كشف
المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات كتاب الطَّهَارَة
مُقَدّمَة
لم يؤلف الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْفِقْه كتابا
وَإِنَّمَا أَخذ أَصْحَابه مذْهبه من أَقْوَاله وأفعاله وأجوبته وَغير
ذَلِك وَقَوله: لَا يَنْبَغِي أَو: لَا يصلح أَو: أستقبحه أَو: هُوَ قَبِيح
أَو: لَا أرَاهُ للتَّحْرِيم لَكِن حمل بَعضهم: لَا يَنْبَغِي فِي مَوَاضِع
من كَلَامه على الْكَرَاهَة. وَقَوله: أكره أَو: لَا يُعجبنِي أَو: لَا
أحبه أَو: لَا أستحسنه أَو يفعل السَّائِل كَذَا احْتِيَاطًا - وَجْهَان و:
أحب كَذَا أَو: يُعجبنِي أَو: أعجب إِلَيّ للنَّدْب.
كتاب الطَّهَارَة
أَي مَكْتُوب جَامع لمسائل الْأَحْكَام الَّتِي تتَعَلَّق بِالطَّهَارَةِ.
وَهِي مصدر طهر بِالْفَتْح وَالضَّم كَمَا فِي الصِّحَاح وَهِي لُغَة:
النَّظَافَة والنزاهة عَن الأقذار حَتَّى المعنوية وَشرعا: ارْتِفَاع حدث
وَمَا فِي معنى ارْتِفَاع الْحَدث كالحاصل بِغسْل الْمَيِّت لِأَنَّهُ
تعبدي لَا عَن حدث بِمَاء طهُور مُبَاح وَزَوَال خبث بِهِ.
(1/41)
وَبَدَأَ بِالطَّهَارَةِ اقْتِدَاء بالأئمة
كالشافعي لِأَن آكِد أَرْكَان الْإِسْلَام بعد الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاة
وَالطَّهَارَة شَرط لَهَا وَالشّرط مقدم على الْمَشْرُوط. وَتَكون
بِالْمَاءِ وَالتُّرَاب؛ وَالْمَاء هُوَ الأَصْل. وبدأوا بِربع
الْعِبَادَات اهتماما بالأمور الدِّينِيَّة وتقديما لَهَا على الْأُمُور
الدُّنْيَوِيَّة. وَقدمُوا الْمُعَامَلَات على النِّكَاح وَمَا يتَعَلَّق
بِهِ لِأَن سَبَب الْمُعَامَلَات وَهُوَ الْأكل وَالشرب وَنَحْوهمَا
ضَرُورِيّ يَسْتَوِي فِيهِ الْكَبِير وَالصَّغِير وشهوته مُقَدّمَة على
شَهْوَة النِّكَاح. وَقدمُوا النِّكَاح على الْجِنَايَات والمخاصمات لِأَن
وُقُوع ذَلِك فِي الْغَالِب بعد الْفَرَاغ من شَهْوَة الْبَطن والفرج.
(الْمِيَاه) جمع مَاء وَهِي بِاعْتِبَار مَا تتنوع إِلَيْهِ شرعا
(ثَلَاثَة) أَنْوَاع لِأَن المَاء إِمَّا أَن يجوز الْوضُوء بِهِ أَو لَا
فَالْأول الطّهُور وَالثَّانِي إِمَّا أَن يجوز شربه أَو لَا فَالْأول
الطَّاهِر وَالثَّانِي النَّجس. فالنوع (الأول طهُور) فِي نَفسه مطهر لغيره
وَهُوَ أشرفها (وَهُوَ الْبَاقِي على خلقته) أَي صفته الَّتِي خلق
عَلَيْهَا - من حرارة أَو برودة أَو عذوبة أَو ملوحة أَو غَيرهَا -
حَقِيقَة بِأَن لم يطْرَأ عَلَيْهِ شَيْء أَو حكما بِأَن طَرَأَ عَلَيْهِ
شَيْء لَا يسلبه الطّهُورِيَّة كالملح المائي والطحلب وَنَحْوهمَا.
(وَمِنْه) أَي الطّهُور نوع (مَكْرُوه كمتغير بِغَيْر ممازج) أَي مخالط
كعود القماري نِسْبَة إِلَى بَلْدَة بِبِلَاد الْهِنْد يُقَال لَهَا قمار
بِفَتْح الْقَاف وَقطع الكافور والدهن والمسخن بِالنَّجَاسَةِ وَمِنْه
متغير بمخالط أَصله المَاء كالملح المائي لِأَنَّهُ مُنْعَقد من المَاء
بِخِلَاف المعدني فَإِنَّهُ يسلبه الطّهُورِيَّة. (وَمِنْه نوع (محرم) أَي
يحرم اسْتِعْمَاله و (لَا يرفع الْحَدث) وَهُوَ
(1/42)
الْوَصْف الْقَائِم بِالْبدنِ يمْنَع
الصَّلَاة وَنَحْوهَا (ويزيل الْخبث) أَي الطَّارِئ على مَحل طَاهِر
(وَهُوَ الْمَغْصُوب) أَو ثمنه الْمعِين حرَام. (وَلَا يُبَاح مَاء (غير
بِئْر النَّاقة من) آبار ديار (ثَمُود) فيتيمم مَعَ وجود مَاء غير بِئْر
النَّاقة من آبار ثَمُود وَمَعَ وجود المَاء الْمَغْصُوب وَالْمَاء الَّذِي
ثمنه الْمعِين حرَام وَلَا يَسْتَعْمِلهُ لِأَنَّهُ مَمْنُوع شرعا فَهُوَ
كَالْمَعْدُومِ حسا. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: وَهِي الْبِئْر
الْكَبِيرَة الَّتِي يردهَا الْحجَّاج فِي هَذِه الْأَزْمِنَة. انْتهى.
وَمن الطّهُور مَاء قَلِيل خلت بِهِ امْرَأَة مكلفة لطهارة كَامِلَة عَن
حدث يرفع حدث الْأُنْثَى لَا الرجل الْبَالِغ وَالْخُنْثَى. النَّوْع
(الثَّانِي) من الْمِيَاه (طَاهِر) فِي نَفسه غير مطهر لغيره وَهُوَ
أَنْوَاع مِنْهَا الْمُسْتَخْرج بالعلاج كَمَاء الْورْد والزهر والبطيخ
وَنَحْوهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاء مُطلق وَلَو حلف لَا يشرب مَاء فشربه
لم يَحْنَث. وطهور خالطه طَاهِر فَغير اسْمه حَتَّى صَار صبغا أَو خلا
فَيصير طَاهِرا غير مطهر إِلَّا النَّبِيذ إِذا أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثَة
أَيَّام فَيصير نجسا محرما وَيَأْتِي فِي حد الْمُسكر. (لَا يرفع الْحَدث
وَلَا يزِيل الْخبث وَهُوَ) أَي الطَّاهِر (الْمُتَغَيّر بممازج طَاهِر)
كالزعفران وَاللَّبن وَالْعَسَل وَنَحْوه من الطهارات. (وَمِنْه) أَي
الطَّاهِر (يسير مُسْتَعْمل فِي رفع حدث) أَو فِي غسل يَدي قَائِم من نوم
ليل نَاقض لوضوء أَو فِي غسل ذكر وأنثيين
(1/43)
لخُرُوج مذي دونه أَو غسل بِهِ ميت فَكل
ذَلِك طَاهِر غير مطهر. النَّوْع (الثَّالِث) من الْمِيَاه (نجس)
بِتَثْلِيث الْجِيم وسكونها وَهُوَ لُغَة المستقذر وضد الطَّاهِر (يحرم
اسْتِعْمَاله مُطلقًا) أَي فِي الْعِبَادَات وَغَيرهَا وَلَو لم يُوجد
غَيره إِلَّا لضَرُورَة كدفع لقْمَة غص بهَا وَلَا طَاهِر أَو عَطش
مَعْصُوم أَو طفي حريق متْلف وَيقدم على بَوْل وَبَوْل على خمر. (وَهُوَ)
أَي النَّجس (مَا تغير بِنَجَاسَة) وَلَو يسيرَة (فِي غير مَحل تَطْهِير)
قل التَّغَيُّر أَو كثر فينجس إِجْمَاعًا أما إِذا كَانَ المَاء الملاقي
للنَّجَاسَة فِي مَحل التَّطْهِير فَلَا ينجس لبَقَاء عمله (أَو لاقاها)
أَي لَاقَى المَاء النَّجَاسَة (فِي غَيره) أَي مَحل التَّطْهِير (وَهُوَ
يسير) جملَة حَالية فينجس بِمُجَرَّد الملاقاة. (وَالْمَاء (الْجَارِي) فِي
الحكم (كالراكد) خلافًا لأبي حنيفَة إِن بلغ مَجْمُوعه قُلَّتَيْنِ رفع
النَّجَاسَة عَن نَفسه إِن لم تغيره فَلَا اعْتِبَار بالجرية وَهِي مَا
أحَاط بِالنَّجَاسَةِ من المَاء يمنة ويسرة وعلوا وسفلا إِلَى قَرَار
النَّهر سوى مَا أمامها ووراءها. وَإِن لم يتَغَيَّر المَاء الْكثير
بِالنَّجَاسَةِ لم ينجس بملاقاتها إِلَّا ببول الْآدَمِيّ أَو عذرته
المائعة أَو الرّطبَة؛ أَو الْيَابِسَة إِن ذَابَتْ فينجس بهَا دون سَائِر
النَّجَاسَات عِنْد أَكثر الْمُتَقَدِّمين والمتوسطين إِلَّا أَن تعظم مشقة
نزحه كمصانع مَكَّة. وَعنهُ: لَا ينجس وَعَلِيهِ جَمَاهِير الْمُتَأَخِّرين
وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْدهم وعللوه بِأَن نَجَاسَة بَوْل الْآدَمِيّ لَا
تزيد على نَجَاسَة بَوْل الْكَلْب وَهُوَ لَا ينجس الْقلَّتَيْنِ فَهَذَا
أولى. (وَالْكثير) من المَاء حَيْثُ أطلق (قلتان) تَقْرِيبًا فَصَاعِدا
(وهما) أَي
(1/44)
القلتان (مائَة رَطْل وَسَبْعَة أَرْطَال
وَسبع رَطْل بالدمشقي) وَمَا وَافقه وَتِسْعَة وَثَمَانُونَ رطلا وَسبعا
رَطْل بالحلبي وَمَا وَافقه وَخَمْسمِائة رَطْل بالعراقي وَمَا وَافقه
وَثَمَانُونَ رطلا وَسبعا رَطْل وَنصف سبع رَطْل بالقدسي وَمَا وَافقه
وَأحد وَسَبْعُونَ رطلا وَثَلَاثَة أَسْبَاع رَطْل بالبعلي وَمَا وَافقه.
(واليسير) من المَاء (مَا) كَانَ (دونهمَا) أَي الْقلَّتَيْنِ أَي يُسمى
يَسِيرا وقليلا.
(1/45)
فصل
هُوَ عبارَة عَن الحجز بَين شَيْئَيْنِ لِأَنَّهُ حاجز بَين أَجنَاس
الْمسَائِل وأنواعها. وَهَذَا الْفَصْل يذكر فِيهِ حكم الْآنِية وَمَا
يُبَاح مِنْهَا وَمَا يحرم وَغير ذَلِك وَهِي ظروف المَاء وَغَيرهَا. (كل
إِنَاء) وَيجمع على آنِية كوعاء وأوعية وسقاء وأسقية وَجمع الْآنِية أواني
وَالْأَصْل أءاني أبدلت الْهمزَة الثَّانِيَة واوا كَرَاهِيَة اجْتِمَاع
همزتين كآدم وأوادم. وَهُوَ لُغَة وَعرفا الْوِعَاء. (طَاهِر) صفة لإناء
(يُبَاح اتِّخَاذه واستعماله) ثمينا كَانَ كالجوهر والياقوت أَو غير ثمين
كالخشب والزجاج إِلَّا عظم آدَمِيّ وَجلده فَيحرم اتِّخَاذ إِنَاء مِنْهُ
واستعماله لِحُرْمَتِهِ حَتَّى الْميل وَنَحْوه وَإِلَّا إِنَاء ثمنه
الْمعِين حرَام فَيحرم لحق مَالِكه (إِلَّا أَن يكون) الْإِنَاء (ذَهَبا
أَو فضَّة أَو مضببا) أَو مطليا أَو مطعما أَو مكفتا بهما أَو
(بِأَحَدِهِمَا) فَيحرم (لَكِن تُبَاح ضبة يسيرَة) عرفا (من فضَّة) لَا ذهب
(لحَاجَة) كتشعيب قدح احْتَاجَ إِلَى ذَلِك وَأَن تكون لغير زِينَة. (وَمَا
لم تعلم نَجَاسَته من آنِية كفار وثيابهم) أَي الْكفَّار وَلَو وليت
عَوْرَاتهمْ (طَاهِر) لأَنا لَا ننجس شَيْئا بِالشَّكِّ.
(1/46)
(وَلَا يطهر جلد ميتَة) نجس بموتها (بدباغ)
وَيُبَاح دبغه واستعماله بعده فِي يَابِس (وكل أَجْزَائِهَا) أَي الْميتَة
(نَجِسَة إِلَّا شعرًا وَنَحْوه) كريش وصوف فَإِنَّهُ طَاهِر إِذا كَانَ من
حَيَوَان طَاهِر فِي الْحَيَاة كغنم وَنَحْوه أَو غير مَأْكُول كهر وَمَا
دونه فِي الْخلقَة كالفرأة وَنَحْوه. (والمنفصل من حَيّ) فَهُوَ (كميتته)
طَهَارَة ونجاسة.
