كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

 (كتاب النِّكَاح)
كتاب النِّكَاح. مصدر نكح من بَاب ضرب وَهُوَ لُغَة الْوَطْء الْمُبَاح قَالَه الْأَزْهَرِي وَقَالَ الْجَوْهَرِي: النِّكَاح الْوَطْء وَقد يكون العقد , ونكحتها ونكحت أَي تزوجت. انْتهى. وَإِذا قَالُوا: نكح فُلَانَة أَو ابْنة فلَان أَرَادوا عقد عَلَيْهَا وَإِذا قَالُوا نكح امْرَأَته أَو زَوجته لم يُرِيدُوا إِلَّا المجامعة لقَرِينَة ذكر امْرَأَته أَشَارَ أليه أَو عَليّ الْفَارِسِي. وَفِي اللُّغَة اسْم للْجمع بَين شَيْئَيْنِ وَمِنْه قَوْله: أَيهَا المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كَيفَ يَجْتَمِعَانِ وَهُوَ شرعا حَقِيقَة فِي عقد التَّزْوِيج مجَاز فِي الْوَطْء وَالْأَشْهر أَن لفظ النِّكَاح مُشْتَرك فِي العقد وَالْوَطْء فيطلق على كل مِنْهُمَا على انْفِرَاده حَقِيقَة. قَالَ فِي الْإِنْصَاف: وَعَلِيهِ الْأَكْثَر. انْتهى. وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام: فَالْأول مَا أَشَارَ أليه بقوله يسن النِّكَاح مَعَ شَهْوَة لمن لم يخف الزِّنَا من رجل وَامْرَأَة وَلَو فَقِيرا عَاجِزا عَن الْإِنْفَاق نَص عَلَيْهِ واشتغاله بِهِ أفضل من التخلي لنوافل الْعِبَادَات. وَالثَّانِي: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَيجب النِّكَاح بِنذر وعَلى من يخافه أَي الزِّنَا بترك النِّكَاح وَلَو ظنا من رجل وَامْرَأَة لانه يلْزمه إعفاف

(2/577)


نَفسه وصرفها عَن الْحَرَام وَطَرِيقَة النِّكَاح وَيقدم حِينَئِذٍ على حج وَاجِب. الثَّالِث يُبَاح لمن لَا شَهْوَة لَهُ أصلا كعنين وَمن ذهبت شَهْوَته لنَحْو مرض وَكبر. وَلَا يَكْتَفِي فِي الْوُجُوب بِمرَّة بل يكون فِي مَجْمُوع الْعُمر ليحصل الإعفاف وَصرف النَّفس عَن الْحَرَام. وَيجوز نِكَاح مسلمة بدار حَرْب الضَّرُورَة لغير أَسِير ويعزل وجوبا قَالَ فِي الْمُغنِي: وَأما الْأَسير فَظَاهر كَلَام الإِمَام 16 (أَحْمد) لَا يحل لَهُ التَّزْوِيج مَا دَامَ أَسِيرًا. وَيسن نِكَاح وَاحِدَة أَن حصل بهَا الإعفاف لَا اكثر لانه تَعْرِيض للْمحرمِ قَالَه فِي شرح الْمُنْتَهى حسية وهى النسيبة أَو طيبَة الأَصْل ليَكُون وَلَدهَا نجيبا لابنت زنا ولقيطة وهى من لَا يعرف أَبوهَا. جميلَة قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : إِذا خطب الرجل امْرَأَة سَأَلَ عَن جمَالهَا أَولا فَإِن حمد سَأَلَ عَن دينهَا فَإِن حمد تزوج وَإِن لم يحمد رد لأجل الدّين وَلَا يسْأَل أَولا عَن الدّين فَإِن 16 (حمد) سَأَلَ عَن الْجمال فان لم يحمد ردهَا للجمال لَا للدّين. انْتهى. دينه أَي ذَات دين لحَدِيث آبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدّين تربت يداك مُتَّفق عَلَيْهِ

(2/578)


