الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

كِتَابُ الْخُلْعِ
يَصِحُّ الخُلْعُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بالِغٍ عَاقِلٍ، فأمَّا الصَّبِيُّ المُمَيِّزِ فَهَلْ يَصِحُّ خُلْعُهُ؟ على وَجْهَيْنِ (2).
فإنْ كانَ الزَّوْجُ مَحْجُوراً عليهِ لِسَفَهٍ صَحَّ خُلْعُهُ ولزِمَ دَفْعُ العِوَضِ إلى وَلِيِّهِ، وكذلكَ إنْ كانَ صبِيّاً. وقُلْنَا يَصِحُّ خُلْعُهُ وإنْ كانَ مكاتباً لزم دفعه إليه وإن كان عَبْداً قنّاً أو مُدَبَّراً لَزِمَ دَفْعُ المَالِ إلى سَيِّدِهِ. وقالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ القَبضُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ خُلْعُهُ (3) ويَصِحُّ الخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ والأجْنَبِيِّ، ويَصِحُّ بَذْلُ العِوَضِ في الخُلْعِ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ في مالِهَا.
وإنْ كَانتْ أَمَةً وخَالَعَتْ بإذْنِ السَّيِّدِ لَزِمَهَا العِوَضُ مَمَّا في يدِهَا إنْ كَانَتْ مُكَاتِبَةً أو مَأْذوناً لَها في التِّجَارَةِ وإلا لَزِمَ ذِمَّةَ السَّيِّدِ. وإنْ خَالَعَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ كانَ العِوَضُ في ذِمَّتِهَا يتبعُ بهِ بعدَ العِتْقِ.
وكذلكَ حُكْمُ الأجْنَبِيِّ في بَذْلِهِ العِوَضَ في الخُلْعِ وليسَ للأبِ ولا لِغِيْرِهِ مِنَ الأوْلِياءِ خُلْعُ الصَّغيرَةِ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيءٍ مِنْ مَالِهَا. وهَلْ للأبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الطِّفْلِ أو طَلاقِهَا أمْ لا؟ على رِوَايَتَيْنِ (4).
وإذا وَقَعَ الخُلْعُ بِلَفْظِ الطَّلاقِ فهُوَ طَلاقٌ، فإنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الخُلْعِ والمُفَادَاةِ والفَسْخِ، فإنْ نَوَى بهِ الطَّلاقَ فهُوَ طَلاقٌ وإنْ لمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلاقَ فإنَّهُ فَسْخٌ لا يَنْقُصُ بهِ عَدَدُ الطَّلاقِ
__________
= والقضاء للغائب لا يجوز، والوجه الثاني: لا ينقطع إذ المغلب في الحكم الحكم على كل منهما. انظر: المغني 8/ 171، والزركشي 3/ 327، والإنصاف 8/ 381.
(1) وهو قول أبي محمد وأبي البركات. انظر: المغني 8/ 172، والزركشي 3/ 327، والإنصاف 8/ 381.
(2) انظر: الروايتين والوجهين 114/أ، والمقنع: 266، والهادي: 173، والمغني 8/ 220، والمحرر في الفقه 2/ 178، والإنصاف 8/ 385.
(3) انظر: المقنع: 226، والهادي: 173، والشرح الكبير 8/ 180.
(4) قال أحمد في رواية أبي الصقر قد اختلف في ذلك وكأنه رآه - أي الاختلاف -، وقال أبو بكر: لم يبلغني عن أبي عبد الله في هذه المسألة إلا ما رواه أبو الصقر، فيتخرج على قولين، أحدهما: يملك الفسخ عليه، والثاني: لا يملك إيقاع الطلاق عليه، وقال القاضي: وهو أصح؛ لأنَّ الطلاق إنما هو لعجزه عن القيام بالزوجة. انظر. الروايتين والوجهين 116/أ.

