مسائل
الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه باب الحيض1
[740-] قلت2 للإمام أحمد3: إذا
__________
1 في (ع) "في الحيض".
الحيض لغة: من حاضت المرأة تحيض حيضا محيضا ومحاضا، فهي حائض وحائضة من
حوائض وحيض، سال دمها، والمحيض: اسم ومصدر. قيل ومنه الحوض، لأن الماء يسيل
إليه. القاموس ص 826. وانظر: المصباح المنير ص61.
واصطلاحا: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة
لحكمة تربية الولد، فإذا حملت انصرف ذلك الدم بإذن الله إلى تغذيته. المغني
1/386. ومثله في المجموع 2/342.
وسبب الحيض كما يذكر الأطباء أن يتبع الدورة الشهرية لدى المرأة من حين
بلوغها فينمو الغشاء المبطن للرحم بفعل هرمون البرجستون ليكون مكانا صالحا
لاستقرار الحمل مع تلقيح البويضة، فإذا لم يتم التلقيح نقص إفراز الهرمون
المذكور ما يؤدي إلى تقلص جدار الرحم وانقباض الأوعية الدموية فينزوي
الغشاء ويتفتت ما تحته من أوعية دموية فيخرج منها الدم المحقن أسود أكمد.
انظر: الدماء في الإسلام ص220.
والأصل في حكم الحيض قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ
هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُمُ اللَّهُ} . البقرة: 222.
2 القائل هو إسحاق بن منصور الكوسج، وفي (ع) "حدثنا إسحاق بن منصور قال:
قلت".
3 في (ع) "رضي الله عنه".
(3/1301)
قعدَت1 المرأة بعد2 خمسين سنة من الحيض3،
ثمّ رأت الدمّ بعد ذلك في أيام معلومة؟.
قال4: [ظ-22/ب] ويشبه5 أن يكون ذلك6 حيضاً أيضاً،7 فروي عن عائشة رضي الله
عنها8 ذلك9 الحديث إذا أتى عليها خمسون سنة.10
ويقال11: إنّ نساء قريش أنقى دماً من غيرهنّ
__________
1 في (ع) "فقدت".
2 ساقطة من (م) .
3 في (ع) "المحيض".
4 القائل هو الإمام أحمد.
5 في (ع) "يشبه".
6 في (ع) "هذا".
7 في (ع) "لها"، إنّما هي في النسخة (م) .
8 ساقطة في (م) و (ع) .
9 في نسخة (ع) "ذك".
10 وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: إذا بلغت المرأة خمسين سنة،
خرجت من حدّ الحيض. (ذكره ابن الجوزي في التحقيق 1/376. وقال الألباني: "لم
أقف عليه، ولا أدرى في أي كتاب ذكره الإمام أحمد" إرواء الغليل1 /200)
11 لم أقف على القائل.
(3/1302)
من النساء1. 2 3
[741-] قلت: المستحاضة4 تغتسل عند كلّ صلاة؟
قال: إذا اغتسلت فهو أحوط لها، وإن جمعت بين الصلاتين أجزأها، وإن توضّأت
لكلّ صلاة أجزأها5.
__________
1 ذكر قول أحمد ابنه عبد الله في روايته، إلاّ أنّ هناك خلافاً في قوله:
"لا تلتفت إليه وتصوم وتصلّي، فإن عاودها بعد ذلك مرّتين، أو ثلاثاً، فهذا
حيض قد رجع تقضي الصوم (رواية عبد الله بن أحمد 1/165، المسألة رقم: 211،
كما ذكره إسحاق بن هانئ 1/32، مسألة رقم: 157) .
2 والمذهب أنّ أكثر الحيض خمسون سنة، وروي عن الإمام أحمد: أنّ أكثر مدّة
الحيض من خمسين إلى ستّين، انظر: الإنصاف 1/356، المغني 1/445،
المبدع1/267، الفروع 1/266، بدائع الفوائد لابن القيّم 3/272 والمحرّر
1/26.
3 لم أطلع على قول إسحاق بن راهويه في المسألة.
4 المستحاضة: من يسيل دمها لا من الحيض، بل من عرق العاذل. القاموس ص826،
واستحيضت المرأة فهي مستحاضة. المصباح المنير ص61.
5 ذكره إسحاق بن إبراهيم النيسابوري وعبد الله بن أحمد وأبو الفضل صالح،
وأبو داود. انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق 1 /29 وعبد الله بن أحمد
1/159 وأبو الفضل صـ43 مسألة:125.
انظر المسألة في: المغني 1/448، مسألة رقم 108، والكافي 1/179، والإنصاف
1/377، والفروع 1/279، والمستوعب 1/407، وشرح الزركشي 1/422.
(3/1303)
قال إسحاق: كما قال سواء1.
[742-] قلت: المستحاضة تطوف بالبيت ويأتيها
زوجها؟
__________
1 انظر: قول إسحاق في: سنن الترمذي 1/221.
(3/1304)
قال: تطوف بالبيت ولا يأتيها زوجها، إلاّ
أن يطول1 ذلك بها2.3
__________
1 وفي النسخة (م) "يطول بها ذلك".
2 ذكره أبو داود بالمعنى، رواية أبي داود صـ39، مسألة رقم: 175.
وقد اشتمل قول الإمام أحمد على مسألتين:
الأولى: طواف المستحاضة.
الثانية: إتيان المستحاضة.
فأمّا طواف المستحاضة، فقد ذكر قول الإمام أحمد، المرداوي في الإنصاف
1/379، والبهوتي في كشاف القناع 1/253.
وأدلّة طواف المستحاضة، هي أدلّة صلاتها كما مرّ معنا في المسألة رقم (741)
.
ولم يرد عن الإمام أحمد في طواف المستحاضة، إلاّ هذه الرواية.
الإنصاف 1/379، وأمّا وطء المستحاضة فالمذهب أنّه لا يباح مع عدم العنت،
وهناك رواية أخرى أنّه يباح.
انظر: الإنصاف 1/382، شرح الزركشي 1/435، المغني 1/420، كشاف القناع 1/25،
المحرّر 1/27، المبدع 1/292، الكافي 1/84، الفروع 1/280، بدائع الفوائد
4/94 ومصنّف عبد الرزّاق 1/310.
3 والأدلّة على وطء المستحاضة كثيرة، منها حديث عكرمة، قال: كانت أمّ حبيبة
تستحاض فكان زوجها يغشاها. سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المستحاضة
يغشاها زوجها. سنن أبي داود 1/216، والحديث صحيحٌ كما في صحيح سنن أبي داود
1/62.
وهناك قول عائشة يخالف هذا الحديث: "المستحاضة لا يغشاها زوجها" السنن
الكبرى للبيهقي 1/329، كتاب الحيض، باب صلاة المستحاضة واعتكافها وإباحة
إتيانها. ولم أقف على من حكم على الأثر..
(3/1305)
قال إسحاق: يأتيها زوجها، الصلاة أعظم وذلك
إذا كان1 استحاضة بينة.2
[743-] قلت3: المرأة تشرب الدواء 4يقطع الدم
عنها؟
قال: إذا كان دواء معروف5 فلا بأس به.6
قال إسحاق:7 كلّ ما لم يرد8 بذلك إسقاط ما في البطن،9 فلا
__________
1 في (م) "كانت".
2 انظر: الأوسط 2/217.
3 في (ع) "قال".
4 في نسخة (م) بلفظ "دواءً".
5 في نسخة (م) بلفظ "يعرف".
6 انظر لقول الإمام أحمد: المغني 1/450، المعتمد في الفقه الحنبلي 1/92،
الواضح في شرح مختصر الخرقي 1/168، المقنع، الشرح الكبير، الإنصاف 2/471،
مسألة رقم: 240، الأخبار العلمية 47 والمجلي في الفقه الحنبلي 1/88.
ولم أجد للقول دليلاً.
7 لم أقف عليه بعد بحث طويل!
8 في (م) و (ع) "وترد".
9 في نسخة (م) بلفظ "بطنها".
(3/1306)
قال: كأنّه مخيّر في الدينار1 ونصف2
دينار3.4،5، 6.
__________
1 جمعه دنانير، نوع من النقود الذهبية. زنة واحد منها عشرون قيراطا =72
حبة= 4,25 غراماً. معجم لغة الفقهاء ص212.
2 في (ع) "والنصف".
3 في (ع) "الدينار".
4 ذكره إسحاق بن إبراهيم النيسابوري، إلاّ أنّه نقل قوله بنصف دينار فقط!
انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم 1/32.
5 وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يأتي امرأته وهي
حائض: "يتصدق بدينار، أو نصف دينار".
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في إتيان الحائض، 1/181 حديث رقم: 264،
سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب في كفارة من أتى حائضا، 1/355 حديث رقم:
640، سنن النسائي، كتاب الطهارة، وكتاب الحيض والاستحاضة، باب ما يجب على
من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها، 1/168،
206حديث رقم: 288، 368، مسند أحمد1/245، سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب من
قال عليه الكفارة، 1/270.
والحديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/51 حديث رقم: 237.
6 وفي رواية أخرى: نصف دينار فقط. انظر: الإنصاف1/351، الفروع 1/262،
المغني 1/417، المحرر 1/26، والإقناع 1/100
(3/1308)
قال إسحاق1:2 مخيّر بين أن يعتق رقبة إن
شاء،3 وبين أن يتصدّق بدينار أو نصف دينار معناه: إن4 كان الدم عبيطاً5،6
فدينار، وإن كان صفرة7 فنصف دينار.
وقلنا: العتق، لما روى الحسن: أنّه يعتق رقبة.8
[746-] قلت: الحائض تطهر قبل الليل؟.
قال: تقضي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر9
__________
1 نقل قوله الترمذي في سننه في كتاب الطهارة، باب ما جاء في كفارة إتيان
الحائض 1/246، وابن قدامة في المغني 1/417، إلاّ أنّهما لم يذكرا "وإن كان
الدم… إلى آخره".
