حَاشِيةُ اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ

 [2/ 136]

كتاب النكاح
(1) قوله: "ولو فقيرًا إلخ": لكن إن وَجَدَ الطَّوْل.
(2) قوله: "ويجب على من يخافه": أي الزنا. وعبارة المقنع بدل "الزنا": "المحظور"، وهو وهم إذ يشمل حتى الاستمناء باليد. اهـ. ع ن.
(3) قوله: "ويباح لمن لا شهوة له إلخ": أي فتخلِّيه لنوافل العبادة أفضل اهـ. م ص.
(4) قوله: "ويحرم النكاح إلخ": أي الوطء، ولو كانت الزوجة مسلمة، أو وطئ سُرّيته. والمراد بالضرورة غلبة الشهوة. ويتجه: ولم تندفع إلا بالوطء.
وممن يحرم نكاحه أيضاً من علم [أنه] إذا تزوج اضطر إلى كسبٍ حرام، من سرقة ونحوها. وهل إذا علم من نفسه لك، وخاف الزنا بترك النكاح، يجوز له أن يتزوج أو لا؟ لم أو من ذكره، وينبغي أن يحرر.
(5) قوله: "الجميلة": أي لأنه أسكنُ لنفسه، وأغضُّ لبصره، وأكمل لمودته. ولذلك شرع النظر قبل النكاح. وهي التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره.
(6) قوله: "والخُطا" أي بضم الخاء ممدودًا ومقصورًا، فالأول جمع "خَطوة" (1) بفتح الخاء، بمعنى المرة [من الخَطْوِ]، والثاني جمع "خُطْو" بضم الخاء، اسم لما بين القدمين. وقوله: والقلب يهوى، الحديث، أي إلى آخر الحديث. فلفظ "الحديث" ليس من الحديث. بل هو كما ذكرناه. وأما تمام الحديث فهو: "والقلب يهوى ويتمنّى، ويصدّق ذلك الفَرْجُ أو يكذبه" (2). قوله: "بالصبيان" لعله: "الخصيان" فليحرر.
__________
(1) هذا يعني أن جمع خَطْوةٍ: خُطاء. وفيه نظر، بل جمعها خِطاء، بكسر الخاء، كَرْكْوةٍ ورِكاء، وجَعْبةِ وجعاب. وقيل الخَطْوَة والخُطْوة لغتان. وانظر لسان العرب.
(2) والحديث المذكور أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً.

(2/298)


(7) قوله: "وبرزة إلخ": لا بد من ملاحظة قوله: "لا تشتهى" في الجميع. [2/ 138] وإنما نبَّهتُ على ذلك، مع أنه ظاهر، لما سمعته من كثير من الناس، وهو أن نساء الفلاحين كلهن بَرْزَات، لأنهن يبرزْنَ لقضاء حوائجهن، فيجوز النظر لوجوههن.
وهذا [57 أ] مما عمَّتْ به البلوى في الفلاحين، بل لا يقتصرن على كشف وجوههن، فيكشفهن أيديهن إلى فوق المرافق، وأرجلهن إلى أكثر من نصف الساق، وصدورهن ورقابهن وأكثر شعورهن. وهذه هي محاسن المرأة دون ما وراءها، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(8) قوله: "لا يرجى برؤها": ظاهره أنها إذا كانت يرجى برؤها لا يجوز.
ولعل ذلك لأنه ربما تعلق بها إذا برئت، خصوصًا إذا نظر في محاسنها، بخلاف من لا يرجى برؤها.
(9) قوله: "أو سبب مباح": وتمام الحدّ أن يقول: "لحرمتها" ليخرج الملاعنة، وأن يقول: "إلاّ نساءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
وقوله: "بنَسَبٍ أو سبب مباح" شمل من تحرم عليه بالمصاهرة، كزوجة أب، وأم زوجة، ونحوهما. وخرج أم المزنيّ بها ونحوها. وقوله: "لحرمتها" أخرج الملاعنة، لأنه حرمت عليه عقوبةً له، لا لحرمتها (1). (2).
(10) قوله: "وكذا المحرّمة باللعان": مقتضى كلامه أن تحريم الملاعنة بسب محرم، بدليل عطفها على أم المزنيّ بها وبنتها. وعطف بنت الموطوعة بشبهة عليها، وليس كذلك، لأنها حرمت بالملاعنة، وليست محرمة، بل ربما تكون واجبة.
والصواب أن يقال في الحد: "ذوات المحارم: من تحرم عليه أبدًا بنسبٍ أو سبب مباح لحرمتها إلا نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ". فقوله: من تحرم عليه أخرج من يجوز له
__________
(1) هذا جيّد لولا أن قوله "لحُرمتها" يجعل في الحدّ دَوْرًا، فيؤول كلامه إلى أن الحرمة ما لا يحل انتهاكه لكونه محرّمًا. فلو قال في الحدّ " ... إلا نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلا الملاعنة". لكان أجود.
(2) في ض في هذه القولة تقديم وتأخير. وسقط من الأصل عبارة: "وأن يقول ... إلخ".

