شرح كتاب
آداب المشي إلى الصلاة أو العبادات كتاب الزكاة
مدخل
...
كتاب الزَّكاة
(تجب في بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والأثمان، وعروض التجارة) ،
(بشروط خمسة) ، (الإسلام) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الزَّكاة
لما ذكر المصنف رحمه الله الصلاة ذكر الزكاة. وفرضيتها كما في النصوص.
والزكاة أحد أركان الإسلام. واشتقاقها من زكا إذا نما وزاد. وهي تطلق على
التطهير أيضاً. قيل: إنها نزلت الزكاة ذات الأنصباء والمقادير بالمدينة.
(تجب في بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والأثمان، وعروض التجارة) هذه
مباني ما تجب فيه الزكاة. وقد تجب في غيرها مما فيه الخلاف بين العلماء:
كالعسل، والمعدن، ونحو ذلك.
(بشروط خمسة) تجب في هذه المذكورات بشروط خمسة: (الإسلام) لأن من لم يكن
مسلماً فهو مطالب بما هو أهم من ذلك من رغبته عن الإسلام وبقائه على الكفر.
مسألة: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة إلا آخره؟ المشهور أنهم مطالبون
بها بمعنى أنهم
(1/191)
(والحرية) ، (وملك النصاب) ، (وتمام الملك)
، (وتمام الحول) ، (وتجب في مال الصبي والمجنون) ، (روي عن عمر وابن عباس
وغيرهما) ، (ولا يعرف لهما مخالف) ، (وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا
في السائمة فلا زكاة في وقصها) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يحاسبون عنها في الآخرة، ويعذبون بها زيادة على كفرهم. وأما في الدنيا فلا
تصح: لا في قبولها، ولا في أحكامها، ومن تدفع إليه، ونحو ذلك (والحرية)
فالعبد ما في يده ليس فيه زكاة (وملك النصاب) فلا زكاة في مال لم يبلغ
النصاب. (وتمام الملك) فلا زكاة فيما ملكه ناقص (وتمام الحول) لحديث: "لا
زكاة في مال حتى يحول عليه الحول". أما المعشرات فلا يشترط في وجوب الزكاة
فيها تمام الحول، بل يكتفي ببدو الصلاح.
(وتجب في مال الصبي والمجنون) لعموم الأدلة، وللآثار الثابتة عن الصحابة؛
فإن هذا حق يجب فيه المواساة، فاستوى فيه المكلف وغير المكلف. (روي عن عمر
وابن عباس وغيرهما) وللعموم في ذلك كما تقدم، وللسر الذي في مال المكلفين.
وغير المكلف يملك المال، وكما تجب منه النفقات على الأقارب والبهائم
والمماليك. وليست الزكاة كالصلاة؛ فإن الصلاة بدنية فقط يشترط لوجوبها ما
علم من التكليف، وأما هذه فعبادة مالية محضة، وما له يسع المواساة، فوجبت
المواساة منه. (ولا يعرف لهما مخالف) يعني فيكون إجماعاً.
(وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا في السائمة فلا زكاة في وقصها) أما
السائمة فإن فيها مقادير محددة كل مقدار فيه زكاة، فما
(1/192)
(ولا في الموقوف على غير معين كالمساجد) ،
(وتجب في غلة أرض موقوفة على معين) ، (ومن له دين على مليء كقرض وصداق جرى
في حول الزكاة من حين ملكه، ويزكيه إذا قبضه أو شيئاً منه، وهو ظاهر إجماع
الصحابة، ولو لم يبلغ المقبوض نصاباً) ، (ويجزئ إخراجها قبل قبضه لقيام سبب
الوجوب) ، (لكن تأخيرها إلى القبض رخصة فليس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زاد فلا شيء فيه حتى يبلغ المقدار الآخر. وما عداه من الذهب والفضة وعروض
التجارة ونحوها فهو بحسابه ولو نصف صاع. وكذلك الذهب لو زاد مثقالاً أو
نصفة، وكذلك الفضة، والحبوب (ولا في الموقوف على غير معين كالمساجد)
والقناطر ونحوها؛ لأن الزكاة صدقة ومواساة من المال. وهذا الوقف كله صدقة
وعمل خير. (وتجب في غلة أرض موقوفة على معين) أما إذا كان على معين فتجب
فيه الزكاة؛ لأنه يملك غلته، نظير ملك مالك الملك الطلق فإن المسألتين
سواء، فإن الكل يملك الغلة.
(ومن له دين على مليء كقرض وصداق جرى في حول الزكاة من حين ملكه، ويزكيه
إذا قبضه أو شيئاً منه، وهو ظاهر إجماع الصحابة، ولو لم يبلغ المقبوض
نصاباً) من حين كان مستحقاً له هذا الدين على هذا الإنسان، فإذا مضى حول
وهو في ذمته فإنه يزكيه إذا قبضه لما مضى، وكذلك شيء منه إذا قبضه لما مضى
ولو لم يبلغ المقبوض نصاباً إذا صار ما قبض إلا بعضه فإنه يزكيه لكن بشرط
أن يكون ما قبض مع ما بقي يبلغ نصاباً. (ويجزئ إخراجها قبل قبضه لقيام سبب
الوجوب) وهو وجود النصاب، وتمام الحول (لكن تأخيرها إلى القبض رخصة فليس
(1/193)
كتعجيل الزكاة) ، (ولو كان بيده بعض نصاب
وباقيه دين أو ضال زكى ما بيده) ، (وتجب أيضاً في دين على غير مليء ومغصوب
ومجحود إذا قبضه) ، (روي عن علي وابن عباس للعموم) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتعجيل الزكاة) تعجيلها جائز جواز. أما زكاة الدين وهو عند صاحبه فالأفضل
كونه يزكيه ولو ما قبضه؛ ليس الأفضل كونه يؤخرها إلى أن يقبضه (ولو كان
بيده بعض نصاب وباقيه دين أو ضال زكى ما بيده) عنده نصف نصاب وفي ذمة زيد
له نصف نصاب، يزكي الذي في يده ولو ما تم، والذي في ذمة زيد إن شاء زكى
وإلا لا يجب إلا إذا قبضه "أو ضال" أي ضائع عنده نصاب لكن بعضه في يده
وبعضه ضائع فإنه يزكي ما في يده، كمن عنده خمس من الإبل ثلاث في يده
واثنتين ضائعات فإنه يزكي ما في يده وجوباً، والضال لا يزكيه إلا إذا وجده.
وليس مراده الميؤوس منه.
