عمدة
الفقه كتاب الصلاة
مدخل
...
كتاب الصلاة
روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمس
صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة
فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله
الجنة ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله
عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" 1.
فالصلوات الخمس واجبة على كل مسلم بالغ عاقل
إلا الحائض والنفساء، فمن جحد وجوبها لجهله
عرف ذلك وإن جحدها عنادا كفر.
ولا يحل تأخيرها عن وقت وجوبها إلا لناو جمعها
أو مشتغل بشرطها فإن تركها تهاونا بها استتيب
ثلاثا فإن تاب وإلا قتل.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "1420"، والنسائي "462"،
وابن ماجه "1401".
قال ابن عبد البر في التمهيد 23/288: حديث
صحيح ثابت.
(1/21)
باب الأذان و الإقامة
...
باب الأذان والإقامة
وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها للرجال
دون النساء.
والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع2 فيه والإقامة
إحدى عشرة.
وينبغي أن يكون المؤذن أمينا صيتا عالما
بالأوقات ويستحب أن يؤذن قائما متطهرا على
موضع عال مستقبل القبلة فإذا بلغ الحيعلة
التفت يمينا وشمالا ولا يزيل قدميه ويجعل
أصبعيه في أذنيه ويترسل في الأذان ويحدر
الإقامة3 ويقل في أذان الصبح بعد الحيعلة
الصلاة خير من النوم مرتين ولا يؤذن قبل
الأوقات إلا لها لقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى
يؤذن ابن أم مكتوم" 4.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "1420"، والنسائي "462"،
وابن ماجه "1401".
قال ابن عبد البر في التمهيد 23/288: حديث
صحيح ثابت.
2 الترجيع في الأذان: تكرار الشهادتين. انظر:
المطلع ص 49.
3 حدر الإقامة: أسرع فيها. انظر: المصباح
المنير: "حدر".
4 أخرجه البخاري "617"، ومسلم "1092"، من حديث
ابن عمر.
(1/21)
ويستحب لمن سمع
المؤذن أن يقول كما يقول لقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل
ما يقول" 1.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "611"، ومسلم "383"، من حديث
أبي سعيد الخدري.
(1/22)
باب شرائط الصلاة
وهي ستة:
الشرط الأول: الطهارة من الحدث لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن أحدث حتى
يتوضأ" 1.
الشرط الثاني: الوقت ووقت الظهر من زوال الشمس
إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ووقت العصر وهي
الوسطى من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس ثم
يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب
الشمس ووقت المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر
ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل ثم يبقى وقت
الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني ووقت الفجر من
ذلك إلى طلوع الشمس.
ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها
والصلاة في أول الوقت أفضل إلا في العشاء
الآخرة وفي شدة الحر في الظهر.
الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشرة
وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة
والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها وأم الولد
والمعتق بعضها كالأمة.
ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح
صلاته.
ولبس الذهب والحرير مباح للنساء دون الرجال
إلا عند الحاجة لقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الذهب والحرير: "هذان حرام على ذكور
أمتي حل لإناثهم" 2.
ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه
أجزاه ذلك فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها
فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين فإن لم يكفهما
ستر
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "135"، ومسلم "225"، من حديث
أبي هريرة.
2 أخرجه أبو داود "4057"، والنسائي "5150"،
وابن ماجه "3595"، من حديث علي بن أبي طالب.
قلت: نقل عبد الحق عن ابن المديني قوله: إنه
حديث حسن رجاله معروفون.
انظر: بيان الوهم والإيهام لابن قطان 5/179،
وتلخيص الحبير لابن حجر 1/53.
(1/22)
أحدهما فإن عدم
بكل حال صلى جالسا يومئ بالركوع والسجود وإن
صلى قائما جاز.
ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا أو مكانا نجسا صلى
فيهما ولا إعادة عليه.
الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه
وثوبه وموضع صلاته إلا النجاسة المعفو عنها
كيسير الدم ونحوه وإن صلى وعليه نجاسة لم يكن
يعلم بها أو علم بها ثم نسيها فصلاته صحيحة
وإن علم بها في الصلاة أزالها وبنى على صلاته.
والأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا المقبرة
والحمام والحش1 وأعطان الإبل2 وقارعة الطريق.
الشرط الخامس: استقبال القبلة إلا في النافلة
على الراحة للمسافر فإنه يصلي حيث كان وجهه
والعاجز عن الاستقبال لخوف أو غيره فيصلي
كيفما أمكنه ومن عداهما لا تصح صلاته إلا
مستقبل الكعبة فإن كان قريبا منها لزمته
الصلاة إلى عينها وإن كان بعيدا فإلى جهتها.
وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدل بمحاريب
المسلمين وإن أخطأ فعليه الإعادة وإن خفيت في
السفر اجتهد وصلى ولا إعادة عليه.
وإن اختلف مجتهدان لم يتبع أحدهما صاحبه ويتبع
الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه.
الشرط السادس: النية للصلاة بعينها ويجوز
تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم
يفسخها.
ـــــــ
1 الحش: البستان، ويطلق على بيوت الخلاء،
لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين.
انظر: المطلع ص 65.
2 أعطان الإبل: مباركها. انظر: المطلع ص66.
(1/23)
باب آداب المشي إلى الصلاة
يستحب المشي إلى الصلاة بسكينة ووقار ويقارب
بين خطاه ولا يشبك أصابعه ويقول: باسم الله
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات
إلى قوله {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ} [الشعراء: 78-89] ويقول: "اللهم إني
أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا فإني
لم أخرج اشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة
(1/23)
خرجت اتقاء
سخطك وابتغاء مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار
وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا
أنت" 1فإن سمع الإقامة لم يسع إليها لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة
فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة
فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" 2 وإذا
أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإذا أتى
المسجد قدم رجله اليمنى في الدخول وقال باسم
الله والصلاة والسلام على رسول الله أللهم
اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج
قدم رجله اليسرى وقال ذلك إلا أنه يقول وافتح
لي أبواب فضلك3.
ـــــــ
1 أخرجه ابن ماجه "787" من حديث أبي سعيد
الخدري.
قال في الزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء،
عطية هو العوفي، وفضيل بن مرزوق، والفضل بن
الموفق كلهم ضعفاء، لكن رواه ابن خزيمة في
صحيحه من طريق فضيل بن مرزوق فهو صحيح عنده.
2 أخرجه البخاري "908"، ومسلم "602"، من حديث
أبي هريرة.
3 أخرج مسلم "713" عن أبي حميد أو أبي أسيد،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا
دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب
رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من
فضلك".
قال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا
الحديث من كتاب سليمان بن بلال، وقال: بلغني
أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد.
(1/24)
باب صفة الصلاة
وإذا قام إلى الصلاة قال الله أكبر يجهر بها
الإمام وبسائر التكبير ليسمع من خلفه ويخفيه
غيره ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو
منكبيه أو إلى فروع أذنيه ويجعلهما تحت سرته
ويجعل بصره إلى موضع سجوده ثم يقول سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله
غيرك ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم
يقول بسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بشيء من
ذلك لقول أنس صليت خلف النبي صلى الله عليه
وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم1 ثم يقرأ
الفاتحة ولا صلاة لمن يقرأ بها إلا المأموم
فإن قراءة الإمام له قراءة، ويستحب أن يقرأ في
سكتات الإمام وفيما لا
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "399"
(1/24)
يجهر فيه ثم
يقرأ بسورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي
المغرب من قصاره وفي سائر الصلوات من أوسطه
ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأولين من
المغرب والعشاء ويسر فيما عدا ذلك ثم يكبر
ويركع ويرفع يديه كرفعه الأول ثم يضع يديه على
ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ويجعل رأسه
