منار
السبيل في شرح الدليل كتاب الحجر
مدخل
مدخل
...
كتاب الحجر
[وهو: منع المالك من التصرف في ماله. وهو
نوعان:]
[الأول: لحق الغير، كالحجر على مفلس] لحق
الغرماء على.
[راهن] لحق المرتهن.
[ومريض] مرض الموت المخوف، فيما زاد على الثلث
من ماله، لحق الورثة.
[وقن، ومكاتب] لحق السيد.
[ومرتد] لحق المسلمين، لأن تركته فيء، وربما
تصرف فيها تصرفاً يقصد به إتلافها، ليفوتها
عليهم.
[ومشتر] شقصاً مشفوعاً.
[بعد طلب الشفيع] له، لحق الشفيع.
[الثاني:] المحجور عليه.
[لحظ نفسه كعلى صغير، ومجنون، وسفيه] لقوله
تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ
أَمْوَالَكُمُ} 1 الآية قال سعيد وعكرمة: هو
مال اليتيم لا تؤته إياه، وأنفق عليه. فلا يصح
تصرفهم قبل الإذن. وقال تعالى: {وَابْتَلُوا
الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ
فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
ـــــــ
1 النساء من الآية/4.
(1/377)
أَمْوَالَهُمْ}
1 فدل على أنه لا يسلم إليهم قبل الرشد، ولأن
إطلاقهم في التصرف يفضي إلى ضياع أموالهم وفيه
ضرر عليهم.
[ولا يطالب المدين، ولا يحجر عليه بدين لم
يحل] لأنه لا يلزمه أداؤه قبل حلوله، ولا
يستحق المطالبة به، فلم يملك منعه مما له
بسببه.
[لكن لو أراد سفراً طويلاً] يحل دينه قبل
قدومه منه.
[فلغريمه منعه حتى يوثقه برهن يحرز، أو كفيل
مليء] لأنه ليس له تأخير الحق عن محله، وفي
السفر تأخيره. فإن كان لا يحل قبله، ففي منعه
روايتان.
[ولا يحل دين مؤجل بجنون] لأن الأجل حق له فلا
يسقط بجنونه.
[ولا بموت إن وثق ورثته بما تقدم] أي: رهن
بحرز، أو كفيل مليء اختاره الخرقي، لقوله صلى
الله عليه وسلم: "من ترك حقاً فلورثته" والأجل
حق للميت، فينتقل إلى ورثته، ولأنه لا يحل به
ماله، فلا يحل به ما عليه كالجنون. وعنه: يحل،
لأن بقاءه ضرر على الميت، لبقاء ذمته مرتهنة
به، وعلى الوارث، لمنعه التصرف في التركة،
وعلى الغريم بتأخير حقه، وربما تلفت التركة
والحق يتعلق بها، وقد لا يكون الورثة أملياء
فيؤدي تصرفهم إلى هلاك الحق.
[ويجب على مدين قادر وفاء دين حال فوراً بطلب
ربه] لحديث "مطل الغني ظلم" متفق عليه.
[وإن مطله حتى شكاه وجب على الحاكم أمره
بوفائه، فإن أبى حبسه] لقوله صلى الله عليه
وسلم "لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته"
ـــــــ
1 النساء من الآية/5.
(1/378)
رواه أحمد وأبو
داود وغيرهما. قال الإمام أحمد: قال وكيع:
عرضه: شكواه، وعقوبته: حبسه. وإن لم يقضه باع
الحاكم ماله وقضى دينه لأنه صلى الله عليه
وسلم، حجر على معاذ وباع ماله في دينه رواه
الخلال وسعيد بن منصور. وعن عمر أنه خطب فقال
ألا إن أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن
يقال: سبق الحاج فادان معرضاً1 فأصبح وقد دين
به، فمن كان له عليه دين فليحضر غداً فإنا
بائعون ماله، وقاسموه بين غرمائه رواه مالك في
الموطأ. قال في الشرح: وقال ابن المنذر: أكثر
من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون
الحبس في الدين، وكان عمر بن عبد العزيز يقول:
يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس، وبه قال
الليث. انتهى.
[ولا يخرجه حتى يتبين أمره] أي: أنه معسر، أو
يبرالمدين بوفاء أو إبراء أو يرضى غريمه
بإخراجه.
