اختلاف
الأئمة العلماء بَاب بيع الْأُصُول
اتَّفقُوا على أَنه إِذا بَاعَ أصُول نخل لَا ثَمَر فِيهَا.
أَن البيع صَحِيح.
وَكَذَلِكَ اتَّفقُوا على صِحَة البيع لِلْأُصُولِ وفيهَا تمر باد ثمَّ
اخْتلفُوا لمن تكون الثَّمَرَة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: الثَّمَرَة للْبَائِع وَسَوَاء كَانَت أبرت أم لم
تؤبر.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: إِن كَانَت غير مؤبرة فثمرته
للْمُشْتَرِي وَإِن كَانَ مؤبرا فَللْبَائِع إِلَّا أَن يشرطه الْمُبْتَاع.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز تَركهَا إِلَى حِين الْجذاذ، بل يَأْخُذ
البَائِع بقطعها فِي الْحَال.
وَقَالَ الْبَاقُونَ: لَهُ تَركهَا إِلَى الْجذاذ.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اشْترى ثَمَرَة لم يبد صَلَاحهَا بِشَرْط
قطعهَا فَإِن البيع جَائِز.
(1/376)
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْتَرَاهَا
وَلم يشْتَرط قطعهَا.
فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَمَالك: البيع بَاطِل.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: البيع صَحِيح وَيُؤمر بقطعها.
وَفَائِدَة الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فِي فصلين.
أَحدهمَا: أَن البيع فَاسد عِنْدهم وَعِنْده صَحِيح.
وَالْآخر: إِن إِطْلَاق البيع وَترك الشَّرْط فِيهِ يَقْتَضِي التبقية
عِنْدهم وَعِنْده يَقْتَضِي الْقطع.
وَاتَّفَقُوا على أَن بيع الثِّمَار قبل أَن يبدوا صَلَاحهَا بِشَرْط
التبقية لَا يَصح.
(1/377)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ الثَّمَرَة
بعد بَدو صَلَاحهَا بِشَرْط التبقية إِلَى الْجذاذ.
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يَصح البيع.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا اشْتَرَطَهُ بَطل البيع.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْترى الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا بِشَرْط
الْقطع فَلم يقطعهَا حَتَّى بدا صَلَاحهَا وأتى عَلَيْهَا أَوَان جذاذها.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: العقد صَحِيح لَا يبطل
وَالثَّمَرَة بزيادتها للْمُشْتَرِي.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: يبطل البيع وَتَكون الثَّمَرَة
وزيادتها للْبَائِع، وَيرد الثّمن على المُشْتَرِي.
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: العقد صَحِيح لَا يبطل.
ثمَّ مَاذَا يصنع بِالزِّيَادَةِ؟ على رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهمَا:
يَشْتَرِكَانِ فِيهَا.
وَالْأُخْرَى: يتصدقان بهَا.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بدا الصّلاح فِي شَجَرَة.
(1/378)
فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هُوَ صَلَاح
لبَقيَّة ذَلِك النَّوْع فِي القراح الَّذِي فِيهِ تيك الشَّجَرَة.
وَقَالَ مَالك: إِذا بدا الصّلاح فِي نَخْلَة جَازَ بيع ذَلِك القراح وَمَا
جاوره، إِذا كَانَ الصّلاح الْمَعْهُود لَا الْمُنكر فِي غير وقته.
وَعَن أَحْمد نَحوه.
فَأَما أَبُو حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا بَاعَ الثَّمَرَة بعد بَدو
صَلَاحهَا بِشَرْط التبقية فَالْبيع فَاسد، وَإِن اشْترى بِشَرْط الْقطع
فَالْبيع صَحِيح.
فَإِن تَركهَا بِرِضا البَائِع فَمَا زَاد فِي الثِّمَار من نَمَاء ثَمَرَة
الْأُصُول فَإِن ذَلِك النَّمَاء للْمُشْتَرِي.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز بيع القثاء بِالْخِيَارِ والباذنجان
وَنَحْوه إِلَّا القطفة القطفة.
