دليل
الطالب لنيل المطالب كتاب القضاء
مدخل
...
كتاب القضاء
وهو فرض كفاية.
فيجب على الإمام أن ينصب بكل إقليم قاضيا و1
يختار لذلك أفضل من يجد علما وورعا ويأمره
بالتقوى وتحري العدل.
وتصح ولاية القضاء والإمارة منجزة ومعلقة.
وشرط لصحة التولية: كونها من إمام أو نائبه
فيه وأن يعين له ما يوليه في الحكم والعمل
وبلد.
وألفاظ التولية الصريحة سبعة:
وليتك الحكم أو قلدتكه2 و3فوضت أو رددت أو
جعلت إليك الحكم و4استحلفتك واستنبتك في
الحكم.
والكناية نحو: اعتمدت أو عولت عليك و5 وكلتك
أو أسندت إليك: لا تنعقد بها إلا بقرينة نحو:
فاحكم أو: فتول ما عولت عليك فيه.
__________
1 في "م" بزيادة: "أن" "وأن يختار" وفي "ن"
أدرجها في الشرح.
2 في "أ" "قلدتك".
3 في "أ" "أو" بدل الواو.
4. في "ب" هنا وفي الذي بعده "أو" بدل الواو.
وفي "ن" في الثانية فقط
5 في "أ" "أو" بدل الواو. وكذا في "ن".
(1/343)
فصل
وتفيد ولاية الحكم العامة فصل الخصومات وأخذ
الحق ودفعه للمستحق والنظر في مال اليتيم
والمجنون والسفيه و الغائب والحجر لسفه وفلس
والنظر في الأوقاف لتجري على شرطها1 وتزويج من
لا ولي لها.
ولا يتفيد2 الاحتساب على الباعة ولا إلزامهم
بالشرع.
ولا ينفذ حكمه: في غير محل عمله.
فصل
ويشترط في القاضي عشر خصال:
كونه بالغا عاقلا ذكرا حرا3 مسلما عدلا سميعا
بصيرا متكلما مجتهدا ولو في مذهب إمامه
للضرورة.
فلو حكم اثنان فأكثر بينهما شخصا صالحا
للقضاء: نفذ حكمه في كل ما ينفذ فيه حكم من
ولاه الإمام أو نائبه ويرفع الخلاف فلا يحل
لأحد نقضه حيث أصاب الحق.
__________
1 في "م" و "ن" "لشروطها".
2 في "أ" "يستفيد" وكذا في "م" و "ن".
3 قال شيخ الإسلام: لا تشترط الحرية في الحاكم
واختاره أبو الخطاب وابن عقيل وصرح في الإقناع
وغيره: أنها تصح ولاية عبد: إمارة سرية وقسم
صدقة وفئ وإمامة صلاة واستثنى إمامة جمعة
وعيد. حاشية الروض "7/517".
(1/344)
فصل1
ويسن كون الحاكم قويا بلا عنف لينا بلا ضعف
حليما متأنيا متفطنا عفيفا بصيرا بأحكام
الحكام قبله.
ويجب عليه العدل بين الخصمين في لحظه ولفظه
ومجلسه والدخول عليه إلا المسلم مع الكافر:
فيقدم دخولا ويرفع جلوسا.
ويحرم عليه أخذ الرشوة2 ولا يسار أحد الخصمين
أو يضيفه أو يقوم له دون الآخر3.
ويحرم عليه الحكم وهو غضبان كثيرا أو حاقن أو
في شدة جوع أو عطش أو هم أو ملل أو كسل أو
نعاس أو برد مؤلم أو حر مزعج فإن خالف وحكم صح
إن أصاب الحق.
ويحرم عليه أن يحكم بالجهل أو4 وهو متردد فإن
خالف وحكم: لم يصح ولو أصاب الحق.
ويوصي الوكلاء والأعوان ببابه بالرفق بالخصوم
وقلة الطمع ويجتهد أن يكونوا شيوخا أو كهولا
من أهل الدين والعفة والصيانة.
ويباح له5: أن يتخذ كاتبا يكتب الوقائع ويشترط
كونه مسلما.
__________
1 في "م" زيادة: "آداب القاضي".
2 بتثليث الراء. الإكمال "1/250".
3 أما لو لهما فلا كراهية كما في المنتهى.
حاشية اللبدي "ص: 452".
4 في "أ" بون الواو.
5 قال في الفروع "6/443": والأشهر أنه يسن له.
(1/345)
مكلفا عدلا
ويسن كونه حافظا عالما.
(1/346)
باب طريق الحكم صفته
إذا حضر إلى الحاكم خصمان: فله أن يسكت حتى
يبتدئا وله أن يقول: أيكما المدعي؟.
