دليل
الطالب لنيل المطالب كتاب الوقف
الوقف
...
كتاب الوقف
يحصل بأحد أمرين: بالفعل مع دليل يدل عليه:
كأن يبني1 بنيانا على هيئة المسجد ويأذن إذنا
عاما بالصلاة فيه أو يجعل أرضه مقبرة ويأذن
إذنا عاما بالدفن فيها.
بالقول2 وله صريح وكناية.
فصريحه: وقفت وحبست وسبلت.
وكنايته: تصدقت وحرمت وأبدت فلا بد فيها من
نية الوقف ما لم يقل: على قبيلة كذا أو طائفة
كذا
فصل
وشروط الوقف سبعة:
أحدها : كونه من مالك جائز التصرف أو ممن3
يقوم مقامه.
الثاني : كون الموقوف عينا يصح بيعها وينتفع
بها نفعا4 مباحا مع
__________
1 في "أ" "بني" بلفظ الماضي.
2 الدال على الوقف وقال شيخ الإسلام: إذا قال
واحد أو جماعة: جعلنا هذا المكان مسجدا أوقفا
صار مسجدا ووقفا بذلك. حاشية الروض "5/531".
3 في "ن" "من".
4 في "ن" "انتفاعا".
(1/185)
بقائها1 فلا
يصح وقف مطعوم ومشروب غير الماء ولا وقف دهن
وشمع وأثمان وقناديل نقد على المساجد ولا على
غيرها.
الثالث : كونه على جهة بر وقربة: كالمساكين
والمساجد والقناطر والأقارب فلا يصح على
الكنائس ولا على اليهود والنصارى ولا على جنس
الأغنياء أو2 الفساق لكن لو3 وقف على ذمي أو
فاسق أو غني معين صح.
الرابع : كونه على معين غير نفسه يصح أن يملك
فلا يصح الوقف على مجهول4 كرجل ومسجد ولا على
أحد هذين ولا5 على نفسه ولا على من لا يملك
كالرقيق ولو مكاتبا و6الملائكة والجن والبهائم
والأموات ولا على الحمل استقلالا7 بل تبعا.
الخامس : كون الوقف منجزا فلا يصح تعليقه إلا
بموته فيلزم من حين [الوقف]8 إن خرج من الثلث.
__________
1 في "م" و "ن" "بقاء عينها" بدل "بقائها".
2 في "أ" بالواو بدل "أو" وكذا في "م".
3 في "م" "لكن بدل "لو".
4 قال شيخ الإسلام: المجهول نوعان "مبهم" وهذا
قريب و "معين" مثله أن يقف دار لم يرها فمنع
هذا بعيد وكذلك هبته.حاشية الروض "5/534".
5 في "ن" "ولا يصح" بزيادة "يصح".
6 في "ن" بزيادة "لا" "ولا الملائكة".
7 وهو أن يقول: وقفت على ما في بطن هذه المرأة
واختار شيخ الإسلام صحته أصالة وهو قول ابن
عقيل وغيره. حاشية الروض "5/547".
8 في الأصل: "الوقفية" والتصويت من "أ" و "ب".
(1/186)
السادس : أن لا
يشترط1 فيه ما ينافيه كقوله: وقفت كذا على أن
أبيعه أو أهبه متى شئت أو بشرط الخيار لي أو
بشرط أن أحوله من جهة إلى جهة.
السابع : أن يقفه على التأبيد.
فلا يصح: وقفته2 شهرا أو إلى سنة و3نحوها.
ولا يشرط تعيين الجهة فلو قال: وقفت كذا وسكت
صح وكان لورثته من النسب على قدر إرثهم4.
فصل
ويلزم الوقف بمجرده ويملكه الموقوف عليه فينظر
فيه هو أو وليه ما لم يشرط5 الواقف ناظرا
فيتعين ويتعين صرفه إلى الجهة التي وقف عليها
في الحال6 ما لم يستثن الواقف منفعته أو غلته
له أو لولده أو لصديقه مدة حياته أو مدة
معلومة فيعمل بذلك.
وحيث انقطعت الجهة والواقف حي رجع إليه وقفا.
__________
1 في "ن" و "ج" "لا يشرط".
2 في "أ" "وقفه". وفي "ن" "الوقفية".
3 في "ن" "أو" بدل الواو.
4 في "ن" زيادة "منه".
5 في "م" "يشترط".
6 قال شيخ الإسلام: يصح تغيير شرط الواقف إلى
ما هو أصلح منه وأن اختلف باختلاف الأزمان حتى
لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج إلى
الجهاد يصرف للجند. نيل المآرب"2/15".
