حَاشِيةُ
اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ [1/ 411]
كتاب الشركة
(1) قوله: "من النقدين المضروبين" أي فلا تصح في عروض، ولا في سبيكة فضة أو
ذهب. ويأتي التصريح بذلك في المضاربة.
(2) قوله: "فلا تصحّ على مجهولين" أي كما لو كان لكل واحدٍ صُبْرَةٌ من
نقدٍ لا يعلم قدرها، فلا يصح، لأنه لا بد من الرجوع لكل واحد منهما بماله،
وهو غير معلوم، فيفضي إلى التنازع.
(3) قوله: "على قدر ماله الخ": هذا إذا كان العمل من الشريكين أو الشركاء،
أما إذا كان من واحد منهما أو منهم، فيشترط أن يجعل للعامل، واحدًا أو
أكثر، أكثر من ربح ماله، وتكون عِنانًا ومضاربة. ولا تصح بقدر ماله أو
بدونه.
(4) قوله: "أن يبيع الخ": أي وله أن يودع لحاجة، ويرهن ويرتهن مع الحاجة،
ويسافر بالمال مع أمنٍ لا مع خوف. وإذا لم يعلم بالخوف، أو فُلِّسَ
المشتري، لم يضمن، بخلاف مشتراه خمرًا جاهلاً فيضمن. وليس له أن يهب من
الشركة أو يقرض ولو برهن، على ظاهر كلامهم، أو يحابي أو يضارب أو يشارك
بالمال أو يخلطه بغيره أو يستدين عليها إلاّ بإذن في الكل. ولو قيل: اعمل
برأيك، ورأى مصلحةً، جاز الكلّ. وما استدان بدون إذن فعليه، وربحه له. وإن
تقاسما دينًا في ذمّةٍ أو أكثر لم يصح على المذهب، وعنه: يصح إذا كان
بذمّتين فأكثر، نقلها حرب (1) اهـ ملخصًا من المنتهى وشرحه لمؤلفه.
فصل فيها شركة المضاربة
(1) قوله: "غشًّا كثيرًا": مفهومه أن الغش اليسير لا يضر، وهو كذلك.
فعلى هذا تكون المضاربة بالريالات التي تسمّى "بشالك" ونحوها غير صحيحة.
وكذا شركة العنان. وانظر ما المراد بالكثير واليسير؟ لم أو من نصّ عليه.
والظاهر
__________
(1) حرب: هو حرب بن إسماعيل الكرماني أحد النقلة المباشرين عن الإمام أحمد.
(1/210)
أن النصف فما فوق بهثير، ودون النصف يسير،
فنحو الريال المجيدي غشه يسير، [1/ 414] فتصح الشركة فيه، وأما البشلك فغشه
كثير. وكذلك الوزري (1) ونحوه. فليحرر.
(2) قوله: "ولو نافقة" أي الفلوس، وكذا المغشوش كثيرًا لا تصح المضاربة به
ولو نافقًا.
قوله: "المفاضلة" لعله "المفاصلة" أي المفاسخة.
فائدة: تصح المضاربة [41أ] موقتة، كضاربتك على هذه الدراهم سنَةً، وإذا مضى
كذا فلا تشتر شيئًا، أو فهو قرض. فإذا مضى وهو متاع فلا بأس، إذا باعه كان
قرضًا. وتصح معلّقةً، كإذا قدم زيد فضارب بهذا الدينار، أو اقبض ديني من
فلان وضارب به، لا: ضاربْ بديني عليك، أو على زيدٍ فاقبضه. ويصح: وكلتك في
قبض ديني عليك من نفسك. فإذا قبضته فقد جعلته بيدك مضاربة.
(3) قوله: "فلا شيء الخ،: فيكون هذا مستثنًى من قولهم "للعامل أجرة المثل
في المضاربة الفاسدة" فإن قوله "قارضتك والربح كله لي" مضاربة فاسدة كما
صرّحوا به.
(4) قوله: "صح الشراء الخ": وقيل: إن كان الشراء بعين مال المضاربة لم يصح،
وإن كان في الذمة وقع المعاقد (2)، وليس له دفعه من مال المضاربة، فإن فعل
ضمن اهـ. فتوحي.
(5) قوله: "ولو لم يعلم": وقال أبو بكر: إن لم يعلم لم يضمن، وجزم به في
"عيون المسائل"، واختاره القاضي في التعليق الكبير. قاله في التلخيص (3).