(2/299)


[2/ 139] نكاحها، وقوله: أبدًا، خرج أخت زوجته ونحوها.
(11) قوله: "أو لبنت تسع": أي فأكثر إلى البلوغ كما يؤخذ من سابقه ولاحقه.
(12) قوله: "سواء كانت مُسْتَامةً أو لا": خلافًا لما في التنقيح، وتبعه في المنتهى، من قوله: إن كانت مستامة فيجوز نظر ستة أعضاء منها، وهي الوجه والرقبة واليد والساق والقدم والرأس، وإن كانت غير مستامة فيجوز النظر إلى غير عورة صلاةٍ. وهذا بعيد جدًا مخالف للقواعد، لأنه لو عكس لكان له وجه، وأما ما ذكره المنقح فلا سلف له فيه فيما نعلم، وهو غير سديد، ولذلك رجع صاحب المنتهى عن متابعته كما ذكر في شرحه، فراجعه إن شئت.
فائدة: والخنثى المشكل في النظر إليه كامرأةٍ، ونظره إلى رجل كنظر امرأة إليه، ونظر امرأة إليه (1) كنظرها إلى رجل، ونظره إلى امرأة كنظر رجل إليها، تغليبًا لجانب الحظر.

فصل
(1) قوله: "ولمسٌ كنظر وأولى": أي ما حرم نظره حرم لمسه بالأولى، وليس كل ما أبيح نظره يباح لمسه إلا لحاجة.
(2) قوله: "وتحرم خلوة رجل غير محرم إلخ": الرجل: الذكر البالغ من بني آدم. فعلى هذا لا يحرم خلوة غير بالغ بالنساء، ولو غير محرم. وعبارة المنتهى: وتحرم خلوة غير مَحْرَم على الجميع مطلقًا. اهـ. وقريب منه في الإقناع.
وقوله: "مطلقًا" (2) أي بشهوة ودونها. فمقتضى قول المنتهى والإقناع: "على الجميع " أي جميع من تقدم ذكرهم، أنه لا يجوز للمميز غير المحرم الخلوة بامرأة، ولا للمرأة أن تخلو بمميز، ونحو ذلك. ينبغي أن يحرر الحكم.
__________
(1) سقط من ض قوله: "ونظر امرأة إليه".
(2) صنيعه يوحي بان كلمة "مطلَقًا" موجودة في "نيل المآرب" ولم نجدها فيه في النسخ التي بين أيدينا. ولكن في المنتهى: "ويحرم خلوة غير محرمٍ على الجميع مطلقًا".

(2/300)


فصل في الخطبة [2/ 141]
(1) قوله: "لا التعريض في الخطبة": كقوله: إني في مثلك لراغب، أو متى انقضت عدتك أخبريني. ونحو ذلك. وهي في جوابٍ كهو، يحرم عليها التصريح به لا التعريض، إلا الرجعية. وتصريحها أن تقول: لا أتزوج غيرك، ونحوه.
وتعريضها أن تقول: إن كان الله قدّر شيئًا صار، أو من يرغب عن مثلك، ونحوه.
(2) قوله: "في عدة وفاة": أي أو طلاق بائن أو فسخ لعيب ونحوه. فائدة: قال في الإقناع: قال الشيخ: لو خَطَبَت المرأةُ أو وليُّها الرجلَ ابتداء، فأجابها، فينبغي أن لا يحل لرجل آخر خطبتها. إلا أنه أضعف من أن يكون هو الخاطب. ونظير الأولى أن تخطبه امرأةٌ أو وليها بعد أن خطب هو امرأة، فإن هذا إيذاء للمخطوب في الموضعين، كما أن ذلك إيذاء للخاطب. وهذا بمنزلة البيع على بيع أخيه قبل انعقاد البيع، وذلك كله ينبغي أن يكون حرامًا. انتهى.
والسعي من الأب للأيم في التزويج واختيار الأكفاء غير مكروه، لفعل عمر.
اهـ. أي لأنه عرض حفصة على عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.
(3) قوله: "وليٌ يُجْبرُ": أي كتاب ووصي إن كانت حرة بكرًا، وكسيِّد أمة بكير أو ثيِّب. فلا أثر لإجابة مُجْبَرَةٍ، لكن إن كرهت من أجابَهُ وليُّها وعيَّنت غيره سقط حكم إجابة وليها، لتقديم اختيارها عليه. ولا أثر لإجابة [57 ب] وليِّ غير مُجْبَرَة، ومفهوم قوله "مسلم" أنه لو خطب كافر كتابيةً وأجيب يجوز للمسلم خطبتها عليه، وهو كذلك كما صرحوا به في غير كتاب.

باب
ركني النكاح وشروطه
(1) قوله: "بلفظ النكاح إلخ": فيه تسمُّح، أي إلا بلفطٍ مشتق من النكاح أو التزويج، كأنكحت وزوّجت.

(2/301)


