مسائل
الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه كتاب الصيام 1
[673-] (قلت لأحمد) :2 من رأى هلال رمضان وحده
(يصوم) 3 ومن رأى هلال شوال وحده (يفطر) ؟ 3 [ظ-20/ب]
قال: يصوم ولا يفطر.4
قال إسحاق: لا يصوم ولا يفطر، 5 لأن الصوم مع الجماعة.
__________
1 في "ظ": في الصيام.
والصيام لغة: الإمساك.
انظر: الصحاح 5/1970، المصباح المنير ص35.
وشرعاً: إمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص.
انظر: المبدع 3/3، الإقناع 1/302، شرح منتهى الإرادات1/437.
2 في "ع": قلت لأحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه.
3 في "ع": أيصوم وأيفطر.
4 روى ذلك عنه أيضاً ابن هانئ في المسائل 1/129 برقم 629، وهذا هو المذهب،
وما عليه أكثر الأصحاب.
روي عنه أن من رأى هلال رمضان وحده لا يلزمه الصوم، واختاره شيخ الإسلام
ابن تيمية، ومن رأى هلال شوال وحده له الفطر.
انظر: الهداية 1/82، والمغني 3/156، 160، والاختيارات الفقهية ص 106،
والإنصاف 3/187، 278، ومغنى ذوي الأفهام ص80، وشرح منتهى الإرادات
1/441-442، وهداية الراغب ص245.
5 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الأشراف ق84أ.
وحكى عنه عدم الصيام ابن قدامة في المغني 3/156.
(3/1203)
[674-] قلت: إذا رأى
هلال شوال1 بالعشي2 (يفطر) ؟ 3
قال: إذا رأى بالنهار فلا يفطر وإن كان أول النهار.4
قال إسحاق: كما قال.5
[675-] قلت:6 إذا قدم من سفر في رمضان وهو مفطر
وامرأته مفطرة حين طهرت من حيضتها؟
__________
1 في "ع": يعني شوال.
2 العشي: قيل ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل من الزوال إلى الصباح، وقيل
هو آخر النهار.
انظر: لسان العرب15/60، المصباح المنير156.
3 في "ع": (الفطر) .
4 نقل عنه نحو هذه الرواية ابنه صالح في المسائل 1/300 برقم 247، 456 برقم
467، وابنه عبد الله في المسائل ص176-178 برقم 661،665، 666، 667.
وهذا هو المذهب أي عدم الفطر عند رؤية هلال شوال بالنهار.
وعنه رواية أن الصائم إذا رأى هلال شوال بعد الزوال لا يفطر، لأنه لليلة
المقبلة: أما إن رآه قبل الزوال فيفطر، لأنه لليلة الماضية.
انظر: المغني 3/168، الإنصاف 3/272، شرح المنتهى الإرادات 1/439.
5 انظر: المغني 3/168، الجامع لأحكام القرآن 2/303.
6 في "ع": " قال قلت ": أي بزيادة "قال" قبل: "قلت".
والأكثر في الكتاب عدم ذكرها، فإذا ذكرت فهي حكاية عن الكوسج
(3/1204)
قال: ما أحب أن يغشاها، يكف عن غشيانها1
إذا2 قدم البلد.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 حكى برواية الكوسج هذه عن الإمام أحمد أبو يعلى في المسائل الفقهية
1/263.
وقال أبو داود في المسائل ص95: " قلت لأحمد إذا قدم، أعني المسافر، وقد أكل
أول النهار ووجد امرأته قد طهرت من حيضتها؟ قال: يعجبني أن لا يصيبها".
2 في "ظ": أما، وما أثبته هو الذي يستقيم به المعنى.
3 في حكم الإمساك بقية اليوم لمن يباح لهم الفطر إذا زالت أعذارهم أثناء
النهار روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: يلزمهم الإمساك ويأتي نصه على ذلك في المسألة (701) .
وهذا هو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب.
والثانية: لا يلزمهم ويأتي عنه في المسألة (691) ما يدل على ذلك.
وانظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/132، المغني3/135، الفروع3/23،
الإنصاف3/283.
وحكم من جامع من هؤلاء مبني على القول بلزوم الإمساك وعدمه.
قال ابن قدامة في المغني 3/134-135: "فإذا جامع أحد هؤلاء بعد زوال عذره
انبنى على الروايتين في وجوب الإمساك، فإذا قلنا يلزمه الإمساك فحكمه حكم
من قامت البينة بالرؤية في حقه إذا جامع، وإن قلنا لا يلزمه الإمساك فلا
شيء عليه" ا.?
وقال المرداوي في الإنصاف 3/284: "إذا قلنا لا يجب الإمساك فقدم مسافر
مفطراً فوجد امرأته قد طهرت من حيضها جاز أن يطأها" ا. هـ
4 أي كما قال الإمام أحمد، وهو عدم محبة غشيانها، حكى ذلك عنه ابن المنذر
في الإشراف ق91ب.
(3/1205)
فإن غشيها نهاراً لم يكن عليه كفارة.1
[676-] قلت: من أفطر يوماً من قضاء رمضان بإصابة أهله؟
قال: هذا ليس عليه كفارة، إنما الكفارة في رمضان لحرمته.2
قال إسحاق: كما قال.3
[677-] قلت: صيام العبد في التظاهر؟
قال: يصوم شهرين. قال إسحاق: كما قال.4
__________
1لم أقف على من حكاه عن الإمام إسحاق في غير هذا الموضع، لكن قوله ما أحب
أن يغشاها يوافق قوله هذا عدم وجوب الكفارة.
2 أورد هذه المسألة بنصها ابن هانئ في مسائله1/129 برقم:630، والقول بعدم
الكفارة هو المذهب، وما عليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وروي عن الإمام أحمد وجوب الكفارة.
انظر: المغني3/125، الإنصاف3/321.
3 لم أقف على قوله في غير هذا الموضع، لكن قال ابن قدامة: "ولا تجب الكفارة
بالفطر في غير رمضان في قول أهل العلم وجمهور الفقهاء". المغني3/125.
وانظر أيضاً: الإشراف ق86ب.
4 حكى ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق وغيرهما من أهل العلم ابن قدامة وقال:
"ولا نعلم لهم مخالفاً إلا ما روي عن عطاء أنه لو صام شهراً أجزأه، وقال
النخعي ثم رجع عنه" ا.? وقال المرداوي: "ولا نعلم فيه خلافاً".
المغني 7/380، الإنصاف 9/223.
وانظر أيضاً: الإشراف لابن المنذر 4/250، فتح الباري 9/434.
(3/1206)
[678-] قلت: من أكل
أو شرب في رمضان؟
قال: ليس عليه كفارة.1
قلت: كيف [لا] 2 تجعله مثل من أصاب أهله؟
قال: أنا أجعله، ليس فيه حديث،3 كيف أوجب عليه بالأكل والشرب كفارة؟ وإنما
أوجب عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالجماع،4 وإن
__________
1 نقل ذلك عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل ص192، برقم 716، 720، وأبو
داود في المسائل أيضاً ص93.
وقال عنه المرداوي: "وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم".
قلت: ولم أقف على خلافه.
انظر: المغني 3/115، ومغني ذوي الأفهام ص81، والإنصاف 3/321، وشرح منتهى
الإرادات 1/452، والروض المربع 1/429، ودليل الطالب ص 82.
2 ساقطة من "ع" والسياق يقتضي إثباتها.
3 هذا من ورعه رحمه الله تعالى وشدة تمسكه بالسنة، وقد روي عنه أنه قال:
"ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدت في
ذلك السبيل إليه، أو عن الصحابة أو التابعين، فإذا وجدت عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم أعدل إلى غيره…" المسودة في أصول الفقه ص336.
4 أي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الكفارة على المجامع وذلك بما
ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى
الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت قال: مالك؟ قال: وقعت
على امرأتي في نهار رمضان وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا…" الحديث.
أخرجه: البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له
شيء فتصدق عليه فليكفر 2/235-236. ومسلم في كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم
الجماع في نهار رمضان على الصائم 1/781-782 حديث 1111.
(3/1207)
كان هذه كلها معصية، فلا تشبه الأكل والشرب
بالجماع، في الجماع يرجم ويوجب عليه الغسل، وما يشبهه شيء من الأكل
والشرب1.
[679-] قيل [له] 2: فالعمد والخطأ في الجماع
واحد؟
(فمال إلى أن عليه الكفارة وفي الخطأ) 3 قال: ليس في
__________
1 نقل نحو ذلك عن الإمام أحمد أبو داود في المسائل ص93.
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "قال لما أن وجب عليه الكفارة في الخطأ".
وما أثبته من (ظ) هو الذي يستقيم به الكلام، لأن المعنى أن الإمام أحمد مال
إلى أن الخطأ في الجماع مثل العمد في وجوب الكفارة. وهذا هو الصحيح من
المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي: "هو المشهور عنه والمختار لعامة أصحابه".
وعنه رواية أن من جامع ناسياً لا كفارة عليه.
وروى عنه أبو داود أنه توقف عن الجواب حيث قال في المسائل ص 92: "سمعت أحمد
سئل عن الرجل يأتي أهله في رمضان ناسياً، قال: أجبن عنه، أي أن أقول ليس
عليه شي".
وانظر: المغني 3/121، الإنصاف 3/311.
(3/1208)
حديث النبي صلى الله عليه وسلم بيان خطأ
ولا عمد،1 هو مخير في الكفارة،2 وفي الأكل والشرب عليه القضاء.3
قال إسحاق: عليه في الأكل والشرب عمداً الكفارة، تشبيهاً بقول النبي صلى
الله عليه وسلم في المجامع،4 وكذلك أفتى الحسن5 وغيره من التابعين
__________
1 أي حديث أبي هريرة الذي سبق قريباً.
2 هذه رواية عن الإمام أحمد.
والصحيح من المذهب أن الكفارة على الترتيب وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
انظر: الهداية1/84، المغني 3/127، الإنصاف 3/322.
3 أي ولا كفارة عليه، وهو ما نص عليه في بداية المسألة رقم: (678) .
4 انظر: الإشراف ق87ب، شرح السنة 6/289، المغني3/115، اختلاف الصحابة
والتابعين ق46أ، الجامع لأحكام القرآن 2/321، المجموع 6/330، وسنن الترمذي
3/94.
وتقدمت الإشارة للمسألة في كتاب الطهارة، انظر المسألة (118) .
5 ممن قال بذلك غير الحسن البصري، عطاء بن أبي رباح، والزهري، والثوري،
والأوزاعي، وأبو ثور، وأبو حنيفة، ومالك.
انظر بالإضافة إلى المصادر السابقة في الهامش السابق: المبسوط 3/73، تحفة
الفقهاء 1/361، الهداية 1/224، التفريع 1/305، الكافي لابن عبد البر 1/296،
سراج السالك 1/97.
(3/1209)
أن الكفارة في الأكل والشرب.
قال إسحاق: في النسيان في الغشيان ليس عليه شيء.1
[680-] قلت:2 الصائم يدخل الحمام؟
قال: إن لم يخف الضعف.3
__________
1 أي لا قضاء عليه، ولا كفارة إذا جامع ناسياً. انظر الإشراف ق87أ.
2 في "ع": "قال قلت".
3 وفي المسائل لأبي داود ص91 "سمعت أحمد سئل عن الصائم يدخل الحمام؟ قال:
نعم إن لم يخش ضعفاً".
وقال المرداوي في الإنصاف 3/310: "ونقل ابن منصور وأبو داود وغيرها- أي عن
الإمام أحمد- يدخل الحمام ما لم يخف ضعفاً" ا.?
قلت: ولعله احترز من الضعف خشية دخول الماء، قال المرداوي: لا يكره للصائم
الغسل… ونقل حنبل: لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مسامعه وجزم
به بعضهم، وقال في الرعاية: يكره في الأصح"ا. هـ الإنصاف 1/309.
والذي أراه والله أعلم جواز الغسل للصائم بدون كراهة لثبوت ذلك عن النبي
صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر جنباً في رمضان من غير حلم،
فيغتسل ويصوم".
أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب اغتسال الصائم 2/234.
وقال الحافظ بن حجر: "قوله باب اغتسال الصائم أي بيان جوازه، قال الزين بن
المنير: أطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة، وكأنه
يشير إلى ضعف ما روي عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام. أخرجه عبد
الرزاق، وفي إسناده ضعف، واعتمده الحنيفة فكرهوا الاغتسال للصائم".
وقال أيضاً: "وقال ابن المنير الكبير: أراد البخاري الرد على من كره
الاغتسال للصائم، لأنه إن كرهه خشية وصول الماء حلقه فالعلة باطلة بالمضمضة
والسواك…"ا. هـ الفتح 4/153-154.
وقال ابن قدامة: "ولا بأس أن يغتسل الصائم". وقال أيضاً: "إن الجنب له أن
يؤخر الغسل حتى يصبح، ثم يغتسل ويتم صومه في قول عامة أهل العلم". المغني
3/109، 137.