(وتجب أيضاً في دين على غير مليء ومغصوب ومجحود إذا قبضه) الدين الذي على
غير مليء لا يجب إلا إذا قبضه، ويجب فيه ولو كان على غير مليء فهو ماله
وعنده مال ويصدق أن عنده مال. وكذلك المال المجحود الذي عند مليء جاحده ولا
يبينه، وكذلك المغضوب. ولكن لا يجب حتى يقبضه في هذه الصور كلها. وهذا في
المغضوب كالقول فيهن. وفي قول أنه يزكيه سنة، وإذا قبضه بعد يكون مالاً
جديداً (روي عن علي وابن عباس للعموم) فهو دليل لما ذهب إليه المصنف.
(1/194)
(وإذا استفاد مالاً) ، (فلا زكاة فيه حتى
يحول عليه الحول) ، (إلا نتاج السائمة وربح التجارة) ، (لقول عمر: اعتد
عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم، رواه مالك) ، (ولقول علي، ولا يعرف لهما
مخالف من الصحابة) ، (ويضم المستفاد إلى ما بيده إن كان نصاباً من جنسه أو
في حكمه كفضة مع ذهب، فإن لم يكن من جنس النصاب ولا في حكمه فله حكم نفسه)
،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا استفاد مالاً) من إرث أو هبة أو أجرة عقار أو غير ذلك (فلا زكاة فيه
حتى يحول عليه الحول) وقبل ذلك لا يجب فيه شيء (إلا نتاج السائمة وربح
التجارة) فلا يشترط حوله فليس حوله حول التجارة، فلو أن الإنسان عنده ألف
يبيع فيه ويشتري وابتداء ملكه إياه على هلا عاشور [محرم] ، يبيع فيه إلى
الضحية ما نتج فيه شيء ثم العشر الباقية من تمام السنة نتج مائة فيزكيه ولو
ما أخذ إلا عشرة أيام أو شهر، فإذا هل عاشور فقد تم له سنة ولو ما بلغ
الإنتاج حول سنة (لقول عمر: اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم، رواه
مالك) فقوله للمصدق الذي بعثه: "اعتد عليهم بالسلخة" يعني في تكميل النصاب
"ولا تأخذها منهم" لا تأخذها زكاة؛ فالسلخة التي ما تم لها حول تعد مع
المال ولا تؤخذ. (ولقول علي، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة) فكان يعني
إجماعاً. (ويضم المستفاد إلى ما بيده إن كان نصاباً من جنسه أو في حكمه
كفضة مع ذهب، فإن لم يكن من جنس النصاب ولا في حكمه فله حكم نفسه) المستفاد
والمستجد إلى ما في يده له أحوال. أحدها: أن لا يكون له جنس أبداً. الثاني:
أن
(1/195)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يكون له جنس ولكن دون النصاب. الثالث: أن يكون مثله أو في حكمه. فالأول
بالنسبة إلى ما في يده إن كان نصاباً فيستقبل به الحول. فيحصل بذلك أحوال
عديدة في أحوال عديدة، فيتحصل ست صور إذا كان أقل فيضم إلى النصاب الذي في
يده من جنسه ذهب مع ذهب. وما في حكمه ذهب مع فضة. والعكس. فإن لم يكن من
جنسه ولا في حكمه فلا يضم، فمن استفاد غنماً وفي يده غنم وبقر فلا يضم هذا
إلى هذا.
(1/196)
بابُ زكاة بَهيمة الأنْعام
(لا تجب إلا في السائمة وهي التي ترعى أكثر الحول) ، (فلو اشترى لها أو جمع
لها ما تأكل فلا زكاة فيها) ، (وهي ثلاثة أنواع) ، (أحدها: الإبل فلا زكاة
فيها حتى تبلغ خمساً ففيها شاة) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ زكاة بَهيمة الأنْعام
سميت بهيمة لكونها لا تتكلم. والمراد بها: الإبل والبقر والغنم خاصة (لا
تجب إلا في السائمة وهي التي ترعى أكثر الحول) وهي الراعية أكثر الحول،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "في سائمتها" (فلو اشترى لها أو جمع لها ما
تأكل فلا زكاة فيها) وسواء اشتراه وهو محصود أو وهو في الأرض. وإنما اختصت
بالسائمة ولم تكن في المعلوفة لكونها إنما عظمت النعمة من غير كبير مؤنة،
فما تأكله يحصل مجاناً؛ بخلاف من يشترى له فهي وإن تمت فهو بما تأكله (وهي
ثلاثة أنواع) الإبل، والبقر، والغنم (أحدها: الإبل فلا زكاة فيها حتى تبلغ
خمساً ففيها شاة) لا شيء
(1/196)
(وفي العشر شاتان) ، (وفي خمس عشرة ثلاث
شياه) ، (وفي العشرين أربع شياه) ، (إجماعاً في ذلك كله) ، (فإذا بلغت
خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة) ، (فإن عدمها أجزأه ابن
لبون وهو ما له سنتان) ، (وفي ست وثلاثين بنت لبون) ، (وفي ست وأربعين حقة
لها ثلاث سنين) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الأربع، ولا ما دون الأربع، وبعض ناقة لا زكاة. فمن الخمس إلى التسع
فيها شاة (وفي العشر شاتان) فإذا علت إلى أربعة عشر فشاتان (وفي خمس عشرة
ثلاث شياه) وإذا كانت تسعة عشر فليس فيها إلا شاتان (وفي العشرين أربع
شياه) فإذا كملت عنده عشرون من الإبل وجب عليه أربع شياه. وهذا آخر عدد من
الإبل تجب فيه الزكاة غنم.
