كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

 (كتاب الطَّلَاق)
كتاب الطَّلَاق: وَأَجْمعُوا على جَوَازه. وَهُوَ لُغَة التَّخْلِيَة وَشرعا حل قيد النِّكَاح أَو بعضه. يكره الطَّلَاق بِلَا حَاجَة لإِزَالَة النِّكَاح الْمُشْتَمل على الْمصَالح الندوب إِلَيْهَا وَلِحَدِيث أبْغض الْحَلَال إِلَى الله تَعَالَى الطَّلَاق وَيُبَاح الطَّلَاق [لَهَا] أَي للْحَاجة كسوء خلق الْمَرْأَة. والتضرر بِهِ من غير حُصُول الْفَرْض لَهَا. وَيسن الطَّلَاق لتضررها باستدامة الْوَطْء كَحال الشقاق وَمَا يحوج الْمَرْأَة إِلَى المخالعة ليزيل ضررها. وَيسن الطَّلَاق أَيْضا لتركها الزَّوْجَة صَلَاة , ولتركها عفة وَنَحْوهمَا كتفريطها فِي حُقُوق اللَّه إِذا لم يُمكنهُ إجبارها عَلَيْهَا لِأَن فِيهِ نقصا لدينِهِ وَلَا يَأْمَن من إِفْسَاد فرَاشه والحاقها بِهِ ولدا من غَيره إِذا لم تكن عفيفة. وَله عضلهاإذن والتضييق عَلَيْهَا لتفتدي مِنْهُ لقَوْله تَعَالَى 19 (: (وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة))

(2/635)


قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: إِذا كَانَت تَزني لم يكن لَهُ إِِمْسَاكهَا على تِلْكَ الْحَال بل بفارقها وَإِلَّا كَانَ ديوثا. انْتهى وَيحرم الطَّلَاق فِي الْحيض وَفِي طهر أَصَابَهَا فِيهِ وَنَحْو ذَلِك. وَيجب على المؤلى بعد التَّرَبُّص إِذا لم يفِيء. وَالزَّوْجَة كالزوج فَيسنّ أَن تخلع مِنْهُ إِن ترك حَقًا للِّه تَعَالَى من صَلَاة وَنَحْوهَا فينقسم الطَّلَاق إِلَى أَحْكَام التَّكْلِيف الْخَمْسَة. وَلَا يجب على ابْن إطاعة أَبَوَيْهِ ولوعدلين فِي طَلَاق أَو منع من تَزْوِيج نصا وَلَا يَصح الطَّلَاق إِلَّا من زوج لحَدِيث إِنَّمَا الطَّلَاق لمن أَخذ بالساق. وَلَو كَانَ الزَّوْج [مُمَيّزا يعقله] أَي الطَّلَاق فَيصح طَلَاقه كَالْبَالِغِ. وَإِلَّا من الْحَاكِم على مؤل بعد التَّرَبُّص إِذا لم يفِيء. وَيعْتَبر إِرَادَة لَفظه لمعناه فَلَا طَلَاق لفقيه يكرره وَلَا حاك وَلَو عَن نَفسه وَلَا نَائِم. وَمن عذر بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول بِزَوَال عقله بِنَحْوِ جُنُون أَو إِغْمَاء أَو سرسام أَو نشاف أَو شرب مُسكر كرها أَو لم يعلم أَنه يزِيل الْعقل وَيَأْكُل بنج فَطلق لذَلِك لم يَقع أَو أكره على الطَّلَاق ظلما بِمَا يؤلمه كالضرب والخنق وعصر السَّاق وَالْحَبْس والغط فِي المَاء مَعَ الْوَعيد فَطلق لذَلِك لم يَقع أَو هدد من قَادر بِمَا يضرّهُ كثيرا بقتل وَقطع طرف وَضرب شَدِيد وَحبس وَقيد طَوِيل وَأخذ مَال كثير وَإِخْرَاج من ديار وَنَحْو ذَلِك ويغلب

(2/636)


على الظَّن وُقُوع مَا هدده بِهِ وَعجز عَن دَفعه والهرب مِنْهُ والاختفاء فَطلق لذَلِك أَي تبعا لقَوْل مكره لم يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق. وَكَذَا من سحر ليطلق قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَاقْتصر عَلَيْهِ فِي الْفُرُوع. قَالَ قي الْإِنْصَاف: قلت هُوَ من أعظم الإكراهات. أَو ترك التَّأْوِيل بِلَا عذر أَي لم يَقع. وَيَنْبَغِي لمن أكره على الطَّلَاق وطلق أَن يتَأَوَّل. فينوي بِقَلْبِه غير امْرَأَته وَنَحْو ذَلِك خُرُوجًا من خلاف من أوقع طَلَاق الْمُكْره إِذا لم يتَأَوَّل. أَو أكره على طَلَاق مُبْهمَة فَطلق مُعينَة لم يَقع أَيْضا. وَلَا يكون السب والشتم وَأخذ المَال الْيَسِير والاخراق وَهُوَ الإهانة بالشتم إِكْرَاها وَيَقَع الطَّلَاق من غَضْبَان وسكران ويؤاخذان بِكُل مَا يصدر مِنْهُمَا من قَول وَفعل يعْتَبر لَهُ الْعقل كَقَتل وَقذف وَنَحْوهمَا قَالَ ابْن رَجَب فِي شرح الْأَرْبَعين النووية: مَا يَقع من الغضبان من طَلَاق وعتاق وَيَمِين فَإِنَّهُ يُؤَاخذ بذلك كُله بِغَيْر خلاف وَاسْتدلَّ لذَلِك بأدلة صَحِيحَة وَأنكر على من يَقُول بِخِلَاف ذَلِك. وَمن غضب حَتَّى أغمى وغشى عَلَيْهِ لم يَقع طَلَاقه فِي تِلْكَ الْحَال لزوَال عقله أشبه الْمَجْنُون. وَمن صَحَّ طَلَاقه من بَالغ ومميز يعقله صَحَّ تَوْكِيله فِيهِ وَصَحَّ توكله فِيهِ أى الطَّلَاق لِأَن من صَحَّ تصرفه فِي شَيْء تجوز فِيهِ الْوكَالَة بِنَفسِهِ صَحَّ تَوْكِيله فِيهِ وَلِأَن الطَّلَاق إِزَالَة ملك فَيصح التَّوَكُّل فِيهِ وَالتَّوْكِيل فِيهِ كَالْعِتْقِ ولوكيل لم يحد مُوكله حدا أَن يُطلق مَتى شَاءَ لاوقت بِدعَة وَلَا أَكثر من وَاحِدَة إِلَّا إِن يَجْعَل لَهُ ذَلِك.

(2/637)


وَيصِح تَوْكِيل امْرَأَة زَوجته أَو غَيرهَا فِي طَلَاق نَفسهَا أَو غَيرهَا فَإِذا قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك كَانَ لَهَا ذَلِك متراخيا كوكيل , وَيبْطل بِرُجُوع زوج عَنهُ بِوَطْء.
فَائِدَة: لَو وكل فِي ثَلَاث فَطلق وَاحِدَة أَو وكل وَاحِدَة فَطلق ثَلَاثًا طلقت وَاحِدَة نصا.
وَالسّنة لمريد الطَّلَاق أَن يطلقهَا أَي زَوجته طَلْقَة وَاحِدَة فِي طهر لم يُجَامع هَا فِيهِ أَي فِي الطُّهْر ثمَّ يَدعهَا بَان لَا يطلقهَا ثَانِيَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا إِلَّا طَلَاقا فِي طهر متعقب لرجعة فِي طَلَاق فِي حيض أَو نِفَاس أَو فِي [طهر جَامع فِيهِ] أَي الطُّهْر وَلم يستبن حملهَا أَو علقه على أكلهَا وَنَحْوه مِمَّا يعلم وُقُوعه حَالَة الْحيض وَالطُّهْر الَّذِي جَامع فِيهِ فَهُوَ بِدعَة أى طَلَاق بِدعَة محرم وَقع نصا لَكِن تسن رَجعتهَا من طَلَاق الْبِدْعَة. وَيحرم أَن يطلقهَا ثَلَاثًا وَلَو بِكَلِمَات فِي طهر فَأكْثر لم يصبهَا فِيهِ لَا بعد رَجْعَة أَو عقد محرم. وَلَا سنة وَلَا بِدعَة لمستبين حملهَا وَلَا لصغيرة وايسة لِأَنَّهَا لَا تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تخْتَلف عدتهَا وَلَا سنة وَلَا بِدعَة غير مَدْخُول بهَا لِأَنَّهَا لَا عدَّة لَهَا فتتضرر بتأخيرها وَيَقَع الطَّلَاق بتصريحه الصَّرِيح فِي الطَّلَاق وَغَيره مَا لَا يحْتَمل غير مَا وضع لَهُ اللَّفْظ مُطلقًا أَي سَوَاء نَوَاه بذلك أَو لَا هازلا كَانَ أَو مخطئا.