(3/1210)
قال إسحاق كما قال. 1
[681-] قلت: من واصل من السحر2 إلى السحر
تكرهه؟
قال: لا أكرهه،3 الوصال أن يكون لا
__________
1 ذكره ابن قدامة في المغني 3/137 ضمن عامة أهل العلم الذين قالوا: الجنب
له أن يؤخر الغسل حتى يصبح، ثم يغتسل ويتم صومه.
2 السّحر: آخر الليل قبيل الصبح.
انظر: لسان العرب4/350، المصباح المنير ص102.
3 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق93ب، وابن مفلح في الفروع 3/116،
والمرداوي في الإنصاف3/350.
وانظر أيضاً: المغني3/172، وشرح منتهى الإرادات1/461.
ومما استدل به لجواز الوصال من السّحر إلى السّحر ما ثبت عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا
تواصلوا، فأيّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السّحر".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الوصال إلى السحر2/243.
(3/1211)
يأكل شيئاً.1
قال إسحاق: كما قال.2
[682-] قلت: الحقنة3 للصائم وغير الصائم
تكرهها؟
__________
1 أشار بذلك إلى الوصال المنهي عنه "وهو صوم يومين أو أكثر من غير أكل وشرب
بينهما".
انظر: النهاية في غريب الحديث5/193، المغني3/171، شرح صحيح مسلم للنووي
7/211.
والوصال بهذه الصورة مكروه عند أكثر أهل العلم، لما ثبت عن ابن عمر رضي
الله عنه أنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا:
إنك تواصل، قال: إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى".
أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب الوصال ومن قال ليس في الليل
صيام2/242. ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم: 774، حديث
1102.
وانظر حكم المسألة في: المغني3/171، وشرح صحيح مسلم للنووي 7/211، وفتح
الباري 4/204.
2 انظر الإشراف ق93ب، شرح صحيح مسلم للنووي 7/712، الفروع 3/116.
3 الحقنة مأخوذة من حقن الشيء يحقنه ويحقنه: إذا حبسه وجمعه، يقال حقن
الماء في السقاء أي جمعه، وحقن الرجل بوله أي حبسه وجمعه.
والحقنة: هي الآلة التي يتم بها الحقن، ثم أطلقت على إعطاء المريض الدواء
من أسفله، وتطلق اليوم على إدخال الدواء إلى داخل الجسم بواسطة الضغط، سواء
كان عن طريق الدبر أم عن طريق الجلد.
انظر: لسان العرب 13/125-126، والمصباح المنير ص56، ومعجم لغة الفقهاء
ص183.
(3/1212)
قال: أما للمضطر فلا بأس بها، وأما الصائم
[إذا كان] 1 في رمضان فقد أفطر.2
__________
1 ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
2 نقل ذلك -أي الفطر بالحقنة- عنه ابن هانئ في المسائل حيث قال1/132 برقم
649: "وسمعته يقول: إذا احتقن فقد أفطر"ا. هـ
قلت: وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم
فساد الصوم بذلك.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الإبر المغذية التي يستغنى بها عن
الطعام تفطر، أما الإبر التي لا تغذي فلا تفطر، سواء استعملها في العضلات
أم في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجده.
أما الشيخ صالح الفوزان فذكر أن الإبر على ثلاثة أصناف:
الأول: إبر مغذية وهذه تفطر.
والثاني: إبر ليست مغذية تؤخذ عن طريق الوريد وهذه أعتقد أنها تفطر، لأنها
تختلط بالدم.
والثالث: إبر غير مغذية ولا تؤخذ عن طريق الوريد، وإنما تؤخذ عن طريق
العضل، فهذه الأحوط للإنسان أن يتركها إلى الليل، وإن أخذها فلا أرى أنه
يفسد صومه.
انظر: المغني 3/105، حقيقة الصيام ص37، الاختيارات الفقهية ص108، الإنصاف
3/299، شرح منتهى الإرادات1/447، نبذ في الصيام للشيخ محمد بن صالح
العثيمين، المنتقى من فتاوي الشيخ صالح الفوزان ص28.
(3/1213)
قال إسحاق: كما قال.
[683-] قال أحمد:1 الإفطار في السفر أحب إليّ من الصوم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[684-] (قلت: رجل استنشق فدخل الماء إلى حلقه،
وهو صائم؟) .4
قال: إذا كان لا يريد ذاك5 فلا بأس به.6
__________
1 في "ع": "قال الإمام أحمد رضي الله عنه".
2 أورد ذلك عنه أيضاً: ابنه عبد الله في المسائل ص185، برقم: 694، وابن
هانئ في مسائله أيضاً 1/129، 135، برقم: 626، 666، وأبو داود المسائل كذلك
ص 94.
وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، وفيه وجه أن الصوم أفضل.
انظر: المغني 3/150، والفروع 3/30، والإنصاف 3/287، وشرح منتهى الإرادات
1/443، وهداية الراغب ص246.
3 انظر: سنن الترمذي 3/90، الإشراف ق91أ، المغني 3/150.
4 في "ع": "قال: قلت: رجل استنشق وهو صائم فدخل الماء حلقه".
5 في "ع": "ذلك".
6 أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل1/130، برقم635.
ولا خلاف في المذهب في أن من استنشق فدخل الماء حلقه لم يفسد صومه ما لم
يبالغ في المضمضة ولم يزد على الثلاث، أما إن فعل ذلك ودخل الماء حلقه فعلى
وجهين:
أحدهما: أنه لا يفسد صومه أيضاً، وهو المذهب.
والثاني: يفسد، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في المجاوزة على الثلاث حيث قال:
"إذا جاوز الثلاث فسبق الماء إلى حلقه، يعجبني أن يعيد الصوم".
انظر: الهداية1/83-84، والمغني3/108، والمبدع 3/28-29، والإنصاف 3/308-309،
شرح منتهى الإرادات1/450، هداية الراغب ص250.
(3/1214)
قال إسحاق: كما قال.1
[685-] قلت:2 الكحل للصائم؟
قال إني أتوقى منه ما يجد طعمه.3
__________
1 انظر الإشراف ق88 أ، المغني 3/108.
2 في "ع": "قال قلت".
3 أورد نحو ذلك عن الإمام أحمد ابنه صالح في المسائل2/342 برقم 983 وابنه
عبد الله في ص 187 برقم 700، 701، 702، وأبو داود ص90.
والذي يدل عليه مجموع ما روي عنه رحمه الله تعالى أنه فرق في الكحل بين ما
وجد الصائم طعمه في حلقه وبين ما لم يجد طعمه، فيفطر بما وجد طعمه، ولا
يفطر بما عدا ذلك.
وقد نص ابن قدامة على ذلك حيث قال في المغني 3/106: "فأما الكحل فما وجد
طعمه في حلقه أو علم وصوله إليه فطره، وإلا لم يفطره، نص عليه أحمد"ا. هـ.
وقال المرداوي: عن فساد صوم من اكتحل بما يصل إلى حلقه "هو المذهب نص عليه،
وعليه أكثر الأصحاب".
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الكحل لا يفطر.
انظر: الفروع 3/46، والاختيارات الفقهية ص: 108، والإنصاف3/299، والروض
المربع 1/421.
(3/1215)
قال إسحاق: كما قال،1 لأنه قل ما يسلم
الإنسان [منه] 2 حتى يدخل رأسه.
[686-] قلت:3 رجل أكل وهو يرى أن عليه ليلاً،4 وقد أصبح؟ 5
قال: يقضي.6
__________
1 المحكي عن إسحاق كراهة الكحل للصائم بدون تفصيل، وممن حكى ذلك عنه وعن
الإمام أحمد: الترمذي حيث قال في السنن3/105: "واختلف أهل العلم في الكحل
للصائم فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق".
وابن المنذر حيث قال في الإشراف ق88 ب: "واختلفوا في الكحل للصائم فرخص ذلك
عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي،
وكره الثوري وأحمد وإسحاق ذلك".
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "قال قلت".
4 في "ظ": ليل، والصواب ما أثبته، لأنه الموافق لقواعد العربية.
5 أي أنه أكل معتقداً أنه ليل فبان أنه نهار.
6 وفي مسائل أبي داود ص93: "قلت لأحمد إذا تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً وقد
أصبح؟ قال: يقضي"ا. هـ. وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب. قال ابن قدامة: "
وهو قول أكثر أهل العلم ". وروى أنه لا قضاء عليه، واختاره شيخ الإسلام ابن
تيمية.
قلت: وهذا إن أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً كما أشرت لذلك قبل قليل، أما
إن أكل شاكاً في طلوع الفجر ولم يتبين، فلا قضاء عليه بلا نزاع في المذهب.
انظر: الهداية 2/83، المغني 3/136، الإنصاف 3/310، 311.
(3/1216)
قال إسحاق" كما قال.1
[687-] قلت: تجوز شهادة رجل على رؤية الهلال
لرمضان أو شوال؟
قال: أما لشوال2 فلا،3 ولكن لرمضان تجوز
__________
1 حكى ذلك عنه ابن المنذر وقدمه، وحكى عنه رواية أخرى أنه لا قضاء عليه،
وهي ما جزم بها عنه ابن قدامة.
انظر: الإشراف ق85 ب، المغني 3/136.
2 في "ع": "شوال".
3 هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم، وحكاه الترمذي إجماعاً.
وقال ابن قدامة "لا يقبل في هلال شوال إلا شهادة اثنين عدلين في قول
الفقهاء جميعهم إلا أبا ثور فإنه قال: يقبل قول واحد"ا. هـ.
وعنه يقبل في هلال شوال عدل واحد بموضع ليس فيه غيره.
انظر: سنن الترمذي 3/75، والهداية 1/82، والمغني 3/159، والإنصاف 3/275.
(3/1217)
شهادة رجل [واحد] .1
قال إسحاق: لا يجوز في الصوم حتى يشهد عدلان، كالفطر والأضحى.2
[688-] قلت:3 من مات وعليه [ع-33/أ] صوم شهر؟
قال: يطعم عنه في الصيام، والنذر يقضى عنه.4
__________
1 ساقطة من "ع".
وقبول شهادة عدل واحد في ثبوت شهر رمضان هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه رواية أنه لا يقبل في ثبوته إلا عدلان.
انظر: الهداية 1/82، المغني 3/157، المحرر 1/228، الإنصاف 3/273-274، منار
السبيل 1/217.
2 انظر: سنن الترمذي 3/75، شرح السنة 6/244، المغني 3/157، طرح التثريب
4/115.
3 في "ع": "قال قلت".
4 أي من مات وعليه صيام أمكنه فعله ولكنه فرط فيه، إن كان هذا الصيام من
رمضان يطعم عنه، أما إن كان صيام نذر فيصام عنه.
وقد روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً: ابنه عبد الله حيث قال في المسائل ص 186
برقم697: "سئل أبي عن الرجل يموت وقد فرط في صيام رمضان؟ قال: يطعم عنه،
وعند النذر قال: يصام عنه".
وقال أبو داود في المسائل أيضاً ص96: "سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يصام عن
الميت إلا في النذر"ا. هـ.
قلت: وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب- أي الإطعام عن صيام رمضان والقضاء عن
صوم النذر- وقيل: يصام عنه رمضان، ويطعم عنه في النذر.
انظر: المغني 3/143، المبدع 3/47-48، الإنصاف 3/334، 336.
(3/1218)
قال إسحاق: كما قال.1
[689-] قلت:2 من أفطر يوماً من صيام شهرين متتابعين؟
قال: إذا كان من مرض أو حيض أو من أمر يغلبه من قيء، يبني.3
__________
1 انظر: سنن الترمذي 3/97، الإشراف ق92 ب، المجموع 6/372.
2 في "ع": "قال قلت".
3 نقل عن الإمام أحمد أن من أفطر لمرض يبني: ابنه صالح في المسائل 1/396
برقم377، وأبو داود في المسائل ص176، وابن هانئ في المسائل1/239 برقم1148.
قلت: والفطر إذا كان لمرض مخوف فإنه لا ينقطع به التتابع، بل يبني المفطر
على صيامه، وهذا بلا خلاف في المذهب، أما إذا كان لمرض غير مخوف لكنه يبيح
له الفطر، فعلى وجهين:
أحدهما: لا ينقطع به التتابع وهو المذهب.
والثاني: ينقطع به.
أما الفطر من أجل الحيض، فإنه لا يقطع التتابع بإجماع أهل العلم.
انظر: الإشراف ق93 ب-93 أ، والمغني 7/365-366، والإنصاف 9/324، 326.
وأما من غلبه القيء فالصحيح أنه لا يفطر.
قال ابن قدامة: "ومن ذرعه- أي القيء- فلا شيء عليه، وهذا قول عامة أهل
العلم. قال الخطابي: لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً"ا. هـ المغني
3/117.
