تعليقات
ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة باب الحيض
القارئ: وهو دم ترخيه الرحم يخرج من المرأة في أوقات معتادة يتعلق به ثلاثة
عشر حكما.
الشيخ: قوله دم ترخيه الرحم يعني هو دم طبيعة لقول النبي صلى الله عليه
وسلم (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) فهو طبيعة من أول بنت من بنات
آدم وهي تحيض وقوله في أوقات معتادة هذا هو المعروف أنه يعتاد الأنثى إما
في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره وقوله يتعلق به ثلاثة عشر حكما هذا جيد
لأنه يحصر الأحكام وسيأتينا إن شاء الله أن هناك أحكام أخرى لم يتكلم عليها
المؤلف.
القارئ: أحدها تحريم فعل الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أقبلت
الحيضة فدعي الصلاة) متفق عليه، والثاني سقوط فرضها لقول عائشة رضي الله
عنها (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم
ولا نؤمر بقضاء الصلاة) متفق عليه.
الشيخ: قد يقول قائل الأول قد يغني عن الثاني لأنه إذا حرم فعلها سقط فرضها
ولكنا نجيب عن هذا بأن الصوم يحرم على الحائض ولا يسقط قضاؤه فهذا هو الفرق
بين الأول والثاني.
القارئ: والثالث تحريم الصيام ولا يسقط لوجوبه لحديث عائشة وقول النبي صلى
الله عليه وسلم (أليست إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل قلن بلى) رواه
البخاري.
والرابع تحريم الطواف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة إذ حاضت (افعلي
ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي حتى تطهري) متفق عليه.
والخامس تحريم قراءة القرآن لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقرأ الحائض
ولا الجنب شيئا من القرآن) رواه أبو داود والترمذي.
والسادس تحريم مس المصحف لقوله تعالى (لا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم (لا تمس
القرآن إلا وأنت طاهر) رواه الأثرم.
والسابع تحريم اللبث في المسجد لما ذكرنا من قبل في باب الغسل.
والثامن تحريم الطلاق لما نذكره في النكاح.
والتاسع تحريم الوطء في الفرج لقوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي
الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ولا يحرم الاستمتاع بها
في غير الفرج لقول النبي (اصنعوا كل شيء غير النكاح)
رواه مسلم وقالت عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر
فيباشرني وأنا حائض) متفق عليه ولأنه وطء حرم للأذى فاختص بمحله كالوطء في
الدبر.
والعاشر منع صحة الطهارة لأنه حدث يوجب الطهارة فاستمراره يمنع صحتها
كالبول.
الشيخ: معناه لو أن الحائض اغتسلت لجنابة مثلا فإنها لا تطهر بذلك لأن
الحدث مستمر وكذلك لو تطهرت عن حدث أصغر فإنه لا تطهر بذلك لأن الحدث
مستمر.
القارئ: والحادي عشر وجوب الغسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (دعي الصلاة
قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي) متفق عليه.
الثاني عشر وجوب الاعتداد به لما نذكره في العدد.
الثالث عشر حصول البلوغ به لما نذكره في
موضعه فإذا انقطع دمها ولما تغتسل زالت أربعة أحكام سقوط فرض الصلاة لأن
سقوطه بالحيض قد زال ومنع صحة الطهارة لذلك وتحريم الصيام لأن وجوب الغسل
لا يمنع فعله كالجنابة وتحريم الطلاق لأن تحريمه لتطويل العدة وقد زال هذا
المعنى وسائر المحرمات باقية لأنها تثبت في حق المحدث الحدث الأكبر وحدثها
باق وتحريم الوطء باق لأن الله تعالى قال (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) قال مجاهد حتى يغتسلن فإن لم
تجد الماء تيممت وحل وطؤها لأنه قائم مقام الغسل فحل به ما يحل بالغسل وإن
تيممت للصلاة حل وطؤها لأن ما أباح الصلاة أباح ما دونها وإن وطيء الحائض
قبل طهرها فعليه كفارة نصف دينار لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه
وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال (يتصدق بدينار أو بنصف دينار) قال
أبو داود كذا الرواية الصحيحة وعن أحمد لا كفارة فيه لأنه وطء حرم للأذى
فلم تجب به كفارة كالوطء في الدبر والحديث توقف فيه أحمد للشك في عدالة
راويه فإن وطئها بعد انقطاع دمها فلا كفارة عليه لأن حكمه أخف ولم يرد
الشرع بالكفارة فيه.
الشيخ: لكنه حرام أي الوطء بعد الطهارة من الحيض وقبل الاغتسال محرم لأن
الله قال (حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) ولم يقل حتى يطهرن فإذا
طهرن فالأول (حَتَّى يَطْهُرْنَ) حتى ينقطع حيضها والثانية (فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ) أي اغتسلن لأن التطهر هو الاغتسال لقوله تعالى (وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) أي تطهروا وأما من زعم بأن المراد
(فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) أي تطهرن من الحيض أي من آثاره وذلك بغسل الفرج وما
أصابه الدم فإن قوله ضعيف لأن الأصل حمل الطهارة على معناها الشرعي.
السائل: إذا قلنا بالكفارة هل هي على التخيير أو بحسب إيسار الشخص وإعساره؟
الشيخ: الصحيح أنها على التخيير إذا قلنا بوجوب الكفارة.
فصل
القارئ: وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين
فإن رأت قبل ذلك دما فليس بحيض ولا يتعلق به أحكامه لأنه لم يثبت في الوجود
لامرأة حيض قبل ذلك وقد روي عن عائشة أنها قالت (إذا بلغت الجارية تسع سنين
فهي امرأة).
الشيخ: المؤلف لم يستدل على عدم الحيض قبل تسع سنين إلا بالوجود والحقيقة
أن نفي الوجود صعب لأن الإنسان لم يطلع على كل امرأة من النساء حتى يقول
لأنه لم يوجد ولهذا ذهب شيخ الإسلام رحمه إلى أنه لا حد لأقل السن الذي
تحيض به المرأة فإن المرأة ربما تكون كبيرة الجسم سريعة النمو فيحصل منها
الحيض في سن مبكر وربما يكون الأمر بالعكس فيتأخر والذي ذهب إليه شيخ
الإسلام هو الصحيح وصحيح أن حيضها قبل تسع سنين نادر ولكن ذلك لا يعني أنه
لا يمكن أن يقع.
القارئ: وأقل الحيض يوم وليلة وعنه يوم لأن الشرع علق على الحيض أحكاما ولم
يبين قدره فعلم أنه رده إلى العادة كالقبض والحرز وقد وجد حيض معتاد يوما
ولم يوجد أقل منه قال عطاء رأيت من تحيض يوما وتحيض خمسة عشر قال أبو عبد
الله الزبيري كان في نسائنا من تحيض يوما وتحيض خمسة عشر يوما وأكثره خمسة
عشر يوما لما ذكرنا وعنه سبعة عشر يوما.
الشيخ: هذا أيضا لا دليل عليه فلا دليل على أن أقله يوم وليلة ولا أن أكثره
خمسة عشر يوما والعادة تختلف وقد بلغني أن من النساء من تأتيها الحيضة شهرا
كاملا وتطهر ثلاثة أشهر كاملة يعني كأنها تحيض كل شهر سبعة أيام لكنها
تجتمع فتبقى طاهرا ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر ثم تحيض شهرا كاملا فالصواب أن
المرجع في ذلك إلى وجود الحيض لأن الله علق أحكام الحيض بالأذى فمتى وجد
هذا الأذى ثبت الحيض وثبتت أحكامه.