(1/379)
وَكَذَلِكَ الرّطبَة لَا يجوز بيعهَا
إِلَّا جزة جزة.
إِلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ خَالف فِيمَا عدا الرّطبَة وَقَالَ: إِذا بدا
أَوله جَازَ بيع جَمِيعه بأصوله.
وَاخْتلفُوا فِي بيع الْأَشْيَاء الَّتِي يواريها التُّرَاب من النباتات
كالجزر والبصل والكرات وَنَحْوه.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز بيع ذَلِك حَتَّى
يقْلع ويشاهد.
وَقَالَ مَالك: يجوز بيع ذَلِك كُله إِذا غلظت أُصُوله ودلت عَلَيْهِ فروعه
وتناهى طينه.
وَاخْتلفُوا فِي بيع الْجَوْز واللوز والباقلاء فِي قشرة الْأَعْلَى.
وَفِي بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها إِذا استغنت عَن المَاء.
(1/380)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وَمَالك: يجوز
ذَلِك.
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا بَاعَ حَائِطا، وَاسْتثنى مِنْهُ نَخْلَة
بِعَينهَا جَازَ.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ حَائِطا وَاسْتثنى مِنْهُ أمدادا
مَعْلُومَة أَو إِذا بَاعَ صبرَة وَاسْتثنى مِنْهَا أقفزه مَعْلُومَة، أَو
إِذا بَاعَ حَائِطا، وَاسْتثنى مِنْهُ أرطالا مَعْلُومَة.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ؟ : لَا يجوز على الْإِطْلَاق.
وَقَالَ مَالك: يجوز بيع ثمره جزَافا، وَيسْتَثْنى كَيْلا مَعْلُوما وَقدره
بِالثُّلثِ فَمَا دون على حكم البيع.
وَأما أَحْمد فَقَالَ: يجوز أَن يَبِيع نَخْلَة وَاحِدَة ويستثني مِنْهَا
أرطالا مَعْلُومَة، فَأَما فِي الْبُسْتَان، أَو فِي الثَّمَرَة، أَو فِي
الصُّبْرَة فَلَا يجوز الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا على الْإِطْلَاق فِي أظهر
الرِّوَايَتَيْنِ
وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ.
وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى أَنه يجوز.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أَصَابَت الثِّمَار جَائِحَة.
(1/381)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي
أحد قوليه وَهُوَ أظهرهمَا: جَمِيع ذَلِك من ضَمَان المُشْتَرِي فَلَا يجب
لَهُ وضع شَيْء مِنْهَا.
وَقَالَ مَالك: تُوضَع الْجَائِحَة إِذا أَتَت على ثلث الثَّمَرَة فَهُوَ
من ضَمَان البَائِع وتوضع عَن المُشْتَرِي، وَإِن كَانَ دون ذَلِك فَهُوَ
من ضَمَان المُشْتَرِي وَلَا يوضع عَنهُ شَيْء.
وَاخْتلف عَن أَحْمد فَروِيَ عَنهُ: أَنَّهَا من ضَمَان البَائِع فِيمَا قل
أَو كثر وَيُوضَع عَن المُشْتَرِي.
وَرُوِيَ عَنهُ كمذهب مَالك.
وَهَذِه الْمَسْأَلَة مثبة على اخْتلَافهمْ فِيمَا إِذا أَصَابَت الآفة
الثَّمَرَة بعد أَن يخلي البَائِع بَين الثَّمَرَة وَبَين المُشْتَرِي
فيقبضها على مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد سَوَاء كَانَت
الثَّمَرَة مِمَّا تحْتَاج إِلَى التبقية أَو لم تكن.
