حَاشِيةُ
اللبَّدِي على نَيْل المَآرِبِ [2/ 396]
كتاب الأطعمة
(1) قوله: "وهو ما يؤكل ويشرب": أما ما يؤكل فظاهر، وأما ما يشرب فلقوله
تعالى {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}
[البقر ة: 249].
(2) قوله: "وأصلها الحل": لقوله تعالى {هو الذي خلق لكم ما في الأرض
جميعًا} [البقرة: 29] وقوله {كلوا مما في الأرض حلالاً طيبًا} [البقرة:
168] وقوله {أحل لكم الطيبات} [المائدة: هـ] وغير ذلك. فالأصل في الأشياء
الحل حتى يرد التحريم.
(3) قوله: "طاهر": لو زاد "غير مستقذر" ليخرج به البول والرجيع الطاهران،
كما يأتي، لكان أولى.
(4) قوله: "فإن اضطر إليهما": أي البول والروث الطاهرين، كالتداوي ببول
الإبل، أو نجسين، كما لو اشتد به العطش فخاف الهلاك، أو غُصَّ بلقمة ولا
ماء عنده طاهرًا ولا نجسًا فله دفع الأذى بالبول النجس، كما تقدم بعضه
مصرَّحًا به.
(5) قوله: "وما يفترس بنابه": إلا الضبع، كما يأتي، فإنه مباح ولو كان له
نِاب، لما روى جابر، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع،
فقال: "هو صيد، وفيه كبش إذا صاده المحرم" رواه أبو داود. وهذا خاص، فيقدم
على العام. وما روي مخالفًا لهذا فغير صحيح، كما ذكره أئمتنا.
(6) قال في المصباح: السَّمُّور حيوان ببلاد الروس يشبه النمس، ومنه أسود
وأشقر. وحكى لي بعض الناس أن أهل تلك الناحية يصيدون منها، فيخصون الذكر
منها، ويرسلونها ترعى. فإذا كان أيام الثلج خرجوا للصيد، فما كان فحلًا لم
يدركوه، وما كان خصيًّا استلقى على ظهره فأدركوه وقد سمن وحسن شعره.
والجمع سمامير، مثل تنّور وتنانير. اهـ. ع ن.
(7) قوله: "وباز": ويقال: بازي، كقاضي، وباز كبابٍ، وبازيٌ بتشديد
(2/416)
الياء. اهـ. ح ف [2/ 398]
(8) قوله: "طائر نحو الأوزّ إلخ": وهو يسمى في بلادنا بأبي الحيّات، معروف
مشهور.
(9) قوله: "خُقاش": كتفّاح، ويسمى أيضًا خُشَافًا.
(10) قوله: "ومن يأكل الخفّاشَ؟ ": استفهام إنكاريّ، أي لا يأكله أحد.
(11) قوله: "يقرأ بالهمزة" قال النووي: وقد غلط من الفقهاء وغيرهم من قال
إن الفأرة لا تهمز. وفرَّق بين فارة المسك والحيوان. قال (1): الصواب إن
الجميع مهموز، ويخفّف بتركه، كما في رأس ونظائره. اهـ.
قلت وقد قيل لأعرابي: أتهمز الفأر؟ فقال الهرّ يهمزها. اهـ.
(12) قوله: "طائر أسود إلخ": والسّنونو نوع منه.
(13) قوله: "وقُنْفُذ": بضم القاف والفاء، وبفتح الفاء، ويقال بالدال
والذال، وحكى بعضهم: "قنفظ" بالظاء المعجمة. قال في المُطلع: وهو غريب.
اهـ.
(14) قوله: "كالجراذين": أي الفئران، ومثلها بقية الفواسق.
(15) قوله: "ما تولَّد بين مأكول وغيره، كبغلٍ": أي وكحمارٍ تولَّد بين
حمار أهلي وحمار وحشي، وكسِمْعٍ وهو ولد الضبع من ذئب، وكعِسْبار وهو ولد
[79أ] ذئبة من ضَبُعَانٍ، وهو ذكر الضبع. وعلم من كلامهم حل بغل تولًّد بين
خيل وحمر وحشية. وهو كذلك.
(16) قوله: "وقال ابن عقيل: يحل بموته": ظاهره أنه إن كان حيًّا لا يحل
أكله ولو تبعًا، أو أنه يحل أكله بموته ولو منفردًا. وصنيع الشارح يدل على
الثاني. وربما دل كلام الإمام أحمد على كراهته تبعًا.
