كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

 (كتاب الْوَصَايَا) 1.
جمع وَصِيَّة كقضايا جمع قَضِيَّة يُقَال: وصّى توصية وَأوصى إيصاء , وَالِاسْم الْوَصِيَّة والوصاية بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا وهما بِمَعْنى , وَهِي لُغَة الْأَمر قَالَ تَعَالَى 19 ((ووصى بهَا إِبْرَاهِيم بنبه وَيَعْقُوب)) . قَالَ تَعَالَى 19 ((وَصَّاكُم بِهِ)) وَشرعا الْأَمر بِالتَّصَرُّفِ بعد الْمَوْت , كوصيته إِلَى من يغسلهُ أَو يصلى عَلَيْهِ إِمَامًا وَنَحْوه , وَالْوَصِيَّة بِمَال التَّبَرُّع بِهِ بعد الْمَوْت. وَلَا يعْتَبر فِيهَا الْقرْبَة؛ لِأَنَّهَا تصح لمرتد وحربي بدار حَرْب كَالْهِبَةِ. وأركانها أَرْبَعَة: موص وَصِيغَة ومرصى لَهُ وموصى بِهِ , فَيشْتَرط فِي المرصى أَن يكون عَاقِلا لم يغر غر أَي لم يصل روحه حلقومه , وَلَو من صَغِير يَعْقِلهَا فَإِن غرغر لم تصح. وَفِي الصِّيغَة أَن تكون بِلَفْظ مسموع من الْوَصِيّ بِلَا خلاف وبخط ثَابت أَنه خطّ موص بِإِقْرَار وَارثه أَو بَيِّنَة تشهد أَنه خطه. وَفِي الْمُوصى لَهُ صِحَة تملكه من سلم وَكَافِر معِين وَلَو مُرْتَدا أَو حَرْبِيّا كَمَا تقدم. وَفِي الْمُوصى بِهِ اعْتِبَار إِمْكَانه فَلَا تصح الْوَصِيَّة بِمد بر وَأم ولد أَو حمل أمته الآيسة أَو خدمَة أمته الزمنة وَنَحْوه.

(2/527)


وَالْوَصِيَّة تعْتَبر بهَا الْأَحْكَام الْخَمْسَة فَقَالَ رَحمَه الله يسن لمن ترك مَالا كثيرا عرفا فَلَا يتَقَدَّر بِشَيْء [الْوَصِيَّة بخمسه] أَي المَال لقَوْله تَعَالَى (كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت الْوَصِيَّة) نسخ الْوُجُوب بقى الِاسْتِحْبَاب وَتحرم الْوَصِيَّة مِمَّن يَرِثهُ غير أحد الزَّوْجَيْنِ بِأَكْثَرَ من الثُّلُث لأَجْنَبِيّ أَو أَي وَتحرم الْوَصِيَّة مِمَّن يَرِثهُ غير أحد الزَّوْجَيْنِ [بأكنز] من الثُّلُث لأَجْنَبِيّ أَو أَي وَتحرم الْوَصِيَّة مِمَّن يَرِثهُ غير أحد الزَّوْجَيْنِ لوَارث بِشَيْء مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَت الْوَصِيَّة فِي صِحَّته أَو مَرضه. وَتَصِح هَذِه الْوَصِيَّة الْمُحرمَة حَال كَونهَا مَوْقُوفَة على الْإِجَازَة من الْوَرَثَة. وَيسن أَن يكْتب الْمُوصى وَصيته وَيشْهد عَلَيْهَا وَأَن يكْتب فِي صدرها: هَذَا مَا أوصى بِهِ فلَان أَنه يشْهد أَلا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن الْجنَّة حق وَالنَّار حق والساعة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور , وأوصي أَهلِي أَن يتقوا الله ويصلحوا ذَات بَينهم ويطيعوا الله وَرَسُوله إِن كَانُوا مُؤمنين , وأوصيهم بِمَا أوصى بِهِ إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب (يَا بني إِن الله اصْطفى لكم الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ) وَتكره الْوَصِيَّة من فَقير وَارثه مُحْتَاج وتباح إِن كَانَ غَنِيا. وَتَصِح مِمَّن لَا وَارِث لَهُ بِجَمِيعِ مَاله , وَتجب على من عَلَيْهِ دين أَو عِنْده وَدِيعَة بِلَا بَيِّنَة. وَتبطل بِخَمْسَة أَشْيَاء: بِرُجُوع الْمُوصي بقول أَو فعل يدل عَلَيْهِ , وبموت الْمُوصى لَهُ قبل الْمُوصي , وبقتله الْمُوصي , وبردة الْوَصِيَّة , ويتلف الْعين الْمعينَة الْمُوصى بهَا وَيَأْتِي هَذَا الحكم ,

(2/528)


فَإِن لم يَفِ الثُّلُث أَي ثلث مَاله بالوصايا وَلم يجز الْوَرَثَة تحاصوا أَي الْمُوصى لَهُم فِيهِ الثُّلُث كمسائل الْعَوْل أَي فَيدْخل عَليّ كل مِنْهُم بِقدر وَصيته وَلَو عتقا فَلَو أوصى لوَاحِد بِثلث مَاله , وَلآخر بِمِائَة , ولثالث بِعَبْد قِيمَته خَمْسُونَ , وبثلاثين لفداء أَسِير , ولعمارة مَسْجِد بِعشْرين وَكَانَ ثلث مَاله مائَة. وَبلغ مَجْمُوع الْوَصَايَا ثَلَاثمِائَة نسبت مِنْهَا الثُّلُث فَهُوَ ثلثهَا فيعطي كل وَاحِد ثلث وَصيته. وان أجازها الْوَرَثَة بِلَفْظ إجَازَة أَو إِمْضَاء أَو تَنْفِيذ لَزِمت وَهِي تَنْفِيذ لَا يثبت لَهَا حكم الْهِبَة , فَلَا يرجع إِن جَازَ لِابْنِهِ , وَلَا يَحْنَث بهَا من حلف لَا يهب. وَلَا يثبت الْملك للْمُوصى لَهُ إِلَّا بقبوله بعد موت الْمُوصي وَإِن امْتنع من الْقبُول وَالرَّدّ حكم عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَسقط حَقه من الْوَصِيَّة , وَإِن قبل ثمَّ رد لَزِمت وَلم يَصح الرَّد. وَتدْخل فِي ملكه من حِين قبُوله قهرا , وَمَا حدث من نَمَاء مُنْفَصِل قبل الْقبُول فللورثة , وَلَا عِبْرَة بقبوله ورده قبل الْمَوْت. وَإِن كَانَت على غير مَحْصُور كالعلماء والفقراء لم يشْتَرط قبُول ولزمت بِمُجَرَّد موت. وَتخرج الْوَاجِبَات على الْمَيِّت من دين وَحج وَزَكَاة وَنَحْوه من رَأس المَال مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ أوصى بِهِ أَو لم يوص , فَإِن لم يَفِ المَال بِالْوَاجِبِ الَّذِي عَلَيْهِ تحاصوا والمخرج لذَلِك وَصِيّه ثمَّ وَارثه ثمَّ الْحَاكِم.

(2/529)


وَلَا تصح لكَافِر غير معِين كاليهود وَالنَّصَارَى وَنَحْوهم , وَلَا لكَافِر بمصحف وَلَا بِعَبْد مُسلم وَلَا بسلاح , وَلَا بِحَدّ قذف , فَلَو كَانَ العَبْد كَافِرًا ثمَّ أسلم قبل موت الْمُوصي أَو بعده قبل الْقبُول بطلت. وَتَصِح الْوَصِيَّة لعَبْدِهِ أَي قنه ومدبره ومكاتبه وَأم وَلَده بمشاع من مَاله كثلث من أَو ربع وَنَحْوه. لَا إِن أوصى لَهُ بِمعين لَا يدْخل هُوَ فِيهِ كدار وَفرس وثوب وَنَحْوه , وَيعتق مِنْهُ أَي العَبْد بِقَدرِهِ أَي الثُّلُث وَنَحْوه , فَلَو كَانَت الْوَصِيَّة لعَبْدِهِ بِثلث مَاله وَقِيمَته مائَة وَله سواهَا خَمْسُونَ عتق نصفه لِأَن نصفه يُقَابل خمسين وَهِي ثلث الْمِائَة وَالْخمسين. فَإِن كَانَت الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ مثلا وَفضل مِنْهُ شَيْء بعد عتقه أَخذه فَلَو وصّى لَهُ بِالثُّلثِ وَقِيمَته مائَة وَله سواهُ خَمْسمِائَة عتق وَأخذ مائَة لِأَنَّهَا تَمام الثُّلُث الْمُوصى بِهِ. وَإِن وصّى لَهُ بِربع المَال وَقِيمَته مائَة وَله سواهُ ثَمَانمِائَة عتق وَأعْطى مائَة وَخَمْسَة وَعشْرين تَمام الرّبع. وَتَصِح لعَبْدِهِ بِنَفسِهِ ورقبته بِأَن يَقُول لَهُ: أوصيت لَك بِنَفْسِك , أَو رقبتك كَمَا لَو وصّى لَهُ بِعِتْقِهِ وَيعتق كُله بقوله إِن خرج من الثُّلُث وَإِلَّا بِقَدرِهِ. وَلَا تصح لقن غَيره قَالَه فِي الْمُنْتَهى وَهُوَ معنى مَا فِي التَّنْقِيح. وَقَالَ فِي الْمقنع: وَتَصِح لعبد غَيره قَالَ فِي الْإِنْصَاف: هَذَا الْمَذْهَب وَعَلَيْهَا الْأَصْحَاب. انْتهى.
وَجزم بِهِ فِي الْإِقْنَاع , وَعَلِيهِ فَتكون لسَيِّده بِقبُول الْقِنّ وَلَا يفْتَقر إِلَى إِذن سَيّده

(2/530)


وَتَصِح الْوَصِيَّة بِحمْل أمة وَفرس أَو نَحْوهمَا إِذا تحقق وجوده حينها. وَتَصِح الْوَصِيَّة لحمل إِذا تحقق وجوده أَي الْحمل حينها أَيْضا بِأَن تضعه حَيا لدوّنَ أَربع سِنِين إِن لم تكن فراشا لزوج أَو سيد. أَو لأَقل من سِتَّة أشهر فراشا كَانَت أَو لَا من حينها وَإِن قَالَ: إِن كَانَ فِي بَطْنك ذكر فَلهُ كَذَا وَإِن كَانَ أُنْثَى فلهَا كَذَا فَكَانَا فَلَهُمَا مَا شَرط. وطفل من لم يُمَيّز , وَصبي وَغُلَام ويافع ويتيم من لم يبلغ , قَالَ فِي فتح الْبَارِي فِي حَدِيث (علمُوا الصَّبِي الصَّلَاة ابْن سبع) : يُؤْخَذ من إِطْلَاق الصَّبِي عَليّ ابْن سبع الرَّد [على] من زعم أَنه لَا يُسمى صَبيا إِلَّا إِذا كَانَ رضيعا ثمَّ قَالَ لَهُ غُلَام إِلَى أَن يصير ابْن تسع ثمَّ يصير يافعا إِلَى عشر، ويوافق الحَدِيث قَول الْجَوْهَرِي: الصَّبِي الْغُلَام. انْتهى. وَلَا يَشْمَل الْيَتِيم ولد الزِّنَا , ومراهق من قَارب الْبلُوغ وشاب وفتى مِنْهُ إِلَى الثَّلَاثِينَ وكهل مِنْهَا إِلَى الْخمسين وَشَيخ مِنْهَا إِلَى السّبْعين، ثمَّ هرم إِلَى آخر عمره، وَتقدم بعضه فِي الْوَقْف. وَتَصِح الْوَصِيَّة للمساجد والقناطر والثغور وَنَحْوهَا وللَّه وَلِلرَّسُولِ وَتصرف فِي الْمصَالح الْعَامَّة. وَإِن وصّى بإحراق ثلث مَاله صرف فِي تجمير الْكَعْبَة وتنوير الْمَسَاجِد، وبدفنه فِي التُّرَاب صرف فِي تكفين الْمَوْتَى، وبرميه فِي المَاء صرف فِي عمل سفن للْجِهَاد.

