شرح زاد
المستقنع عبد الكريم الخضير زاد المستقنع -
كتاب المناسك (4)
شرح قول المصنف: "وإن حاضت المرأة فخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنة،
وإذا استوى على راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن
الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يصوت بها الرجل، وتخفيها المرأة.
باب: محظورات الإحرام: وهي تسعة: حلق الشعر، وتقليم الأظفار، فمن حلق أو
قلم ثلاث شعرات فعليه دم، ومن غطى رأسه بملاصق فدى، وإن لبس ذكر مخيطاً
فدى، وإن طيب بدنه أو ثوبه أو ادهن بمطيب، أو شم طيباً أو تبخر بعود ونحوه
فدى"
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
معناه أنه حل الحل كله، ثم قال: أنا حجيت سابقاً والمتطوع أمير نفسه لماذا
لا أرجع؟ من يلزمني بالحج وأنا ما بعد أهللت بالحج ولم يهل بالحج إلى الآن؟
يسوغ له أن يرجع وإلا لا؟ الكلام الذي قرأناه آنفاً، أما لو أراد أن يفسخ
الحج إلى عمرة مفردة لم يجز بلا نزاع، وإنما الفسخ جائز لمن نيته أن يحج
بعد العمرة، والمتمتع من حين يحرم بالعمرة فهو داخل في الحج، لم يجز بلا
نزاع، كنا فيما مضى قبل أن نقف على هذا الكلام نقول: الإنسان ما دام ما
تحايل، ليس بحيلة، ثم بدا له ما بدا، وقد حل الحل كله، والحج نفل، وما تلبس
بشيء من أفعاله، ما الذي يمنع من أن يرجع إلى بلده؟ ما تلبس بالحج إلى
الآن، لكن كلامه هنا: "أما إذا أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة لم يجز بلا
نزاع، وإنما الفسخ جائز لمن نيته أن يحج بعد العمرة" لكن من حيث النظر يعني
هذا شخص ما تحايل، وحل الحل كله، وقد حج فيما مضى مراراً، وبدا له ما بدا
أن يرجع، لولا هذا الكلام وهو ما تحايل في الأصل، يعني ما قلب نيته حيلة؛
ليعامل بنقيض قصده، كنت متردد في كونه يسوغ له أن يرجع أو لا، أما الآن لم
يجز بلا نزاع، والمتمتع من حين أن يحرم بالعمرة فهو داخل في الحج، كونه
داخل في الحج ما أدري عاد يحتاج إلى الأمر الذي ينبغي أن يهاب في مثل هذا
الكلام قوله: "بلا نزاع".
قوله: "وعلى الأفقي دم" أي يجب على الأفقي
إن أحرم متمتعاً أو قارناً دم نسك، دم شكر لا دم جبران؛ لأنه لو كان دم
جبران لما ساغ له وجاز له أن يأكل منه، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- أكل من هديه، والمراد بالأفقي من ليس من أهل الحرم، وهو من هو دون
المسافة، يعني مسافة القصر، فلا شيء عليه حينئذٍ؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ
لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة
البقرة] يقول ابن جرير في تفسيره: "اختلف أهل التأويل فيمن عني بقوله:
{ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
[(196) سورة البقرة] بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم معنيون به، وأنه لا
متعة لهم، يعني أهل مكة قولاً واحداً يدخلون في هذا، فقال بعضهم: عني بذلك
أهل الحرم خاصة دون غيرهم، وذكره بسنده عن ابن عباس ومجاهد، وقال آخرون:
عني بذلك أهل الحرم ومن كان منزله دون المواقيت إلى مكة، دون المواقيت يعني
ولو زادت المسافة على مسافة قصر، وذكره بسنده عن مكحول وعطاء، وقال بعضهم:
بل عني بذلك أهل الحرم ومن قرب منزله منه كعرفة وعرنة وضجنان والرجيع
وغيرها، وذكره بسنده عن عطاء والزهري وابن زيد، ثم قال ابن جرير: وأولى
الأقوال في ذلك بالصحة عندنا قول من قال: إن حاضري المسجد الحرام من هو
حوله ممن بينه وبينه من المسافة ما لا تقصر إليه الصلوات، يعني لأن الحاضر
يقابله المسافر وكل على مذهبه في هذا، الحاضر يقابل المسافر، مادام الشخص
لا يعد مسافر فهو حاضر.
يقول: وأولى الأقوال في ذلك في الصحة عندنا
قول من قال: إن حاضر المسجد الحرام من هو حوله من بينه وينه من المسافة ما
لا تقصر إليه الصلوات؛ لأن حاضر يقابله المسافر وكل على مذهبه في هذا،
الحاضر يقابل المسافر ما دام الشخص لا يعد مسافراً فهو حاضر، يقول: وأولى
الأقوال في ذلك في الصحة عندنا قول من قال: إن حاضر المسجد الحرام من هو
حوله ممن بينه وبينه من المسافة ما لا تقصر إليه الصلوات لأن حاضر الشيء في
كلام العرب هو الشاهد له بنفسه، وإذا كان ذلك كذلك وكان لا يستحق أن يسمى
غائباً إلا من كان مسافراً شاخصاً عن وطنه، وكان المسافر لا يكون مسافراً
إلا بشخوصه عن وطنه إلى ما تقصر في مثله الصلاة، وكان من لم يكن كذلك لا
يستحق اسم غائب عن وطنه ومنزله كان كذلك من لم يكن من المسجد على ما تقصر
عليه الصلاة غير مستحق أن يقال: هو من غير حاضريه إذا كان الغائب عنه هو من
وصفنا صفته" كلام متين -رحمه الله-، وتفسيره من أعظم التفاسير، لكن الملاحظ
أن كثير من طلبة العلم لا يصبر على كثرة الروايات، وهو جامع لتفاسير السلف،
وهم العمدة في التفسير وعليهم المعول، نعم له اجتهادات وله ترجيحات صائبة
غالباً، فعلى طالب العلم أن يعتني به، هو والتفسير الذي يليه الآن بعد قليل
-إن شاء الله تعالى-.
ثم قال: "وإنما لم تكن المتعة لمن كان حاضري المسجد الحرام من أجل أن
التمتع إنما هو الاستمتاع بالإحلال من الإحرام بالعمرة إلى الحج مرتفقاً في
ترك العود إلى المنزل والوطن بالمقام بالحرم حتى ينشئ منه الإحرام بالحج،
وكان المعتمر متى قضى عمرته في أشهر الحج ثم انصرف إلى وطنه أو شخص عن
الحرم إلى ما تقصر فيه الصلاة ثم حج من عامه ذلك بطل أن يكون مستمتعاً؛
لأنه لم يستمتع بالمرفق الذي جعل للمستمتع من ترك العود إلى الميقات
والرجوع إلى الوطن بالمقام في الحرم، وكان المكي من حاضري المسجد الحرام لا
يرتفق بذلك من أجل أنه متى قضى عمرته أقام في وطنه بالحرم فهو غير مرتفق
بشيء مما يرتفق به من لم يكن أهله من حاضري المسجد الحرام، فيكون متمتعاً
بالإحلال من عمرته إلى حجه.
وما اختاره ابن جرير أن حاضري المسجد
الحرام من كان دون مسافة القصر هو قول الشافعي وأحمد، وقال مالك: هم أهل
مكة خاصة، وقال أبو حنيفة: من كان دون المواقيت، وكذا عند الموفق ومن تبعه،
يعني من كان منزله بين مكة والميقات هذا يعتبر من حاضري المسجد الحرام.
