كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات

بَاب الْعدَد وَاحِدهَا عدَّة بِكَسْر الْعين فيهمَا مَأْخُوذ من الْعدَد بِفَتْحِهَا لِأَن أزمنة الْعدة لعدد الْأَزْمَان وَالْأَحْوَال كالحيض وَالْأَشْهر , وَالْمَقْصُود مِنْهَا الْعلم بِبَرَاءَة الرَّحِم غَالِبا , وَهِي أَرْبَعَة أَقسَام: تعبدي مَحْض كعدة المتوفي عَنْهَا من زوج لَا يلْحق بِهِ الْوَلَد ولمعنى مَحْض كالحامل أَو يجْتَمع الْأَمْرَانِ والتعبد أغلب , كالمتوفى عَنْهَا الْمُمكن حملهَا إِذا مَضَت أقراؤها فِي أثْنَاء الشُّهُور وَبِالْعَكْسِ كعدة الْمَوْطُوءَة الَّتِي يُمكن حملهَا مِمَّن يُولد لمثله , وَهِي التَّرَبُّص الْمَحْدُود شرعا لَا عدَّة وَاجِبَة فِي فرقة زوج حَيّ قبل وَطْء وَقبل خلْوَة وَلَا بقبلة أَو لمس , وَشرط فِي عدَّة لوطء كَونهَا أَي الْمَوْطُوءَة يُوطأ مثلهَا وَكَونه أَي الواطىء يلْحق بِهِ الْوَلَد فَإِن وطِئت بنت دون تسع أَو وطىء ابْن دون عشر فَلَا عدَّة لذَلِك الْوَطْء لتيقن بَرَاءَة الرَّحِم من الْحمل , وَشرط الْخلْوَة مطاوعته , أَي مطاوعة الزَّوْجَة لزَوجهَا فَإِن خلا بهَا مُكْرَهَة على الْخلْوَة فَلَا عدَّة؛ لِأَن الْخلْوَة إِنَّمَا أُقِيمَت مقَام الْوَطْء لِأَنَّهَا

(2/668)


مظنته وَلَا تكون كَذَلِك إِلَّا مَعَ التَّمْكِين , وَشرط الْخلْوَة أَيْضا كَونهَا يُوطأ مثلهَا وَكَونه يلْحق بِهِ الْوَلَد كَمَا فِي الْوَطْء وَأولى , وَشرط للخلوة علمه أَي الزَّوْج بهَا أَي الزَّوْجَة فَلَو خلا بهَا أعمى لَا يبصر وَلم يعلم بهَا أَو تركت بِمَخْدَعٍ من الْبَيْت بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا الْبَصِير وَلم يعلم بهَا الزَّوْج فَلَا عدَّة لعدم التَّمْكِين الْمُوجب للعدة. وَحَيْثُ وجدت شُرُوط الْخلْوَة وَجَبت الْعدة لقَضَاء الْخُلَفَاء بذلك , وَلَو كَانَت الْخلْوَة مَعَ مَانع شَرْعِي أَو حسي كإحرام وَصَوْم وَجب وعنة ورتق إناطة للْحكم بِمُجَرَّد الْخلْوَة الَّتِي هِيَ مَظَنَّة الْإِصَابَة دون حَقِيقَتهَا وَتلْزم الْعدة لوفاة مُطلقًا أَي كَبِيرا كَانَ الزَّوْج أَو صَغِيرا يُمكنهُ الْوَطْء أَو لَا خلا بهَا أَو لَا كَبِيرَة كَانَت أَو صَغِيرَة لعُمُوم قَوْله تَعَالَى 19 (: (وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) وَلَا فرق فِي عدَّة بَين نِكَاح صَحِيح وفاسد نصا وَلَا عدَّة فِي بَاطِل إِلَّا بِالْوَطْءِ. والمعتدات سِتّ: إِحْدَاهُنَّ الْحَامِل وعدتها مُطلقًا أَي من موت أَو غَيره كَطَلَاق وَفسخ حرَّة كَانَت أَو أمة مسلمة كَانَت أَو كَافِرَة إِلَى وضع كل حمل فان كَانَ الْحمل وَاحِد فحتى ينْفَصل كُله , وَإِن كَانَ أَكثر فحتى ينْفَصل بَاقِي الْأَخير لقَوْله تَعَالَى 19 (: (وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ) وَبَقَاء بعض الْحمل يُوجب بَقَاء بعض الْعدة لِأَنَّهَا لم تضع حملهَا بل بعضه , وَظَاهره وَلَو مَاتَ بِبَطْنِهَا لعُمُوم الْآيَة: قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى.: قلت وَلَا نَفَقَة لَهَا حَيْثُ تجب للحامل لِأَن النَّفَقَة للْحَمْل وَالْمَيِّت لَيْسَ محلا لوُجُوبهَا. انْتهى.