(3/1219)
وإذا أفطر عمداً يستأنف.1
قال إسحاق: كما قال.2
[690-] قلت:3 رجل أصبح صائماً في السفر ثم قدم أهله من يومه ذلك فأفطر؟
قال: ما يعجبني4 أن يفطر، عليه قضاء يوم، وإذا أفطر بأهله فعليه الكفارة.5
__________
1 كون التتابع ينقطع بالفطر بدون عذر لا خلاف فيه بين أهل العلم. انظر:
المغني 7/365.
2 انظر: الإشراف ق93 أ، المغني 7/365.
3 في "ع": "قال قلت".
4 ما يعجبني من مصطلحات فقه الإمام أحمد رحمه الله تعالى التي حررها أصحابه
من فتاويه، وفي المقصود بها وجهان:
أحدهما: الكراهة والتنزيه. والثاني: التحريم.
المسودة ص530، صفة الفتوى ص93، الفروع1/67.
والذي يدل عليه الجواب وحكم المسألة أن المقصود بها هنا التحريم.
5 أي أن من قدم من السفر صائماً لا يجوز له الفطر، فإن أفطر بغير جماع
فعليه القضاء فقط، أما إن جامع فعليه الكفارة.
وقد أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل حيث قال 1/133 برقم
654: "وسئل عن رجل أصبح صائماً في السفر ثم قدم على أهله فأفطر في أهله
أعليه كفارة؟ قال: ليس عليه كفارة إلا أن يكون إفطاره بأهله".
وقال ابن قدامة في المغني3/135: "فأما إن نوى الصوم في سفره أو مرضه أو
صغره ثم زال عذره في أثناء النهار، لم يجز له الفطر رواية واحدة، وعليه
الكفارة إن وطئ"ا. هـ.
قلت: وعدم وجوب الكفارة بالإفطار بغير جماع سبق في مسألة: (678) .
(3/1220)
قال إسحاق: كلما أصبح في السفر صائماً، ثم
دخل نهاراً فجامع فقد أساء، ولا كفارة عليه.1
[691-] قال أحمد: وإذا أصبح مفطراً في السفر، فدخل أهله فأكل، فليس عليه
شيء، ويعجبني أن لا يأكل.
قال إسحاق: كما قال.2
[692-] قلت: إذا خرج مسافراً متى يفطر؟
__________
1 لم أقف عليه في غير هذا الموضع.
2 هذه المسألة في حكم الإمساك لمن زال عذره أثناء النهار وقد تقدم الكلام
عليها في التعليق على المسألة (675) .
(3/1221)
قال: إذا برز عن البيوت.1
قال إسحاق: لا، بل حين2 يضع رجله في الرحل فله الإفطار،3 [ظ-21/أ] كما فعل
أنس بن مالك رضي الله عنه. وسن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك،4
__________
1 أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل1/130 برقم 631 وأبو
داود في المسائل ص95.
ومعنى برز عن البيوت أي تجاوزها وخرج عنها. قال ابن قدامة في المغني3/101:
"لا يباح له الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره، يعني: أنه يجاوزها ويخرج من
بين بنيانها"ا. هـ.
والصحيح من المذهب أنه لا يفطر إلا إذا فارق البيوت، سواء كانت داخل السور
أو خارجه.
وقيل: له الفطر إذا فارق سور بلده ولو لم يفارق البيوت.
انظر: المبدع 2/108، 3/14، والإنصاف 2/320-321، 3/287، وشرح منتهى الإرادات
1/444.
2 في "ع": "حتى".
3 أي أنه له الفطر قبل خروجه من البلد. وقد حكى ذلك عنه الترمذي في السنن
3/164، وابن مفلح في الفروع 3/3.
4 وهو ما روى الترمذي بسنده عن محمد بن كعب أنه قال: "أتيت أنس بن مالك في
رمضان وهو يريد سفراً وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام
فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة، ثم ركب".
أخرجه في كتاب الصوم، باب من أكل ثم خرج يريد سفراً 3/163، حديث 799 وقال:
هذا حديث حسن.
(3/1222)
وإذا جاوز البيوت قصر.1
[693-] قلت: [الصائم] 2 يمضغ3 العلك؟ 4
قال: لا.5
__________
1 هذا تمام كلام إسحاق رحمه الله تعالى، وقد فرق بين وقت إباحة الفطر وقصر
الصلاة للمسافر، فاشترط مجاوزة البنيان للقصر، ولم يشترطها للفطر.
قال الترمذي عقب الحديث المذكور: "وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث
وقالوا للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى
يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي".
2 ساقط من "ع".
3 يمضغ أي يلوك. يقال مضغ الشيء مضغاً أي لاكه، واللوك إدارة الشيء في
الفم.
انظر: لسان العرب 8/450، 10/485، المصباح المنير ص214.
4 العلك: كل صمغ يعلك- أي يمضغ- من لبان وغيره، فلا يسيل.
انظر: لسان العرب10/470، المصباح المنير ص162.
5 أورد ابن قدامة رواية الكوسج هذه بنصها حيث قال في المغني 3/109: "قال
إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصائم يمضغ العلك؟ قال" لا"ا. هـ
وجواب الإمام أحمد كما هو واضح لم يفرق بين أنواع العلك، ولكن فصل أصحابه
الكلام فيه فقالوا: العلك نوعان:
أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء وهو الرديء الذي يتحلل بالمضغ، فهذا لا يحوز
للصائم مضغه في الجملة بلا خلاف، إلا أن لا يبلع ريقه فقيل يجوز، والصحيح
من المذهب أنه لا يجوز أيضاً.
الثاني: القوي الذي كلما مضغ صلب وقوي، فهذا يكره مضغه ولا يحرم في الصحيح
من المذهب وما عليه الأصحاب، وفيه وجه أنه لا يكره. فإن فعل ولم يجد طعمه،
فإنه لا يفطر بذلك، وإن وجد طعمه ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يفطر. والثاني: لا يفطر.
انظر: المغني 3/109، والفروع 3/62-63، والإنصاف 3/327، وشرح منتهى الإرادات
1/454.
(3/1223)
قال إسحاق: إن فعل لم يفسد صومه، وتركه
أفضل،1 (ولا يرد ريقه) 2 على حال.
[694-] قلت: الفطر قبل المغرب3 أحب إليك؟
قال: تعجيل الفطر يستحب،4 فأما إن كان لرجل حاجة أو شغل.5
__________
1 حكى عن الإمام إسحاق كراهة مضغ العلك للصائم، وأنه إن فعل لم يفسد صومه،
ابن المنذر في الإشراف ق88 ب.
2 في "ع": ولا يزد رد ريقه".
3 أي قبل صلاة المغرب.
4 هذا بلا خلاف في المذهب، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم.
انظر: الإقناع لابن المنذر 1/200، والمغني 3/170، والفروع 3/71، والإنصاف
3/329.
5 هكذا في النسختين، والمعنى أنه إن كان الأمر كذلك فلا بأس بتأخير الفطر.
(3/1224)
قال إسحاق: لا، بل يجتهد أن يفطر قبل
الصلاة.1
[695-] قلت: يصوم يوماً ويفطر يوماً أحب إليك؟
قال إن قوي على هذا فأفضل الصيام هذا.2
قال إسحاق: كما قال.
[696-] قلت: من قال: أنت بالخيار إلى آخر
النظرين؟ 3
__________
1 حكى عنه استحباب تعجيل الفطر الترمذي في السنن 3/82.
2 قال المرداوي عن ذلك: "هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه،
وكان أبو بكر النجاد من الأصحاب يسرد الصوم، فظاهر حاله أن سرد الصوم
أفضل"ا. هـ الإنصاف 3/342.
قلت: لا أفضل من صيام يوم وإفطار يوم لما ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "صم يوماً وأفطر
يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام، فقلت: إني أطيق أفضل
من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك ".
أخرجه: البخاري في كتاب الصوم، باب صوم الدهر2/245.
ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر1/813، حديث1159.
انظر المسألة في: المغني 3/176، المبدع 3/50، شرح منتهى الإرادات 1/458،
هداية الراغب ص254.
3 أي إتمام الصيام أو الإفطار لمن أصبح صائماً، وممن قال بذلك عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه حيث روى البيهقي بسنده عنه أنه قال: "إذا أصبحت وأنت
تنوي الصيام فأنت بأحد النظرين، إن شئت صمت وإن شئت أفطرت".
وقال ابن قدامة: "وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر
النظرين: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت"ا. هـ.
وقد روي نحو ذلك عن ابن عباس وابن عمر وعلي ومجاهد والنخعي.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 3/28-29، السنن الكبرى 4/277، المغني 3/151-152.
(3/1225)
قال: (إنما قال هذا) 1 في التطوع.2
قال إسحاق: كما قال.3
[697-] قلت عاشوراء4 يوم التاسع أو العاشر؟
قال: يصوم يوم التاسع والعاشر.5
__________
1 في "ع" إنما هو.
2 أن صيام رمضان لا يجوز قطعه إلا بعذر شرعي، والذي يدل عليه كلام الإمام
أحمد هنا أن من دخل في صيام تطوع له الخروج منه، ولا يجب عليه إتمامه. وهذا
هو المذهب، وما عليه الأصحاب، لكن يستحب الإتمام، ويأتي في مسألة (704) ما
يدل على نص الإمام أحمد على ذلك.
3 انظر: المغني 3/152.
4 "عاشوراء" ويقال أيضاً: "عشوراء" ممدودان على المشهور، وحكي فيهما القصر
انظر: لسان العرب 4/569، المصباح المنير ص156، فتح الباري 4/245.
5 لم يجب الإمام أحمد عن تعيين يوم عاشوراء هل هو التاسع أو العاشر، ولكنه
ذكر ما يستحب صيامه وهو اليومان معاً.
(3/1226)
قال إسحاق: كما قال1، لمخالفة اليهود فإنهم
يصومون [يوماً] 2 واحداً.3
__________
1 أي كما قال أحمد وهو استحباب صيام اليومين معاً. وقد حكى ذلك عنهما:
الترمذي في السنن3/129، وابن المنذر في الإشراف ق93ب، وابن قدامة في المغني
3/174، والنووي في شرح صحيح مسلم 8/12، والسروي في اختلاف الصحابة
والتابعين ق 48 ب، والمباركفوري في تحفة الأحوذي 3/461.
ويأتي عنهما في المسألة: (718) النص على فضيلة صيام يوم عاشوراء.
وقد اختلف العلماء في تعيين يوم عاشوراء، فذهب الأكثر إلى أنه اليوم العاشر
من المحرم، وحكاه النووي عن جماهير العلماء من السلف والخلف. وقيل: هو
اليوم التاسع.
انظر: المغني 3/174، صحيح مسلم بشرح النووي 8/12، فتح الباري 4/245.
2 ساقطة من "ظ" وإثباتها أولى.
3 هذا تعليل الإمام إسحاق لاستحباب صيام اليومين التاسع والعاشر. ومما جاء
في ذلك:
أ- ما ثبت عن إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول: سمعت
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول حين صام رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: "يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود
والنصارى" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل إن
شاء الله صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء 1/797-798، حديث
1134.
ب- ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "صوموا التاسع والعاشر
وخالفوا اليهود".
أخرجه البيهقي واللفظ له في السنن الكبرى 4/287، والطحاوي في شرح معاني
الآثار 2/78، وذكره الترمذي في السنن 3/129.
(3/1227)
[698-] قلت1: رجل
أغمي عليه في شهر رمضان؟
قال: أما أول يوم2 إذا كان قد طلع الفجر ثم أغمي عليه وكان3 قد نوى الصوم،4
أجزأه يومه ذلك،5 وأما6 سوى ذلك فإنه يقضي.7
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 في "ع": "يومه".
3 في "ظ": "فكان" والموافق للسياق ما أثبته.
4 في "ع": "الصيام ".
5 في "ع": "ذاك".
6 في "ع": "قال وأما".
[7] أورد ذلك عن الإمام أحمد ابنه صالح في المسائل 1/113برقم 670، وابنه
عبد الله في المسائل ص 188-[189،] برقم 706-708، كذا أبو داود في المسائل
أيضاً ص 94.
ومعنى هذه المسألة أن الصائم إذا أغمي عليه، وكان قد مضى على نية صيامه جزء
من النهار، أجزاه ذلك.
أما إن لم يكن كذلك، كأن يكون نوى الصيام من الليل ثم أغمي عليه قبل طلوع
الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس، فإنه لا يجزيه، ومثله لو استمر إغماؤه الذي
أصابه بعد طلوع الفجر لعدة أيام، فإن صيامه لا يجزيه إلا عن اليوم الأول
الذي أدرك جزءاً منه قبل الإغماء.
وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب، وخرج بعضهم من رواية صحة صوم رمضان بنية
واحدة في أوله أنه لا يقضي من أغمي عليه أياماً بعد نيته المذكورة.
انظر: المغني 3/98، والفروع3/25، والمبدع3/17، والإنصاف3/292-293.
