمَانِ فَيَدْفَعَانِ إِلَيْهِ فَيَحْصُل في يَدِهِ أَرْبَعَةُ
أَسْهُمٍ، ويَبْقَى للابْنِ المُجِيْزِ لَهُ سَهْمَانِ (1).
والثَّانِي: يُكْمِلُ لَهُ رُبُعَ المَالِ فَيُعْطَى بِمَا في يَدِ الابْنِ
سَهْمٌ فَتَصِيْر مَعَهُ ثَلاَثَةٌ، ويَبْقَى في يَدِ الابْنِ ثَلاَثَةٌ،
وإِنْ كَانَتْ إِجَازَتُهُ للمُوصَى لَهُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ (2) مِنَ
الوَجْهَيْنِ أَيْضاً:
أَحَدُهُمَا: يَأْخَذُ جَمِيْعَ مَا في يَدِهِ فَتَصِيْرُ مَعَهُ عَشْرَةٌ
(3).
والثَّانِي: يَأْخُذُ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ مَا في يَدِهِ، وَهُوَ ثَلاَثَةٌ
فَتَصِيْرُ لَهُ تَسْعَةٌ ويَبْقَى للابْنِ سَهْمٌ أو سَهْمَانِ للمُوْصَى
لَهُ الثُّلُثُ، فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُ الابْنَيْنِ لأَحَدِهِمَا وأَجَازَ
الابْنُ الآخر للآخَرِ، فَالَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ كَمْ
يُؤْخَذُ مِمَّا في يَدِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الوَجْهَيْنِ (4)،
والَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِ الكُلِّ يَأْخُذُ جَمِيْعَ مَا في يَدِهِ
وَجْهاً وَاحِداً؛ لأنَّهُ لا يَبْلُغُ كُلَّ مَا في يَدِهِ ثَلاَثَةُ
أَرْبَاعِ المَالِ، فَإِنْ أَجَازَ الابْنَانِ الوَصِيَّةَ لَهُمَا فَلَمْ
يَقْبَلْ أَحَد المُوْصَى لَهُمَا الوَصِيَّةَ نَظَرْنَا فَإِنْ /237 و/
رَدَّ المُوْصَى لَهُ بِالكُلِّ فَهَلْ يُكْمِلُ للمُوْصَى لَهُ بالثُّلُثِ
ثُلُثَ جَمِيْعِ المَالِ أو رُبُعَ جَمِيْعِهِ عَلَى مَا تَقَدَّم مِنَ
الوَجْهَيْنِ (5)، فَإِنْ رَدَّ المُوْصَى لَهُ بالثُّلُثِ كَانَ للمُوْصَى
لَهُ بالكُلِّ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ المَالِ ومَا بَقِيَ وَهُوَ الرُّبُعُ
للوَرَثَةِ؛ لأَنَّ مَا رَدَّهُ المُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ يَكُوْنُ مِلْكَ
الوَرَثَةِ لا مِلْكَ المُوْصَى لَهُ الآخَرِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (6)،
والوَجْهُ الآخَرُ: يَكُوْنُ المَالُ كُلُّهُ للمُوصَى لَهُ بالكُلِّ كَمَا
لَوْ كَانَ وَحْدَهُ وأَجَازُوا لَهُ، فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُ الابْنَيْنِ
لأَحَدِهِمَا ورَدَّ الآخَرُ وَصِيَّتَهُمَا قُلْنَا: لَوْ لَمْ يُخَيَّرَا
لَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعاً، ولِكُلِّ ابْنٍ ثُلُثُ المَالِ،
وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، فَمَنْ لَمْ يُجِزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لاَ يُؤْخَذُ
مِنْ حَقِّهِ شَيْئاً، والَّذِي أَجَازَ نَنْظُرُ فَإِنْ أَجَازَ للمُوصَى
لَهُ بالكُلِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيْعَ مَا في يَدِهِ إِلَيْهِ
وَجْهاً وَاحِداً؛ لأنَّهُ لا يُكْمِلُ بِمَا في يَدِهِ ثَلاَثَة أَرْبَاعِ
المَالِ. وإِنْ أَجَازَ للمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ فَعَلَى الوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَدْفَعُ مِمَّا في يَدِهِ ثَلاَثَةُ أسَهْمٍ (7)، يُكْمِلُ
المُوصَى لَهُ ثُلُثَ جَمِيْعِ المَالِ (8).
