تعليقات
ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة باب الأذان
القارئ: الأذان مشروع للصلوات الخمس دون غيرها وهو من فروض الكفاية لأنه من
شعائر الإسلام الظاهرة فلم يجز تعطيله كالجهاد فإن اتفق أهل بلد على تركه
قوتلوا عليه وإن أذن واحد في المصر أسقط الفرض عن أهله ولا يجزئ الأذان قبل
الوقت لأنه لا يحصل المقصود منه إلا الفجر فإنه يجزئ الأذان لها بعد نصف
الليل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا
حتى يؤذن ابن أم مكتوم) متفق عليه، ولأنه وقت النوم فيحتاج إلى التأذين قبل
الوقت لينتبه النائم ويتأهب للصلاة بخلاف سائر الصلوات ولا يؤذن قبل الوقت
إلا من يتخذه عادة لأن لا يغر الناس ويكون معه من يؤذن في الوقت كفعل بلال
وابن أم مكتوم ولا يجوز تقديم الإقامة على الوقت لأنها تراد لافتتاح الصلاة
ولا تفتتح قبل الوقت.
الشيخ: قول المؤلف رحمه الله مشروع للصلوات الخمس يعني ومنها الجمعة كما هو
معروف.
وقوله رحمه الله إنه لا يجزئ قبل الوقت إلا
الفجر فيه نظر فالصواب أنه لا يجزئ إلا بعد دخول وقت الصلاة لا في الفجر
ولا في غيرها وحديث (إن بلالاً يؤذن بليل) بين النبي صلى الله عليه وسلم
العلة في ذلك وقال (إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم) لا
للصلاة ولكن لأجل أن يوقظ النائم ليتسحر ويرجع القائم يتسحر والدليل على
هذا أنه لا يجزئ قبل الوقت حتى في الفجر قول النبي صلى الله عليه وسلم
لمالك بن حويرث (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) إذا حضرت وهي لا تحضر
إلا بعد دخول الوقت ولأن الأذان إعلام بدخول الوقت فكيف يصح قبله لكن
المؤلف رحمه الله قال ويكون معه من يؤذن في الوقت لأنه إذا أذن قبل الوقت
ولا يوجد من يؤذن بعده التبس على الناس لا سيما في عهد المؤلف ومن قبله
لأنهم ليس عندهم ساعات يعرفون بها الوقت.
السائل: قوله بأن الأذان من الشعائر الظاهرة دليل على وجوبها؟
الشيخ: نعم بل كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا بيت قوماً انتظر فإن
أذنوا لم يقاتلهم وإن لم يؤذنوا قاتلهم أما الصلاة فيقتل من تركها ليس
يقاتل بل يقتل من تركها قتلاً إما كفراً أو حداً كما سبق.
السائل: قول المؤلف من نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها لزمه خمس صلوات ألا
يتعارض مع المذهب من عدم تعيين الصلاة ويصلي في فرض الوقت بل يجب عليه خمس
صلوات فقط؟
الشيخ: يجب أن يعين لكن لا يجب أن ينوي الظهر ظهراً المذهب لازم تعين لا
يكفي أن ينوي فرض الوقت لكن على القول الذي اخترناه وهو قول بعض الأصحاب
وهو ابن شاقلا قال يجزئ أن تنوي فرض الوقت.
فصل
القارئ: ويذهب أبو عبد الله إلى أذان بلال
الذي أُرِيَهُ عبد الله بن زيد كما روي عنه أنه قال لما أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل
يحمل ناقوساً فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس قال وما تصنع به قلت ندعو به
إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى فقال تقول الله
أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا
إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على
الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا
إله إلا الله قال ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال تقول إذا أقمت الصلاة الله
أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على
الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله فلما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما
رأيت فقال (إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق معه ما رأيت فليؤذن
به فإنه أندى صوتاً منك) رواه أبو داوود فهذا صفة الأذان والإقامة المستحب
لأن بلالاً كان يؤذن به حضراً وسفراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
أن مات وإن رجع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس لأنه من الاختلاف المباح
ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حي على الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين
لما روى أبو محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (إن كان في
أذان الصبح قلت الصلاة خير من النوم مرتين) رواه النسائي ويكره التثويب في
غيره لما روى بلال قال (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في
الفجر ونهاني أن أثوب في العشاء) رواه ابن ماجة ودخل ابن عمر مسجداً يصلى
فيه فسمع رجلاً يثوب في أذان الظهر فخرج وقال أخرجتني البدعة.