القارئ: وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر
يوما لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن امرأة ادعت انقضاء عدتها في
شهر فقال لشريح قل فيها فقال إن جاءت ببطانة من أهلها يشهدون أنها حاضت في
شهر ثلاث مرات تترك الصلاة فيها وإلا فهي كاذبة قال فقال علي قالون يعني
جيداً وهذا اتفاق منهما على إمكان ثلاث حيضات في شهر ولا يمكن إلا بما
ذكرنا من أقل الحيض وأقل الطهر وعنه أقله خمسة عشر لقول النبي صلى الله
عليه وسلم (تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي) رواه البخاري (1) وليس لأكثره
حد.
الشيخ: لأكثره يعني لأكثر الطهر بين الحيضتين فإن من النساء من تحيض فتبقى
شهرا أو شهرين لا تحيض فأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ولا حد
لأكثره وقال ورواية أخرى عن أحمد أن أقل الطهر خمسة عشر يوما وهذا من أحمد
يدل على أنه ليس عنده توقيت في هذا الأمر والمرجع في ذلك إلى العادة فإذا
قدر أن امرأة من النساء اعتادت أن تطهر اثني عشر يوما ثم تحيض أربعة أيام
ثم تطهر اثني عشر يوما ثم تحيض أربعة أيام وهذا عادتها مطردة فإنها عادة
وإن كانت تخالف أكثر النساء لكن مادامت مطردة على هذا الوجه فهي عادة.
القارئ: وغالب الحيض ست أو سبع لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت
جحش (تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوما
أو ثلاثة وعشرين كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن) حديث
حسن، وغالب الطهر أربعة وعشرون أو ثلاثة وعشرون لهذا الحديث.
__________
(1) الحديث ليس في البخاري، قال البيهقي في معرفة السنن (2/ 145) طلبته
كثيراً فلم أجده في كتب أصحاب الحديث ولم أجد له إسناداً بحال، وقال ابن
الجوزي في التحقيق (1/ 263) ((وهذا لفظ لا أعرفه)) وقال الحافظ في التلخيص
(1/ 278): لا أصل له بهذا اللفظ وقال النووي في شرحه: باطل لا يعرف وقال في
الخلاصة: باطل لا أصل له، وقال المنذري لا يوجد له إسناد بحال.
السائل: أحسن الله إليك الاستدلال بهذا
الحديث تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي على أن أقله خمسة عشر يوما صحيح.
الشيخ: نعم واضح وشطر عمرها يعني نصف الدهر إذاً نصف الدهر حيض ونصف الدهر
طهر خمسة عشر يوما حيض وخمسة عشر يوما طهر.
السائل: ماذا تفيد (أو) في حديث (تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة
أيام)؟
الشيخ: هذه للتنويع فتنظر إلى أقرب عادة نسائها هل هي ستة أو سبعة.
القارئ: وإذا بلغت المرأة ستين عاما يئست من المحيض لأنه لم يوجد لمثلها
حيض معتاد فإن رأت دما فهو دم فاسد وإن رأته بعد الخمسين ففيه روايتان
إحداهما هو دم فاسد أيضا لأن عائشة قالت (إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت
من حد الحيض) والثانية إن تكرر بها الدم فهو حيض وهذا أصح لأنه قد وجد ذلك
وعنه أن نساء العجم ييأسن في خمسين ونساء العرب إلى ستين لأنهن أقوى جبلة
وقال الخرقي إذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم وتقضي
الصوم احتياطا وإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال فتصوم وتصلي ولا تقضي
والحامل لا تحيض فإن رأت دما فهو دم فاسد لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
سبايا أوطاس (لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة) يعني تستعلم
براءتها من الحمل بالحيضة فدل على أنها لا تجتمع معه
الشيخ: حاصل هذه الفصول أن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنوات وأكثر سن ستون
سنة أو خمسون سنة أو التفريق بين نساء العرب ونساء العجم هذا بالنسبة للسن
وبالنسبة للحيض أقله يوم وليلة أو يوم وأكثره خمسة عشر يوما أو سبعة عشر
يوما وغالبه ستة أيام أو سبعة هذا بالنسبة لمدة الحيض وبالنسبة للطهر أقل
الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما أو خمسة عشر يوما على الخلاف وأما أكثر
الطهر بين الحيضتين فلا حد له.
السائل: هذه المرأة التي ذكرت أنها تحيض شهراً كاملاً هل نقول تستمر عدتها
وتكون تسعة أشهر أو يعتبر مجموع الشهر يقدر من القدر شهر؟
الشيخ: لا لابد تحيض لأننا لو قلنا بالعادة
صار عدتها ثلاثة أشهر فلو طلقت عند طهرها من الحيض فإنها تتم العدة
المعتادة ثلاثة أشهر.
مسألة: الاعتماد على الوجود غير صحيح بل نقول إن ما خرج عن الوجود فيعتبر
نادرا يعني لو حاضت قبل تسع سنين لا نقول هذا ليس بحيض بل نقول هذا نادر.
فصل
القارئ: والمبتدأ بها الدم في سن تحيض لمثله تترك الصلاة والصوم لأن دم
الحيض جبلة وعادة ودم الفساد عارض لمرض ونحوه والأصل عدمه.
الشيخ: الحامل أيضا لا تحيض فإن رأت الدم فهو دم فساد تصلي وتصوم ويأتيها
زوجها إلا ما رأته عند الولادة قبل الولادة بيوم أو يومين مع الطلق فهذا
نفاس واختار شيخ الإسلام رحمه الله أن الحامل قد تحيض وذلك إذا استمر حيضها
على ما هو عليه قبل الحمل مطردا فإن هذا يقع أحيانا في أوائل الحمل تبقى
الحامل في أوائل الحمل تحيض ثم بعد ذلك إذا كبر الجنين انقطع الدم هكذا قال
شيخ الإسلام رحمه الله ويذكر أن الأطباء يقولون إن الحامل لا يمكن أن تحيض
حسب ما علموا من الطب فإن ثبت هذا فالمرجع في ذلك إلى الطبيعة نقول إذاً لا
تحيض وما تراه من الدم فإنه دم فساد.
السائل: بالنسبة للولادة هل هي متعلقة بالحيض وجودا وعدما؟
الشيخ: لا قد تحمل المرأة قبل أن تحيض.
السائل: هل تنقطع الولادة بانقطاع الحيض؟
الشيخ: هذا هو الغالب أنها إذا كبرت وانقطع الحيض ما عاد تحمل.
القارئ: فإن انقطع لدون يوم وليلة فهو دم فساد وإن بلغ ذلك جلست يوما وليلة
فإن انقطع دمها لذلك اغتسلت وصلت وكان ذلك حيضها.