(1/47)
فصل
(والاستنجاء) وَهُوَ إِزَالَة مَا خرج من السَّبِيلَيْنِ بِمَاء طهُور أَو
حجر مُبَاح منق. وَهُوَ (وَاجِب من كل خَارج) نَادرا كالدود أَو غير نَادِر
كالبول (إِلَّا الرّيح فَهُوَ) إِلَّا (الطَّاهِر) كالمني (وَإِلَّا (غير
الملوث) كالبعر والحصا الجافين. (وَسن عِنْد دُخُول خلاء) بِالْمدِّ (قَول:
بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك) أَي ألجأ إِلَيْك (من الْخبث)
بِإِسْكَان الْبَاء وتحريكها (والخبائث) جمع خَبِيث وخبيثة فَكَأَنَّهُ
استعاذ من ذُكُور الشَّيَاطِين وإناثهم. وَقيل: الْخبث الْكفْر والخبائث
الشَّيَاطِين. (وَسن قَوْله (إِذا خرج مِنْهُ) أَي الْخَلَاء: (غفرانك
الْحَمد لله الَّذِي أذهب عني الْأَذَى وعافاني) . (وَسن (تَغْطِيَة رَأس
وانتعال) أَيْضا. (وَسن (تَقْدِيم رجله الْيُسْرَى دُخُولا) أَي فِي حَالَة
الدُّخُول؛ (و) سنّ (اعْتِمَاده عَلَيْهَا) أَي على رجله الْيُسْرَى وَينصب
الْيُمْنَى بِأَن يتكئ على رُؤُوس أصابعها وَيرْفَع قدمهَا حَال كَونه
(جَالِسا) لِأَنَّهُ أسهل لخُرُوج الْخَارِج. (وَسن تَقْدِيم رجله
(الْيُمْنَى خُرُوجًا) أَي فِي حَالَة الْخُرُوج
(1/48)
وَعكس) ذَلِك دُخُول (مَسْجِد وَلبس (نعل
وَنَحْوهمَا) كدخول مدرسة وَلبس قَمِيص أَي يسن إِذا دخل الْمَسْجِد
وَنَحْوه أَو لبس النَّعْل وَنَحْوه أَن يبْدَأ باليمنى لِأَنَّهَا أَحَق
بالتقديم إِلَى الْأَمَاكِن الطّيبَة. وَإِذا خلع نَحْو مَا ذكر أَو خرج من
مَسْجِد بَدَأَ باليسرى. (وَسن (بعد فِي فضاء) حَتَّى لَا يرى واستتاره عَن
نَاظر (وَسن (طلب مَكَان رخو) بِتَثْلِيث الرَّاء (لبول) ولصوق ذكره بصلب -
بِضَم الصَّاد - أَي شَدِيد إِن لم يجد مَكَانا رخوا ليأمن رشاش الْبَوْل.
(وَسن (مسح الذّكر بِيَدِهِ الْيُسْرَى إِذا انْقَطع الْبَوْل من أَصله)
أَي الذّكر أَي من حَلقَة دبره فَيَضَع إِصْبَع يَده الْيُسْرَى الْوُسْطَى
تَحت الذّكر والإبهام فَوْقه ويمر بهما (إِلَى رَأسه) أَي الذّكر
(ثَلَاثًا) لِئَلَّا يبْقى فِيهِ من الْبَوْل شَيْء (وَسن (نتره) أَي
الذّكر - بِالْمُثَنَّاةِ (ثَلَاثًا) نصا ليستخرج بَقِيَّة الْبَوْل
مِنْهُ. (وَكره دُخُول خلاء بِمَا فِيهِ ذكر الله) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى)
لَا دَرَاهِم ودنانير وَنَحْوهمَا لمَشَقَّة التَّحَرُّز عَنْهُمَا
وَمثلهمَا حرز. قَالَ صَاحب النّظم: وَأولى إِلَّا الْمُصحف. قَالَ فِي
الْإِنْصَاف: لَا شكّ فِي تَحْرِيمه قطعا من غير حَاجَة وَلَا يتَوَقَّف
فِي هَذَا عَاقل. وَكره ذكر الله تَعَالَى فِي الْخَلَاء إِلَّا بِقَلْبِه
(وَكره (كَلَام فِيهِ) أَي الْخَلَاء وَلَو سَلاما أَو رد سَلام نصا (بِلَا
حَاجَة) وَقد يجب لتحذير مَعْصُوم عَن هلكة كأعمى وغافل يحذرهُ عَن بِئْر
وحية وَنَحْوهمَا؛ لِأَن مُرَاعَاة حفظ الْمَعْصُوم أهم.
(1/49)
وَكره السَّلَام على المتخلي فَإِن عطس أَو
سمع مُؤذنًا حمد الله تَعَالَى وَأجَاب بِقَلْبِه. وَتحرم الْقِرَاءَة
فِيهِ وَهُوَ مُتَوَجّه على حَاجته جزم بِهِ صَاحب النّظم. وَفِي الغنية:
لَا يتَكَلَّم وَلَا يذكر الله وَلَا يزِيد على التَّسْمِيَة والتعوذ.
انْتهى. (وَكره (رفع ثوب قبل دنو من الأَرْض) بِلَا حَاجَة فيرفع ثَوْبه
شَيْئا فَشَيْئًا. قَالَ فِي الْمُبْدع: وَلَعَلَّه يجب إِذا كَانَ ثمَّ من
ينظره. (وَكره (بَوْل فِي شقّ) بِفَتْح الشين وَاحِد الشقوق (وَنَحْوه)
كسرب - بِفَتْح السِّين وَالرَّاء - عبارَة عَن الثقب وَهُوَ مَا
يَتَّخِذهُ الْهَوَام بَيْتا فِي الأَرْض وَلَو فَم بالوعة. وَكره بَوْل
فِي مَاء راكد وَلَو كثيرا وَفِي مَاء قَلِيل جَار لَا فِي كثير جَار.
وَكره بَوْل فِي إِنَاء بِلَا حَاجَة من نَحْو مرض وَفِي نَار. وَقد قيل:
إِن البصاق على الْبَوْل يُورث الوسواس وَإِن الْبَوْل على النَّار يُورث
السقم. وَلَا يكره الْبَوْل قَائِما بِشَرْط أَن يَأْمَن تلويثا وناظرا.
(وَكره (مس فرج بِيَمِين بِلَا حَاجَة) إِلَيْهِ (وَكره (اسْتِقْبَال
النيرين) أَي الشَّمْس وَالْقَمَر لما فيهمَا من نور الله تَعَالَى
واستقبال قبْلَة واستدبارها بفضاء باستنجاء أَو استجمار. (وَحرم) فِي حَال
الْبَوْل وَالْغَائِط (اسْتِقْبَال قبْلَة واستدبارها) إِذا كَانَ (فِي غير
بُنيان) لحَدِيث: إِذا أتيتم الْغَائِط فَلَا تستقبلوا الْقبْلَة وَلَا
(1/50)
تستدبروها لَكِن شرقوا أَو غربوا رَوَاهُ
الشَّيْخَانِ. (وَحرم (لبث) فِي الْخَلَاء (فَوق) قدر (الْحَاجة) لِأَنَّهُ
كشف عَورَة بِلَا حَاجَة وَلَا فرق بَين أَن يكون فِي ظلمَة أَو حمام أَو
بِحَضْرَة ملك أَو جني أَو حَيَوَان أَو لَا ذكره فِي الرِّعَايَة وَهُوَ
مُضر عِنْد الْأَطِبَّاء قيل: إِنَّه يدمي الكبد وَيُورث الْبَاسُور.
(وَحرم (بَوْل) وتغوط فِي مورد مَاء وَفِي طَرِيق مسلوك وَنَحْوه) كظل
نَافِع ومتشمس زمن الشتَاء ومتحدث النَّاس إِذا لم يكن بِنَحْوِ غيبَة
وَإِلَّا فيفرقهم بِمَا يَسْتَطِيع. (وَحرم بَوْل وتغوط بَين قُبُور
الْمُسلمين (وَتَحْت شَجَرَة مثمرة ثمرا مَقْصُودا) يُؤْكَل أَو لَا
لِأَنَّهُ يُفْسِدهُ وتعافه الْأَنْفس فَإِن لم يكن عَلَيْهِ ثَمَر جَازَ.
(وَسن استجمار) بِحجر وَنَحْوه (ثمَّ استنجاء بِمَاء) فَإِن عكس كره
(وَيجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا) أَي الْحجر وَالْمَاء (لَكِن المَاء
أفضل حِينَئِذٍ) أَي حَيْثُ أَرَادَ الِاقْتِصَار على أَحدهمَا فالماء أفضل
كَمَا أَن جَمعهمَا أفضل من الِاقْتِصَار على أَحدهمَا. وَلَا يَصح وضوء
وَلَا تيَمّم قبل الِاسْتِنْجَاء قَالَه فِي الْمُنْتَهى. وَقَالَ فِي
شَرحه: وَظَاهره لَا فرق بَين التَّيَمُّم عَن حدث أَصْغَر أَو أكبر أَو
نَجَاسَة بِبدنِهِ فَإِن كَانَت النَّجَاسَة على غير السَّبِيلَيْنِ أَو
عَلَيْهِمَا غير خَارِجَة مِنْهُمَا صَحَّ الْوضُوء وَالتَّيَمُّم قبل
إِزَالَتهَا. انْتهى.
(1/51)
وَعبارَة الْإِقْنَاع وَشَرحه كَذَلِك.
وَشرط لصِحَّة الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ أَن يكون طهُورا وَسبع غسلات
منقية وَيجب استرخاؤه قَلِيلا بِحَيْثُ ينقى من بَاب: مَا لَا يتم
الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب وَلِحَدِيث: تنزهوا من الْبَوْل فَإِن
عَامَّة عَذَاب الْقَبْر مِنْهُ. قَالَ الْمَنَاوِيّ: فَعدم التَّنَزُّه
مِنْهُ كَبِيرَة لاستلزامه بطلَان الصَّلَاة وَتركهَا كَبِيرَة. انْتهى.
وَقَالَ ابْن حجر فِي كِتَابه الزواجر فِي الْكَبِيرَة الْحَادِيَة
وَالسبْعين بعد سِيَاقه صفة الِاسْتِبْرَاء من الْبَوْل: وَكَذَلِكَ
يتَعَيَّن على الْإِنْسَان فِي غائطه أَن يُبَالغ فِي غسله مَحَله وَأَن
يسترخي قَلِيلا حَتَّى يغسل مَا فِي تضاعيف شرج حَلقَة دبره فَإِن كثيرين
مِمَّن لَا يسترخون وَلَا يبالغون فِي غسل ذَلِك الْمحل يصلونَ
بِالنَّجَاسَةِ فَيحصل هم ذَلِك الْوَعيد الشَّديد الْمَذْكُور فِي تِلْكَ
الْأَحَادِيث لِأَنَّهُ إِذا ترَتّب على الْبَوْل فَلِأَن يَتَرَتَّب على
الْغَائِط من بَاب أولى لِأَنَّهُ أقذر وأفحش انْتهى. (وَلَا يَصح استجمار
إِلَّا بطاهر) فَلَا يَصح بِنَجس (مُبَاح) فَلَا يَصح بِمحرم كمغصوب وَذهب
وَفِضة بِخِلَاف الِاسْتِنْجَاء فَإِنَّهُ يَصح بِغَيْر الْمُبَاح وَحَيْثُ
استجمر بِمَا نهى الشَّارِع عَنهُ لِحُرْمَتِهِ كالروث وَنَحْوه لم
(1/52)
يجزه بعده إِلَّا المَاء بِخِلَاف نَحْو
الأملس إِذا استجمر بِهِ ثمَّ أتبعه بِمَا يُجزئ من نَحْو حجر فَإِنَّهُ
يُجزئهُ (يَابِس) فَلَا يُجزئ برخو وندى لعدم حُصُول الْمَقْصُود مِنْهُ
(منق) فَلَا يُجزئ بأملس من زجاج ورخام. (وَحرم) استجمار (بروث) وَلَو
لمأكول (وَعظم) وَلَو مذكى لحَدِيث ابْن مَسْعُود: لَا تستنجوا بالروث
وَلَا بالعظام فَإِنَّهُ زَاد إخْوَانكُمْ من الْجِنّ وَالنَّهْي يَقْتَضِي
الْفساد وَعدم الْإِجْزَاء. (وَحرم أَيْضا ب طَعَام) وَلَو لبهيمة (وَحرم
أَيْضا ب (ذِي حُرْمَة) ككتب فقه وَحَدِيث لما فِيهِ من هتك الشَّرِيعَة
وَالِاسْتِخْفَاف بحرمتها (وَحرم أَيْضا ب مُتَّصِل بحيوان) كذنب
الْبَهِيمَة وَنَحْوه. (وَشرط لَهُ) أَي الِاسْتِجْمَار بِمَا تقدم (عدم
تعدِي خَارج مَوضِع الْعَادة) فَلَا يُجزئ فِيمَا تعدى إِلَّا المَاء
(وَشرط لصِحَّة الِاسْتِجْمَار أَيْضا (ثَلَاث مسحات) إِمَّا بِثَلَاثَة
أَحْجَار وَنَحْوهَا أَو بِحجر لَهُ شعب لِأَن الْغَرَض عدد المسحات لَا
الْأَحْجَار بِشَرْط أَن تعم كل مسحة المسربة والصفحتين (منقية) فالإنقاء
بِالْحجرِ وَنَحْوه أَن يبْقى أثر لَا يُزِيلهُ إِلَّا المَاء وبالماء عود
خشونة الْمحل كَمَا كَانَ هِيَ عبارَة الْمُنْتَهى والإقناع وَغَيرهمَا.
