تعليقات
ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة (كتاب الصلاة)
الشيخ: ما يمكن يزول الماء إلا بالعصر إذا اشترطنا العدد.
القارئ: والثانية لا يعفى عنها لعدم ورود الشرع فيها.
الشيخ: عند شيخ الإسلام رحمه الله يرى أنه يعفى عن كل يسير من النجاسات حتى
من رشاش البول ولكن الصحيح أن البول وما وردت السنة بغسله لا يعفى عنه كدم
الحيض والاستحاضة وأما الدم الخارج من غير السبيلين ........ (1) لأنه ليس
في السنة ما يدل على أن ما يخرج من الآدمي نجس من الدم إلا ما خرج من
السبيلين والقاعدة الشرعية أن ما أبين من حي فهو كميتته ميتة الآدمي طاهرة
وقد ذكر الفقهاء أنفسهم رحمهم الله أن دم السمك طاهر لأن ميتته طاهرة فكذلك
الآدمي ولأنه لو قطعت يده لكانت طاهرة مع أنها ........ فالذي يظهر لي أن
الدم ليس بنجس ما لم يخرج من السبيلين وما ادعي من الإجماع على نجاسته ففيه
نظر فإن الخلاف فيه ثابت نعم لو تحققنا أن العلماء أجمعوا على نجاسته
لحكمنا بالنجاسة ثم إذا حكمنا بالنجاسة نحتاج إلى دليل عن العفو عنها
والأدلة كما ترون كلها تدل على أن الصحابة يصلون في دمائهم بجروحهم وتصيبهم
البثرة وما أشبه ذلك أما ما استحال من الدم كالقيح والصديد فإن شيخ الإسلام
يرى أنه طاهر يقول لأن هذا ليس بدم هذا استحال وكذلك ماء الجروح التي تحصل
من حرق النار وشبهها فإنه طاهر.
القارئ: وفي النبيذ روايتان إحداهما يعفى عن يسيره لوقوع الخلاف فيه
والثانية لا يعفى عنه لأن التحرز عنه ممكن وما عدا هذا من النجاسة لا يعفى
عنه شيء منه ما أدركه الطَرْف منها وما لم يدركه لأنها نجاسة لا يشق التحرز
منها فلم يعفَ عنها كالكثير.
السائل: النجاسة لا تذهب في الغالب إلا بثلاث مع أن حديث (إذا استيقظ أحدكم
.... ) لا يدل على نجاسة اليد؟
الشيخ: نعم لا يدل على نجاستها لكن يدل على أنه لابد من غسلها ثلاثاً (فإن
أحدكم لا يدري أين باتت يده).
__________
(1) هذه النقاط ( ........ ) تعني أن هناك سقطاً.
السائل: حديث (إذا استيقظ أحدكم من نومه
... ) إذا قلنا إنها من أجل النجاسة وهي نجاسة متوهمة أليس القياس في
النجاسة المحققة من باب أولى فإما أن يقول بالتعبد أو يلزم بغسل الثلاث
يعني إذا كان التوهم تغسل ثلاثة وهو قد تكون نجاسة أو لا تكون؟
الشيخ: من قال إنه توهم النجاسة؟! لأنك لو وضعت يدك في جراب وحزمتها
وربطتها تيقنت أنه ما أصابها النجاسة ولا يقال تعبدياً لكن هذا يشبه قول
الرسول عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان يبيت على خيشومه) لما أمر المستيقظ
بأن يستنثر ثلاثاً قال (فإن الشيطان يبيت على خيشومه) فهذه الأيدي ربما أن
للشيطان فيها عملاً يكون ضاراً على الإنسان وإن لم يكن نجساً.
السائل: هناك يا شيخ حيوان بحري يسمى حبار إذا حس بالخطر يخرج مادة كالحبر
فهل هذه المادة نجسة؟
الشيخ: لدينا قاعدة كل ما خرج من مأكول فهو طاهر البول من المأكول طاهر
والروث من المأكول طاهر والقيء من المأكول طاهر.
كتاب الصلاة
القارئ: الصلوات المكتوبات خمس لما روى طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً قال
(ماذا فرض الله علي من الصلاة قال خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل علي
غيرها قال لا إلا أن تطوع شيئاً) متفق عليه ولا تجب إلا على مسلم عاقل.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أن الوتر ليس بواجب لأن الحديث صريح في أنه ليس عليه
غيرها وأما ما له سبب كالكسوف وصلاة الجنازة وما أشبهها فهذه مربوطة
بأسبابها وصلاة الكسوف فيها خلاف هل هي واجبة أو لا؟ والصحيح أنها واجبة
وأنها فرض كفاية لكن لسبب كما قال بعض العلماء بأن تحية المسجد واجبة لأنها
ذات سبب أما الصلوات اليومية فإنه لا يجب إلا الصلوات الخمس فقط فإن قال
قائل والجمعة قلنا الجمعة في وقت الظهر.
القارئ: ولا تجب إلا على مسلم عاقل بالغ
فأما الكافر فلا تجب عليه أصلياً كان أو مرتدا وخرج أبو اسحاق بن شاقلا في
رواية أخرى أنها تجب على المرتد ولا يؤمر بقضائها لأنه اعتقد وجوبها وأمكنه
التسببُ إلى أدائها فأشبه المسلم والمذهب الأول لقول الله تعالى (قل للذين
كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) ولأنه قد أسلم كثير في عصر النبي صلى
الله عليه وسلم وبعده فلم يؤمروا بقضاء ولأن في إيجاب القضاء تنفيراً له عن
الإسلام فعفي عنه.