[فإن كان ذو عسرة وجبت تخليته وحرمت مطالبته
والحجر عليه ما دام معسراً] قوله تعالى:
{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى
مَيْسَرَةٍ} 2 وقوله صلى الله عليه وسلم، في
الذي أصيب في ثماره: "خذوا ما وجدتم وليس لكم
إلا ذلك" رواه مسلم. وفي إنظار المعسر فضل
عظيم، وأبلغها عن بريدة مرفوعاً: "من أنظر
معسراً فله بكل يوم، مثليه صدقةً" رواه أحمد
بإسناد جيد.
ـــــــ
1 في هامش الأصل ما يلي: أراد بالمعرض:
المعترض لكل من يقرضه. وقيل: أراد أنه إذا قيل
له: لا تستدن، فلا يقبل. وقيل: أراد معرضاً عن
الأداء.
2 البقرة من الآية/280.
(1/379)
[وإن سأل غرماء
من له مال لا يفي بدينه الحاكم الحجر عليه
لزمه إجابتهم] لحديث كعب بن مالك أن النبي صلى
الله عليه وسلم، حجر على معاذ وباع ماله رواه
الخلال وسعيد في سننه. ولأن فيه دفعاً للضرر
عن الغرماء، فلزم ذلك لقضائهم.
[وسن إظهار حجر لفلس] وسفه ليعلم الناس
بحالهما فلا يعاملوهما إلا على بصيرة، وإذا لم
يف ماله بدينه: فهل يجبر على إجازة نفسه ؟ فيه
روايتان. إحداهما: يجبر. وهو قول عمر بن عبد
العزيز و إسحاق، لما روي أن رجلاً قدم
المدينة، وذكر أن وراءه مالاً، فداينه الناس،
ولم يكن وراءه مال. فسماه النبي صلى الله عليه
وسلم سرقاً وباعه بخمسة أبعرة رواه الدارقطني
بنحوه. وفيه أربعة أبعرة، والحر لا يباع فعلم
أنه باع منافعه. والثانية: لا يجبر، لما روى
أبو سعيد أن رجلاً أصيب في ثمار ابتاعها، فكثر
دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا
عليه" . فتصدقوا عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء
دينه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خذوا
ما وجدتم، وليس لًكم إلا ذلك" رواه مسلم.
(1/380)
فصل في فائدة
الحجر
[وفائدة الحجر أحكام أربعة.] 1.
[الأول: تعليق حق الغرماء بالمال] لأنه يباع
في ديونهم فكانت حقوقهم متعلقة به كالرهن.
[فلا يصح تصرفه فيه بشئ] كبيعه وهبته ووقفه
ونحوها، لأنه حجر ثبت بالحكم فمنع تصرفه،
كالحجر للسفه.
ـــــــ
1 إن لفظة، أربعة. لم تكن في متن الأصل،
ولوجودها في بعض مخطوطات المتن ذكرناها هنا.
(1/380)
[ولو بالعتق]
فلا ينفذ لأن حق الغرماء تعلق بماله فمنع صحة
عتقه. قال في الشرح: وبه قال مالك والشافعي،
وهذا أصح إن شاء الله. انتهى. وعنه: يصح عتقه
لأنه عتق من مالك رشيد صحيح، أشبه عتق الراهن.
[وإن تصرف في ذمته بشراء أو إقرار صح] لأنه
أهل للتصرف، والحجر إنما تعلق بماله دون ذمته.
[وطولب به بعد فك الحجر عنه] لأنه حق عليه
وإنما منعنا تعلقه بماله لحق الغرماء السابق
على ذلك، فإذا استوفوه فقد زال المعارض.
[الثاني: أن من وجد عين ما باعه أو أقرضه فهو
أحق بها] روي ذلك عن عثمان وعلي، وبه قال مالك
والشافعي و ابن المنذر، لقوله صلى الله عليه
وسلم: "من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس،
أو إنسان قد أفلس، فهو أحق به من غيره" رواه
الجماعة.
[بشرط كونه لا يعلم بالحجر] هذا شرط لمن فعل
ما ذكر بعد الحجر.
[وأن يكون المفلس حياً، وأن يكون عوض العين
كله باقياً في ذمته]
لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل باع
متاعاً فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه
من ثمنه شيئاً، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به،
وإن مًات المشتري فصاحب المتاع أسوة
الغرًمًاء" رواه مالك وأبو داود. وهو مرسل،
وقد أسنده أبو داود من وجه ضعيف. وفي حديث أبي
هريرة: "أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله،
ولم يكن اقتضى من ماله شيئاً، فهو له" رواه
أحمد. وفي لفظ أبى داود: "فإن كان قبض من
ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء".
