كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

وَلَيْسَ لحر جمع أَكثر من أَربع زَوْجَات إِلَّا النَّبِي فَكَانَ لَهُ أَن يتَزَوَّج أَي عدد شَاءَ وَنسخ تَحْرِيم الْمَنْع وَهُوَ قَوْله تَعَالَى
19 - (: (لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد)
الْآيَة. بقوله تَعَالَى 19 (: (ترجى من تشَاء مِنْهُنَّ) الْآيَة. وَلَيْسَ لعبد أَكثر من ثنيتين , وَيجوز لمن نصفه فَأكْثر حر جمع ثَلَاث زَوْجَات نصا ثنيتين بِنصفِهِ الْحر وَوَاحِدَة بِنصفِهِ الرَّقِيق وَلمن دون نصفه حر نِكَاح ثِنْتَيْنِ فَقَط. وَمن طلق وَاحِدَة من نِهَايَة جمعه كحر طلق وَاحِدَة من أَربع نسْوَة , وَعبد وَاحِدَة من ثِنْتَيْنِ حرم تزوجيه بدلهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا بِخِلَاف مَوتهَا. وَتحرم زَانِيَة إِذا علم زنَاهَا على الزَّانِي وَغَيره حَتَّى تتوب بِأَن ترواد على الزِّنَا فتمتنع نصا وَحَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا فَإِن تابت ونقضت عدتهَا حل نِكَاحهَا لزان وَغَيره , وَلَا يشْتَرط تَوْبَة الزَّانِي إِذا نَكَحَهَا. وَتحرم عَلَيْهِ مُطلقَة ثَلَاثًا سَوَاء كَانَ حد أَو لَا حَتَّى يَطَأهَا زوج غَيرهَا أَي غير الْمُطلق وطأ بِشَرْطِهِ وَهُوَ أَن يَطَأهَا بِنِكَاح صَحِيح فِي قبلهَا مَعَ الانتشار كَمَا يَأْتِي فِي الرّجْعَة. وتنقضي عدتهَا من الزَّوْج الَّذِي أنكحته. وَتحرم مُحرمَة حَتَّى تحل من إحرامها وَتحرم مسلمة على كَافِر وكافرة على مُسلم حَتَّى تسلم بقوله تَعَالَى: (وَلَا تنْكِحُوا

(2/594)


المشركات حَتَّى يُؤمن) إِلَّا حرَّة كِتَابِيَّة وَلَو حربية أبواها كتابيان وَلَو من بني تغلب وَمن فِي مَعْنَاهَا من نَصَارَى الْعَرَب ويهودهم. وَتحرم على حر مُسلم أمة مسلمة أَي نِكَاحهَا مَا لم يخف عنت عزوبة لحَاجَة مُتْعَة أَو خدمَة امْرَأَة لَهُ لكبر أَو مرض أَو نَحْوهمَا نصا , وَلَو كَانَ خوف الْعَنَت مَعَ صغر زَوجته الْحرَّة أَو غيبتها أَو مَرضهَا نصا. وَكَانَ يعجز عَن طول حرَّة أَي مَال حَاضر يَكْفِيهِ لنكاح حرَّة وَلَو كِتَابِيَّة أَو كَانَ يعجز عَن ثمن أمة وَلَو كِتَابِيَّة فَتحل لَهُ الْأمة حِينَئِذٍ وَالصَّبْر عَنْهَا مَعَ ذَلِك خير وَأفضل لقَوْله تَعَالَى 19 (: (وان تصبروا خير لكم) وَيحرم على عبد سيدته أَي نِكَاحهَا وَلَا يَصح وَلَو ملكت بعضه حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر إِجْمَاعًا. وَيُبَاح لأمة نِكَاح عبد وَلَو لابنها ولعَبْد نِكَاح أمة وَلَده وَيحرم على سيد أمته أَي أَن يَتَزَوَّجهَا لِأَن ملك الْيَمين أقوى , وَأمة مُكَاتبَة وَأمة لَهُ فِيهَا ملك وَأمة وَلَده من النّسَب دون الرَّضَاع فَلهُ أَن يتَزَوَّج أمة وَلَده من الرَّضَاع بِشَرْط كَالْأَجْنَبِيِّ , وَيحرم على حرَّة قن وَلَدهَا بِخِلَاف أمة وَتقدم قَرِيبا , وَمن جمع فِي عقد بَين مُبَاحَة ومحرمة كأيم وَزَوْجَة صَحَّ فِي الأيم. وَبَين أم وَبنت صَحَّ فِي الْبِنْت دون الْأُم وَمن حرم وَطْؤُهَا بِعقد كالمجوسية الوثنية والمرتدة وَنَحْو ذَلِك حرم وَطْؤُهَا بِملك يَمِين لِأَنَّهُ إِذا حرم النِّكَاح لكَونه طَرِيقا الى الْوَطْء فَهُوَ نَفسه أولى بِالتَّحْرِيمِ إِلَّا أمة كِتَابِيَّة فَيحرم نِكَاحهَا لَا وَطْؤُهَا بِملك