(3/1228)
قال إسحاق: كلما [لم] 1 يأكل يومه ذلك، وقد
دخل في2 النهار بصيام فلا قضاء عليه ولو كان ذلك أياماً.
[699-] قال أحمد3: يحتاج في شهر رمضان أن يجمع4
كل يوم على الصوم5.
قال إسحاق: لا يحتاج إلا إذا دخل في شهر رمضان نوى صيامه
__________
1 ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
2 في "ظ": "من" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": "قال الإمام أحمد رضي الله عنه".
4 أي يعقد النية والعزيمة على الصوم. انظر النهاية في غريب الحديث1/296.
5 روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ حيث قال في المسائل 1/28 برقم
620: "قلت لأبي عبد الله: أينوي الرجل في كل ليلة من شهر رمضان صوماً؟ قال:
نعم ينوي".
قلت: وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب، وعنه رواية أنه تجزي نية واحدة في
أول الشهر عن الشهر كله.
انظر: المغني3/93، الفروع3/40، الإنصاف3/295.
(3/1229)
كله1.
[700-] قلت: صيام اليوم الذي يشك فيه2 من
رمضان؟
قال: أكرهه إذا وضح3.
__________
1 انظر: الإشراف ق84 ب، المغني 3/93، وفتح الباري4/142والمجموع 6/338، وشرح
السنة6/270.
وتقدمت الإشارة للمسألة في كتاب الطهارة، انظر المسألة رقم (118) .
2 في (ع) (فيه) ساقطة.
3 أي أكره صيام ذلك اليوم إذا كان الجو صحواً، وقد حكى كراهة ذلك البهوتي
في شرح منتهى الإرادات1/438، وفي الروض المربع1/410، وحكاه أيضاً النجدي في
هداية الراغب ص243.
قلت: ولعل الكراهة للتحريم، حيث نقل أبو داود عن الإمام أحمد عدم صيامه،
فقال في المسائل ص88: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: يوم الشك على وجهين: فأما
الذي لا يصام فإذا لم يحل دون منظره سحاب ولا قتر، فأما إذا حال دون منظره
سحاب أو قتر يصام".
وقال ابن قدامة في المغني 3/87: "وإن لم يره وكانت السماء مصحية، لم يكن
لهم صيام ذلك اليوم".
قلت: وملخص القول في المسألة أنه إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان
لا يخلو أن يكون الجو صحواً، أو يحول دون مطلع الهلال غيم أو قتر.
فإن كان الجو صحواً، فإنه لا يصام يوم الثلاثين على أنه من رمضان بلا خلاف.
أما إن حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر، فقد اختلفت الروايات عن الإمام
أحمد:
فروي عنه أنه يجب صومه بنية رمضان، وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وروي عنه أنه لا يجب صومه، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم.
وروي عنه أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا، وإن أفطر أفطروا.
انظر: الهداية 1/81، والمغني 3/87، 89، والقواعد النورانية ص: 114-115،
والمبدع 3/4-5، والإنصاف 3/269-270.
(3/1230)
قال إسحاق: (كلما كانت) 1 تلك الليلة مصحية
فلا يسعه إلا أن يصبح مفطراً يبكر بالأكل، وإن2 كانت متغيمة أو بها علة
أصبح مفطراً أيضاً إلا أن يتلوم3 بالأكل يتربص أن يأتيه الخبر.
قلت لإسحاق: معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما: "إذا كان في السماء قَتَرَة4
أو غياية5 أصبح صائماً"6؟
قال: إنما ذلك من فعل ابن عمر رضي الله عنهما، لما رؤي7 أن
__________
1 في "ظ": " كلما كان إذا كانت" والأقرب لاستقامة السياق ما أثبت.
2 في "ع": "فإن".
3 أي ينتظر. يقال: تلوم في الأمر أي تمكث وانتظر. انظر لسان العرب12/557.
4 القترة بالتحريك: الغبرة. انظر: لسان العرب 5/71، وشرح منتهى الإرادات
1/438.
5 غَيَايَة: سحابة أو قترة. النهاية 3/404.
6 أخرجه: أبو داود "2330"، وأحمد 2/5، 13، والدارقطني 2/161. وصحح إسناده
ابن القيم في الزاد 2/43. وانظر: إرواء الغليل 4/10.
7 في "ع": "رأى".
(3/1231)
الشهر يكون تسعة وعشرين1.
وروى هو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن غم عليكم فاقدروا له"2،
[و] 3 لم يرو "فأكملوا العدة ثلاثين4" كما روى5 ابن عباس رضي الله عنهما6
وغيره عن
__________
1 ممن رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث روى ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى
تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
أخرجه: البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم
إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا 2/229.
ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال1/759 حديث: 1080.
وممن رأى أن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين: عمر وعلي وأبو هريرة
رضي الله عنهم، وقال الشعبي ما صمنا تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين.
مصنف ابن أبي شيبة 3/86.
2 رواه عنه البخاري ومسلم في المواضع السابقة.
3 الواو ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
4 بل روى ذلك وهو ما أخرجه عنه البخاري ومسلم قريباً.
5 في "ع": "رواه".
6 وحديثه رواه عنه بهذا اللفظ:
النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار 4/135. ومسلم
في كتاب الصيام، باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره 1/766، بلفظ:
"فإن أغمي عليكم فاكملوا العدة".
وأبو داود 2/745 حديث: 2327، بلفظ: "فأتموا العدة ثلاثين".
والترمذي 3/72 حديث: 688، بلفظ: "فأكملوا ثلاثين يوماً".
(3/1232)
النبي. صلى الله عليه وسلم1
وقال2 ابن عمر رضى الله عنهما: إن أحسن ما يقدر له أن ينظر، فإن مضى (تسع
وعشرون) 3 فنظرت فلم تر الهلال وهي مصحية أن تصبح مفطراً إذا4 لم تره، وإن
كانت متغيمة أصبحت صائماً5، لما
__________
1 ممن روى ذلك غير ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة رضي
الله عنه.
أخرجه عنه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا
رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا 2/229، بلفظ: "صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال1/762 حديث1081
بألفاظ منها: "فإن غمي عليكم فأكملوا العدد" و "وإن أغمي عليكم فعدوا
ثلاثين".
2 في "ظ": "فقال" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": "تسعة وعشرين" والموافق للعربية ما أثبته.
4 في "ع": "لما".
5 لم أقف على قول ابن عمر رضي الله عنهما بهذا اللفظ، والذي وقفت عليه عنه:
أنه كان إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رؤي فذاك، وإن لم
ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحاب أو
قتر أصبح صائماً.
رواه بهذا اللفظ: أحمد في مسنده 2/5، وأبو داود بلفظ مقارب في كتاب الصوم
2/740-741.
وذكره: ابن قدامة في المغني 3/90، وابن حجر في فتح الباري 4/122، ومرعى بن
يوسف في تحقيق الرجحان ص86.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه4/161 بلفظ: "أنه كان إذا كان سحاب أصبح صائماً،
وإذا لم يكن سحاب أصبح مفطراً".
(3/1233)
روى هو1 عن النبي صلى الله عليه وسلم
"فاقدروا له"2 وقال3: يمكن أن يكون الشهر تسعاً4 وعشرين5، فأخذ6 بالثقة،7
ولا
__________
1 في "ع": "لما رواه".
2كما سبق ذلك وتخريجه قريباً.
3 أي النبي صلى الله عليه وسلم.
4 في "ع": "تسعة".
5 ومن ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة
وعشرين ومرة ثلاثين".
أخرجه البخاري في: كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نكتب
ولا نحسب 2/230.
6 في "ظ": "فنأخذ" ولعل الصواب ما أثبته، لأن المقصود بالذي أخذ هو ابن عمر
رضي الله عنهما.
7 وهي عدم فوات شيء من رمضان، لأنه رضي الله عنه يرى الصيام يوم الثلاثين
إذا كان الجو غير صحو، لاحتمال طلوع الهلال واحتجابه عن الرؤية بسبب عدم
صفاء الجو.
(3/1234)
نرى1 ذلك لما صح عن [ع-33/ب] النبي صلى
الله عليه وسلم ما لم يتم الشهر ثلاثين يوماً أن لا تصوم أبداً2 فتكون3 قد
تقدمت الهلال بصوم، ولكن تصبح مفطراً4 وتتلوم بالأكل ضحوة5 إذا كان غيماً6،
فلعل أحداً (خارج المصر) 7 قد رآه فيشهد وإن لم يكن ذلك أفطر، فأما إذا
كانت مصحية بادر بالأكل غداة8.
[701-] قلت لأحمد: المسافر يقدم في بعض النهار،
والنصراني واليهودي يسلمان يصومون؟ 9.
قال أحمد: يكفون عن الطعام، ويقضون10 ذلك اليوم، والحائض
__________
1 المتكلم هو الإمام إسحاق بن راهويه.
2 لعله يقصد بذلك قولهصلى الله عليه وسلم: "فإن غبي عليكم فأكملوا عدة
شعبان ثلاثين".
3 في "ع": "وتكون".
4 في "ع": "أو" والموافق للسياق ما أثبته.
5 الضحوة: ارتفاع النهار. انظر لسان العرب14/474
6 في "ظ": "غيم"، والصواب ما أثبته.
7 في "ظ": "خارجاً من المصر"، والأقرب للسياق ما أثبته.
8 الغداة ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس. انظر: لسان العرب15/116، والمعجم
الوسيط 2/646.
9 في"ظ": "قال يصومون"، والذي يستقيم به المعنى ما أثبته.
10 في"ظ":"ويقضي"، والموافق للسياق ما أثبته.
(3/1235)
كذلك [أيضاً] .1
قال إسحاق: كما قال2.
[702-] قلت: (من أكل أو شرب ناسياً) 3؟
قال: ليس عليه شيء4.
قال إسحاق: كما قال5.
__________
1 ساقطة من"ع".
2 تشتمل هذه المسألة على حكم إمساك المذكورين بقية اليوم، وحكم قضائهم له،
فأما الإمساك فقد تقدم الكلام عليه في المسألتين: (675) ، (691) .
وأما القضاء فلا خلاف في وجوبه على المسافر والحائض.
أما اليهودي والنصراني إذا أسلما فالمذهب وما عليه الأصحاب أنه يجب عليهما
القضاء.
وروي عن الإمام أحمد عدم وجوب القضاء.
انظر: الإشراف ق90أ، المغني3/135، الإنصاف3/282، 283.
3 في"ع": "إذا أكل ناسياً".
4 نقل هذه المسألة عن الإمام أحمد ابنه عبد الله في المسائل ص192 برقم719،
وأبو داود في المسائل أيضاً ص92، وهذا هو المذهب، ولم ينقل خلافه.
انظر: الهداية1/83، والمغني3/116، والفروع 3/51، والمبدع 3/26، والإنصاف
3/304.
5 انظر: المغني3/116.
(3/1236)
[703-] قلت: إذا أفطر [في] 1 يوم غيم يصوم
يوماً مكانه؟
قال: بلى2.
قال إسحاق: كلما ظن أن3 الشمس قد غربت فأفطر، ثم تبين له أنها لم تغرب، لم
يكن عليه القضاء، لأنه كالأكل ناسياً، حكمهما واحد4.
__________
1 ساقطة من "ع".
2 وفي المسائل رواية أبي داود ص93: "قلت لأحمد: فإذا أفطر وهو يرى أنه
أمسى؟ قال: يقضي".
والمقصود بذلك من أفطر شاكاً في غروب الشمس، والمذهب أنه يجب عليه القضاء
سواء أفطر يظن أن الشمس قد غربت فبان أنها لم تغرب، أو أفطر شاكاً في
غروبها ولم يتبين له شيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من أكل في شهر رمضان معتقداً أنه ليل فبان
نهاراً، فلا قضاء عليه.
وقال الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين: "من يظن أن الشمس قد غربت فيأكل وهي
لم تغرب، لا يفطر".
انظر: الهداية1/83، والمغني3/136، 137، والمحرر1/229، والاختيارات الفقهية
ص: 109، والإنصاف 3/310، ومجالس شهر رمضان ص: 112.
3 في "ع": "بأن".
4 انظر: الإشراف ق85ب، والمغني 3/136، وفتح الباري 4/200، وبلوغ الأماني
10/65
(3/1237)
[704-] قلت1: من أصبح صائماً ثم بدا له
فأفطر؟
قال: إن قضى يوماً فحسن، وإن لم يقض لم أعب عليه2.
قال إسحاق: كما قال.3
[705-] قلت4: صيام يوم الجمعة مفرداً؟
قال: أكرهه5، إي لعمري.
قال إسحاق: كما قال6، لما خص النبي صلى الله عليه وسلم النهي فيه7.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 حكى نحو ذلك عنه ابن هانئ في المسائل1/128 برقم622.