الشيخ: الآن إذا صار دون يوم وليلة فهو دم
فساد وإذا كان يوما وليلة فقط ثم طهرت بعد اليوم والليلة فالأمر واضح تغتسل
وتصلي وإن زاد على يوم وليلة فهذه فيها الرواية التي ذكر المؤلف رحمه الله
فأحوال المرأة المبتدأة ما هي المبتدأة؟ هي التي أول مرة تحيض إن كان دمها
أقل من يوم وليلة فهو دم فساد لا عبرة به ولا يثبت له أحكام الحيض من بلوغ
أو غسل أو غير ذلك وإن كان يوماً وليلة فقط بدون زيادة أو نقص فهذا حيض وإن
زاد على اليوم والليلة فإنها تجلس اليوم والليلة لأنه متيقن وما زاد على
ذلك ففيه كما قال المؤلف أربع روايات.
القارئ: وإن زاد عليه ففيه أربع روايات أشهرهن أنها تغتسل عقيب اليوم
والليلة وتصلي لأن العبادة واجبة بيقين وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه
فلا تسقطها بالشك فإن انقطع دمها ولم يعبر أكثر الحيض اغتسلت.
الشيخ: يعبر يعني يتجاوز.
القارئ: اغتسلت غسلا ثانيا ثم تفعل ذلك في شهر آخر وعنه تفعله في شهرين
آخرين فإن كان في الأشهر كلها مدة واحدة علمت أن ذلك حيضها فانتقلت إليه
وعملت عليه وأعادت ما صامت من الفرض فيه لأننا تبينا أنها صامته في حيضها
والثانية تجلس ما تراه من الدم إلى أكثر الحيض لأنه دم يصلح حيضا فتجلسه
كاليوم والليلة والثالثة تجلس ستا أو سبعا لأن الغالب من النساء هكذا يحضن
ثم تغتسل وتصلي والرابعة تجلس عادة نسائها لأن الغالب أنها تشبههن في جميع
ذلك
الشيخ: الراجح عندنا في هذه المسائل كلها أنها تجلس حتى تطهر لأن الأصل أنه
حيض.
فصل
القارئ: والمبتدأ بها الدم في سن تحيض
لمثله تترك الصلاة والصوم لأن دم الحيض جبلة وعادة ودم الفساد عارض لمرض
ونحوه والأصل عدمه فإن انقطع لدون يوم وليلة فهو دم فساد وإن بلغ ذلك جلست
يوما وليلة فإن انقطع دمها لذلك اغتسلت وصلت وكان ذلك حيضها وإن زاد عليه
ففيه أربع روايات أشهرهن أنها تغتسل عقيب اليوم والليلة وتصلي لأن العبادة
واجبة بيقين وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا تسقطها بالشك فإن انقطع
دمها ولم يعبر أكثر الحيض اغتسلت غسلا ثانيا ثم تفعل ذلك في شهر آخر وعنه
تفعله في شهرين آخرين فإن كان في الأشهر كلها مدة واحدة علمت أن ذلك حيضها
فانتقلت إليه وعملت عليه وأعادت ما صامت الفرض فيه لأننا تبينا أنها صامته
في حيضها.
الشيخ: وهذه الرواية ضعيفة لأن عللها كلها عليلة يقول ما زاد على أقل الحيض
مشكوك فيه فيقال هنا لا شك لأن الدم منتظم وعلى حال واحدة والأصل أنه حيض
وأنه هو دم الطبيعة ثم قوله إنها إذا تكرر مرتين أو ثلاثا تقضي ما صامته
فيه يستلزم أن نوجب الصيام عليها مرتين ولم يوجب الله على عباده أن يصوموا
مرتين ولا أن يصلوا مرتين فهذا القول ضعيف والإنسان سوف يسأله الله عز وجل
يوم القيامة لماذا أوجبت على عبادي أن يصلوا مرتين أو أن يصوموا مرتين ولا
جواب على هذا إذاً نقول المبتدأة بالدم تبقى على أن الدم حيض.
القارئ: والثانية تجلس ما تراه من الدم إلى أكثر الحيض لأنه دم يصلح حيضا
فتجلسه كاليوم والليلة.
الشيخ: هذا أحسن من الأول بكثير أنها تجلس إلى أن يبلغ أكثر الحيض فإذا بلغ
أكثره صارت أكثر مدتها ذاتُ دم وإذا كان أكثر المدة دما فإنها تكون مستحاضة
فهذه الرواية أحسن بكثير من الرواية التي قبلها.
القارئ: والثالثة تجلس ستا أو سبعا لأن الغالب من النساء هكذا يحضن ثم
تغتسل وتصلي.
الشيخ: هذه أضعف من الرواية التي قبلها لكنها أقوى من الرواية الأولى التي
هي الأشهر.
القارئ: والرابعة تجلس عادة نسائها لأن
الغالب أنها تشبههن في جميع ذلك فإذا انقطع الدم لأكثر الحيض فما دونه
وتكرر صار عادة فانتقلت إليه وأعادت ما صامته من الفرض فيه.
الشيخ: هذا بناءً على الرواية الضعيفة أنها تعيد ما صامته من الفرض والصحيح
أنها لا تعيد إذاً فالقول الصحيح أنها إذا أتاها الدم أول ما يأتيها فإنها
تجلس لا تصوم ولا تصلي حتى يتجاوز أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوما فإذا تجاوز
أكثر من خمسة عشر يوما صار زمانها أكثره دم وإذا كان أكثره دم فإنها تكون
مستحاضة فتغتسل عند تمام الخمسة عشر يوما وتصوم وتصلي لأنها مستحاضة فإذا
جاءها مرة ثانية من الشهر الثاني فإنها تجلس إما عادة غالب النساء وإما
عادة نسائها كالمستحاضة تماماً.
السائل: بالنسبة للخمسة عشر يوماً من أين أخذنا هذا التحديد؟
الشيخ: لا ما فيه حد لكن ما زاد على خمسة عشر يوما يقتضي أن يكون أكثر
زمنها دما وهذا كما قالت المرأة للرسول عليه الصلاة والسلام (إني استحاض
حيضة شديدة كبيرة تمنعني الصلاة) فأمرها أن تجلس عادة غالب النساء.
القارئ: وإن عبر دمها أكثر الحيض علمنا
استحاضتها فننظر في دمها فإن كان متميزا بعضه أسود ثخين منتن وبعضه رقيق
أحمر وكان الأسود لا يزيد على أكثر الحيض ولا ينقص عن أقله فهذه مدة حيضها
زمن الدم الأسود فتجلسه فإذا خلفته اغتسلت وصلت لما روي أن فاطمة بنت أبي
حبيش قالت يا رسول الله (إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة قال لا إنما ذلك
عرق ليس بالحيض فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم
وصلي) متفق عليه يعني بإقباله سواده ونتنه وبإدباره رقته وحمرته وفي لفظ
(إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الأحمر فتوضئي
إنما هو عرق) رواه النسائي، وقال ابن عباس ما رأت الدم البحراني فإنها تدع
الصلاة إنها والله لن ترى الدم بعد أيام محيضها إلا كغسالة ماء اللحم ولأنه
خارج من الفرج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني والمذي وإن لم
تكن مميزة جلست من كل شهر ستة أيام أو سبعة لما روي أن حمنة بنت جحش قالت
(يا رسول الله إني أستحاض حيضة شديدة منكرة قد منعتني الصوم والصلاة فقال
لها تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك
قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها
وصومي فإن ذلك يجزئك وكذلك
فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن) رواه الترمذي وقال حديث حسن
وذكر أبو الخطاب في المبتدأة هذه الروايات الأربع وحكي عن ابن عقيل في
المبتدأة المميزة أنها تجلس بالتمييز في أول مرة لما ذكرنا من الأخبار ولأن
التمييز يجري مجرى العادة والمعتادة تجلس عدة أيام عادتها كذلك المميزة.