يقول الشارح البهوتي: "يشترط أن يحرم بها
من ميقات أو مسافة قصر فأكثر من مكة، وألا يسافر بينهما، فإن سافر مسافة
قصر فأحرم فلا دم عليه"، ويقول القرطبي في تفسيره: "اختلف العلماء فيمن
أعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ومنزله ثم حج من عامه، فقال الجمهور من
العلماء: ليس بمتمتع ولا هدي عليه ولا صيام، لماذا لا يكون متمتعاً؟ لأنه
لم يترفه بترك أحد السفرين، بل سافر لكل نسك سفراً مستقلاً، فقال الجمهور
من العلماء: ليس بتمتع ولا هدي عليه ولا صيام، وقال الحسن البصري: هو متمتع
وإن رجع إلى أهله حج أو لم يحج، كلام غريب، نعم؟ وقال الحسن البصري: هو
متمتع وإن رجع إلى أهله حج أو لم يحج، قال: لأنه كان يقال: "عمرة في أشهر
الحج متعة" رواه هشيم عن يونس عن الحسن، وقد روي عن يونس عن الحسن: "ليس
عليه هدي" قال القرطبي: "والصحيح القول الأول" ولم يذكر ابن المنذر عن
الحسن قوله: حج أو لم يحج، وذكره أبو عمر، يعني ما نقلت عنه، ولا غرابة أن
ينقل عن الحسن مثل هذا، وإن كان إمام، لكن له غرائب، في التكبير المقيد
الذي قال بعض أهل العلم: إنه لم يثبت بل جزم بعضهم بأنه بدعة، ماذا قال
الحسن عن التكبير المقيد؟ يقول: المسبوق يكبر مع الإمام -بعد سلام الإمام-
ثم يأتي بما سبق به، يعني قول في غاية البعد، يعني من يقول: بدعة في أقصى
جهة وهذا في أقصى جهة أخرى، المسبوق إذا سلم الإمام يكبر، الإمام يكبر
التكبير المقيد عند من يقول به فيكبر، حتى المسبوق يكبر مع الإمام، ثم يقضي
ما فاته، أقوال غريبة، ومع ذلكم هو إمام، إمام علم وعمل كما هو معروف، لم
يذكر ابن المنذر عن الحسن قوله: حج أو لم يحج، وذكره أبو عمر، وعلى كل حال
سواء ذكره أو ما ذكره هذا قوله، قال ابن المنذر: "وحجته -يعني الحسن- ظاهر
الكتاب قوله -عز وجل-: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}
[(196) سورة البقرة] ولم يستثنِ راجع إلى أهله وغير راجع، ولو كان لله -جل
ثناؤه- في ذلك مراد لبينه في كتابه أو على لسان رسوله -صلى الله عليه
وسلم-، وقد روي عن سعيد بن المسيب مثل قول الحسن، يعني أنه لو رجع إلى أهله
ثم حج من عامه أنه يسمى متمتعاً، لكن لا شك أنه قول الجمهور وأنه
إذا رجع إلى أهله ما بقي للتمتع معنى،
اللهم إلا إن كان المراد بالتمتع كونه تمتع بما منع منه بعد نهاية العمرة
إلى إحرامه بالحج فمحتمل على بُعْد.
نقلنا عن التفسيرين الكبيرين: تفسير الطبري، وهو رائد في بابه في التفسير
بالأثر، وتفسير القرطبي أيضاً تفسير نافع لا يستغني عنه طالب علم، فقد جمع
من أحكام القرآن ما لم يجمعه غيره، وهو تفسير نافع ماتع، جامع على اسمه،
ماتع أيضاً، ولا تمل القراءة فيه حقيقة، فهو جامع لما يحتاجه المفسر، ينقل
أقوال السلف وإن كان ما هو بمثل ابن جرير بالسند، لكنه يعتني بذكر شيء
منها، ويعتني بالأحكام الفقهية، ويذكر أقوال الأئمة بأدلتها، والله
المستعان، مثل هذا ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، أيضاً فهو مكمل لسابقه.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وإن حاضت المرأة فخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت
قارنة" أي إن حاضت المرأة المتمتعة قبل طواف العمرة فخشيت فوات الحج بأن
غلب على ظنها عدم طهرها قبل الفوات أحرمت بالحج وأدخلته على العمرة وجوباً؛
لأنه لم يكن لها أن تطوف وهي حائض صارت قارنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة
والسلام- أمر عائشة بذلك، وكذا لو خشيه غيرها بأن خاف المتمتع فوات الحج إن
اشتغل بالعمرة فاته الحج، فإنه حينئذٍ يحرم بالحج لتعينه ويصير حينئذٍ
قارناً، وهو مذهب مالك والشافعية، وتسقط عنه العمرة؛ لأنه أدرجها أو
لندراجها في الحج، وحينئذٍ تحصل له العمرة والحج معاً، لكن العمرة المستقلة
التي يتحلل منها الحل كله تسقط عنه، أما إذا لم يخشَ فوت الحج أو لم تخشَ
المرأة الحائض فوت الحج هل لها أن تدخل الحج لتكون قارنة؟ أجاز ذلك جمع من
الفقهاء، لكن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- يقول: "في النفس من هذا
شيء؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمر من أحرم بالحج ولم يسق الهدي أن
يجعله عمرة فكيف تجعل العمرة حجاً؟ وهل هذا إلا خلاف ما أمر به الرسول
-عليه الصلاة والسلام-؟!
قال -رحمه الله تعالى-: "وإذا استوى على راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، لبيك
لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، يصوت بها الرجل،
وتخفيها المرأة" قوله: "إذا استوى على راحلته قال" متى يهل؟ متى يلبي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لو كان دون ميقات المدينة، دون ذو الحليفة بثلاثمائة كيلو عن مكة، ورجع إلى
أهله في مسافة تقصر فيها الصلاة يصير من حاضري المسجد الحرام؟ أولاً:
اتفقنا على أن الحاضر يقابله المسافر، فإذا حصل السفر وكلٌ على مذهبه في
هذا، ونعرف أن مذهب جمهور الأئمة التحديد بالمسافة، فعلى مذهب الجمهور
مسافة القصر يومين قاصدين، ثمانين كيلو، من كان بينه وبين مكة ثمانين كيلو
في أي جهة كانت فإنه لا يكون حينئذٍ من حاضري المسجد الحرام.
اختلف في موضع إهلاله -عليه الصلاة والسلام-، فمن قائل: إنه أحرم من
البيداء، ومن قائل: إنه أهل من عند الشجرة حين قام به بعيره، ومن قال: إنه
أهل من المسجد بعد صلاة الركعتين.
نشوف ها السؤال قبل: يقول: ((لبعد وسعت له في ماله ورزقه تمضي عليه خمسة
أعوام لا يفد إليّ لعبد محروم)) ما صحته؟ على كل حال الحديث فيه كلام طويل،
وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله-، وعلى كل حال الحرمان نسبي لا شك أن مثل
هذا محروم، ومن وسع عليه وتيسر له أن يحج كل عام أيضاً محروم، من لم يحج
حجة الإسلام أيضاً محروم، فالحرمان نسبي، والشيخ الألباني -رحمه الله- صحح
الحديث، وهو فيه كلام، لا يخلو من كلام الحديث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الوفادة معناها أعم من كونها عمرة أو حج، مجرد زيارة المسجد الحرام والصلاة
فيه، والمكث فيه، والمجاورة فيه وافد، يكون وافد على الله، على كل حال
الحرمان نسبي، الشخص الذي يتمكن من قراءة القرآن ولا يقرأ مثلاً هذا محروم،
الشخص الذي يتمكن من الزيادة من الطاعات كالصلوات ونوافل الصيام ولا يصوم
ولا .. هذا أيضاً محروم، لكنه أيضاً نسبي، لا شك أن من حرم من فعل الواجبات
غير من حرم من فعل المندوبات، نعم، كما أن من حرم الإسلام بالكلية هذا أي
حرمان فاته؟! أي خير فاته؟! نسأل الله السلامة العافية.
في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه قال: ما
أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد، قال ذلك رداً على
من قال: إنه -عليه الصلاة والسلام- أحرم من البيداء، فقال: بيداؤكم هذه
التي تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أهل منها ما أهل إلا
من عند المسجد، وفي رواية عنه: ما أهل إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره،
وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث، كلها ثابتة عن الصحابة، منهم من قال:
أهل من البيداء، ومنهم من قال: من عند الشجرة، ومنهم من قال: حينما استوت
به دابته، ومنهم من قال: من عند المسجد، على كل حال الجمع بينها سهل،
والرسول -عليه الصلاة والسلام- أهل منها كلها، وقد روي .. ، أو كل من روى
أنه أهل بكذا فهو راوٍ لما سمعه من إهلاله، وقد أخرج أبو داود والحاكم من
حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- لما صلى بذي
الحليفة ركعتين أهل بالحج حين فرغ منهما، فسمع قوم فحفظوه، حفظوه يعني
فحدثوا به، قالوا: أهل من المسجد، فلم استقرت به راحلته أهل وأدرك ذلك منه
قوم لم يشهدوه في المرة الأولى فسمعوه حين ذلك فقالوا: إنما أهل حينما
استقلت به راحلته، ثم مضى فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك قوم لم
يشهدوه فنقل كما سمع، فالجمع سهل بين هذه الأقوال، ولا يرجح بعضها على بعض؛
لأنها كلها يعني تنزل منازلها ومواردها، والجمع ممكن، والصيغة التي ذكرها
المؤلف ثابتة في الصحيحين من حديث ابن عمر وعائشة وغيرهما، وحديث جابر عند
مسلم في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: فأهل بالتوحيد، لبيك
اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك
لك" وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد النبي -عليه الصلاة والسلام-
عليهم شيئاً منه، ولزم -عليه الصلاة والسلام- تلبيته.
