شرح زاد
المستقنع للخليل باب بيع الأصول
والثمار
- قال - رحمه الله -:
- باب بيع الأصول والثمار.
قوله: (باب بيع الأصول). الأصل هو ما يتفرع عنه غيره.
والمقصود به هنا في هذا الباب الدور والاراضي والشجر. هي الأصول.
وقوله: (والثمار) الثمار اصطلاحاً: هي ما تحمله الأشجار. فهذا هو المقصود
بالثمار في الاصطلاح.
وإنما نص على الثمر مع أن الشجر داخل في كلمة الأصول لأن الإنسان قد يبيع
الثمرة بلا أصلها كما سيأتينا ولذلك نص عليها في الباب.
- قال - رحمه الله -:
- إذا باع داراً شمل: أرضها وبناءها وسقفها.
بدأ المؤلف - رحمه الله - في بيان الأمور التي تدخل في عقد شراء الدار.
وبدأ بهذه الثلاثة لأنها من أولى ما يدخل في شراء الدار.
فيدخل في شراء الدار البناء والسقف والأرض.
وهذه الأشياء تدخل في شراء الدار بالإجماع
لم يخالف في هذا أحدمن أهل العلم.
ودليل هذا الإجماع:
- أن هذه الثلاثة تدخل دخولاً أولياً في مسمى الدار.
فهذه الثلاثة لا إشكال فيها إن شاء الله.
- ثم قال - رحمه الله:
- والباب المنصوب، والسّلم.
يعني: ويدخل في العقد على الدار: كل باب منصوب والسلم.
ودليل دخول هذه الأشياء في الدار:
- أن هذه الأشياء متصلة بالدار ولا تتم المصلحة من الدار إلا بها.
ومفهوم قول المؤلف - رحمه الله - الباب المنصوب: أن الباب الذي لم ينصب في
الجدار ويركب وإنما موضوع في ناحية من البيت إما مخزن أو لأي غرض آخر فإنه
لا يدخل في مسمى العقد إنما الذي يدخل في مسمى العقد الباب المنصوب المركب
أثناء إجراء العقد.
إذاً: عرفنا الآن حكم خمسة أشياء: - الأرض. - والبناء. - والسقف. - والباب.
- والسلم.
-
قال - رحمه الله -:
- والرّف المسمورين.
يعني: السلم والرف المسمورين.
فيشترط لدخول السلم والرف أن يكون مسموراً وبعبارة أخرى أوسع أن يكون
مثبتاً في الدار بمسمار أو بغيره أو بأي شيء. المهم أن يكون مثبتاً في
الجدار.
فإذا كانت هذه الأشياء مثبتة في الدار فهي داخلة في مسمى العقد وهي: داخلة
في هذا المبيع وهو الدار.
- يقول - رحمه الله -:
- والخابية المدفونة.
الخابية: هي وعاء كبير من الطين يوضع فيه عادة السمن أو الدهن وقليلاً
الماء.
ويكون مدفوناً تحت الأرض في عادة المتقدمين.
عرفنا الآن أن شرط السلم والرف أن يكون مسموراً.
فإن كان موضوعاَ فهو من أملاك المشتري أو البائع؟ البائع.
والخابية شرطها آخر وهي: أن تكون مدفونة.
فإن لم تكن مدفونة وإنما موضوعة بجانب البيت فهي تبع للبائع.
التعليل على دخول السلم والرف والخابية:
- أنها متصلة بالدار لمصلحتها فشملها العقد.
- ثم قال - رحمه الله:
- دون ما هو مودع فيها: من كنز وحجر.
الكنز هو المال المدفون.
وبطبيعة الخال لا نقول هنا من أيام الجاهلية بل نقول الكنز المدفون ويقصد
بكلمة الكنز المدفون. يعني: من قبل مالك البيت الأول.
والحجر: معروف. لكن الأقرب أن الحنابلة يقصدون بالحجر الأحجار التي لها
قيمة ووزن ومرغوبة.
فالكنز والحجر المدفون ليس داخلاً في البيع
وهو من أملاك البائع لأنه موضوع في الأرض بقصد استخراجه.
فليس متصلاً بالبيت اتصالاً ثابتاً دائماً وإنما متصل به على وجه أخذه بعد
فترة.
فالكنز والحجر ولو نسيه البائع فهو لا يدخل في العقد وله أن يرجع ويستخرج
الكنز أي ماله الذي دفنه والحجر ويأخذه معه.
وقولهم: (الكنز والحجر) إنما هو على سبيل التمثيل. ومثل به لأن غالب ما
يدفن عند الأقدمين هو هذا إما الكنز أو حجر.
لكن لو افترضنا أنه دفن أي شيء آخر فإنه له ولو نسيه ورجع بعد فترة فهو له
يستخرجه لأنه لم يدخل في مسمى العقد.
لما بين المؤلف - رحمه الله - أحكام المتصلات من الأعيان الموجودة في البيت
وهي تنقسم كما مر معنا إلى قسمين: متصل: داخل في العقد. ومتصل غير داخل
بالعقد - كما مر معنا الآن. انتقل إلى المفصلات:
- فقال - رحمه الله -:
- ومنفصل منها: كحبل ودلو وبكرة وقفل وفرش ومفتاح.
المنفصلات لا تدخل في العقد.
ومثل لها المؤلف - رحمه الله -: بالحبل والدلو والبكرة والقفل والفرش
والمفاتيح.
هذه الأشياء منفصلة عن الدار فلا تدخل في مسمى العقد لأنها لا تدخل في مسمى
الدار وليست متصلة بها فهي ملك للبائع.
وهذه الاعيان التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - بعضها لا إشكال فيه وهو محل
إجماع كالفرش والحبل والدلو والبكرة. هذه الأشيا محل إجماع.
لكن بعض هذه الأشياء التي مثل بها المؤلف - رحمه الله - محل خلاف وليست محل
اتفاق.
منها: ـ المفتاح. فالمفتاح في الحقيقة فيه خلاف داخل المذهب وخارج المذهب.
= فالحنابلة يرون أنه لا يدخل في مسمى الدار وأنه لا يدخل تبعاً لذلك في
مسمى العقد لأنه منفصل عن الدار.
= والقول الثاني: أن المفتاح داخل في مسمى العقد.
- لأن مصالح الدار لا تتم إلا به.
- ولأن التسليم الذي هو القبض يتم في الدور بتسليم المفتاح. فلذلك اعتبروها
داخلة في مسمى العقد ويجب على البائع أن يسلم هذه الفاتيح إلى المشتري.
وكما ترون هذا القول هو القول الصحيح.
* * مسألة/ ذكرها الحنابلة وهي مفيدة ليقاس عليها كا ما هو من جنسها.
نحن الآن ذكرنا المتصلات والقسم الثاني: المنفصلات.
المسألة هي في القسم الثالث: وهي الذي بعضه
متصل وبعضه منفصل. مثل حجر الرحا.
حجر الرحا قاعدته متصلة مربوطة في الأرض مثبتة وعلويه ينزع.
= فالحنابلة يقولون: قاعدة الرحا تبع البيت وغطاء الرحا تبع البائع يعني:
لا يدخل في العقد.
لماذا؟
- لأن أصلها متصل ثابت وأعلاها منفصل. والقاعدة عند الحنابلة: التفريق بين
المتصل والمنفصل.
= والقول الثاني: أن هذه الأعيان التي تنقسم إلى متصل ومنفصل أنها داخلة في
مسمى البيع وهي تبع للبيت.
- لأن الجزء المثبت منها لا ينتفع به إلا بالجزء المتحرك.
وهذا القول الثاني كما ترى قوي وسديد وواضح جداً وهو أن كل شيء يثبت في
البيت فالجزء المنفصل منه تبع له وهو داخل في مسمى العقد.
ثم بعد ذلك نقول: بعد أن فصَّل المؤلف - رحمه الله - في الأعيان التي تدخل
في مسمى الدار:
أقول: أن هذه الأمور ترجع إلا العرف. والأعراف حاكمة على عقود الناس.
فإذا دلَّ العرف على أن هذه الأشياء داخلة في مسمى العقد فتدخل وإذا لم يدل
فإنها لا تدخل.
وإنما ينتفع بكلام الفقهاء وتعليلاتهم واستدلالاتهم بالأشياء التي ليس فيها
عرف أو الأشياء التي اختلفت فيها الأعراف حينئذ ننتفع من هذه التفصيلات
بتقرير ما ذكره الفقهاء.
فمثلاً/ من الأشياء التي انتهى الخلاف فيها ولم يعد له وجود مطلقاً مسألة
المفتاح والقفل. هل [يوجد] أحد من المعاصرين يمكن أن أن يقول أن المفتاح
والقفل ليس داخل في مسمى البيت؟ لا يمكن أبداً. فإذاً دلت هذه المسألة على
أن العرف في كثير من البيوع حاكم. إذا كان العرف واضح وجلي وليس فيه تردد
ولا اختلاف.
كذلك هذه مشمولات المبيع نرجع فيها إلى الاعراف سواء في الدور أن في
الأراضي التي ليست بساتين أو في الأراضي التي هي بساتين.