أَجْنَبِيَّة فَإِن وَلَدهَا يكون أَنْجَب وَلِأَنَّهُ لَا يُؤمن فراقها فأفضى مَعَ الْقَرَابَة إِلَى قطيعة الرَّحِم الْمَأْمُور بصلتها والعداوة. ذَات عقل لَا حمقاء بكر لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام (فَهَلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) مُتَّفق عَلَيْهِ إِلَّا أَن تكون الْمصلحَة فِي نِكَاح الثّيّب ارجح فيقدمها على الْبكر. لحَدِيث أنس مَرْفُوعا (تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَانِي مُكَاثِر بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة) رَوَاهُ سعيد وَيعرف كَون الْبكر ولودا بِكَوْنِهَا من نسَاء يعرفن بِكَثْرَة الْأَوْلَاد. وَيُبَاح لمريد خطْبَة امْرَأَة بِكَسْر الْخَاء مَعَ غَلَبَة [ظن إِجَابَة] لَهُ [نظر] ويكرره ويتأمل المحاسن بِلَا إِذن الْمَرْأَة: قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَلَعَلَّه أولى إِلَى مَا يظْهر مِنْهَا أَي الْمَرْأَة غَالِبا كوجه ورقبة وَيَد وَقدم بِلَا خلْوَة بهَا أَن أَمن الشَّهْوَة أَي ثوراتها وَله أَي الرجل نظر ذَلِك أَي الْوَجْه والرقبة وَالْيَد والقدم وَنظر رَأس وسَاق من ذَوَات مَحَارمه وَهن من يحرمن عَلَيْهِ بِنسَب أَو سَبَب مُبَاح كرضاع لحرمتها لقَوْله تَعَالَى: (وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن أَو ءابائهن) الْآيَة. وَيُبَاح نظر إِلَى هَذِه الْأَعْضَاء السِّتَّة من أمة ظَاهر صَنِيع المُصَنّف لَا فرق بَين كَون الْأمة مستامة وَهِي الْمَطْلُوب شراؤها أَو غير مستامة قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَكَذَا الْأمة غير المستامة وَهُوَ أصوب فِي التَّنْقِيح حَيْثُ قَالَ: وَمن أمة غير مستامة إِلَى غير عَورَة صَلَاة. وَتَبعهُ فِي الْمُنْتَهى قَالَ فِي شَرحه: وَمَا ذكره فِي التَّنْقِيح مُخَالف للمعنى

(2/579)


الَّذِي أُبِيح النّظر من أَجله وَقَالَ: وَالَّذِي يظْهر التَّسْوِيَة بَينهمَا كَمَا ذكره صَاحب الْإِقْنَاع. ولعَبْد نظر ذَلِك من مولاته لَا مبعض ومشترك. وَيجوز أَن ينظر مِمَّن لَا تشْتَهي كعجوز وقبيحة وبرزة ونحوهن إِلَى غير عَورَة صَلَاة وَقَالَ فِي الْكَافِي: يُبَاح النّظر مِنْهَا إِلَى مَا يظْهر غَالِبا انْتهى. وَيحرم نظر خصي ومجبوب وممسوح إِلَى أَجْنَبِيَّة. ولشاهد ومعامل نظر وَجه مشهود عَلَيْهَا تحملا وَأَدَاء عِنْد الْمُطَالبَة مِنْهُ لتَكون الشَّهَادَة وَاقعَة على عينهَا , وَنَصه: وَنظر كفيها لحَاجَة ولطبيب مَسّه. وَلمن يَلِي خدمَة مَرِيض وَلَو أُنْثَى فِي وضوء أَو استنجاء نظر وَمَسّ دعت الْحَاجة إِلَيْهِ. وَيجوز نظره لأمته الْمُحرمَة عَلَيْهِ بتزويج وَنَحْوه كالوثنية والمجوسية , ولحرة مُمَيزَة دون تسع وَنظر الْمَرْأَة للْمَرْأَة وَنظر الرجل للرجل وَلَو أَمْرَد إِلَى مَا عدا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَلَا يجوز النّظر الى أحد مِمَّن ذكرنَا بِشَهْوَة أَو مَعَ خوف ثورانها , ولمس كنظر وَأولى , وَصَوت الْأَجْنَبِيَّة لَيْسَ بِعَوْرَة , وَيحرم تلذذ بِسَمَاعِهِ وَلَو بِقِرَاءَة. وَلكُل من الزَّوْجَيْنِ نظر جَمِيع بدن الآخر ولمسه بِلَا كَرَاهَة حَتَّى فرجهَا - نصا - كَبِنْت دون سبع , وَكره نظر اليه حَال الْحيض , زَاد فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى وَحَال الْوَطْء. انْتهى. وَتَقْبِيله بعد الْجِمَاع لَا قبله وَكَذَا سيد مَعَ أمته الْمُبَاحَة لَهُ ,

(2/580)