(1/187)
ومن وقف على
الفقراء فافتقر تناول منه1.
ولا يصح عتق الرقيق الموقوف بحال لكن لو وطئ
الأمة2 الموقوفة عليه حرم فإن حملت صارت أم
ولد تعتق بموته وتجب قيمتها في تركته ليشترى3
بها مثلها.
فصل
ويرجع في مصرف الوقف إلى شرط الواقف فإن جهل
عمل بالعادة الجارية فإن لم يكن4 فبالعرف فإن
لم يكن فالتساوي بين المستحقين.
ويرجع إلى شرطه في الترتيب بين البطون أو
الاشتراك وفي إيجار الوقف أو5 عدمه وفي قدر
مدة الإيجار فلا يزاد على ما قدر.
ونص الواقف كنص الشارع6 يجب العمل بجميع ما
شرطه ما لم
__________
1 قال في شرح المنتهى: "4/287" والمراد بقوله:
"تناول منه" جواز التناول منه لا تعينه ووجه
ذلك وجود الوصف الذي هو الفقر إليه.
2 "الأمة" لا توجد في "م".
3 في "ن" "يشتري" بدون اللام.
4 في "م" و "ن" "لم تكن".
5 في "ن" بالواو بدل "أو".
6 قال شيخ الإسلام: وأما أن نجعل نصوص الواقف
أو نصوص غيره من العاقدين كنصوص الشارع في
وجوب العمل بها فهذا كفر باتفاق المسلمين قال:
وقد اتفق المسلمون على أن شروط الواقف تنقسم
إلى قسمين: صحيح وفاسد.
وقال ابن القيم: إن أحسن الظن بقائل القول حمل
كلامه على أنها كنصوص الشارع في الدلالة على
مقيدها =
(1/188)
يفض إلى
الإخلال1 بالمقصود فيعمل به فيما2 إذا شرط أن
لا ينزل في الوقف فاسق ولا شرير ولا ذو جاه.
وإن خصص مقبرة أو مدرسة أو إمامتها بأهل مذهب
أو بلد أو قبيلة تخصصت لا المصلين بها ولا إن
شرط عدم استحقاق من ارتكب طريق3 الصلاح.
فصل
ويرجع في شرطه إلى الناظر4.
ويشترط في الناظر خمسة أشياء: الإسلام
والتكليف الكفاية للتصرف والخبرة به والقوة
عليه فإن كان ضعيفا ضم إليه قوي أمين.
ولا تشترط الذكورة ولا العدالة حيث كان بجعل
الواقف له فإن كان من غيره فلا بد5 من
العدالة.
__________
= واعتبار مفهومها كما يعتبر منطوقها وأما
وجوب الأتباع وتأثيم من أخل بشيء منها فلا يظن
ذلك بمن له نسبة ما إلى العلم وإذا كان حكم
الحاكم ليس كنص الشارع بل يرد ما خالف حكم
الله ورسوله فنص الواقف أولى وقال: قولهم:
"شروط الواقف كنصوص الشارع" نبرأ إلى الله من
هذا القول ولا نعدل بنصوص الشارع غيرها أبدا.
حاشية الروض "5/547".
1 في "أ" "إخلال".
2 في "أ" "كما".
3 في "أ" "طرق".
4 قال اللبدي في الحاشية "ص: 249" في العبارة
قلب والصواب: "يرجع إلى شرطه في الناظر" كما
هو ظاهر. قلت: وعلى الصواب في الإقناع "3/13".
5 في "م" و "ن" زيادة "فيه".
(1/189)
فإن لم يشرط1
الواقف ناظرا فالنظر للموقوف عليه مطلقا حيث
كان محصورا وإلا فللحاكم.
ولا نظر للحاكم2 مع ناظر خاص3 لكن له أن يعترض
عليه إن فعل ما لا يسوغ.
ووظيفة الناظر: حفظ الوقف وعمارته وإيجاره
وزرعه والمخاصمة فيه وتحصيل ريعه والاجتهاد في
تنميته وصرف الريع في جهاته من عمارة وإصلاح
وإعطاء المستحقين.
وإن آجره بأنقص صح وضمن النقص.
وله الأكل بالمعروف4 ولو لم يكن محتاجا5 وله
التقرير في وظائفه.
ومن قرر في وظيفة على وفق الشرع حرم إخراجه
منها بلا موجب شرعي ومن نزل عن وظيفة بيده لمن
هو أهل لها صح وكان أحق بها.