فالواجب في العشرين إلى أربع وعشرين أربع شياه، بل ولو بعض الخامسة
(إجماعاً في ذلك كله) هذا كله إجماع بين أهل العلم. ومستنده السنة الثابتة
عن النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهي
التي لها سنة) الواجب في خمس وعشرين بنت مخاض، سميت بذلك لأن أمها ماخض قد
حملتـ والماخض الحامل. وهذا المقدار هو الواجب إلى أن تبلغ خمساً وثلاثين
(فإن عدمها أجزأه ابن لبون وهو ما له سنتان) تم له سنتان، سمي بذلك لأن أمه
قد وضعت غالباً فهي ذات لبن وهذا هو الواجب إلى أن تبلغ خمساً وثلاثين (وفي
ست وثلاثين بنت لبون) فإاذ زادت عن خمس وثلاثين بأن كانت ستاً وثلاثين
ففيها بنت لبون وهي التي تم لها سنتان ودخلت في الثالثة. وهذا هو الواجب
فيها إلى خمس وأربعين (وفي ست وأربعين حقة لها ثلاث سنين) وهي "اللقية"
يعني أنها قد لاقت الفحل،
(1/197)
(وفي إحدى وستين جذعة لها أربع سنين) ،
(وفي ست وسبعين بنتا لبون) ، (وفي إحدى وتسعين حقتان) ، (وفي مائة وإحدى
وعشرين ثلاث بنات لبون) ، (ثم تستقر الفريضة في كل أربعين بنت لبون، وفي كل
خمسين حقة) ، (فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان، فإن شاء أخرج أربع حقاق،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عندها قوة على طرقه إياها. وسميت حقة لاستحقاقها أن تركب ولأن يطرقها
الفحل. وهذا هو الواجب في هذا العدد إلى أن تبلغ ستين (وفي إحدى وستين جذعة
لها أربع سنين) ودخلت في الخامسة، وهذا أعلا سن يجب في الإبل. وسميت جذعة
لأنها تجذع إذا ألقت سناً من الرباعي. وهذا هو الواجب فيها إلى أن تبل
خمساً وسبعين (وفي ست وسبعين بنتا لبون) اثنتان أنثيان. وعرفت سنها فيما
سبق. وهذا هو الواجب فيها إلى تسعين (وفي إحدى وتسعين حقتان) إجماع في جميع
ما تقدم من الإبل، لصحة السنة بذلك، وصراحتها، وعدم حصول ووقوع ما يعتل به
معتل. وهذا هو الواجب فيها إلى أن تبلغ مائة وعشرين (وفي مائة وإحدى وعشرين
ثلاث بنات لبون) هذا هو الواجب فيها إلى مائة وتسع وثلاثين لحديث الصدقات
الطويل الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم تستقر الفريضة في كل
أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة) تستقر الفريضة على حد لا يختلف، فيجب
في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ففي مائة وخمسين ثلاث حقاق، وفي
مائة وستين أربع بنات لبون، وفي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون، وهكذا
(فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان، فإن شاء أخرج أربع حقاق،
(1/198)
وإن شاء خمس بنات لبون) ، (الثاني: البقر
ولا زكاة فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة لكل منهما له سنة)
، (وفي أربعين مسنة لها سنتان) ، (وفي ستين تبيعان) ، (ثم في كل ثلاثين
تبيع، وفي كل أربعين مسنة) ، (الثالث: الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ
أربعين) ، (إلى مائة وعشرين. فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين) ،
(فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن شاء خمس بنات لبون) ولا يتصور إلا في المائتين فما فوق.
(الثاني:) من الأنواع الثلاثة من بهيمة الأنعام (البقر) سميت بذلك لكونها
تبقر الأرض بالحراثة (ولا زكاة فيها حتى تبلغ ثلاثين) هذا أدنى نصاب (فيجب
فيها تبيع أو تبيعة لكل منهما له سنة) وهي التي تمت السنة ودخلت في الثانية
(وفي أربعين مسنة لها سنتان) ثنية كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة. ومنه
إلى تسع وخمسين ليس فيها إلا مسنة (وفي ستين تبيعان) وبعد ذلك تستقر
الفريضة (ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة) فلم يبق إلا الأوقاص.
أما العشرات فكل ما زادت عشراً تغير بها الفرض، كالأبل.
(الثالث: الغنم ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين) ولا يجب فيها شيء قبل
الأربعين، فإذا تم عنده أربعون فالواجب شاة، وهذا (إلى مائة وعشرين. فإذا
زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين) المراد بالشاة الجذع من الضأن وهو ما
تم له ستة أشهر ودخل في السابع، وثني المعز، وهو ما كمل له سنة ودخل في
الثانية (فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه،
(1/199)
إلى ثلاثمائة. ففيها أربع شياه) ، (ثم في
كل مائة شاة) ، (ولا يؤخذ تيس) ، (ولا هرمة) ، (أي كبيرة) ، (ولا ذات عوار
أي عيب) ، (ولا الربى وهي التي لها ولد تربيه) ، (ولا حامل) ، (ولا
السمينة) ، (لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن من أوسط أموالكم فإن الله لم
يسألكم خياره ولم يأمركم بشره" رواه أبو داود) ، (والخلطة في المواشي) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى ثلاثمائة. ففيها أربع شياه ثم في كل مائة شاة) لما في حديث أنس في كتاب
الزكاة1.
(ولا يؤخذ تيس) ذكر الماعز (ولا هرمة أي كبيرة) كبيرة السن، يعني التي كبر
سنها جداً (ولا ذات عوار أي عيب) بأي عيب من العيوب، وهو العيب المانع من
الإجزاء في الأضحية، إلا أن كان الكل كذلك، كلهن جرب، أو مجادير، أو عرج،
أو ... أو ... (ولا الربى وهي التي لها ولد تربيه) لحاجة ولدها إليها في
التربية؛ فإن أخذها وإياه ظلم، وأخذها دونه إما أن يموت أو ينقص نقصاً
ظاهراً. (ولا حامل) لا تؤخذ الحامل لتشوف صاحب المال إلى نتاجها قريباً
(ولا السمينة ولا خيار المال) لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإياك وكرائم
أموالهم"، (لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن من أوسط أموالكم فإن الله لم
يسألكم خياره ولم يأمركم بشره" رواه أبو داود) ولهذا الحديث أيضاً.
(والخلطة في المواشي) خاصة: سواء خلطة أعيان: بأن كان مشاعاً بأن يكون لكل
نصف ونحوه، أو خلطة أوصاف: بأن تميز ما
__________
1 أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي.
(1/200)
(تصير المالين كالمال الواحد) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكل واشتراكا في مراح، ومسرح، ومحلب، وفحل، ومرعى (تصير المالين كالمال
الواحد) في الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق
بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية".
(1/201)
بابُ زكاة الخارج مِنَ الأرْضِ
(تجب في كل مكيل مدخر من قوت وغيره) ، (بشرطين: أحدهما: بلوغ النصاب، وهو
خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ زكاة الخارج مِنَ الأرْضِ
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [2/267] وهذه
الآية من جملة الأدلة على زكاة الخارج من الأرض، فهي أصل لزكاة الخارج من
الأرض، (تجب في كل مكيل مدخر من قوت وغيره) من الحبوب والثمار الملكية
المدخرة سواء كان مطعوماً، أو غير مطعوم كسائر الأبازير. وأما الذي لا
ينتفع به إلا في الحال كالبقول والفواكه فلا تجب فيه لقصور النعمة فيه.