(17) قوله: "وكره أحمد إلخ": أي بان يأكل من التمر ونحوه ويجعل نواه أو
تفله في الإناء الذي فيه التمر ونحوه. وتقدّم ذلك في الوليمة.
__________
(1) في ض: "بل قال:".
(2/417)
[2/ 400]
فصل في الحيوانات المباح أكلها
(1) قوله: "والخيل": أي خلافًا لمالكٍ.
(2) قوله: "وبراذينها": البرذون هو ما أبواه نبطيَّان. فعلم من هذا أن
"الهَجين" وهو ما أبوه فقط عربيّ، و"المُقْرِف" وهو ما أمه فقط عربية،
مباحٌ من باب أولى. وهو كذلك.
(3) قوله: "وجسمها ألطف من جسمه": أي أقل، وفيها بقع في جميع بدنها. ولطول
يديها وقصر رجليها لا يثبت على ظهرها راكب. وقد رأيتها في مصر، وصورتها
عجيبة. فسبحان البديع الحكيم.
(4) قوله:"ووبر": الوبر دُوَيْبّه كحلاء دون السِّنَّور، لا ذَنَبَ لها.
واليربوع دويْتَّة تشبه الفأر، لها جحر في الأرض ويجعل آخره رقيقًا بحيث
إذا أُتي من باب الجحر دفعه برأسه وخرج.
والوبر حرَّمه أبو حنيفة وأصحابه إلا أبا يوسف.
(5) قوله: "وضبّ": حرمه أبو حنيفة. وعدم أكله - صلى الله عليه وسلم - منه
لا يدل على تحريمه، لأن الإنسان قد يعاقب المباح. وقد كله خالد بحضوره -
صلى الله عليه وسلم -.
(6) قوله: "وهو دابّة تشبه الحرذون": الحرذون بالحاء المهملة والذال
المعجمة، وفي بعفر النسخ "الجردون" بالجيم والدال المهملة. وهي غير صحيحة.
(7) قوله: "كنعام": النعام طير كبير كفصيل الناقة، طويل العنق جدًّا، له
أجنحة إلا أنه لا يطير لكبر جسمه. وقد رأيته في مصر.
وقول الشارح هنا: "الواحدة دجاجة للذكر والأنثى" أي فيسمي الديك دجاجة، كما
قال ابن دُرُسْتُوَيه، فيقال "صاحت الدجاجة" لصياح الديك.
(8) قوله:"وزاغ": الزاغ: هو الزرزور (1).
__________
(1) قوله: "الزاغ هو الزرزور" فيه نظر، فقد قال صاحب لسان العرب: الزك نوع
من الغربان أسود صغير. اهـ. والزرزور ليس غرابًا بل هو كما قال الدميري:
نوع من العصافير.
(2/418)
(9) قوله: "وغراب زرع": هو الذي يسمى في
بلادنا بالزاغ. [2/ 401] وقوله: "وهو أسود كبير": أحمر المنقار والرجلين.
قاله م عن.
(10) قوله: "وتقدم": لعله يشير بذلك إلى ما تقدم في كتاب الحج من أن الحمام
بأنواعه يُفْدى في الحرم، فيكون مباحًا. ويشبهه زاغٌ وغراب زرعٍ. والله
سبحانه وتعالى أعلم.
(11) قوله: "كخنزير الماء وإنسانه وكلبه": أي فإنها مباحة. قال ابن نصر
الله: وأما حماره فلم أجد لأصحابنا فيه نصًّا. وصرح الشافعية بتحريمه، وإن
كان الحمار الوحشي يؤكل، تغليبًا للتحريم. إهـ. كلامه بمعناه.
أقول: عموم كلامهم يدل على إباحته. وأيضًا فهو أولى بالإباحة من الحمار
الوحشي، ومن خنزير الماء وكلبه، كما هو ظاهر.
(12) قوله: "وإن كان كثر علفها الطاهر لم تحرم": هذا مقابل لقوله "الجلاّلة
التي كثر علفها النجاسة" فيبقى النظر فيما إذا استوى علفها من الطاهر
والنجس، هل تحرم أو لا؟
أقول: ظاهر كلام الموفق الذي ذكره الشارح بقوله "وتحديد الجلاّلة إلخ" يدل
على أنها تحرم، لأنه إذا كان نصف علفها النجاسة يكون كثيرًا، بل الثلث
كثير، فلا يعفى عنه، لأنه غير يسير. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(13) قوله: "وتمنع من النجاسة": أي تطعم الطاهر فقط، كما في المنتهى.