2 في نسخة (م) إنما هو مخير.
3 في نسخة (م) يعتق رقبة.
4 في (ع) "وإن".
5 في نسخة (ع) عبيط.
6 عبيط: العبيط هو: الدم الطري. لسان العرب: 9/21.
7 في نسخة (م) بلفظ "الصفرة".
8 سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب من قال عليه الكفارة 1/270، التحقيق في
مسائل الخلاف 1/353.
9 في نسخة (م) بلفظ "الشمس".
(3/1309)
قضت المغربَ والعِشاءَ. 1، 2، 3
__________
[1] انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم النيسابوري 1/31،
مسألة: 152-152، وأبي الفضل صالح صـ304، مسألة: 1125 ومصنف عبد الرزّاق،
كتاب الطهارة، باب الحائض تطهر قبل غروب الشمس 1/334، والسنن الكبرى
للبيهقي 1/387 وسنن الدارمي 1/237-238.
2 ونقل عن طاووس قوله: إذا طهُرت الحائض قبل الليل صلّت العصرَ والظهرَ،
وإذا طهُرت قبل الفجر صلّت المغربَ والعِشاءَ.
ومثله قول مجاهد وعطاء والحكم وإبراهيم. انظر: سنن الدارمي 1/238.
وقد روي عن عبد الرّحمن بن عوف: إذا طهُرت المرأة قبل غروب الشمس، صلّت
صلوات النهار كلَّها، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر، صلّت صلوات الليل كلَّها.
مصنّف عبد الرزّاق 1/334.
3 ما وقفت على تفصيل هذه المسألة بعد البحث، إلاّ ما ذكره الشيخ ابن عثيمين
-رحمه الله- في فتاوى المرأة 1/283، حيث قال: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت
الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلا فإنها بعد أن تتطهر من الحيض
تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ
كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} . وقال: أما إذا طهرت
وكان باقيا من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه
لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد
أدرك العصر"، فإذا طهرت وقت العصر أو قبل طلوع الشمس وكان باقيا على غروب
الشمس أو طلوعها مقدار ركعة فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى والفجر في
المسألة الثانية.
(3/1310)
قال إسحاق:1 كما2 قال.
[747-] قلت:3 المرأة إذا رأت الطهرَ، هل يصيبها زوجها قبل أن تغتسل؟
قال: لا حتّى تغتسل.4
قال إسحاق كما قال.5
__________
1 ما وقفت عليه.
2 في نسخة (م) بلفظ "السنة كما قال".
3 سقطت هذه المسألة من نسخة (م) .
4 ذكره أبو داود في روايته صـ39، مسألة رقم: 176.
انظر: المغني 1/419، المحرّر 1/26، الإنصاف 1/350، المبدع 1/262، الزركشي
1/435.
وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ
أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللَّهُ …} البقرة 222.
قال ابن عبّاس: "إذا تطهرن من الدم، وتطهرن بالماء". السنن الكبرى للبيهقي
1/309، كتاب الحيض، باب الحائض لا توطأ حتّى تطهر.
قال مجاهد: "إذا تطهرن من الدم قبل أن يغتسلن، وقوله: (فإذا تطهرن) أي إذا
اغتسلن". مصنّف عبد الرزّاق 1/330.
5 شرح الزركشي 1/435، المبدع 1/262، ولم أقف عليه في كتب الآثار.
(3/1311)
[748-] قلت: كم تقعد
النفساء؟ 1
قال: أربعين يوماً2 إذا رأت الدم، إلاّ أنْ تطهر قبل ذلك.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 النُفَساء: قال ابن منظور: النفاس ولادة المرأة إذا وضعت، فهي نفساء.
لسان العرب 8/134.
2 سقط من نسخة (م) لفظ "يوماً"، وكتبت "أربعين" في هامشها.
3 نقل قول الإمام أحمد ابنُهُ عبدُ الله في روايته 1/171 وابنه أبو الفضل
صالح صـ44، مسألة: 126 وأبو داود السجستاني صـ37، مسألة: 168 وابن هانئ
1/34، مسألة: 165.
والمذهب أن أكثر النفاس أربعون يوما الإنصاف 1/383، وانظر: شرح الزركشي
1/440، مسألة: 321، المغني 1/276، الفروع 1/282، المبدع 1/293، المحرّر
1/27، الروض المربع 1/403.
والعمدة في المسألة حديث أمّ سلمة رضي الله عنها الذي قالت فيه: "كانت
النفساء تجلس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعين يوماً". سنن
الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في كم تمكث النفساء 1/256، حديث: 135،
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب ما جاء في وقت النفساء 1/217 حديث:311،
سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب النفساء كم تجلس 1/360، مسند أحمد 6/300،
والحديث صحيح كما قال الألباني في إرواء الغليل 1/222، والحاكم في المستدرك
1/175، والنووي في المجموع 2/525، والبوصيري في الزوائد 1/232
4 انظر لقول إسحاق في سنن الترمذي1/256.
(3/1312)
[749-] قال1 إسحاق
بن منصور أملى علي الإمام أحمد رضي الله عنه قال: قالت فاطمة بنت أبي
حبيش2 وجاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: "إنّي استحاض فلا
أطهر، أفأدع الصلاة؟ " فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((لا)) فلم
تخبره بطهر ولا أيّام سمته. فأمرها أن إذا أقبلت حيضتها أن تدع الصلاة وإذا
أدبرت غسلت عنها الدمّ وصلّت.3
وإقبال الدمّ أن يكون ثقيل بغير ما تدبر به. إقباله أسود، وإدباره أن يتغير
من السواد إلى الصفرة4، فهي في الإقبال حائض وفي الإدبار مستحاضة، فإذا
كانت في معنى فاطمة كان لها الجواب كما أجاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
فاطمةَ، وهذا إذا كان دمها ينفصل.5
__________
1 من هذه المسألة إلى نهاية باب الحيض لا توجد في نسخة دار الكتب المصرية.
2 فاطمة بنت أبي حبيش القرشية الأسدية، مهاجرية جليلة، روى عنها عروة بن
الزبير الإصابة 8/270، وتهذيب التهذيب 12/443.
3 رواه البخاري، كتاب الحيض، باب إقبال الحيض وإدباره 1/420، حديث: 320
ومسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها 1/262.
4 الصفرة: لون دون الحمرة، المصباح المنير صـ131، وهو من ألوان دم الحيض.
5 مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 1/54، مسألة: 199، صالح صـ13
وابن هانئ 1/33.
انظر: مختصر الخرقي ص 20، المغني 1/226-227، وهو المذهب، والإنصاف 1/326.
(3/1313)
قال إسحاق: كما قال1.
[750-] سمعت2 إسحاق بن منصور يقول: قال3 الإمام
أحمد بن حنبل: حديث مجالد4 عن الشعبي5 كأنه حكم.
قال: إذا كان دمها لا ينفصل فليس فيه سنة، فإذا كان لها أيّام
__________
1 انظر قول إسحاق في: سنن الترمذي 1/227.
2 لعلّ الراوي عن إسحاق بن منصور هو محمد بن حازم كما أشار إلى ذلك أ. د.
عيد بن سفر الحجيلي عند تحقيقه كتاب المناسك والكفارات من كتاب المسائل،
انظر: المسألة رقم: (1643) .
3 وقد ذكر ابنه أبي الفضل صالح صـ304 مسألة: 1124، ولم أجد قوله في غير
هذا!
4 هو أبو عمير مجالد بن سعيد الكوفي الهمداني، العلامة المحدث، أحد صغار
التابعين ولد في أيام جماعة من الصحابة ولكن لا شيء له عنهم، حدث عن
الشعبي، وأبي الودّاك، وحدث عنه سفيان الثوري، وابن المبارك، توفي سنة
(244?) . انظر: سير أعلام النبلاء 6/284، وتهذيب التهذيب 10/39.
5 هو أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري الكوفي، أحد أعلام التابعين،
روى عن علي، وأبي موسى، وروى عنه جماعة، توفي سنة 104هـ. انظر: العبر 1/96،
شذرات الذهب 1/126.
(3/1314)
معروفة فقد قال لها رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم: "امكثي قدر ما كانت تحبسك1 حيضتك"2، فلم يعد بها قدر ما كانت
تحبسها حيضتها فإذا وضعت من دمها ما وضعت حمنة3 من أنه يثج4 ويغلبها، فهذه
الصفة غير صفة فاطمة، فأمر فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
"تلجمي5 وتحيضي في علم الله عزّ وجلّ ستاً أو سبعاً"6، ثم تصلي سائر الشهر.
قال إسحاق: كما قال7.
__________
1 في (ع) "تحبس".
2 صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وصلاتها 1/264.
3 حمنة هي: حمنة بنت جحش الأسدية، أخت أمّ المؤمنين زينب، شهدت أحداً.
الإصابة 8/88.
4 يثج: يسيل. انظر: النهاية في غريب الحديث 1/207.
5 أي اجعلي في موضع خروج الدم عصابة تمنع الدم، تشبيها بوضع اللجام في فم
الدابة. النهاية في غريب الحديث 4/235.
6 الحديث في سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنها
تجمع بين الصلاتين بغسل واحد 1/222 حديث: 128، وسنن ابن ماجه، كتاب
الطهارة، باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاضة، أو كان لها أيام حيض
فنسيتها 1/347 حديث: 627. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني
في صحيح سنن الترمذي 1/41.
[7] انظر قول إسحاق في: اختلاف العلماء للمروزي صـ 189- 190.