وما يأخذه الفقهاء من الوقف فكالرزق من بيت
المال لا كجعل ولا كأجرة.
__________
1 في "م" و "ج" و "ن" "يشترط".
2 في "أ" "للحاكم".
3 قال في الفروع "4/593": أطلقه الأصحاب.
4 في "أ" "بمعروف". وكذا في "م" و "ن".
5 قاله في القواعد. "ص: 136, القاعدة: الحادية
والسبعون".
(1/190)
فصل
ومن وقف على ولده و1 ولد غيره دخل الموجودون
فقط من الذكور والإناث2 بالسوية من غير تفضيل
ودخل أولاد الذكور خاصة.
وإن قال3: على ولدي4 دخل أولاده الموجودون ومن
يولد لهم لا الحادثون5 وعلى ولدي ومن يولد لي
دخل الموجودون والحادثون تبعا.
ومن وقف على عقبه أو6 نسله أو ولد ولده أو
ذريته دخل الذكور والإناث لا أولاد الإناث إلا
بقرينة.
ومن وقف على بنيه أو بني فلان فللذكور خاصة.
ويكره هنا أن يفضل بعض أولاده على بعض لغير
سبب والسنة أن لا يزاد ذكر على أنثى فإن كان
لبعضهم عيال أو به حاجة أو عاجز عن التكسب أو
خص المشتغلين بالعلم أو خص ذا الدين والصلاح
فلا بأس7.
__________
1 في "م" و "ن" "أو" بدل الواو.
2 في "م" "الذكور والإناث" بأل التعريف فيها.
3 قال اللبدي في الحاشية "ص: 252" وفول
المنصف: وإن قال: على أولادي إلخ" مكرر مع ما
قبله فتفطن.
4 في "ن" "أولادي" بدل: "ولدي".
5 في "ن" زيادة: "تبعا".
6 في "أ" بالواو بدل أو".
7 في "ن" زيادة "بذلك".
(1/191)
فصل
والوقف عقد لازم لا يفسخ1 بإقالة ولا غيرها
ولا يوهب ولا يرهن ولا يورث ولا يباع إلا أن
تتعطل منافعه بخراب أو غيره ولم يوجد ما يعمر
به فيباع ويصرف ثمنه في مثله2 أو بعض مثله
وبمجرد شراء البدل3 يصير وقفا وكذا حكم المسجد
لو ضاق على أهله أو خربت محلته أو استقذر
موضعه.
ويجوز نقل آلته وحجارته لمسجد آخر إحتاج إليها
وذلك أولى من بيعه ويجوز نقض منارة المسجد
وجعلها في حائطه لتحصينه ومن وقف على ثغر
فاختل صرف في ثغر مثله وعلى قياسه مسجد ورباط
ونحوهما.
ويحرم: حفر البئر وغرس الشجر بالمساجد4 ولعل
هذا حيث لم يكن فيه5 مصلحة.
__________
1 في "أ" "لا ينفسخ".
2 قوله: "أو بعض مثله" لا يوجد في "ج".
3 في "أ" "الوقف".
4 في "م" "بالمساجد".
5 "فيه" لا توجد في "أ".
(1/192)
باب الهبة
وهي التبرع بالمال في حال الحياة.
وهي مستحبة منعقدة بكل قول أو فعل يدل عليها.
وشروطها ثمانية: كونها من جائز التصرف كونه
مختارا غير هازل كون الموهوب يصح بيعه كون
الموهوب له يصح تمليكه كونه يقبل ما وهب له
بقول أو فعل يدل عليه قبل تشاغلهما بما يقطع
البيع عرفا كون الهبة منجزة كونها غير مؤقتة
لكن لو وقتت بعمر أحدهما لزمت ولغا التوقيت
وكونها بغير عوض فإن كانت بعرض معلوم فبيع
وبعوض مجهول فباطلة.
ومن أهدى ليهدى له أكثر فلا بأس.
ويكره رد1 الهبة وإن قلت بل السنة أن يكافئ أو
يدعو وإن علم أنه أهدى2 حياء وجب الرد3.
__________
1 ويجوز ردها لأمور: مثل أن يريد أخذه بعقد
معارضة أو يكون المعطى لا يقنع بالثواب
المعتاد أو تكون بعد السؤال ونحوه. حاشية
اللبدي "ص: 255".
2 في "ن""أهدي له" بدل "أهدي".
3 قال في الآداب الشرعية "1/315": وهو قول حسن
لأن المقاصد في العقود عندنا معتبرة.