(بشرطين: أحدهما: بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً) يشترط
لذلك شرطان: أحدهما بلوغ النصاب، وهو ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي. والصاع
خمسة أرطال وثلث عراقي. فهو دون صاعنا بنحو الخمس، فصاعنا من دون علاوة
(1/201)
(وتضم ثمرة العام الواحد وزرعه بعضها إلى
بعض في تكميل النصاب) ، (الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت الوجوب) ،
(فلا تجب فيما يكتسب اللقاط) ، (أو يوهب له أو يأخذه أجرة لحصاده) ، (ويجب
العشر فيما سقي بلا مؤنة) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو الصاع النبوي تقريباً. وقد ذكره من ألف في المد والصاع. (وتضم ثمرة
العام الواحد وزرعه بعضها إلى بعض في تكميل النصاب) العام الواحد المراد به
هنا ستة أشهر، ما نجح في أولها وآخرها فبعضه يضم إلى بعض، من أمثلة ذلك:
الحنطة الرعي، والصيفي. فالذي نجح في الشتاء والذي نجح في الصيف كله يضم
بعضه إلى بعض. وكذلك الدخن، وكذلك بقية الثمار. وكذلك الدثي الذي هو في
الصيف ولا يصرم إلا في الشتاء.
(الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت الوجوب) وهو وقت اشتداد الحب وصلاح
الثمر، فإذا تم مع الشرط الأول وهو بلوغ النصاب وجبت (فلا تجب فيما يكتسب
اللقاط) لأن وقت اشتداد الحب ما هو في ملكه، فمثلاً لو كان عتيق لك عنده
زراعة ومات وثتهما فوقت اشتداد الحب وهو كافر فرورثت حباً قد اشتد، فملكك
في وقت بعد وجوب الزكاة وهي وجبت على كافر لا تصح منه. "اللقاط" يتفق أنه
يلقط نصاباً (أو يوهب له أو يأخذه أجرة لحصاده) فلا زكاة لفقد الشرط.
(ويجب العشر فيما سقي بلا مؤنة) البعل يجب فيه العشر كاملاً؛ لكن بعد بلوغ
النصاب. والذين يأخذون من البعول العشر1 ظلم؛ فإذا
__________
1 يضمون البعول وهي لعدة أشخاص لا تجب على واحد منهم الزكاة.
(1/202)
(ونصفه بها) ، (وثلاثة أرباعه بهما) ، (فإن
تفاوتا فبأكثرهما نفعاً) ، (ومع الجهل العشر) ، (ويجب إخراج زكاة الحب
مصفى) ، (والثمر يابساً) ، (ولا يصح شراء زكاته ولا صدقته) ، (فإن رجعت
إليه بإرث جاز) ، (ويبعث الإمام خارصاً ويكفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بلغ نصاباً ففيه العشر (ونصفه بها) الذي يسقى بغروب ودواليب فيه نصف العشر.
(وثلاثة أرباعه بهما) والذي يسقى بنصفهما يجب فيه ثلاثة أرباع العشر. (فإن
تفاوتا فبأكثرهما نفعاً) إن تفاوتا ولكن أحدهما أكثر وأنفع فالاعتبار
بأكثرهما نفعاً (ومع الجهل العشر) فإن لم يدر فالعشر.
(ويجب إخراج زكاة الحب مصفى) من قشوره (و) إخراج (الثمر يابساً) لأنه
بجفافه ويبسه ينقص. وظاهره أنه لا يجزئ الرطب؛ لأنه ييبس. والظاهر أن فيه
خلافاً، فإذا نقصت الزكاة فالأصل أيضاً ينقص، ولا سيما على أصل من يجوز
إخراج القيمة بشرطه وهو الأصلحية والأنفعية.
(ولا يصح شراء زكاته ولا صدقته) يحرم سواء زكاة المال أو صدقة التطوع؛ لأنه
شيء تخلى من تموله، فيقطع التشوف لتموله ثانياً. وفي الحديث ما هو معروف من
ذلك1.
(فإن رجعت إليه بإرث جاز) 2.
__________
1 لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في شراء الفرس: "لا تشتره ولا تعد في
صدقتك ولو أعطاكه بدرهم".
2 وعند الأئمة الأربعة. قال في الفروع: وعلله جماعة بأنه بغير فعله.
(الإنصاف جـ3/107) .
(1/203)
واحد) ، (ويترك الخارص له ما يكفيه وعياله
رطباً) ، (فإن لم يترك فلرب المال أخذه) ، (وكره أحمد الحصاد والجذاذ
ليلاً) ، (ولا تتكرر زكاة معشرات) ، (ولو بلغت أحوالا ما لم تكن للتجارة
فتقوم عند كل حول) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ويبعث الإمام خارصاً ويكفي واحد) 1.
(ويترك الخارص له ما يكفيه وعياله رطباً) 2.
(فإن لم يترك فلرب المال أخذه) ولا يحسب عليه.
(وكره أحمد الحصاد والجذاذ ليلاً) لأنه مبيت الذين يحضرون الحصاد.
(ولا تتكرر زكاة معشرات) بخلاف النقود والذهب والفضة (ولو بلغت أحوالا ما
لم تكن للتجارة فتقوم عند كل حول) فإذا زرع زرعاً للتجارة فإنها تقوم عند
الحول. وأما أنها تزكى زكاة حبوب فلا. فإذا كان عند ألف فلا زكاة إلا مرة،
ثم إذا جاءت السنة الثانية فلا يزكي إلا إذا كان للتجارة. والمواشي كالذهب
والفضة.
__________
1 لما روى عتاب بن أسيد رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم" رواه أبو داود. ولقول عائشة
رضي الله عنها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى
يهود خيبر فيخرص عليهم النخل حين تطيب قبل أن يؤكل" رواه أبو داود.
2 بحسب اجتهاد الساعي لما روى سهل بن أبي خيثمة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، إن لم تدعو الثلث فدعوا الربع"
رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
(1/204)
بابُ زكاة النّقدين
(نصاب الذهب عشرون مثقالا) ، (ونصاب الفضة مائتا درهم) ، (وفي ذلك ربع
العشر) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ زكاة النّقدين
ويقال لها: "الأعيان" والمراد: الذهب، والفضة. وسواء كانا مضروبين، أو
سبائك، أو قطع.
