دليل الطالب لنيل المطالب

كتاب الشراكة
مدخل
...
كتاب الشراكة
وهي خمسة أنواع كلها جائزة ممن يجوز تصرفه:
أحدها : شركة العنان وهي: أن يشترك اثنان فأكثر في مال يتجران فيه ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان.
وشروطها أربعة:
الأول : أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين: الذهب والفضة ولو لم يتفق الجنس.
الثاني : أن يكون كل من المالين معلوما.
الثالث : حضور المالين ولا يشترط خلطهما ولا الإذن في التصرف.
الرابع : أن يشرطا1 لكل واحد منهما جزءا معلوما من الربح سواء شرطا لكل واحد منهما على قدر ماله أو أقل أو أكثر.
فمتى فقد شرط فهي فاسدة وحيث فسدت فالربح على قدر المالين لا على ما شرطا لكن يرجع كل منهما على صاحبه بأجر2 نصف عمله.
وكل عقد لا ضمان في صحيحه لا ضمان في فاسده إلا بالتعدي أو3التفريط كالشركة والمضاربة والوكالة والوديعة والرهن والهبة.
__________
1 في "أ" و "ب" "يشترطا" وكذا في "ن" و "ج".
2 في "ب" "بأجرة" وكذا في "م" و "ن".
3 في "م" بالواو بدل: "أو".

(1/155)


ولكل من الشريكين أن يبيع ويشتري ويأخذ ويعطي ويطالب ويخاصم ويفعل كل ما فيه حظ للشركة.
فصل
الثاني : المضاربة وهي: أن يدفع1 ماله إلى إنسان ليتجر فيه ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان.
وشروطها ثلاثة:
أحدها : أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين.
الثاني : أن يكون معينا معلوما ولا يعتبر قبضه بالمجلس ولا القبول.
الثالث : أن يشترطا2 للعامل جزء معلوم3 من الربح.
فإن فقد شرط فهي فاسدة ويكون للعامل أجرة4 مثله وما حصل من خسارة أو ربح فللمالك وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال فإن فعل عتق وضمن ثمنه ولو لم يعلم.
ولا نفقة للعامل إلا بشرط فإن شرطت مطلقة و5اختلفا فله نفقة مثله عرفا من طعام وكسوة.
__________
1 في "ب" زيادة: "من" وكذا في "ن".
2 في "ب" "يشرط" وكذا في "م" و "ن".
3 في "أ" "أن يشترط للعامل جزء معلوما" وكذا في "ج" وفي "ب" "جزء معلوم" وكذا في "م" و "ن".
4 في"أ" "أجر".
5 في "أ" "أو" بدل الواو.

(1/156)


ويملك العامل حصته من الربح بظهوره قبل القسمة كالمالك لا الأخذ منه إلا بإذن1 وحيث فسخت والمال عرض فرضي ربه بأخذه قومه ودفع للعامل حصته وإن لم يرض فعلى العامل بيعه وقبض ثمنه.
والعامل أمين يصدق بيمينه في قدر رأس المال وفي الربح وعدمه وفي الهلاك والخسران حتى ولو أقر بالربح ويقبل قول المالك في قدر ما شرط للعامل.
فصل
الثالث : شركة الوجوه وهي: أن يشترك اثنان لا مال لهما في ربح ما يشتريان من الناس في ذممهما ويكون الملك والربح كما شرطا والخسارة على قدر الملك.
الرابع : شركة الأبدان وهي: أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانهما من المباح: كالاحتشاش والاحتطاب والاصطياد أو يشتركا فيما يتقبلان2 في ذممهما3 من العمل.
الخامس : شركة المفاوضة وهي: أن يفوض كل إلى صاحبه شراء وبيعا في الذمة ومضاربة وتوكيلا ومسافرة بالمال وارتهانا.
ويصح دفع دابة أو عبد لمن يعمل به بجزء من أجرته ومثله خياطة ثوب ونسج غزل وحصاد زرع ورضاع قن واستيفاء مال بجزء مشاع
__________
1 في "أ" "إلا بإذنه" وكذا في"ج".
2 في "ب" "يتملكان" وفي الهامش في نسخة: "يتقبلان".
3 في "أ" "ذمتهما".

(1/157)


منه وبيع متاع بجزء من ربحه ويصح دفع دابة أو نحل1 أو نحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة بجزء منهما والنماء ملك لهما لا إن كان بجزء من النماء كالدر والنسل والصوف والعسل وللعامل أجرة مثله.
__________
1 في "ب" "نخل" بالخاء المعجمة.