(2/531)


وَلَا تصح الْوَصِيَّة لكنيسة وَلَا لبيت نَار أَو مَكَان من أَمَاكِن الْكفْر سَوَاء كَانَ ببنائه أَو بِشَيْء ينْفق عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيّة فَلم تصح الْوَصِيَّة بِهِ , وَلَا لبيعة وَلَا لصومعة وَلَا لحصر بهَا أَو قناديل وَلَا لإصلاحها وشعلها وَخدمتهَا وَلَا لكتب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَنَحْوهَا كالصحف وَلَو من ذمِّي لِأَنَّهَا كتب مَنْسُوخَة والاشتغال بهَا غير جَائِز وَلَا لمللك أَو ميت. وَإِن أوصى لفرس زيد صَحَّ وَلم يقبله زيد وَصرف فِي علقه فَإِن مَاتَ الْفرس فالباقي للْوَرَثَة لتعذر صرفه إِلَى الْمُوصى لَهُ كَمَا لَو رد موصى لَهُ الْوَصِيَّة , وَلَا يصرف فِي فرس حبيس آخر نصا. وَإِن وصّى لحي وميت يعلم مَوته أَو لَا فللحي النّصْف فَقَط وَلَو لم يقل بَينهمَا. وَإِن وصّى بِثلث مَاله لمن تصح لَهُ كَمَا إِذا وصّى لزيد ولجبريل عَلَيْهِ السَّلَام أَو لزيد وحائط، أَو لزيد وَحجر وإذاوصى لأهل سكنه فلاهل زقاقه حَال الْوَصِيَّة نصا. ولجيرانه تنَاول أَرْبَعِينَ دَارا من كل جَانب نصا لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: الْجَار أَرْبَعُونَ دَارا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. وجار الْمَسْجِد من سمع الْأَذَان وَتَصِح الْوَصِيَّة بِشَيْء مَجْهُول كَثوب وَنَحْوه وَيُعْطى مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم فَإِن اخْتلف الِاسْم بِالْحَقِيقَةِ وَالْعرْف غلبت الْحَقِيقَة فالشاة

(2/532)


وَالْبَعِير والثور وَالْفرس وَالرَّقِيق اسْم للذّكر وَالْأُنْثَى من صَغِير وكبير. وحصان بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبغل وَحمل وحمار وَعبد للذّكر فَقَط. وَالْحجر والناقة والأتان وَالْبَقَرَة اسْم الْأُنْثَى. وَالدَّابَّة اسْم للخيل وَالْبِغَال وَالْحمير. وَتَصِح الْوَصِيَّة بِشَيْء مَعْدُوم كَمَا تحمل أمته أَو شجرته أبدا أَو مُدَّة مَعْلُومَة فَإِن حصل شَيْء فَهُوَ لَهُ إِلَّا حمل الْأمة فَلهُ قِيمَته يَوْم الْولادَة لِئَلَّا يفرق بَين ذَوي رحم فِي الْملك وَإِن لم يحصل شَيْء بطلت لِأَنَّهَا لم تصادف محلا كَمَا لَو وصّى بِثُلثِهِ وَلم يخلف شَيْئا. وَتَصِح بِإِنَاء ذهب أَو فضَّة وَبِمَا فِيهِ نفع مُبَاح من غير المَال ككلب صيد وَزرع وماشية، وجرو لما يُبَاح اقتناوه مِنْهَا وبزيت مُتَنَجّس لغير مَسْجِد وَله ثلث الْكَلْب وَالزَّيْت إِن لم تجز الْوَرَثَة وَتَصِح الْوَصِيَّة بِمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه كآبق وشارد وطير فِي هَوَاء وَحمل بِبَطن وَلبن بضرع وبمنفعة مُفْردَة كخدمة عبد واجرة دَار وَثَمَرَة بُسْتَان أَو شَجَرَة سَوَاء أوصى بذلك مُدَّة مَعْلُومَة أَو بِجَمِيعِ الثَّمَرَة وَالْمَنْفَعَة فِي الزَّمَان كُله وَيعْتَبر خُرُوج جَمِيعهَا من الثُّلُث وَمَا حدث بعد الْوَصِيَّة وَلَو بِنصب أحبولة قبل مَوته فَيَقَع فِيهَا صيد بعده يدْخل من ثلثه فِيهَا أَي الْوَصِيَّة. وَإِن قتل وآخذت دِيَته فَهِيَ مِيرَاث تدخل فِي وَصيته وَيقْضى مِنْهَا دينه وَتبطل الْوَصِيَّة بِتَلف شَيْء معِين وصّى بِهِ سَوَاء كَانَ قبل موت الْمُوصي أَو بعده قبل الْقبُول وَتقدم

(2/533)


وان وصّى لإِنْسَان بِمثل نصيب وَارِث معِين بِالتَّسْمِيَةِ كَقَوْلِه: ابْني فلَان أَو بِالْإِشَارَةِ كَقَوْلِه: ابْنَتي هَذِه فَلهُ أَي الْمُوصى لَهُ مثله أَي مثل ذَلِك الْوَارِث بِلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان حَال كَونه مَضْمُونا إِلَى الْمَسْأَلَة أَي مسالة الْوَرَثَة وبمثل نصيب ابْنه وَله ابْنَانِ فَلهُ ثلث , وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة فَلهُ ربع , وَإِن كَانَ مَعَهم بنت فَلهُ تسعان وَإِن وصّى لشخص بِمثل نصيب أحد ورثته مثل مَا لاقلهم أَي الْوَرَثَة نَصِيبا لِأَنَّهُ جعله كأقلهم نَصِيبا فَجعل كأقلهم لِأَنَّهُ الْيَقِين. وَإِن وصّى لَهُ بِسَهْم من مَاله لإِنْسَان فَلهُ أَي الْمُوصى لَهُ سدس بِمَنْزِلَة سدس مَفْرُوض. فَإِن لم تكمل فروض الْمَسْأَلَة أَو كَانُوا عصبَة أعْطى سدسا كَامِلا، وَإِن كملت أعيلت بِهِ كَزَوج وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فَهِيَ سِتَّة وتعال بِسبع يعطاه , أَو كَانَت عائلة كَمَا إِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة جدة فَهِيَ عائلة إِلَى سَبْعَة وَيُزَاد فِي عولها بِثمن يعطاه ,
وَإِن وصّى لَهُ بِشَيْء أَو حَظّ أَو جُزْء أَو نصيب أَو قسط يُعْطِيهِ الْوَارِث مَا شَاءَ مِمَّا يتمول , قَالَ فِي الْمُغنِي: لَا أعلم فِيهِ خلافًا , لِأَن كل شَيْء حَظّ وجزء وَنصِيب وقسط وَشَيْء , وَكَذَا لَو قَالَ: أعْطوا فلَانا من مَالِي أَو ارزقوه لِأَن ذَلِك لَا حد لَهُ لُغَة وَلَا شرعا فَهُوَ على إِطْلَاقه.

(2/534)


3 - (فصل) 3.
فِي بَيَان حكم الْمُوصى إِلَيْهِ - أَي الْمَأْذُون بِالتَّصَرُّفِ بعد الْمَوْت فِي المَال وَغَيره مِمَّا للْمُوصى فعله وَالتَّصَرُّف فِيهِ حَال الْحَيَاة وتدخله النِّيَابَة بِملكه وولايته الشَّرْعِيَّة. وَالدُّخُول فِي الْوَصِيَّة للقوى عَلَيْهَا قربَة وَتَركه أولى فِي هَذِه الْأَزْمِنَة. وَيصِح الْإِيصَاء إِلَى كل مُسلم لِأَن الْكَافِر لَا يَلِي مُسلما [مُكَلّف] أَي بَالغ عَاقل رشيد عدل إِجْمَاعًا وَلَو كَانَ عدلا ظَاهرا أَو أعمى أَو امْرَأَة أَو أم ولد أَو قِنَا وَلَو كَانَ لموصى [و] يَصح الْإِيصَاء من كَافِر الى مُسلم وَإِلَى كَافِر عدل فِي دينه وَلَا يوصى الْوَصِيّ إِلَّا إِن جعله لَهُ الْمُوصي. وَلَا يَصح الْإِيصَاء إِلَّا فِي تصرف مَعْلُوم ليعلم موصى إِلَيْهِ مَا وصّى بِهِ إِلَيْهِ ليتصرف فِيهِ كَمَا أَمر يملك الْمُوصى فعله أَي فعل مَا وصّى فِيهِ لِأَنَّهُ أصل وللوصى فَرعه فَلَا يملك الْفَرْع مَا لَا يملك الأَصْل , كَمَا إِذا وَصِيّ بِقَضَاء دين وتفرقة وَصِيَّة ورد حُقُوق إِلَى أَهلهَا وَنظر فِي أَمر غير مُكَلّف وَنَحْو ذَلِك. وَمن وصّى فِي شَيْء لم يصر وَصِيّا فِي غَيره. وَإِن قَالَ: ضع ثلث

(2/535)


مَالِي حَيْثُ شِئْت , أَو أعْطه لمن شِئْت , أَو تصدق بِهِ على من شِئْت لم يجز لَهُ أَخذه وَلَا دَفعه إِلَى ورثته - أَي الْوَصِيّ - الْوَارِثين أَغْنِيَاء كَانُوا أَو فُقَرَاء - نصا , وَلَا إِلَى وَرَثَة الْمُوصى. قَالَ فِي شرع الْمُنْتَهى: لِأَنَّهُ قد وصّى بخراجه فَلَا يرجع إِلَى ورثته. وَمن مَاتَ بِمحل بَلْدَة أَو بَريَّة أَو غَيرهمَا لَا حَاكم فِيهِ أَي الْمحل الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَنَحْوه وَلَا وصّى لَهُ بِأَن يوص إِلَى أحد فل كل مُسلم حَضَره حوز تركته أَي الْمَيِّت وَتَوَلَّى أمره وَفعل الْأَصْلَح فِيهَا أَي التَّرِكَة من بيع مَا يسْرع إِلَيْهِ الْفساد وإبقاء غَيره وَنَحْو ذَلِك لِأَنَّهُ مَوضِع ضَرُورَة لحفظ مَال الْمُسلم عَلَيْهِ , أَو فِي تَركه إِتْلَاف لَهُ نَص عَلَيْهِ فِي الْمَنَافِع وَالْحَيَوَان , وَقَالَ: وَأما الْجَوَارِي فَأحب أَن يتَوَلَّى بيعهنَّ حَاكم من الْحُكَّام , وَله تَجْهِيزه مِنْهَا أَي التَّرِكَة إِن كَانَت وَأمكن. وَمَعَ عدمهَا أَي التَّرِكَة بِأَن لم يكن مَعَه شَيْء أَو عدم الْإِمْكَان يجهزه حَاضِرَة مِنْهُ وَيرجع بِمَا أنفقهُ عَلَيْهَا أَي التَّرِكَة إِن وجدت أَو على من تلْزمهُ نَفَقَته إِن لم يكن لَهُ تَرِكَة إِن نَوَاه أَي الرُّجُوع؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنهُ بِوَاجِب أَو أَي وَيرجع بِمَا أنفقهُ إِن اسْتَأْذن حَاكما فِي تَجْهِيزه على تركته أَو على من تلْزمهُ نَفَقَته لِئَلَّا يمْتَنع النَّاس من فعله مَعَ الْحَاجة إِلَيْهِ.