وَمَالك يشْتَرط فِي جَوَازه وضع الْجَائِحَة عَن المُشْتَرِي. بِأَن يكون
اشْترى ثَمَرَة واحتاجت إِلَى التبقية على رُؤُوس النّخل.
(1/382)
فَأَما إِذا كَانَت الثَّمَرَة غير محتاجة
إِلَى التبقية فَلَا تكون عِنْده مَضْمُونا على البَائِع وَإِن تلف كُله.
وَاتَّفَقُوا على أَن الطَّعَام إِذا اشْترى مكايلة أَو موازنة أَو معاددة،
فَلَا يجوز لمن اشْتَرَاهُ أَن يَبِيعهُ من آخر أَو يعاوض بِهِ حَتَّى يقبض
الأول.
وَأَن الْقَبْض شَرط فِي صِحَة هَذَا البيع.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الطَّعَام إِذا ملك بِغَيْر بيع وَلَا مُعَاوضَة
كالميراث وَالْهِبَة أَو على وَجه الْمَعْرُوف كالقرض، هَل يجوز بَيْعه قبل
قَبضه؟ ، وَفِيمَا عداهُ لَا يجوز بَيْعه قبل قَبضه على الْإِطْلَاق.
وَقَالَ مَالك: يجوز بَيْعه قبل قَبضه بِنَاء مِنْهُ على أَن الْقَبْض
لَيْسَ بِشَرْط فِي ثُبُوت الْملك بِالْهبةِ وَالصَّدَََقَة.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي غير الطَّعَام من الْمَنْقُول إِذا كَانَ مُتَعَيّنا
كَالثَّوْبِ وَالْعَبْد وَالْحَيَوَان، هَل الْقَبْض يشرط فِي صِحَة
بَيْعه؟
(1/383)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا
يَصح بَيْعه قبل قَبضه فَإِن تلف قبل الْقَبْض فَهُوَ من ضَمَان البَائِع
وَلَا يجوز للْمُشْتَرِي التَّصَرُّف فِيهِ قبل الْقَبْض.
وَقَالَ مَالك: كل مَبِيع مُتَعَيّن لَا يتَعَلَّق بِهِ حق توفيه كيل وَوزن
فبيعه قبل قَبضه جَائِز من أَي الْأَصْنَاف كَانَ من الْعرُوض وَالرَّقِيق
وَالْحَيَوَان، والمكيل وَالْمَوْزُون سوى الطَّعَام وَالشرَاب فَإِن
امْتنع الْمُبْتَاع من الْقَبْض مَعَ قدرته على الْقَبْض فَهُوَ من
ضَمَانه، وَإِن تلف قبل ذَلِك فَهُوَ من ضَمَان البَائِع.
وَعَن أَحْمد: يجوز بيع غير الطَّعَام من الْمَنْقُول إِذا كَانَ
مُتَعَيّنا قبل نَقله، فَإِن تلف قبل نَقله فَالْعقد صَحِيح، وَهُوَ من
ضَمَان المُشْتَرِي.
وَاخْتلفُوا فِي غير الْمَنْقُول كالعقار هَل يجوز بَيْعه قبل قَبضه؟
فَأجَاز ذَلِك أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد. وَمنع مِنْهُ الشَّافِعِي.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي التَّخْلِيَة. هَل هِيَ قبض فِي الْعقار الْمَنْقُول
جَمِيعًا؟
وَقَالَ الشَّافِعِي: هِيَ قبض فِي الْعقار دون الْمَنْقُول.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: كمذهب أبي حنيفَة.
وَالْأُخْرَى: كمذهب الشَّافِعِي.
(1/384)
وَقَالَ مَالك: كلما اشْترى مكايلة أَو
موازنة أَو معاددة من طَعَام وَغَيره، فالتخلية فِيهِ لَيست بِقَبض،
لِأَنَّهُ يبْقى حق التوفية، وَإِن اشْترى مجازفة، فالتخلية قبض فِيهِ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ طَعَاما بِثمن إِلَى أجل فَلَمَّا حل
الْأَجَل بَاعَ المُشْتَرِي من البَائِع ذَلِك الطَّعَام بِالثّمن الَّذِي
عَلَيْهِ فَهَل يَصح هَذَا البيع؟
فَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك، وَمنع مِنْهُ أَحْمد.