(2/638)


وَيَقَع الطَّلَاق بكنايته وَهِي مَا تحْتَمل غَيره وتدل على معنى الصَّرِيح [مَعَ النِّيَّة] أَي نِيَّة الطَّلَاق. وصريحة أَي الطَّلَاق لفظ طَلَاق أى الْمصدر فَيَقَع بقوله أَنْت الطَّلَاق وَنَحْوه وَمَا تصرف مِنْهُ أَي الطَّلَاق كطالق ومطلقة وطلقتك غير أَمر كطلقي وَغير مضارع كتطلقين وَغير اسْم فَاعل مُطلقَة بِكَسْر اللَّام وَمن قيل لَهُ: أطلقت امْرَأَتك فَقَالَ: نعم وَأَرَادَ الْكَذِب طلقت وَإِن لم ينْو الطَّلَاق لِأَن نعم صَرِيح فِي الْجَواب وَالْجَوَاب الصَّرِيح بِلَفْظ الصَّرِيح وأخليتهاونحوه فَقَالَ: نعم كِنَايَة إِن نوى بهَا الطَّلَاق وَقع وَإِلَّا فَلَا. وَمن طلق أَو ظَاهر من زَوجته ثمَّ قَالَ عقبه لضرتها شركتك أَو أَشْرَكتك مَعهَا أَو أَنْت شريكتها أَو مثلهَا أَو كهى فَهُوَ صَرِيح فيهمَا نصا. وَمن كتب صَرِيح طَلَاق زَوجته مِمَّا يبين وَقع وان لم ينْو لِأَنَّهَا صَرِيحَة فِيهِ فَلَو قَالَ لم أرد إِلَّا تجويد خطى أَو غم أَهلِي أَو قرا مَا كتبه وَقَالَ لم أرد إِلَّا الْقِرَاءَة قبل حكما. وَيَقَع بِإِشَارَة من أخرس فَقَط فَلَو لم يفهمها إِلَّا بعض النَّاس فكناية. وكناياته نَوْعَانِ: ظَاهِرَة وخفية فالظاهرة خمس عشرَة: أَنْت خلية وبرية وبائن وبتة وبتله وحرة وَأَنت الْحَرج وحبلك على غاربك وتزوجي من شِئْت وحللت للأزواج وسبيل أَو لاسلطان لي عَلَيْك وأعتقتك وغطي شعرك وتقنعي. والخفية عشرُون وَهِي: أَخْرِجِي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وَأَنت مخلاة وَأَنت وَاحِدَة وَلَيْسَت لي بِامْرَأَة واعتدي واستبرئي واعتزلي والحقي بِهَمْزَة وصل وَفتح الْحَاء بأهلك وَلَا

(2/639)


حَاجَة لي فِيك وَمَا بقى شَيْء وأغناك الله وَأَن الله قد طَلَّقَك وَالله قد أراحك مني وَجرى الْقَلَم وَلَفظ فِرَاق وَلَفظ السراح.
فَائِدَة: من طلق فِي قلبه لم يَقع فَإِن تلفظ بِهِ أَو حرك لِسَانه وَقع وَلَو لم يسمع نَفسه بِخِلَاف قِرَاءَة فِي صَلَاة. انْتهى. وَلَا يَقع بكناية وَلَو ظَاهِرَة إِلَّا بنية مُقَارنَة للفظ وَلَا يشْتَرط حَالَة الْخُصُوم أَو الْغَضَب أَو سُؤال طَلاقهَا وَلَو لم يردهُ أَو أَرَادَ غير إِذن دين وَلم يقبل حكما. وأمرك بِيَدِك كِنَايَة ظَاهِرَة تملك بهَا ثَلَاثًا واختاري نَفسك خُفْيَة لَيْسَ لَهَا أَن تطلق بهَا وَلَا بطلقي نَفسك أَكثر من وَاحِدَة. وَيَقَع بكناية ظَاهِرَة ثَلَاث وَلَو نوى وَاحِدَة على الْأَصَح وبخفية وَاحِدَة فَإِن نوى أَكثر وَقع مَا نَوَاه. وَقَوله أَنا طَالِق أَو بَائِن أَو حرَام أَو بَرِيء أَو راد مِنْك أَو قَالَ كلي واشربي واقعدي واقربي وَبَارك اللَّه عَلَيْك وَأَنت مليحة أَو قبيحة لَغْو لَا يَقع طَلَاقا وَإِن نَوَاه لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل الطَّلَاق. وَإِن قَالَ: أَنْت طَالِق كل الطَّلَاق أَو أَكْثَره أَو جَمِيعه أَو عدد الحصي وَنَحْوه أَو قَالَ لَهَا يَا مائَة طَالِق وَقع ثَلَاث وان نوى وَاحِدَة. وان قَالَ: أَنْت طَالِق أَشد الطَّلَاق أَو أغلظه أَو أطوله أَو ملْء الدُّنْيَا أَو مثل الْجَبَل أَو على سَائِر الْمذَاهب وَقع وَاحِدَة مالم ينْو أَكثر. وَالطَّلَاق لَا يَتَبَعَّض بل جُزْء طَلْقَة كهي وَإِن طلق بعض زَوجته أَو جُزْءا لَا ينْفَصل كيدها وأذنها وأنفها طلقت وَإِن طلق جُزْءا ينْفَصل كشعرها وظفرها وسنها وريقها لم تطلق

(2/640)


وَإِن قَالَ لزوجته أَنْت عليَّ حرَام فظهار وَلَو نوى بِهِ طَلَاقا أَو إِن قَالَ أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي أَو الْحل على حرَام أَو أحل الله على حرَام أَو يلْزَمنِي الْحَرَام أَو الْحَرَام لَازم لي فَهُوَ ظِهَار وَلَو نوى بِهِ طَلَاقا وياتي فِي الظِّهَار. وان قَالَ: فِرَاشِي عَليّ حرَام فَإِن نوى امْرَأَته فظهار وَإِن نوى فرَاشه فيمين نصا وَإِن قَالَ أَنْت على كالميتة أَو قَالَ أَنْت على كَالدَّمِ وَقع مَا نَوَاه من طَلَاق وظهار وَيَمِين وَمَعَ عدم نِيَّة الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْيَمِين وَمَعَ عدم نِيَّة الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْيَمِين فَهُوَ ظِهَار لِأَن مَعْنَاهُ أَنْت على حرَام كالميتة وَالدَّم وَإِن قَالَ حَلَفت بِالطَّلَاق لَا أفعل كَذَا أَو لأفعلنه وَكذب بِأَن لم يكن حلف بِالطَّلَاق دين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَزِمَه الطَّلَاق حكما مُؤَاخذَة لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَيعْتَبر عدد الطَّلَاق بِالرِّجَالِ حريَّة وَرقا فَيملك حر ثَلَاث تَطْلِيقَات. وَيملك مبعض ثَلَاث تَطْلِيقَات وَيملك عبد وَلَو طرا رقّه كذمي تزوج ثمَّ لحق بدار حَرْب فاسترق قبل أَن يُطلق وَلَو كَانَ مَعَه حرَّة أثنين تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَو مُدبرا أَو مكَاتبا فَلَو علق عبد الثَّلَاث بِشَرْط فَوجدَ بعد عتقه وَقعت وان علقها بِعِتْقِهِ فَعتق لغت الثَّالِثَة وَلَو عتق بعد طَلْقَة ملك تَمام الثَّلَاث وَبعد طَلْقَتَيْنِ أَو عتقا مَعًا لم يملك ثَالِثَة فَلَو عتق بعد طَلْقَتَيْنِ لم يملك نِكَاحهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره بِشُرُوطِهِ. وَإِذا قَالَ: أَنْت الطَّلَاق أَو أَنْت طَلَاق أَو أَنْت طَالِق وَلَو لم يذكر الْمَرْأَة وَنَحْوه فَهُوَ صَرِيح مُنجزا كَانَ أَو مُعَلّقا أَو محلوفا بِهِ

(2/641)


وَيَقَع وَاحِدَة مَا لم ينْو أَكثر: فَمن مَعَه عدد وَثمّ نِيَّة أَو سَبَب يَقْتَضِي تعميما أَو تَخْصِيصًا عمل بِهِ وَإِلَّا يَقع بِكُل وَاحِدَة طَلْقَة [وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف] . وَالِاسْتِثْنَاء لُغَة من الثني وَهُوَ الرُّجُوع يُقَال ثنى رَأس الْبَعِير إِذا عطفه إِلَى وَرَائه فَكَانَ الْمُسْتَثْنى يرجع فِي قَوْله إِلَى مَا قبله. وإصطلاحا إِخْرَاج بعض الْجُمْلَة بإلا أَو مَا يقوم مقَامهَا من مُتَكَلم وَاحِد. فَأَقل من النّصْف نصا لِأَنَّهُ كَلَام مُتَّصِل أبان بِهِ الْمُسْتَثْنى غير مُرَاد بِالْأولِ فصح كَقَوْل الْخَلِيل (إِنَّنِي برَاء مَا تَعْبدُونَ إِلَّا الَّذِي فطرني) يُرِيد بِهِ الْبَرَاءَة مِمَّا سوى الله عز وَجل , من عدد طلقات كَمَا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق ثِنْتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَة يَقع طَلْقَة وَثَلَاثًا إِلَّا ثِنْتَيْنِ إِلَّا طَلْقَة يَقع ثِنْتَانِ. وَأَنت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَة إِلَّا وَاحِدَة وَأَنت طَالِق أَرْبعا إِلَّا ثِنْتَيْنِ يَقع ثِنْتَانِ أَيْضا. وَثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا أَو إِلَّا ثِنْتَيْنِ يَقع ثَلَاثًا وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف فَأَقل من عدد [مطلقات] كَقَوْلِه: زوجتاى طالقتان إِلَّا فُلَانَة أَو زوجاتي الْأَرْبَع طَوَالِق إِلَّا فُلَانَة وفلانة [وَشرط] فِي اسْتثِْنَاء الطلقات تلفظ بِهِ فَلَا يَكْتَفِي اسْتِثْنَاؤُهُ بِقَلْبِه واتصال مُعْتَاد إِمَّا لفظا كَمَا إِذا أَتَى بِهِ متواليا وَإِمَّا حكما كانقطاعه بسعال أَو عطاس أَو تنفس وَنَحْوه بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ انْقِطَاعه بِكَلَام معترض أَو زمن طَوِيل فَإِنَّهُ يمْنَع صِحَة الِاسْتِثْنَاء.