والمقصود صوم التطوع، وما حكي عن الإمام أحمد من عدم وجوب القضاء هو المذهب
وما عليه أكثر الأصحاب، وروي عنه وجوب القضاء. انظر: المغني 3/151-152،
والإنصاف 3/352.
3 انظر اختلاف الصحابة ق49أ، المغني3/152.
4 في "ع": "قال قلت".
5 نقل ذلك عنه أيضاً أبو داود في المسائل ص 96، ونقل نحوه ابن هانئ في
المسائل 1/133برقم 656.
وكراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم لا خلاف فيه في المذهب.
انظر: المغني3/165، الفروع3/122، المبدع3/54، الانصاف3/347.
6 انظر: سنن الترمذي3/119.
7 ومن ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة2/248
(3/1238)
[706-] قلت1: قوله:2
" [لا صيام] 3 لمن لم يجمع4 الصيام من الليل".5
قال: هذا عندي على رمضان6.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 أي النبيصلى الله عليه وسلم.
3 ساقطة من "ع"، والصواب إثباتها.
4 أي يعقد النية والعزيمة. انظر النهاية في غريب الحديث 1/296.
5 أخرجه عن حفصة رضي الله عنها بلفظ: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا
صيام له": أبو داود في كتاب الصوم، باب النية في الصيام 2/823 حديث 2454.
والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل 3/108
حديث 730، وقال: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وصحح وقفه على ابن
عمر.
وأخرجه بألفاظ مقاربة: النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين
لخبر حفصة4/196، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في فرض الصوم من
الليل1/542 حديث1700.
وصححه الألباني. انظر إرواء الغليل4/25، صحيح سنن ابن ماجه1/284.
6 دل جواب الإمام أحمد هنا على اشتراط تبييت النية في صوم رمضان، ولا خلاف
في المذهب في اشتراط ذلك في كل صوم واجب.
انظر: المغني 3/91، المبدع 3/18، الإنصاف 3/294.
(3/1239)
وكل واجب نذر أو قضاء1.
[707-] قلت: الصائم يقبل أو يباشر2؟
قال: أما المباشرة3 شديدة، والقبلة أهون4.
__________
1 انظر: اختلاف الصحابة والتابعين ق45ب.
2 أي تلمس بشرته بشرة المرأة، لأن أصل المباشرة التقاء البشرتين، وتطلق
المباشرة أيضاً على الجماع في الفرج ودون الفرج.
انظر: النهاية 1/129، فتح الباري 4/149.
3 المقصود بالمباشرة هنا ما عدا الجماع في الفرج، كاللمس ونحوه، لأن ذلك هو
الذي يذكر كثيراً مع القبلة في الحكم.
وذكر الحافظ ابن حجر: أن التقبيل أخص من المباشرة، وذكرها بعده من ذكر
العام بعد الخاص.
انظر: الفروع 3/74، فتح الباري 4/150، الإنصاف 3/317، 329.
أما الجماع في الفرج فلا خلاف بين العلماء في وجوب القضاء والكفارة على من
أفسد صومه به إذا أنزل، أما إذا لم ينزل فإن فساد الصوم لا خلاف فيه أيضاً.
أما الكفارة فقد قال بها عامة أهل العلم، وحكي عن الشعبي والنخعي وسعيد بن
جبير عدم القول بها.
انظر: المغني 3/120.
4 لم يفرق الإمام أحمد هنا بين المُقَبِّل.
وذكر عنه التفريق: ابنه صالح حيث قال في المسائل 2/151 برقم 720: "قلت: ما
تقول في الصائم يقبّل امرأته في رمضان؟ قال: إن كان شاباً فأخاف أن يجرح
صومه، فلا يفعل ".
ونقل عنه التفريق أيضاً أبو داود حيث قال في المسائل ص91: "سمعت أحمد سئل
عن القبلة للصائم، قال: إذا كان لا يخاف أن يأتي منه شيء، فإنه ربما كان
شاباً فأمنى، وقال وسمعته مرة قيل له: يقبل الصائم؟ قال: إذا كان شاباً لا،
وقال مرة أخرى لا يعجبني".
قلت: والمقبِّل إن لم ينزل لم يفسد صومه، وإن أنزل المني فسد صومه، وقد ذكر
ابن قدامة عدم الخلاف في ذلك.
أما إن أمذى فالصحيح من المذهب وما عليه أكثر الأصحاب أنه يفسد صومه.
وقيل: لا يفسد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
والمقبّل أيضاً إما أن يكون ممن تحرك شهوته أو لا، فإن كان ممن تحرك شهوته
وظن الإنزال فإن القبلة تحرم في حقه، وإن لم يظن الإنزال فالصحيح من المذهب
أنها تكره. وروي عن الإمام أحمد أنها تحرم.
أما إن كان ممن لا تحرك شهوته فالصحيح من المذهب أن القبلة لا تكره في حقه.
وروي عن الإمام أحمد أنها تكره.
انظر: المسائل برواية صالح 2/382 رقم 1041، والمغني 3/111-112، والفروع
3/63، وفتح الباري [4/150-153،] والإنصاف 3/301، 328-329، شرح منتهى
الإرادات 1/454.
(3/1240)
قال إسحاق: كما قال، إلا أنهما مباحان
جميعاً1 [ظ-21/ب] .
__________
1 وحكى عنه السروي في اختلاف الصحابة ق47أ: أن القبلة لا بأس بها للصائم
إذا لم تحرك شهوته.
قلت: وهذا إذا لم ينزل، أما إن أنزل فقد نقل غير واحد الإجماع على فساد
الصوم، ونقل الحافظ ابن حجر والقرطبي عن إسحاق فساد الصوم ووجوب الكفارة.
انظر: المغني 3/112، والجامع لأحكام القرآن 2/324، والفروع 3/49، وفتح
الباري 4/151، 153.
(3/1241)
[708-] قلت1:
الحجامة للصائم؟
قال: أكرهه ويقضي يوماً مكانه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[709-] قلت: فمن استقاء4 وهو صائم؟
قال: عليه القضاء5.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
[2] نقل عنه ذلك ابنه عبد الله في المسائل ص181-182 برقم 677، 679،
680،681، وكذا أبو داود في المسائل ص90-91، وابن هانئ في المسائل1/131-132
برقم 643، 645، 647.
وفساد الصوم بالحجامة هو المذهب وما عليه جماهير الأصحاب.
وروي عن الإمام أحمد أن الحاجم والمحجوم إن علما النهى أفطرا، وإلا فلا.
انظر: المغني 3/103، الفروع 3/47، المبدع 3/25، الإنصاف 3/302.
3 انظر: سنن الترمذي3/145، الإشراف ق88أ، المغني3/103، اختلاف الصحابة
ق48ب، الفروع3/47.
4 أي استدعى القيء فقاء.
انظر: المغني3/117، والمبدع3/23.
5 نقل ذلك عنه ابنه عبد الله في المسائل ص184 برقم688، وكذا أبو داود في
المسائل ص90.
وفساد الصوم بذلك، هو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب، سواء كان القيء قليلاً
أو كثيراً.
وروي عن الإمام أحمد أن الصائم لا يفطر إلا بملئ الفم.
وروي عنه بملئه أو نصفه.
انظر: المغني 3/117، الفروع 3/49، المبدع 3/23، الإنصاف 3/300
(3/1242)
قال إسحاق: كما قال1.
[710-] قلت: السواك2 بالرطب واليابس أول النهار
وآخره؟
قال: أما الرطب فأكرهه، ولا يعجبني آخر النهار3.
__________
1 انظر: سنن الترمذي 3/99، الإشراف ق87ب، شرح السنة 6/297.
2 السواك: مصدر ساك الشيء أي دلكه، يقال ساك أسنانه بالسواك أي دلكها
لينظفها، وهو عود يستاك به يتخذ من شجر الأراك غالباً.
انظر: المصباح المنير ص113، المعجم الوسيط1/465، معجم لغة الفقهاء ص252.
3 هذه الرواية نص في كراهة السواك بالعود الرطب للصائم في آخر النهار، وقد
يفهم منها عدم كراهته في أول النهار، وعدم كراهته باليابس في أول النهار
وآخره.
ونقل عنه ابنه عبد الله ما يدل على الكراهة في آخر النهار، ولكنه لم يخص
ذلك بالعود الرطب حيث قال في المسائل ص183 برقم685: "سألت أبي عن السواك
للصائم؟ فقال: لا بأس بالسواك والطيب إلى الظهر". قال: "ويتوقاه آخر
النهار".
ونقل عنه نحو ذلك أبو داود في المسائل أيضاً ص89.
وقال ابن قدامة: "واستحب أحمد وإسحاق ترك السواك بالعشي".
ثم ذكر أنه اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في التسوك بالعود الرطب، فرويت
عنه الكراهة وروي عنه عدمها، ولم يذكر آخر النهار.
وذكر المرداوي أن المذهب كراهة السواك بعد الزوال، ولم يذكر الرطب.
وقال ابن مفلح في الفروع: "ويكره للصائم بعد الزوال، وعنه يباح، وعنه
يستحب، اختاره شيخنا وهي أظهر، وعنه يكره بعود رطب، اختاره القاضي وغيره"ا.
هـ
والذي ظهر لي في المسألة: أن السواك للصائم قبل الزوال، إن كان بعود يابس
لا بأس به.
قال ابن قدامه: "ولم ير أهل العلم بالسواك أول النهار بأساً إذا كان العود
يابساً".ا. هـ
وأما إن كان بعود رطب ففيه ثلاث روايات: عدم الجواز، والكراهة، وعدمها،
وصححها المرداوي، وذكر أنها ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وأما السواك بعد الزوال فالمذهب أنه يكره، سواء كان بعود رطب أو يابس.
انظر: المغني3/110، الفروع1/125-126، تصحيح الفروع1/125-127،
الإنصاف1/117-118.
(3/1243)
قال إسحاق: كما قال، لأن آخر النهار إذا
تسوك يكون قد ذهب خلوف1 فمه2.
__________
1 الخلوف: تغير ريح الفم.
انظر: النهاية في غريب الحديث 2/67.
2 في "ظ": "فيه" ولفظ الحديث الوارد في ذلك مطابق لما أثبته.
وانظر لقول إسحاق: سنن الترمذي 3/104، والإشراف ق88ب-89أ، والمغني 3/110،
واختلاف الصحابة ق48ب.
(3/1244)
[711-] قلت: من قال:
لا يقضى رمضان في ذي الحجة؟
قال: أي شيء يكره من ذلك1؟
قال إسحاق: هو جائز2، ومن كرهه3 (أراد أن يصومه) 4 تطوعاً، لما يستحب العمل
فيه، وهذه رخصة، لأنه حرضه على التطوع ويؤخر قضاء الفرض5.
__________
1 الذي يدل عليه جواب الإمام أحمد هنا أنه لا يكره قضاء رمضان في عشر ذي
الحجة، وهذا هو إحدى الروايتين عنه، أطلقهما ابن قدامة في المغنى.
وحكى المردواي إطلاقهما فيه وفي الشرح وشرح المجد والفائق والفروع، وقال:
الصواب عدم الكراهة.
انظر: المغني 3/146، والفروع 3/131، وتصحيح الفروع 3/131-132، والإنصاف
3/350.
2 أي بلا كراهة، حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني3/146.
وحكى عنه ابن المنذر في الإشراف ق92ب جواز قضاء رمضان في شهر ذي الحجة، إلا
الأيام التي نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن صومها فإنه لا يجوز القضاء
فيها.
3 وممن حكيت عنه الكراهة غير الإمام أحمد: علي بن أبي طالب، والحسن البصري،
والزهري، رضي الله عنهم أجمعين.
انظر: مصنف عبد الرازق 4/255-256، المغني 3/146، الفروع 3/131.
4 في "ع": "يريد أن يصوم".
5 أي أن من كره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة رأى أن ذلك يفوت صيامها تطوعاً،
وهي أيام ورد الترغيب في العمل الصالح فيها. ومن ذلك ما ثبت عن ابن عباس
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من أيام العمل
الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني العشر. قالوا: يا رسول الله
ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج
بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود في كتاب الصوم، باب في صوم العشر2/815 حديث
2438.
وأخرجه البخاري بلفظ آخر في كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق
2/7
(3/1245)
[712-] قلت: السفر
في رمضان؟
قال أحمد: ما أعلم به بأساً1.
قال إسحاق: يكره2 تعمد ذلك، إلا أن يكون في حج أو [عمرة] 3 أو غزو.4
__________
1 أي السفر غير المحرم، لأن الأصل إباحته في رمضان وغيره، وهو الذي يبيح
الفطر في رمضان عند أكثر أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني 2/261: "وجملته أن الرخص المختصة بالسفر، من القصر
والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً، يباح في السفر
الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة ونحوه، وهذا قول أكثر أهل العلم".
2 في "ع": "يكره له".
3 ساقطة من "ع".