حياله ثم يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ثم يرفع
رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ويرفع يديه
كرفعه الأول فإذا اعتدل قائما قال ربنا لك
الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من
شيء بعد ويقصر المأموم على قول ربنا ولك الحمد
ثم يخر ساجدا مكبرا ولا يرفع يديه ويكون أول
ما يقع على الأرض منه ركبتاه ثم كفاه ثم جبهته
وأنفه ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه
ويجعل يديه حذو منكبيه ويكون على أطراف قدميه
ثم يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا يرفع رأسه
مكبرا ويجلس مفترشا فيفرش رجله اليسرى ويجلس
عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة
ويقول ربي اغفر لي ثلاثا ثم يسجد الثانية
كالأولى ثم يرفع رأسه مكبرا وينهض قائما فيصلي
الثانية كالأولى فإذا فرغ منهما جلس للتشهد
مفترشا ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ويده
اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض منها الخنصر
والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير
بالسبابة في تشهده مرارا ويقول: "التحيات لله
والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين اشهد أن لا الله إلا الله وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله" 1 فهذا اصح ما روي عن
النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ثم يقول
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على
محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل
إبراهيم إنك حميد مجيد ويستحب أن يتعوذ من
عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا
والممات ومن فتنة المسيح الدجال ثم يسلم عن
يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره
كذلك.
وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد
التشهد الأول كنهوضه من السجود ثم يصلي ركعتين
لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا فإذا جلس
للتشهد الأخير تورك فنصب رجله اليمنى وفرش
اليسرى وأخرجها عن يمينه ولا يتورك إلا في
صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما فإذا سلم
استغفر الله ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك
السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "831"، ومسلم "402"، من حديث
عبد الله بن مسعود.
(1/25)
باب أركان الصلاة وواجباتها
أركانها اثنا عشر: القيام مع القدرة وتكبيرة
الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه
والسجود على السبعة الأعضاء والجلوس عنه
والطمأنينة في هذه الأركان والتشهد الأخير
والجلوس له والتسليمة الأولى وترتيبها على ما
ذكرناه فهذه الأركان لا تتم الصلاة إلا بها.
وواجباتها سبعة التكبير غير تكبيرة الإحرام
والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة والتسبيح
والتحميد في الرفع من الركوع وقول ربي اغفر لي
بين السجدتين والتشهد الأول والجلوس له
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في
التشهد الأخير فهذه إن تركها عمدا بطلت صلاته
وإن تركها سهوا سجد لها وما عدا هذا فسنن لا
تبطل الصلاة بعمدها ولا يجب السجود لسهوها.
(1/26)
باب سجود السهو
والسهو على ثلاثة اضرب:
أحدها: زيادة فعل من جنس الصلاة كركعة أو ركن
فتبطل الصلاة بعمده ويسجد لسهوه وإن علم وهو
في الركعة الزائدة جلس في الحال وإن سلم عن
نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ثم سجد.
ولو فعل ما ليس من جنس الصلاة لاستوى عمده
وسهوه فإن كان كثيرا أبطلها وإن كان يسيرا
كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمله أمامة1
وفتحه الباب لعائشة2 فلا بأس.
الضرب الثاني: النقص كنسيان واجب فإن قام عن
التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائما رجع
فأتى به وإن استتم قائما لم يرجع وإن نسي ركنا
فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى
به وبما بعده وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة
التي تركه منها وإن نسي أربع سجدات من أربع
ركعات فذكر في التشهد سجد في الحال فصحت له
ركعة ثم يأتي بثلاث ركعات.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "516"، ومسلم "543"، من حديث
أبي قتادة.
2 أخرجه أبو داود "922"، والترمذي "601"،
والنسائي "1207"، من حديث عائشة. قال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب.
(1/26)
الضرب الثالث:
الشك فمتى شك في ترك ركن فهو كتركه ومن شك في
عدد الركعات بنى على اليقين إلا الإمام خاصة
فإنه يبني على غالب ظنه.