قَالَ فِي الْمُبْدع الأولى أَن يُقَال: عود الْمحل كَمَا كَانَ لِئَلَّا
ينْتَقض بالأمرد وَنَحْوه. انْتهى. وظنه كَاف (ف إِن لم ينق بِثَلَاث شَرط
لَهُ (أَكثر) مِنْهَا حَتَّى يحصل الإنقاء.
(1/53)
فصل
(يسن السِّوَاك) والسواك بِكَسْر السِّين والمسواك بِكَسْر الْمِيم: اسْم
للعود الَّذِي يتَسَوَّك بِهِ. وَيُطلق السِّوَاك على الْفِعْل. وَهُوَ
باعتدال يطيب الْفَم والنكهة ويجلو الْأَسْنَان ويقويها ويشد اللثة - قَالَ
بَعضهم: ويسمنها - وَيقطع البلغم ويجلو الْبَصَر وَيمْنَع الْحفر أَي تقشر
أصُول الْأَسْنَان وَيذْهب بِهِ وَيصِح الْمعدة ويعين على الهضم ويشهي
الطَّعَام ويصفي الصَّوْت ويسهل مجاري الْكَلَام وينشط ويطرد النّوم ويخفف
عَن رَأس وفم الْمعدة ويرضي الرب وَيذكر الشَّهَادَة عِنْد الْمَوْت.
وأوصلها بَعضهم إِلَى تسعين فَائِدَة. (بِالْعودِ) مُتَعَلق بيسن وَكَونه
على أَسْنَان ولثة - بِكَسْر اللَّام وَفتح الْمُثَلَّثَة الْخَفِيفَة -
وَكَونه عرضا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَسْنَان وطولا بِالنِّسْبَةِ إِلَى
الْفَم (كل وَقت) من الْأَوْقَات (إِلَّا لصائم بعد الزَّوَال فَيكْرَه)
لَهُ السِّوَاك بيابس وَرطب وَقَبله يسن بيابس وَيُبَاح برطب. قَالَ فِي
الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَعنهُ يسن لَهُ مُطلقًا أَي قبل الزَّوَال وَبعده
باليابس وَالرّطب اخْتَارَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَجمع وَهُوَ أظهر
دَلِيلا انْتهى. وَكَانَ وَاجِبا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم.
(1/54)
(ويتأكد) السِّوَاك (عِنْد) كل (صَلَاة
وَنَحْوهَا) كوضوء وَقِرَاءَة وَدخُول مَسْجِد ومنزل (وَتغَير) رَائِحَة
(فَم وَنَحْوه) كانتباه من نوم وإطالة سكُوت وصفرة أَسْنَان وخلو معدة.
(وَسن بداءة) المتسوك (ب) الْجَانِب (الْأَيْمن فِيهِ) أَي السِّوَاك من
ثناياه إِلَى أَضْرَاسه بيساره وَأَن يكون الْعود لينًا منقيا لَا يضر
وَلَا يتفتت من أَرَاك أَو عرجون أَو زيتون. (وَسن بداءة بالأيمن (فِي طهر)
أَي تطهر من نَحْو وضوء وَغسل (وَفِي (شَأْنه كُله وَسن (ادهان) فِي بدن
وَشعر (غبا) أَي يَوْمًا وَيَوْما. (وَسن (اكتحال) كل لَيْلَة (فِي كل عين
ثَلَاثًا) بإثمد مُطيب بمسك (وَسن (نظر فِي مرْآة) وَقَوله: اللَّهُمَّ
كَمَا حسنت خلقي فَحسن خلقي وَحرم وَجْهي على النَّار. (وَسن (تطيب) بِطيب
(وَسن (استحداد) وَهُوَ حلق الْعَانَة (وَسن (حف شَارِب) أَو قصّ طرفه وحفه
أولى نصا وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي قصه وَمِنْه السبالان وهما طرفاه
لحَدِيث: قصوا سبالاتكم وَلَا تشبهوا باليهود وَسن إعفاء اللِّحْيَة بِأَن
لَا يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا قَالَ فِي
(1/55)
الْمَذْهَب: مَا لم يستهجن طولهَا. وَيحرم
حلقها وَلَا بَأْس بِأخذ مَا زَاد على القبضة مِنْهَا. (وَسن (تقليم ظفر)
مُخَالفا فَيبْدَأ بخنصر الْيُمْنَى ثمَّ الْوُسْطَى ثمَّ الْإِبْهَام ثمَّ
البنصر ثمَّ السبابَة ثمَّ إِبْهَام الْيُسْرَى ثمَّ الْوُسْطَى ثمَّ
الْخِنْصر ثمَّ السبابَة ثمَّ البنصر صَححهُ فِي الشَّرْح وَرُوِيَ فِي
حَدِيث: من قصّ أَظْفَاره مُخَالفا لم ير فِي عَيْنَيْهِ رمدا وَفَسرهُ
أَبُو عبد الله ابْن بطة بِمَا ذكر انْتهى. (وَسن (نتف إبط) فَإِن شقّ حلقه
أَو تنور وَله أَخذ عانة بِمَا شَاءَ والتنوير فِي الْعَانَة وَغَيرهَا
فعله الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ وعني بِهِ وَكَذَا النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أم سَلمَة وَإِسْنَاده
ثِقَات قَالَه فِي الْفُرُوع وَقد أعل بِالْإِرْسَال وَقَالَ الإِمَام
أَحْمد: لَيْسَ بِصَحِيح؛ لِأَن قَتَادَة قَالَ: مَا أطلى النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الإِمَام
(1/56)
أَحْمد: وسكتوا عَن شعر الْأنف فَظَاهره
بَقَاؤُهُ. وَيتَوَجَّهُ أَخذه إِذا فحش قَالَه فِي الْفُرُوع. (وَكره قزع)
وَهُوَ حلق بعض الرَّأْس وَترك بعضه (وَكره (نتف شيب) وتغييره بسواد فِي
غير حَرْب (وَكره (ثقب أذن صبي) لَا جَارِيَة نصا لحاجتها للتزين. وَيحرم
نمص ووشر ووشم وَوصل شعر بِشعر وَلَو شعر بَهِيمَة أَو بِإِذن زوج وَتَصِح
الصَّلَاة مَعَ طَاهِر. (وَيجب ختان ذكر) بِأخذ جلدَة الْحَشَفَة. وَقَالَ
جمع: إِن اقْتصر على أَكْثَرهَا جَازَ. (وَيجب ختان (أُنْثَى) بِأخذ جلدَة
فَوق مَحل الْإِيلَاج تشبه عرف الديك وَيسْتَحب أَن لَا تُؤْخَذ كلهَا نصا
وَيجب ختان قبلي خُنْثَى مُشكل احْتِيَاطًا. وَمحل ذَلِك كُله (بعيد بُلُوغ
مَعَ أَمن الضَّرَر؛ وَيسن) الْخِتَان (قبله) أَي الْبلُوغ وزمن صغر أفضل
إِلَى التَّمْيِيز لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْبُرْء. (وَيكرهُ) الْخِتَان
(سَابِع) يَوْم (وِلَادَته) أَي الْمَوْلُود للتشبه باليهود (وَيكرهُ
الْخِتَان (مِنْهَا) أَي الْولادَة (إِلَيْهِ) أَي السَّابِع.
(1/57)
فصل
(فروض الْوضُوء) جمع فرض وَهُوَ مَا يَتَرَتَّب الثَّوَاب على فعله
وَالْعِقَاب على تَركه (سِتَّة) أَحدهَا: (غسل الْوَجْه مَعَ مضمضة
واستنشاق) وَيصِح أَن يسميا فرضين (وَالثَّانِي: (غسل الْيَدَيْنِ) مَعَ
الْمرْفقين (وَالثَّالِث: غسل (الرجلَيْن) مَعَ الْكَعْبَيْنِ. وَترك
التَّرْتِيب فِي التَّفْصِيل ليذكر المغسولات على نسق وَفِيه رد على
المبتدعة. (وَالرَّابِع: (مسح جَمِيع الرَّأْس مَعَ الْأُذُنَيْنِ
وَالْخَامِس: (تَرْتِيب) بَين الْأَعْضَاء كَمَا ذكر الله تَعَالَى (و)
السَّادِس: (موالات) ويسقطان مَعَ غسل عَن حدث أكبر. (وَالنِّيَّة شَرط لكل
طَهَارَة شَرْعِيَّة) وَيَأْتِي تَعْرِيفهَا فِي شُرُوط الصَّلَاة سَوَاء
كَانَت وضُوءًا أَو غسلا أَو تيمما وَاجِبَة كَالْوضُوءِ لصَلَاة
وَنَحْوهَا أَو مسنونة كالطهارة لقِرَاءَة وَذكر وأذان ونوم وَرفع شكّ
وَغَضب وَكَلَام محرم وَنَحْوه ولتجديد وضوء إِن سنّ بِأَن صلى بَينهمَا
أَي الوضوءين ولغسل مُسْتَحبّ ولغسل يَدي قَائِم من نوم ليل ولغسل ميت؛
لِأَن الْإِخْلَاص عمل الْقلب وَهُوَ النِّيَّة مَأْمُور بِهِ وَلخَبَر:
إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ أَي لَا عمل جَائِز وَلَا فَاضل إِلَّا
بهَا
(1/58)
وَلِأَن النَّص دَال على الثَّوَاب فِي كل
وضوء وَلَا ثَوَاب فِي غير منوي إِجْمَاعًا. (غير إِزَالَة خبث) أَي فَلَا
يشْتَرط لَهَا نِيَّة لأَنهم جعلوها من قبيل التروك (وَغير (غسل
كِتَابِيَّة) لحيض أَو نِفَاس أَو جَنَابَة فَلَا تعْتَبر فِيهِ النِّيَّة
للْعُذْر (وَغير غسل (مسلمة) انْقَطع حَيْضهَا أَو نفَاسهَا (ممتنعة) من
الْغسْل فتغسل قهرا (لحل وَطْء) الزَّوْج أَو السَّيِّد وَلَا نِيَّة
مُعْتَبرَة هَهُنَا للْعُذْر كالممتنع من زَكَاة وَلَا تصلي بِهِ ذكره فِي
النِّهَايَة. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى للمؤلف: وَقِيَاس ذَلِك منعهَا من
الطّواف وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يشْتَرط لَهُ الْغسْل.
انْتهى. وَغير غسل مَجْنُونَة مسلمة أَو كِتَابِيَّة حرَّة أَو أمة فَلَا
تعْتَبر النِّيَّة مِنْهَا أَيْضا لتعذرها لَكِن ينويه عَنْهَا من يغسلهَا
كالميتة. وشروط الْوضُوء ثَمَانِيَة: انْقِطَاع مَا يُوجِبهُ وَالنِّيَّة
وَالْإِسْلَام وَالْعقل والتمييز وَالْمَاء الطّهُور الْمُبَاح وَإِزَالَة
مَا يمْنَع وُصُوله والاستنجاء. (وَالتَّسْمِيَة) أَي قَول باسم الله لَا
يقوم غَيرهَا مقَامهَا فَلَو قَالَ باسم الرَّحْمَن أَو القدوس وَنَحْوه لم
يُجزئهُ (وَاجِبَة) فِي خَمْسَة مَوَاضِع: أَحدهَا (فِي وضوء وَالثَّانِي
فِي (غسل وَالثَّالِث فِي (تيَمّم وَالرَّابِع فِي (غسل يَدي قَائِم من نوم
ليل نَاقض لوضوء) وَالْخَامِس فِي غسل ميت
(1/59)
وَيَأْتِي فِيهِ (وَتسقط) التَّسْمِيَة
(سَهوا وجهلا) فِي الْخَمْسَة وَتسقط سَهوا فَقَط فِي الذَّكَاة وَلَا
تسْقط مُطلقًا عِنْد إرْسَال الْآلَة إِلَى الصَّيْد كَمَا سَيَأْتِي
فيهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَإِن ذكرهَا فِي أَثْنَائِهِ قَالَ فِي
الْإِقْنَاع: سمى وَبنى. وَقَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَإِن ذكرهَا فِي بعضه
ابْتَدَأَ. قَالَ فِي شَرحه: لِأَنَّهُ أمكنه أَن يَأْتِي بهَا على جَمِيعه
فَوَجَبَ كَمَا لَو ذكرهَا فِي أَوله صَححهُ فِي الْإِنْصَاف وَحَكَاهُ عَن
الْفُرُوع. انْتهى. فَإِن تَركهَا عمدا أَو حَتَّى غسل بعض أَعْضَائِهِ
وَلم يسْتَأْنف لم تصح طَهَارَته. وتكفي إِشَارَة أخرس وَنَحْوه. (وَمن
سنَنه) أَي الْوضُوء (اسْتِقْبَال قبْلَة وَسوَاك) عِنْد الْمَضْمَضَة
(وبداءة بِغسْل يَدي غير قَائِم من نوم ليل) نَاقض لوضوء. (وَيجب لَهُ) أَي
للْقِيَام من نوم اللَّيْل غسل الْيَدَيْنِ (ثَلَاثًا) بنية وَتَسْمِيَة
وَتَقَدَّمت قَرِيبا (تعبدا) أَي فَلَا يعقل مَعْنَاهُ. قَالَ فِي
الْمُبْدع: إِذا نسي غسلهمَا سقط مُطلقًا. انْتهى. (وَمن سنَنه بداءة
(بمضمضة فاستنشاق) قبل غسل وَجه وكونهما بِيَمِينِهِ كَمَا تقدم (وَمن
سنَنه (مُبَالغَة فيهمَا) أَي فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق (لغير
صَائِم) وَفِي سَائِر الْأَعْضَاء لصائم وَغَيره (وَمن سنَنه (تَخْلِيل شعر
كثيف) وتيامن حَتَّى بَين الْكَفَّيْنِ للقائم من نوم اللَّيْل (وتخليل
(الْأَصَابِع) الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ. (وَمن سنَنه (غسله ثَانِيَة
وثالثة وَكره أَكثر) من ثَلَاث مَرَّات إِن عَمت كل مرّة مَحل الْفَرْض.