الشيخ: وهذا هو الفائدة من قولنا إنها لا تجب على الكافر أنه لا يؤمر
بقضائها إذا أسلم وأما العقوبة عليها فيعاقب عليها ولهذا إذا سألهم أصحاب
اليمين (مَاسَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ
الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا
نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ
(46) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)) فهم يعاقبون عليها في
الآخرة لكن لا يؤمرون بقضائها إذا أسلموا ولا يؤمرون بفعلها ما داموا على
الكفر لأنها لا تقبل منهم بل إن الكافر يعاقب على الأكل والشرب واللباس
لقول الله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ
لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فهي للمؤمنين
خالصة يوم القيامة وللكافرين غير خالصة.
القارئ: ولا تجب على مجنون لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن
ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) هذا
حديث حسن ولأن مدته تتطاول فيشق إيجاب القضاء عليه فعفي عنه.
ولا تجب على الصبي حتى يبلغ للحديث ولأن
الطفل لا يعقل والمدة التي يكمل فيها عقله وبنيته تخفى وتختلف فنصب الشرع
عليه علامة ظاهرة وهي البلوغ لكنه يؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر ليتمرن
ويعتادها فلا يتركها عند بلوغه وتصح صلاته ويستحب له فعلها لما ذكرنا وعنه
أنها تجب عليه إذا بلغ عشرا لكونه يعاقب على تركها.
الشيخ: كيف يعاقب بأي شيء؟ بالضرب عليها.
القارئ: والواجب ما عوقب على تركه والأول المذهب فإن بلغ في أثنائها أو
بعدها في الوقت لزمته إعادتها لأنه صلاها نفلاً فلم تجزه عما أدرك وقته من
الفرض كما لو نواها نفلا.
الشيخ: والصحيح خلاف ذلك أن الصبي إذا صلى ثم بلغ بعد الصلاة فإنه لا يؤمر
بها لأنه فعل ما أمر به فسقطت المطالبة به قولهم إنه فعلها على نفل قلنا
نعم فعلها على نفل لأنها وقعت في حال قبل أن يبلغ وأما ........ الظهر
الصبي هذا الذي صلى ينويها صلاة الظهر لكنها نافلة لوصف يتعلق به هو لا بها
هي.
القارئ: وإن بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض قبل
غروب الشمس لزمتهم الظهر والعصر وإن كان ذلك قبل طلوع الفجر لزمتهم المغرب
والعشاء لأن ذلك يروى عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس ولأن وقتهما وقت لكل
واحدة منهما حال العذر فأشبه ما لو أدرك جزءاً من وقت الأولى وإن بلغ في
وقت الفجر.
الشيخ: هذه المسألة فيها مناقشتان الأولى
إذا طهرت المرأة أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو أسلم الكافر قبل خروج وقت
الثانية مما يجمع بعضهما إلى بعض فذكر المؤلف أنه تلزمه الصلاتان الأولى
والثانية والصحيح أنه لا تلزمه إلا الثانية فقط لقول النبي صلى الله عليه
وسلم (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وفي رواية أخرى (من أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) ولم يبين أن عليه الظهر
ولأن الأثر المروي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس في صحته نظر وحتى لو صح
عنهما فالدليل يخالفه فالصواب أنه لا يلزمها إلا ما أدركت وقته فقط فإذا
طهرت قبل مغيب الشمس ماذا يلزمها؟ العصر فقط وكذلك إذا بلغ الصبي أو أفاق
المجنون أو أسلم الكافر.
المناقشة الثانية قوله وإن كان ذلك قبل
طلوع الفجر لزمتهم المغرب والعشاء الصواب أنه لا يلزمهم لا مغرب ولا عشاء
إذا كان ذلك بعد منتصف الليل لأن وقت العشاء ينتهى بنصف الليل فإن الآية
والأحاديث تدل على ذلك أما الآية فقال الله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) ثم فصل فقال (وَقُرْآنَ
الْفَجْرِ) ولو كان وقت العشاء متصلاً بالفجر لقال أقم الصلاة لدلوك الشمس
إلى طلوع الشمس ثم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حديث جبريل كلها صريحة
بأن منتهى صلاة العشاء نصف الليل وإذا كان هذا هو المنتهى فلا يمكن أن نزيد
الوقت من عند أنفسنا ولأن القياس يقتضي ذلك فإن ما بين الفجر إلى الظهر نصف
النهار وما بين انتهاء صلاة العشاء إلى الفجر نصف الليل فكان هذا مقابل هذا
وأما قوله رحمه الله ولأن وقتهما وقت لكل واحدة منهما حال العذر فأشبه ما
لو أدرك جزءاً من وقت الأولى فهذا فيه نظر أولاً يقال له إن الوقت وقت لكل
واحدة منهما حال العذر صحيح لكن هذا فيمن يلزمه الصلاتان هذه واحدة ثم إن
هذا منقوض بما لو أتاها الحيض بعد دخول وقت الظهر في منتصف وقت الظهر أتاها
الحيض وهي ولم تصلي الظهر هل تلزمها صلاة العصر؟ لا إذاً ما الفرق؟!
وقوله فأشبه ما لو أدرك جزءاً من وقت الأولى هذا غريب لأنه لو أدرك جزءاً
من وقت الأولى فقد أدرك الوقتيين جميعاً إذا أدرك جزءاً من وقت الأولى
فالثانية بالتأكيد أدركها سبحان الله أحياناً تجري من العلماء الفطاحل
أشياء يعرفها صغار طلبة العلم وهذا يدلنا على أن الإنسان بشر مهما كان لابد
أن يدخل عليه النقص.