والثَّانِي: يَدْفَعُ سَهْماً لِيُكْمِلَ لَهُ رُبُعَ المَالِ، فَإِنْ
وَصَّى بِحَقٍّ مُقَدَّرٍ مِنَ المَالِ لإِنْسَانٍ ولآخَرَ
__________
(1) المقنع: 178، والمغني 6/ 455، والمحرر 1/ 389، وشرح الزركشي 2/ 661.
(2) المقنع: 178، والمحرر 1/ 390، وشرح الزركشي 2/ 663 - 664.
(3) المقنع: 178، والمحرر 1/ 391.
(4) المقنع: 178 - 179، والمغني 6/ 452، والمحرر 1/ 391.
(5) المقنع: 178، والإنصاف 7/ 283.
(6) الهادي: 150، والمغني 6/ 426، والمحرر 1/ 388، وشرح الزركشي 2/ 665.
(7) فِي الأصل: ((سهم))، ولعل الصواب مَا أثبتناه.
(8) المقنع: 178، والمغني 6/ 425، والمحرر 1/ 391.
(1/361)
بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ وَلَدِهِ
فَإِنَّهُ يُخْرِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الوَصِيَّتَيْنِ مِنْ جَمِيْعِ
المَالِ إِنْ أَجَازُوا الوَرَثَةُ، ومِنَ الثُّلُثِ إِنْ لَمْ يُجِيْزُوا
ثُمَّ يُقْسِمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الوَرَثَةِ، هَذَا قِيَاسُ المَذْهَبِ
عِنْدِي؛ لأَنَّا لاَ نُرَتِّبُ الوَصَايَا بَلْ نَجْمَعُهَا، ويَدْخُلُ
النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمِقْدَارِهَا (1)، ويَحْتَمِلُ أَنْ
يَخْرُجَ إِنْ وَصَّى لَهُ بالجُزْءِ المُقَدَّرِ ذَلِكَ الجُزْءُ من رأس
المَالِ ثُمَّ يُقْسَمُ البَاقِيَ بَيْنَ الوَرَثَةِ والمُوْصَى لَهُ
وتَجْعَلُهُ كَأَحَدِ الوَرَثَةِ؛ لِكَيْلاَ يَأْخُذَ المُوْصَى لَهُ
أَكْثَرَ مِنَ الوَارِثِ، والمُوْصِي قَصَدَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ
الوَارِثِ، وبَيَانُ العَمَلِ عَلَى الوَجْهَيْنِ (2).
لَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِسُّدُسِ مَالِهِ ولآخَرَ بِمِثْلِ الوَصِيَّتَيْنِ
مِنِ اثْنَي (3) عَشَرَ؛ لأنَّهُ أَقَلُّ مَالٍ لَهُ سُدُسٌ، ورُبُعُ
ذَلِكَ خَمْسَةٌ تَبْقَى سَبْعَةٌ عَلَى ثَلاَثَةٍ لاَ تَصِحُّ فَيَضْرِبُ
ثَلاَثَةً فِي اثْنَي (4) عَشَرَ تَكُنْ سِتَّةً وثَلاَثِيْنَ، للمُوصَى
لَهُ بالسُّدُسِ سَهْمَانِ في ثَلاَثَةٍ تَكُنْ سِتَّةً، وللمُوْصَى لَهُ
بالرُّبُعِ ثَلاَثَةٌ في ثَلاَثَةٍ تَكُنْ تِسْعَةً، وتَبْقَى أَحَدٌ
وعِشْرُونَ (5) لِكُلِّ ابنٍ سَبْعَةٌ.