(نصاب الذهب عشرون مثقالا) وذلك بالإجماع، والآثار عن الصحابة بذلك معروفة
معلومة. والمثقال معروف مقدر بحبات الشعير: إحدى أو اثنتان وسبعون حبة
شعير. فتقديره مذكور في الشروح -شروح كتب الفقه والحديث- والرسائل المؤلفة
في المكاييل. فإذا كان عند إنسان عشرون مثقالاً وحال عليها الحول وهي عنده
ففيها ربع العشر نصف مثقال. ولا يشترط كونه نوى بها كذا وكذا بل لو كانت
منسية أو مبقيها ليشتري بها شيئاً من العوائز وحال عليها الحول. وليس من
شرطه أنه غني أو فقير، فإن هذا الأخير غني من وجه، فقير من وجه. فغني من
وجه من كون هذه الأشياء عنده؛ لكن هي بقيت عنده ما خرجها.
(ونصاب الفضة مائتا درهم) لحديث أنس في كتاب الصدقات الطويل. ومائتا الدرهم
مائة وأربعون مثقالاً. (وفي ذلك ربع العشر) فالذهب زكاته ربع العشر، والفضة
كذلك.
(1/205)
(ويضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب) ،
(وتضم قيمة العروض إلى كل منهما) ، (ولا زكاة في حلي مباح) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأموال الزكوية على قسمين: قسم معشّر. وقسم غير معشّر. فالذي يجب فيه
الخمس هو الركاز. والذي يجب فيه ربع العشر هو الذهب والفضة؛ لأن تحصيلهما
لا يحصل إلا بمشقة وضرب في الأرض فقلَّت لذلك. والمواشي قلَّت فيها لكونها
عرضة للآفات. والحبوب إلى آخره.
(ويضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب) لأنها نقود، وعين. والضم لا
بالقيم؛ بل بالأجزاء. فلو كان عند إنسان عشرة مثاقيل ومائة درهم فإن عنده
نصف نصاب ذهب ونصف نصاب فضة، فيضم هذا إلى هذا فيكون نصاباً، ولا ينظر إلى
قيمة نصف نصاب الفضة ولا نصف نصاب الذهب لاتحادهما في الثمنية وربع العشر
وأنه لا وقص فيهما وإن شاركهما في ذلك الحبوب والثمار (وتضم قيمة العروض
إلى كل منهما) الذي في يده سلع للتجارة تامة فيها الشروط فإنها عند الحول
تقوم بالأحظ للفقراء ... وتضم تلك إلى ما بيده -فعنده خمسة مثاقيل ومئتا
درهم وعروض تساوي خمسة مثاقيل أو مائة درهم الجميع نصاب نصفه ذهب. أو لا
يعتبر بالمثاقيل بل يساوي خمسين درهماً. ومن صوره كأن يكون عنده قيمة
ثمانية دنانير من العروض وثمانية مثاقيل من الذهب وعنده أربعون درهماً فهذا
اجتمع عنده نصاب.
(ولا زكاة في حلي مباح) مباح اللبس من الذهب والفضة، لا زكاة فيه إذا كان
معداً للاستعمال أو العارية؛ لأنه صرف بهذا عن وجه
(1/206)
(فإن أعد للتجارة ففيه الزكاة) ، (ويباح
للذكر من الفضة الخاتم) ، (وهو في خنصر يسراه أفضل) ، (وضعف أحمد التختم في
اليمين) ، (ويكره لرجل وامرأة خاتم حديد وصفر ونحاس) ، (نص عليه) ، (ويباح
من الفضة قبيعة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المالية والنماء، وجعل من الجَمَال، فكان ملحقاً بالأموال الأخر التي غير
النقد (فإن أعد للتجارة ففيه الزكاة) وإن أُعد للإجارة أو كان معداً للنفقة
أو مقصوداً به المباهاة أو نحو ذلك -إلا إذا وجد الوجه المستثنى وهو اللبس
والعارية-؛ فإن الأصل في الذهب والفضة أنهما زكويان فلا يخرج عن هذا الأصل
إلا بدليل. والحلي جاءت فيه الأخبار عن الصحابة، وأيضاً صرف عن وجهة التمول
إلى جهة الاستعمال، أشبه الثياب والأواني من بعض الوجوه1.
(ويباح للذكر من الفضة الخاتم) للبسه صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة
(وهو في خنصر يسراه أفضل) من كونه في اليمين. وظاهره أن لا بأس به في
البنصر وفي الإبهام، ولا تحريم ولا وجوب (وضعف أحمد التختم في اليمين) ضعف
حديث التختم فيها. (ويكره لرجل وامرأة خاتم حديد وصفر ونحاس) لما جاء في
مسند أحمد أنه حليه أهل النار (نص عليه) فنص أحمد على الكرهة كراهة تنزيه.
وذهب بعض إلى الجواز لقوله في قصة الواهبة: "التمس ولو خاتماً من حديد"
وسند ذاك الحديث لا يداني سند هذا الحديث في الصحة (ويباح من الفضة قبيعة
__________
1 وله رحمه الله فتوى مطولة في سقوط الزكاة على الحلي المعد للاستعمال أو
العارية وبسط فيه أدلة ذلك، وأجاب عن ادلة من أوجبها ومنها حديث المسكتين.
(جـ4/94-99 فتاوى ورسائله) .
(1/207)
السيف) ، (وحلية المنطقة) ، (لأن الصحابة
رضي الله عنهم اتخذوا المناطق محلاة بالفضة) ، (ويباح للنساء من الذهب
والفضة ما جرت عادتهن بلبسه) ، (ويحرم تشبه رجل بامرأة) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السيف) وهو ما كان على رؤوس القبضة (وحلية المنطقة) وهي مثل الحياصة (لأن
الصحابة رضي الله عنهم اتخذوا المناطق محلاة بالفضة) هذا دليل المسألة.
(ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه) لقوله صلى الله عليه
وسلم في الذهب والفضة "هذان -الذهب والحرير- حل للإناث من أمتي وحرم على
ذكورها" أبيح للمرأة لتحصل به الحظوة عند زوجها، وهو مختص بما جرت به
العادة، لأن الأصل المنع، وإنما أبيح للحاجة، بقدر الحاجة.
(ويحرم تشبه رجل بامرأة) لما في الحديث: "من لعن المتشبهين من الرجل
بالنساء والمترجلات من النساء" "والمتشبهين من الرجل بالنساء من المخنثين
وغيرهم"1 وما ذاك إلا أنه إخراج للميزة التي ميز أحدهما به عن الآخر، لتشبه
الكامل بالناقص، والعكس.
__________
1 "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجل والمتشبهين من الرجل بالنساء" رواه
أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي عباس.
"لعن الله المخنثين من الرجل والمترجلات من النساء" رواه البخاري في الأدب
المفرد والترمذي عن ابن عباس. هذا لفظ الحديثين.