فائدة: هناك فرق بين أُرِيَه وأُرِيْه
أُرِيَه فعل مضارع وأُرِيْه فعل ماضي مبني للمجهول.
الشيخ: وأشد من ذلك بدعة من إذا أذن قال الصلاة الصلاة الصلاة الصلاة في
المنارة وأشد من ذلك أيضاً من إذا أذن قرأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ
يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) وكذلك أيضاً الله أكبر
كبيرا والحمد لله كثيرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وغير ذلك من البدع
التي أحدثت كل هذه ينهى عنها.
الترجيع أن يأتي بالشهادتين سراً ثم يأتي بهما جهراً ترجيع وسمي ترجيعاً
لأنه رجع بعد أن قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد
أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله سراً ثم رجع فالترجيع ثبت في
أذان أبي محذورة وعدمه ثبت في أذان بلال ولهذا قال العلماء إن كلاً من
الترجيع وعدمه سنة فينبغي أن يأتي بالترجيع أحياناً وبعدمه أحياناً
وفائدة الترجيع قالوا من أجل الإخلاص بالشهادتين سراً لأنهما مفتاح الإسلام
فيذكرهما أولاً سراً ثم يذكرها جهراً.
السائل: قلنا إن أذان الفجر ما يصح إلا بعد دخول الوقت والمؤذنون يؤذنون
قبل الوقت؟
الشيخ: لا المؤذنون الآن يؤذنون على أن الوقت دخل لكن الخطأ من التقويم.
فصل
القارئ: ويسن الأذان للفائتة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته الصبح
فقال (يا بلال قم فأذن) ثم صلى ركعتين ثم أقام ثم صلى الغداة متفق عليه.
الشيخ: عندكم متفق عليه أنا عندي رواه أبو داوود وروى نحوه أحمد والنسائي.
القارئ: وإن كثرت الفوائت أذن وأقام للأولى
ثم أقام للتي بعدها لما روى ابن مسعود أن المشركين شغلوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله ثم أمر بلالاً
فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام
فصلى العشاء رواه الأثرم وإن جمع بين الصلاتين فكذلك لما روى جابر أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين رواه مسلم فإن
ترك الأذان للفائتة أو المجموعتين في وقت الأخيرة منهما فلا بأس لما روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بإقامة لكل صلاة من غير أذان
متفق عليه.
الشيخ: قال روي وهذا دائماً يعبر بها رحمه الله وهذا عيب عند المحدثين أن
يقول للحديث الصحيح روي لأن روي من صيغة التمريض ولا تكون إلا في الأحاديث
الضعيفة والمؤلف رحمه الله أحياناً يقول روى ويجزم وهو ضعيف وأحياناً يقول
روي وهو صحيح والإنسان بشر.
فصل
القارئ: ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ولا يصح من كافر ولا طفل ولا
مجنون لأنهم من غير أهل العبادات ولا يشرع الأذان للنساء.
الشيخ: ومن باب أولى أنه لا يصح من الشريط ولا يجزئ لأن الشريط ليس من ذوي
العبادة.
السائل: في الأردن يوجد جهاز مركزي إذا حان وقت الأذان يضغط الزر ويؤذن
الجهاز في جميع هذه المساجد بدون مؤذن؟
الشيخ: بدون مؤذن ما يجوز.
السائل: إذا أذن مؤذن واحد للمساجد كلها؟
الشيخ: لو كان مؤذن ما فيه بأس والبلد الواحد لا تختلف فيه المواقيت.