(2/642)


وَشرط أَيْضا نِيَّته أَي الِاسْتِثْنَاء قبل تَمام مُسْتَثْنى مِنْهُ وَكَذَا شَرط مُلْحق كَقَوْلِه أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار وَنَحْوه. وَيصِح أَن يسْتَثْنى بقلب النّصْف فَأَقل من عدد مطلقات فَقَط كَمَا إِذا قَالَ كنسائي طَوَالِق وَاسْتثنى وَاحِدَة بِقَلْبِه لم تطلق مَا لم يقل الْأَرْبَع وَنَحْوه فَإِن قَالَ نسَائِي الْأَرْبَع أَو الثَّلَاث أَو الاثنتان طَوَالِق وَاسْتثنى وَاحِدَة بِقَلْبِه طلقت فِي الحكم قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَظَاهر الْمُنْتَهى تطلق بَاطِنا. وَإِن اسْتثْنى من سَأَلته طَلاقهَا دين وَلم يقبل فِي الحكم وان قَالَت طلق نِسَاءَك فَقَالَ: نسَائِي طَوَالِق طلقت مَا لم يستثنها وَلَو بقبله فَلَا تطلق. وَلَا يَصح أَن يسْتَثْنى بِقَلْبِه من عدد طلقات فَلَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا وَاسْتثنى بِقَلْبِه إِلَّا وَاحِدَة وَقعت الثَّلَاث. وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق قبل موتِي تطلق فِي الْحَال وَكَذَا قبل موتك أَو قبل موت زيد لِأَن مَا قبل مَوته من حِين عقد الصّفة مَحل الطَّلَاق وَلَا وَمُقْتَضى للتأخر وقبيل موتِي أَو موتك أَو موت زيد يَقع فِي الْجُزْء الَّذِي يَلِيهِ الْمَوْت لِأَنَّهُ التصغير يَقْتَضِي أَن الْجُزْء الَّذِي يبْقى يسير. [و] إِن قَالَ: أَنْت طَالِق بعده أَي بعد موتِي أَو موتك أَو أَنْت طَالِق مَعَه أَي موتِي أَو موتك فَلَا تطلق لحُصُول الْبَيْنُونَة بِالْمَوْتِ. وان قَالَ: يَوْم موتِي طلقت بأوله. وَإِذا مت فَأَنت طَالِق قبله بِشَهْر لم يَصح. وَأَنت طَالِق أمس أَو قبل أَن أتزوجك وَنوى وُقُوعه إِذا وَقع فِي الْحَال وَإِلَّا لم يَقع وان علقه بِفعل مُسْتَحِيل كَأَن صعدت السَّمَاء أَو شَاءَ الْمَيِّت أَو الْبَهِيمَة أَو طرت أَو قلبت الْحجر ذَهَبا أَو علقه على مُسْتَحِيل لذاته كَانَ رددت أمس أَو جمعت بَين الضدين أَو شربت مَاء

(2/643)


الْكوز وَلَا مَاء فِيهِ لم تطاق فِي الْجَمِيع. وان قَالَ أَنْت طَالِق فِي هَذَا الشَّهْر أَو فِي هَذَا الْيَوْم أَو فِي هَذِه السّنة تطلق فِي الْحَال , فَإِن قَالَ الْحَالِف أردْت فِي الْكل أَن يَقع آخر الْكل أَي كل وَقت من هَذِه الْأَوْقَات أَو فِي وَقت كَذَا دين قبل ذَلِك مِنْهُ حكما لِأَن آخر هَذِه الْأَوْقَات وأوساطها مِنْهَا لذَلِك لَا يُخَالف لَفظه إِذا لم يَأْتِ بِمَا يدل على استغراق الزَّمن للطَّلَاق , وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق عدا أَو أَنْت طَالِق يَوْم السبت وَنَحْوه كَيَوْم الْخَمِيس تطلق بأوله أَي بِطُلُوع فجره , فَلَو قَالَ أردْت الآخر لم يدين وَلم يقبل ذَلِك مِنْهُ. وَأَنت طَالِق فِي غَد أَو رَجَب وَنَحْوه يَقع بأولهما , وَله وَطْء قبل وُقُوعه. وَأَنت طَالِق إِلَى شهر أَو إِلَى حول أَو إِلَى أُسْبُوع وَنَحْوه يَقع بمضيه. وان قَالَ إِذا مَضَت سنة بالتنكر فَأَنت طَالِق تطلق بِمُضِيِّ اثْنَي عشر شهرا بِالْأَهِلَّةِ تَامَّة أَو نَاقِصَة لقَوْله تَعَالَى: 19 (وان عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا) أَي شهور السّنة ويكمل مَا طلق فِي أَثْنَائِهِ بِالْعدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وان قَالَ إِذا مَضَت السّنة بالمعرفة فَأَنت طَالِق فَتطلق [بانسلاخ] شهر [ذِي] الْحجَّة من السّنة الْمُعَلق فِيهَا. وَأَنت طَالِق إِذا مضى شهر فبمضي ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَإِذا مضى الشَّهْر فبانسلاخه. وَأَنت طَالِق كل يَوْم طَلْقَة. وَكَأن تلفظه نَهَارا - وَقع فِي الْحَال طَلْقَة. وَالثَّانيَِة بفجر الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِثَة [بفجر الْيَوْم الثَّالِث] .

(2/644)


3 - (فصل)
. فِي تَعْلِيقه بِالشُّرُوطِ بِأَن الشّرطِيَّة أَو إِحْدَى أخواتها وَيَأْتِي حكمهَا وَمن علق طَلَاقا وَنَحْوه كعتق بِشَرْط مقدم كَانَ دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق أَو مُؤخر كَأَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار لم يَقع الطَّلَاق الْمُعَلق وَنَحْوه حَتَّى يُوجد الشَّرْط وَهُوَ دُخُول الدَّار , فَلَو لم يلفظ الْحَالِف بِهِ أَي التَّعْلِيق بل قَالَ أَنْت طَالِق وأدعاه أَي التَّعْلِيق بِأَن قَالَ أردْت إِن قُمْت دين وَلم يقبل حكما. وَلَا يَصح تَعْلِيقه إِلَّا من زوج يَصح تنجيزه مِنْهُ حِين التَّعْلِيق بِصَرِيح كَأَنْت طَالِق وَإِن جِئْت وب كِنَايَة كَأَنْت مسرحة إِن دخلت الدَّار مَعَ قصد الطَّلَاق بِالْكِنَايَةِ وبقطعه أَي التَّعْلِيق فصل بَين شَرط وجزائه بتسبيح وتهليل وتكبير وَنَحْوه ويقطعه أَيْضا فصل ب سكُوت بَين شَرط وجزائه سكُوتًا يُمكنهُ كَلَام فِيهِ وَلَو قل وَلَا يقطعهُ فصل ب كَلَام مُنْتَظم كَأَنْت طَالِق يَا زَانِيَة إِن قُمْت أَو إِن قُمْت يَا زَانِيَة فَأَنت طَالِق لِأَنَّهُ مُتَّصِل حكما , وَكَذَا لَا يقطعهُ عطاس وَنَحْوه. وأدوات الشَّرْط أَي الْأَلْفَاظ الَّتِي يُؤدى بهَا مَعْنَاهُ نَحْو إِن بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَهِي أم الأدوات وَمَتى وَإِذا وأى بِفَتْح الْهمزَة

(2/645)


وَتَشْديد الْيَاء , وَمن بِفَتْح الْمِيم , وَكلما وَهِي وَحدهَا للتكرار لِأَنَّهَا تعم الْأَوْقَات فَهِيَ بِمَعْنى كل وَقت وَإِذا قَالَ: إِن كلمتك أَو إِذا أَو مَتى كلمتك وَنَحْوه [فَأَنت طَالِق فتحققي , أَو] زجرها تنحى وَنَحْوه كاسكتي أَو مري وَنَحْوه تطلق سَوَاء اتَّصل ذَلِك بِيَمِينِهِ أَو لَا لم ينْو غير ذَلِك الْكَلَام , وَكَذَا لَو سَمعهَا تذكره بِسوء؛ فَقَالَ: الْكَاذِب عَلَيْهِ لعنة فانه يَحْنَث نصا لِأَنَّهُ كلمها. أَو قَالَ: إِن قُمْت فَأَنت طَالِق طلقت بذلك وَإِن لم تقم , لِأَنَّهُ كَلَام خَارج عَن الْيَمين مَا لم ينْو كلَاما غير ذَلِك الْكَلَام أَو ترك كحادثتها أَو الإجتماع بهَا فَلَا يحث وَإِن قَالَ لزوجته إِن بدأتك بالْكلَام فَأَنت طَالِق فَقَالَت هِيَ لَهُ إِن بدأتك بِهِ أَي الْكَلَام فَعَبْدي حر انْحَلَّت يَمِينه لِأَنَّهَا كَلمته أَولا مَا لم تكن لَهُ نِيَّة أَن لَا يبدأها بالْكلَام مرّة أُخْرَى وَتبقى يَمِينهَا ثمَّ إِن بَدأته بِكَلَام حنث وَعتق عَبدهَا لوُجُود الصّفة , وَإِن بدأها انْحَلَّت يَمِينهَا. وَإِن علقه بكلامها زيدا فكلمته فَلم يسمع كَلَامهَا لغفله أَو شغل أَو لخفض صَوتهَا وَنَحْو ذَلِك أَو مَجْنُون أَو سَكرَان غير مصروعين أَو كَانَ أَصمّ وَلَوْلَا الْمَانِع لسمع أَو كاتبته أَو راسلته وَلم ينْو مشافهتها أَو كلمت غير زيد [وَزيد] يسمع لقصده بِهِ حنث فِي الْجَمِيع , لَا إِن كَلمته مَيتا أَو غَائِبا أَو مغمى عَلَيْهِ أَو نَائِما أَو هِيَ مَجْنُونَة , أَو أشارت إِلَيْهِ لَان الْإِشَارَة لَيست كلَاما شرعا. وَإِن علقه على صِفَات واجتمعن فِي عين وَاحِدَة كَقَوْلِه: أَن رَأَيْت رجلا فَأَنت طَالِق , وَإِن رَأَيْت أسود فَأَنت طَالِق وَإِن رَأَيْت فَقِيها فَأَنت طَالِق فرأت رجلا اسود فَقِيها طلقت ثَلَاثًا ,