(1/381)
[وأن تكون كلها
في ملكه] لم يتعلق بها حق الغير، فإن رهنها لم
يملك الرجوع، لقوله عند رجل قد أفلس، وهذا لم
يجده عنده، وهذا لا نعلم فيه خلافاً. قاله في
الشرح.
[وأن تكون بحالها] لم يتلف منها شئ. وبه قال
إسحاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك
متاعه بعينه" وهذا لم يجده بعينه.
[ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها] فإن طحن
الحنطة، ونسج الغزل، وقطع الثوب قميصاً، لم
يرجع لأنه لم يجده بعينه، لتغير اسمه وصفته.
قال في الشرح: وللشافعي فيه قولان. أحدهما -
به أقول -: يأخذ عين ماله، ويعطى قيمة عمل
المفلس. انتهى.
[وليم تزد زيادة متصلة] كالسمن والكبر، فإن
وجد ذلك منع الرجوع. ذكره الخرقي. وعنه: له
الرجوع للخبر. وهو مذهب مالك. إلا أنه يخير
الغرماء بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي
باعها به، فأما الزيادة المنفصلة والنقص
بهزال، فلا تمنع الرجوع. قال في المغني: بغير
خلاف بين أصحابنا، لأنه يمكن الرجوع في العين
دون زيادتها، والزيادة للمفلس فى ظاهر المذهب.
نص عليه في رواية حنبل، لحديث: "الخراج
بالضمان" وهذا يدل على أن النماء والغلة
للمشتري لكون الضمان عليه.
[ولم تختلط بغير متميز] فإن اشترى زيتاً وخلطه
بزيت آخر سقط الرجوع، لأنه لم يجد عين ماله،
وإنما يأخذ عوضه كالثمن.
[ولم يتعلق بها حق للغير] فإن خرجت عن ملكه
ببيع أوغيره لم يرجع لأنه لم يجدها عنده.
(1/382)
[فمتى وجد شئ
من ذلك امتنع الرجوع] لما تقدم.
[الثالث: يلزم الحاكم قسم ماله الذى من جنس
الدين، وبيع ما ليس من جنسه، ويقسمه على
الغرماء بقدر ديونهم] لأن فيه تسوية بينهم،
لما ذكرنا من حديث معاذ وفعل عمر، ولأن ذلك هو
جل المقصود بالحجر الذي طلبه الغرماء أو
بعضهم. ويستحب إحضار المفلس والغرماء لأنه
أطيب لقلوبهم وأبعد من التهمة.
[ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم، ثم إن ظهر
رب دين حال رجع على كل غريم بقسطه] لأنه لو
كان حاضراً قاسمهم، فكذا إذا ظهر. وأما الدين
المؤجل فلا يحل بالفلس. قال القاضي: رواية
واحدة، لأن التأجيل حق له، فلم يبطل بفلسه
كسائر حقوقه، فعليها يختص أصحاب الديون الحالة
بماله دونه، لأنه لا يستحق استًيفاء حقه قبل
أجله، وإن حل دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته
إياهم في استيفائه. وقال أبو الخطاب: فيه
رواية أخرى: أنه يحل بفلسه، لأن الفلس معنى
يوجب تعلق الدين بماله، فأسقط الأجل كالموت.
[ويجب أن يترك له ما يحتاجه من مسكن] فلا تباع
داره التي لا غنى له عنها. وبه قال إسحاق،
وقال مالك: تباع ويكترى له بدلها. اختاره ابن
المنذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا ما
وجدتم" .
[خادم] صالح لمثله، لأن ذلك مما لا غنى له
عنه، فلم يبع في دينه ككتابه.
[وما يتجر به] إن كان تاجراً.
(1/383)
[وآلة حرفة] إن
كان محترفاً. قال أحمد: يترك له قدر ما يقوم
به معاشه.
[ويجب له ولعياله أدنى نفقة مثلهم من مأكل
ومشرب وكسوة] قال في الشرح: وينفق عليه
بالمعروف من ماله إلى أن يقسم، إلا إن كان ذا
كسب، لقوله: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" وممن
أوجب الإنفاق عليه وزوجته وأولاده، مالك
والشافعي، ولا نعلم فيه خلافاً. وتجب كسوتهم.
قال أحمد: يترك له قدر ما يقوم به معاشه ويباع
الباقي، وهذا في حق الشيخ الكبير، وذوي
الهيئات الذين لا يمكنهم التصرف بأبدانهم.
انتهى.