وَسن أَن يتَوَلَّى وضوءه بِنَفسِهِ من غير معاونة.
(1/60)
(وَسن) للمتوضئ (بعد فَرَاغه) من الْوضُوء
(رفع بَصَره إِلَى السَّمَاء وَقَول مَا ورد) وَهُوَ: أشهد أَن لَا إِلَه
إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله
اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين. سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب
إِلَيْك
(1/61)
3 - (فصل)
يجوز الْمسْح على خف وَنَحْوه كالجرموقين والجوربين وعَلى سَائِر الحوائل
بشروطها الْآتِيَة، وَهُوَ رخصَة، وَهِي لُغَة السهولة، وَشرعا مَا ثَبت
على خلاف دَلِيل شَرْعِي لمعارض رَاجِح. ويقابلها الْعَزِيمَة، وَهِي لُغَة
الْقَصْد الْمُؤَكّد، وَشرعا مَا ثَبت بِدَلِيل شَرْعِي خَال عَن معَارض
رَاجِح. والرخصة والعزيمة وصفان للْحكم الوضعي، وَالْمسح أفضل من الْغسْل
لِأَنَّهُ وَأَصْحَابه إِنَّمَا طلبُوا الْأَفْضَل، وَفِيه مُخَالفَة أهل
الْبدع، وَلقَوْله (إِن الله يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخْصَة) . وَيرْفَع
الْحَدث عَمَّا تَحْتَهُ نصا، إِلَّا أَنه لَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يلبس
ليمسح، كالسفر ليترخص. وَيجوز الْمسْح على عِمَامَة ذكر محنكة أَو ذَات
ذؤابة قَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَشرط فِي مسح عِمَامَة ثَلَاثَة شُرُوط:
كَونهَا محنكة أَو ذَات ذؤابة، وَكَونهَا على ذكر، وستره غير مَا الْعَادة
كشفه.
(1/62)
وَيجوز الْمسْح على خمر النِّسَاء مُطلقًا
مدارة تَحت حلوقهن وَيجوز الْمسْح على جبيرَة وَهِي أخشاب أَو نَحْوهَا
ترْبط على الكسير، سميت بذلك تفاؤلا، إِن وَضعهَا على طَهَارَة وَلم تجَاوز
قدر الْحَاجة غسل الصَّحِيح وَمسح عليهابالماء وأجزأ، وَيجوز الْمسْح
عَلَيْهَا إِلَى حلهَا أَي الْجَبِيرَة وَإِن وَضعهَا على طَهَارَة وجاوزته
أَي قدر الْحَاجة أَو كَانَ وَضعهَا على غير طَهَارَة وتجاوزت أَولا لزم
نَزعهَا فِي الصُّور الثَّلَاث، فَإِن خَافَ بنزعها الضَّرَر تيَمّم وجوبا
مَعَ مسح مَوْضُوعَة على طَهَارَة مُجَاوزَة قدر الْحَاجة، أَي فَيغسل
الصَّحِيح وَيمْسَح على الْجرْح وَيتَيَمَّم لزائد، ودواء وَلَو قارا فِي
شقّ وتضرر بقلعة كجبيرة.
فَائِدَة اعْلَم أَن الْجَبِيرَة تخَالف الْخُف فِي مسَائِل عديدة، مِنْهَا
عدم التَّوْقِيت بِمدَّة وَمِنْهَا وجوب الْمسْح على جَمِيعهَا، وَمِنْهَا
دُخُولهَا فِي الطَّهَارَة الْكُبْرَى، وَمِنْهَا أَن شدها مَخْصُوص بِحَال
الضَّرَر، وَمِنْهَا أَن الْمسْح عَلَيْهَا عَزِيمَة، وَمِنْهَا أَنه لَا
يشْتَرط سترهَا لمحل الْفَرْض، وَمِنْهَا أَنه يتَعَيَّن مسحها، نبه على
ذَلِك فِي الْإِنْصَاف.
وَيمْسَح مُقيم وَلَو عَاصِيا بِإِقَامَة كمن أمره سَيّده بسفر فَأبى،
وَيمْسَح عَاص بِسَفَرِهِ بَعيدا كَانَ أَو قَرِيبا من حَيْثُ حدث بعد لبس
يَوْمًا وَلَيْلَة وَكَذَا مُسَافر دون الْمسَافَة لِأَنَّهُ فِي حكم
الْمُقِيم ومسافر سفر قصر لم يعْص بِهِ ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها، فَإِن
مسح فِي سفر ثمَّ أَقَامَ فكمقيم يتم يَوْمًا وَلَيْلَة، وَإِن كَانَ مضى
أَكثر قلع الْخُف وَنَحْوه
(1/63)
لانْقِطَاع السّفر، أَو عكس بِأَن مسح
وَهُوَ مُقيم ثمَّ سَافر أَو شكّ فِي ابْتِدَاء الْمسْح فيمسح كمسح مُقيم،
وَإِن شكّ فِي بَقَاء الْمدَّة لم يجز الْمسْح مَا دَامَ شاكا لعدم تحقق
شَرطه وَالْأَصْل عَدمه، فَإِن مسح مَعَ الشَّك ثمَّ تبين بَقَاؤُهَا صَحَّ
وضوؤه لتحَقّق الشَّرْط، وَلَا يصلى يه قبل أَن يتَبَيَّن لَهُ الْبَقَاء،
فَإِن فعلهَا إِذن أعَاد، فَإِن لم يتَبَيَّن لَهُ بَقَاؤُهَا لم يَصح
وضوءه. وَشرط لصِحَّة الْمسْح على الْخُف وَنَحْوه سَبْعَة شُرُوط: أَحدهَا
تقدم كَمَال طَهَارَة بِمَاء وَالثَّانِي ستر مَمْسُوح مَحل فرض وَهُوَ
الْقدَم كُله، وَلَو بربطه لأجل السّتْر فَقَط، وَالثَّالِث ثُبُوته أَي
الْمَمْسُوح بِنَفسِهِ أَو بنعلين إِلَى خلفهمَا، وَلَا يَصح الْمسْح على
خف لَا يثبت إِلَّا بشده نصا، وَالرَّابِع إِمْكَان مشي بِهِ عرفا أَي
بِحَيْثُ يُسمى مَاشِيا، وَلَو لم يكن الْمَمْسُوح مُعْتَادا فَدخل فِي
ذَلِك الْجُلُود واللبود الْخشب والزجاج وَالْحَدِيد وَنَحْوهَا،
وَالْخَامِس طَهَارَته أَي طَهَارَة عين الْمَمْسُوح فَلَا يَصح على نجس
وَلَو فِي ضَرُورَة، فيتيمم مَعهَا للرجلين بَدَلا عَن غسلهَا، وَكَذَا لَو
كَانَ النَّجس عِمَامَة أَو جبيرَة وتضرر بنزعهما تيَمّم لما تحتهَا. قَالَ
فِي الْمُنْتَهى. وَتيَمّم مَعهَا للمستور وَيُعِيد مَا صلى بِهِ
وَالسَّادِس إِبَاحَته أَي الْمَمْسُوح فِي ضَرُورَة وَغَيرهَا، فَلَا يَصح
على مَغْصُوب وحرير لرجل.
(1/64)
وَالشّرط السَّابِع عدم وَصفه الْبشرَة
إِمَّا لصفائه كالزجاج الرَّقِيق، أَو لخفة كالجورب الْخَفِيف، وَهَذَا
الشَّرْط سَاقِط من أصل المُصَنّف. فَلَو مَضَت الْمدَّة أَي للمقيم يَوْم
وَلَيْلَة، وللمسافر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَلم يمسح خلع لفراغ
مدَّته. وَيجب مسح أَكثر دوائر عِمَامَة، وَمسح أَكثر ظَاهر قدم خف
وَنَحْوه بأصابع يَده من أَصَابِع رجلَيْهِ إِلَى سَاقيه، وَلَا يسن
اسْتِيفَاؤهُ، وَيجب مسح جَمِيع جبيرَة لِأَنَّهُ لَا ضَرَر فِي تعميمها
بِخِلَاف الْخُف فَإِنَّهُ يشق تعميمه ويتلفه الْمسْح، وَكره فِي
الْمُنْتَهى غسل خف وتكرار مَسحه. وَإِن ظهر بعض مَحل فرض بعد حدث أَو تمت
الْمدَّة وَهِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة أَو الثَّلَاثَة اسْتَأْنف
الطَّهَارَة، قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَمَتى ظهر بعض قدمه بعد
الْحَدث وَقبل انْقِضَاء الْمدَّة أَو رَأسه وفحش فِيهِ أَي الرَّأْس فَقَط
أَو انْتقض بعض عمَامَته قَالَ القَاضِي: لَو انْتقض مِنْهَا كور بطلت
لِأَنَّهُ زَالَ الْمَمْسُوح عَلَيْهِ، أشبه نزع الْخُف، أَو انْقَطع دم
اسْتِحَاضَة أَو زَالَ ضَرَر من بِهِ سَلس الْبَوْل أَو نَحوه، أَو
انْقَطَعت مُدَّة الْمسْح وَلَو متطهرا أَو فِي صَلَاة استؤنفت الطَّهَارَة
وَبَطلَت الصَّلَاة. انْتهى. وَزَوَال جبيرَة كخف.
(1/65)
فصل نواقص الْوضُوء جمع ناقضة بِمَعْنى
نَاقض وَهِي مفسداته، أَنْوَاعهَا ثَمَانِيَة: أَحدهمَا خَارج من سَبِيل
إِلَى مَا هُوَ فِي حكم الظَّاهِر ويلحقه حكم التَّطْهِير مُطلقًا أَي
قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا، نَادرا كالدود والحصا أَو مُعْتَادا كالبول
وَالْغَائِط، طَاهِر كَوَلَد بِلَا دم أَو نجسا كبول وَغَيره، فينقض
الْخَارِج من السَّبِيلَيْنِ وَلَو ريحًا من قبل أُنْثَى أَو من ذكر أَو
كَانَ مقطرا بِفَتْح الطَّاء مُشَدّدَة، بِأَن قطر فِي إحليله دهنا ثمَّ
خرج فينتقض لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن بلة، أَو كَانَ محتشي. قَالَ فِي شرح
الْمُنْتَهى. بِأَن احتشى قطنا أَو نَحوه فِي دبره أَو قبله وابتل ثمَّ خرج
انْتقض وضوؤه سَوَاء كَانَ طرفه مبتلا أَو لَا. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع:
فَلَو احْتمل فِي قبل أَو دبر قطنا أَو ميلًا ثمَّ خرج وَلَو بِلَا بَلل
نقض. انْتهى. وَلَا ينْتَقض إِن كَانَ دَائِما كَدم مُسْتَحَاضَة، وَمن
بِهِ سَلس وَنَحْوه للضَّرُورَة. وَالنَّوْع الثَّانِي خَارج من بَقِيَّة
الْبدن من بَوْل وغائط فينتقض قليلهما وكثيرهما، سَوَاء كَانَ من تَحت
الْمعدة أَو من فَوْقهَا، وَسَوَاء كَانَ
(1/66)
السبيلان مفتوحين أَو مسدودين. قَالَ فِي
الْإِقْنَاع: لَكِن لَو انسد الْمخْرج فانفتح غَيره فأحكام الْمخْرج
بَاقِيَة. انْتهى. فَلَا ينْتَقض خُرُوج ريح مِنْهُ أَي المنفتح، وَلَا
يجزى الِاسْتِجْمَار فِيهِ وَغير ذَلِك، وينقض الْوضُوء خَارج كثير نجس
غَيرهمَا أَي الْبَوْل وَالْغَائِط، كالقيء وَالدَّم والقيح إِن فحش فِي
نفس كل أحد بِحَسبِهِ. وَالنَّوْع الثَّالِث زَوَال عقل أَو تغطيه بإغماء
وَنَحْوه كحدوث جُنُون أَو برسام وَلَو بنوم، وَهُوَ غشية ثَقيلَة تقع على
الْقلب تمنع الْمعرفَة بالأشياء، إِلَّا نوم النَّبِي وَلَو كثيرا على أَي
حالك كَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه، وَكَذَا
سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَّا يسير نوم
إِذا كَانَ من قَائِم أَو قَاعد وينقض الْيَسِير من رَاكِع وَسَاجِد ومستند
ومتكئ ومحتب كمضطجع، زَاد المُصَنّف: وماش، فَإِن شكّ فِي الْكثير لم
يلْتَفت إِلَيْهِ، وَإِن رأى رُؤْيا فَهُوَ كثير، نَص عَلَيْهِ، قَالَ
الزَّرْكَشِيّ: لَا بُد فِي النّوم الناقض من الْغَلَبَة على الْعقل، فَمن
سمع كَلَام غَيره وفهمه فَلَيْسَ بنائم، فَإِن سَمعه وَلم يفهمهُ فيسير،
وَإِذا سقط الساجد عَن هَيئته والقائم عَن قِيَامه وَنَحْو ذَلِك بطلت
طَهَارَته، لِأَن أهل الْعرف يعدون ذَلِك كثيرا. انْتهى كَلَامه.