(1/193)
فصل
وتملك الهبة بالعقد.
وتلزم بالقبض بشرط أن يكون القبض بأذن الواهب
فقبض ما وهو1 بكيل أو وزن2 أو عد أو ذرع بذلك
وقبض الصبرة وما ينقل بالنقل وقبض ما يتناول
بالتناول وقبض غير ذلك بالتخلية ويقبل ويقبض
لصغير ومجنون وليهما.
ويصح أن يهب شيئا ويستثني نفعه مدة معلومة وأن
يهب حاملا ويستثني حملها.
وإن وهبه وشرط الرجوع متى شاء لزمت ولغا
الشرط.
وإن وهب دينه لمدينه3 أو أبرأه منه أو تركه له
صح ولزم بمجرده ولو قبل حلوله.
وتصح البراءة ولو مجهولا.
ولا تصح هبة الدين لغير من هو عليه إلا إن كان
ضامنا.
__________
1 في "ب" "وهب" بدل "هو".
في "ن" زيادة "أو عد".2
3 قال اللبدي في الحاشية "ص: 257": قد تقدم في
حد الهبة أنه بد في المال الموهوب أن يكون
موجودا وهذا غير موجود فالظاهر عدم صحة هبة
الدين إلا أن يقال: الهبة هنا بمعنى الإبراء
فصحت ولذلك لم تصح هبة الدين لغير من هو عليه
كما ذكره المصنف لما ذكرناه.
(1/194)
فصل
ولكل واهب أن يرجع في هبته قبل إقباضها مع
الكراهة. ولا يصح الرجوع إلا بالقول وبعد
إقباضها يحرم ولا يصح ما لم يكن أبا فله1 أن
يرجع بشروط أربعة:
أن لا يسقط حقه من الرجوع2 أن لا تزيد زيادة
متصلة أن تكون باقية في ملكه أن لا يرهنها.
وللأب الحر أن يتملك من مال ولده ما شاء بشروط
خمسة:
أن لا يضره أن لا يكون في مرض موت أحدهما أن
لا يعطيه لولد آخر أن يكون التملك بالقبض مع
القول أو النية أن يكون ما يتملكه3 عينا
موجودة فلا يصح أن يتملك ما في ذمته من دين
ولده ولا أن يبرئ نفسه4.
وليس لولده أن يطالبه بما في ذمته من الدين بل
إذا مات أخذه من تركته من رأس المال.
__________
1 في "ن" "فإن له" بدل: "فله".
2 هذا المذهب خلافا للإقناع. حاشية اللبدي "ص:
257".
3 في "ن" "تملكه".
4 زاد في الإقناع "3/32" شرطا سادسا: وهو أن
لا يكون الأب كافرا وإلابن مسلما لا سيما إذا
كان الابن كافرا ثم أسلم قاله شيخ الإسلام.
(1/195)
فصل
ويباح للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حال
حياته ويعطي من حدث حصته وجوبا ويجب عليه
التسوية بينهم على قدر إرثهم.
فإن زوج أحدهم أو خصصه1 بلا إذن البقية حرم
عليه ولزمه أن يعطيهم حتى يستووا فإن مات قبل
التسوية وليس التخصيص بمرض موته المخوف ثبت
للآخذ وإن كان بمرض موته لم يثبت له شيء زائد
عنهم إلا بإجازتهم ما لم يكن وقفا فيصح بالثلث
كالأجنبي
فصل
والمرض غير المخوف كالصداع ووجع الضرس و2تبرع
صاحبه نافذ في جميع ماله كتصرف الصحيح حتى ولو
صار مخوفا ومات منه بعد ذلك.
والمرض المخوف كالبرسام وذات الجنب والرعاف
الدائم والقيام المتدارك وكذلك من بين الصفين
وقت الحرب أو كان باللجة وقت الهيجان أو وقع
الطاعون ببلده أو قدم للقتل أو حبس له أو جرح
جرحا موحيا3 فكل من أصابه شيء من ذلك ثم تبرع
ومات نفذ تبرعه بالثلث فقط للأجنبي فقط وإن لم
يمت فكالصحيح.
__________
1 في "ن" "خصه".
2 في "م" و "ن" بدون الواو.
3 ألحق الماتن بالمريض مرض الموت المخوف ستة
وزاد في نيل المآرب "2/37" اثنتين وهما:
السابع: من اسر عند من عادته القتل. والثامن:
الحامل عند الطلق مع ألم حتى تنجو من نفاسها.
(1/196)
|