[الرابع: انقطاع الطلب عنه] لقوله تعالى:
{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى
مَيْسَرَةٍ} 1 وقوله صلى الله عليه وسلم:
"خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" .
[فمن أقرضه أو باعه شيئاً عالماً بحجره، لم
يملك طلبه حتى ينفك حجره] لتعلق حق الغرماء
بعين مال المفلس، وهل له الرجوع بعين ماله إذا
وجده؟ على وجهين. أحدهما: له ذلك، للخبر.
والثاني: لا فسخ له لأنه دخل على بصيرة، أشبه
من اشترى معيباً يعلم عيبه.
ـــــــ
1 البقرة من الآية/280.
(1/384)
فصل فيمن دفع
ماله الى صغير او مجنون
[ومن دفع ماله إلى صغير أو مجنون أو سفيه
فأتلفه، لم يضمنه] لأنه سلطه عليه برضاه علم
بالحجر أو لا لتفريطه، وأما ما أخذه بغير
اختيار المالك، كالغصب والجناية، فعليه ضمانة
لأنه لا تفريط من المالك والإتلاف يستوي فيه
الأهل وغيره.
(1/384)
[ومن أخذ من
أحدهم مالاً ضمنه] لتعديه بقبضه.
[حتى يأخذه وليه] أي ولي المحجور عليه، لأنه
هو الذي يملك قبض ماله شرعاً وحفظه.
[لا إن أخذه] من المحجور عليه.
[ليحفظه وتلف ولم يفرط] لأ نه محسن.
[كمن أخذ مغصوباً ليحفظه لربه] فإنه لايضمنه
لأن في ذلك إعانة على رد الحق إلى مستحقه.
[ومن بلغ رشداً، أو بلغ مجنوناً ثم عقل ورشد،
انفك الحجر عنه] بلا حكم حاكم، بغير خلاف.
قاله في الشرح.
[ودفع إليه ماله] لقوله تعالى {فَإِنْ
آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا
إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} 1 وقسنا عليه
المجنون لأنه في معناه.
[لا قبل ذلك بحال] أي: قبل البلوغ والعقل
والرشد، ولو صارا شيخين. قال ابن المنذر: أكثر
علماء الأمصار يرون الحجر على كل مضيع لماله،
صغيراً كان أو كبيراً للآية. فالدفع بشرطين:
بلوغ النكاح، وإيناس الرشد. وإن فك عنه الحجر،
فعاود السفه أعيد عليه الحجر لما روى عروة بن
الزبير، أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعاً،
فقال علي: لآتين عثمان، فلأحجرن عليك، فأعلم
ذلك ابن جعفر الزبير، فقال: أنا شريكك في
بيعتك. فأتى علي عثمان فقال: إن ابن جعفر قد
ابتاع بيع كذا فاحجر عليه، فقال الزبير: أنا
شريكه، فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه
الزبير؟! رواه الشافعي بنحوه. قال في الكافي:
وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعاً.
انتهى.
ـــــــ
1 النساء من الآية/5.
(1/385)
[وبلوغ الذكر
بثلاثة أشياء: إما بالإمناء] يقظة أو مناماً.
لا نعلم فيه خلافاً. قاله في الشرح، لقوله
تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ
الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} 1 وقول النبي
صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن
الصبي حتى يحتلم..." الحديث، وحديث: "لا يتم
بعد احتلام" رواهما أبو داود.
[أو بتمام خمس عشرة سنة] لقول ابن عمر: عرضت
على النبي صلى الله عليه وسلم، يوم أحد، وأنا
ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم
الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني متفق
عليه. فلما سمعه عمر بن عبد العزيز كتب إلى
عماله: أن لا يتعرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة
سنة.
[أو نبات شعر خشن حول قبله] لأن سعد بن معاذ
لما حكم في بني قريظة بقتلهم وسبي ذراريهم أمر
أن يكشف عن مؤتزرهم، فمن أنبت فهو من
المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية. وبلغ
ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لقد حكمت
بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" متفق عليه.
[وبلوغ الأنثى بذلك وبالحيض] قال في الشرح:
والحيض بلوغ في حق الجارية. لا نعلم فيه
خلافاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل
الله صلاة حائض إلا بخمار" حسنه الترمذي.
وكذلك الحمل يحصل به البلوغ في حق الجارية لأن
الولد من مائهما. انتهى.
[والرشد: إصلاح المال وصونه عما لا فائدة فيه]
في قول أكثر أهل
ـــــــ
1 النور من الآية/39.
