مختصر الإنصاف والشرح الكبير

كتاب الديات
أجمعوا على أن دية العمد في مال القاتل، وإن كان شبه عمد أو خطأ أو ما جرى مجراه، فعلى العاقلة.
وأما الكفارة، ففي مال القاتل لا يدخلها تحمل. ولا يلزم القاتل شيء من دية الخطإ. ولو شهر سيفاً في وجه إنسان، أو أدلاه من شاهق فمات روعة أو ذهب عقله، فعليه ديته. وإن صاح بصبي أو مجنون صيحة شديدة فخرّ من سطح أو نحوه فمات أو ذهب عقله، أو تغفل عاقل فصاح به، فعليه ديته تحملها العاقلة. ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات، ضمنه. ومن أدّب ولده أو امرأته، أو المعلم صبيه، أو السلطان رعيته، ولم يسرف فتلف، لم يضمن. وإن أمر إنساناً أن يصعد شجرة أو ينزل بئراً فهلك، لم يضمنه.
ولا خلاف أن الإبل أصول في الدية، وأن دية الحر المسلم: مائة. ولا يختلف المذهب أن أصولها: الإبل والذهب والورق والبقر والغنم. فمن الإبل: مائة، ومن البقر: مائتان، ومن الغنم: ألفا شاة، أو ألف مثقال، أو اثنا عشر ألف درهم.
فإن كان القتل عمداً وشبهه، وجبت أرباعاً: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون

(1/712)


جذعة. وعنه: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها. وإن كانت خطأ وجبت أخماساً.
وأجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل، ودية الجنين الحر المسلم إذا سقط ميتاً من الضربة غرة عبد أو أمة قيمته: خمس من الإبل. وإن سقط حياً ثم مات فديته دية حر إذا كان لستة أشهر، فإن كان لدونها فغرة. وإن شربت الحامل دواء فألقت جنيناً، فعليها غرة لا ترث منها، بغير خلاف. وإن جنى على بهيمة فألقت جنينها، ففيه ما في نقصها. وإن جنى العبد خطأ، خيّر سيده بين فدائه بالأقل من قيمته، أو أرش جنايته، أو تسليمه ليباع في الجناية.
والشجاج عشر: خمس لا توقيت فيها: أولها: الحارصة وهي: التي تشق الجلد قليلاً ولا تظهر دماً. ثم البازلة: التي يسيل منها الدم. ثم الباضعة: التي تشق اللحم بعد الجلد. ثم المتلاحمة: التي تأخذ في اللحم دخولاً كثيراً. ثم السمحاق: التي تصل إلى قشرة رقيقة فوق العظم. فلم يرد فيها توقيت، فالواجب الحكومة كجراحات البدن.
وخمس فيها مقدر: أولها: الموضحة: التي توضح العظم أي: تبرزه، ففيها: خمس من الإبل. ثم الهاشمة: التي تهشم العظم، ففيها: عشر من الإبل. ثم المنقلة وهي: التي توضح وتهشم وتزيل العظام عن مواضعها، فتحتاج إلى نقل العظم ليلتئم، ففيها: خمسة عشر. ثم المأمومة: التي تصل إلى جلدة الدماغ، ففيها: ثلث الدية. وفي الجائفة: ثلث الدية، وهي: التي تصل إلى باطن الجوف.
والحكومة: أن يقوّم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثمَّ يقوّم وهي به قد برئت، فما نقص منه فله مثله من الدية؛ ولا نعلم خلافاً أن هذا تفسير

(1/713)


الحكومة. ولا يقوّم إلا بعد برء الجرح، فإن لم ينقص في تلك الحال قوّم حال جريان الدم.
والعاقلة: العصبات من النسب، قريبهم وبعيدهم إلا عمودي نسبه. وعنه: أنهم منهم، سموا: "العاقلة"، لأنهم يمنعون عنه، والعقل: المنع. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة والذي لم يبلغ لا يعقلان، وأن الفقير لا يلزمه شيء. وخطأ الإمام والحاكم في أحكامه في بيت المال، وعنه: على عاقلته، لحديث عمر. ومن لا عاقلة له، فهل تجب في بيت المال؟ على روايتين.
"ولا تحمل العاقلة عمداً، ولا عبداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً"، قاله ابن عباس، ولم يعرف له مخالف من الصحابة. ولا تحمل ما دون ثلث الدية. وما يحمله كل واحد منهم غير مقدر، فيرجع إلى اجتهاد الحاكم، فيحمل كل إنسان ما يسهل. وعمد الصبي والمجنون تحمله العاقلة، وعنه: أن الصبي العاقل عمده في ماله.