[2/ 143]
ومن الإيجاب الصحيح قول سيّدٍ لأمةٍ: أعتقتُك وجعلت عتقك صداقك.
وإن فتَحَ وليٌ تاء زوجتك، فقيل: يصح مطلقًا، وأفتى به الموفق. وقيل لا يصح إلاّ من جاهل بالعربية أو عاجز عن النطق بها بضمِّ التاء. قال صاحب المنتهى: هذا هو الظاهر اهـ. وقطع به في الإقناع.
(2) قوله: "إن تقدم قبول إلخ": مطلقًا، سواء كان بلفظ الماضي المجرّد عن الاستفهام، نحو قوله "زوجت ابنتك؟ " فيقول "زوجتكها"، أم لا، بخلاف البيع، فإنه يصح بالمعاطاة، وبكل لفظٍ أو فعلٍ أدّى معناه، وبخلاف الخلع، لأنه يصح تعليقه على شرط إذا نوى به الطلاق. اهـ. م ص.
ولو قال الخاطب للولي أزوجت؟ فقال: نعم، وقال للزوج: أقبلت؟ فقال: نعم، صحّ.
واختار الموفق وجمعٌ أن النكاح ينعقد بغير العربية لمن يحسنها، وقال الشيخ: ينعقد بما عدَّه الناس نكاحًا بأيّ لغةٍ ولفظٍ كان. ومثله كل عقد. اهـ.
(3) قوله: "تعيين الزوجين": أي في العقد، كما في المحرر، فلا يكفي تعيينهما قبله. اهـ. حاشية.
ومن له ابنتان: فاطمة وعائشة، فقال: زوجتُكَ بنتي عائشة، فقبل الزوج، ونويا فاطمة، لم يصح، كذا في المنتهى وغيره. وانظر لو كان اسم عائشة جرى على لسان الولي بغير قصد، هل لا يصح أيضاً؟ ظاهر إطلاقهم: نعم.
ومن سُمِّيَ له في العقد غير مخطوبته، فقبل يظنها إياها، لم يصحّ. وهذا يقع من كثير من أجلاف الناس، فإنهم يعرضون على الخاطب بنتًا جميلةً، وعند العقد يسمون له غيرها، ويقولون له هذا اسم التي رأيتها، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله. ثم إن وطئها وهي جاهلة بالحال، أو التحريم، فلها الصداق يرجع به على وليّها. وإن علمت فهي زانية لا صداق لها. ولا يجوز له وطؤها بعد علمه بالحال.
(4) قوله. "فلا يصح: زوجتك بنتي، وله غيرها": ظاهره: ولو كان غيرها لا يحلّ نكاحها، كمزوّجة ومعتدة ونحوهما. ويتجه صحته إذن لانصراف اللفظ

(2/302)


لمن يحلّ نكاحها، وإن لم أو من أشار إليه. [2/ 145]
(5) قوله: "ولو بالغةً": لكن إن (1) عيَّنَتْ بنتٌ تم لها تسع سنين، ولو بكرًا، كفؤًا، وعينّ الأب غيره، قُدِّم من عيَّنَتْهُ هي، لا إن كان غير كفء.
(6) قوله: "والبكر تستأذن" هكذا في النسخ التي وقفت عليها، وهو خطأ. والصواب كما في شرح م ص على المنتهى: "تستأمر"؛ وأما لفظ "تستأذن" ففي حديث أبي هريرة، ونصه "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" (2) وهذا هو الموافق لقول الشارح فيما يأتي: ودل الحديث إلخ، فلعله غلط من النُّسَّاخ.
(7) قوله: "على أن الاستئمار هنا": أي قوله "والبكر تستأمر" والاستئذان أي في قوله "والبكر تستأذن" في حديث أبي هريرة، ولم يذكره الشارح رحمه الله، ونصه "لا تنكح الأيِّم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" وقول الشارح "في حديثهم" ومثله في شرح المنتهى لمؤلفه، لم يظهر لي. ثم ظهر لي معناه، وعبارة م ص: "ودل الحديث على أن الاستئمار هنا والاستئذان في الحديث السابق مستحب غير واجب" اهـ. وأشار بقوله "في الحديث السابق " إلى حديث أبي هريرة الذي ذكرناه فتأمّل.
(8) قوله: "في حديثهم" أي الذي استدل به المخالفون على أن البكر يشترط إذنها كالثيب، وهو ما رواه أبو هريرة "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" فإن ظاهره: لا فرق بينهما. فنقول إن استئذان البكر هنا مستحب، بدليل حديث ابن عباس: "الأيم أحق بنفسها إلخ" ووجه الدلالة ما ذكره الشارح بقوله: فلما قسم النساء إلخ (3).
__________
(1) "إن" ساقطة من الأصل ثابتة في ض.
(2) بل في حديث ابن عباس "والبكر تستأذن" أخرجه باللفظ الذي في شرح الدليل أحمد ومالك، وعنه مسلم، وأبو داود وغيرهم. (الإرواء6/ 231).
(3) يمكن القول إن قوله في البكر: "حتى تستأذن" وقوله في الثيب "حتى تستأمر" يدل على وجوب استئمار الثيب. ووجوب استئذان البكر. وفَرَّق بينهما لأن معنى الاستئمار هو =

(2/303)


[2/ 146]
قوله أيضًا: "في حديثهم" أي المخالفين لنا القائلين بأن البكر البالغ كالثيب لا يصح [58 أ] تزويجها إلا بإذنها، أي في الحديث الذي استدلوا به وهو "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا يا رسول الله كيف إذنها؟ قال "أن تسكت" متفق عليه. أي فالاستئذان هنا مستحب بدليل الحديث الثاني "وهو الأيم أحق بنفسها إلخ" هذا توضيح عبارته فتنبه. و"الأيِّم" كثيِّبٍ وزنًا ومعنى.
(9) قوله: "لما روى ابن عمر إلخ" أي لأن استئمار النساء في بناتهن لم يوجبه أحد.
قوله أيضًا: "لما روى ابن عمر إلخ" هذا دليل استحباب استئذان أم البنت، فهو ذكر الدليل ولم يذكر المستَدلَّ له (1).
(10) قوله: "والموطوءة بالزنا ثيب إلخ" قد تقدّم هذا، فلا أدري لم أعاده، مع ما فيه من ركاكة العبارة وطولها من غير فائدة. رحمه الله.
(11) قوله: "ولو ضحكت أو بكت إلخ" أي لأن الضحك يكون للفرح، وكذا البكاء، وإنما يكون لك منها لفرط الحياء، ولأنها لو أرادت الكراهة لامتنعت نطقًا، لأن الامتناع لا تستحيي منه، وإنما تستحي من الرضا، فكان سكوتها ونحوه رضًا، بخلاف الثيّب.
(12) قوله: "ولو مكلفة" وإنما لم يجبر العبد المكلف لأنه يملك الطلاق، فلا وجه لجبره على النكاح، وهذا في غير المكاتب والمكاتبة، فلا يجبران ولو صغيرين، لأنها بمنزلة الخارجين عن ملكه، كما صرحوا به.
(13) قوله: "إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم -": أي لقوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6] والأصل في اشتراط الوليّ حديث أبي موسى مرفوعاً: "لا
__________
= الأخذ والردّ والمفاوضة، وذلك يناسب الثيب. والاستئذان للبكر أن لا ترفض، وهو مناسب لها، لكن لا بدّ منه. وهذا عندي هو الصحيح في معنى الحديث.
(1) الشارح لم يورد الحديث للدلالة على استحباب استئمار الأم، بل للدلالة على أن الأمر في الحديث ليس للوجوب.