(2/595)


يَمِين لعُمُوم قَوْله تَعَالَى: (أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم) وَلِأَن نِكَاح الْكِتَابِيَّة إِنَّمَا حرم لأجل إرفاق الْوَلَد وبقائه مَعَ كَافِرَة وَهَذَا معدم فِي ملك الْيَمين. وَلَا يَصح نِكَاح خنثي مُشكل حَتَّى يتَبَيَّن أمره نصا. وَلَا يحرم فِي الْجنَّة زِيَادَة الْعدَد وَلَا الْجمع بَين الْمحرم وَغَيرهَا , لِأَنَّهَا لَيست دَار تَكْلِيف.

(2/596)


3 - (فصل)
. والشروط جمع شَرط وَتقدم تَعْرِيفه فِي الصَّلَاة , وَهُوَ هَاهُنَا مَا يَشْتَرِطه أحد الزَّوْجَيْنِ على الآخر مِمَّا لَهُ فِيهِ غَرَض صَحِيح وَلَيْسَ بمناف لمقْتَضى النِّكَاح , وَمحل الصَّحِيح مِنْهَا صلب العقد , وَكَذَا لَو اتفقَا عَلَيْهِ قبله , قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عَفا اللَّه عَنهُ. وَهِي فِي النِّكَاح نَوْعَانِ أَحدهمَا صَحِيح لَازم للزَّوْج فَلَيْسَ لَهُ فكه بِدُونِ إبانتها وَيسن وفاؤه بهَا وَذَلِكَ كَشَرط زِيَادَة مقدرَة فِي مهرهَا وَكَذَا لَو شرطت عَلَيْهِ نَفَقَة وَلَدهَا وَكسوته مُدَّة مُعينَة , وَيكون من الْمهْر أَو كَون الْمهْر من نقد معِين أَو لَا يُخرجهَا من دارها أَو بَلَدهَا أَو يتَزَوَّج أَو يتسرى عَلَيْهَا أَو لَا يفرق بَينهَا وَبَين أَبَوَيْهَا أَو أَوْلَادهَا أَو لَا يُسَافر بهَا أَو أَن ترْضع وَلَدهَا الصَّغِير أَو يُطلق ضَرَّتهَا أَو يَبِيع أمته فَيلْزم الزَّوْج ذَلِك كُله لِأَن فِيهِ قصدا صَحِيحا فَإِن لم يَفِ الزَّوْج بذلك أَي بِمَا شَرط عَلَيْهِ فلهَا أَي الزَّوْجَة الْفَسْخ على التَّرَاخِي إِن فعله لَا إِن عزم. وَلَا يسْقط إِلَّا بِمَا يدل على رِضَاهَا من قَول أَو تَمْكِين مَعَ الْعلم بِفِعْلِهِ مَا اشْترطت أَن لَا يَفْعَله , فَإِن مكنته قبل الْعلم بِهِ لم يسْقط فَسخهَا. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: لَو خدعها فسافر بهَا ثمَّ كرهته لم يكن لَهُ أَن يكرهها بعد ذَلِك. انْتهى.