(1/714)


باب القسامة
قال القاضي: يجوز للأولياء أن يقسموا على القاتل إذا غلب على ظنهم أنه قتله، لأنه صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، ولأن للإنسان أن يحلف على غالب ظنه.
واختلفت الرواية عن أحمد في اللوث:
فروي عنه: أنه العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه.
الثانية: أن اللوث أن يغلب على الظن صدق المدعي مثل العداوة، أو يتفرق جماعة عن قتيل فيكون لوثاً في حق كل واحد منهم.
الثالثة: أن يزدحموا في مضيق فيوجد بينهم قتيل.
الرابعة: أن يوجد قتيل لا يوجد بقربه إلا رجل معه سيف أو سكين ملطخ بالدم.
الخامسة: أن يقتتل فئتان فيتفرقون عن قتيل من إحداهما فاللوث على الأخرى.
السادسة: أن يشهد بالقتل عبيد أو نساء، وفي الفاسق والصبيان روايتان.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف ":
اختار الشيخ: الدالّ يلزمه القود إن تعمد وإلا الدية، وأن الآمر لا يرث. قوله: أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربياً، قال الشيخ: محل هذا في المسلم المعذور، كالأسير أو لا يمكنه الهجرة والخروج من صفهم، فأما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يضمن بحال. وقال: ليس في العبد نصوص صحيحة صريحة تمنع قتل الحرّ به، وقوى قتله به. وروى عبادة عنه:

(1/715)


صلى الله عليه وسلم: "منزل الرجل حريمه، فمن دخل عليك حريمك فاقتله"، ولهذا ذكر في المغني: أن الولي إن اعترف بذلك فلا قود ولا دية، واحتج بقول عمر، قال في الفروع: كلامهم وكلام أحمد يدل على أنه لا فرق بين كونه محصناً أو لا. وصرح به بعض المتأخرين كشيخنا وغيره، لأنه ليس بحد، وإنما هو عقوبة على فاعله، وإلا لاعتبرت شروط الحر. وسأله أبو الحارث: وجده يفجر بها، له قتله؟ قال: قد روي عن عمر وعثمان. وكل من ورث المال ورث القصاص.
واختار الشيخ: تختص العصبة. ولا يستوفى القصاص إلا بحضرة السلطان. واختار الشيخ: يجوز بغير حضوره إذا كان في النفس، ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف. وعنه: يفعل به كما فعل، اختاره الشيخ، وقال: هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل. وقال: استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل، والعفو إحسان، والإحسان هنا أفضل؛ لكن هنا الإحسان لا يكون إحساناً إلا بعد العدل، وهو أن لا يحصل بالعدل ضرر، فإذا حصل ضرر كان ظلماً من العافي إما لنفسه وإما لغيره، فلا يشرع.
واختار أن العفو لا يصح في قتله الغيلة، لتعذر الاحتراز كالقتل مكابرة. واختار القصاص في كل شيء من الجراح والكسر يقدر على القصاص منه، للأخبار. وقال: ثبت عن الخلفاء الراشدين. وإن غصب صغيراً فنهشته حيّة أو أصابته صاعقة ففيه الدية. قال الشيخ: مثله كل سبب يختص البقعة، كالوباء وانهدام السقف عليه ونحوهما. ولو أمر عاقلاً أن ينزل بئراً أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه، كما لو استأجره لذلك، ولو أمر من لا يميز بذلك.