(1/386)
العلم لقول ابن
عباس في قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ
مِنْهُمْ رُشْداً} 1 قال: صلاحاً في أموالهم
ولا يدفع إليه ماله حتى يختبر، لقوله تعالى:
{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى...} 1 وعنه: لا يدفع
إلى الجارية مالها حتى تتزوج وتلد، أو تقيم في
بيت الزوج سنة، لقول شريح: عهد إلي عمر أن لا
أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولاً
أو تلد.
ـــــــ
1 النساء من الآية/6.
(1/387)
فصل ولاية
المملوك
[وولاية المملوك لمالكه ولو فاسقاً] لأنه
ماله، ولأن العدالة ليست شرطاً لصحة تصرف
الإنسان في ماله.
[وولاية الصغير والبالغ بسفه أو جنون لأبيه]
الرشيد العدل ولو ظاهراً لكمال شفقته ولأنها
ولاية، فقدم فيها الأب كولاية النكاح.
[فإن لم يكن] له أب.
[فوصيه] لأنه نائبه وقائم مقامه، أشبه وكيله
في الحياة.
[ثم الحاكم] لأن الولاية انقطعت من جهة الأب
فتعينت للحاكم كولاية النكاح، لأنه ولي من لا
ولي له.
[فإن عدم الحاكم فأمين يقوم مقامه] اختاره
الشيخ تقي الدين، وقال: في حاكم عاجز كالعدم.
نقل ابن الحكم فيمن عنده مال فطالبه به
الورثة، فيخاف من أمره ترى أن يخبر الحاكم
ويدفعه إليه قال: أما حكامنا اليوم هؤلاء فلا
أرى أن يتقدم إلى أحد منهم.
[وشرط في الولي الرشد] لأن غير الرشيد محجور
عليه.
(1/387)
[والعدالة ولو
ظاهراً] فلا يحتاج الحاكم إلى تعديل الأب أو
وصيه في ثبوت ولايتهما.
[والجد والأم وسائر العصبات، لا ولاية لهم إلا
بالوصية] لقصور شفقتهم عمن تقدم. والمال محل
الخيانة، فلا يؤمنون عليه كالأجانب.
[ويحرم على ولي الصغير والمجنون والسفيه أن
يتصرف فى مالهم إلا بما فيه حظ ومصلحة] لقوله
تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ
إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 1 والسفيه
والمجنون في معناه.
[وتصرف الثلاثة] أي: الصغير، والمجنون،
والسفيه.
[ببيع أوشراء أو عتق أو وقف أو إقرار غير
صحيح] لقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا
السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ...} الآية2 ولأنهم
محجور عليهم لحظ أنفسهم.
[لكن السفيه إن أقر بحد] أي: بما يوجب الحد
كالقذف والزنى.
[أو بنسب أو طلاق أو قصاص صح وأخذ به في
الحال] لأنه غير متهم في نفسه، والحجر إنما
تعلق في ماله. قال ابن المنذر: أجمع كل من
نحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المحجور
عليه على نفسه جائز إذا كان بزنى أو سرقة أو
شرب خمر أو قذف أو قتل، وأن الحدود تقام عليه،
وإن طلق نفذ في قول الأكثر. قاله في الشرح.
[وإن أقر بمال أخذ به بعد فك الحجر عنه] لأنه
حجر عليه لحظه، ولأن قبول إقراره يبطل معنى
الحجر، لأنه يداين الناس ويقر لهم.
ـــــــ
1 الأنعام من الآية/152.
2 النساء من الآية/4.
(1/388)
فصل للولي
الاكل مع الحاجة
[وللولي مع الحاجة أن يأكل من مال موليه]
لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} 1 قالت عائشة:
نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح
ماله، إن كان فقيراً أكل منه بالمعروف أخرجاه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً أتى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني فقير
وليس لي شئ ولي يتيم، فقال: "كل من مال يتيمك
غير مسرف" رواه الخمسة، إلا الترمذي.
[الأقل من أجرة مثله أو كفايته] لأنه يستحق
بالعمل والحاجة جميعاً، فلم يجز أن يأخذ إلا
ما وجدا فيه.
[ومع عدم الحاجة يأكل ما فرضه له الحاكم] قال
في القواعد، و الإنصاف: بغير خلاف.
