حَاشِيةُ
اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ [1/ 287]
كتاب الحج
(1) قوله: "وكذا المكاتب الخ": هو داخل في عموم الرقيق، فلو قال: "أي بجميع
أنواعه كالمكاتب الخ" لكان أجود.
فائدة: لو حجّ أو اعتمر شخص، وفي ظنه أنه صغيرٌ أو قنٌّ، فبان بالغًا
حرًّا، أجزأه عن حجة الإسلام وعمرته، إذ نيّة الفرضية ليست شرطًا، وهو
اتجاه للمصنف في الغاية. وأيده شيخ مشايخنا الشيخ حسن الشطي في المختصرة.
(2) قوله: "وسعى بعد طواف القدوم": أي ولو أعاده بعدُ، لأنه لا يشرع تكراره
(1). لكن قال المصنف في الغاية: ما لم يتم حجه، ثم يحرم ويقف ثانيًا إن
أمكنه. قال: ويتجه الصحة ولو بعد سَعْيٍ إن فسخ حجه عمرة ولم يسق هديًا أو
يقف بعرفة اهـ.
(3) قوله: "إلا لعاجز الخ": ظاهره أنه إذا كان فوق مسافة قصر عن مكة، وكان
لا يملك راحلة، لا يلزمه ولو كان قادرًا على المشي بدون مشقة، وإلا فلا فرق
بين القريب والبعيد، تأمل وتنبه.
(4) قوله: "أي الزاد": وهو وما عطف عليه بالرفع، بدليل وصفهما، وذلك
باعتبار محل الضمير المفسَّر من حيث كونه اسمًا لكون، فإنه من كان الناقصة.
ويصح الجر باعتبار كونه مضافًا إليه، فيكون محله الجر.
(5) قوله: "ومنها سعة وقت": أي من الاستطاعة، فلو قدر على الحج في أول ذي
الحجة مثلاً، وبينه وبين مكة مسافة تزيد على عشرة أيام مثلاً، فهو غير
مخاطب بالحج. فلو مات في ذلك العام لم يُخْرَجْ من تركته من يحج ويعتمر
عنه، لأنه لم يجب عليه.
__________
(1) وهكذا قال في (دليل الناسك) (ص 15). أقول: وفي ذلك نظر، إذ ما المانع
من تكرار السعي، كالطواف؟! وقد قال تعالى {فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح
عليه أن يطوّف بهما ومن تطوع خيرًا فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158]
فالتطوع هو زيادة سعيٍ آخر على أحد الوجوه في تفسير الآية.
(1/144)
(6) وقوله: (إن كان في الطريق أَمْنٌ":
ظاهره أن أمن الطريق شرط للزوم [1/ 289] السعي، لا لوجوب الحج والعمرة.
فعليه لو مات ولم يحج، أُخْرِجَ من تركته من يحج ويعتمر عنه وجوبًا. والذي
ذكره المصنف في الغاية أن أمن الطريق من الاستطاعة، فيكون كسعة الوقت.
وتقدم حكمه. فتأمل وحرِّر.
(7) قوله: "ما لم يزل العذر قبل إحرام نائبه": ظاهره: ولو لم يعلم النائب
ذلك. وهل إذا لم يعلم حتى أحرم يقع حجِّه عن نفسه أو عن مستنيبه؟ وهل نفقته
على مستنيبه أو في ماله؟ وهل ثواب حجِّه له أو لمن استنابه؟ قال المحبّ ابن
نصرالله: لم أجد من تكلم على ذلك. قال: ويتجه وقوعه عن مستنيبه، ولزوم
نفقته أيضًا، وثوابُهُ له. والله أعلم، لأنه إن فات إجزاء ذلك عنه، لم يفت
وقوعه عنه نفلاً. اهـ. واستظهره ع ن وقال: وعليه فيعايا بها، فيقال: شخص صح
نفل حجه قبل فرضه اهـ. وقال المصنف في الغاية: ولا يرجع، أي المستنيب،
عليه، أي على نائبه بما أنفق قبل أن عوفي لا بعده، لعزله إذن. ومثله قال م
ص في شرح المفردات.
قال شيخ مشايخنا الشيخ حسن الشطي: وقول ابن نصرالله أظهرُ، يُعَضُّ عليه
بالنواجذ، فتأمله اهـ.
(8) قوله: "من حيث وجبا": أي من بلد الميت، أو دون مسافة قصرٍ منها، ويجوز
من أقرب وَطَنَيْهِ. وإن ضاق ماله حُجَّ عنه من حيث يبلغ. وإن مات في
الطريق حج عنه من حيث مات.
(9) قوله: "وتزيد الأنثى الخ": ظاهر كلامه كغيره أن الخنثى كالرجل.
تدبر.
وقوله: "وتزيد الأنثى شرطًا سادسًا الخ": ظاهره أن المَحْرَمَ شرط للوجوب،
لا لِلُزوم السعي. وفي الغاية للمصنف: "وشرط لوجوب سعيٍ على أنثى محرمٌ"
اهـ. فعليه: إذا ماتت، أو مرضت مرضًا لا يرجى برؤه، ولا محرم لها، أو أيست
منه، أقيم من يحج ويعتمر عنها؛ وعلى الأول - وهو المذهب كما في الإنصاف -
لا. وذكر في الإقناع أن من أيست من المحرم يلزمها أن تقيم نائبًا، مع أنه
ذكر أن
(1/145)
[1/ 290] المحرم شرطٌ لوجوب الحج على
المرأة، لا للزوم الأداء. ففيه نوع تناقض. فتأمل وتفطن.