(1/208)
بابُ زكاة العُروضِ
(تجب فيها إذ بلغت قيمتها نصاباً إذا كانت للتجارة) ، (ولا زكاة فيما أعد
للكراء من عقار وحيوان وغيرهما) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ زكاة العُروضِ
جمع عرض، سميت بذلك لأنها تعرض ثم تزول. والمراد الأموال التي يتجر فيها
ليست ذهباً ولا فضة مطلقاً، ولا مواشي، ولا حبوب، ولا ثمار. بل المراد ما
يباع ويشترى فيه: أثاثات، حيوانات، قال تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا كَسَبْتُمْ} [2/267] وفي الحديث: "أمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده
للبيع".
(تجب فيها إذ بلغت قيمتها نصاباً إذا كانت للتجارة) فإذا مكثت عنده حولاً
ولا نقصت فيه وكانت قيمة نصاب فقومت -ثمنت- إذا قرب الحول. إن كان الأحظ
تثمنيها بذهب ثمنت بذهب، وإن كان الأحظ لهم تثمنيها بفضة ثمنت لهم بفضة.
(ولا زكاة فيما أعد للكراء من عقار وحيوان وغيرهما) له دواب وبيوت ولا له
قصد إلا أن يتمنحها، ولا له قصد في التجارة، ولا له قصد بيع؛ بل هي عقارات
باقية. أما إن اشتراها للتجارة، وفي أثناء التجارة يؤجرها ففيها الزكاة
لتجمع بين الرح والتجارة: سيارات، مكائن. كل هذا إذا كان قصده التجارة لا
يدري متى تكون مزبونة يبيعها فهذه تجارة.
(1/209)
بابُ زكاة الفِطْر
(وهي طهرة للصائم من اللّغو والرفث) ، (وهي فرض عين على كل مسلم) ، (إذا
فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع عنه وعن من يمونه من
المسلمين) ، (ولا تلزمه عن الأجير) ، (فإن لم يجد عن الجميع بدأ بنفسه) ،
(ثم الأقرب فالأقرب) ، (ولا تجب عن الجنين إجماعاً) ، (ومن تبرع بمؤنة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ زكاة الفِطْر
ونسبتها إلى الفطر من نسبة الشيء إلى سببه؛ فمن أدركه الفطر لزمته، ومن لا
فلا. فمن أدركه بعد الغروب.. الخ. (وهي طهرة للصائم من اللّغو والرفث) كما
جاء في الحديث: "طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين" في هذا
اليوم الذي هو يوم سرور، وليس لهم شيء إلا بالشحاذة، فجاء الأمر بإعطائهم
(وهي فرض عين على كل مسلم) صغير أو كبير، حر أو عبد (إذا فضل عنده عن قوته
وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع عنه وعن من يمونه من المسلمين) وجب إخراج
فطرتهم. أما إذا كان ما عنده إلا صاع فلا، (ولا تلزمه عن الأجير) لأن
الأجير إنما يعمل بأجرة. أما من يمونه من غير إجارة سواء كانت واجبة عليه
أو متبرعاً بالنفقة فتلزمه (فإن لم يجد عن الجميع بدأ بنفسه) فيبدأ بنفسه
(ثم الأقرب فالأقرب) ممن تحت يده (ولا تجب عن الجنين إجماعاً) وهو الذي في
البطن لم يولد بعد (ومن تبرع بمؤنة
(1/210)
مسلم شهر رمضان) ، (لزمته فطرته) ، (ويجوز
تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين) ، (ولا يجوز تأخيرها عن يوم الفطر) ،
(فإن فعل أثم) ، (وقضى) ، (والأفضل يوم العيد قبل الصلاة) ، (والواجب: صاع
من تمر، أو بر، أو زبيب، أو شعير، أو أقط) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم شهر رمضان) السحور والفطور والعشاء (لزمته فطرته) هذا يمون هذا الشخص
في رمضان فوجبت (ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين) لما في حديث: "فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان -وفي آخره- وكانوا يعطون
قبل الفطر بيوم أو يومين" وهذا من باب التوسعة في الوقت فيجوز جواز، وإلا
فوقتها الحقيقي للإخراج هو يوم العيد قبل الصلاة، جاءت الأحاديث بذلك منها
حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة
الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى،
والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"
متفق عليه، وحديث: "أغنوهم عن عن السؤال في هذا اليوم" (ولا يجوز تأخيرها
عن يوم الفطر) لأن الحال بمظنة الحاجة (فإن فعل أثم) فإن أخرها عن يوم
العيد فإنه يأثم، يصير عاصي. (وقضى) ويجب عليه إخراج مقدارها من ماله وفاته
الأجر الفاضل. (والأفضل يوم العيد قبل الصلاة) لما جاء في الحديث: "أن
الناس أمروا بأدائها قبل الصلاة" فإن أخرها بعد الصلاة في سائر يومها كره،
وإلا فليس قضاء.
(والواجب: صاع من تمر، أو بر، أو زبيب، أو شعير، أو أقط)
(1/211)
(فإن عدمها أخرج ما يقوم مقامها من قوت
البلد) ، (واستحب أحمد تنقية الطعام) ، (وحكاه عن ابن سيرين) ، (ويجوز أن
يعطي الجماعة ما يلزم الواحد وعكسه) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا بد من صاع من بر ... الخ. هذه الخمسة أصول أيها أخرج من واحد كفى (فإن
عدمها أخرج ما يقوم مقامها من قوت البلد) إذا لم يجد في البلد شيئاً لكن
يوجد رز، دخن، دخن أو غيره. فيخرج صاعاً يقام الآخر مقامها في القوت.
(واستحب أحمد تنقية الطعام) يعني من جميع ما يخالطه من غيره (وحكاه عن ابن
سيرين) وذلك أنها زكاة الفريضة وهي عن البدن، وتنقيته أنقى للدين وأصفى له
(ويجوز أن يعطي الجماعة ما يلزم الواحد وعكسه) ويدفع فطرة عشرة إلى إنسان
واحد، أو إنسان واحد يعطي عشرة، ليس مثل الكفارة، لم يرد دليل يخالف ما ذكر
هنا، وإذا لم يرد فالأصل الإباحة.