السائل: الشرط لابد أن يكون عاقل مسلم مع أن المقصود من الأذان هو الإعلام؟
الشيخ: على كل حال حتى الإعلام يحصل ببوري السيارة الأذان ذكر لله عز وجل
وأطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون.
السائل: لا يتعارض مع الشريط، الشريط يحصل فيه فهو عبادة.
الشيخ: لا ما هو عبادة الشريط حكاية صوت مؤذن وليس مؤذن.
السائل: أليس شرطاً أن يكون مسلماً عاقلاً؟
الشيخ: بلى لكن الشريط ليس مسلم عاقل.
القارئ: ولا يشرع الأذان للنساء ولا الإقامة ولا يصح منهن لأنه يشرع فيه
رفع الصوت ولسن من أهل ذلك ولا الخنثى المشكل لأنه لا يعلم كونه رجلا.
وفي أذان الفاسق والصبي العاقل وجهان أحدهما يصح لأنه مشروع لصلاتهما وهما
من أهل العبادات والثاني لا يصح لأنه إعلام بالوقت ولا يقبل فيه خبرهما.
الشيخ: قوله في أذان الفاسق والصبي الصحيح القول الأول أنه يصح أذان الفاسق
وأذان الصبي.
القارئ: وفي الأذان المُلَحَّن وجهان أحدهما يصح لأنه أتى به مرتباً فصح
كغيره والثاني لا يصح لما روى ابن عباس قال كان لرسول الله صلى الله عليه
وسلم مؤذن يطرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم (الأذان سهل سمح فإن كان
أذانك سهلاً سمحاً وإلا فلا تؤذن) رواه الدارقطني.
السائل: أذان التلحين أو اللحن في الكلام؟
الشيخ: لا المُلَحَّن هو المُطَرَّب به الذي يجعله الإنسان كالأغنية يقول
إن فيه وجهان.
السائل: ما هو الرد على قولهم (إنه إعلام ولا يقبل فيه خبرهم)؟
الشيخ: الرد عليهم أن الأذان إعلام لكنه إعلام له علامات ظاهرة لو أذن في
غير وقته لعلم الناس كذبهما ولأن الكذب في هذا بعيد جداً.
القارئ: وفي أذان الجنب وجهان أحدهما يصح لأنه أحد الحدثين فلم يمنع صحته
كالحدث الأصغر والثاني لا يصح لأنه ذكر مشروع للصلاة يتقدمها أشبه الخطبة.
الشيخ: الصحيح الصحة لكنه لا ينبغي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(أحببت أن لا أذكر الله إلا على طهر) وأما التعليل لعدم الصحة بأنه ذكر
مشروع للصلاة يتقدمها أشبه الخطبة فهذا قياس على غير متفق عليه لأنه قد
يقول قائل حتى الخطبة تصح من الجنب ما المانع.
فصل
القارئ: ويستحب للمؤذن أن يكون أمينا لأنه
مؤتمن على الأوقات صيتا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن زيد
(ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك) رواه أبو داوود ولأنه أبلغ في الإعلام
المقصود للأذان وأن يكون عالماً بالأوقات ليتمكن من الأذان في أوائلها وأن
يكون بصيرا لأن الأعمى لا يعلم إلا أن يكون معه بصير يؤذن قبله كبلال مع
ابن أم مكتوم فإن تشاح اثنان في الأذان قدم أكملهما في هذه الخصال لأن
النبي صلى الله عليه وسلم قدم بلالاً على عبد الله بن زيد لكونه أندى صوتاً
وقسنا عليه باقي الخصال.
الشيخ: قوله ويستحب المؤذن أن يكون أميناً لأنه مؤتمن وقد سبق أن المؤلف
رحمه الله ذكر في أذان الفاسق وجهين فينبغي أن يكون في أذان غير الأمين
وجهان لأن من لا يؤتمن لا يوثق في خبره والثاني يقول أن يكون صيتاً هذا
واضح أنه أفضل والثالث أن يكون عالماً بالأوقات هذا لو قيل إنه شرط لكن
نقول نمنع من اشتراطه لأنه قد يعلم الوقت بغيره فابن أم مكتوم لا يؤذن حتى
يقال له أصبحت أصبحت.