فظاهره أنها إن أكلت نجاسة ولو قليلة لا تحلّ.
(14) قوله: "وغُدَّة": الغدة عقدة في الجسد يلتصق بها شحم، وكل قطعة صلبة
بين العصب، أي وهو الذي يسمى بالدَّرن (1).
__________
(1) قوله: "وهو الذي يسمى بالدّرَن" فيه نظر، فالغدة توجد في بدن الإنسان
في أصل الخلقة السوية، ولها وظائف جمّة، لكونها تفرز ما فيه صلاح البدن،
كالغدة الدرقية، والغدة الكظرية، والخصية. أما الدرن: فهو في عرف بلادنا
فلسطين: عُقْدةٌ مَرَضيّة تحت جلد الحيوان، تكون منتبِرةً، وربما حصل فيها
دود. وهي كلمة عامية. إذ لم يذكر لها هذا المعنى في لسان العرب.
(2/419)
[2/ 403]
(15) قوله: "وخالفه فيهما في المنتهى": أي فقال في المنتهى: لا يكره لحم
نيء ومنتن. أي وعليه نص الأمام أحمد اهـ.
فصل في أحكاء المضطر
(1) قوله: "قال في الإقناع إلخ": معارضة للمؤلف في قوله: جاز له الأكل، أي:
وفي الإقناع: وجب. وكذا في المنتهى، لقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة [البقرة: 195] وقد يقال: الجواز هنا ما قابل التحريم، فيدخل
الواجب.
نعم: الإطلاق في محل التقييد خطأ، كما هو القاعدة [79ب].
(2) قوله: "ومن لم يجد إلا آدميًّا": ظاهره أنه لم يجد شيئًا من المحرمات
أيضًا كميتة ونحوها، وأن هذه الأشياء تقدَّم على آدميّ مباح الدم.
(3) قوله: "وجب على ربه بذله له": أي مع عدم حاجة ربهّ إليه، وإلا فهو أحق
به. وإنما وجب ذلك لأن الله تعالى ذمَ على منعه بقوله {ويمنعون الماعون}
[الماعون: 7] وأما من اضطر إلى طعامِ غيره، فإن كان ربّه مضطرًا أيضًا أو
خائفًا أن يضطر، فهو أحق به، وليس له إيثاره. وقيل: بلى. وإن كان غير
مضطرٍّ لزمه بذل ما يسدُّ رمق مضطرّ فقط، بقيمته، ولو في ذمة معسر، فإن كان
متقوِّمًا فقيمته يوم أخذه. فان أبى ربّ الطعام أَخَذَهُ مضطرّ بالأسهل، ثم
قهرًا: ويعطيه عوضه، فإن كان منعه فله قتاله عليه. فإن قتل المضطر ضمنه ربّ
الطعام، بخلاف عكسه، وإن مَنَعه فيما فوق القيمة، فاشتراه بها كراهة أن يقع
بينهما قتال، لم يلزمه إلا القيمة اهـ. ملخصًا من المنتهى.
أقول: وهل قولهم: "يأخذه بالأسهل": يشمل أخذه خفيةً بنيّة دفع قيمته، أو لا
يجوز ذلك؟ لم أرَ نَصًّا في إباحة ذلك ولا منعه.
(4) قول الشارح: "أن يأكل": الأولى إسقاطه لذكره في المتن، ولصيرورة
العبارة قَلِقَةً، كما هو ظاهر.
(5) فائدة: الذي يظهر لي أن من راقب صاحب شجرة مثلاً حتى ينصرف عنها إلى
بلده لمصلحة، ولا حائط عليها، لا يجوز له الأكل من ثمرتها ولو من
(2/420)
غير أن يصعد عليها، كما يؤخذ من تعليلهم،
وذلك كمن يذهب بالليل إلى الثمار، [2/ 405] ويزعم أن لا حائط عليها ولا
ناطر، مع أن الناطر (1) يقيم النهار كلَّه عندها، وهذا متعيِّن ..
(6) قوله: "المسلم": أي لا الذميّ، كما يأتي في الشرح.
(7) قوله: "على المسلم لا: أي لا الذمي لمفهوم [حديث] "من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزتَهُ". اهـ. م ص.