الشيخ: هنا ما ذكر أنها ترجع للعادة لأن
هذا في المبتدأة يعني المرأة أول ما جاءها الحيض نقول على القول الصحيح
تبقى لا تصوم ولا تصلي إلى متى؟ حتى يزيد على خمسة عشر يوما فإذا زاد على
خمسة عشر يوما قلنا اغتسلي وصلي وصومي رمضان فإذا جاء الشهر الثاني فاجلسي
غالب عادة النساء إلا أن يكون لها تمييز فإنها تجلس ما يتميز به الدم وما
هو التمييز؟ التميز يحصل بثلاثة أمور يحصل باللون ويحصل بالغلظة ويحصل
بالرائحة أما اللون فإن لون دم الحيض أسود ودم الاستحاضة أحمر وأما بالغلظة
فإن دم الحيض غليظ ودم الاستحاضة رقيق وأما بالرائحة فإن دم الحيض منتن ودم
الاستحاضة غير منتن لأن دم الاستحاضة دم عرق كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم وهناك فرق رابع ذكره بعض الأطباء المتأخرين إن تجمد فهو استحاضة وإن
لم يتجمد فهو حيض يعني إذا نزل هذا الدم ثم تجمد وصار مثل الكبد فإنه
استحاضة وإن لم يتجمد فهو حيض وعلل ذلك بأن دم الحيض يتجمد في الرحم أولاً
ثم يخرج بعد أن يتجمد فلا يتجمد مرة ثانية إن صح هذا فهو فرق واضح والخلاصة
الآن امرأة جاءها الحيض أول مرة ماذا نقول لها على القول الراجح؟ تبقى حتى
يتجاوز دمها خمسة عشر يوما فإذا تجاوز خمسة عشر يوما اغتسلت وصلت فإذا جاء
هذا الدم في الشهر الثاني فإن كان لها تمييز عملت به.
فتجلس هذا التمييز وإذا لم يكن لها تمييز بأن كان دمها مستمر على وتيرة
واحدة فإنها تجلس عادة غالب النساء ستة أيام أو سبعة أيام.
السائل: هل تجلس عادة غالب النساء أو غالب نسائها؟
الشيخ: لا غالب النساء ستة أيام أو سبعة وبعضهم يرى أنها ترجع إلى عادة
نسائها لكن ظاهر السنة أنها تجلس عادة غالب النساء.
مسألة: لو فرضنا أن المبتدأة لم يأتيها الحيض الشهر الثاني وأخذت ثلاثة
أشهر ثم جاءها الحيض شهر فهو عادة.
فصل
القارئ: وإن استقرت لها عادة فما رأت من
الدم فيها فهو حيض سواء كانت كدرة أو صفرة أو غيرهما لما روى مالك عن علقمة
عن أمه أن النساء كن يرسلن بالدرجة فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة فتقول
لا تصلين حتى ترين القصة البيضاء قال مالك واحمد هو ماء أبيض يتبع الحيضة
ولأنه دم في زمن العادة أشبه الأسود.
الشيخ: إن استقرت لها عادة فما رأت من الدم فيها فهو حيض سواء كان كدرة أو
صفرة أو غيرهما لما روى مالك عن علقمة عن أمه أن النساء كن يرسلن بالدرجة
فيها الشيء من الصفرة إلى عائشة والدرجة شيء مثل الخرقة أو منديل أو شبه
ذلك فيها شيء من الصفرة فتقول لا تصلين حتى ترين القصة البيضاء قال مالك
وأحمد هو ماء أبيض يتبع الحيضة ولأنه دم في زمن العادة أشبه الأسود هذه
القصة البيضاء علامتها أنها إذا احتشت بقطنه فإنها تخرج بقطنه بيضاء ما
فيها لون من الدم.
مسألة: بعض النساء ما لهن قصة بيضاء.
القارئ: فإن تغيرت العادة لم تخل من ثلاثة أقسام أحدها أن ترى الطهر قبل
تمامها فإنها تغتسل وتصلي لأن ابن عباس قال لا يحل لها ما رأت الطهر ساعة
إلا أن تغتسل ولأنها طاهر فتلزمها الصلاة كسائر الطاهرات.
الشيخ: إن تغيرت العادة يعني بزيادة أو نقص أو انتقال من أول الشهر إلى
آخره يقول لم تخل من ثلاثة أقسام أحدها أن ترى الطهر قبل تمامها أي قبل
تمام العادة مثل أن تكون عادتها سبعة أيام فتطهر لخمسة أيام يقول المؤلف
رحمه الله فإنها تغتسل وتصلي لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يحل لها
ما رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل ولأنها طاهر فتلزمها الصلاة كسائر الطاهرات
وهذا صحيح.
القارئ: وإن عاودها الدم في عادتها ففيه روايتان إحداهما تتحيض فيه وهي
الأولى لأنه دم صادف العادة فكان حيضا كالأول والثانية لا تجلسه حتى يتكرر
لأنه جاء بعد طهر فلم يكن حيضا بغير تكرار كالخارج عن العادة.
الشيخ: والصحيح الأول أنه إذا عاد فهو حيض.
القارئ: وإن عاودها بعد العادة وعبر أكثر
الحيض فهو استحاضة وإن لم يعبر ذلك وتكرر فهو حيض وإلا فلا لأنه لم يصادف
عادة فلا يكون حيضا بغير تكرار.
القسم الثاني أن ترى الدم في غير عادتها قبلها أو بعدها مع بقاء عادتها أو
طهرها فيها أو في بعضها فالمذهب أنها لا تجلس ما خرج عن العادة حتى يتكرر
وفي قدره روايتان إحداهما ثلاثا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (دعي الصلاة
أيام أقرائك) وأقل ذلك ثلاثا والثانية مرتان لأن العادة مأخوذة من المعاودة
وذلك يحصل بمرتين فعلى هذا تصوم وتصلي فيما خرج عن العادة مرتين أو ثلاثا
فإذا تكرر انتقلت إليه وصارت عادة وأعادت ما صامته من الفرض فيه لأنا تبينا
أنها صامته في حيضها قال الشيخ رحمه الله تعالى ويقوى عندي أنها تجلس متى
رأت دما يمكن أن يكون حيضا وافق العادة أو خالفها لأن عائشة رضي الله عنها
قالت لا تعجلي حتى ترين القصة البيضاء ولم تقيده بالعادة فظاهر الأخبار تدل
على أن النساء كن يعددن ما يرينه من الدم حيضا من غير افتقاد عادة ولم ينقل
عنهن ذكر العادة ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان لها ولا استفصال
عنها إلا في التي قالت إني استحاض فلا أطهر وشبهها من المستحاضات أما في
امرأة يأتي دمها في وقت يمكن أن يكون حيضا ثم تطهر فلا والظاهر أنهن جرين
على العرف في اعتقاد ذلك حيضا ولم يأت من الشرع (1) تغيره ولذلك أجلسنا
المبتدأة من غير تقدم عادة ورجعنا في أكثر أحكام الحيض إلى العرف والعرف أن
الحيضة تتقدم وتتأخر وتزيد وتنقص وفي اعتبار العادة على هذا الوجه إخلال
ببعض المنتقلات عن الحيض بالكلية مع رؤيتها للدم في وقت الحيض على صفته
وهذا لا سبيل إليه.