(10) قوله في المحرم: "وشرط كونه مسلمًا ذكرًا": يفيد أن الخنثى لا يكون
محرمًا.
وقوله: "وهو من تحرم عليه على التأبيد" [28ب]: أي فلا يكون محرمًا لأخت
زوجته أو عمتها ونحوهما. وكذا لا يكون العبد محرمًا لسيّدته، لأن التحريم
غير مؤبد.
وكان على الشارح أن يزيد في الحد "لحرمتها" حتى يخرج الملاعِن، فإنه لا
يكون محرمًا لمن لاعنها، لأن تحريمها عليه إلى الأبد ليس لحرمتها، بل
تغليظًا عليه.
وقوله: "أو سبب مباح": أي ومصاهرة، فلا يصير محرمًا لأم موطوءته بزنا أو
بشبهة أو بنتِها، لأن تحريمها عليه بسبب محرم. وكان عليه أن يقول "سوى نساء
النبي - صلى الله عليه وسلم -" فإنهن محرَّمات على المؤمنين بسبب مباح على
الأبد، وليسوا محارم لهن.
وقوله: "وشرط كونه مسلمًا": أي فالكافر لا يكون محرمًا لابنته المسلمة
ونحوها، ولو قلنا يجوز دخول الكافر في الحرم للضرورة أو للحاجة. وظاهر
إطلاقهم أنه لا يشترط في المحرم أن يكون عدلاً أمينًا. وعندي فيه نظر،
خصوصًا فيمن يكون محرمًا بالمصاهرة أو الرضاع، فإن الطباع الخسيسة والنفوس
[المريضة] لا تحترم أم الزوجة أو بنتها، ولا الأم أو البنت أو الأخت ونحو
ذلك من الرضاع، ولا سيما في هذه الأزمان الفاسدة، كما هو مشاهد. وقد أوضحت
ذلك في "دليل الناسك لأداء المناسك" فارجع إليه إن شئت (1).
__________
(1) حاصل ما ذكره هناك في (ص 22) أنه لو قيل باشتراط أمانة المحرم وعدالته
لسفر الحج. لكان له وجه. قال: ووجدت في الفروع: "ويتوجه اشتراط كون المحرم
أمينًا". قال في الإنصاف: "وهو قوي" ثم ذكر أنه وجد نقلًا عن الإمام مالك
أنه كره سفر المرأة مع أبي زوجها، لغلبة الفساد. وقوّاه بأن الحكم يختلف
باختلاف الزمان.
(1/146)
باب الإحرام
[1/ 291]
(1) قوله: "من الميقات": أي فميقات أهل المدينة "ذو الحليفة"، وتسمَّى
أبيار علي، بينها وبين مكة عشر مراحل، وهي عن المدينة ستة أميال أو سبعة.
وميقات أهل الشام ومصر والمغرب "الجُحْفَة" قرب رابغ، وهي متوسطة بين مكة
والمدينة أو إلى مكة أقرب بيسير. وميقات أهل اليمن "يَلَمْلَم"، عن مكة
مرحلتان، ثلاثون ميلًا. وميقات أهل نجد واليمن والطائف "قَرْن المَنَازِل"،
أو [قرن] الثعالب، على يوم وليلة من مكة. وميقات أهل العراق وخراسان ونحو
ذلك "ذاتُ عِرْقٍ". فهذه المواقيت لأهلها ولمن مرّ عليها. فلو مرّ أهل
الشام على ذي الحليفة، لم يكن لهم مجاوزته إلا محرمين. وقال شيخ الإسلام:
يجوز تأخير الإحرام إلى الجحفة حينئد. وقوّاه في الفروع. ومن منزله دون
الميقات يحرم منه، فمن في مكة يحرم منها، ويصح من الحلّ، ولا دم عليه،
ويحرم لعمرةٍ من الحل.
ويصح من مكة وعليه دم.
ومن لم يمرّ بأحد المواقيت أحرم إذا علم أنه حاذى أقربها إليه. وسن له أن
يحتاط وإن لم يحاذِ ميقاتًا، كالذي يجىء من سواكن إلى جدة من غير أن يمرّ
برابغ ولا يلملم لأنهما حينئذ أمامه فيصل إلى جدة قبل محاذاتهما، فيحرم عن
مكة بقدر مرحلتين فيحرم في المثال من جدة. وذلك أقل المواقيت.
(2) قوله: "لأن العمرة الخ" الصواب "العبرة" بالباء، وحاصل هذه العبارة أنه
لو أحرم بالعمرة في رمضان، وتحلَّل منها في شوال، لم يصر متمتعًا، لأن
العبرة بالشهر الذي يهل بها فيه.
باب
محظورات الإحرام
(1) قوله: "تسعة": أي بجعلِ قص الأظفار محظورًا مستقلًا، وجعل المباشرة دون
الفرج محظورًا مستقلًا. وهذا التعداد أولى من تعداد المصنف، فإن
(1/147)
[1/ 294] قص الظفر غير حلق الشعر،
والمباشرة دون الفرج غير الوطء في الفرج. والحاصل أن ما في المتن ليس
ناقصًا عن الذي في المنتهى والإقناع، بل مستوفٍ كما أوضحناه.
(2) قوله: "على الرجل": مفهومه أن الخنثى المشكل يجوز له لبس المخيط، وكذا
تغطية الرأس. ومفهوم قوله: "وتغطية الوجه من الأنثى" أن الخنثى إن غطى وجهه
لا فدية عليه، وهو كذلك في الجميع. نعم إن غطّى رأسه ووجهه، أو لبس مخيطًا
وغطى وجهه، فدى، لأنه لا يخرج عن كونه رجلاً أو امرأة. صرح بذلك كله في
الإنصاف، فراجعه.