(2/536)


[كتا] كتاب الْفَرَائِض) 1.
جمع فَرِيضَة بِمَعْنى مَفْرُوضَة ولحقتها الْهَاء للنَّقْل من الْمصدر إِلَى الِاسْم كالحفيرة , من الْفَرْض بِمَعْنى التَّوْقِيت وَمِنْه فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج والإنزال وَمِنْه إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن والإحلال قَالَ تَعَالَى 9 ((مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ)) أَي أحل وَقَوله تَعَالَى 9 ((سُورَة أنزلناها وفرضناها)) جعلنَا فِيهَا فَرَائض الْأَحْكَام. وبالتشديد أَي جعلنَا فِيهَا فَرِيضَة بعد فَرِيضَة أَو فصلناها وبيناها , وَبِمَعْنى التَّقْدِير وَمِنْه فَنصف مَا فرضتم وَغير ذَلِك , وَشرعا الْعلم بقسمة الْمَوَارِيث , وموضوعه التركات؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يبْحَث عَنْهَا فِيهِ عَن عوارضها الذاتية لَا الْعدَد فَإِنَّهُ مَوْضُوع علم الْحساب , وَالْفَرِيضَة نصيب مُقَدّر شرعا لمستحقه. والمواريث جمع مِيرَاث وَهُوَ مصدر بِمَعْنى الْإِرْث والوراثة أَي الْبَقَاء وانتقال الشَّيْء من قوم إِلَى آخَرين , وَشرعا بِمَعْنى التَّرِكَة أَي الْحق المخلف عَن ميت , وَيُقَال لَهُ التراث وتاؤه متقلبة عَن وَاو

(2/537)


وَقد وَردت أَحَادِيث تدل على تعلمه وتعليمه , فَمن ذَلِك مَا روى أَبُو هُرَيْرَة مَرْفُوعا تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها , فَإِنَّهَا نصف الْعلم وَهُوَ ينسى , وَهُوَ أول علم ينتزع من أمتِي وَقد اخْتلف فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ أهل السَّلامَة: لَا يتَكَلَّم فِيهِ بل يجب علينا إتباعه. وَقَالَ قوم: إِن معنى كَونهَا نصف الْعلم بِاعْتِبَار الْحَال , فَإِن حَال النَّاس اثْنَان - حَيَاة ووفاة - فالفرائض مُتَعَلق بِالثَّانِي وَبَاقِي الْعُلُوم بِالْأولِ , وَقيل بِاعْتِبَار الثَّوَاب لِأَنَّهُ يسْتَحق بتعليم مَسْأَلَة وَاحِدَة فِي الْفَرَائِض مائَة حَسَنَة وبغيرها من الْعُلُوم عشر حَسَنَات،
وَقيل بِاعْتِبَار الْمَشَقَّة. وَضعف بَعضهم هذَيْن الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ: إِن أحسن الْأَقْوَال أَن يُقَال: أَسبَاب الْملك نَوْعَانِ: اخْتِيَاري وَهُوَ مَا يملك رده كالشراء وَالْهِبَة وَنَحْوهَا ,
واضطراري وَهُوَ مَا لَا يملك رده وَهُوَ الْإِرْث. وَمن ذَلِك حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس , فَانِي امْرُؤ مَقْبُوض , وَإِن الْعلم سيقبض , وتضهر الْفِتَن حَتَّى يخْتَلف اثْنَان فِي الْفَرِيضَة فَلَا يجدان من يقْضِي بَينهمَا
رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَلَفظه لَهُ. وَإِذا مَاتَ الْإِنْسَان بدىء من تركته بكفنه وتجهيزه من رَأس مَاله , سَوَاء تعلق بِهِ حق رهن أَو أرش جِنَايَة أَولا،
وَمَا بَقِي بعد ذَلِك تقضى مِنْهُ

(2/538)


دُيُون الله تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْحج وديون الْآدَمِيّين كالقرض وَالْأُجْرَة وَنَحْوهمَا , وَمَا بَقِي بعد ذَلِك تنفذ وَصَايَاهُ من ثلثه , ثمَّ يقسم مَا بَقِي على ورثته , فَقَالَ رَحمَه الله أَسبَاب الْإِرْث - جمع سَبَب وَهُوَ لُغَة مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى غَيره كالسلم لطلوع السَّطْح , وَاصْطِلَاحا مَا يلْزم من وجوده الْوُجُود وَمن عَدمه الْعَدَم لذاته - ثَلَاثَة فَقَط فَلَا يَرث وَلَا يُورث بغَيْرهَا: الأول رحم أَي قرَابَة وَهِي الِاتِّصَال بَين إنسانيان بالاشتراك فِي ولادَة قريبَة أَو بعيدَة فيرث بهَا لقَوْله تَعَالَى (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله) , وَالثَّانِي نِكَاح وَهُوَ عقد الزَّوْجِيَّة الصَّحِيح فَلَا مِيرَاث فِي النِّكَاح الْفَاسِد لِأَن وجوده كَعَدَمِهِ , وَالثَّالِث وَلَاء بِفَتْح الْوَاو وَالْمدّ وَهُوَ ثُبُوت حكم شَرْعِي بِالْعِتْقِ أَو تعَاطِي أَسبَابه فيرث بِهِ الْمُعْتق وعصبته من عَتيق وَلَا عكس لحَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا: الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب وَكَانَت تَرِكَة النَّبِي صَدَقَة لم تورث. وموانعه أَي الْإِرْث ثَلَاثَة أَيْضا:
الأول قتل , وَالثَّانِي رق , وَالثَّالِث اخْتِلَاف دين. وأركانه ثَلَاثَة أَيْضا: وَارِث
وموروث , وَمَال موروث. وشروطه ثَلَاثَة أَيْضا: أَحدهَا تحقق موت مورث أَو
إِلْحَاقه بالأموات , وَالثَّانِي تحقق وجود وَارِث , وَالثَّالِث الْعلم بالجهة الْمُقْتَضِيَة للإرث.

(2/539)


وَالْمجْمَع على توريثهم من الذُّكُور عشرَة: الابْن , وَابْنه وَإِن نزل , وَالْأَب ,
وَأَبوهُ وَإِن علا , وَالْأَخ من كل جِهَة , وَابْن الْأَخ لَا من الْأُم , وَالْعم , وَابْنه كَذَلِك ,
وَالزَّوْج , وَذُو الْوَلَاء. وَمن النِّسَاء سبع: الْبِنْت , وَبنت الابْن وان نزل أَبوهَا , وَالأُم ,
وَالْجدّة , وَالْأُخْت مُطلقًا , وَالزَّوْجَة , ومولاة النِّعْمَة. وَالْوَرَثَة ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا ذُو
فرض , وَالثَّانِي عصبَة , وَالثَّالِث ذُو رحم وَيَأْتِي تَعْرِيفهَا فِي محلهَا. فذو الْفَرْض من الذُّكُور وَالْإِنَاث عشرَة: الزَّوْجَانِ والأبوان مُجْتَمعين وَمُتَفَرِّقِينَ , وَالْجد وَالْجدّة كَذَلِك , وَالْبِنْت , وَبنت الابْن , وَالْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب , وَولد الْأُم ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى. وَمَتى اجْتمع الْجمع على إرثهم من الرِّجَال وَورث مِنْهُم ثَلَاثَة: الزَّوْج , وَالِابْن
وَالْأَب فَقَط. وَمن النِّسَاء ورث مِنْهُم خمس: الْبِنْت , وَبنت الابْن , وَالأُم , وَالزَّوْجَة ,
وَالْأُخْت لِأَبَوَيْنِ. وَمن الصِّنْفَيْنِ ورث الأبوان والولدان وَأحد الزَّوْجَيْنِ. والفروض الْمقدرَة فِي كتاب الله تعالي سِتَّة: النّصْف , وَالرّبع , وَالثمن , وَالثُّلُثَانِ , وَالثلث , وَالسُّدُس
أَو نقُول: السُّدس , وَالثمن , وَضعفهمَا , وَضعف ضعفهما , أَو الثُّلُثَانِ وَالنّصف ,
ونصفهما , وَنصف نصفهما. أَو الثُّلُث , وَالرّبع , وَنصف كل مِنْهُمَا وَضَعفه. وَهَذِه
أخصر الْعبارَات.

(2/540)


فالنصف فرض خَمْسَة الأول الزَّوْج إِن لم يكن أَي يُوجد للزَّوْجَة ولد وَلَا ولد ابْن فَإِن كَانَ وَلَكِن قَامَ بِهِ مَانع من الْمَوَانِع فوجود كَالْعدمِ وَالثَّانِي الْبِنْت وَحدهَا قَالَ فِي الْمُغنِي: لَا خلاف فِي هَذَا بَين أحد من الْمُسلمين لقَوْل 19 (: (وان كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف)) وَالثَّالِث بنت الابْن مُنْفَرِدَة وَإِن نزل أَبوهَا مَعَ عدم ولد الصلب مُطلقًا وَالرَّابِع الْأُخْت لِأَبَوَيْنِ عِنْد عدم الْوَلَد وَعدم ولد الابْن الْوَارِث وذكرا كَانَ أَو أُنْثَى لَان السَّاقِط كَالْمَعْدُومِ وَالْخَامِس الْأُخْت لأَب عِنْد انفرادها وَعند عدم الأشقاء وَمحل فرض النّصْف للْبِنْت وَبنت الابْن وَالْأُخْت الشَّقِيقَة أَو لأَب إِذا كن منفردات لم يعصبن. وَالرَّابِع فرض اثْنَيْنِ الأول الزَّوْج فيرث الرّبع مَعَ وجود الْوَلَد للزَّوْجَة سَوَاء كَانَ مِنْهُ أَو من غَيره أَو مَعَ وجود ولد الابْن بِشَرْط أَن يكون وَارِثا وَالثَّانِي الزَّوْجَة الْوَاحِدَة فَأكْثر فترث أَو يرثن الرّبع مَعَ عدمهما إِي الْوَلَد وَولد الابْن. وَالثمن فرض صنف وَاحِد وَهُوَ الزَّوْجَة الْوَاحِدَة فَأكْثر مَعَ الْوَلَد أَو مَعَ ولد الابْن ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى وَاحِدًا أَو مُتَعَددًا مِنْهُ أَو من غَيره. وَالثُّلُثَانِ فرض أَرْبَعَة: فرض البنتين فَأكْثر وَفرض بِنْتي للِابْن فَأكْثر وَفرض الْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ فاكثر وَفرض الْأُخْتَيْنِ لأَب فاكثر عِنْد عدم معصب فِي الْجَمِيع. وَالثلث فرض اثْنَيْنِ فرض وَلَدي الْأُم ذكرين أَو أنثيين

(2/541)


أَو مُخْتَلفين فَأكْثر يَسْتَوِي فِيهِ أَي الثُّلُث ذكرهم وأنثاهم إِجْمَاعًا لقَوْله تَعَالَى وان كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث اجْمَعُوا على أَنَّهَا فِي الاخوة للام وقرا ابْن مَسْعُود وَسعد بن ابي وَقاص: وَله أَخ أَو أُخْت من أم. والكلالة هِيَ الْوَرَثَة غير الْأَبَوَيْنِ والولدين نصوا عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَقيل: الْمَيِّت الَّذِي لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد روى عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا وَقيل: قرَابَة الْأُم. وَالثَّانِي فرض الْأُم حَيْثُ لَا ولد للْمَيت وَلَا ولد ابْن وَلَا عدد من الاخوة وَالْأَخَوَات قَالَ فِي الْمُغنِي: بِلَا خلاف نعلمهُ بَين أهل الْعلم. انْتهى. لِأَن الله تَعَالَى قَالَ (فان لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلامه الثُّلُث) لَكِن لَهَا أَي الْأُم ثلث الْبَاقِي أَي بَاقِي المَال بعد فرض الزَّوْج أَو الزَّوْجَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ المسماتين بالعمريتين لِأَن عمر رضى الله عَنهُ قضى فيهمَا بِهَذَا الْقَضَاء , فَاتبعهُ على ذَلِك عُثْمَان وَزيد بن ثَابت وَابْن مَسْعُود رضى الله عَنْهُم وتسميان بالغراوين وَأَيْضًا تَشْبِيها لَهما بالكوكب الْأَغَر لاشتهارهما وهما إِي العمريتان: أَبَوَانِ وَزوج أَو زَوْجَة. وَالسُّدُس فرض سَبْعَة: فرض الْأُم إِذا كَانَت مَعَ الْوَلَد أَو مَعَ ولد الابْن أَو مَعَ عدد من الاخوة وَالْأَخَوَات كاملي الْحُرِّيَّة لقَوْله تَعَالَى (فَإِن كَانَ لَهُ اخوة فلأمه السُّدس) . وَلَفظ الاخوة هَهُنَا يتَنَاوَل الْأَخَوَيْنِ

(2/542)


وَفرض الْجدّة فاكثر إِلَى ثَلَاث فَقَط مَعَ تحاذ أَي تساو فِي الدرجَة بِحَيْثُ لَا تكون وَاحِدَة مِنْهُنَّ أَعلَى من الْأُخْرَى وَلَا أنزل مِنْهَا كَأُمّ أم أم , وَأم أم أَب , وَأم أَب أَب , وَكَذَا أم أم أم أم , وَأم أم أم [أَب , وَأم أم] أَب أَب , وَلَا يرثن إِلَّا مَعَ عدم الْأُم كَمَا باتي فِي الْحجب , وَفرض بنت الابْن فاكثر مَعَ عدم وجود بنت الصلب تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ إِذا لم تعصب وَفرض أُخْت فاكثر لأَب مَعَ أُخْت لِأَبَوَيْنِ تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ مَعَ عدم معصب أَيْضا وَفرض الْوَاحِد من ولد الْأُم ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى , وَفرض الْأَب مَعَ الْوَلَد أَو مَعَ ولد الابْن وَفرض الْجد كَذَلِك أَي مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن , وَلَا ينزلان عَنهُ بِحَال , وَقد يكون عائلا.