__________
(1) لعلها تقييده.
الشيخ: القسم الأول أن ترى الطهر قبل تمام
العادة فماذا تصنع؟ تغتسل وتصلي مثل أن تكون عادتها ستة أيام ثم تطهر لخمسة
أيام نقول يجب عليها الآن أن تغتسل وتصلي ولا يمكن أن تقول أنا عادتي أكثر
من ذلك لأنه هنا الدم انقطع وماذا تنتظرين فإذا عاد إليها في نفس العادة
هذا الذي انقطع قبل تمام العادة عاد إليها في نفس العادة فهل نجعله حيضا أو
لا؟ يقول المؤلف إن فيه روايتان والصحيح أنه حيض.
القسم الثاني أن ترى الدم في غير عادتها وهي التي تتقدم أو تتأخر إذا تقدمت
أو تأخرت فما صادف العادة فهو حيض وما خرج عنها فهو على رأي الفقهاء رحمهم
الله يجب أن يتكرر ثلاث مرات حتى يكون عادة فإن لم يتكرر فليس بحيض ولهذا
نشرح الفصل هذا يقول أن ترى الدم في غير عادتها قبلها أو بعدها مع بقاء
عادتها أو طهرها فيها يعني أنها تتقدم العادة أو تتأخر ولكن العادة باقية
لم تزد ولم تنقص فالمذهب أنها
لا تجلس ما خرج عن العادة حتى يتكرر مثال
ذلك كان عادتها أن تحيض في أول يوم من الشهر خمسة أيام لكنها في الشهر
الثاني حاضت في ثالث يوم من الشهر وبقيت خمسة أيام ما الذي وافق العادة؟
الذي وافق العادة ثلاثة أيام الثالث والرابع والخامس فتجلسه وهذا لأنه صادف
العادة وما زاد عن العادة لا تجلسه حتى يتكرر ثلاث مرات يقول وفي قدره
روايتان إحداهما ثلاثا والثانية مرتان المهم أن لابد من التكرر فعلى هذا
تصوم وتصلي فيما خرج عن العادة مرتين أو ثلاثا حسب ما قال المؤلف فإذا تكرر
انتقلت إليه وصار عادة وأعادت ما صامته من الفرض فيه لأنا تبينا أنه صامته
في حيضها، قال الشيخ رحمه الله ويقوى عندي أنها تجلس متى رأت دما يمكن أن
يكون حيضا وافق العادة أو خالفها لأن عائشة رضي الله عنها قالت لا تعجلن
حتى ترين القصة البيضاء ولم تغيره بالعادة فظاهر الأخبار تدل على أن النساء
كن يعددن ما يرينه من الدم حيضا من غير افتقاد عادة ولم ينقل عنهن ذكر
العادة ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لها ولا استفصال عنها إلا في
التي قالت إني استحاض فلا أطهر وشبهها من المستحاضات والصواب ما قاله
المؤلف رحمه الله أنها تجلس الدم سواء وافق العادة أم خالفها لأنه حيض،
يقول المؤلف أما في امرأة يأتي دمها في وقت يمكن أن يكون حيضا ثم تطهر فلا
ومعنى فلا أي فلا يكون ذلك استحاضة بل هو حيض صحيح والظاهر أنهن جرين على
العرف في اعتقاد ذلك حيضا ولم يأت من الشرع تغييره.
قال ولذلك أجلسنا الميتدأة من غير تقدم
عادة ورجعنا في أكثر أحكام الحيض إلى العرف والعرف أن الحيضة تتقدم وتتأخر
وتزيد وتنقص وفي اعتبار العادة على هذا الوجه إخلال ببعض المنتقلات عن
الحيض بالكلية مع رؤيتها للدم في وقت الحيضة على صفته وهذا لا سبيل إليه
يعني معناه اعتبار العادة على هذا الوجه الذي ضعفه المؤلف إخلال ببعض
المنتقلات عن الحيض بالكلية مع رؤيتها للدم في وقت الحيض على صفته وهذا لا
سبيل إليه وخلاصة الكلام الآن أن المذهب إذا تقدمت العادة أو تأخرت فإنها
تجلس ما وافق العادة والباقي تصلي فإذا تكرر ثلاثا صار التغير الأخير عادة
والموفق يرى رحمه الله خلاف ذلك يرى أنها سواء تقدمت أو تأخرت أو زادت أو
نقصت يرى أنه حيض وقوله هو الصواب بلا شك.
مسألة: الحيض ما يمكن يستمر كل الوقت على المرأة ولو وجدت هذا يلغى لأن لو
اعتبرنا كل الشهر حيض وجاء الشهر الثاني واعتبرناه كله حيض معناه ما تصلي
أبداً ولابد أن تصلي.
القارئ: القسم الثالث أن ينضم إلى العادة ما يزيدان بمجموعهما على أكثر
الحيض فلا تخلو من حالين أحدهما أن تكون ذاكرة لعادتها فإن كانت غير مميزة
جلست قدر عادتها واغتسلت بعدها وصلت وصامت لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لفاطمة بنت أبي حبيش (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم
اغتسلي وصلي) متفق عليه وإن كانت مميزة ففيها روايتان إحداهما تعمل بالعادة
لهذا الحديث والأخرى تعمل بالتمييز وهو اختيار الخرقي لما تقدم من أدلته.
الشيخ: القسم الثالث أن ينضم إلى العادة ما
يزيدان بمجموعها على أكثر الحيض فإذا زاد على أكثر الحيض صارت مستحاضة
لكنها مستحاضة معتادة لأنه كان لها عادة بالأول ثم زادت أو نقصت أو تغيرت
وإذا كانت مستحاضة وهي معتادة فهل تقدم العادة أو تقدم التمييز؟ المذهب
أنها تقدم العادة ولا عبرة بالتمييز مع العادة لقول النبي صلى الله عليه
وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها)
فأمرها أن ترجع إلى العادة ولم يفصل ولأن الرجوع للعادة أضبط لأن التمييز
قد يشكل وقد يتقطع الدم ويكون مرة كذا ومرة كذا فالرجوع إلى العادة أحسن
إذاً فالمستحاضة المعتادة ماذا تصنع؟ ترجع إلى عادتها سواء كان لها تمييز
أو لم يكن لها تمييز الرواية الثانية أنها ترجع للتمييز لقول النبي صلى
الله عليه وسلم (إن دم الحيض أسود يعرف) ولأنه ربما في انتقالها إلى
الاستحاضة ربما تتغير العادة تتقدم أو تتأخر ولكن كما قلت لكم الأصح أنها
ترجع إلى العادة فتجلسها لأن هذا أضبط وأضمن لها أما إذا كان التمييز يمكن
يوم يكون كذا ويوم يكون كذا ويحصل لخبطه.