وفي صحيح مسلم قال نافع: كان عبد الله -رضي
الله عنه- يزيد مع هذا: "لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك
والعمل" وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة قال: كانت تلبية عمر
فذكر مثل المرفوع وزاد: "لبيك مرغوباً ومرهوباً إليك، ذا النعماء والفضل
الحسن"، وأخرج النسائي وابن ماجه قال: كان من تلبية رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: "لبيك إله الحق لبيك" اختلف في قبول مثل هذه الزيادات التي
زيدت على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام-
يسمعهم يلبون لم يرد عليهم شيئاً، وإنما لزم تلبيته ما زاد عليها، فقال
قوم: لا بأس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرد شيئاً من هذه
الزيادات به قال محمد بن الحسن والثوري والأوزاعي وجمع من أهل العلم، ما
دام الرسول يسمعهم ولم ينكر عليهم ما المانع من أن تقال مثل هذه التلبية؟
تقال بالقدر الزائد على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وقال آخرون: لا
ينبغي أن يزاد على ما علّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس، فعن سعد
بن أبي وقاص أنه سمع رجلاً يقول: "لبيك ذا المعارج" فقال: "إنه لذو معارج"
يقول سعد، "وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"
وعلى كل حال الأمر فيه سعة، لكن ما اختاره الله لنبيه وما داوم عليه -عليه
الصلاة والسلام- أولى من غيره.
وسن أن يذكر نسكه في التلبية يقول: لبيك عمرة، لبيك حجاً، لبيك عمرة وحجاً
.. إلى آخره، وسن أيضاً الإكثار من التلبية، وتتأكد في مواطن إذا علا شرف
أو هبط وادياً، أو أقبل ليل أو نهار يعني تغيرت الأحوال، أو التقت الرفاق،
أو سمع ملبياً، يقول الفقهاء: أو فعل محظوراً ناسياً، أو ركب دابته، أو نزل
عنها، أو رأى البيت، كذا قال الشارح وغيره.
قوله في نهاية الفصل: "يصوت بها الرجل، وتخفيها المرأة" أي أن الرجل يرفع
صوته بالتلبية باتفاق أهل العلم، قال أنس كما في البخاري: سمعتهم يصرخون
بها، وأصل الإهلال رفع الصوت، منه سمي الهلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم
إذا شاهدوه أول مرة، منه استهل الصبي إذا صاح بعد نزوله من بطن أمه.
في الترمذي عن السائب بن خلاد مرفوعاً قال:
((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية))
صححه الترمذي، قال الشارح البهوتي: "وإنما يسن الجهر بالتلبية بغير مساجد
الحل، وفي غير طواف القدوم والسعي بعده" يعني مر على بلد وهو محرم فيلبي في
مساجد الحل أو لا يلبي؟ يقول: "وإنما يسن الجهر بالتلبية بغير مساجد الحل؛
لئلا يشوش على الناس في المساجد، وتشرع بالعربية للقادر وإلا فبلغته، تشرع
بالعربية، يشرع أن يلبي بالعربية، وهكذا سائر الأذكار الأفضل أن يؤتى بها
بالعربية، لكن الذي لا يستطيع أن يؤديها بالعربية فبلسانه، أما القرآن لا
شك أن قرأته بالعربية متعينة، وتخفيها المرأة بقدر ما تسمع به رفيقتها،
ويكره جهرها فوق ذلك مخافة الفتنة، هم أطلقوا الكراهة وإذا كانت بحضرة
أجانب لا شك أن صوتها مؤثر بالنسبة للرجال لا سيما في مثل هذه المواطن.
قال ابن المنذر وغيره: أجمع أهل العلم على أن السنة في المرأة على أن لا
ترفع صوتها؛ لأن رفع الصوت من شأن الرجال، والله المتسعان.
يمدينا نبدأ بمحظورات الإحرام وإلا ما يمدي؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
محظورات الإحرام بدنا تصير مترابطة تصير في درس واحد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا سيما أيضاً إذا عرفنا أننا لن نفرغ من شرح كتب المناسك إذاً. . . . . .
. . .
طالب:. . . . . . . . .
يناسب أن. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا سيما بعد ذكر الكتاب.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو عندكم.
طالب:. . . . . . . . .
مسجدنا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن المناسب ذكره عندنا درس في تفسير القرطبي من قرابة عشر سنوات
وبيستأنف في واحد من ذي الحجة -إن شاء لله- إلى سبعة لمدة أسبوع؛ لأنه وقف
بين العيدين، فمن واحد ذي الحجة إلى سبعة، سبعة أيام بعد صلاة العصر من كل
يوم، والقراءة في المجلد التاسع من سورة يوسف، فمناسبة ذكره والإخوان كثر
ممن يحضر الدرس ولا يمكن أن نخبرهم بغير هذه الطريقة.
طالب:. . . . . . . . .
المكان في محل الدروس كلها مسجد أبو الخيل في حي السلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حكمها جماهير أهل العلم على أنها سنة، على
أن التلبية سنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم يكثر منها بحيث لا يشق على نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم .. ، الحافلات كلهم محرمون وإلا .. ؟ على كل حال لا يؤذي أحد، لا
يتسبب في أذية أحد، والأصل أن يجهر بها، ويصرخ بها لا سيما إذا كان كلهم
محرمون، فيصنع كما كان الصحابة يصنعون يصرخون بها، يرفعون أصواتهم
بالتلبية، الله المستعان.
اللهم صلّ على محمد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هم يقولون: دخل في الحج بإحرامه بالعمرة، ولذا لو رجعت إلى القواعد
عرفت أن سبب الدم سبب لزوم الدم الإحرام بالعمرة، سببه الإحرام بالعمرة
التي ينوي بعدها الحج، لو رجعت إلى هذه المسألة في قواعد ابن رجب في
العبادة التي لها سبب وجوب ووقت وجوب .. إلى آخره تجد لها أمثلة منها هذا.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: بالنسبة لحاضري المسجد الحرام هل تحسب المسافة لهم من بيوتهم التي
يسكنونها أو من المدينة الني يسكنونها؟ فمثلاً أهل جدة منهم من يسكن في
مسافة هي دون القصر نحو من سبعين كيلو، وبعضهم يبعد بيته وهو في جدة عن
الحرم مائة وثلاثين كيلو فمن أين يكون الحساب؟
لا يبدأ حساب السفر إلا بعد مفارقة العمران عمران البلد، فإذا فارق مكة بدأ
بالحساب إلى جدة.
الهدي الذي يذبح لفقراء الحرم ما المراد بفقراء الحرم؟ وهل هو شامل لأهل
مكة كلهم لأني رأيت كثير من المحسنين والقائمين على توزيعها على المحتاجين
يعممونها على فقراء مكة وليس الحرم فقط؟ يعني هل مكة تعدت حدود الحرم؟
طالب:. . . . . . . . .
خل المسألة ما هي بمسألة إدارية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جدة تبع منطقة مكة، الطائف تبع منطقة مكة، لا، لا، المقصود البلد، بلدة
مكة، أم القرى، على كل حال المقصود فقراء الحرم، ولا أتصور أن مكة تعدت
حدود الحرم الآن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يحرص على فقراء الحرم،. . . .
. . . . . لفقراء الحرم.
طالب:. . . . . . . . .
فيدخل في ذلك العمران كله، عمران مكة كله ولو كان خارج الحرم، هو إلى الآن
ما أتصور أن مكة تعدت حدود الحرم إلا في جهة التنعيم نعم فيه بنيان وتابع
لمكة، فمثل هذا ينبغي للإنسان أن يحتاط.
يقول: إذا شك في سقوط قطرات من البول على السراويل فلم يرَ شيئاً بادئ
الأمر ثم صلى به عدة صلوات ثم رأى الصفرة بعد ذلك فهل يعيد ما صلى؟ وما
الحكم لو صلى به بعد ذلك إذا كانت القطرات قليلة؟
إذا شك في سقوط القطرات على السراويل أو على جسده ثم نظر في الموضع ولم يجد
شيئاً لا شك أن مثل هذا قد يدخل في الوسواس وليس له حقيقة، ثم بعد ذلك إذا
كرر التفكير في هذا الأمر صارت له حقيقة، فينبغي أن يتجاهل مثل هذا؛ لأن
هذه مبادئ الوسواس، هذا بوادر الوسواس ومبادئه، إذا لم يجد شيئاً فليس
بمكلف ولو أحس بانتقال الماء في داخل مجاريه، فالعبرة بخروجه لا بانتقاله
من مكانه.
طالب: يا شيخ.
نعم.
