حَاشِيةُ
اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ [1/ 319]
كتاب الجهاد
(1) قوله: "الكفار": أي خاصة.
(2) قوله: "ومعنى فرض الكفاية الخ": أي ومن ذلك دفع ضرر المسلمين، كستر
العاري وإشباع الجائع، على القادرين. وكالصنائع المباحة المحتاج إليها
غالبًا لمصالح الناس الدينية والدنيوية، كالزرع والغرس ونحوهما، وإقامة
الدعوة، ودفع الشبه بالحجة والسيف، وحفر الآبار والأنهار، وتنظيفهما، وعمل
القناطر والجسور والأسوار، وإصلاحها، وإصلاح الطرق والمساجد، والفتوى
وتعليم العلوم الشرعية، وما تحتاج إليه من نحو حسابٍ ولغة ونحوٍ وتصريفٍ
وقراءة.
وكذا علم الطب.
وأما غير ذلك من العلوم فهو إما حرام، كعلم الكلام، أي المخلوط بالفلسفة،
وكعلم الفلسفة، والشعبذة والتنجيم والضرب بالرمل والحصى والكيمياء وعلوم
الطبائعيين، إلا الطب. ومن المحرَّم السحر والطِّلَّسْمات، وعلم اختلاج
الأعضاء. ونسبته إلى جعفر كذب. وكذا حساب اسم الشخص واسم أمه بالجُمَّل،
وأن طالعه كذا، ونحوه. والحكم على ذلك بفقرٍ أو غنى.
وإما مكروه كالمنطق.
وإما مباح كعلم الهيئة والهندسة والعروض والمعاني والبيان.
ومن فروض الكفاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اهـ. ملخصًا من الإقناع
(1).
وقوله: "أثم الناس كلهم": الذي يظهر أن المراد بالناس من يجب عليهم، دون
غيرهم من النساء والأرقاء ونحوهم، لأنهم غير مخاطبين به. فتدبر وحرر.
(3) قوله: "للآية الشريفة": أي قوله تعالى {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ
وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح:
17] أو قوله تعالى {ليسَ على
__________
(1) في بعض أحكامه على العلوم المتقدمة نظر لا يخفى.
(1/162)
الضعفاءِ ولا على المرضى ولا على الذين لا
يجدون ما ينفقون حرج} الآية [التوبة: [1/ 320] 91].
(4) قوله: {ولا على الذين} الآية. أي وهم سبعة من الأنصار. وقيل بنو
مُقَرِّن، كما في [تفسير] الجلالين.
(5) قوله: "تكفر كل ذنب حتى الدين". أي وهذا في متهاوِنٍ في قضائه، وإلا
فالله يقضيه عنه، سواء مات حتف أنفه، أو قتل، حيث أنفقه في غير سرف ولا
تبذير. قاله الآجرّي اهـ. غاية.
(6) قوله: "الصغائر فقط": أي وأما الكبائر فلا يكفِّرها إلا التوبة. وقال
بعضهم: ظاهر الحديث يدل على غفران الصغائر والكبائر. وفضل الله تعالى أعم
وأوسع اهـ ونقل المَرُّوذِي (1): برّ الوالدين كفارة للكبائر.
(7) قوله: "ويسنّ الرباط الخ" أي لا نقل أهله وذراريه إليه إن كان مخوفًا،
فيكره إن كان من غير أهل الثغر.
(8) قوله: "وتمامه أربعون يومًا": فإن زاد فله أجره اهـ إقناع.
(9) قوله: "إلا متحرّفين الخ": معنى التحرف أن يفرّوا إلى موضع يكون القتال
فيه أمكن، مثل أن ينتقلوا من ضيقٍ إلى سعة، أو من معطشة إلى ماء، أو من
نزولٍ إلى علوّ، أو من استقبال شمسٍ أو ريح إلى استدبارهما، أو يفرّوا من
بين أيديهم لينتقض صفهم، أو تنفرد خيلهم من رجّالتهم، أو ليجدوا فيهم فرصة،
ونحو ذلك. ومعنى التحيُّز الانضمام إلى فئة ناصرة تقاتل معهم ولو بعدت
كثيرًا.
(10) قوله: "جاز": أي لكن إن ظنوا الظفر بالعدو حينئذ فالثبات أولى، بل
يستحب. وكذلك لو ظنوا الهلاك بقتالهم وإن لم يقاتلوهم أُخِذُوا أُسارى،
فالأولى أن يقاتلوا. قال الإمام أحمد: ما يعجبني أن يستأسروا. وقال: القتال
أحبُّ إليّ،
__________
(1) أي عن الإمام أحمد. والمرّوذي هو أحمد بن محمد بن الحجّاج (- 275هـ)
أحد النقلة المباشرين عن أحمد، بل قال ابن العماد: "هو أجلهم، كان إمامًا
في الفقه والحديث، كثير التصانيف" شذرات الذهب (2/ 166) و"المروذي" نسبة
إلى بلدة بخراسان يقال لها مَرْوُ الرُّوذ.