(2/597)


وَمن شَرط أَن لَا يُخرجهَا من منزل أَبَوَيْهَا فَمَاتَ أَحدهمَا بَطل الشَّرْط. وَمن شرطت سكناهَا مَعَ أَبِيه ثمَّ أرادتها مُنْفَرِدَة فلهَا. وَالنَّوْع الثَّانِي فَاسد وَهُوَ نَوْعَانِ:
نوع يبطل العقد أَي عقد النِّكَاح من أَصله وَهُوَ أَرْبَعَة أَشْيَاء أَحدهَا [نِكَاح الشّغَار] بِكَسْر الشين وَهُوَ أَن يُزَوّج رجل رجلا ابْنَته أَو أُخْته وَنَحْوهمَا على أَن يُزَوجهُ الآخر وليته وَلَا مهر بَينهمَا , يُقَال شغر الْكَلْب إِذا رفع رجله ليبول فَسمى هَذَا النِّكَاح شغارا تَشْبِيها فِي الْقبْح بِرَفْع الْكَلْب رجله للبول - أَو يَجْعَل بضع كل وَاحِدَة مَعَ دَرَاهِم مَعْلُومَة مهر الْأُخْرَى , فَإِن سموا مهْرا مُسْتقِلّا غير قَلِيل وَلَا حِيلَة صَحَّ النِّكَاح نصا , وَإِن سمى لإحداهما صَحَّ نِكَاحهَا فَقَط. وَالثَّانِي نِكَاح الْمُحَلّل وَهُوَ أَن يتَزَوَّج الْمُطلقَة ثَلَاثًا على أَنَّهَا مَتى أحلهَا طَلقهَا أَو فَلَا نِكَاح , وَهُوَ حرَام بَاطِل لحَدِيث (لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ) أَو ينويه الزَّوْج وَلم يذكر الشَّرْط فِي العقد فَالنِّكَاح بَاطِل أَيْضا نصا , أَو يتَّفق قبل العقد وَلم يذكر فِي العقد فَلَا يَصح إِن لم يرجع عَنهُ وينو حَال العقد أَنه نِكَاح رَغْبَة , فَإِن حصل ذَلِك صَحَّ لخلوه عَن نِيَّة التَّحْلِيل وَالْقَوْل قَوْله فِي نِيَّته , أَو يُزَوّج عَبده بمطلقته ثَلَاثًا بنية هِبته أَو هبة بعضه لَهَا لأجل أَن يَنْفَسِخ نِكَاحهَا فَلَا يَصح.

(2/598)