فائدة: وليس للضيفان قسمة طعامٍ قُدِّم لهم، لأنه إباحة لا تمليك. ويجوز
للضيف أن يشرب من كوز صاحب البيت، والاتكاء على وسادته، وقضاء حاجته في
مرحاضه من غير استئذان باللفظ، كطرق بابه عليه، وطرقِ حَلْقته.
فائدة أخرى: قال الشيخ: من امتنع من الطيبات بلا سببٍ شرعيٍّ فمذموم، وما
نقل عن إمامنا الإمام أحمد أنه امتنع عن أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل
النبي - صلى الله عليه وسلم - له كذب. اهـ.
(8) قوله: "يومًا وليلة": لحديث "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم
ضيفه جائزته لما قالوا: وما جائزته يا رسول اْلله؟ قال: "يومه وليلته" (2).
وظاهر الحديث أن يطعمه يومه، أي يوم قدومه، وليلته أي الليلة التي تليه،
سواء قدم أول النهار أو آخره. وظاهر كلام الفقهاء: أربعًا وعشرين ساعة.
ولعل ظاهر الحديث هو مرادهم.
(9) قوله: "جاز له الأخذ": ظاهره ولو بعد إنصرافه من بيته، أو بعد أكله من
عند غيره، وهل يجوز له أخذ متاعِ قيمته تساوي قيمةَ ما وجب له، أوْ لا يأخذ
إلا طعامًا أو نقدًا؟ وهل إذا ضاف أهلَ بلدٍ ونزل في محلهم المعدّ للضيافة
حيث كان، فلم يطعموه، له أن يأخذ من مال من شاء منهم إن قدر، أو الحكم
__________
(1) هكذا في الأصل، وهو الصواب. وفي ض: "ولا ناظر، لأن الناظر ... إلخ"
والناطر والناطور، بالطاء المهملة، حارس الثمار على الشجر.
(2) حديث: "فليكرم ضيفه جائزئه ... إلخ" أخرجه البخاري ومسلم وأحمد من حديث
أبي شريح مرفوعًا.
(2/421)
[2/ 406] مخصوص بمضافِ معين؟
باب الذكاة
(1) قوله: "وهي ذبحُ أونحر المحيوان المقدور عليه": أي أو عقر غيره.
فالذكاة ثلاثة أقسام:
أحدها: الذبح، وهو قطع الحلقوم والمريء. ويسن في بقرٍ وغنمِ وطير وصيد
مقدور عليه.
والثاني: النحر، وهو الطعن بحربةٍ ونحوها في الوَهْدَة التي بين أصل العنق
والصدر، ويسن في إبل.
والثالث: العقر، وهو في الصيد وما لا يقدر على ذبحه. فيجرحه في أي محل كان،
ويحل. ويأتي ذلك بأوضح.
(2) قول الشارح: "أي الذكاة، وكذا النحر": فيه أن النحر من الذكاة كما تقدم
في تعريفها.
(3) قوله: "والكتابي": أي إذا كان أبواه كتابيَّين، أما لو كان أحدهما غير
كتابي فلا تحل ذبيحته. ومن انتقل ممن لا تحل ذبيحتهم إلى دين أهل الكتاب
فإنها تحلّ ذبيحته، كما يعلم من الإقناع في باب أحكام [أهل] الذمّة، وجزم
في كتاب النكاح بأنه لا تصح مناكحته. ففي كلامه نوع تناقض.
أقول: وقولهم في النسب: ويتبع الولد في الذكاة وتحريم النكاح أخبث أبويه،
يفهم منه (1) أن من تولد بين من تحل ذبيحته وبين من لم تحل من غير كتابيٍّ،
أو من كتابيٍّ متولد بين كتابيٍّ وغيره، كأن تقول: زيد [80أ] تولّد بين
كتابيٍّ وغيره، فهو لا تحل ذبيحته ولا مناكحته، ثم ولد لزيد ولد، فهو أيضًا
لا تحلُّ ذبيحته ولا مناكحته، وإن كان هو كتابيًّا، تغليبًا لجانب التحريم،
كما أن ما تولَّد بين مأكولٍ وغيره لا يؤكل، فلو قدَّرنا أنه حَصَل منه نسل
أيضًا فلا يؤكل نسله
__________
(1) قوله: "يفهم منه" ساقط من ض.