أحسن الله إليك: في قضية وجوب غسل الجنابة هل العبرة بخروج الماء أم
بانتقاله؟
العبرة بالخروج، الخروج هو العبرة.
طالب: يعني لو بلغت. . . . . . . . .
ومثله دم الحائض العبرة بخروجه ولو أحست، لو أحست بانتقال، بآلام كل هذا لا
أثر له.
طالب: ولو أحس رجل بلذة لكن ما خرج ماء؟
من جماع وإلا من .... ؟
طالب: لا بدون جماع يا شيخ.
إيه ما عليه شيء، ما دام ما خرج.
يقول: إن لم يجد في المدينة التي هو ساكن فيها أحد من أقاربه ليحج عنه فهل
يؤكل من خارج المدينة؟
إذا كان الحج وجب عليه ذكر المؤلف سابقاً وتعرضنا له أنه يؤكل من حيث وجب
الحج والعمرة، وعرفنا أن المسافة التي بين بلده وبين الميقات ليست مقصد
شرعي، فلا مانع من أن يؤكل، لا سيما إذا لم يجد في مثل هذه الصور لا مانع
أن يؤكل من هو خارج بلده.
قال ابن قدامة: "ثم بعد التمتع الإفراد؛ لأنه يأتي بنسكين كاملين، فما
مقصوده بقوله: نسكين كاملين؟
كاملين يعني يأتي بكل نسك بسفر مستقل،
وبأعمال كاملة بطواف وسعي خاص بالعمرة، وطواف وسعي خاص بالحج، بخلاف القران
فإنه يجمع بينهما بطواف واحد وسعي واحد، هذه معنى قوله: كاملين، ومن رجح
القران قال: هو فعله -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا
الأفضل.
يقول: هل يجوز تلقين الجماعة من الذين لا يجيدون الأدعية بالأدعية عند
الطواف وغيره من أماكن الدعاء؟
لا بأس أن يدعو الشخص ويؤمن الآخر على ألا تكون هذه عادة وديدن، دعا موسى
-عليه السلام- وأمن هارون، وسماهما الله -سبحانه وتعالى- داعيين، فالمأمن
داعي على كل حال، لكن لا يتخذ عادة وديدن في أماكن محددة، وأوقات محددة كما
يفعل في الشوط الأول في الشوط الثاني في السعي كذلك هذا لا، هذا لا أصل له.
يقول: الراجح في السعي للمتمتع؟
الراجح بالنسبة للمتمتع أن العمرة كاملة والحج كامل، عليه طوافان وسعيان.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
متمتع.
طالب:. . . . . . . . .
هنا المتمتع يقول: للمتمتع، وأما القارن فيكفيه سعي واحد.
متى يكون المسح على النعال جائز؟ وهل يشترط في النعال أن تغطي القدمين
كاملتين إلى الكعبين؟
يشترط في الكعبين الممسوح عليه أن يغطي المحل المفروض.
وين اللي تقول: ما في أسئلة اليوم؟
لأن في واحد يقترح أنه ما يجاب ولا على سؤال واحد، ولا سؤال واحد يجاب عنه،
وتترك الأسئلة للقاء مفتوح في يوم مستقل، لكن ما هو بالظاهر؛ لأننا ننتظر
الإخوان الذين يصلون خارج المسجد، وهم أئمة.
يقول: من حج عن غيره هل يكتب له الأجر كما لو حج عن نفسه؟
إن كان بأجرة فيؤجر بقدر نيته، إن كان بأجرة فيؤجر بقدر نيته إن كان نيته
إسقاط الفرض عن أخيه المسلم والشوق إلى المشاعر، ويؤجر على القدر الزائد
الذي يفعله من الطاعات في هذه المشاعر، أما من حج متبرعاً عن غيره فيرجى له
أن يكون كمن دعا لغيره أن له مثله -إن شاء الله تعالى-.
يقول: يلاحظ على بعض الناس ومنهم طلبة العلم أنهم يوافقون الإمام في حركات
الصلاة وانتقالاتها؟
الإمام إنما جعل ليؤتم به، إذا كبر فكبروا،
مقتضى العطف بالفاء أنه للتعقيب من غير تراخي، فمسابقة الإمام حرام
اتفاقاً، وفي إبطالها للصلاة خلاف بين أهل العلم، لكن الموافقة أقل، وإن
كانت خلاف النص، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، فمنطوق الجملة
الثانية موافق أو مؤكد لمفهوم الجملة الأولى، فلا ينبغي لمصلٍ سواء كان من
طلبة العلم والأمر في حقه أشد أو غيره أن يوافق الإمام، بل تكون انتقالاته
بعد انتقالات الإمام.
هذا الاقتراح الذي يقول: اتركوا الأسئلة، جزاه الله خيراً.
يقول: هل يجوز أن يشترك ثلاثة في أضحية واحدة ويكون لهم الأجر؟
لا، إذا كانت الأضحية من الضأن أو من المعز فهي عن واحد وعن أهل بيته، لكن
عن ثلاثة أشخاص كل واحد منهم على سبيل الاستقلال لا، والبدنة والبقرة عن
سبعة كما هو معروف.
يقول: مع شدة الزحام في الطواف قد يطوف المحرم بعيداً عن الكعبة ومع اتساع
دائرة الطواف قد يدخل جزء من الطواف في المسعى فما الحكم؟
المسعى خارج الحرم، فلا يجوز الطواف فيه، لا في الدور الأرضي ولا في الأعلى
الذي هو محل الحرج والمشقة، في الدور الثاني يحصل حرج شديد في الزاوية
المقابلة للركن تضيق الدائرة جداً بحيث لا يتمكن الإنسان من الطواف إلا
بمشقة شديدة، وبعضهم يتصرف ويدخل على المسعى ويخرج من الجهة الثانية، فلا
يجزئ مثل هذا الطواف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والمسافة تلك المسافة اليسيرة؟ بعضهم يقول: يعفى عنه لقلته ويسره، شيء يسير
جداً فيعفى عنه لا سيما مع الجهلة وإلا فالأصل أنه لا يجزئ.
هل يجوز للحاج أن يغتسل في غير الميقات مثلاً كأن يغتسل في الرياض ويحرم في
الميقات؟
على كل حال إذا كانت المسافة قليلة كالطائرة مثلاً لا بأس، لكن إذا كانت
المسافة والوقت طويل فيحتاج إلى إعادة الغسل، وهذا الغسل ذكرنا أنه مستحب،
سنة وليس بواجب.
يقول: ما معنى العبارة: "ترفه بترك أحد السفرين"؟
الأصل أن يأتي بكل نسك من الأنساك التي هي
الحج والعمرة بسفر مستقل، من أراد أن يعتمر يعتمر بسفر مستقل، من أراد أن
يحج يحج بسفر مستقل، لكن المتمتع الذي يتسنى له أن يعتمر ويحج في سفرة
واحدة لا شك أنه ترفه بترك أحد السفرين، الذي الأصل أن يؤدي كل نسك في سفر،
ومثله القارن.
يقول: ما حكم البناء في منى أو وضع الخيم الثابتة فيها؟
بالنسبة للبناء أهل العلم منعوا منه، منع منه أهل العلم؛ لأن منى مناخ من
سبق، من سبق إلى مباح فهو أحق به، والناس في هذه المشاعر سواسية، وضع
الخيام الثابتة وهي مشاعة ومباحة للناس كلهم لا بأس؛ لأن ليس لها حكم
البناء.
يقول: كيف يحصل الاستبراء من البول؟
يحصل بغسله، وإذا شك في انقطاعه فإنه يرش المحل بالماء ليقطع الوسواس.
اللهم صل على محمد.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تسليماً كثيراً.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: محظورات الإحرام:
وهي تسعة: حلق الشعر، وتقليم الأظافر، فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم، ومن
غطى رأسه بملاصق فدى، وإن لبس ذكر مخيطاً فدى، وإن طيب بدنه أو ثوبه أو
أدهن بمطيب، أو شم طيباً، أو تبخر بعود ونحوه فدى، وإن قتل صيداً مأكولاً
برياً أصلاً ولو تولد منه ومن غيره أو تلَف ...
تلِف، تلِف.
أو تلِف في يده فعليه جزاؤه، ولا يحرم حيوان إنسي ولا صيد البحر، ولا قتل
محرم الأكل ولا الصائل.
يكفي.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: محظورات الإحرام" المحظورات: جمع محظور، والمحظور هو الحرام بمعنى،
وهو ما يأثم فاعله ويستحق العقاب، ويثاب تاركه امتثالاً، أما إذا ترك
المحظور مع عزوبه عن ذهنه من غير قصد للامتثال فهل يثاب أو لا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: لا يثاب لعدم قصد الامتثال.