(1/414)


في إحْدَى الرِّوَايَتينِ (1)، وفي الأخرَى: هوَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ بالخُلْعِ على ثَلاَثَةِ أضْرُبٍ: مَحْظُورٌ ومَكْرُوهٌ ومُبَاحٌ.
فالمحْظُورُ: أنْ يَمْنَعَها حَقَّهَا ويُكْرِهَهَا لِتَفْتَدِيَ بِنَفْسِهَا، فإذا فَعَلَتْ فالخُلْعُ بَاطِلٌ والعِوَضُ مَرْدُودٌ وهيَ على الزَّوْجِيَّةِ إلاَّ أنْ يَكُونَ الخُلْعُ طَلاقاً (2)، أوْ نَوَى بهِ الطَّلاقَ فَيَقَعُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً.
والمَكْرُوهُ: أنْ يُخَالِعَهَا مَعَ اسْتِقَامَةِ الحَالِ بَيْنَهُمَا فَيَصِحُّ الخُلْعُ على قَوْلِ الخِرَقِيِّ (3) وشَيْخِنا، ويُحْتَمَلُ أنْ لا يَصِحَّ (4) على مَا حَكَاهُ عنهُ أبُو بَكْرٍ /279 و/ في زَادِ المُسَافِرِ.
وأمَّا المُبَاحُ: فأنْ تَكْرَهَ المَرأةُ زَوْجَهَا لِخُلُقِهِ أوْ خَلْقِهِ أو دِيْنِهِ فَتَخَافُ أنْ لا تُقِيمَ في حَقِّهِ حُدُودَ اللهِ تَعَالَى فِيْمَا يَلْزَمُهَا لهُ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ والمُعَاشَرَةِ فَتَفْتدِيَ نَفْسَهَا منهُ، ولا يَصِحُّ الخُلْعُ إلاَّ بِعِوَضٍ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ (5)، وفي الأخرَى: تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ، وكلُّ ما جَازَ أنْ يَكُونَ صَدَاقاً مِنْ عَيْنٍ ودَينٍ ومَنْفَعَةٍ وقَلِيلٍ وكَثيرٍ جَازَ أنْ يَكُونَ عِوَضاً في الخُلْعِ، وما لا يَجُوزُ أنْ يكونَ صَدَاقاً مِنْ حَرَامٍ أو مَجْهُولٍ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عِوَضاً في الخُلْعِ، فإنْ خَالَعَهَا على أكْثَر مِمّا أصْدَقَهَا كُرِهَ ذلكَ وجَازَ على قَوْلِ شَيْخِنَا، وقال أبو بَكرٍ: لا يَجُوزُ ذلكَ (6)، فَتُرَدُّ عَلَيهَا الزِّيَادَةُ.
فإنْ خَالَعَها على مَجْهولٍ مِثْل أنْ يَقُولَ: على ما في بَيْتِي مِنْ مَتَاعٍ فَلَمْ يُوجَدْ فيهِ شَيءٌ، أو خَالَعَها على ما يُثْمرُ نَخْلُهَا أو على حَمْلِ أمَتِهَا، فقالَ أبو بَكرٍ في " التَّنْبِيْهِ ": الخُلْعُ بَاطِلٌ، وقالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ الخُلْعُ (7)، ويَرجعُ عليها بِمَا أعْطَاهاَ مِنَ المَهْرِ في مَسْألَةِ المَتَاعِ، ولا يَرجعُ في مَسْألَةِ الثَّمنِ والحملِ بِشَيءٍ، وعِنْدِي أنَّهُ يرجعُ بِمَا أعْطَاها في المَسألَتِيْنِ إلا أنْ يرضى بِدُونِهِ، وقد قالَ أحْمدُ - رَحِمَهُ اللهُ - في رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذا خَالَعَهَا على ثَمَرَةِ نَخْلِهَا فَحَالَت الثَّمَرَةُ تُرْضيهِ بِشَيءٍ فإنْ خَالَعَهَا على مَا في يَدِهَا مِنَ الدَّنَانيرِ لمْ يَصِحَّ
__________
(1) انظر: المقنع: 227.
(2) في الأصل: ((طلاق)).
(3) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والمغني 8/ 180، والمحرر في الفقه 8/ 45، وشرح الزركشي 3/ 330، والإنصاف 2/ 385.
(4) انظر: الشرح الكبير 8/ 175، وشرح الزركشي 3/ 329.
(5) انظر: المغني 8/ 173، والمحرر في الفقه 2/ 45، وشرح الزركشي 3/ 327، والإنصاف 8/ 396.
(6) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والمغني 8/ 187.
(7) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والمغني 8/ 175، وشرح الزركشي 3/ 328، والإنصاف 8/ 398.