(3) قوله: "قصد شم الطيب": أي بخلاف شم الفواكه، كتفاحٍ ونحوه، فلا يحرم.
وكذا شم نبات الصحراء، كشِيحٍ وإذْخِرِ ونحوهما مما لا يتخذ طيبًا، وكذا ما
ينبته الآدمي لغير قصد الطيب، كحِنَّاءٍ وقَرَنْفُلٍ ونحوهما، أو ينبته
الآدمي لقصد الطيب ولا يتخذ منه طيب، كريحان فارسي. ومحل الخلاف فيه (1).
ولا فدية أيضًا بشمِّ الآس والنرجس، بخلاف وردٍ وبَنَفْسَجٍ وياسمين ونحو
ذلك اهـ. ملخصًا من الإقناع.
(4) قوله: "ما يعلق" هو بكسر اللام، لأنه من باب ضرب، كما في الحاشية (2).
(5) قوله: "وكذا المتولد منه ومن غيره": شمل قسمين أحدهما: المتولد بين
وحشيٍّ مأكول وأهليٍّ، ثانيهما: المتولد بين مأكول وحشي وغير مأكول،
تغليبًا لجانب الحظر. قلت: [29أ] فيعايا بها، فيقال: شخص محرم قتل صيدًا
غير مأكول، ولزمته الفدية. وذلك لأن المتولد بين المأكول وغيره لا يؤكل،
كما يأتي في الأطعمة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(6) قوله: "وطأً يوجب الغسل": أي بأن يولج الحشفة كلها، أو قدرها من
__________
(1) أي لأن فيه عن أحمد روايتين، ذكرهما في الفروع وكشاف القِناع.
(2) بل هو من عَلِقَ يعْلَقُ من باب فَرِحَ، كما في كتب اللغة.
(1/148)
مقطوعها، بدون حائل. فمفهومه إن كان الوطء
غير موجب للغسل لا يحرم. [1/ 297] وليس كذلك، بدليل أن دواعي الوطء
والمباشرة دون الفرج حرام أيضًا، كما ذكر المصنف، فالوطء الذي لا يوجب
الغسل أولى. ولعل هذا القيد للوطء الذي يفسد النسك، وأما بدونه فيحرم فقط،
ثم إن أنزل فعليه فدية، وإلا فلا، ولكن ينبغي أن يُحرَّر الحكم.
وقوله: "السابع الوطء الخ": أي ويفسد به النسك قبل التحلل الأول في الحج،
وقبل تمام السعي في العمرة.
وقوله: "ولو كان المُجامع الخ": اسم فاعل، أي وكذا المجامَعُ، اسم مفعول،
بدليل قوله: "أو نائمة"، لكن المكرهة والنائمة لا فدية عليهما، كما صرحوا
به. وإنما يفسد نسكهما. هذا توضيح العبارة، فافهمه.
(7) قوله: "ودواعيه": أي من نحو قبلة أو لمسٍ لشهوة أو تكرار نظر.
(8) قوله: "والمباشرة دون الفرج": أي كالوطء بين الفخذين ونحوهما.
وقول الشارح: "ولا يفسد النسك": ظاهره ولو أنزل منيَّا، وهو كذلك.
وكان الأولى ذكره بعد قول المصنف "الاستمناء" ليشمله.
وقوله: "والاستمناء" أي بيده أو يد زوجته. وظاهره أن ذلك كله محظور ولو لم
ينزل منيًّا.
(9) وقول المصنف: "وفي جميع المحظورات الفدية، إلاّ القمل الخ": فيه أن
دواعي الوطء ونحوها من دون إنزال لا فدية فيها، مع أنها محظورات. والله
أعلم.
باب الفدية
(1) قوله: "وهي ما يجب الخ": أي هذا تعريف الفدية شرعًا. وأما في اللغة فهي
مصدر فدى يفدي فداء. وأصل الفدية ما يعطى في افتكاك أسير أو إنقاذٍ من
هلكة. وإطلاق الفدية في محظورات الإحرام فيه إشعار بأن من أتى محظورًا منها
فكأنه في هلكة، يحتاج إلى إنقاذه منها بالفدية التي يعطيها. وسبب ذلك والله
أعلم
(1/149)
[1/ 299] تعظيم أمر الإحرام، وأن محظوراته
من المهلكات، لعظم شأنه وتأكُّد حرمته. ولم أجد من اعتنى بالتنبيه على هذا،
فليسُتَفَدْ فإنه من النفائس اهـ ابن نصرالله اهـ. ع ن.
(2) قوله: "بين ذبح المثل الخ": أي إن كان له مثل، وأما إن كان لا مثل له
كالإوزّ ونحوه، فهو بالخيار إما أن يشتري بقيمته طعامًا ويطعمه للمساكين،
وإما أن يصوم عن كل طعام مسكين يومًا.
وقوله: "أو تقويم المثل الخ": هذا كما قال ابن هشام، مما أولع به الفقهاء،
فإنهم يقولون: "يخيّر بين كذا أو كذا" والصواب الواو. أي العطف بالواو، بأن
يقال: بين كذا وكذا. وعلى هذا فالأنسب في العبارة هنا أن يقال في قسم
التخيير: "فيجب ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين الخ"
وكذا في جزاء الصيد يقال: "فيجب ذبح المثل أو تقويم المثل الخ" ولا حاجة
لقوله يخيَّر، فإن "أو" تفيد التخيير. لكن لما كان وضع هذا الكتاب للمبتدئ
ناسب التصريح بذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
(3) قوله: "أي عدم المتمتع والقارن الخ": الصواب أن يقول: "أو القارن أو
تارك الواجب" لأن الضمير المستتر المفسر بقوله: "أي" الخ مفرد، وكان الأولى
أن يقول: "أي عدم أحدهم الهدي الخ" أي أحد الثلاثة المذكورين في عبارة
المصنف. والله أعلم.