القارئ: القسم الثالث أن ينضم إلى العادة ما يزيدان بمجموعهما على أكثر
الحيض فلا تخلو من حالين أحدهما أن تكون ذاكرة لعادتها فإن كانت غير مميزة
جلست قدر عادتها واغتسلت بعدها وصلت وصامت لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لفاطمة بنت أبي حبيش (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم
اغتسلي وصلي) متفق عليه وإن كانت مميزة ففيها روايتان إحداهما تعمل بالعادة
لهذا الحديث والأخرى تعمل بالتمييز وهو اختيار الخرقي لما تقدم من أدلته.
الحال الثاني أن تكون ناسية لعادتها فإن
كانت مميزة عملت بتمييزها لأنه دليل لا معارض له فوجب العمل به كالمبتدأة
وإن لم تكن مميزة فهي على ثلاثة أضرب إحداهن المتحيرة وهي الناسية لوقتها
وعددها فهذا تتحيض في كل شهر ستة أيام أو سبعة على حديث حمنة بنت جحش ولأنه
غالب عادات النساء فالظاهر أنه حيضها وعنه أنها ترد إلى عادة نسائها كما
تقدم وقيل فيها الروايات الأربع ويجعل حيضها من أول كل شهر في أحد الوجهين
لقول النبي صلى الله عليه وسلم (تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام
من كل شهر ثم اغتسلي وصلي ثلاثة وعشرين يوما) فجعل حيضها من أوله والصلاة
في بقيته والآخر تجلسه بالاجتهاد لأن النبي صلى الله عليه وسلم ردها إلى
الاجتهاد في العدد بين الست والسبع فكذلك في الوقت وإن علمت أن حيضها في
وقت من الشهر كالنصف الأول ولم تعلم موضعه منه ولا عدده فكذلك إلا أن
اجتهادها يختص بذلك الوقت دون غيره.
الضرب الثاني أن تعلم عددها وتنسى وقتها نحو أن تعلم أن حيضها خمس ولا تعلم
لها وقتا فهذه تجلس قدر أيامها من أول كل شهر في أحد الوجهين وفي الآخر
تجلسه بالتحري وإن علمته في وقت من الشهر مثل أن علمت أن حيضها في العشر
الأول من الشهر أو العشر الأوسط جلست قدر أيامها من ذلك الوقت دون غيره.
الضرب الثالث ذكرت وقتها ونسيت عددها مثل أن تعلم أن اليوم العاشر من حيضها
ولا تدري قدره فحكمها في قدر ما تجلسه حكم المتحيرة واليوم العاشر حيض
بيقين فإن علمته أول حيضها جلست بقية أيامها بعده وإن علمته آخر حيضها جلست
الباقي قبله وإن لم تعلم أوله ولا آخره جلست مما يلي أول الشهر في أحد
الوجهين وفي الآخر تجلس بالتحري.
الشيخ: المطلوب من النساء أن يعرفن هذا
ومعلوم أن طلبة العلم لا يدركون هذه التفاصيل والصحيح في هذا كله أن
المستحاضة ترجع إلى عادتها إن كان لها عادة فإن لم يكن لها عادة رجعت إلى
التمييز وقيل تقدم التمييز على العادة فمن أخذ بالأول وهو الرجوع للعادة
قال لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (دعي الصلاة قدر الأيام التي
كنت تحيضين فيها) ولم يستفصل لم يقل هل لك تمييز أو لا ولأن هذا أريح
للمرأة وأقل مشقة فكان أولى وأما من قال ترجع للتمييز فقال لأن المرأة إذا
استحيضت فربما تتغير عادتها فيلغى الرجوع إليها فيؤخذ بالتمييز والمميزة هي
التي يكون دمها متغيرا أسود وأحمر ثخين ورقيق ومنتن وغير منتن فالأسود
والثخين والمنتن هو الحيض والأحمر والرقيق والذي لا رائحة له هو الاستحاضة
وذكر بعض الأطباء المتأخرين أن دم الحيض لا يتجمد ودم الاستحاضة يتجمد فهذا
يكون فرقا رابعا إذاً المستحاضة ترجع إلى أي شيء؟ إلى عادتها على القول
الراجح فإن نسيت عادتها أو لم يكن لها عادة مطردة أو ما أشبه ذلك فإنها
ترجع إلى التمييز والتمييز علاماته أربع اللون والملمس والرائحة والتجمد
فاللون هو أن دم الحيض أسود والملمس هو أن دم الحيض ثخين والرائحة هي أن دم
الحيض منتن والتجمد هو أن دم الحيض لا يتجمد إذا خرج أما ما ذكر المؤلف
رحمه الله من هذه التفاصيل فهي ليس عليها دليل والأمر أيسر من ذلك لأن
اللاتي استحضن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بضع عشرة امرأة يقول
ارجعي إلى عادتك أو ارجعي إلى التمييز وتعرف النساء وتمشي.
فصل
القارئ: ومتى ذكرت الناسية عادتها رجعت إليها لأنها تركتها للعجز عنها فإذا
زال العجز وجب العمل بها لزوال العارض فإن كانت مخالفة لما عملت قضت ما
صامت من الفرض في مدة العادة وما تركت من الصلاة والصيام فيما خرج عنها
لأننا تبينا أنها تركتها وهي طاهرة.
الشيخ: هذا خلاف الصحيح والصحيح أن ما
فعلته عن اجتهاد فلا شيء عليها فكيف نقول لها اجلسي لا تصلين في الأول وأن
هذا هو حكم الله ثم بعد ذلك نقول ارجعي واقضي الصلاة فالصواب أنه لا شيء
عليها كما لو أن الإنسان أطعم عن الصوم ثم عوفي فإنه لا يعيد الصوم أو أقام
من يحج عنه لعجزه عنه ثم عوفي فإنه لا يعيد الحج.
القارئ: ولا تصير المرأة معتادة حتى تعلم حيضها وطهرها وشهرها ويتكرر
وشهرها هو المدة التي يجتمع لها فيه حيض وطهر وأقل ذلك أربعة عشر يوما يوم
للحيض وثلاثة عشر للطهر وغالبه الشهر المعروف لحديث حمنة ولأنه غالب عادات
النساء وأكثره لا حد له وتثبت العادة بالتمييز كما تثبت بانقطاع الدم فلو
رأت المبتدأة خمسة أيام دما أسود ثم أحمر وعبر أكثر الحيض وتكرر ذلك.
الشيخ: عبر يعني جاوز.
القارئ: وتكرر ذلك ثلاثا ثم رأت في الرابع دما مبهما كان حيضها أيام الدم
الأسود لأنه صار عادة لها.
فصل
القارئ: والعادة على ضربين متفقة ومختلفة فالمتفقة مثل من تحيض خمسة من كل
شهر والمختلفة مثل من تحيض في شهر ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة
ثم يعود إلى الثلاثة ثم إلى أربعة على هذا الترتيب أو في شهر ثلاثة وفي
الثاني خمسة وفي الثالث أربعة ثم تعود إلى الثلاثة فكل ما أمكن ضبطه من ذلك
فهو عادة مستقرة وما لم يمكن ضبطه نظرت إلى القدر الذي تكرر منه فجعلته
عادة كأنها رأت في شهر ثلاثة وفي شهر أربعة وفي شهر خمسة فالثلاثة حيض
لتكررها ثلاثا.
الشيخ: قوله كأنها أظن لعله كأنما أو كما لو رأت.