(2/304)


نكاح إلاّ بوليٍّ" (1) وعن عائشة مرفوعاً: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليِّها فنكاحها [2/ 147] باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل إلخ" (2) فيزوِّج أمةَ المرأةِ وليُّ سيدتها.
(14) قوله: "لأن الأب أكمل نظرًا وأشد شفقة إلخ": أي بخلاف أبي المعتق مع ابنه، فإنه يقدّم ابنه عليه في ولاية المعتَقة، لأنه مقدَّم عليه في الإرث، فقدم عليه هنا، وإنما قدم الأب من النسب لما ذكره الشارح رحمه الله تعالى بقوله: لأن الأب إلخ.
(15) قوله: "الأقرب فالأقرب": أي ويقدم هنا الابن وإن نزل على الأب، فلو اجتمع ابن المعتق وأبوه يقدم الابن، كما في الإقناع وغيره، لأنه في الِإرث كذلك، وتقدم.
(16) قوله: "كعضل الولي": العضل المنع، أي كما لو امتنع أولياؤها من تزويجها: وعدم إمام أو نائبه في مكانها، فيزوجها ذو سلطان إلخ. ومن حَكَّمَهُ الزوجان وهو يصلح للحكم، فكحاكم.
(17) قوله: "فلو زوَّج الحاكم إلخ": ويتجه أن هذا فيما إذا لم يكن الحاكم يرى الصحة، وإلا فيصح ولا ينقض، كما ذكروه فيما إذا زوج الحاكم بلا وليٍّ مع وجوده. وحيث قلنا: المحكَّم كالحاكم، يكون مثله هنا.
بقي أنه إذا قلَّد الزوجان من يرى صحة النكاح بلا وفي، وعَقَد لهما فقيهٌ حنبليٌّ مثلاً مقلذا في ذلك لمن يرى صحته، هل يكون النكاح صحيحًا غير فاسد وليس لحاكم نقضه؟ أو كيف الحكم؟ والذي يؤخذ من أحكام التقليد في العبادات أن هذا صحيح. وأفتى بذلك الشيخ عبد الله القدومي (3) حفظه الله تعالى، واستدل
__________
(1) حديث: أبي موسى أخرجه أحمد (4/ 394) وأبو داود (2085) والترمذي. وهو صحيح (الإرواء).
(2) حديث عائشة أخرجه أحمد (6/ 47) وأبو داود (2083) والترمذي (2041) وهو صحيح أيضًا (الإرواء).
(3) الشيخ عبد الله القدومي (- 1331 هـ) هو الشيخ عبد الله بن عودة بن عبد الله صوفان، نسبته إلى كفر قَدُّوم من قرى نابلس، ترجم له الشطي في مختصره (ص 213 - 215 هـ) وفيها: =

(2/305)


[2/ 151] له بكلام الشيخ عثمان وغيره. وليس هذا محل بَسْطِهِ. أقول: سيأتي في باب طريق الحكم وصفته قول المصنف في فصل (وحكم الحاكم يرفع) ما نصه: ومن قلّد مجتهدًا في نكاحٍ، صحّ، ولم يفارق بتغيُّرِ اجتهاده، كالحكم بذلك. اهـ. وهو صريح فيما قلناه، فتأمل.

فصل في التوكيل في التزويج والإيصاء به
(1) قوله: "إن لم يكن مجبزاً": وهكذا قال م ص في شرح المنتهى. أي والمجبر من باب أولى. فصواب العبارَة: "ولو لم يكن مجبرًا".
(2) قوله: "وكيل" بالتنوين، و"غيرَ" بالنصب، معمول لمراجعة، أي لا بد من أن يراجعَ الوكيلُ، أي وكيلُ الوليِّ، غيرَ المجبرة.
(3) قوله: "ولا يملك به أن يزوجها من نفسه"، لأنه لا يدخل في ذلك، وأما لابنه أو لأبيه فيجوز.
(4) قوله: "زوجت فلانة فلانًا أو لفلان": أي: أو لموكلك فلان. وأما لو قال للوكيل "زوجتُكَ" ونحوه فلا يصح، لأنه غير مقصود. ويحتمل أنه يصح للوكيل، خصوصًا إن نوى بالقبول لنفسه، لأن النكاح ينعقد ولو هزلاً. ينبغي أن يحرر الحكم، فإنّي لم أو من تعرَّضَ له.
(5) قوله: "أي في إيجاب النكاح": أي: أو قبوله إن كان الموصّى عليه ذكرًا.
(6) قوله: "وإن استوى وليّان إلخ": قال ابن نصر الله: لو كانت المرأة ملحقة بأبوين، فهل كل منهما وليٌّ بانفراده، أو يشترط اجتماعهما؟ لم أجد به نقلاً، والقياس يقتضي اشتراط اجتماعهما، لأن ميراثهما منها ميراث أب واحدٍ،
__________
= هو عالم الديار النابلسيّة، وبركة الديار الحجازية، وأنه درس بدمشق ولازم الشيخ حسن الشطي، ثم درّس بالجامع الصلاحيّ بنابلس. وذكر الشيخ محمد نصيف من أعيان جدة رحمه الله أن الشيخ عبد الله صوفان درّس وأفتى بالمدينة المنورة عشرين عامًا، من (1311 - 1331 هـ) (هامش ص 329 من السحب الوابلة، ط 1409هـ).