يعني شخص جلس في بيته ولا سرق ولا زنا ولا
غش ولا فعل شيء من المحظورات يثاب على تركها؟ مع أنه لم يقصد ذلك، لكن إن
قصد ذلك بأن قال: أجلس في البيت لأسلم من ارتكاب المحظورات لا شك أنه يثاب،
أما من ترك هذه المحرمات مع عدم نية الامتثال جلس في بيته ولم يقصد بذلك أن
يسلم من ارتكاب المحرمات فإن مقتضى قول جمهور العلماء أنه لا يثاب على هذا
الفعل إلا مع النية.
الإحرام: تقدم تعريفه، نية الدخول في النسك، وإضافة المحظورات إليه من باب
إضافة الشيء إلى سببه، أي الخصلات أو الفعلات المحرمات بسبب الإحرام.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وهي تسعة" الحصر طريقه الاستقراء كما هو معروف،
قد يقول قائل: لماذا لا تكون عشرة أو سبعة أو ثمانية؟ أهل العلم استقرؤوا
النصوص فوجدوها تنحصر في تسعة، ولا مانع من الحصر وإن لم يرد به نص شريطة
أن يكون الاستقراء تاماً حيث لا ينخرم، جاء الحصر في النصوص الشرعية:
((ثلاثة لا ينظر الله إليهم)) و ((سبعة يظلهم الله في ظله)) وجاء الحصر في
بعض النصوص بعدد معين ثم زيد عليه ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) مثلاً
ثم زيد على هذه العدد ممن تكلم في المعهد حتى وصل العدد إلى سبعة، من
العجيب قول بعض الشراح وهو إساءة أدب بلا شك لما تعرض لهذا الحديث قال: "في
هذا الحصر نظر، قد ثبت أنه تكلم في المعهد غير هؤلاء الثلاثة" من الذي قال:
((لم يتكلم في المعهد إلا ثلاثة؟ )) الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذه
إساءة بالغة، بل غفلة شديدة، مثل هذه الكلام يقال بالنسبة للرسول -عليه
الصلاة والسلام-، الذي لا ينطق عن الهوى.
المحظور الأول: "حلق الشعر" من جميع بدنه بلا عذر من مرض أو قمل أو قروح أو
صداع مما يتضرر بإبقائه؛ لأن حق الشعر مؤذن للرفاهية، وهي تنافي الإحرام،
يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] وفي حكم الحلق القص والنتف، نص
تعالى على حلق الرأس وعدي إلى سائر شعر البدن، قاس عليه أهل العلم سائر
البدن، فمنعوا من إزالة شعره، سواء كان بالحلق أو بالنتف أو القلع أو
النورة وما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز.
والثاني: "تقليم الأظفار" أو قصها من يدٍ
أو رجلٍ بلا عذر، فيباح عند الحاجة، الحاجة تبيح المحظور، لكنها لا تعفي من
الفدية، إذا كانت هناك حاجة فإنه يستبيح بها المحظور كما في الآية، وكما في
حديث كعب بن عجرة وسيأتي، الشارح البهوتي ولا بد أن نذكر أنه البهوتي؛ لأنه
عرف عند أهل العلم أن الشارح صاحب إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الشارح عند أهل العلم صاحب الشرح الكبير، في سبل السلام إذا قال: قال
الشارح واختاره الشارح يقصد بذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
صاحب البدر التمام الحسين بن محمد المغربي، الشارح البهوتي يقول: "فإن خرج
بعينه شعر أو انكسر ظفره فأزالهما أو زالا مع غيرهما فلا فدية، وإن حصل
الأذى بقرح أو قمل ونحوه فأزال شعره لذلك فدى" الأذى حصل في الصورتين، ما
الفرق بين الصورتين؟ يقول: "فإن خرج بعينه شعر أو انكسر ظفره فأزالهما أو
زالا مع غيرهما فلا فدية، وإن حصل الأذى بقرح أو قمل أو نحوه فأزال شعره
لذلك فدى" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هو متعمد، هو محتاج في المسألتين، ومتعمد لفعل المحظور للحاجة في الصورتين،
ها يا أشرف؟
طالب: المسألة الأولى يا شيخ قد يكون لأنه في العين يعني مكان حساس فجاء
يزيل الشعر الذي طلعت في العين فطلعت معها شعرة أخرى من شعرات الحاجب
مثلاً، هذه خرجت بدون قصد منه الشعرة الزائدة، وأما الشعرة ....
لا الكلام في الشعرة المؤذية.
طالب: العين قد تكون حساسة يا شيخ.
هي مؤذية بذاتها، وتلك؟ نعم؟
طالب: مؤذية بغيرها.
لأنه قد يستشكل مثل هذا الكلام.
طالب: في الصورة الأولى مؤذية بذاتها.
طيب وإن حصل الأذى بغيرها، يعني فأزيلت تبعاً لغيرها يعني لا تمكن إزالة
الأذى أو رفع الأذى الذي حصل بسبب غيرها إلا بإزالتها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ بلا فدية؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو أذن لكعب بن عجرة أن يحلق شعره مع الفدية، هل الأذى بالنسبة لكعب بن
عجرة حصل من الشعر نفسه؟ أو من القمل؟
طالب: من القمل يا شيخ.
ولا تمكن إزالته إلا بإزالت الشعر.
ابن رجب -رحمه الله تعالى- في القواعد، في
القاعدة السادسة والعشرين يقول: من أتلف شيئاً لدفع أذاه لم يضمنه، من أتلف
شيئاً لدفع أذاه له لمن يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه، يقول: ويتخرج
على ذلك مسائل: منها لو صال عليه حيوان أدمي أو بهيمة فدفعه عن نفسه بالقتل
لم يضمنه، ولو قتل حيوان لغيره في مخمصة لحيي به نفسه ضمنه، الحاجة قائمة
في الصورتين، لكن الأذى حصل في الصورة الأولى بنفس الصائل، نفس الصائل هو
المؤذي، فقتل المؤذي مأذون فيه شرعاً فلا ضمان فيه، في الصورة الثانية
الأذى حصل بالجوع، بسبب غير المقتول فيضمن، يقول: "ومنها لو صال عليه صيد
في إحرامه فقتله دفعاً عن نفسه لم يضمه على أصح الوجهين، وإن اضطر فقلته في
المخمصة ليحيي به نفسه ضمنه، ومنها: لو حلق المحرم رأسه لتأذيه بالقمل
والوسخ فدى؛ لأن الأذى من غير الشعر، ولو خرجت في عينه شعرة فقلعها أو نزل
شعر على عينيه فأزاله لم يفده".
طالب:. . . . . . . . .
يقول -رحمه الله تعالى- وهذا مما يوضح القاعدة وإن كان لا علاقة له مما نحن
فيه، يقول: لو أشرفت سفينة على الغرق فألقى متاع غيره ليخففها ضمنه، ولو
سقط عليه متاع غيره فخشي أن يهلكه فدفعه فوقع في الماء لم يضمنه" لأن الأذى
حصل به مباشرة، يقول: "ومنها: لو وقعت بيضة نعام من شجرة في الحرم على
إنسان فدفعها فانكسرت فلا ضمان عليه بخلاف ما لو احتاج إلى أكلها لمخمصة"،
يقول: "ومنها: لو قلع شوك الحرم لأذاه لم يضمنه، ولو احتاج إلى إيقاد غصن
شجرة ضمنه، المقصود أن مثل هذه المسائل الدقيقة يفيد فيها كثيراً مثل هذا
الكتاب، وهذا الكتاب نفيس جداً، قواعد ابن رجب لا يستغني عنه طالب علم؛
لأنه يحصر مثل هذه الدقائق التي قد لا تجتمع لغيره، ولا تتسنى لغيره، وأبدا
في هذا الكتاب براعة فائقة، استكثر عليه -رحمه الله- لكنه فوق ما قيل عنه
-رحمه الله تعالى-.
يقول -رحمه الله تعالى-: "فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم"
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يأتي يأتي، قال -رحمه الله تعالى-: "فمن
حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم" لو قال: عليه فدية إذ لا يتعين الدم، وإن كان
الفقهاء يطلقون الدم ويريدون به الفدية عموماً، إذ لا يتعين الدم كما هنا،
لكن لو قال: عليه فدية فدى، يعني فدية كاملة وهو مخير بين الدم وهو شاة
تجزئ في أضحية أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر، أو نصف صاع من تمر أو
شعير، أو صيام ثلاثة أيام؛ لما في الصحيحين وغيره مع كعب بن عجرة -رضي الله
عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رآه والقمل يسقط على وجه، فقال:
((أيؤذيك هوامك؟ )) قال: نعم، فأمره أن يحلق، فأنزل الله آية الفدية، أمره
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين، أو يهدي
شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، وهذا ظاهر في التخيير، وفيه نزل قوله تعالى:
{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ
مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة] لكن من حلق
شعرة واحدة، أو قلم ظفراً واحداً فليطعم مسكين واحداً، وإن حلق شعرتين أو
ظفرين فمسكينين، هكذا قال أهل العلم، وفي الثلاثة كما قال المؤلف الفدية
كاملة، كذا عند الحنابلة والشافعية، وعند أبي حنيفة الفدية إنما تجب في ربع
الرأس، وعند مالك فيما يماط به الأذى، إذا اعتبر حالقاً فدى وإلا فلا، فيما
يماط به الأذى ويحصل به الترفه، وإزالة التفث.