القارئ: وإن بلغ في وقت الفجر لم يلزمه غيرها لأن وقتها مختص بها.
وتجب الصلاة على المغمى عليه لمرض أو شرب دواء وعلى السكران لأن عماراً
أغمي عليه فقضى ما فاته ولأن مدته لا تتطاول ولا تثبت الولاية عليه فوجبت
عليه كالنائم.
الشيخ: قوله تجب الصلاة على المغمى عليه
لمرض والصحيح أن من أغمي عليه لمرض لا تجب عليه الصلاة لأن هذا الإغماء
بغير اختياره ولا يمكن قياسه على النائم لأن النائم إذا أوقظ استيقظ وإذا
سمع أصوات عنده أحس بها بخلاف هذا وأما قوله ولا تثبت عليه الولاية كالنائم
فسبحان الله العظيم نحن الآن في مقام الولاية أو في مقام وجوب الصلاة
أحياناً يقولون أقيسة غريبة وأما من شرب دواءً أو سكر فإن الصلاة تجب عليه
لأن هذا حصل باختياره فلزمته والسكران من باب أولى لكن قد يقول قائل ألستم
تقولون إذا أخر الصلاة عن وقتها متعمداً فإنه لا يقضيها قلنا بلى لكن هل
هذا شرب الدواء لئلا يصلي إن شربه لئلا يصلي قلنا ما تقبل صلاته بعد ذلك
كذلك إن سكر لئلا يصلي فإنه لا يقضيها لأنه كالذي أخرها بدون سكر وبدون شرب
دواء.
فصل
القارئ: ومن وجبت عليه الصلاة لم يجز له تأخيرها عن وقتها إذا كان ذاكراً
لها قادراً على فعلها إلا المتشاغل بتحقيق شرطها ومن أراد الجمع لعذر.
الشيخ: قال من وجبت عليه الصلاة لم يجز له تأخيرها عن وقتها لأن الله قال
(إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) هذا
إن كان ذاكراً لها فإن كان ناسياً صلاها إذا ذكر لقول النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
قوله (قادراً على فعلها) هذا فيه نظر لأنه ما من إنسان إلا ويقدر فلا يقول
إنسان والله أنا ما أقدر أصلي الآن سأخرها إلى الوقت الثاني فالصواب أن
الإنسان يصلي على حسب قدرته ولا حاجة لأن يشترط قادراً على فعلها.
قوله (إلا لمتشاغل بتحقيق شرطها) هذا أيضاً فيه نظر من وجهين:
الوجه الأول أن الأصحاب الذين استثنوا هذا
قالوا إلا لمتشاغل بشرطها الذي يحصله قريباً مثل لو كان معه ثوب يخيطه
فتضايق عليه الوقت وليس عنده إلا هذا الثوب فهل ينتظر حتى تتم خياطته ثم
يصلي بعد الوقت أو يصلي في الوقت عرياناً؟ الصواب أنه يصلي في الوقت
عرياناً لأن الوقت مقدم على كل شيء إلا إذا كانت الصلاة مما يجمع إلى ما
بعدها فهنا تدخل في المسألة الأخيرة قال ومن أراد الجمع لعذر فصار في كلام
المؤلف قادر على فعلها متشاغل بتحقيق شرطها هذا كله فيه نظر.
الوجه الثاني أن هذا الاستثناء غير صحيح بل نقول صلِّ الصلاة لوقتها إن تمت
شروطها فذاك وإن لم تتم فما استطعت فافعل وما لم تستطع يسقط عنك.
القارئ: فإن جحد وجوبها كفر لأنه كذب الله تعالى في خبره.
الشيخ: خبره في قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَاباً مَوْقُوتاً) أي مفروضة.
فيكون كذب الله في خبره هذا وجه والثاني أنه أنكر ما يعلم بالضرورة من دين
الإسلام فإن وجوب الصلاة أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام كمن أنكر تحريم
الزنا مثلاً وهل يستثنى من ذلك شيء؟ نعم يستثنى من عاش في مكان بعيد ومن
كان حديث عهد بإسلام ويجهل وجوب الصلاة فهذا إذا أنكر فلا شيء عليه ولا
يقتل عمر رضي الله عنه أنكر آية من القرآن لأنه لم يعلم بها في قصة الرجل
الذي سمعه يقرأ سورة الفرقان بغير ما كان الرسول أقرأها عمر فأمسكه وأنكر
عليه وقال هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤوا إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم فقال أقرأها فقال نعم هكذا أنزلت فالمهم أن من أنكر
الشيء لجهله به فإنه لا يكفر.
القارئ: وإن تركها تهاوناً بها معتقداً
وجوبها وجب قتله لقول الله تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) إلى قوله
(فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا
سَبِيلَهُمْ) فدل على أنهم إذا لم يقيموا الصلاة يقتلون ولأن الصحابة رضي
الله عنهم أجمعوا
[سقط من قراءة الكافي بمقدار 11 سطر مع شرحه]
باب
أوقات الصلوات
الأولى هي الظهر لما روى أبو برزة الأسلمي قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس يعني تزول في
حديث طويل متفق عليه وأول وقتها إذا زالت الشمس وآخره إذا كان ظل كل شيء
مثله بعد القدر الذي زالت الشمس عليه.