(2/669)


وَلَا تَنْقَضِي عدَّة حَامِل إِلَّا بِوَضْع مَا تصير بِهِ أَي الْحمل أمة أم ولد وَهُوَ مَا تبين فِي خلق الْإِنْسَان وَلَو خفِيا وَشرط لانقضاء عدَّة حَامِل بِوَضْع حمل لُحُوقه أَي الْحمل للزَّوْج فَإِن لم يلْحقهُ لصغره أَو لكَونه ممسوحا أَو خَصيا أَو لكَونهَا أَتَت بِهِ لدوّنَ نصف سنة مُنْذُ نِكَاحهَا لم تنقض بِهِ عدتهَا. وَأَقل مدَّته الْحمل الَّذِي يعِيش سِتَّة أشهر لقَوْله تَعَالَى 19 (: (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) مَعَ قَوْله تَعَالَى 19 (: (والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين) والفصال انْقِضَاء مُدَّة الرَّضَاع لِأَنَّهُ ينْفَصل بذلك عَن أمه , وَإِذا سقط حولان من ثَلَاثِينَ شهرا بَقِي سِتَّة أشهر هِيَ مُدَّة الْحمل وغالبها أَي مُدَّة الْحمل تِسْعَة أشهر؛ لِأَن غَالب النِّسَاء يلدن كَذَلِك وأكثرها أَي مُدَّة الْحمل أَربع سِنِين لِأَن مَا لَا تَقْدِير فِيهِ شرعا يرجع فِيهِ إِلَى الْوُجُود , وَقد وجد من تحمل أَربع سِنِين , وَامْرَأَة مُحَمَّد بن عجلَان حملت ثَلَاثَة بطُون كل دفْعَة أَربع سِنِين , وَبَقِي مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن فِي بطن أمه أَربع سِنِين. وَأَقل مَا يتَبَيَّن فِيهِ خلق ولد أحد وَثَمَانُونَ يَوْمًا. وغالبه على مَا ذكر الْمجد وَابْن تَمِيم وَابْن حمدَان وَغَيرهم ثَلَاثَة أشهر وَيُبَاح لأنثى إِلْقَاء نُطْفَة قبل تَمام أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِشرب دَوَاء مُبَاح وَتقدم فِي الْحيض. الثَّانِيَة من المعتدات المتوفي عَنْهَا زَوجهَا بِلَا حمل مِنْهُ وَإِن

(2/670)


كَانَ من غَيره وطِئت بِشُبْهَة فَحملت ثمَّ مَاتَ زَوجهَا اعْتدت بِوَضْع الْحمل للشُّبْهَة واعتدت للوفاة بعد وضع الْحمل لِأَنَّهَا حقان لآدمين فَلَا يتداخلان كالدينين وَتجب عدَّة وَفَاة حَتَّى وَلَو كَانَ المتوفي لم يُولد لمثله وَلم يُوطأ مثلهَا وَقبل خلْوَة وَتقدم قَرِيبا فتعد زَوْجَة حرَّة أَرْبَعَة أشهر وَعشر لَيَال بِعشْرَة أَيَّام لِلْآيَةِ وَالنَّهَار تبع لِليْل وتعد أمة توفى عَنْهَا زَوجهَا نصفهَا شَهْرَيْن وَخمْس لَيَال بِخَمْسَة أَيَّام لإِجْمَاع الصَّحَابَة على تنصيف عدَّة الْأمة أَو تَعْتَد أمة مبعضة مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا بِالْحِسَابِ فَمن نصفهَا حر تَعْتَد ثَلَاثَة أشهر وَسَبْعَة أَيَّام وَنِصْفهَا فجبر الْكسر فَصَارَ ثَمَانِيَة أَيَّام. وَمن ثلثهَا حر شَهْرَيْن وَسَبْعَة وَعشْرين يَوْمًا مَعَ جبر الْكسر أَيْضا. وَإِن مَاتَ فِي عدَّة من أَبَانهَا فِي الصِّحَّة لم تنْتَقل من عدَّة الطَّلَاق لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّة مِنْهُ فِي النّظر والتوارث ولحوق طَلَاق وَنَحْوه، وَتعْتَد من أَبَانهَا زَوجهَا فِي مرض مَوته الْمخوف قرارا الأطول من عدَّة وَفَاة أَو عدَّة طَلَاق إِن ورثت عَنهُ بِأَن كَانَت حرَّة مسلمة وَلم تكن جَاءَت الْبَيْنُونَة من قبلهَا بِأَن لم تسأله طَلاقهَا فَيجب عَلَيْهَا عدَّة الْوَفَاء كالرجعية لِأَنَّهَا مُطلقَة فيلزمها عدَّة الطَّلَاق ويندرج اقلها فِي الْأَكْثَر وَإِلَّا بِأَن لم تَرث بِأَن كَانَت أمة أَو ذِمِّيَّة أَو جَاءَت الْفرْقَة من قبلهَا بَان سألنه طَلاقهَا فَتعْتَد عدَّة طَلَاق لَا غير لانْقِطَاع أثر النِّكَاح لعدم إرثها مِنْهُ. وَلَا تَعْتَد لمَوْت من انْقَضتْ عدتهَا قبله بحيض أَو شهور أَو وضع حمل وَلَو ورثت.