وَحرم تَصْرِيح وَهُوَ مَا لَا يحْتَمل غير النِّكَاح بِخطْبَة مُعْتَدَّة بَائِن قَالَ فِي الْمُبْدع: بِالْإِجْمَاع , وَمثلهَا مستبرأة عتقت بِمَوْت سَيِّدهَا على غير زوج تحل لَهُ كالمخلوعة والمطلقة دون ثَلَاث على عوض؛ لِأَنَّهُ يُبَاح نِكَاحهَا فِي عدتهَا أشبهت غير الْمُعْتَدَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ , فان وطِئت بِشُبْهَة أَو زنا فِي عدتهَا فالزوج كَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهَا لَا تحل إِذن كالمطلقة ثَلَاثًا , وَحرم أَيْضا وَهُوَ مَا يفهم مِنْهُ النِّكَاح مَعَ احْتِمَال غَيره بِخطْبَة رَجْعِيَّة لِأَنَّهَا فِي حكم الزَّوْجَات أشبهت الَّتِي فِي صلب النِّكَاح. وَيجوز التَّعْرِيض فِي عدَّة وَفَاة وَفِي خطْبَة مُعْتَدَّة بَائِن وَلَو بِغَيْر ثَلَاث , وَالْمَرْأَة فِي الْجَواب كَالرّجلِ فِيمَا يحل وَيحرم من تَصْرِيح وتعريض ,
فَيجوز للبائن التَّعْرِيض فِي عدتهَا دون التَّصْرِيح لغير من تحل لَهُ إِذا , وَيحرم على الرَّجْعِيَّة التَّعْرِيض وَالتَّصْرِيح فِي الْجَواب مَا دَامَت فِي الْعدة. وَكَيْفِيَّة التَّرْغِيب: اني فِي مثلك لراغب , وَلَا تفوتيني بِنَفْسِك. وتجيبه هِيَ: مَا يرغب عَنْك , وان قضى شَيْء كَانَ. وَتحرم خطْبَة على خطْبَة مُسلم أُجِيب تَصْرِيحًا أَو تعريضا , إِن علم الثَّانِي إِجَابَة الأول. وَسن عقده أَي النِّكَاح يَوْم الْجُمُعَة مسَاء لِأَنَّهُ يَوْم شرِيف وَيَوْم عيد وَالْبركَة فِي النِّكَاح مَطْلُوبَة , فاستحب لَهُ أشرف الْأَيَّام طلبا للتبرك. وَيسن أَن يكون العقد بعد خطْبَة بِضَم الْخَاء عبد الله بن مَسْعُود رضى الله عَنهُ وَعَن جَمِيع الصَّحَابَة وَهِي: إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونتوب إِلَيْهِ. وتعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أعمالنامن يهد الله فَلَا مضل لَهُ , وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ.

(2/581)


وَأشْهد أَلا اله إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. وَيقْرَأ ثَلَاث آيَات: (اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ) (اتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا) (اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا) الْآيَة. وَبعد فان الله تَعَالَى أَمر بِالنِّكَاحِ وَنهى عَن السفاح فَقَالَ تَعَالَى مخبرا وآمرا
(وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وامائكم إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم اللَّه من فَضله وَالله وَاسع عليم) . ويجزيء من ذَلِك أَن يتَشَهَّد وَيُصلي على النَّبِي
وَالْمُسْتَحب خطْبَة وَاحِدَة لاثنتان إِحْدَاهمَا من الزَّوْجَة , وَكَانَ الإِمَام أَحْمد إِذا حضر عقد نِكَاح وَلم يخْطب فِيهِ بهَا قَامَ وتركهم , وَلَيْسَت وَاجِبَة بل مُسْتَحبَّة. وَسن أَن يُقَال لمتزوج: بَارك الله لَكمَا وعليكما وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير وعافية. فَإِذا زفت إِلَيْهِ سنّ قَوْله: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا و [خير] مَا جبلتها عَلَيْهِ , وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا جبلتها عَلَيْهِ.

(2/582)


فصل فِي بَيَان أَرْكَان النِّكَاح وشروطه أَرْكَانه ثَلَاثَة: الأول الزَّوْجَانِ الخاليان من الْمَوَانِع أَي مَوَانِع النِّكَاح من نسب أَو سَبَب كرضاع ومصاهرة وَاخْتِلَاف دين بِأَن يكون مُسلما وَهِي مَجُوسِيَّة أَو كَونهَا فِي عدَّة , أَو أَحدهمَا محرما. وَالثَّانِي إِيجَاب أَي اللَّفْظ الصَّادِر من الْوَلِيّ أَو من يقوم مقَامه بِلَفْظ أنكحت أَو لفظ زوجت وَإِن فتح ولى تَاء زوجت فَقيل يَصح النِّكَاح سَوَاء كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ أَو لَا , قَادِرًا على النُّطْق بِالضَّمِّ أَو لَا - وَأفْتى بِهِ الْمُوفق - ذكره فِي الْمُنْتَهى , وَقيل لَا يَصح إِلَّا من جَاهِل وعاجز قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى للمؤلف: وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر. انْتهى. وَقطع بِهِ فِي الْإِقْنَاع. وَيصِح إِيجَاب بِلَفْظ زوجت بِضَم الزاى وَفتح التَّاء على الْبناء للْمَفْعُول.
وَالثَّالِث قبُول مَعْطُوف على إِيجَاب بِلَفْظ قبلت فَقَط أَو بِلَفْظ رضيت فَقَط أَي من غير ذكر نِكَاح أَو بقوله مَعَ هَذَا النِّكَاح أَي قبلت هَذَا النِّكَاح أَو رضيت هَذَا النِّكَاح أَو بقوله تَزَوَّجتهَا وَفِي الْفُرُوع: أَو رضيت بِهِ. وَيصِح إِيجَاب وَقبُول من هازل لحَدِيث ثَلَاث