وقال هذا الصحيح عندي اهـ.
(6) قوله: "فله نفقة مثله الخ": وهل تكون من رأس المال أو من الربح؟
__________
(1) البِشلِك والمجيدي والوزري: أسماء عملات كانت دارجة في السنين الأخيرة
من العهد العثماني.
(2) "وقع المعاقد" هكذا الأصل وض. ولا يظهر وجه المعنى. ولعله "للعاقد" أي
المضارب.
(3) عيون المسائل، والتعليق الكبير، كلاهما للقاضي أبي يعلى والتلخيص للفخر
ابن تيمية.
وقد تقدم.
(1/211)
[1/ 417] تردّد فيه ابن نصرالله. قال م ص:
قلت بل الظاهر أنها من الربح، فإن لم يكن ربح فلانفقة فيما يظهر.
(7) قوله: "قوّمه الخ": أي وبعد دفع حصة العامل من الربح له ملك ما يقابلها
من العروض، ومحل ذلك إن لم يكن حيلةً على قطع ربح عاملٍ، كشرائه شيئاً في
الصيف ليربح في الشتاء ونحوه فيبقى حقه في ربحه، نقله في الفروع عن الأزجي
وابن عقيل، واقتصر عليه، وجزم به في المنتهى، لأن الحيلة لا أثر لها.
(8) قوله: "ذهبًا الخ": ظاهره أنه يلزمه ذلك، سواء كان في المال ربح أم لا.
وهو كذلك.
(9) قوله: "بإذنٍ": متعلق بمتصرف.
(10) قوله: "إن لم تكن الخ": فإن كان لكل منهما بينة قدمت بيّنة ربّ رأس
المال كما قال م ص بحثًا. وهو الموافق للقواعد.
(11) قوله: "ويقبل قول المالك الخ": أي إن لم يكن للعامل بينة. وإن كان لكل
واحد منهما بينة قدمت بينة عاملٍ على ظاهر كلامهم.
فصل في شركة الوجوه
(1) قوله: "كما شرطا الخ" ظاهره أنه لا يشترط كون ربح كل واحد منهما على
قدر ماله، بل يصح أن يكون لأحدهما ثلث المال ونصف الربح مثلاً، وهو كذلك،
كشركة عنان، وتقدم. وقال القاضي وابن عقيل ومن تبعهما: لا بد وأن يكون
الربح فيهما على ملكيهما، فإن اتفقا على أن يكون لأحدهما ثلث المال فله ثلث
الربح، وكذا نحوه.
(2) قوله: "أن يشتركا الخ": ومذهب أبي حنيفة عدم جواز هذا النوع، أعني أحد
نوعي شركة الأبدان.
(3) قوله:"بلا تفريط": أي بالتفريط يضمنه المفرط منهما فقط.
(4) قوله:"وهي أن يفؤض الخ": ما لم يدخلا في ذلك كسْبًا نادرًا، كلقطة أو
ميراث أو أرش جناية ونحو ذلك، فلا تصح.
قال في الإقناع: ولو اشترك ثلاثة، لواحدٍ دابة، ولآخر راوية، وثالث يعمل؛
(1/212)
أو اشترك أربعة: لواحد دابة، ولآخر رحًى،
ولثالثٍ دكّان، ورابع يعمل، [1/ 418] ففاسدتان، وللعامل الأجرة، وعليه
لرفقته أجرة آلتهم. وقياس نصِّه صحتها.
واختاره الموفق وغيره. قال المنقح: وهو أظهر. وصحّحه في الإنصاف. ومن
استأجر من الأربعة ما ذكر صح، والأجرة بقدر القيمة (1)، كتوزيع المهر فيما
إذا تزوج أربعًا بمهر واحد. وإن تقبَّل الأربعةُ الطحن في ذممهم صح،
والأجرة أرباعًا، ويرجع كل واحدٍ من رفقته لتفاوت قدر العمل بثلاثة أرباع
أجرة المثل.
انتهى كلام الإقناع.
باب المساقاة
(1) قوله: "دفع الشجر بلا غرسٍ الخ": مفهومه أنه لا بد أن يكون الشجر من رب
الأرض. وهو كذلك على المذهب. وفيه وجه بعدم اشتراطه. قلت: وعليه عمل الناس.