(2/671)


الثَّالِثَة من المعتدات ذَات الْحيض الْمُفَارقَة أَي الَّتِي فَارقهَا زَوجهَا فِي الْحَيَاة بعد دُخُول أَو خلْوَة وَلَو بِطَلْقَة ثَالِثَة إِجْمَاعًا قَالَه فِي الْفُرُوع فَتعْتَد زَوْجَة حرَّة وَزَوْجَة مبعضة مسلمة كَانَت أَو كَافِرَة بِثَلَاث حيضا لقَوْله تَعَالَى 19 (: (والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) والقرء الْحيض. وَتعْتَد أمة بحيضتين لحَدِيث قرء الْأمة حيضتان وَلَيْسَ الطُّهْر عدَّة وَلَا يعْتد بحيض طلقت فِيهَا بل تَعْتَد بعْدهَا بِثَلَاث حيض كَامِل , قَالَ فِي الشَّرْح: لَا تعلم فِيهِ خلافًا بَين أهل الْعلم. وَلَا تحل لغيره إِذا انْقَطع دم الْأَخِيرَة حَتَّى تَغْتَسِل وتنقطع بَقِيَّة الْأَحْكَام بانقطاعه الرَّابِعَة من المعتدات الْمُفَارقَة فِي الْحَيَاة وَلم تَحض لصِغَر أَو إِيَاس فَتعْتَد حرَّة بِثَلَاثَة أشهر لقَوْله تَعَالَى: (واللائى يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر) من حِين الْفرْقَة , فَإِن فَارقهَا فِي نصف اللَّيْل أَو النَّهَار اعْتدت من ذَلِك الْوَقْت إِلَى مثله فِي قَول أَكثر الْعلمَاء فَإِن كَانَ الطَّلَاق فِي أول الشَّهْر اعْتبر ثَلَاثَة أشهر بِالْأَهِلَّةِ وَإِن كَانَ فِي أَثْنَائِهِ اعْتدت بَقِيَّته وشهرين بِالْأَهِلَّةِ كَامِلين كَانَا أَو ناقصين وَمن الشَّهْر الثَّالِث تَمام ثَلَاثِينَ يَوْمًا تَكْمِلَة الأول , لِأَن الشَّهْر يُطلق على مَا بَين الهلالين مُطلقًا وعَلى ثَلَاثِينَ , وَتعْتَد أمة لم تَحض بشهرين نصا وَتعْتَد مبعضة لم

(2/672)


تَحض كَذَلِك بِالْحِسَابِ تزيد على الشَّهْرَيْنِ من الشَّهْر الثَّالِث بِقدر مَا فِيهَا من الْحُرِّيَّة , فَمن ثلثهَا حر تَعْتَد بشهرين وَعشرَة أَيَّام وَمن نصفهَا حر فعدتها شَهْرَان وَنصف شهر , وَمن ثلثاها حر عدتهَا شَهْرَان وَعِشْرُونَ يَوْمًا. وَأم ولد ومكاتبه ومدبرة فِي عدَّة كأمة لِأَنَّهَا مَمْلُوكَة وَكَذَا مُعَلّق عتقهَا على صفة قبل وجودهَا. الْخَامِس من المعتدات من ارْتَفع حيض وَلم تعلم مَا رَفعه فَتعْتَد للْحَمْل غَالب مدَّته تِسْعَة أشهر ليعلم بَرَاءَة رَحمهَا ثمَّ تَعْتَد بعد ذَلِك كآيسة على مَا فصل آنِفا فِي الْحرَّة والمبعضة وَالْأمة وَإِن علمت من ارْتَفع حَيْضهَا مَا رَفعه أَي الْحيض من مرض أَو رضَاع وَنَحْوه فَلَا تزَال متربصة فِي عدَّة حَتَّى يعود حيضا فَتعْتَد بِهِ وان طَال الزَّمَان لعدم إياسها مِنْهُ فَتَنَاولهَا عُمُوم قَوْله تَعَالَى
19 - (:)
19 - (والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) أَو لَا
تزَال متربصة حَتَّى تصير آيسة أَي من الاياس [فَتعْتَد عدتهَا] أَي الآيسة لقَوْله تَعَالَى: 19 (واللائى يئسن من الْحيض) الْآيَة , وعدة بَالِغَة لم تَحض وَلم تَرَ نفاسا كآيسة , وعدة مُسْتَحَاضَة مُبتَدأَة أَو مستحاضية ناسية لوقت حيضا [كآيسة] ثَلَاثَة أشهر إِن كَانَت حرَّة إِجْمَاعًا وشهران إِن كَانَت أمة. السَّادِسَة من المعتدات [امْرَأَة الْمَفْقُود] أَي من انْقَطع خَبره فَلم تعلم حَيَاته وَلَا مَوته تَتَرَبَّص امْرَأَته وَلَو كَانَت أمة تَتِمَّة أَربع سِنِين مُنْذُ فقد إِن كَانَ انْقَطع خَبره أَي الْمَفْقُود لغيبة ظَاهرهَا الْهَلَاك كمن فقد من بَين أَهله أَو فِي مفازة أَو بَين الصفين حَال الْحَرْب وَنَحْو