القارئ: كما لو رأت في شهر ثلاثة وفي شهر أربعة وفي شهر خمسة فالثلاثة حيض
لتكررها ثلاثا فإذا رأت في الرابع ستة فالأربعة حيض لتكررها ثلاثا فإذا رأت
في الخامس سبعة فالخمسة حيض وعلى هذا ما تكرر فهو حيض وما لا فلا.
باب في التلفيق
القارئ: إذا رأت يوما دما ويوما طهرا فإنها
تغتسل وتصلي في زمن الطهر لقول ابن عباس (لا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة
إلا أن تغتسل) ثم إن انقطع الدم لخمسة عشر فما دون فجميعه حيض تغتسل عقيب
كل يوم وتصلي في الطهر وإن عبر الخمسة عشر فهي مستحاضة ترد إلى عادتها فإن
كانت عادتها سبعة متوالية جلست ما وافقها من الدم فيكون حيضها منه ثلاثة
أيام أو أربعة وإن كانت ناسية فأجلسناها سبعة فكذلك وإن أجلسناها أقل الحيض
جلست يوما وليلة لا غير وإن كانت مميزة ترى يوما دما أسود ثم ترى نقاء ثم
ترى أسود إلى عشرة أيام ثم ترى دما أحمر وعبر ردت إلى التمييز فيكون حيضها
زمن الدم الأسود دون غيره ولا فرق بين أن ترى الدم زمنا يمكن أن يكون حيضا
كيوم وليلة أو دون ذلك كنصف يوم ونصف ليلة فإن كان النقاء أقل من ساعة
فالظاهر أنه ليس بطهر لأن الدم يجري تارة وينقطع أخرى وقد قالت عائشة لا
تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
الشيخ: هذا مما اختلف فيه العلماء أيضا إذا
صارت ترى يوما دما ويوما نقاء فالدم حيض والنقاء طهر وعلى هذا تغتسل في
الأسبوع سبع مرات إذا طهرت اغتسلت وصلت فإذا جاء الحيض امتنعت فإذا طهرت
منه اغتسلت وقال بعض أهل العلم إن هذا كله حيض لأن الطهر يوما ليس طهراً
إنما هو يبس أو نشاف فيعتبر كله حيضا ولا تغتسل حتى ينقطع مرة واحدة وبعض
العلماء فصل كما قال الموفق هنا إن كان ساعة أو نحوها فهو حيض فالساعة ليست
بطهر وإن زاد على ذلك فالدم حيض والنقاء طهر وشيخ الإسلام رحمه الله يرى
أنه حيض فالطهر الذي لا يكون انقطاعا بينا حيض لأن كثيرا من النساء تنشف ما
بين طلوع الشمس إلى غروبها أو غروبها إلى طلوعها أو ما أشبه ذلك وكان بعض
السلف إذا سئل عن الحيض قال ارجع إلى امرأتك لأن النساء أعرف منا بذلك وقد
ذكرت لكم أن شيخنا رحمه الله روى لنا عن بعض الطلبة أنه عجز عن تصور هذا
الحيض فقال لشيخه يا شيخ قد أراحنا الله من الحيض فأرحنا من أحكامه لأن
الفقهاء رحمهم الله شددوا ولو رجعتم أيضا لكتب الشافعية لوجدتم أشد وأشد
أظنه في شرح المهذب مائة وخمسين صفحة كتاب الحيض من التفاصيل التي تجعل
الإنسان يدور رأسه فالأقرب أن ما قاله
شيخ الإسلام هو الصواب وهو أن مجرد انقطاع الدم لمدة يسيرة بحيث لا يكون
أكثر من الدم فإنه يكون تبعا له أو نقول ما دام الطهر أقل من الدم أو مماثل
له فهو من الدم.
القارئ: وإذا رأت ثلاثة أيام دما ثم طهرت
اثني عشر يوما ثم رأته ثلاثة دما فالأول حيض لأنها رأته في زمان إمكانه
والثاني استحاضة لأنه لا يمكن أن يكون ابتداء حيض لكونه لم يتقدمه أقل
الطهر ولا من الحيض الأول لأنه يخرج عن الخمسة عشر والحيضة الواحدة لا يكون
بين طرفيها أكثر من خمسة عشر يوما فإن كان بين الدمين ثلاثة عشر يوما فأكثر
وتكرر فهما حيضتان لأنه أمكن جعل كل واحد منهما حيضة منفردة لفصل أقل الطهر
بينهما وإن أمكن جعلهما حيضة واحدة بأن لا يكون بين طرفيهما أكثر من خمسة
عشر يوما مثل أن ترى يومين دما وتطهر عشرة وترى ثلاثة دما وتكرر فهما حيضة
واحدة لأنه لم يخرج زمنهما عن مدة أكثر الحيض وعلى هذا يعتبر ما ألقى من
المسائل في التلفيق.
الشيخ: التلفيق هو كما مر التي ترى يوما دما ويوما نقاء فيكون ملفقا.
القارئ: باب في المستحاضة.
الشيخ: عندي فصل في المستحاضة.
القارئ: عندي باب في التلفيق وباب في المستحاضة أيضا.
الشيخ: عندنا فصول والظاهر التي عندي حسب الاصطلاح أحسن.
فصل في المستحاضة
القارئ: وهي التي ترى دما ليس بحيض ولا نفاس.
الشيخ: هذا الضابط في المستحاضة هي التي ترى دما ليس بحيض ولا نفاس وهذا
وإن كان تعريفا بالنفي لكن مادامت الدماء مقصورة في دم الحيض والنفاس وما
عداهما فإنه يصح التعريف بالنفي كما تقول الحرف ما ليس اسما ولا فعلا
والفعل ما ليس اسما ولا حرفا كذلك هنا الدم ما ليس بحيض ولا نفاس يسمى دم
استحاضة وقال بعضهم المستحاضة ما تجاوز دمها أكثر الحيض ولكن ما ذكره
المؤلف أعم وأشمل أن المستحاضة من ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا ولا
نفاساً.
القارئ: وحمكها حكم الطاهرات في وجوب العبادات وفعلها لأنها نجاسة غير
معتادة أشبه سلس البول.
الشيخ: لو قال المؤلف كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأنها دم عرق
فالنبي عليه الصلاة والسلام قال فيها (إنها دم عرق).
القارئ: فإن اختلط حيضها باستحاضتها فعليها
الغسل عند انقطاع الحيض لحديث فاطمة ومتى أرادت الصلاة غسلت فرجها وما
أصابها من الدم حتى إذا استنقأت عصبت فرجها واستوثقت بالشد والتلجم ثم
توضأت وصلت لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة بنت جحش حين شكت
إليه كثرة الدم أنعت لك الكرسف يعني القطن تحشي به المكان قالت إنه أشد من
ذلك فقال تلجمي وعن أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي
أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر
بثوب ثم لتصل) رواه أبو داود فإن خرج الدم بعد الوضوء لتفريط في الشد أعادت
الوضوء لأنه حدث أمكن التحرز عنه وللنسائي وابن ماجه.
الشيخ: الظاهر أنها زائدة (يعني قوله وللنسائي وابن ماجه) ويمكن عند قوله
رواه أبو داود وهو للنسائي وابن ماجه لكن تراجع أحسن.