فمثلاً/ اليوم بيع المزارع جرى العرف أنه لا يشمل بهيمة الأنعام التي فيها.
لكن جرى العرف أنه يشمل الأحواش ولو كانت من أشياء منفصلة متحركة كالشبك
مثلاً: جرى العرف أن ما في المزرعة من شبوك وأحواش مسورة أنها داخلة في
مسمى العقد دون ما فيها من بهيمة الأنعام ودون ما في هذه الأحواش من أعلاف.
فكل هذه الأمور لا تدخل بينما الأحواش تدخل.
هذه أمثلة تبين أن المرجع في دخول بعض
الأشياء وخروجه هو العرف.
-
قال - رحمه الله -:
- وإن باع أرضاً ولو لم يقل: ((بِحُقُوقِهَا)) شمل: غرسها وبناءها.
إذا باع أرضاً فإما أن يقول: اشتريت هذه الأرض بحقوقها.
أو يقول: اشتريت هذه الأرض ولم يقيد ذلك بحقوقها.
ـ فإن قال: اشتريت هذه الأرض بحقوقها: دخلت بالإجماع. والحقوق مثل ما ذكره
المؤلف - رحمه الله: الغرس والبناء.
ويجب أن تلاحظ أنا نتكلم عن شراء الأرض بينما لو أنه شرى البناء لدخلت
الأرض بلا خلاف. لكن إذا اشترى الأرض نحن الآن نحتاج إلى الكلام في حكمها.
فإذا اشترى الأرض: ـ فإن قال بحقوقها دخلت الأشجار والبنيان بالإجماع.
ـ وإذا قال اشتريت الأرض وسكت ففيه خلاف:
= القول الأول: أنه إذا اشترى الأرض دخلت الحقوق في الأرض ولو لم ينص عليها
في العقد.
استدلوا على هذا:
- بأنه إذا اشترى الأرض ونص على حقوقها دخلت بلا خلاف فكذلك إذا لم ينص على
حقوقها. لأن النص على حقوقهالا كشف لنا أنها داخلة.
= والقول الثاني: أنه إذا اشترى أرضاً فيها غرس وبناء فيها شجر وبناء فإن
الشجر والبناء لا يدخل في مسمى الأرض.
واستدلوا على هذا:
- بأن كلمة الأرض تطلق على غير الغرس والبناء فالغرس والبناء لم يدخل في
مسمى العقد فلا يشمله العقد.
والراجح: القول الأول: وهو كما ترى مذهب الحنابلة: أنه إذا اشترى أرضاً شمل
الغرس والبناء ولو لم يقل بحقوقها.
وهذه المسألة من أمثلة المسألة السابقة وهي أن العرف أنهى الخلاف الفقهي.
فاليوم إذا اشترى الإنسان أرضاً: هل يمكن أن يطالب الإنسان بالشجر الذي
فيها؟
يدخل الشجر والبناء وكل ما على الأرض بلا جدل ولا نقاش بل يحتاج إذا أراد
أن يقلع الشجر أن يشترط ذلك في العقد. من الذي يحتاج أن يشترط؟ البائع. إذا
أراد أن يحمل معه الغرس يحتاج إلى اشتراط.
فإذا كان البائع هو الذي يحتاج إلى اشتراط صار دخوله في ملك المشتري بديهي
وأولوي.
إذاً: هذا أيضاً من أمثلة أن العرف أنهى الخلاف الفقهي.
-
قال - رحمه الله -:
- وإن كان فيها زرع كبر وشعير: فلبائع مبقى.
ما زال المؤلف - رحمه الله - في بيان الأشياء الموجودة على الأرض.
فإذا كان فيها زرع وهذا الزرع يحصد مرة
واحدة: كالبر والشعير فإنه ملك لمن؟ للبائع.
إذا كانت هذه الأشياء تؤخذ مرة واحدة فهي للبائع بالإجماع بلا خلاف.
ويلحق بالزرع الذي يحصد مرة واحدة كل ما يلقط مرة واحدة مثل/ الجزر والبصل
والثوم. هذا يلقط: مرة واحدة. فهو يشبه حصاد القمح والبر والشعير.
فهذه الأشياء التي تؤخذ مرة واحدة هل للبائع بالإجماع لماذا؟
- قالوا: لأن هذه الأشياء توضع في الأرض بقصد أخذها فهي كالفرش بالنسبة
لبيع الدور.
وهذا أمر واضح جداً وهي كما قال المؤلف - رحمه الله -: للبائع بلا إشكال.
فإنه ما أودعها إلا ليأخذها.
ثم انتقل إلى نوع آخر:
- فقال - رحمه الله -:
- وإن كان يُجَزُّ أو يلقط مراراً: فأُصوله للمشتري. والجزة واللقطة
الظاهرتان عند البيع: للبائع.
الذي يجز مراراً: كالرطبة. الذي يسمى البرسيم.
والذي يلقط مراراً: كالقثاء. وكل ما يلقط أكثر من مرة.
فهذه حكمها يختلف وفيه تفصيل:
ـ فأصول الشجر للمشتري واللقطة الظاهرة للبائع.
لكن يشترط أن يجز هذه اللقطة الظاهرة فوراً. لئلا تختلط مع ما ينبت
بالتدريج ولا يمكن التمييز بين ما هو للمشتري وما هو للبائع.
الدليل: أن اللقطة الظاهرة للبائع: قالوا: أن الدليل:
- أن اللقطة الظاهرة تشبه الثمر بعد التأبير. والثمر بعد التأبير ملك
للبائع. ولما كانت هذه اللقطة الظاهرة تشبها أخذت نفس الحكم.
وأما الدليل على أن أصل الشجر للمشتري:
- فلأنه أصل ثابت تابع للأرض.
فعرفنا الآن أن الشيخ - رحمه الله - قسم ما ينبت في الأرض إلى ثلاثة أقسام:
ـ القسم الأول: الأصول الثابتة من الشجر وأصول النباتات التي تثمر مراراً
فهذه للمشتري.
ـ والقسم الثاني: ما يلقط مرة واحدة فهذا للبائع.
ـ والقسم الثالث: بين القسمين فأصوله للمشتري ولقطته الظاهرة للبائع.
وفي هذا التقسيم أروع ما يكون من العدل والإنصاف للمشتري والبائع وإعطاء كل
واحد منهما ما يستحقه بعد إجراء العقد.
- قال - رحمه الله -:
- وإن اشترط المشتري ذلك: صح.
يعني: كل ما قلنا إنه للبائع: إن اشترطه المشتري فهو لمن؟ للمشتري.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمون على شروطهم.
فإن قيل: كيف يصح اشتراط اللقطة وهي مجهولة
إذا لا يعرف كمية هذه اللقطة ولا العدد ولا الجودة ولا النوعية ولا يعرف
عنها شيء؟ فكيف نجوز استثناء شيئاً مجهولاً؟
فالجواب: أن استثناء المجهول إذا كان تبعاً لأصله المعلوم وليس هو المقصود
بالذات فهو جائز.
فهذه الأشياء دخلت تبعاً للأرض فالجهالة فيها مغتفرة.
فصل
[في بيع الثمار وما يتعلق به]
- قال - رحمه الله -:
- فصل.
ذكرت لكم أن المؤلف - رحمه الله - عقد هذا الباب لبيان أحكام بيع الدور
والأراضي وهذا انتهينا منه في الفصل السابق.
ولبيان أحكام الثمار وهذا عقد له هذا الفصل اللاحق.
- يقول - رحمه الله -:
- ومن باع نخلاً تشقق طلعه: فلبائع مبقى إلى الجذاذ إلاّ أن يشترطه مشترٍ.
إذا باع الإنسان النخل فاختلف الفقهاء في حكم الثمرة التي فيه واختلفوا إلى
أربعة أقوال:
= القول الأول: وهو المذهب. وهو: إن كان البيع تم والطلع تشقق فالثمرة
للبائع وإلا فهو للمشتري.
والطلع: هو الوعاء الذي يكون في التمر قبل أن ينضج وأن يظهر.
فإذا تشقق وخرجت الثمرة الصغيرة منه فهو ملك للبائع.
قال الحنابلة: سواء تشقق بنفسه أو بصنع الآدمي: (أو شقه الآدمي) ليلقحه.
وسواء تم العقد قبل التلقيح أو بعد التلقيح.
فمناط ملك البائع لها عند الحنابلة هو: تشقق الطلع.
واستدل الحنابلة على هذا:
- بأن الحكم بكون الثمرة للبائع أو للمشتؤي مرتبط بظهور الثمرة. وظهور
الثمرة إنما يكون بعد تشقق الطلع.
فجعلنا المناط هو تشقق الطلع.
= القول الثاني: أن البيع إذا تم والثمرة مؤبرة يعني ملقحه فهو للبائع وإلا
فهو للمشتري.
واستدلوا على هذا:
- بالحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم ولاشك في صحته أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: (من باع نخلاً بعد أن يؤبر فثمرته للبائع إلا أن يشترطه
المبتاع). فهذا الحديث نص في تعليق الحكم بالتأبير لا بالتشقق.