وَالثَّالِث نِكَاح الْمُتْعَة وَهُوَ أَن يَتَزَوَّجهَا إِلَى مُدَّة مثل أَن يَقُول زَوجتك ابْنَتي شهرا أَو سنة وَنَحْوه أَو يَقُول هُوَ: أمتعيني نَفسك , فَتَقول: أمتعتك نَفسِي لَا بولِي وَلَا بِشَاهِد , أَو يَنْوِي طَلاقهَا بِقَلْبِه , أَو يتَزَوَّج الْغَرِيب بنية طَلاقهَا إِذا خرج إِلَى بَلَده. وَالرَّابِع نِكَاح الْمُعَلق إِلَى شَرط غير مَشِيئَة الله تَعَالَى كَقَوْلِه زَوجتك إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر أَو رضيت أمهَا أَو فلَان , أَو أَن وضعت زَوْجَتي بِنْتا فقد فقد زوجتكها وَيصِح زَوجتك فُلَانَة إِن كَانَت ابْنَتي أَو إِن كنت وَبهَا أَو إِن انْقَضتْ عدتهَا والعاقدان يعلمَانِ إِنَّهَا بنته أَو أَنه وَليهَا أَو أَن عدتهَا قد انْقَضتْ. أَو قَالَ زوجتكها إِن شِئْت فَقَالَ: شِئْت أَو قبلت وَنَحْوه , فَيصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بتعليق حَقِيقَة بل توكيد وتقوية. وَالنَّوْع الثَّانِي من نوعى الْفَاسِد [فَاسد] يَصح مَعَه النِّكَاح وَلَا يُبطلهُ النِّكَاح كَشَرط أَن لَا مهر أَو لَا نَفَقَة لَهَا أَو أَن يُقيم عِنْدهَا اكثر من ضَرَّتهَا أَو أقل وَيقسم لَهَا اكثر من ضَرَّتهَا أَو اقل مِنْهَا أَو أَن صدقهَا رَجَعَ , أَو يشترطان أَو أَحدهمَا عدم وَطْء وَنَحْوه كَقَوْلِه عَنْهَا: وَلَا تسلم نَفسهَا أليه أَلا بعد مُدَّة مُعينَة وَنَحْو ذَلِك بَطل الشَّرْط وَصَحَّ العقد. وان شَرط الزَّوْج [نفى عيب] عَن الزَّوْجَة لَا يفْسخ بِهِ إِي الْعَيْب النِّكَاح كشرطها سميعة أَو بَصِيرَة أَو ناطقة وَنَحْوه فَوجدَ مَا شَرط نَفْيه بهَا الزَّوْجَة فَلهُ الْفَسْخ لِأَنَّهُ شَرط صفة مَقْصُودَة أَو انه شَرطهَا مسلمة أَو قَالَ لَهُ الْوَلِيّ زَوجتك هَذِه الْمسلمَة أَو ظَنّهَا مسلمة

(2/599)


وَلم تعرف بتقدم كفر فَبَانَت كِتَابِيَّة أَو شَرطهَا بكرا أَو جميلَة أَو نسيبة فَبَانَت بِخِلَافِهِ فَلهُ الْخِيَار. وَمن تزوج أمته وَظن أَنَّهَا حرَّة أَو شَرط أَنَّهَا حرَّة فَولدت مِنْهُ مَعَ رقها فولده ويفيدي مَا ولدت حَيا لوقت يعِيش لمثله بِقِيمَتِه يَوْم الْولادَة , ثمَّ إِن كَانَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء فرق بَينهمَا وَإِلَّا فَلهُ الْخِيَار فَإِن رضى بالْمقَام مَعهَا فَإِن ولدت بعد ثُبُوت رقها فرقيق وَيرجع زوج بِالْفِدَاءِ وَالْمهْر الْمُسَمّى على من غره إِن كَانَ أَجْنَبِيّا وَإِن كَانَ سَيِّدهَا الْغَار وَلم تعْتق بذلك بِأَن لم يكن التَّغْرِير بِلَفْظ تحصل بِهِ الْحُرِّيَّة , أَو كَانَت هِيَ الْغَارة وهى مُكَاتبَة فَلَا مهر لسَيِّدهَا حَيْثُ كَانَ هُوَ الْغَار وَلَا مهر لَهَا أَن كَانَت هِيَ الْغَارة وَوَلدهَا مكَاتب فَيغرم أَبوهُ قِيمَته لَهَا إِن لم تكن هِيَ الْغَارة , وَيرجع بِمَا يغرمه على من غره. وَإِن كَانَت قِنَا تعلق مَا غرمه لسَيِّدهَا برقبتها. وَلمن عتقت كلهَا تَحت رَقِيق كُله الْفَسْخ بِغَيْر حكم حَاكم وَإِلَّا فَلَا فسخ.

(2/600)