بَاب التصرية
أَجمعُوا على أَنه لَا يجوز تصرية الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم للْبيع
تدليسا على المُشْتَرِي
ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا إِذا فعل ذَلِك أحد، ثمَّ بَاعَ الْمُصراة فَهَل
يثبت الْفَسْخ للْمُشْتَرِي بذلك؟
(1/385)
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يثبت لَهُ
الْفَسْخ وَيجب عَلَيْهِ رد صَاع من تمر عوضا عَمَّا احتلبه من لَبنهَا.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يثبت الْفَسْخ لَهُ.
وَاتَّفَقُوا على أَن للْمُشْتَرِي الرَّد بِالْعَيْبِ الَّذِي لم يعلم
بِهِ حَال العقد مَا لم يحدث عِنْده عيب آخر، وَأَن لَهُ إِمْسَاكه إِن
شَاءَ بعد عثورة عَلَيْهِ.
ثمَّ اخْتلفُوا فِيهِ إِذا أَرَادَ الْإِمْسَاك.
هَل لَهُ الْمُطَالبَة بالإرش؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: مَتى أَرَادَ الْإِمْسَاك لم
يكن لَهُ الْمُطَالبَة بالإرش.
وَقَالَ أَحْمد: لَهُ الْمُطَالبَة مَعَ الْإِمْسَاك.
وَاخْتلفُوا هَل لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ على التَّرَاخِي أَو على
الْفَوْر؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: هُوَ على التَّرَاخِي.
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: هُوَ على الْفَوْر.
(1/386)
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ عبدا جانبا.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يَصح البيع سَوَاء كَانَت الْجِنَايَة عمدا
أَو خطأ، علم البَائِع بِالْجِنَايَةِ أَو لم يعلم.
اخْتلف عَن الشَّافِعِي فَقَالَ أَصْحَابه: لَهُ قَولَانِ.
أَحدهمَا: يَصح، وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ.
وَالثَّانِي: لَا يَصح، إِلَّا أَن يَأْذَن ولي الْجِنَايَة.
قَالُوا:: وَهُوَ الْمُخْتَار، لِأَن الشَّافِعِي قَالَ: وَبِهَذَا أَقُول.
وَمِنْهُم من قَالَ: إِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ لم يجز، وَإِن كَانَت عمدا
جَازَت.
وَاتَّفَقُوا على الزِّنَا عيب فِي الْجَارِيَة.
وَاخْتلفُوا فِيهِ فِي الْغُلَام.
فَقَالُوا: هُوَ عيب فِيهِ كالجارية.
إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِعَيْب فِي حَقه.
وَاخْتلفُوا فِي العَبْد إِذا ملكه سَيّده، هَل يملك؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه: لَا يملك وَإِن ملك.
وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: يملك إِذا ملك.
(1/387)
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ: الْجَدِيد
مِنْهُمَا لَا يملك وَإِن ملك، وَقَول من جعله مَالِكًا: إِنَّمَا هُوَ
مَالك عِنْده ملكا غير مُسْتَقر.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ ثوبا بِأَلف رَطْل من خمرًا. وَبَاعَ درهما
بِدِرْهَمَيْنِ، أَو إِلَى أجل مَجْهُول، واتصل بِهِ الْقَبْض هَل يحصل
بِهِ الْملك؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: قِيمَته الْغبن الْمُحرمَة بِالْعرضِ الشَّرْعِيّ،
يحصل بِهِ ملك حرَام، يجب التَّصَدُّق بِهِ ويملكه المُشْتَرِي بِالْقيمَةِ
لَا بِالْمُسَمّى، وَيجب نقضه وفسخه، وَيرد بالزوائد الْمُنْفَصِلَة.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد: لَا يَصح، وَإِن اتَّصل بِهِ
الْقَبْض، وَلَا يجوز للْمُشْتَرِي أَن يتَصَرَّف فِيهِ فَإِن تصرف فِيهِ
كَانَ بَاطِلا، وَلَا يلْزم البَائِع تَسْلِيمه.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يبرأ من كل عيب على الْإِطْلَاق.