فقالوا: أن الحكم يناط بالتأبير متابعة للحديث.
وأجاب الحنابلة: بأن المقصود بالحديث أي بالتأبير في الحديث: يعني: معرفة
طلوع الثمرة. لا حقيقة التأبير. وطلوع الثمرة يتبين بتشقق الطلع.
وأجاب أصحاب القول الثاني: بأن هذا التأويل صرف للحديث عن ظاهره بلا دليل
يؤيد هذا الصرف.
= القول الثالث: أن الإنسان إذا باع النخل
فالثمرة للبائع مطلقاً. مطلقاً بدون تفصيل.
واستدل هؤلاء:
- بالقياس على بيع الأرض ومعها الزرع.
وتقدم معنا: أن الإنسان إذا باع الأرض وفيها زرع فالزرع لمن؟ للبائع. فيه
تفصيل أو بدون تفصيل؟ بدون تفصيل: إذا كان زرعاً يؤخذ مرة واحدة.
فقالوا: كذلك ثمرة النخيل أو ثمرة الأشجار.
= القول الأخير: وهو الرابع: أنه للمشتري مطلقاً.
واستدلوا:
- بأن هذه الثمرة تابعة للشجرة والشجرة ملك للمشتري.
وأحظ الأقوال بالنص هو القول الثاني.
إذاً: إذا الآن الإنسان باع نخلاً فيه ثمرة وسئلت وقيل لك: لمن تكون
الثمرة؟ فالجواب: على القول الراجح: ـ إن كانت مؤبرة فهي للبائع. ـ وإذا
كانت على وشك أن تخرف فهي للبائع لأنها حينئذ تكون [مؤبرة]
أنا ذكرت لكم أن الراجح هو القول الراجح هو القول الثاني. وأحب أن أنبه إلى
شيء: القول الأول: قوي جداً. وهو المذهب مع أن القول الثاني هو الراجح.
لماذا؟ وجه قوة القول الأول: أنك ستلاحظ في مسائل ستأتينا الآن وفي الدروس
السابقة أن كثيراً من الفقهاء يعولون على خروج الثمرة في أحكام كثيرة.
فيربطون الحكم أياً كان كما سيأتينا بخروج الثمرة مما يدل على أن ظهور
الثمرة في الحقيقة يصلح لربط الحكم به بدليل ربطه به في مسائل كثيرة بعضها
محل إجماع. مما يدل على أن نظرة الحنابلة نظرة قوية وليست بعيدة. بدليل أن
الذين يرجحون القول الثاني وهو مسألة التأبير يضطرون إلى تعليق الحكم في
مسائل أخرى.
أمر آخر: الحنابلة يعرفون الحديث وإمامهم رواه في المسند: يعرفون أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال: (من باع نخلاً بعد أن تؤبر ... ) مع ذلك لم
يربطوا الحكم بالتأبير وإنما ربطوه بظهور الثمرة نظراً للأصول الأخرى
العامة.
غرضي من هذا: أن تعرفأن ترجيح قول من الأقوال كما مر علينا مراراً لا يعني
أبداً الاستخفاف بقول آخر: اللهم إلا - لا يعني: الاستخفاف مطلقاً لكن قد
يعني تضعيف بعض الأقوال تضعيفاً شديداً إذا صادمت النصوص.
[ ..... ]- كأن السائل قال: ما وجه
الترجيح؟ -] (النص: يعني: مع وجود هذه العلل التي ذكرت والمعاني لكن ما دام
في المسألة نص لا يمكن للإنسان أن يخرج عنه والنبي - صلى الله عليه وسلم -
ربطها بالتأبير كما أنأصحاب هذا القول أيدوا قولهمى بأشياء تشبه ما أيد به
أصحاب القول الأول قولهم: منها ومن أقواها: أن نظرة البائع للثمرة بعد
التابير تختلف تماماً عن نظرته لها قبل التأبير لأن بعد التأبير يكون
البائع قد تعب عليها وأبَّرَهَا وتشوف إلى ثمرتها فناسب أن يربط الحكم به.
ذكروا هذا وأنا أرى أن هذا جيد ولكن لا يكفي لولا الحديث لكان القول الأول
وجيه جداً وهو أنا نربط القضية بظهوره لكن ما دام موجود حديث صحيح نص عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - يربط الحكم بالتأبير فليس للإنسان أن يخرج
عنه).
- ثم قال - رحمه الله:
- مبقى إلى الجذاذ.
يجب على المشتري الجديد أن يبقي الثمرة إلى الجذاذ.
وليس له أن يأخذ أجراً على هذه التبقية لأنها تبقية مستحقة للبائع بأصل
العقد. فليس له - أي: للمشتري - أن يأخذ عليها أجراً.
وقوله - رحمه الله -: (إلى الجذاذ). المقصود بالجذاذ: يعني: إلى ما جرت به
العادة من اكتمال الثمرة وبلوغها الحلاوة التي يصلح معها أن تقطف. لا إلى
الجذاذ ولو تأخر هذا ليس بمقصود لكن عبروا بالجذاذ لأن الجذاذ غالباً
يتوافق مع اكتمال نضج الثمرة.
فإذا بلغت الثمرة كمالها الأول وصارت صالحة للأكل بحلاوة معتادة فإنه يجب
على البائع أن يقطف الثمرة فوراً ولو كان الإبقاء فيه صلاح زائد للثمرة بل
يقول: يجب أن تقطف.
((الأذان))
- ثم قال - رحمه الله:
- إلاّ أن يشترطه مشترٍ.
إذا اشترط المشتري فهو له ولو بعد التأبير أو بعد التشقق.
- لصريح الحديث: (إلا أن يشترطه المبتاع) يعني: المشتري.
فإذا اشترطه صار ملكاً له بالشرط.
- ثم قال - رحمه الله:
- وكذلك شجر العنب والتوت والرمان وغيره.
(وكذلك شجر العنب والتوت والرمان وغيره) فالحكم فيها: كالتفصيل السابق؟ ـ
إن اشتراها بعد ظهور الثمرة فهو: للبائع. ـ وإن اشتراها قبل ظهور الثمرة
فهو: للمشتري.
فالحكم هنا معلق بالتأبير أو بظهور الثمرة؟ بظهور الثمرة مطلقاً.
إذاً: في الأشجار الأخرى التي غير النخيل:
الحكم يعلق بظهور الثمرة.
-
ثم قال - رحمه الله:
- وما ظهر من نوره كالمشمش والتفاح.
(نوره) يعني: زهرته. يعنيك والثمرة التي زهرت من هذه الزهرة إذا كانت ظهرت
فهي ملك للبائع وإن كان ( ... - كلمة غير واضحة - ... ) قبل ظهورها فهي ملك
للمشتري.
فالحكم في الشجر وما يظهر ثماره من خىل زهوره حكم واحد.
- ثم قال - رحمه الله:
- وما خرج من أكمامه كالورد والقطن.
(الكم) هو الغلاف الذي يغلف الثمرة أو ما يخرج من النبات.
فإن كان خرج من أكمامه فهو للبائع وإن كان لم يخرج من أكمامه فهو للمشتري.
ومن الشجر الذي يخرج ثمره من أكمامه: النخيل. فالنخيل داخلة دخولاً أولياً
بهذه العبارة ولكنه - رحمه الله - أراد أن يؤصل أن كل ثمرة تخرج من الأكمام
أي من غلافها إن كانت خرجت فهي للبائع وإن كانت لم تخرج فهي للمشتري.
- قال - رحمه الله -:
- وما قبل ذلك والورق: فلمشتر.
يعني: ما قبل هذه الحدود: التشقق وظهور الثمرة. إذا تم العقد قبل التشقق
وقبل ظهور الثمرة فهو: ملك للمشتري لمفهوم الحديث.
فالحديث نص على التفريق بين التأبير وعدمه.
ويستفاد منه التفريق بين ظهور الثمرة وعدم ظهوره.
- ثم قال - رحمه الله:
- الورق.
الورق والأغصان وكل ما في الشجرة عدا الثمر: ملك للمشتري بلا خلاف وإنما
الخلاف والتفصيل في الثمر.
وإنما أراد المؤلف - رحمه الله - أن يبين وينص على هذا الحكم.
هذا ما تيسر والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
-[نهاية المذكرة .. وبه تنتهي دروس الفصل الأول من السنة الثانية من هذه
الدورة المباركة والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً .. وله الحمد في
الأولى والآخرة .. ]
- أبو أسامة/ محمد بن مقبل بن رحيل الوهبي الحربي
الدرس: (18) من البيع
(تابع) باب بيع الأصول والثمار
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
- قال - رحمه الله:
- ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه، ولا زرع قبل اشتداد حبه.
أفاد المؤلف - رحمه الله - أنه لا يجوز للإنسان أن يبيع الثمرة أو الزرع
إلا بعد بدو صلاح الثمر واشتداد الحب.
وقد دل على هذا الحكم - وهو تحريم البيع قبل بدو الصلاح واشتداد الحب:
- السنة الصحيحة الصريحة:
ـ فجاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الثمار حتى
يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع.