3 - (فصل)
. فِي عُيُوب النِّكَاح وَنِكَاح الْكفَّار. وعيب نِكَاح أَي الْمُثبت للخيار ثَلَاثَة أَنْوَاع مِنْهَا نوع مُخْتَصّ بِالرجلِ كجب ذكره كُله أَو بعضه بِحَيْثُ لَا يُمكن الْجِمَاع بِمَا بقى وَيقبل قَوْلهَا فِي عدم إِمْكَانه أَو قطع خصيتيه أَو رض بيضتيه أَو سلهما وكعنة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون والعنين من لَا يُمكنهُ الْوَطْء لكبر أَو مرض وَنَوع مُخْتَصّ بالمرآة كسد فرج بقرن وعفل وَهُوَ لحم فِيهِ يسده فعلى هَذَا الْقرن والعفل فِي الْعُيُوب وَاحِد وَهُوَ قَول القَاضِي وَظَاهر الخرقى بِأَن لَا يسلكه الذّكر وكرتق بِفَتْح الرَّاء وَهُوَ تلاحم الشفرتين خلقَة لَا مَسْلَك للذّكر فِيهِ أَو بِهِ بخر أَو قُرُوح سيالة أَو كَونهَا فتقاء بانخراق سَبِيلهَا أَو بَين مخرج بَوْل مني وَكَونهَا مُسْتَحَاضَة وَنَوع مُشْتَرك بَينهمَا أَي الرجل والمرآة كجنون وَلَو أَحْيَانًا وجذام وبرص وبخر فَم واستطلاق بَوْل أَو غَائِط وباسور وناسور وقرع راس لَهُ رَائِحَة مُنكرَة فَيفْسخ النِّكَاح أَي فَيملك كل من الزَّوْجَيْنِ الْفَسْخ بِوُجُود كل وَاحِدَة على انفرادها من ذَلِك لما فِيهِ من النفرة

(2/601)


وَالنَّقْص أَو خوف تعدى أَذَاهُ أَو تعدى نَجَاسَته حَتَّى وَلَو حدث ذَلِك بعد دُخُول لِأَنَّهُ عيب فِي النِّكَاح ثَبت بِهِ الْخِيَار مُقَارنًا فأثبته طارئا كإعسار , وَلِأَنَّهُ عقد على مَنْفَعَة فحدوث الْعَيْب بهَا يثبت الْخِيَار كَالْإِجَارَةِ , وَلَا يفْسخ ب [غير] مَا ذكر من نَحْو عمى وعور وعرج وطرش وخرس وَقطع يَد أَو قطع رجل وقرع لَا ريح لَهُ وَكَون أَحدهمَا عقيما أَو نضوا أَي نحيفا جدا أَو سمينا جدا أَو كسيحا لِأَن ذَلِك كُله لَا يمْنَع الِاسْتِمْتَاع وَلَا يخْشَى تعديه إِلَّا بِشَرْط أَي كل من شَرط نفى ذَلِك كُله أَو بعضه فَلهُ شَرطه كَمَا تقدم فِي الْفَصْل السَّابِق. [وَمن ثبتَتْ عنته] بِإِقْرَارِهِ أَو بَيِّنَة عَلَيْهِ أَو طلبت يَمِينه فنكل وَلَو يدع وطئا سَابِقًا على دَعْوَاهَا [أجل] بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول سنة هلالية من حِين ترفعه الزَّوْجَة إِلَى الْحَاكِم لِأَن الْعَجز قد يكون لعنَّة وَقد يكون لمَرض فَتضْرب لَهُ سنة ليمر بِهِ الْفُصُول الْأَرْبَعَة فَإِن كَانَ من يبس زَالَ فِي زمن الرُّطُوبَة وَبِالْعَكْسِ وَإِن كَانَ من برودة زَالَ فِي فصل الْحَرَارَة وان كَانَ من احتراق مزاج زَالَ فِي فصل الِاعْتِدَال فان مَضَت الْفُصُول الْأَرْبَعَة وَلم يزل علم أَنَّهَا خلقَة وَلَا يحْتَسب عَلَيْهِ من السّنة مَا اعتزلته الزَّوْجَة فَقَط فان عزل نَفسه أَو سَافر حسب عَلَيْهِ فان مَضَت السّنة وَلم يطَأ هَا فِي السّنة فلهَا الْفَسْخ وان قَالَ وطئتها وَأنْكرت ثيبة وَهِي ثَيِّبًا قبل قَوْلهَا إِن ثبتَتْ عنته وَمَجْنُون ثبتَتْ عنته كعاقل فِي ضرب الْمدَّة وَخيَار عيب على التَّرَاخِي لِأَنَّهُ خِيَار يثبت لدفع ضَرَر مُحَقّق فَكَانَ على التَّرَاخِي كَخِيَار الْقصاص لَكِن يسْقط الْخِيَار بِمَا يدل على الرِّضَا كَوَطْء إِذا كَانَ الْخِيَار للزَّوْج لِأَنَّهُ يدل على رغبته فِيهَا , أَو تَمْكِين إِذا كَانَ