(2/306)


فدلَّ ذلك على أن الأبوة شائعة بينهما اهـ. ح ف. [2/ 153]
(7) قوله: "في [58 ب] تزويجها": أي له، فيقول: تزوجت فلانة، باسمها وما تتميز به عن غيرها فقط.
(8) قوله: "ونحو النكاح من العقود": أي وشبه النكاح من العقود مثله في الحكم، فالخبر محذوف.
(9) قوله: "ونكاحها": لعله: وقبلت نكاحها لنفسي (1).

باب
الوليمة وآداب الأكل
فائدة: من صنع وليمة، ودعا الناس إليها، وقصد أن يعطوه نقوطًا، بأن عُلِمَ [2/ 202] منه ذلك بقرينة، أو كانت العادة كذلك، فالظاهر أن إجابته لها لا تحب، لأنه لم يقصد السّنّة المشروعة، بل قَصْدُه الربح. لكن إن كان في عدم الإجابة حينئذ دناءة واتهام له بالبخل، أو كان ذلك يخل بالمروءة عادة، فالإجابة أولى إن كان قادرًا على دفع النقوط. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1) قوله: "لطعامِ قادمٍ": أي بأن يصنع القادم طعامًا للناس.
وأما النقيعة فهي أن يصنع الطعام للقادم، كما تقدم.
(2) قوله: "ومشداخ إلخ": يؤخذ من كلامهم أنّ المشداخ والحِذَاق لطعام واحد.
(3) قوله: "إلا وليمة العرس إلخ": حيث حوّل الشارح عبارة المتن هكذا كان عليه أن يقول "وإلا العقيقة" فإنها تسنُّ أيضًا، والإجابة إليها مستحبة، "وإلا المأتم"، وهو الطعام الذي يصنع لمن يحضر عنده أهل الميت، أو يصنعه أهل الميت، فيكره، وتكره الإجابة إليه، إلا لحاجة، كأن يجيئهم من يحضر ميّتهم من
__________
(1) من هنا يبدأ السقط الكبير الذي في حاشية اللبدي، الذي استظهرنا في المقدّمة أنه من جهة مجرِّدها هـ) الشيخ محمود اللبدي رحمهما الله.

(2/307)


[2/ 202]
أهل القرى البعيدة، فلا يمكنهم إلا أن يطعموه. وإن كان من التركة، وفي الورثة محجور عليه، حرم فعله والأكل منه، كما ذكروا ذلك في الجنائز.
(4) قوله: "أن لا تنقص عن شاة": ظاهر إطلاقهم: ولو لم تجز أضحية، بأن كان سنها دون ذلك، أو فيها عيب يمنع من إجزائها أضحية. ينبغي أن يحرر.
(5) قوله: "ولا منكر": أقول: من المنكر ما يصنعه الناس اليوم من غناء النساء ونحوه (1)، ومن الأعذار عدم وجود ما يبذله نقوطًا إذا كانت العادة جارية به، لما يترتب على من يحضر الوليمة، ولم يبذل نقوطًا، من الخجل والعار. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(6) قوله: "وفي الثالثة مكروهة": أي في اليوم الثالث، لما فيها من الرياء والسمعة غالبًا، ولحديث ورد في ذلك (2).
(7) قوله: "كرهت إجابته إلخ": وقيل: يحرم، كما لو كان كله حرامًا. وقال الأزجي: وهو قياس المذهب. اهـ. وقيل: إن زاد الحرام على الثلث حرم، وإلا فلا. وقيل: إن كان الحرام أكثر حرم، وإلا فلا.
(8) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأجب أقربهما بابًا إلخ": يدل على أن الجوار قرب الباب لا ملاصقة البناء، وإلا فقد يكون بيت رجل ملاصقًا لبيت آخر، وبابه من جهة أخرى بينهما مسافة بعيدة، وبيت غير ملاصق وبابه قريب، فهو مجاور.
(9) قوله: "غير الشرعية": مفهومه أن الدعوات الشرعية، كطعام العرس والعقيقة، لا يكره لهم الإسراع إليها، لأنه إسراع لمشروع، وهو واضح.
(10) قوله: "إن كان في ترك الأكل إلخ": هذا تفصيل حسن. قال الشيخ:
__________
(1) ليس غناء النساء في الأعراس منكرًا، بل هو سنة، فلعل مراد المحشي رحمه الله أن غناءهن الذي يمنع وجوب الإجابة إلى الوليمة ما كان في محضر الرجال. وكان فيه فتنة.
(2) الحديث ذكره صاحب كشاف القناع (5/ 168) ولفظه: "الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، والثالث رياء وسمعة" أخرجه أحمد (5/ 28) وأبو داود (3745) وغيرهما. وهو ضعيف (الإرواء).