(2/543)


3 - (فصل)
وَالْجد أَبُو الْأَب وَإِن علا مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات سَوَاء كَانُوا لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب كأحدهم مَا لم يكن الثُّلُث أحظ لَهُ فَيَأْخذهُ وَالْبَاقِي للذّكر مثل حَظّ الأنثين , فَإِن لم يكن أَي يُوجد مَعَه أَي الْجد صَاحب فرض كَأُمّ وَزَوْجَة فَلهُ أَي الْجد خير أَمريْن إِمَّا الْمُقَاسَمَة أَو ثلث جَمِيع المَال فَإِن كَانَت الْأُخوة أقل من مثلَيْهِ فالمقاسمة أحظ لَهُ. وتنحصر صوره فِي
خمس: جد وَأَخ , وجد وَأُخْت , وجد وأختان , وجد وَثَلَاث أَخَوَات , وجد وَأَخ
وَأُخْت. وَإِن كَانُوا مثلَيْهِ اسْتَوَى لَهُ الْمُقَاسَمَة وَثلث جَمِيع التَّرِكَة وتنحصر صوره
فِي ثَلَاث: جد وَأَخَوَانِ , وجد وَأَرْبع أَخَوَات , وجد وَأَخ وأختان. وَإِن كَانُوا أَكثر
من مثلَيْهِ فثلث جَمِيع المَال خير لَهُ , وَلَا تَنْحَصِر صوره كجد وَأَرْبَعَة إخْوَة وَخَمْسَة
إخْوَة وَهَكَذَا. وان كَانَ وجد مَعَه صَاحب فرض كجدة وَبنت فَلهُ أَي الْجد خير
ثَلَاثَة أُمُور: إِمَّا الْمُقَاسَمَة لمن يُوجد من الْأُخوة وَالْأَخَوَات كأخ زَائِد أَو ثلث الْبَاقِي
من المَال بعد صَاحب الْفَرْض أَو سدس جَمِيع المَال فزوجة

(2/544)


وجد وَأُخْت من أَرْبَعَة , للزَّوْجَة الرّبع وَالْبَاقِي للْجدّ ولأخت أَثلَاثًا لَهُ سَهْمَان وَله سهم , وَتسَمى مربعة الْجَمَاعَة فَإِن لم يبْق من المَال بعد أَخذ صَاحب الْفَرْض غَيره أَي السُّدس أَخذه الْجد كمن خلفت بنتين وَأما وجدا وأخوات لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فللبنتين الثُّلُثَانِ
أَرْبَعَة وَللْأُمّ السُّدس وَاحِد - وَالْبَاقِي سدس للْجدّ وسقطوا أَي الْأُخوة لِأَبَوَيْنِ أَو
لأَب ذُكُورا كَانُوا أَو إِنَاثًا وَاحِدًا أَو أَكثر لِأَن الْجد لَا ينقص عَن سدس جَمِيع المَال , أَو تَسْمِيَته كَزَوج وَأم وبنتين وجد فَهِيَ من أثنى عشر وتعول إِلَى خَمْسَة عشر , فَإِنَّهُ سمى سدسا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة ثلثا خمس. إِلَّا الْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فِي
الْمَسْأَلَة الْمُسَمَّاة ب [الأكدرية] سميت بذلك لتكديرها أصُول زيد حَيْثُ أعالها وَلَا عول فِي مسَائِل الْجد وَالإِخْوَة غَيرهَا , وَقيل لتكدير زيد على الْأُخْت نصِيبهَا
بإعطائها النّصْف واسترجاع بعضه , وَقيل لِأَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا رجل من أكدر , وَقيل غير ذَلِك. وَهِي أَي الأكدرية: زوج وَأم وجد وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فَللزَّوْج نصف وَللْأُمّ ثلث وللجد سدس وَللْأُخْت نصف , فتعول الْمَسْأَلَة إِلَى تِسْعَة , وَلم تحجب الْأُم عَن الثُّلُث لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا حجبها بِالْوَلَدِ وَالإِخْوَة وَلَيْسَ هَهُنَا ولد وَلَا إخْوَة , ثمَّ يقسم نصيب الْجد وَالْأُخْت بَينهمَا , وَهُوَ أَي مَجْمُوع النَّصِيبَيْنِ أَرْبَعَة على ثَلَاثَة رَأس الْجد وَرَأس الْأُخْت لِأَنَّهَا إِنَّمَا تسْتَحقّ مَعَه بِحكم الْمُقَاسَمَة , وانما أعيل لَهَا
لِأَنَّهَا لَا تسْقط وَلَيْسَ فِي الْفَرِيضَة من يُسْقِطهَا , وَلم يعصبها الْجد ابْتِدَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ
بعصبة مَعَ هَؤُلَاءِ بل يفْرض لَهُ. وَلَو كَانَ مَكَانهَا أَخ لسقط لِأَنَّهُ عصبَة بِنَفسِهِ.

(2/545)


وَالْأَرْبَعَة لَا تَنْقَسِم على الثَّلَاثَة وتباينها , فَاضْرب الثَّلَاثَة فِي الْمَسْأَلَة يعولها تِسْعَة
فَتَصِح الْمَسْأَلَة من سَبْعَة وَعشْرين للزَّوْج تِسْعَة وَهِي ثلث المَال , وَللْأُمّ سِتَّة هِيَ ثلث الْبَاقِي وللجد ثَمَانِيَة وَهِي الْبَاقِي بعد الزَّوْج وَالأُم وَالْأُخْت وَللْأُخْت أَرْبَعَة وَهِي ثلث بَاقِي الْبَاقِي , فَلذَلِك يعايا بهَا فَيُقَال: أَرْبَعَة ورثوا مَال ميت أَخذ أحدهم ثلثه , وَالثَّانِي ثلث الْبَاقِي , الثَّالِث ثلث مَا بقى , وَالرَّابِع مَا بقى. وَلَا يعول فِي مسَائِل الْجد وَالإِخْوَة إِلَّا فِيهَا وَتقدم قَرِيبا وَلَا يفْرض لأخت مَعَه ابْتِدَاء إِلَّا فِيهَا
أَي الأكدرية , وَاحْترز بقوله ابْتِدَاء عَن الْفَرْض لَهَا فِي مسَائِل الْمُعَادَة , وَإِذا كَانَ مَعَ الْأَخ الشَّقِيق ولد أَب عده أَي عد الشَّقِيق الْأَخ لأَب على الْجد بِأَخ شَقِيق إِن احْتَاجَ لعده , فَإِن اسْتغنى عَن الْمُعَادَة كجد وأخوين لِأَبَوَيْنِ وَأَخ لأَب فَلَا معادة لعدم الْفَائِدَة ثمَّ أَخذ الشَّقِيق مَا حصل لَهُ أَي لولد الْأَب فجد وَأَخ لِأَبَوَيْنِ وَأَخ لأَب , فَالْمَسْأَلَة من ثَلَاثَة للْجدّ سهم وَيَأْخُذ الْأَخ لِلْأَبَوَيْنِ السهْم الَّذِي حصل لَهُ والسهم الَّذِي حصل لِأَخِيهِ , وَكَذَلِكَ جد وأختان لِأَبَوَيْنِ وَأَخ لأَب يَأْخُذ الْجد ثلثا والأختان الثُّلثَيْنِ وَيسْقط الْأَخ لأَب وَتَأْخُذ أُنْثَى وَاحِدَة لِأَبَوَيْنِ مَعَ جد وَولد
أَب فَأكْثر ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى تَمام فَرضهَا أَي النّصْف , لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تزاد عَلَيْهِ
مَعَ عصبَة

(2/546)


وَيَأْخُذ الْجد الأحظ لَهُ على مَا تقدم والبقية بعد مَا يأخذانه لولد الْأَب
وَاحِدًا كَانَ أَو أَكثر ذكرا أَو أُنْثَى , وَلَا يتَّفق شَيْء لولد الْأَب بعد الْجد وَالْأُخْت
لِأَبَوَيْنِ فِي مَسْأَلَة فِيهَا فرض غير سدس , فَمن صور ذَلِك الزيديات الْأَرْبَع أَي
المنسوبات إِلَى زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ وَعَن بَقِيَّة الصَّحَابَة أَجْمَعِينَ وعنا بهم
أَنه أرْحم الرَّاحِمِينَ: الْمَسْأَلَة الأولى العشرية , وَهِي جد وشقيقة وَأَخ لأَب أَصْلهَا
خَمْسَة عدد رؤوسهم لِأَن الْمُقَاسَمَة أحظ للْجدّ فَلهُ سَهْمَان , ثمَّ يفْرض للْأُخْت النّصْف وَالْمَسْأَلَة لَا نصف لَهَا صَحِيح فَتضْرب مخرجه اثْنَيْنِ من خَمْسَة فَتَصِح من عشرَة للْجدّ أَرْبَعَة وَللْأُخْت خَمْسَة وللأخ للْأَب وَاحِد وَهُوَ الْبَاقِي. وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة العشرينية وَهِي جد وشقيقة وأختان لأَب أَصْلهَا خَمْسَة للْجدّ سَهْمَان
والشقيقة النّصْف سَهْمَان وَنصف , وَالنّصف الْبَاقِي للأختين لأَب لكل وَاحِدَة
ربع فمخرج الرّبع من أَرْبَعَة فَاضْرِبْهُ فِي الْخَمْسَة تصح من عشْرين , للْجدّ مِنْهَا ثَمَانِيَة وللشقيقة عشرَة وَلكُل أُخْت لأَب سهم. وَالْمَسْأَلَة الثَّالِثَة مختصرة زيد , وَهِي
أم وجد وشقيقة وَأَخ وَأُخْت لأَب , سميت بذلك لِأَنَّهُ صححها من مائَة وَعشْرين
وردهَا بالاختصار إِلَى أَرْبَعَة وَخمسين , وَبَيَانه أَن الْمَسْأَلَة من مخرج فرض الْأُم وَهُوَ سِتَّة , للْأُم وَاحِد يبْقى خَمْسَة على سِتَّة رُؤُوس الْجد والاخوة لَا تَنْقَسِم وتباين فَتضْرب عَددهمْ وَهُوَ سِتَّة فِي أصل الْمَسْأَلَة سِتَّة يحصل سِتَّة وَثَلَاثُونَ: للْأُم سِتَّة وللجد عشرَة وَالَّتِي لِأَبَوَيْنِ ثَمَانِيَة عشر يبْقى سَهْمَان لوَلَدي الْأَب على

(2/547)


