اختلاف الأئمة العلماء

بَاب التَّصَرُّف

اخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يقف على إجَازَة الْمَالِك وَيصِح.
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا تناولت الْمَحْظُور كَالْخمرِ لم يجز.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْتَمَلت الصَّفْقَة على مُبَاح ومحظور.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يبطل فيهمَا.
وَقَالَ أَحْمد: العقد يَصح فِي الْمُبَاح، وَيبْطل فِي الْمَحْظُور.
وَعَن الشَّافِعِي كالمذهبين.

(1/394)


وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اشْترى عبدا بنية أَن يعتقهُ من غير أَن يشْتَرط ذَلِك، فَإِن البيع صَحِيح.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْتَرَاهُ على أَنه يعتقهُ.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: البيع بَاطِل، فِيمَا حَكَاهُ الْكَرْخِي.
وَرُوِيَ عَن الْحسن بن زِيَاد جَوَاز البيع.
وَقَالَ مَالك: يجوز وَيصِح البيع وَالشّرط.
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ كالروايتين.
وَقَالَ أَحْمد: البيع وَالشّرط صَحِيحَانِ.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: يَصح البيع وَيبْطل الشَّرْط.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اشْترى مهْرا على أَنه خُيُول ودابة على أَنَّهَا هملاجه، صَحَّ البيع.
وَاتَّفَقُوا على أَن بيع عسب الْفَحْل وَهُوَ أَن يسْتَأْجر فَحل الْإِبِل أَو الْبَقر أَو الْغنم أَو غَيرهَا لينزو على الْإِنَاث مَكْرُوه.

(1/395)


ثمَّ اخْتلفُوا هَل يجوز؟ ، فَقَالُوا: لَا يجوز.
إِلَّا مَالِكًا، فَأَجَازَهُ ضرابا مَعْلُوما.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا بَاعَ دَارا لم يكن أَن يَبِيع فناءها مَعهَا.
فَإِن بَاعه فَالْبيع بَاطِل فِي الفناء.
وَاتَّفَقُوا على أَنه يكره بيع الْعِنَب لمن يَتَّخِذهُ خمرًا فَإِن خَالف وَبَاعَ فَهَل يَصح البيع؟
فَذهب أَحْمد إِلَى أَنه بَاطِل.
وَقَالَ مَالك: يفْسخ البيع مَا لم يفت، فَإِن فَاتَ فَيتَصَدَّق بِثمنِهِ.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يَصح مَعَ الْكَرَاهِيَة.
وَاتَّفَقُوا على أَن شِرَاء الْمُصحف جَائِز.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي بَيْعه فكرهه أَحْمد وَحده، وَأَجَازَهُ الْآخرُونَ من كَرَاهِيَة.
وَاتَّفَقُوا على أَن بيع البادي لسلعة بِنَفسِهِ جَائِز.

(1/396)


ثمَّ اخْتلفُوا فِي بيع الْحَاضِر للبادي، فكرهه أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ مَعَ صِحَّته عِنْدهمَا.
وأبطله أَحْمد وَمَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنهُ.
وَقَالَ مَالك فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: يفْسخ عُقُوبَة.
وَرُوِيَ عَنهُ: أَنه لَا يفْسخ، وَإِبْطَال أَحْمد لَهُ هُوَ على صِفَات، وَهُوَ أَن يكون البادي حضر لبيع سلْعَته، وَإِن يكون بَيْعه لَهَا سوق يَوْمهَا، وَأَن لَا يكون الجالب عَارِفًا بِقِيمَتِهَا فِي الْبَلَد وبالناس حَاجَة إِلَى شِرَاء مَتَاعه وضيق فِي تَأَخّر بَيْعه، وَأَن يكون الحضري هُوَ الَّذِي قَصده ليتولى ذَلِك لَهُ.
وَاتَّفَقُوا على كَرَاهِيَة البيع فِي وَقت النداء يَوْم الْجُمُعَة لقَوْله تَعَالَى: {وذروا البيع} . .
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْمَنْع مِنْهُ.
فَقَالَ مَالك وَأحمد: البيع بَاطِل، وَلم يمْنَع من صِحَّته الْآخرُونَ وَهَذَا النداء هُوَ الْأَذَان الثَّانِي عِنْد صعُود الْخَطِيب، فَإِن الْأَذَان الأول إِنَّمَا زَاده عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ.
وَاتَّفَقُوا على كَرَاهَة تلقي الركْبَان.