(2) قوله: "وكونه، أي البذر، من رب الأرض": قال في الإقناع: وعنه لا يشترط
كون البذر من رب الأرض. واختاره الموفق والمجد والشارح وابن رزين وأبو محمد
الجوزي والشيخ وابن القيم وصاحب الفائق والحاوي الصغير (2). وهو أقوى
دليلاً، وعليه عمل الناس اهـ. ومحله -والله أعلم- ما لم يكن البذر من
__________
(1) أي توزع عليهم على قدر أجر مثل الأعيان المؤجرة (كشاف).
(2) تقدم بيان المراد ببعض هذه الأسماء، ونذكر هنا باقيها.
الشارح: المراد به شارح المقنع، وهو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة
المقدسي، شمس الدين (- 682هـ) وهو ابن أخي الموفق صاحب المقنع والمغني.
وسمى شرحه للمقنع: الشافي. ولم يطبع كتابه هذا فيما نعلم بكماله، لكن طبع
مع المغني طبعات أذهبت منه خاصيته الأولى، وهي حسن الترتيب. ابن رزين (-
656 هـ): هو عبد الرحمن بن رزين بن أبي حبيش. له: "التهذيب في اختصار
المغني" في مجلدين. أبو محمد الجوزي: هو يوسف بن الإمام عبد الرحمن بن علي
الجوزي (- 656 هـ) قتله التتار. له: المذهب الأحمد في الفقه. الحاوي
الصغير: لعبد الرحمن البصري الضرير (- 684 هـ) وله أيضًا: الحاوي الكبير.
والكافي شرح مختصر الخرقي.
(1/213)
[1/ 422] واحد والأرض والبقر والعمل من
آخر، فإن هذه الصورة فاسدة باتفاقٍ (1)، كما يعلم من صنيع الإقناع [41ب]
فإنه ذكرها بعد الخلاف المتقدم ولم يحكِ خلافًا فراجعه.
(3) قوله: "فالمساقاة والمزارعة فاسدة": الأولى: فاسدتان، لأنه خَبَر عن
شيئين، إلا أن يقال: فيه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، وإن كان الأكثر
عكسه، كقوله تعالى {أُكُلها دائم وظلها} [الرعد: 35] أي دائم.
(4) قوله: "ولا شيء له الخ": وانظر هل مثله مُنَاصِب إن فسخ أو هَرَبَ قبل
ظهور الثمرة.
(5) قوله: "على الغاصب": أي لأنه غرّه، فلا يرجع بها على رب الشجر.
(6) قوله: "بعد ظهورها الخ": فلو ظهر ثمر بعض الشجر دون بعض فلكلٍّ حكمه.
لكن إن تمّم العامل عمله فله المسمّى مما ظهر قبل فسخٍ، وأجرة المثل فيما
لم يظهر، كما يعلم من كلام ابن نصرالله. لكن إن كان الفسخ بعد ظهور بعض ثمر
شجرة وظَهَر باقيه بعد الفسخ، أو باقي نوعه، هل حكمه كذلك، أو حكم ما ظهر
كله؟ حَرِّر.
(7) قوله: "وعلى العامل تمام العمل": قال في التنقيح: فيؤخذ منه في وام
العمل على العامل في المناصبة، ولو فسخت، إلى أن تبيد. والواقع كذلك.
(8) قوله: "والجذاذ عليهما": أي في المساقاة. وأما الحصاد والدياس والتصفية
في المزارعة فعلى العامل.
ويكره الحصاد والجذاذ ليلاً.
(9) قوله: "وما طلب من قرية الخ": ويحرم توفير بعضهم، وجعل قسطه على غيره،
ولو كان ظُلمًا، لوجوب التساوي بينهم. وأما إن كان الممتنع من دفع قسطه لا
يُجْعَل قسطه على غيره بل يسقط عن البلد فلا بأس. نبَّه على ذلك شيخ
__________
(1) بل هي صحيحة عند جماعة، واختارها شيخ الإسلام، وذكر أنها رواية عن أحمد
(الفروع 4/ 411 والاختيارات ص 150).
(1/214)
الإسلام. [1/ 425]
باب الإجارة
(1) قوله: "على خلاف القياس" قال في المنتهى: والأصح: لا اهـ. أي ليس حكمها
مستقرًا على خلاف القياس بل على وفقه. قال في التنقيح: والأصح على
وَفْقِهِ. وقال في الفروع عن الإجارة: وقد قيل هي على خلاف القياس.
والأصح: لا، لأن من لم يخصِّص العلة لا يتصوّر عنده مخالفة قياس صحيح، ومن
خصَّصها فإنما يكون الشيء خلاف القياس إذا كان المعنى المقتضي للحكم
موجودًا فيه، وتخلَّف الحكم عنه اهـ.