الشيخ: زالت أي مالت عن وسط السماء إلى جهة المغرب وعلامة ذلك أنه إذا طلعت
الشمس صار لكل شاخص قائم ظل كلما ارتفعت الشمس نقص هذا الظل فإذا بدأ يزيد
بعد تناهي نقصانه فأول زيادة ولو كالشعرة هي علامة الزوال يتضائل بالكلية
اللهم إلا في خط الاستواء لكن بالنسبة لمنطقة ........ يبقى ظل لكنه في
الشتاء يكون كثيراً وفي الصيف ........ هل نحن من أصل هذا الشيء أو من الظل
الذي زالت عليه الشمس؟ الثاني من الظل الذي زالت عليه الشمس فلو فرض أن
الشمس زالت على ظل بقدر نصف الشاخص فإننا نضيف إليه الشاخص كاملاً ويكون ما
بين أصل الشاخص إلى منتهى الظل طوله مرة ونصف لماذا لأن الظل الذي زالت
عليه الشمس لا يحسب مثلاً ضع شيئاً قائماً إذا طلعت الشمس فظله طويل وكلما
ارتفعت نقص إذا بدأ الظل يزيد بعد النقص فهذا علامة زوال الشمس ضع عليه
علامة مثل خط ثم لا يزال الظل ينمو إذا كان من هذه العلامة إلى منتهى طول
هذه انتهى وقت الظهر ودخل وقت العصر ولا تحسب الظل الذي زالت عليه الشمس
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان ظل كل شيء مثله).
القارئ: لما روى ابن عباس أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر وفي المرة
الأولى حين زالت الشمس والفئ مثل الشراك ثم صلى بي في المرة الأخيرة حين
صار ظل كل شيء مثله وقال الوقت بين هاذين في حديث طويل قال الترمذي هو حديث
حسن ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد تناهي قصره والأفضل تعجيلها.
الشيخ: قوله بطول الظل أي ببدء طول الظل.
القارئ: لحديث أبي برزة إلا في شدة الحر فإنه يستحب الإبراد بها لقول النبي
صلى الله عليه وسلم (أبردوا بالظهر في شدة الحر فإن شدة الحر من فيح جهنم)
متفق عليه.
الشيخ: الإبراد معناه الصلاة حتى يبرد الوقت يعني إلى قرب العصر يبرد
........
وهل الأمر هنا رخصة أو عبادة فمن العلماء من قال إنه رخصة وبناءً على ذلك
إذا كان الأهون للناس أن لا يبرد فإنه لا يسن الإبراد ومنهم من قال هو
عبادة وبناءً على ذلك يسن الإبراد مطلقاً ما لم يشق فعلى الوجه الأول أنه
رخصة نقول الإبراد في زمننا لا داعي له لأنه يوجد مكيفات والبرود ومن قال
إنه سنة قال يسن الإبراد ولو لم يكن هناك أدنى مشقة.
السائل: قال صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله هل هذا يدل
على كفر من ترك بعض الصلوات؟
الشيخ: هذه استدل بها من قال ترك صلاة واحدة توجب الكفر لأن حبوط العمل
........ لكن أجاب العلماء الآخرون قالوا المراد إما عمل ذلك اليوم أو
المعنى حبط أي قارب الحبوط مثل ما يعبر إذا دخل الخلاء يعني قارب الدخول
وهذا تحريف لأنهم قالوا بناءً ........ على كفر من ترك الصلاة واحدة أو لا
يكفر مطلقاً بترك الصلاة والمعنى الصحيح أنه حبط عمله الذي يظهر والله أعلم
إما ذلك اليوم أو حبط عمله لو صلاها فإنها لا تقبل منه.
فصل
القارئ: ثم العصر وهي الوسطى لما روى علي قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم الأحزاب (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم
وقبورهم نارا) متفق عليه.
وأول وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله وآخره
إذا صار ظل كل شيء مثليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل
(وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله ثم صلى بي في المرة الآخرة حين صار
ظل كل شيء مثليه) وعنه أن آخره ما لم تصفر الشمس لما روى عبد الله بن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (وقت العصر ما لم تصفر الشمس) رواه
مسلم ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز إلى غروب الشمس ومن أدرك منها
جزءاً قبل الغروب فقد أدركها لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال (من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته)
متفق عليه وتعجيلها أفضل بكل حال لقول أبي برزة في حديثه (كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة
والشمس حية) متفق عليه.
الشيخ: والفرق بين الحديثين ليس ببعيد يعني حديث أن يصير ظل كل شيء مثليه
وحديث (مالم تصفر الشمس) ليس بينهما فرق بعيد لأنها إذا اصفرت فقد صار ظل
كل شيء مثليه وإذا صار ظل كل شيء مثليه أصابت الاصفرار لكن يبقى هل ينتهي
الوقت بهذا أو يمتد إلى الغروب؟ يمتد إلى الغروب لكن ما بين هذا الوقت
والغروب وقت ضرورة ودليل امتداده إلى الغروب قوله صلى الله عليه وسلم (من
أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) وليت المؤلف جاء
بهذا اللفظ لأنه أوضح من قوله (فليتم صلاته) لأن هذا ليس فيه إشارة إلى أنه
أدرك ففيه الأمر بالإتمام وهذا يحصل سواء أدرك أو لم يدرك على كل حال قد
ثبت (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر).