فإذا ادعى أحدهما: اشترط كون الدعوى معلومة
وكونها منفكة عما يكذبها ثم إن كانت بدين:
اشترط كونه حالا.
وإن كانت بعين: اشترط حضورها لمجلس الحكم
لتعين1 بالإشارة فإن كانت غائبة عن البلد:
وصفها كصفات السلم.
فإذا أتم المدعي دعواه: فإن أقر خصمه بما
ادعاه أو اعترف بسبب الحق ثم ادعى البراءة: لم
يلتفت لقوله بل يحلف المدعي على نفي ما ادعاه
ويلزمه بالحق إلا أن يقيم بينة ببراءته.
وإن أنكر الخصم ابتداء: بأن قال لمدع قرضا أو
ثمنا: ما أقرضني أو: ما باعني أو لا يستحق علي
شيئا مما ادعاه أو لا حق له علي: صح الجواب
فيقول الحاكم للمدعي: هل لك بينة؟ فإن قال:
نعم قال له: إن شئت فأحضرها فإذا أحضرها وشهدت
سمعها وحرم ترديدها.
__________
1 في "ب" "لتتيقن".
(1/346)
فصل
ويعتبر في البينة: العدالة1 ظاهرا وباطنا2.
وللحاكم أن يعمل بعمله فيما أقربه في مجلس
حكمه وفي عدالة البينة وفسقها.
فإن ارتاب منها: فلا بد من المزكين لها فإن
طلب المدعي من الحاكم أن يحبس3 غريمه حتى يأتي
بمن يزكي بينته: أجابه لما سأل وانتظره ثلاثة
أيام فإن4 أتى بالمزكين اعتبر معرفتهم لمن
يزكونه بالصحبة والمعاملة.
فإن ادعى الغريم فسق المزكين أو فسق البينة
المزكاة وأقام بذلك بينة سمعت وبطلت الشهادة.
ولا يقبل: من النساء تعديل ولا تجريح.
وحيث ظهر فسق بينة المدعي أو قال ابتداء: ليس
لي بينة قال الحاكم: ليس لك على غريمك إلا
اليمين فيحلف الغريم على صفة جوابه في الدعوى
ويخلى سبيله ويحرم تحليفه بعد ذلك. وإن كان
__________
1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن قال الأصل
في الإنسان العدالة فقد أخطأ وإنما الأصل فيه
الظلم والجهل لقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ
ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] نيل المآرب
"2/454".
2 ولا تعتبر باطنا في عقد نكاح. نيل المآرب
"2/454".
3 في "أ" "حبس غريمه" بدل "أن يحبس غريمه".
وفي "ب" "غرائمة" بدل: "غريمة".
4 في "ن" "فإذا" بدل: "فإن".
(1/347)
للمدعي بينة
فله أن يقيمها بعد ذلك.
وإن لم1 يحلف الغريم: قال له الحاكم: إن لم
تحلف وإلا حكمت2 عليك بالنكول.
ويسن تكراره ثلاثا فإن لم يحلف حكم3 عليه
بالنكول وألزمه الحق.
فصل
وحكم الحاكم يرفع الخلاف لكن لا يزيل الشيء عن
صفته باطنا فمتى حكم له ببينة زور بزوجية
امرأة ووطئ مع العلم: فكالزنا.
وإن باع حنبلي متروك التسمية فحكم بصحته
شافعي: نفذ.
ومن قلد في صحة4 نكاح صح ولم يفارق بتغير5
اجتهاده كالحاكم بذلك.
فصل
وتصح الدعوى بحقوق الآدميين على الميت وعلى
غير المكلف وعلى الغائب مسافة قصر وكذا دونها
إذا6 كان مستترا بشرط البينة في الكل.
__________
1 "لم" سقطت من "أ".
2 في "ن" "قضيت".
3 في "م" و "ن" "قضى".
4 "صحة" لا توجد في "ن".
5 في "أ" "بتغيير" بياءين.
6 في "م" إن" بدل "إذا".
(1/348)
ويصح أن يكتب
القاضي الذي ثبت عنده الحق إلى قاض آخر معين
أو غير معين بصورة الدعوى الواقعة على الغائب
بشرط أن يقرأ ذلك على عدلين ثم يدفعه لهما
ويقول فيه: و1إن ذلك قد ثبت عندي وإنك تأخذ
الحق للمستحق فيلزم القاضي الواصل إليه ذلك2:
العمل به.
__________
1 في "ن" بون الواو.
2 في "أ" زيادة "الكتاب". وأدرجها في "ن" في
الشرح.
(1/349)
باب القسمة
وهي نوعان: قسمة تراض وقسمة إجبار.
فلا قسمة في مشترك إلا برضا الشركاء كلهم حيث
كان في القسمة ضرر ينقص القيمة كحمام ودور
صغار وشجر مفرد وحيوان.