(1/212)
بابُ إخْراج الزّكاة
(لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه) ، (إلا لغيبة الإمام، أو
المستحق) ، (وكذا الساعي له تأخيرها عند ربها لعذر) ، (قحط) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ إخْراج الزّكاة
(لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها مع إمكانه) للأمر: "وآتوا الزكاة" والأمر
إذا أطلق صار على الفور. (إلا لغيبة الإمام، أو المستحق) فغيبة الإمام أو
المستحق عذر، وهذا تأخير لعذر. (وكذا الساعي له تأخيرها عند ربها لعذر) ولا
يعجل قبضها (قحط) لجدب،
(1/212)
(ونحوه كمجاعة. احتج أحمد بفعل عمر) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكونه جدب إذا أخذت فإذا هي قِطِيْع (ونحوه كمجاعة. احتج أحمد بفعل عمر) 1.
__________
1 واحتج بعضهم أيضاً بقوله في صدقة العباس "هي علي ومثلها معها".
(1/213)
بابُ أهلِ الزّكاة
(وهم ثمانية) ، (لا يجوز صرفها إلى غيرهم) ، (للآية) ، (الأول والثاني:
{الفقراء والمساكين} ) ، (ولا يجوز السؤال وله ما يغنيه) ، (ولا بأس بمسألة
شرب الماء، والاستعارة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بابُ أهلِ الزّكاة
(وهم ثمانية) المذكورون في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
[9/60] (لا يجوز صرفها إلى غيرهم) إلى غير هؤلاء الثمانية (للآية) المتقدم
ذكرها (الأول والثاني: {الفقراء والمساكين} )
الأول: الفقراء من لا يجدون بعض الكفاية. الثاني: المساكين الذين يجدون
بعضها كنصفها أو أقل فيعطون كفايتهم سنة (ولا يجوز السؤال وله ما يغنيه)
للأحاديث التي فيها الوعيد الشديد في سؤال الناس أموالهم وعنده ما يكفيه2
(ولا بأس بمسألة شرب الماء، والاستعارة،
__________
2 ومنها حديث أبي مسعود مرفوعا: " من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم
القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح. قيل: يا رسول الله وما
يغنيه؟ قال: خمسون درهماً أو قيمتها من ذهب" أخرجه أصحاب السنن. وحديث: "من
سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل، أو ليستكثر" أخرجه مسلم.
وحديث: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة
لحم" متفق عليه.
(1/213)
والاستقراض) ، (ويجب إطعام الجائع، وكسوة
العاري، وفك الأسير) ، (الثالث: {العاملون عليها} : كجاب، وكاتب، وعداد،
وكيال) ، (ولا يجوز من ذوي القربى) ، (الرابع: {المؤلفة قلوبهم} وهم
السادات المطاعون في عشائرهم، من كافر يرجى إسلامه) ، (أو مسلم) ، (يرجى
بعطيته قوة إيمانه أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والاستقراض) هذه الأمور لا تدخل في المسألة المذمومة (ويجب إطعام الجائع،
وكسوة العاري، وفك الأسير) إذا علم جائع من المسلمين فإطعامه فرض كفاية،
وكذلك العاري يجب كسوته إذا علم، وكذلك الأسير يجب فكه من أسره. فإذا علموا
يذلك ولم يفعلوا أثموا.
(الثالث: {العاملون عليها} : كجاب، وكاتب، وعداد، وكيال) لكن نعرف أن
العمال الذين يخرصون الآن ما يدخلون في العاملين عليها؛ فإن العمال الذين
يقبضون ويكتبون ويحسبون هم العمال. أما هؤلاء الخراص فلهم أجرة على أهل
الزرع، وإن بذلت من بيت المال جاز. (ولا يجوز من ذوي القربى) ولا يجوز أن
يكون العامل من ذوي القربى لما يأتي (وإن شاء الإمام أرسله من غير عقد وإن
شاء معلوماً) 1.
(الرابع) من أهل الزكاة ( {المؤلفة قلوبهم} وهم السادات المطاعون في
عشائرهم، من كافر يرجى إسلامه) يعطيه الإمام، (أو مسلم) ولكن في إيمانه ضعف
(يرجى بعطيته قوة إيمانه أو
__________
1 في الفروع جـ2/609: ويخير الإمام إن شاء نفل العامل من غير عقد ولا تسمية
شيء، وإن شاء عقد له إجازة. اهـ.
(1/214)
إسلام نظيره، أو نصحه) ، (أو كف شره كرشوة)
، (الخامس: {الرقاب} وهم المكاتبون) ، (ويجوز أن يفدي بها أسير مسلم بأيدي
الكفار لأنه فك رقبة) ، (ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها لعمومِ قوله "وفي
الرقاب") ، (السادس: {الغارمون} وهم المدينون. وهم ضربان: أحدهما: من غرم
لإصلاح ذات البين) ، (وهو من تحمل مالاً لتسكين فتنة) ، (الثاني: من استدان
لنفسه في مباح) ، (السابع: {في سبيل الله} وهم الغزاة، فيدفع لهم كفاية
غزوهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إسلام نظيره، أو نصحه) أو يعطي لأجل جباية الزكاة من عشيرته، أو نحو ذلك.
(أو كف شره كرشوة) أو يعطي ليدفع شره.
(الخامس: {الرقاب} وهم المكاتبون) يشترون أنفسهم من ساداتهم فيفك من الزكاة
(ويجوز أن يفدي بها أسير مسلم بأيدي الكفار لأنه فك رقبة) فيدخل في عموم فك
الرقاب. (ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها لعمومِ قوله "وفي الرقاب") لقول
ابن عباس والحسن: لا بأس أن تعق الرقبة من الزكاة.
(السادس: {الغارمون} وهم المدينون. وهم ضربان: أحدهما: من غرم لإصلاح ذات
البين) فهذا يجوز ويستحق أن يدفع له لأجل دَيْنِه (وهو من تحمل مالاً
لتسكين فتنة) كأن تكون ثائرة بين طائفتين فيعطى لفك المشكل وإطفاء تلك
الثائرة ترغيباً للرؤساء في إطفاء الفتن وإخماد الشر (الثاني: من استدان
لنفسه في مباح) والآية تشملها.
(السابع: {في سبيل الله} وهم الغزاة، فيدفع لهم كفاية غزوهم
(1/215)
ولو مع غناهم) ، (والحج في سبيل الله) ،
(الثامن: {ابن السبيل} وهو المسافر المنقطع به الذي ليس معه ما يوصله إلى
بلده) ، (فيعطى ما يوصله إليه ولو مع غناه ببلده) ، (وإن ادعى الفقر من لا
يعرف بالغنى قبل قوله) ، (وإن كان جلداً) ، (وعرف له كسب لم يجز إعطاؤه) ،
(وإن لم يعرف له كسب أعطي بعد إخباره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)
، (وإن كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو مع غناهم) يجوز أن يدفع إليهم في حال غزوهم فيأكلون إلى أن يرجعوا
(والحج في سبيل الله) يدخل فيه الحج وطلب العلم فإنه يدخل في سبيل الله،
وهو نوع من الجهاد.