وَالنَّوْع الرَّابِع غسل ميت أَو بعضه مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا، صَغِيرا
(1/67)
أَو كَبِيرا، ذكرا أَو أُنْثَى لَا تيَمّمه
لتعذر غسل، وغاسل الْمَيِّت من يقلبه ويباشره وَلَو مرّة لَا من يصب المَاء
وَنَحْوه وَالنَّوْع الْخَامِس أكل لحم إبل نيا وَغير ني تعبدا، فَلَا يعقل
مَعْنَاهُ فَلَا يتَعَدَّى إِلَى غَيره سَوَاء علمه أَو جَهله، وَسَوَاء
أكله عَالما بِالْحَدِيثِ الْوَارِد فِي ذَلِك أَو لَا، فَلَا نقض بتناول
بَقِيَّة أَجْزَائِهَا كشرب لَبنهَا ومرق لَحمهَا وَأكل كَبِدهَا وطحالها
وسنامها وجلدها وكرشها وشحمها وقلبها وكليتها وكراعها ومصرانها وَنَحْوه
لِأَن النَّص لم يتَنَاوَلهُ، قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: لِأَن
الْأَخْبَار الصَّحِيحَة إِنَّمَا وَردت فِي اللَّحْم وَالْحكم فِيهِ غير
مَعْقُول الْمَعْنى فاقتصر فِيهِ على مورد النَّص. انْتهى. وَلَا نقض
بِإِزَالَة شعر وَنَحْوه. وَالنَّوْع السَّادِس الرِّدَّة عَن الْإِسْلَام
أعاذني الله وَالْمُسْلِمين مِنْهَا، لقَوْله تَعَالَى 19 ( {لَئِن أشركت
ليحطن عَمَلك} ) وَقَوله: (الطّهُور شطر الْإِيمَان) وَالرِّدَّة تبطل
الْإِيمَان، فَوَجَبَ أَن تبطل مَا هُوَ شطره وكل مَا أوجب غسلا كالتقاء
الختانين وانتقال الْمَنِيّ وَإِسْلَام الْكَافِر وَنَحْوه، فَإِنَّهُ
يُوجب الْوضُوء غير الْمَوْت فَإِنَّهُ يُوجب الْغسْل لَا الْوضُوء بل يسن.
وَالنَّوْع السَّابِع من مس فرج آدَمِيّ أُصَلِّي دون سَائِر
الْحَيَوَانَات، تَعَمّده أَو لَا، صَغِير كَانَ أَو كَبِير، ذكر أَو
أُنْثَى مُتَّصِل فَلَا ينْقض مس مُنْفَصِل لذهاب حرمته بِقطعِهِ، وَلَا مس
قلفه بِضَم الْقَاف وَسُكُون اللَّام، وَقد
(1/68)
تحرّك، وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تقطع فِي
الْخِتَان، وَلَا مس فرج امْرَأَة بائنين أَي القلفة وَفرج الْمَرْأَة
لذهاب حرمتهَا لَو بانا. وينقض مس حَلقَة دبره أَي الأدمِيّ، وَلَا فرق
بَين نَفسه وَغَيره، وَلَو كَانَ الملموس مَيتا أَو قبلي خُنْثَى مُشكل،
لِأَن أَحدهمَا أُصَلِّي قطعا بيد مُتَعَلق بلمس. وَلَو زَائِدَة، فَلَا
ينْقض الْمس بغَيْرهَا وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين بطن الْكَفّ وظهرها وحرفها
لِأَنَّهُ جُزْء مِنْهَا أشبه بَطنهَا. وَالنَّوْع الثَّامِن لمس ذكر أَو
لمس أُنْثَى الآخر أَي لمس ذكر أُنْثَى، أولمس أُنْثَى ذكرا لشَهْوَة
لقَوْله تَعَالَى 19 ( {أَو لامستم النِّسَاء} ) .
تَنْبِيه قَوْله: لشَهْوَة. هِيَ عبارَة الْمقنع وَغَيره. وَعبارَة
الْوَجِيز: بِشَهْوَة. قَالَ فِي الْمُبْدع: وَهِي أحسن لِأَن الْبَاء تدل
على المصاحبة والمقارنة. انْتهى.
بِلَا حَائِل فيهمَا أَي فِي لمس الذّكر الْأُنْثَى أَو الْأُنْثَى الذّكر
وَلَا ينْقض لمس لشعر وَسن وظفر وَلَا بهَا أَي وَلَا ينْقض لمس بِشعر وَسن
وظفر وَلِأَنَّهُ فِي حكم الْمُنْفَصِل. وَلَا لمس أَمْرَد وَلَو لشَهْوَة
لعدم تنَاول الْآيَة لَهُ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمحل للشهوة شرعا. قَالَ
فِي الْقَامُوس: والأمرد الشَّاب طر شَاربه وَلم تنْبت لحيته. انْتهى.
وَلَا ينْقض لمس خُنْثَى
(1/69)
مُشكل من رجل أَو امْرَأَة وَلَو لشَهْوَة،
وَلَا بلمسه رجلا أَو امْرَأَة وَلَو لشَهْوَة، لِأَنَّهُ مُتَيَقن
الطَّهَارَة شَاك فِي الْحَدث. وَلَا لمس الرجل الرجل وَلَا الْمَرْأَة
الْمَرْأَة وَلَو لشَهْوَة وَلَا ينْقض لمس من دون سبع سِنِين من طِفْل أَو
طفلة وَلَو لشَهْوَة وَلَا ينْتَقض وضوء ملموس بدنه أَو فرجه مُطلقًا أَي
سَوَاء وجد شَهْوَة أَو لَا، وَسَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى وَمن شكّ أَي
تردد، قَالَ فِي الْقَامُوس: الشَّك خلاف الْيَقِين، فِي طَهَارَة بعد
تَيَقّن حدث أَو شكّ فِي حدث بعد تَيَقّن طَهَارَة، وَلَو فِي غير صَلَاة
بنى على يقينه وَهُوَ الْحَدث فِي الأولى وَالطَّهَارَة فِي الثَّانِيَة.
قَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَلَا وضوء على سامعي صَوت أَو شَامي ريح من
أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه. قَالَ فِي شَرحه: لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لم
يتحققه مِنْهُ فَهُوَ مُتَيَقن الطَّهَارَة شَاك فِي الْحَدث. فيتفرع على
هَذَا أَنه لَا يأتم أَحدهمَا بِالْآخرِ فَإِن ائتم بِهِ أَو صافه وَحده
أعَاد، وَإِن أَرَادَ ذَلِك تَوَضَّأ.
وَحرم على مُحدث حَدثا أَصْغَر أَو أكبر مس مصحف أَو بعضه وَلَو من صَغِير
حَتَّى جلده وحواشيه وَغَيرهَا بِلَا حَائِل لَا حمله بعلاقته وَحرم
عَلَيْهِ أَيْضا صَلَاة لحَدِيث (لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور وَلَا
صَدَقَة من غلُول) سَوَاء كَانَت الصَّلَاة فرضا أَو نفلا أَو سَجْدَة
تِلَاوَة أَو شكر أَو صَلَاة جَنَازَة. وَلَا يكفر من صلى مُحدثا وَلَو
عَالما خلافًا لأبي حنيفَة. وَحرم عَلَيْهِ أَيْضا طواف فرضا كَانَ أَو
نفلا وَحرم على
(1/70)
جنب وَنَحْوه كالحائض وَالنُّفَسَاء ذَلِك
أَي مَا تقدم من مس مصحف وَصَلَاة وَطواف، وَحرم عَلَيْهِ أَيْضا قِرَاءَة
آيَة قُرْآن فَأكْثر لَا بعض آيَة وَلَو كَرَّرَه مَا لم يتحيل على
قِرَاءَة تحرم عَلَيْهِ، وَله تهجيه وتحريك شَفَتَيْه بِهِ إِن لم يبين
الْحُرُوف وَقَول مَا وَافق قُرْآنًا وَلم يَقْصِدهُ كالبسملة، وَقَول
الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَآيَة الاسترجاع، وَآيَة الرّكُوب، وَحرم على
جنب وَنَحْوه أَيْضا لبث فِي مَسْجِد وَلَو مصلى عيد لَا جَنَازَة بِغَيْر
وضوء، وَيجوز لجنب وحائض ونفساء انْقَطع دَمهَا دُخُول مَسْجِد وَلَو بِلَا
حَاجَة. ولبث فِيهِ بِوضُوء، فَإِن تعذر واحتيج للبث فِيهِ جَازَ بِلَا
تيَمّم، وَيتَيَمَّم للبث لغسل فِيهِ، وَلَا يكره غسل وَلَا وضوء فِي
الْمَسْجِد مَا لم يؤذ بهما، وَتكره إِرَاقَة مَائِهَا فِيهِ وَبِمَا يداس.
ومصلى الْعِيد لَا الْجِنَازَة مَسْجِد وَيكرهُ اتِّخَاذ الْمَسْجِد
طَرِيقا. وَيحرم بصنعة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يبن لذَلِك، وَإِن عمل لنَفسِهِ
نَحْو خياطَة لَا لتكسب فَاخْتَارَ الْمُوفق وَغَيره الْجَوَاز. وَقَالَ
ابْن الْبناء: لَا يجوز. وَيمْنَع مَجْنُون وسكران من دُخُول مَسْجِد
لقَوْله تَعَالَى 19 ((لَا تقربواالصلاة وَأَنْتُم سكارى)) وَالْمَجْنُون
أولى مِنْهُ.
(1/71)
فصل يذكر فِيهِ شُرُوط الْغسْل وموجباته
وَمَا يسن الْغسْل. فَأَما شُرُوطه فسبعة، وَهِي شُرُوط الْوضُوء
الْمُتَقَدّمَة فِي فروض الْوضُوء، مَا عدا الِاسْتِنْجَاء فَإِنَّهُ شَرط
فِي الْوضُوء لَا فِي الْغسْل. وَأما موجباته فَهِيَ مَا ذكرهَا المُصَنّف
بقوله: مُوجبَات الْغسْل مُبْتَدأ بِضَم الْغَيْن الِاغْتِسَال وَالْمَاء
الَّذِي يغْتَسل بِهِ، وبالفتح مصدر غسل، بِالْكَسْرِ مَا يغسل بِهِ
الرَّأْس من خطمى وَغَيره وَشرعا اسْتِعْمَال مَاء لطهور فِي جَمِيع بدنه
على وَجه مَخْصُوص سَبْعَة خبر: أَحدهَا خُرُوج الْمَنِيّ وَهُوَ المَاء
الْأَبْيَض الغليظ، وَقد يخرج أَحْمَر لقُصُور الشَّهْوَة عَنهُ، ومني
الْمَرْأَة أصفر رَقِيق، وَلَو من مَجْنُون أَو نَائِم مغمى عَلَيْهِ
وَنَحْوه، بِشَرْط خُرُوجه من مخرجه فَإِن خرج من غير مخرجه بِأَن
انْكَسَرَ صلبه فَخرج مِنْهُ لم يجب، وَأَن يكون بلذة من غير نَائِم
) وَنَحْوه وَلَو كَانَ الْمَنِيّ دَمًا، فَإِن خرج بِلَا لَذَّة لم يجب،
وَإِن خرج من نَحْو نَائِم وَجب، أحسوا بِهِ أَو لَا، وَلَا يجب بحلم بِلَا
بَلل. والمني نجس إِذا خرج من غير مخرجه أَو من يقظان بِلَا لَذَّة.
(1/72)
وَالثَّانِي انْتِقَاله أَي الْمَنِيّ،
فَلَو أحس بانتقاله فحبسه فَلم يخرج وَجب الْغسْل كخروجه. وَيثبت بِهِ حكم
بُلُوغ وَفطر وَغَيرهمَا. وَكَذَا انْتِقَال حيض، قَالَ الشَّيْخ 16
(تَقِيّ الدّين) : فَإِن خرج الْمَنِيّ بعد الْغسْل من انْتِقَاله أَو بعد
غسله من جماع لم ينزل فِيهِ أَو خرجت بَقِيَّة مني اغْتسل لَهُ بِغَيْر
شَهْوَة لم يجب الْغسْل.
تَنْبِيه مَحل وجوب الْغسْل بِخُرُوج الْمَنِيّ إِذا يصر سلسا قَالَه
القَاضِي وَغَيره، فَيجب الْوضُوء فَقَط.
وَالثَّالِث تغييب حَشَفَة أَصْلِيَّة أَو قدرهَا إِن فقدت وَلَو من نَائِم
أَو مَجْنُون أَو مغمى عَلَيْهِ وَنَحْوه فِي فرج أصلى فَلَا يجب غسل
بإيلاج فِي غير أُصَلِّي، أَو بِغَيْر أُصَلِّي كإيلاج رجل ذكره فِي قبل
الْخُنْثَى الْمُشكل أَو المتضح الذُّكُورَة، أَو إيلاج الْخُنْثَى ذكره
فِي قبل أَو دبر بِلَا إِنْزَال لعدم تغيب الْحَشَفَة بِيَقِين. وَلَو وطئ
كل وَاحِد من الخنثيين الآخر بِالذكر فِي الْقبل أَو الدبر فَلَا غسل
عَلَيْهِمَا. وَإِن تواطأ رجل وَخُنْثَى فِي دبريهما فعلَيْهِمَا الْغسْل،
لِأَن دبر الْخُنْثَى أُصَلِّي قطعا وَقد وجد تغييب حَشَفَة رجل فِيهِ.
وَالْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بتغييب الْحَشَفَة كالأحكام الْمُتَعَلّقَة
بِالْوَطْءِ الْكَامِل، وَجَمعهَا بَعضهم فبلغت أَرْبَعمِائَة إِلَّا
ثَمَانِيَة أَحْكَام ذكره ابْن الْقيم فِي تحفة المودود فِي أَحْكَام
الْمَوْلُود. أَو تغييب حَشَفَة فِي دبر وَلَو لبهيمة أَو سَمَكَة أَو طير
أَو ميت بِلَا حَائِل فَإِن كَانَ بِحَائِل مثل إِن لف على ذكره خرقَة أَو
أدخلهُ فِي كيس وَلم ينزل لم يجب الْغسْل، وَإِن استدخلتها أَي الْحَشَفَة
من ميت أَو بَهِيمَة
(1/73)
وَجب عَلَيْهَا دون الْمَيِّت فَلَا يُعَاد
غسله، ويعاد غسل الْميتَة الْمَوْطُوءَة. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِير:
وَمن وطئ بعد غسله أعيدغسله فِي أحد الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ فِي
الرِّعَايَة الْكُبْرَى. وَلَو قَالَت امْرَأَة: بِي جني يجامعني كَالرّجلِ
فعلَيْهَا الْغسْل وَالرَّابِع إِسْلَام كَافِر وَلَو مُرْتَدا أَو
مُمَيّزا سَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى، وجد مِنْهُ فِي كفره
مَا يُوجب الْغسْل أَو لَا، وَسَوَاء اغْتسل قبل إِسْلَامه أَو لَا. قَالَ
فِي الْإِقْنَاع: وَلَا يلْزمه غسل بِسَبَب حدث وجد مِنْهُ فِي كفره بل
يَكْفِيهِ غسل الْإِسْلَام. وَوقت وُجُوبه على الْمُمَيز الْكَافِر كوقت
وُجُوبه على الْمُمَيز الْمُسلم. انْتهى. قَالَ الخلوتي فِي حَاشِيَته على
الْمُنْتَهى: هَذَا فِيهِ نوع من المشاكلة لِأَن المُرَاد من الأول
الْمُمَيز حَقِيقَة وَمن الثَّانِي ابْن عشر وَبنت تسع، وَمِنْه تعلم أَن
الحكم مُخْتَلف بَين الْمُسلم الْأَصْلِيّ وَبَين الْكَافِر إِذا أسلم، من
أَن الأول لَا يلْزمه الْغسْل لموجباته إِذا أَرَادَ مَا يتَوَقَّف على
ذَلِك إِلَّا إِذا كَانَ ابْن عشر أَو بنت تسع لَا إِذا كَانَ ابْن عشر أَو
بنت تسع لَا إِذا كَانَ دون ذَلِك، وَأما الْكَافِر فَإِنَّهُ يلْزمه إِذا
أَرَادَ مَا يتَوَقَّف على الْغسْل لَو لم يبلغ عشرا أَو تبلغ تسعا حَيْثُ
كَانَا مميزين، وَالْفرق وَاضح، إِنَّمَا قيدنَا بذلك فِي جَانب الْمُسلم
إِذا جَامع لِأَنَّهُ مَظَنَّة الْبلُوغ، وَغير الْمُسلم إِذا أسلم
فَإِنَّمَا أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الْغسْل لِلْإِسْلَامِ
(1/74)
وَلَو لم يُوجد مِنْهُ فِي كفره مَا
يُوجِبهُ، حَيْثُ كَانَ الْغسْل لنَفس الْإِسْلَام فَلَا فرق فِيهِ بَين من
كَانَ فِي سنّ التَّمْيِيز أَو فَوْقه. انْتهى. وَالْخَامِس موت تعبدا، غير
شَهِيد معركة ومقتول ظلما فَلَا يغسلان. وَيَأْتِي حكمهمَا فِي الْجَنَائِز
موضحا. وَالسَّادِس حيض أَي خُرُوج دَمه، فَإِن كَانَ عَلَيْهَا جَنَابَة
فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل لَهَا حَتَّى يَنْقَطِع حَيْضهَا نصا،
فَإِن اغْتَسَلت للجنابة فِي زمن محيضها صَحَّ بل يسْتَحبّ تَخْفِيفًا
للْحَدَث وَيَزُول حكمهَا، وانقطاعه شَرط لصِحَّة الْغسْل. وَالسَّابِع
نِفَاس وَهُوَ الدَّم الْخَارِج بِسَبَب الْولادَة فَلَا يجب غسل
بِوِلَادَة عرت عَنهُ، فَلَا يبطل الصَّوْم وَلَا يحرم الْوَطْء بهَا قبل
الْغسْل. وَلَا يجب غسل أَيْضا بإلقاء علقَة أَو مُضْغَة لَا تخطيط فِيهَا،
لِأَن ذَلِك لَيْسَ ولادَة. وَالْولد طَاهِر وَمَعَ الدَّم يجب غسله
كَسَائِر الْأَشْيَاء المتنجسة.
وَأما سنَن الْغسْل فَهِيَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَسن الْغسْل فِي
سِتَّة عشر موضعا: أَحدهَا وَهُوَ آكدها الْغسْل لصَلَاة جُمُعَة لذكر
حضرها فِي يَوْمهَا وَلَو لم تجب عَلَيْهِ إِن صلى، وَعند مُضِيّ وَعَن
جماع أفضل. ثمَّ يَلِيهِ فِي الآكدية لغسل ميت كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا،
ذكرا أَو أُنْثَى، حرا أَو رَقِيقا، أَو كَافِر وَظَاهره وَلَو فِي ثوب،
وَهَذَا الْموضع الثَّانِي. وَالثَّالِث الْغسْل لصَلَاة عيد فِي يَوْمهَا
لحاضرها إِن صلى وَلَو وَحده.
(1/75)
وَالرَّابِع الْغسْل لصَلَاة كسوف.
وَالْخَامِس لصَلَاة استسقاء. وَالسَّادِس لإِقَامَة من جُنُون.
وَالسَّابِع لإفاقة من إِغْمَاء لَا احْتِلَام فيهمَا أَي الْجُنُون
وَالْإِغْمَاء، وَمَعَهُ يجب. وَالثَّامِن الْغسْل لاستحاضة لكل صَلَاة.
وَالتَّاسِع لاحرام بِحَجّ أَو عمْرَة أَو بهما حَتَّى حَائِض أَو نفسَاء.
والعاشر لدُخُول مَكَّة. وَالْحَادِي عشر لدُخُول حرمهَا نصا. وَالثَّانِي
عشر لوقوف بِعَرَفَة. وَالثَّالِث عشر لطواف زِيَارَة. وَالرَّابِع عشر
لطواف وداع. والخاس عشر لمبيت بِمُزْدَلِفَة. وَالسَّادِس عشر لرمي جمار،
قَالَ فِي شرح الدَّلِيل: ظَاهره فِي كل يَوْم وَلم أر من تعرض لذَلِك،
وَإِنَّمَا يُؤْخَذ من التَّعْلِيل فَإِنَّهُم قَالُوا: لِأَن هَذِه أنساك
يجْتَمع لَهَا النَّاس ويزدحمون فيعرقون فيؤذي بَعضهم بَعْضًا فاستحب
كَالْجُمُعَةِ. وَفِي منسك ابْن الزغواني: ولسعي. قَالَ فِي الْمُبْدع:
وَنَصّ الإِمَام أَحْمد، ولزيارة قبر النَّبِي، وَلكُل اجْتِمَاع مُسْتَحبّ
وَلَا يسْتَحبّ لدُخُول طيبَة وَلَا للحجامة. انْتهى. وَتيَمّم للْكُلّ
لحَاجَة وَلما يسن لَهُ الْوضُوء لعذر.
(1/76)
تَنْبِيه قَالَ فِي الْإِنْصَاف: وَقت
الْغسْل للاستسقاء عِنْد إِرَادَة الْخُرُوج إِلَى الصَّلَاة، وللكسوف
عِنْد وُقُوعه، وَفِي الْحَج عِنْد إِرَادَة النّسك الَّذِي يُرِيد أَن
يَفْعَله قَرِيبا. انْتهى. وتنقض الْمَرْأَة شعرهَا لحيض ونفاس وجوبا،
وَلَا يجب نقضه لجنابة إِذا رَوَت أُصُوله. ويرتفع حدث قبل زَوَال الحكم
خبث، وَتقدم أول الْفَصْل. وَتسن مُوالَاة فِي غسل، فَإِن فَاتَت جدد
لإتمامه نِيَّة لانْقِطَاع النِّيَّة بِفَوَات الْمُوَالَاة. وَعلم من
قَوْلهم: جدد لإتمامه نِيَّة أَنه لَا يجدد تَسْمِيَة، وَلَعَلَّه كَذَلِك،
وَالْفرق أَن النِّيَّة شَرط فَيعْتَبر اسْتِمْرَار حكمهَا إِلَى آخر
الْعِبَادَة بِخِلَاف التَّسْمِيَة. قَالَ البهوتي فِي حَاشِيَة
الْمُنْتَهى: يجب غسل دَاخل فَم وأنف وحشفة أقلف إِن أمكن تشميرها وَحَتَّى
مَا يظْهر من فرج امْرَأَة عِنْد قعودها لحاجتها، وَلَا يجب غسل دَاخل عين
بل وَلَا يسْتَحبّ وَلَو أَمن الضَّرَر. وَسن توضؤ بِمد وَهُوَ رَطْل وَثلث
عراقي وَمَا وَافقه. وَثَلَاث أَوَاقٍ وَثَلَاثَة أَسْبَاع أُوقِيَّة
بِوَزْن دمشق وَمَا وَافقه، وأوقيتان وَسِتَّة أَسْبَاع أُوقِيَّة بالحلبي
وَمَا وَافقه. وَسن اغتسال بِصَاع وَهُوَ خَمْسَة أَرْطَال وَثلث عراقية،
ورطل وأوقية وَخَمْسَة أَسْبَاع أُوقِيَّة دمشقية، وَأحد عشر أُوقِيَّة
وَثَلَاثَة أَسْبَاع أُوقِيَّة حلبية، وتسع أَوَاقٍ وَسبع أُوقِيَّة بعلية.
فَإِن أَسْبغ دونهَا أَجزَأَهُ وَلم يكره، والإسباغ تَعْمِيم الْعُضْو
بِالْمَاءِ بِحَيْثُ يجْرِي عَلَيْهِ
(1/77)
وَلَا يكون مسحا. قَالَه فِي الْإِقْنَاع.
وَكره إِسْرَاف فِي وضوء وَغسل، وَلَو على نهر جَار وغسله عُرْيَان إِن لم
يرَاهُ أحد وَإِلَّا حرم، قَالَ الْحسن وَالْحُسَيْن وَقد دخلا المَاء
وَعَلَيْهِمَا بردَان: إِن للْمَاء سكانا. وَفِي الْإِقْنَاع: فَإِن ستره
إِنْسَان بِثَوْب أَو اغْتسل عُريَانا خَالِيا فَلَا بَأْس والستر أفضل.
انْتهى. وَبِنَاء الْحمام وَبيعه وشراؤه وإجارته وَكَسبه وَكسب البلان
والمزين مَكْرُوه، قَالَ الإِمَام أَحْمد فِي الَّذِي يَبْنِي الْحمام
للنِّسَاء: لَيْسَ بِعدْل. وَيُبَاح للرجل دُخُوله بِشَرْط أَن يَأْمَن
الْوُقُوع فِي الْمحرم، وَأَن يسلم من النّظر إِلَى عورات النَّاس ومسها
وَمن نظرهم إِلَى عَوْرَته ومسها. وللمرأة دُخُوله بِالشُّرُوطِ
الْمَذْكُورَة، وبوجود عذر من نَحْو حيض أَو نِفَاس وَلَا يُمكنهَا
الإغتسال فِي بَيتهَا وَإِلَّا حرم نصا و (هَذِه الْكَلِمَة غير مَوْجُودَة
فِي الْكتاب فِي هَذِه الْفَقْرَة: (الأولى) أَن يغسل إبطَيْهِ وقدميه
عِنْد الدُّخُول بِمَاء بَارِد، وَيلْزم الْحَائِط ويقلل الإلتفات ويقصد
موضعا خَالِيا وَلَا يُطِيل الْمقَام إِلَّا بِقدر الْحَاجة، وَيغسل
قَدَمَيْهِ عِنْد خُرُوجه بِمَاء بَارِد، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعب.
فَإِنَّهُ يذهب الصداع. انْتهى. وَلَا يكره دُخُوله قرب الْغُرُوب وَلَا
بَين العشاءين، وَتكره الْقِرَاءَة فِيهِ، (سقط: وَكَذَا السَّلَام) لَا
الذّكر.
(1/78)
وَإِن نوى بِالْغسْلِ رفع الحدثين
الْأَكْبَر والأصغر أَو نوى رفع الْحَدث وَأطلق فَلَا يُقَيِّدهُ بالأكبر
وَلَا الْأَصْغَر، أَو نوى أمرا لَا يُبَاح إِلَّا بِوضُوء وَغسل كَصَلَاة
وَنَحْوهَا ارتفعا أَي الْحدثَان. وَسن لجنب وَلَو أُنْثَى وكل من وَجب
عَلَيْهِ غسل كحائض ونفساء انْقَطع دمهما غسل فرجه وَسن الْوضُوء أَيْضا
مَعَ غسل فرجه لأكل وَشرب ونوم وَسن لجنب الْوضُوء لمعاودة وَطْء وَالْغسْل
لَهَا لمعاودة الْوَطْء أفضل لِأَنَّهُ أزكى وَأطيب وأطهر وَكره نوم جنب
فَقَط أَي دون أكل وَنَحْوه بِلَا وضوء لظَاهِر الحَدِيث.