فائدة: ومن كرَّر محظورًا من جنس واحد غير صيد، كمن لبس مخيطًا في أوقات
متعددة، أو حلق رأسه مرارًا، أو وَطِئ مرارًا ولو زوجةً غير الأولى، ولم
يخرج فدية، لزمته فدية واحدة. وأما لو لبس مخيطًا وفدى، ثم لبسه مرة أخرى،
فيفدي ثانيًا، وهكذا. وأما جزاء الصيد فيتكرر بتكرره مطلقًا.
فائدة: إذا لم يصم عادم الهدي ثلاثة أيام في الحج، ولو بعذر، صام بعد ذلك
عشرة أيام وعليه دم. ولا يجب تتابعٌ في صومها. ومتى وجب عليه الصوم [29ب]
ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه، سواء شرع في الصوم أم لا، وإن
شاء انتقل إليه. ومن لزمه صوم المتعة، فمات قبل أن يأتي به لغير عذر،
(1/150)
أطعم عنه لكل يوم مسكين، وإن لم يصمه لعذر
حتى مات فلا إطعام اهـ ملخصًا [1/ 300] من الإقناع.
(4) قوله: "بعد إحرام بحجٍّ": هكذا عبارة المنتهى والإنصاف. وهي توهم، وإن
دَفَع الإيهام بقوله "لكن الخ" فالأولى "بعدها فراغ حج" كما هو ظاهر.
تأمّل.
وقوله: "لا يصح أيام مني": أي ولا بعدها قبل طواف الإفاضة، لأنه من أعمال
الحج، وهي لا يصح صومها إلاَّ بعد فراغ أعمال الحج. فتفطن.
فصل في جزاء الصيد
(1) قوله: "والصيد الذي له مثل": أي في الخلقة، لا في القيمة، ولو أدنى
مشابهة.
وقوله: "يجب فيه ذلك المثل الخ": أي فما قضت فيه الصحابة يجب المصير فيه
إليهم، وما لم تقض فيه الصحابة شيئًا، وكان له مثل من النَّعَمِ، يرجع فيه
إلى قول عدلين خبيرين. ويجوز كون القاتل أحدهما أو هما. قال ابن عقيل: إذا
كان خطأً، أو لحاجة أكله، أو جاهلاً تحريمَهُ. قال المنقح: وهو قويّ، ولعله
مرادهم، أن القتل عمدًا (1) ينافي العدالة. وفي الغاية: ولو عمدًا وتابا.
فحرّر وتدبر.
(2) قوله: "وفي حمار الوحش بقرة": رُوي ذلك عن عمر رضي الله عنه (2).
(3) قوله: "قال الإمام الخ": أي وحكم بها عمر وابن عباس (3).
(4) قوله: "روى ذلك عن علي وابن عمر": أي وروى جابر مرفوعًا: "في الظبي
شاة" (4) قاله في شرح المنتهى لمؤلفه.
__________
(1) هكذا الأصل، ولعل الصواب: "لأن القتل عمدًا" إلخ.
(2) راجع تخريج هذا الأثر وما بعده من الآثار للشيخ محمد ناصر الدين
الألباني في إرواء الغليل (4/ 241 وما بعدها).
(3) حديث "في الضبع كبش" أخرجه أبو داود (3801) والحاكم (1/ 452) وصححه
الألباني
(الإرواء 4/ 242).
(4) حديث: "في الظبي شاة، وفي الضبع كبش، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع
جفرة" أخرجه البيهقي وابن عدي من حديث عمر وحديث جابر مرفوعًا (كنز العمال
5/ 38).
(1/151)
[1/ 301] (5) قوله: "وفي الضبّ جَدْي": قضى
به عمر.
(6) قوله: "وفي اليربوع جفرة": رُوي عن عمر وابن مسعود وجابر.
(7) قوله: "وفي الأرنب عناق": يروى عن عمر أنه قضى بذلك.
(8) قوله: "وفي الحمام الخ": قضى به عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس.
(9) قوله: "فقيمته مكانه": ظاهره أنه يتصدق بقيمته، وأن ذلك متعين، وليس
كذلك، وإنما الواجب أن يشترى بقيمته طعامًا، ويطعمه للمساكين، أو يصوم عن
كل طعام مسكينٍ يومًا. فهو من قسم التخيير، وقد نبهنا عليه هناك فتفطن.
فصل في صيد الحرم ونباته
(1) قوله: فيحرم على المُحِلّ": أي ولو بحريًّا، ولكن لا جزاء فيه، أي
البحري، لعدم وروده.
(2) قوله: "وسواك": أي بالرفع عطفًا على "ما"، أي وحتى سواك ونحوه، لا
بالجر عطفًا على شوك، كما قد يتوهم.
(3) قوله: "أو انكسر": أي بفعل غير آدميّ، لا يجوز أخذه والانتفاع به. وهو
كذلك، خلافًا لما في الغاية، تدبر.
(4) قوله: "وشجر غرس من غير شجر الحرم": مفهومه أنه لو قلع غرسًا من شجر
الحرم، وغرسه بالحل، فقلعه غيره من الحل، يلزم الثاني جزاء. وهو كذلك.