ثَلَاثَة وتباين فَتضْرب ثَلَاثَة فِي سِتَّة وَثَلَاثِينَ تبلغ مائَة وَثَمَانِية مِنْهَا تصح للْأُم ثَمَانِيَة عشر وللجد ثَلَاثُونَ وللشقيقة أَرْبَعَة وَخَمْسُونَ وللأخ للْأَب أَرْبَعَة وَالْأُخْت لأَب سَهْمَان , والأنصباء كلهَا متفقة بِالنِّصْفِ فَترد الْمَسْأَلَة إِلَى نصفهَا وَنصِيب كل وَارِث إِلَى نصفه فترجع إِلَى مَا ذكر أَولا , وَلَو اعْتبرت للْجدّ فِيهَا ثلث الْبَاقِي لصحت ابْتِدَاء من أَرْبَعَة وَخمسين. وَالْمَسْأَلَة الرَّابِعَة تسعينية زيد , وَهِي أم وجد
وشقيقة وَأَخَوَانِ وَأُخْت لأَب , أَصْلهَا سِتَّة للْأُم سدس وَاحِد بَقِي خَمْسَة الأحظ للْجدّ ثلث الْبَاقِي وَالْبَاقِي لَا ثلث لَهُ صَحِيح , فَاضْرب مخرج الثُّلُث ثَلَاثَة فِي سِتَّة
بِثمَانِيَة عشر للْأُم وَاحِد فِي ثَلَاثَة بِثَلَاثَة , وللجد ثلث الْبَاقِي خَمْسَة , وللشقيقة النّصْف تِسْعَة يفضل وَاحِد لأَوْلَاد الْأَب على خَمْسَة فَاضْرب خَمْسَة فِي ثَمَانِيَة عشر حصل تسعون ثمَّ اقْسمْ , فللام خَمْسَة عشر , وللجد ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ , وللشقيقة خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ , وَلكُل أَخ سَهْمَان ولأختهما سهم وَاحِد. وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

(2/548)


3 - (فصل)
الْحجب لُغَة الْمَنْع مَأْخُوذ من الْحجاب والحاجب لِأَنَّهُ يمْنَع من أَرَادَ الدُّخُول وَشرعا منع من قَامَ بِهِ سَبَب الْإِرْث من الْإِرْث بِالْكُلِّيَّةِ وَيُسمى حجب حرمَان , أومن أوفر حظيه وَيُسمى حجب نُقْصَان. فحجب النُّقْصَان يدْخل على كل الْوَرَثَة. وحجب الحرمان نَوْعَانِ: بِالْوَصْفِ وَيدخل على كل الْوَرَثَة أَيْضا وبالشخص لَا يدْخل على خَمْسَة: الزَّوْجَيْنِ والأبوين وَالْولد إِجْمَاعًا لأَنهم يدلون إِلَى الْمَيِّت بِغَيْر وَاسِطَة فهم أقوى الْوَرَثَة وَإِنَّمَا حجب الْمُعْتق بِالْإِجْمَاع مَعَ أَنه مدل إِلَى الْمَيِّت بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ اضعف من الْعَصَبَات بِالنّسَبِ , وَيسْقط الْجد بِالْأَبِ , وَيسْقط [كل جد] أبعد بجد أقرب وَيسْقط كل ابْن أبعد بِابْن أقرب فَيسْقط أبوأبي أَب بِأبي أَب , وَابْن ابْن ابْن بِابْن ابْن , هَكَذَا وَتسقط كل جدة مُطلقًا بِأم وَتقدم أَن الْجدَّات لَا يرثن إِلَّا عِنْد عدم الْأُم لِأَنَّهُنَّ يرثن بِالْولادَةِ فالأم أولى لمباشرتها الْولادَة

(2/549)


وَالْجدّة الْقُرْبَى مِنْهُنَّ تحجب الْجدّة البعدى لقربها مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَتَا من جِهَة وَاحِدَة أَو وَاحِدَة من قبل الْأُم وَوَاحِدَة من قبل الْأَب وَسَوَاء كَانَت الْقُرْبَى من جِهَة الْأُم إِجْمَاعًا أَو بِالْعَكْسِ وَلَا يحجب أَب أمه أَي أم نَفسه أَو أَي وَلَا يحجب أَيْضا أم أَبِيه بل تَرث وَلَا يَرث من الْجدَّات إِلَّا ثَلَاث: أم أم , وَأم أَب , وَأم أَبى أَب وان علون أمومة مَعَ تحاذ فِي الدرجَة كَمَا تقدم. مِثَاله فِي أَصْحَاب السُّدس فَلَا مِيرَاث لأم أبي أم وَلَا لأم أَبى جد بأنفسهما لَان ذَوي الْأَرْحَام يَرِثُونَ بالتنزيل كَمَا يَأْتِي فِي فَصله ولجدة ذَات فرابتين مَعَ جدة ذَات قرَابَة وَاحِدَة ثلثا السُّدس ولذات الْقَرَابَة ثلث السُّدس , وَلَو تزوج بنت عمته فَاتَت بِولد فجدة المتزوج لِأَبِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَلَد الَّذِي ولد بَينهمَا أم أم أم ولدهما وَأم أبي أَبِيه فترث مَعهَا أم أم أَبِيه ثلث السُّدس. وَيسْقط ولد الْأَبَوَيْنِ بِثَلَاثَة: الأول مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِابْن وَالثَّانِي بِابْنِهِ وَإِن نزل وَالثَّالِث بأب حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ تَعَالَى جعل إرثهم الْكَلَالَة وَهِي إسم لمن عدا الْوَالِد وَالْولد وَيسْقط ولد الْأَب بهولاء الْمَذْكُورين وَأَخ لِأَبَوَيْنِ لقُوته بِزِيَادَة الْقرب

(2/550)


وَيسْقط ابْن أَخ لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب بهؤلاء أَي بالابن وَابْنه وَإِن نزل وبالأب وَالْأَخ الشَّقِيق وَالْأَخ للْأَب وَيسْقط بجد أَيْضا وَإِن علا بِلَا خوف لِأَن الْجد أقرب , وَيسْقط ابْن الْأَخ للْأَب بهؤلاء وبابن الْأَخ الشَّقِيق وَيسْقط ولد الْأُم ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى بأَرْبعَة: الأول مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِولد ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى وَالثَّانِي بِولد ابْن كَذَلِك وَإِن نزل وَالثَّالِث بَاب وَالرَّابِع بابيه أَي الْأَب وَإِن علا أَبوهُ. وَتسقط بَنَات الابْن ببنتي الصلب مَا لم يكن مَعَهُنَّ من يعصبهن من ولد الابْن سَوَاء كَانَ أَخا أَو ابْن عَم إِذا كَانَ فِي دَرَجَتَيْنِ أَو انْزِلْ مِنْهُنَّ. وَتسقط الْأَخَوَات للْأَب بالأختين الشقيقتين فَأكْثر مَا لم يكن مَعَهُنَّ أخوهن فيعصبهن وَمن لَا يَرث لمَانع فِيهِ كَقَتل ورق اخْتِلَاف دين لَا يحجب نصا وَلَا حرمانا وَلَا نُقْصَانا بل وجوده كَالْعدمِ. وللمحجوب بالشخص يحجب نُقْصَانا كالإخوة يحجبون الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس , وَإِن كَانُوا محجوبين بِالْأَبِ فَكَلَام صَاحب الْمُنْتَهى لَيْسَ على إِطْلَاقه بِدَلِيل مَا سبق آنِفا , وكل من أدلى بِوَاسِطَة حَجَبته تِلْكَ الْوَاسِطَة إِلَّا ولد الْأُم لَا يحجبون بهَا بل يحجبونها من الثُّلُث إِلَى السُّدس وَإِلَّا أم الْأَب وَأم الْجد مَعَهُمَا , وَتقدم أَن الْحجب حرمانا بالشخص لَا يدْخل على الزَّوْجَيْنِ والأبوين والولدين , بل نُقْصَانا كَمَا لَو مَاتَ الْإِنْسَان عَن زَوْجَة وَولد , للزَّوْجَة الثّمن وَالْبَاقِي للِابْن فلولا الابْن لأخذت الرّبع. أَو مَاتَ عَن أَب

(2/551)


وَابْن فللأب السُّدس وللابن الْبَاقِي فلولا الابْن لأخذ الْأَب الْكل وَمَعَ وجوده أَخذ سدسا فَقَط , وكما لَو خلف ابْنَيْنِ فَالْمَال بَينهمَا أنصافا فَلَو كَانَ وَاحِدًا فَقَط لورث جَمِيع المَال , وَكَذَا حكم الزَّوْج وَالأُم فَحِينَئِذٍ دخل الْحجب بالشخص على جَمِيعهم.

(2/552)


3 - (فصل)
. والعصبة جمع عاصب من العصب وَهُوَ الشد , وَمِنْه عِصَابَة الرَّأْس والعصب لِأَنَّهُ يشد الْأَعْضَاء وعصابة الْقَوْم لاشتداد بَعضهم بِبَعْض وَقَوله تَعَالَى:
(هَذَا يَوْم عصيب) أَي شَدِيد , وَتسَمى الْأَقَارِب عصبَة لشد الأزر , واختص التَّعْصِيب الذُّكُور غَالِبا لأَنهم أهل النُّصْرَة والشدة , والعاصب شرعا من يَرث بِلَا تَقْدِير ف يَأْخُذ مَا أبقت الْفُرُوض بعد ميراثهم كَمَا لَو مَاتَ عَن أم وَبنت وَعم فللأم السُّدس وَاحِد فرضا وللبنت النّصْف ثَلَاثَة فرضا أَيْضا يفضل اثْنَان يأخذهما الْعم تعصيبا وان لم يبْق بعد أَصْحَاب الْفُرُوض شَيْء كَمَا لَو مَاتَت عَن زوج , وَأُخْت لغير أم , وَعم فَأخذ الزَّوْج النّصْف وَاحِدًا وَأخذت الْأُخْت النّصْف الآخر وَاحِدًا [سقط] الْعم فِي الْمَسْأَلَة لِأَنَّهُ عاصب وَلم يبْق بعد أَصْحَاب الْفُرُوض شَيْء مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ العاصب فِي الْمَسْأَلَة الْمُشْتَركَة أَو غَيرهَا , وَلَا تتمشى على قواعدنا وَهِي زوج وَأم وإخوة لأم اثْنَان أَو أَكثر ذُكُورا كَانُوا أَو إِنَاثًا أَو ذكرا وَأُنْثَى وإخوة لغَيْرهَا فَالْمَسْأَلَة من سِتَّة للزَّوْج النّصْف ثَلَاثَة وَللْأُمّ السُّدس وَاحِد وللإخوة من الْأُم اثْنَان وَسقط بَاقِي الْإِخْوَة لاستغراق الْفُرُوض التَّرِكَة وهم عصبَة , فَهَذَا دَاخل تَحت قَوْله: مُطلقًا ,

(2/553)


وان انْفَرد العاصب أَخذ جَمِيع المَال كَمَا لَو مَاتَ عَن ابْن فَقَط أَو عَم أَو أَخ وَنَحْوه فَإِنَّهُ يسْتَقلّ بِالْمَالِ وَحده لَكِن هَذَا اسْتثِْنَاء من حكم الْعَصَبَات للْجدّ أَبى الْأَب ول الْأَب ثَلَاث حالات ف حَالَة يرثان فِيهَا بِالتَّعْصِيبِ فَقَط أَي دون الْفَرْض وَذَلِكَ مَعَ عدم الْوَلَد وَعدم ولد الابْن كَمَا إِذا مَاتَ شخص عَن أَب فَقَط أَو جد فَقَط. وَحَالَة يرثان فِيهَا بِالْفَرْضِ فَقَط أَي دون التَّعْصِيب وَذَلِكَ مَعَ ذكوريته أَي الْوَلَد كَمَا لَو مَاتَ عَن أَب وَابْن , أَو جد وَابْن , فَإِن الْأَب أَو الْجد يَرث بِالْفَرْضِ وَحده وَهُوَ سدس التَّرِكَة وَالْبَاقِي للِابْن , وَحَالَة يرثان فِيهَا بِالْفَرْضِ والتعصيب مَعًا فيجمعان بَينهمَا وَذَلِكَ مَعَ أنوثيته أَي الْوَلَد كَمَا إِذا مَاتَ عَن بنت وَأب أَو جد , فَإِن للْأَب أَو الْجد السُّدس فرضا , وللبنت النّصْف فرضا وَالْبَاقِي للْأَب أَو الْجد تعصيبا , وَترجع بالاختصار إِلَى اثْنَيْنِ للتوافق بَين الْأَنْصِبَاء. وَأعلم أَن النِّسَاء كُلهنَّ صاحبات فرض وَلَيْسَ فِيهِنَّ عصبَة إِلَّا الْمُعتقَة , وَإِن الرِّجَال كلهم عصبات بِأَنْفسِهِم إِلَّا الزَّوْج وَولد الْأُم فَإِنَّهُمَا صاحبا فرض. وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فَأكْثر من وَاحِدَة مَعَ بنت فَأكْثر [أَو] مَعَ بنت ابْن فَأكْثر عصبَة مَعَهُنَّ أَو مَعَ إِحْدَاهُنَّ يرثن أَي الْأُخْت أَو الْأَخَوَات لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب مَا فضل عَن الْبِنْت أَو بنت الابْن كالإخوة فبنت وَبنت ابْن وَأُخْت لغير أم من سِتَّة , للْبِنْت النّصْف ثَلَاثَة , ولبنت الابْن السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَاحِد وَالْبَاقِي اثْنَان للْأُخْت تعصيبا. وَلَو كَانَ بنتان وَبنت ابْن وَأُخْت لغير أم فللبنتين الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي للْأُخْت تعصيبا وَلَا شَيْء لبِنْت الابْن لاستغراق البنتين الثُّلثَيْنِ ,