(1/158)


باب المساقاة
وهي: دفع شجر لمن يقوم بمصالحه بجزء من ثمره بشرط كون الشجر معلوما وأن يكون له ثمر يؤكل وأن يشرط2 للعامل جزء مشاع معلوم من ثمره.
والمزارعة: دفع الأرض والحب لمن يزرعه ويقوم بمصالحه بشرط كون البذر معلوما جنسه وقدره ولو لم يوكل وكونه من رب الأرض وأن يشرط3 للعامل جزء معلوم مشاع4 منه ويصح كون الأرض والبذر والبقر من واحد والعمل من آخر.
فإن فقد شرط فالمساقاة والمزارعة فاسدة5 والثمر والزرع لربه وللعامل أجرة مثله.
__________
2 في "ن" "يشترط".
3 في "ن" "يشترط".
4 في "ب" "مشاع معلوم" وكذا في "م".
5 قال اللبدي في الحاشية "ص: 214": الأولى: فاسدتان لأنه خبر عن شيئين إلا أن يقال: فيه حذف من الدلالة الثاني عليه وإن كان الأكثر عكسه كقوله تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ة35] أي: دائم.

(1/158)


ولا شيء له إن فسخ أو هرب قبل ظهور الثمرة.
وإن فسخ بعد ظهورها فالثمرة بينهما على ما شرطا وعلى العامل تمام العمل مما فيه نمو أو1 صلاح للثمرة2.
والجذاذ عليهما بقدر حصتهما ويتبعان العرف في الكلف السلطانية ما لم يكن شرط فيتبع.
__________
1 في "أ" بالواو فقط.
2 في "م" و "ن" "للثمرة".

(1/159)


باب الإجارة
شروطها3 ثلاثة:
معرفة المنفعة معرفة الأجرة كون النفع مباحا يستوفى دون الأجزاء.
فتصح إجارة كل ما أمكن الإنتفاع به مع بقاء عينه إذا قدرت منفعته بالعمل كركوب4 الدابة لمحل5 معين أو قدرت بالأمد وإن طال حيث كان يغلب على الظن بقاء العين
__________
3 في "ن" "وشروطها" بزيادة الواو.
4 في "أ" "كركوبه".
5 في "أ" "إلى محل".

(1/159)


فصل
والإجارة ضربان:
الأول: على عين فإن كانت موصوفة اشترط فيها1 استقصاء صفات السلم وكيفية السير من هملاج وغيره لا الذكورة والأنوثة والنوع.
وإن كانت معينة اشترط2 معرفتها والقدرة على تسليمها وكون المؤجر يملك نفعها وصحة بيعها سوى حر3 ووقف وأم ولد واشتمالها على النفع المقصود منها فلا تصح في زمنة لحمل وسبخة لزرع.
الثاني : على منفعة في الذمة فيشترط ضبطها بما لا يختلف كخياطة ثوب بصفة كذا و4 بناء حائط يذكر طوله وعرضه وسمكه5 وآلته وأن لا يجمع بين تقدير المدة والعمل: كـ"يخيطه6 في يوم".
وكون العمل لا يشترط أن يكون فاعله مسلما فلا تصح الإجارة لأذان وإقامة وتعليم قرآن وفقه وحديث ونيابة في حج وقضاء ولا يقع إلا قربة لفاعله.
ويحرم أخذ الأجرة عليه وتجوز الجعالة.
__________
1 "فيها" أدرجها في "ن" في الشرح.
2 في "أ" "اشترطت".
3 في "أ" زيادة "حرة".
4 في "م" "أو" بدل الواو.
5 بفتح السين وسكون الميم أي: ثخانتة وهو في الحائط بمنزلة العمق في غير المنتصب قاله في الحاشية. نيل المآرب "1/427".
6 في "أ" "كتخيطة". وفي "ن" "التخيطه".

(1/160)


فصل
وللمستأجر استيفاء النفع بنفسه: ولمن يقوم مقامه لكن بشرط كونه مثله في الضرر أو دونه.
وعلى المؤجر كل ما جرت به العادة من آلة المركوب والقود والسوق والشيل والحط وترميم الدار بإصلاح المنكسر وإقامة المائل وتطيين السطح وتنظيفه من الثلج ونحوه.
وعلى المستأجر المحمل والمظلة وهي: الكبير من الأخبية وتفريغ البالوعة والكنيف وكنس الدار من الزبل ونحوه إن حصل بفعله.
فصل
والإجارة عقد لازم لا تنفسخ بموت المتعاقدين ولا بتلف المحمول ولا بوقف العين المؤجرة ولا بانتقال الملك فيها بنحو هبة.
وبيع ولمشتر لم يعلم الفسخ أو: الإمضاء والأجرة له.
وتنفسخ بتلف1 العين المؤجرة المعينة وبموت المرتضع وهدم الدار.
ومتى تعذر استيفاء النفع ولو بعضه من جهة المؤجر فلا شيء له ومن جهة المستأجر فعليه جميع الأجرة.
__________
1 في "ن" زيادة: "كل".