(3/1315)
751 قال: وأما المبتدأة بالدم إذا كان
مثلها تحيض فرأت الدم فليس فيها سنة، وليس فيها إلاّ الاحتياط فيقال لها
انظري أقل ما تجلسه النساء فاقعدي ثم صومي وصلي سائر ذلك، فإن كان عرق لم
يكن ضيعت، فإن عاودها مثل ما رأت فهو حيض، إلاّ أنها تقضي الصوم قبل أن
يعاودها الدمّ لوقتها، فإذا عاودها فهو حيض، وكل شيء يشتبه عليك فاحتاط
لها، بأن تصلي وتصوم وتعود للصوم، ولا يطأها زوجها حتى يستبين لها، وكل دم
تراه في أيامها إذا كانت لها أيام فهو من الحيض لقول عائشة رضي الله عنها:
((حتّى ترين القصة1 البيضاء)) ،2 وكلّ ما رأته بعد أيامها من صفرة أو كدرة
أو دم، فهو إستحاضة إذا كان ذلك بعد أيام قد كانت تجلسها.3
__________
1 القصة: أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها الحائض كأنها قصة بيضاء
لا يخالطها صفرة. النهاية 4/71. والقصة بفتح القاف: الجص. المصباح المنير
ص193.
2 روى أثر عائشة في: الموطأ 1/59، ومصنّف عبد الرزّاق 1/302 حديث: 1159كتا
ب الحيض، باب كيف الطهر، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحيض، باب الصفرة
والكدرة 1/336، والدارمي 1/214.
3 مسائل الإمام أحمد برواية عبد الله 1/156، وانظر: المغني 1/241، الإنصاف
1/376 ومختصر الخرقي صـ20-21.
(3/1316)
قال إسحاق: كما قال.1
[752-] قال أحمد: والحبلى لا تحيض عندي. 2، 3،
4
[753-] قلت: كيف يكون الحيض عشرين يوماً؟.
__________
[1] الأوسط لابن المنذر 2/235، مسألة: 273-274.
2 ذكره أبو داود في روايته صـ38 مسألة:172 وابنه أبو الفضل صالح صـ193
مسألة: 649.
3 ويمكن أن يستدل بمفهوم المخالفة على أن الحامل لا تحيض بما روي عن أبي
سعيد الخدري عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا توطأ الحامل حتّى
تضع، ولا غير ذات حمل، حتّى تحيض حيضة".
سنن أبي داود كتاب النكاح باب في وطء السبايا، ومسند أحمد 3/28، مستدرك
الحاكم 2/195، وسنن الدارقطني 4/112، والسنن الكبرى للبيهقي 7/449، ومصنف
عبد الرزّاق حديث: 12903.
والحديث صحيح كما قال الزيلعي في نصب الراية 4/252 والألباني في صحيح سنن
أبي داود 2/404، والحاكم في المستدرك 2/105.
انظر: الكافي 1/181، المحرر 1/26، شرح الزركشي 1/450، المغني 1/443،
الإنصاف 1/357، المقنع 1/292.
4 لم يذكر قول إسحاق في الأصل، ولكنه ذهب إلى أن ما تراه الحامل من الدم
حيض إذا أمكن. انظر: المغني 1/444.
(3/1317)
قال: أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوماً.1، 2، 3
[754-] قلت: فتكون4 أقلّ من يوم؟.
__________
1 ذكره ابنه أبو الفضل صالح لكن خمسة عشر يوماً صـ105 مسألة: 382،527 وكذلك
أبو داود صـ33 مسألة: 152-153 وكذلك ابنه عبد الله في روايته 1/163 مسألة:
209،210 وابن هانئ 1/29 مسالة: 148 كلّهم ذكروا خمسة عشر يوماً.
والمسألة تتعلق بالعرف والعادة ولا يوجد فيها نصّ إلاّ حديث واثلة بن
الأسقع عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "أقلّ الحيض ثلاثة أيّام
وأكثره عشرة أيّام" سنن الدارقطني 1/219.
والحديث ضعيف كما قال الدارقطني وفي سنده ابن منهال مجهول ومحمد بن أحمد بن
أنس ضعيف. سنن الدارقطني 1/219.
2 انظر رواية سبعة عشر يوما في الفروع 1/261، والمبدع 1/270.
والمذهب أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
وفي رواية أن أكثره خمسة عشر يوما وليلة، وفي رواية أن أكثره سبعة عشر يوما
وليلة.
انظر: المبدع 1/269، الإنصاف 1/358، المغني 1/388، الفروع 1/267، مجموع
الفتاوى 19/237، بدائع الفوائد 4/64.
3 ولم يذكر في المخطوط قول إسحاق بن راهويه، إلاّ أنّه ذكر في الفروع
1/263، أنّ مذهبه في المسألة مذهب الإمام أحمد.
4 أي الحيضة.
(3/1318)
قال: لم أسمع.1، 2
قال إسحاق: السنّة3 فيه إذا كان حيضها معتدلا من قبل الحبل كان ذلك حيضاً،
وإذا اختلط عليها فترى الأحيان صفرة والأحيان دماً صيّرناها كالمستحاضة
والباقي كما قال.4
__________
1 ذكر قوله ابنه أبو الفضل صالح صـ105 مسألة: 382، صـ145 مسألة: 527 وعبد
الله بن أحمد كذلك 1/162 مسألة: 209 وابن هانئ 1/30 مسألة: 148 وأبو داود
صـ33، مسألة: 152-153.
ولم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم شيء في أقلّه، وقد ورد في حديث
واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أقلّ الحيض
ثلاثة أيّام" الدارقطني 1/219.
إلاّ أنّ الحديث منكر، كما قال الزيلعي في نصب الراية 1/191 وابن حزم في
المحلّى 2/625.
ولمزيد من التفصيل انظر: العلل المتناهية 1/384، حديث: 643.
2 والمذهب في أقلّ مدّة الحيض يوم وليلة.
وهناك روايةٌ عن الإمام أحمد أنّه يوم واحد.
انظر: المحرّر 1/24، المستوعب 1/367، الشرح للزركشي 1/406، الكافي 1/163،
الإنصاف 1/358، الفروع 1/267، المقنع 1/89 ومجموع الفتاوى 19/237.
3 يشير إلى حديث فاطمة بنت أبي حبيش الذي مرّ في المسألة رقم: (749) .
4 انظر: لقول إسحاق سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب في المستحاضة 1/217.
(3/1319)
[755-] قلت: الحامل
ترى الدم؟ 1
قال: لا يلتفت إليه.2
قال إسحاق: كما وصفت.3
[756-] قلت: الكبيرة4 ترى الدم؟
__________
1 هذا، وللشيخ عطية محمد سالم رحمه الله كلام في هذه المسألة، إذجمع أقوال
أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ورأي الأطبّاء المختصّين والمتخصّصين في
هذا الفنّ في كتابه "الدماء في الإسلام" صـ236، فليرجع إليه.
2 ذكره أبو داود في روايته صـ38، مسألة: 132.
هذا هو المذهب، وهناك رواية أخرى بأنّ ما تراه في أيّام الحمل على صفة
الحيض، فهو حيض، وحكمه حكم الحيض، انظر: كشاف القناع 1/238، 239، المحرّر
1/26، المستوعب 1،399، الانتصار 1/585، مسألة: 85، شرح الزركشي 1/450،
مسألة 329، المغني 1/443، حاشية 1/373، والمبدع 1/269، الإنصاف 1/357
والفروع 1/267.
3 روى عن إسحاق مخالفته لمذهب أحمد في المسألة، فمذهب إسحاق أنّ الحامل
تحيض إذا كان الدم في أيام الحيض على صفة الحيض.
لمزيد من التفصيل انظر: الأوسط لابن المنذر 2/240، مسألة: 275. اختلاف
العلماء، باب الحائض والمستحاضة 15/أ.
4 الكبيرة: الطاعنة في السنّ، القاموس المحيط ص601.
وليس ثمة تحديد لسن الكبيرة، إلاّ ما يستفاد من المسائل من أنّها التي
تجاوز سنها خمسين عاماً.
(3/1320)
قال: لا يكون هذا حيضا إذا كانت قد
حالت1.2، 3
قال إسحاق: حكمها حكم المستحاضة إذا جاوزت الخمسين، لأنّها لا تلد بعد
الخمسين أبداً.4
[757-] قلت: المستحاضة تغتسل [ع-35/ب] عند كلّ صلاة؟
قال: إن قويت على ذلك، وإن جمعت بين كلّ صلاتين، وإلاّ الوضوء يجزئها.5
__________
1 حالت: حالت المرأة إذا لم تحمل، فهي حائل. المصباح المنير ص 60.
2 ذكره ابنه عبد الله في روايته 1/164، مسألة: 211.
ولا دليل على ذلك إلاّ ما روي عن عائشة رضي الله عنها وقد مرّ.
انظر: التحقيق لابن الجوزي 1/267.
3 والمذهب أن لا حيض بعد خمسين سنة.
إلاّ أنّ هناك روايةً أنّ المرأة لا تحيض بعد الستّين، وعنه ستون في نساء
العرب، وعنه الخمسون للعجم والنبط، وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر، وعنه بعد
الخمسين مشكوك فيه فتصوم وتصلي.
انظر: شرح الزركشي 1/452، المستوعب 1/366، المقنع 1/88، المبدع 1/267،
المغني [1/447-445،] المحرّر 1/26، الإنصاف 1/356، المغني 1/445، زاد
المعاد 5/657 وبدائع الفوائد 3/272.
4 ذكره ابن قدامة في المغني 1/445.
5 مر الكلام على هذه المسألة مفصلا، انظر: المسألة رقم: (741) .
(3/1321)
قلت: قال: تؤخّر من ذا وتعجل من ذا. 1
قال إسحاق: كما قال.
[758-] قلت: قال: قيل له، يعني سفيان:2 ترى
الصفرة، حيض؟.
قال: نعم.3
فإذا كانت الصفرة في غير أيّام حيضها تدع الصلاة؟.
قال: لا، بل تصلّي.4
قال الإمام أحمد: إذا كانت الصفرة أو الكدرة5 في أيّامها فتدع
__________
1 اشتملت هذه المسألة على فائدة زائدة على ما في المسألة رقم (741) ، وهي
تأخير الصلاة إلى آخر وقتها، وتعجيل الثانية إلى أوّل وقتها، تسهيلاً على
المستحاضة. انظر: مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 1/32، مسألة: 161، ورواية
عبد الله بن أحمد 1/159، مسألة: 203 وراية صالح صـ43، مسألة: 125.