(1/79)
3 - (فصل)
فِي التَّيَمُّم وشروطه وفروضه ومبطلاته، وَهُوَ لُغَة الْقَصْد، وَشرعا
اسْتِعْمَال تُرَاب مَخْصُوص بمسح وَجه ويدين على وَجه مَخْصُوص يدل على
طَهَارَة المَاء. وَهُوَ عَزِيمَة، وَتقدم تَعْرِيفهَا فِي مسح
الْخُفَّيْنِ. يجوز بسفر الْمعْصِيَة وَلَا يجوز تَركه. قَالَ القَاضِي:
لَو خرج إِلَى ضَيْعَة لَهُ تقَارب الْبُنيان والمنازل وَلَو بِخَمْسِينَ
خطْوَة جَازَ لَهُ التَّيَمُّم وَالصَّلَاة على الرَّاحِلَة وَأكل الْميتَة
للْمُضْطَر. انْتهى. يَصح التَّيَمُّم بِشُرُوط ثَمَانِيَة: النِّيَّة،
وَالْإِسْلَام، وَالْعقل، والتمييز، والاستجمار المستوفيين للشروط،
وَالسَّادِس مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِتُرَاب فَلَا يَصح بنورة وَرمل
وَنَحْوهمَا طهُور فَلَا يَصح بِمَا تناثر من أَعْضَاء التَّيَمُّم مُبَاح
فَلَا يَصح بمغصوب، كَالْوضُوءِ بِهِ غير محترق فَلَا يَصح بِمَا دق من
نَحْو خزف لَهُ غُبَار يعلق بِالْيَدِ فَإِن خالطه ذُو غُبَار غَيره فكماء
خالطه طَاهِر، وَالسَّابِع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله إِذا عدم المَاء
مُتَعَلق ب (يَصح) ، سَوَاء كَانَ
(1/80)
الْعَدَم لحبس المَاء عَنهُ أَو حَبسه عَن
المَاء أَو غَيره أَي الْحَبْس كَقطع عَدو مَاء بَلَده أَو عَجزه عَن
تنَاوله من بِئْر وَلَو بِفَم لفقد آلَة. أَو خيف بإستعماله أَي المَاء أَو
طلبه ضَرَر ببدن كجرح وَبرد شَدِيد وفوت رفْقَة وعطش نَفسه أَو غَيره من
آدَمِيّ أَو بَهِيمَة محترمين أَو احْتَاجَ لعجن أَو طبخ، أَو لعدم بذله
إِلَّا بِزِيَادَة كَثِيرَة عَادَة على ثمن مثله فِي مَكَانَهُ. وَلَا
إِعَادَة فِي الْكل أَو خيف بِاسْتِعْمَالِهِ أَو طلبه ضَرَر بِمَال أَو
غَيرهمَا أَي الْبدن وَالْمَال كَوَلَد، وَيفْعل التَّيَمُّم عَن كل مَا
يفعل بِالْمَاءِ من طَهَارَة عَن حدث أكبر أَو أَصْغَر أَو طواف أَو
إِزَالَة نَجَاسَة عَن بدن بعد تخفيفها مَا أمكن من مسح رطبَة وحك يابسة،
وَلَا فرق بَين كَون النَّجَاسَة على مَحل صَحِيح أَو جريح، فَإِن تيَمّم
لَهَا قبل تخفيفها لم يَصح سوى نَجَاسَة على غير بدن كعلى ثوب أَو بقْعَة
فَلَا يَصح التَّيَمُّم عَنْهَا. وَالثَّامِن مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله
إِذا دخل وَقت فرض وأبيح غَيره أَي الْفَرْض وَلَو منذورا معِين، فَلَا
يَصح التَّيَمُّم لحاضرة وَعِيد مَا لم يدْخل وقتهما، وَلَا لفائتة إِلَّا
إِذا ذكرهَا وَأَرَادَ فعلهَا، وَلَا كسوف قبل وجوده، وَلَا لاستسقاء مَا
لم يجتمعوا. وَلَا لجنازة إِلَّا إِذا غسل الْمَيِّت أَو يم لعذر، وَلَا
لنفل وَقت نهى. وَإِن وجد من لزمَه طَهَارَة حَتَّى الْمُحدث حَدثا أَصْغَر
مَاء لَا يَكْفِي طَهَارَته اسْتَعْملهُ أَولا وجوباثم تيَمّم لحَدِيث
(إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم) فَإِن تيَمّم قبل
اسْتِعْمَاله لم يَصح
(1/81)
وَيلْزم من جرح بِبَعْض أَعْضَاء وضوئِهِ
إِذا تَوَضَّأ تَرْتِيب فِي الطَّهَارَة الصُّغْرَى وَيَأْتِي فِي
الْفُرُوض، فيتفرع على هَذَا أَنه يتَيَمَّم للجروح عِنْد غسله لَو كَانَ
صَحِيحا، فَلَو كَانَ الْجرْح فِي الْوَجْه بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ غسل شَيْء
مِنْهُ تيَمّم أَولا ثمَّ أتم الْوضُوء، وَإِن كَانَ فِي بعض وَجهه خير
بَين غسل الصَّحِيح مِنْهُ ثمَّ يتَيَمَّم للجريح مِنْهُ وَبَين
التَّيَمُّم ثمَّ يغسل صَحِيح وَجهه، ويتمم الْوضُوء. وَإِن كَانَ فِي
عُضْو آخر لزمَه غسل مَا قبله ثمَّ كَانَ فِيهِ على مَا ذكرنَا فِي
الْوَجْه. وَإِن كَانَ وَجهه وَيَديه وَرجلَيْهِ احْتَاجَ فِي كل عُضْو
إِلَى تيَمّم فِي مَحل غسله ليحصل التَّرْتِيب. وَلَو غسل صَحِيح وَجهه
ثمَّ تيَمّم لَهُ وليديه تيمما وَاحِدًا لم يُجزئهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي
إِلَى سُقُوط الْفَرْض عَن جُزْء من الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَة
وَاحِدَة. فَإِن قيل: هَذَا يبطل بِالتَّيَمُّمِ عَن جملَة الطَّهَارَة
حَيْثُ يسْقط الْفَرْض عَن جَمِيع الْأَعْضَاء جملَة وَاحِدَة، قُلْنَا:
إِذا كَانَ عَن جملَة الطَّهَارَة فَالْحكم لَهُ دونهَا وَإِذا كَانَ عَن
بَعْضهَا نَاب عَن ذَلِك الْبَعْض فَاعْتبر لَهُ مَا يعْتَبر فِيمَا يَنُوب
عَنهُ من التَّرْتِيب. قَالَه فِي الشَّرْح. إِن لم يُمكن مَسحه أَي
الْجرْح بِالْمَاءِ مُتَعَلق بِتَيَمُّم. وَإِن أمكن مَسحه وَجب وأجزأ،
لِأَن الْغسْل مَأْمُور بِهِ وَالْمسح بعضه فَوَجَبَ، كمن عجز عَن
الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقدر على الْإِيمَاء وَيغسل الصَّحِيح وَيلْزم من
جرحه بِبَعْض أَعْضَاء وضوئِهِ إِذا تَوَضَّأ مُوالَاة فِي الطَّهَارَة
الصُّغْرَى فَيلْزمهُ غسل الصَّحِيح عِنْد كل تيَمّم وَطلب المَاء فِي حق
من لَزِمته الطَّهَارَة فِي رَحْله وَمَا قرب مِنْهُ عَادَة
(1/82)
وَمن رَفِيقه شَرط مَا لم يتَحَقَّق عَدمه،
وَلَا تيَمّم لخوف فَوت جَنَازَة وَلَا وَقت فرض إِلَّا فِيمَا إِذا علم
الْمُسَافِر المَاء قَرِيبا عرفا، أَو دله عَلَيْهِ ثِقَة قَرِيبا وَخَافَ
بِقَصْدِهِ فَوت الْوَقْت وَلَو للاختيار، أَو فَوت رفقته أَو مَال، أَو
عدوا على نَفسه، وَفِيمَا إِذا وصل الْمُسَافِر إِلَى المَاء وَقد ضَاقَ
الْوَقْت أَو علم أَن النّوبَة لَا تصل إِلَيْهِ إِلَّا بعد خُرُوجه. وَمن
ترك مَالا يلْزمه قبُوله أَو تَحْصِيله من مَاء وَغَيره وَتيَمّم وَصلى
أعَاد. وَيلْزمهُ شِرَاء مَاء وحبل ودلو بِثمن مثلهَا أَو زَائِد يَسِيرا
فَاضل عَن حَاجته، واستعارتها وقبولها عَارِية وَقبُول مَاء فرضا وَهبة،
وَقبُول ثمنه فرضا إِذا كَانَ لَهُ وَفَاء. وَإِن قدر على مَاء بِئْر
بِثَوْب يبله ثمَّ يعصره لزمَه إِن لم تنقص قيمَة الثَّوْب أَكثر من ثمن
المَاء فَإِن نسى أَو جهل قدرته عَلَيْهِ أَي المَاء وَتيَمّم وَصلى أعَاد
مَا صلاه، لِأَن الطَّهَارَة تجب مَعَ الْعلم وَالذكر فَلَا تسْقط
بِالنِّسْيَانِ وَالْجهل كمصل نَاسِيا حَدثهُ أَو عُريَانا نَاسِيا للسترة
ومكفر بِصَوْم نَاسِيا للرقبة. وواجب التَّيَمُّم التَّسْمِيَة وَتسقط
سَهوا وجهلا، وَتَقَدَّمت فِي الْوضُوء. وفروضه أَي التَّيَمُّم أَرْبَعَة
أَشْيَاء أَشَارَ إِلَى الأولى بقوله مسح وَجهه وَمِنْه اللِّحْيَة سوى مَا
تَحت شعر وَلَو خَفِيفا، وَسوى دَاخل فَم وأنف فَيكْرَه إِدْخَال التُّرَاب
فيهمَا لتقديرهما. وَالثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَمسح يَدَيْهِ
إِلَى كوعيه لقَوْله تَعَالَى 19 ( {وَأَيْدِيكُمْ} ) . وَإِذا علق حكم
بِمُطلق الْيَد لم يدْخل فِيهِ ذِرَاع كَقطع السَّارِق وَمَسّ الْفرج.
وَلَو أَمر الْمحل الْمَمْسُوح على التُّرَاب
(1/83)
أَو صمده لريح فعمه وَمسح بِهِ صَحَّ، لَا
إِن سفته الرّيح من غير تعمد فَمسح بِهِ. وَالثَّالِث مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
بقوله وَفِي حدث أَصْغَر تَرْتِيب. وَالرَّابِع مُوالَاة فِيهِ أَيْضا
وَتقدم حكمهَا. وَنِيَّة الاستباحة شَرط لما يتَيَمَّم لَهُ من حدث أكبر
أَو أَصْغَر أَو نَجَاسَة ببدن فَلَا تَكْفِي نِيَّة أَحدهمَا عَن الآخر،
وَإِن نَوَاهَا كلهَا أَجْزَأَ عَن الْجَمِيع، أَو نوى أحد أَسبَاب
أَحدهمَا بِأَن بَال وتغوط وَخرج مِنْهُ ريح، وَنوى وَاحِدًا مِنْهَا
وَتيَمّم أَجزَأَهُ عَن الْجَمِيع وَلَا يصلى بِهِ أَي التَّيَمُّم فرضا
إِن نوى نفلا أَو أطلق.
فأعلاه فرض عين فَنَذر فكفاية فنافلة فطواف نفل فمس مصحف فقراءة فَلبث،
حَائِض لوطء وَيبْطل التَّيَمُّم بِخَمْسَة أَشْيَاء الأولى مَا أَشَارَ
إِلَيْهِ بقوله بِخُرُوج الْوَقْت.
وَالثَّانِي لزوَال الْمُبِيح لَهُ كَمَا لَو تيَمّم لمَرض فَعُوفِيَ، أَو
لبرد فَزَالَ. وَالثَّالِث بخلع مَا يمسح كخف وعمامة وجبيرة لبس على
طَهَارَة مَاء إِن تيَمّم بعد حَدثهُ وَهُوَ عَلَيْهِ، سَوَاء مَسحه قبل
ذَلِك أَو لَا لقِيَام تيَمّمه مقَام وضوئِهِ وَهُوَ يبطل بخلع ذَلِك
فَكَذَا مَا قَامَ مقَامه، التَّيَمُّم وَإِن اخْتصَّ بعضوين صُورَة فَهُوَ
مُتَعَلق بالأربعة حكما.
(1/84)
وَالرَّابِع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله
ومبطلات الْوضُوء أَي بِأحد النواقض الثَّمَانِية. وَالْخَامِس مَا أَشَارَ
إِلَيْهِ بقوله وبوجود مَاء إِن تيَمّم لفقده إِذا قدر على اسْتِعْمَاله
بِلَا ضَرَر على مَا تقدم، لِأَن مَفْهُوم قَوْله (الصَّعِيد الطّيب وضوء
الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين، فَإِذا وجدته فأمسه جِلْدك) يدل
على أَنه لَيْسَ بِوضُوء عِنْد وجود المَاء. وَسن لراجيه أَي راجي وجود
المَاء وعالمه أَو مستو عِنْده الامران تَأْخِير التَّيَمُّم لاخر وَقت
مُخْتَار وَمن عدم المَاء وَالتُّرَاب أَو لم يُمكنهُ استعمالهما لمَانع
كمن بِهِ قُرُوح لَا يَسْتَطِيع مَعهَا مس الْبشرَة بِوضُوء وَلَا تيَمّم
صلى الْفَرْض فَقَط على حسب حَاله وجوبا وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ ويقتصر
على مجزىء فِي قِرَاءَة وَغَيرهَا فَلَا يقْرَأ زَائِدا على الْفَاتِحَة،
وَلَا يسبح أَكثر من مرّة، وَلَا يزِيد على مَا يجزىء فِي طمأنينة رُكُوع
أَو سُجُود أَو جُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ فِي منتخب الأدمِيّ:
فَإِن عدم المَاء وَالتُّرَاب صلى، لَكِن إِن كَانَ جنبا وَزَاد مَا يُجزئ
من ركن أَو وَاجِب أعَاد. (سقط: انْتهى)
(1/85)
وَلَا يقْرَأ فِي غير صَلَاة إِن كَانَ
جنبا وَنَحْوه كحائض ونفساء.