وعَلَى الوَجْهِ الثَّانِي (6): للمُوْصَى لَهُ بالسُّدُسِ سَهْمٌ مِنْ
سِتَّةٍ وتَبْقَى خَمْسَةٌ تُقْسَمُ بَيْنَ البَنِيْنَ (7)، والمُوْصَى
لَهُ الآخَرُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لاَ تَصِحُّ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً في
سِتَّةٍ تَكُنْ أَرْبَعَةً وعِشْرِيْنَ للمُوْصَى لَهُ بالسُّدُسِ
أَرْبَعَةٌ تَبْقَى عِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ، فَإِنْ
لَمْ يُجِزِ الوَرَثَةُ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الوَصِيَّيْنِ عَلَى
خَمْسَةٍ ويُقَسِمُ الثُّلُثَيْنِ - وَهِيَ عَشْرَةٌ - عَلَى البَنِيْنَ
الثَّلاَثَةِ لاَ تَصِحُّ فَيَضْرِبُ عَدَدَهُمْ في أَصْلِ المَسْأَلَةِ
/238 ظ/ وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ تَكُنْ خَمْسَةً وأَرْبَعِيْنَ للمُوْصَى
لَهُ بالسُّدُسِ سِتَّةٌ، وللمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيْبِ ابنِ تِسْعَةٌ،
ولِكُلِّ ابنٍ عَشْرَةٌ عَلَى الوَجْهِ الأَوَّلِ (8)، وعَلَى الثَّانِي:
يُقْسِمُ الثُّلُثُ سَهْمٌ بَيْنَ المُوْصَى لَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ،
والثُّلُثَانِ بَيْنَ البَنِيْنَ عَلَى ثَلاَثَةٍ، والثَّلاَثَةُ دَاخِلَةٌ
في التِّسْعَةِ فَيَضْرِبُهَا في أَصْلِ المَسْأَلَةِ - وَهِيَ ثَلاَثَةٌ -
تَكُنْ سَبْعَةً وعِشْرِيْنَ، للمُوْصَى لَهُ بالسُّدُسِ أَرْبَعَةٌ
وللمُوْصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيْبِ خَمْسَةٌ، ولِكُلِّ ابنٍ سِتَّةٌ.
فَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ أَوْلاَدِهِ، والآخَرِ
بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَبْقَى مِنَ المَالِ بَعْدَ إِخْرَاجِ
النَّصِيْبِ، ومِثَالُهُ: أَنْ يَكُوْنَ لَهُ ثَلاَثَةُ بَنِيْنَ فَيُوصِيَ
لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِهِمْ،
__________
(1) المقنع: 178، وشرح الزركشي 2/ 665.
(2) المقنع: 178، والمحرر 1/ 390.
(3) فِي الأصل: ((اثنا)).
(4) فِي الأصل: ((اثنا)).
(5) في الأصل: ((وعشرين)).
(6) المقنع: 176، والمغني 6/ 446، والمحرر 1/ 390.
(7) المقنع: 176، والمغني 6/ 446 - 447، والمحرر 1/ 390.
(8) المقنع: 176 - 177، والهادي: 150، والمحرر 1/ 391، وشرح الزركشي 2/
664.
(1/362)
ويُوْصِي لآخَرَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ
مَالِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِ النَّصِيْبِ، فَالوَجْهُ في ذَلِكَ: أَنْ
يَجْعَلَ مَسْأَلَةَ النَّصِيْبِ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَيُعْطِيَ مَنْ أَوْصَى
لَهُ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِهِمْ ربعه سَهْمٌ يَبْقَى ثَلاَثَةٌ
فَيَدْفَعُ إِلَى المُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ ثُلُثَهَا يَبْقَى سَهْمَانِ
بَيْنَ البَنِيْنَ وهُمْ ثَلاَثَةٌ لاَ تَنْقَسِمُ فَيَضْرِبُ ثَلاَثَةً في
أَرْبَعَةٍ تَكُنْ اثْنَي (1) عَشَرَ، للمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيْبِ
أَحَدِهِمْ الرُّبُعُ ثَلاَثَةٌ، وللمُوْصَى لَهُ بالثُّلُثِ البَاقِي
ثَلاَثَةٌ، ولِكُلِّ ابنٍ سَهْمَانِ، هَذَا عَلَى الوَجْهِ الأَوَّلِ إِذَا
أَجَازَ الوَرَثَةُ (2)، وعَلَى الثَّانِي: مَنْ وَصَّى لَهُ بالنَّصِيْبِ