(2/554)


وَلَو كَانَ بنتان وَبنت ابْن وَأُخْت لغير أم وَأم فللأم السُّدس وللبنتين الثُّلُثَانِ يفضل سدس تَأْخُذهُ الْأُخْت تعصيبا وَتسقط بنت الابْن. وَالِابْن وَابْنه وَالْأَخ لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب يعصبون أخواتهم فللذكر مِنْهُم مثلاما لأنثى من التَّرِكَة. قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَأَرْبَعَة من الذُّكُور يعصبون أخواتهم ويمنعونهن الْفَرْض ويقتسمون مَا ورثوا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , وهم الابْن وَابْنَة وَالْأَخ من الْأَب. ويعصب ابْن الابْن بنت عَمه أَيْضا فيمنعها الْفَرْض لِأَنَّهَا فِي دَرَجَته. انْتهى. وَمَتى كَانَ العاصب عَمَّا أَو ابْنه أَي ابْن عَم أَو كَانَ ابْن أَخ لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب انْفَرد بِالْإِرْثِ وَحده دون أخواته وَاحِدَة كَانَت أَو أَكثر , لِأَنَّهُنَّ من ذَوي الْأَرْحَام والعصبة مقدم على ذِي الرَّحِم، بِخِلَاف الابْن وَابْنه وَالْأَخ لغير أم فَإِنَّهُ يعصب أُخْته وَمَتى كَانَ أحد بني عَم زوجا أَو أَخا لَام اخذ فَرْضه وشارك البَاقِينَ وَإِن عدمت عصبَة النّسَب ورث الْمولى الْمُعْتق مُطلقًا أَي ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى لحَدِيث انما الْوَلَاء لمن اعْتِقْ وَحَدِيث (الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب) وَالنّسب يُورث فَكَذَا الْوَلَاء ثمَّ أَن لم يكن الْمُعْتق حَيا ورث عصبته أَي الْمُعْتق الذُّكُور يقدم الْأَقْرَب مِنْهُم إِلَى الْمُعْتق فَالْأَقْرَب كالنسب ثمَّ مَوْلَاهُ كَذَلِك ثمَّ الرَّد ثمَّ الرَّحِم وَيَأْتِي حكمهَا.

(2/555)


3 - (فصل)
أصُول الْمسَائِل جمع أصل أَي المخارج الَّتِي تخرج مِنْهَا فروضها والمسائل جمع مَسْأَلَة مصدر سَأَلَ سؤالا وَمَسْأَلَة. وَالْمرَاد بهَا هَهُنَا المسئولة من بَاب إِطْلَاق الْمصدر على إسم الْمَفْعُول. وَهِي سَبْعَة لِأَن الْفُرُوض القرآنية سِتَّة: النّصْف وَالرّبع وَالثمن وَهِي نوع وَالثُّلُثَانِ وَالثلث وَالسُّدُس وَهِي نوع أَيْضا ومخارجها مُفْردَة خَمْسَة لِاتِّحَاد مخرج الثُّلثَيْنِ و [أَرْبَعَة] مِنْهَا لَا تعول وَهِي الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة وَالثَّمَانِيَة وهى أَي الْأَرْبَعَة الَّتِي لَا تعول مَا كَانَ فِيهَا فرض وَاحِد أَو فرضان من نوع وَاحِد فنصفان كَزَوج وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب من اثْنَيْنِ مخرج النّصْف وتسميان باليتيمين تَشْبِيها بِالدرةِ الْيَتِيمَة الَّتِي لَا نَظِير لَهَا. لانهما فرضان متساويان أَو نصف والبقية كَزَوج وَأب أَو أَخ لغير أم أَو عَم وَابْنه كَذَلِك من اثْنَيْنِ مخرج النّصْف للزَّوْج وَاحِد وَالْبَاقِي للعاصب وَثُلُثَانِ والبقية من ثَلَاثَة كبنتين وَأَخ لغير أم أَو ثلث والبقية كأبوين أَو ثلثان وَثلث كأختين لأم وأختين لغَيْرهَا من ثَلَاثَة لِاتِّحَاد المخرجين وَربع والبقية كَزَوج وَابْن من أَرْبَعَة مخرج الرّبع

(2/556)


أَو ربع مَعَ النّصْف والبقية كَزَوج وَبنت عَم من أَرْبَعَة لدُخُول مخرج النّصْف فِي مخرج الرّبع وَثمن والبقية كَزَوج وَابْن من ثَمَانِيَة مخرج الثّمن للزَّوْجَة الثّمن وَالْبَاقِي سَبْعَة للِابْن أَو ثمن مَعَ النّصْف والبقية كَزَوْجَة وَبنت عَم من ثَمَانِيَة لدُخُول مخرج النّصْف فِي مخرج الثّمن. هَذِه الْأَرْبَعَة لَا تزاحم فِيهَا الْفُرُوض إِذْ الْأَرْبَعَة وَالثَّمَانِيَة لَا تكون إِلَّا نَاقِصَة أَي فِيهَا عاصب , والاثنان وَالثَّلَاثَة تَارَة تَكُونَانِ كَذَلِك وَتارَة تَكُونَانِ عادلتين , والعادلة مَا سَاوَى مَالهَا فروضها. وَثَلَاثَة أصُول وَهِي الْبَاقِيَة تعول أَي يتَصَوَّر عولها , يُقَال عَال الشَّيْء إِذا زَاد وَغلب , قَالَ فِي الْقَامُوس:
وَالْفَرِيضَة عالت فِي الْحساب زَادَت وَارْتَفَعت وعلتها أَنا وأعلتها انْتهى. وَهِي أَي الْأُصُول الثَّلَاثَة الَّتِي تعول مَا فَرضهَا نَوْعَانِ فَأكْثر كَنِصْف مَعَ ثلثين أَو ثلث , وكربع وَسدس أَو ثلث أَو ثلثين وكثمن وَسدس فَنصف مَعَ ثلثين كَزَوج وأختين لغير أم من سِتَّة وتعول إِلَى سَبْعَة أَو نصف مَعَ [ثلث] كَزَوج وَأم وَعم من سِتَّة أَو نصف مَعَ سدس كَزَوج وَأَخ لأم وَعم من سِتَّة لتباين المخرجين فِي الْأَوَّلين وَدخُول مخرج النّصْف فِي مخرج السُّدس فِي الثَّالِثَة , وَتَصِح بِلَا عول كَزَوج وَأم وأخوين لأم وَتسَمى مَسْأَلَة الْإِلْزَام وتعول السِّتَّة إِلَى عشرَة شفعا ووترا فتعول الى سَبْعَة كَزَوج وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَجدّة , وَكَذَا زوج وأختان لغير أم , أَو زوج وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وَأُخْت لأَب وَأم , وَكَذَا أُخْت لِأَبَوَيْنِ وَأُخْت لأَب وَولدا أم وَأم.

(2/557)


وَإِلَى ثَمَانِيَة كَزَوج وَأم وَأُخْت لغَيْرهَا , وَتسَمى المباهلة , وَإِلَى تِسْعَة كَزَوج وَولدا أم وأختين لغير أم وَتسَمى الغراء والمروانية , وَكَذَا زوج وَأم وَثَلَاث أَخَوَات متفرقات , وَإِلَى عشرَة كَزَوج وَأم وأختين لأم وأختين لغَيْرهَا ,
وَتسَمى أم الفروخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة لِكَثْرَة عولها , وَلَا تعول مَسْأَلَة أَصْلهَا سِتَّة إِلَى أَكثر من عشرَة؛ لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يجْتَمع فِيهَا فروض أَكثر من هَذِه وَربع مَعَ ثلثين كَزَوج وبنتين وَعم , وكزوجة وشقيقتين وَعم من إثنى عشر لتباين المخرجين أَو ربع مَعَ ثلث كَزَوْجَة وَأم وَأَخ لغَيْرهَا من أثني عشر لما تقدم أَو ربع مَعَ سدس كَزَوج وَأم وأبن , أَو زَوْجَة وَجدّة وَعم من اثْنَي عشر لتوافق مخرج الرّبع وَالسُّدُس بِالنِّصْفِ وَحَاصِل ضرب النّصْف أَحدهمَا فِي الآخر مَا ذكر , وَتَصِح بِلَا عول كَزَوْجَة وَأم وَأَخ لأم وعاصب وتعول الاثنا عشر إِلَى سَبْعَة عشر لَا أَكثر وترا لَا شفعا , وَلَا بُد فِي هَذَا الأَصْل أَن يكون الْمَيِّت أحد الزَّوْجَيْنِ فتعول إِلَى ثَلَاثَة عشر كَزَوج وبنتين وَأم , وكزوجة وَأُخْت لغير أم وَوَلَدي أم. والى خَمْسَة عشر كَزَوج وبنتين وأبوين وَكَذَا زَوْجَة وأختان لغير أم , وَولدا أم. وَإِلَى سَبْعَة عشر كثلاث زَوْجَات وجدتين وَأَرْبع أَخَوَات لأم وثماني أَخَوَات لغَيْرهَا وَتسَمى: أم الأرامل لأنوثة الْجَمِيع , وَأم الْفروج بِالْجِيم , والدينارية الصُّغْرَى , وَلَا يكون الْمَيِّت فِي العائلة إِلَى سَبْعَة عشر إِلَّا ذَلِك , وَثمن مَعَ السُّدس كَزَوْجَة وَأم وَابْن من أَرْبَعَة وَعشْرين؛ لِأَن الثّمن من ثَمَانِيَة وَالسُّدُس من سِتَّة وهمامتوافقان بِالنِّصْفِ , وَحَاصِل ضرب أَحدهمَا

(2/558)


فِي نصف الآخر أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ أَو ثمن مَعَ ثلثين كَزَوْجَة وبنتين وَعم من أَرْبَعَة وَعشْرين لتباين مخرج الثّمن والثلثين
أَو ثمن مَعَ هما أَي الثُّلثَيْنِ وَالسُّدُس كَزَوْجَة وبنتي ابْن وَأم وَعم من أَرْبَعَة وَعشْرين للتوافق بَين مخرج السُّدس وَالثمن مَعَ دُخُول مخرج الثُّلثَيْنِ فِي مخرج السُّدس , وَلَا يجْتَمع الثّمن مَعَ الثُّلُث لِأَن الثّمن لَا يكون إِلَّا لزوجة مَعَ فرع وَارِث وَلَا يكون الثُّلُث فِي مَسْأَلَة فِيهَا فرع وَارِث وتعول الْأَرْبَعَة وَالْعشْرُونَ مرّة وَاحِدَة
فَقَط إِلَى سَبْعَة وَعشْرين كَزَوْجَة وبنتين وأبوين , أَو بدل البنتين بِنْتا وَتسَمى المنبرية؛ لِأَن عليا سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ على الْمِنْبَر , والبخيلة لقلَّة عولها. وَتَصِح من أَرْبَعَة وَعشْرين بِلَا عول كَزَوْجَة وبنتين وَأم واثنى عشر أَخا وَأُخْت لغير أم , للزَّوْجَة الثّمن ثَلَاثَة وللبنتين الثُّلُثَانِ سِتَّة عشر , لكل وَاحِدَة ثَمَانِيَة وَللْأُمّ السُّدس أَرْبَعَة ,
يبْقى للإخوة وَالْأُخْت وَاحِد على عدد رؤوسهم خَمْسَة وَعشْرين لَا يَنْقَسِم وَلَا يُوَافق , فَاضْرب خَمْسَة وَعشْرين فِي أَصْلهَا أَرْبَعَة وَعشْرين تبلغ سِتّمائَة وَمِنْهَا تصح للزَّوْجَة ثَلَاثَة من أَصْلهَا مَضْرُوبَة فِي خَمْسَة وَعشْرين بِخَمْسَة وَسبعين ,
وللبنتين سِتَّة عشر مَضْرُوبَة فِي خَمْسَة وَعشْرين بأربعمائة , لكل وَاحِدَة مِائَتَان
وَللْأُمّ أَرْبَعَة فِي خَمْسَة وَعشْرين بِمِائَة , وَيبقى للإخوة وَالْأُخْت خَمْسَة وَعِشْرُونَ لكل أَخ سَهْمَان وَللْأُخْت سهم , وَتسَمى الدينارية الْكُبْرَى والركابية والشاكية.
ثمَّ أَخذ يتَكَلَّم على الرَّد فَقَالَ وان فضل عَن صَاحب [الْفَرْض] أَو [الْفُرُوض] شَيْء أَي لم تستغرق الْفُرُوض التَّرِكَة وَالْحَال أَنه لَا عصبَة هُنَاكَ رد فَاضل عَن الْفَرْض على كل ذِي فرض بِقدر فَرْضه كالغرماء يقتسمون مَال الْمُفلس بِقدر دُيُونهم