فصل
القارئ: ثم المغرب وهي الوتر وأول وقتها
إذا غابت الشمس وآخره إذا غاب الشفق الأحمر لما روى بريدة أن النبي صلى
الله عليه وسلم أمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس ثم صلى المغرب في
اليوم الثاني حين غاب الشفق ثم قال (وقت صلاتكم بين ما رأيتم) رواه مسلم
وفي حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وقت المغرب ما
لم يغب الشفق) ويكره تأخيرها عن وقتها لأن جبريل عليه الصلاة والسلام صلاها
بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليومين في أول وقتها وقال جابر (كان النبي
صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا وجبت الشمس) متفق عليه.
الشيخ: والصحيح عدم الكراهة الصحيح أنها كغيرها الوقت فيها موسع ولكن
الأفضل تقديمها.
فصل
القارئ: ثم العشاء وأول وقتها إذا غاب الشفق الأحمر وآخره ثلث الليل لما
روى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء في اليوم الأول حين غاب
الشفق وصلاها في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل وحديث ابن عباس في صلاة
جبريل مثله وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الشفق الحمرة
فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة) رواه الدارقطني وعنه آخره نصف الليل لما روى
عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وقت العشاء إلى نصف
الليل) رواه مسلم وأبو داود والأفضل تأخيرها لقول أبي برزة كان النبي صلى
الله عليه وسلم يستحب أن يؤخر العشاء متفق عليه ويستحب أن يراعي حال
المأمومين لقول جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء أحياناً
يقدمها وأحياناً يؤخرها إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطؤوا أخر متفق
عليه ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني على ما
ذكرنا في وقت العصر.
الشيخ: كل ما ذكره صحيح والصحيح أنه يمتد
الوقت إلى نصف الليل وقال العلماء ولعل الخلاف بين حديث جبريل وحديث عبد
الله بن عمرو هو أنه هل المعتبر في الليل إلى طلوع الفجر أو إلى طلوع الشمس
فإن ما بين طلوع ........ يكاد يكون هو الفرق بين الثلث والنصف لا سيما في
أيام الصيف وعلى كل حال ........ هناك وجه آخر أن حديث جبريل إلى ثلث الليل
يعني الفعل إلى ثلث الليل فإذا جاءت ........ فصلى والنهاية إلى نصف الليل
وإذا قدر أنه لم يصح لا هذا الوجه ولا هذا الوجه وجب الأخذ بالزيادة
........ معه زيادة علم فعلى هذا يكون المعتمد في صلاة العشاء نصف الليل
وقوله ويبقى وقت الجواز في هذا نظر عظيم لأن ........ مراد الشيخ رحمه الله
في جواز يعني وقت الأداء فهذا ........ عصر لحديث (من أدرك ركعة من العصر
قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) وإن كان مراده بالجواز ........ لهذا
الوقت فغلط لأن العلماء قد نصوا نصاً صريحاً على أن ما بعد نصف الليل إلى
طلوع ........ الوقت ضرورة وكذلك العصر وقوله يبقى إلى طلوع الفجر على ما
ذكرت فيه نظر أيضاً يعني امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر فيه نظر فليس
عليه دليل لا من القرآن ولا من السنة ولا من القياس الصحيح ولا الإجماع
فليس في قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح والصحيح أن وقت العشاء إلى
نصف الليل وأن من أخرها إلى ما بعد نصف الليل متعمداً فلا صلاة له ........
وأن الحائض لو طهرت بعد منتصف الليل لم يلزمها صلاة العشاء لأنها طهرت بعد
الوقت والدليل حديث ابن عمرو وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل) ........
والآية الكريمة تشير إلى هذا وهي قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فصل قرآن الفجر
يعني صلاة الفجر فمن دلوك الشمس يعني زوالها إلى غسق الليل كلها أوقات
متواصلة ........ إلى جنب بعض فصلاة الليل ........
وظلمته وهو منتصف هذا فاصل وقرآن الفجر ولا
يصح أن تقاس على العصر لأن ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر وقت صلاة تهجد
وما بعد اصفرار الشمس إلى غروب الشمس وقت نهي فلا يصح القياس ........ أن
الفجر منفردة لا يتصل بها وقت صلاة من أولها ولا من آخرها يفصل ........ في
الليل نصف الليل الأخير وفي النهار نصف النهار الأول.
السائل: يتعذر تحديد نصف الليل؟
الشيخ: أما والساعات بين أيدينا فليس بصعب إطلاقاً إذا قدرنا أن الشمس تغرب
الساعة الثانية عشرة والفجر يطلع الساعة الثانية عشرة فمتى يكون نصف الليل؟
الساعة السادسة.
السائل: كيف يجمع بين حديث بريدة في وقت المغرب (ثم صلى المغرب في اليوم
الثاني حين غاب الشفق) وبين حديث ابن عمر في وقت صلاة العشاء (فإذا غاب
الشفق وجبت الصلاة)؟
الشيخ: صحيح إذا غاب الشفق خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء ليس بينهما
فاصل، ومعنى غاب: أي قرب غيابه يعني انتهى من الصلاة حين غاب الشفق.
فصل
القارئ: ثم الفجر وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني بغير خلاف وهو البياض
الذي يبدو من قبل المشرق معترضاً لا ظلمة بعده وآخره إذا طلعت الشمس لما
روى بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بلالاً فأقام الفجر حين طلع
الفجر فلما كان اليوم الثاني صلى الفجر فأسفر بها ثم قال (وقت صلاتكم ما
بين ما رأيتم) وفي حديث ابن عباس في حديث جبريل مثله والأفضل تعجيلها لما
روت عائشة قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه
نساء من المؤمنات ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس متفق عليه
وعنه يراعي حال المأمومين فإن أسفروا فالإسفار أفضل لما ذكرنا في العشاء.