(1/716)


وذكر 1 الأكثر: لو أمر غير مكلف بذلك ضمنه، قال في الفروع: ولعل مراد الشيخ: ما جرى به عرف وعادة، كقرابة وصحبة وتعليم ونحوه، فهذا متجه، وإلا ضمنه. قوله: وفي جراحه أي: العبد إن لم يكن مقدراً من الحر ما نقصه، وعنه: يضمن ما نقص مطلقاً، اختاره الشيخ. واختار أن اللوث [يثبت] 2 بشهادة النساء والصبيان وفسقة وعدل واحد ونحو ذلك.
__________
1 بين هذه الجملة والتي قبلها بياض في المخطوطة والمطبوعة.
2 ساقط في المطبوعة.

(1/717)


باب الحدود
لا يجب الحد إلا على بالغ، عاقل، عالم بالتحريم. ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه، إلا السيد فله جلد رقيقه. وعنه: يملك القتل والقطع. وحد المحصن: الرجم. وهل يجلد قبله؟ على روايتين. وغيره: يجلد مائة ويغرب عاماً. ويجب أن يحضر طائفة من المؤمنين، و"الطائفة: واحد فما فوقه"، قاله ابن عباس ومجاهد. واللوطي كالزاني، وعنه: الرجم بكل حال، لأنه إجماع الصحابة "فإنهم أجمعوا على قتله، وإنما اختلفوا في الكيفية". ومن أتى بهيمة فحده حد اللوطي. وعنه: "يعزر ولا حد عليه"، روي عن ابن عباس، وهو قول مالك والشافعي، لأنه لم يصح فيه نص. وفي وجوب قتلها روايتان، وكره أحمد أكل لحمها.
فإن ثبت الزنى بإقرار، اعتبر أربع مرات، وقال مالك والشافعي وابن المنذر: يحد بإقراره مرة، لحديث أنيس. ولا ينزع عن إقراره حتى يتم، فإن رجع أو هرب كف عنه؛ وبه قال مالك والشافعي. وإذا ثبتت الشهادة بالزنى فصدقهم، لم يسقط الحد، وقال أبو حنيفة: يسقط، لأن صحة البينة يشترط لها الإنكار. ولو وطئ في نكاح مجمع على بطلانه فعليه الحد، وقال أبو حنيفة: لا حد عليه للشبهة.
وإن استأجر أمة للزنى أو غيره فزنى بها، حُدّ، وقال أبو حنيفة: لا، للشبهة.
ويستحب للإمام أو الحاكم الذي يثبت عنده الإقرار التعريض له

(1/718)


بالرجوع إذا تم، والوقوف عن إتمامه إذا لم يتم، "لأنه صلى الله عليه وسلم أعرض عن ماعز"، وعن أبي داود: "أنه أُتي بجارية سوداء سرقت، فقال لها: أسرقتِ؟ قولي: لا، فقالت: لا. فخلى سبيلها" ويكره لمن علم حاله أن يحثه على الإقرار.
وقد أجمع العلماء على وجوب الحد على من قذف محصناً، وأن حده ثمانون إن كان حراً، للآية، وإن كان عبداً فحده أربعون، في قول الأكثر. ويشترط مطالبة المقذوف، وأن يأتي ببيّنة.

(1/719)


باب القطع في السرقة
الأصل فيه الكتاب والسنّة والإجماع، وهي أخذ المال على وجه الاختفاء؛ فلا قطع على منتهب ولا مختلس ولا غاصب ولا جاحد وديعة، وعنه: روايتان في جاحد العارية. وكذلك الطرّار الذي يشق الجيب، فيه روايتان. وإذا سرق من الثمر المعلق، فعليه غرامة مثليه، للخبر؛ قال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه.
ولا يقطع بالسرقة من مال ابنه أو أبيه، والأم والأب في ذلك سواء وإن علوا وإن سفلوا، ولا العبد من مال سيده، ولا من مال له فيه شرك. ولا قطع إلا بمطالبة المالك أو دعواه، وقال مالك وابن المنذر: لا يشترط، لعموم الآية.
ولا خلاف أن أول ما يقطع يده اليمنى، وإن سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى، إلا ما حكي عن عطاء: تقطع يده اليسرى، لقوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} . 1 فإن عاد حُبس ولم يقطع، وعنه: تقطع يده اليسرى في الثالثة، ورجله اليمنى في الرابعة؛ وهو قول مالك والشافعي وابن المنذر. ويجتمع القطع والضمان، وقال الثوري: لا يجتمعان. وقال مالك: لا غرم على معسر.
__________
1 سورة المائدة آية: 38.