(2/583)


جدهن جد وهزلهن جد: النِّكَاح , وَالطَّلَاق , وَالرَّجْعَة وَلَا يَصح بِكِتَابَة وَإِشَارَة إِلَّا من أخرس فيصحان مِنْهُ بِالْإِشَارَةِ نصا كَبَيْعِهِ وطلاقه ,
وَإِذا صَحا بِالْإِشَارَةِ فالكتابة أولى لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الصَّرِيح فِي الطَّلَاق وَالْإِقْرَار.
وان ترَاخى قبُول عَن إِيجَاب حَتَّى تفَرقا أَو تشاغلا بِمَا يقطعهُ عرفا بَطل الْإِيجَاب.
وَلَا بُد من كَونهمَا مرتبين , فان تقدم الْقبُول على الْإِيجَاب لم يَصح النِّكَاح وَمن جهلهما أَي الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِالْعَرَبِيَّةِ لم يلْزمه تعلم أَرْكَانه بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَو قدر عَلَيْهِ وَكَفاهُ مَعْنَاهُمَا الْخَاص بِكُل لِسَان أَي لُغَة؛ لِأَنَّهُ عقد مُعَاوضَة كَالْبيع بِخِلَاف تَكْبِير الصَّلَاة؛ وَلِأَن الْمُفِيد هَاهُنَا الْمَعْنى دون اللَّفْظ المعرب بِخِلَاف الْقِرَاءَة.
وشروطه أَي النِّكَاح أَرْبَعَة: الأول تعْيين الزَّوْجَيْنِ فِي العقد؛ لِأَن النِّكَاح عقد مُعَاوضَة أشبه البيع فَلَا يَصح إِن قَالَ زَوجتك ابْنَتي , وَله غَيرهَا حَتَّى يميزها باسم وَصفَة لَا يشاركها فِيهَا غَيرهَا كالكبرى أَو الطَّوِيلَة أَو الْبَيْضَاء , وَالْكَبِير أَو الْقصير أَو الْأَبْيَض , أَو يُشِير إِلَيْهَا وهى حَاضِرَة كهذه. وَإِن لم يكن لَهُ غَيرهَا صَحَّ لعدم الالتباس حَتَّى وَلَو سَمَّاهَا بِغَيْر اسْمهَا. وَالشّرط الثَّانِي رضاهما أَي رضَا زوج مُكَلّف وَلَو رَقِيقا فَلَيْسَ لسَيِّده إِجْبَاره لِأَنَّهُ يملك الطَّلَاق فَلَا يجْبر على النِّكَاح كَالْحرِّ , ورضا

(2/584)


زَوْجَة حرَّة عَاقِلَة ثيبة ثمَّ لَهَا تسع سِنِين وَلها إِذن صَحِيح مُعْتَبر نصا فَيشْتَرط مَعَ ثيوبه وَيسن مَعَ بكارة نصا , لَكِن لأَب وَوَصِيَّة فِي نِكَاح تَزْوِيج صبي
صَغِير , وتزويج بَالغ معتوه وتزويج مَجْنُونَة سَوَاء كَانَت بَالِغَة أَو لَا وثيبا أَو لَا , وَلَو
كَانَت بِلَا شَهْوَة لِأَن ولَايَة الْإِجْبَار انْتَفَت عَن الْعَاقِلَة بخيرة نظرها لنَفسهَا بِخِلَاف الْمَجْنُونَة , وَله تَزْوِيج ثيب لَهَا من الْعُمر دون تسع بِإِذْنِهَا وبدونه , وَله تَزْوِيج بكر مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَت بَالِغَة أَو لَا بِإِذْنِهَا أَو لَا , وَلَيْسَ ذَلِك للْجدّ كسيد مَعَ إمائه وَمَعَ عَبده الصَّغِير أَي كَمَا يملك السَّيِّد وَلَو فَاسِقًا إِجْبَار أمته كَبِيرَة كَانَت أَو صَغِيرَة بكرا أَو ثَيِّبًا قِنَا أَو مُدبرَة أَو أم ولد , وَعَبده الصَّغِير وَلَو مَجْنُونا لَا الْكَبِير الْعَاقِل كَمَا تقدم آنِفا , وَأما الْمَجْنُونَة فَإِنَّهُ يُزَوّجهَا لحاجتها إِلَى النِّكَاح كل ولي لدفع ضررالشهوة عَنْهَا وصيانتها عَن الْفُجُور وَتَحْصِيل الْمهْر وَالنَّفقَة والعفاف وصيانة الْعرض , وتعرف شهوتها من كَلَامهَا وقرائن أحوالها كتتبعها الرِّجَال وميلها إِلَيْهِم. فَلَا يُزَوّج بَاقِي الْأَوْلِيَاء صَغِيرَة لَهَا دون تسع سِنِين بِحَال من الْأَحْوَال سَوَاء أَذِنت أَو لَا؛ لِأَنَّهُ لَا إِذن لَهَا وَغير الْأَب ووصيه لَا إِجْبَار لَهُ وَلَا يُزَوّج بَاقِي الْأَوْلِيَاء بنت تسع سِنِين فَأكْثر إِلَّا بِإِذْنِهَا وَهُوَ أَي الْإِذْن صمَات بكر أَي سكوتهاوكذا ضحكها أَو بكاؤها , ونطقها أبلغ من صماتها لِأَنَّهُ الأَصْل , وَاكْتفى