بخلاف الصيد إذا خرج من الحرم فلا حرمة له، لخروجه باختياره. أفاده ابن
نصرالله.
(5) قوله: "ويحرم قطع حشيشه": أي بخلاف رَعْيِهِ، فيباح.
(6) قوله: "ويجزئ عن سبع شياهٍ بَدَنةٌ أو بقرة": قال في الاقناع: وذكر
جماعة: إلاّ في جزاء صيد.
(7) قوله: "وتجب كلها": قال المصنف في الغاية: ويتجه إن كانت كلها في ملكه
اهـ. أي فلو كان من عليه دم له سُبع ُبدنة، وأذن له شريكه في ذبحها وأخذ
(1/152)
حقه منها، فذبحها، فإنه يجزيه ذلك السبع،
ولا تجب عليه كلها. وهو ظاهر. [1/ 304]
باب
أركان الحج وواجباته
أي وسننه، فإنه ذكرها في هذا الباب. فقد ترجم لشيء وزاد عليه، وهذا لا يعد
عيبًا.
(1) قوله: "أو كلهم إلا قليلاً الخ": يفيد أنه لو وقف النصف في الثامن أو
العاشر خطاً لا يجزئهم، لأن الباقي ليس قليلًا. وعبارة بعضهم: وإن أخطأ
بعضهم فاته الحج. وفي الانتصار: وإن أخطأ عدد يسير، وفي الكافي: إن أخطأ
نفر منهم، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة، فاتهم الحج.
وقوله: "خطأ": يشمل ما لو كان الخطأ لغلطٍ في العدد، أو في الرؤية، أو
الاجتهاد مع الغيم. قال في الفروع: وهو ظاهر كلام الإمام وغيره. اهـ. قلت:
وفي الإنصاف ما يفيد أنهم لو أخطأوا لغلطٍ في العدد، أو في الطريق ونحوه،
فوقفوا العاشر، لم يجزهم إجماعًا. فليحرر.
ثم لو وقف الحجاج كلهم في غير أرض عرفة خطأ، فالظاهر أنه لا يجزئهم.
ولم أر من صرح به من علمائنا، ولكن صرح به بعض الشافعية. وقد يؤخذ من كلام
علمائنا أيضًا ما يؤيده. لكن يطلب الفرق بينه وبين ما تقدم، فإن الشارع أمر
بالوقوف في زمان معين وفي مكان مخصوص، فما الفرق بين من يقف في غير زمان
الوقوف، ومن يقف في غير مكانه؟ فإن قيل إن الغلط في الزمان يكثر فاغتُفِر،
بخلاف المكان، فإنه [30أ]، لا يكاد يخفى لتكرره من أهل مكة ومن قرب منهم
كثيرًا. قلت: قد يعدّ هذا فرقًا لما له من النظائر، لكن يعكِّر عليه كونهم
لم يغتفروه في خطأ الأقل، مع أنه نادر أيضًا. لكن قد يقال إنه أكثر من خطأ
الأكثر، أو أكثر.
(2) قوله: "والرمل الخ": سيأتي التصريح به في المتن قريبًا فلا حاجة لذكره.
(1/153)
[1/ 307] (3) قوله: "فعليه دم": أي [فإن]
عدمه أو ثمنه، صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، كمتمتع، وتقدم.
(4) قوله: "ويكره أن يقال: حجة الوداع": لأنه تفاؤل بأنه لا يعود.
فصل في شروط الطواف
(1) قوله: "ودخول وقته": أي إن كان واجبًا، وإلا فلا وقت.
(2) قوله: كما تقدم أي بيان العورة في شروط الصلاة إذْ لا فرق.
(3) قوله: "والطهارة من الحدث،: لم يقيّدوها بالقدرة عليها هنا، وأما في
الصلاة فقد تقدّم أنها شرط مع القدرة. ويتجه هنا كذلك، إذ لا فرق، بل
الصلاة آكد.
وقد أفتى شيخ الإسلام بصحة طواف الحائض لعذر، وهو الصواب إن شاء الله
تعالى. ومثله يقال في اجتناب النجاسة. وإذا طاف وعليه نجاسة جهلها أو نسيها
يجري فيه الخلاف المذكور في الصلاة. وكذا يقال في ستر العورة، إلاَّ أن
يفرق بأن الطواف لا آخر لوقته بخلاف الصلاة. لكن قد يقال: تصح صلاة فاقد
الطهورين والسترة من أول الوقت، مع أنه متسع. هذا ما ظهر لي والله سبحانه
وتعالى أعلم.
(4) قوله: "المشي مع القدرة": وذكر الموفق إجزاء السعي راكبًا لغير عذر
اهـ.
فصل في شروط السعي
(1) قوله: "الطهارة، وستر العورة": أي فلو سعى محدثًا أو عاريًا أجزأ، لكن
ستر العورة واجب مطلقًا فيأثم بتركه.
(2) ومن خصائص ماء زمزم أنه يقوِّي، ويسكَنُ الرَّوْع، ولذلك غُسِلَ صدره
الشريف - صلى الله عليه وسلم - به ليقوى على رؤية ما رأى. وقالوا إنه أفضل
من الكوثر، وأفضل منهما ما نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم -.
(1/154)
باب الفوات
[1/ 310]
(1) قوله: "وهو سَبْق لا يُدْرَك": أي فهو أخص من السبق.
(2) قوله: "فجر الخ": أي الفجر الثاني.
وقوله: "لعذر حصر الخ": بإضافة عذر إلى حصر إضافةً بيانية، أي عذرٌ هو حصر.