القارئ: وإن خرج لغير تفريط فلا شيء عليها لما روت عائشة رضي الله عنها
قالت (اعتكفت مع رسول صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم
والصفرة والطست تحتها وهي تصلي) رواه البخاري ولأنه لا يمكن التحرز منه
فسقط وتصلي بطهارتها ما شاءت من الفرائض والنوافل قبل الفريضة وبعدها حتى
يخرج الوقت فتبطل به طهارتها وتستأنف الطهارة لصلاة أخرى لما روي في حديث
فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي،
قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ولأنها طهارة عذر وضرورة فتقيدت بالوقت
كالتيمم وإن توضأت قبل الوقت بطل وضوؤها بدخوله كما في التيمم.
الشيخ: الصواب الأول أننا نستدل بالحديث (توضئي لكل صلاة) وأما قولنا إنها
طهارة عذر وضرورة فتقيدت بالوقت كالتيمم فهذا غير صحيح لأن التيمم سبق أن
القول الراجح أنه لا يبطل بخروج الوقت.
القارئ: وإن انقطع دمها بعد الوضوء وكانت
عادتها انقطاعه وقتا لا يتسع للصلاة لم يؤثر انقطاعه لأنه لا يمكن الصلاة
فيه وإن لم تكن به عادة أو كانت عادتها انقطاعه مدة طويلة لزمها استئناف
الوضوء.
الشيخ: وكذلك إذا كان غير مطرد يعني لو كان جرت العادة أنه ينقطع مثلا بعد
الظهر ساعة ففي هذه الحال لا تتوضأ وضوء المستحاضة نقول انتظري حتى يأتي
الوقت الذي ينقطع فيه وإن كانت تقول لا أدري أحيانا يأتي بعد الظهر وأحيانا
بعد العصر وأحيانا ساعة وأحيانا أقل فهي في هذه الحال مضطرة تفعل ما سبق
تنجي الفرج وتنقيه وتتلجم وتتوضأ.
القارئ: وإن كان في الصلاة بطلت لأن العفو عن الدم لضرورة جريانه فيزول
بزواله وحكم من به سلس البول أو المذي أو الريح أو الجرح الذي لا يرقأ دمه
حكمها في ذلك إلا أن ما لا يمكن عصبه يصلي بحاله فقد صلى عمر وجرحه يثعب
دما.
فصل
القارئ: قال أصحابنا ولا توطأ مستحاضة لغير ضرورة لأنه أذى في الفرج أشبه
دم الحيض فإن الله تعالى قال (هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي
الْمَحِيضِ) فعلله بكونه أذى وإن خاف على نفسه العنت أبيح الوطء لأنه
يتطاول فيشق التحرز منه وحكمه أخف لعدم ثبوت أحكام الحيض فيه وحكى أبو
الخطاب فيه عن أحمد فيها روايتان.
الشيخ: فيها يعني في المستحاضة.
القارئ: إحداهما كما ذكرنا والثانية يحل مطلقا لعموم النص في حل الزوجات
وامتناع قياس المستحاضة على الحائض لمخالفتها لها في أكثر أحكامها ولأن وطء
الحائض ربما يتعدى ضرره إلى الولد فإنه قد قيل إنه يكون مجذوما بخلاف دم
الاستحاضة.
مسألة: الراجح أن المستحاضة يجوز وطؤها مطلقا والعلة ما ذكر ولأن النبي
عليه الصلاة والسلام لم يأمر أزواج النساء اللاتي استحضن في عهده بتجنبهن
ولا يصح قياسه على الحيض لأنه يخالفه حقيقة وحكما.
مسألة: المرأة المستحاضة تتوضأ لكل صلاة
لأن حدثها دائم والمتيمم لما تيمم ارتفع حدثه أما هذه فما زال يخرج منها
الدم فلا تتوضأ إلا إذا دخل الوقت.
السائل: ما معنى تهراق الدم؟
الشيخ: تهراق يعني يخرج منها الدم الكثير.
مسألة: كون الإنسان إذا جامع زوجته وهي حائض فإن الولد يخرج مجذوما الله
أعلم كلام الأطباء قد يصح وقد لا يصح.
السائل: إذا توضأت المستحاضة في بداية الوقت هل تستبيح كل ما تستبيحه
بالوضوء؟
الشيخ: نعم كل شيء إلى آخر الوقت.
السائل: المؤلف ذكر أن العادة تنقسم إلى متفقة ومختلفة ففي حال المختلفة ما
هو الراجح؟
الشيخ: الراجح أنها تنظر للأغلب من عادتها إن كان الغالب خمسة تجلس خمسة
وإذا كان الغالب أربعة تجلس أربعة.
السائل: العادة النساء يسألن عن الزيادة في كثير من الأحوال؟
الشيخ: الزيادة نرى أنها تبقى حتى تطهر إلا إذا تجاوز الخمسة عشرة.
السائل: حتى لو تكرر؟
الشيخ: قليل الذي يتكرر نعم لو تكرر وصار عادة الستة عشر فهي عادة.
السائل: لكن يا شيخ لماذا لا نقول أنها تحتاط وتصلي لأن هذا ليس متكرراً
إلى أن يتبين الأمر؟
الشيخ: ما يمكن والدم على وتيرة واحدة.
السائل: إذا كان عادتها خمسة أيام أو ستة أيام وجاء في شهر عشرة أو اثنى
عشر.
الشيخ: وهل الدم تغير؟
السائل: ما تغير على حاله الأولى؟
الشيخ: الأصل أنه حيض.
السائل: وحده بخمسة عشر؟
الشيخ: هذا الذي رأيت أخيرا لأجل ضبط المسألة لأننا إذا قلنا إن المستحاضة
هي التي يكون أكثر شهرها حيضا أو دما فيه صعوبة ما الأكثر فإذا حددناه خمسة
عشر لأن الشهر لا يزيد على ثلاثين يوماً.
السائل: لو انقطع بعد يوم أو يومين من الخمسة عشر؟
الشيخ: نقول إذا تجاوزتي الخمسة عشر فاغتسلي وصلي ولو كان الدم موجوداً.
السائل: لو كان عادة نسائها أكثر من سبعة أيام؟
الشيخ: تأخذ بها والحديث هذا في الغالب لأن كونها مثل نسائها أقل من كونها
مثل غالب النساء.
السائل: على قول شيخ الإسلام إذا تبين أن الانقطاع طهر هل تقضي الصلاة؟
الشيخ: نعم تقضي الصلاة.
فصل
القارئ: ويستحب لها الغسل لكل صلاة لأن عائشة رضي الله عنها روت (أن أم
حبيبة استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل لكل صلاة)
متفق عليه وإن جمعت بين الصلاتين بغسل واحد فهو حسن لما روي أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال لحمنة (فإن قويت أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلي
حتى تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم
تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين مع الصبح وكذلك فافعلي إن قويت على
ذلك) وهو أعجب الأمرين إلي وهو حديث صحيح وإن توضأت لوقت كل صلاة أجزأها
لما ذكرنا سابقا.
الشيخ: الحديث الأول حديث عائشة الصحيح أنه ليس فيها فأمرها أن تغتسل لكل
صلاة فالذي في الصحيحين فأمرها أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة فهو من فعلها
ولهذا قال أهل العلم والتحقيق إن الأمر باغتسال المستحاضة لكل صلاة لم يثبت
عن النبي صلى الله عليه وسلم. |