(2/585)


بصمات
الْبكر لاستحيائها , ونطق ثيب عطف على مَا قبله وَهِي من وطِئت فِي قبلهَا بِآلَة
الرِّجَال وَلَو بزنا أَو مَعَ عود الْبكارَة. وَيشْتَرط فِي الاسْتِئْذَان تَسْمِيَة الزَّوْج على وَجه تقع مَعْرفَتهَا بِهِ , بِأَن يذكر نسبه ومنصبه وَنَحْوه مِمَّا يَتَّصِف بِهِ لتَكون على بَصِيرَة فِي إِذْنهَا فِي تَزْوِيجه لَا تَسْمِيَة مهر , وَالشّرط الثَّالِث الْوَلِيّ نصا إِلَّا على
النَّبِي لقَوْله تَعَالَى 19 (: (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم)) وَالْأَصْل فِي اشْتِرَاط الْوَلِيّ حَدِيث أبي مُوسَى مَرْفُوعا لَا نِكَاح إِلَّا بولِي رَوَاهُ الْخَمْسَة إِلَّا النَّسَائِيّ وَصَححهُ الإِمَام 16 (أَحْمد) وان معِين قَالَه الْمَرْوذِيّ. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا أَيّمَا
امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل وَلَيْسَ لَهَا انكاح غَيرهَا بِالطَّرِيقِ الأولى , فعلى هَذَا إِذا كَانَ لمحجور عَلَيْهَا لصِغَر أَو جُنُون أَو سفه أمة وأرادت تَزْوِيجهَا لمصْلحَة فيزوجها ولي مولاتها فِي مَالهَا , وَأما أمة المكلفة الرشيدة فيزوجها ولي سيدتها فِي النِّكَاح لِامْتِنَاع ولَايَة النِّكَاح فِي حَقّهَا لأنوثتها , فثبتت لأوليائها كولاية نَفسهَا بِشَرْط إِذن سيدتها نطقا وَلَو كَانَت سيدتها بكرا. وشروطه أَي الْوَلِيّ سِتَّة: أَحدهَا تَكْلِيف وَهُوَ أَن يكون بَالغا عَاقِلا فَلَا ولَايَة لصغير وَمَجْنُون مطبق لِأَن الْولَايَة يعْتَبر لَهَا كَمَال

(2/586)


الْحَال , لِأَنَّهَا تَنْفِيذ تصرف فِي حق غَيره , فان جن أَحْيَانًا أَو أُغمي عَلَيْهِ أَو نقص عقله بِنَحْوِ مرض , أَو أحرم انْتظر وَلَا يَنْعَزِل وَكيله أيطريان ذَلِك. وَالثَّانِي ذكورة لِأَن الْمَرْأَة لَا تثبت لَهَا ولَايَة على نَفسهَا فعلى غَيرهَا أولى. وَالثَّالِث حريَّة أَي كمالها لِأَن العَبْد والمبعد لَا يستقلان بِالْولَايَةِ على أَنفسهمَا , فعلى غَيرهمَا بِالطَّرِيقِ الأولى , إِلَّا مكَاتبا فانه يُزَوّج أمته وَالرَّابِع رشد وَهُوَ هَاهُنَا معرفَة الْكُفْء ومصالح النِّكَاح , وَلَيْسَ حفظ المَال فَإِن رشد كل مقَام بِحَسبِهِ لَا كَونه بَصيرًا أَو متكلما إِذا فهمت إِشَارَته. وَالْخَامِس اتِّفَاق دين الْوَلِيّ والمولي عَلَيْهَا فَلَا ولَايَة لكَافِر على مسلمة , وَلَا لنصراني على مَجُوسِيَّة وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا توارث بِالنّسَبِ. وَالسَّادِس عَدَالَة نصا لما روى عَن ابْن عَبَّاس: لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل. قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : أصح شَيْء فِي هَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَلَو كَانَ عدلا ظَاهرا فَيَكْفِي مَسْتُور الْحَال كولاية المَال إِلَّا فِي سُلْطَان فَلَا يشْتَرط فِي ولَايَته الْعَامَّة عَدَالَة للْحَاجة وَإِلَّا فِي سيد أمة لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملكه كَمَا لَو آجرها ,

(2/587)