الشيخ: قول المؤلف رحمه الله تعالى وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق
معترضاً لا ظلمة بعده هذا الفجر الثاني ويسمى الفجر الصادق ويتميز بعضهما
عن بعض بأمور ثلاثة:
أولاً الكاذب مستطيل والصادق معترض.
الثاني الكاذب يظلم والصادق لا ظلمة بعده.
الثالث الكاذب بينه وبين الأفق انفصال بسواد الليل والصادق ليس بينه وبين
الأفق انفصال بل البياض متصل.
وما ذكره من قوله وعنه يراعي حال المأموم وعنه _ يعني عن الإمام أحمد_
والصحيح الأول أن الأفضل تعجيلها ولكن إن راعى حال المأموم مراعاة ليست
كثيرة كما لو راعاهم في أيام الصيف في قصر الليل فهذا لا بأس به لكن أن
يراعيهم حتى يسفر أو يكون قرب طلوع الشمس لا.
السائل: ذكرتم فيما قبل بأن الإقامة يطلق عليها أذان وذكرتم بعض الأحاديث
فقلتم أظنه في بعض الأحاديث أنه أطلق الإقامة على الأذان ألا يكفي هذا
الحديث فأقام الفجر حين طلع الفجر؟
الشيخ: لا، أقام الفجر يعني صلاها مثل إقام الصلاة فيصبح قوله أمر بلالاً
فأقام الفجر أي أمر بلالاً فأذن فأقام النبي صلى الله عليه وسلم الفجر
فالجملة فيها حذف.
السائل: هل الأذان بعد طلوع الفجر أو قبل لأن في الحديث (أمر بلالاً فأقام
الفجر حين طلع الفجر)؟
الشيخ: لا الأذان بعد طلوع الفجر وأصلاً كلمة (حين) تكون قبله بيسير أو معه
أو بعده بيسير.
السائل: يقول المؤلف (فإن أسفر فالإسفار أفضل لما ذكرنا في العشاء) فما وجه
القياس؟
الشيخ: أن الرسول كان يراعي المأمومين في العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا
رآهم أبطؤوا أخر ولكن هذه الرواية في مقابلة النص لأن الرسول كان يبادر
بالصبح.
السائل: ما معنى الغلس؟
الشيخ: الغلس الظلمة.
فصل
القارئ: وتجب الصلاة بأول الوقت لأن الأمر
بها يتعلق بأول وقتها والأمر يقتضي الوجوب ولأنه سبب الوجوب فتثبت عقيبه
كسائر الأسباب ويستقر الوجوب بذلك فلو جن بعد دخول جزء من وقت الصلاة أو
حاضت المرأة لزمهما القضاء لأنه إدراك جزء تجب به الصلاة فاستقرت به كآخر
الوقت وهل تجب العصر بإدراك جزء من وقت الظهر فيه وجهان أحدهما تجب لأنه
أدرك جزءاً من وقت إحدى صلاتي الجمع فلزمته الأخرى كإدراك جزء من وقت العصر
والثاني لا تجب لأنه لم يدرك شيئاً من وقتها ولا وقتِ تبعها فأشبه من لم
يدرك شيئاً بخلاف العصر فإنها تفعل تبعاً للظهر فمدرك وقتها مدرك لجزء من
وقت تبع الظهر وكذا القول في المغرب والعشاء ومن أدرك ركعة من الصلاة قبل
خروج الوقت فهو مدرك لها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وفي لفظ (إذا أدرك أحدكم
سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح
فليتم صلاته) متفق عليه وفي مدرك أقل من ركعة وجهان أحدهما يكون مدركاً لها
لأنه إدراك جزء من الصلاة فاستوى فيه الركعة وما دونها كإدراك الجماعة
والثاني لا يكون مدركاً لها لتخصيصه الإدراك بالركعة وقياساً على إدراك
الجمعة.
الشيخ: والصواب أنه لا يدرك إلا بإدراك
ركعة سواء من أول الوقت أو آخره والصواب أيضاً أنه لا تجب الصلاة التي تجمع
للأخرى إذا أدرك جزءاً من إحدى الصلاتين فلو أدركت المرأة جزءاً من صلاة
الظهر ثم حاضت فإنه لا يلزمها إلا قضاء الظهر ولو طهرت قبل خروج وقت العصر
فإنه لا يلزمها إلا صلاة العصر هذا هو الصحيح وقال بعض العلماء إنه لا
يلزمها القضاء إذا أدركت من أول الوقت مقدار ركعة أو أكثر لا يلزمها القضاء
حتى يضيق الوقت وعللوا ذلك بأن لها أن تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها فهي لم
تفرط بل فعلت ما يؤذن فيه وما ترتب على المأذون فليس بمضمون ولا يلزم
القضاء وعلى هذا فإذا حاضت المرأة في منتصف وقت صلاة الظهر فإنه لا يلزمها
قضاء صلاة الظهر لماذا لأن لها أن تؤخر إلى آخر الوقت فهي لم تفرط وعلى هذا
فلا يلزمها القضاء وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولكن
الاحتياط القول الأول أنها إذا أدركت من الوقت مقدار ركعة ثم حاضت لزمها
قضاء الصلاة التي أدركت من وقتها مقدار ركعة.
السائل: إذا أدركت المرأة أقل من ركعة ثم حاضت هل يلزمها القضاء؟
الشيخ: ما يلزمها وفيه الخلاف الذي ذكره المؤلف.