[ولزوجة، ولكل متصرف في بيت، أن يتصدق منه بلا
إذن صاحبه بما لا يضر، كرغيف ونحوه] لحديث
عائشة مرفوعاً: "إذا أنفقت المرأة من طعام
زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت،
ولزوجها أجر ما كسًب، وللخازن مثل ذلك، لا
ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً" متفق عليه. ولم
تذكر إذناً لأن العادة السماح وطيب النفس به.
[إلا أن يمنعه] من ذلك.
ـــــــ
1 النساء من الآية/5.
(1/389)
[أو يكون
بخيلاً، فيحرم] لحديث: "إن دمائكم وأموالكم
وأعراضكم حرام عليكم..." الحديث. وقوله: "لا
يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس" .
(1/390)
باب الوكالة
مدخل
...
باب الوكالة
وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع، لقوله
تعالى: {..وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} 1
وقوله: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ
هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ...} 2 الآية ولحديث
عروة بن الجعد وغيره: ووكل النبي، صلى الله
عليه وسلم عمرو بن أمية في قبول نكاح أم
حبيبة، وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة.
[وهي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله
النيابه كعقد] بيع وهبة وإجارة ونكاح لأنه صلى
الله عليه وسلم، وكل في الشراء والنكاح، وألحق
بهما سائر العقود.
[وفسخ] كالخلع والإقامة.
[وطلاق] لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء، فجاز
في الإزالة بطريق الأولى.
[ورجعة] لأنه يملك بالتوكيل الأقوى: وهو إنشاء
النكاح، فالأضعف: وهو تلافيه بالرجعة أولى.
ـــــــ
1 التوبة من الآية/61.
2 الكهف من الآية/19.
(1/390)
[وكتابة وتدبير
وصلح] لأنه عقد على مال أشبه البيع.
[وتفرقة صدقة، ونذر وكفارة] لأنه، صلى الله
عليه وسلم، كان يبعث عماله لقبض الصدقات،
وتفريقها ويشهد به حديث معاذ، وفيه فأخبرهم أن
الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد
إلى فقرائهم.
[وفعل حج وعمرة] لما تقدم.
[لا فيما لا تدخله النيابة كصلاة، وصوم، وحلف
وطهارة من حدث] لتعلقها ببدن من هي عليه، لأن
المقصود فعلها ببدنه، ولا يحصل ذلك من فعل
غيره، لكن تدخل ركعتا الطواف تبعاً.
[وتصح الوكالة منجزة] كأنت وكيلي الآن.
[ومعلقة] نص عليه، كقوله: إذا قدم الحاج فبع
هذا، وإذا دخل رمضان فافعل كذا، وإذا طلب أهلي
منك شيئاً فادفعه لهم، لقوله صلى الله عليه
وسلم ".. فإن قتل زيد فجعفر.." الحديث.
[ومؤقتة] كأنت وكيلي شهراً، أو سنة. وتصح في
إثبات الحدود واستبقائها، لقوله صلى الله عليه
وسلم: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن
اعترفت فارجمها، فاعترفت، فأمر بها فرجمت"
متفق عليه. وتجوز في إثبات الأموال والحكومة
فيها، حاضراً كان الموكل، أو غائباً، لما روي
أن علياً وكل عقيلاً عند أبي بكر، وقال، ما
قضي عليه فهو علي، وما قضي له فلي، ووكل عبد
الله بن جعفر عند عثمان، وقال: إن للخصومة
قحماً - أي: مهالك - وإن الشيطان يحضرها، وإني
أكره أن أحضرها نقله حرب. وهذه قضايا في مظنة
الشهرة، ولم ينكر
(1/391)
فكان إجماعاً.
قاله في الكافي، وقال في الشرح: هو إجماع
الصحابة.
[وتنعقد بكل ما دل عليها من قول] يدل على
الإذن. نص عليه. كبع عبدي فلاناً، أوأعتقه،
أوفوضت إليك أمره، أو جعلتك نائباً عني في
كذا.
[أو فعل] قال في الفروع: ودل كلام القاضي على
انعقادها بفعل دال كبيع، وهو ظاهر كلام الشيخ
يعني: الموفق، فيمن دفع ثوبه إلى قصار، أو
خياط، وهو أظهر كالقبول. انتهى.1 ويصح قبولها
بكل قول، أو فعل دل عليه فوراً، ومتراخياً،
لأن قبول وكلائه، عليه الصلاة والسلام، كان
بفعلهم، وكان متراخياً عن توكيله إياهم.
[وشرط تعيين الوكيل] فلا يصح وكلت أحد هذين.