وَيقدم بِنِكَاح الْحرَّة أَولا وجوبا أَب لِأَنَّهُ أكمل نظرا وَأَشد نَفَقَة فَوَجَبَ تَقْدِيمه فِي الْولَايَة , ثمَّ بعد الْأَب يقدم وَصِيّه أَي الْأَب فِيهِ أَي النِّكَاح , ثمَّ بعد الْأَب ووصيه يقدم جد لأَب وَإِن علا جدوده , فَيقدم على الابْن وَابْنه لِأَن لَهُ ايلادا وتعصيبا فَقدم عَلَيْهِمَا كَالْأَبِ , فان اجْتمع أجداد فأولاهم أقربهم كالجد مَعَ الْأَب ثمَّ بعد مَا ذكر فِي الأحقية بِالْولَايَةِ ابْن الْحرَّة فابنه وان نزل فَيقدم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَهَكَذَا على تَرْتِيب الْمِيرَاث فَيقدم أَخ لِأَبَوَيْنِ فلأب فَعم لِأَبَوَيْنِ فلأب , ثمَّ بنوهما كَذَلِك وَهَكَذَا على تَرْتِيب الْمِيرَاث , ثمَّ الْمولي الْمُنعم أَي الْمُعْتق ثمَّ أقرب عصبته إِلَيْهِ نسبا ثمَّ أقرب عصبته إِلَيْهِ وَلَاء , ثمَّ مولي الْمولي ثمَّ عصبته كَذَلِك وَهَكَذَا على تَرْتِيب الْمِيرَاث , ثمَّ بعد من تقدم ذكرهم الأحق بِالْولَايَةِ السُّلْطَان وَهُوَ الإِمَام الْأَعْظَم أَو نَائِبه , قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : و 16 (القَاضِي) أحب إليَّ من الْأَمِير.
انْتهى. وَلَو من بغاة إِذا استولوا على بلد فَيجْرِي فِيهِ حكم سلطانهم وقاضيهم مجري الإِمَام وقاضيه. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: تَزْوِيج الْأَيَامَى فرض كِفَايَة إِجْمَاعًا فَإِن أَبَاهُ حَاكم إِلَّا يظلم كطلبه جعلا لَا يسْتَحقّهُ صَار وجوده كَالْعدمِ. فَإِن عدم الْكل زَوجهَا ذُو سُلْطَان فِي مَكَانهَا كعضل أوليائها مَعَ عدم إِمَام أَو نَائِبه فِي مَكَانهَا , فان تعذر وكلت عدلا يُزَوّجهَا. قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) فِي دهقان قَرْيَة: يُزَوّج من لَا ولي لَهَا إِذا احتاط لَهَا فِي الْكُفْء وَالْمهْر إِن لم يكن فِي الرستاق قَاض. لِأَن اشْتِرَاط الْوَلِيّ

(2/588)


فِي هَذِه الْحَالة يمْنَع النِّكَاح بِالْكُلِّيَّةِ فان عضل الْوَلِيّ الْأَقْرَب والعضل الِامْتِنَاع يُقَال: دَاء عضال إِذا أعيا الطَّبِيب دواؤه وَامْتنع. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين:
وَمن صور العضل إِذا امْتنع الْخطاب لشدَّة الْوَلِيّ. انْتهى. ويفسق بِهِ إِن تكَرر مِنْهُ
أَو لم يكن الْوَلِيّ الْأَقْرَب أَهلا لولاية التَّزْوِيج كَمَا لَو كَانَ طفْلا أَو كَافِرًا أَو فَاسِقًا أَو عبدا أَو كَانَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب مُسَافِرًا سفرا فَوق مَسَافَة قصر وَلَا تقطع إِلَّا بِمَشَقَّة وكلفة قطع بِهِ فِي الْإِقْنَاع وَلم يُقيد فِي الْمُنْتَهى بمسافة الْقصر بل قَالَ: إِذا غَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة وَهِي مَالا تقطع إِلَّا بكلفة ومشقة. الْمُنْتَهى. أَو تَعَذَّرَتْ مُرَاجعَته لحبس أَو أسر , أَو كَانَ غَائِبا لَا يعلم أَقَرِيب هُوَ أم بعيد , أَو علم أَنه قريب وَلم يعلم مَكَانَهُ زوج - جَوَاب الشَّرْط - امْرَأَة حرَّة ولى أبعد أَي من يَلِي الْأَقْرَب الْمَذْكُور فِي الْولَايَة فَإِن عضلوا كلهم زَوجهَا حَاكم. وَزوج أمة غَابَ سَيِّدهَا أَو تَعَذَّرَتْ مُرَاجعَته بأسر وَنَحْوه حَاكم لِأَن لَهُ النّظر فِي مَال الْغَائِب وَنَحْوه , وَإِن زوج حَاكم أَو أبعد بِلَا عذر للأقرب لم يَصح النِّكَاح. وَالشّرط الرَّابِع [شَهَادَة رجلَيْنِ] على النِّكَاح احْتِيَاطًا للنسب خوف الْإِنْكَار لحَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا لَا بُد فِي النِّكَاح من حُضُور أَرْبَعَة: الْوَلِيّ وَالزَّوْج والشاهدان رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مكلفين
أَي بالغين عاقلين وَلَو رقيقين عَدْلَيْنِ وَلَو ظَاهرا وَلَا ينْقض لَو بانا فاسقين سميعين
ناطقين