السائل: صلاة الوتر إذا قام بعد أذان الفجر علماً بأن بعض المؤذنين يؤذنون
قبل الوقت فهل يصلي الوتر أم يتركه؟
الشيخ: يصلي ركعة ما دام أنه يؤذن.
فصل
القارئ: ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها لأن جبريل عليه السلام صلى
بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني في آخر الوقت فإن أخرها عن
وقتها لزمه قضاؤها على الفور لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نام عن
صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) متفق عليه فإن فاتته صلوات لزمه قضاؤهن
مرتبات لأنهن صلوات مؤقتات فوجب الترتيب فيها كالمجموعتين فإن خشي فوات
الحاضرة قدمها لأن لا تصير فائتة ولأن فعل الحاضرة آكد بدليل أنه يقتل
بتركها بخلاف الفائتة وعنه لا يسقط الترتيب لما ذكرنا من القياس.
الشيخ: والصحيح أنه يسقط الترتيب لخوف فوت
الوقت كما قال أولاً واختلف العلماء هل يسقط بخوف فوت الجماعة أو لا
والصحيح أنه لا يسقط لأنه يمكنه أن يصلي بنية المقضية فمثلاً إذا كان عليه
صلاة الظهر ثم حضر والناس يصلون صلاة العصر ولم يصل الظهر فإننا نقول له
ادخل معهم بنية الظهر أو أنه عليه صلاة العصر وأدرك معهم صلاة المغرب نقول
ادخل معهم بنية صلاة العصر واقضِ ما تتم به صلاتك هذا هو الصحيح فلا يسقط
الترتيب إلا بخوف خروج وقت الحاضرة وكذلك أيضاً بالنسيان لو نسي وصلى صلاة
غير مرتبة فإنه لا يلزمه الإعادة العشاء كذلك ينوي المأموم المغرب فإذا قام
الإمام للرابعة وقد أتم المأموم الثلاث يجلس ويتشهد ويسلم ويلحق الإمام
فيما بقي من صلاة العشاء.
السائل: إذا وجبت عليه الصلاة مسافراً ثم أقام فهل يتم أم يقصر؟
الشيخ: يصلي أربعاً.
السائل: صلى العشاء ونسي صلاة المغرب ثم تذكرها بعد العشاء بساعتين؟
الشيخ: يصلي المغرب ولا شيء عليه.
القارئ: وإن نسي الفائتة حتى صلى الحاضرة سقط الترتيب وقضى الفائتة وحدها
لقول النبي صلى الله عليه وسلم (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان) رواه النسائي
وإن ذكرها في الحاضرة والوقت ضيق فكذلك وإن كان متسعاً وهو مأموم أتمها
وقضى الفائتة وأعاد الحاضرة لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال (من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصلِّ مع الإمام
فإذا فرغ من صلاته فليعد التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام)
رواه أبو حفص العكبري وأبو يعلا الموصلي وروي موقوفاً عن ابن عمر.
الشيخ: هو للموقوف أقرب هذا إن صح عن ابن
عمر ولو موقوفاً لأن الله عز وجل لا يوجب على الإنسان أن يصلي مرتين في وقت
واحد وهذا حديث مقتضاه أنه يجب عليه صلاتان في وقت واحد والصواب خلاف ما دل
عليه هذا الأثر وأنه إذا ذكر الفائتة وهو في الحاضرة أتمها حاضرة لأنه دخل
في الحاضرة معذوراً ناسياً فيتمها ولا يجوز أن يخرج منها من أجل الترتيب
وقد سقط بالنسيان فالآن نقول إذا ذكر فائتة وهو يصلي حاضرة إن كان مع ضيق
الوقت فماذا يصنع؟ كلام المؤلف يتم الحاضرة هو الآن فيها لما صلى ركعتين
ذكر أنه ما صلى الصلاة التى قبلها نقول إذا كان الوقت ضيقاً فأتمها ليس
هناك إشكال لكن إذا كان الوقت متسعاً وذكرت وقد شرعت في الحاضرة فإن الصحيح
أنك لا تقطعها تبقى مستمراً فيها وتعليل ذلك أنك دخلت فيها وأنت معذور
ولزمتك فريضة فلا يمكن أن تخرج منها بل يجب أن تبقى فيها وتستمر ثم إذا
فرغت تصلي الفائتة.
القارئ: وفي المنفرد روايتان إحداهما أنه كذلك والآخرى يقطعها وعنه في
الإمام أنه ينصرف ويستأنف المأمومون قال أبو بكر لم ينقلها غير حرب وإن
كثرت الفوائت قضاها متتابعة ما لم تشغله عن معيشته أو تضعفه في بدنه حتى
يخشى فوات الحاضرة فليصلها ثم يعود إلى القضاء وعنه إذا كثرت الفوائت فلم
يمكنه فعلها قبل فوات الحاضرة فله فعل الحاضرة في أول وقتها لعدم الفائدة
في التأخير مع لزوم الإخلال بالترتيب.