(1/163)
[1/ 321] فإن الأسر شديد، ولا بد من الموت.
وقال: يقاتل ولو أعطوه الأمان، قد لا يفون. ولو ظن هلاك الفئتين فالقتال
أولى.
مسألة: ومن أسر أسيرًا لم يجز له قتله، بل يأتي به الإمام، فإن امتنع من
المسير معه، ولو بضربٍ ونحوه، جاز له قتله. فإن قتله لغير الك، وكان
المقتول رجلاَ أثم، ولا شيء عليه، وإن كان امرأة أو صغيرًا عاقبه الإمام،
وغرَّمه قيمته غنيمةً، لأنه صار رقيقًا بمجرد السبْي.
فصل في الأسرى
(1) قوله: "المقاتلون": أي بخلاف غيرهم من زمنٍ وأعمى وشيخٍ فانٍ وراهبٍ
بصومعة. ويكونون أرقاء بمجرد السبي، كما يفهم من الإقناع والمنتهى.
(2) قوله: "مخيَّرٌ الخ": أي ما لم يسلموا بعد الأسر، فإن أسلموا تعين
[32أ] رقُّهم في الحال، وصار حكمهم حكم النساء. وعنه يخير فيهم بين رقٍّ
ومنٍّ وفداءٍ. صححه الموفق. فالفداء ليتخلص من الرق. وأما من أسلم قبل أسرٍ
لخوفٍ أو غيره فكمسلم أصليٍّ.
وقوله: "تخيير مصلحة الخ": فلو تردَّد في الأصلح فالقتل أولى. وعندي أن ذلك
يتعتن حينئذ. والله أعلم.
وقوله: "قتل": أي بالسيف في العنق. فلا يجوز التمثيل به ولا تعذيبه.
ويفدى الأسير المسلم من بيت المال. فإن تعذّر فمن المسلمين. ولا يفدى بخيلٍ
ولا سلاحِ، بل بثيابِ ونحوها.
(3) قوله: "من السبي": ليس بقيدٍ، بل المراد العموم.
(4) قوله: "كزنا ذمّيّة الخ" ومثله لو مات أبواه أو أحدهما بدارنا، فيحكم
بإسلامه.
فصل السلب للقاتل
(1) قوله: "فله سَلَبُه" أي قَتَله وهو مبارزٌ له، أو كان مُغِرًّا بنفسه.
وأما إن قتله وهو مشتغل بأكل ونحوه، أو هاربٌ، فلا يستحق سلبه. وكذا لو قتل
شيخًا
(1/164)
فانيًا أو امرأةً ونحوهما ممن لا يقتل. [1/
324]
(2) قوله: "وتُقسَم الغنيمة الخ": أي بعد دفع الأسلاب إلى أهلها.
(3) قوله: "ابنا عبد مناف": الأولى "ابنَيْ عبد مناف" لأنه صفة لهاشم
والمطلب، وهما مجروران.
وقوله: "دون غيرهم من بني عبد مناف": أي كبني عبد شمس ونوفل.
(4) قوله: "لفقراء اليتامى": فيه تخصيص لعموم الآية. وإن اجتمع أسباب في
واحد، بأن كان هاشميًا مسكينًا يتيمًا ابن سبيل، استحق بكل واحد منها، لكن
لو أعطي ليتمه فزال فقره لم يعط لفقره لزواله. قلت: وكذا لو أعطي لفقره
فزال لم يعط ليتمه، أو أعطي لكونه هاشميًا فصار غنيًا لم يعط لفقره ولا
ليتمه.
ويعطى الفقير والمسكين وابن السبيل ما يكفيهم، كالزكاة.
فصل يذكر فيه أموال الفيء مصارفها
(1) قوله: "بين أحرار المسلمين": أي لا عبيدهم، فلا يعطون منفردين، بل تزاد
ساداتهم عن غيرهم.
(2) قوله: "للآية": أي قوله تعالى {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى
فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى} إلى قوله {والذين جاءوا من بعدهم}
[الحشر: 7، 8] قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:
"استوعبت المسلمين عامّة، ما من أحدٍ إلاّ وله في هذا المال نصيب، إلا
العبيد اهـ " (1).