ـ وجاء أيضاً في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع
الحب حتى يشتد، نهى البائع والمشتري.
فهذه الأحاديث صريحة في المنع من بيع الثمار قبل بدو صلاحها أو الحب قبل أن
يشتد.
وهذا الحكم المتقرر يستثنى منه صور:
- الصورة الأولى: أن يبيع الثمر قبل بدو صلاحه تبعاً لأصله، أي: أن يبيع
الأصل وفيه ثمر لم يبد صلاحه: فحينئذ يجوز بيع الثمر في هذه الصورة ولو لم
يبد صلاحه ما دام تبعاً للأصل، والأصل هنا - كما تعلمون - في الثمار
الشجرة، وفي الزرع الأرض.
والدليل الدال على جواز البيع في هذه الصورة:
- القاعدة التي تقرر العمل بها عند الفقهاء وهي قولهم: ((يثبت تبعاً ما لا
يثبتع استقلالاً))
- وقولهم: ((التابع تابع)) وهو نفس المعنى.
ودل على صحة هذه القاعدة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من باع عبداً
وله مال فماله لسيده إلا أن يشترط المشتري). فهذا المال إنما صح بيعه لأنه
تبع للعبد.
وستأتينا هذه المسألة وسيفصل المؤلف - رحمه الله - في بعض الأحكام الخاصة
بهذه المسألة.
- الصورة الثانية: - التي تستثنى من الحكم: أن يبيع الزرع أو الثمر لمالك
الأصل. استثنى الحنابلة هذه الصورة ورأوا أن هذا جائز.
صورة المسألة: أن يعطي إنسان إنساناً أرضاً
مزارعة على النصف من الثمر، ففي هذا المثال الأرض لمالك الأرض والزرع بعضه
لمالك الأرض وبعضه للمزارع.
ففي هذه الصورة يجوز للمزارع أن يبيع الحب قبل أن يشتد، لكن لمن؟ لمالك
الأصل وهو في هذه الصورة: الأرض. نفس الشيء بالنسبة للثمر لكن في الثمر
سيكون المثال مساقاة لا مزارعة، فإذا دفع أحد أرضه ليقوم على الشحر الذي
فيها سواء كانت شجر نخل أو عنب أو غيره من أنواع الفواكه والثمار فنفس
الشيء يجوز لمالك الثمر أن يبيع هذا الثمر قبل أن يبدو صلاحه لمالك الأصل،
والأصل في مثال المساقاة هو: الشجر. هو الشجر لا الأرض.
فالأصل في المساقاة هو الشجر والأصل في المزارعة هو: الأرض.
فإذا قيل مالك الأصل يعني: مالك الشجر أو مالك الأرض.
= والقول الثاني: في هذه الصورة المستثناة: أنه لا يجوز. لا يجوز بيع الثمر
قبل أن يبدو صلاحه ولو لمالك الأصل.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بعموم النهي، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار قبل أن
يبدو صلاحها ولم يستثن أن يكون البيع لمالك الأصل أو لغيره.
وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله وهو المتوافق مع النص.
إذاً يستثنى من هذا الحكم العام الذي ذكره المؤلف - رحمه الله -: يستثنى
مسألتان:
- الأولى: الاستثناء فيها صحيح.
- والثانية: الاستثناء فيها مرجوح.
- ثم قال - رحمه الله:
- ولا رطبة وبقل، ولا قثاء ونحوه كباذنجان دون الأصل.
مراد المؤلف - رحمه الله - في هذه المسألة أن يبين: أن ما يؤخذ تباعاً إما
بالجز كالنعناع والرطبة ونحوه أو باللقط كالقثاء والخيار والباذنجان ونحوه.
أن ما يؤخذ بهذه الطريقة تباعاً لا يجوز بيعه ما لم يوجد منه تبعاً لما
وجد.
وقول المؤلف - رحمه الله -: ولا رطبة وبقل ... إلى آخره يعني: ولا يجوز أن
نبيع نحو رطبة وبقل لم يوجد مع ما وجد منه، وإنما يجوز أن نبيع اللقطة
الظاهرة فقط دون التي لم توجد.
وإلى هذا الحكم ذهب الجماهير وأشدهم في المنع الإمام الشافعي - رحمه الله
-.
واستدل أصحاب هذا القول في المنع من بيع ما لم يوجد مع ما وجد من هذه
الأشياء التي تجز أو تلقط:
- بأن ما لم يوجد يقاس في المنع على الثمار
التي لم يبدو صلاحها. فإذا كان الشارع يمنع من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
فكيف بالثمرة التي لم توجد.
- ثانياً: ثالوا: إن عقد البيع الذي يقع على الثمرة الموجودة أو اللقطة
والجزة الموجودة لا يتناول ما لم يوجد فما لم يوجد هو ملك للبائع. ما زظال
ملكاً للبائع.
وبناءً على هذا: سيختلط ما يملكه البائع مع ما يملكه المشتري ولا يمكن
التمييز بينهما ليستلم المشتري حقه.
= القول الثاني: وهو مذهب المالكية واختيار شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه
العلامة ابن القيم: أن بيع ما هذه صفته جائز. فللمزارع أن يبيع جميع نتاج
ما يلقط الظاهر منه والذي لم يظهر.
واستدلوا على هذا بدليلين:
- الأول: أن تمييز الجديد من هذه الثمار عن القديم عسر جداً.
فالجمهور يقولون: وقع العقد على هذا الموجود من اللقطة الحاضرة المنظورة
والمالكية يقولون: هذا الموجود يعسر أن نميزه عما ينتج من الثمار بعد ذلك،
التمييز بينهما عسر جداً, والشرع لا يأتي بأحكام يصعب العمل بها.
- الثاني: أن حبس أوله على آخره - حبس أول هذا الملقوط على آخره يؤدي إلى
فساده.
مثال هذا: نقول للمزارع الذي نبت عنده خيار لا يجوز لك أن تبيع جميع الثمار
بل تبيع اللقطة الظاهرة ثم اللقطة التي تليها أو تنتظر إلى أن يستتم خروج
الخيار فتبيع الجميع المنظور.
فالمالكية يقولون: إذا قلتم للمزارع انتظر حتى تخرج جميع الثمرة أدى هذا
إلى حبس أوله على آخره فيفسد الأول قبل أن يستتم خروج الأخير.
وما ذكره المالكية من حيث العمل أرجح. فيجوز للإنسان أن يبيع جميع ثمار هذه
الثمرة الذي وجد والذي لم يوجد صفقة واحدة ولا حرج عليه.
واليوم العمل بهذا قليل لأن غالب المزارعين يبيع في السوق: لقطة فلقطة. ولا
يبيع جميع الموجود في زمن واحد، غالب المزارعين الآن على هذا عملهم.
- ثم قال - رحمه الله:
- دون الأصل.
يعني: أنه يمنع من بيع هذه الأشياء إذا كانت مستقلة أما إذا بيعت مع الأصل
فهو جائز.
- قياساً على بيع الشجرة بثمارها.
فتحصل معنا:
ـأن بيع الناتج من الثمار لقطة فلقطة جائز.
ـ وبيع الناتج جميعه ما وجد وما لم يوجد لا يجوز على المذهب.
ـ وبيع نفس النبتة: أصل الشجرة مع ما يظهر
منها: جائز.
ولذلك نقول للمزارع بدل أن ترتكب مخالفة لقول الجماهير لا تبع اللقطات، لا
تقول أبيع عليك الخيار وإنما يقول: الشجرة بما فيها من ثمار، أو البقلة،
البقلة يعني: التي تنتج الخيار والقثاء ونحوه بما فيها من ثمار.
إذاً هذا معنى قول المؤلف - رحمه الله -: (دون الأصل)
- ثم قال - رحمه الله:
- إلاّ بشرط القطع في الحال.
يعني: أنه يجوز أن يبيع الإنسان الثمر قبل بدو الصلاح بشرط أن يقطع البائع
الثمرة حالاً. يعني: فور الشراء.
وهذا الحكم: محل إجماع من الفقهاء لا إشكال فيه. أن الإنسان إذا اشترى ما
لم يبدو صلاحه بشرط القطع فهو جائز والبيع صحيح.
تعليل الجواز:
- أن الشارع إنما نهى عن بيع الثمار قبل بدو الصلاح خشية التلف وإصابة
العاهة بهذه الثمار.
وإذا اشترط الإنسان أن يقطع الثمرة حالاً أمنا العاهة لأنه سيقطع الآن.
لكن يشترط لصحة هذه المعاملة أن تكون هذه الثمرة المقطوعة فيها نفع: كأن
تكون طعاماً للدواب أو ينتفع بها بأي شيء، المهم أن تكون مشتملة على نفع
معلوم.
والدليل على هذا:
- ما تقدم معنا في شروط البيع أن من شروط البيع أن يكون المبيع له نفع
مباح.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو جزة جزة أو لقطة لقطة.
يعني: يجوز بيع ما يظهر تباعاً مما يلقط أو يجز إذا باعه جزة جزة ولقطة
لقطة.
