تعليقات
ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة باب النفاس
القارئ: وهو خروج الدم بسبب الولادة وحكمه حكم الحيض فما يحرم ويجب ويسقط
به لأنه حيض مجتمع احتبس لأجل الحمل فإن خرج قبل الولادة بيومين أو ثلاثة
فهو دم نفاس لأن سبب خروجه الولادة وإن خرج قبل ذلك فهو دم فساد لأنه ليس
بنفاس لبعده من الولادة ولا حيض لأن الحامل لا تحيض وأكثر النفاس أربعون
يوما.
الشيخ: ولكن يشترط فيما إذا رأته قبل الولادة أن يكون معه طلق لأن الطلق هو
الذي يدل على قرب الولادة أما إذا لم يكن معه طلق فهو دم فساد فإذا قال
قائل ما هو الضابط في دم الفساد؟ قلنا كل ما لا يصح أن يكون حيضا أو نفاسا
فهو دم فساد ومنه دم الاستحاضة لأن دم الاستحاضة قال فيه الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم (إنما ذلك عرق).
القارئ: وأكثر النفاس أربعون يوما لما روت
أم سلمة قالت (كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد
نفاسها أربعين يوما أو أربعين ليلة) رواه أبو داود، وليس لأقله حد أيَّ وقت
رأت الطهر.
السائل: هل الحامل لا تحيض؟
الشيخ: نعم لا تحيض لكن قد يستمر معها الحيض فإذا استمر على عادته ووتيرته
فهو حيض ولكن إذا توقف عند ابتداء الحمل ثم عاد فليس بحيض وقد أنكر الأطباء
المتأخرون إنكاراً تاماً أن الحامل تحيض وقالوا هذا شيء لا يمكن كما قال
الفقهاء أما شيخ الإسلام فيقول إن الحامل قد تحيض إذا كان دمها مستمرا على
ما هو عليه ولكن إذا استمر على ما هو عليه قد يقال إن هذا دليل على أنها لم
تحمل إلى الآن لكن ظنت أنها حامل وليست كذلك أما قوله رحمه الله أكثر مدة
النفاس أربعون يوما ففيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال أربعون ومنهم من
قال ستون وفي كلام شيخ الإسلام يقول إلى السبعين لكن أكثر ما رأيت في مذهب
الفقهاء المتبوعين أنه ستون يوما وعلى هذا فنقول أكثر مدة النفاس على القول
الراجح ستون يوما وما زاد على ذلك ينظر فيه إن وافق العادة فهو حيض وإن لم
يصادف العادة فإنه دم فساد، وإذا قلنا بأن أكثره أربعون فالحكم كذلك ما زاد
على الأربعين فإن وافق العادة فهو حيض وإن لم يوافق العادة فهو دم فساد أما
أقله فلا حد له قد يكون يوما أو يومين بل قالوا إنه قد تلد بدون دم إطلاقا.
القارئ: وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر فهي طاهر تغتسل وتصلي ويستحب
لزوجها الإمساك عن وطئها حتى تتم الأربعين فإن عاودها الدم في مدة النفاس
فهو نفاس لأنه في مدته أشبه الأول وعنه أنه مشكوك فيه تصوم وتصلي وتقضي
الصوم احتياطا لأن الصوم واجب بيقين فلا يجوز تركه لعارض مشكوك فيه ويجب
قضاؤه لأنه ثابت بيقين فلا يسقط بفعل مشكوك فيه ويفارق الحيض المشكوك فيه
لكثرته وتكرره ومشقة إيجاب القضاء فيه.
الشيخ: لكثرته يعني لكثرة الحيض.
القارئ: لكثرته وتكرره ومشقة إيجاب القضاء
فيه وما زاد على الأربعين فليس بنفاس وحكمها فيه حكم غير النفساء وإذا رأت
الدم وصادف عادة الحيض فهو حيض وإلا فلا.
الشيخ: يقول رحمه الله ويستحب لزوجها الإمساك عن وطئها حتى تتم الأربعين
والمذهب أنه يكره والصحيح أنه لا يكره وأنه لا يستحب الإمساك لأنه متى حلت
الصلاة وهي أعظم من الجماع حل الجماع أما إذا عاودها الدم فالصحيح الرواية
الأولى أنه نفاس لأنه أتى في زمن يصلح أن يكون نفاسا فصار نفاسا
ولاحتمال أن يكون توقف الدم في الأول لمجرد الجفاف فقط وليس طهرا أما
المذهب فإنه مشكوك فيه إذا عاد وحكمه أن نلزمها بالصلاة والصيام ثم نلزمها
بقضاء ما يجب قضاؤه على الحائض وهو الصيام والصحيح أنه لا يمكن أن يوجب
الله على العباد عبادتين فإما هذا وإما هذا.
السائل: إذا تمت الأربعين أو الستين وكانت عادتها وحيضها مضطرب يأتيها أول
الشهر وآخره ووسطه؟
الشيخ: تصلي.
فصل
القارئ: وإذا ولدت توأمين فالنفاس من الأول لأنه دم خرج عقيب الولادة فكان
نفاسا كما لو كان منفردا وآخره منه فإذا أكملت أربعين من ولادة الأول انقضت
مدتها لأنه نفاس واحد لحمل واحد فلم تزد العادة منه على أربعين وعنه أنه من
الأول ثم تستأنفه من الثاني لأن كل واحد منهما سبب للمدة فإذا اجتمعا اعتبر
أولها من الأول وآخرها من الثاني كالوطء في إيجاب العدة.
الشيخ: وهذا هو الأقرب أن يكون من الأول وآخره من الثاني وقوله (كالوطء في
إيجاب العدة) يعني كما أنه يجب إذا وطئ زوجته أن تستأنف العدة فكذلك هذه
إذا ولدت تستأنف مدة النفاس.
السائل: كم عمر الجنين الذي يحصل به النفاس؟
الشيخ: ما تبين فيه خلق الإنسان.
السائل: كم يمضي عليه من يوم؟
الشيخ: الغالب إذا مضى ثمانون يوما بدأ يخلق وقد لا يخلق لقوله تعالى (مِنْ
مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ).
السائل: قبل الثمانين ما يعتبر؟
الشيخ: قبل الثمانين ما يمكن يعني لو أسقطت قبل الثمانين فإنه دم فساد وأقل
ما يتبين فيه خلق الإنسان واحد وثمانين يوم وفي الثمانين لا يخلق. |