(2/308)


وهو أعدل الأقوال. اهـ. [2/ 205]
(11) قوله: "أو قرينة": أي كتقديم طعام، أو دعاءٍ إليه.
(12) قوله: "قال في الآداب إلخ ": الأولى "وقال إلخ" للمخالفة. وما قاله في الآداب هو ظاهر كلام ابن الجوزي وغيره. قال في الفروع: واختاره شيخنا، وهو أظهر. اهـ. قلت والقرآن يؤيده (1).
(13) قوله: "وليس الدعاء إذنًا في الدخول": أي إلى بيت الداعي، بل لا بد من الاستئذان للدخول، خلافًا للموفق في المغني. ويتجه: إن دلت قرينة يكون إذنًا. والله أعلم. ثم رأيت في الإقناع ما يصرح بذلك، فلله الحمد.
(14) قوله: "ولا يملك الطعامَ من قُدِّمَ إليه إلخ": أي فلا يملك التصرف فيه بلا إذن. قال في الإقناع: ولا يجوز للضيفان قَسْمُه. اهـ. أي بلا إذن [59 أ] من رب الطعام. وليس هذا من باب الإيثار. ومن هنا يؤخذ تحريم ما يفعله أهل زماننا في بلادنا، وذلك أن الضيف يعطي مما قُدِّم إليه من لم يجلس معه على المائدة، من لحم ونحوه. ولكن قد يقال: إذا كانت العادة جارية بذلك فهي كالإذن. وما يفعله أهل بلادنا عادة عندهم، حتى إنهم يُعيِّرون من لم يفعل ذلك، وربما حصل لرب الطعام بفعله بشاشة وسرور، وبعدمه انقباض وغمّ. وحينئذ فالعمل بالعادة أولى. والحاصل أنه يعمل بالقرائن، فربما كان رب الطعام يحب من ضيف أن يطعم غيره، ولا يحبه من آخر، وربما أحب أن يُطْعَمَ شخص ويكره أن يطعم آخر (2)، وهكذا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: "ويكره غسل يديه بقوت" (3): ولو بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه. وليس منه الملح. ولا بأس بنخالة. وإن دعت حاجة إلى استعمال القوت في غسل ودبغ ونحوهما فلا بأس به.
__________
(1) أي لقوله تعالى {ليس عليكم جناح أن تأكلوا} إلى قوله {أو صديقكم} [النور: 61].
(2) قوله: "ويكره أن يطعم" ساقط من الأصل.
(3) هذه القولة ليست في نسخ نيل المآرب التي بأيدينا.

(2/309)


[2/ 207]

فصل في آداب الأكل
(1) قوله: "ويؤثر المحتاج": أما إيثار رب الطعام فبالتقديم للضيف، وتفسيخ اللحم، ونحو ذلك، وأما إيثار الضيف لغيره فبعدم تناول أحاسن الطعام، بل يبقيها للفقير المحتاج الذي لا يجدها في بيته، ونحو ذلك.
(2) قوله: "فيغفر له بسببه": لعله يشير بذلك إلى حديث تداولته الألسن، وهو: "من أكل مع مغفورٍ له غُفِرَ له" وفي ظني أنه عُدَّ من الموضوعات، فيراجع (1).
(3) قوله: "وكونه حارًّا) أي لأن الحارّ لا بركة فيه اهـ.
(4) قوله: "ولا بأس بالملعقة": أي وإن كانت بدعة. وقال م ص: قلت ربما يؤخذ من قول الإمام: أكره كل محدث، كراهته لها. اهـ.
أقول: إذا احتيج إليها تزول الكراهة، كنظائرها (2).
(5) قوله: "بحيث يؤذيه": وفي القليل "بحيث يضره": تفنن في التعبير. ثم القول بتحريم كثرة الأكل وقلته بحيث يضره متجه، والقواعد تقتضيه. وقول الإمام: لا يعجبني، يدل على ذلك. وهو بديهي. ولعل الكراهة في كلام المصنف وغيره للتحريم. والله أعلم.
(6) قوله: "على ظهر كفه": ولعل المراد كف يساره.
(7) قوله:"وإذا شرب لبنًا قال إلخ": أي وأما إذا أكل طعامًا غيره فليقل: "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه".
__________
(1) حديث "من أكل مع مغفورٍ له ... " راجعتُ فلم أجد له سندًا. وذكره الشوكاني في لآلئه (ص 158) وقال: قال ابن حجر: موضوع.
(2) وأنا أقول: لا حاجة إلى هذا، لأن الابتدل المحرم هو ما كان في أمر الدين، وهو الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". فالمراد بأمرنا ديننا. وأما الابتدل في أمور الدنيا ففيه خير جزيل إن كان نافعًا، كابتداع الملعقة ونحوها. وإلا لزم المسلمين أن يجتنبوا كل الاختراعات النافعة، كالسيارة والطائرة والقطار والباخرة والهاتف والكمبيوتر وغيرها.

(2/310)


(8) قوله: "وجوازه أظهر": أي عملًا بالعادة والعرف. وقال م ص: لكن [2/ 210] الأدب والأولى الكف عنه، لما فيه من إساءة الأدب على صاحبه، والإقدام على طعامه ببعض التصرف من غير إذن صحيح. اهـ.
(9) قوله: "الحمد لله الذي أطعمني إلخ لا: ظاهر كلام الشارح أن يقول ذلك الآكل والشارب. ولو قال الشارب: "الحمد لله الذي سقاني هذا الشراب إلخ" لكان حسنًا.
(10) قوله: "صنوج": الصنوج ما يجعل في الدف من نحاس مدوَّرًا وصفرٍ ونحوهما.
(11) قوله: "مطلقا": أي سواء كان له حلق وصنوج أو لا.