(الثامن: {ابن السبيل} وهو المسافر المنقطع به الذي ليس معه ما يوصله إلى
بلده) ولو أنه في بلاده غني (فيعطى ما يوصله إليه ولو مع غناه ببلده) أما
الذي يريده وهو في بلده فلا يعطى.
(وإن ادعى الفقر من لا يعرف بالغنى قبل قوله) أما إذا كان معروفاً بالغني
ثم ادعى فقراً فلا بد من شهود ثلاثة كما في قصة قبيصة، (وإن كان جلداً)
يعني قوي البدن (وعرف له كسب لم يجز إعطاؤه) وكونه لجلادته ليس يكسب ما
يكفيه فإنه لا يصح أن يعطى لقوله: "ولا لذي مرة سوي" (وإن لم يعرف له كسب
أعطي بعد إخباره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) بهذين القيدين: إذا
لم يعرف له كسب، وبعد إخباره بذلك؛ لقصة الرجلين الذين رفع فيهما النظر
وخفضه فرآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي
مكتسب". فأما من عرف أنه لا ينتفع بجلده فيعطى (وإن كان
(1/216)
الأجنبي أحوج فلا يعطى القريب ويمنع
البعيد) ، (ولا يحابي بها قريباً) ، (ولا يستخدم بها أحداً) ، (ولا يقي بها
ماله) ، (وصدقة التطوع مسنونة كل وقت) ، (وسراً أفضل) ، (وكذلك في الصحة) ،
(وبطيب نفس) ، (وفي رمضان) ، (لفعله صلى الله عليه وسلم) ، (وفي أوقات
الحاجة) ، (لقوله تعالى: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} ) ، (وهي على القريب
صدقة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأجنبي أحوج فلا يعطى القريب ويمنع البعيد) فإذا كان موجود قريب وأجنبي
أفقر منه فيعطي الأجنبي (ولا يحابي بها قريباً) بل يبذلها على وجهها
الشرعي. ويوجد في كثير من الناس المحاباة لكثير بأن يدفع إلى أقارب ليسوا
محاويج فإن هذا لا يجوز ولا يجزي (ولا يستخدم بها أحداً) كمن يوكلهم ونحو
ذلك (ولا يقي بها ماله) فلا بد أن يصرفها في وجهها الشرعي.
صدقة التطوع:
(وصدقة التطوع مسنونة كل وقت) وفيها فضل عظيم قال صلى الله عليه وسلم: "
اتقوا النار ولو بشق تمرة" وأمر النساء بالصدقة وعلل ذلك بقوله: " إني
رأيتكن أكثر أهل النار" "الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" (وسراً
أفضل) لحديث: "لا تعلم شماله ما تنفق يمسنه" (وكذلك في الصحة) كما في
الحديث: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر" (وبطيب نفس) :
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا
يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً} [2/262] (وفي رمضان) أفضل
(لفعله صلى الله عليه وسلم) فإنه أجود ما يكون في رمضان (وفي أوقات الحاجة)
وكذلك في الحاجات (لقوله تعالى: {فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} ) فدل على
أنها مع الحاجة أفضل (وهي على القريب صدقة
(1/217)
وصلة) ، (ولا سيما مع العداوة) ، (لقوله
صلى الله عليه وسلم: "وأن تصل من قطعك" ثم الجار) ، (لقوله تعالى:
{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [4/36] ) ، (ومن اشتدت
حاجته لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [90/16] ) ، (ولا
يتصدق بما يضره أو يضر غريمه أو من تلزمه مؤنته) ، (ومن أراد الصدقة بماله
كله وله عائلة يكفيهم بكسبه وعلم من نفسه) ، (حسن التوكل استحب، لقصة
الصديق) ، (وإلا لم يجز، ويحجر عليه) ، (ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن
ينقص نفسه عن الكفاية التامة) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصلة) فهي وإن كانت على قريب فإنها يجتمع فيها الصدقة والصلة (ولا سيما مع
العداوة) لا سيما إن كان عدواً، له، ففيها ثلاثة أمور: الصدقة، والصلة،
وعصيان النفس والهوى، (لقوله صلى الله عليه وسلم: "وأن تصل من قطعك" ثم
الجار) الصدقة فيهم أولى ممن ليس بجار، له ميزة لأجل الجوار (لقوله تعالى:
{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [4/36] ) ، (ومن اشتدت
حاجته لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [90/16] ) .
(ولا يتصدق بما يضره أو يضر غريمه أو من تلزمه مؤنته) غريمه ديانه، أو
كفيله؛ لأن هذه الأشياء واجبة؛ فالتصدق بما يضر بالواجب لا يجوز.
(ومن أراد الصدقة بماله كله وله عائلة يكفيهم بكسبه وعلم من نفسه) الصبر و
(حسن التوكل استحب، لقصة الصديق) وصدقته بجميع ماله. بشرط أن يعلم من نفسه
إلى آخره (وإلا لم يجز، ويحجر عليه) في هذا التصرف (ويكره لمن لا صبر له
على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة) لأنها واجبة
(1/218)
(ويحرم المن في الصدقة) ، (وهو كبيرة يبطل
ثوابها) ، (ومن أخرج شيئاً يتصدق به ثم عارضه شيء استحب له أن يمضيه) ،
(وكان عمرو بن العاص إذا أخرج طعاماً لسائل فلم يجده عزله) ، (ويتصدق
بالجيد) ، (ولا يقصد الخبيث فيتصدق به) ، (وأفضلها جهد المقل) ، (ولا
يعارضه خبر "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" المراد جهد المقل بعد حاجة
عياله) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ويحرم المن في الصدقة) للآية الكريمة، (وهو كبيرة يبطل ثوابها) قال تعالى
{لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [2/264] .
(ومن أخرج شيئاً يتصدق به ثم عارضه شيء استحب له أن يمضيه) يستحب له إمضاؤه
فإنه شيء طابت نفسه به لله. (وكان عمرو بن العاص إذا أخرج طعاماً لسائل فلم
يجده عزله) عن ماله (ويتصدق بالجيد) لقوله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (ولا يقصد الخبيث فيتصدق به) والخبيث
الرديئ (وأفضلها جهد المقل) سئل صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ فقال:
"جهد المقل " (ولا يعارضه خبر " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " المراد جهد
المقل بعد حاجة عياله) فإن الجمع يعني بعد كفايته.
(1/219)
|