(1/720)


باب حد المحاربين
الأصل فيهم: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً} الآية. 1 "نزلت في قطّاع الطريق" في قول ابن عباس وكثير من العلماء. وحكي عن ابن عمر: "أنها نزلت في المرتدّين"، قال أنس: "نزلت في العرنيّين الذين استاقوا إبل الصدقة وارتدّوا"، ولنا: قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} ؛ 2 والكفار تقبل توبتهم بعد القدرة.
ولهم ثلاثة شروط:
(أحدها) : أن يكون في الصحراء، وبه قال الثوري وإسحاق، لأن قطع الطريق لا يكون إلا في الصحراء. وقال الأوزاعي والليث والشافعي: الحضر والصحراء واحد، لأن الآية تعم كل محارب.
(الثاني) : أن يكون معهم سلاح، ولو بالعصي والحجارة.
(الثالث) : أن يجاهروا، فإن أخذو مختفين فهم سراق، وإن اختطفوا وهربوا فهم منتهبون لا قطع عليهم. وحكم الردء حكم المباشر، وبه قال مالك.
والنفي: أن يترك لا يأوي إلى بلد، وعنه: نفيه: تعزيره بما يردعه، وقيل:
__________
1 سورة المائدة آية: 33.
2 سورة المائدة آية: 34.

(1/721)


نفيه حبسه، وقال ابن سريج: يحبسهم في غير بلدهم، وهذا مثل قول مالك، لأن تشريدهم يخرجهم إلى قطع الطريق.
ومن أريدت نفسه أو حرمته أو ماله فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يكون، فإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك، ولا شيء عليه. وإن قُتل كان شهيداً.
وهل يلزمه الدفع عن نفسه؟ على روايتين.
قال ابن سيرين: ما أعلم أحداً ترك قتال الحرورية واللصوص تأثماً، إلا أن يجبن. ويلزمه الدفع عن حرمته ولا يلزمه عن ماله. فإن أريدت نفسه فالأولى في الفتنة ترك الدفع، ولغيره الدفع عنه، لقوله: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" 1.
__________
1 البخاري: المظالم والغصب (2443) , والترمذي: الفتن (2255) , وأحمد (3/99, 3/201) .

(1/722)


باب قتال أهل البغي
الأصل فيه: قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الآية. 1 من اتفق المسلمون على إمامته ثبتت إمامته ووجبت معونته، وفي معناه: من ثبتت إمامته بعهد من إمام قبله، وكذلك لو خرج رجل فقهر الناس حتى بايعوه صار إماماً، يحرم الخروج عليه، كعبد الملك بن مروان؛ فيدخل في عموم قوله: "من خرج على أمتي وهم جميع، فاضربوا عنقه بالسيف" 2.
ومن هنا إلى كتاب الأطعمة من "الإنصاف":
لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه. واختار الشيخ أنه لا يجوز إلا بقرينة، كتطلب الإمام له ليقتله. وقال: إن عصى الرقيق علانية، أقام السيد عليه الحد، وإن عصى سراً فينبغي أن لا يجب إقامته، بل يخير بين ستره واستتابته بحسب المصلحة. وقال: إن تعدى أهل مكة على الركب، دفعوا عن أنفسهم كما يدفع الصائل، ولغيرهم أن يدفع معهم، بل قد يجب إن احتيج إليه. وتردَّد في الأشهر الحرم، هل تعصم شيئا من الحدود والجنايات؟ واختار ابن القيم في الهدي: أنها تعصم، وفيه: أن الطائفة الممتنعة بالحرم من مبايعة الإمام لا تقاتل.
__________
1 سورة الحجرات آية: 9.
2 مسلم: الإمارة (1848) , والنسائي: تحريم الدم (4114) , وابن ماجة: الفتن (3948) , وأحمد (2/296, 2/306, 2/488) .