قلت: وجزم في الإقناع بانها على وفق القياس أيضًا. فما مشى عليه الشارح
خلافُ الصحيح.
(2) قوله: "فإن كانت موصوفة الخ": مفهومه أن ما لا يصح السَّلَمُ فيه،
كالدور والحيوان والأرض التي لا يمكن انضباط صفاتها، لا تصح إجارتها إلا
بالمعاينة. وهو كذلك. صرح به ح ف.
(3) قوله: "لا الذكررة الخ" وإن شرط شيئاً من ذلك فالظاهر أنه صحيح لازم،
لأنه قد يكون له فيه غرض صحيح. وتختلف رغبات الناس في هذا، خصوصًا إذا كان
للركوب.
(4) قوله: "صح لا أي ولكلٍّ منهما الفسخ أول كل يوم أو شهرٍ في الحال.
فائدة: لا تصح إجارة مشاعٍ مفردًا لغير شريكه إلا بإذنه، لأنه لا يقدر على
تسليمه بدون إذن شريكه، ولا إجارةُ عينٍ لمتعدد وهي لواحد إلا في قولٍ، قال
المنقح بعد أن ذكر المسألتين: وقُدِّم عدم صحة الإجارة فيهما. وعنه: بلى،
اختاره أبو حفص (1) وأبو الخطاب والحلواني وصاحب الفائق وابن عبد الهادي
وهو أظهر
__________
(1) هو أبو حفص البرمكي، اسمه عمر بن إبراهيم (- 387هـ) ويشتهر أيضًا بابن
المسلم. فقيه حنبلي بغدادي. له: "الاختيارات في المسائل المشكلات"و
"المجموع" و"شرح الخِرَقي" وغيرها.
(1/215)
[1/ 427] وعليه العمل.
(5) قوله: "والقدرة على تسليمها" أي العين المؤجرة، فلا تصح إجارة آبقٍ
وشاردٍ ولا مغصوب إلا لغاصبه أو قادرٍ على أخذه منه. وقول الشارح "فلا يصح
استئجار ديك ليوقظه" غير مطابق لما هو مفرَّع عليه. وكأنه توهم أن المراد
بقوله:
"والقدرة على تسليمها" أي المنفعة، فيكون إيقاظ الديك غير مقدور عليه.
(6) قوله: "فالكوبة" [هي] الطبل أو الباز (1).
(7) قوله: "يذكر طوله وعرضه وسمكه الخ" فلو استأجره لحفر بئرٍ عشرة أذرع
طولًا وعشرة عرضًا وعشرة عمقًا فحفر خمسة طولًا في خمسة عرضًا في خمسة
عمقًا، فاضرب عشرة في عشرة، تبلغ مائة، ثم اضرب المائة في عشرة تبلغ ألفًا.
واضرب خمسة في خمسة، بخمسة وعشرين، ثم اضربها في خمسة: بمائة وخمسة وعشرين،
وذلك ثمن الألف. فله ثُمُنُ الأجرة إن وجب له شيء.
(8) قوله: "فله الأجرة الخ" وإن كان استأجره لبناء قدرٍ معلومٍ، فبنى بعضه
وسقط، فعليه إعادته. وتمام القدر المعقود عليه.
(9) قوله: "وأن لا يجمع الخ": وهذا بخلاف الجُعالة، فإنها تصح معه، كمن رد
[42أ]، لقطتي في يوم كذا ونحوه.
(10) قوله: "وتعليم قرآنٍ": أي وأما القراءة فالظاهر أنه لا تجوز الإجارة
عليها ولا الجعالة. وقد قال العلماء: إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له،
فأيَّ شيء يهدي للميت؟ وهو عام في الإجارة والجعالة. نعم إن قرأ قرآنًا،
وأهداه لحيٍّ أو ميت من غير قصد عرض دنيويٍّ، وعُوّضَ شيئًا، أو أهدي له
مقابلةً لمعروفه، فلا بأس. فينبغي أن يفهم لهكذا. وعمل الناس بخلافه.
(11) قوله: "كما لو استأجر الخ": هذا ونحوه من كل قاصر النفع لا تجوز
الإجارة عليه، ولا الجعالة، ولا رزق من بيت المال.