(2/673)


ذَلِك وساوت الْأمة الْحرَّة هَهُنَا لِأَن تربص الْمدَّة الْمَذْكُورَة ليعلم حَاله مَا حَيَاة أَو موت وَذَلِكَ لَا يخْتَلف بِحَال زَوجته , وتتربص تَتِمَّة تسعين سنة مُنْذُ ولد إِن كَانَ انْقَطع خَبره لغيبة ظَاهرهَا السَّلامَة كَأَن سَافر لتِجَارَة أَو طلب علم أَو سياحة وَنَحْوهمَا , ثمَّ تَعْتَد زَوجته فِي الْحَالين الموفاة أَرْبَعَة أشهر وَعشرا إِن كَانَت حرَّة وَنِصْفهَا إِن كَانَت أمة , وَلَا تفْتَقر زَوْجَة الْمَفْقُود فِي ذَلِك التَّرَبُّص إِلَى حكم حَاكم بِضَرْب الْمدَّة وعدة الْوَفَاة. وَمن ظهر مَوته باستفاضة أَو بَيِّنَة ثمَّ قدم فكمفقود فَترد إِلَيْهِ زَوجته إِن لم يَطَأهَا الزَّوْج الثَّانِي وَيُخَير الأول إِن كَانَ الثَّانِي وطىء بَين أَخذهَا وَتركهَا وَله الصَدَاق , وتضمن الْبَيِّنَة مَا تلف من مَاله بِسَبَب شَهَادَتهمَا. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: قلت إِن تعذر تضمين الْمُبَاشر وَإِلَّا فَالضَّمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مقدم على المتسبب , وَإِن طلق زوج غَائِب عَن زَوجته أَو مَاتَ عَنْهَا فابتداء الْعدة من وَقت الْفرْقَة أَي الطَّلَاق أَو الْمَوْت وَإِن لم تحد لِأَن الْإِحْدَاد لَيْسَ شرطا لانقضاء الْعدة , وَثَبت ذَلِك بِبَيِّنَة أَو أخْبرهَا من تثق بِهِ. وعدة من وطِئت بِشُبْهَة أَو زنا حرَّة كَانَت أَو أمة مُزَوّجَة ك عدَّة زَوْجَة مُطلقَة لِأَنَّهُ وَطْء يَقْتَضِي شغل الرَّحِم فَوَجَبت الْعدة مِنْهُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاح إِلَّا أمة غير مُزَوّجَة فستبرأ إِذا وطِئت بِشُبْهَة أَو زنا بحيض لِأَن استبرائها من الْوَطْء الْمُبَاح يحصل بذلك فَكَذَا غَيره , وَلَا يحرم على زوج حرَّة أَو أمة وطِئت بِشُبْهَة أَو زنا فِي عدتهَا غير وَطْء فِي فرج؛ لِأَن تَحْرِيمهَا

(2/674)


لعَارض يخْتَص الْفرج فأبيح الِاسْتِمْتَاع بِمَا دونه كالحيض , وَلَا يَنْفَسِخ نِكَاحهَا بزنا - نصا. وَإِن وطِئت مُعْتَدَّة بِشُبْهَة أَو زنا أَو وطِئت ب نِكَاح فَاسد وَفرق بَينهمَا أتمت عدَّة الأول سَوَاء كَانَت عدته من نِكَاح صَحِيح أَو فَاسد أَو وَطْء بِشُبْهَة أَو زنا مَا لم تحمل من الثَّانِي؛ فَإِن حملت انْقَضتْ عدتهَا بِوَضْع الْحمل ثمَّ تتمّ عدَّة الأول , وَلَا يحْتَسب مِنْهَا أَي عدَّة الأول [مقَامهَا عِنْد ثَان] بعد وَطئه لانقطاعها بِوَطْئِهِ وَله رَجْعَة فِي تَتِمَّة عدته لعدم انْقِطَاع حَقه من رَجعتهَا كَمَا لَو وطِئت بِشُبْهَة أَو زنا ثمَّ اعْتدت بعد تَتِمَّة عدَّة الأول [ل] وَطْء [ثَان] لِأَنَّهُمَا حقان اجْتمعَا لِرجلَيْنِ فَلم يتداخلا وَقدم أسبقهما كَمَا لَو تَسَاويا فِي مُبَاح غير ذَلِك. وَمن تزوجت فِي عدتهَا فنكاحها بَاطِل وَيفرق بَينهمَا وَلم تَنْقَطِع عدتهَا بِالْعقدِ حَتَّى يَطَأهَا الثَّانِي لِأَنَّهُ عقد بَاطِل لَا تصير بِهِ الْمَرْأَة فراشا، فَإِن وَطئهَا انقذعت ثمَّ إِذا فَارقهَا من تزَوجهَا أَو فرق الْحَاكِم بينهمابنت على عدتهَا من الأول واستأنفتها كَامِلَة للثَّانِي وَللثَّانِي أَن ينْكِحهَا بعد العدتين. وتتعدد عدَّة بِتَعَدُّد وَطْء بِشُبْهَة أَو بزنا , وَكَذَا أمة تَتَعَدَّد بِشُبْهَة لَا زنا قِيَاسا على الْحرَّة. وَمن طلقت طَلْقَة رَجْعِيَّة فَلم تنقض عدتهَا حَتَّى طَلقهَا أُخْرَى بنت على مَا مضى من عدتهَا وَإِن رَاجعهَا ثمَّ طَلقهَا استأنفت عدَّة الطَّلَاق الثَّانِي. وَيحرم إحداد والإحداد الْمَنْع إِذْ الْمَرْأَة تمنع نَفسهَا مِمَّا كَانَت تتهيأ بِهِ لزَوجهَا من تطيب وتزين , يُقَال حدت الْمَرْأَة إحدادا فَهِيَ محدة ,