وَقَالَ مَالك: الْبَرَاءَة من ذَلِك جَائِزَة فِي الرَّقِيق دون غَيره،
وَيبرأ البَائِع مِمَّا لَا يعلم، وَلَا يبرأ مِمَّا علمه وكتمه، وَعنهُ
رِوَايَة أُخْرَى: أَنه يبرأ من الرَّقِيق وَغَيره.
وَرِوَايَة ثَالِثَة: إِن بيع الْبَرَاءَة لَا يلْزم، وَلَا تقع بِهِ
الْبَرَاءَة، والمعول عَلَيْهِ الرِّوَايَة الأولى على مَا ذكره عبد
الْوَهَّاب صَاحب الْإِشْرَاق والتلقين.
(1/388)
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أحد أَقْوَاله،
وَأحمد: إِذا بَاعَ بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب لم يبرأ مِنْهُ حَتَّى
يُسمى الْعَيْب ويوقفه المُشْتَرِي عَلَيْهِ.
وَاخْتلفُوا فِي الزِّيَادَة فِي الثّمن بعد لُزُوم العقد.
هَل تلْحق بِالْعقدِ، وَكَذَلِكَ الْأَجَل فِي الثّمن وَالْخيَار.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا تلْحق بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: تلْحق بِهِ.
وَاتَّفَقُوا على إِبَاحَة الوطئ بِملك الْيَمين.
وَأَن مَا وَقع فِي سهم الْإِنْسَان من الْغَنِيمَة ملك يَمِينه.
وَكَذَلِكَ مَا حصل لَهُ بِتَمْلِيك شَرْعِي من ابتياع أَو إِرْث أَو هبة
أَو مُعَاوضَة.
إِلَّا أَنهم أَجمعُوا على أَن إِبَاحَة ذَلِك إِنَّمَا هِيَ بعد أَن لَا
تكون الْمَمْلُوكَة مِنْهُنَّ من ذَوَات الْمَحَارِم من النّسَب والصهر
وَالرّضَاع، وَأَن الْحَامِل مِنْهُنَّ لَا يجوز وطنها حَتَّى تضع، وَلَا
الْحَائِض حَتَّى تستبرئ بِحَيْضَة.
(1/389)
وَأَن لَا يكون المملوكات وثنيات وَلَا
مجوسيات، فَكل هَذَا أَجمعُوا عَلَيْهِ.
بَاب الِاسْتِبْرَاء
ثمَّ اخْتلفُوا فِي البَائِع إِذا كَانَ قد وطئ جَارِيَة.
استبرأها بعد الِاسْتِبْرَاء لَهَا.
ثمَّ أَرَادَ أَن يَبِيعهَا بعد وَطئه لَهَا.
هَل يجب عَلَيْهِ أَن يَسْتَبْرِئهَا قبل البيع؟
فَقَالَ مَالك وَأحمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ: يجب عَلَيْهِ ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا تقابلا جَارِيَة بعد التبايع، وَقبل قبضهَا فَهَل
على البَائِع أَن يَسْتَبْرِئهَا؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك.
وَقَالَ الإِمَام الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر روايتيه: يجب عَلَيْهِ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْترى أمة، فارتفع حَيْضهَا لَا يدْرِي مَا
رَفعه، إِلَّا أَنَّهَا لَيست من الآيسات.