(2/602)


الْخِيَار لَهَا لِأَنَّهُ دَلِيل على رغبتها فِيهِ مَعَ الْعلم بِالْعَيْبِ وَلَا يسْقط الْخِيَار فِي عنة إِلَّا بقول امْرَأَة الْعنين: أسقطت حَقي فِي الْخِيَار لعنته , أَو رضيت بِهِ , أَو باعترافها بِوَطْئِهِ فِي قبلهَا - لَا بتمكينها من الْوَطْء فِي الْعنَّة فَقَط , لِأَنَّهُ وَاجِب عَلَيْهَا لتعلم أزالت عنته أَو لَا وَلَا فسخ أَي وَلَا يَصح الْفَسْخ هَاهُنَا وَفِي خِيَار الشَّرْط [إِلَّا ب] حكم [حَاكم] فيفسخه أَو يردهُ إِلَيّ من لَهُ الْخِيَار فيفسخه , وَيصِح فِي غيبَة زوج وَالْأولَى مَعَ حُضُوره. وَالْفَسْخ لَا ينقص عدد الطَّلَاق , وَله رَجعتهَا بِنِكَاح جَدِيد وَتَكون عِنْده على طَلَاق ثَلَاث حَيْثُ لم يسْبق لَهُ طَلَاق , وَكَذَا الْفَسْخ للإعسار وَفسخ الْحَاكِم على المؤلى وَنَحْوهمَا أَي لَا ينقص عدد الطَّلَاق فَإِن فسخ النِّكَاح قبل دُخُول فَلَا مهر لَهَا عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ الْفَسْخ مِنْهُ أَو مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْعَيْب مِنْهَا فالفرقة من قبلهَا؛ وَإِن كَانَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فسخ بِعَيْب دلّس بالإخفاء فَصَارَ الْفَسْخ كَأَنَّهُ مِنْهَا وَإِن فسخ النِّكَاح بعده أَي الدُّخُول وَالْخلْوَة اسْتَقر لَهَا الْمُسَمّى فِي عقد كَمَا لَو طَرَأَ الْعَيْب بعد الدُّخُول يرجع زوج بِهِ أَي بنظير الْمُسَمّى الَّذِي غرمه على مغرر لَهُ من زَوْجَة عَاقِلَة وَولي ووكيل وَيقبل قَول ولي [وَلَو] محرما فِي عدم علمه حَيْثُ لَا بَيِّنَة بِعِلْمِهِ فَحِينَئِذٍ لَا غرم عَلَيْهِ , وَلَو وجد التَّغْرِير من زَوْجَة وَولي فَالضَّمَان على الْوَلِيّ , وَلَيْسَ لوَلِيّ صَغِير أَو صَغِيرَة أَو مَجْنُون أَو سيد أمة تزوجيهم بمعيب يرد بِهِ النِّكَاح , وَلَا لوَلِيّ مكلفة تَزْوِيجهَا بِهِ بِلَا رِضَاهَا فَلَو فعل لم يَصح إِن علم الْعَيْب , وَإِلَّا صَحَّ وَله الْفَسْخ إِذا علمه.