(2/559)


مَا عدا الزَّوْجَيْنِ فَلَا يرد عَلَيْهِمَا نصا من حَيْثُ الزَّوْجِيَّة لِأَنَّهُمَا رحم لَهما. فَإِن رد على وَاحِد أَخذ الْكل فرضا وردا. وَيَأْخُذ جمَاعَة من جنس وَاحِد كبنات بِالسَّوِيَّةِ. ثمَّ شرع فِي الْكَلَام على قسم التركات فَقَالَ: وَإِذا كَانَت التَّرِكَة مَعْلُومَة وَأمكن نِسْبَة سهم كل وَارِث من الْمَسْأَلَة بِجُزْء كخمس أَو عشر وَنَحْوه فَلهُ أَي ذَلِك الْوَارِث من التَّرِكَة مثل نسبته أَي نِسْبَة سَهْمه إِلَى الْمَسْأَلَة , فَلَو مَاتَت امْرَأَة من مائَة دِينَار وَعَن زوج وأبوين وابنتين فَالْمَسْأَلَة عائلة الى خَمْسَة عشر , للزَّوْج ثَلَاثَة وَهِي خمس الْمَسْأَلَة فَلهُ خمس التَّرِكَة عشرُون وَلكُل وَاحِد من الْأَبَوَيْنِ اثْنَان من الْخَمْسَة عشر وهما ثلثا خمسها فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا ثلثا خمس التَّرِكَة ثَلَاثَة عشر دِينَارا وَثلث دِينَار , وَلكُل وَاحِد من البنتين أَرْبَعَة من الْمَسْأَلَة ونسبتها إِلَى الْخَمْسَة عشر خمس وَثلث خمس فأعط كل وَاحِدَة مِنْهُمَا سِتَّة وَعشْرين دِينَارا وثلثي دِينَار فَهِيَ ضعف مَا لكل وَاحِد من الْأَبَوَيْنِ. وَإِن شِئْت ضربت سهامه أَي سِهَام كل وَارِث فِي التَّرِكَة وَقسمت الْحَاصِل على الْمَسْأَلَة فَمَا خرج ف هُوَ نصِيبه , فسهام الزَّوْج ثَلَاثَة اضربها فِي مائَة واقسم الثلاثمائة على الْمَسْأَلَة خَمْسَة عشر يحصل كَمَا سبق , وَاضْرِبْ لكل من الْأَبَوَيْنِ اثْنَيْنِ فِي مائَة واقسم الْمِائَتَيْنِ على الْخَمْسَة عشر يخرج كَمَا سبق وَاضْرِبْ لكل من البنتين أَرْبَعَة فِي مائَة واقسم الأربعمائة على الْخَمْسَة عشر يحصل كَمَا سبق وان شِئْت قسمته على غير ذَلِك من الطّرق كَمَا إِذا قسمت الْمَسْأَلَة على نصيب كل وَارِث ثمَّ قسمت التَّرِكَة على خَارج الْقِسْمَة فَيخرج حَقه ,

(2/560)


فَفِي الْمِثَال نصيب الزَّوْج من الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة اقْسمْ الْمَسْأَلَة عَلَيْهَا يخرج خَمْسَة , اقْسمْ الْمِائَة عَلَيْهَا يخرج لَهُ عشرُون وَنصِيب كل من الْأَبَوَيْنِ اثْنَان اقْسمْ عَلَيْهَا الْخَمْسَة عشر يخرج سَبْعَة وَنصف ثمَّ اقْسمْ عَلَيْهَا الْمِائَة. وَنصِيب كل من البنتين أَرْبَعَة اقْسمْ عَلَيْهَا الْخَمْسَة عشر يحصل ثَلَاثَة وَثَلَاثَة أَربَاع , اقْسمْ عَلَيْهَا الْمِائَة يخرج كَمَا سبق وان شِئْت بِغَيْرِهِ من الطّرق.

(2/561)


3 - (فصل)
فِي بَيَان حكم ذَوي الْأَرْحَام وَكَيْفِيَّة توريثهم. الْأَرْحَام جمع رحم وَهِي الْقَرَابَة أَي النّسَب , وَاصْطِلَاحا كل قرَابَة لَيْسَ بِذِي فرض وَلَا عصبَة. وَاخْتلف فِي توريثهم فَقَالَ بتوريثهم عِنْد عدم الْعصبَة وَذَوي الْفُرُوض غير الزَّوْجَيْنِ أَبُو حنيفَة وَأحمد , وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يَنْتَظِم بَيت المَال , وَاسْتَدَلُّوا لذَلِك بِأَحَادِيث وَردت فِيهِ , وَكَانَ زيد لَا يورثهم وَلَا يَجْعَل الْبَاقِي لبيت المَال وَبِه قَالَ مَالك وَغَيره , وَلنَا قَوْله تَعَالَى: وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب اللَّه وَحَدِيث سهل بن حنيف أَن رجلا رمى رجلا بِسَهْم فَقتله , وَلم يتْرك إِلَّا خالا فَكتب فِيهِ أَبُو عبيده لعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَكتب إِلَيْهِ عمر أَنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول: الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ. رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَورد غَيره , وهم أَي ذَوُو الْأَرْحَام أحد عشر صنفا أَحدهَا ولد الْبَنَات الصلب أَو لِابْنِ , وَالثَّانِي ولد الْأَخَوَات لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَالثَّالِث

(2/562)


بَنَات الْأُخوة لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَالرَّابِع بَنَات الْأَعْمَام لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب وَالْخَامِس ولد ولد الْأُم ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى وَالسَّادِس الْعم لأم سَوَاء كَانَ عَم الْمَيِّت أَو عَم أَبِيه أَو عَم جده وان علا وَالسَّابِع العمات لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب أَو لأم , وَسَوَاء عمات الْأَب أَو عمات أَبِيه أَو جده وَالثَّامِن الأخوال والخالات للْمَيت ولأبويه أَو لأجداده أَو جداته وَالتَّاسِع أَبُو الْأُم وَأَبوهُ وان علا والعاشر كل جدة أدلت بأب بَين أميَّن كَأُمّ أبي الْأُم أَو أدلت ب [أَب أَعلَى من الْجد] كَأُمّ أبي الْجد وان علا وَالْحَادِي عشر من أدلى بهم أَي بِوَاحِد من صنف مِمَّن سبق , كعمة الْعمة أَو الْعم وخال الْعمة أَو الْخَال وَأخي أبي الْأُم وَعَمه وخاله وَنَحْوهم وانما يَرِثُونَ أَي ذَوُو الْأَرْحَام إِذا لم يكن أَي يُوجد صَاحب فرض وَلَا عصبَة , بتنزيلهم منزلَة من أدلوا بِهِ فَينزل كل مِنْهُم منزلَة من أدلى بِهِ من الْوَرَثَة بِدَرَجَة أَو دَرَجَات حَتَّى يصل إِلَى من يَرث فَيَأْخُذ مِيرَاثه , فولد بنت لصلب أَو لِابْنِ وَولد أُخْت كَأُمّ كل مِنْهُم , فَينزل الأول منزلَة الْبِنْت وَالثَّانِي منزلَة بنت الابْن , وَالثَّالِث منزلَة الْأُخْت ثمَّ يَجْعَل نصيب كل وَارِث بِفَرْض أَو تعصيب لمن أدلى بِهِ من ذَوي الْأَرْحَام وَذكرهمْ أَي ذَوي الْأَرْحَام كأنثاهم فِي الْإِرْث أَي من غير تَفْضِيل ولزوج أَو زَوْجَة مَعَهم أَي ذَوي الْأَرْحَام فَرْضه بِالزَّوْجِيَّةِ بِلَا حجب للزَّوْج من النّصْف الى الرّبع وللزوجة من الرّبع إِلَى الثّمن فَلَا يحجبان بِأحد من ذَوي الْأَرْحَام وب لَا عول لِأَن فرض الزَّوْجَيْنِ بِنَصّ الْقُرْآن فر يحجبان بذوي الْأَرْحَام وهم غير مَنْصُوص عَلَيْهِم , وَأَيْضًا فذو الرَّحِم

(2/563)


لَا يَرث مَعَ ذِي الْفَرْض
وَإِنَّمَا ورث مَعَ أحد الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يرد عَلَيْهِ فَيَأْخُذ أحد الزَّوْجَيْنِ فَرْضه وَالْبَاقِي بعد فَرْضه لَهُم أَي لِذَوي الْأَرْحَام كانفرادهم , فلبنت بنت وَبنت وَبنت أُخْت أَو بنت أَخ بعد فرض الزَّوْجِيَّة الْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ. وَمن لَا وَارِث لَهُ فَمَاله
لبيت المَال وَلَيْسَ وَارِثا وَإِنَّمَا يحفظ المَال الضائع فَهُوَ جِهَة ومصلحة.

(2/564)


3 - (فصل)
فِي مِيرَاث الْحمل والمفقود والخنثي والغرقى وَأهل الْملَل والمطلقة وَالْإِقْرَار بمشارك فِي الْمِيرَاث وَالْقَاتِل وَالْمُعتق بعضه , فَقَالَ رَحمَه الله: وَالْحمل - بِفَتْح الْحَاء -
بقال امْرَأَة حَامِل وحاملة إِذا كَانَت حُبْلَى يَرث الْحمل وَيُورث عَنهُ ملكه بِإِرْث أَو وَصِيَّة إِن اسْتهلّ أَي صَوت بعد وضع كُله صَارِخًا نصا أَو عطس أَو تنفس أَو ارتضع أَو وجد مِنْهُ دَلِيل يدل على حَيَاته كحركة طَوِيلَة وسعال؛ لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تدل على الْحَيَاة المستقرة فَيثبت لَهُ حكم المستهل سوى حَرَكَة أَو سوى تنفس يسيرين أَو اخْتِلَاج , قَالَ الْمُوفق: وَلَو علم مَعهَا حَيَاة لِأَنَّهُ لَا يعلم استقرارها لاحْتِمَال كَونهَا الْمَذْبُوح. وَإِن ظهر بعضه فَاسْتهلَّ ثمَّ انْفَصل مَيتا , فَكَمَا لَو لم يستهل وَإِن طلب الْوَرَثَة الْقِسْمَة أَي قسْمَة التَّرِكَة لم يجبروا على الصَّبْر

(2/565)