(2/646)


وَإِن قَالَ لَهَا إِن خرجت بِغَيْر إذني وَنَحْوه كَانَ خرجت إِلَّا بإذني أَو حَتَّى إِذن لَك فَأَنت طَالِق ثمَّ أذن لَهَا فَخرجت ثمَّ خرجت ثَانِيًا بِغَيْر إِذن أَو أذن لَهَا فِي الْخُرُوج وَلم تعلم بِإِذْنِهِ فَخرجت طلقت خلافًا للشَّافِعِيَّة لِأَن الْإِذْن هُوَ الْإِعْلَام وَلم يعلمهَا وَلَا يحث بخروجها إِن أذن لَهَا كلما شَاءَت نصا. وَإِن قَالَ لَهَا: إِن خرجت إِلَى غير الْحمام بِلَا إذني فلنت طَالِق فَخرجت إِلَى غَيره طلقت سَوَاء عدلت أَو لم تعدل , وَإِن خرجت تُرِيدُ الْحمام وَغَيره أَو خرجت إِلَى الْحمام ثمَّ عدلت إِلَى غَيره طلقت. وَمَتى قَالَ: كنت أَذِنت قبل مِنْهُ بِيَمِينِهِ , وَإِن قَالَ: إِن قربت بِضَم الرَّاء إِلَى دَار كَذَا فَأَنت طَالِق وَقع بوقوفها تَحت فنائها ولصوفها بجدرانها وبكسر الرَّاء لم يَقع حَتَّى تدْخلهَا. وَإِن علقه أَي الطَّلَاق على مشيئتها كَمَا إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق إِن أَو إِذا أَو مَتى حَيْثُ أَو أَنى أَو أَيْن أَو كَيفَ أَو أَي وَقت شِئْت تطلق بمشيئتها حَال كَونهَا غير مُكْرَهَة سَوَاء شَاءَت فَوْرًا أَو تراخيا راضية أَو كارهة , هِيَ عبارَة الْإِقْنَاع والمنتهى كَذَلِك وَهِي الصَّوَاب , وَعبارَته فِي الْإِنْصَاف والتنقيح وَلَو مُكْرَهَة قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَهُوَ سبقة قلم. قَالَ فِي شَرحه: لِأَن فعل الْمُكْره ملغي. انْتهى. وَلَو شَاءَت بقلبها دون نطقها أَو قَالَت: قد شِئْت إِن طلعت الشَّمْس أَو قد شِئْت إِن شِئْت أَو شَاءَ فلَان لم يَقع وَلَو شَاءَ. أَو أَي وَإِن علقه بِمَشِيئَة اثْنَيْنِ كَأَنْت طَالِق إِن شِئْت وَشاء

(2/647)


أَبوك أَو إِن شَاءَ زيد وَعَمْرو فَلَا يَقع إِلَّا بمشيئتهما كَذَلِك أَي غير مكرهين وَلَو اخْتلفَا فِي الْفَوْرِيَّة والتراخي وان علقه أى الطَّلَاق على مَشِيئَة الله تَعَالَى كَقَوْلِه: أَنْت طَالِق إِن شَاءَ اللَّه أَو إِلَّا أَن يَشَاء الله وان لم يَشَاء الله أَو مَا لم يَشَأْ الله أَو قدم الشَّرْط كَقَوْلِه أَن شَاءَ الله فَأَنت طَالِق تطلق مِنْهُ فِي الْحَال نصا , وَكَذَا أَي وَمثل الطَّلَاق فِي الحكم عتق أى كَمَا إِذا قَالَ: عَبدِي حر إِن شَاءَ الله أَو إِن شَاءَ الله فَعَبْدي حر عتق فِي الْحَال نصا. وَحكم تَعْلِيق عتق كَطَلَاق لَكِن يَصح تَعْلِيق عتق بِمَوْت وَإِذا قَالَ لامْرَأَته: أَنْت طَالِق إِذا رَأَيْت الْهلَال أَو عِنْد رَأسه وَقع الطَّلَاق إِذا رؤى الْهلَال بعد غرُوب الشَّمْس أَو بعد تَمام الْعدة فان نوى العيان بِكَسْر الْعين مصدر عاين أَي نوى مُعَاينَة الْهلَال وَهُوَ إِدْرَاكه بحاسة الْبَصَر خَاصَّة أَو نوى حَقِيقَة رؤيتها قبل حكما وَهُوَ هِلَال إِلَى ثَالِثَة ثمَّ يقمر. وَإِن رَأَيْت زيدا فَأَنت طَالِق فرأته لَا مُكْرَهَة وَلَو مَيتا أَو فِي مَاء أَو زجاج شفاف طلقت إِلَّا مَعَ نِيَّة أَو قرينَة لَا إِن رَأَتْ خياله فِي مَاء أَو مرْآة أَو جالسته عمياء وَإِن قَالَ لزوجاته أول من تقوم مِنْكُن فَهِيَ طَالِق وَأول من قَامَ من عَبِيدِي فَهُوَ حر فَقَامَ الْكل دفْعَة وَاحِدَة لم يَقع طَلَاق وَلَا عتق. وَمن حلف عَليّ مُمْسك مَأْكُولا لَا آكله وَلَا أَلْقَاهُ وَلَا أمْسكهُ فَأكل بَعْضًا وَرمى الْبَاقِي لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يدْخل دَارا أَو حلف لَا يخرج مِنْهَا أَي الدَّار فَأدْخل فِيهَا بعض جسده فِي الصُّورَة الأولى أَو أخرج مِنْهَا بعض جسده فِي الثَّانِيَة لم يَحْنَث أَو دخل طاق الْبَاب أَي بَاب الدَّار لم يَحْنَث

(2/648)


أَو حلف على امْرَأَة لَا يلبس ثوبا من غزلها فبس ثوبا فِيهِ أى الثَّوْب مِنْهُ أَي غزلها لم يَحْنَث لِأَنَّهُ كُله لَيْسَ من غزلها أَو حلف لَا يشرب مَاء هَذَا الْإِنَاء فَشرب بعضه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يشربه بل بعضه. أَو حلف لَا يَبِيع عَبده وَلَا يَهبهُ وَلَا يؤجره وَنَحْوه فَبَاعَ أَو وهب أَو أجر بعضه أَو بَاعَ بعضه ووهب بَاقِيه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يَبِعْهُ كُله وَلَا وهبه كُله. وَإِن حلف لَا يشرب مَاء هَذَا النَّهر فَشرب مِنْهُ أَو لَا يلبس من غزلها فَلبس ثوب فِيهِ مِنْهُ حنث بِخِلَاف ثوبا من غزلها وَإِن حلف ليفعلن شَيْئا لَا يبر إِلَّا بِفِعْلِهِ أى الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كُله مَا لم يكن أَي يُوجد لَهُ أَي الْحَالِف نِيَّة أَو قرينَة تَقْتَضِي فعل الْبَعْض فَمن حلف ليأكلن هَذَا الرَّغِيف لم يبر إِلَّا بِأَكْلِهِ أَو حلف ليدخلن الدَّار لم يبر حَتَّى يدخلهَا بجملته وَإِن فعل الْحَالِف المحلف عَلَيْهِ أَي على ترك فعله مكْرها أَو مَجْنُونا أَو مغمى عَلَيْهِ أَو نَائِما لم يَحْنَث , وَإِن فعله نَاسِيا أَو جَاهِلا حنث فِي طَلَاق وعناق فَقَط أَي دون الْيَمين المكفرة أَو حلف أَو حلف ليفعلنه فَتَركه مكْرها لم يَحْنَث , وناسيا أَو جَاهِلا يَحْنَث فِي طَلَاق وَعتق فَقَط قطع بِهِ فِي الْإِقْنَاع , وَقَالَ فِي الْمُنْتَهى تبعا للتنقيح:
فَتَركه مكْرها أَو نَاسِيا لم يَحْنَث. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: وَقد يفرق بِأَن التّرْك يكثر فِيهِ النسْيَان فَيشق التَّحَرُّز مِنْهُ وينفع غير ظَالِم تَأَول وَهُوَ أَن يُرِيد بِلَفْظ مَا يُخَالف ظَاهره بِيَمِينِهِ لقَوْله: يَمِينك على مَا يصدقك بِهِ صَاحبك

(2/649)