ولكل سهو سجدتان قبل السلام إلا من سلم عن نقص
في صلاته والإمام إذا بنى على غالب ظنه
والناسي للسجود قبل السلام فإنه يسجد سجدتين
بعد سلامه ثم يتشهد ويسلم.
وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه
فيسجد معه.
ومن سها إمامه أو نابه أمر في صلاته فالتسبيح
للرجال والتصفيق للنساء.
(1/27)
باب صلاة التطوع
وهي على خمسة أضرب:
أحدها: السنن الرواتب وهي التي قال ابن عمر
رضي الله عنه عشر ركعات حفظتهن من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين
بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد
العشاء في بيته وركعتين قبل الفجر1 حدثتني
حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين2 وهما آكدها
ويستحب تخفيفهما وفعلهما في البيت أفضل وكذلك
ركعتا المغرب.
الضرب الثاني: الوتر ووقته ما بين صلاة العشاء
والفجر وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة وأدنى
الكمال ثلاث بتسليمتين ويقنت في الثالثة بعد
الركوع.
الضرب الثالث: التطوع المطلق وتطوع الليل أفضل
من النهار والنصف الأخير أفضل من الأول وصلاة
الليل مثنى مثنى وصلاة القاعد على النصف من
صلاة القائم.
الضرب الرابع: ما تسن له الجماعة وهو ثلاثة
أنواع:
أحدها: التراويح وهي عشرون ركعة بعد العشاء في
رمضان.
والثاني: صلاة الكسوف فإذا ما كسفت الشمس أو
القمر فزع الناس إلى الصلاة إن أحبوا جماعة
وإن أحبوا أفرادا فيكبر ويقرأ الفاتحة وسورة
طويلة
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1180"، ومسلم "729".
2 أخرجه البخاري "1181"، ومسلم "723"
(1/27)
ويركع ركوعا
طويلا ثم يرفع فيقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون
التي قبلها ثم يركع فيطيل دون الذي قبله ثم
يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يقوم فيفعل
مثل ذلك فتكون أربع ركعات وأربع سجدات.
الثالث: صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض
واحتبس القطر خرج الناس مع الإمام متخشعين
متبذلين1 متذللين متضرعين فيصلي بهم ركعتين
كصلاة العيد ثم يخطب بهم خطبة واحدة ويكثر
فيها الاستغفار وتلاوة الآيات التي فيها الأمر
به ويحول الناس أرديتهم وإن خرج معهم أهل
الذمة لم يمنعوا ويؤمرون أن ينفردوا عن
المسلمين.
الضرب الخامس: سجود التلاوة وهي أربع عشرة
سجدة في الحج منها اثنتان ويسن السجود للتالي
والمستمع دون السامع ويكبر إذا سجد وإذا رفع
رأسه ثم يسلم.
ـــــــ
1 متبذلين: أي بسين ثياب البذلة، وهي ما يمتهن
من الثياب في الخدمة. انظر: المصباح المنير:
"بذل".
(1/28)
باب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها
وهي خمس بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها
حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وبعد
العصر حتى تتضيف1 الشمس للغروب وإذا تضيفت حتى
تغرب.
فهذه الساعات التي لا يصلى فيها تطوعا إلا في
إعادة الجماعة إذا اقيمت وهو في المسجد وركعتي
الطواف بعده والصلاة على الجنازة وقضاء السنن
الرواتب في وقتين منها وهما بعد الفجر وبعد
العصر ويجوز قضاء المفروضات في جميع الأوقات.
ـــــــ
1 تضيف الشمس: دنت للغروب وقربت. انظر: لسان
العرب: "ضيف".
(1/28)
باب الإمامة
روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "يؤم القوم
اقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء
فاعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء
فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء
فليؤمهم أكبرهم سنا ولا
(1/28)
باب صلاة المريض
والمريض إذا كان القيام يزيد في مرضه صلى
جالسا فإن لم يطق فعلى جنبه لقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائما
فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك"
1 فإن شق عليه فعلى ظهره فإن عجز عن الركوع
والسجود أومأ إيماء.