باب
عشرة النساء
(1) قوله: "أصلها الاجتماع": أي فيقال لكل جماعة عشرة ومعشر. م ص. ومما ينبغي له أن لا يُعْلِمَها بقدر ماله، لأنه إن كان قليلًا احتقرته، وإن كان كثيرًا تتبسَّط في الطلب. ولا يفشي إليها سرًا يخاف إذاعته، ولا يكثر من الهبة لها، ولا يسلم لها ماله لمحبة لها، فربما تتغير المحبة فيصعب عليه الخلاص منها، فيصير كالأسير معها. فينبغي للعاقل أن لا يدخل في أمر إلا إذا دبَّر الخروج منه.
(2) قوله: "وأن لا يمطله بحقه": فحق الزوج أن تمكنه من الوطء ودواعيه. وحقها النفقة وتوابعها. والوطء في كل ثلث سنة مرة، والمبيت مع الحرة من كل أربع ليلة، والأمة من سبع، والقَسْمُ إن كان معه غيرها. ويأتي لك إن شاء الله تعالى.
(3) قوله: "لئلا ترمى بالشر إلخ": أي فإذا تشدد في المغيرة عليها ربما أوقعت نفسها في الزنا لتغيظه أو يفارقها، وقد بلغنا من ذلك ما يضيق به هذا المحل.
(4) قوله: "وينبغي إمساكها مع الكراهة لها" أي لقوله تعالى: {فإن

(2/311)


[2/ 213] كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} [النساء: 19] قال ابن عباس: ربما رزق منها ولدًا فجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، ومصداق الآية الشريفة مشاهد للعموم [59 ب].
(5) قوله: "كحائض": أي كما يستمتع من الحائض، بأن يباشرها دون الفرج. فائدة: لو ادعت أن وطأه يؤذيها، وأنكر، وكانت بنت تسع فأكثر، لزمتها البينة. ويقبل قول امرأة ثقة في ضيق فرجها وعبالة ذكره ونحوهما. وتنظرهما وقت اجتماعهما للحاجة.
(6) قوله: "لأن كلاً من ذلك إلخ": مفهومه أنها إن كانت مريضة مرضًا لا يرجى زواله، يلزمها تسليم نفسها. وهو كذلك. صرح به في الإقناع.
(7) قولى: "زمنا": أي كاليوم واليومين والثلاثة.

فصل في الوطء
(1) قوله: "ما لم يضرها إلخ": قاله في الإقناع وغيره. فإن زاد عليها في الجماع صولح على شيء. قال القاضي: لأنه غير مقدر، فرجع فيه إلى اجتهاد الإمام. وجعل ابن الزبير لرجل أربعًا بالليل وأربعًا بالنهار. وصالح أنس رجلاً استعدى على امرأته على ستة.
(2) قوله: "ويحرم وطؤها": أي وهو كبيرة، أما وطؤها في الدُّبُر فيحرم عند أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم. ورويت إباحته عن ابن عمر وزيد بن أسلم ونافع ومالك. لكن أهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك. أما وطؤها في الحيض فيحرم إجماعًا.
(3) قوله: "فإن فعل عزر إلخ": أي فإن وطئ في الدبر عزر، لأنه معصية لا حدّ فيها ولا كفارة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهن" وقوله تعالى: {فاتوا حرثكم أنَّى شئتم} [البقرة: 223] غير أنه في القبل، كما بينته السنة.

(2/312)


(4) قوله: "أو يكثر الكلام إلخ": مفهومه أن الكلام القليل لا يكره، وهو [2/ 215] كذلك. وقد ورد أن كثرة الكلام عند الجماع يكون منها الخرس والفأفأة (1).
(5) قوله: "أن يقول عند الوطء بسم الله": قبل الوطء (2) لا حاله، وقوله: "اللهم جنبنا الشيطان إلخ " محله بعد الفراغ.
(6) قوله: "وأن تتخذ المرأة خرقة إلخ": أي غير الخرقة التي تمسح بها فرجها. قال أبو حفص: وينبغي أن لا تظهر الخرقة بين يدي امرأة من أهل دارها.
اهـ. أقول ومن الأدب أن لا يدخل الرجل الحمام صباحًا بحضور بعض أقارب زوجته، لأنه يدل على الجماع، أو يغتسل في غير حمام كذلك، إلا لضرورة أو حاجة.
(7) قوله: "وقال ابن القطان": أي في كتاب "أحكام النساء" (3).

فصل في حقوق الزوج
(1) قوله: "وأوجب الشيخ إلخ": أي وفاقًا للمالكية.
(2) قوله: "وله أن يلزمها بغسل نجاسيةٍ إلخ": أما إن اتحد مذهبهما فظاهر، وأما إن اختلف، فإن كان كل منهما عارفًا بمذهبه عاملًا به فيعمل كل منهما بمذهبه، وليس لأحدهما الاعتراض على الآخر، ويصلي فيما طهرته على مذهبها وعكسه، وإن كانت عامية لا مذهب لها فإنه يلزمها بمذهبه. اهـ. ع ن.
(3) قوله: "إذا كانت مسلمة": أما غسلها من الحيض والنفاس فيلزمها به ولو ذمية، قولاً واحدًا، وأما من الجنابة فكذلك على الصحيح. وفي الإقناع: لا يجبر الذمية عليه، كالتي دون البلوغ. اهـ.
(4) قوله: "كبصل إلخ": قال م خ: وعلى قياسه شرب الدخان، بل هو
__________
(1) وهو ما أخرجه ابن عساكر من طريق قبيصة بن ذؤيب. وهو منكر (الإرواء).
(2) سقط من الأصل قوله: "بسم الله عند الوطء" وهو ثابت في ض.
(3) المشهرو لابن القطان كتاب "حكام النّظر" واسمه عليّ بن محمد بن عبد الملك (- 628 هـ) محدث وفقيه مالكي من أهل فاس.