وَلَو كَانَ التَّأْوِيل بِلَا حَاجَة , سَوَاء كَانَ المتأول مظلوم أَو غير مظلوم وَلَا ظَالِم وَأما الظَّالِم فَلَا يَنْفَعهُ. وَمن حلف على زَوجته لَا سرقت مني شَيْئا فخانته لم يَحْنَث إِلَّا بنية أَو بِسَبَب بِأَن كَانَ سَبَب يَمِينه خيانتها , وَمن شكّ وَالشَّكّ هَاهُنَا مُطلق التَّرَدُّد فِي طَلَاق أَو شكّ فِي مَا أَي فِي وجود شَرطه الَّذِي علق عَلَيْهِ الطَّلَاق , وَلَو كَانَ الشَّرْط عدميا كَإِن لم يقم زيد يَوْم كَذَا فزوجتي طَالِق وَشك فِي قِيَامه فِي ذَلِك الْيَوْم بعد مضيه لم يلْزمه الطَّلَاق وَله الْوَطْء؛ لِأَنَّهُ شكّ طَرَأَ على يَقِين فَلَا يُزِيلهُ.
قَالَ الْمُوفق وَمن تَابعه: الْوَرع الْتِزَام الطَّلَاق , فَإِن كَانَ الْمَشْكُوك فِيهِ رَجْعِيًا رَاجعهَا
إِن كَانَت مد خولا بهَا وَإِلَّا جدد نِكَاحهَا إِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا أَو انْقَضتْ عدتهَا وَمن شكّ فِي عدده أَي الطَّلَاق الْوَاقِع عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَى الْيَقِين وَهُوَ الْأَقَل , فَإِن لم يدل أواحدة طلق أَو ثَلَاثًا , أَو قَالَ أَنْت طَالِق بِعَدَد مَا طلق بِهِ فلَان وَجَهل عدده فَوَاحِدَة وَله مراجعتها وَيحل لَهُ وَطْؤُهَا. وَإِذا قَالَ لامرأتيه: إحداكماطالق وَهِي منوية طلقت وَحدهَا. لِأَنَّهُ عينهَا بنية أشبه تَعْيِينه بِلَفْظِهِ , فان لم ينْو مُعينَة أخرجت بِقرْعَة نصا كَمَا لَو طلق مُعينَة ونسبها فتميز بِقرْعَة. وَمَتى ظهر أَن الْمُطلقَة غير المخرجة ردَّتْ المخرجة لزَوجهَا مَا لم تتَزَوَّج فَلَا ترد إِلَيْهِ لتَعلق حق غَيره بهَا أَو مَا لم يحكم بِالْقُرْعَةِ أَو يقرع بَينهمَا حَاكم لِأَنَّهَا لَا يُمكن الزَّوْج دَفعهَا كَسَائِر الحكومات.

(2/650)


وَإِذا قَالَ: إِن كَانَ هَذَا الطَّائِر غرابا فحفصة طَالِق أَو حَماما فعمرة طَالِق , وَجَهل لم تطلق وَاحِدَة مِنْهُمَا لاحْتِمَال كَونه لَيْسَ غرابا وَلَا حَماما وان قَالَ لمن ظَنّهَا زَوجته فُلَانَة أَنْت طَالِق طلقت زَوجته نصا اعْتِبَارا بِالْقَصْدِ دون الْخطاب لَا عكسها بِأَن لَقِي امْرَأَته فظنها أَجْنَبِيَّة فَقَالَ: أَنْت طَالِق أَو تنحى يَا مُطلقَة لم تطلق امْرَأَته قَالَه فِي الْإِقْنَاع , وَجزم فِي الْمُنْتَهى. بِوُقُوع الطَّلَاق فَقَالَ: وَكَذَا عكسها. قَالَ فِي شَرحه لِأَنَّهُ واجهها بِصَرِيح الطَّلَاق كَمَا لَو علمهَا زَوجته وَلَا أثر لظنها أَجْنَبِيَّة , لِأَنَّهُ لَا يزِيد على عدم إِرَادَة الطَّلَاق. انْتهى. وَمثله الْعتْق. وَمن أوقع بِزَوْجَتِهِ كلمة وَشك هَل هِيَ أَي لكلمة طَلَاق أَو ظِهَار لم يلْزمه شَيْء وان شكّ هَل ظَاهر أَو حلف بِاللَّه لزمَه بحنث أدنى كفارتهما.

(2/651)


3 - (فصل)
. الرّجْعَة بِفَتْح الرَّاء أفْصح من كسرهَا قَالَه الْجَوْهَرِي. وَقَالَ الْأَزْهَرِي:
الْكسر أَكثر. وَهِي لُغَة من الرُّجُوع , وَشرعا إِعَادَة مُطلقَة غير بَائِن إِلَى مَا كَانَت
عَلَيْهِ بِغَيْر عقد , فَقَالَ رَحمَه اللَّه: وَإِذا طلق حر ظَاهره وَلَو مُمَيّز يعقل لِأَن الرّجْعَة إمْسَاك وَهُوَ يملكهُ من أَي من زَوْجَة دخل بهَا أَو خلا بهَا فِي نِكَاح صَحِيح طَلَاقا أقل من ثَلَاث أَو طلق عبد من دخل أَو خلا بهَا فِي نِكَاح صَحِيح طَلْقَة وَاحِدَة بِلَا عوض من الْمَرْأَة وَلَا غَيرهَا فيهمَا أَي فِي طَلَاق الْحر وَالْعَبْد فَلهُ أَي الْمُطلق حرا كَانَ أَو عبدا رَجعتهَا فِي عدتهَا ولولي مَجْنُون طلق بِلَا عوض دون مَا يملكهُ وَهُوَ عَاقل ثمَّ جن رَجعتهَا فِي عدتهَا أَي الْمُطلقَة مُطلقًا أَي سَوَاء رضيت أَو كرهت مَرِيضا كَانَ أَو محرما أَو مُسَافِرًا أَو لَا , لقَوْله تَعَالَى: (وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك) فان لم يكن دخل أَو خلا بهَا فَلَا رَجْعَة لِأَنَّهُ لَا عدَّة عَلَيْهَا فَلَا تمكن رَجعتهَا. وَكَذَا إِن النِّكَاح فَاسد كبلا شُهُود فَيَقَع فِيهِ الطَّلَاق بَائِنا وَلَا رَجْعَة لِأَنَّهَا إِعَادَة إِلَى النِّكَاح , فَإِذا لم تحل بِالنِّكَاحِ وَجب أَن لَا تحل بالرجعة إِلَيْهِ.

(2/652)


وَكَذَا إِن طلق الْحر ثَلَاثًا وَالْعَبْد اثْنَتَيْنِ لِأَنَّهَا لَا تحل حَتَّى تنْكح زوجا غَيره كَمَا يَأْتِي فَلَا رَجْعَة. وَكَذَا إِن كَانَ الطَّلَاق بعوض لِأَنَّهُ إِنَّمَا جعل لتفتدي بِهِ الْمَرْأَة من الزَّوْج وَلَا يحصل ذَلِك مَعَ ثُبُوت الرّجْعَة. وَتحصل الرّجْعَة بِلَفْظ راجعتها وارتجعتها وأمسكتها ورددتها وَنَحْوه. لَا بنكحتها أَو تَزَوَّجتهَا. وَسن لَهَا أَي الرّجْعَة إِشْهَاد احْتِيَاطًا وَلَيْسَ من شَرطهَا لِأَنَّهَا لَا تفْتَقر إِلَى قبُول كَسَائِر حُقُوق الزَّوْج وَلَا إِلَى ولي وَلَا صدَاق وَلَا رضَا الْمَرْأَة كَمَا مر وَلَا علمهما إِجْمَاعًا. وَتحصل الرّجْعَة بِوَطْئِهَا بِلَا إِشْهَاد مُطلقًا أَي سَوَاء نوى بِهِ الرّجْعَة أَولا , لَا بِمُبَاشَرَة وَنظر لفرج , والمطلقة الرَّجْعِيَّة زَوْجَة يلْحقهَا الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْإِيلَاء وَاللّعان وَالْخلْع , وَلها نَفَقَة وان لم تكن حَامِلا إِلَى انْقِضَاء الْعدة , وَيَرِث كل صَاحبه إِجْمَاعًا فِي غير قسم أَي مَا عدا الْقسم , فانه لَا يقسم لَهَا صرح بِهِ الْمُوفق وَالشَّارِح وَالزَّرْكَشِيّ فِي الْحَضَانَة , وَلَعَلَّه مُرَاد من أطلق , وَيُبَاح لزَوجهَا وَطْؤُهَا وَالسّفر بهَا , وَلها أَن تتزين
لَهُ وتتشرف. وَتَصِح الرّجْعَة بعد طهر من حيضا ثَالِثَة قبل غسل هَا نصا , وَظَاهره
وَلَو فرطت فِي الْغسْل سِنِين وَلم تبح للأزواج , وَتَصِح أَيْضا قبل وضع ولد مُتَأَخّر ,
وَلَا يَصح تَعْلِيقهَا بِشَرْط , ككلما طَلقتك فقد رَاجَعتك , وَلَو عَكسه فَقَالَ للرجعية: كلما رَاجَعتك فقد طَلقتك صَحَّ التَّعْلِيق وَطلقت كلما رَاجعهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاق مُعَلّق بِصفة

(2/653)