[لا علمه بها] فلو باع عبد زيد على أنه فضولي،
وبان أن زيداً كان وكله في بيعه قبل البيع، صح
اعتباراً بما في نفس الأمر لا بما في ظن
المكلف.
[وتصح في بيع ماله كله، أو ما شاء منه،
وبالمطالبة بحقوقه، وبالإبراء منها كلها، أوما
شاء منها] لأنه يعرف ماله ودينه، فيعرف ما
يبيع ويقبض، فيقل الغرر. قاله في الكافي.
[ولا يصح إن قال: وكلتك في كل قليل وكثير،
وتسمى: المفوضة] ذكر الأزجي أنه اتفاق
الأصحاب، لأنه يدخل فيه كل شئ من هبة ماله،
وطلاق نسائه، وإعتاق رقيقه، فيعظم الغرر
والضرر.
ـــــــ
1 كانت الأسطر الثلاثة غير واضحة في الأصل وما
ذكرناه نقل من الفروع وتصحيحه.
(1/392)
[وللوكيل أن
يوكل فيما يعجز عنه] لدلالة الحال على الإذن
فيه1.
[لا أن يعقد مع فقير، أو قاطع طريق] إلا بإذن
موكله، فإن فعل لم يصح، لأنه تغرير بالمال،
لأنه لا يؤمن انفساخ العقد، وقد تلف ما بيد
الفقير، أو تعذر حضور قاطع الطريق.
[أو يبيع مؤجلاً] إلا بإذن موكله، فإن فعل لم
يصح، لأن الإطلاق ينصرف إلى الحلول.
[أو بمنفعة أو عرض] إلا بإذن موكله، فإن فعل
لم يصح، لأن الإطلاق محمول على العرف، والعرف
كون الثمن من النقدين.
[أو بغير نقد البلد إلا بإذن موكله] فإن فعل
لم يصح، لأن عقد الوكالة لم يقتضه.
ـــــــ
1 في هامش الأصل ما يلي: وليس للوكيل أن يوكل
فيما وكل فيه إلا إن أذن له في التوكيل، أو
عجز بنفسه، كالذي في غير بلده ونحوه. انتهى.
وهو منقول من زاد المستقنع.
(1/393)
فصل الوكالة
والشركة عقود جائزة
[والوكالة، والشركة، والمضاربة، والمساقاة،
والمزارعة، والوديعة، و الجعالة: عقود جائزة
من الطرفين] لأن غايتها من جهة الموكل ونحوه
إذن، ومن جهة الوكيل ونحوه: بذل نفع، وكلاهما
جائز.
[لكل من المتعاقدين فسخها] أي: هذه العقود،
كفسخ الإذن في أكل طعامه.
[وتبطل كلها بموت أحدهما، وجنونه] المطبق
لأنها تعتمد الحياة، والعقل، فإذا انتفى ذلك
انتفت صحتها، لزوال أهلية التصرف.
(1/393)
[وبالحجر لسفه
حيث اعتبر الرشد] كالتصرف المالي، فإن وكل في
نحو طلاق، ورجعة لم تبطل بالسفه.
[وتبطل الوكالة بطروء فسق لموكل، ووكيل فيما
ينافيه] الفسق.
[كإيجاب النكاح] وإثبات الحد، واستيفائه،
لخروجه بالفسق عن أهلية ذلك التصرف.
[وبفلس موكل فيما حجر عليه فيه] كأعيان ماله،
لانقطاع تصرفه فيها، بخلاف ما لو وكل في شراء
في ذمته، أو في ضمان أو اقتراض.
[وبردته] أي: الموكل، لأنه ممنوع من التصرف في
ماله مادام مرتداً.
[وبتدبيره] أي: السيد.
[أو كتابته قناً وكل في عتقه] لدلالته على
رجوع الموكل عن الوكالة في العتق.
[وبوطئه زوجة وكل في طلاقها] لأنه دليل على
رغبته فيها، واختيار إمساكها، ولذلك كان الوطء
رجعة في المطلقة رجعياً، بخلاف القبلة،
والمباشرة دون الفرج.
[وبما يدل على الرجوع من أحدهما] أي: الموكل
والوكيل، كما تقدم في الموكل. ومن صور دلالة
رجوع الوكيل ما إذا قبل الوكالة في عتق عبد من
سيده بعد أن كان وكله آخر في شرائه منه.
[وينعزل الوكيل بموت موكله] لما تقدم، ولأنه
فرع، فيزول بزوال أصله.
(1/394)
[وبعزله له ولو
لم يعلم] لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى
صاحبه، فصح بغير علمه كالطلاق.