لاَ يُعْطِي أَكْثَرَ مِنْ نَصِيْبِ ابنٍ، فَعَلَى هَذَا يُعْمَلُ
بِطَرِيْقَةِ الدَّوْرِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ المَالَ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ
وشَيْئاً فَيُعْطِيَ مَنْ وَصَّى لَهُ بالنَّصِيْبِ ذَلِكَ الشَّيءَ
تَبْقَى ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ فَيُعْطِيَ مَنْ وَصَّى لَهُ بالثُّلُثِ
ثُلُثَهَا سَهْماً يَبْقَى سَهْمَانِ عَلَى البَنِيْنَ لِكُلِّ ابْنٍ
ثُلُثَا سَهْمٍ (3)، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الشَّيءَ ثُلُثَا سَهْمٍ؛
لأنَّهُ مِثْلُ نَصِيْبِ أَحَدِهِمْ فَتُقَسَّط التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ
الكَبِيْرِ أَثَلاَثا فَيَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ، فَهَذَا جُمْلَةُ
التَّرِكَةِ، فَيُعْطِي المُوْصَى لَهُ بالنَّصِيْبِ بحق النَّصِيْبِ
سَهْمَيْنِ يَبْقَى تِسْعَةٌ للمُوْصَى لَهُ بِثُلُثِ البَاقِي ثُلُثَا
ثُلُثِهِ تَبْقَى سِتَّةٌ لِكُلِّ ابنٍ سَهْمَانِ، فَإِنْ لَمْ يُجِزِ
الوَرَثَةُ فَعَلَى الوَجْهِ الأَوَّلِ (4)، قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ
الوَصِيَّتَيْنِ سَوَاءٌ فَتَأْخُذُ المَسْأَلَةَ مِنْ مَخْرَجِ وَجْهِ
الثُّلُثِ وَهُوَ ثَلاَثَةٌ للوَصِيَّيْنِ سَهْمٌ مِنْهَا بَيْنَهُمَا لاَ
يَصِحُّ ولَكَ سَهْمَانِ لاَ تَصِحَّ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلاَثَةٍ
تَكُنْ سِتَّةٌ، ثُمَّ فِي المَسْأَلَةِ تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ
مُوصى لَهُ ثَلاَثَةٌ ولِكُلِّ ابنٍ أَرْبَعَةٌ (5)، وعَلَى الوَجْهِ
الثَّانِي (6) قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ حَقَّ الوَصِيَّتَيْنِ خَمْسَةٌ مِنْ
أَحَدَ عَشَرَ، وَهِيَ ثُلُثُ المَالِ، فَالمَالُ جَمِيْعُهُ خَمْسَةَ
عَشَرَ للمُوْصَى لَهُمَا خَمْسَةٌ تَبْقَى عَشْرَةٌ عَلَى ثَلاَثَةٍ لاَ
تَصِحُّ فَتَضْرِبُ ثَلاَثَةً في خَمْسَةَ عَشَرَ تَكُنْ خَمْسَةً
وَأَرْبَعِيْنَ، للمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيْبِ /239 و/ سِتَّةٌ،
وللمُوْصَى لَهُ بِثُلُثِ البَاقِي تِسْعَةٌ، ولِكُلِّ ابْنٍ عَشْرَةٌ،
فَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ بَنِيْهِ ولآخَرَ بِثُلُثِ
مَا تَبَقَّى مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنَّ العَمَلَ في ثَّلاَثٍ ما تَبَقَّى
مِنَ الثَّلاَثِ عَمَلُكَ فِيْمَا تَبَقَّى مِنْ جَمِيْعِ المَالِ،
فَتَجْعَلُ ثُلُثَ المَالِ ثَلاَثَةٌ وشَيْئاً، ثُمَّ تُعْطِي المُوْصَى
لَهُ بِثُلُثِ مَا تَبَقَّى سَهْماً مِنَ الثَّلاَثَةِ يَبْقَى سَهْمَانِ
مِنْ ثُلُثِ المَالِ فَتَضُمُّهَا إِلَى ثُلُثَي المَالِ وَهُوَ ستَّةٌ،
وسَهْمَانِ فَتَصِير ثَمَانِيَةً وسِتِّيْنَ فَتُعْطِي كُلَّ ابنٍ سِتّاً
ويَبْقَى ثَمَانِيَةٌ للابنِ الثَّالِثِ، فَيَظْهَرُ أَنَّ الشَّيءَ
ثَمَانِيَةٌ فَتَرْجِعُ إِلَى الأَوَّلِ فَيَقُولُ: إِذَا كَانَ الثُّلُثُ
ثَلاَثَةٌ وشَيءٌ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فَثُلُثُ المَالِ أَحَدَ عَشَرَ
سَهْماً، فَهَذَا ثُلُثُ
__________
(1) فِي الأصل: ((اثنا)).
(2) المقنع: 178، والمغني 6/ 440 - 461.
(3) المقنع: 178 - 179.
(4) المقنع: 178، والهادي: 151، والمحرر 1/ 390.
(5) فِي الأصل مكررة.
(6) المقنع: 179، والمحرر 1/ 391.