القارئ: فإن استويا في ذلك أقرع بينهما لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه
لاستهموا) متفق عليه وتشاح الناس في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد
وعنه يقدم من يرضاه الجيران لأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في
التقديم ولا بأس أن يؤذن اثنان أحدهما بعد الآخر لأن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يؤذن له بلال وابن ام مكتوم إذا نزل هذا طلع هذا ولا يسن أكثر.
الشيخ: حديث بلال هذا ينزل وهذا يطلع فيه
نظر والصواب أن بينهما مدة لأن قوله (إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم
ويرجع قائمكم فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم) لو كان بينهما
هذه المدة الوجيزة لم يقل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم لأن النائم لو استيقظ
ماذا يتمكن منه والقائم لو رجع ليتسحر فماذا يتمكن فالصواب أن بينهما مدة
تسع السُّحور وأما قوله ولا بأس أن يؤذن اثنان أحدهما بعد الآخر ظاهره أنهم
لو اجتمعوا فإنه فيه بأس لأنهم يقولون إن اجتماعهم لا فائدة منه لكن إذا
كانوا واحداً بعد واحد فالذي لم يسمع الأول يسمع الثاني أما أن يؤذنوا بصوت
واحد فلا فائدة من ذلك وهذا في المسجد الواحد صحيح أن يؤذن اثنان بصوت واحد
هذا لا وجه له ولا داعي له إلا أن يكون المسجد واسعاً وله جهات واسعة بحيث
يؤذن هذا بالجهة الشمالية والثاني في الجنوبية ليسمع الشمالي أهل الشمال
والجنوبي أهل الجنوب فهذا نعم لا بأس به والمهم أنه إذا لم تدعُ الحاجة إلى
التعدد فإنه لا حاجة إليه، لو قال قائل في عهدنا إذاً نقول أكثر المؤذنين
يكره أذانه لأن المكرفون يسمع إلى حد بعيد قلنا لكن هؤلاء يؤذنون بصوت واحد
كل واحد في مسجده.
القارئ: ولا يسن أكثر من هذا إلا أن تدعو إليه حاجة فيجوز لأن عثمان اتخذ
أربعة مؤذنين.
السائل: هل المُلَحِّن لا يصح أن يؤذن؟
الشيخ: لا، يكره.
السائل: لو كان الملحن يرضاه الناس والأذان ملحن هل يقدم على غيره؟
الشيخ: لا يقبل رضاهم.
فصل
القارئ: يستحب أن يؤذن قائماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال (قم
فأذن) ولأنه أبلغ في الإسماع فإن أذن قاعداً أو راكباً في السفر جاز لأن
الصلاة آكد منه وهي تجوز كذلك.
الشيخ: قوله وهي تجوز كذلك يعني النافلة وأما الفريضة لا تجوز قاعداً من
غير عذر ولا على الراحلة من غير عذر.
القارئ: وأن يؤذن على موضع عال لأنه أبلغ
في الإعلام وروي أن بلالاً كان يؤذن على سطح امرأة ويرفع صوته لما روى أبو
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمؤذن (يغفر له مد صوته ويشهد
له كل رطب ويابس) رواه أبو داوود.
الشيخ: ولأنه أبلغ في الإعلام أيضاً.
القارئ: ولا يجهد نفسه فوق طاقته لئلا ينقطع صوته ويؤذي نفسه.
الشيخ: ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين رفع الناس أصواتهم
بالتكبير (أيها الناس اربعوا على أنفسكم) يعني هونوا عليها إذاً عندنا دليل
وتعليل الدليل ما ذكرت والتعليل ما ذكره المؤلف أن ينقطع صوته ويتأذى.
القارئ: وإن أذن لفائتة أو لنفسه في مصر لم يجهر لأنه لا يدعو أحدا وربما
غر الناس وإن كان في الصحراء جهر في الوقت فإن أبا سعيد قال إذا كنت في
غنمك أو باديتك فأذنت فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس
ولا شيء إلا شهدوا له يوم القيامة سمعته من رسول لله صلى الله عليه وسلم
رواه البخاري.