(2/675)


وحدت تحد بِالضَّمِّ وَالْكَسْر فَهِيَ حادة , وسمى الْحَدِيد حديدا للامتناع بِهِ لامتناعه على من يحاوله على ميت غير زوج فَوق ثَلَاث لَيَال بأيامها لحَدِيث (لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) مُتَّفق عَلَيْهِ. وَيجب احداد على زَوْجَة ميت بِنِكَاح صَحِيح , وَأما الْفَاسِد فَلَيْسَتْ زَوْجَة فِيهِ شرعا , حَتَّى على ذِمِّيَّة وَأمة وَغير مكلفة , زمن عدته وَيُبَاح إحداد لبائن وَلَا يسن لَهَا قَالَه فِي الرِّعَايَة. وَهُوَ أَي الْإِحْدَاد ترك زِينَة أَي مَا يتزين بِهِ وَترك طيب كزعفران وَلَو كَانَ بهَا سقم لِأَن الطّيب يُحَرك الشَّهْوَة وَيَدْعُو إِلَى الْجِمَاع وَترك كل مَا يَدْعُو إِلَى جِمَاعهَا ويرغب فِي النّظر إِلَيْهَا كلبس حلي وَلَو خَاتمًا , وملون من ثِيَاب لزينة كأحمر وأصفر وأخضر وأزرق صافيين , وَمَا صبغ قبل نسجه كبعده , وتحسين بحناء وأسفيداج أَو كحل أسود بِلَا حَاجَة إِلَيْهِ , وإدهان بمطيب بحمير وَجه وحفه وَنَحْو ذَلِك , وَلَا تمنع من صَبر تطلي بِهِ بدنهَا لِأَنَّهُ لَا طيب فِيهِ إِلَّا فِي الْوَجْه فتمنع مِنْهُ , وَلَا من لبس أَبيض وَلَو حسنا أَو حَرِيرًا لِأَن حسنه من أصل خلقته فَلَا يلْزم تَغْيِيره , قَالَ فِي الْمُبْدع وَظَاهره وَلَو عمدا للزِّينَة وَفِيه وَجه. انْتهى.
ذكره فِي شرع الْإِقْنَاع , وَلَا من ملون لدفع وسخ ككحلي وَنَحْوه وَلَا من نقاب وَأخذ ظفر وعانة ونتف إبط وَنَحْوه وَلها تزين فِي فرش لِأَن الْإِحْدَاد فِي الْبدن فَقَط , وتنظف وَغسل وامتشاط وَدخُول حمام لِأَنَّهُ لَا يُرَاد للزِّينَة وَلَا طيب فِيهِ.

(2/676)