انظر: المغني 1/424، 448، الإنصاف 1/379، المبدع 1/291 والفروع 1/279.
والعمدة في هذه المسألة حديث أم حبيبة، وحديث فاطمة بنت أبي حبيش الذي مرّ
في المسألة رقم: (741) .
2 هو: سفيان الثوري.
3 انظر قول سفيان في: المجموع 1/395، والمغني 1/413.
4 في الأصل: ولا تصلي، وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
5 الكدرة: ضد الصفاء، والكدرة من الألوان ما نحا نحو الأسود لسان العرب
12/44.
(3/1322)
الصلاة، فإذا كانت في غير أيّامها فلا
يلتفت1.
قال إسحاق: سوا.2
[759-] قال: قال: سمعت سفيان يقول: ما زاد على
العشر فهي مستحاضة.
__________
1 ذكر عبد الله بن أحمد عن أبيه أنّه نقل قول عائشة في هذا المعنى 1/156،
مسألة: 201، وأبو الفضل صالح صـ304، مسألة: 1124، وأبو داود صـ37، مسألة
167، وقول عائشة ورد في الموطأ 1/59، مصنّف عبد الرزّاق 1/301، السنن
الكبرى للبيهقي 1/336، الدارمي 1/214.
وانظر: شرح الزركشي 1/430، المحرّر 1/24، المغني 1/413، كشاف القناع 1/246،
المستوعب 1/399، الكافي 1/168، المبدع 1/288، الفروع 1/269، الإنصاف 1/359.
وقد ورد عن أمّ عطية –وكانت بايعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم- قالت:
"كنّا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً".
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الصفرة والكدرة 1/215 حديث:
307، صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيّام الحيض
1/426 حديث: 326، إلاّ أنّه لم يذكر "بعد الطهر" ولكن مفهومه مفهوم أبي
داود كما قال الحافظ في الفتح 1/426.
وحديث أبي داود صحيح انظر صحيح سنن أبي داود للألباني 1/62.
2 انظر لقول إسحاق: الأوسط لابن المنذر 2/235، المغني 1/413.
(3/1323)
قال الإمام أحمد: هذا كله قول أبي حنيفة.1.
قال إسحاق: كما قال.
[760-] قلت لأحمد: الحيض يكون أكثر من خمسة
عشر.
قال: لا.2،3
[761-] قلت: قال: سمعت سفيان4 يقول: أهل
المدينة يقولون ما بين الحيضتين خمسة عشر.5
__________
1 وهو المذهب عند الحنفية، انظر البحر الرائق 1/223، تحفة الفقهاء 1/33.
وعند المالكية، والشافعية أكثره خمسة عشر يوماً. شرح الخرشي 1/204، 205،
ونهاية المحتاج 1/307.
2 سبقت هذه المسألة مفصّلة، انظر المسألة رقم: (753) .
3 لم يذكر قول إسحاق في المخطوط ولكن رأيه رأي الإمام أحمد، انظر: سنن
الترمذي، أبواب الطهارة باب المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين 1/228،
والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحيض، باب أكثر الحيض 1/321، سنن الدارمي،
كتاب الطهارة، باب أكثر الحيض 1/231، مصنف عبد الرزّاق 1/299 كتاب الطهارة،
باب أكثر الحيض، الأوسط لابن المنذر 1/226 المسألة: 272 واختلاف العلماء
16/ب.
4 ما نقله سفيان، رحمه الله، هو رأيه كذلك في المسألة، انظر: سنن الدارمي،
كتاب الطهارة، باب أقلّ الطهر 1/173.
5 الأوسط لابن المنذر 2/255، المسألة: 284، المجموع 2/359، والمغني 1/390.
(3/1324)
قلت: تأخذ به؟.
قال: نعم.
قال أحمد: ليس ذا بشيء بين الحيضتين على ما يكون.1
قال إسحاق: ليس في الطهر وقت وتوقيت، هؤلاء الخمسة عشر باطل.2
[762-] قلت: سئل سفيان عن رجل أفطر في شهر رمضان متعمداً ثمّ أدركه المرض
في آخر النهار، أترى عليه الكفّارة؟.
__________
1 المذهب عند الحنابلة في أقلّ مدّة الطهر بين الحيضتين، هو: ثلاثة عشر
يوماً، وفي رواية أخرى بأنّه خمسة عشر يوماً، وفي رواية أخرى لا حد لأقل
الطهر. انظر: المغني 1/390، المستوعب 1/369، شرح الزركشي 1/411، المسألة:
290، المحرر 1/24، كشّاف القناع 1/241، الروض المربع 1/106، الكافي 1/163،
المبدع 1/271، الفروع 1/267 والإنصاف 1/358.
2 هذا، ولم يرد دليل على تحديد أقلّ مدّة الطهر إلاّ ما روي عن عليّ رضي
الله عنه إن امرأة جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه أنها حاضت
ثلاثاً في الشهر صدقت. رواه البخاري تعليقاً في كتاب الحيض، باب إذا حاضت
في شهر ثلاث حيض 1/424، ووصله غيره ومنهم الدارمي في الطهارة، باب أقلّ
الطهر 1/233، وانظر: فتح العزيز شرح الوجيز 2/410، المحلى 2/274، البيهقي
في السنن الكبرى 7/418، الاختيارات صـ28، بداية المجتهد 1/51 وفتح الباري
1/425.
سنن الدارمي 1/173، الأوسط 2/255، مسألة: 284 والمغني 1/390.
(3/1325)
قال: لا.
قال أحمد:1 أما أنا فلا أرى عليه كفّارة، إلاّ في الغشيان الذي2 أمر به
النبيّ صلّى الله عليه وسلّم3 وذلك أنّ المعصية بالفرج غير المعصية بالأكل
والشرب، فإن جامع فقد وجبت عليه الكفارة مرض بعد ذلك، أو سافر، أو قعد.4
قال إسحاق: كلما أفطر بأكل أو شرب لزمته الكفارة، فإذا مرض، أو حاضت
المرأة، فالكفارة ثابتة.5،
__________
1 ذكره أبو الفضل في روايته صـ91، مسألة: 321.
2 في المخطوط: "الذي، الذي".
3 يشير إلى الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟، قال:
وقعت على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟ "، قال: لا، قال:
"فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم
ستين مسكينا؟ …." الحديث.
صحيح البخاري مع الفتح 4/163، وصحيح مسلم 2/781، واللفظ لمسلم.
4 انظر: المغني 4/278، كشّاف القناع 3/976، الإنصاف 3/320، المبدع 3/34،
المحرّر 1/230 وحاشية 3/417.
5 انظر لقول إسحاق: المغني 4/378، ولم أجده في غيره.
(3/1326)
[763-] قلت لأحمد: امرأة حاضت بعد ما زالت
الشمس في أولّ الوقت.
قال: قال بعضهم: لا تعيد الصلاة، فإنّها في الوقت، وأمّا أنا فيعجبني أنْ
تعيد.1،2
قال إسحاق: كما قال تعيد. 3
[764-] قلت: فالمرأة إذا ضربها الطلق،4 هل تدع
الصلاة؟
قال: إذا كان قرب ذاك.
__________
1 ذكره ابن هانئ في روايته بعموم دخول وقت الصلاة، ولم يقيّده بزوال الشمس
1/31 المسألة: 153، وابنه أبو الفضل صالح بنفس السياق صـ439 المسألة: 1372.
2 نقل عن الشعبي: إذا دخل وقت الصلاة على المرأة قضتها إذا طهرت. ومثله قول
إبراهيم النخعي.
وقال حمّاد: ليس عليها قضاؤها لأنّها في وقت. مصنّف ابن أبي شيبة، كتاب
الصلوات، باب في المرأة يدخل عليها وقت الصلاة فلا تصلّيها حتّى تحيض
2/339.
3 نقل قوله ابن حزم في المحلّى 2/175، المسألة: 257، وابن المنذر في الأوسط
2/246 مسألة: 278.
هذا، ولم أقف على تفصيل في المسألة في كتب الحنابلة، وفي مجموع فتاوى
ورسائل للشيخ محمّد بن صالح العثيمين رحمه الله 11/276 في المسألة: 225:
إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة، فإنّها بعد أن تتطهر من الحيض تقضي هذه
الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة.
4 طلق: وجع الولادة. لسان العرب 8/187، باب طلق، القاموس المحيط صـ1167.
(3/1327)
قلت: ظهر الدمّ، و1 لم يظهر الولد.
قال: إذا كان منه. 2
قال إسحاق: كلّما لم يظهر الدم، ولو3 خروج الولد، لم تدع الصلاة4، فإذا ظهر
الدم تركت الصلاة وإن كان قبل الولادة5 بيوم أو يومين.6
__________
1 في المخطوط "أو"، وهو خطأ.
[2] انظر: الإنصاف 1/285-287، المبدع 1/294، حاشية 1/403، المغني 1/429،
الكافي 1/181، الفروع 1/282، شرح الزركشي 1/451، كشّاف القناع 1/219، معونة
أولي النهى 1/493، منتهى الإرادات 1/133، الشرح الممتع 1/442، الفقه
الحنبلي الميسّر 1/80.
3 في المخطوط "أو".
4 ورد في المسألة عن سهم، مولى بني سليم أنّ مولاته أمّ يوسف ولدت بمكّة
فلم ترَ دمّاً فلقيت عائشة رضي الله عنها فقالت: أنت امرأة طهّركِ الله.
التاريخ الكبير للبخاري 4/194، ترجمة: 2463 سهم مولى بني سليم.
5 في المخطوط "الولاد"، وهو خطأ.
6 انظر: الأوسط لابن المنذر جـ2 المسألة: 28.