الشيخ: وهذا يدل على بطلان تعليل المؤلف في قوله لأنه لا يدعو أحداً فإن
هذا الذي في غنمه لا يدعو أحداً ومع ذلك أمر بأن يجهر وأما التعليل الثاني
أنه يغر الناس فهذا صحيح إذا أذن في غير الوقت مثلاً كرجل نام ولم يستيقظ
إلا في أثناء الوقت فهذا لو أذن لغر الناس.
القارئ: ويستحب أن يؤذن متوضئا لأن أبا هريرة قال لا يؤذن إلا متوضئ وروي
مرفوعاً أخرجه الترمذي ويستحب أن يؤذن مستقبل القبلة ويلتفت يميناً إذا قال
حي على الصلاة ويساراً إذا قال حي على الفلاح ولا يزيل قدميه ويجعل أصبعيه
في أذنيه لما روى أبو جحيفة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة
حمراء من أدم وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يميناً
وشمالاً حي على الصلاة حي على الفلاح متفق عليه وفي لفظ ولم يستدر وأصبعاه
في أذنيه رواه الترمذي.
الشيخ: ولأن وضع الأصبعين في الأذنين يزيد في قوة الصوت كما هو مجرب.
القارئ: ويستحب أن يترسل في الأذان ويحدر
الإقامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا بلال إذا أذنت فترسل وإذا
أقمت فاحدر) رواه أبو داوود ولأن الأذان إعلام الغائبين والترسل فيه أبلغ
في الإسماع والإقامة إعلام الحاضرين فلم يحتج إلى الترسل فيه ويكره التمطيط
والتلحين لما تقدم.
السائل: قول الفقهاء ويسن أن يقيم من أذن في مكانه إن سهل من أين أخذوه
وبلال يؤذن على سطح امرأة.
الشيخ: وكان أيضاً يقيم على سطح امرأة أو في المكان الذي كان يؤذن فيه لأنه
قال يا رسول الله لا تسبقني بآمين وهذا يدل على أنه يؤذن من مكان بعيد.
السائل: هل يستحب الالتفات يميناً وشمالاً والآن يوجد المايكرفونات؟
الشيخ: لا أظنها، الآن لا فائدة من الالتفات يميناً وشمالاً ربما نقول لو
التفت يميناً وشمالاً انخفض صوتك إذا كان اللاقط أمامك.
السائل: إذا المؤذن يؤذن وحصل له في أثناء الأذان عذر وما أكمل الأذان؟
الشيخ: يبتدأ من جديد.
فصل
القارئ: ولا يصح الأذان إلا مرتباً متواليا لأنه لا يعلم أنه أذان بدونهما
فإن سكت فيه سكوتاً طويلاً أعاد ولا يصح أن يبني على أذان غيره لأنه عبادة
بدنية فلم يبنِ فعله على فعل غيره كالصلاة فإن أغمي عليه ثم أفاق قريباً
بنى وإن طال الفصل ابتدأ لتحصل الموالاة وإن ارتد في أثنائه بطل أذانه لقول
الله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ).
الشيخ: العلماء رحمهم الله يصورون أشياء قد لا تفعل ارتد في الأذان مثلاً
يقول أشهد أن محمداً رسول الله ثم يقول في نفس الوقت أشهد أن محمداً كاذب
ارتد الآن لابد أن يستأنف الأذان لأنه بطل والمسألة فرضية.
القارئ: ويكره الكلام فيه فإن تكلم بكلام طويل ابتدأ لإخلاله بالموالاة وإن
كان يسيراً بنى لأن ذلك لا يبطل الخطبة وهي آكد منه إلا أن يكون كلاماً
محرماً ففيه وجهان أحدهما لا يبطل لأنه لا يخل بالمقصود والثاني يبطل لأنه
فعل محرماً فيه.