وَصفته أَن يَنْوِي ثمَّ يُسَمِّي وَيضْرب التُّرَاب بيدَيْهِ مفرجتي
الْأَصَابِع ضَرْبَة وَاحِدَة يمسح وَجهه بباطن أَصَابِعه، وكفيه براحتيه،
والأحوط ثِنْتَانِ يمسح بِإِحْدَاهُمَا وَجهه وبالأخرى يَدَيْهِ.
(1/86)
3 - (فصل)
فِي إِزَالَة النَّجَاسَة الْحكمِيَّة وَهِي الطارئة على مَحل طَاهِر
وَقَالَ ابْن عقيل وَغَيره: لَا يعقل للنَّجَاسَة معنى. تطهر أَرض وأجرنة
صغَار مَبْنِيَّة أَو كبار مُطلقًا قَالَه فِي الرِّعَايَة وَنَحْوهَا
كحيطان وأحواض وصخر بِإِزَالَة عين النَّجَاسَة. وَإِزَالَة أَثَرهَا
بِالْمَاءِ، ويطهر بَوْل غُلَام لَا أُنْثَى وَخُنْثَى لم يَأْكُل طَعَاما
بِشَهْوَة بغمره بِالْمَاءِ، وقيئه نجس وَهُوَ أخف من بَوْله، ويطهر أَيْضا
بغمره بِهِ أَي بِالْمَاءِ، ويطهر غَيرهمَا أَي غير بَوْل للغلام وقيئه من
النَّجَاسَات حَتَّى أَسْفَل خف وحذاء وذيل امْرَأَة وَنَحْوهَا بِسبع
غسلات منقية مَعَ حت وقرص لحَاجَة إِن لم يتَضَرَّر الْمحل، وَيعْتَبر
الْعَصْر فِي كل مرّة مَعَ إِمْكَانه فِي مَا تشرب بِنَجَاسَة ليحصل
انْفِصَال المَاء عَنهُ،
(1/87)
وَيشْتَرط أَن تكون إِحْدَاهَا أَي السَّبع
غسلات بِتُرَاب طهُور وَنَحْوه كصابون وأشنان ونخالة فِي نَجَاسَة كلب
وخنزير أَو مَا تولد مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا فَقَط أَي دون غَيرهمَا
مَعَ زَوَالهَا أَي النَّجَاسَة، وَالتَّرْتِيب فِي الغسلة الأولى أولى.
يعْتَبر اسْتِيعَاب الْمحل إِلَّا فِيمَا يضر فَيَكْفِي مُسَمَّاهُ،
وَيعْتَبر أَيْضا مَاء طهُور يُوصل إِلَيْهِ فَلَا يَكْفِي ذره وإتباعه
بِالْمَاءِ. وَلَا يضر بَقَاء لون أَو ريح أَو بقاؤهما عَجزا عَن إزالتهما
دفعا للْحَرج، ويطهر الْمحل. ويضر بَقَاء طعم النَّجَاسَة لدلالته على
بَقَاء الْعين، ولسهولة إِزَالَته، فَلَا يطهرالمحل مَعَ بَقَائِهِ. وَإِن
لم تزل النَّجَاسَة إِلَّا بملح وَنَحْوه مَعَ المَاء لم يجب، وَإِن
اسْتَعْملهُ فَحسن. وَيحرم اسْتِعْمَال طَعَام وشراب فِي إِزَالَة
النَّجَاسَة، لإفساد المَال الْمُحْتَاج إِلَيْهِ، كَمَا ينْهَى عَن ذبح
الْخَيل الَّتِي يُجَاهد عَلَيْهَا، وَالْإِبِل الَّتِي يحجّ عَلَيْهَا،
وَالْبَقر الَّتِي يحرث عَلَيْهَا وَنَحْو ذَلِك لما فِي ذَلِك من الْحَاجة
إِلَيْهِ. نَقله صَاحب الْإِقْنَاع عَن الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين.
قَالَ فِي الاختيارات فِي آخر كتاب الْأَطْعِمَة: وَيكرهُ ذبح الْفرس
الَّذِي ينْتَفع بِهِ فِي الْجِهَاد بِلَا نزاع انْتهى. وَلَا بَأْس
بِاسْتِعْمَال النخالة الْخَالِصَة من الدَّقِيق فِي التدلك وَغسل
الْأَيْدِي بهَا، وَكَذَا ببطيخ ودقيق الباقلاء وَغَيره مِمَّا لَهُ قُوَّة
الْجلاء لحَاجَة، وَيغسل مَا ينجس بِبَعْض الغسلات بِعَدَد مَا بَقِي بعد
تِلْكَ الغسلة بِتُرَاب إِن لم يكن اسْتعْمل حَيْثُ اشْترط.
(1/88)
وَلَا تطهر أَرض متنجسة وَلَا غَيرهَا
بالشمس وَالرِّيح والجفاف، وَلَا النَّجَاسَة بالنَّار، ورمادها نجس وتطهر
خمرة انْقَلب بِنَفسِهَا خلا أَو بنقلها بِغَيْر قصد التَّخْلِيل، وَيحرم
تخليلها، فَإِن خللت وَلَو بنقلها لقصده لم تطهر وَكَذَا يطهر دنها أَي
وعاؤها بطهارتها، كمحتفر فِي أَرض فِيهِ مَاء كثير تغير بِنَجَاسَة ثمَّ
زَالَ تغيره بِنَفسِهِ فيطهر هُوَ وَمحله تبعا لَهُ. وَكَذَا مَا بني فِي
الأَرْض كالصهاريج والبحرات. وَيحرم على غير خلال إمْسَاك خمر ليتخلل
بِنَفسِهِ، بل يراق فِي الْحَال، فَإِن خَالف وَأمْسك فَصَارَ خلا
بِنَفسِهِ طهر. قَالَ فِي الْإِقْنَاع: والخل الْمُبَاح أَن يصب على
الْعِنَب أَو الْعصير خل قبل غليانه حَتَّى لَا يغلى، قيل للْإِمَام 16
(أَحْمد) : فَإِن غلى قَالَ: يهراق. وَلَا يطهر دهن تنجس بِغسْل وَلَا يطهر
متشرب نَجَاسَة من لحم أَو عجين وَنَحْوهمَا وَلَا بطن حب تنجس بِغسْل
وَلَا بَاطِن آجر، قَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَلَا يطهر بَاطِن حب وإناء
وعجين وَلحم تشربها. قَالَ فِي حَاشِيَته للبهوتي: إِن رفعت لفظ الْإِنَاء
كَانَ الْمَعْنى: لَا يطهر إِنَاء تشر بهَا بِغسْل وَهُوَ الْمُوَافق لحكم
السكين إِذا سقيتها كَمَا ذكره فِي الْمُبْدع والإقناع، وَإِن جررته على
مَا قدر فِي شَرحه. وباطن إِنَاء، مَفْهُومه أَن ظَاهره يطهر، فيطلب الْفرق
بَينه وَبَين السكين إِذا سقيتها. انْتهى. وَلَا تطهر سكين سقيتها نَجَاسَة
بِغسْل وَلَا صقيل كسيف ومرآة وزجاج وَنَحْوه بمسح بل لَا بُد من غسله
وَإِذا خَفِي مَوضِع نَجَاسَة فِي بدن أَو ثوب أَو مصلى صَغِير لزمَه غسل
مَا تَيَقّن بِهِ إِزَالَتهَا فَلَا يَكْفِي الظَّن، وَفِي صحراء
وَنَحْوهَا يصلى فيهمَا بِلَا غسل وَلَا تحر.
(1/89)
وَلَا تطهر أَرض اخْتلطت بِنَجَاسَة ذَات
أَجزَاء مُتَفَرِّقَة، كالرمم وَالدَّم إِذا جف والروث إِذا اخْتَلَط
بأجزاء الأَرْض. وَلَا تطهر بِالْغسْلِ بل بِإِزَالَة أَجزَاء الْمَكَان
بِحَيْثُ يتَيَقَّن إِزَالَة النَّجَاسَة وَعفى فِي غير مَائِع وَغير مطعوم
عَن يسير دم نجس وَنَحْوه كقيح وصديد إِذا كَانَ من دم حَيَوَان طَاهِر لَا
نجس وَلَا يُعْفَى عَن شَيْء من دم سَبِيل إِلَّا إِذا كَانَ من دم حيض
وَنَحْوه كنفاس واستحاضة، لِأَنَّهُ يشق التَّحَرُّز مِنْهُ فعفى عَن يسير
مِنْهُ لم ينْقض الْوضُوء خُرُوج قدره من الْبدن وَأثر الِاسْتِجْمَار نجس
يُعْفَى عَن يسيره بعد الإنقاء وَاسْتِيفَاء الْعدَد. قَالَ الإِمَام 16
(أَحْمد) فِي المستجمر يعرق فِي سراويله: لَا بَأْس. ذكره فِي الشَّرْح.
وَمَا لَا نفس لَهُ سَائِلَة أَي دم يسيل كعنكبوت وخنفساء وقمل وبراغيث
وبعوض وَنَحْوهَا كبق وذباب وَنحل فَهِيَ طَاهِرَة مُطلقًا أَي حَيَاة
وموتا. وَيضم يسير متفرق بِثَوْب وَاحِد لَا أَكثر ودود القز وبزره والمسك
وفأرته والعنبر طَاهِر. ومائع مُسكر نجس خمرًا كَانَ أَو غَيره، والحشيشة
المسكرة نَجِسَة وَمَا لَا يُؤْكَل من طير وبهائم مِمَّا فَوق الهر خلقَة
نجس وَلبن ومني من غير آدَمِيّ أَو من غير مَأْكُول اللَّحْم نجس وبيض
وَبَوْل وروث وَنَحْوهَا كقيء ومذي وودي ومخاط وبزاق إِذا كَانَت من غير
مَأْكُول اللَّحْم فَهِيَ نَجِسَة كلهَا وَإِذا كَانَت مِنْهُ أَي من
مَأْكُول اللَّحْم فَهِيَ طَاهِرَة كالخارج مِمَّا لَا دم لَهُ سَائل
كالعقرب والخنفساء وَالْعَنْكَبُوت،
(1/90)
والصراصير إِن لم تكن مُتَوَلّدَة من
نَجَاسَة، فَإِن كَانَت مُتَوَلّدَة من نَجَاسَة كصراصير الكنف ودود
الْجرْح فَهِيَ نَجِسَة حَيَاة وموتا، وكل ميتَة نَجِسَة إِلَّا ميتَة
الْآدَمِيّ والسمك وَالْجَرَاد، وَإِذا مَاتَ فِي مَاء يسير حَيَوَان وَشك
فِي نَجَاسَته لم ينجس عملا بِالْأَصْلِ لِأَن الأَصْل طَهَارَته فَيبقى
عَلَيْهَا حَتَّى يتَحَقَّق انْتِقَاله عَنْهَا قَالَ فِي الْإِقْنَاع:
وللوزغ نفس سَائِلَة نصا كالحية والضفدع والفأر فتنجس بِالْمَوْتِ. ويعفى
عَن يسير طين شَارِع عرفا إِن علمت نَجَاسَته لمَشَقَّة التَّحَرُّز عَنهُ
وَإِلَّا تعلم نَجَاسَته حَتَّى وَلَو ظنت فَهُوَ طَاهِر وَكَذَا ترابه
عملا بِالْأَصْلِ. وَلَا يكره سُؤْر حَيَوَان طَاهِر وَهُوَ فضلَة طَعَامه
وَشَرَابه. وَلَو أكل هر وَنَحْوه من الْحَيَوَانَات الطاهرة كالفأر والنمس
والنسناس وَنَحْوه أَو طِفْل نَجَاسَة ثمَّ شرب من مَائِع لم يضر وَلَو قبل
أَن يغيب، قَالَ فِي الْمُبْدع: وَدلّ على أَنه لَا يُعْفَى عَن نَجَاسَة
بِيَدِهَا أَو رجلهَا نصا عَلَيْهِ. وَإِن وَقع هر وَنَحْوه مِمَّا يَنْضَم
دبره فِي مَائِع وَخرج حَيا لم يُؤثر، وَكَذَا إِن وَقع فِي جامد وَهُوَ
مِمَّا يمْنَع انْتِقَال النَّجَاسَة فِيهِ، وَإِن مَاتَ أَو وَقع مَيتا
فِي دَقِيق أَو نَحوه من جامد ألقِي وَمَا حوله، وَإِن اخْتَلَط وَلم
يَنْضَبِط حرم الْكل تَغْلِيبًا للخطر. وَيكرهُ سُؤْر الفأر لِأَنَّهُ
يُورث النسْيَان وَيكرهُ سُؤْر دجَاجَة مخلاة نصا. وسؤر الْحَيَوَان
النَّجس نجس. والعرق والريق من الطَّاهِر طَاهِر، قَالَ فِي الْإِقْنَاع
وَشَرحه: وَالْجَلالَة قبل حَبسهَا ثَلَاثًا تطعم فِيهَا الطَّاهِر نَجِسَة
وَيَأْتِي حكمهَا فِي الْأَطْعِمَة بأبسط من هَذَا انْتهى.
(1/91)
|