وأنكر ابن القيم أنه يستفاد وجوب الدم على من قطع من جسده أو رأسه ثلاث
شعرات أو أربعاً من قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ} [(196)
سورة البقرة] لأن هذا ليس بحلق، ثلاث شعرات ولا الأربع لا أثر لها في
الرأس، يباح للمحرم غسل شعره وترجيله برفق، وإن ترتب عليه سقوط بعض الشعر
من غير قصد.
تقليم الأظفار لم يرد فيه دليل، الدليل في حلق الشعر، لكن العلماء قاسوه
على حلق الشعر بجامع الترفه، روى البيهقي عن ابن عباس أنه قال: "المحرم إذا
انكسر ظفره طرحه" ويقول: "أميطوا عنكم الأذى، فإن الله -عز وجل- لا يصنع
بأذاكم شيئاً" وقد نقل الإجماع على أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره فيكون
الدليل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الإجماع، حكاه ابن المنذر والموفق، وخالف
ابن حزم فأجاز في المحلى قص الأظفار؛ لأنه لم يرد فيه دليل وهو كما هو
معلوم يدور مع الدليل، ولا يلتفت إلى مخالفة السواد الأعظم من الأمة لو
ترتب على ذلك مخالفة الأمة كلها؛ لأنه يدور مع الدليل، ويأتي هنا ما قيل في
الاعتداد برأيه، وهل ينقض به الإجماع أم لا.
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما هو مرفوع.
طالب: وخصت به الآية.
تفسير الصحابي؟ يعني تفسير الصحابي هل مرفوع أو لا؟ الحاكم يعده من
المرفوع، والجمهور على أنه ليس بمرفوع، وحملوا قول من قال بذلك على أسباب
النزول، ولذا يقول الحافظ العراقي:
وعُدّ ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ
ليس كل ما فسره الصحابي يعد مرفوع، نعم جاء الوعيد الشديد في تفسير القرآن
بالرأي، والصحابة أشد الناس امتثالاً للأوامر واجتناب للنواهي، لكن مع ذلك
ثبت عنهم أنهم فسروا من تلقاء أنفسهم، فسروا من عندهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المحظور الثالث: أشار إليه المؤلف بقوله: "ومن غطى رأسه بملاصق فدى" تغطية
الرأس بالنسبة للذكر محظور لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سئل رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس المحرم القميص
ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوب مسه ورس ولا زعفران ولا
الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)) متفق
عليه.
فتغطية الرأس بالملاصق سواء كان معتاداً كالعامة والطاقية والبرنس، أو غير
معتاد كالقرطاس والطين والحناء وما أشبه ذلك، ويخرج بذلك غير الملاصق؛ لأنه
لا يعد تغطية، مثل الشمسية والسيارة والخيمة والشجرة والبيت وغير ذلك؛ لأن
هذا لا يعد تغطية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ظلل عليه، وهذا ما يفيده
كلام المؤلف، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والمذهب عند الحنابلة أنه إذا
غطى رأسه بملاصق أو استظل بشمسية يعني غير ملاصق أو محمل حرم عليه ذلك،
ولزمته الفدية، وإليه يؤمئ كلام الشارح.
الشيخ -رحمه الله- ابن عثيمين -رحمة الله عليه- قسم ستر الرأس إلى أقسام.
الأول: يقول: جائز بالنص والإجماع مثل أن
يضع الإنسان على رأسه لبداً بأن يلبده بشيء كالحناء مثلاً، أو العسل، أو
الصمغ لكي يهبط الشعر، ونص الشيخ على الحناء، ونقل فيه الإجماع، الأول جائز
بالنص والإجماع، مثل أن يضع الإنسان على رأسه لبداً؛ لأن النبي -عليه
الصلاة والسلام- أهلّ ملبداً، كما في الصحيح عن ابن عمر، أي وضع شيئاً يلبد
به شعره لمنع الشعث، ومثل بالحناء والعسل والصمغ هناك في ما ذكره أهل العلم
كالشارح وغيره، قالوا: فتغطية الرأس بالملاصق سواء كان معتاداً كالعمامة
والطاقية والبرنس أو غير معتاد كالقرطاس والطين والحناء، فسووا بين المعتاد
وغير المعتاد، لكن من وضع على رأسه الحناء هل يقال: غطى رأسه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا كان له جرم أو ليس له جرم؟ إذا كان الحناء له جرم يأخذ حكم
التغطية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أهل ملبداً بإيش؟ النبي -عليه
الصلاة والسلام- أهل ملبداً في صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-
قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يهل ملبداً" أي واضعاً شيئاً يلبد
شعره، يعني كالعسل والصمغ وما أشبه ذلك، لكن هل مثل هذا لو جرم، الشيخ ابن
عثيمين -رحمه الله- جعل الحناء في القسم الأول الذي هو الجائز بالنص
والإجماع، ولعل هذا مثلما تفضل الأخ يحمل على الحناء الخفيف الذي لا يقي
المحرم حر الشمس مثلاً؛ لأنه إذا وقاه حر الشمس أخذ حكم المعتاد، أما إذا
كان شيئاً يسيراً لا يقي حر الشمس، بل يلبد الرأس ولا يقي من حر الشمس فإنه
يختلف الحكم.
الثاني: يغطي بما لا يقصد به التغطية والستر كحمل العفش ونحوه، فهذا لا بأس
به.
القسم الثالث: أن يستره بما يلبس عادة على الرأس مثل الطاقية والشماغ
والعمامة فهذا حرام بالنص.
القسم الرابع: أن يغطي بما لا يعد لبساً لكنه ملاصق ويقصد به التغطية فلا
يجوز، ودليله قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تخمروا رأسه)).
القسم الخامس: أن يظلل رأسه بتابع له
كالشمسية والسيارة ومحمل البعير وما أشبهه، فهذا محل خلاف بين العلماء،
فمنهم من أجازه يقول الشيخ: وهو الصحيح، ومنهم من منعه، وتقدم أن في الشرح
منع مثل هذه الأمور، نعم، "أن المذهب عند الحنابلة أنه إذا غطى رأسه بملاصق
أو استظل بشمسية أو محمل حرم عليه ذلك ولزمته الفدية، وإليه يؤمئ كلام
الشارح".
القسم السادس: أن يستظل بمنفصل عنه، غير تابع كالاستظلال بالخيمة، وثوب
يضعه على شجرة أو أغصان شجرة وما أشبه ذلك فهذا جائز ولا بأس به، وقد ثبت
أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضربت له قبة بنمرة فبقي فيها حتى زالت
الشمس، هذا بالنسبة لتغطية الرأس، وماذا عن تغطية الوجه؟ المؤلف لم يتعرض
له، لم يذكر تغطية الوجه، والعلماء مختلفون في تغطيته، هل يجوز للمحرم أن
يغطي وجه أو لا يجوز؟ فبعضهم قال: لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه؛ لما في
حديث ابن عباس في قصة الرجل الذي وقصته ناقته، فعند مسلم: ((لا تخمروا رأسه
ولا وجهه)) هذه الزيادة: ((ولا وجهه)) وهي في صحيح مسلم تدل على أن المحرم
ليس له أن يغطي الوجه، فإذا منع منه في حال الموت ففي حال الحياة من باب
أولى، والمنع رواية عن أحمد، وهو قول مالك وأبي حنيفة، ومن أجاز تغطية
الوجه حكم على رواية مسلم آنفة الذكر بأنها غير محفوظة، يقول: هذا الرواية
غير محفوظة، والحديث في الصحيحين وغيرهما بدونها، وحكم جمع من الحفاظ عليها
بأنها شاذة، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، فعلى هذا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه.