(1/390)
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يقربهَا حَتَّى
يمْضِي زمَان يظْهر فِي مثله الْحمل، وَهُوَ أَرْبَعَة أشهر.
وَاخْتلف صَاحِبَاه مُحَمَّد وَزفر.
فَقَالَ مُحَمَّد: لَا يقربهَا حَتَّى يمْضِي أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة
أَيَّام.
وَقَالَ زفر: لَا يقربهَا حَتَّى يمْضِي سنتَانِ.
وَقَالَ مَالك: لَا يقربهَا حَتَّى يمْضِي تِسْعَة أشهر مُدَّة الْحمل.
وَهل تستبرىء بعد ذَلِك ثَلَاثَة أشهر آخر، أم لَا؟
على رِوَايَتَيْنِ أصَحهمَا: أَنَّهَا تستبرئ بِثَلَاثَة أشهر آخر.
وَقَالَ أَحْمد: يستافي بهَا عشرَة أشهر، تِسْعَة أشهر للْحَمْل، وَشهر بعد
التِّسْعَة.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا ابتاعها وَهِي حَائِض فِي أول حَيْضهَا أَو فِي
أَثْنَائِهِ.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا اعْتِدَاد بذلك وَلَا بُد
من حَيْضَة مستأنفة.
وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ فِي أول حَيْضهَا أجزأها من الِاسْتِبْرَاء.
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كَانَت لَهُ أمة يطاؤها فَاشْترى أُخْتهَا،
أَنه لَا يحرم
(1/391)
الموطوؤة مِنْهُمَا مَا لم يقرب الحدثى،
فَإِن وَطئهَا حرمتا مَعًا، وَلم يحل لَهُ الْجمع بَينهمَا، وَلَا تحل لَهُ
وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يحرم الْأُخْرَى.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أبقت إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ إِلَى دَار الْحَرْب،
هَل تحل بِهِ الْأُخْرَى؟
فَقَالُوا: تحل، إِلَّا أَبَا حنيفَة، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تحل.
وَاتَّفَقُوا على أَن بيع الْمُرَابَحَة صَحِيح.
وَهُوَ أَن يَقُول: أبيعك وأربح فِي كل عشرَة درهما.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي كراهيته.
فكرهه أَحْمد وَلم يكرههُ الْآخرُونَ.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بَاعَ سلعتين صَفْقَة وَاحِدَة.
هَل يجوز أَن يَبِيع إِحْدَاهمَا مُرَابحَة؟
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يجوز ذَلِك.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز، وَيقسم الثّمن على قدر قيمَة كل مِنْهَا.
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز اسْتِئْجَار الظِّئْر للرضاع.
(1/392)
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اخْتلف
الْمُتَبَايعَانِ فِي الثّمن والسلعة قَائِمَة فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ
ويتردان.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ والسلعة تالفة فِي قدر
الثّمن.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه.
وَقَالَ الشَّافِعِي: يَتَحَالَفَانِ وَيرد البَائِع الثّمن، وَيرد
المُشْتَرِي الْقيمَة سَوَاء كَانَت فِي يَد المُشْتَرِي، أَو يَد
البَائِع.
وَعَن مَالك ثَلَاث رِوَايَات، إِحْدَاهُنَّ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ
ويتفاسخان على أَي وَجه، سَوَاء كَانَت تالفة أَو بَاقِيَة، وَسَوَاء
كَانَت فِي يَد البَائِع أَو المُشْتَرِي وَهِي رِوَايَة أَشهب.
وَالْأُخْرَى: إِن كَانَت السّلْعَة لم تقبض تحَالفا وتفاسخا وَإِن كَانَت
قد قبضت فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه.
(1/393)
وَالثَّالِثَة: اعْتِبَار الْبَقَاء والفوت، كمذهب أبي حنيفَة.
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهمَا: يتحالفا وَيرد المُشْتَرِي
الْقيمَة، وَالْأُخْرَى: القَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ. |