(1/723)


وإن وطيء ذات محرم، فقال أحمد: يقتل ويؤخذ ماله، لخبر البراء، قيل له: فالمرأة؟ قال: كلاهما في معنى واحد. قوله: أو وطئ في نكاح مجمع على بطلانه، وإن جهل البطلان فلا حد عليه.
وإن حملت من لا زوج لها ولا سيد، لم تحد بمجرده. وعنه: تحد إذا لم تدّع شبهة، اختاره الشيخ. قوله: وهل حد القذف حق لله ... إلخ؟ وحكى الشيخ الإجماع: أنه لا يجوز أن يعرض له إلا بطلب.
واختار وجوب الحد بأكل الحشيشة سكر أو لم يسكر، وضررها من بعض الوجوه أعظم من ضرر الخمر، وإنما حدث أكلها في آخر المائة السادسة أو قريباً منها مع ظهور سيف جنكس خان. قوله: حده ثمانون، وعنه: أربعون، وجوز الشيخ الثمانين للمصلحة. قال: ويقتل الشارب في الرابعة عند الحاجة إلى قتله، إذا لم ينته الناس بدونه. وإن أكره على شربها حل له، قال الشيخ: يرخص أكثر العلماء فيما يكره عليه من المحرمات لحق الله، كأكل الميتة وشرب الخمر، وقال: يحد بالرائحة إذا لم يدَّع شبهة. وقال: لا نزاع بين العلماء أن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيراً بليغاً.
وقال في الخلوة بأجنبية، واتخاذ الطواف بالصخرة ديناً، وقول: انذروا لي، واستعينوا بي: إن أصرّ ولم يتب قُتل.
وعن أحمد: لا يشترط في القطع مطالبة المسروق منه بالمال، اختارها الشيخ. وقال: الخوارج يقتلون ابتداء، ويجهز على جريحهم، وقال: جمهور العلماء: يفرقون بينهم وبين البغاة المتأولين، وهو المعروف عن الصحابة؛ وعليه عامة الفقهاء. وإن أظهر قوم رأي الخوارج لم يتعرض لهم. وعنه: الحرورية إذا دعوا إلى ما هم عليه فقاتلْهم.

(1/724)


وسئل عن: قتل الجهمي؟ فقال: أرى قتل الداعية منهم، وقال مالك: عمرو بن عبيد يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل. قال أحمد: أرى ذلك إذا جحد العلم، وكان عمرو لا يقر بالعلم، وهذا كافر.
وقال الشيخ: أجمعوا على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة متواترة من شرائع الإسلام، يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله، كالمحاربين وأولى. وقال: الرافضة شر من الخوارج اتفاقاً. وقال: في قتل الواحد منهما ونحوهما وكفره روايتان، والصحيح جواز قتله كالداعية ونحوه، وقال: مذهب الأئمة أحمد وغيره: التفصيل بين النوع والعين.
قوله: وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو رياسة ... إلخ، قال الشيخ: إن جهل قدر ما نهبه كل طائفة من الأخرى تساوتا، كمن جهل قدر المحرّم من ماله أخرج نصفه، والباقي له.
قوله: من أشرك بالله ... إلخ، قال الشيخ: أو كان مبغضاً لرسوله أو لما جاء به، اتفاقاً، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم، إجماعاً. قوله: وما أتلفه من شيء ضمنه، وعنه: إن فعله في دار الحرب أو في جماعة مرتدة ممتنعة لا يضمن، اختاره الشيخ. وقال: التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، من السحر، ويحرم إجماعاً. وأقرَّ أولهم وآخرهم أن الله يدفع عن أهل العبادة والدعاء ببركة ما زعموا أن الأفلاك توجبه، وأن لهم من ثواب الدارين ما لا تقوى الأفلاك أن تجلبه.

(1/725)