__________
(1) قوله: (أو الباز) كذا في ض والأصل، ولعله اسم شعبيّ لإحدى أدوات اللهو،
ففي القاموس "الكوبة النرد أو الشطرنج، والطبل الصغير المخصّر، والفِهر،
والبربط".
(1/216)
(12) قوله: "وغيره": أي في ثِقَلٍ وخفّة.
[1/ 429]
(13) قوله: "كصلاةٍ مفروضة": أي لا نحو راتبةٍ أو وتر.
(14) قوله: "والوطاء": أي وعلى المستأجر أيضًا الوطاء.
فصل فيما تنفسخ به الإجارة
(1) قوله: "إلا أبا محمد": أي فإنه قال: "تنفسخ بموت الراكب" وهو وجيه فيما
إذا لم يقم مقامه أحد، أو لم يبق له متاع ونحوه، فإنه سيأتي قريبًا أنه إن
تعذر استيفاء النفع بفعل غير المؤجر والمستأجر، كشرود المؤجرة ونحوه، وجب
من الأجرة بقدر ما استوفى فقط. وبموت الراكب تعذَّر استيفاء النفع بفعل
غيرهما.
وهو صريح رواية حنبل (1)، وجزم به شارح الهداية (2)، وأبطل تأويل من أوَّلَ
الرواية المذكورة كالقاضي وابن عقيل. فليحرر.
(2) قوله: "وفيه التفصيل الخ " يعني إذا مات المرتضع بعد مضيّ مدة من الزمن
الذي وقع عليه عقد الإجارة فللمرضعة بقسطها من الأجرة.
فصل في الأجير الخاص والأجير المشترك
(1) قوله: "لا يضمن ما تلف بيده": أي في يده، كما لو انكسرت منه الجرة التي
يستقي بها، والآلة التي يحرث بها، أو المكيال الذي يكيل به، ونحوه.
(2) قوله: "والملاّح يضمن الخ": مفهومه أنه لا يضمن ما تلف بسبب عصوف ريح
أو هيجان بحر ونحوه، فينبغي أن يحرر.
(3) قوله: "وبزلقه": أي الحامل.
__________
(1) حنبل: هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن أسد (- 273 هـ) ابن عم الإمام أحمد،
وسمع من شيوخه. روى عن أحمد مسائل أجاد فيها الرواية، وربما أغرب برواية
ينفرد بها، وربما خالفوه.
(2) شارح الهداية: الهداية لأبي الخطاب لها شروح، ولعل مراد المحشي: شرح
أبي المعالي أسعد بن المُنَجّا التنوخي (- 616 هـ) له شرح عليها كبير في 16
مجلدًا.
(1/217)
[1/ 433] (4) قوله: "بغير فعله الخ": أي
كما لو سُرِقَ ونحوه، وكذا لو تلف المحمول بفعل الدابّة بان عثرت أو زلقت
أو بركت ونحوه، ما لم يكن بسببه، كما لو سلك بالبعير طريقًا فيها زلق أو ما
يعثر به، ولم يتأنَّ عليه. هكذا ينبغي أن يفهم هذا المحل.
(5) قوله: "شرطين": الأولى: ثلاثة: كونه حاذقًا، وكونه لم تجن يده، وكونه
بإذن مكلف أو وليه.
(6) قوله: "ضمن": أي السراية، لكن تكون الدية على عاقلته كما يأتي في
الجنايات.
(7) قوله: "وما أشبه ذلك": وفي الفصول: ويلزم الراعي توخِّي أمكنة المرعى
النافع، وتوقي النبات المضرّ، وردّها عن زرع الناس، وإيرادها الماء إذا
احتاجت إليه، على الوجه الذي لا يضرها شربه، ودفع السباع عنها، ومنع بعضها
عن بعض قتالًاونطْحًا، ويردّ الصائلة عن المصول عليها، والقَرنْاء عن
الجمَّاء، والقويّة من الضعيفة. فإذا جاء المساء وجب عليه إعادتها إلى
أربابها.
وإن ادعى موت شاةٍ ونحوها قُبِل قوله، ولو لم يأت بجلدها أو شيء منه.
(8) قوله: "ولو مدة لا تلي العقد": أي كما لو أجره دارًا سنة خمسٍ في سنة
ثلاث.