(2/422)
تغليبًا، لجانب الحظر. [2/ 407]
فعلى هذا إذا كان أحد أجداد الكتابي أو جداته غير كتابي لا تحل ذبيحته ولا
مناكحته، ولعلَّه غير مرادٍ لهم، كما يدل عليه كلامهم في أحكام [أهل]
الذمة، فراجعه إن شئت. وحرِّر.
(4) قوله: "ولا المجوسي": أي وإنما أخذت منهم الجزية لأن لهم شبهة كتابٍ
تقتضي تحريم دمائهم، فلما غلب التحريم فيها غلب عدم الكتاب في تحريم
ذبائحهم ونسائهم، احتياطًا للتحريم في الموضعين. اهـ. م ص.
(5) قوله في الحديث الشريف: "أما السن فعظْم": مع أنه تقدم أنه تصح التذكية
بالعظم، مشكل. وقوله "أما الظفر فمُدَى الحَبَشَة" أي ففي الذبح به تشبه
بهم وهو منهي عنه. وقد رأيت صاحب المنتهى في شرحه أجاب عن الإشكال المذكور
بما يطول، وحاصله أن عموم "ما أنهر الدم إلخ" يشمل العظم، وحيث استثنى
السِّن يبقى ما عداه، والتعليل بأنه عظم لا يدل على بقية العظام، بدليل أنه
يجوز الذبح بمدى الحبشة غير الظفر، ولا يضر التعليل به بأنه مدى الحبشة.
اهـ
(6) قوله: "وعن كعب عن أبيه" الصواب "عن ابن كعب عن أبيه" كما رأيته لـ م
س.
(7) قوله: "قطع الحلقوم والمريء": أي سواء كان القطع فوق الغَلْصَمة، وهي
الموضع الناتىء من الحلق، أو دونها، خلافًا للشافعية.
(8) قوله: "ويكفي قطع البعض منهما": أي فلا تشترط إبانتهما، بل يكفي شق بعض
كل منهما، وظاهره ولو قلَّ. فليحرر.
(9) قوله: "سواء أتت الآلة على محلّ الذبح إلخ": هذه عبارة الفتوحي في شرح
المنتهى، بعد قوله في المتن: "فلو أبان رأسه حل مطلقًا" ففسّر الإطلاق
بذلك. وفسّره م ص. بقوله: "أي سواء كان من جهة وجهه أو قفاه أو غيرهما"
اهـ. وهو أظهر من كلام الفتوحي. ولا يقال: هو أدرى بكلامه، لأن صاحب البيت
أدرى بما فيه، فالظاهر، بل المتعين، أنه لا بدَّ من مجيء الآلة على محلّ
الذبح وفيه حياة مستقرة، كالذي ذبح من قفاه.
(2/423)
[2/ 409] (10) قوله: "وفيه حياة مستقرة":
قال م ص: وتعتبر الحياة المستقرة بالحركة القوية اهـ.
(11) قوله: "يمكن زيادتها على حركة مذبوح": وعند الشيخ: تحل إذا ذكيتْ
وفيها حياةٌ، ولا تعتبر حركة المذبوح، لأنها لا تنضبط، تارة تطول، وتارة
تقصر. وهو حسن.
(12) قوله:"لم يضرّ إن عاد فتمَّم الذكاة على الفور": قال م ص: فإن تراخى،
ووصل الحيوان إلى حركة المذبوح فأتمها، لم يحل. اهـ. فظاهر قوله "ووصل
الحيوان (1) إلخ" أنه إن لم يصل لذلك، بل تمم ذكاته وفيه فوق حركة المذبوح
يحل، ولو تراخى، فيكون كالمنخنقة ونحوها مما أصابه سبب الموت، مع أنه تقدم
أن ما قطع حلقومه حكمه كالميت، واستثنى رفع يده إن أتم الذكاة على الفور.
فظاهره أنه إن تراخى لا يحل ولو تمّم ذكاته وفيه حياة مستقرة، لأن وجود هذه
الحياة كعدمها، لأنه لا يمكن أن يعيش عادة.