4 الإمام إسحاق يرى إباحة الفطر للمسافر، سواء كان السفر واجباً أو مندوباً
أو مباحاً، ولعله يقصد هنا كراهة السفر لأجل الفطر الذي قال بها بعض
العلماء.
قال ابن مفلح: "ولو سافر ليترخص فقد ذكروا أنه لو سافر ليفطر حرم، وذكر
صاحب المحرر: يكره قصد المساجد للإعادة كالسفر للترخيص"ا. هـ. الفروع
2/57. وانظر أيضاً: كشاف القناع 1/506، شرح منتهى الإرادات 1/143.
ويحتمل أنه كره أي سفر في رمضان عدا الثلاثة المذكورة لأن السفر لها أقل ما
فيه الندب
(3/1246)
[713-] (قلت: الحامل
والمرضع؟
قال: يفطران ويقضيان أعجب إليّ) .1
__________
1 في "ع": "قلت الحامل والمرضع يفطران؟ قال: ويقضيان أعجب إليّ".
ويستقيم بأي لفظ من النسختين لأن أعجب إليّ من مصطلحات الإمام أحمد في فقهه
التي حررها أصحابه من جملة فتاويه والصحيح من المذهب وما عليه جماهير
الأصحاب أنها للندب، وقيل إنها للوجوب
انظر: الفروع 1/67، الإنصاف 12/248.
وجواب الإمام أحمد هنا يحتمل أن يكون معناه أن الحامل والمرضع إذا خافتا
الضرر الأَوْلى في حقهما أن يفطرا ثم يقضيان بعد ذلك، ويكره في حقهما
الصوم.
ويؤيد ذلك قول ابن مفلح في الفروع3/34: "ويكره صوم الحامل والمرضع مع خوف
الضرر على أنفسهما أو الولد".
وكذا قول المرداوي في الإنصاف 3/290: "يكره لهما الصوم والحالة هذه -أي
حالة الخوف- قولاً واحداً، ويحتمل أن يكون معناه أن لهما أن يفطرا ويجب
عليهما القضاء، لأن وجوب القضاء لا خلاف فيه في المذهب، وهو المنقول عن
الإمام أحمد.
انظر: المسائل برواية ابنه صالح 3/15 برقم: 1228، وبرواية ابن هانئ 1/132
رقم651، والمغني [3/140-141،] والفروع 3/34، والمبدع 3/16، والإنصاف 3/290
(3/1247)
قلت: الشيخ؟
قال: [الشيخ] 1 لا يقدر أن يقضي.2
قال إسحاق: لا يقضيان جميعاً إلا أن يختارا القضاء لكي لا يطعما3.
[714-] سئل [الإمام] 4 أحمد عن امرأة مرضت في
[شهر] 5 رمضان فأفطرت فماتت في مرضها؟
قال: إن أطعموا عنها فلا بأس، وإن لم يطعموا عنها فلا بأس.6
__________
1 ساقطة من "ع".
2 نقل ذلك عنه ابن هانئ في المسائل 1/132 برقم: 651، ولا خلاف في المذهب أن
الشيخ الكبير إن أفطر لا قضاء عليه.
انظر: الفروع 3/33-34، المبدع 3/14، الإنصاف 3/284، شرح منتهى الإرادات
1/442-443.
3 أي أنه لا يجب عليهما القضاء، إلا إن يختاراه بدل الإطعام.
قال ابن مفلح في الفروع 3/35: "وخيّرهما إسحاق بين القضاء والإطعام لشبههما
بمريض وكبير".
4 ساقطة من "ظ".
5 ساقطة من "ع".
6 نقل عنه نحو ذلك ابناه عبد الله وصالح، حيث قال عبد الله في المسائل ص186
برقم 698: "سألت أبي عن رجل لم يزل مريضاً حتى مات، هل عليه قضاء الصوم؟
قال: ليس عليه شيء إلا أن يكون قد فرّط".
وقال صالح في المسائل أيضاً2/89 برقم 748: "قلت: رجل مرض في رمضان ثم استمر
به المرض حتى مات؟ قال: ليس عليه شيء، لأنه كان في عذر".
قلت: وكونه لا شيء على من هذه حاله هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وقال ابن قدامة: هو قول أكثر أهل العلم.
وقال المرداوي: "وذكر في التلخيص رواية يطعم عنه".
انظر: المغني 3/142، الإنصاف 3/334، شرح منتهى الإرادات 1/457.
(3/1248)
[715-] [قلت1: قضاء
رمضان؟
قال: لا بأس به (متفرقا) 2.
__________
1 هذه المسألة ساقطة بكاملها من "ظ".
2 غير واضحة في المخطوطة وبما ذكرت يستقيم المعنى ويؤيده ما نقله عنه ابن
هانئ حيث قال في المسائل1/134 برقم661: "سألته عن قضاء رمضان متتابعاً أو
متفرقاً، قال: إن قضى رمضان فلا بأس".
وكذا أبو داود حيث قال في المسائل ص95: "سمعت أحمد سئل عن قضاء رمضان، قال:
إن شاء فرق، وإن شاء جمع".
وجاء في المسائل برواية البغوي ص85 برقم74: "سمعت أحمد وسئل عن قضاء رمضان
متفرقاً قال: لا أرى به بأساً".
والذي يظهر من الروايات عن الإمام أحمد أنه يرى استحباب التتابع في قضاء
رمضان، وهذا لا خلاف فيه في المذهب.
انظر: الهداية 1/85، المغني 3/150، الفروع 3/90، الإنصاف 3/332، مغني ذوي
الأفهام ص83، شرح منتهى الإرادات 1/456
(3/1249)
قال إسحاق: كما قال والتتابع أفضل] .1
[716-] قلت: الشيخ2 إذا لم يطق الصوم؟
قال: يطعم3، إن أطعم مداً أجزأ عنه4، وإن جفن5 جفاناً6 كما صنع أنس رضي
الله عنه7. 8
__________
1 انظر: المغني 3/150، فتح الباري 4/189.
2 في ع "الشيخ الكبير".
3 أي يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا بلا خلاف في المذهب.
انظر: المغني 3/141، المحرر في الفقه 1/288، الإنصاف3/284.
4 المذهب أنه إنما يجزئ الإطعام بالمد إذا كان من البر، أما من غيره فلا
يجزئ إلا نصف صاع- أي مدان، لأن الصاع أربعة أمداد- وقيل يجزئ المد من غير
البر.
انظر الهداية 2/52، المغني3/139، 7/369، الإنصاف 3/285، 9/233..
5 الجفنة: هي أعظم ما يكون من القصاع، والقصاع: جمع قصعة، وهي وعاء يؤكل
فيه، وكان يتخذ من الخشب.
انظر: الصحاح 5/2092، لسان العرب13/89، القاموس المحيط 4/211، المعجم
الوسيط1/127، 2/740.
6 أي صنع طعاماً ووضعه في جفنة ودعا إليه المساكين.
7 الذي صنع أنس رضي الله عنه أنه لما ضعف عن الصوم عاماً صنع جفنة من طعام،
ثم دعا بثلاثين مسكيناً فأشبعهم. انظر: الجامع لأحكام القرآن 2/289.
8 هكذا انتهى الكلام في النسختين، والسياق يقتضي إضافة "أجزأ عنه".
(3/1250)
قال إسحاق: كما قال ومن زاد زيد له.1
[717-] قلت: إذا مرض في [رمضان] 2؟
قال: إذا فرط يطعم ويقضيه، وإذا لم يفرط قضى ولا إطعام عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
[718-] قلت: صيام5 يوم عرفة ويوم عاشوراء ورجب؟
قال: أما عاشوراء وعرفة، أعجب إلي أن أصومهما لفضيلتهما6 في
__________
1 انظر: الإشراف ق93 أ.
2 ساقطة من "ع".
3 نقل ذلك عنه أيضاً ابن هانئ في المسائل 1/136 برقم 671.
والمعنى أن من مرض في رمضان فأفطر وأمكنه القضاء قبل رمضان آخر ولكنه لم
يفعل، لزمه القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم. أما إن كان تأخيره للقضاء لعذر،
فلا يلزمه إلا القضاء فقط. وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وذكر في الفروع أنه يتوجه احتمال عدم لزوم الإطعام.
انظر: الهداية 1/85، والمغني 3/144-145، والفروع 3/92، والإنصاف 3/333-334،
شرح منتهى الإرادات 1/456-457.
4 انظر: الإشراف ق91 أ، شرح السنة 6/320، المغني3/145.
5 في "ع": "الصيام".
6 في "ع": لفضيلته" والموافق للسياق ما أثبته.
ويوم عاشوراء سبق الكلام عنه وعن استحباب صومه في المسألة (697) .
أما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الوقوف بعرفة
فيه، وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم عليهما السلام، فلما أتى عرفة قال: قد
عرفت؟ قال: قد عرفت. وقيل: لتعارف آدم وحواء بها.
انظر: المغني 3/175، الفروع 3/108-109.
وصيامه لغير الحاج مستحب، وفيه فضل عظيم.
انظر: المغني3/174، الفروع3/108، منار السبيل1/229.
(3/1251)
حديث أبي قتادة1، وأما رجب فأحب إليّ أن
أفطر منه2.
قال إسحاق: كما قال سواء.
[719-] قلت: صيام الدهر متى لا يكون صيام الدهر
[ع-34/أ] ؟
__________
1 حديث أبي قتادة رواه الإمام مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة
أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء 1/818-819 برقم 1162 وفيه: "صيام
يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام
يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
2 هذا يدل على كراهة صوم شهر رجب كاملاً، وتزول الكراهة بالفطر في بعض
أيامه.
وقد نقل عنه نحو ذلك ابن قدامة في المغني حيث قال: "ويكره إفراد رجب
بالصوم. قال أحمد: وإن صامه رجل أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصوم
كله".
وقال المرداوي: "وتزول الكراهة بالفطر من رجب ولو يوماً واحداً".
انظر: المغني3/166-167، الفروع3/118، الإنصاف3/346-347.
(3/1252)
قال: أما إذا أفطر الخمسة الأيام1، ويعجبني
أن يفطر منه أياماً2.
قال إسحاق: كما قال3.
[720-] قلت: العطاء الذي يقوم4 للناس في شهر
رمضان؟
قال: ما يعجبني أن يأخذ على شيء من الخير أجراً5.
__________
1 أي فلا بأس به، وقد قال ابنه عبد الله في المسائل ص180 برقم674: "سألت
أبي عن رجل يصوم السنة ما عليه أن يفطر منها؟ قال يفطر العيدين وأيام
التشريق".
وذكر ابن قدامة أن أحمد قال: "إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن
لا يكون به بأس" المغني 3/167.
2 نقل ذلك عن الإمام أحمد بن مفلح في الفروع3/115.
والمعنى أن الأولى لمن أراد الإكثار من الصيام أن لا يقتصر على عدم صيام
الخمسة الأيام المحرم صومها، بل يفطر أياماً أخرى غيرها.
والصحيح من المذهب وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يكره صيام الدهر إذا
اجتنبت الأيام المنهي عن صيامها.
وقيل بالكراهة، وهو اختيار ابن قدامة في المغني حيث قال: "والذي يقوى عندي
أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام، فإن صامها فقد فعل محرماً"ا.
هـ.
انظر: المغني3/167، الفروع3/114، الإنصاف3/342.
3 أي أن الأولى أن يفطر أياماً غير الخمسة. انظر الفروع3/115.
4 هكذا في النسختين ولعل الصواب "يقدم".
5 في أخذ الأجرة على أعمال القرب روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: أنه لا يجوز، وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
والثانية: يجوز.
وهذا إن كان بشرط، أما ما كان بلا شرط فظاهر كلام الإمام أحمد جوازه.
انظر: المغني 5/555، 558، الإنصاف3/45.
(3/1253)
قال إسحاق: لا يسعه أن يؤم على نية أخذه،
وإن أم ولم ينو شيئاً من ذلك فأعطي أو أكرم جاز ذلك1.
[721-] قلت: يعتكف الرجل في المسجد في خيمة؟ 2
فكرهه [وقال] 3 إلا أن يشتد البرد4.
__________
1 لم أقف على هذا التفصيل عن الإمام إسحاق، ولكن نقل عنه ابن قدامة كراهة
تعليم القرآن بأجر.
ونقل عنه الخطابي منع أخذ الأجرة على الأذان. انظر: المغني5/555، ومعالم
السنن1/285.
2 الخيمة: بيت مستدير تبنيه العرب من عيدان الشجر، وقيل هي ثلاثة أعواد أو
أربعة يلقى عليها نوع من النبات يستظل بها في الحر.
انظر: الصحاح5/1916، لسان العرب12/193، المعجم الوسيط1/267.
وهي معروفة بهذا الاسم في الوقت الحاضر، ولكنها تكون من قماش غليظ أبيض
اللون من الخارج غالباً، ويعمل له بطانة من الداخل من قماش خفيف من غير
الأبيض.
3 ساقطة من "ع".