(1/363)
المَالِ فَتُعْطِي النَّصِيْبَ مِنْهُ
ثَمَانِيَةً يَبْقَى ثَلاَثَةٌ مِنَ الثُّلُثِ للمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا
تَبَقَّى مِنَ الثُّلُثِ سَهْمٌ يَبْقَى سَهْمَانِ تَضُمُّهَا إِلَى
ثُلُثَي جَمِيْعِ المَالِ وَهُوَ اثْنَانِ وعِشْرِوْنَ فَتَصِيْر
أَرْبَعَةً وعِشْرِيْنَ فَيُقْسِمُهَا عَلَى ثَلاَثَةٍ لِكُلِّ ابنٍ
ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ مَا أَخَذَ المُوْصَى لَهُ بالنَّصِيْبِ، هَذَا عَلَى
الوَجْهِ الثَّانِي (1) وفِيْهِ عَوِيْصُ العَمَلِ، فَإِنْ كَانَ للمُوْصِي
ابنَانِ والوَصِيَّةُ بِحَالِهَا فَلاَ شَيءَ للمُوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا
بَقِيَ؛ لأنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الثُّلُثِ شَيءٌ وإِنَّمَا تُتَصَوَّرُ
صِحَّةُ الوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى؛ لأنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِن (2)
الثُّلُثِ شَيءٌ، وإِنَّمَا تُتَصَوَّرُ صِحَّةُ الوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا
يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ إِذَا كَانَ البَنُونَ (3) ثَلاَثَةً فَصَاعِداً،
فَلَو وَصَّى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ بَنِيْهِ واسْتَثْنَى
جَزءاً مَعْلُوماً مِنْ جَمِيْعِ مَالِهِ، مِثْل أَنْ يَكُوْنَ لَهُ
ثَلاَثَةُ بَنِيْنَ فَيوَصَّي لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ بَنِيْهِ
الأَرْبَعةِ جَمِيْعَ مَالِهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُ المَالَ كُلَّهُ
أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ؛ لأنَّهُ اسْتَثْنَى رُبُعَ المَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ
مِنْ ذَلِكَ نَصِيْباً مَحْمُولاً يَبْقَى هُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ
إِلاَّ نَصِيْبٌ فَيَرُدُّ مِنْ ذَلِكَ النَّصِيْبِ سَهْماً وَهُوَ
الاسْتِثْنَاءُ فَيَصِيْرُ مَعَنَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ إِلاَّ نَصِيْبٌ
يَعْدِلُ ثَلاَثَةَ أَنْصِبَاءٍ وَهِيَ حَقُّ البَنِيْنَ (4)، فَإِنَّ
لِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَقِّهِ نَصِيْباً (5) فَيُصْرَفُ النَّصِيْبُ
المُسْتَثْنَى عَنِ الخَمْسَةِ إِلَى الأنْصِبَاءِ تَصِيْرُ أَرْبَعَةَ
أَنْصِبَاءٍ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، فَالنَّصِيْبُ يَعْدِلُ سَهْماً
ورُبْعاً، فَلَمَّا دَفَعْنَا مِنَ الأَرْبَعَةِ نَصِيْباً إِلَى المُوْصَى
لَهُ يَبْقَى سَهْمَانِ وثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ فَيَبْسُطُ ذَلِكَ
مِنْ جِنْسِ الكَسْرِ؛ لِيَخْرُجَ السِّهَامُ بِغَيْرِ كَسْرٍ فَيَصِيْرُ
ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَهِيَ للبَنِيْنَ وللمُوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ ورُبُعُ
خَمْسَةٍ (6)؛ فَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّرِكَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، ثُمَّ
يَسْتَرِدُّ البَنُونَ مِنَ المُوْصَى لَهُ رُبُعَ جَمِيْعِ المَالِ وَهُوَ
أَرْبَعَةٌ يَبْقَى مَعَهُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وللبَنِيْنَ لِكُلِّ
وَاحِدٍ خَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ.
وأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ أنْ يُقَالَ: إِذَا وَصَّى لَهُ
بِمِثْلِ / 240 ظ / نَصِيْبِ أَحَدِهِمْ إِلاَّ رُبُعَ جَمِيْعِ المَالِ
فَقَدْ فُضِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى المُوْصَى لَهُ برُّبُعِ
المَالِ، فَتُجْعَلُ المَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِكُلِّ ابنٍ رُبُعٌ
يَبْقَى رُبُعٌ بَيْنَ الأَرْبَعَةِ بالسَّوِيَّةِ لاَ تَصِحُّ فَيَضْرِبُ
أَرْبَعَةً في أَصْلِ المَسْأَلَةِ - وَهِيَ أَرْبَعَةٌ - تَكُنْ سِتَّةَ
عَشَرَ لِكُلِّ ابْنٍ رُبُعُ المَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ يَبْقَى
أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الجَمِيْعِ، للمُوْصَى لَهُ سَهْمٌ ولِكُلِّ ابنٍ سَهْمٌ
يُضَافُ إِلَى حَقِّهِ فَيَصِيْرُ لَهُ خَمْسَةٌ كَمَا خَرَجَ
بِالطَّرِيْقَةِ الأَوْلَة.
وعَلَى هَذَا العَمَلِ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ تَطَايُرِ هَذِهِ
المَسَائِلِ، فَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيْبِ وَارِثٍ
__________
(1) المقنع: 179، والهادي: 151، والمغني 6/ 457 - 458.
(2) ((من)) تكررت في المخطوطة.
(3) في الأصل: ((البنين)).
(4) المقنع: 179، والمغني 6/ 464.
(5) في الأصل: ((نصيب)).
(6) الشرح الكبير 6/ 561.
(1/364)
أو كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ فَإنَّكَ تَنْظُرُ
مِنْ كَمْ تَصِحُّ مَسْأَلَتُهُمْ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ الوَارِثِ، ثُمَّ
مِنْ كَمْ تَصِحُّ مَعَ وُجُوْدِهِ، ثُمَّ تَضْرِبُ إِحْدَى
المَسْأَلَتَيْنِ في الأُخْرَى، ثُمَّ تُقْسِمُ مَا ارْتَفَعَ عَلَى
مَسْأَلَةِ وُجُودِ الوَارِثِ فَمَا خَرَجَ بالقِسْمَةِ أَضَفْتَهُ إِلَى
مَا ارْتَفَعَ مِنَ الضَّرْبِ، ثُمَّ دَفَعْتَهُ إِلَى المُوْصَى لَهُ
وقَسَمْتَ الثَّانِي بَيْنَ الوَرَثَةِ.
ومِثَالُهُ: أنْ يَخْلُفَ أَرْبَعَة بَنِيْنَ ويُوْصِيَ لِرَجُلٍ بِمِثْلِ
نَصِيْبِ ابنٍ خَامِسٍ لَوْ كَانَ فَيَعْلَمُ أَنَّ المَسْأَلَةَ مَعَ
عَدَمِ الخَامِسِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ومع وجوده من خمسة فيضرب خمسة فِي أربعة
تَكُنْ عِشْرِيْنَ فَيَقْسِمُهَا عَلَى خَمْسَةٍ فَيَخْرُجُ لِكُلِّ سَهْمٍ
أَرْبَعَةٌ فَتَضِيْفُ ذَلِكَ إِلَى المَسْأَلَةِ تَكُنْ أَرْبَعَةً
وعِشْرِيْنَ للمُوْصَى لَهُ أَرْبَعَةٌ، ولِكُلِّ ابنٍ خَمْسَةٌ،
وَكَذَلِكَ طَرِيْقُ العَمَلِ لَوْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِ
وَرَثَتِهِ إِلاَّ نَصِيْبَ وَارِثٍ آخَرَ لَوْ كَانَ، مِثْلُ أَنْ
يَخْلُفَ خَمْسَة بَنِيْنَ ويُوْصِي لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيْبِ أَحَدِهِمْ
إِلاَّ بِمِثْلِ نَصِيْبِ ابنٍ سَادِسٍ لَوْ كَانَ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ
مَسْأَلَةَ عَدَمِ الوَارِثِ مِنْ خَمْسَةٍ، ومَسْأَلَةِ وُجُودِهِ مِنْ
سِتَّةٍ، فَإِذَا ضَرَبْنَا أَحَدَهُمَا في الأخرى ارْتَفَعَ مِنْ ذَلِكَ
ثَلاَثُونَ، فَإِذَا قَسَمْتَ ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ الوُجُودِ خَرَجَ
لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَة وعَلَى مَسْأَلَةِ العَدِّ ثُمَّ يُخْرِجُ لِكُلِّ
وَاحِدٍ سِتَّةً، فَيَقُولُ للمُوْصَى لَهُ: قَدْ وَصَّى لَكَ بسِتَّةٍ
واسْتَثْنَى خَمْسَةً مِنْهَا يَبْقَى لَكَ سَهْمٌ يُضَافُ إِلَى
المَسْأَلَةِ تَكُنْ أَحَداً وثَلاَثِيْنَ، ومِنْهَا تَصِحُّ لِكُلِّ ابنٍ
سِتَّةٌ وللمُوْصَى لَهُ سَهْمٌ.
وإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ وقِيْمَتُهُ ثُلُثُ
مَالِهِ، وأَوْصَى لآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ مُطْلَقاً، ومَالُهُ غَيْرُ
المُعَيَّنِ ثَلاَثُ مِئَةٍ، فَإِنْ أَجَازَ الوَرَثَةُ فَللمُوصَى لَهُ
بالنِّصْفِ مِئَةٌ وخَمْسُونَ دِرْهَماً وثُلُثُ المُعَيَّنِ، وللمُوْصَى
لَهُ بالمُعَيَّنِ ثُلُثُ المُعَيَّنِ، وإِنْ لَمْ تُجْزِ الوَرَثَةُ
فَلِلْمُوْصَى لَهُ بالمُعَيَّنِ خُمُسَاهُ وللمُوصَى لَهُ بنِصْفِ المَالِ
خُمْسُ الثَّلاَثِ مِئَةٍ وخُمْسُ المُعَيَّنِ؛ لأَنَّ مَنْ وَصَّى لَمْ
يُجِزْ مِنْ جَمِيْعِ المَالِ (1) / 241 و / يُزَاحِمُ مَنْ وَصَّى لَهُ
بالمُعَيَّنِ، ومَنْ وَصَّى لَهُ بالمُعَيَّنِ لا يُزَاحِمُ مَنْ وَصَّى
لَهُ بالجُزْءِ مِنَ الجَمِيْعِ، فَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ
أو ثُلُثَ مَالِهِ لإِنْسَانٍ ثُمَّ وَصَّى لَهُ لآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا
إِلاَّ أَنْ يَقُوْلَ: وَصَّيْتُ بِهِ لِفُلاَنٍ فَقَدْ جَعَلْتَهُ
لِفُلاَنٍ ونَحْو ذَلِكَ مِنَ الأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الرُّجُوعِ
فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الثَّانِي، فَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبْدِهِ
فاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهُ فَلَهُ الثُلُثُ الثَّانِي إِذَا خَرَجَ مِنْ
ثُلُثِهِ، فَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ ثَلاَثَةِ أَعْبدٍ فَاسْتَحَقَّ
اثْنَانِ مِنْهُمْ فَلَهُ ثُلُثُ البَاقِي، فَإِنْ وَصَّى بِثُلُثَي
مَالِهِ لِوَارِثٍ وأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يُجِزِ الوَرَثَةُ كَانَ الثُّلُثُ
بَيْنَ الأَجْنَبِيِّ والوَارِثِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا (2)، ويَحْتَمِلُ
أَنْ يَكُوْنَ الثُّلُثُ جَمِيْعُهُ للأجْنَبيِّ لأنَّ رَدَّهُمُ الثُّلُثَ
في حَقِّ الأجْنَبِيِّ لا يَصِحُّ.
__________
(1) المغني 6/ 589.
(2) المغني 6/ 424، وشرح الزركشي 2/ 658، والإنصاف 7/ 248.
(1/365)
فإنْ وَصَّى لأجْنَبِيٍّ بِثُلُثِ مَالِهِ
ولِكُلِّ واحِدٍ مِن ابْنَيْهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فأجَازَ أحَدُ الابْنَيْنِ
للآخَرِ ولمْ يُجِزْ للأجْنَبِيِّ، كَانَ للأجْنَبِيِّ ثُلُثُ المَالِ
عَلَى قِياسِ قَوْلِ شَيْخِنَا (1). والأقْوَى عِنْدِي: أنَّ جَمِيْعَ
الثُّلُثِ للأجْنَبِيِّ ولا يُلْتَفَتُ إِلَى رَدِّ الابْنَيْنِ.
فإنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وبِنْتٌ ولهُ فَرَسٌ تُسَاوِي مِئَة فأوْصَى بِهِ
لِلابْنِ، ولهُ أمَةٌ تُسَاوِي خَمْسِيْنَ فأوْصَى بِها لِلْبِنْتِ،
احْتَمَلَ أنْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ؛ لأنَّ حَقَّ الوَارِثِ في مِقْدَارِ
المَالِ لا في عَيْنِهِ. واحْتَمَلَ أنْ لا يَلْزَمَ؛ لأنَّ فِي العَيْنِ
عَرْضاً صَحِيْحاً للنَّاسِ فَيَصِحُّ رَدُّهَا كَذَلِكَ ويَكُوْنُ
الفَرَسُ والأَمَةُ بَيْنَهُمَا مِيْرَاثاً للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنْثَيَيْنِ (2)، فَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِفُلاَنٍ والفُقَرَاءِ
والمَسَاكِيْنِ فَقَالَ شَيْخُنَا: يُجْعَلُ لِفُلاَنٍ ثُلُثَ الثُّلُثِ،
وللفُقَرَاءِ والمساكين ثُلُثَاهُ (3)، وإِذَا كَانَ مَالُهُ عَبِيْداً
فَأَعْتَقَهُمْ في مَرَضِهِ وَلَمْ يُجِزِ الوَرَثَةُ جَوَّزُوا ثَلاَثَةَ
أَجْزَاءٍ وَقُرِعَ بَيْنَهُمْ بِأَنْ يُكْتَبَ ثَلاَثُ رِقَاعٍ في كُلِّ
رُقْعَةٍ اسْمُ جُزْءٍ وتُجْعَلُ الرِّقَاعُ في بَنَادِقَ مِنْ طِيْنٍ أَو
شَمْعٍ مُتَسَاوِيَةٍ وتُجْعَلُ في حِجْرِ إِنْسَانٍ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ،
ويُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ عَلَى الحُرِّيَّةِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فَهُوَ
حُرٌّ والبَاقُونَ رَقِيْقٌ (4)، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ قِيْمَةُ
أَحَدِهِمَا أَرْبَعُ مِئَةٍ والآخَرُ خَمْسُ مِئَةٍ فَعَتَقَهُمَا في
مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ تُجِزِ الوَرَثَةُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ
وَقَعَتِ الحُرِّيَّةُ عَلَى مَنْ قِيْمَتُهُ أَرْبَعُ مِئَةٍ عَتَقَ
ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِهِ، وإِنْ وقَعَتْ عَلَى مَنْ قِيْمَتُهُ خَمْسُ مِئَةٍ
عِتْقُهُ ثَلاَثَةُ أَخْمَاسِهِ وذَلِكَ ثُلُثُ المَالِ؛ لأَنَّ جَمِيْعَ
المَالِ /242 ظ/ تِسْعُ مِئَةٍ، فَثُلُثُهُ ثَلاَثُ مِئَةٍ، وَهِيَ مَا
ذَكَرْنَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ قِيْمَةُ
أَحَدِهِمَا مِئَةً وَخَمْسِيْنَ (5) وقِيْمَةُ الآخَرِ مِئَةٌ فَطَرِيْقُ
العَمَلِ أَنْ تَجْمَعَ قِيْمَتَهَا وذَلِكَ مِئَتَانِ وخَمْسُونَ
فَتضْرِبُهَا في ثَلاَثَةٍ تَكُنْ سَبْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِيْنَ ثُلُثُهَا
مِئَتَانِ وَخَمْسُونَ ثُمَّ يُقْرَعُ فَإِنْ وَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلَى
مَنْ قِيْمَتُهُ مِئَةٌ ضَرَبْتَ قِيْمَتَهُ في ثَلاَثَةٍ تَكُنْ ثَلاَثَ
مِئَةٍ فيعتق مِنْهُ خمسة أسداسه وإن وقعت عَلَى من قيمته مئة وخمسين
ضربتها فِي ثلاثة تَكُنْ أربع مئة وخَمْسِيْنَ فَالمُتَعَيِّنِ مِنْهُ
خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ؛ لأَنَّكَ إِذَا قَسَّطْتَ قِيْمَتَهُ مِنْ جِنْسِ
الكَسْرِ كَانَ تِسْعَةً، وعَلَى هَذَا يُعْمَلُ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ
هَذِهِ المَسَائِلِ.
__________
(1) المغني 6/ 425، والشرح الكبير 6/ 499، والإنصاف 7/ 249.
(2) الشرح الكبير 6/ 500 - 501.
(3) الشرح الكبير 6/ 501، والإنصاف 7/ 250.
(4) الإنصاف 7/ 256.
(5) في الأصل: ((مئةٌ وخمسون)) بالرفع.
(1/366)
|