الشيخ: مثلاً في أثناء أذانه اغتاب أحداً
من الناس وهو يؤذن هذا قول محرم فيبطل الأذان هذا قول والقول الثاني لا
يبطل وإن فعل محرماً في أثنائه مثل أن ينظر إلى امرأة نظر شهوة وهي أجنبية
عنه في أثناء الأذان فإنه لا يبطل لأن الفعل لا يفصل بين أجزاء الأذان
بخلاف القول أما الصحيح في القول المحرم والله في نفسي من البطلان شيء لأن
هذا قول محرم لكنه لا يقطع الموالاة لأنه يسير.
السائل: يشترط لبطلان عمل المرتد أن يموت على الردة وهم استدلوا على بطلان
الأذان بقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) بمجرد
الردة؟
الشيخ: يشترط لبطلان عمله أن يموت على الردة لقوله تعالى (وَمَنْ
يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) لا شك لكن هو ارتد في أثناء العبادة فبطلت العبادة
فلا يبني ولو تاب في الحال.
السائل: لو ارتد وقد حج قبل الارتداد ثم تاب؟
الشيخ: ما يبطل الحج ولا الصوم الأول ولا الصلاة الأولى أما بطلان الأذان
لأنه في أثنائه لو أذن للفجر وارتد في أذان الظهر أذان الفجر ما يبطل يبطل
أذان الظهر الذي حصل فيه الردة والحج إذا ارتد فيه بطل الحج فأنتم لابد أن
تعرفوا أن الردة في أي عمل إذا وقعت في أثنائه أبطلته مهما كان العمل صيام
أو صلاة أو حج أو أي شيء.
فصل
القارئ: يستحب أن يؤذن في أول الوقت ليعلم
الناس بوقت الصلاة فيتهيؤوا لها وقد روي أن بلالاً كان يؤذن في أول الوقت
لا يخرم وربما أخر الإقامة شيئاً رواه ابن ماجة ويؤخر الإقامة لما روى جابر
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال (اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما
يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل الخلاء لقضاء حاجته)
رواه أبو داود ولأن الإقامة لافتتاح الصلاة فينبغي أن تتأخر قدراً يتهيؤون
فيه للصلاة فإن كان للمغرب جلس جلسة خفيفة لما روى أبو هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال (جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة) رواه
تمَّام في الفوائد، ويستحب أن يقيم في موضع أذانه إلا أن يشق عليه لكونه قد
أذن في مكان بعيد لقول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم (لا تسبقني بآمين)
رواه أبو داوود لأنه لو أقام في موضع صلاته لم يخف سبقه بذلك ويستحب لمن
أذن أن يقيم لما روى زياد بن الحارث الصُّدَائي أنه أذن فجاء بلال ليقيم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم) من
المسند رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة وإن أقام غيره جاز لما روى أبو
داوود في حديث الأذان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألقه على بلال)
فألقاه عليه فأذن بلال فقال عبد الله أنا رأيته وأنا كنت أريده قال (فأقم
أنت).
السائل: بعض المساجد تكون الإقامة بالمكيرفونات خارجية فتسمع في الخارج؟
الشيخ: ما فيه بأس الذي نرى فيه بأس الصلاة في الميكرفونات هي التي تشوش.
السائل: لو أقام أحد غير المؤذن هل تصح الإقامة؟
الشيخ: نعم تصح ما لم يكن هناك فتنة أو تشاح بحيث يأتي واحد يقيم قبل وقت
الإقامة مراغمة للمؤذن هذا لا يجوز لكن لو فرض أن المؤذن أقام ثم خرج لشغل
أو غيره فلا بأس.
السائل: من المسند هل يعني مسند الإمام أحمد؟
الشيخ: نعم ولم يقل رواه الإمام أحمد وهذا تنويع عبارة ومر علينا مثل هذه
السائل: لو صلى الناس بإقامة مسجد آخر؟
الشيخ: لا، يقيمون هم الإقامة للحاضرين.