وَيحرم على مُعْتَدَّة لوفاة بِلَا حَاجَة من نَحْو خوف على نَفسهَا أَو مَالهَا أَو تَحْويل مَالك الْمسكن لَهَا أَو طلبه فَوق أجرته الْمُعْتَادَة وَلَا تَجِد مَا تكترى بِهِ إِلَّا من مَالهَا وَنَحْو ذَلِك تحولها فَاعل يحرم من مسكن وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة فِيهِ وَهُوَ الَّذِي مَاتَ زَوجهَا وَهِي سَاكِنة فِيهِ وَلَو مؤجرا أَو معارا , وتحول بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول لأذاها لجيرانها وَلَا يجول من حولهَا دفعا لأذاها. وَمِنْه يُؤْخَذ تَحْويل الْجَار السوء وَمن يُؤْذِي غَيره , وَيلْزم منتقلة بِلَا حَاجَة الْعود لتتم مدَّتهَا تداركا للْوَاجِب , وتنقضي الْعدة بِمُضِيِّ الزَّمَان حَيْثُ كَانَت وَلها أَي الْمُعْتَدَّة لوفاة الْخُرُوج لحاجتها من نَحْو بيع وَشِرَاء وَلَو كَانَ لَهَا من يقوم بهَا لَا لحَاجَة غَيرهَا وَلَا لعيادة وزيارة وَنَحْوهمَا , وَحَيْثُ حَان لَهَا الْخُرُوج لم يبح إِلَّا نَهَارا فَقَط لِأَن اللَّيْل مَظَنَّة الْفساد. وَمن سَافَرت زَوجته بِإِذْنِهِ أَو مَعَه لنقله إِلَى بلد آخر فَمَاتَ قبل مُفَارقَة الْبُنيان أَو سَافَرت لغَيْرهَا وَلَو لحج وَلم تحرم وَمَات قبل مَسَافَة قصر رجعت واعتدت بمئزر , وَظَاهره إِن سَافَرت بِلَا إِذْنه رجعت مُطلقًا. وَإِن مَاتَ بعد مُفَارقَة الْبُنيان لنقله أَو فَوق مَسَافَة قصر لغَيْرهَا تخير بَين الرُّجُوع فَتعْتَد بمنزلها وَبَين الْمُضِيّ إِلَى مقصدها. وَتعْتَد بَائِن بمأمون من الْبَلَد الَّذِي بَانَتْ بِهِ حَيْثُ شَاءَت مِنْهُ - نصا , وَلَا تبيت إِلَّا بِهِ أَي الْمَأْمُون وَمن ملك وَلَو طفْلا أمة بِإِرْث أَو شِرَاء وَنَحْوه يُوطأ مثلهَا بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا وَلَو سبيت أَو لم تَحض لصِغَر أَو إيأس من أَي شخص كَانَ أَي ذكرا كَانَ من ملكهَا مِنْهُ أَو أُنْثَى صَغِيرا أَو كَبِيرا أَو مجبوبا أَو من

(2/677)


رجل قد استبرأها ثمَّ لم يَطَأهَا حرم جَوَاب الشَّرْط عَلَيْهِ أَي الْمَالِك وَطْؤُهَا الْأمة ومقدماته أَي الْوَطْء من قبله ولمس بِشَهْوَة وَنَحْوهمَا قبل استبراءها. وَإِن وطِئت أمته ثمَّ أَرَادَ تَزْوِيجهَا أَو بيعهَا حرما عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا فَلَو خَالف وَفعل صَحَّ البيع دون النِّكَاح , وَإِن لم يَطَأهَا أبيحا قبل الِاسْتِبْرَاء , وَإِذا أعتق أم وَلَده أَو سريته أَي الْأمة الَّتِي اتخذها لوطئه أَو مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاء برَاء نَفسهَا , إِلَّا إِن كَانَ استبرأها قبل عتقهَا لحُصُول الْعلم بِبَرَاءَة الرَّحِم , أَو أَرَادَ بعد عتقهَا أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَا اسْتِبْرَاء لِأَنَّهَا لم تنقل إِلَى غَيره - واستبراء حَامِل بِوَضْع كل الْحمل واستبراء من تحيض بحيض كَامِلَة فَلَا يحصل الِاسْتِبْرَاء ببقيتها إِذا ملكهَا حَائِضًا حَتَّى وَلَو كَانَت لَا تحيض إِلَّا بعد شهر فَلَا تستبرأ إِلَّا بِحَيْضَة نصا لَا بِشَهْر لِأَنَّهَا من ذَوَات الْحيض ,
واستبراء آيسة واستبراء صَغِيرَة وبالغة لم تَحض بِشَهْر لإقامته مقَام حيض , وَإِن حَاضَت فِيهِ فبحيضة. واستبراء مُرْتَفع حَيْضهَا وَلم تعلم مَا رَفعه بِعشْرَة أشهر تِسْعَة للْحَمْل وَشهر للاستبراء. وان علمت مَا رَفعه فكحرة لَا تزَال فِي الِاسْتِبْرَاء حَتَّى يعود الْحيض فتستبرى بِحَيْضَة أَو تصير آيسة.

(2/678)


3 - (فصل)
. الرَّضَاع - بِفَتْح الرَّاء وَقد تكسر لُغَة مص لبن من ثدي وشربه وَشرعا مص لبن من ثدي امْرَأَة ثاب أَي أجتمع عَن حمل فِي الْحَوْلَيْنِ أَو شربه أَو أكله بعد تجبينه وَنَحْو ذَلِك، وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب لابقية أَحْكَام النّسَب من النَّفَقَة وَالْإِرْث وَالْعِتْق ورد الشَّهَادَة وَغير ذَلِك لِأَن النّسَب أقوي على رَضِيع وعَلى فَرعه أَي الرَّضِيع وَإِن نزل من أولد الْبَنِينَ وَالْبَنَات [فَقَط] فَمن أرضعت وَلَو مُكْرَهَة بِلَبن حمل لَاحق بالواطىء طفْلا صَار ذَلِك الطِّفْل فِي تَحْرِيم نِكَاح وَثُبُوت محرميه وَإِبَاحَة نظر وخلوة ولدهما وَأَوْلَاده وان سفلوا أَوْلَاد ولدهما وَأَوْلَاد كل مِنْهُمَا من الآخر أَو من غَيره إخْوَته وأخواته وأباؤهما أجداده وجداته وإخوتهما أَعْمَامه وعماته وأخواله وخالاته. وَلَا حُرْمَة بِالرّضَاعِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَحدهمَا أَن يكون بِخمْس رَضعَات فَأكْثر متفرقات بِشَرْط أَن يصل لبن كل رضعه إِلَى جَوْفه , وعده فِي الْإِقْنَاع شرطا ثَالِثا فَمَتَى امتص الثدي ثمَّ قطعه شبعا أَو لتنفس أَو لمله أَي مَا يلهيه عَن المص