(2/313)


[2/ 218] أقبح. اهـ. قلت: ما لم تتضرر بتركه، وإلا فهو من النفقة الواجبة (1). والله أعلم.
(5) قوله: "ما لم يخف منهما الضرر": هذا ما صوّبه في الإنصاف، وجزم به في الإقناع.

فصل في حق الزوجة في المبيت والقسم
(1) قوله: "في المضجع": بفتح الجيم، مكان الاضطجاع.
وقوله: "في المضجع": أي بأن ينام بجنبها، لا في البيت ولو بعد عنها.
(2) قوله: "ويلزمه" أي الزوج، بخلاف السيد، فلا قسم للأمة المملوكة من مالكها، وإنما يجب عليه إعفافها إما بوطئها أو تزويجها.
(3) قوله: "ولها السابعة": أي لأن الأمة على النصف من الحرة، فعلى هذا لو تزوج حرة وأمة، لزمه أن يبيت عند الحرة ليلتين، وعند الأمة ليلة، وهكذا.
ويفهم منه أن الأمة إذا كانت بملك اليمين لا قسم لها، وهو كذلك.
(4) قوله: "حتى مضت الأربعة أشهر": ظاهره أن هذا غاية لعدم الوطء والبيتوتة، وأنه لا خيار لها بترك البيتوتة دون الأربعة أشهر، وأنه لو وطئها بعد الأربعة أشهر بلا بيتوتة لها الفسخ أيضًا. وهكذا مفهوم عبارة الإقناع.
(5) قوله: "في غير أمر واجب": وأما إن سافر [60 أ] لعذر أو حاجة فلا تملك الفسخ ولو طال سفره، لأنه سقط حقها من الوطء أو القسم بسفره لذلك، كامرأة المفقود إذا ترك نفقة.
(6) قوله: "كالحج إلخ": تمثيل للمنفي لا للنفي.
(7) قوله: "إلا أن يرضين بأكثر": ومثله لو كن بِمَحَالَّ متباعدة، بحيث لا يمكنه المبيت عند كل واحدة ليلة، أو كان يشق عليه، فله جعل القسم أكثر من
__________
(1) قوله في الدخان: "ما لم تتضرر بتركه، وإلا فهو من النفقة الواجبة" قد كان هذا الوجه مساغ فيما تقدم، أما الآن وقد عُلِم ضرره يقينًا عند أهل الطب والاختصاص فلا وجه للقول بحله، ولا بوجوب جعله من النفقة، لأن الضرر لا يزال بالضرر، فهو سم قاتل بطيء المفعول.

(2/314)


ليلة، على حسب قرب البلدين وبعدهما، كاسبوع أو شهر أو نحوهما. ثم له أن [2/ 219] ينفرد إذا كان له زوجتان حرتان بليلتين، لا أن يجعلهما لواحدة دون الأخرى.
(8) قوله: "وعماد القسم الليل": أي لمن معاشه نهارًا، وأما من معاشه بالليل كالحارس، فعماد قسمه النهار. ولا فرق بين الخصي والعنين والمريض وغيرهم. فإن شق على المريض استأذن أزواجه أن يكون عند إحداهن، فإن أبين أقام عند إحداهن بقرعة، واعتزلهن جميعًا.
(9) قوله: "إذا كان": أي خروجه قبل الأوقات.
(10) قوله: "وجماع": مع أنه لا يجب عليه التسوية في الوطء، لكن لما كان في نوبة غيرها لزمه.
(11) قوله: "أثم": أي لما ذكره الشارح رحمه الله تعالى. قال م ص: ولعله إذا لم يكن بسؤالها اهـ. قال م خ: ويعايا بها، فيقال: لنا طلاق محرم وليس زمن البدعة ولا فرارًا من الإرث.
(12) قوله: "في الوطء": أي إلا إن وطئ واحدة في نوبة ضرتها، فيجب عليه أن يطأ ضرتها في نوبتها، وتقدم.
(13) قوله: "لا أملك": أي من الميل والشهوة.
(14) قوله: "لا تعزيرها في حادث إلخ": أي لأن هذه من وظيفة الحاكم.
وينبغي له أن يعلق السوط بالبيت لحديث: "رحم الله عبدًا علق في بيته سوطًا يؤدب أهله" رواه الخلال بإسناده عن جابر (1).
فإن لم تصل فقال الإمام أحمد: أخشى أن لا يحل للرجل أن يقيم مع امرأة لا تصلي ولا تغتسل من الجنابة ولا تتعلم القرآن. ذكره م ص.
(15) قوله: "ضربها إلخ": أي ويتجنب الوجه والمواضع المخوفة. ولا
__________
(1) وأخرجه ابن عدي أيضًا. وبلفظ "علّقوا السوط حيث يراه أهل البيت" أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر؛ وعبد الرزاق والطبراني في الكبير من حديث ابن عباس. على أن هذا "الانبغاء" من المحشي رحمه الله فيه نظر، فالظاهر أن الحديث لم يصح، ولم تورده كتب المذهب الموسّعة كالفروع وكشاف القناع وشرح المنتهى.

(2/315)


[2/ 222] يسأله أحد لم ضربها، ولا أبوها. فإن تلفت فلا ضمان عليه لأنه مأذون فيه شرعًا.
وعلم منه أنه لا يجوز له ضربها شديدًا، أو فوق عشرة أسواط. فإن فعل فتلفت ضمن. ويأتي في الجنايات.
(16) قوله: "وينبغي للمرأة أن لا تغضب زوجها": وكذلك ينبغي للزوج مداراتها. قيل للإمام أحمد: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل. فقال: كلها في التغافل. اهـ. م ص.
***

(2/316)