فائدة: قال القاضي فيمن استأجر عبدًا للخدمة: إن له المسافرة به في العقد
المطلق. قال فإن شرط ترك المسافرة به لزمه الشرط. قال المَجْد: هكذا ذكره
في "تعليقه" (1) في ضمن مسألة ما إذا شرط لزوجته أن لا يتزوج ولا يسافر بها
ولم يذكر فيه خلافًا، بل جعله أصلاً لقياسٍ يمثل به على الخصوم. ولقد عجبت
من ذلك. انتهى. وقال المجد أيضًا: وليس للسيد أن يسافر برقيقه إذا آجره،
ذكره القاضي على آخر الجزء الخامس والأربعين من تعليقه بخطه. ولا أعلم فيه
خلافًا اهـ.
__________
(1) التعليق: للقاضي أبي يعلى.
(1/218)
(9) قوله: "وكذا ببذل تسليم العين الخ":
فَصَلَ بكذا إشارة إلى الخلاف في [1/ 435] هذه المسألة، فإن الموفق اختار،
فيما إذا كانت الإجارة على عمل من عينٍ معيّنة، أن الأجرة لا تستقر على
المستأجر حتى يستوفي العمل ولم تسلم العين. قال: لأنه عقد على منفعة غير
مؤقتة بزمن، فلم يستقر بدلها قبل استيفائها كالأجير المشترك (1) اهـ.
(10) قوله: "وإن اختلفا في قدرها أي الأجرة الخ": وإن اختلفا في قدر مدة
الإجارة، كما لو قال: [42ب]، آجرتكها سنة بدينار، فقال: بل سنتين بدينارين،
فقول المالك. وإن (2) قال آجرتكها سنة بدينار، فقال: بل سنتين بدينار
تحالفا.
وإن قال: آجرتكها سنة بدينار، فقال: بل استأجرتني على حفظها بدينار، فقول
رب الدار.
(11) قوله: "فإن نكل أحدهما الج": ويتوجه أن يقال فيما إذا نكلا معًا:
صرفهما حاكم، كما تقدم في البيع. وفيه البحث المذكور هناك.
(12) قوله: "ولو شرط على نفسه الضمان": أي لأن الشرط باطل.
وقوله: "يقبل قوله إن ادًعى أنّ ما استأجره أبق أو شرد الخ": هذا المذهب.
وعنه: إن ادعى أن القول للمؤجر. وإن اتفقا على وجود الإباق ونحوِهِ،
واختلفا في وقته، ولا بينة للمالك، فالقول للمستأجر، لأن الأصل عدم العمل.
وهذا بلا خلاف، على ظاهر كلام صاحب شرح المنتهى لمؤلفه اهـ منه.
(13) قوله: "فلا ضمان عليه" أي ما لم يطلبها ربها، فيمتنع عن تسليمها،
فإنها مضمونة، كالمغصوبة. وإن اختلفا في الرد فقول المالك. وتقدم قريبًا.
باب المسابقة
(1) قوله: "في الجملة" أي في بعض الصور لا في جميعها.
(2) وقوله:"لكن لا يجوز أخذ العوض الخ" أي لأن هذه الثلاثة معينة على
__________
(1) راجع الخلاف في (المغني 5/ 408 ط ثالثة).
(2) هنا في ض سقط بقدر سطر.
(1/219)
[1/ 438] الجهاد، وأخذ العوض يعين عليها،
بخلاف غيرها.
(3) قوله: "عقبة بن عامر الجهني" أي وهذا كان صاحب بغلة النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقودها في الأسفار، أي من خدم النبي - صلى الله عليه وسلم -
وكان عالمًا بكتاب الله عز وجل وبالفرائض، فصيحًا شاعرًا مفهمًا (1). ولي
مصر لمعاوية رضي الله تعالى عنهما وتوفي بها ودفن بِقَرَافَتها. وقبرهُ
معروف بها. وصُرِفَ عن ولاية مصر قبل وفاته بمسلمَة بن مخلد رضي الله تعالى
عنه اهـ ملخصًا من الحلبية (2). فكان على الشارح رحمه الله تعالى أن يترضى
عنه. وعقبة هذا أحد من جمع القرآن في المصحف، وكان مصحفه على غير تأليف
مصحف عثمان. وشهد صفِّين مع معاوية، وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كثيرًا. وله في البخاري أحاديث اهـ. قسطلاني.
...
__________
(1) قوله: "مفهمًا" هكذا في الأصل وض. ولعله تصحيف والصواب "مُفْحِمَا"
بالحاء، والشاعر المُفْحِم هو من يُسكِت خصمه حتى لا يستطيع الجواب.
(2) يعني السيرة الحلبية وهي مشهورة.
(1/220)
|