وَلَا تعود بعد غسل من حَيْضَة ثَالِثَة أَو بعد فرَاغ من عدَّة إِلَّا بِعقد جَدِيد وتعود إِلَيْهِ الرَّجْعِيَّة إِذا رَاجعهَا والبائن إِذا نَكَحَهَا على مَا بقى من طَلاقهَا. وَأَقل
مَا تَنْقَضِي بِهِ عدَّة الْحرَّة من الْأَقْرَاء وَهِي الْحيض تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا ولحظة ,
وَمن ادَّعَت انْقِضَاء عدتهَا بِوِلَادَة أَو غَيرهَا وَأمكن بِأَن مضى زمن يُمكن انقضاؤها فِيهِ قبل ت دَعْوَاهَا , وَلَا تقبل دَعْوَاهَا انْقِضَاء عدتهَا فِي شهر بحيض إِلَّا بِبَيِّنَة نصا لقَوْل شرح: إِذا ادَّعَت أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيضا فِي الشَّهْر وَجَاءَت بِبَيِّنَة من النِّسَاء الْعُدُول من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى صدقهَا وعدلها أنهارأت مَا يحرم عَلَيْهَا الصَّلَاة من الطمث وتغتسل عِنْد كل قرء وَتصلي فقد انْقَضتْ عدتهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَة. فَقَالَ عَليّ: قالون. وَمَعْنَاهُ بالرومية أَحْسَنت: وَإِنَّمَا لم تصدق فِي ذَلِك مَعَ إِمْكَانه لندرته بِخِلَاف مَا زَاد على الشَّهْر , وَإِن طلق زوج حر زَوجته حرَّة كَانَت أَو أمة طَلَاقا ثَلَاثًا دفْعَة وَاحِدَة أَو دفعات , أَو طلق عبد زَوجته اثْنَتَيْنِ أَي طَلْقَتَيْنِ وَلَو عتق قبل انْقِضَاء عدتهَا لم تحل لَهُ حَتَّى يَطَأهَا زوج
غَيره فِي قبل هَا , لِأَن الْوَطْء الْمُعْتَبر شرعا لَا يكون فِي غَيره , بِنِكَاح صَحِيح مَعَ انتشار وَتقدم بعضه فِي مُحرمَات النِّكَاح؛ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى تَذُوقِي عسليته
وَيَذُوق عُسَيْلَتك وَإِنَّمَا يكون ذَلِك مَعَ الانتشار فيكتفي بذلك وَلَو مجبوبا أَو خَصيا أَو نَائِما أَو مغمى عَلَيْهِ وأدخلت ذكره فِي فرجهَا , أَو كَانَ الزَّوْج الثَّانِي ذِمِّيا وَهِي ذِمِّيَّة ,

(2/654)


وَيَكْفِي فِي حلهَا تغييب حَشَفَة أَو قدرهَا من مقطوعها وَلَو لم ينزل لَان الْعسيلَة هِيَ الْجِمَاع , أَو كَانَ بِمَ يبلغ عشرا لعُمُوم 19 (حَتَّى تنْكح زوجا
غَيره) أَو كَانَ حِين وَطئه ظَنّهَا أَجْنَبِيَّة؛ لوُجُود حَقِيقَة الْوَطْء من زوج فِي نِكَاح صَحِيح، أَو كَانَ الْوَطْء محرما لمَرض وضيق وَقت صَلَاة وَفِي مَسْجِد , ولقبض مهر حَال وَنَحْو ذَلِك , وَلَا يحلهَا وَطْء فِي حيض أَو فِي نِفَاس أَو فِي إِحْرَام أَو فِي صَوْم فرض أَو فِي ردة أَو فِي دبر أَو نِكَاح بَاطِل أَو فَاسد؛ لِأَن التَّحْرِيم فِي هَذِه الصُّور لِمَعْنى فِيهَا لحق الله تَعَالَى بِخِلَاف الَّتِي قبلهَا وَلِأَن النِّكَاح فِي الْفَاسِد لَا أثر لَهُ فِي الشَّرْع فِي الْحل فَلَا يدْخل فِي قَوْله تَعَالَى: 19 ((حَتَّى تنْكح زوجا غَيره)) . وَمن غَابَ عَن مطلقته ثَلَاثًا ثمَّ حضر فَذكرت لَهُ أَنَّهَا نكحت من أَصَابَهَا وَانْقَضَت عدتهَا وَأمكن ذَلِك بِمُضِيِّ زمن يَتَّسِع لَهُ , فَلهُ نِكَاحهَا إِذا غلب على ظَنّه صدقهَا إِمَّا بأمانتها أَو بِخَبَر غَيرهَا مِمَّن يعرف حَالهَا وَإِلَّا فَلَا. وَمثلهَا لَو جَاءَت حَاكما وأدعت أَن زَوجهَا طَلقهَا وَانْقَضَت عدتهَا فَلهُ تَزْوِيجهَا إِذا ظن صدقهَا , وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الزَّوْج لَا يعرف.
تَنْبِيه: إِذا طلق الرجل زَوجته ثَلَاثًا وَانْقَضَت عدتهَا وَتَزَوَّجت بِغَيْرِهِ بِنِكَاح صَحِيح
ثمَّ طَلقهَا الثَّانِي بعد أَن وَطئهَا وعادت لزَوجهَا الأول فَإِنَّهَا تعود على طَلَاق ثَلَاث
بِإِجْمَاع أهل الْعلم , وَإِذا طَلقهَا دون ثَلَاث وَانْقَضَت عدتهَا وَتَزَوَّجت من أَصَابَهَا , أَو
من لم يصبهَا وَبَانَتْ مِنْهُ وعادت إِلَى

(2/655)


الأول فَالْمَذْهَب أَنَّهَا تعود على مَا بقى من طَلاقهَا , هَذَا قَول أكَابِر أَصْحَاب النَّبِي مِنْهُم عمر وَعلي وَأبي معَاذ وَعمْرَان بن حُصَيْن وَأَبُو هُرَيْرَة وَزيد وَعبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وعنى بهم.

(2/656)


3 - (فصل)
. والايلاء بِكَسْر الْهمزَة وَالْمدّ مصدر آلي يؤلى إِيلَاء وألية - بتَشْديد الْيَاء التَّحْتِيَّة - لُغَة: الْحلف , وَهُوَ حرَام لانه يَمِين على ترك وَاجِب , وَكَانَ هُوَ وظهار طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَهُوَ أَي الايلاء شرعا حلف زوج لاسيد عَاقل لامجنون يَصح طَلَاقه ويمكنه الْوَطْء بِاللَّه تَعَالَى أَو بِصفة من صِفَات كالرحمن الرَّحِيم وَرب الْعَالمين وخالقهم على ترك وَطْء زَوجته لَا أمته أَو أَجْنَبِيَّة الْمُمكن جِمَاعهَا فِي قبل أبدا كَقَوْلِه: وَالله لَا وَطئتك أبدا أَو مُطلقًا بِأَن لم يُقيد مُدَّة ترك الْوَطْء بِزَمن كَقَوْلِه: وَالله لَا وَطئتك أَو علق على ترك الْوَطْء على مُدَّة فَوق أَرْبَعَة اشهر مُصَرحًا بهَا أَو نَاوِيا بِأَن يحلف أَنه لَا يَطَؤُهَا وينوى فَوق أَرْبَعَة اشهر وَسَوَاء حلف فِي حَال الرِّضَا وَغَيره، وَالزَّوْجَة مَدْخُول بهَا أَو لَا هُنَا وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى 19 ((وللذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة اشهر)) الْآيَة. من حِين يَمِينه وَيَتَرَتَّب حكمه مَعَ خصاء زوج وَجب بعض ذكره إِن بقى مِنْهُ مَا يُمكنهُ الْجِمَاع بِهِ وَمَعَ عَارض يُرْجَى زَوَاله كحبس وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ مَعَ ذَلِك الْوَطْء

(2/657)


[فَمَتَى مضى أَرْبَعَة اشهر أَو شهر من يَمِينه] وَلَو قِنَا وَلم يُجَامع فِيهَا أَي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر بِلَا عذر من نَحْو مرض وإحرام وَحبس ظلما أَو نَحوه أتمر بِهِ أَي الْجِمَاع فَإِن أَبى أَي امْتنع من الْوَطْء أَمر بِالطَّلَاق إِن طلبت ذَلِك فَإِن امْتنع من الْوَطْء والتفكير وَالطَّلَاق طلق عَلَيْهِ أَي الْمولى حَاكم بطلبها وَاحِدَة أَو ثَلَاثًا أَو فسخ وتنحل يَمِين مؤل جَامع وَلَو مَعَ تَحْرِيم الْجِمَاع كَمَا إِذا كَانَ فِي الْحيض أَو النّفاس أَو الْإِحْرَام وَنَحْوه و [يجب بِوَطْئِهِ] أَي الزَّوْج كَفَّارَة الْيَمين لحنثه أدنى مَا يَكْفِي من الْوَطْء تغييب حَشَفَة أَو قدرهَا وَلَو من مكره أَو نَاس أوجاهل أَو نَائِم أَو مَجْنُون أَو أَدخل ذكر نَائِم لوُجُود الْوَطْء وَاسْتِيفَاء الْمَرْأَة حَقّهَا بِهِ أشبه مَا لَو فعله قصدا. وتارك الْوَطْء لزوجته ضَرَرا بهَا بِلَا عذر لَهُ وَلَا يَمِين كمؤل فِي الحكم من ضرب الْمدَّة وَطلب الْوَطْء وَالْأَمر بِالطَّلَاق إِن لم يعنن وَنَحْو ذَلِك وَمثله من ظَاهر وَلم يكفر.