- لأنه إذا باعه لقطة لقطة أو جزة جزة فلا جهالة ولا ضرر ولا غرر ولا أي
شيء يسبب المنع.
ولذلك الجواز محل إجماع ولم يخالف أحد من أهل العلم في جواز بيع ما يلقط أو
يجز جزة جزة ولقطة لقطة. فهو ولله الحمد محل إجماع.
- ثم قال - رحمه الله:
- والحصاد واللقاط على المشتري.
تحصيل المبيع من هذه الثمار وما يلقط وما يجز من واجبات المشتري.
التعليل على أنه من واجبات المشتري:
- أن نقل المبيع وتخليصه من البائع من مهام المشتري، لأن البائع ليس عليه
إلا التسليم والتسليم في مثل هذه الثمار يحصل بالتخلية.
فإذا خلا البائع بين المشتري وبين الثمار وجب على المشتري هو بنفسه أن يأخذ
هذه الثمرة وهذا الحكم وهو أنه يجب على المشتري هو أن يحصل السلعة محل
إجماع.
واليوم العمل على هذا، فإذا اشترى الإنسان
تمراً أو عنباً أو غيره من المنتوجات فالعمل على أنه هو الذي يحصل هذه
الثمار، ولو ترتب على هذا أن يدفع المشتري المبالغ لتحصيل هذه الثمار.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإن باعه مطلقاً.
قوله: (وإن باعه) الضمير يعود على الثمار التي لم يبدو صلاحها.
وإن باع الثمار التي لم يبدو صلاحها مطلقاً: مطلقاً يعني: بدون شرط الإبقاء
ولا الجز أو القطع. فإن البيع في هذه الصورة باطل.
والدليل على بطلانه:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها،
وهذا باع ثمرة قبل أن يبدو صلاحها ولا يوجد في العقد شرط القطع. والثمار
التي لم يبدو صلاحها إنما يجوز أن تباع بهذا الشرط فإذا لم يوجد دل هذا على
بطلان العقد.
= والقول الثاني: أن العقد صحيح.
- لأن العقد على ثمار لم يبدو صلاحها ينصرف إلى القطع تصحيحاً للعقد.
وإلى هذا ذهب الأحناف. وقولهم غاية في الضعف ومذهب الجماهير إن شاء الله هو
الصحيح، وهو أنه إذا أجرى العقد بلا شرط القطع فإن العقد باطل.
وكما قلت لك يترتب على البطلان أن يأخذ المشتري الثمن وترجع الثمرة إلى
البائع.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو بشرط الإبقاء.
إذا اشترى الإنسان ثمر لم يبدو صلاحها بشرط الإبقاء فمعلوم أن البيع باطل:
بالنص والإجماع.
فإنه معارضة صريحة للسنة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع
الثمر قبل أن يبدو صلاحها.
فإذا اشترى ثمرة قبل أن يبدو صلاحها واشترط الإبقاء صار العقد باطلاً بلا
إشكال.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو اشترى ثمراً لم يبدُ صلاحه بشرط القطع وتركه حتى بدا.
إذا اشترى ثمراً لم يبدو صلاحها واشترط القطع فتقدم معنا أن هذا العقد
صحيح.
فإذا ترك المشتري الثمرة حتى بدا صلاحها فحينئذ يصبح العقد عند الحنابلة
باطلاً.
واستدل الحنابلة على هذا بدليلين:
- الأول: أن المنع والإبطال لمنع الحيلة إذ قد يحتال الإنسان على شراء ثمرة
قبل أن يبدو صلاحها بأن يشترط القطع ثم يترك الثمرة حتى يبدو صلاحها فاتخذ
هذا الحكم حيلة للوصول إلى المحرم.
- الدليل الثاني: أن هذا العمل يصدق عليه
النهي لأن هذا الرجل اشترى ثمرة قبل أن يبدو صلاحها ولم يقطع فدخل في عموم
النهي.
وإلى هذا القول - الذي هو المذهب ذهب شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -
وفي هذا دليل على أن الشيخ - رحمه الله - له عنية خاصة وواضحة في قضية سد
الذرائع وأنه يطبق هذا في الأحكام الشرعية.
= القول الثاني في هذه المسألة: أن العقد لا يبطل، بل يشترك البائع
والمشتري في الزيادة. والزياة في هذه المسألة هي الفرق بين قيمة الثمرة وقت
العقد ووقت الأخذ.
فإذا افترضنا أنه اشترى ثمرة نخلة قبل بدو الصلاح بمائة ريال وتركها حتى
بدا الصلاح فلما بدا صلاح الشجرة ارتفع سعر الثمرة إلى أن أصبخ بخمسمائة
ريال وهذا على أقل تقدير لأنه دائماً سيكون الفرق بين سعر الثمرة قبل بدو
الصلاح وبعده كبير جداً. فالآن الفرق بين السعرين كم؟ أربعمائة فيشترك
البائع والمشتري في هذه الزيادة.
واستدل أصحاب هذا القول:
- أن غاية ما هنالك أن هذا المبيع اختلط بغيره وهي الزيادة الحاصلة ببدو
الصلاح واختلاط المبيع بغيره لا يؤدي إلى فساد العقد. كما لو اشترى الإنسان
صبرة طعام وانكب عليها صبرة أخرى فإن هذا لا يؤدي إلى فساد العقد بل نفرز
نصيب البائع من المشتري.
والقول الثاني: وجيه وقوي. فإن قيل: أليس مبدأ سد الذرائع والمنع من الحيل
مبدأ نحفوظ ودلت عليه النصوص؟
فالجواب: صحيح ولابد من الاهتمام بهذا المبدأ والعمل على وفقه وفهمه من
طالب العلم. لكن في هذه المسألة لم نمكن المشتري من تحقيق غرضه. ولذلك لم
ينتفع من ترك هذه الثمرة إلى أن بدا الصلاح. وكل عمل أدى إلى إبطال ما
احتال عليه الإنسان فقد أذهب ثمرة هذه الحيلة.
فنحن نقول الآن: بدل أن نبطل هذا العقد والشارع لا يتشوف إلى إبطال عقود
المسلمين نبطل الحيلة بأن نمنع المشتري من أن يأخذ جميسع الزيادة فنقسمها
بين المشتري والبائع.
على أن قول شيخ الإسلام - رحمه الله - في الحقيقة أيضاً فيه قوة. لكن يظهر
لي الآن أن القول الثاني أوجه.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو جزة أو لقطة فنمتا.
تقدم معنا: أن ما يجز ويلقط لا يجوز أن يباع على المذهب إلا جزة جزة أوة
لقطة لقطة.
فإذا اشترى ما يباع على هذه الكيفية: جزة
جزة ولقطة لقطة، وتركها حتى نمت فالحكم تفصيلاً وخلافاً كالمسألة السابقة
تماماً.
فالمذهب يرون أنه باطل ويستدلون بنفس الأدلة السابقة.
والقول الثاني: الصحة وأنهم يقتسمون الزيادة وقد عرفت كيف نحدد الزيادة في
مثل هذه الثمار.
وأما على القول الراجح أنه يجوز أخذ ما يلقط وما يجز جملة واحدة ما وجد وما
لم يوجد. فهذه المسألة لا تتصور أصلاً على القول الراجح وإنما تتصور على
مذهب الحنابلة.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو اشترى ما بدا صلاحه وحصل آخر واشتبها.
إذا اشترى ما بدا صلاحه: يعني: وتركه حتى وجدت ثمرة أخرى واختلطت مع الأولى
التي اشتراها بعد أن بدا صلاحها فحينئذ ينقسم الحكم إلى قسمين:
- القسم الأول: أن يتميز الجديد من القديم فحينئذ لا إشكال مطلقاً فللبائع
ما اشترى لأن ما ظهر بعد ذلك متميز عن السابق الذي وقع عليه العقد.
- القسم الثاني: أن لا يتميز ما ظهر مع ما وقع عليه العقد. فحينئذ يبطل
العقد على ما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله -: لأن السلعة اختلطت بغيرها على
وجه لا يمكن تمييزه فيرجع المشتري بالثمن والبائع بالثمرة.
= والقول الثاني: أن العقد لا يبطل بل يأخذ كل من البائع والمشتري ثمرته
التي تميزت فإن تتميز فإنهما يصطلحان على معرفة ما لكل واحد.
وفي هذه الصورة نضطر إلى الصلح فلا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا بالصلح
فنقول للبائع والمشتري: اصطلحا.
واستدل أصحاب هذا القول بما تقدم معنا أن غاية ما هنالك أن تختلط السلعة
بغيرها واختلاط السلع بغيرها لا يؤدي إلى فساد العقد كما أن الحيلة في هذه
المسألة بعيدة جداً بل قد لا تتصور أن يتخذها الإنسان حيلة لأنه اشترى بعد
بدو الصلاح.
لذلك الراجح إن شاء الله في هذه المسألة الثانية بوضوح الجواز. وأن العقد
صحيح ويصطلح البائع والمشتري إذا لم تتميز الثمرة الأولى من الثانية.
أما إذا تميزت فلا إشكال.