فصل
القارئ: ولا يجوز أخذ الأجرة عليه لما روى عثمان بن أبي العاص أنه قال إن
آخر ما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم (أن اتخذ مؤذناً لا يأخذ على
الأذان أجراً) قال الترمذي هذا حديث حسن ولأنه قربة لفاعله أشبه الإمام وإن
لم يوجد من يتطوع به رزق الإمام من بيت المال من يقوم به لأن الحاجة داعية
إليه فجاز أخذ الرَّزْق عليه كالجهاد وإن وجد متطوع به لم يُرْزَق لأن
المال للمصلحة فلا يعطى في غير مصلحة.
الشيخ: لأن المال يعني بيت المال إنما يكون لمصالح المسلمين فإذا وجد من
يتطوع بالأذان فلا يجوز أن يقيم شخصاً يؤذن ونعطيه من بيت المال لأن في هذا
إضاعة لبيت المال وطبقوا هذه المسألة على واقع المسلمين اليوم فإن حفظ مال
بيت المسلمين من أوجب الواجبات لأنه للمسلمين لمصالحهم الدينية والدنيوية
ولا يجوز أن يبذل إلا عند الحاجة إليه.
السائل: إذا جاز أن يعطى للمؤذن مالاً إذا لم يجد من يتطوع كيف يوجه حديث
(واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)
الشيخ: الأجر: المؤاجرة أن يقول أنا أستأجرتك على أن تؤذن بكذا وكذا أما
الثاني فإنه يرتب مؤذن يؤذن ويؤخذ من بيت المال ويعطى إياه مثل عمل الناس
اليوم ما يأخذه المأذنون والأئمة فهو من هذا الباب وإن قيل إنه أتى للمال
فلا يسمى مستأجر بل يسمى أخذ أعطية من بيت المال يعطى من بيت المال والذي
يعطيه من بيت المال لا يعطيه على أنه أجير يعطيه على أنه قام بمصلحة من
مصالح المسلمين ولهذا لو ترك الأذان يوماً أو يومين لم يخصم عليه لكن لو
كان أجيراً خصم عليه.
السائل: إن اتفق مجموعة من الناس بأن يعطوا مبلغاً معيناً لمن يؤذن لهم؟
الشيخ: يصح ما دام ليس بينهم عقد اتفاق أجرة فلا حرج.
السائل: هل للمؤذن الذي يأخذ مالاً الأجر؟
الشيخ: فهو على حسب النية إذا أذن ليأخذ ليس له أجر وإن أخذ ليؤذن فلا بأس.
فصل
القارئ: ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل
ما يقول لما روي أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمعتم
النداء فقولوا مثل ما يقول) متفق عليه ويقول عند الحيعلة لا حول ولا قوة
إلا بالله لما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
] يوجد سقط في القراءة إلى نهاية الفصل [.
الشيخ: ........ الأصل الأمر فيجب على من سمع المؤذن أن يقول مثل قوله
والصحيح أنه مستحب وفيه بيان فضل الله عز وجل حيث جعل للسامع شِرْكاً في
أجر المؤذن فإن الأذان لا يكون لكل واحد ولكن من سمع فتابع حصل له هذا
الأجر وعلم من كلام المؤلف أنه لا يستحب أن يقول مع المقيم مثل ما يقول
لأنه أمر لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول والإقامة ليست أذاناً لا
حقيقة ولا حكماً لحديث أنس ابن مالك رضي الله عنه (أمر بلال أن يشفع الأذان
ويوتر الإقامة) ففرق بينهما ولقول النبي عليه الصلاة والسلام (إذا سمعتم
المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) وقال (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى
الصلاة) ولم نؤمر بأن نقول مثل ما يقول وفرق بين حكم الإقامة وحكم الأذان
فيمن سمعهما وقد ورد في هذا حديث لكنه حديث ضعيف أن الإنسان يقول مثل ما
يقول المقيم لكنه ضعيف لا تقم به حجة وقال بعض العلماء إنه يقول مثل ما
يقول المقيم لحديث (بين كل أذانين صلاة).