(1/415)


الخُلْعُ على قَولِ أبي بَكرٍ (1)، وحَكِيَ عن أحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ -: أنَّهُ يُلْزِمُهَا أقَل الجَمْعِ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ. (2)
فإنْ خَالَعَهَا على مُحَرَّمٍ كالخَمْرِ والخِنْزِيرِ. فقالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ (3) الخُلْعُ ولا يَسْتَحِقُّ عَلَيها شَيئاً، وعِنْدِي أنَّهُ كالخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لا يَصِحُّ في الرِّوَايَتَيْنِ (4). إلاَّ أنْ يَقُولَ أنَّ الخُلْعَ طَلاقٌ أو يَنْوِيَ به الطَّلاقَ فَيَقَعُ طَلقَةً رَجْعِيّةً وتَصِحُّ في الأخْرَى (5) فتَبِينَ بهِ ولا يَسْتَحِقُّ عَليها شَيئاً.
فإنْ خَالَعَهَا على مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُمْكِنْها تَسْلِمَهُ مِثْلَ أنْ يُخَالِعَهَا على دَنِّ خلٍّ فَيَظْهَرُ أنَّهُ خمرٌّ، أو على عَبْدٍ فَيَظْهَرُ أنَّهُ حُرٌّ أو مَغصُوبٌ لا يَصِحُّ الخُلْعُ (6) ويرجِعُ عليها بِمِثلِ ذلكَ إنْ كَانَ لهُ مِثْلٌ وإلاَّ تُقَيِّمُهُ.
فإنْ خَالَعَها على رَضَاعِ وَلَدِهِ سَنَتَيْنِ فَمَاتَ الوَلَدُ رَجعَ بأجْرَةِ المُدَّةِ أو مَا بَقِيَ مِنْها.
فإنْ خَالَعَهَا على نَفَقَةِ عِدَّتِهَا وهيَ حَامِلٌ مِنْهُ صحَّ الخُلْع (7) وسَقَطَت النَّفَقَةُ.
فإنْ خَالَعَهَا بِعَوَضٍ معلوم صح الخلع ويتراجعان بما لأحدهما على صاحبه من الحقوق وعنه يسقط ما بينهما من الحقوق فإن خالعها بعوض على أنَّ لهُ / 280 ظ / عليها الرَّجعةُ صحَّ الخُلْعُ ولَزِمَ العِوَضُ وبَطَلَ شَرْطُ الرَّجعةِ في إحْدَى الوَجْهَينِ (8)، وفي الآخَرِ (9): تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ ويَسْقُطُ العِوَضُ.
فإنْ خَالَعَتْهُ في مَرِضِهَا على مُسَمًّى كانَ لهُ الأقلُّ مِنَ المُسَمّى أو مِيْرَاثُهُ مِنْهَا.
فإنْ خَالَعَهَا في مَرْضِهِ وحَابَاهَا فذلكَ مِنْ رأسِ المَالِ.
فإنْ قالَ (10): فإنْ أعْطَيتِنِي عَبْداً فأنتِ طَالِقٌ، فأعْطَتْهُ عَبْداً بانَتْ مِنهُ ومَلَكَ العَبْدَ،
__________
(1) انظر: المقنع: 227، والشرح الكبير 8/ 201، والإنصاف 8/ 398.
(2) انظر: الإنصاف 8/ 403.
(3) انظر: المغني 8/ 203، والشرح الكبير 8/ 194، والإنصاف 8/ 398.
(4) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والمغني 8/ 194، وشرح الزركشي 3/ 333،
والإنصاف 8/ 397.
(5) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والمغني 8/ 202، وشرح الزركشي 3/ 333، والإنصاف 8/ 399.
(6) انظر: الشرح الكبير 8/ 195، والإنصاف 8/ 400.
(7) انظر: المغني 8/ 190، والشرح الكبير 8/ 196.
(8) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173، والإنصاف 8/ 396.
(9) انظر: المقنع: 227، والهادي: 173.
(10) انظر: المقنع: 227، والشرح الكبير 8/ 203، وشرح الزركشي 3/ 337، والإنصاف 8/ 405.