4 ونقل عنه المنع من غير برد ابن هانئ حيث قال في المسائل 1/138 برقم 678:
"قيل له يعتكف الرجل في المسجد في الخيمة؟ قال: لا يعتكف في الخيمة إلا من
برد شديد".
وفي المغني 3/191، والفروع3/156، جواز الاستتار بدون تقييد في البرد. وانظر
أيضاً فتح الباري4/273.
(3/1254)
قال إسحاق: لا يكره له ذلك، إذا كان يحب أن
(يقي) 1 المسجد لما يكون منه من حدث أو سقوط شيء مما يذم [به] 2.
[722-] قلت: الاعتكاف في أي المساجد يكون؟.
قال: في كل مسجد تقام فيه الصلاة3.
__________
1 في "ظ": بياض.
2 ساقطة من "ظ" والأولى إثباتها، لأن المعنى لا يكره له ذلك إذا كان قصده
المحافظة على المسجد مما قد يقع منه ويذم على فعله.
3 نقل ذلك عنه ابن هانئ في المسائل 1/138 برقم679، ونقل عنه ابنه عبد الله
وأبو داود جواز الاعتكاف في كل مسجد.
والمذهب وما عليه الأصحاب أن الاعتكاف لا يصح ممن تلزمه الصلاة جماعة في
مدة اعتكافه إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، أما إن كان ممن لا تلزمه
الجماعة في مدة اعتكافه فإنه يصح في كل مسجد.
وحكى ابن مفلح والمرداوي عن أبي الخطاب في الانتصار أن الاعتكاف لا يصح من
الرجل مطلقاً إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، وأن المجد قال: هو ظاهر رواية
ابن منصور، وظاهر قول الخرقي.
قلت: ولم أجده في المحرر، فلعله قاله في شرح الهداية.
انظر: الهداية1/87، المغني3/187-190، المحرر 1/132، الفروع3/155-156،
المبدع3/67، الإنصاف3/364.
(3/1255)
[723-] قلت: المعتكف
أي شيء رخص له أن يعمل من اتباع الجنازة ونحوه؟
قال: حديث عائشة أحب إليّ1.
__________
1 حكى رواية الكوسج هذه ابن المنذر في الإشراف ق95 أ، واشتهر عن عائشة رضي
الله عنه في هذا الموضوع حديثان.
أحدهما: أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه
فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الناس".
أخرجه: مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله 1/244
حديث 297.
الثاني: أنها قالت: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة،
ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه…".
أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض
2/836-837. حديث 2473 وقال غير عبد الرحمن-يعني ابن إسحاق أحد رجال السند-
لا يقول فيه: "قالت السنة"، وقال: جعله قول عائشة.
وأخرجه أيضاً البيهقي في كتاب الصيام، باب المعتكف يخرج من المسجد لبول أو
غائط 4/321 وقال: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون
عائشة، وأن من أدرجه في الحديث فقد وهم فيه.
والخروج لما لا بد منه كالخروج للبول والغائط، لا خلاف بين العلماء في
جوازه للمعتكف.
انظر: الإجماع لابن المنذر ص: 48، والمغني 3/191، وفتح الباري 4/273،
والإنصاف 3/371.
أما عيادة المريض واتباع الجنازة فاختلفت فيها الروايات عن الإمام أحمد،
فروي عنه أنه ليس له ذلك إلا أن يشترط. وهذا هو المذهب.
قال في الفروع: "نص عليه واختاره الأصحاب" وروي عنه أنه له فعل ذلك وإن لم
يشترط، وروي عنه أنه لا يجوز له فعله وإن اشترط.
انظر المسائل رواية ابنه عبد الله ص195، 196برقم728، 734، ورواية أبي داود
ص96، المغني 3/195، الفروع 3/184، الإنصاف 3/375.
(3/1256)
قال إسحاق: لا يخرج المعتكف إلا لغائط أو
بول1، (وإن خرج) 2 إلى الجمعة فجائز، وليخرج نحو الزوال أحب إلينا، فأما
عيادة المرضى وشهود الجنازة3 فلا يفعل حتى يشترط4.
[724-] قلت: يكون الاعتكاف5 بغير صوم؟
قال: أليس حديث عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية فأمره
__________
1 هذا لا خلاف فيه بين العلماء كما سبقت الإشارة إليه قريباً.
2 في "ع": "أو خرج" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": الجنائز.
4 حكى ذلك عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/273، وذكر عنه ابن المنذر
والقرطبي التفريق بين الاعتكاف الواجب واعتكاف التطوع، فمنعه من فعل هذه
الأشياء في الاعتكاف الواجب، وأجاز له ذلك في اعتكاف التطوع إن اشترط. انظر
الإشراف ق95 أ، الجامع لأحكام القرآن 2/335.
5 في "ع": "اعتكافاً".
(3/1257)
النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي به؟ 1
قال إسحاق: هو على ما ينوي المعتكف (إن نوى صياماً)
__________
1 حديث عمر رضي الله عنه الذي أمره فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالوفاء
بنذره هو ماروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام"،
قال: "أوف بنذرك".
وقد أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف ليلاً 2/256،
ومسلم في كتاب الأيمان، باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم 2/277 حديث
1656، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذر، باب من نذر في الجاهلية ثم أدرك
الإسلام 3/616 حديث 3325، والنسائي في كتاب الأيمان، باب إذا نذر ثم أسلم
قبل أن يفي 7/21، وكلهم لم يذكروا فيه الصوم.
وأخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض 2/837 حديث 2474،
بسنده عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه جعل عليه أن يعتكف
في الجاهلية ليلة أو يوماً عند الكعبة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"اعتكف وصم"، ولم يصحح الألباني موضع الشاهد منه. انظر: صحيح سنن أبي داود
2/469.
وجواب الإمام أحمد هنا يحتمل صحة الاعتكاف من غير صيام لأن الثابت في حديث
عمر عدم ذكر الصيام، وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب، ويحتمل اشتراط
الصيام لصحة الاعتكاف لورود ذلك عند أبي داود في حديث عمر، وهو رواية عن
الإمام أحمد.
وقال أبو داود في المسائل ص97: "قلت لأحمد يكون اعتكافه بغير صوم؟ قال: فيه
اختلاف".
انظر: الإشراف ق94 أ، المغني3/185، الفروع3/157، الإنصاف3/358.
2 في "ع": "وإن نوى صوماً".
(3/1258)
صام، وإلا فإنه يجوز له بغير صيام1.
[725-] قلت: [من] 2 نذر أن يعتكف في مسجد إيليا
فاعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يجزيه3 أم لا؟
قال: نعم، وكذلك لو نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه
في المسجد الحرام4.
قال إسحاق: كما قال.
[726-] (قلت لأحمد) 5: المعتكف إذا وقع على
امرأته؟
قال: انتقض6 اعتكافه7.
__________
1 انظر: سنن الترمذي 4/113، اختلاف الصحابة والتابعين ق49 ب، المغني 3/186،
نيل الأوطار4/267.
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "أيجزيه".
4 وهذا لا خلاف فيه في المذهب على أن مكة أفضل من المدينة. انظر: الهداية
1/87، المغني3/215، الفروع3/164، الإنصاف3/368.
5 في "ع": "قال قلت".
6 في "ع": "ينتقض".
7 نقل عنه ذلك ابن هانئ في المسائل 1/138 برقم676 ونقل عنه ما يدل على ذلك
ابنه صالح في المسائل 1/359 برقم327. وبطلان الاعتكاف بالوطء لا خلاف فيه
بين العلماء.
انظر الإجماع ص48، المغني 3/197، الجامع لأحكام القرآن 2/332.
(3/1259)
قال إسحاق: كما قال، لأن الله عز وجل قال:
{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 1
والمباشرة الجماع2.
[727-] قلت: من3 نذر أن يصوم شهرين متتابعين
فمرض؟
قال: يقضي [يعني] 4 يبني على ما صام5.
__________
1 سورة البقرة آية 187.
2 اختلف في المقصود بالمباشرة في هذه الآية، فقيل الجماع كما فسره إسحاق،
قال ابن الجوزي: وهو قول الأكثرين. وقيل: إنها تشمل ما دونه، كاللمس
والتقبيل إذا كان لشهوة.
انظر: تفسير الطبري 3/540-543، وزاد المسير 1/175، وفتح القدير 1/186.
3 في "ع": "ومن".
4 ساقطة من "ع".
5 سبق في المسألة: (689) أن من أفطر يوماً من صيام شهرين متتابعين لعذر،
كمرض أو حيض، أنه يبني على صيامه، ولم يختلف الحكم في هذه المسألة عما سبق،
إلا أنه هنا حدد الصوم بأنه صيام نذر.
وما حكاه الكوسج عن الإمام أحمد هنا من كون المفطر لمرض من صيام النذر
المتتابع لا يلزمه غير القضاء وله البناء على صيامه، هو رواية عنه، نقل
نحوها ابنه عبد الله في المسائل ص193 برقم 721.
والمذهب أنه يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه، وبين أن يبني صيامه ويكفر
كفارة يمين، لأن الكفارة تلزم لترك المنذور وإن كان عاجزاً، بدليل أن النبي
صلى الله عليه وسلم أمر أخت عقبة بالكفارة لعجزها عن المشي.
انظر: المغني 9/26، الفروع 6/409، الإنصاف11/144-145.
(3/1260)
قال إسحاق: صدق.
[728-] (قلت أحمد) 1: إذا كان على [الرجل] 2
صوم شهرين متتابعين فظن أنه أمسى فأفطر؟
قال: يقضي يوماً مكانه.
قال إسحاق: أرى أن يتم ما بقي ولا يستأنف، وإن قضى ذلك اليوم فحسن.3
قلت4 لأحمد: (قال ابن المبارك) 5:يستقبل؟ 6
قال: فرمضان ينبغي له أن يستقبل7.
__________
1 في "ع": "قلت للإمام أحمد".
2 ساقطة من "ع" والسياق يقتضي إثباتها.
3 هذا يوافق ما سبق عنهما في المسألة: (703) .
4 في "ع": "قال قلت".
5 في "ع": "فإن ابن مبارك قال".
6 لم أقف عليه فيما اطلعت عليه من الكتب.
7 أي يقضي يوماً مكانه، وهذا يوافق ما نقل عنه قريباً وما سبق في المسألة:
(703) .
(3/1261)
[729-] قلت: فامرأة
عليها شهران1 متتابعان فوافق [ذلك] اليوم يوم النحر وأيام التشريق (أو
وافق) 2 أيام حيضها؟
قال: تصوم [ظ-22/أ] أيام التشريق وقد أجزأ عنها3.
قال إسحاق: أجاد (كما قال) 4.
__________
1 في "ظ": "شهرين تنصيص والموافق للعربية ما أثبته.
2 في "ع": "فوافق" والموافق للسياق ما أثبته.
3 هذا في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
والرواية الثانية: أن صيام أيام التشريق لا يجوز، فتفطر فيها وتبني على
صيامها، ولم يجب الإمام أحمد هنا عن حكم صيام المرأة الذي يجب فيه التتابع
إذا تخلله يوم عيد أو حيض، ولكن سبق جوابه عن الحيض بأنه لا يقطع التتابع
في المسألة: (689) ، ونقل ابن المنذر وابن قدامة الإجماع على ذلك، وكذا
الفطر ليوم العيد، فإنه لا خلاف في المذهب في أنه لا يقطع التتابع.
انظر: الإجماع ص47، المغني3/165، 7/365، 377، المحرر1/230، الإنصاف3/351،
9/224.
4 في "ع": "كما قال".
ولم أقف للإمام إسحاق على نص في المسألة غير حكاية الكوسج هذه عنه، لكن حكى
عنه أنه أجاز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي، وقد قاس عليه
بعض العلماء كل صيام فرض فلعله منهم.
انظر: اختلاف الصحابة ق49 أ، والفروع 3/129، وبلوغ الأماني 10/143.
وانظر للقياس المشار إليه: المغني 3/165
(3/1262)
[730-] قلت لأحمد:
(قال الحسن) :1 إذا كان على الرجل أن يصوم سنة؟
قال: يفطر الأيام التي نهي عنهن2، وقد أجزأ عنه3.
__________
1 هكذا في النسختين، والذي أراه أن المعنى لا يستقيم إلا بحذف عبارة "قال
الحسن". ويؤيد ذلك أن الجواب هنا يتفق مع جواب الإمام أحمد في المسألة
السابقة برقم: (719) .
2 وهي خمسة أيام: يوما العيدين، وأيام التشريق، ومما جاء في النهي عن
صيامها ما يأتي:
أ- عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر".
أخرجه: مسلم واللفظ له في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الفطر ويوم الأضحى
1/799 حديث 1138، والبخاري في كتاب الصوم، باب الصوم يوم النحر2/32.
ب- عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق
أيام أكل وشرب".
أخرجه: مسلم في كتاب الصيام، باب تحريم صوم أيام التشريق 1/800، حديث 1141.