(2/679)


أَو قهرا أَو إِن [الِانْتِقَال] من ثدي إِلَى آخر أَو من امْرَأَة إِلَى أخري فرضعه ثمَّ إِن عَاد وَلَو قَرِيبا فثانية. وَالشّرط الثَّانِي أَن تكون الْخمس الرضعات فِي [الْحَوْلَيْنِ] وَلَو كَانَ قد فطم قبله فَلَو ارتضع بعدهمَا بلحظة وَلَو قبل فطامه أَو ارتضع الْخَامِسَة كلهَا بعدهمَا بلحظة لم تثبت الْحُرْمَة لقَوْله تَعَالَى (والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة) فَجعل تَمام الرضَاعَة حَوْلَيْنِ فَدلَّ على أَنه لَا حكم للرضاعة بعدهمَا وَتثبت الْحُرْمَة [بسعوط] فِي أنف ووجور فِي فَم كَمَا ثبتَتْ فِي رضَاع وَتثبت بِشرب لبن امْرَأَة إِذا حلب أَو ارتضع من ثديا بعد مَوتهَا كَمَا لَو حلب فِي حَيَاتهَا ثمَّ شربه بعد مَوتهَا. وَمن حلف لَا يشرب من لبن امْرَأَة فَشرب مِنْهُ وهى ميتَة حنث.
وَتثبت الْحُرْمَة بِشرب لبن مَوْطُوءَة بِشُبْهَة أَو بِعقد فَاسد وَكَذَا بِعقد بَاطِل أَو زنا وَيكون المرتضع ابْنا لَهَا فَقَط من الرَّضَاع [و] بِشرب لبن [مشوب] أَي مخلوط بِغَيْرِهِ وَصِفَاته بَاقِيَة سَوَاء خلط بِطَعَام أَو شراب أَو غَيرهمَا لَا بحقنة وَلَا إِن وصل إِلَى جَوف لَا يغدي كالمثانة وَالذكر والجائفة لِأَنَّهُ ينشر الْعظم وَلَا ينْبت اللَّحْم. وَيكرهُ استرضاع الْفَاجِرَة والكافرة والذمية وسيئة الْخلق الجذماء والبرصاء خشيَة وُصُول ذَلِك إِلَى الرَّضِيع وَسَيَأْتِي فِي الْحَضَانَة إِن لَا حضَانَة وَلَا رضَاع لأم جذماء وَلَا برصاء وَفِي الْمُجَرّد:

(2/680)


والبهيمة. فِي التَّرْغِيب: وعمياء وَفِي الْإِقْنَاع: وزنجية فَإِنَّهُ يُقَال: الرَّضَاع بِغَيْر الطباع لقَوْله لَا تزوجوا الحمقاء فَإِن صحبتهَا بلَاء وَفِي وَلَدهَا ضيَاع. وَلَا تسترضعوها فان لَبنهَا يُغير الطباع وكل امْرَأَة تحرم عَلَيْهِ بنتهَا كَأُمِّهِ وجدته وربيبته وَأُخْته وَبنت أَخِيه وَبنت أُخْته [إِذا أرضعت طفلة] رضَاعًا محرما حرمتهَا عَلَيْهِ أبدا كبنتها من نسب وكل رجل تحرم عَلَيْهِ بنته كأخيه وَأَبِيهِ وربيبه وجده وَابْنه إِذا أرضعت امْرَأَته أَو أمته أَو موطوء ته شُبْهَة بلبنه طفلة خمس رَضعَات فِي الْحَوْلَيْنِ حرمتهَا عَلَيْهِ أبدا لحَدِيث (يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الْولادَة) وينفسخ النِّكَاح فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إِن كَانَت الطفلة زَوجته. وَمن أفسدت نِكَاح نَفسهَا برضاع قبل دُخُول فَلَا مهر لَهَا وَلَو كَانَت طفلة بِأَن تدب إِلَى الْكُبْرَى فترضع مِنْهَا وَهِي نَائِمَة أَو مغمى عَلَيْهَا أَو مَجْنُونَة لِأَنَّهُ لَا فعل للزَّوْج فِي الْفَسْخ فَلَا مهر عَلَيْهِ وَلَا يسْقط بعد دُخُول. وَإِن أفْسدهُ غَيرهَا لزمَه قبل دُخُول نصفه وَبعده كُله وَيرجع بِمَا يلْزمه مهر أَو نصفه على مُفسد , وَمن تزوج ثمَّ قَالَ إِن زَوجته أُخْته من الرَّضَاع بَطل نِكَاحه حكما سَوَاء كَانَ قَوْله ذَلِك بعد الدُّخُول أَو قبله لإِقْرَاره بِمَا يُوجب ذَلِك فَلَزِمَهُ كَمَا لَو أقرّ أَنه أَبَانهَا , وانفسخ أَيْضا فِيمَا بَينه وَبَين الله عز وَجل إِن تبين أَنه لَا نِكَاح لِأَنَّهَا أُخْته فَلَا تحل لَهُ.