باب
عقد الذمة
(1) قوله: "ويجب الخ": سيأتي التصريح به في المتن.
__________
(1) ذكر هذا الأثر ابن كثير في تفسيره (4/ 341) عند هذه الآية. لكن لفظه
قال: "إلا بعض
من تملكون من أرقائكم" وقال: رواه أبو داود، وفيه انقطاع. وأخرجه ابن جرير.
(1/165)
[1/ 327] (2) قوله: "لأهل الكتاب": أي
التوراة والإنجيل، بخلاف غيرهما من صحف إبراهيم وشيث وزبور داود، فمن تديّن
بها لا تقبل منه الجزية، ولا تحل مناكحته ولا ذبيحته. وفيه وجه: بلى.
وقوله: "اليهود والنصارى الخ" فيدخل في اليهود كل من تديَّن بدين موسى
الكليم عليه السلام، كالسامرة، ويدخل في النصارى كل من تديّن بدين عيسى
عليه السلام، كما لإفرنج والأرمن والروم وغيرهم.
(3) قوله: "فصار لهم بذلك شبهة كتاب": وهذه الشبهة أوجبت حقن دمائهم بأخذ
الجزية منهم. وقد روي أن عمر لم يرض بأخذها منهم حتى شهد عنده عبد الرحمن
بن عوف "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر" (1). ولكن هذه
الشبهة لم تنهض في إباحة نسائهم وحل ذبائحهم.
(4) قوله: "يمتهنون": الصواب حذف النون.
فائدة: لا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب ولو بذلوها، لأن عمر عقد الذمة
لهم على أن يدفعوا زكاة أموالهم ضعف ما يدفعه المسلمون، وذلك بطلبهم، فإنهم
لم يقبلوا الدفع باسم الجزية، وقالوا ندفع باسم الزكاة أو الصدقة من جميع
الأموال الزكوية ضعف ما يدفعه المسلمون (2).
ومن المعلوم أن عقد الذمة مؤبد، فلا يجوز نقضه.
(5) قوله: "كالزنا": أي والسرقة.
(6) قوله: "وراهبٍ بصومعة": يؤخذ منه أنه لو كان الراهب يخالط الناس، ويبيع
ويشتري ويكتسب، يؤخذ منه الجزية. وهو كذلك. صرح به ابن نصرالله.
(7) قوله: "بعد الحول سقطت" قال حفيد المنتهي: فلو مضى سنون ولم
__________
(1) حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من
مجوس هَجَر: أخرجه البخاري (4/ 117) وأحمد (1/ 190) والترمذي (1586) كذا في
المسند الجامع (12/ 348).
(2) أخذ عمر من بني تغلب الجزية مضاعفة باسم الزكاة أخرجه أبو عبيد في
الأموال (ص 538) ط ثانية.
(1/166)
يكن دَفَعها فهل تسقط كلها؟ ظاهره تعليل
(1) "في الحول" السقوط في أكثر منه، [1/ 328] ولأن في السقوط ترغيبًا في
الإسلام، بخلاف عدمه. ولو دفعها بعد الحول، ثم أسلم، فهل يرجع بها؟ الظاهر:
نعم، لأنها لم تجب عليه (2).
فصل في أحكام أهل الذمة
(1) قوله: "من المسلمين" أي ومن غيرهم.
(2) قوله: "ويمنعون من تعلية البناء الخ": ومثله بل أولى [32ب]: يمنعون من
سكنى محل مرتفع تحته مسلم، كما أفتى به الشيخ عبد الرحمن البهوتي. ويتجه:
وتحرم إجارته لهم. وهو ظاهر لا غبار عليه.
(3) قوله: "وبكيف أصبحت الخ": وقال الشيخ: يجوز هذا ونحوه، و "أطال الله
بقاءك، وأكثر الله مالك" ونحوه.
فصل فيما ينتقض به عهد الذمي
(1) قوله:"أو زنى بمسلمة الخ": أي ولا يشترط لذلك ثبوته بشهوده المعتبرة،
بل يكفي اشتهاره واستفاضته.
(2) قوله: "ولو كان سب الخ": أي بغير قذف. وأما إن قذفه فيقتل مطلقًا.
وقيل يقتل سابُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل حال. اختاره جمع. قال
الشيخ: وهو الصحيح من المذهب اهـ.
...
__________
(1) كذا في الأصل.
(2) في هذا نظر، فإنه إن كان دفعها بعد الحول ثم أسلم، فقد أخذت منه بحق،
وأصبحت من حقوق بيت المال، فلا تخرج من بيت المال إلا بحق. بخلاف ما لو
أسلم قبل دفعها.
(1/167)
|