(1/161)


وإن تعذر بغير فعل أحدهما كشرود المؤجرة وهدم الدار ووجب منها1 الأجرة بقدر ما استوفى.
إن هرب المؤجر وترك بهائمه وأنفق عليها المستأجر بنية الرجوع رجع لأن النفقة على المؤجر كالمعير.
فصل
والأجير قسمان: خاص: وهو من قدر نفعه بالزمن ومشترك: وهو: من قدر نفعه بالعمل.
فالخاص لا يضمن ما تلف يده2 إلا إن فرط.
والمشترك يضمن ما تلف بفعله من تخريق وغلط في تفصيل وبزلقه وبسقوط3 عن دابتة4 وبانقطاع حبله لا ما تلف بحرزه أو بغير فعله إن لم يفرط.
ولا يضمن حجام وختان وبيطار خاصا كان أو مشتركا إن كان حاذقا ولم تجن يده وأذن فيه مكلف أو وليه ولا5 راع لم يتعد أو يفرط بنوم أو غيبتها عنه.
ولا يصح أن يرعاها بجزء من نمائها.
__________
1 في "ب" "من" بدل "منها". وكذا في "م" و "ن".
2 في "ن" بيده".
3 في "أ" "بسقوطه" وكذا في "ن" و في "م" "وسقوط".
4 في "م" "دابة".
5 في "أ" "ولا ضمان راع".

(1/162)


فصل
وتستقر الأجرة بفراغ العمل وبانتهاء المدة وكذا ببذل تسليم العين إذا مضى1 مدة يمكن استيفاء المنفعة فيها ولم تستوف.
ويصح: شرط2 تعجيل الأجرة وتأجيرها.
وإن اختلفا في قدرها تحالفا وتفاسخا وإن3 كان قد استوفى ما له أجرة فأجرة المثل.
والمستأجر أمين لا يضمن ولو شرط على نفسه الضمان إلا بالتفريط ويقبل قوله في أن لم يفرط وأن ما استأجره أبق أو شرد أو مرض4 أو مات.
وإن شرط عليه أن لا يسير بها في الليل أو وقت القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة ونحو ذلك مما فيه غرض صحيح فخالف ضمن ومتى انقضت5 الإجارة رفع المستأجر يده ولم يلزمه الرد ولا مؤنته كالمودع.
__________
1 في "" "مضى"
2 "شرط" سقطت من "ب" وكذا من "م".
3 في "أ" "فإن" وكذا في "ن".
4 في "أ" "أو مرض أو شرد" بتقديم وتأخير.
5 قال ابن القيم: إذا خرج المتسابقان في النضال معا جاز في أصح القولين والمشهور من مذهب مالك أنه لا يجوز. وعلى القول بجوازه فأصبح القولين أنه لا يحتاج إلى محلل كما هو مقتضى المنقول عن الصديق وأبي عبيدة بن الجراح واختيار شيخنا وغيره. والمشهور من أقوال الأئمة الثلاثة أنه لا يجوز إلا بمحلل على تفاصيل لهم في المحلل وحكمة. وقد ذكرناها في كتابنا الكبير في الفروسية الشرعية وذكرنا فيه وفي كتاب بيان الاستدلال على بطلان اشتراط محلل السباق والنضال بيان بطلاقة من أكثر من خمسين وجها وبينا ضعف الحديث الذي احتج به من اشترطه وكلام الأئمة في ضعفه وعدم الدلالة منه على تقدير صحته. إعلام الموقعين "4/29".

(1/163)


باب المسابقة
وهي جائزة في السفن والمزاريق والطيور وغيرها وعلى الأقدام وبكل الحيوانات1.
لكن لا يجوز أخذ العوض إلا في مسابقه الخيل والإبل والسهام بشروط خمسة:.
أحدها : تعيين المركوبين أو2الراميين بالرؤية.
الثاني : اتحاد المركوبين أو القوسين بالنوع.
الثالث : تحديد المسافة بما جرت به العادة.
الرابع : علم العوض وإباحته.
الخامس : الخروج عن شبه القمار بأن يكون العوض من واحد فإن أخرجا معا لم يجز3 إلا بمحل لا يخرج شيئا.
ولا يجوز أكثر من واحد يكافئ مركوبه مركوبيهما أو4 ورميه
__________
1 قال شيخ الإسلام: وما ألهي وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه وأن لم يحرم جنسه كالبيع والتجارة وأما سائر ما يتلهى به البكالون من أنواع اللهو وسائر ضروب اللهو مما لا يستعان به في حق شرعي فكله حرام. حاشية الروض "5/347".
2 في "أ" بالواو فقط.
3 في"أ" "لم يجزء".
4 في "م": بالواو بدل "أو".

(1/164)


رمييهما1 فإن سبقا معا أحرزا سبقيهما2 ولم يأخذا من المحلل شيئا وإن سبق أحدهما أو سبق المحلل أحرز السبقين.
والمسابقة جعالة لا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل ولكل فسخها ما لم يظهر الفضل لصاحبه.
__________
1 في "م" و "ن" "رمييهما" بيائين.
2 في "أ" "بسقيهما" بزيادة الباء.

(1/165)