وعليه قضاء ما فاته من الصلوات في إغمائه وإن
شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين
الظهر والعصر وبين العشائين في وقت إحداهما
فإن جمع في وقت الأولى اشترط نية الجمع عند
فعلها ويعتبر استمرار العذر حتى يشرع في
الثانية منهما ولا يفرق بينهما إلا بقدر
الوضوء وإن أخر اعتبر استمرار العذر إلى دخول
وقت الثانية وأن ينوي الجمع في وقت الأولى قبل
أن يضيق عن فعلها ويجوز الجمع للمسافر الذي له
القصر ويجوز في المطر بين العشائين.
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1117"
(1/29)
باب صلاة المسافر
وإذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخا1 وهي
مسيرة يومين قاصدين2 وكان مباحا فله قصر
الرباعية خاصة إلا أن يأتم بمقيم لو لم ينو
القصر أو نسي صلاة حضر فيذكرها في السفر أو
صلاة سفر فيذكرها في الحضر فعليه الإتمام
وللمسافر أن يتم والقصر أفضل ومن نوى الإقامة
أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإن لم يجمع على
ذلك قصر أبدا.
ـــــــ
1 وتقدر الآن بحوالي 89 كلم. انظر: الفقه
الإسلامي وأدلته 2/321.
2 أي معتدلين طولاً وقصراً: انظر: كشاف القناع
1/504.
(1/30)
باب صلاة الخوف
وتجوز صلاة الخوف على كل صفة صلاها رسول الله
صلى الله عليه وسلم والمختار منها1 أن يجعلهم
الإمام طائفتين طائفة تحرس والأخرى تصلي معه
ركعة فإذا قام إلى الثانية نوت مفارقته وأتمت
صلاتها وذهبت تحرس وجاءت الأخرى فصلت معه
الركعة الثانية فإذا جلس للتشهد قامت فأتت
بركعة أخرى وينتظر حتى تتشهد ثم يسلم بها وإن
اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة
وإلى غيرها يومئون بالركوع والسجود وكذلك كل
خائف على نفسه يصلي على حسب حاله ويفعل كل ما
يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره.
ـــــــ
1 قال في العدة ص103: وهو ما روى صالح بن خوات
عن من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم
ذات الرقاع صلاة الخوف. اهـ.
قلت: أخرجه البخاري "4131"، ومسلم "841".
(1/30)
باب صلاة الجمعة
كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة إن كان
مستوطنا ببناء وبينه وبين الجامع فرسخ1 فما
دون ذلك إلا المرأة والعبد والمسافر والمعذور
بمرض أو مطر أو
ـــــــ
1 الفرسخ:ثلثة أميال وتساوي5544م. انظر: الدر
النقي ص 262 والفقه الإسلامي وأدلته 1/75.
(1/30)
باب صلاة العيدين
وهي فرض على الكفاية إذا قام بها أربعون من
أهل المصر سقطت عن سائرهم.
ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال والسنة
فعلها في الصحراء وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر
والفطر في الفطر خاصة قبل الصلاة ويسن أن
يغتسل ويتنظف ويتطيب.
فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين
بلا أذان ولا إقامة يكبر في الأولى سبعا
بتكبيرة الإحرام وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة
القيام ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويحمد الله
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل
تكبيرتين ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويجهر فيهما
بالقراءة فإذا سلم خطب بهم خطبتين فإذا كان
فطرا حثهم على الصدقة وبين لهم حكمها وإن كان
أضحى بين لهم حكم الأضحية والتكبيرات الزوائد
والخطبتان سنة ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا
بعدها في موضعها.
(1/31)
ومن أدرك
الإمام قبل سلامه أتمها على صفتها ومن فاتته
فلا قضاء عليه فإن أحب صلاتها تطوعا إن شاء
ركعتين وإن شاء أربعا وإن شاء صلاها على
صفتها.
ويستحب التكبير في ليلتي العيدين ويكبر في
الأضحى عقيب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر
يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق وصفة
التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
(1/32)
|