(2/658)


3 - (فصل)
. وَالظِّهَار مُشْتَقّ من الظّهْر وانما خص دون سَائِر الْأَعْضَاء لِأَنَّهُ مَوضِع الرّكُوب وَلذَلِك سمى المركوب ظهرا وَالْمَرْأَة مركوبة إِذا غشيت فَكَأَنَّهُ يُشِير بقوله: أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي. أَي ركُوبهَا للْوَطْء حرَام كركوب أمه لذَلِك وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى 19 (: (وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم)) الْآيَة وَهُوَ [محرم] إِجْمَاعًا حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر لقَوْله تَعَالَى 19 ((وانهم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا)) إِذْ قَول الْمُنكر والزور من أكبر الْكَبَائِر وَهُوَ أَي الظِّهَار شرعا أَن يشبه زوج زَوجته أَو يشبه بَعْضهَا كظهرها ويدها وَنَحْو ذَلِك بِمن تحرم عَلَيْهِ كَأُمِّهِ أَو أُخْته من نسب أَو رضَاع وحماته زَوجته ابْنه وَلَو كَانَ تَحْرِيمهَا عَلَيْهِ إِلَى أمد كأخت زَوجته وخالتها أَو يشبه زَوجته أَو بَعْضهَا أَو عضوا مِنْهَا بِبَعْضِهَا أَي بعض من تحرم عَلَيْهِ كَقَوْلِه: أَنْت أَو يدك أَو وَجهك كَظهر أُمِّي أَو كيد أَو رجل أَو بطن أُمِّي

(2/659)


أَو يشبه زَوجته بِرَجُل أَو بعضو مِنْهُ مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ الرجل ذَا قرَابَة أَو أَجْنَبِيّا.
قَالَ فِي الْمُنْتَهى وَشَرحه: وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت كَظهر أبي طَالِق أَو قَالَ لَهَا عَكسه أى أَنْت طَالِق كَظهر أبي يلزمانه أَي الطَّلَاق وَالظِّهَار لإتيانه بصرحهما وَجزم فِي الشَّرْح والإقناع بِأَنَّهُ لَيْسَ بظهار فِي الثَّانِيَة إِلَّا أَن ينوبه انْتهى. وَقَوله: أَنا مظَاهر أَي على الظِّهَار أَو يلْزَمنِي الظِّهَار أَو على الْحَرَام أَو يلْزَمنِي الْحَرَام أَو أَنا عَلَيْك حرَام أَو أَنا عَلَيْك كَظهر رجل أَو كَظهر أبي مَعَ نِيَّة ظِهَار أَو قرينَة دَالَّة عَلَيْهِ ظِهَار وَإِلَّا فلغو وَتقدم بعضه فِي الطَّلَاق. وَلَا يَصح التَّشْبِيه إِن شبه زَوجته أَو عضوا مِنْهَا أَو شعرًا وَنَحْوه بِشعر [وَسن وظفر وريق وَنَحْوهَا] كروح وَسمع وبصر وَنَحْو ذَلِك كَأَن يَقُول: شعرك أَو سنك وَنَحْوه على كَظهر أُمِّي أَو حرَام وَإِن قالته أَي قَالَت الزَّوْجَة لزَوجهَا نَظِيره مَا يصير بِهِ مُظَاهرا لَو قَالَه فَلَيْسَ بظهار وَيجب عَلَيْهَا أى الزَّوْجَة حَال كَونهَا مطاوعة لِأَنَّهَا أحد الزَّوْجَيْنِ وَعَلَيْهَا التَّمْكِين لزَوجهَا قبل التَّكْفِير لِأَنَّهُ حق لَهُ فَلَا تَمنعهُ كَسَائِر حُقُوقه. وَلِأَنَّهُ لم يثبت لَهَا حكم الظِّهَار وَإِنَّمَا وَجَبت الْكَفَّارَة تَغْلِيظًا وَلَهُمَا ابْتِدَاء الْقبْلَة والاستمتاع قبل التفكير. وَيكرهُ دُعَاء أحد الزَّوْجَيْنِ الآخر بِمَا يخْتَص بِذِي رحم كَأبي وَأمي وَأخي وأختي قَالَ الإِمَام 16 (احْمَد) : لَا يُعجبنِي. وَيصِح الظِّهَار من كل من أَي زوج يَصح طَلَاقه مُسلما كَانَ

(2/660)


أَو كَافِرًا حرا أَو عبدا كَبِيرا أَو مُمَيّزا يعقله لِأَنَّهُ تَحْرِيم كَالطَّلَاقِ فَجرى مجْرَاه وَصَحَّ مِمَّن يَصح مَعَه. وَيصِح مُنجزا ومعلقا ومحلوفا بِهِ وَيحرم عَلَيْهِمَا أى على مظَاهر وَمظَاهر مِنْهَا وَطْء وداعيه أى الْوَطْء كقبلة واستمتاع بِمَا دون الْفرج وَنَحْو ذَلِك قبل إِخْرَاج كفأراته أَي الظِّهَار لقَوْله تَعَالَى 19 (: (فنحرير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا)) وَقَوله تَعَالَى 19 (: (فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسا)) وَلَو كَانَ التَّكْفِير بإطعام بِخِلَاف كَفَّارَة يَمِين فَلهُ إخْرَاجهَا قبل الْحِنْث وَبعده وَإِن مَاتَ أيحدهما بعد ظِهَار وَقبل الْوَطْء والتفكير سَقَطت كَفَّارَته ويرثها وترثه كَمَا بعد التفكير وَهِي أَي كَفَّارَة الظِّهَار على التَّرْتِيب: عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن لم يجد الرَّقَبَة فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين حرا كَانَ أَو قِنَا وَيلْزمهُ تبيت النِّيَّة من اللَّيْل لكَونه وَاجِبا وتعيينها جِهَة الْكَفَّارَة وَيَأْتِي آخر الْفَصْل. وَيَنْقَطِع التَّتَابُع بِوَطْء مظَاهر مِنْهَا وَلَو نَاسِيا أَو مَعَ عذر يُبِيح الْفطر أَو لَيْلًا لَا وَطْء غَيرهَا فَإِن لم يسْتَطع الصَّوْم لكبر أَو مرض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ فالطعام سِتِّينَ مِسْكينا مُسلما حرا لكل مِسْكين مدَّبَّر أَو نصف صَاع من غَيره , وَلَا يضر وَطْء مظَاهر مِنْهَا فِي أثْنَاء الطَّعَام , ويجزيء دَفعهَا إِلَى صَغِير من أَهلهَا وَلَو لم يَأْكُل الطَّعَام ويقبضها لَهُ وليه وَلَا يجزيء الْخبز وَيكفر كَافِر بِمَال فَإِن كفر بِالْعِتْقِ لم يُجزئهُ إِلَّا عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن كَانَت بِملكه أَو ورثهَا أَجْزَأت عَنهُ وَإِلَّا فَلَا سَبِيل إِلَى شِرَاء رَقَبَة مُؤمنَة. وَيتَعَيَّن تَكْفِير بإطعام إِلَّا أَن يَقُول الذِّمِّيّ لمُسلم أعتق عَبدك الْمُسلم عني وَعلي ثمنه فسيصح , ذكره فِي الْإِقْنَاع.

(2/661)


وَيكفر عبد بِالصَّوْمِ أَي صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين كَالْحرِّ وَشرط فِي أَجزَاء رَقَبَة فِي كَفَّارَة مُطلقًا وَفِي نذر عتق مُطلق إِسْلَام وَلَو كَانَ الْمُعْتق كَافِرًا وَشرط فِيهَا سَلامَة من عيب مُضر بِالْعَمَلِ ضَرَرا بَينا لِأَن الْمَقْصُود تمْلِيك ألقن نَفسه وتمكينه من التَّصَرُّف لنَفسِهِ , وَهَذَا غير حَاصِل مَعَ مَا يضر بِالْعَمَلِ كَذَلِك كعمى وشلل يَد أَو رجل أَو قطع إِحْدَاهمَا أَو سبابة أَو وسطى أَو إِبْهَام من يَد أَو رجل أَو خنصر وبنصر من يَد وَاحِدَة , وَقطع أُنْمُلَة وَاحِدَة من إِبْهَام أَو أنملتين من غَيره كَقطع الإصبع وَلَا يجزيء التَّكْفِير إِلَّا بِمَا أَي قوت ويجزيء إِخْرَاجه فطْرَة وَلَو كَانَ قوت بَلَده غير مَا يجزيء أَن يغدى الْمَسَاكِين أَو يعشيهم بِخِلَاف نذر إطعامهم
وَلَا تجزيء الْقيمَة ويجزيء فِي الْكَفَّارَة مَا يجزيء فِي الْفطْرَة وَهُوَ من البِّر مدّ وَاحِد وَهُوَ نصف قدح بكيل مصر يُعْطي لكل مِسْكين , وَمن غَيره أَي الْبر وَهُوَ الشّعير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب والأقط مدان نصف صَاع وَذَلِكَ قدح بكيل مصر , وَسن إِخْرَاج أَدَم مَعَ إِخْرَاج مَا يجزيء نصا كَمَا فِي الْإِقْنَاع وَلَا يجزيء فِي كَفَّارَة عتق وَلَا صَوْم وَلَا إطْعَام إِلَّا بنية بِأَن ينويه جِهَة الْكَفَّارَة. وَتقدم. وَلَا تَكْفِي نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى فَقَط.