وقوله: "أو غيره" أي أو غير عذر. ولا يصح تنوين عذر لأن المعنى عليه يحصُرُ
فوات الحج فيمن فاته وقت الوقوف لعذر، مع أنه عام في المعذور وغيره، إلا أن
يقال: غير المعذور معلوم بطريق الأولى.
(3) قوله: "وانقلب إحرامه عمرة": أي من غير تجديد نية.
وقوله: "فيطوف الخ": أي ولو طاف لقدوم وسعَى بعده.
(4) وقوله: "لا تجزئ عن عمرة الإسلام": أي لأنه لم ينوها ابتداءً.
(5) وقوله: "وعليه القضاء": أي قضاء الحج الفائت. وبعد القضاء يحج حجة
الإسلام إن لم يكن حجها. وقول الشارح: ولو كان الحج الفائت نفلاً. هذا
المذهب. وفي الإقناع ما يفيد أن المحصور لا يقضي نفلاً، وغير المحصور يقضي
ولو نفلاً.
(6) وقوله: "ومن حُصِرَ عن البيت الخ": أي قبل التحلل الأول. وأما لو حصر
بعده عن البيت فلا يتحلل إلا بالطواف، كما يأتي قريبًا.
(7) قوله: "وعليه دم": أي ويؤخره إلى القضاء يذبحه فيه فإن عدمه زمن الوجوب
صام ثلاثة أيام في الحج أي القضاء وسبعة إذا رجع إلى أهله اهـ إقناع.
(8) قوله: "ولا قضاء عليه": أي ويحج حجة الإسلام إن لم يكن حج، وكانت واجبة
عليه قبل.
باب
الأضحية والعقيقة
(1) قوله: "وتجب بالنذر الخ": أما لو اشتراها ونواها أضحية فلا تجب
(1/155)
[1/ 312] بالنية على الصحيح من المذهب،
وإلا فلا تكون التضحية تطوعًا أصلًا (1) اهـ فتنبه.
(2) قوله: "لزمه" أي ذبحها.
وقوله: "وتفريقها على الفقراء": ظاهره أنه لا يجوز له الأكل منها حينئذ، مع
أنه يأتي أن له الأكل من أضحيته ولو واجبة بنذر أو تعيين، إلا أن يحمل ما
هنا على ما إذا أوجب ذبحها على نفسه من غير أن يقصد أضحيةً بل نذرها
مطلقًا، بخلاف ما لو نذرها أضحية، فإنه يجوز له الأكل والهدية والصدقة
كالتطوع، لأن هذا حكم الأضحية، فلم يتغير.
(3) قوله: "ولو أوجبها ناقصة الخ": أي بأن كانت عوراء أو عرجاء ونحوها.
وانظر هل يلزمه ذبحها في أيام النحر، أو في أي وقت شاء. وكلامهم يشمل ما لو
أوجبها وهي في سن لا يجزئ. وهل إذا جاء العيد ولم يكن سنها حدّ الإجزاء
يلزمه ذبحها، أو يجوز تأخيرها إلى العام القابل، أو يلزمه ذلك؟ وهل إذا
أوجب ما في بطن [30ب] بقرته مثلاً، بأن قال: ما في بطن بقرتي هذه أضحية، ثم
ولدته وكمل عمره سنتين ودخل في الثالثة يلزمه ذبحه أضحية، أو لا يلزمه؟
وهذه الأخيرة حادثة الفتوى، وقد سئلت عنها فظهر لي في الجواب أنه يلزمه،
لأنه لو نذر الصدقة به وهو في بطن أمه لزمه الوفاء، فكذا إذا أوجبه أضحية.
لكن لم أو من صرّح به، وربما دل عليه قولهم: وإن أوجبها ناقصةً الخ.
وهل مثله لو قال: ما تحمله شاتي أو بقرتي أضحية، فحملت وولدت؟ ينبغي أن
يحرر. والذي يظهر لي فيما إذا أوجب ما لا يبلغ حدَّ الإجزاء أنه إذا أوجبه
في عامه يلزمه ذبحه، ولا يجزيه عن الشرعية. وإذا أوجبه وأطلق، فيلزمه
إبقاؤه إلى العام القابل. لكن لم أره. فتدبر.
(4) قوله: "وعن أهل بيته الخ": أي مثل امرأته وأولاده ومماليكه، لا نحو
أخٍ، فأخوان مشتركان في عائلةٍ واحدة، واشترى أحدهما أضحية، ونواها لهما،
__________
(1) قوله: "وإلا فلا تكون التضحية تطوعًا أصلًا": لا يظهر لي معناه، مع أن
المذهب كونها
تطوعًا أصلاً.
(1/156)
وذبحها، فلا تجزئ أضحية. وإنما لحمٌ
يأكلانه. وغالب الناس واقع في ذلك. [1/ 313]
(5) قوله: "لأنه قبل ذلك لا يلقح": أي بخلاف الضأن، فإنه ينزو ويلقح بعد
ستة أشهر.
فائدة: وإن عيَّنَ أضحية أو هديًا فسرق بعد الذبح فلا شيء عليه. وكذا إن
عيّنه عن واجبٍ في الذمة، ولو بالنذر. فإن تلفت ولو قبل الذبح أو سرقت أو
ضلت قبله فلا بدل عليه إن لم يفرط.
وإن عيَّن عن واجبٍ في الذمة وتعيّب أو تلف أو ضل أو عطب أو سرق ونحوه لم
يجزئه، ولزمه بدله، ويكون أفضل مما في الذمة.