(2/681)


وَإِن لم يتَبَيَّن رضَاع فَالنِّكَاح بِحَالهِ بَينه وَبَين الله تَعَالَى لِأَن كذبه لَا يحرمها وَالْمحرم حَقِيقَة الرَّضَاع لَا القَوْل , وَلَا مهر لَهَا إِن أقرّ بأخوتها قبل دُخُول إِن صدقته على إِقْرَاره وَهِي حرَّة لاتِّفَاقهمَا على بطلَان النِّكَاح من أَصله أشبه مَا لَو ثَبت بِبَيِّنَة , وَيجب لَهَا نصفه أَي الْمهْر إِن كَذبته لِأَن قَوْله لَا يقبل عَلَيْهَا [و] لَهَا الْمهْر كُله بعد دُخُول مُطلقًا أَي سَوَاء صدقته أَو كَذبته مَا لم تطاوعه الْحرَّة على الْوَطْء عَالِمَة بِالتَّحْرِيمِ فَلَا لِأَنَّهَا إِذا زَانِيَة مطاوعة وَإِن قَالَت هِيَ أَي الزَّوْجَة ذَلِك أَي أَنه أَخُوهَا من الرَّضَاع وكذبها زَوجهَا فَهِيَ زَوجته حكما حَيْثُ لَا بَيِّنَة لَهَا فَلَا يقبل قَوْلهَا عَلَيْهِ فِي فسخ النِّكَاح لِأَنَّهُ حق ثَبت عَلَيْهَا , ثمَّ إِن أقرَّت بذلك قبل الدُّخُول فَلَا مهر لَهَا لإقرارها بِأَنَّهَا لَا تستحقه , وَبعد الدُّخُول فان أقرَّت أَنَّهَا كَانَت عَالِمَة بِأَنَّهَا أُخْته وبتحريمها عَلَيْهِ وطاوعته فِي الْوَطْء فَكَذَلِك لإقرارها بِأَنَّهَا زَانِيَة مطاوعة , وَإِن أنْكرت شَيْئا من ذَلِك فلهَا الْمهْر لِأَنَّهُ وَطْء بِشُبْهَة على زعمها وَهِي زَوجته ظَاهرا , وَأما فِيمَا بَينهَا وَبَين الله تَعَالَى فَإِن علمت مَا أقرَّت بِهِ لم يحل لَهَا مساكنه وَلَا تَمْكِينه من وَطئهَا وَعَلَيْهَا أَن تَفِر مِنْهُ وتفتدي بِمَا أمكنها لِأَن وطأه لَهَا زنا فعلَيْهَا التَّخَلُّص مَا أمكنها كمن طَلقهَا ثَلَاثًا وَأنكر. قَالَ فِي الشَّرْح والمبدع والإنصاف: وَيَنْبَغِي أَن يكون الْوَاجِب لَهَا بعد الدُّخُول أقل المهرين من الْمُسَمّى أَو مهر الْمثل. قَالَ فِي الْإِقْنَاع: وَإِن قَالَ هِيَ ابْنَتي من الرَّضَاع وَهِي فِي سنّ لَا يحْتَمل ذَلِك

(2/682)


كَأَن كَانَت قدره فِي السن أَو أَكثر لم تحرم لتيقن كذبه , وَإِن احْتمل فَكَمَا لَو قَالَ: هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاع وَمن شكّ فِي وجود رضَاع يَبْنِي على الْيَقِين , لِأَن الأَصْل عَدمه. أَو شكّ فِي عدده أَي الرَّضَاع بنى على الْيَقِين , لِأَن الأَصْل بَقَاء الْحل , وَكَذَا لَو شكّ فِي وُقُوعه فِي العامين لَكِن تكون من الشُّبُهَات تَركهَا أولى قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين. وَيثبت التَّحْرِيم بِإِخْبَار امْرَأَة مُرْضِعَة مرضية سَوَاء كَانَت متبرعة بِالرّضَاعِ أَو بِأُجْرَة , وَيثبت التَّحْرِيم أَيْضا بِشَهَادَة شخص عدل مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ الْعدْل ذكرا أَو أُنْثَى. وَلَيْسَ للزَّوْجَة أَن ترْضع غير وَلَدهَا إِلَّا بِإِذن الزَّوْج قَالَه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رَحمَه الله.

(2/683)