والصحة هي مذهب الحنابلة الاصطلاحي فالمؤلف - رحمه الله - في هذه المسألة
خالف المذهب الاصطلاحي.
قالمذهب هو الصواب خلافاً لما ذكره المؤلف - رحمه الله -.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو عرية فأثمرت: بطل.
إذا اشترى عرية وتقدم معنا ذكر العرايا.
وهو أن يشتري الإنسان الرطب برؤوس النخل بشروط معروفة.
فإذا اشترى الإنسان الرطب في رؤوس النخل ثم تركها حتى أثمرت فيكون البيع
باطل.
واستدل الحنابلة على هذا:
- بأن الشارع الحكيم إنما أجاز بيع العرايا للحاجة فلما تركها الفقير الذي
هو المشتري تبينا أنه ليس بحاجة فإذا لم يكن بحاجة بطل البيع.
وتقدم معنا الآن أكثر من مرة أن بطلان البيع يعني: أن يرجع المشتري بالثمن
ويرجع البائع بالثمرة.
= القول الثاني: أن المشتري إذا ترك الرطب فيث رؤوس التخل حتى أثمر فالبيع
صحيح ولا يبطل.
- لأن تركه الثمر في رؤوس النخل لا يعني أن حاجته انتفت فقد يترك هذا التمر
لسبب أو لآخر.
- وأيضاً تقاس هذه المسألة على مسألة أخرى وهي ما إذا أخذ الرطب جنى الرطب
ثم تركه في البيت إلى أن أصبح تمراً ولم يأكله وهو رطب.
ففي هذه المسألة الثانية لا يبطل البيع بالإجماع فنقيس مسألتنا - مسألة
الكتاب - على هذه المسألة.
وهذا القول هو الصواب إن شاء الله ولا نبطل العقد بمجرد أن المشتري المحتاج
ترم الثمرة على رؤس التخل.
- ثم قال - رحمه الله:
- بطل والكل للبائع.
بطل: ترجع إلى المسائل السابقة جميعاً من قوله: (وإن باعه ... )
ففي كل هذه المسائل يبطل البيع.
(والكل للبائع) يعني: وكل الثمرة للبائع في مسألة إذا بدا الصلاح واختلط
بغيره وفي مسألة إذا نمتا الملقوط والمجزوز وفي مسألة إذا اختلط بغيره وإذا
بدا صلاحه قبل أن يبدو ثم بدا صلاحه.
في هذه المسائل الثلاث الجميع: يعني: كل الثمرة للبائع.
وتقدم معنا الخلاف في كل واحدة من هذه المسائل لكن على القول بالبطلان
فالكل يكون للبائع.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإذا بدا ما له صلاح في الثمرة واشتد الحب: جاز بيعه مطلقاً وبشرط
التبقية.
إذا بدا الصلاح في الثمر واشتد الحب جاز البيع بالإجماع لكن إذا باع فله
صور:
- الصور الأولى: أن يبيع ما بدا صلاحه بشرط القطع. فهذا جائز بالإجماع لأنه
إذا جاز أن يبيع ما لم يبدو صلاحه بشرط القطع فكيف بما بدا صلاحه.
- الصورة الثانية: أن يبيع ما بدا صلاحه
بشرط التبقية. وهذا أيضاً جائز وصحيح عند الجماهير والجم الغفير من أهل
العلم فللمشتري أن يبقي الثمرة التي اشتراها بعد أن بدا الصلاح.
واستدل الجماهير على هذا الحكم:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها
وعلل ذلك بخشية إصابة الثمرة بعاهة أو أن تتلف فدل هذا التعليل على أن
الأصل ان البائع إنما يشتري ليبقي وأن شرائه لإبقاء الثمرة جائز لأنه لو
كان الشراء دائماً للقطع لم يحتج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النهي
عن شراء الثمرة قبل أن يبدو صلاحها لأن القطع ليس معه عاهه.
وهذا القول الذي هو مذهب الجماهير هو الصواب إن شاء الله ولسنا في الحقيقة
بحاجة لذكر خلاف الأحناف في هذه المسألة لقوة مذهب الجماهير وتوافقه مع
ظاهر الحديث الدال على النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.
- ثم قال - رحمه الله:
- وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ.
ظاهر عبارة المؤلف - رحمه الله - أن المشتري له أن يبقي الثمرة إلى الحصاد
والجذاذ: يعني: إلى وقت الحصاد والجذاذ. وليس له أن يبقي الثمرة إلى ما بعد
ذلك. أن إبقاء الثمرة إلى ما بعد وقت الجذاذ والحصاد فيه تعدي على حق
البائع.
ولا يجوز بناء على هذا للمشتري أن يبقي الثمرة بعد وقت الحصاد والجذاذ إلا
بإذن البائع وإلا فإبقائه محرم.
ولا يقصد الفقهاء بقولهم إلى الحصاد والجذاذ يعني إلى أول وقت الحصاد
والجذاذ بل إلى ما تبقى الثمرة عادة. وبعد ذلك لا يجوز له أن يبقي الثمرة
إلا بإذن البائع.
- ثم قال - رحمه الله:
- ويلزم البائع سقيه إن احتاج إلى ذلك، وإن تضرر الأصل.
يلزم البائع السقي إن احتاجت الثمرة إلى السقي.
وتعليل ذلك:
- أنه يجب على البائع أن يسلم الثمرة كاملة ولا يمكن أن تسلم الثمرة كاملة
إلا بإتمام السقي.
- يقول - رحمه الله:
- وإن تضرر الأصل.
يعني: حتى لو ترتب على السقي تضرر الأصل وهو الأرض في الزرع والشجرة في
الثمر.
- لأن البائع دخل على هذا الأساس.
أي: دخل على أن يؤدي الثمرة كاملة وهذا لا يتم إلا بالسقي. فإذا كان السقي
يسبب ضرراً على الأصل فيجب عليه مع ذلك أن يسقي.
وهذا هو الحكم الشرعي الواضح لكن من مكارم
الأخلاق بالنسبة للمشتري إذا كان السقي يؤدي إلى تضرر الأرض أو الشجرة أن
يبادر في جني الثمرة لكي لا تتضرر الشجرة ولا تتضرر الأرض التي سيزرع فيها
السنة القادمة هذا لاشك أنه من مكارم الأخلاق وأنه ينبغي أن يبادر بالجني
ما دام الجني لا يؤثر عليه ولا يضره في مكاسبه.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإن تلفت بآفة سماوية: رجع على البائع.
(وإن تلفت) يقصد بقوله: (وإن تلفت): يعني: الثمار.
ومقصود الفقهاء بقولهم: (وإن تلفت) يعني قبل أوان الجذاذ.
أما إن تلفت بعد أوان الجذاذ فهذا من تفريق المشتري وهو الذي يضمن هذا
النقص أو التلف.
إذاً: البحث الآن في ما إذا تلفت قبل أوان الجذاذ.
- يقول - رحمه الله -:
- بآفة سماوية.
الآفة السماوية هي كل ما يصيب الزروع والثمار مما لا صنع للآدمي فيه كالحر
الشديد والبرد الشديد والجراد والنار ونحو هذه الأشياء.
ويلحق بالآفة السماوية ما للآدمي فيه صنع ممن لا يمكن تضمينه كما إذا أفسدت
الجيوش والدروع أو قطاع الطرق أو اللصوص ممن لا يمكن تضمينهم فهو أيضاً
يلحق بأحكام الآفة السماوية.
- يقول - رحمه الله -:
- رجع على البائع.
يعني: ان الجوائح إذا أصابت الثمار قبل أوان الجذاذ فإن الضمان يكون على
البائع.
وإلى هذا ذهب الجماهير من أهل العلم وتمسكوا بالنصوص الصريحة الصحيحة
الدالة على هذا الحكم.
- منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح.
- ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا ابتعت من أخيك ثمراً
فأصابته جائحه فلا تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق.
وهذه الأحاديث في الصحيح وهي صريحة جداً برفع الجوائح.
= القول الثاني: أن الثمرة إذا تلفت مطلقاً: من مال المشتري ولا يضمن
البائع شيئاً ولا توضع الجوائح.
واستدل هؤلاء:
- بما ثبت أيضاً في الصحيح أن رجلاً طلب من
أخيه أن يضع عنه أو أن يرفع العقد فحلف البائع أن لا يفعل فسمعه النبي -
صلى الله عليه وسلم - فقال: من الذي يتألى على الله أن لا يصنع معروفاً وفي
رواية أن لا يفعل خيراً. فقال الرجل: أنا يا رسول الله وله ما شاء - رجع
لما أنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - - فقال: وله ما شاء. وفي
رواية: له أي ذلك أحب.
قالوا: فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضع الجوائح ولم يأمره أمراً
ملزماً بأن يقيله وإنما الرجل من نفسه هو الذي وضع هذه الجائحة.
والجواب على هذا الحديث: أنه حديث صحيح لكن الاستدلال فيه خطأ لأنه ليس
للجوائح أي ذكر في الحديث.
وهكذا كل الذي استدل به أصحاب هذا القول ليس فيه تعرض للجوائح. بينما أدلة
أصحاب القول الأول صريحة بوضع الجوائح.