(1/416)


نَصَّ عَليهِ. وقالَ شَيْخُنَا: يُلْزِمُهَا عَبْداً وَسطاً كَما ذكرَ في الصَّدَاقِ (1). فإنْ أعْطَتْهُ مُكَاتِباً أو مَغْصُوباً بَانَتْ مِنهُ في أحد (2) الوَجْهَينِ (3) ويلزمهُ القِيْمَة، وفي الآخر: لا يُطلقُ (4). فإنْ خَالَعَها على عَبْدٍ مَوْصُوفٍ في الذَّمَّةِ فأعْطَتْهُ إيّاهُ مَعِيْباً بَانَتْ ولَهُ مُطَالَبَتُهَا لعبدٍ سَّلِيم على تِلْكَ الصِّفَةِ. فإنْ قالَ لَها: إنْ أعْطَيْتِنِي هذا العَبْدَ فأنْتِ طَالِقٌ، فأعْطَتْهُ بانَتْ، فإنْ خَرَجَ مَعيباً لم يَرْجِعْ عَليها بِشَيءٍ، وقالَ شَيْخُنا: لهُ رَدُّهُ والرُّجُوعُ إلى قِيْمَتِهِ (5)، فإنْ خَرَجَ مَغْصُوباً لمْ يَقعِ الطَّلاقُ بِدَفْعِها إليهِ، وعنهُ أنَّهُ يَقَعُ ويُلْزِمُهَا له قِيْمَةَ العَبْدِ.
فإنْ خَالَعَتْهُ على ثَوبٍ هروي فَخَرَجَ مروياً باَنتْ وله الخَيارُ بينَ الإمْسَاكِ والرَّدِّ (6)، وعِنْدِي أنَّهُ إذا وَقَعَ الخُلْعُ على عَيْنِهِ لم يَسْتَحِقَّ سِوَاهُ.
فإنْ قالَ: إنْ أعْطَيْتِنِي ألْفاً، أو: إذا أعْطَيْتِنِي عَبْداً، أو: مَتَى أعْطَيْتِنِي ألْفاً فأنتِ طَالِقٌ، أو: أيُّ وَقْتٍ أعْطَيْتِنِي ألفاً فأنْتِ طَالِقٌ، كانَ ذلكَ على التَّرَاخِي؛ فأيُّ وَقتٍ أعْطَتْهُ المَشْرُوطَ وَقَعَ الطَّلاقُ. فإنْ قالَ: أنتِ طَالِقٌ عَلَى ألْفٍ، أو: بألفٍ، أو: وعَلَيكِ ألفٌ، وقعَ الطَّلاقُ رَجْعِيّاً ولَمْ يُلْزِمْهَا العِوَضَ. فإنْ قالَتْ لهُ: اخْلَعْنِي بألفٍ، أو: عَلَى ألفٍ، أو: طَلِّقْنِي على ألف ففعل لزمها الألف فإن قالت طلقني وَاحِدَةً بألْفٍ وطَلَّقَهَا ثَلاثاً لا يَسْتَحِقُّ الألفَ. فإنْ قالَتْ: طَلِّقْنِي، ثلاثاً بألفٍ أو علَى ألْفٍ وطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لمْ يَسْتَحِقَّ شَيئاً مِنَ الألفِ نَصَّ عليهِ (7) ويحْتَمَلُ (8) أنْ تَسْتَحِقَّ ثُلُثاً، فإنْ بقيتْ مَعهُ على وَاحِدَةٍ فقالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلاثاً بألْفٍ، فَفَعَلَ اسْتَحَقَّ الألفَ سواء علمت بأنهُ لمْ يَنْوِ مِنْ طَلاقِهَا إلاَّ وَاحِدةً، أو لمْ تعْلمْ بأنْ كانَ لهُ زَوْجَتَانِ فقالَتَا له: طَلِّقْنَا بألْفٍ، فَطَلَّقَهُمَا وَقَعَ الطَّلاقُ وتَقَسَّطَتِ الألفُ على قَدْرِ مُهُورِهِمَا على قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ (9). وقال أبو بَكْرٍ: يكونُ /281 و/ الألفُ عَلَيهما نِصْفَينِ، فإنْ كانَ لهُ زَوْجَتَانِ: مُكَلَّفةٌ وغيرُ مُكلَّفَةٍ إلا أنّها
__________
(1) انظر: المقنع: 227، والمحرر في الفقه 2/ 49، الشرح الكبير 8/ 203، والإنصاف 8/ 405.
(2) في الأصل: إحدى.
(3) انظر: المغني 8/ 203، والإنصاف 8/ 406.
(4) انظر: المغني 8/ 203، والإنصاف 8/ 407.
(5) انظر: المقنع: 228، والمحرر في الفقه 2/ 49، والشرح الكبير 8/ 204.
(6) انظر: المقنع: 228، والمغني 8/ 196، والمحرر في الفقه 2/ 49، وشرح الزركشي 3/ 333، والإنصاف 8/ 408.
(7) انظر: المقنع: 228، والهادي: 174، والمحرر في الفقه 2/ 47، والشرح الكبير 8/ 212، والإنصاف 8/ 415.
(8) انظر: المقنع: 228، والهادي: 173، والمحرر في الفقه 2/ 47، والشرح الكبير 8/ 211، والإنصاف 8/ 414.
(9) انظر: المقنع: 228، والهادي: 174، والمحرر في الفقه 2/ 47، والإنصاف 8/ 417.