والرسول يقول (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) فسمى الإقامة
أذاناً فيقال إن هذا من باب التغليب لأن الإقامة لها لفظ خاص ومعنى خاص
وحكم خاص فهي مباينة للأذان لكن إذا ذكرت معه على سبيل التغليب فهذا سائغ
في اللغة العربية وفهم من سياق المؤلف رحمه الله حديث (من قال حين يسمع
النداء وأنا أشهد) أن قول رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً
تكون عند قول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فهاتان
مسألتان.
المسألة الثالثة أن من سمعه وهو يصلي فإنه
لا يجيب لأن ذلك يشغله عن صلاته وقال شيخ الإسلام رحمه الله بل يجيب ولو
كان في الصلاة لأن ذلك ذكر وجد سببه في الصلاة فليكن مشروعاً كما شرع
للعاطس أن يحمد الله وكما شرع لمن استولى عليه الشيطان في صلاته أن يتعوذ
بالله من الشيطان الرجيم ولكنه فيما نرى قياساً مع الفارق لأن الحمدلة عند
العطاس والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم هذه الأولى قليلة لا تشغل فلا
يصح قياس الأذان عليها الذي سيأخذ منك وقتاً وأما الثانية فهي لمصلحة
الصلاة وهي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند تسلط الشيطان عليه.
المسألة الرابعة إذا تعدد المؤذنون فهل نجيب كل مؤذن؟ نقول ظاهر الحديث
(إذا سمعتم المؤذن) عام وقد قال الفقهاء رحمهم الله يسن أن يجيب المؤذن
ثانياً وثالثاً ما لم يصلِّ فإن صلى الصلاة التي فعلها فإنه لا يجيب المؤذن
الذي يؤذن لها وعللوا ذلك لأنه غير مدعو بهذا الأذان لأنه قد أدى الفريضة
فإذا كان غير مدعو لهذا الأذان فلا وجه لقوله لا حول ولا قوة إلا بالله عند
قول المؤذن حي على الصلاة وعلى هذا فلا يسن له إجابة المؤذن إذا كان قد صلى
والراجح أنه لا يجيب إذا صلى وأنه قبل يجيب كلما سمع لكن إذا اختلطت
أصواتهم وصاروا يؤذنون جميعاً فإنه يجيب من بدأ أولاً فإن غلبه الثاني
بصوته أجاب الثاني وعدل عن الأول أما إذا كان يمكنه إدارك صوت الأول الذي
شرع في إجابته فليستمر عليه.
المسألة الخامسة أنه يستحب الدعاء بين الأذان والإقامة سواء كنت في صلاة أو
في غير صلاة بل إذا كنت في صلاة فإنه يتأكد أكثر إذا سجدت لتجمع بين سببي
الإجابة وهما الزمن والهيئة الزمن بين الأذان والإقامة والهيئة السجود.
السائل: في الحديث (إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدهم الله
أكبر الله أكبر) ما يؤخذ منه استحباب أن يصل المؤذن التكبير الأول بالتكبير
الثاني في الأذان؟
الشيخ: يحتمل هذا ويحتمل غيره لكن وصل التكبير ثبت عن النبي عليه الصلاة
والسلام أنه يجوز أن تصل التكبيرتين الأوليين بعضهما ببعض.
السائل: هل يجيب المؤذن نفسه؟
الشيخ: ظاهر كلام المؤلف لا لأنه قال يسن لسامعه وهو أيضاً ظاهر الحديث
(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) والمؤذن لا حاجة إلى أن يقول مثل ما
يقول فهو الذي كبَّر وأذن فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله
الوسيلة حصلت له.
السائل: إجابة الإقامة ماالراجح فيها؟
الشيخ: أنه لا يجيب لوصح الحديث فيها لقلنا به.
باب
شرائط الصلاة
القارئ: وهي ستة الطهارة من الحدث لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا
يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه مسلم والثاني الطهارة من النجس لقول النبي
صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض (حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه وصلي
فيه) فدل على أنها ممنوعة من الصلاة فيه قبل غسله فمتى كانت عليه في بدنه
أو ثيابه نجاسة مقدور على إزالتها غير معفو عنها لم تصح صلاته. |