وإن ذبحها ذابح في وقتها بغير إذنٍ، ونواها عن ربها أو أطلق، أجزأت ولا
ضمان على الذابح. وإن نواها عن نفسه، مع علمه بأنها أضحية الغير، لم "تجزئ
مالكها، وإلا أجزأت إن لم يفرق لحمها الذابح.
وإن أتلفها صاحبها ضمنها بقيمتها يوم التلف، تُصْرَفُ في مثلها، كإتلاف
أجنبي.
وإن فضل من القيمة شيء عن شراء المثل اشترى به شاةً إن اتسع، وإلاّ اشترى
به لحمًا، فتصدق به، أو يتصدق بالفضل.
وإن فقأ عينه تصدّق بالأرش.
ويقدّم واجبٌ في الذبح على تطوّع. قاله في الإقناع. قال م ص ولعل المراد:
استحبابًا مع سعة الوقت. وقد تقدم: لمن عليه زكاةٌ الصدقةُ تطوعًا قبل
إخراجها. ولا يكاد يتحقق الفرق اهـ.
مسألة: وإن اشترى أضحية واستثنى البائع جلدها، فهل تصح التضحية بها ويلزمه
أن يتصدق بقيمة الجلد لأن ذلك بمنزلة بيعه، أو لا تصح التضحية بها لنقصها؟
لم أره في كلامهم. والذي يتجه عندي عدم صحة ذلك، ولا يحتمل أن يصح. ينبغي
أن يحرر.
ومن أوجب أضحية فله إبدالها بخير منها، وكذا بيعها وشراء خير منها، لا
مثلها. أو في ونها. وقيل يجوز مثلها، اختاره جماعة.
(1/157)
[1/ 313] (6) قوله: "بيِّنةُ العَوَر الخ":
أي وأما لو كان غير ظاهر، كما لو ذهب نورها وهي صحيحة، فتجزئ.
(7) قوله: "قاله في المستوعب والتلخيص" أي والترغيب والرعاية الكبرى
والزركشي (1).
(8) قوله: "ولا خصي مجبوب" يفهم من هنا ومن قوله سابقًا: "ويجزئ الخصي" أن
المجبوب فقط يجزئ، وهو كذلك.
وقوله: "ولا عضباء الخ" هذا الصحيح من المذهب، وهو من المفردات.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمالٌ: يجوز أَعْضَبُ، الأذن والقرن مطلقًا، لأن
في صحة الخبر نظرًا (2)، والمعنى يقتضي ذلك، لأن القرن لا يؤكل والأذن لا
يقصد أكلها غالبًا. ثم هي كقطع الذنب، وأولى بالإجزاء اهـ. قال في الإنصاف:
قلت: هذا الاحتمال هو الصواب اهـ. أقول: ويتجه في العصماء مثله، بل أولى
فليحرر.
(9) قوله: "ويُسَنُ نحر الإبل": أي ويجوز ذبحها. وقوله: "والبقر والغنم":
أي ويجوز نحرها.
وقوله: "ويسن نحر الإبل الخ": وإن نحر الأضحيةَ أو ذبحها كتابي جاز على
الصحيح. ويسن أن يكون مسلمًا.
(10) قوله: "ويأتي حكم ما إذا نسيَ في الذكاة": أي وذلك لا يضر، بخلاف من
تَرَكَها عمدًا أو جهلاً.
(11) قوله: "اللهم هذا منك ولك": أي من فضلك ونعمتك، لا من حولي وقوَّتي،
ولك التقرّب به لا إلى شيء سواك، ولا رياء ولا سمعة.
__________
(1) أما المستوعب والزركشي والرعاية فقد تقدم بيانهم.
وأما الترغيب: فلعل المراد به "ترغيب القاصد في تقريب المقاصد" لفخر الدين
بن تيمية (-622 هـ) و "التلخيص" أيضًا له، لكن اسمه "تخليص المطلب في تلخيص
المذهب".
(2) مراده بالخبر حديث علي: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُضَحى
بأعضب القرن والأذن " أخرجه الخمسة وصححه الترمذي. هكذا في منتقى الأخبار.
ولم يذكر صاحب "نيل الأوطار" (5/ 124) خلافًا في صحة الحديث.
(1/158)
(12) قوله: "فلا تجزئ قبل ذلك" ظاهرٌ أنه
لو ذبح قرب الزوال، وكان قبل [1/ 314] الصلاة، لا تجزئ إذا كان في بلدٍ
يصلى فيه. نعم، إذا دخل وقت الزوال ولم يصلوا لعذرٍ أو غيره، جاز ذبح
الأضحية، لفوات [31أ] التبعية بخروج وقت الصلاة. كذا في حاشية ابن عوض.
(13) قوله: "ويجب أن يتصدق الخ": أي ما لم تكن أضحية يتيم، وإلا فلا يجوز
الصدقة منها بشيء (1).
وهل إذا تصدق من الأضحية على كافر يجوز أو لا؟ ذكروا أنه يجوز من غير
واجبة.
وقوله: "بأقل ما يقع عليه اسم اللحم": قال بعضهم قدر أوقية، ولم يبيّنوا ما
المراد بالأوقية، هل هي عراقية أو دمشقية أو قدسية. ينبغي أن يحرر (2).
وقولهم: (يتصدق بهذا القدر لحمًا فلا يكفي إطعام الفقير" هل مرادهم نيئًا
أو يكفي مطبوخًا أو مشويًّا إذا مُلَّك للفقير؟ لم أر من صرح به ولا من
أشار إليه، فليحرر. ثم رأيته مصرَّحًا به في الإقناع وغيره أنه يكون نيئًا.
والله أعلم.