(1/417)


عاقِلَةٌ، فقالَ: أنْتُمَا طَالِقَتَانِ بألْفٍ إنْ شِئْتُمَا، فقالَتَا: قدْ شِئْنَا، وَقَعَ الطّلاقُ بالمكلفة بائِناً ولَزِمَهَا نِصفُ الألْفِ إنْ كَانتْ [رشيدةً] (1) أو يُقَدَّرُ مَهْرُهَا على اخْتِلافِ الوَجْهَينِ (2) (3) وَوَقَعَ طَلاقُ غَيرِ البالِغَةِ رَجْعِيّاً ولا شَيْءَ عَلَيْهَا على اختلاف الوجهين (4).
فإنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ في خُلْعِ زَوْجَتِهِ مُطْلَقاً فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا، فَمَا زَادَ صَحَّ الخُلْعُ ولَزِمَ العِوَضُ، فإنْ نَقَصَ مِنَ المَهْرِ صَحَّ الخُلْعُ ورَجَعَ الزَّوْجُ على الوَكِيلِ بالنُّقْصَانِ ويُحْتَمَلُ (5) أنْ يَكُونَ بالخَيَارِ بينَ قَبُولِ العِوَضِ نَاقِصاً وبينَ أنْ يزدهُ ويَكُونُ لهُ الرَّجْعَةُ. فإنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ العِوَضَ وقدرهُ فَخَالَفَ في ذلكَ فقالَ ابنُ حَامِدٍ: الخُلْعُ بَاطِلٌ (6) وقالَ أبو بَكرٍ: الخُلْعُ صَحِيحٌ (7) ورَجَعَ على الوَكِيلِ بِمَا بَيْنَ العِوَضَينِ مِنَ النَّقْصِ.
فإنْ كَانَتْ المُوَكِّلَةُ الزَّوْجَةُ فَخَالَعَهَا بِمَهْرِهَا فَما دُونَ صحَّ، وإنْ خَالَعَ بأكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا لم يُلْزِمْهَا إلاَّ مِقْدَارُ مَهْرِهَا المُسَمّى فإنْ لمْ يَكُنْ مُسَمَّى فَمَهْرُ المِثْلِ فإنْ خالَعَهَا على أكْثَرِ مِنْ مَهْرِهَا لَزِمَها مِقْدَارُ مَهْرِهَا فإنْ قدرت لهُ العِوَض فَخَلَعَهَا بأكثَرَ مِنهُ لَزِمَ الوَكيلَ قَدرُ الزِّيَادَةِ فإن اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ في الخُلْعِ فقالَ: خَلَعْتُكِ بألفٍ، فأنْكَرَتْ ذلكَ بَانَتْ والقوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِيْنِهَا في العِوَضِ، وكذلكَ إنْ قالَ: خَالَعْتُكِ بألْفٍ، فقالَتْ: بل خالعْتَ ضَرَّتِي، فإن قالَ: خالعْتُكِ على ألفٍ فقالَت: نَعَمْ إلاَّ أنَّها في ضَمَانِ زَيْدٍ، لَزِمَهَا الألِفُ، وإنْ قالَتْ: ما خَالَعْتَنِي وإنّمَا خَالَعْتَ غَيْرِي