[ويكون ما بيده بعد العزل أمانة] فلا يضمن إلا
إن تعدى، أو فرط كسائر الأمانات، ويضمن ما
تصرف فيه على رواية: أنه ينعزل قبل علمه.
واختار الشيخ تقي الدين: لا يضمن مطلقاً. ذكره
في الإنصاف.
(1/395)
فصل في تصرف
الوكيل
[وإن باع الوكيل بأنقص عن ثمن المثل أو عن ما
قدره له موكله، أو اشترى بأزيد] من ثمن المثل.
[أو بأكثر مما قدره له صح] البيع والشراء. نص
عليه، لأن من صح منه ذلك بثمن مثله صح بغيره،
ولأن الضرر يزول بالتضمين.
[وضمن في البيع كل النقص، وفي الشراء كل
الزائد] لتفريطه بترك الاحتياط، وطلب الأحظ
لموكله. قال في الكافي: ولا عبرة بما لا
يتغابن الناس به، كدرهم في عشرة، لأنه لا يمكن
التحرز منه. انتهى.
[وبعه لزيد، فباعه لغيره لم يصح] البيع. قال
في المغني: بغير خلاف علمناه. سواء قدر له
الثمن أم لم يقدره، لأنه قد يقصد نفعه دون
غيره، أو نفع المبيع بإيصاله إليه.
[ومن أمر بدفع شئ إلى معين ليصنعه، فدفع
ونسيه، لم يضمن] لأنه إنما فعل ما أمر به، ولم
يتعد ولم يفرط.
[وإن أطلق المالك] بأن قال: ادفعه إلى من
يصنعه.
(1/395)
[فدفعه إلى من
لا يعرفه ضمن] لأنه مفرط.
[والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط]
بجعل، وبغير جعل، لأنه نائب المالك فى اليد،
والتصرف، فالهلاك في يده كالهلاك في يد
المالك، كالوديعة.
[ويصدق بيمينه في التلف، وأنه لم يفرط] لأن
الأصل براءة ذمته ولا يكلف بينةً، لأنه مما
تتعذر إقامة البينة عليه، ولئلا يمتنع الناس
من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها، لكن
إن ادعى التلف بأمر ظاهر، كحريق عام ونهب جيش
كلف إقامة البينة عليه، ثم يقبل قوله فيه،
ويقبل قول وكيل:1 إنه - أي: موكله-.
[أذن له في البيع مؤجلاً، أو بغير نقد البلد]
نص عليه في المضارب والوكيل في معناه، لأنه
أمين في التصرف، فكان القول قوله في صفته.
[وإن ادعى الرد لورثة الموكل مطلقاً] أي: بجعل
وبغير جعل لم يقبل قوله، لأنهم لم يأتمنوه.
[أوله] أي: ادعى الرد للموكل.
[وكان بجعل لم يقبل] قوله في الرد، لأن في
قبضه نفعاً لنفسه أشبه المستعير. ويقبل قوله
في الرد إلى الموكل إن كان متطوعاً، لأنه قبض
المال لنفع مالكه كالمودع، وتقدم في الرهن
قاعدة ذلك، ويجوز التوكيل بجعل، لأنه تصرف
لغيره لا يلزمه، فجاز أخذ العوض عنه، كرد
الآبق، وإن قال: بع هذا بعشرة، فما زاد فهو
لك، صح البيع، وله الزيادة. نص عليه، فقال: هل
هذا إلا كالمضاربة ؟. وهو قول
ـــــــ
1 قوله "إنه" هو من المتن.
(1/396)
إسحاق، وغيره
لأن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأساً قال في
الشرح: ولا يعرف له مخالف.
[ومن عليه حق، فادعى إنسان أنه وكيل ربه في
قبضه، فصدقه لم يلزمه دفعه إليه] لأنه لايبرأ
به لجواز إنكار رب الحق، وإن كذبه لم يستحلف،
لعدم الفائدة، إذ لا يقضى عليه بالنكول.
[وإن ادعى موته] أي: موت رب الحق.
[وأنه وارثه لزمه دفعه] أي: الحق لمدعي إرثه
مع تصديقه له، لإقراره له بالحق، وأنه يبرأ
بالدفع له، أشبه المورث.
[وإن كذبه حلف أنه لا يعلم أنه وارثه] أو لا
يعلم موت رب الحق، لأن من لزمه الدفع مع
الإقرار، لزمه اليمين مع الإنكار.
[ولم يدفعه] إليه.
(1/397)
|