(2/589)


مُسلمين وَلَو أَن الزَّوْجَة ذِمِّيَّة , وَلَو ضريرين من غير عمودي نسب الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلِيّ , وَلَا تشْتَرط الشَّهَادَة بخلوها عَن الْمَوَانِع وَلَا على إِذْنهَا لوَلِيّهَا ,
وَالِاحْتِيَاط الأشهاد لَهما قطعا للنزع. والكفاءة تكون فِي الزَّوْج وَهِي لُغَة الْمُمَاثلَة ,
والمساواة مُعْتَبرَة فِي خَمْسَة أَشْيَاء: الدّيانَة والصناعة والميسرة وَالْحريَّة , وَالنّسب , فَلَا يكون الْفَاجِر وَالْفَاسِق كفئا لعفيفة وَلَا الْحجام وَنَحْوه كفئا لبِنْت بزاز , وَلَا الْمُعسر كفئا للموسرة وَلَا العجمي وَهُوَ من لَيْسَ من الْعَرَب كفئا لعربية. وَهِي شَرط للزومه أَي النِّكَاح لَا لصِحَّته فَيحرم تَزْوِيجهَا لغيره أَي الْكُفْء إِلَّا بِرِضَاهَا وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد أَكثر الْمُتَأَخِّرين , قَالَ فِي الْمقنع وَالشَّرْح: وَهُوَ أصح , وَهَذَا قَول أَكثر أهل الْعلم فَيصح النِّكَاح مَعَ فقدها وَلمن لم يرض من امْرَأَة أَو عصبَة حَتَّى من يحدث الْفَسْخ فَيفْسخ أَخ مَعَ رضَا أَب , على التَّرَاخِي فَلَا يسْقط إِلَّا بِإِسْقَاط عصبَة أَو بِمَا يدل على رِضَاهَا من قَول أَو فعل. وَقدم فِي الْمُنْتَهى رِوَايَة أَنَّهَا شَرط للصِّحَّة قَالَ فِي شَرحه: وَهِي الْمَذْهَب عِنْد أَكثر الْمُتَقَدِّمين , وَعَلَيْهَا فَتكون حَقًا لله تَعَالَى وَلها ولأوليائها فَلَو رضيت مَعَ أوليائها بِغَيْر كُفْء لم يَصح , وَلَو زَالَت بعد عقد فلهَا فَقَط الْفَسْخ.

(2/590)


3 - (فصل)
. الْمُحرمَات فِي النِّكَاح ضَرْبَان: ضرب على الْأَبَد وَهُوَ خَمْسَة أَقسَام: قسم
بِالنّسَبِ وَهن سبع أَشَارَ إلَيْهِنَّ بقوله وَيحرم أبدا أم وَهِي الوالدة وَجدّة لأَب أَو
لأم وَإِن علت لقَوْله تَعَالَى (حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم) وأمهاتك كل من تنْسب إِلَيْهَا بِوِلَادَة وَبنت الصلب وَبنت ولد ذكرا كَانَت أَو أُنْثَى وَإِن سفلت وارثة كَانَت أَو غير وارثة لقَوْله تَعَالَى: (وبناتكم) وَلَو منفية بِلعان أَو من زنا وَأُخْت مُطلقًا أَي شَقِيقَة كَانَت أَو لأَب أَو لأم لقَوْله تَعَالَى: (وأخواتكم) وبنتها أَي الْأُخْت مُطلقًا وَبنت وَلَدهَا أَي الْأُخْت وان سفلت لقَوْله تَعَالَى: (وَبَنَات الْأُخْت) وَبنت كل أَخ شَقِيق أَو لأم أَو لأَب وبنتها أَي بنت بنت الْأَخ وَبنت ودلها وَإِن سفلت لقَوْله تَعَالَى: [وَبَنَات الْأُخْت] [وَبَنَات الْأَخ] وعمة مُطلقًا وَخَالَة مُطلقًا أَي
شَقِيقَة كَانَت الْعمة وَالْخَالَة أَو لأَب أَو لأم وَإِن علت كعمة أَبِيه وعمة أمه
لقَوْله تَعَالَى: (وعماتكم وخالاتكم) .