(2/603)


ثمَّ أَخذ يبين حكم نِكَاح الْكفَّار فَقَالَ: [ويقر الْكفَّار على نِكَاح فَاسد إِن اعتقدوا صِحَّته] وَلم يرتفعوا إِلَيْنَا , فَإِن أتونا قبل عقده عقدناه على حكمنَا , ونكاحهم كَنِكَاح الْمُسلمين فِيمَا يجب بِهِ من وُقُوع طَلَاق وظهار وإيلاء وَوُجُوب مهر وَنَفَقَة وَقسم وَإِبَاحَة [للمطلق] ثَلَاثًا فَلَو طلق الْكَافِر زَوجته ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا قبل وَطْء زوج آخر لم يقْرَأ عَلَيْهِ لَو أسلما أَو ترافعا إِلَيْنَا وَإِن طلق أقل ثمَّ أسلما فَهِيَ عِنْده على مَا بَقِي من طَلاقهَا و [إِن] أتونا بعد عقده أَو أسلم الزَّوْجَانِ على نِكَاح لم نتعرض بكيفية العقد من وجود صيغته أَو ولى أَو شُهُود , قَالَ ابْن عبد الْبر: أجمع الْعلمَاء على أَن الزَّوْجَيْنِ إِذا أسلما مَعًا فِي حَالَة وَاحِدَة أَن لَهما الْمقَام على نِكَاحهمَا مَال لم يكن بَينهمَا نسب أَو رضَاع , وَقد أسلم خلق كَثِيرُونَ فِي عهد النَّبِي وَأسلم نِسَاؤُهُم فأقروا على أنكحتهم وَلم يسألهم النَّبِي عَن شُرُوط النِّكَاح وَلَا كيفيته. فان أتونا بعد عقده أَو أسلم الزَّوْجَانِ وَكَانَت الْمَرْأَة تُبَاح إِذن أَي حَال الترافع أَو الْإِسْلَام كعقد فِي عدَّة فرغت نصا أَو على أُخْت زَوْجَة مَاتَت أَو بِلَا شُهُود أَو ولي أَو صِيغَة أقرا على نِكَاحهمَا. وَإِن حرم ابْتِدَاء نِكَاحهمَا حَال الترافع أَو الْإِسْلَام كذات محرم أَو فِي عدَّة لم تفرغ فرق بَينهمَا. وان أسلمت كِتَابِيَّة تَحت كَافِر كتابي أَو غَيره أَو أسلم أحد الزَّوْجَيْنِ غير كتابين كالمجوسيين والوثنيين قبل دُخُول فيهمَا انْفَسَخ النِّكَاح وَلَا يكون طَلَاقا.

(2/604)


وَإِن ارتدا مَعًا أَو أَحدهمَا قبل دُخُول فيهمَا انْفَسَخ النِّكَاح وَيسْقط الْمهْر بردتها وبردتهما مَعًا ويتنصف بردته. وَإِن كَانَت بعد الدُّخُول وَقعت الْفرْقَة على انْقِضَاء الْعدة وَيمْنَع من وَطئهَا وَتسقط نَفَقَتهَا بردتها لَا بردته وَلَا بردتهما مَعًا. وَإِن أسلم وَتَحْته أَكثر من أَربع نسْوَة فأسلمن أَو كن كتابيات اخْتَار وَلَو فِي حَالَة إِحْرَام أَرْبعا مِنْهُنَّ وَلَو ميتات؛ لِأَن الِاخْتِيَار اسْتِدَامَة للنِّكَاح وَتَعْيِين للمنكوحة فصح من الْمحرم بِخِلَاف ابْتِدَاء النِّكَاح , هَذَا إِن كَانَ الزَّوْج مُكَلّفا وَإِلَّا وقف الْأَمر حَتَّى يُكَلف فيختار مِنْهُنَّ لِأَن غير الْمُكَلف لَا حكم لقَوْله , ويعتزل المختارات حَتَّى تَنْقَضِي عدَّة المفارقات وجوبا إِن كَانَت المفارقات أَرْبعا فَأكْثر وَإِلَّا اعتزل من المختارات بعددهن لِئَلَّا يجمع مَاءَهُ فِي أَكثر من أَربع , فان كن خمْسا فَفَارَقَ إِحْدَاهُنَّ فَلهُ وَطْء ثَلَاث من المختارات , وَلَا يطَأ الرَّابِعَة حَتَّى تَنْقَضِي عدَّة الْمُفَارقَة , وان كن سِتا وَفَارق اثْنَتَيْنِ من المختارات وَهَكَذَا.

(2/605)