الشيخ: إذا كثرت الفوائت فإنه يصليها مرتبة
حتى يضيق وقت الحاضرة فإذا ضاق وقت الحاضرة يصلي الحاضرة ثم يعود ويكمل وعن
الإمام أحمد رواية أنه إذا علم أنه لن يدرك الفوائت قبل خروج وقت الحاضرة
فإنه يصلي الحاضرة في أول وقتها من أجل أن ينال فضيلة أول الوقت ولأنه لابد
أن يصلي هذه الحاضرة صلاة يخل فيها بالترتيب هذا إنسان عليه عشرة أيام
صلوات خمسين صلاة شرع فيها بعد زوال الشمس يقضيها لما أتم خمسة أيام ضاق
وقت الظهر ماذا نقول له؟ نقول صل الظهر ثم عد وأكمل خمساً وعشرين صلاة هكذا
على قول المؤلف وهناك رواية عن أحمد يقول يصلي الظهر في أول وقتها ولا حاجة
للتأخير لماذا لأنه يعلم أنه لا فائدة من التأخير الفصل بين الفوائت سيكون
على كل حال وإذا لم يكن فائدة في التأخير فليصلها في أول الوقت لأنه أفضل
والراجح أنه يصليها في أول وقتها لأنه كما قال لا فائدة في التأخير
والتقديم فيه فائدة وهي الحصول على فضيلة أول الوقت.
السائل: لو ذكر الفوائت في وقت مكروه هل يصليها؟
الشيخ: يصلي.
السائل: إذا قلنا يشترط الترتيب هذا لا ينافي القول بالإعادة والوقت لم
يخرج لأن الترتيب شرط وواجب؟
الشيخ: نعم لكنه شرط يسقط بالنسيان وليس هو شرط لا تصح الصلاة إلا به يعني
ليس كاشتراط الغسل من الجنابة والوضوء من الحدث ووجه التفريق أن هذا في
الكيفية لا في ذات العبادة فالعبادة الآن كلها تامة ما فيها إلا تقديم
وتأخير فقط ولهذا سمح فيه بالنسيان وسمح فيه بالجهل وسمح فيه بخوف فوت وقت
الحاضرة وسمح فيه على قول بخوف فوات صلاة الجماعة فإذا قيل إن هذا واجب أخل
به ويستطيع استدراكه بالإعادة فنقول وجوبه فيه نظر لكن حتى على القول
بالوجوب فوجوبه ليس كوجوب التشهد في الصلاة مثلاً، ولا يمكن استدراكه
بالإعادة لأن الله لم يكلف الصلاة مرتين فيحتاج إلى دليل على إيجاب الإعادة
فهذا يقول أنا شرعت في الصلاة في وقت مأذون لي فيه فسأكمل الصلاة.
السائل: لو أنه تذكر الفائتة بعد قوله
(الله) من تكبيرة الإحرام؟
الشيخ: إلى الآن ما دخل في الصلاة لأنه لا يدخل في الصلاة حتى يتم التكبير
فلو قال أثم تذكر قلنا الغ هذا التكبير.
فصل
القارئ: ومن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها لزمه خمس صلاة ينوي في كل واحدة
أنها المكتوبة ليحصل له تأدية فرضه بيقين وإن نسي ظهراً وعصراً من يومين لا
يدري أيتهما الأولى لزمه ثلاث صلوات ظهراً ثم عصراً ثم ظهراً أو عصراً ثم
ظهراً ثم عصراً ليحصل له ترتيبها بيقين.
الشيخ: هذا بناءً على أنه لا يجوز التحري في هذه المسائل والصواب أنه يجوز
له التحري ويعمل بما يغلب على ظنه فإن لم يغلب على ظنه قلنا حينئذٍ يسقط
الترتيب وصلِّ الظهر ثم العصر لأن الأصل أن الظهر هي الأولى.
السائل: لو ترك خمس صلوات متعمداً فهل يصح أن يقضيها؟
الشيخ: مراراً وتكراراً قواعد وجزئيات ماذا قلنا كل عبادة مؤقتة إذا أخرها
عن وقتها فإنها لا تقبل منه وليس عليه إلا التوبة كل عبادة حتى رمضان لو
ترك الصيام عمداً ولم يصم فلا قضاء عليه ولكن عليه التوبة والقضاء هذا
بناءً على أنه يقضيها ولوتعمد تأخيرها أو بناءً على أنه نسي والناسي معذور
يقضي عرفت أو على أنه جاهل إذا قلنا بأنه لا يعذر بالجهل في ترك الصلاة.
فصل
القارئ: ومن شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن أو يغلب على ظنه ذلك بدليل
فإن أخبره ثقة عن علم عمل به وإن أخبره عن اجتهاد لم يقلده واجتهد حتى يغلب
على ظنه دخوله وإن صلى فبان أنه وافق الوقت أو بعده أجزأه لأنه صلى بعد
الوجوب وإن وافق قبله لم يجزه لأنه صلى قبل الوجوب.
الشيخ: الصحيح أن من شك في دخول الوقت فإنه لا يصلي لأنه من شرط صحة الصلاة
دخول الوقت لكن له أن يصلي بغلبة الظن أما بالنسبة للمخبر فإن أخبره ثقة عن
علم بأن قال رأيت الشمس غربت فله أن يصلي وإن أخبره عن اجتهاد فإنه لا يصلي
بقوله لأننا نقول أنت اجتهد أيضاً ولكن الصحيح أنه أخبره عن اجتهاد وهو لا
يعرف كيف يجتهد في دخول الوقت فإنه يتبع قوله لأن الله يقول (فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) لكن إذا صلى فبان أنه قبل الوقت صارت نفلاً
ولزمه القضاء وإن تبين أنها بعد الوقت فالأمر ظاهر.
السائل: إذا كان مريضاً على فراشه أربع سنين مغمى عليه؟
الشيخ: في حالة إغماء لا شيء عليه.
السائل: إذا صلى الفائتة مع الجماعة مأموماً أفلا يكون مخالفاً في النية؟
الشيخ: المخالفة في النية ما تضر. |