(2/591)


وَالْقسم الثَّانِي من الْمُحرمَات على الْأَبَد
الْمُحرمَات بِالرّضَاعِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَيحرم برضاع وَلَو كَانَ الْإِرْضَاع
محرما كمن أكره امْرَأَة على إِرْضَاع طِفْل فترضعه فَتحرم عَلَيْهِ لوُجُود سَبَب
التَّحْرِيم وَهُوَ الْإِرْضَاع مَا يحرم بِنسَب يَعْنِي أَن كل امْرَأَة حرمت بِنسَب حرم
مثلهَا من رضَاع حَتَّى من مصاهرة فَتحرم زَوْجَة أَبِيه وَولده من رضَاع إِلَّا أم
أَخِيه وَأُخْت ابْنه من رضَاع. وَالْقسم الثَّالِث من الْمُحرمَات على الْأَبَد مَا يحرم
بمصاهرة وَهن أَربع , ثَلَاث يحرمن من ب مُجَرّد عقد فَالْأول وَالثَّانِي حلائل عمودي جمع حَلِيلَة أَي زَوْجَات آبَائِهِ وأبنائه , وَسميت لِأَنَّهُ تحل إِزَار زَوجهَا ومحلة لَهُ. وَالثَّالِث أُمَّهَات زَوجته وَإِن علون من نسب ومثلهن من رضَاع فيحرمن
بِمُجَرَّد عقد نصا. وَالرَّابِع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَتحرم بِدُخُول ربيبة وَهِي بنت
زَوجته الَّتِي دخل بهَا وَتحرم بنتهَا وَبنت وَلَدهَا أَي الربيبة وَإِن سفلت من نسب
أَو رضَاع , فَإِن مَاتَت الزَّوْجَة أَو أَبَانهَا بعد خلْوَة وَقبل وَطْء لم تحرم بناتها لقَوْله
تَعَالَى: 19 (فان لم تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم) وَالْخلْوَة لَا تسمى دُخُولا.
وَلَا يحرم - بتَشْديد الرَّاء - وَطْء فِي مصاهرة إِلَّا بتغييب لحفشة أَصْلِيَّة فِي فرج أُصَلِّي وَلَو دبر وَظَاهره وَلَو بِحَائِل أَو شُبْهَة أَو زنا بِشَرْط حياتهما وَكَون مثلهمَا يطَأ ويوطأ مثله , فَلَو أولج ابْن دون عشر حَشَفَة فِي

(2/592)


فرج امْرَأَة أَو أولج ابْن عشر فَأكْثر حشفته فِي فرج بنت دون تسع لم يُؤثر فِي تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة , وَكَذَا تغيب بعض الْحَشَفَة والقبلة والمباشرة دون الْفرج لَا تَأْثِير لَهُ , وَيحرم بِوَطْء ذكر مَا يحرم بِوَطْء
امْرَأَة فَلَا يحل لكل من لائط وملوط بِهِ نِكَاح أم لآخر وَلَا ابْنَته. وَالْقسم الرَّابِع من الْمُحرمَات على الْأَبَد المرحمة بِاللّعانِ نصا فَمن لَا عَن زَوجته وَلَو فِي نِكَاح فَاسد أَو بعد إبانة لنفي ولد حرمت عَلَيْهِ أبدا وَلَو أكذب نَفسه. وَالْقسم الْخَامِس
من الْمُحرمَات على الْأَبَد زَوْجَات النَّبِي فيحرمن على غَيره , وَلَو من فَارقهَا فِي حَيَاته , وَهن أَزوَاجه دنيا وَأُخْرَى. وَالضَّرْب الثَّانِي من ضربي الْمُحرمَات فِي النِّكَاح الْمُحرمَات إِلَى أمد فَتحرم أُخْت معتدته حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا أَو أَي وَتحرم زَوجته حَتَّى يُفَارق أُخْتهَا وتنقضي عدتهَا أَو تَمُوت , أَو ملك أُخْت زَوجته أَو عَمَّتهَا أَو
خَالَتهَا فَكَذَلِك لَا بَين أُخْت شخص من أَبِيه وَأُخْته من أمه وَلَو فِي عقد وَاحِد وَمن ملك أُخْتَيْنِ وَنَحْوهمَا كامرأة وعمتها مَعًا صَحَّ وَله وَطْء آيتهما شَاءَ وَيحرم بِهِ وَطْء الْأُخْرَى نصا حَتَّى يحرم الْمَوْطُوءَة بِإِخْرَاج عَن ملكه وَلَو بِبيع للْحَاجة أَو هبة أَو تَزْوِيج بعد اسْتِبْرَاء , وَلَا يَكْفِيهِ مُجَرّد تَحْرِيمهَا وَلَا كتَابَتهَا وَلَا رَهنهَا وَلَا بيعهَا بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع , فَلَو خَالف ووطىء لزمَه إِن يمسك عَنْهُمَا حَتَّى يحرم إِحْدَاهمَا كَمَا تقدم , فَإِن عَادَتْ لملكه وَلَو قبل وَطْء الْبَاقِيَة لم يصب وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يحرم الْأُخْرَى ,

(2/593)