لذلك نقول: الراجح بلا إشكال إن شاء الله هو أن الجوائج توضع. ومعنى وضع
الجوائح يعني أن السلعة إذا أصيبت بآفة فمن ضمان البائع. هذا إذا كانت
الجائحة قبل أوان الجذاذ.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإن أتلفه آدمي: خير مشتر بين الفسخ والإمضاء ومطالبة المتلف.
قوله: (وإن أتلفه آدمي) يعني: بذلك الآدمي الذي يمكن تضمينه.
فإذا أتلف الثمار آدمي يمكن تضمينه فليست من مسائل الجوائح.
وإذا لم تكن من مسائل الجوائح فلها حكم آخر. وهو الذي ذكره المؤلف - رحمه
الله -: خير المشتري بين الفسخ وأخذ جميع الثمن وبين الإمضاء ومطالبة
المتلف. يخير المشتري بين الأمرين.
وبطبيعة الحال أن المشتري سيختار: الأحسن فإذا ارتفعت الثمار فسيختار
الإمضاء وإذا نقصت قيمة الثمار فسيختار الفسخ.
إذاً هذا هو الحكم فيما إذا أتلفه الآدمي.
التعليل في أن إتلاف الآدمي ليس من الجوائح التي توضع: تعليل هذا الحكم:
- أنه في هذه الصورة يوجد من يمكن تضمينه فخرجت عن مسائل الجوائح.
- ثم قال - رحمه الله:
- وصلاح بعض الشجرة: صلاح لها.
لما ربط المؤلف - رحمه الله - كثيراً من الأحكام بمسألة صلاح الثمرة أراد
أن يبين الأحكام المتعلقة بالصلاح.
- فقال - رحمه الله:
- صلاح بعض الشجرة: صلاح لها.
فإذا صلح بعض الشجرة ولو ربطة واحدة من
التمر فهذا يعتبر صلاح لجميع الشجرة فيجوز أن يبيع جميع الثمرة التي في
الشجرة وهذا الحكم بالإجماع. ولله الحمد.
إذا صلح بعض الشجرة فهو صلاح لجميع الشجرة فله الشجرة كاملة ولو لم يصلح
إلا بعضها.
- ثم قال - رحمه الله:
- ولسائر النوع الذي في البستان.
صلاح بعض الشجرة صلاح لها ولسائلا النوع الذي في البستان ولو لم يصلح من
هذا النوع كله الذي في البستان إلا حبة واحدة إلا تمرة واحدة. مثلاً: إذا
افترضنا أن الشجر هو ( ..... ). (لعلها: النخيل).
وقول المؤلف هنا: (ولسائر النوع الذي في البستان). أفاد أمرين:
- الأمر الأول: أن صلاح النوع الواحد لا يعتبر صلاحاً لجنس هذا النوع كله
بل للنوع الواحد فقط.
- الثاني: وهو منصوص المؤلف - رحمه الله -: أن صلاح شجرة واحدة صلاح لجميع
النوع.
المثال الذي يوضح هذا: إذاكان في البستان نخيل بعضه النخيل الذي يسمى سكري.
وبعضه النخيل الذي يسمى برحي. فإذا صلح بعض شجرة من السكري فصلاح بعض هذه
الشجرة صلاح لها ولجميع السكري الموجود في هذا البستان لأنه صلاح لها
ولجميع النوع الواحد لكن لا يعتبر صلاح للبرحي لأن صلاح النوع لا يتعبر
صلاحا لجميع الجنس.
* * مسائل مهمة تتعلق بهذه المسألة:
ـ الأولى: أن صلاح النوع في بستان لا يعتبر صلاح للنوع في كل البساتين بل
يعتبر كل بستان بحسبه.
- الثانية: أن بيع ما لم يبدو صلاحه من النوع الذي بدا صلاح بعضه يجوز إذا
كان صفقة واحدة. أما إذا باع الشجرة التي لم يبدو صلاحها مستقلة فإنه لا
يجوز ولو بدا صلاح بعض نوع هذا الشجر.
المثال الموضح: إذا بدا صلاح شجرة واحدة من السكري وفي البستان عشرة أشجار
من النخل فإن باع هذه النخيل جملية صفقة واحدة جاز ولو كان بعضها لم يبدو
صلاحه. لكن إن باع واحدة من هذه الشجر واختار ما لم يبدو منها الصلاح فإنه
لا يجوز أن تفرد بالبيع ولم يبدو صلاحها.
هذا مذهب الحنابلة.
= القول الثاني: أنه يجوز أن تفرد بالبيع إلحاقاً لها بما بدا صلاحه وإن لم
تبع معه. ((الأذان))
والراجح مذهب الحنابلة.
والتعليل: أن القاعدة التي أخذناها آنفاً
أنه: ((يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً)) وإذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة
فإن هذه الثمرة التي لم يبدو صلاحها إنما يكون يجوز أن تباع تبعاً لما بدا
صلاحها لا استقلالاً فهذه القاعدة دلت على رجحان مذهب الحنابلة وتقدم معنا
أن هذه القاعدة صحيحة ومقررة عند الفقهاء وبناء عليه نقول ما ذهب إليه
الحنابلة هو إن شاء الله الصواب.
وقبل أن نتجاوز مسألة صلاح بعض الشجر صلاح له وسائر النوع الذي في البستان.
نحن قلنا الآن أنه صلاح لها ولسائر النوع لا لسائر الجنس. لكنا لم نذكر
الخلاف في هذه المسألة:
الآن عرفنا أن الحنابلة يرون أن يرون أنه صلاح لها ولسائر النوع لا لسائر
الجنس.
علل الحنابلة ذلك:
- بأن صلاح ما بين الجنسين متباعد بخلاف صلاح النوع الواحد.
= والقول الثاني: أن صلاح النوع صلاح لكل الجنس فإذا صلحت نخلة واحدة في
البستان فهو صلاح لها ولكل النخل مهما اختلفت أنواعه. وإلى هذا ذهب شيخ
الإسلام بن تيمية - رحمه الله -. وهو قول عند الحنابلة.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بأنه في باب الزكاة نضم الأنواع المختلفة والأجناس المختلفة من التمر
بعضها إلى بعض في تكميل النصاب فكذلك هنا نضم بعضها إلى بعض في جواز البيع.
قياساً على ضمها في النصاب.
- والدليل الثاني لهم: أن اعتبار بدو الصلاح في كل جنس فيه مشقة لأن صاحب
البستان يريد أن يبيع ثمرة البستان بأكملها.
والراجح والله أعلم مذهب الجمهور ولا أرى أن اختيار شيخ الإسلام في هذه
المسألة قوي.
والسبب في ذلك: أن صلاح ما بين الجنسين متباعد ففي بعض النخيل يتباعد ذلك
إلى أن يقرب من ثلاثة أسابيع أو نحو هذه المدة فإلحاق بعضها إلى بعض ليس
بصحيح.
ثم قياس الزكاة على صلاح الثمر قياس مع الفارق لأن مقصود الزكاة تحقيق
الغنى وهو يتحقق في أي جنس بينما هنا المقصود التحقق من بدو الصلاح وقرب
بعضها من بعض وهذا لا يتحقق بالأجناس.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الدرس: (19) من البيع
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(ناقص من أوله) ... وهذا الذي يريد المؤلف - رحمه الله - أن يبينه بقوله:
(وبدو الصلاح في ثمر النخل أن تحمر أو تصفر). وسيبين المؤلف - رحمه الله -
ببعض التفصيل كيفيك بدو الصلاح في الثمار. واختار - رحمه الله - من الثمار
النخل والعنب لكثرة الحاجة إليهما، وكثرة البيوع في ثمار هاتين الشجرتين.
ثم سيذكر القاعدة العامة في بدو الصلاح في الثمار.
ـ فنبدأ بالنخيل: المؤلف - رحمه الله - يقول: أن بدو الصلاح في ثمر النخيل
أن يحمر أو أن يصفر.
فإذا احمر الذي من شأنه أن يحمر وإذا اصفر الذي من شأنه أن يصفر بحسب تنوع
النخيل فقد بدا صلاحه وجاز بيعه.
والدليل على ذلك:
- حديث أنس - رضي الله عنه - في الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم
-: نهى عن بيع ثمار النخل حتى يصفر أو يحمر - وفي لفظ: يصفار أو يحمر.
فهذا الحديث نص على الضابط في كيفية بدو الصلاح في ثمر النخل.
ثم انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى العنب:
- فقال - رحمه الله -:
- وفي العنب أن يتموه حلواً.
العنب ينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: العنب الذي ينضج بأن يسود. فهذا بدو الصلاح فيه أن يسود.
ولا يجوز أن يباع قبل أن يسود للحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- أنه: نهى عن بيع العنب حتى يسود.