فرق ابن حزم وهذا لائق بظاهريته فأجاز
للمحرم في حال الحياة أن يغطي الوجه، ومنع المحرم في حال الموت أن يغطى
وجهه، هذا لائق بظاهريته، والأولى المنع؛ لأن هذه الزيادة ثابتة في صحيح
مسلم، والكتاب تلقته الأمة بالقبول، صيانة لهذا الكتاب العظيم الذي اعتمدت
عليه الأمة، وتلقته بالقبول فينبغي أن تقبل مثل هذه الزيادة، يقول ابن
التركماني في الجوهر النقي: "قد صح النهي عن تغطيتهما -الرأس والوجه-
فجمعهما بعضهم، وأفرد بعضهم الرأس، وبعضهم الوجه، والكل صحيح، ولا وهم في
شيء منه، وهذا أولى من تغليط مسلم"، وقال الألباني في إرواء الغليل: "وجملة
القول أن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير من طرق عنه"
هذه المسألة يحتاجها كثير من الناس؛ لأن بعض الناس ما ينام من دون تغطية
الوجه، إذا كان وجه مكشوف ما ينام، لكن مع ذلك إذا ثبت النص فلا كلام لأحد.
طالب: بعض الناس يعصب على عينه.
إذا كان لا يعد تغطية لا بأس، أما كل ما يعد تخمير فهو ممنوع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيء اليسير لا يأخذ حكم الكل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت تغطي النصف الأسفل فهذا كثير بلا شك، أما إن كانت خيط رفيع يمنع من
دخول الروائح أو دخول الجراثيم للأنف فلا بأس -إن شاء الله- للحاجة، ومثله
لو وضع على عينيه خيط أو سير خفيف مثلاً يسير يمنع النور ولا يسمى عرفاً
مغطياً حينئذٍ لا بأس، لا سيما والمسألة كما سمعتم خلافية.
والمحظور الرابع: أشار إليه المؤلف بقوله: "وإن لبس ذكر مخيطاً فدى"
والمراد في بدنه أو في بعضه، بما عمل على قدره قل أو كثر، من قميص وعمامة
وسراويل وبرنس ونحوها، قال في الإنصاف: "ما عمل على قدر العضو إجماعاً
كالخفين والقفازين ولو غير معتاد كجورب" هذه غير معتاد؟ كجورب في كف وخف
معتاد وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا "وخف في رأس".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا في أخفاف كبار، ما عمل على قدر العضو
إجماعاً كالخفين والقفازين ولو كان غير معتاد كجورب في كف وخف في رأس،
لماذا؟ لأنه بقدر العضو، لما في الصحيحين أنه -عليه الصلاة والسلام- سئل ما
يلبس المحرم؟ قال: ((لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل،
ولا ثوب مسه ورس ولا زعفران)) الحديث تقدم "ولا يعقد الرداء" قال الشيخ:
الرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع،
والأشبه جوازه حينئذٍ إن احتاج على عقده يعقده، لكن بما لا يشبه به المخيط،
لو أكثر العقد في الرداء وقارب بين هذه العقد بحيث يكون في حكم المخيط
ومثله الإزار، لو أكثر العقد، أو وضع شيء يجعل بعضه يلصق في بعض بحيث يشبه
به كالأزارير مثلاً يشبه به كالمخيط هذا هو المخيط بعينه؛ لأن الخياطة ليست
هي المقصودة بذاتها، ليست المخياطة مقصودة لذاتها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن إذا أشبه المخيط على قدر العضو أو على قدر البدن له حكمه.
طالب:. . . . . . . . .
لو كثر المشابك وصار في حكم المخيط، أو خاط الإزار، وصار مثل نصف القميص
هذا مخيط، وقلنا: إن الخياطة ليست مقصودة لذاتها، إنما إذا أشبه ما يلبسه
الحلال كالقميص والسراويل والبرانس وما أشبه منع؛ لأنه لو أنشق القميص أو
الرداء جازة خياطته ولا يسمى مخيط، ولو نسج على قدر العضو بدون خياطة منع،
ولو لم تكن فيه خياطة.
قال ابن عمر: "لا يعقد عليه شيئاً" رواه النسائي، وليس له أن يجعل الرداء
زراً ولا عرى، ولا يخله بشوك أو إبر، أما الإزار فله عقده لحاجته إلى ستر
العورة كاللباس للمرأة، يعني والحاجة تقدر بقدرها، بقدر الحاجة وما زاد عن
الحاجة مما يجعله شبيهاً بالقمص مثل هذا لا يجوز لبسه للمحرم.
قال في الإنصاف: "إذا لم يثبت إلا بالعقد
فله عقده بلا نزاع، وإن لم يجد نعلين لبس خفين، وهل يقطعهما أسفل من
الكعبين؟ المذهب لا، ففي المنتهى: يحرم قطعهما، نص عليه أحمد، وهو إفساد،
واحتج الموفق وغيره بالنهي عن إضاعة المال، وقال الشيخ: إذا لم يجد نعلين
لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -عليه الصلاة
والسلام- أمر بالقطع أولاً، ثم رخص في ذلك في عرفات، ففي الصحيحين من حديث
ابن عباس قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في عرفات: ((من لم
يجد إزاراً فليلبس سراويل، ولم يجد نعلين فليلبس خفين)) يقول صاحب المنتقى
المجد ابن تيمية: الظاهر أنه ناسخ لحديث ابن عمر بقطع الخفين؛ لأنه قاله
بعرفات في وقت الحاجة، وحديث ابن عمر كان في المدينة، وذهب الجمهور إلى
وجوب قطع الخفين إذا لم يوجد النعلين؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما،
وفيه: ((إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)).
لا شك أن حديث ابن عباس متأخر، وحديث ابن عمر متقدم، من نظر إلى هذين
النصين من هذه الحيثية، قال بالنسخ لا سيما وأن الحاجة داعية إلى ذكر القطع
بعرفات؛ لأنه حضر من الحجاج الجمع الغفير ممن لم يسمع الخبر الأول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حديث ابن عمر في المدينة، حديث: ((وليقطعهما)) هذا في المدينة، وحديث ابن
عباس: ((فليلبس خفين)) وليس فيه ذكر للقطع بعرفات، فمن قال: إن البيان لا
بد منه في هذا الموطن؛ لأنه سمع الحديث جمهور غفير من الحجاج الذين وفدوا
إلى مكة من غير المدينة، ولم يسمعوا حديث ابن عمر قال بالنسخ؛ لأن هذا يلزم
عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهو
المعروف عند الحنابلة، بل أفتوا بتحريم القطع لأنه إضاعة للمال، والجمهور
يقولون: لا بد من القطع، لماذا؟ لأن عندهم مطلق ومقيد، حديث ابن عمر مقيد،
وحديث ابن عباس مطلق، حديث ابن عباس مطلق، وحديث ابن عمر مقيد، وهنا يحمل
المطلق على المقيد في خلاف وإلا لا؟ في خلاف في حمل المطلق على المقيد في
مثل هذه الصورة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بلا خلاف، لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، للإتحاد في الحكم والسبب، لإتحاد
الحكم والسبب، هنا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، لكن الحنابلة غفلوا عن
هذه القاعدة وإلا رجحوا بمرجحات أخرى؟ نظروا إلى مرجحات أخرى؛ لأن القواعد
التي يقعدها أهل العلم إنما يعمل بها مع عدم المعارض، أما إذا وجد معارض
أقوى من هذه القاعدة فإنهم يعملون المعارض إذا كان راجحاً.
هنا اتحد الحكم والسبب فيمحل المطلق على المقيد اتفاقاً، وهذه مسألة مفروغ
منها، كما في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ}
[(3) سورة المائدة] مع قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ
إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً
أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] هنا يحمل المطلق على المقيد،
وهذه مسألة متفق عليها للاتحاد في الحكم والسبب، يحتاج أن نذكر باقي الصور
وإلا ما يحتاج؟ رددناها في مناسبات كثيرة، ها؟
طالب:. . . . . . . . .
يحتاج وإلا ما يحتاج؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن نذكرها باختصار، يقابل ذلك إذا اختلفا في الحكم والسبب، فإنه لا يحمل
المطلق على المقيد اتفاقاً، كاليد أطلقت في آية السرقة، وقيدت في آية
الوضوء، الحكم مختلف والسبب مختلف، وحينئذٍ لا يحمل المطلق على المقيد،
وهذا محل إجماع.
إذا اتحدا في الحكم دون السبب كالرقبة في العتق، الحكم واحد وهو وجوب
الإعتاق والسبب مختلف، في آية القتل الرقبة مقيدة، وفي آية الظهار الرقبة
مطلقة، والجمهور يحملون المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة، وعكسه فيما
إذا اتحد السبب واختلف الحكم كاليد في آية الوضوء، واليد في آية التيمم،
والجمهور على عدم حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة خلافاً
للشافعية.