(1/397)


فَقَالَ مَالك: يحرم وَإِذا فعل ذَلِك وأتى البَائِع السُّوق وَعرف فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يمْضِي البيع أَو يفْسخ.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: إبِْطَال البيع. وَالْأُخْرَى: إِن كَانَ فِي الْمَبِيع غبن كَانَ للْبَائِع الْخِيَار.
وَاتَّفَقُوا على كَرَاهَة النجش.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي صِحَّته.
فَقَالَ مَالك: هُوَ بَاطِل.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: هُوَ صَحِيح.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، أظهرهمَا: أَنه صَحِيح، وَالْأُخْرَى: أَنه بَاطِل. وَهِي اخْتِيَار عبد الْعَزِيز.
والنجش أَن يزِيد فِي السّلْعَة وَهُوَ غير مُشْتَر لَهَا تعزيزا لمن يَشْتَرِيهَا.
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز بيع الصُّوف الْمُنْفَصِل عَن الْحَيَوَان.
وَاخْتلف فِي بيع الصُّوف على الظّهْر بِشَرْط الجز.

(1/398)


فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز.
وَقَالَ مَالك: يجوز.
وَاخْتلفُوا فِي بيع السرجين النَّجس.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز.
وَقَالَ الْبَاقُونَ: لَا يجوز.
وَاتَّفَقُوا على أَن كلب الصَّيْد والماشية يضمن بِالْإِتْلَافِ.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي جَوَاز بَيْعه.
فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يَصح بَيْعه.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح.
وَعَن مَالك كالمذهبين.
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز شِرَاء الْمُسلم للْعَبد الْمُسلم وَالْكَافِر.
ثمَّ اخْتلفُوا هَل يجوز أَن يُبَاع الْمُسلم من الْكَافِر؟
فَقَالَ أَحْمد: لَا يَصح.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح وَيمْنَع من استخدامه وَيُؤمر بِإِزَالَة ملكه عَنهُ.
وَعَن مَالك وَالشَّافِعِيّ كالمذهبين.
وَاخْتلفُوا فِي بيع رباع مَكَّة وإجارتها على مذهبين، فَمن رأى أَنَّهَا فتحت عنْوَة

(1/399)


لم يجز بيعهَا وَلَا إِجَارَة بيوتها. وهم: أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي أظهر روايتيه.
وَقَالَ الشَّافِعِي: فتحت صلحا فَيجوز بيعهَا وإجارتها.

بَاب فِي التَّفَرُّق بَين ذِي الْأَرْحَام

اخْتلفُوا فِي التَّفَرُّق بَينهم فِي البيع.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يجوز.
وَقَالَ مَالك: يخْتَص ذَلِك بِالْأُمِّ مَعَ وَلَدهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يخْتَص بالوالدين، وَإِن علوا، والمولودين وَإِن سفلوا، فَإِن خَالف البَائِع وَبَاعَ وَفرق فَالْبيع بَاطِل عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يبطل.
وَاخْتلفُوا فِي وَقت الْمَنْع من ذَلِك أَو جَوَازه.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يخْتَص ذَلِك بِمَا قبل الْبلُوغ.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يمْنَع مِنْهُ مَا لم يبلغ سبعا أَو ثمانيا.
وَفِيمَا وَرَاء السَّبع إِلَى الْبلُوغ قَولَانِ.
وَقَالَ أَحْمد: يمْنَع مِنْهُ قبل الْبلُوغ وَبعده على الْإِطْلَاق.
وَاخْتلفُوا فِي بيع دود القز.
وَفِي النَّحْل مُنْفَرِدَة عَن كوارتها إِذا رَآهَا المتعاقدان محبوسة فِي بيوتها، فَأَجَازَهُ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد.

(1/400)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز.
وَاخْتلفُوا هَل يجوز بيع الزَّيْت النَّجس؟ فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز.

بَاب الْإِقَالَة

وَاخْتلفُوا فِي الْإِقَالَة.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ فسخ فِي حق البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَسَوَاء كَانَ قبل الْقَبْض وَبعده وَهِي بيع فِي حق غَيرهمَا فِي الشُّفْعَة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ.
وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ: هِيَ بيع كل حَال، وَعنهُ أَنَّهَا فسخ.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه: هِيَ فسخ فِي حَقّهَا، وَفِي حق غَيرهمَا سَوَاء كَانَ قبل الْقَبْض أَو بعده.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: كمذهب الشَّافِعِي.

(1/401)


وَالْأُخْرَى: كالمشهور من مَذْهَب مَالك.