قلت: لكن يشكل على هذا قولهم في المنخنقة ونحوها: تحلّ إذا ذكيت وفيها حياة
مستقرة، ولو انتهت إلى حالٍ يعلم أنها لا تعيش معه، فما الفرق بين هذه وبين
ما قُطع حلقومه أو أبينت حشوته؟ ومما يزيد الإشكال عندي قول الشارح هنا
والبهوتي في شرح المنتهى بعد ذكر المنخنقة ونحوها: "فأصابه شيء من ذلك، ولم
يصل إلى حدِّ لا يعيش معه" مع قولهما بعده بسطر وشيء "سواء انتهت المنخنقة
ونحوها إلى حالٍ يعلم أنها لا تعيش معه أو لا حلّتْ".
والذي يتوجه عندي حِلُّ الحيوان المذبوح وفيه حياة مستقرة، سواء وصل إلى
حال لا يعيش، كقطع حلقومٍ أو إبانة حَشوة ونحوهما، أو لا، وألا فما الفرق
بين قطع الحلقوم وإبانة الحشوة وبين غيرهما مما يعلم أنه لا يعيش معه
الحيوان، كتفتُّت كبدٍ، أو كَسْرِ رأسٍ ونحوه، مما لا يعيش معه يقينًا؟ لا
يكاد يوجد فرق.
أقول أيضًا: ومما يؤيد قولي أن ما فيه حياة حكمه حكم الحيّ، ولو أبينت
__________
(1) سقط من الأصل قوله: "إلى حركة مذبوح ... إلخ" وهو ثابت في ض.
(2/424)
حشوته مثلاً، قولهم فيما يأتي [80ب]: وما
ذبح فغرق لا يحلّ، فحيث جعلنا قطع [2/ 410] الحلقوم وحده موجبًا لذلك لا
يجعل الحيوان كالميت في هذا (1)، فلم جعلنا قطع الحلقوم وحده موجبًا لذلك
فيما تقدم؟ وهل هذا إلا تضارب (2)؟!
(13) قوله: "ولا تستحب الصلاة": أي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني
على الذبيحة.
(14) قوله:"يضمن أجير إلخ": مفهومه أنه إذا لم يكن أجيرًا للذبح لا يضمن،
ولعله غير مراد، فليحرر.
فائدة: قال في الإقناع "ويحل مذبوح منبوذ بموضع يحلُّ ذبح أكثر أهله، ولو
جهلت تسمية الذابح".
وإسماعيل هو الذبيح على الصحيح. اهـ.
(15) قوله: "فهو مذكًّى. إلخ" أيْ إن قصد بذلك تذكية الجنين، وقصد التسمية
عليها، لأنه قد تقدم أنه لا بد من قصد التذكية. قالوا: فلو احتكَّ حيوان
بمحدد بيد إنسان لم يقصد ذبحه، فقطع حلقومه ومريئه، لم يحل، لعدم قصد
التذكية.
وقالوا: يشترط قصد التسمية على ما يذبحه، فلو سمى على شاة فتركها وذبح
غيرها لم تحل. وحينئد فلا بد من اشتراط ما ذكرنا، وإنما لم ينبّهوا عليه
لوضوحه.
(16) قوله: "وكره نفخ لحم يباع": لأنه غش، ومقتضاه: لغير البيع لا يكره.
(17) قوله:"وما ذبح فغرق إلخ": هذا وإن كان هو المذهب فعندي فيه نظر، لأنه
قد تقدّم أن ما قطع حلقومه فقط كالميتة، وهذا قد قطع حلقومه ومريئه فلم لا
يجعل كأنه مات بالذبح ولا يضره وقوع في ماءٍ ونحوه؟ على أنه قد تقدم
__________
(1) قوله: "لا يجعل الحيوان ... إلخ" ساقط من ض.
(2) إشكاله وجيه. ولعل جوابه، أنه إن كان سبب الموت غير قطع الحلقوم
والمريء كإبانة والحشوة فذبحه وفيه حياة مستقرة حلّ، فأما إن كان الحلقوم
والمريء قد قُطِعا بغير الذبح، أو بذبح مجوسي مثلاً، فإنه إن أرأد تذكيته
بقطع الحلقوم والمريء لم يزد شيئًا.
(2/425)
[2/ 411] قريبًا أنه يكره كسر عنقه قبل
الزهوق، وقالوا: ولا يؤثر ذلك في حلِّها، مع أنه معين على زهوق الروح،
كَتَرَدِّيه مِنْ عُلْوٍ وأولى.
ثم رأيت م ص قال: وقال الأكثر: يحلّ اهـ.
(18) قوله:"على الأصح": وعنه: يحل، اختاره الأكثر.
***
(2/426)
|