وحيث تراضيا صحت وكانت بيعا يثبت فيها ما يثبت
فيه من الأحكام.
وإن لم يتراضيا ودعا أحدهما شريكه إلى البيع
في ذلك أو إلى بيع عبد أو بهيمة أو سيف ونحوه
مما هو شركة بينهما: أجبر إن امتنع فإن أبى:
بيع عليهما وقسم الثمن.
ولا إجبار في قسمة المنافع فإن اقتسماها
بالزمن: كهذا شهرا والآخر مثله أو بالمكان:
كهذا في بيت والآخر في بيت: صح جائزا ولكل
الرجوع.
(1/349)
فصل
النوع الثاني: قسمة إجبار وهي: ما لا ضرر فيها
ولا رد عوض وتتأتى في كل مكيل وموزون وفي دار
كبيرة وأرض واسعة ويدخل الشجر تبعا وهذا النوع
ليس بيعا فيجبر الحاكم أحد الشريكين إذا
امتنع.
ويصح أن يتقاسما بأنفسهما وأن ينصبا قاسما
بينهما.
ويشترط إسلامه وعدالته وتكليفه ومعرفته
بالقسمة.
وأجرته بينهما على قدر أملاكهما.
وإن تقاسما بالقرعة جاز ولزمت القسمة بمجرد
خروج القرعة ولو فيها رداءة وضرر.
وإن خير أحدهما الآخر بلا قرعة وتراضيا: لزمت
بالتفرق.
وإن خرج في نصيب أحدهما عيب جهله: خير بين فسخ
أو1 إمساك ويأخذ الأرش.
وإن غبن غبنا فاحشا بطلت.
وإن ادعى كل أن هذا من سهمه تحالفا ونقضت.
وإن حصلت الطريق في حصة أحدهما ولا منفذ
للآخر: بطلت.
__________
1 في "أ" بالواو.وكذا في "م".
(1/350)
باب الدعاوى والبينات
ولا تصح الدعوى إلا من جائز التصرف.
وإذا1 تداعيا عينا لم تخل من أربعة أحوال:
أحدها : أن لا تكون بيد أحد ولا ثم ظاهر ولا
بينة فيتحالفان ويتناصفانها2 وإن وجد ظاهر
لأحدهما عمل به.
الثاني : أن تكون بيد أحدهما فهي له بيمينه
فإن لم يحلف قضي عليه بالنكول ولو أقام بينة3.
الثالث : أن تكون بيديهما كشيء: كل ممسك
لبعضه4 فيتحالفان ويتناصفانه5.
فإن قويت يد أحدهما كحيوان: واحد سائقه
والآخر6 راكبه أو قميص: واحد آخذ بكمه والآخر
لابسه: فللثاني7 بيمينه.
وإن تنازع صانعان في آلة دكانهما: فآلة كل
صنعة لصانعها.
ومتى كان لأحدهما بينة فالعين له فإذا كان لكل
منهما بينة.
__________
1 في "م" "وإن".
2 في "أ" "ويتناصفاها".
3 في المنتهى والإقناع: إذا لم تكن بينة. نيل
المآرب "2/466".
4 في "م" "ببعضه". والمثبت لفظ المنتهى
"2/631" والغاية "3/454".
5 في "أ" "ويتناصفاه".
6 في "م" و "ن" "والأخر" بأل التعريف.
7 في "ن" "فهو للثاني بدل: "فللثاني".
(1/351)
به وتساوتا1 من
كل وجه تعارضتا وتساقطتا فيتحالفان ويتناصفان
ما بأيديهما ويقترعان فيما عداه فمن خرجت له
القرعة فهو له بيمينه.
وإن كانت العين بيد أحدهما: فهو داخل والآخر
خارج وبينة الخارج مقدمة على بيعة الداخل لكن
لو أقام2 الخارج بينة أنها ملكه والداخل بينة
أنه اشتراها منه: قدمت بينته هنا لما معها من
زيادة العلم أو أقام أحدهما بينة أنه اشتراها
من فلان وأقام الآخر بينة كذلك عمل بأسبقهما
تاريخا.
الرابع : أن تكون بيد ثالث فإن ادعاها لنفسه
حلف لكل واحد يمينا فإن نكل أخذها3 منه مع
بدلها واقترعا عليهما وإن أقر بها لهما
اقتسماها وحلف لكل واحد يمينا وحلف كل واحد
لصاحبه على النصف المحكوم له به.
وإن قال: هي لأحدهما وأجهله فصدقاه لم يحلف
وإلا حلف يمينا واحدة ويقرع بينهما فمن قرع
حلف وأخذها.
__________
1 في "أ" "تساويا".
2 في "أ" "قام".
3 "وأخذها" لا توجد في "م" و "ن".
(1/352)
|