وهل يجوز ادّخار لحم الأَضاحي إلى أكثر من ثلاثة أيام؟ نعم يجوز إلى ما
شاء، لأنه نُسِخَ تحريم ادّخاره. قال بعضهم: ما لم يكن زمن مجاعة اهـ.
(14) قوله: "ومن مات بعد ذبحها": وفي نسخة قبل ذبحها.
(15) قوله: "فالقانع السائل": أي فيكون من "قنع" من باب "ضَرَبَ" (3) إذا
سأل وطمع.
__________
(1) أقول: في هذا نظر. فإن الصدقة من الأضحية بشيء منها واجب. والواجب
يُخْرَجُ من مال الصغير، كالزكاة. ولو قيل بامتناع الإهداء منها فله وجه.
لكن إن كان ذلك يسرّ اليتيم ويُفرِحُهُ فلم لا؟
ثم وجدت للشارح في باب (الحجْر - فصل الولاية) نقولًا تشهد بصحة ما نقوله
هنا. والحمد لله.
(2) هذا التعمق لا داعي له، فإن المراد التقريب وليس التحديد.
(3) لم نجده هكذا في القاموس ولسان العرب، بل فيهما "قنَع يقنَع" كَمَنَع
إذا سأل وذلّ.
(1/159)
[1/ 315] وقوله: "وقال إبراهيم وقتادة:
القانع الجالس في بيته المتعفف الخ" أي فيكون من قنعَ كفَرِحَ إذا تعفَّف.
فائدة: يجوز للمرأة أن تضحّي من مال زوجها بدون إذنه عن أهل بيته. قاله
الشيخ تقي الدين.
فصل في العقيقه
(1) قوله: "وهي سنة الخ": وهل إذا مات المولود قبل أن يُعَقَّ عنه تُسَنُ
أيضًا أو لا؟ لم أو من صرّح به. وقد كنت سمعت من بعض أقاربي أهل العلم أنها
لا تشرع حينئذ، لأنها في مقابلة نعمة المولود، وقد زالت بموته. ولم أدر أنه
رأى في ذلك نصًّا أو لا. فقلت: عموم كلامهم يشمل الحيّ والميت. ولم أزل من
ذلك الوقت أبحث عن هذا الحكم، إلى أن رأيت في حاشية ابن عوض على هذا الكتاب
ما نصه "قوله: والسنة ذبحها، أي العقيقة، في سابع يوم من ولادته. ولو مات
الولد قبله، ويتوجه: أو الأب اهـ" وعزاها إلى ع ن. فهو نصّ فيما قلته.
وعموم كلامهم يدل عليه. وهو مقتضى عموم الحديث.
(2) قوله: "ولا تجزئ بَدَنةٌ ولا بقرة إلاّ كاملة": أي فإذا أراد أن يشترك
اثنان فأكثر، إلى سبعة، في بدنة أو بقرة عقيقةً فلا تجزئ عنهم. وانظر لو
كان لرجل سبعة أولاد فما دون، وأراد أن يعق عنهم ببدنةٍ أو بقرة، هل يجزئه
ذلك عنهم أو لا؟ لم أو من تعرض له، وعموم نصوصهم يدل على أنه لا يجزئ، إلا
أن يقال: مرادهم فلا يجزئ فيها شرك لغير ذلك. فتنبه.
(3) قوله: "فإن فات ففي أربعة عشر": أي ففي اليوم المتمم لأربعة عشر.
وقوله: "ففي إحدى وعشرين": صوابه ففي أحدٍ وعشرين، لأن المعدود مذكر ولعله
من النّساخ، وكان الأولى أن يقول ففي رابع عَشْرِهِ، فإن فات ففي الحادي
وعشريه، أو: ففي حادي عشريه. وهو ظاهر.
(4) قوله: "كالأضحية": أي الواجبة، فإنها إذا لم تذبح في أيام النحر تذبح
بعدها في أي وقت شاء، وتكون قضاء، وأما التطوع فقد فات محلّه.
(1/160)
(5) قوله: "ويسمى فيه": أي يوم السابع، وفي
الرعاية: يسمى يوم الولادة. [1/ 318]
(6) قوله: "وتجوز التسمية باكثر من اسم": أي كما يوضع اسم وكنية ولقب.
(7) قوله: "وتحرم التسمية بعبد غير الله كعبد النبي، وعبد المسيح": وكذا
تحرم التسمية بسيد ولد آدم، أو سيد الناس، ونحو ذلك. وبعضهم تورع عن إطلاق
"قاضي القضاة".
(8) قوله: "فإن اتفق وقت عقيقته الخ": أي إن اتفق يوم سابع ولادة المولود،
أو يوم الأسبوع الثاني، أو الثالث، هو ويوم النحر، أو ثانيهِ أو ثالثهِ،
هذا ما قرره لنا شيوخنا. وهو معنى كلام العلامة البهوتي في شرح المنتهى.
وظاهره أن ما قبل الأسبوع لا يعتبر في موافقته لأحد أيام النحر، وكذا ما
بين الأسابيع وبعدها. وعندي فيه نظر، لأن وقت العقيقة من الولادة إلى ما لا
نهاية له، وإنما الأسابيع وقت فضيلة. سلمنا أنه وقت مشروعية، وبعدها تكون
قضاء، ما المانع من إجزائها، فإنه لو صلَّى مكتوبةً قضاء أو راتبة أجزأت عن
تحية المسجد، وكذا عن ستة الطواف مع إحدى الصلاتين قضاءً. وعبارة الإقناع
لا يفهم منها غير ذلك، وكذا عبارة المصنف لا تاباه.
***
(1/161)
|