وانظر حكم صيام هذه الأيام في: التمهيد 13/26، والهداية1/86، والمغني3/163،
والإنصاف3/351، ومنار السبيل1/230.
3 أي أن من نذر صيام سنة فإنه لا يلزمه صيام يومي العيدين وأيام التشريق،
بل يجزيه صيام ما عداها من أيام السنة، وهذا هو الصحيح من المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يقضي هذه الأيام.
انظر: المغني 9/25، والإنصاف 11/131-133.
(3/1263)
[731-] قال1 عطاء:
إذا أفطر في يوم غيم أي أنه يبني2.
[732-] [قلت: إذا كان عليه صوم شهرين متتابعين
فصام] 3 شعبان4 ورمضان في السفر؟
قال: لا أدري ما هذا5.
قال إسحاق: أما شعبان فجائز عنه، لأنه لا يصام عن غيره أبداً وأنت تعلمه،
وإذا6 لم تعلم جاز عنه، وإنما جوزت شعبان وقد7 ألحق به رمضان ناسياً من غير
تعمد، فإذا علم أنه من رمضان وهو ظن أنه يجوز عنه لم يجز حتى يضم إلى شعبان
شهراً
__________
1 نص المسألة في "ع": "قال الإمام أحمد وقال عطاء: إذا أفطر في يوم غيم أي
قضى".
2 أي لا يلزمه قضاء ذلك اليوم، وقد حكى ذلك عنه الساعاتي، وحكى عنه أيضاً
لزوم القضاء. في "ع" "أي قضى من"
انظر بلوغ الأماني 10/65، وقد سبق بيان حكم ذلك في مسألة رقم: (703) .
3 ساقطة من "ع": والصواب إثباته، لأن المعنى لا يستقيم بدونه.
4 في "ع": "من شعبان" والموافق للسياق ما أثبته.
5 قال ابن قدامة في المغني3/102: "وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره
كالنذر والقضاء".
وقال في7/379: "فإن نوى صوم شهر رمضان عن الكفارة لم يجزه عن رمضان ولا عن
الكفارة، وانقطع التتابع حاضراً كان أو مسافراً".
6 في "ع": "فإذا".
7 في"ع": "فقد".
(3/1264)
آخر، ويكون قد قضى فرضه، ولأن رمضان [قد] 1
قطع بين تمام صومه، وهو عذر بين لا يجوز ذلك في الحضر2.
[733-] قلت لأحمد: الزهري كره للمسافر أن يجامع امرأته في السفر3 نهاراً في
[شهر] 4 رمضان؟ فلم ير5 به بأساً في السفر6.
قال [ع-34/ب] إسحاق: كما قال7، لأن حكم الجماع والأكل واحد.
[734-] قال إسحاق: وأما القبلة للصائم
والمباشرة فهو8
__________
1 ساقطة من "ع".
2 لم أقف على من نقل هذا عن الإمام إسحاق غير الكوسج، ولم يظهر لي المعنى.
3 في "ع": "في سفر".
4 ساقطة من "ع".
5 أي الإمام أحمد.
6 حكى رواية الكوسج هذه القاضي أبو يعلى في المسائل الفقهية من كتاب
الروايتين والوجهين1/262 حيث قال: "ونقل ابن منصور قلت لأحمد: قال الزهري:
يكره للمسافر أن يجامع امرأته في سفره نهاراً في رمضان، فلم ير به بأساً في
السفر"ا. هـ
وقال ابن قدامة في المغني3/102: "ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي
الصوم من الأكل والشرب والجماع وغيره".
7 في "ع" "كما قال أحمد".
8 في "ع": "فهذا".
(3/1265)
مباح1، إنما رأى أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم ومن بعدهم أن يتحاماها الناس لكي لا يدخل2 عليهم في صومهم شبهة3.
لذلك نهوا الشباب أن يتعرضوا لها ورخصوا للشيوخ لما هم عليه4 أكثر أمنا5،
وإنما الأصل في ذلك أن لا يجاوز6 الحد حتى يفضي إلى جماع في الفرج أو دونه
عمداً، لأن حكم ما دون الفرج إذا تعمده حتى أمنى كالحكم في الفرج، عليه
القضاء
__________
1 سبق الكلام عن حكم القبلة والمباشرة للصائم في مسألة: (707) .
2 في "ع": "يدخلوا".
3 ومن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان ينهى عن قبلة
الصائم، فقيل له: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم!
فقال ومن ذا له من الحفظ والعصمة ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه
عبد الرزاق في مصنفه 4/182.
4 في "ع": "عليهم".
5 ومن ذلك ما روي عن أبي مجلز أنه قال: جاء رجل إلى ابن عباس- شيخ - يسأله
عن القُبلة وهو صائم فرخص له، فجاءه شاب فنهاه. رواه عبد الرزاق في مصنفه
4/185.
وعن عطاء بن يسار أن ابن عباس سئل عن القُبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ،
وكرهها للشاب.
أخرجه: مالك في كتاب الصيام، باب ما جاء في التشديد في القُبلة للصائم
1/293، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 6/281.
6 في "ع": "يجاوزوا".
(3/1266)
والكفارة1.
[735-] قال إسحاق: وأما الحجامة للصائم في
رمضان فلا، فإن فعل فقد أفطر وعليه القضاء، ولا كفارة عليه لما
اختلف2 فيه، ولا يشبه لمن تعمده كمن تعمد فطره بجماع أو أكل.
قال [إسحاق] 3: والحاجم والمحجوم إذا تعمدا ذلك أفطرا [و] 4 عليهما قضاء
يوم مكان يوم، ولا كفارة عليهما5.
__________
1 حكى ذلك عن الإمام إسحاق الحافظ ابن حجر في الفتح4/151، ولم يذكر الكوسج
هنا قول الإمام أحمد في حكم الكفارة بالجماع فيما دون الفرج، وقد روي عنه
في ذلك روايتان:
إحداهما: وجوب الكفارة كقول إسحاق، قال المرداوي: اختارها أكثر الأصحاب.
والثانية: عدم وجوب الكفارة، قال في الفروع: اختاره جماعة، وهي أظهر، وقال
المردواي: "هي المذهب، وقال ابن رزين: وهي أصح".
الفروع 3/83، والإنصاف 3/316.
وانظر أيضاً: المغني3/115، المحرر1/230، المبدع3/33.
2 في "ع": "اختلفوا".
3 ساقطة من"ع".
4 الواو من "ع".
5 سبق عن الإمام إسحاق في المسألة: (708) ، قوله بوجوب القضاء على من احتجم
وهو صائم، ولم يتعرض فيها لحكم الكفارة. ويأتي عنه في المسألة: (738) ،
النص على عدم وجوبها على الحاجم والمحجوم كما ذكره هنا.
وقد حكى عنه السروي ما يدل على عدم وجوب الكفارة بالحجامة، حيث قال في
الورقة 48ب: "وذهبت طائفة إلى أن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم معاً،
روي ذلك عن علي … وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق، وحكي عن عطاء: يجب على من
احتجم وهو صائم في رمضان القضاء والكفارة".
(3/1267)
[736-] (قلت لإسحاق)
1: صائم وجد شهوة فخشي أن يمذي فجعل ينتر2 ذكره لكي
ينقطع المذي (إذا وجد انتشاراً) 3 ودفق الماء الأعظم4، عليه5 القضاء دون
الكفارة؟
قال إسحاق: عليه القضاء ولا كفارة [عليه] 6 لأنه7 لم يتعمد
__________
1 في "ع": "قال قلت لأحمد"، وسياق المسألة يدل على ما أثبته، لأنه لم يرد
فيها جواب للإمام أحمد.
2 النتر: جذب فيه قوة وجفوة، وقد ورد فيه حديث: "إذا بال أحدكم فلينتر ذكره
ثلاث مرات".
رواه: أحمد في مسنده4/347، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب الاستبراء بعد
البول1/118، حديث326، وهو ضعيف.
انظر: بلوغ الأماني1/287، وضعيف سنن ابن ماجه ص27،
وانظر معنى النتر في النهاية في غريب الحديث5/12، بلوغ الأماني1/287.
3 في "ظ": "أو وجد الكسل" والأقرب لسياق المسألة ما أثبته.
4 أي المني.
5 في "ع": "فإن عليه".
6 ساقطة من "ع".
7 في "ع": "لا"، ولا شك أنه خطأ من الناسخ.
(3/1268)
لاحتيال1 خروج النطفة2.
[737-] قلت لإسحاق: مسافر أفطر في رمضان في
سفر، ثم طال سفره، أله أن يقضي رمضان في سفره؟
قال شديداً، لأنه زال معنى رمضان وجعل الله عز وجل عليه عدة3 أيام أخر،
فإذا خشي أن يفوته القضاء لما طال سفره جاز له أن يقضيها وهو مسافر4.
[738-] قال إسحاق: وأما الحجامة في رمضان فإن
الحاجم والمحجوم إذا تعمدا ذلك أفطرا [و] 5 عليهما يوم مكان يوم،
ولا كفارة
__________
1 في "ع": "الاحتيال"، وهو خطأ من الناسخ أيضاً.
2 لم أقف على من حكى ذلك عن الإمام إسحاق، والذي يظهر في المسألة أن خروج
المني وقع من غير قصد.
وقد حكى ابن قدامة في المغني 3/112-115: أن ما حصل من المفطرات من غير قصد
لا يفسد الصوم، من غير خلاف يعلمه.
3 هكذا في النسختين "ظ"، وفي "م": "عدة من أيام أخر"، وهذا يوافق قوله
تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ} سورة البقرة آية 184.
4 لأن صيام رمضان في السفر يجوز، وإنما الخلاف في الأفضل: هل الفطر أو
الصوم؟ وقد سبق ذلك في المسألة: (683) ، كما أن في ذلك إبراء للذمة.
5 الواو ساقطة من "ع".
(3/1269)
عليهما1، ونختار للذي يحتجم في رمضان إذا
كان تبيغ2 به الدم أو احتاج إلى ذلك لعلة نزلت به أن يلزق محاجمه قبل أن
تغيب الشمس [في] 3 عنقه فإذا غابت شرط، أو يحتجم ليلاً4.
قال إسحاق: وأما من كانت حرفته الحجامة فعليه ترك ذلك في رمضان ولا يحجمن
أحداً، وله أن يأخذ من شعور الناس ويأخذ على ذلك أجراً إن شاء5.
[739-] قلت لأحمد: من قال: (لا6 يعطى عن اليتيم
صدقة الفطر؟ 7
فقال: قال علي رضي الله عنه: "على من جرت عليه نفقتك") 8، وكانت
__________
1 سبق ذلك في المسألتين: (708) ، (735) .
2 تبيغ به الدم أي هاج به، وذلك حين تظهر حمرته في البدن. انظر: لسان العرب
8/422.
3 ساقطة من "ع".
4 روي مثل هذا العمل عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر المغني 3/104.
5 لأن أخذ الصائم من الشعر لم يرد النهي عنه كما ورد في الحجامة.
6 في "ظ": "أن الأم لا تعطي عن اليتيم صدقة الفطر قال علي: من جرت عليه
نفقتك" والذي يستقيم به المعنى أكثر هو ما أثبته.
7 نص ابن حزم في المحلى6/139على أن زفر ومحمد بن الحسن قالا بعدم وجوب زكاة
الفطر على اليتيم، ويفهم من كلام ابن قدامة الآتي في آخر المسألة أن الحسن
والشعبي قالا بذلك أيضاً.
8 رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/173، والدارقطني في سننه 2/152، والبيهقي
في السنن الكبرى 4/61.
وضعفه الألباني في إرواء الغليل3/330.
(3/1270)
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تخرج عن
من تمون.1
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه3/172.
والذي يفهم من هذه المسألة وجوب زكاة الفطر على اليتيم، وهذا لا خلاف فيه
بين أكثر العلماء.
قال ابن قدامة: "وتجب على اليتيم، ويخرج عنه وليه من ماله، لا نعلم أحداً
خالف في هذا إلا محمد بن الحسن قال: ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة،
وقال الحسن والشعبي: صدقة الفطر على من صام من الأحرار وعلى الرقيق ".
المغني 3/55-56.
وانظر أيضاً: منار السبيل1/201-202، كما أنها بينت أن زكاة الفطر تلزم
الشخص عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، وهذا لا خلاف فيه في المذهب، واختلف
فيمن تكفل بمؤنة شخص في شهر رمضان، هل تلزمه فطرته أو لا؟
والمنصوص عن الإمام أحمد أنها تلزمه، وهذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وروي عنه أنها لا تلزمه، واختار ذلك أبو طالب.
وقال ابن قدامة: "وهذا قول أكثر أهل العلم، وهو الصحيح إن شاء الله، وكلام
أحمد في هذا محمول على الاستحباب لا على الإيجاب".
انظر: المسائل لأبي داود ص 87، والهداية 1/75، والمغني 3/72، والإنصاف
3/168.
(3/1271)
|