(2/662)


3 - (فصل)
. وَيجوز اللّعان واشتقاقه من اللَّعْن وَهُوَ الطَّرْد والإبعاد لِأَن كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ يلعن نَفسه فِي الْخَامِسَة إِن كَانَ كَاذِبًا , وَقيل: لِأَن أَحدهمَا لَا يَنْفَكّ عَن كَونه كَاذِبًا فَتحصل اللَّعْنَة عَلَيْهِ. وَشرعا شَهَادَات مُؤَكدَة بأيمان من الْجَانِبَيْنِ مقرونة بلعن من زوج وَغَضب من زَوْجَة قَائِمَة مقَام حد قذف أَو تَعْزِير فِي جَانِبه أَو حبس فِي جَانبهَا. وَيشْتَرط أَن يكون بَين زَوْجَيْنِ وَلَو قبل الدُّخُول وَلها نصف الصَدَاق إِذا لاعنها قبله بالغين عاقلين لِأَنَّهُ إِمَّا يَمِين أَو شَهَادَة وَكِلَاهُمَا لَا يَصح من مَجْنُون وَلَا غير بَالغ إِذْ لَا غبرة بقولهمَا وَلَو قنين أَو فاسقين أَو ذميين أَو أَحدهمَا , وَأَن يتقدمه قَذفهَا بالزنة وَأَن تكذبه وَيسْتَمر تكذبيها إِلَى انْقِضَاء اللّعان.
وَيسْقط مَا لزمَه بقذفها بتصديقها أَو بِإِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهَا بِهِ ل [أجل] [إِسْقَاط الْحَد] تَعْلِيل ليجوز فَمن قذف زَوجته بالزنة لفظا وَلَو بطهر وطيء فِيهِ قبل أَو دبر بِأَن قَالَ زَنَيْت فِي قبلك أَو دبرك وكذبته الزَّوْجَة المقذوفة فَيلْزمهُ مَا

(2/663)


يلْزم بِقَذْف أَجْنَبِيَّة فَلهُ أَي الزَّوْج لعانها ليسقط الْحَد عَنهُ وَلَوْلَا عَن وَحده وَلم تلاعن هِيَ , وَصفته بِأَن يَقُول زوج أَولا أَرْبعا: أشهد بِاللَّه إِنِّي لصَادِق فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا وَيُشِير إِلَيْهَا من حُضُورهَا وَلَا حَاجَة لِأَن تسمى أَو تنْسب إِلَّا مَعَ غيبتها وَيزِيد فِي الْخَامِسَة: وَأَن لعنة اللَّه عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين وَلَا يشْتَرط أَن يَقُول: فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا. ثمَّ تَقول هِيَ الزَّوْجَة أَرْبعا أَيْضا: أشهد بِاللَّه أَنه لَكَاذِب فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا , وتزيد فِي الْخَامِسَة: وَأَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين , وَلَا يشْتَرط أَن تَقول: فِيمَا رماني بِهِ من الزنة. وَسن تلاعنها قيَاما وبحضرة جمَاعَة , أَن لَا ينقصوا عَن أَرْبَعَة رجال , وَيتَعَيَّن حُضُور حَاكم وَيُعَزر بِقَذْف زَوجته الصَّغِيرَة والمجنونة وَلَا لعان لِأَن التَّكْلِيف شَرط كَمَا تقدم , فَإِذا تمّ اللّعان بَينهمَا سقط الْحَد عَنْهَا وَعنهُ وَإِن كَانَت مُحصنَة أَو التعذير إِن لم تكن كَذَلِك وَثبتت الْفرْقَة المؤبدة بَين المتلاعنين وَلَو بِلَا فعل حَاكم بِأَن لم يفرق بَينهمَا حَاكم. وَيثبت التَّحْرِيم المؤبد وَلَو أكذب نَفسه وينتفي الْوَلَد عَن الْملَاعن بنفيه لَهُ , وَيعْتَبر لنفيه ذكره صَرِيحًا كَقَوْلِه: أشهد باللَّه لقد زنت وَمَا هَذَا وَلَدي ويتمم اللّعان , وتعكس هِيَ فَتَقول: أشهد باللَّه لقد كذب وَهَذَا الْوَلَد وَلَده وتتمم اللّعان لِأَنَّهَا أحد الزَّوْجَيْنِ فَكَانَ ذكر الْوَلَد مِنْهَا شرطا فِي اللّعان كالزوج , أَو ذكره تضمنا كَقَوْل زوج مُدع زنَاهَا فِي طهر لم يَطَأهَا فِيهِ لِأَنَّهُ اعتزلها: أشهد بِاللَّه أَنِّي لمن الصَّادِقين فِيمَا ادعيت عَلَيْهَا أَو رميتها بِهِ من الزِّنَا. وتعكس هِيَ.

(2/664)


وَلَو نفى عددا من الْأَوْلَاد كَفاهُ لعان وَاحِد , وَمَتى أكذب نَفسه بعد نَفْيه حد لمحصنة وعزر لغَيْرهَا كذمية ورقيقة , وانجر النّسَب من جِهَة الْأُم إِلَى جِهَة الْأَب كانجرار وَلَاء من موَالِي الْأُم الى موَالِي الْأَب بِعِتْق الْأَب وعَلى الْأَب مَا أنفقته الْأُم قبل استلحاقه , ذكره فِي الْمُغنِي والإقناع وَشرح الْمُنْتَهى. ويتوارث الْأَب المكذب نَفسه وَالْولد الَّذِي الَّذِي اسْتَلْحقهُ بعد نَفْيه وان استحلفه وَرَثَة الْملَاعن بعده لم يلْحق نصا. والتوءمان أَخَوان لأم.
ثمَّ أَخذ المُصَنّف يتَكَلَّم على مَا يلْحق من النّسَب فَقَالَ: وَمن أَتَت زَوجته بِولد بعد نصف سنة أَي سِتَّة أشهر مُنْذُ أمكن اجتماعه بهَا وَلَو مَعَ غيبَة فَوق أَربع سِنِين , وَلَا يَنْقَطِع الْإِمْكَان بحيض أَو أَتَت بِهِ لدوّنَ أَربع سِنِين مُنْذُ أَبَانهَا زَوجهَا , وَلَو كَانَ الزَّوْج ابْن عشر سِنِين فيهمَا لحقه أَي الزَّوْج نسبه أَي الْوَلَد لِإِمْكَان كَونه مِنْهُ حفظا للنسب واحتياطا لحَدِيث الْوَلَد للْفراش وَمَعَ هَذَا لَا يكمل بِهِ مهر إِن لم يثبت الدُّخُول أَو الْخلْوَة وَلَا تثبت بِهِ عدَّة وَلَا رَجْعَة لعدم ثُبُوت مُوجبهَا , وَلَا يحكم بِبُلُوغِهِ أَي الزَّوْج لاستدعاء الحكم بِبُلُوغِهِ يَقِينا لترتيب الْأَحْكَام عَلَيْهِ من التكاليف وَوُجُوب الغرامات فَلَا يحكم بِهِ مَعَ شكّ فِيهِ أَي فِي بُلُوغه وَلِأَن الأَصْل عَدمه. وَإِن ولدت رَجْعِيَّة بعد أَربع سِنِين مُنْذُ طَلقهَا وَقبل انْقِضَاء عدتهَا أَو ولدت لأَقل من أَربع سِنِين مُنْذُ انْقَضتْ عدتهَا

(2/665)


لحق نسبه بالمطلق , لِأَن الرَّجْعِيَّة فِي حكم الزَّوْجَات فِي أَكثر الْأَحْكَام أشبه مَا قبل الطَّلَاق. وَمن أخْبرت بِمَوْت زَوجهَا فاعتدت ثمَّ تزوجت ثمَّ ولدت لحق بِزَوْج ثَان مَا وَلدته لنصف سنة فَأكْثر مُنْذُ تزوجت نصا لِأَنَّهَا فرَاشه , أما مَا وَلدته لدوّنَ نصف سنة وعاش فَيلْحق بِالْأولِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من الثَّانِي يَقِينا. وَمن ثَبت عَلَيْهِ إِقْرَار أَنه وطىء أمته فِي الْفرج أَو دونه فَولدت لنصف سنة فَأكْثر لحقه نسب مَا وَلدته؛ لِأَنَّهَا صَارَت فراشا لَهُ بِوَطْئِهِ , وَلَو قَالَ عزلت أَو لم أنزل. وان أقرّ بِالْوَطْءِ مرّة ثمَّ ولدت وَلَو بعد أَربع سِنِين من وَطئه لحقه نسب مَا وَلدته. وَمن استلحق ولدا لم يلْحقهُ مَا تلده بعده بِدُونِ إِقْرَار آخر , وَمن أعتق أمة أقرّ بِوَطْئِهَا أَو بَاعَ من أَي أمة أقرّ بِوَطْئِهَا فَولدت ولدا لدوّنَ نصف سنة مُنْذُ أعْتقهَا أَو بَاعهَا لحقه أَي الْمُعْتق أَو البَائِع مَا وَلدته لِأَن أقل مُدَّة الْحمل نصف سنة فَمَا وَلدته لدونها وعاش علم أَنَّهَا كَانَت حَامِلا بِهِ قبل الْعتْق أَو البيع حِين كَانَت فراشا لَهُ وَالْبيع بَاطِل لِأَنَّهَا أم ولد وَالْعِتْق صَحِيح وَلَو كَانَ قد أستبرأها قبله. وَيتبع الْوَلَد أَبَاهُ فِي النّسَب إِجْمَاع: فولد قرشي وَلَو من غير قرشية قرشي , وَولد قرشية من غير قرشي لَيْسَ قرشيا. وَيتبع أمه فِي الْحُرِّيَّة وَالْملك , فولد حرَّة حر وَإِن كَانَ من رَقِيق , وَولد أمة وَلَو من حر رَقِيق لمَالِك أمه إِلَّا مَعَ شَرط أَو غرور فَيكون حرا.

(2/666)


وَيتبع فِي الدّين خيرهما , فَلَو تزوج مُسلم حرَّة كِتَابِيَّة فَمَا تَلد مِنْهُ يكون مُسلما , وَإِن تزوج كتابي حرَّة مَجُوسِيَّة - أَو تسري بِأمة مَجُوسِيَّة - فَمَا تَلد مِنْهُ يكون كتابيا , لَكِن لَا تحل ذَبِيحَته , وَلَا لمُسلم نِكَاحه لَو كَانَ أُنْثَى. وَيتبع فِي النَّجَاسَة وَتَحْرِيم النِّكَاح والذكاة وَالْأكل أخبثهما: فالبغل نجس محرم الْأكل لتبعيته لأخبث أَبَوَيْهِ وَهُوَ الْحمار الَّذِي هُوَ النَّجس الْمحرم الْأكل دون أطيبهما الَّذِي هُوَ الْفرس الطَّاهِر الْمُبَاح الْأكل.

(2/667)