وَقسمت ووقف لَهُ أَي الْحمل الْأَكْثَر من ارث ذكرين أَو انثيين وَيدْفَع لمن لَا يَحْجُبهُ الْحمل إِرْثه كَامِلا وَيدْفَع لمن ينقصهُ أَي يَحْجُبهُ حجب نُقْصَان الْيَقِين وَهُوَ أقل مِيرَاثه , وَلَا يدْفع لمن يسْقطهُ شَيْء فَإِذا ولد الْحمل وَتبين أَن إِرْثه أقل مِمَّا وقف لَهُ أَخذ نصِيبه من ورد مَا بَقِي بعد فَرْضه لمستحقه وَإِن أعوز شَيْئا بِأَن وقف لَهُ نصيب ذكرين فَولدت ثَلَاثَة ذُكُور رَجَعَ على كل من هُوَ فِي يَده.
ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث الْمَفْقُود وَمن انْقَطع جبره لغيبه ظَاهرهَا السَّلامَة كالأسر وَطلب الْعلم انْتظر تَتِمَّة تسعين سنة مُنْذُ ولد , فَإِن فقد ابْن تسعين اجْتهد الْحَاكِم.
وَإِن كَانَ غالبها الْهَلَاك كطريق الْحجاز أَو فقد من بَين أَهله وَنَحْوه انْتظر تَتِمَّة أَربع سِنِين مُنْذُ فقد ثمَّ يقسم مَاله لِأَنَّهَا مُدَّة يتَكَرَّر فِيهَا تردد الْمُسَافِرين والتجار فانقطاع خَبره عَن أَهله مَعَ غيبته على هَذَا الْوَجْه يغلب فِيهِ ظن الْهَلَاك , إِذْ لَو كَانَ بَاقِيا لم يَنْقَطِع خَبره إِلَى هَذِه الْغَايَة , ولاتفاق الصَّحَابَة على اعْتِدَاد امْرَأَته بعد تربصها هَذِه الْمدَّة وحلها للأزواج بعد , ويزكي مَاله قبل قسمه لما مضى , وَإِن قدم بعد قسم مَاله أَخذ مَا وجده بِعَيْنِه وَرجع على من أَخذ الْبَاقِي. ثمَّ شرعت فِي الْكَلَام على مِيرَاث الْخُنْثَى , وَهُوَ من لَهُ شكل ذكر وَفرج أُنْثَى وَيعْتَبر ببوله ,
فسبقه من أَحدهمَا , وَإِن خرج مِنْهُمَا مَعًا اعْتبر أكثرهما , فَإِن اسْتَويَا فمشكل من أشكل الْأَمر الْتبس , فَإِن رُجي كشفه أعْطى وَمن مَعَه الْيَقِين لتظهر ذُكُور يته
بنبات لحية وَنَحْوهَا أَو أنوثته بحيض وَنَحْوه , فَإِن مَاتَ أَو بلغ بِلَا أَمارَة أَخذ نصف إِرْثه بِكَوْنِهِ ذكرا فَقَط كَوَلَد أخي الْمَيِّت أَو عَمه أَو نصف إِرْثه بِكَوْنِهِ أُنْثَى فَقَط كَوَلَد أَب مَعَ زوج

(2/566)


وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ وان ورث بهما تَسَاويا كَوَلَد أم فَلهُ السُّدس سَوَاء ظَهرت ذكوريته أَو أنوثته أَو بقى على إشكاله , وان ورث بهما مُتَفَاضلا
فطريقه أَن تعْمل الْمَسْأَلَة على أَنه ذكر ثمَّ على أَنه أُنْثَى. وَيُسمى مَذْهَب المنزلين , ثمَّ اضْرِب إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى إِن تباينا , أَو وفقها إِن اتفقَا وتجتزىء بِإِحْدَاهُمَا إِن تماثلتا وبأكبرهما إِن تداخلنا ثمَّ اضْرِب الْحَاصِل فِي اثْنَيْنِ عدد حَالي الْخُنْثَى ثمَّ من لَهُ شَيْء من إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اضربه فِي الْأُخْرَى إِن تباينتاأو فِي وفقها إِن توافقتا
واجمع مَاله فيهمَا إِن تماثلتا , وَمن لَهُ شَيْء من أقل العدديين اضربه فِي نِسْبَة أقل الْمَسْأَلَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى ثمَّ يُضَاف الى مَاله من أكثرهما إِن تناسبتا. فَإِذا كَانَ ابْن وَبنت وَولد خُنْثَى فمسألة ذكوريته من خَمْسَة وأنوثته من أَرْبَعَة فَاضْرب إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى لتباينهما تكن عشْرين ثمَّ فِي اثْنَيْنِ تكن أَرْبَعِينَ , للْبِنْت سهم من أَرْبَعَة فِي خَمْسَة وَسَهْم من خَمْسَة فِي أَرْبَعَة تِسْعَة ,
وللذكر سَهْمَان فِي خَمْسَة وسهمان فِي أَرْبَعَة ثَمَانِيَة عشر وللخنثى سهم فِي خَمْسَة
وسهمان فِي أَرْبَعَة ثَلَاثَة عشر , وَكَذَلِكَ يفعل فِي الْبَقِيَّة.
ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث الغرقى وَنَحْوهم. وَإِذا علم موت متوارثين مَعًا فَلَا إِرْث لأَحَدهمَا من الآخر فَإِن جهل الأسبق أَو علم ثمَّ نسى أَو جهلوا عينه , فان يدع
وَرَثَة كل سبق موت الآخر ورث كل صَاحبه من تلاد مَاله - بِكَسْر التَّاء أَي قديم مَاله - الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يملكهُ دون مَا وَرثهُ من الْمَيِّت مَعَه فَيقدر أَحدهمَا
مَاتَ أَولا وَيُورث الآخر مِنْهُ ثمَّ يقسم مَا وَرثهُ على الْأَحْيَاء من ورثته ثمَّ يصنع
بِالثَّانِي كَذَلِك ثمَّ بالثالث كَذَلِك وَهَكَذَا.

(2/567)


ثمَّ لنتكلم على مِيرَاث أهل الْملَل. وَلَا يَرث مباين فِي دين إِلَّا بِالْوَلَاءِ وَإِلَّا إِذا أسلم كَافِر قبل قسم مِيرَاث مُوَرِثه الْمُسلم فيرث مِنْهُ نصا وَلَو كَانَ الْوَارِث مُرْتَدا حِين موت مُوَرِثه. وَيَرِث الْكفَّار بَعضهم بَعْضًا وَلَو أَن أَحدهمَا ذمِّي وَالْآخر حَرْبِيّ , أَو
مستأمن وَالْآخر ذمِّي أَو حَرْبِيّ إِن اتّفقت أديانهم , وهم ملل شَتَّى لَا يتوارثون مَعَ
اختلافها.
ثمَّ نتكلم على مِيرَاث الْمُطلقَة. وَيثبت الْإِرْث لأحد الزَّوْجَيْنِ فِي مُدَّة رَجْعِيَّة سَوَاء طَلقهَا فِي الصِّحَّة أَو الْمَرَض , وَيثبت الْمِيرَاث لَهَا فَقَط فِي تهمته بِقصد حرمانها بِأَن
أَبَانهَا فِي مرض مَوته الْمخوف أَو سَأَلته أقل من ثَلَاث فَطلقهَا ثَلَاثًا وَنَحْو ذَلِك.
ثمَّ نتكلم على مِيرَاث الْإِقْرَار بمشارك فِي الْمِيرَاث. وَإِذا أقرّ كل الْوَرَثَة وهم
مكلفون وَلَو بِنْتا , وَلَيْسوا أَهلا للشَّهَادَة بوارث مشارك لمن أقرّ فِي الْمِيرَاث كَابْن يقر بِابْن آخر أَو يقر بمسقط لَهُ كأخ يقر بإبن للْمَيت، وَلَو من أمته أَي الْمَيِّت نصا فَصدقهُ مقرّ بِهِ أَو كَانَ صَغِيرا أَو مَجْنُونا ثَبت إِرْثه , لَكِن يشْتَرط لثُبُوت نِسْبَة إِمَّا إِقْرَار جَمِيع الْوَرَثَة حَتَّى الزَّوْج وَولد الْأُم أَو شَهَادَة عَدْلَيْنِ , فَلَا تقبل شَهَادَة إِنْسَان , فَإِن لم يقر جمعيهم ثَبت نسبه وإرثه مِمَّن أقرّ بِهِ فَقَط.
ثمَّ تكلم على عدم مِيرَاث الْقَاتِل فَقَالَ رَحمَه الله: [وَمن قتل مُوَرِثه وَلَو] كَانَ الْقَتْل بمشاركة أَو ب سَبَب كحفر بِئْر أَو نصب نَحْو سكين أَو وضع حجر أَو رش مَاء أَو إِخْرَاج جنَاح بطرِيق أَو جِنَايَة مَضْمُونَة من بَهِيمَة وَنَحْو ذَلِك لم يَرِثهُ لحَدِيث لَيْسَ لقَاتل شَيْء وَمحل ذَلِك إِن

(2/568)


لزمَه أَي الْقَاتِل بِمُبَاشَرَة أَو تقود أَو لزمَه
دِيَة أَو لزمَه كَفَّارَة , فَمن شربت دَوَاء , فَأسْقطت لزمتها غرَّة عبد أَو أمة وَلَا تَرث مِنْهَا شَيْئا , وَكَذَلِكَ لَا يَرث من سقى وَلَده وَنَحْوه دَوَاء أَو أدبه أَو فصده أَو بسط
سلْعَته لحَاجَة فَمَاتَ جزم بِهِ فِي الْمُنْتَهى , وَاخْتَارَ الْمُوفق وَالشَّارِح أَن من أدب وَلَده وَنَحْوه أَو بسط سلْعَته لحَاجَة يَرِثهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِقْنَاع لِأَنَّهُ غير مَضْمُون , وَمَا لَا يضمن شَيْئا من هَذَا كَالْقَتْلِ قصاصا أَو حدا أَو دفعا عَن نَفسه وكقتل الْعَادِل الْبَاغِي وَعَكسه فِي الْحَرْب فَلَا يمْنَع الْإِرْث.
ثمَّ شرع فِي الْكَلَام على بَيَان منع مِيرَاث الرَّقِيق وَبَيَان مِيرَاث الْمبعض فَقَالَ رَحمَه
الله: [وَلَا يَرث رَقِيق] بِجَمِيعِ أَنْوَاعه كالمدبر وَالْمكَاتب وَالْمُعَلّق عتقه بِصفة وَأم الْوَلَد
وَلَا يُورث لِأَن فِيهِ نقصا منع كَونه مورثا فَمنع كَونه وَارِثا. وَأَجْمعُوا على أَن
الْمَمْلُوك لَا يُورث لِأَنَّهُ لَا مَال لَهُ وَلِأَن سَيّده أَحَق بمنافعه واكتسابه فِي حَيَاته فَكَذَا بعد مماته وَيَرِث مبعض وَيُورث ويحجب بِقدر حُرِّيَّته وَكَسبه وإرثه بجزئه الْحر لوَرثَته , فَابْن نصفه حر وَأم وَعم حران فَلهُ نصف مَاله لَو كَانَ حرا وَهُوَ ربع وَسدس وَللْأُمّ ربع لِأَن الابْن الْحر يحجبها عَن سدس فنصفه الْحر يحجبها عَن نصف سدس فلهَا سدس وَنصف ومجموعها الرّبع , وَالْبَاقِي وَهُوَ ثلث للعم تعصيبا وَتَصِح من اثْنَي عشر للْأُم ثَلَاثَة وللمبعض خَمْسَة وللعم أَرْبَعَة , وَبنت وَأم
نصفهما حر وَأب حر للْبِنْت نصف مَا لَهَا لَو كَانَت حرَّة وَهُوَ ربع لِأَنَّهَا تَرث النّصْف لَو كَانَت حرَّة , وَللْأُمّ مَعَ حريتها ورق الْبِنْت

(2/569)


ثلث , وَالسُّدُس مَعَ حريَّة الْبِنْت فقد حَجَبتهَا عَن السُّدس فبنصفها تحجبها عَن نصفه , يبْقى للْأُم الرّبع لَو كَانَت حرَّة فلهَا بِنصْف حريتها نصفه وَهُوَ الثّمن. وَالْبَاقِي وَهُوَ نصف وَثمن للْأَب فرضا وتعصيبا , وَتَصِح من ثَمَانِيَة للْأُم وَاحِد وللبنت اثْنَان وَللْأَب خَمْسَة ,
وَإِن حصل بَينه وَبَين سَيّده مهيأة فَكل تركته لوَرثَته وَإِلَّا فبينهما بِالْحِصَصِ.

(2/570)