وقد أفتت اللجنة الدائمة أنّ المرأة لا تلد إلاّ بالدم، ولو كان يسيراً.
فتاوى اللجنة 5/420.
(3/1328)
[765-] 1 قلت
لإسحاق: رجل جامع امرأته وهي نفساء، قبل الأربعين، وربما طهرت وربما
رأت الدم؟
قال: كلّما طهرت قبل الأربعين فإنّ الصلاة لازم لها، ولكن يكف الزوج عن
غشيانها حتّى تقضي الأربعون، فإن فعل وهي طاهر قبل الأربعين فقد أساء ولا
كفارة عليه، وإن كانت في الأربعين فجامعها فعليها ما على الحائض سواء.2
__________
[1] لم يذكر قول الإمام أحمد في المخطوط، ولكن ذكره ابن هانئ في روايته
1/36، مسألة: 175-176.
ذهب الحنابلة إلى عدم الكفارة في هذه الحالة، والمذهب عندهم الكراهة.
2 ذكر قوله ابن المنذر في الأوسط 2/250، وابن قدامة في المغني 1/428، وانظر
كذلك: شرح الزركشي 1/443 والمبدع 1/295.
ودليل ذلك: أنّ عثمان بن أبي العاص أتته امرأته قبل الأربعين فقال: "لا
تقربينني". مصنّف عبد الرزّاق 1/313، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي 1/341،
سنن الدارمي، كتاب الحيض 1/230، سنن الدارقطني، كتاب الحيض 1/220.
قال الألباني: موقوف ضعيف، وقال: أخرجه الدارمي، وابن الجارود في المنتقى
بإسناد صحيح إلى الحسن، فإن كان سمعه من عثمان فهو عنه صحيح، وإلا فالحسن
مدلس وقد عنعنه. الإرواء 1/226، 227حديث: 212.
وهذا رأي إسحاق بأنّه جعل الحائض والنفساء سواءً في الكفارة، وإلاّ المذهب
الحنبلي بالكراهة. والمغني 1/428، شرح الزركشي 1/443، المحرّر 1/27، الكافي
1/181، الإنصاف 1/384، الفروع 1/282، المبدع 1/295، حاشية 1/45، كشّاف
القناع 1/220، الواضح في شرح المختصر الخرقي 1/161، منتهى الإرادات 1/134،
وقد خالف الكراهة العلماء المعاصرون، وعلى رأسهم ابن عثيمين - رحمه الله -،
حيث قال: "فالراجح أنه يجوز وطؤها قبل الأربعين إذا تطهرت". انظر: الشرح
الممتع 1/448
(3/1329)
[766-] قال: قلت
لأحمد: إذا طهرت دون الأربعين صامت؟.
قال: إذا لم ترَ الدم في الأربعين, ورأت بعد الأربعين فصومها جائز، ثمّ
قال: وإن رأت دون الأربعين فصومها جائز، أرأيت إن رأت في عشرين فطافت
بالبيت ثمّ صارت الكوفة في خمس عشرة ثمّ رأت الدم أمرها أن ترجع إلى مكّة.1
__________
1 ذكره ابن هانئ مختصراً 1/34، مسألة: 166، وأبو الفضل صالح صـ304، مسألة:
1123.
وما يستند عليه في هذه المسألة حديث أمّ سلمة أنّ مدة النفاس أربعون يوماً،
إلاّ أن ترى الطهر قبل ذلك. رواه الدارقطني وسنده ضعيف 2/222، ولكن يؤيّده
قول ابن عبّاس في نفس السياق في سنن الدارمي 1/203، أثر رقم: 994، وكذلك
أثر أنس في نفس السياق في سنن الدارمي 1/226، أثر: 841 والإجماع الذي نقله
الترمذي في كتاب الطهارة في باب ما جاء في كم تمكث النفساء 1/258، بنفس
المعنى.
وانظر لقول أحمد: المغني 1/430، المقنع 1/98، حاشية 1/402، الكافي 1/85،
المحرّر 1/27، المستوعب 1/410، الإنصاف 1/385، شرح الزركشي 1/432، والمبدع
1/296، كشّاف القناع 1/220، معونة أولي النهى 1/495، منتهى الإرادات 1/134،
الشرح الممتع 1/447.
(3/1330)
قال إسحاق: كلّما كان الطهر دون الأربعين
حتّى استمرّ الطهر بها فإنّ ذلك طهر، فإنّ تمادى الطهر، وجاز الأربعين ثم
رأت دماً، فهو حيض مستقبل، ولو كان يوم حادي وأربعين فما كان من طوافها،
وقد استمرّ الطهر بها، فإنّ ذلك جائز، فإن عاودها الدم قبل الأربعين فقد
قال قوم: إنّ بين الطهر ومعاودة الدم خمسة عشر يوماً، فإن كل ما عملت في
ذلك الطهر فهو جائز كلّه، وهذا من أحسن ما سمعنا في ذلك.1
[767-] قال: سألت أحمد2 عن المستحاضة توضّأت لصلاة الفجر ثمّ طلعت الشمس
وهي تريد أن تقضي صلاة الفائتة أتصلّي بوضوئها ذلك إلى دخول وقت الظهر؟
قال: لا، ولكن تتوضّأ لأنّها خرجت من وقت الفجر.
__________
1 لم أقف عليه بهذا التفصيل، ولكن ذكره الترمذي مختصراً. كتاب الطهارة، باب
ما جاء في النفساء 1/256.
وإذا طهرت لدون الأربعين اغتسلت وصلّت، ويستحبّ أن لا يقربها زوجها. انظر:
المغني 1/428.
2 في المخطوط "إسحاق"، وهو خطأ، لأنّ قول إسحاق يأتي بعده والسياق يؤيّد
ذلك.
(3/1331)
قال إسحاق: أصاب؛ لأنّ المستحاضة عليها
الفرض أن تتوضّأ بوقت كلّ صلاة، فلمّا طلعت الشمس ذهب وقت الغداة وصار
وضوؤها منتقضاً، فإن أرادت [ع-36/أ] أن تصلّي تطوّعاً أو تقضي فوائت أو
تصلّي على الجنائز أو العيدين، فإنّ عليها أن تحدث وضوءاً بعد طلوع الشمس
ويجزيها ذلك إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فلا بدّ لها من الوضوء
للمكتوبة إلى أوّل وقت العصر، تصلّي أبداً بين أوّل الوقت إلى آخره ما شاءت
من التطوّع وقضاء الفوائت، وكلّ شيء لا تصنع إلاّ بطهارة فإذا دخل وقت صلاة
أخرى، جدّدت الوضوء، ثمّ كذلك في كلّ صلاة كما وصفنا.1
[768-] 2 قال إسحاق: وأمّا التي ترى الدم أول حيض فيستمرّ بها الدم،
__________
1 سبقت مسألة وضوء المستحاضة وغسلها والكلام عليها مفصلاً، انظر المسألة
رقم: (741) .
2 قول الإمام أحمد غير مذكور في المخطوط، لكن ذكره ابنه عبد الله 1/152،
مسألة: 199، وأبو الفضل صـ282، مسألة 1001، وأبو داود صـ33 مسألة 155، وابن
هانئ 1/30، مسألة 147.
هذا نص أبي الفضل: وقال: المرأة إذا بدأت بالدم تجلس ستة أو سبعة. قلت: على
حديث حمنة؟، قال: لا، ولكن النساء أكثر حيضهن على هذا، أو تجلس يوما، قلت:
فإن استمر بها الدم شهرين أو ثلاثة؟، قال: على إقبال الدم وإدباره.
وهذا نص أبي داود: قلت لأحمد: البكر إذا استحيضت؟، قال: عندنا فيه قولان:
قول أن تقعد أدنى الحيض ثم تغتسل وتصوم وتصلي أو تقعد أكثر حيض النساء ستا
أو سبعا، فإذا عرفت أيامها واستقامت عليه قضت ما كانت صامت في هذه الأيام
حيضها.
وتفصيل هذه المسألة في المحرّر 1/27والفروع 1/269، شرح الزركشي 1/427
والمستوعب 1/371، والمغني 1/404-409، والكافي 1/77، والإنصاف 1/367،
والمبدع 1/272، كشّاف القناع 1/204، والفقه الحنبلي الميسّر 1/78.
(3/1332)
فإنّها تقعد [مثل] 1 أمّها وخالتها
وعمّتها، فإذا جاوزت ذلك الوقت اغتسلت وصلّت، وإن كانت لا تعرف وقت الأمّ،
أو الخالة، أو العمّة، فإنّها تجلس سبعة أيّام، كما أمر النبيّ صلّى الله
عليه وسلّم حمنة2 وتصلّي
__________
1 هذه اللفظة ليست في المخطوط، لكنّ السياق يقتضيها.
2 عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش
فقلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّي امرأة أستحاض حيضة كثيرة
شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم؟ فقال: "أنعت لك الكرسف، فإنّه
يذهب الدم"، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتّخذي ثوباً. فقالت: هو أكثر من
ذلك، إنّما أثج ثجا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "سآمرك بأمرين،
أيّهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم"، قال لها:
"إنّما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستّة أيّام، أو سبعة أيّام في علم
الله، ثمّ اغتسلي حتّى إذا رأيت أنّك قد طهرت واستنقأت فصلّي ثلاثاً وعشرين
ليلة، أو أربعاً وعشرين ليلة وأيّامها، وصومي فإنّ ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي
في كلّ شهر كما يحضن النساء، وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على
أن تؤخّري الظهر وتعجّلي العصر فتغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين، الظهر
والعصر، وتؤخّرين المغرب وتعجّلين العشاء، ثمّ تغتسلين وتجمعين بين
الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك، وهذا
أعجب الأمرين إليّ"
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت تدع الصلاة 1/199، حديث
287، وسنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنّها تجمع بين
الصلاتين، 1/221، حديث: 128. والحديث صحيح، كما قال الشيخ الألباني في صحيح
سنن الترمذي 1/4.