وهذا الحديث - أي: النهي عن بيع العنب حتى يسود - حديث ضعيف، أعله الأئمة
كالبيهقي والدارقطني. وصححه المتأخرون. والصواب أنه ضعيف. لكن معنى هذا
الحديث صحيح. وأنه لا يجوز أن يباع العنب الذي من شأنه أن يسود إذا نضج إلا
إذا اسود ولو كان الحديث ضعيفاً لأن المعنى العام والنصوص الأخرى الدالة
على اشتراط بدو الصلاح في الثمر تدل على صحة معنى هذا الحديث.
وهناك فرق كبير - ويجب أن يتنبه إليه الطالب - بين إثبات اللفظ المنسوب إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم - وإثبات صحة المعنى المذكور في الحديث الضعيف
فإن إثبات صحة المعنى المذكور في الحديث الضعيف لا يقتضي أبداً تصحيح اللفظ
منسوباً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذه المسألة مع وضوحها وبساطة فهمها إلا
أن كثيراً من المتأخرين يقع فيها وذلك بأن يصحح الأحاديث الضعيفة لأن
معناها تشهد له الأحاديث العامة، ومنها هذا الحديث، فهذا الحديث صحيح فإن
الأحاديث الأخرى تشهد لمعناه، لكن من حيث الصناعة الإسنادية لا يثبت
مرفوعاً منسوباً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- القسم الثاني: العنب الذي يتم نضجه بدون أن يسود وهو العنب الأبيض. وبدو
الصلاح فيه أن يتموه حلواً.
ومعنى قوله - رحمه الله -: (يتموه) يعني يتصف بصفتين:
- أن يلين.
- ويبدو فيه الماء الحلو.
فإن اتصف بهاتين الصفتين فقد تموه حلوا وجاز بيعه. إذاً هذان قسمان لنضج
العنب.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وفي بقية الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله.
هذه القاعدة العامة في ضابط بدو الصلاح. هو: أن يطيب أكله. ودليل هذه
القاعدة العامة:
- الحديث الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى
يطيب ويظهر نضجه.
فهذا الحديث هو في الحقيقة متنه قاعدة وهو أن الضابط العام في بدو الصلاح
هو أن يطيب ويظهر نضجه ويصلح للأكل. فهذه هي القاعدة العامة في كل شيء.
والضوابط التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - في مسألة النخل والعنب ما هي إلا
أمثلة لهذه القاعدة العامة.
ومن المعلوم أن الثمار تختلف اختلافاً بيناً في النضج:
- فمن الثمار ما ينضج وهو صغير ويطيب أكله ولا ينتظر فيه أن يستتم نماؤه،
مثل: الخيار. فالخيار يؤكل صغيراً.
- ومن الثمار من لا يستتم ولا يطيب إلا بعد فترة طويلة وبعد أن يكبر. وغالب
الثمار هكذا: كالموز وكل الفواكه فهي لا تطيب إلا بعد مضي فترة يستتم فيها
اكتمال الموز والحجم والطعم.
إذاً هذه هي القاعدة العامة. إذا طاب وأمكن أكله وتم نضجه جاز بيعه وهو
يختلف اختلافاً كبيراً بيناً بين ثمرة إلى أخرى.
ومن الفقهاء من استطرد جداً في الكلام عن كل فاكهة وعن كل ثمرة وعن كل نبتة
كيف يتم نضجها وهذا تطويل بلا فائدة لأن القاعدة العامة تغني عن الاستطراد
الطويل وإنما تخدم القاعدة العامة بالأمثلة الموضحة فقط.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ومن باع عبداً له مال: فماله لبائعه إلاّ أن يشترطه المشتري.
إذا باع الإنسان العبد ومع العبد مال - أي
نوع من المال سواء كان من النقدين أو من الأموال الأخرى من العروض، فإن هذا
المال للبائع بلا شرط فهو للبائع من حيث الأصل إلا أن يشترطه المشتري.
والدليل على هذا:
- نص صحيح جاء في الأحاديث الصحيحة وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: من اشترى عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع.
فهذا الحديث نص في المسألة وهو أن يكون للبائع ولا يدخل ضمن العقد الذي تم
بينه وبين صاحب المال.
ثم استثنى المؤلف - رحمه الله - من هذا الحكم العام مسألة:
- فقال - رحمه الله -:
- فإن كان قصده المال: اشترط علمه وسائر شروط البيع وإلاّ فلا.
هذا كالاستثناء من قول المؤلف - رحمه الله - إلا أن يشترطه المشتري. فإن
معنى قول المؤلف - رحمه الله - (إلا أن يشترطه المشتري) يعني: فحينئذ يجوز
ويكون تبعاً للمبيع ولا يراعي فيه شروط البيع.
فإذا اشترط المشتري المال الذي مع العبد دخل في العقد ولا يراعى فيه أي شرط
لأنه دخل ضمناً في العقد.
لما قرر المؤلف - رحمه الله - هذا المفهوم أراد أن يستثني من هذا الحكم
بقوله هنا: (فإن كان قصده المال اشترط علمه وسائر شروط البيع وإلا فلا).إذا
كان قصد المشتري العبد والمال الذي مع العبد فحينئذ يشترط في المال شروط
البيع، جميع شروط البيع. وإنما نص المؤلف - رحمه الله - على شرط من شروط
البيع وهو قوله: (اشترط علمه) لأنه أهم الشروط حينئذ.
فيشترط في المال الذي مع العبد إذا قصده المشتري وأراده أن يعلم عن هذا
المال وعن ماهية هذا المال ويشترط مع هذا الشرط جميع شروط البيع بما في ذلك
انتفاء الربا بحيث لا يكون بين الثمن الذي سيدفعه المشتري والمال الذي مع
العبد ربا - بحيث لا يكون بينهما ربا.
الخلاصة أنه يشترط فيه جميع شروط البيع.
التعليل: تعليل ذلك:
- أنه مال مقصود أشبه ما لو اشترى العبد ومالاً آخر.
فلو اشترى الإنسان العبد والمزرعة صار كل من العبد والمزرعة مقصود يشترط
فيه شروط البيع.
فإذاً اتضح الآن التفصيل في حكم المال الذي مع العبد.
بناء على هذا: إذا اشترى الإنسان عبداً في
جيبه مائة ريال وكان المشتري لا يقصد هذه المائة ريال ولم يعلم بها لكن قال
للبائع أنا أشتري العبد وأشترط أن المبالغ التي في جيبه تكون ضمن البيع.
فهل البيع صحيح أو فاسد؟
صحيح. مع أنه لا يعرف الآن لا يعرف كم في جيب العبد لكن هذا المال الذي في
جيب العبد غير مقصود ولذلك جاز بيعه بدون اشتراط شروط البيع اأخرى ومنها
العلم بالمبيع.
وبالعكس لو أن هذا العبد معه مال مقصود والمشتري قال: أنا أريد العبد وأريد
المال الذي معه قصداً فحينئذ لابد أن تستكمل شروط البيع في هذا المال الذي
مع العبد.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وثياب الجمال للبائع، والعادة للمشتري.
لما بين المؤلف - رحمه الله - حكم المال الذي مع العبد انتقل إلى حكم ثياب
العبد. فقسم الثياب إلى قسمين:
- القسم الأول: الثياب التي تلبس في العادة.
- والقسم الثاني: الثياب التي تتخذ للزينة والتجمل.
* فالثياب التي تلبس في العادة: وضابطها: ما يلبسه العبد عند البائع في
غالب أحواله. فهذه الثياب تدخل ضمن العقد بلا اشتراط.
* القسم الثاني: الثياب التي يلبسها العبد للتجمل والتزين في مناسبات
معينة: فهذه ليست ضمن العقد وهي ملك للبائع.
الدليل على أنها ليست ضمن العقد: من وجهين:
- الوجه الأول: عموم الحديث السابق. فإن هذا مال - الثياب نوع من الأموال
والحديث دل على أن المال الذي مع العبد يبقى للبائع.
- الوجه الثاني: أنه جرت العادة في الاكتفاء بثياب المهنة.
* * مسألة/ ليس من الثياب ولا يدخل ضمن هذا التفصيل ما تلبسه الجارية من
الزينة بل ما تلبسه الجارية من الزينة كله للبائع بلا تفصيل إلا أن يشترط
المبتاع كما قلنا في القاعدة الأولى.
إذاً الزينة التي على الجارية لا تدخل ضمن هذا التفصيل ولو كانت ملبوسة
وهذا التفصيل يختص باللباس. وإنما نص المؤلف - رحمه الله - على اللباس لأنه
قد يتوهم القارئ للمسألة أن كل ما على العبد يدخل ضمن العقد ولم ينص على
الأموال الأخرى لأن الأموال الأخرى الحكم فيها واضح. فإذا كان بيد العبد
دابة وباعه. فهل هي للبائع أو للمشتري؟ للبائع. والأمر فيها واضح.
وإذا كان في يده سيارة أو بيت أو دكان أو مزرعة: فهذه الأمور كلها الأمر
فيها واضح. أنها تبع أو ملك للبائع لكن لما وجد بعض الإشكال في اللباس نص
عليه المؤلف - رحمه الله - بياناً وإيضاحاً.
وبهذا انتهى ولله الحمد هذا الباب: باب بيع الأصول والثمار. وندخل في الباب
الذي يليه وهو باب السلم. |