عرفنا أن مذهبه الجمهور وجوب قطع الخفين
إذا لم يجد نعلين؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، وعرفنا أن مذهب
الحنابلة أن الخفين لا يقطعان إذا لم يجد النعلين؛ لأنه إضاعة للمال،
وعرفنا وجه كل من القولين، الآن إذا أردنا الترجيح بين القولين إذا نظرنا
إلى المسألة بمفردها وأردنا أن نطبق قواعد من غير النظر إلى نصوص أخرى،
الجمهور عندهم حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة متفق عليها في مثل هذه
الصورة، والحنابلة يقولون: يلزم على عدم ذكر القطع تأخير البيان عن وقت
الحاجة، إذا قلنا: إنه لا بد من القطع، وقد جاء مطلقاً في حديث ابن عباس
قوله يلزم عليه تأخير البيان إلى وقت الحاجة، فإذا رجحان قول الحنابلة
بالنصوص المتضافرة التي تنهى عن إضاعة المال بل تأمر بحفظه، رُجح القول من
هذه الحيثية، إذا لم نجد إزاراً لبس السراويل إلى أن يجد، ولا فدية عليه،
بدليل حديث ابن عباس السابق، وهو مذهب الحنابلة والشافعية، وعند الحنفية
والمالكية ليس له ذلك، لكن عند الحنفية إذا فتق السراويل لا فدية عليه؛
لعموم النهي عن لبس السراويل، لكن الفيصل في هذه المسألة النص.
لزوم الفدية هو الجاري على قاعدة من يرى أن من احتاج إلى ارتكاب المحظور أن
له ذلك مع الفدية، بلا إثم يعني احتاج إلى لبس السراويل، يعني شخص ما وجد
إزار لبس سراويل يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز بالنص، تلزمه الفدية وإلا ما
تلزمه؟ هو احتاج، هل يختلف الحكم فيما لو كان يجد إزار واحتاج لبس السروال
لحكة مثلاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يختلف الحكم وإلا لا؟
طالب: يختلف.
هذا شخص ما وجد إزار لبس السراويل نقول: لا
شيء عليه، النص ظاهر في هذا، لكن القاعدة التي يعمل بها كثير من أهل العلم
أنه إذا احتيج إلى ارتكاب المحظور، بعضهم يطلق هذه القاعدة أنه يفدي ولا
أثم عليه، كما احتاج كعب بن عجرة إلى حلق الرأس، حلق رأسه وفدى، وهذا احتاج
إلى لبس السروال هل نقول: له أن يلبس السراويل ويفدي أو لا يفدي؟ يعني هل
تنطبق عليه القاعدة أو لا؟ يعني لعل مرد قول الحنفية والمالكية: "من لم يجد
الإزار فليلبس السراويل" يلبسه إذن بلبسه وارتفاع الإثم دون الفدية، لكن
الفدية لو كانت مطلوبة لبينت في الحديث، كما بينت في حديث كعب بن عجرة، لكن
لما لم تذكر في الحديث دل على أنه لا فدية مع ارتفاع الإثم، وقلنا: هل هناك
فرق بين أن يحتاج إلى السراويل لعدم الإزار، أو أن يحتاج إليهما مع وجود
الإزار لكن للحاجة الماسة إلى لبس السراويل؟ نعم؟ في فرق وإلا لا؟ إذا لبس
السراويل وهو واجد للإزار في فرق؟ يعني يفدي وإلا ما يفدي؟ يعني هذه الصورة
هي التي يمكن أن تخرج على القاعدة، قد يقول قائل: هل هناك فرق بين عادم
الماء حقيقة وبين عادمه حكماً نظير هذه المسألة هذا عادم للماء حقيقة، له
أن يتيمم إجماعاًَ هذا واجد للماء، الماء أمامه، لكنه لا يستطيع استعمال
الماء، يضره استعمال الماء {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(43) سورة النساء] وهو
واجد للماء، ألا يمكن أن يقال في لبس السروال للحاجة الصحية أنه مثل ما
عادم الإزار حكماً، هو واجد للإزار لكنه لا يتمكن من استعماله، فلا يلزم
بالفدية؟
طالب:. . . . . . . . . يتأذى.
على كل حال مسائل الباب الواحد ينبغي أن
تتخذ مجرى واحد، فمسائل الحج تنزل على قواعد ومسائل الصلاة والطهارة تنزل
على قواعدها، فقياس من احتاج إلى السراويل مع وجود الإزار على حلق الرأس مع
الحاجة أولى من قياسه على واجد الماء مع عدم القدرة على استعماله، يعني لو
افترضنا عندنا فرع تردد بين أصلين، عندنا شخص واجد للإزار، لكنه لا يتمكن
من استعماله، كثير من الناس يتضايق من الإزار، بل يصاب بتسلخات في فخذيه،
فيقول: ما أستطيع أستعمل الإزار، هذا فرع متردد بين أصلين، بين من احتاج
لحلق الرأس فحلقه، وحينئذٍ تلزمه الفدية، وبين من وجد الماء مع القدرة على
استعماله وحينئذٍ لا يستعمله يتيمم يرجع إلى البدل؛ لأن السراويل بدل على
الإزار عند العدم، بدل، وهذا ما يسمى بقياس الشبة، فرع تردد بين أصلين،
فيلحق بأقربهما شبهاً، ومسألة حلق الرأس أقرب من مسألة التيمم.
طالب:. . . . . . . . .
معروف قول عائشة في التبان، أجازت التبان يعني لو احتاج إلى تبان مثلاً له
سلف.
طالب:. . . . . . . . . حلق الرأس. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة التفريق بين المتلفات وغيرها في المحظورات تراها ما تستند إلى شيء
بين، ولذا يلزمون بالمتلفات في النسيان مثلاً، ولا يلزمون فيما لا يترتب
عليه إتلاف، لكن التفريق هذا ما له أصل يستند إليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب: الشديد وغير الشديد. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب: ممكن أكمل الحج هذا تعب، أنا ممكن أكمل على تعب، لكن بعضهم لا قد
يصاب بجروح وتضرر ضرر بالغ.
على كل حال الحاجة تقدر بقدرها، تقدر بقدها، والناس يتفاوتون، بعض الناس
مستعد أن يرتكب جميع المحظورات ويتخفف من كثير من الواجبات ويفدي عن كثير
من الواجبات، ويفدي عن كل محظور، وعن كل ترك مأمور في سبيل أنه يرتاح، وبعض
الناس يتحمل المشقة قاصداً بذلك الثواب والأجر من الله -سبحانه وتعالى-،
وبعض الناس يتحمل هذه المشقة بخلاً لا قصد للأجر، وكما قال الله -سبحانه
وتعالى-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل].
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أنه إن احتاج إليه، احتاج إليه والله كأنه
الفدية أقعد، الفدية أقعد.
الخامس من المحظورات -محظورات الإحرام- ما أشار إليه المؤلف بقوله: "وإن
طيب بدنه أو ثوبه أو ادهن بطيب، أو شم طيباً أو تبخر بعود ونحوه فدى".
اتفق الأئمة على أن استعمال الطيب من المحظورات كما في الإفصاح والمحظور
منه عند الجمهور كل ما يتخذ منه الطيب إذا ظهر منه ريح، ريح طيبة سواء كان
له مع الريح أثر أم لا، وعند المالكية ما يظهر ريحه، ويبقى أثره كالمسك
والزعفران، أما ما لا أثر له فيكره ولا فدية، دليل المنع قول ابن عمر -رضي
الله عنهما-: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبلس المحرم ثوباً
مصبوغاً بزعفران أو ورس" رواه مسلم، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلى
بن أمية بغسله.
وقال في المحرم الذي وقصته راحلته: ((لا تحنطوه)) ولمسلم: ((ولا تمسوه
بطيب)) إذا استعمل الطبيب على وجهه يعني تطيب بثوبه أو بدنه هذا ظاهر، لكن
إذا استعمل الطيب لا على جهة التطيب كأن استعمله في أكل أو شرب فالمعروف
عند الحنابلة أنه يفدي إذا ظهرت رائحته وطعمه، يقول في الإنصاف: "بلا نزاع
أعلمه؛ لأنه استعمال للطيب أشبه الشم" جاء بماء الورد مثلاً ووضعه على
الطعام وأكله، إن قصد الرائحة هذا له حكم، لكن إذا قصد أن يطيب به الطعام،
يطيب به طعمه، فاستعمل الطيب في غير ما وضع له يجوز إلا ما يجوز؟ نعم؟
معروف الحنابلة ما بينهم نزاع في هذه المسألة، لكن هل من وضع ماء الورد في
الشاي مثلاً ومقصوده أن يطيب الطعم لا أن طيب الريح ....
|