(3/1333)
ثلاثاً1 وعشرين ليلة وأيّامها. 2
__________
1 في المخطوط "ثالثاً"، وهو خطأ.
2 قول إسحاق مذكور في سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة
تجمع بين الصلاتين، 1/221، والأوسط 2/230.
وأمّا قول الإمام أحمد فلم يذكر في المخطوط، لكن ذكره ابنه عبد الله 1/152،
المسألة: 199، وأبو الفضل صـ282، المسألة: 1001، أبو داود صـ33، المسألة:
155 وابن هانئ 1/30، المسألة: 147.
وتفصيل المسألة في المحرّر 1/27 والفروع 1/269، شرح الزركشي 1/427،
المستوعب 1/371، والمغني 1/404-409، الكافي 1/77، الإنصاف 1/367، المبدع
1/272، كشاف القناع 1/204 والفقه الحنبلي الميسر 1/78.
(3/1334)
[769-] قال إسحاق: أمّا التي لها وقت معلوم
في الشهور التي مضت ثمّ استمرّ بها في بعض الشهور، فعليها أن تجلس إلى
الوقت الذي اعتادت قبل ذلك ولو يوماً واحداً إلى خمسة عشر يوماً، لأنّ كلّ
ذلك قد صحّ أن يكون لهنّ وقتاً، وذلك إذا عرفت أيّام أقرائها، فإنّها تجلس
كذلك1، 2.
[770-] قال إسحاق: وأمّا إذا لم تعرف وقت الإقراء، ولم تعرف الإقبال من
الإدبار، واختلط عليها أمره لما طالت استحاضتها، فهي امرأة مبتدئة،3 فحكمها
حينئذ ما حكمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحمنة بنت جحش، حيث جعل لها
في الشهر حيضةً وطهراً
__________
1 لم أقف عليه.
2 لم يذكر قول الإمام أحمد في المخطوط، ولكن ذكره ابنه أبو الفضل صالح
صـ301، المسألة: 1122، وكذلك أبو داود صـ34، المسألة: 158،وروي عن أحمد
أنها تجلس يوما وليلة المغني 1/411.
انظر للمذهب الحنبلي: المغني 1/411، المستوعب 1/437، شرح الزركشي 1/414
المحرر 1/24، الإنصاف 1/358 وما بعدها، الكافي 1/78، حاشية 1/390، كشاف
القناع 1/205، الفروع 1/269، والمبدع 1/290.
واستدل الحنابلة لهذه المسألة بحديث حمنة الذي مر بنا في المسألة: (768) .
3 المبتدأة: التي تبدأ البلوغ، والحيض علامته، يقال: بدأة الأمر: أوّله
ومبتدؤه. الفائق 1/84.
(3/1335)
على مذهب القرآن، حيث وصف الله عزّ وجلّ
ثلاث حيض للاتي يحضن، ثمّ جعل للاتي يئسن،1 أو التي ارتابت ثلاثة أشهر بدل
كلّ حيضة شهراً، فلذلك جعلنا للمبتدئة المختلطة عليها حيضها من استحاضتها
شهراً وتتحرى هذه الأيّام السبعة من الشهر وأي وقت كان يكون فيها ترى دمها
فتجلس السبعة الأيّام التي كانت أكبر وهمها.2
[771-] قال إسحاق: وأما الزوج فإنّ له أن يأتي المستحاضة3 إذا كانت تعرف
وقت أقرائها، وأما إذا جعلتها مستحاضة بالتحرّي فما كفّ عن جماعها فهو أسلم
له حتّى يتبين لها طهرها من حيضتها، أو تكون استحاضة بيّنة، وأما إذا كان
أيّامها معلومة فترى الطهر بين ذلك فلها أن تتربّص إن كان نهارا إلى آخر
وقت العصر قدر ما اغتسلت، إن أمكنها أن تصلي الظهر والعصر ثمّ تغرب، أو
الظهر وركعة من العصر ثمّ تغرب، فإن تربصت قدر ذلك ثمّ رأت دمّا فهو من
حيضتها، هذا لأنّ خلقة المرأة4 تكون ألوانا إما دمّا
__________
1 يئسن: يئست المرأة إذا عقمت فهي يائس. المصباح المنير ص262.
2 مرّت هذه المسألة مفصلة، انظر: المسألة رقم: (768) .
3 تقدمت مسألة إتيان الزوج المستحاضة بالتفصيل، انظر المسألة رقم: (742) .
4 المراد: خلقة دمّ الحيض.
(3/1336)
أحمر أو أصفر أو كدرة.1
قال إسحاق: وإذا رأت الكدرة، أو الصفرة في أيّام حيضها المعروف وانقطع ذلك
في آخر الوقت، فذك حيض كلّه2.
[772-] قال إسحاق: والحائض إذا أصبحت فرأت بعد طلوع الشمس طهراً، وقد بقي
من أيّام حيضتها فلها أن تتلوم3 تأخير الغسل إلى آخر وقت العصر، فإن رأت
دماً فهو الحيض، لأنّ الحائض في وقتها لا ترى الدم مستمرّاً قد تطهر، ثمّ
يعاودها الدم.4، 5
__________
1 تقدّمت مسألة طهر الحائض عند العصر، وأدائها الظهر والعصر مفصّلةً، انظر
المسألة رقم: (746) .
2 انظر قول إسحاق في: المغني 1/413.
3 تتلوم: أيّ تنتظر. لسان العرب 12/360.
4 لم أقف على توثيق قول إسحاق.
5 مذهب الحنابلة في ذلك: أن المرأة متى رأت الطهر، فهي طاهر، تغتسل،
وتلزمها الصلاة والصيام، وإذا عاودها الدم في العادة فهو من حيضتها.
المغني 1/391-437، والإنصاف 1/384، والكافي 1/98، المقنع 1/93، المبدع
1/295، كشّاف القناع 1/254، حاشية 1/395، شرح الزركشي 1/448.
وقد استدلّ الحنابلة لما ذهب إليه إسحاق بقول عائشة رضي الله عنها عندما
بعثن النساء إليها الدرجة التي فيها الكرسف فيه الصفرة، فقالت: لا تعجلن
حتّى ترين القصة البيضاء. رواه البخاري، تعليقاً في كتاب الحيض، باب إقبال
الحيض وإدباره صـ83، ووصله ابن أبي شيبة 1/93، والدارمي 1/214.
(3/1337)
[773-] سئل إسحاق، فقال: أمّا وقت الحائض
أقصاه وأدناه، فإنّه ليس فيه وقت مؤقّت عند أهل العلم، إنّما تجلس قرءها،1
وكلّ امرأة تستحاض، فإنّها تردّ إلى أقرانها لا تكون إحداهنّ في استحاضتها،
حكمها حكم غيرها من النساء، تغتسل عند انقضاء قرئها، ثمّ تتوضّأ لكلّ صلاة،
فإن أخرت الظهر إلى العصر وتغتسل لهما وتجمع بينهما كان أفضل، وكذلك المغرب
والعشاء والصبح غسلاً واحداً، إلاّ أنّها لا تضمّ إليها صلاة فتجتمعان
والوضوء لكلّ صلاة جائز.2
[774-] 3 قال: قلت: سئل سفيان [ع-37/أ] عن رجل أصبح صائماً في السفر فقدم
أهله فأفطر، أترى عليه كفّارة؟.
__________
1 والقرء: فيه لغتان؛ الفتح، وجمعه قروء وأقرؤ، والضمّ ويجمع على أقراء،
ويطلق على الطهر والحيض، ويقال إنّه للطهر، ويقال إنه للحيض. المصباح
المنير صـ191.
2 اشتمل قول إسحاق على عدّة مسائل تتعلّق بصلاة المستحاضة، وقد مرّت جميعها
مفصّلة، انظر المسائل: (742، 753، 757، 758، 765، 767) .
3 هذه المسألة، والمسألتان التاليتان، من مسائل الصيام، ولا علاقة لها بباب
الحيض، وقد ذكرت في كتاب الصيام الذي حقّقه أ. د/عيد بن سفر الحجيلي،
فليرجع إلى الجزء المحقّق عنده للتفصيل
(3/1338)
قال: نعم.
قال أحمد: إن كان جامع أهله، فعليه القضاء والكفّارة، وإن لم يكن جامع
فعليه القضاء وليس عليه كفّارة.1
قال إسحاق: لا كفّارة عليه، لأنّه صار قد أصبح له الفطر.2
[775-] قلت: سئل سفيان عن الرجل يستعط،3 وهو
صائم، قال: أفطر، قيل له: أترى أن يكفر؟ 4
قال: أحبّ إليّ أن يكفر.
قال أحمد: الكفّارة [في] 5 الغشيان، وهو في الكفّارة مخيّر، أي ذلك شاء
فعل، إن شاء أعتق، أو صام، أو تصدّق.6
__________
1 انظر لقول أحمد: رواية ابن هانئ 1/133، المسألة: 654 والمغني 3/135.
2 انظر للتفصيل في هذه المسألة: كتاب الصيام، المسألة: (690) .
وقد زاد إسحاق ثمة بأنّ من فعل ذلك فقد أساء.
3 السعوط: اسم الدواء يعبّ في الأنف. لسان العرب 6/267، باب سعط، القاموس
المحيط صـ865.
4 لم أقف على قول سفيان.
5 هذه اللفظة غير موجودة في المخطوط.
6 والمذهب أن من استعط، سواء كان بدهن، أو غيره، فوصل إلى حلقه، أو دماغه،
فسد صومه.
انظر: المحرّر صـ229، الإنصاف 3/299، الفروع 3/46، الكافي 2/239، كشاف
القناع 2/318، حاشية 3/390، الصيام لابن تيمية 1/385، شرح منتهى الإرادات
1/447، الواضح 2/104 والمبدع 3/22.
وقد استدلّ الحنابلة لما ذهبوا إليه بحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
عندما قال للقيط بن صبرة: "أسبغ الوضوء وخلّل بين الأصابع، وبالغ في
الاستنشاق، إلاّ أن تكون صائماً"، سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في
كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم 3/143، والحديث صحيح كما قال الشيخ
الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/237. والشاهد في الحديث: " ... وبالغ في
الاستنشاق، إلاّ أن تكون صائماً".
(3/1339)
قال إسحاق: في السعوط عليه القضاء
ولاكفّارة، وهو في الكفّارة مخيّر.1
[776-] قلت: الكحل للصائم؟.
قال: إن كان منه ما يصل إلى حلقه، أكرهه، إلاّ أن يقِلَّ ذلك.
قال إسحاق: هو مكروه لما يدخل2 الرأس.3
__________
1 لم أقف على توثيق قول إسحاق.
2 انظر: كتاب الصيام، المسألة: (685) .
3 ذكرت المسألة في كتاب الصيام المسألة: (685) .
وانظر مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح 2/343، المسألة: 983، وعبد الله
صـ187، المسألة:700، 701، 702، وأبو داود صـ90.
وانظر للمذهب الحنبلي (إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه فسد صومه، وسواء كان
بكحل، أم صبر، أم قطور، أم ذرور، أم أثمد مطيب، وهذا هو المذهب في ذلك
كلّه. المغني 3/106، الفروع 3/42، الاختيارات الفقهية صـ108، الإنصاف 3/299
والروض المربع 1/421.
(3/1340)
[777-] قلت: قال
الأوزاعي1 في امرأة طهرت في شهر رمضان بعد نصف النهار: لا2 تأكل بقية
يومها ذلك، وعليها قضاؤه.
قال الإمام أحمد: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال.3، 4
[778-] قلت: قال الأوزاعي في امرأة طهرت في شهر
رمضان بسحر،
__________
1 الأوزاعي: هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمر بن محمد الأوزاعي الدمشقي، إمام
عصره. توفّي سنة: 157، سير أعلام النبلاء 7/107، وشذرات الذهب 2/256.
2 في "ع" فلا، والكلام يستقيم بما دونته.
3 اشتملت المسألة على إمساك المرأة بقية يومها في نهار رمضان استحساناً،
إذا زال عذرها، وحكم قضائها ذلك اليوم، وقد تكرّر لمن زال عذره في مسائل من
كتاب الصيام، انظر: المسائل: (675) ، (691) ، (701) .
4 ذكره أبو داود في المسائل صـ95، انظر: المغني 3/134، الإنصاف 3/283،
الفروع 3/23 والمسائل الفقهية 1/263.
قال المرداوي: وإن طهرت حائض، أو نفساء، أو قدم المسافر مفطراً، فعليهم
القضاء إجماعاً، وفي الإمساك روايتان، أحداها: يلزمه الإمساك، وهو المذهب
وعليه أكثر الأصحاب، والرواية الثانية لا يلزمهم الإمساك. انظر
الإنصاف3/283
(3/1341)
فأخرت الغسل حتّى طلع الفجر: تمسك عن
الطعام يومها ذلك وتقضيه.1
قال أحمد: بئس ما قال، ليس عليها قضاء.2، 3
قال إسحاق: كما قال، إذا صامت يومها فلا قضاء عليها، ليس
__________
1 نقل ابن قدامة في المغني 3/393 عن الأوزاعي قوله هذا، وقد علّل لذلك بأنّ
حديث الحيض يمنع الصوم بخلاف الجنابة.
2 ذكر قول أحمد عبد الله بن أحمد في روايته صـ184، المسألة: 689.
3 قاس ابن قدامة صحة صوم التي طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد طلوعه على
صحّة صوم الجنب إذا اغتسل بعد طلوع الفجر، وقد دلت أحاديث عدة على صحّة
صومه، منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قد كان رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم. صحيح
مسلم، كتاب الصيام، باب صحّة الصوم من طلع عليه الفجر وهوجنب 2/780. ولا
يقال بأنّه يختصّ بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمرين:
[1-] لعدم وجود دليل على التخصيص.
[2-] ولعموم ألفاظ الأحاديث ممّا يدلّ على عمومية الحكم. انظر: صحيح مسلم،
المرجع نفسه وبقية الأحاديث.
وهناك رواية ثانية للإمام أحمد توافق قول الأوزاعي وهي أن الحائض تقضي.
انظر: الإنصاف 3/308.
وانظر للمذهب الحنبلي ولأقوال العلماء في المسألة: شرح الزركشي 2/602،
المغني 4/393، الفروع 3/57، المستوعب 1/404، الإنصاف 3/308 والواضح في شرح
مختصر الخرقي 2/118.
(3/1342)
بالغسل يجب الصوم ولا يسقط.1
[779-] قلت: قال الأوزاعي: أيّما امرأة حاضت قبل غروب الشمس فلتفطر، وعليها
قضاء يوم مكانه.2
قال أحمد: نعم.3، 4، 5
__________
1 لم أقف على قول إسحاق.
2 لم أجد توثيق قول الأوزاعي.
3 ذكر قول أحمد عبد الله بن أحمد في روايته صـ184، المسألة: 691.
4 لم يرد نصّ على حكم فطر المرأة إذا حاضت قبل غروب الشمس، إلاّ أنّه يمكن
قياس بطلان صومها على المفطرات الأخرى، وعلى أنّ الحيض يمنع صحّة الصيام،
وقد دلّت أحاديث كثيرة على بطلان صوم الحائض منها:
[1-] حديث أبي سعيد الخدري أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "أليس إذا
حاضت لم تصلّ" ولم تصم. صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب متى يقضي قضاء
رمضان، صـ385، حديث: 1951.
[2-] وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنّا نحيض على عهد رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم ثمّ نطهر فيأمرنا بقضاء الصوم. رواه الترمذي في كتاب
الصوم، باب ما جاء في قضاء الحائض الصوم دون الصلاة 3/154 وصحّحه الألباني
رحمه الله في صحيح سنن الترمذي 1/237.
5 انظر للمذهب الحنبلي وأقوال العلماء في المسألة: شرح الزركشي 2/606،
المغني 4/397، الكافي 1/167، المبدع 3/13 والعدّة صـ124.
(3/1343)
قال إسحاق: كما قال.1
[780-] 2 قلت: سئل سفيان عن امرأة طهرت بعد
طلوع الفجر أتطعم؟
قال: لا.
قيل له: أتقضي يومها ذلك؟
قال: نعم.
قال أحمد: جيّد3.
قال إسحاق: كما قال.4، 5
__________
1 لم أجد توثيق قول إسحاق.
2 ذكرت في كتاب الصيام، انظر مسألة: (675) ، (691) ، (701) .
3 رجعت إلى كتب الحنابلة المعنية بمصطلحات المذهب فلم أقف على تعريفه، إلا
أنهم ذكروا أن الإمام أحمد إذا استعمل لفظ: (حسن) ففيه وجهان: قيل يدل على
الوجوب، وقيل يدل على الندب، ولا يبعد إجراء الوجهين في لفظ (جيد) أيضا،
وذلك لتقارب اللفظين في المعنى، والله أعلم. انظر: المنهج الفقهي العام
لعلماء الحنابلة ص113.
4 تقدّم الكلام على إمساك المرأة بقية يومها إذا طهرت خلاله وقضائها ذلك
اليوم في المسألة: 777) ، وسبق الكلام عنه في المسائل: (675) ، (691) ،
(701) من كتاب الصيام.
5 انظر: المغني 3/134، الفروع 3/23، الإنصاف 3/283 ورواية ابن هانئ 1/132.
(3/1344)
[781-] 1 قلت: سألت سفيان عن رجل أصبح
صائماً في شهر رمضان ثمّ سافر من النهار، أيفطر؟.
قال: لا يعجبني.
قلت: فإن فعل، أترى عليه كفّارة؟
قال: لا.
قال أحمد: هو كما قال.2
قال إسحاق: كما قال سفيان3.
[782-] قلت: قال الأوزاعي في رجل أراد السفر في
شهر رمضان، فأدركه الفجر، وهو في أهله، ثمّ خرج، فليس له أن يفطر
يومه
__________
1 هذه المسألة والمسائل الثمانية التالية، ليست من باب الحيض، وقد اشتملت
على أحكام تتعلّق بالفطر في رمضان بسبب السفر أو الجماع، أو الحمل ونحوها.
2 ذكره ابن هانئ 1/130، المسألة: 631، أبو داود صـ95، المبدع 2/108، 3/14،
الإنصاف 2/320، 3/287، شرح منتهى الإرادات 1/444 والفروع 3/3.
قال المرداوي: إن نوى الحاضر صوم يوم، ثمّ سافر في أثناه فله الفطر، هذا
المذهب مطلقاً، وهناك رواية عن الإمام أحمد أنه يجوز له الفطر مطلقاً،
ورواية أخرى أنه لا يجوز له الفطر مطلقا. انظر: الإنصاف 3/289، المغني
4/346، وشرح الزركشي 3/569، المسائل الفقهية 1/264، المبدع 3/14، الفروع
3/3.
3 انظر قول إسحاق في: المجموع 6/346، المغني 4/346.
(3/1345)
ذلك.1
قال:2 إذا كان قد حدث نفسه من الليل بالسفر أفطر، وإن أدركه الفجر في أهله
إلاّ أن يكون نوى3 السفر في بعض النهار، فلا يعجبني4 أن يفطر.
قال إسحاق: كما قال أحمد 5.
[783-] قلت: الحامل [و] المرضع يفطران؟
قال أحمد: يطعمان ويقضيان.
قلت: الشيخ؟
قال: الشيخ لا يقدر أن يقضي.
قال إسحاق: السنّة في ذلك ما قال ابن عبّاس وابن عمر رضي الله
__________
1 لم أقف على توثيق قول الأوزاعي.
والمذهب أنّه لا يفطر، انظر: الفروع 3/32، الإنصاف 3/289 والمغني 4/346.
وقد نصّ الإمام الترمذي أنّه يفطر في بيته قبل أن يخرج. سنن الترمذي، كتاب
الصوم، باب من أكل ثمّ خرج يريد السفر 3/164.
2 قال: القائل هو أحمد بدليل قول إسحاق: كما قال أحمد.
3 في المخطوط: نوا، والصحيح ما أثبته.
4 مصطلح "لا يعجبني": عند الحنابلة فيه وجهان: الوجه الأول: هو الندب،
والوجه الثاني: التحريم، على حسب السياق. الفروع 1/67.
5 انظر قول إسحاق في: المجموع 6/261، والمغني 4/346.
(3/1346)
عنهما، أيّ: يفطران ويطعمان [عن] كلّ يوم
مسكيناً، وإن شاءتا قضتا من غير أن يوجب ذلك عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا
طعام عليهما. 1، 2، 3
[784-] 4 قال: قلت: سئل سفيان عن رجل أصبح صائماً في السفر، ثمّ قدم أهله
من يومه ذلك، فأفطر في أهله، ترى عليه كفّارةً؟ 5
__________
1 سبقت مسألة فطر الحامل والمرضع في كتاب الصيام، المسألة رقم: (713) .
بلفظ: "يفطران ويقضيان"، فاشتمل الحكم هنا على زيادة الإطعام في جواب
الإمام أحمد، وقد خالف إسحاق في قوله هنا وهناك بعدم جمع القضاء عليها
والكفّارة.
2 أمّا قول إسحاق: فقد ذكره الترمذي في سننه في كتاب الصوم، باب ما جاء في
الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع 3/94.
3 ومذهب الحنابلة: كما قال المرداوي: والحامل والمرضع، إذا خافتا على
أنفسهما أفطرتا، يعني من غير إطعام، وهذا المذهب، وإن خافتا على ولديهما،
أفطرتا، وقضتا وأطعمتا عن كلّ يوم مسكيناً، على الصحيح من المذهب. انظر:
الإنصاف 3/290، المغني 4/394، والفروع 1/67.
4 مرّت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة رقم: (690) .
5 انظر: المسائل لابن هانئ 1/133.
قال المرداوي: وإن نوى الصوم في سفره ثمّ جامع، فلا كفّارة عليه، هذا
الصحيح من المذهب وذكر بعض الأصحاب رواية: عليه كفّارة، فعليها، إن جامع
كفّر على الصحيح من المذهب وعنه لا يكفر، الإنصاف 3/321، المسائل الفقهية
1/262 والمغني 4/348.
ومن أوجب عليه الكفّارة مع القضاء فقد قاسه على المقيم.
(3/1347)
قال: نعم.
قال أحمد: لا، إلاّ أن يكون إفطاره بأهله.
قال إسحاق: لا كفّارة عليه لما صار بعد الصبح في السفر 1.
[785-] قلت: ابن المسيّب، جاءه رجل بعد ما ارتفع النهار، فقال: عليّ يوم2
من شهر رمضان، أفأصوم بيوم يجزِ عني؟ 3
قال: نعم.
قال سفيان: لا يعجبني، إلاّ أن يدخل فيه بنية ينوي من الليل.
قال أحمد: ما أحسن ما قال سفيان.
قال إسحاق: كما قالا. 4
__________
1 لم أقف على قول إسحاق بعد البحث.
2 وفي نسخة: "يوماً".
3 يريد أن ينوي الصوم من النهار دون أن يبيت النية من الليل.
4 حوت هذه المسألة اشتراط تبييت نيّة الصوم من الليل، واشتراطه في الصوم
الواجب لا خلاف فيه في المذهب الحنبلي، انظر: المغني 4/333، الإنصاف 3/293،
الفروع 1/38 والكافي 1/250.
وقد دلّ على اشتراطه حديث حفصة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "من لم
يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له". سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء
لا صيام لمن لم يعزم من الليل 3/108، والحديث صحيح كما قال الشيخ الألباني
في صحيح سنن الترمذي 1/388.
وسبقت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة رقم: (706) .
(3/1348)
[786-] 1 قلت: سئل سفيان عن رجل أغمي2 عليه
في شهر رمضان قبيل الفجر ثلاثة أيّام؟
قال: يجزيه ذلك اليوم، ويقضي يومين، فإن أغمي عليه يوماً أجزأه ذلك، وإن
أغمي عليه يومين يجزيه يوماً ويقضي يوماً.
قال أحمد: يقضي كلّها، الصوم والصلاة، إلاّ أن يكون أدرك بعض النهار فيجزيه
صوم ذلك اليوم، وأمّا الصلوات، فيقضيها كلّها.
قال إسحاق: كما قال في الصوم، وأمّا الصلاة، فلا يقضي إلا صلاة يومه الذي
أفاق فيه.3
__________
1 مرّت في كتاب الصيام، مسألة: (698) .
2 أغمي: غشي ثمّ أفاق. لسان العرب 10/130.
3 يلاحظ في المسألة أنّ سفيان يرى صحّة صوم من أغمي عليه قبيل الفجر، ولو
لم يدرك جزءاً من نهار ذلك اليوم، وأمّا أحمد وإسحاق فيشترطان لصحّة الصوم
أن يدرك المغمى عليه جزءاً من النهار، وقد تكرّرت المسألة في كتاب الصيام
المسألة: (698) ، إلاّ أنّ المسألة هنا اشتملت على زيادة فائدة، وهي وجوب
قضاء الصلوات كلّها حال الإغماء عند أحمد دون إسحاق.
والمذهب عند الحنابلة أن من نوى الصوم من الليل فأغمي عليه جميع النهار،
فلم يفق في شيء منه لم يصحّ صومه، المغني 4/343، الإنصاف 3/292، وانظر:
المسائل برواية صالح 1/113، المسألة: 670، وعبد الله صـ188-189، المسألة:
706-708، أبي داود صـ94، الفروع 3/25 والمبدع 3/17.
وأمّا قضاء المغمى عليه الصلوات إذا أفاق، فإنّ المذهب أن حكمه حكم النائم،
لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها على النائم، كالصلوات
والصيام. المغني 2/50 والإنصاف 1/389.
(3/1349)
[787-1] قلت: سئل
سفيان عن المعتكف2 يشتري ويبيع؟.
قال: يشتري الخبز إذا لم يكن من يشتري له.
قال أحمد: لا بأس أن يشتري الشيء إذا لم يكن له من يشتري له، ولا يصيرها
تجارة3.
قلت: ويعود المريض ويشهد الجنازة؟
__________
1 سبقت في كتاب الصيام، مسألة: (723) .
2 المعتكف: من الاعتكاف، وهو لغة الاحتباس، والإقامة على الشيء وبالمكان
ولزومهما. لسان العرب 9/340.
واصطلاحا: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة، من مسلم عاقل ولو مميزا،
طاهر مما يوجب غسلا، وأقله ساعة. الإقناع 1/515. والمعتكف: من لزم المسجد
لطاعة الله.
3 لم أتأكد من الكلمة لشدة الطمس، ولعل الصواب ما أثبته.
(3/1350)
قال: نعم.
قال إسحاق: لا يفعل شيئاً من ذلك أعجب لنا، فإن اشترط إلا الجمعة، فإنّه قد
رخّص له في ذلك.1
[788-] قلت: سئل2 عن رجل قبّل فأمنى،3 أو جامع في غير الفرج؟
قال: أشدّ شيء يكون عليه قضاء يومه.
قال أحمد: إنّي أحبّ أن تكون وجبت عليه الكفّارة، ولم يستجري عليه.
قال إسحاق: عليه القضاء والكفّارة، إذا جامع دون الفرج.4
__________
1 تكرّرت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة: (723) ، إلاّ أنّها وردت
هناك مجملة فيما يرخص للمعتكف، وفصل هنا، وقد اختلف قول إسحاق في الموضعين،
فحيث يكره فعل كلّ ذلك ويرخّص حضور الجمعة بالاشتراط، وأجاز الخروج إلى
الجمعة بدون اشتراط، وانظر للتفصيل فيما ذهب إليه الحنابلة كتاب الصيام من
مسائل الإمام أحمد، تحقيق د/ عبيد سفر الحجيلي.
وانظر: الإجماع لابن المنذر صـ54، المغني 4/466، فتح الباري 4/273 والإنصاف
3/371.
2 لعلّ المسؤول عنه سفيان، كما يدلّ عليه سياق الكلام في المسائل السابقة.
3 في "ع" "فأمنا"، والصواب ما أثبته.
4 تكرّر قول إسحاق في وجوب القضاء والكفّارة على من جامع دون الفرج فأمنى
في كتاب الصيام، المسألة: (734) من المطبوع، وقد انفردت المسألة هنا بزيادة
قول سفيان بعدم وجوب الكفّارة عليه، وقول أحمد بوجوب الكفّارة عليه، وعنه
رواية أخرى بعدم وجوب الكفّارة عليه، وذكر المرداوي أنّها المذهب، انظر:
الفروع 3/83، الإنصاف 3/316، وانظر كذلك: المغني 3/115، المحرّر 1/230
والمبدع 3/33.
(3/1351)
[789-] قال: قلت: سئل سفيان عن رجل احتلم
بالنهار في شهر رمضان، فأكل جاهلاً ترى عليه كفّارة؟ 1
قال: ليس عليه كفّارة، ويقضي ذلك اليوم.2
قال أحمد: جيّد.
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 لم أقف عليه.
2 قال المرداوي: الصحيح من المذهب أنّ الجاهل بالتحريم يفطر بفعل المفطرات،
انظر: الإنصاف 3/304، المغني 4/368، الفروع 3/51، الكافي 1/351، وكلّهم
ذكروا أنّ الجاهل ليس عليه إلاّ القضاء.
واستدلّوا بعموم الأدلّة التي تدلّ على فطر الصائم بفعل المفطرات قبل غروب
الشمس، سواء أكان المفطر جاهلاً أم عالماً.
3 لم أقف عليه.
(3/1352)
|