بألفٍ في ذِمَّتِهِ، فالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِيْنِهَا في العِوَضِ، فإن اخْتَلَفَا في قدرِ العِوَضِ أو في عَيْنِهِ أو في تَعْجِيلِهِ أو في تَأْجِيْلِهِ فالقَولُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا، وقالَ شَيْخُنَا: يَتَخَرَّجُ أنَّ القَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ (8)،
ويُحْتَملُ (9) أنْ يَتَخَالَفَا ويرجعُ إلى مَهْرِهَا المُسَمَّى، فإنْ لمْ يَكُنْ مُسَمَّى فمَهْرِ المِثْلِ فإذا عَلَّقَ طَلاَقَهَا بِصِفَةٍ ثمَّ خَلَعَهَا فَوُجِدَت الصِّفةُ ثم عَادَ فَتَزَوَّجَها فَوجِدَت الصِّفَةُ وَقَعَ الطَّلاقُ نَصَّ عليهِ (10).
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) في الأصل: الزوجين.
(3) انظر: الشرح الكبير 8/ 217، والإنصاف 8/ 415.
(4) تكررت في الأصل عبارة: ((ووقع طلاق غَيْر البالغة رجعياً ولا شيء عليها)).
(5) انظر: الهادي: 174، والمحرر في الفقه 2/ 49، والشرح الكبير 8/ 217.
(6) انظر: المقنع: 228، والهادي: 174، والشرح الكبير 8/ 225، والإنصاف 8/ 420.
(7) انظر: المقنع: 229، والهادي: 174، والشرح الكبير 8/ 225، والإنصاف 8/ 419.
(8) انظر: الإنصاف: 8/ 423.
(9) انظر: المقنع: 229، والهادي: 174، والمحرر في الفقه 2/ 49، والشرح الكبير 8/ 229، والإنصاف 8/ 422.
(10) انظر: المقنع: 229، والمغني 8/ 231، والإنصاف 8/ 422.

(1/418)


ورُوِيَ عنهُ فيمنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ ثمَّ بَاعَهُ وَوجِدَت الصِّفَةُ ثمَّ اشْتَراهُ فَوُجِدَت الصِّفَةُ رِوَايَتَانِ (1)، إحْدَاهُمَا: إنَّهُ يعتقُ عَلَيْهِ، والثَّانِيَةُ: لا يعتق وتنحلُّ الصِّفَةُ، فإذا حَلَّ الصِّفَةَ في العِتْقِ مَع اسْتِحْبَابِهِ ونُفُوذِهِ / 282 ظ / حَتّى في مِلْكِ الغَيْرِ فأوْلَى أنْ يَكُونَ في الطَّلاقِ مِثل ذلكَ وهو اختِيارُ أَبِي الْحسنِ التَّمِيْمِيِّ (2)، فأمّا إن أبانها ولمْ تُوجد الصِّفَةُ وعاد فَتَزَوَّجَهَا عَادَت الصِّفَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً.